Professional Documents
Culture Documents
تاريخ الصلب
التجسد والصلب والقيامة أىم ثبلثة حوادث يف حياة الرب يسوع لو اجملد على األرض ويف
التاريخ اخلبلصي .ذلذا من الطبيعي أن يسارع الناس إىل ربديد تأريخ ىذه احلوادث
اخلبلصية .يف ىذه الدراسة ادلختصرة سنناقش تاريخ الصلب :يوم الصلب وساعتو ،تارؼلو من
الشهر والسنة .ىذه ادلناقشة تتناول تاريخ العشاء األخَت ومعناه ،ألن تاريخ الصلب مرتبط
بتاريخ العشاء األخَت .لقد وضعنا ىذه الدراسة يف اجلزء الثالث من شرح مىت بسبب ضيق
اجملال يف اجلزء الرابع.
كان للعشاء األخَت للرب يسوع مع تبلميذه ،قبل الصلب بساعات أعلية خاصة جداً .ففيو
سر الشكر (أو الفخارستيا باليونانية) وىو السر الذي ستمارسو الكنيسة حىت
أسس الرب ّ
يوم ادللكوت .يف ىذا العشاء احتفل الرب يسوع بالفصح اليهودي احتفاالً خاصاً بو من
حيث التوقيت والشكل وألغاه ليؤسس يف الوقت نفسو فصحو ىو ،الفصح ادلسيحي ،الذي
كان يسوع فيو ىو احلمل الفصحي ،محبلً إذلياً-بشرياً ،محبلً قُدِّم مرة وإىل األبد عن خطايا
البشرية كلها ،محبلً ؽللك قوة األبدية ،محبلً يُقدِّم ىو ىو نفسو إىل ادلؤمنُت يف كل قداس إذلي
ليدفع إليهم طعاماً وشراباً روحيُت ،علا جسد ادلسيح احلق ودمو احلق ،ليكونا للمتناولُت منها
حياة فيهم.
دبا أن خصائص العشاء األخَت الفصحية ىي أساسية لتأريخ الصلب ،ذلذا سأستعرض
باختصار ىذه اخلصائص قبل احلديث عن تاريخ الصلب.
1
—Joachim Jeremias: The Eucharistic Words of Jesus. The MacMillan Company
New York, 1955. P, 14.
الليايل السابقة .دلاذا؟ ألنو غلب سبضية ليلة الفصح يف أورشليم .وحىت يستطيع الناس االلتزام
هبذه القاعدة مت توسيع حدود مدينة أورشليم لتشمل -أيام يسوع -بيت فاجي وبيت عنيا
(باإلضافة إىل وادي قدرون والسفح الغريب جلبل الزيتون وبستان جثسيماين).
ىكذا كان العشاء األخَت عشاءً فصحياً ،كان يسوع فيو ىو احلمل الفصحي ،إذ قدم
جسده ودمو للمؤمنُت بو لينالوا اخلبلص .واألناجيل اإلزائية فهمت ىذا العشاء كعشاء
فحصي كما سنرى الحقاً .يف ىذا العشاء األخَت أو الفصحي أقام يسوع فصحو اخلاص بو،
فصحاً جديداً ،لكي يل ِغ الفصح اليهودي .ىكذا بدأ الرب بإقامة الفصح اليهودي ،ومن مث
دشن بالوقت نفسو فصحو اخلاص اجلديد حيث كان فيو يسوع ىو احلمل الفصحي الذي
ّ
قدم حلمو ودمو للمؤمنُت بو حياةً وخبلصاً للمتناولُت منهما .مشهد العشاء األخَت ىذا
يذكرنا دبعمودية الرب يف هنر األردن ،حيث بدأت ادلعمودية بإطار يهودي فأكملها ادلسيح
2تبدأ وجبة الفصح بالقدوش وهً بركة الكأس وبالصحن األول .بعد هذا ٌُقدم الحمل الفصحً و ُتمزج الكأس الثانٌة .وقبل
الوجبة الخاصة أخذ ٌسوع هنا النذور الفصحٌة التً ذروتها تفسٌر عناصر الوجبة بالحوادث التً تمت فً الخروج من
مصر :فالفطٌر ٌرمز إلى بؤس الماضً ،واألعشاب المرّة ترمز إلى العبودٌة ،ومسحوق الفاكهة له لون الطٌن وقوامه
وٌرمز إلى عمل العبودٌة ،والحمل الفصحً ٌرمز إلى رحمة هللا التً فشخت (أي عبرت :من عنا كلمة فصح) بإسرائٌل
من العبودٌة إلى الحرٌة.
ليؤسس بالوقت نفسو ادلعمودية ادلسيحية اليت فيها تنفتح السموات دائماً،
وأهناىا إىل األبد ِّ
بشكل غَت منظور ،وربل نعمة الروح القدس على ادلعتمد باسم الثالوث القدوس.
-1يوم الصلب
صلب فيو ربنا .ػلدد مرقس 42 :15اليوم الذي
ال صلد صعوبة كبَتة يف ربديد اليوم الذي ُ
مات فيو يسوع أنو "ما قبل السبت" .ويف حُت مل يذكر مىت يوم السبت يف الصلب إال أنو
يشَت بوضوح إىل أن اليوم بعد موت يسوع ( )62 :27ىو السبت .وعندما ينتهي نأيت إىل
أول يوم من األسبوع ( .)1 :28وبعد دفن يسوع مباشرةً يقول لوقا 54 :23إن السبت
كان على وشك االنقضاء .أما يوحنا 31 :19فيذكر االستعدادات ادلأخوذة لئبل تبقى
األجساد على الصليب يوم السبت اآليت .ذلذا يتفق اجلميع حبسب الكتاب بأن يسوع قد
ودفن يوم اجلمعة ،يف فًتة بعد الظهر منو .بالطبع الكنيسة األرثوذكسية تؤمن
صلب ومات ُ ُ
صلب يوم اجلمعة ،وتعكس ىذا اإلؽلان وربياه يف الليتورجيا.
