Professional Documents
Culture Documents
ب َّ
َللاِ مِنَ قال تعالى{ :ال َّن ِبً أَ ْولَى ِبا ْلم ُْإ ِمنٌِنَ مِنْ أَ ْنفُسِ ِه ْم َوأَ ْز َوا ُج ُه أ ُ َّمهَا ُت ُه ْم َوأُولُو ْاْلَرْ حَ ِام َبعْ ُ
ض ُه ْم أَ ْولَى ِب َبعْ ض فًِ ِك َتا ِ
طورً ا} [اْلحزاب.]6 : ب َمسْ ُ ج ِرٌنَ إِ ََّل أَنْ َت ْف َعلُوا إِلَى أَ ْولٌَِائِ ُك ْم َمعْ رُو ًفا َكانَ َذلِ َ
ك فًِ ا ْل ِك َتا ِ ا ْلم ُْإ ِمنٌِنَ َوا ْل ُمهَا ِ
واآلٌة الحكٌمة تشٌر بجالء لمكانة أزواج رسول َللا صلى َللا علٌه وسلم السامٌة بقلوب المإمنٌن ،احتراما وتقدٌرا ومحبة
وتحرٌما ،ولذلك أسماهم الحق بؤمهات المإمنٌن ،وهن أزواجه فً الدنٌا واآلخرة ،ومن ذلك ما جاء فً الصحٌحٌن من
ث لٌََال ،جَ ا َءنًِ بِكِ ا ْل َملَ ُ
ك حدٌث عائشة رضً َللا عنها قالت :قال رسول َللا صلى َللا علٌه وسلم« :أ ُ ِرٌ ُتكِ فًِ ا ْل َم َن ِام َث َال َ
ك َه َذا مِنْ ِع ْن ِد َّ
َللاِ ٌُمْضِ ِه". ت هًَِ َ ،فؤَقُو ُل :إِنْ ٌَ ُ فًِ سَرَ َقة مِنْ حَ ِرٌرَ ،ف ٌَقُو ُلَ :ه ِذ ِه ا ْمرَ أَ ُتكََ ،فؤ َ ْكشِ ؾُ َعنْ وَ جْ ِهكِ َ ،فإِ َذا أَ ْن ِ
والم َّتفق علٌه من زوجاته صلى َللا علٌه وسلم إحدى عشرة .القرشٌات منهن ست ،هن :خدٌجة بنت خوٌلد ،وسودة بنت
زمعة ،وعائشة بنت أبً بكر ،وحفصة بنت عمر بن الخطاب ،وأم سلمة ،وأم حبٌبة بنت أبً سفٌان.
والعربٌات من ؼٌر قرٌش أربع ،هن :زٌنب بنت جحش ،وجوٌرٌة بنت الحارث ،وزٌنب بنت خزٌمة ،ومٌمونة بنت
الحارث .وواحدة من ؼٌر العرب وهً" :صفٌة بنت حًٌ" من بنً إسرائٌل .وتبقى مارٌة القبطٌة وهً من مصر.
وتو ِّفٌت اثنتان من زوجات النبً محمد صلى َللا علٌه وسلم حال حٌاته ،وهما خدٌجة بنت خوٌلد وزٌنب بنت خزٌمة،
و ُتوفً صلى َللا علٌه وسلم عن تسع نسوة .كما أثبت العلماء زوجات للنبً صلى َللا علٌه وسلم عقد علٌهن ولم ٌدخل
بهن.
ٌقول الكاتب عباس العقاد فً موسوعته اإلسالمٌة ،المجلد الرابع ،فصل "زواج النبً"" :كان للنبً صلوات َللا علٌه
خصوصٌة فً أمر تعدد الزوجات ،جازت له قبل سرٌان حكم التقٌٌد بعدد َل ٌزٌد على أربع لسائر المسلمٌن".
وقد ارتبطت تلك الخصوصٌة بمصلحة الدعوة فً إبانها ،وأما الحقٌقة الواضحة فهً نزاهة تلك الخصوصٌة مما ٌعاب
على الرجل أو على المرأة ،وخلوصها من شوائب الهوى النفسً ،ولو كان من السائػ المباح .إن الرجل الذي ٌملك
الجزٌرة العربٌة لم ٌكن لٌمد ٌده َلؼتراؾ الثروة التً تكفً زوجاته ،بل كان بٌته ٌشكو قلة المإونة والزٌنة .وكان دخول
النساء ببٌته شرفا َل ٌعلوه شرؾ ،وقد جمعت المصاهرة أبا بكر وعمر وعثمان وعلٌا فً رسالة واحدة هً اإلسالم.
