Professional Documents
Culture Documents
JCIA Volume 3 Issue 5 Pages 523-630
JCIA Volume 3 Issue 5 Pages 523-630
مقدمه
د /وفاء حسن فهمي حممد أبوعاصي
املدرس بقسم الفقه
بكلية الدراسات اإلسالمية والعربية للبنات باإلسكندرية
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
ملخص البحث
هذا بحث بعنوان :زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة ( دراسة فقهية
مقارنة) يتعرض لمسألة فقهية ثار التساؤل عنها في اآلونة األخيرة ،وهي :زكاة
رواتب الموظفين وكسب أصحاب المهن الحرة كالطبيب والمحامي وغيرهما ،
وهي أموال طيبة ينبغي أن تؤدى زكاتها ،إال أنه ال يوجد ما يدل صراحة على
كيفية تزكيتها ،مما أثار بعض التساؤالت عن كيفية تزكية هذه األموال ومعرفة
األصل الفقهي الذي يمكن تخريجها عليه ،فأصبحت الحاجة ملحـة لتناول هـذا
الموضوع بالبحث والدراسة .
وقد حصلت محاوالت من جانب بعض العلماء لتخريج هذه األموال فقهياً
والحاقها باألموال المعروفة من قبل ،وكان أبرزها :تخريجها على المال
المستفاد .
لذا فقد رأيت أن أتناول زكاة المال المستفاد بالبحث والدراسة مع كل ما
يندرج تحته ويتخرج على حكمه ،حتى تعم الفائدة ويكثر النفع ،ولكثرة ما يرد
فيه من تساؤالت وما يعتريه من لبس لدى العامة وغيرهم .
وقد تناولت في بحثي حقيقة المال المستفاد وبيان أقسامه ،ثم تكلمت
عن كيفية تزكية كل قسم من األقسام ،وأتبعت ذلك :بذكر الصور الحديثة
التي يمكن تخريجها على المال المستفاد وخالف العلماء المعاصرين في ذلك ،
وذيلت ذلك كله بخاتمة ذكرت فيها أبرز النتائج التي توصلت لها في البحث .
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
Research summary
This research is entitled: Zakat of the money used and
its contemporary applications (a comparative jurisprudence
study), which is subject to a jurisprudential question raised
in recent times: zakaah on the salaries of the employees and
the gain of the free professions such as the doctor, lawyer
and others, which is good money should be paid, Which
clearly raises the question of how to recommend it, raising
some questions about how to recommend these funds and
knowledge of the jurisprudential origin, which can be
graduated, it became urgent need to address this subject
research and study.
There have been attempts by some scholars to
graduate these funds jurisprudence and catch up with the
funds known before, and the most prominent: graduation on
the money saved.
So I saw that I take the zakat of money that is used in
research and study with everything that falls under it and
graduated from its ruling, so that the benefit is useful and
useful, and the large number of questions and the confusion
that the public and others.
In my research, I dealt with the truth of the money and
the statement of its sections. Then I spoke about how to
recommend each section. I followed that by mentioning the
modern pictures that can be produced on the money that is
used and the different contemporary scholars. search .
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
المقدمة
الحمد هلل حمدا طيبًا كثي ار ،خلق كل شيء فقدره تقدي ار ،وأبدعه تنظيما
وتدبي ار ،وأنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين بشي ار ونذي ار .
وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له ،شهادة أستزيد بها موفور
نعمه ،وأسترفد بها موفور كرمه ،وأشهد أن دمحما عبده ورسوله الفاتح لما
أغلق والخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق والهادي إلى صراطك المستقيم ،
وعلى آله وصحبه حق قدره ومقداره العظيم .
أما بعد :
فإن اإلسالم هو الدين العالمي الخالـد ،والرسالـة الخاتمة ،والنظام
األمثل الصالح لكل زمان ومكان .
ومن أجل ذلك فقد جاء اإلسالم بنظم عامة ،ووضع من األسس
والدعائم ما يصح أن ترتكز عليه سعادة البشرية ،فسن الشرائع ووضع النظم
االقتصادية والسياسية واالجتماعية التي تحقق مصلحة الفرد وتكفل له حياة
كريمة ،وتصل بالمجتمع إلى حالة من التكافل والرضا .
وكان من أروع ما سن اإلسالم من النظم االقتصادية – والتي ما زالت
تتجلى حكمها العظيمة وفوائدها الجليلة للفرد والمجتمع : -نظام الزكاة .
الركن المالي االجتماعي من أركان اإلسالم الخمسة الذي ال يستقيم
بناؤه إال بها ،وال يكمل إسالم الفرد إال بأدائها إن توافرت شروطها .
ولقد اهتم علماء اإلسالم قديما وحديثا بموضوع الزكاة ،وأحاطوه بعناية
فائقة ،وتكلموا بإسهاب وتفصيل عن كل جزئياته :من األموال التي تجب فيها
الزكاة وأنصبتها والمقادير التي يجب إخراجها والجهات التي تصرف إليها ،
فشغل فقه الزكاة حي اًز كبي ار في كتب الفقه والفتاوى والنوازل .