أن يسوع قد ُ
-2ساعة الصلب
األناجيل اإلزائية (مرقس ،مىت ولوقا) تتفق على أن يسوع كان على الصليب بُت الساعة
السادسة (الثانية عشرة ظهراً) إىل الساعة التاسعة (الثالثة بعد الظهر) .وأن الرب أسلم الروح
ضلو الساعة التاسعة .وتتفق أيضاً على أن الظبلم قد غطى األرض كلها بُت الساعة السادسة
والتاسعة .3أما إصليل يوحنا فبل يذكر كثَتاً مؤشرات زمنية وإظلا يؤكد أن يسوع كان مثبلً أمام
بيبلطس الساعة السادسة (الثانية عشر ظهراً) عندما ُحكم عليو بالصلب (يو -13 :19
.)14ىذا بالطبع ال يتناقض مع األناجيل اإلزائية.
تنشأ صعوبة ىنا يف مرقس عندما يذكر" :وكانت الساعة الثالثة فصلبوه" (مر .)25 :15
ىذه اإلشارة الزمنية إىل الصلب ادلبكر ال تتفق مع األناجيل الثبلثة األُخرى .مرقس يذكر
الساعة الثالثة (الصلب) فالسادسة (حلول الظبلم) فالتاسعة (صراخ يسوع) .مىت ولوقا
يأخذان اإلشارتُت الزمنيتُت األخَتتُت ويهمبلن األوىل (الساعة الثالثة) ،وبالتايل ال يعطيان
ب باكراً (التاسعة صباحاً). انطباع مرقس بأن يسوع قد ِ
صل َ
ُ
وجدت عدة زلاوالت للتوفيق بُت األناجيل األربعة إظلا مجيعها غَت مرضية .ركزت ىذه
احملاوالت على التوفيق بُت إشارة مرقس (الصلب الساعة الثالثة) وبُت إشارة يوحنا (مثول
يسوع أمام بيبلطس الساعة السادسة) .إما أن تكون ىاتان اإلشارتان الزمنيتان الىوتيتُت،
وإما أن تكون إحداعلا الىوتية واألُخرى زمنية ،إظلا ال ؽلكن أن تكون كلتا اإلشارتان زمنيتُت.
اإلشارة الزمنية الوحيدة ادلشًتكة يف األناجيل األربعة يف قصة الصلب ىي الساعة السادسة
رجح بأهنا مأخوذة من تقليد ما قبل األناجيل وقد استُعملت بصورة ( 12ظهراً) .ىذا يُ ِّ
سلتلفة من قبل اإلصليليُت (بدء الظبلم يف اإلزائية واحلكم على يسوع بالصلب يف يوحنا) .أما
صلِب يف الساعة الثالثة ( 9صباحاً) فهي مستبعدة كإشارة إشارة مرقس من أن يسوع قد ُ
لمح بأن يسوع مل يُصلب باكراً جداً (كما توحي الساعة الثالثة) عندما
زمنية .مرقس نفسو يُ ِّ
يذكر تعجب بيبلطس بأن يسوع قد مات سريعاً (مر .)44 :15
سياق الروايات اإلصليلية متفق .إال أن اآلية 25 :15من مرقس تش ّذ على السياق .تذكر
أن الصلب وقع يف الساعة الثالثة ،بينما يلتقي مرقس مع زمبلئو على انتشار الظلمة من
الساعة السادسة حىت التاسعة .فهل قصد مرقس هبا االستعدادات يف تقليد الكنيسة؟
ليتورجياً الكنيسة األرثوذكسية تعترب الساعة السادسة ىي ساعة الصلب وتربطها باليوم
السادس أو يوم اجلمعة العظيم ،مشَتة إىل ادلسيح قد خلق اإلنسان (أو آدم) جديداً يف اليوم
السادس (يوم اجلمعة العظيمة) وىو بعد على الصليب .نرتل يف خدمة الساعة السادسة:
"يا من يف اليوم السادس ويف الساعة السادسة ََسَّرت على الصليب اخلطيئة اليت ذبرأ عليها
مزق صق ىفواتنا ،أيها ادلسيح إذلنا ،وخلصنا".
آدم يف الفردوسّ .
أيضاً تعترب ليتورجيا الكنيسة األرثوذكسية الساعة التاسعة ىي ساعة موت يسوع باجلسد
على الصليب وتنشد يف خدمة الساعة التاسعة:
"يا من ذاق ادلوت باجلسد يف الساعة التاسعة ألجلناِ ،أمت أىواء أجسادنا أيها ادلسيح اإللو
وخلِّصنا".
-3شهر الصلب
صلب فيو الرب يثَت مشكلة لدى دراسة الكتاب ادلقدس .فاألناجيل ربديد الشهر الذي ُ
صلب ادلسيح .إظلا ؽلكننا أن نستنتج ىذا
األربعة مل ربدد تارؼلاً معيناً من الشهر عندما ُ
التاريخ من اإلشارات اإلصليلية إىل الفصح اليهودي .قبل الكبلم عن تاريخ الشهر غلب
الكبلم عن عيد الفصح اليهودي أوالً.
4بداٌة غروب الشمس وأفولها .الٌوم الجدٌد حسب التقوٌم الٌهودي ٌبدأ بالشفق.
كان ذبح احلمبلن يتم يف البداية من قبل رب العائلة ،مث صار مهمة الكهنة يف ىيكل
أورشليم .وبسبب وجود آالف احلمبلن يف فًتة الفصح كان الذبح يبدأ يف أول فًتة بعد
الظهر يوم 14نيسان ،وردبا قبل بدء الشفق بست ساعات ،ومن مث تؤكل الوجبة الفصحية
مع بداية 15نيسان .رئيس العائلة يًتأس العشاء.