وكانت كل سٌدة من أمهات المإمنٌن تؤوي إلى البٌت الطاهر ،اعتصاما من اَلرتداد والوقوع فً أٌدي الحاقدٌن علٌها من
ذوٌها ،أو إلكرامها عن منزلة دون منزلتها ،وكان فٌهن العاقر ومن َل مال لها ،أو العرض المستكره على أشراؾ القوم
من أندادها .ولم ٌحدث أن اختار النبً زوجة واحدة ْلنها ملٌحة أو وسٌمة ،ولم ٌبن بعذراء قط إَل التً علم قومه جمٌعا
أنه اختارها ْلنها بنت صدٌقه وصفٌه وخلٌفته من بعده :أبً بكر الصدٌق رضً َللا عنه.
لقد اختص َللا سبحانه نساء النبً صلى َللا علٌه وسلم بخصائص لم تجتمع لؽٌرهن ،ومن أمثلة ذلك ما ذكر ابن كثٌر -أن
َللا تعالى أمر رسوله أن ٌخٌر نساءه بٌن أن ٌفارقهن فٌذهبن إلى ؼٌره ممن ٌُحصْ ل لهن من عنده الحٌاة الدنٌا وزٌنتها،
وبٌن الصبر على ما عنده من ضٌق الحال ،ولهن عند َللا فً ذلك الثواب الجزٌل فاخترن -رضً َللا عنهن وأرضاهن -
ك ج ََللا ورسوله والدار اآلخرة ،فجمع َللا لهن بعد ذلك بٌن خٌر الدنٌا وسعادة اآلخرة "،قال تعالىٌَ ﴿ :ا أٌَهَا ال َّن ِبً قُل ِّْلَ ْز َوا ِ
إِن ُكن ُتنَّ ُت ِر ْدنَ ا ْلحَ ٌَا َة الد ْنٌَا َو ِزٌ َن َتهَا َف َتعَالَ ٌْنَ أ ُ َم ِّتعْ ُكنَّ َوأ ُ َسرِّ حْ ُكنَّ سَرَ احً ا جَ م ً
ٌِال َوإِن ُكن ُتنَّ ُت ِر ْدنَ َّ َ
َللا َورَ سُولَ ُه َوال َّدارَ اآلخِرَ َة َفإِنَّ
ت مِن ُكنَّ أَجْ رً ا َعظِ ٌمًا ﴾ [اْلحزاب.]82 -82: َللا أَ َع َّد لِ ْلمُحْ سِ َنا ِ
َّ َ
وتحفل سورة اْلحزاب بمناقب أمهات المإمنٌن؛ فقد اخترن القنوت والصالح فؤوتٌن أجرهن مرتٌن قال تعالىَ ﴿ :ومَن
ْن َوأَعْ َت ْد َنا لَهَا ِر ْز ًقا َك ِرٌمًا ﴾ [اْلحزاب .]13:وبالسورة نفسها ببٌان لِل وَ رَ سُولِ ِه َو َتعْ َم ْل صَالِحً ا ن ْإتِهَا أَجْ رَ هَا مَرَّ َتٌ ِ
ت مِن ُكنَّ ِ َّ ِ
ٌَ ْق ُن ْ
َ َ َ َّ ُ َ
خصوصٌتهن بحرمة الزواج من بعد رسول َللاَ ﴿ :ومَا َكانَ لَ ُك ْم أن ُت ْإذوا رَ سُو َل َللاِ َوَلَ أن َتن ِكحُوا أ ْز َواجَ ُه مِن َبعْ ِد ِه أ َب ًدا إِنَّ
َللاِ َعظِ ٌمًا﴾ [اَلحزاب.]31: َذلِ ُك ْم َكانَ عِن َد َّ
وقوله سبحانه ببٌان مكانتهن اْلسمى طهرا كونهن آل بٌت رسول َللا والالتً أدركن ما ٌنزل علٌه من آٌات وحكمةٌ ،قول
الز َكا َة َوأَطِ عْ نَ َّ
َللاَ َورَ سُولَ ُه إِ َّنمَا ٌ ُِرٌ ُد َللا تعالى ﴿ :وَ َقرْ نَ فًِ ُبٌُو ِت ُكنَّ َوَلَ َتبَرَّ جْ نَ َتبَر َج ا ْلجَ ا ِهلِ ٌَّ ِة اْلُولَى َوأَ ِق ْمنَ ال َّ