إال أن الحياة المعاصرة قد كشفت عن أوضاع مالية واقتصادية جديدة ال
نجد في التراث الفقهي ما
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
يعطي أجوبة مناسبة لما تطرحه من أسئلة ،وال تضع حلوال ناجعة لما
يترتب عليها من مشكالت ،وخاصة في موضوع الزكاة .
فإن هناك أمو ار تجددت وأمواال طائلة يتم اكتسابها بطرق جديدة ،وهي
أموال طيبة ينبغي أن تؤدى زكاتها ،إال أنه ال يوجد ما يدل صراحة على
كيفية تزكيتها ولعل أبرزها نوعان :
األول :نوع يباشره اإلنسان بنفسه ،ال يخضع فيه لرقيب – غير هللا
تعالى – وال يتسلط عليـه صاحب عمل ،سواء كان عمال يدوياً أم عقلياً ،
كـدخل الطبيب والمحامي والخياط والنجار وغيرهم من أصحاب المهن الحرة .
الثاني :نوع يرتبط فيـه الشخص بغيره ،سواء كان هذا الغير جهـة
حكومية أم شركة أم فرداً ،وذلك االرتباط يكون بعقـد إجارة أشخاص ،فـدخله
حينئذ يتخـذ صورة الرواتب 1واألجور والمكافآت ،وقـد يصل هذا الدخل في
الشهر الواحد إلى حد النصاب أو يزيد .
مما أثار بعض التساؤالت عن كيفية تزكية هذه األموال ومعرفة األصل
الفقهي الذي يمكن تخريجها عليه ،فأصبحت الحاجة ملحـة لتناول هـذا الموضوع
بالبحث والدراسة .
وقد حصلت محاوالت من جانب بعض العلماء لتخريج هذه األموال فقهياً
والحاقها باألموال المعروفة من قبل ،وكان أبرزها :تخريجها على المال
المستفاد .
وع ْيش رِاتب :ثاِبت دائم : ، ( )1الراتب :مأخوذ من َرتَ َب الشيء َي ْرتب رتوب ًا ،وتَ َرتَّ َبَ :ثَب َت َفَل ْم َيتَ َحر ْ
َّكَ .
( لسان العرب البن منظور ج ، 904 /1القاموس المحيط لمجد الدين دمحم بن يعقوب الشيرازي
الفيروزآبادي (ت 718هـ) –396/اعتنى به ورتبه :حسان عبد المنان – ط بيت األفكار الدولية .
َّاتب َّال ِذي َيأْخذه المستخدم أج ار على عمله (المعجم الوسيط (إبراهيم مصطفى /أحمد الزيات / و ِمنه الرِ
َ ْ
حامد عبد القادر /دمحم النجار-ج – 623 /1دار الدعوة – القاهرة ).
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
لذا فقد رأيت أن أتناول زكاة المال المستفاد بالبحث والدراسة مع كل ما
يندرج تحته ويتخرج على حكمه ،حتى تعم الفائدة ويكثر النفع ،ولكثرة ما يرد
فيه من تساؤالت وما يعتريه من لبس لدى العامة وغيرهم ،فكان ذلك سبباً
ودافعًا لي لبحث هذا الموضوع.
إشكالية البحث :تكمن إشكالية البحث في بيان حكم األموال المستفادة
بطرق جديدة من طرق
الكسب المشروع ،كالرواتب واألجور وكسب أصحاب المهن الحرة
كالطبيب والمحامي وغيرهما والتي قد تصل في الشهر الواحد إلى نصاب
أو يزيد .
الدراسات السابقة :سبق هذا البحث عدة أبحاث تناولت هذا الموضوع
من زوايا مختلفة ،منها :
-1أحكام المال المستفاد للدكتور /بسام حسن العف – أ .أحمد نصار أبو
ثريا – بحث مقدم إلى مؤتمر (نحو زكاة فاعلة تحقق مقاصدها الشرعية )-
و ازرة األوقاف والشؤون الدينية – غزة1691-هـ .
-2زكاة رواتب ودخول الموظفين الشهرية – للدكتور /مراد رايق رشيد عودة –
جامعة النجاح – فلسطين 2011م .
-6زكاة رواتب الموظفين و كسب أصحاب المهن الحرة -للدكتور /اليزيد بن
دمحم الراضي .
-9زكاة الرواتب – للدكتورة حنان رزق هللا أبو مخ – جامعة النجاح الوطنية –
فلسطين 2011م.
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
خطة البحث
يشتمل البحث على مقدمة وتمهيد وأربعة مباحث وخاتمة
أوالً :المقدمة :وتشتمل على :
الحمد والثناء ،سبب اختيار الموضوع ،الدراسات السابقة ،منهج البحث ،
خطة البحث .
ثانيًا :التمهيد :في بيان حقيقـة الموضوع وبعض األحكام المتعلقـة به :
وفيه ثالثة مطالب :
المطلب األول :تعريف الزكاة وشروط وجوبها ،ويشتمل على فرعين :
الفرع األول :تعريف الزكاة لغة وشرعًا .
الفرع الثاني :شروط وجوب الزكاة .
المطلب الثاني :بيان حقيقة المال المستفاد وأقسامه :ويشتمل على فرعين :
الفرع األول :تعريف المال المستفاد .