حىت نفهم موقع الصلب من الفصح اليهودي غلب أن نُلِ َّم بطريقة ذكر فًتة الفصح/الفطَت،
ادلؤرخُت اليهوديُت يوسيفوس وفيلون .ليست
ّ سواء يف العهدين القدمي واجلديد أو يف كتابات
اإلشارات إىل فًتة الفصح دقيقة دائماً يف ربديد اي يوم ىو ادلقصود ( 14أو 15نيسان)
ألن كلمة الفصح كانت تُستعمل لئلشارة إىل العيد أو الذبح أو الوجبة الفصحية .فسفر
البلويُت يقول" :يف الشهر األول يف الرابع عشر من الشهر بُت العشائُت فصح للرب .ويف
اليوم اخلامس عشر من ىذا الشهر عيد الفطَت للرب" (الو .)6-5 :23وسفر العدد :28
فصح
17-16واضح ودقيق أيضاً" :ويف الشهر األول يف الروم الرابع عشر من الشهر ٌ
للرب؛ ويف اليوم اخلامس عشر من ىذا الشهر عي ٌد سبعة ايام يؤكل فطَتٌ".
من جهة أُخرى يبدو يوسيفوس غامضاً أحياناً إذ يقول" :عندما أتى عيد الفطَت ذحبوا
الفصح" ،5و"عندما أتى يوم الفطَت ،يف الرابع عشر من الشهر" ،6بينما ذبح الفصح يتم قبل
عيد الفطَت ،وعيد الفطَت يبدأ يف 15ال 14نيسان .نستنج من ىنا أن اإلشارات الزمنية
إىل عيد الفصح أو إىل الوليمة الفصحية أو إىل عيد الفطَت ىي إشارات غَت دقيقة زمنياً
5تارٌخ 3 :53 :9رقم .425
6حرب الٌهود 5 :3 :1رقم .99
دائماً ،وال ؽلكن أن نبٍت عليها دائماً نظرية متماسكة من تسلسل األحداث التارؼلية بدون
األخذ بعُت االعتبار طريقة تدوين الكتبة ذلذه األحداث بطريقة غَت دقيقة زمنياً ،وأقرب إىل
األسلوب الشعيب ادلتداول ،خاصةً إذا كان الكاتب غَت مهتم بالناحية الزمنية قدر اىتمامو
بالنواحي األُخرى كما يف األناجيل مثبلً.
يف ىذا اإلطار غَت الدقيق زمنياً ردبا تنتمي إشارة مرقس " 12 :14ويف اليوم األول من
الفطَت حُت كانوا يذحبون الفصح" ،ألن اليهود عملياً يذحبون احلمل يف 14نيسان (اليوم
السابق للفصح) ،أما يف اليوم األول من الفطَت (عندما يأكلون احلمل) فهو 15نيسان.
أيضاً يف مىت " 17 :26ويف أول ايام الفطَت تقدم التبلميذ إىل يسوع قائلُت لو :اين تريد أن
نع ّد لك لتأكل الفصح؟" .فاإلشارة غَت دقيقة زمنياً ىنا ألن أول أيام الفطَت يأيت بعد ذبح
الفصح وأكلو .من الواضح إذن أنو يف القرن األول ادليبلدي كان العيدان (الفصح والفطَت)
مندرلُت لدرجة مل ُؽليَّز بينهما يف الكبلم العادي عنهما.
حسب األناجيل اإلزائية كان العشاء األخَت وليمة فصحية كما رأينا وقد مت يف ليلة اخلميس.
يوحنا أيضاً ( )31 :19يذكر أنو حدث ليلة اخلميس .دبا أن العشاء األخَت ىو عشاء
فحصي يف اإلزائية وقد حدث ليلة اخلميس فهذا يعٍت أن هنار اخلميس كان 14نيسان
وعند غروبو الذي بدأ معو 15نيسان بدأ الفصح وأول يوم من أيام الفطَت .لكن الصورة
سلتلفة لدى يوحنا إذ حدث العشاء األخَت ليلة اخلميس إظلا بدأ الفصح اليهودي مع غروب
يوم اجلمعة وبالتايل كان هنار اجلمعة 14نيسان وبدأ الفصح مع غروبو .ففي يوحنا :18
،28صباح يوم اجلمعة عندما كان يسوع ماثبلً أمام بيبلطس ،فإن السلطات اليهودية
والشعب رفضوا أن يدخلوا دار الوالية لئبل يتنجسوا فبل يأكلون الفصح .ىذا العيد بدأ
حبسب يو 14 :19يوم السبت (مع شفق اجلمعة) .ىكذا كانت الوجبة الفصحية يف
األناجيل اإلزائية مساء اخلميس ( 14نيسان) ويسوع مات هنار اجلمعة (وىو عيد الفصح
واول أيام الفطَت أي 15نيسان) ،بينما يف يوحنا كانت الوجبة الفصحية (ال العشاء األخَت)
مساء اجلمعة ( 15نيسان) ويسوع مات هنار اجلمعة (قبل بدء الفصح وقبل بدء الفطَت اي
يوم 14نيسان).
بسبب السمات الفصحية للعشاء األخَت ،كما رأينا سابقاً ،استنتجنا استنتاجاً أن عيد
الفصح يف اإلزائية بدأ مع غروب اخلميس وأن اإلزائية تشَت إىل أن يسوع قد مات يوم
الفصح ويف أول أيام الفطَت (بعد ظهر اجلمعة الواقع يف 15نيسان حبسب اإلزائية) ،وذلك
ألن العشاء األخَت (الذي حدث يوم اخلميس) كان عشاءً فصحياً .لكن األصح ىو القول
إن اإلزائية ال تذكر أبداً الفصح أو الفطَت يف عبلقتهما مع ساعات القبض على يسوع
واحملاكمة والصلب وادلوت والدفن .وبكلمة أُخرى ،ال ربدد األناجيل اإلزائية مىت كان الفصح
اليهودي بدقة .ففي وصف الفًتة اليت مات فيها يسوع اإلشارات الفصحية اإلزائية ىي
إشارات عن التهيئة للعشاء األخَت أو ألكل العشاء (باستثناء مر 2-1 :14الذي سيُناقش
الحقاً) .إن تعبَت "العيد" (مر 6 :15؛ مت 15 :27؛ لو )17 :23يشَت إىل عيد
الفصح إظلا ال ػلدد أي يوم من فًتة االحتفال ذات الثمانية األيام (فًتة الفصح/الفطَت).