صالَ َة َوآتٌِنَ َّ
ت َو ٌُ َط ِّهرَ ُك ْم َت ْط ِهٌرً ا ﴾ [اْلحزاب]11 : َللا ُ لٌِ ُْذهِبَ عَن ُك ُم الرِّجْ سَ أَهْ َل ا ْل َب ٌْ ِ
َّ
ت َّ
َللاِ َوا ْل ِ
ح ْك َم ِة ﴾ [اْلحزاب.]13 : واآلٌة التالٌةَ ﴿ :و ْاذ ُكرْ نَ مَا ٌُ ْتلَى فًِ ُبٌُوتِ ُكنَّ مِنْ آٌَا ِ
ك ال ِّنسَا ُء مِنْ
ومن خصائصهن عدم جواز استبدال النبً صلى َللا علٌه وسلم بهن أزواجا آخرٌن ،لقوله سبحانهَ{ :ل ٌَحِل لَ َ
ك َو َكانَ َّ
َللا ُ َعلَى ُك ِّل َشًْ ء رَ قٌِبًا} [اْلحزاب. ]38: َبعْ ُد َوَل أَنْ َت َب َّد َل ِب ِهنَّ مِنْ أَ ْز َواج َولَ ْو أَعْ جَ َب َ
ك حُسْ ُنهُنَّ إِ ََّل مَا َملَ َك ْ
ت ٌَمٌِ ُن َ
وفً اآلٌة التالٌة نتبٌن خصٌصة عدم جواز إٌذاء أمهات المإمنٌن بكسر حرمتهن ،وقد أمر َللا المإمنٌن أن َل ٌخاطبوهن
إَل من وراء حجاب فقال{ :وإِ َذا سَؤ َ ْل ُتمُوهُنَّ َم َتاعًا َفاسْ ؤَلُوهُنَّ مِنْ َورَ ا ِء حِجَ اب َذلِ ُك ْم أَ ْط َه ُر لِقُلُوبِ ُك ْم وَ قُلُوبِ ِهنَّ وَ مَا َكانَ لَ ُك ْم أَنْ
َللاِ} [اْلحزاب.]31:ُت ْإ ُذوا رَ سُو َل َّ
وفٌهن نزلت اآلٌات الكثٌرة التً نستدل منها على وجوب الحجاب على نساء المسلمٌن ،وقد كن أول من امتثل ْلمر َللا
ك أَ ْد َنى أَنْ
ك َونِسَا ِء ا ْلم ُْإ ِمنٌِنَ ٌ ُْدنٌِنَ َعلٌَ ِْهنَّ مِنْ جَ الَ ِب ٌِب ِهنَّ َذلِ َ
ك َو َب َناتِ َ تعالى ،وهو الحق ٌقول تعالىٌَ{ :ا أٌَهَا ال َّن ِبً قُ ْل ْلِ ْز َوا ِ
ج َ
ٌُعْ رَ ْفنَ َفالَ ٌ ُْإ َذ ٌْنَ } [اْلحزاب.]32 :
تقول الكاتبة اإلسالمٌة الراحلة عائشة عبد الرحمن بكتابها "نساء النبً" فً بٌان خصوصٌة أمهات المإمنٌن" :هإَلء
السٌدات اللواتً عشن فً بٌت النبً صلى َللا علٌه وسلم ٌنزعن جمٌعا إلى حواء ،وقد جئن إلى بٌت تالقت فٌه البشرٌة
بالنبوة واتصلت اْلرض بالسماء ،وتزوجن من بشر ٌتلقى الوحً من أعلى ،وٌبلػ رسالة َللا".
وقد كانت عالقة النبً صلى َللا علٌه وسلم بؤزواجه تجمعها كونه بشرا ورسوَل بآن واحد ،وقد كان ٌتلقى من حٌن إلى
حٌن وحً ربه فً أخص الشئون الزوجٌة ،وكانت عالقاته بؤزواجه تخضع أحٌانا لتوجٌه إلهً صرٌح :فمحنة اإلفك مثال،
لم ٌحسمها إَل نزول الوحً ببراءة "عائشة" مما افتراه علٌها الذٌن أرجفوا بالسوء ..وزواج الرسول من "زٌنب بنت
جحش" ما كان لٌتم لوَل أن نزل به عتاب صرٌح من َللا الذي كره لمحمد أن ٌخفً فً نفسه ما َللا مبدٌه ،وأن ٌخشى
الناس وَللا أحق أن ٌخشاه.