الفرع الثاني :أقسام المال المستفاد .
المطلب الثالث :التطبيقات المعاصرة للمال المستفاد .
ثالثاً :المبحث األول :المال المستفاد من جنس األصل ومتفرعاً عنه
ال بسببه :
أو حاص ً
ويشتمل على مطلبين :
المطلب األول :زكاة نتاج الماشية الحاصل في خالل الحول .
المطلب الثاني :زكاة ربح التجارة الحاصل في خالل الحول .
رابعاً :المبحث الثاني :زكاة المال المستفاد من خالف جنس األصل .
خامسًا :المبحث الثالث :حكم المستفاد من جنس األصل وليس متفرعًا عنه
وال حاصالً بسببه.
سادساً :المبحـث الرابع :التطبيقات المعاصرة للمال المستفاد وكيفية زكاتها :
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
التمهيـد
في بيان حقيقـة الموضوع وبعض األحكام المتعلقـة به
المطلب األول
تعريف الزكاة وشروط وجوبها
ويشتمل على فرعين :
الفرع األول :تعريف الزكاة لغة وشرعاً .
الفرع الثاني :شروط وجوب الزكاة .
الفـرع األول
تعريف الزكاة لغـة وشرعاً
أوالً :تعريف الزكاة لغة :
الزكاة في اللغة مصدر زكا ،وتطلق على عدة معان ،منها :
-تطلق على النماء والزيادة والريع :يقال زكا الزرع واألرض وغيرهما :نما ،
وكل شيء يزداد وينمو فهو يزكو زكاء ،وزكاه هللا تعالى تزكية وأزكاه :
أنماه وجعل فيه بركة .
وتنعم ،فهو زكي من -كما تطلق على الصالح :يقال زكا الرجل :صلح َّ
ّللاِ َعَل ْيك ْم َوَر ْح َمته َما َزَكا
ضل َّ ِ
قوم أزكياء ،وبه فسر قوله تعالى َ " :وَل ْوَال َف ْ
ّللا َس ِميع َعِليم "( )1أي : ّللاَ ي َزِكي َمن َي َشاء َو ََّحد أ ََبًدا َوَل ِك َّن َّ ِ
منكم م ْن أ َ
ِ
صلح .
ِِ ِ
-تطلق أيضا على الطهارة :ومنه قوله تعالى " :خ ْذ م ْن أَ ْم َواله ْم َ
ص َدَق ًة
يهم ِب َها"( )2أي :تطهرهم . ط ِهرهم وت َزِك ِ
تَ ْ َ
-المدح والثناء :يقال زكى نفسه :مدحها ،وزكى الرجل نفسه :إذا وصفها
وأثنى عليها .
-وقيل لما يخرج من المال للمساكين زكاة ؛ ألنه تطهير للمال وتثمير
وإصالح ونماء .
خرج والفعل ،فتطلق على العين ،
والزكاة من األسماء المشتركـة بين الم َ
المزكى بها ،وتطلق على المعنى ،وهو التزكيـة ،وبه َّ وهي الطائفة من المال
اعلو َن " ،فإنما أراد به التزكية
()1 ف ِسـر قوله تعالى " :و َّالِذين هم ِل َّلزَك ِاة َف ِ
َ َ ْ
()2
ال العين ،فالزكاة طهرة لألموال ،وزكاة الفطر طهرة لألبدان .
ثانياً :تعريف الزكاة اصطالحاً :عرفها الفقهاء بعدة تعريفات متقاربة ،منها:
أوالً :تعريف الحنفية :هي تمليك المال من فقير مسلم غير هاشمي وال مواله
بشرط قطع المنفعة عن المملك من كل وجه هلل تعالى(. )6
ثانيًا :تعريف المالكية :هي إخراج مال مخصوص من مال مخصوص بلغ
نصاباً لمستحقه إن تم الملك وحول غير معدن وحرث (.)9
ثالثًا :تعريف الشافعية :اسم ألخذ شيء مخصوص من مال مخصوص على
أوصاف مخصوصة لطائفة مخصوصة (.)5
رابعًا :تعريف الحنابلة :حق يجب في مال خاص ،لطائفة مخصوصة ،في
( )1المبدع في شرح المقنع إلبراهيم بن دمحم بن مفلح برهان الدين (ت779 :هـ) ج - 241 /2الطبعة:
األولى 1917 -هـ 1448 -م -دار الكتب العلمية ،بيروت – لبنان ،الروض المربع شرح زاد
المستقنع لمحمد بن يونس البهوتي – 163 /تحقيق :عماد عامر – 1925هـ2009 -م – دار
الحديث – القاهرة .
( )2ويراجع :مقارنات في زكاة األموال الحولية – د.مصباح المتولي السيد حماد /ص – 9مجلة الشريعة
والقانون .
( )6جزء اآلية ( )64من سورة سبأ .
( )9صدر اآلية ( )106من سورة التوبة .