وكما وجدنا سابقاً فإن عدم الدقة الزمنية ىذا ىو أمر شائع نسبياً.
ىكذا يف اإلزائية كان العشاء األخَت عشاءً فصحياً (من حيث موقعو الزمٍت يف 14نيسان
وصلب الرب يف اليوم التايل (اي يف أول أيام الفطَت أي يف
ومن حيث خصائصو الفصحية)ُ ،
15نيسان) .بينما يف يوحنا يُصلب يسوع أثناء ذبح احلمبلن يف اذليكل (شلا ينسجم مع
ىذه الدراسة وردت يف:
ادللحق الرابع ،ص ،279-261اجلزء الثالث من شرح إصليل مىت البشَت ،للقديس يوحنا الذىيب الفم .ترمجة :د .عدنان طرابلسي
د .عدنان طرابلسي اليوم والشهر والسنة تاريخ الصلب
الىوت يوحنا :يسوع ىو محل اهلل الذي يرفع خطية العامل) 7أي يوم 14نيسان وقبل أكل
احلمل الفصحي وقبل بدء الفصح اليهودي مع شفق اجلمعة وبداية 15نيسان.
بالطبع بُ ِذلت زلاوالت مجة للتوفيق بُت اإلزائية ويوحنا .افًتض بعض ىذه احملاوالت أن أحد
التأرؼلُت ىو الصحيح ،وافًتضت بعد احملاوالت األُخرى أن األناجيل األربعة غلب أن تكون
تارؼلية الطابع وبالتايل فاإلزائية ويوحنا صحيحة معاً .من مجلة ىذه احملاوالت األخَتة
التوفيقية:
-1اإلزائية ويوحنا صحيحة :التوفيق بينهما مبٍت على إعادة ترتيب تسلسل احلوادث.
أخرت االحتفال بالوجبة الفصحية حىت التخلّص من يسوع.
مثبلً السلطات اليهودية َّ
القديس يوحنا الذىيب الفم اقرب إىل ىذا االفًتاض .إذ يقول إن الرب يسوع أكل الفصح يف
العشاء األخَت ليلة اخلميس بينما كسر اليهود ىذه القاعدة وأكلوا الفصح يف يوم آخر
بسبب رغبتهم ادلسعورة بالقبض على يسوع وقتلو .ذلذا يف تفسَت الذىيب الفم إلصليل مىت
(ادلوعظة 8)2 :84وقع الفصح اليهودي عشية اخلميس وكان هنار اجلمعة واقعاً يف 15
نيسان .لكن الذىيب الفم من جهة أُخرى يفسح اجملال لتأريخ آخر للفصح يبدأ مع شفق يوم
اجلمعة (ادلوعظة 3 :83على إصليل يوحنا).
-2اإلزائية ويوحنا صحيحة معا :ألنو كان يوجد احتفاالن للفصح بينهما ٌ
يوم واحداً.
مثبلً :احتفل يهود الشتات على مدى يومُت .يدعم البعض ىذا االفًتاض على أساس ما
جاء يف الناموس من أن الذين مل يستطيعوا االحتفال يوم 14نيسان ؽلكنهم االحتفال يوم
14نيسان من الشهر التايل (العدد .)11-10 :9يبٍت البعض ىذه الفرضية أيضاً على
أساس أن حساب الفصح يعتمد على رؤية البدر يف 14نيسان ،وبالتايل ؽلكن لرؤية البدر
أن زبتلف يف مناطق سلتلفة .فاحلسابات الزمنية اختلفت يف الشتات حيث كان اليهود
متفرقُت على مدى أكثر من ألف ميل عن أورشليم ،وردبا كانت توجد سياسة فصح ذات
يومُت للتأكد من تغطية اليوم الصحيح .افًتض أحدىم أن يهود الشتات قد استعملوا
حسابات فلكية ثابتة حبسبها كان اخلميس/اجلمعة واقعاً يف 15نيسان ،بينما اعتمد
الفلسطينيون على رؤية البدر وبالتايل كان اجلمعة ىو 15نيسان بالنسبة ذلم .ىكذا فإن
يسوع وىو عامل أنو سيكون ميتاً يف ثاين اليومُت اختار اليوم األول منهما (وإن مل يكن من
يهود الشتات) فاحتفل بالوجبة الفصحية يوم 14نيسان بينما أكلت بقية اليهود الفصح
يوم 15نيسان (اجلمعة/السبت).
-3أيضاً من الفرضيات األُخرى ادلبنية على تأرؼلُت للفصح ىو أن اىل اجلليل اعتادوا
على االحتفال بالفصح يوماً قبل االحتفال بالفصح يف أورشليم ،ذلذا احتفل يسوع وتبلميذه
(وىم من اجلليل) بالفصح كما ىو موصوف يف اإلزائية ،بينما عكس يوحنا احتفال أىل
أورشليم بالفصح يف اليوم التايل.
-4أيضاً يفًتض البعض أنو ردبا اتبع الفريسيّون (يسوع أقرب إليهم) حساباً معيناً بينما
اتبع الصدوقيّون (الكهنة) حساباً آخر رب ّكم باحلياة العامة (وىو ما أشار إليو يوحنا) .مثبلً
عندما يقع أكل الفصح يوم سبت (كما يف حساب يوحنا) فإن القيود ادلوضوعة على العمل
مساء اجلمعة سبنع الكهنة من ذبح العدد ادلطلوب من احلمبلن .ذلذا كان عليهم أن يبدأوا
بالذبح قبل يوم أي ظهر يوم اخلميس.