وقد أثٌرت شبهات المستشرقٌن فً عدد زوجات النبً صلى َللا علٌه وسلم ،وربطوا ذلك بالنزوات الجنسٌة ،وحاشاه
صلى َللا علٌه وسلم ،وللرد ٌقول الكاتب الراحل عباس العقاد فً "عبقرٌة محمد"" :قال لنا بعض المستشرقٌن :إن تسع
زوجات لدلٌل على فرط المٌول الجنسٌَّة .قلنا :إنك َل تصؾ السٌِّد المسٌح بؤنه قاصر الجنسٌَّة ْلنه لم ٌتزوَّ ج قط ،فال ٌنبؽً
أن تصؾ محم ًدا بؤنه مفرط الجنسٌَّة ْلنه جمع بٌن تسع نساء" وٌضٌؾ :ولو أمع َّنا النظر فً سٌرته صلى َللا علٌه وسلم
فً مرحلة ما قبل الزواج لوجدنا أنه كان ً
مثاَل فً الع َّفة والطهارة ،وأمَّا بعد الزواج فنجد أنه لم ٌُ َع ِّدد زوجاته ّإَل بعد أن
تجاوز خمسٌن عامًا من عمره ،كما نجد أن جمٌع زوجاته الطاهرات ُكنَّ ثٌبات (أرامل) ،ما عدا السٌدة عائشة -رضً َللا
عنها -فكانت بكرً ا ،وهً الوحٌدة من بٌن نسائه التً تزوَّ جها صلى َللا علٌه وسلم وهً فً حالة الصبا والبكارة.
وسلوك نسائه رضً َللا عنهن ،كن ٌخضع لرقابة مباشرة من الوحً ،على نحو ؼٌر مؤلوؾ فً حٌاة ؼٌرهن ،وَللا تعالى
ٌقولٌ{ :ا نساء النبً لستن كؤحد من النساء إن اتقٌتن فال تخضعن بالقول فٌطمع الذي فً قلبه مرض وقلن قوَل معروفا
وقرن فً بٌوتكن وَل تبرجن تبرج الجاهلٌة اْلولى وأقمن الصالة وآتٌن الزكاة وأطعن َللا ورسوله إنما ٌرٌد َللا لٌذهب
عنكم الرجس أهل البٌت وٌطهركم تطهٌرا واذكرن ما ٌتلى فً بٌوتكن من آٌات َللا والحكمة إن َللا كان لطٌفا خبٌرا}
[اْلحزاب.]13-18 :
أما عن سٌدنا محمد صلى َللا علٌه وسلم فتذكر الكاتبة أنه كان ذو قدرات تفوق البشر ،فقد استطاع احتواء عقائل كرٌمات
اختلفت أجناسهن وألوانهن وتباعدت أصولهن ومنابتهن ،وتفاوتت أعمارهن وصورهن وشخصٌاتهن ،ببٌت واحد.
وتارٌخ اإلسالم ٌعترؾ لهإَلء السٌدات الكرٌمات ،بؤنهن كن دائما فً حٌاة الرسول البطلٌ ،صحبنه حٌن ٌخرج فً
معاركه ومؽازٌه ،وٌهٌئن له ما ٌرضً بشرٌته ،وٌؽذي قلبه ،وٌمتع وجدانه ،وٌجدد نشاطه ،فكان له من ذلك كله ما أعانه
على حمل العبء الثقٌل ،واحتمال ما لقً فً سبٌل دعوته الخالدة من تكالٌؾ بالؽة الصعوبة.
وحٌاة محمد صلى َللا علٌه وسلم فً بٌته تبدو رائعة فً بشرٌتها ،فقد كان ٌإثر أن ٌعٌش بٌن أزواجه رجال ذا قلب
وعاطفة ووجدان ،ولم ٌحاول إَل فً حاَلت الضرورة أن ٌفرض على نسائه شخصٌة النبً َل ؼٌر.
والسٌدة خدٌجة تنفرد بٌن نساء النبً جمٌعا بؤنها وحدها التً عرفته رجال وزوجا قبل أن تحؾ به أضواء النبوة ،وقد
عاشرته خمسة عشر عاما قبل أن ٌبعث ،و هتفت فً حرارة وٌقٌن بعد سماعها حدٌثه عن الوحً اْلول" :وَللا ما ٌخزٌك
َللا أبدا؛ إنك لتصل الرحم ،وتصدق الحدٌث ،وتحمل الكل ،وتقري الضٌؾ ،وتعٌن على نوائب الحق".