( )5المبسوط لمحمد بن أحمد بن أبي سهل شمس األئمة السرخسي (ت976 :هـ) ج - 194/2طبعة
1919هـ 1446 -م -دار المعرفة – بيروت ،االختيار لتعليل المختار لعبد هللا بن محمود بن
مودود ج -163 /1حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه :علي عبد الحميد أبو الخير – دمحم وهبي
=
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
الفرع الثاني
شـروط وجـوب الزكاة
اختلف الفقهاء في شروط وجوب الزكاة ،و أهم هذه الشروط :
األول :الحرية :فال تجب الزكاة على العبد ولو مكاتباً ؛ ألنه ال يملك،
والسيد مالك لما في يد عبده ،والمكاتب ونحوه وإن ملك ،إال أن ملكه ليس تاماً
بدليل أن لسيده انتزاع ماله (.)1
()2
الثاني :اإلسالم :فال تجب الزكاة على كافر باإلجماع ؛ ولو مرتداً
()6
فال يقضيها إذا أسلم -خالفاً للشافعيـة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
=
سليمان – الطبعة األولى – 1914هـ 1447 -م -دار الخير -دمشق -بيروت ،شرح الزرقاني
على موطأ اإلمام مالك لمحمد بن عبد الباقي بن يوسف الزرقاني ج - 168 /2تحقيق :طه عبد
الرءوف سعد -الطبعة :األولى1929 ،هـ 2006 -م -مكتبة الثقافة الدينية – القاهرة .
( )1بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ألبي بكر بن مسعود الكاساني (578هـ)ج - 640 -674/2ضبط
نصه وحققه :د.دمحم دمحم تامر – دمحم السعيد الزيني – وجيه دمحم علي – طبعة 1923هـ2005 -م-
دار الحديث – القاهرة ،
االختيار البن مودود ج ، 163 /1الشرح الصغير ألحمد بن دمحم بن أحمد الدردير بهامش بلغة السالك
ج -203 /1الطبعة األخيرة – مطبعة مصطفى البابي الحلبي – مصر ،القوانين الفقهية لمحمد بن
أحمد بن جزي (ت 891هـ) – 77 /دار الفكر ،المعونة على مذهب عالم المدينة للقاضي عبد
الوهاب البغدادي(922هـ)ج-285 /1تحقيق ود ارسـة :حميش عبد الحق – الطبعة األولى –
1926هـ2006 -م -مكتبـة نزار مصطفى الباز ،حاشية إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين
ألبي بكر عثمان بن دمحم شطا الدمياطي البكري (1600هـ) ج– 663 /2حققه وخرج أحاديثه :عبد
الحكيم دمحم عبد الحكيم -المكتبة التوفيقية – مصر ،منار السبيل للشيخ إبراهيم بن دمحم بن ضويان
(ت1656هـ) ج – 134 /1خرج أحاديثه :فريد عبد العزيز الجندي – طبعة 1922هـ 2001 -م –
دار الحديث ،العدة شرح العمدة لبهاء الدين عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسي -165 /تحقيق :أحمد
بن علي – طبعة 1929هـ .
( )2يراجع :بدائع الصنائع للكاساني ج ، 676 /2االختيار البن مودود ج ، 163 /1بداية المجتهد
ونهاية المقتصد لمحمد بن أحمد بن رشد الشهير بالحفيد (ت 545هـ)ج – 626 /1شرح وتحقيق :
رضوان جامع رضوان – الطبعة األولى – 1918هـ 1448 -م -مكتبة اإليمان – المنصورة ،
القوانين الفقهية البن جزي ، 77 /المجموع شرح المهذب للنووي ج ، 628 /5حاشية إعانة الطالبين
على حل ألفاظ فتح المعين للدمياطي البكري ج ، 665 /2منار السبيل البن ضويان ج، 134 /1
العدة شرح العمدة لبهاء الدين عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسي -165 /تحقيق :أحمد بن علي –
طبعة 1929هـ 2006 -م -دار الحديث .
