البعد الترابي و إسهامه في تحقيق السياسات العمومية وتجويد المرفق العام
محمد الكحلوننشر في االتحاد االشتراكي يوم 2014 - 01 - 31 تعتبر الدولة الحديثة هي الدولة التي تقوم على مبادئ ترتكز أساسا على الفصل بين السلط و ضمان توازنها ،وتدعيم حقوق اإلنسان وصيانة الوحدة الترابية و تضع لذلك سياسات عمومية تتناسب وحاجيات اإلدارة والمواطن وتهدف لتطوير هياكل الدولة وتحديث اإلدارة مع ضرورة األخذ بعين االعتبار البعد الترابي كأحد أهم الركائز التي تستند عليها التنمية المستدامة وذلك في إطار تفعيل . حسن النهوض بالمرفق العام وحسن تفعيل توجهات السياسات العمومية وحيث انه في إطار الالمركزية و الالتمركز كسياسة ترابية تنتهجها الدولة ،فإن ارتباط هذه السياسة التي شهدت تدرجا وتطورا أهالها لتكون شكال من أشكال التدبير الترابي المعتمدة ،وذلك في إطار الجهوية المتقدمة كإطار عام وتوجه حاسم للدولة المغربية في تنظيمها الترابي الذي يؤهل لضبط ورصد و تقييم السياسات العمومية وعالقة السلطة باإلدارة و المواطن وفق المفهوم الجديد للسلطة ،من خالل تخطي الدور االعتيادي لإلدارة والمؤسسات العمومية نحو نهج نمط رشيد في التدبير العمومي خصوصا و ان جوهر البعد الترابي للمملكة يقوم على جوهر ديمقراطي تشاركي يسعى إلى إشراك الفاعلين المؤهلين في تحقيق السياسات العمومية ،ويهدف إلى تقوية النسيج الجمعوي و تأهيل اإلدارة وإشراك المواطنين عن طريق المنتخبين في تنزيل المرامي األساسية للدولة من خالل توخي أهدافها وبلورة مشاريعها التنموية وفق سياسة شاملة مكرسة للتنمية المندمجة في .سياق الحكامة الجيدة فإلى أي حد ترتبط أهمية البعد الترابي في تحقيق السياسات العمومية؟ وهل البعد الترابي احد التوجهات المساعدة على تجويد المرفق العام؟ إن التنظيم الترابي للمملكة يقوم على الجهوية المتقدمة في إطار تقسيم للجماعات الترابية وفق المجالس الجهات و العماالت واألقاليم والجماعات .و حيث ان الجماعات الترابية تتوخى تنزيل السياسات العمومية في مجال ترابها ،فإنها تستفيد أساسا من التقسيم المذكور أعاله ،و ذلك وفق ما نص عليه الدستور ،وتستفيد أيضا من البعد المحلي في تدبير شؤون ترابها وفق ما تقتضيه االختيارات الثابتة للدولة ،من ضرورة إشراك المواطنين في خلق و تدبير السياسات العمومية وتعزيز حضور المرأة و الدفع بها للمشاركة المنتجة والفاعلة و ضمان حضورها وفق مقاربة النوع مع االعتماد على الحكامة الجيدة و المنهجية الديمقراطية .في االشتغال فتدبير الشأن المحلي من خالل تعزيز الالمركزية والالتمركز ،أدى إلى توسيع اختصاصات وصالحيات الجماعات الترابية بناء على مبدأ التفريع ،وذلك باختصاصات مزدوجة ،اختصاصات ذاتية واختصاصات منقولة لها من الدولة وأخرى تتشارك فيها مع الدولة ، .في سبيل تطبيق فعال و مندمج للسياسات العمومية يروم تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة إن تعزيز و تدعيم الموارد المالية للجماعات الترابية من طرف الدولة و تدعيم الشراكة المندمجة معها في تدبير الشأن المحلي .ينعكس أساسا على تطوير المسار الديمقراطي و التنموي ببالدنا إن توخي البعد الترابي كأساس تنظيمي وتدبيري للسياسات العمومية يقتضي تنزيل الدستور بناء على إخراج القوانين التنظيمية لمجموعة من المؤسسات الجهوية في إطار مالءمة التشريع وتحيينه و عصرنته و إتاحة المساطر القانونية واإلدارية مصبوغة .بالبساطة والمرونة من أجل ضمان نجاح استراتيجيات الدولة القطاعية على مستوى التراب وعلى اعتبار ان الدستور نص في الفصل 146على الميثاق الوطني لالتركيز وعلى ضرورة استصدار نصوص تنظيمية تقوي التوجه الترابي المبني على هذا األساس ،فإن ما يرافق هذا التوجه من حكامة جيدة ،و استعمال معقلن للموارد و العمل على تحسين مردودية اإلدارة و تحديثها ،و السهر على تكوين البنيات الفوقية و األطر البشرية و تثمينها هو دافعة أساسية لتحقيق .السياسات العمومية و بالتالي إنجاح مسلسل التنمية يعتبر تبني التوجه المبني على الالمركزية والالتركيز أحد أهم العوامل المساعدة في تحرير المرفق العام من التركيز العمودي .للسلطة وبالتالي إعطاءه دينامية ومساحة جديدة على مستوى االشتغال وحيث أن البعد الترابي المبني على التقسيم والتقطيع الترابيين للمملكة بناء على معطيات اقتصادية واجتماعية و بيئية يؤسس لتعزيز حضور المرفق العام عن طريق تثمين الرأسمال البشري ورصد الموارد الضرورية إلنجاز األعمال المنوطة به وضمان .استقالله عن المركز ضمن الحاالت والشروط المحددة في القوانين النظيمية ولما كان المرفق العام هو اآللية لتطبيق السياسات العمومية للدولة عن طريق الرفع من جودة الخدمات اإلدارية و حسن تسييره لمصالحه التابعة له وتكريس الشفافية والمصداقية الالزمة والحد من ظاهرة الرشوة ومكافحتها عن طريق إحداث أجهزة مراقبة و ضبط تتكفل بمحاربة هذه اآلفة الخطيرة .فإن البعد الترابي بما يتيحه من مقومات ناجعة تؤسس لفضاء مريح وعصري بالنسبة للمرافق العامة ،يؤسس تماشيا مع مفاهيم مثل المفهوم الجديد للسلطة وتقريب اإلدارة من المواطن وإشراكه في اتخاذ القرار إلى . الرقي بالمؤسسات وتطوير الهياكل العميقة للدولة