-5اإلزائية ويوحنا صحيحة معاً ألن اإلزائية مل تكن تصف وجبة فصحية بل كانت
تصف وجبة غَت فصحية أكلها يسوع مع تبلميذه يوم 14نيسان .افًتض البعض أن يسوع
أكل وجبة مباركة خاصة ،وافًتض البعض أيضاً أنو يف األمسية اليت انتهت يوم 13نيسان
وبدأ معها يوم 14نيسان فإنو حبسب اإلزائيُت ويوحنا أكل يسوع وجبة قبل فصحية ،وجبة
خصصها لنفسو لكي يسبق الوجبة الفصحية االعتيادية اليت تؤكل يف اليوم التايل واليت كان
ّ
يعرف أنو لن يستطيع أكلها ألنو سيكون ميتاً .إن اإلشارات الفصحية ادلوجودة يف العشاء
األخَت تناسب ىذه الفرضية ،فرضية الوجبة ما قبل الفصح :فادلأدبة كانت فصحية يف كل
شيء إال يف احلمل (مل ؽلكن احلصول عليو ألنو مل يكن قد ذبح بعد إال ظهر اليوم التايل).
-6اإلزائية ويوحنا صحيحة معاً ألهنما ػلتفظان بذكرى التأريخ حبسب التقومي القمراين
الذي اتبعو يسوع يف أيامو األخَتة .حبسب التقومي القمراين الشمسي فإن األعياد تقع يف
األيام نفسها من األسبوع كل سنة .ىكذا فإن 15نيسان (تاريخ الوجبة الفصحية) سيقع
دائماً مساء الثبلثاء ويستمر طوال هنار األربعاء.9
9الدارسون الغربٌون ٌسرفون فً التحلٌل واالفتراض .األناجٌل األربعة متفقة فً جعل العشاء ٌوم الخمٌس والصلب ٌوم
الجمعة والقٌامة ٌوم األحد .وٌسوع قال حرفٌاً" :شهوة اشتهٌت أن آكل هذا الفصح معكم قبل أن أتألم" (.)53-51 :44
والغربٌون منهمكون فً دراسة العهد القدٌم والتراث الٌهودي مع محاوالت الربط بٌنها وبٌن العهد الجدٌد .هذا منزلق
خطٌر .العبارات جمٌعا ً تشٌر إلى أن ٌسوع أكل الفصح أي الخروف .الحل الذي ال ٌع ِّقد األمور هو القول أن ٌسوع قدم
تارٌخ الفصح بما أنه قادم على اآلالم عداً .عبارة لوقا" :شهوة اشتهٌت" تعنً اشتها ًء شدٌداً .وهو الفصح الوداعً .والمهم
فً ذلك الٌوم لٌس الفصح الٌهودي بل العشاء الوداعً .والمهم فً ذلك لٌس الفصح الٌهودي بل العشاء السري المسٌحً
الذي طوى إلى األبد الفصح الٌهودي .فلماذا ٌهتم الغربٌون بإخضاع ٌسوع لحرفٌة الفصح الٌهودي وهو رب الفصح؟ كل
العهد القدٌم خٌال للعهد الجدٌد .نشده إلى العهد الجدٌد( .أ.ج).
الفكرة األوىل:
قبل كتابة األناجيل ذكر بولس الرسول تقليداًُ 10م َسلَّماً (ردبا يعود تارؼلو إىل الثبلثينات
عندما صار تلميذاً للمسيح) أنو يف الليلة اليت أعطى فيها يسوع خبزاً قال" :ىذا ىو جسدي
ادلكسور ألجلكم" .وبعد العشاء قال" :ىذه الكأس ىي العهد اجلديد بدمي" ( 1كور :11
.)25-23وبكلمة أُخرى ،كان بولس الرسول يعرف تقليداً باكراً لعشاء أخَت قبل موت
يسوع ،ػلتوي على كلمات ليتورجية بشكل أقرب إىل قصة لوقا .يف الرسالة نفسها يطلب
بولس من قُّرائو أو مستمعيو أن ين ّقوا اخلمَتة العتيقة دبقدار ما ىم فطَت جديد "ألن فحصنا
أيضاً ادلسيح قد ذُبِ َح ألجلنا" ( 1كور .)1 :5
ويقول إن ادلسيح قد قام من األموات وصار "باكورة الراقدين" ( .)20 :15من الواضح إذاً
أن موت يسوع وقيامتو مرتبطان يف ذىن بولس وتبلميذه رلتمعُت يف أورشليم فيمكن اعتبار
أن أخر عشاء ليسوع وأن صلبو قد سبا قبل أو عند عيد الفصح ،وىي حقيقة يفهمها
ادلسيحيون الىوتياً بربط موت ادلسيح بتضحية احلمل الفصحي .على كل حال مل يكن
بولس ىو الشاىد الوحيد قبل األناجيل على ىذا .فإن 1بطر 19 :1يتكلم عن "دم كرمي
كما من محل ببل عيب وال دنس ،دم ادلسيح" ،بشكل يوازي خروج .5 :12ورغم أن رؤيا
14-6 :5تستعمل كلمة يونانية موازية للحمل arnionمل تستعملها السبعينية للحمل
الفصحي ،فإن مطابقة كهذه ردبا تكون ادلسؤولة عن صورة ادلسيح يف الرؤيا (يف إطار
ليتورجي من البخور والصلوات والًتتيل) والواقف كحمل مذبوح دمو قد اشًتى الناس من
كل قبيلة هلل .إذاً لدينا ىنا أيضاً تطابق الىويت قبل كتابة األناجيل ليسوع على أنو احلمل
الفصحي.
10بولس ٌقول :إنه تقلّد من الرب ٌسوع خدمة العشاء السرّي ( 5كور )43 :55ال من الناس .وهو قد اهتدى فً دمشق
وب ّشر فٌها ثم انتقل إلى حوران ،ثم عاد إلى دمشق .فال عالقة له بتقلٌد أورشلٌم إال إذا افترضنا أنه لم ٌقم سر االفخارستٌا
فً دمشق وحوران (أ.ج).