حٌن تزوج رسول َللا صلى َللا علٌه وسلم بالسٌدة خدٌجة رضً َللا عنها ،كانت امرأة ناضجة ،تزوجت من قبل رجلٌن
من سادة قرٌش ،وعاملت رجاَل آخرٌن كانوا ٌخرجون فً مالها إلى الشام ،وإن إعجابها بشخصٌة سٌدنا محمد صلى َللا
علٌه وسلم دلٌل على ما وجدته فٌه مبكرا من شخصٌة آسرة َلفتة ،مما لم تجده بؤي من الذٌن تقدموا لطلب ٌدها ،وقد
سمعت قومها ٌشٌدون بؤمانته واستقامته وعفته ،وفً خلقه شمائل هاشمً قرشً أصٌل المنبت ،لم ٌفسده الفراغ والمال،
ولم ٌصبه الترؾ بآفات النعومة واللٌن.
وبخصوص تعدد الزوجات بالبٌت النبوي ،أو الشبهة المثارة من قبل المستشرقٌن ،ترد الكاتبة بقولها" :إن الؽرب نفسه
وبرؼم تقنٌنه لعدد الزوجاتَ ،ل ٌلتزم بذلك فً التطبٌق العملً ،فٌعترؾ بزوجة واحدة ،وٌدع لؽٌرها ممن ٌعاشرهن
الزوج الضٌاع والهوان والعار ..وهو ما تسمٌه بالرق العصري.
ولٌس معنى ذلك أن نساء النبً صلى َللا علٌه وسلم كن سعٌدات بحٌاة الضرائر ،ولكن معناه بالتحدٌد أن محمدا صلى َللا
علٌه وسلم كان من ذلك النمط الفرٌد بٌن الرجال ،الذي تإثر الزوجة أن ٌكون لها أي مكان فً بٌته ،على أن تكون لها مع
ؼٌره مملكة مستقلة تنفرد بها دون مشاركة.
ولٌس من بٌن أزواجه صلى َللا علٌه وسلم ،من دخلت بٌته وفً حسابها أن تنفرد به ،فقد كانت مسؤلة التعدد تبدو طبٌعٌة
فً حسابها أن تنفرد به ،إلى حد ٌسهل علٌنا تصوره ،لو ذكرنا أن "خولة بنت حكٌم" اقترحت على المصطفى أن ٌخطب
عائشة بنت أبً بكر وسودة بنت زمعة ،فً وقت واحد ،وأن أم المإمنٌن "مٌمونة بنت الحارث" هً التً عرضت أن
ٌتزوجها المصطفى وفً بٌته ثمانً زوجات ،وأن عمر بن الخطاب عرض ابنته حفصة على أبً بكر وعثمان ،وعنده "أم
رومان" حماة النبً صلى َللا علٌه وسلم ،وأن علً بن أبً طالب ه ّم بؤن ٌتزوج على "فاطمة الزهراء" بنت النبً صلى
َللا علٌه وسلم ،وأن أبا بكر وعمر (صهري الرسول) رؼبا فً الزواج من "أم سلمة بنت أبً أمٌة زاد الركب" حٌن مات
عنها زوجها ،وفً بٌت كل منهما أكثر من زوجة.
ولو خٌرت أزواج النبً صلى َللا علٌه وسلم بٌن حٌاتهن تلك المشتركة فً بٌت واحد ،ومع زوج واحد ،وبٌن حٌاة أخرى
منفردة فً ؼٌر ذلك البٌت ،لما رضٌن عن حٌاتهن بدٌال.