( )6بدائع الصنائع للكاساني ج ، 679 /2الروض المربع للبهوتي . 163 /
=
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
صَّلى ِ ِ دليلــه :ما روي َع ِن ْاب ِن َعبَّاس ،أ َّ
الَ :ب َعثَني َرسول هللا َ َن م َعا ًذاَ ،ق َ
اب َ ،ف ْادعه ْم ِإَلى َش َه َاد ِة َه ِل اْل ِكتَ ِ ِ ِ ِ َّ
الِ « :إَّن َك تَأْتي َق ْو ًما م ْن أ ْ هللا َعَل ْيه َو َسلمَ َ ،ق َ
ض هللا ا ْفتَ َر َ
َن َ َعِل ْمه ْم أ َّ ِِ
طاعوا ل َذل َكَ ،فأ ْ َن َال ِإَل َه ِإ َّال هللا َوأَِني َرسول هللاَِ ،فِإ ْن ه ْم أَ َ أ َّ
َن هللاَ طاعوا ِل َذِل َكَ ،فأَ ْعِل ْمه ْم أ َّ صَل َوات ِفي ك ِل َي ْوم َوَلْيَلةَ ،فِإ ْن ه ْم أَ َ ِ
َعَل ْيه ْم َخ ْم َس َ
()1
َغِن َي ِائ ِه ْم َفت َرد ِفي فَق َرِائ ِه ْم »
ص َدَق ًة ت ْؤ َخذ ِم ْن أ ْ ِ
ض َعَل ْيه ْم َا ْفتَ َر َ
مطهرة وهـو ليس من أهل الطهر( ،)2وألنها من فـروع ِ ألنها عبادة
()6
االسالم ،فأشبهت الصيام
الثالث والرابع :البلوغ والعقل :شرط عند الحنفية ،فال زكاة على صبي
ومجنون في مالهما؛ ألنهما غير مخاطبين بأداء العبادة كالصالة والصوم ،
()9
. وهي من أعظم العبادات ؛ ألنها أحد مباني اإلسالم وأركانه
صَّلى هللا َعَل ْي ِه َو َسَّل َم ولما روي َع ْن َعِلي (رضي هللا عنه)َ ،ع ِن َِّ
النب ِي َ
الصِب ِي َحتَّى َي ْحَتِل َم، الن ِائ ِم َحتَّى َي ْستَْيِق َ
ظَ ،و َع ِن َّ ال " :رِف َع اْلَقَلم َع ْن ثَ َالثَةَ :ع ِن َّ
َق َ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
=
أماالشافعية فقالوا :إن فيه تفصيالً :فإن ارتد بعد أن وجبت عليه الزكاة أخذت منه مطلقاً ،سواء أسلم
أم ال ،وإن وجبت عليه بعد أن ارتد فتوقف كبقية أمواله ،إن عاد إلى اإلسالم لزمه أداؤها لتبين
ملكه ( .حاشيـة إعانـة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين ألبي بكر عثمان بن دمحم شطا الدمياطي
البكري (ت1600هـ) ج –663 - 665 /2حققه وخرج أحاديثه :عبد الحكيم دمحم عبد الحكيم –
المكتبة التوفيقية – القاهرة )
( )1أخرجه دمحم بن إسماعيل البخاري(ت 253هـ) في صحيحه ج -)1645( 680 /1كتاب الزكاة – باب
وجوب الزكاة –حققه :طه عبد الرؤوف سعد – مكتبة اإليمان -المنصورة ،وأخرجه مسلم بن
الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (ت231 :هـ) في صحيحه بلفظه ج– 67-68 /1كتاب
اإليمان – باب األمر باإليمان باهلل ورسوله وشرائع الدين والدعاء إليه -دار الفكر -بيروت .
( )2القوانين الفقهية البن جزي . 77/
( )6منار السبيل البن ضويان ج ، 134 /1العدة لبهاء الدين المقدسي . 165/
( )9االختيار البن مودود ج ،168 /1بدائع الصنائع للكاساني ج. 677-673 /2
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
وقال الجمهور :ال يشترط البلوغ والعقل لوجوب الزكاة ،فتجب الزكاة في
مال الصبي والمجنون ،ويخرجها الولي من مالهما( )2لما روي عن عمرو بن
شعيب عن أبيه عن جده عن النبي( صلى هللا عليه وسلم) قال « :أ ََال َم ْن َوِلي
َ ()6
الص َدَقة» يِتيما َله مال َفْليتَّ ِجر ِف ِ
يهَ ،وَال َي ْترْكه َحتَّى تَأْكَله َّ َ ْ َ َ ً
الخامس :كون المال نصابًا أو مقدا ًار بقيمة نصاب(:)9
فال تجب الزكاة فيما دون النصاب ،ألنها ال تجب إال على الغني ،
والغنى ال يحصل إال بالمال الفاضل عن الحاجة األصلية ،وما دون النصاب
ال يفضل عن الحاجة األصلية ،فال يصير الشخص غنياً به (.)5
أخرجه أبو داود سليمان بن األشعث السجستاني (ت 285هـ) في سننه بلفظه ج-)9906( 246 /9 ()1
كتاب الحدود – باب في المجنون يسرق أو يصيب حداً – الطبعة األولى – 1966هـ 2012 -م –
مكتبة الطبري – مصر ،و دمحم بن عيسى بن َس ْورة بن موسى بن الضحاك ،الترمذي ،أبو عيسى
(ت284 :هـ) في سننه ج -)1926( 62/9أبواب الحدود -باب ما جاء فيمن ال يجب عليه الحد
-تحقيق وتعليق :إبراهيم عطوة عوض – الطبعة الثانية 1645-هـ 1485 -م -مكتبة ومطبعة
مصطفى البابي الحلبي – مصر ،وصححه األلباني .
المعونة للقاضي عبد الوهاب ج ، 283 /1الشرح الصغير للدردير بهامش بلغة السالك ج، 203 /1 ()2
المجموع للنووي ج ، 624 /5إعانة الطالبين للدمياطي ج ، 665 /2نيل المآرب لعبد القادر بن
عمر التغلبي ج -182 /1طبعة دار إحياء الكتب العربية ،منار السبيل البن ضويان ج. 181 /1
أخرجه الترمذي في سننه ج– )391( 26 /6أبواب الزكاة -باب ما جاء في زكاة مال اليتيم ، ()6
ون َما أَ ْكثَر أَه ِل ِ ِ
الحديث َفَي ْحتَج َ
َ ْ وبعد أن ذكر أن في اسناده مقال ،وأن بعضهم ضعفه قال َ :وأ َّ
ِ ِ ِ
ِس َحاق َو َغ ْيره َما ،وأخرجه الدار قطني في سننه َح َمدَ ،وإ ْ ِب َحديث َع ْم ِرو ْب ِن ش َع ْيبَ ،وي ْثِبت َ
ونه م ْنه ْم :أ ْ
ج -)1480( – 5 /6كتاب الزكاة -باب وجوب الزكاة في مال الصبي واليتيم .