إذاً الفكرة األوىل ىي أن ادلسيحيُت قبل كتابة األناجيل كانوا يؤمنون أن ادلسيح ىو احلمل
ِّم على الصليب مذبوحاً من أجل مجيع الناس .وبالتايل فالعشاء األخَتالفصحي الذي قُد َ
ليسوع كان عشاءً فصحياً ،على األقل من الناحية البلىوتية .يف ىذا العشاء ػلل يسوع زلل
احلمل الفصحي.
الفكرة الثانية:
يف مرقس 14يقدَّم العشاء األخَت ليسوع مع تبلميذه كعشاء فصحي .ىذا واضح من
مرقس 16-12 :14من االستعداد للعشاء .وردبا فسر لوقا 15 :22بصورة صحيحة
مرقس عندما يبدأ يسوع يف لوقا بالعشاء بالقول إنو اشتهى أن يأكل ىذا الفصح مع
تبلميذه .من الواضح أنو يف ىذا العشاء الفصحي أن الكلمات ادللفوظة على اخلبز واخلمر
ادلضحى بو يف
ّ ص للحمل سلص ٌ
تعطي جسد يسوع ادلكان الرئيسي ادلركزي الذي ىو عادة ّ
اذليكل ،للحمل الذي مل يُذكر قط يف العشاء األخَت .أي لدينا ىنا تفسَتٌ الىويت وىو تقدمي
العشاء األخَت على أنو عشاء فصحي بناء على اإلعبلن ما قبل األناجيل بأن يسوع ىو
احلمل الفصحي .إظلا السؤال ىنا ىل كان مرقس نفسو ادلسؤول عن ىذه الظاىرة أو أن
ادلسيحيُت قد بدأوا سلفاً بتصوير "عشاء الرب" (1كور )20 :11مأكوالً "يف الليلة اليت
أُسلِ َم فيها" ( )23 :11كوجبة فصحية؟ على األرجح أن اجلواب الثاين ىو األصح.
إذاً إن الفكرة الثانية ىي أن مرقس (ومن بعده مىت ولوقا) قد ق ّدم العشاء األخَت على أنو
فصحي بناءً على التقليد ما قبل األناجيل.
الفكرة الثالثة:
إن اليوم الذي بدأ يف الغروب مع الوجبة الفصحية ىو 15نيسان وىو أول أيام الفطَت
أيضاً .وقد الحظنا أنو ليس لدى مرقس أيّة إشارة لتأريخ يوم الفطَت يف أي ذكر آلالم
ادلسيح بعد العشاء .فإذا استنتجنا من كون العشاء األخَت عشاءً فصحياً يف مرقس بأن عيد
الفصح قد بدأ مع غروب اخلميس وبالتايل كان هنار اجلمعة أول أيام الفطَت ( 15نيسان)
فإن مرقس يذكر أنشطة وأعماالً من الصعوبة جداً مصاحلتها مع يوم عيد .أيضاً مل يع ّدل
مرقس من التناقض بُت تأريخ يوم عيد كهذا والقبض والصلب ادلؤشَّر إليهما يف 2 :14يف
اإلشارة إىل مؤامرة رؤساء الكهنة والكتبة يف أن ال ؽلسكوا بيسوع ويقتلوه "يف العيد" .إن كان
مرقس قد خلق تاريخ الوجبة الفصحية ،عندئذ يتوقعو ادلرء أنو قد ف ّكر بالنتائج وأنو خلق
انسجاماً أكرب يف قصتو .من الواضح إذن أن مرقس قَبِ َل فهماً للعشاء األخَت كوجبة فصحية
ومل ػلاول تغيَت القصة األساسية لآلالم على ضوء ىذه ادلعرفة ألنو كان يفكر بالصفات
الفصحية للعشاء من مفهوم الىويت ليتورجي ال من حيث التاريخ (موقع العشاء الزمٍت يف
سلسلة األحداث) .إذاً رغم أن ادلسيحيُت قد بدأوا باكراً بالظن بأن العشاء األخَت ىو عشاء
فصحي ،إال أن ىذه الصورة ال تعطينا معلومات تارؼلية بأن يسوع مات يوم 15نيسان.
ويف احلقيقة غلب أن هنجر ما يُدعى بالتأريخ اإلزائي للصلب على أنو يوم 15نيسان وىو
تاريخ مل تطبقو اإلزائية قط على اي شيء اكثر من العشاء األخَت .اإلشارة الوحيدة يف مرقس
تقع ضمن ما ذكرناه سابقاً من أن فًتة العيد كانت تذكر كفًتة احتفالية واحدة بصورة ال
ؽلكن معها معرفة أي يوم من ىذه الفًتة االحتفالية ىو ادلقصود .إن طبيعة ادلواد اليت تلي يف
11-1 :14تعٍت أنو بدون اإلشارات الفصحية ادلهيئة للعشاء يف 14-12 :14فإننا لن
نستطيع أن طلرب بدقة من مرقس عن اليوم الذي مات فيو يسوع ( 14أو 15نيسان).
الشيء نفسو ينطبق على مىت ولوقا ادلتمدين على مرقس.
إذاً الفكر الثالثة ىي أن مرقس قدم العشاء األخَت كعشاء فصحي (بناء على رؤية مسيحية
قبل األناجيل) ودونو ضمن سلسلة احلوادث يومي اخلميس واجلمعة إظلا مل ػلاول أن غلانس
بُت موقع ىذا العشاء الزمٍت وبُت الفعاليات األُخرى اليت تشَت إىل العيد .وبالتايل ،مل يذكر
مرقس قط أن عيد الفصح اليهودي قد بدأ مع غروب اخلميس ،إظلا ضلن الذين استنتجنا أن
هنار اجلمة كان واقعاً يف 15نيسان ،لكن مرقس نفسو ال يشَت إىل ىذا بصورة مباشرة أبداً.