وقد قال عمر بن الخطاب رضً َللا عنه" :وَللا إن كنا فً الجاهلٌة ما نعد للنساء أمرا حتى أنزل َللا تعالى فٌهن ما أنزل،
وقسم لهن ما قسم .فبٌنما أنا فً أمر أئتمره إذ قالت لً امرأتً :لو صنعت كذا وكذا؟ فقلت لها :وما لك أنت وما تكلفك فً
أمر أرٌده؟ ..فقالت لً:
عجبا ٌا ابن الخطاب ،ما ترٌد أن تراجع أنت ،وإن ابنتك لتراجع رسول َللا صلى َللا علٌه وسلم حتى ٌظل ٌومه ؼضبان؟
فؤخذت ردائً ثم انطلقت حتى أدخل على حفصة ،فقلت لهاٌ :ا بنٌة ،إنك لتراجعٌن رسول َللا صلى َللا علٌه وسلم حتى
ٌظل ٌومه ؼضبان؟
ثم خرجت حتى دخلت علً "أم سلمة" لقرابتً منها ،فكلمتها ،فقالت لً:
عجبا لك ٌا ابن الخطاب! قد دخلت فً كل شًء حتى تبتؽً أن تدخل بٌن رسول َللا صلى َللا علٌه وسلم وأزواجه؟
وتعلق الكاتبة بقولها :ذلك أن عمر والصحابة رضً َللا عنهم ،كانوا ٌرون فً "محمد" النبً المصطفى ،أما نساإه فكن
ٌرٌن فٌه الزوج الرسول ،وهو صلى َللا علٌه وسلم راض بهذا ،مقر له ،ؼٌر ضجر به وَل كاره.
ولم ٌحاول النبً صلى َللا علٌه وسلم أن ٌروض نسائه على كسر ؼٌرتهن الطبٌعٌة اْلنثوٌة ،وَل ٌطٌب له أن تمسخ
فطرتهن فٌبرأن من نوازع حواء وأهوائها ،كالشوق واللهفة والرؼبة فً اَلستئثار بالزوج الحبٌب.
سٌرة عطرة
لقد كانت لكل من زوجات النبً صلى َللا علٌه وسلم خصائص إٌمانٌة ،ومنها مثال السٌدة خدٌجة بنت خوٌلد رضً َللا
عنها ،ومن فضائلها وهً واحدة من أول أربعة آمنوا برسالته :ما رواه البخاري ومسلم من حدٌث أبً هرٌرة رضً َللا
َللاَِ ،ه ِذ ِه َخدٌِجَ ُة َقد أَ َتتَ ،م َعهَا إِ َناء فٌِ ِه إِدَام أَو َطعَام أَو
عنه قال :أتى جبرٌل النبً صلى َللا علٌه وسلم فقالٌَ« :ا رَ سُو َل َّ
صبَ ». َخبَ فٌِ ِه َو ََل َن َ َشرَ ابَ ،فإِ َذا هًَِ أَ َتت َ
ك َفاقرَ أ َعلٌَهَا الس ََّال َم مِن رَ ِّبهَا َو ِم ِّنًَ ،و َب ِّشرهَا ِببٌَت فًِ الجَ َّن ِة مِن َقصَبََ ،ل ص َ
أما السٌدة عائشة فكانت اْلقرب لقلب الرسول صلى َللا علٌه وسلم ،وأعلم زوجاته وأعظمهن حرمة عند المسلمٌن ،فعن
َّ َّ
رسول َللا صلى َللا علٌه وسلمَ « :فضْ ُل عَائِ َش َة َعلَى ال ِّنسَا ِءَ ،ك َفضْ ِل الث ِرٌ ِد َعلَى سَائ ِِر الطع ِ
َام».
وكان المصحؾ الذي اجتمع علٌه المسلمون فً عهد عثمان رضً َللا عنه فً بٌت السٌدة حفصة بنت عمر بن الخطاب،
وقد سمٌت زوجته زٌنب الهاللٌة بؤم المساكٌن ،وكذا السٌدة صفٌة بنت أخطب التً عُرفت باإلنفاق والبذل ،هاجرت السٌدة
أم سلمة معه صلى َللا علٌه وسلم فً مؽازٌه ،فنالت صحبته ،وكذلك كان حال السٌدة أم حبٌبة ،فٌما كانت تفخر السٌدة
زٌنب بنت جحش بؤن َللا زوجها النبً بآٌة فً الكتاب العزٌز.
وعُرفت زوجاته صلى َللا علٌه وسلم ورضً َللا عنهن بالورع والتقوى والذكر والصوم ،وحب المساكٌن ،والجهاد فً
سبٌل َللا ،وحفظ ما ورد عن رسول َللا ،وصلة اْلرحام ،فكن قدوة حسنة للمإمنات ،تزٌنهن شٌم التقوى والصالح التً
تلٌق بآل بٌت خاتم الرسل أجمعٌن ،صلوات َللا علٌه وتسلٌمه.
/www.islamkingdom.com/arأمهات-المإمنٌنix0#