حاشية رد المحتار على الدر المختار البن عابدين ،دمحم أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين ()9
الدمشقي الحنفي (ت1252 :هـ) ج - 254 /2الطبعة الثانية 1912 -هـ 1442 -م -دار الفكر-
بيروت ،تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق لعثمان بن علي بن محجن ،فخر الدين الزيلعي (ت 896
هـ) ج – 256 /1الطبعة األولى – 1616هـ -المطبعة الكبرى األميرية ،القوانين الفقهية البن جزي
، 77/بداية المجتهد البن رشد الحفيد ج ، 626 /1الشرح الصغير للدردير بهامش بلغة السالك
ج ، 203 /1اإلقناع في حل ألفاظ أبي شجاع للخطيب الشربيني مع حاشية البجيرمي ج– 613 /2
طبعة 4141هـ 4991 -م – دار الفكر ،مغني المحتاج لمحمد الشربيني الخطيب ج -687 /1طبعة
1688هـ1457 -م – مطبعة مصطفى البابي الحلبي ،المبدع البن مفلح ج ، 245 /2منار السبيل
البن ضويان ج. 134 /1
بدائع الصنائع للكاساني ج. 919 /2 ()5
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
( )1حاشية رد المحتار على الدر المختار البن عابدين ج ، 254 /2بلغة السالك على الشرح الصغير
ألحمد بن دمحم الصاوي ج – 203 /1مطبعة مصطفى البابي الحلبي .
( )2أخرجه البخاري في صحيحه ج – )1998( – 676 /1كتاب الزكاة – باب زكاة الورق .
( )6االختيار البن مودود ج ، 167 - 168 /1حاشية رد المحتار البن عابدين مع الدر المختار ج/2
، 254بداية المجتهد ج ، 626 /1بلغة السالك على الشرح الصغير ألحمد بن دمحم الصاوي ج/1
، 203إعانة الطالبين للدمياطي ج ، 669 /2المبدع البن مفلح ج ، 243 /2اإلقناع للخطيب مع
حاشية البجيرمي ج ، 615/2نيل المآرب لعبد القادر التغلبي ج ، 182 /1منار السبيل البن
ضويان ج. 134 /1
( )9المبدع البن مفلح ج. 243 /2
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
( )1حاشيـة رد المحتار البن عابدين ج ، 254 /2بدائع الصنائع للكاساني ج ، 904 /2القوانين الفقهية
البن جزي ، 77/الشرح الصغير للدردير ومعه بلغة السالك ج ، ، 203 /1اإلقناع للخطيب مع
حاشية البجيرمي ج، 617 /2مغني المحتاج للخطيب ج ، 687 /1الروض المربع للبهوتي 163 /
،منار السبيل البن ضويان ج. 180 /1
ال ،قال في
( )2أخرجه ابن ماجه في سننه ج – )1842( -581 /1كتاب الزكاة – باب من استفاد ما ً
الزوائد :هذا إسناد فيه حارثة ،وهو ابن أبي الرجال ضعيف ( ،مصباح الزجاجة في زوائد ابن
ماجة ج – 78 /2كتاب الزكاة – باب من استفاد ماالً ،والدار قطني في سننه ج( -934 /2
– )1774باب وجوب الزكاة بالحول ،والبيهقي في السنن الكبرى ج -) 8289( -130 /9باب ال
زكاة في مال حتى يحول عليه الحول ،قال البيهقي (رحمه هللا) :رواه أبو معاوية وه َريم بن سفيان
وأبو كدينة عن حارثة مرفوعاً ،ورواه الثوري عن حارثة موقوفاً على عائشة ،وحارثة ال يحتج بخبره
،واالعتماد في ذلك على اآلثار الصحيحة فيه عن أبي بكر وعثمان بن عفان وعبد هللا بن عمر
وغيرهم .