بل على العكس ،إن األنشطة اليت يذكرىا مرقس واحلادثة هنار اجلمعة (احملاكمة ،محل
الصليب ،أناس قادمون من احلقل ،الصلب ،شراء الطيب ،فتح القرب ،دفن يسوع) ال تتفق
مع يوم عيد ،لو كان هنار اجلمعة واقعاً يف 15نيسان .أيضاً إشارات مرقس إىل "العيد" ىي
إشارات غَت دقيقة زمنياً أسوًة ببقية ادلؤرخُت كما وجدنا وال تفيدنا دبعرفة فيما إذا كانت تعٍت
اليوم السابق لعيد الفطَت ( 14نيسان) أو اليوم األول منو ( 15نيسان).
الفكرة الرابعة:
يف يوحنا )36 :1( 29 :1الرؤية البلىوتية ليسوع على أنو احلمل ذبد تعبَتاً مباشراً عندما
ػلييو ادلعمدان على أنو "محل اهلل الذي يرفع خطيئة العامل" .إصليل يوحنا ال يذكر أبداً كيف
ؽلحو يسوع احلمل خطية العامل ،لكن 1يو 7 :1و 2 :2يقوالن" :ودم يسوع ابنو يطهرنا
من كل خطية" و"ىو كفارة خطايانا ،ليس خلطايانا فقط بل خلطايا كل العامل أيضاً" .ىذه
اإلشارة إىل أن محل اهلل دبوتو ؽلحو خطايا العامل ذبد تأكيداً ذلا يف صورة احلمل الفصحي
مكملُت
ادلتكررة يف قصة اآلالم يف يوحنا .فاجلنود ال يكسرون عظماً ليسوع (يو ِّ )33 :19
"عظم ال يكسر منو" (خر 46 ،10 :12؛ العدد :9 ٌ وصفاً كتابياً للحمل الفصحي:
.)12أيضاً يُستعمل الزوىف لرفع اسفنجة شللوءة خبلً إىل شفيت يسوع ،كما أن الزوىف قد
اُستعمل لرش دم احلمل الفصحي على عتبات بيوت اإلسرائيليُت (خر .)22 :12ردبا أيضاً
باستعمال "الساعة السادسة" للحظة "استعداد الفصح" عندما ػلكم بيبلطس على يسوع
بادلوت فإن يوحنا 14 :19يشَت إىل يسوع كحمل فصحي؛ إذ يف ذلك احلُت بدأ الكهنة
يذبح احلمبلن يوم 14نيسان استعداداً للوجبة الفصحية يوم 15نيسان .وبكلمة أُخرى،
فإن يوحنا قد حبك ،مثل مرقس ،رؤية ما قبل إصليلية ليسوع على أنو محل فصحي يف قصتو.
إظلا عكس مرقس مل يفعل ىذا باإلشارة إىل العشاء األخَت ،ألنو يف قصة يوحنا ال يوجد
شيء صريح يشَت إليو كوجبة فصحية ،وال توجد إشارة إىل جسد يسوع ودمو اإلفخارستيُت
حبل زلل احلمل الناقص.
اللذين ّ
يصور اخلميس/اجلمعة للعشاء األخَت ليسوع ،واحملاكمة وادلوت على أهنا حدثت يف
يوحنا ّ
14نيسان (من غروف اخلميس إىل غروب اجلمعة) ،عشية الفصح الواقع يف 15نيسان
(البادئ مع شفق اجلمعة) .توجد إشارة واحدة فقط ىي يو 14 :19تتكلم بصورة خاصة
عن "استعداد الفصح" ،وتتعلق بيسوع ككونو احلمل الفصحي ،وىذه إشارة ضمنية خفيفة.
كل ىذا ال ػلبّذ فكرة أن يوحنا قد ألّف تسلسلو التارؼلي حبيث يوافق رؤيتو البلىوتية (بل
كان تسلسلو التارؼلي مطابقاً للتاريخ الفعلي للحوادث).
إذاً الفكر الرابعة ىي أن تأريخ يوحنا للفصح اليهودي ىو أوضح من تأريخ اإلزائية ألن
إشارات يوحنا للفصح غَت مرتبطة بالعشاء األخَت بل بصلب يسوع (احلمل الفصحي) نفسو
من جهة ويذكر يوم االستعداد للفصح قبل أن يأكلوه (يو :19 ،14 :19 ،28 :18
)553 :19 ،31من جهة أُخرى.
ذلذا توجد أسباب قوية للحكم تارؼلياً بأن تأريخ يوحنا للفصح ىو األصح وأن يسوع قد
مات يوم 14نيسان (بعد ظهر اجلمعة) ،يوم كانت احلمبلن الفصحية تُذبح يف اذليكل .ويف
العشية 15نيسان (يدعو يوحنا 14 :19استعداد الفصح) بدأت الوجبة الفصحية.
ليتورجية الكنيسة األرثوذكسية تتبٌت تأريخ يوحنا.
الزمنية دلعرفة سنة صلب ادلسيح؟ مىت ولوقا يشَتان إىل والدة يسوع قبل موت ىَتودس الكبَت
الذي تاريخ موتو سلتلف عليو إال أن الغالبية يقبلون سنة 4ق.م .ال نعرف بالضبط كم من
الزمان قبل موت ىرودس الكبَت ولد يسوع ،إال أن الكثَتين يلجأون إىل مىت 16 :2حيث
قتل ىَتودس األطفال من عمر سنتُت فما دون ذلك ،وبالتايل يقبلون بأن ادلسيح قد ولد
سنة 6ق.م.
خبلل فًتة بشارة يسوع يقول اليهود لو" :ليس لك مخسون سنة بعد" (يو .)57 :8إذا
أخذ ادلرء بعُت االعتبار صفة ادلبالغة يف ىذا القول مع وصف الوالدة لدى مىت ولوقا ،نستنتج
أن يسوع كان يبشر علنياً قبل العام .44يقول لوقا" :ودلا ابتدأ يسوع كان لو ضلو ثبلثُت
سنة" (ردبا 24م) .يف لوقا 2-1 :3أتت كلمة اهلل على يوحنا بن زكريا يف السنة اخلامسة
عشرة من سلطنة طيباريوس قيصر؛ إظلا ىذا التأريخ ال ؼللو من صعوبات .لكن الكثَتون
يقبلون ىذا التأريخ على أنو آب/أيلول سنة 29/28م .أحياناً حسابات لوقا التارؼلية غَت
دقيقة (مثبلً اإلحصاء ايام كَتينيوس) ،فضبلً عن أننا ال نعرف كم من الوقت انقضى بُت
الكلمة اليت استلمها ادلعمدان وبُت بشارة يسوع :شهور أم سنوات؟ إن حقيقة كون لوقا بعد
عشرين آية يتحول إىل يسوع قد أدت بالعديد من الدارسُت إىل ازباذ اجملال الزمٍت األصغر
و ّأرخوا بداية بشارة يسوع يف آواخر 28م؛ إظلا ىذا ال ينسجم سباماً مع فكرة لوقا :عمر
يسوع كان ضلو ثبلثُت سنة.
طهر يسوع اذليكل وتنبأ خبرابو ػلتج ادلعارضون اليهود بأن اذليكل
يف يو 20 :2عندما ّ
استغرق 46سنة لبنائو .يوسيفوس 11يعطي تارؼلُت سلتلفُت لبداية إعادة بناء اذليكل علا
22/23ق.م .و 19/20ق.م ،شلا يعٍت (بعد إضافة 46سنة) 25/24م و.28/27
ورغم أن يوحنا يضع تطهَت اذليكل يف بداية بشارة يسوع بينما يضعو اإلزائيون يف هناية حياة
يسوع على األرض ،إال أن الغالبية تقبل بتأريخ اإلزائيُت شلا يشَت إىل سنة 28كبداية لبشارة
يسوع العلنية.
فإذا بدأ يسوع بشارتو عندئذ (وتوجد "إذا" كبَتة ىنا) ،فكم دامت بشارتو قبل صلبو؟
اإلزائيون ال يقدمون ما يساعد على حسبان طول بشارتو ،إظلا من مرقس نفًتض أهنا دامت
فًتة قصَتة.
يوحنا يذكر ثبلثة أعياد فصح قبل موت يسوع :يذكر فصحاً يف 13 :2وأخر يف 4 :6
وثالثاً قبل موت يسوع يف .55 :11ىل ىذه اإلشارات إىل الفصح ىي إشارات تارؼلية يف
يوحنا أم أهنا ذكرت بسبب احلوافز الفصحية يف الىوت يوحنا؟ إن كانت تارؼلية فهل ىذه
الفصوح الثبلثة ىي الفصوح الوحيدة أثناء بشارة يسوع العلنية؟ إن كان اجلواب نعم ،فكم
من الزمان كان يسوع نشيطاً قبل الفصح األول ادلذكور؟ اجلواب يقرر فيما إذا كان علينا أن
نفكر دبدة سنتُت أو ثبلث سنوات لبشارتو .إذا أضفنا سنتُت أو ثبلث إىل ،29/28
حبسب الشهر الذي بدأ فيو يسوع بشارتو يف تلك السنوات ،فإننا طلرج بفًتة زمنية بُت 30
و 33دلوت يسوع .يف كل مرحلة من مراحل احلسابات السابقة توجد درجة من االرتياب.
Blinzlerذكر اختيار مائة من علماء الكتاب ادلقدس للسنة اليت مات فيها يسوع .مل
ؼلًت أي واحد سنة 34أو .35بينما عامل إىل ثبلثة علماء اختاروا سنوات 26أو 27أو
28أو 31أو 32أو .36ثبلثة عشر عادلاً اختاروا سنة ،29و 53عادلاً اختاروا سنة
،30و 24عادلاً اختاروا سنة .33
أن يُضاف إليو شهور منقضية لكي يتطابق مع التقومي الشمس .ػلذرنا العامل الكبَت جَتؽلايا
Jeremiasبأننا ال ظللك سجبلت تارؼلية عن إضافة الشهور ادلقتضبة يف 30-27م.
ولًتمجة التأريخ إىل شهورنا احلالية غلب أن نستعمل التقومي اجلولياين (األرثوذكسي) ال التقومي
الغريغوري (الكاثوليكي) .ذلذا من غَت ادلستغرب أن يواجو علماء الفلك صعوبات .إظلا
حبسب دراسة جَتؽلايا لدينا ما يلي :وقع 14نيسان
إذا استثنينا سنة 27م كاحتمال ضعيف فلكياً وباكراً جداً دلوت يسوع بناء على إشارات
األناجيل ،كان لدينا إذن احتماالن لوقوع 14نيسان يوم مخيس/مجعة علا حبسب التقومي
اجلولياين سنة 30م وسنة 33م .بشكل عام يوجد ميل لرفض سنة 33م إذ هبا سيكون
يسوع بعمر أكرب وتكون بشارتو أطول ،ألنو هبا سيكون بعمر 40سنة عند موتو وستكون
مدة بشارتو ضلو 4سنوات.
إذا مات يسوع سنة 30م سيكون لو من العمر آنئذ 36سنة ،وتكون مدة بشارتو تقل
قليبلً عن سنتُت .ال يوجد تاريخ من التواريخ السابقة يليب كل تفصيل يف األناجيل .إذاً
صلِب الساعة الثانية عشر
نستطيع أن نقول بدرجة عالية من اليقُت نسبياً إن الرب يسوع قد ُ
ظهراً وأسلم الروح الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم اجلمعة الواقف يف 14أبيب من العام
.1230فاجملد لطول أناتك يارب!
12مع احترامً للتدقٌق فإن اإلنجٌلٌٌن أهملوا أموراً كثٌرة بسبب حرصهم القاطع على حصرنا بأمور الخالص بٌسوع
المسٌح .ما اهتموا بإرواء عطش فضولنا .ولكن العلم هو العلم إن لم ٌتطرّف (أ.ج.).
WebSite: http://www.orthodoxonline.org
Forum: http://vb.orthodoxonline.org
Facebook: https://www.facebook.com/orthodoxonline.org
Twitter: https://twitter.com/orthodoxonline
YouTube: http://www.youtube.com/orthodoxonline