( )6بدائع الصنائع للكاساني ج. 904 /2
( )9المعونة للقاضي عبد الوهاب ج. 235 /1
( )5الشرح الصغير للدردير بهامش بلغة السالك ج، 208 /1
( )3بدائع الصنائع للكاساني ج ، 640 /2االختيار البن مودود ج ، 168 /1القوانين الفقهية ، 77/
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
والكسوة ،وألن الملك ناقص ألن للغريم أخذه منه بغير قضاء وال رضى ،
والزكاة وجبت شك ًار للنعمة الكاملة ،وألن هللا جعله مصرفًا للزكاة بقوله
" والغارمين " ،وبين وجوبها عليه وجواز أخذها تناف (.)1
التاسع :الزيادة عن الحاجات األصلية( :)2اشترط الحنفية كون المال
الواجب فيه الزكاة فارغًا عن الدين فائضًا عن حوائجه األصلية(.)6
صَّد ْق َعَل ْي َهاَ ،فِإ ْن ِ ِ
دليلـه :قوله (صلى هللا عليه وسلم ) " ْاب َدْأ ب َنْفس َك َفتَ َ
َهِل َك "(. )9 ِ
ض َل َش ْيء َفأل ْ
َف َ
فيه دليل على وجوب تقدم الحوائج األصلية ،وألن به يتحقق الغنى
ومعنى النعمة وهو التنعم ،وبه يحصل األداء عن طيب نفس ؛ ألن المال
المحتاج إليه حاجة أصلية ال يكون صاحبه غنياً عنه ؛ ألنه من ضرورات
حاجة البقاء وقوام البدن فكان شكره شكر نعمة البدن (. )5
والحاجات األصلية هي :دور السكنى وثياب البدن وأثاث المنزل ،
ودواب الركوب ،وكتب الفقهاء وغير ذلك مما البد منه في معاشه(. )3
العاشر :اشترط المالكية :كون المال مما تجب فيه الزكاة ،وهو ثالثة
أصناف :العين والحرث والماشية ،وما يرجع إلى ذلك بالقيمة كالتجارة ،
فال تجب في الجوهر والعروض وال أصول األمالك وال الخيل وال العبيد
وال العسل واللبن وال غير ذلك إال أن يكون للتجارة (.)8
( )1االختيار البن مودود ج ، 168 /1بدائع الصنائع للكاساني ج. 641 /2
( )2بدائع الصنائع للكاساني ج، 902 /2
( )6االختيار البن مودود ج. 167 /1
( )9أخرجه مسلم في صحيحه بلفظه المجلد الثاني ج - 87/6كتاب الزكاة -باب االبتداء في الصدقة
بالنفس ثم أهله ثم القرابة .
( )5بدائع الصنائع للكاساني ج. 902 /2
( )3االختيار البن مودود ج. 167 /1
( )8القوانين الفقهية البن جزي 77 /
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
المطلب الثاني
تعريف المال المستفاد وبيان أقسامه
ويشتمل على فرعين :
الفرع األول :تعريف المال المستفاد .
الفرع الثاني :أقسام المال المستفاد .
الفرع األول
تعريف المال المستفاد
أوالً :تعريف المال المستفاد :هو مركب إضافي من جزئين ،يلزم
للوقوف على حقيقته تعريف كل جزء على حدة ،ثم تعريفهما معاً .
أوالً :تعريف المال :
لغة :ما ملكته من كل شيء ،والجمع أموال( ،)1قال ابن األثير والمال
في األصل ما يملك من الذهب والفضة ،ثم أطلق على كل ما يقتنى ويملك
من األعيان ،وأكثر ما يطلق المال عند العرب على اإلبل ؛ ألنها كانت أكثر
()2
أموالهم .
ذكر الفقهاء تعريفات كثيرة للمال يرجع تعريف المال اصطالحاً:
معظمها إلى قول اإلمام الشافعي (رحمه هللا) ( :ال يقع اسم مال إال على ما له
متلفه ،وإن قلت :وماال يطرحه الناس مثل الفْلس وما
قيمة يباع بها ،وتلزم َ
أشبه ذلك ) (.)6
( )1القاموس المحيط للفيروزآبادي /ص ، 1337لسان العرب البن منظور ج – 363 /11باب الالم –
فصل الميم – مادة ( م و ل) .
( )2المرجع السابق .
()6األشباه والنظائرلعبد الرحمن بن أبي بكر جالل الدين السيوطي (ت411 :هـ) - 628 /الطبعة:
األولى1911 ،هـ 1440 -م -الناشر :دار الكتب العلمية .
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
وقوله :له قيمة :أي منتفعًا به أو مستعدًا ألن ينتفع به ،وهو إما
()1
. أعيان أو منافع
وهذا المعنى هو المأخوذ به قانوناً ،فالمال في القانون هو :كل ذي
قيمة مالية (.)2
()6
(رحمه هللا) بأنه :ما يميل إليه الطبع ويمكن وعرفه ابن عابدين
()9
. ادخاره لوقت الحاجة ،والمالية تثبت بتمول الناس كافة أو بعضهم
والمال بطبيعته محل الملكية إال إذا وجد مانع من الموانع ،وهو في
الغالب محل المعامالت المدنية كالبيع واإليجار والشركة والوصية ونحوها ،
وهو أيضًا عنصر ضروري من من ضرورات الحياة أو المعيشة التي ال غنى
عنها لإلنسان (.)5
( )1المنثور في القواعد الفقهية لبدر الدين دمحم بن عبد هللا بن بهادر الزركشي (ت849 :هـ) ج- 222 /6
الطبعة :الثانية1905 ،هـ 1475 -م -الناشر :و ازرة األوقاف الكويتية .
( )1الفقه اإلسالمي وأدلته لوهبة الزحيلي ج -. 1788 -1782 /4الطبعة الرابعة -دار الفكر -سوريا .
( )6ابن عابدين :دمحم أمين بن عمر بن عبد العزيز ،ولد بدمشق 1147هـ وحفظ القرآن وهو صغير ،
ثم اشتغل بطلب العلم مع االجتهاد حتى تفنن وأفتى ودرَّس و َّألف التآليف ،منها حاشية رد المحتار
على الدر المختار وحاشية على البحر الرائق ،توفي سنة (1252هـ ( .األعالم لخير الدين الزركلي
ج – 92 /3طبعة دار العلم للماليين ،معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة المجلد الخامس ج88 /4
– طبعة دار إحياء التراث العربي – بيروت )
( )9حاشية رد المحتار البن عابدين ج -501 / 9الطبعة :الثانية1912 ،هـ 1442 -م ،البحر الرائق
شرح كنز الدقائق لزين الدين بن إبراهيم بن دمحم ،المعروف بابن نجيم المصري (ت480 :هـ) ج/5
-288دار الكتاب اإلسالمي .
وللوقوف على مزيد من التعريفات للمال ،يراجع ( :الموافقات إلبراهيم بن موسى بن دمحم اللخمي
الغرناطي الشهير بالشاطبي (ت 840هـ)ج – 62 /2المحقق :أبو عبيدة مشهور بن حسن آل
سليمان – الطبعة األولى – 1918هـ1448 -م -دار ابن عفان ،أحكام القرآن للقاضي دمحم بن عبد
هللا أبو بكر بن العربي (ت596هـ)ج – 108 /2راجع أصوله وخرج أحاديثه وعلق عليه :دمحم عبد
القادر عطا – الطبعة الثالثة – 1929هـ2006 -م – دار الكتب العلمية – بيروت ،شرح منتهى
اإلرادات لمنصور بن يونس البهوتي الحنبلي ( 1051هـ) ج /2ص– 8الطبعة األولى 1919هـ-
1446م – عالم الكتب )
( )5الفقه اإلسالمي وأدلته لوهبة الزحيلي ج. 2785 / 9
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
( )1لسان العرب البن منظور ج ، 691 /6تهذيب اللغة لمحمد بن أحمد بن األزهري (ت 680هـ) ج/19
– 167المحقق :دمحم عوض مرعب – الطبعة األولى – 2001م – دار إحياء التراث العربي –
بيروت ،مجمل اللغة ألحمد بن فارس بن زكريا القزويني (ت 645هـ) ج – 807 /1دراسة وتحقيق
:زهير عبد المحسن سلطان – الطبعة الثانية – 1903هـ 1473 -م -مؤسسة الرسالة .
( )2زكاة رواتب الموظفين وكسب أصحاب المهن الحرة للدكتور :اليزيد بن دمحم الراضي /ص– 13
بدون طبعة.
( )6زكاة رواتب ودخول الموظفين الشهرية للدكتور :مراد رايق رشيد عودة /ص1962 - 8هـ -
2011م – جامعة النجاح الوطنية – غزة ،زكاة المال المستفاد للدكتور :بسام حسن العف – أ:
أحمد نصار أبو ثريا – بحث مقدم إلى مؤتمر " نحو زكاة فاعلة تحقق مقاصدها الشرعية " /ص 6
-و ازرة األوقاف والشؤون الدينية – غزة ،زكاة الرواتب للدكتورة :حنان رزق هللا أبو مخ /ص - 8
بحث مقدم إ لى مؤتمر الزكاة بعنوان ( زكاة دخول الموظفين والمهن الحرة) -جامعة النجاح الوطنية
– 1962هـ 2011 -م – فلسطين .
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
الفرع الثاني
أقسام المال المستفاد
قسم الفقهاء المال المستفاد – في أثناء الحول -إلى ثالثة أقسام :
القسم األول :أن يكون المال المستفاد من جنس مال عنده و متفرعًا
عنه كنسل الماشية ،أو حاصالً بسببه كربح أموال التجارة .
القسم الثاني :أن يكون من خالف جنس المال الذي عنده ،كأن يكون
عنده إبل واستفاد بق اًر ،أو عنده بقر واستفاد غنماً ،وهكذا .
القسم الثالث :أن يكون المال المستفاد من جنس مال عنده لكنه ليس
ال بسببه ،بل حصل بسبب مستقل كالمال المشترى
متفرعًا منه وال حاص ً
والموروث والموهوب والموصى به وغير ذلك (.)1
ولكل قسم من هذه األقسام حكمه عند الفقهاء ،وسيأتي تفصيل حكم
كل منها .
( )1يراجع :بدائع الصنائع للكاساني ج ، 904 / 2تحفـة الفقهاء لعالء الدين السمرقندي (ت564هـ)ج/1
– 966 -962حققـه وعلق عليه :د.دمحم زكي عبد البر – الطبعة الثالثة – 1914هـ1447 -م –
مكتبـة دار التراث – القاهرة ،جامع األمهات لعثمان بن عمر =جمال الدين بن الحاجب
(ت393هـ)-193 -195 /المحقق :أبو عبد الرحمن األخضر األخضري -الطبعـة الثانية –
1921هـ2000 -م-دار اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع ،عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم
المدينة لجالل الدين عبد هللا بن نجم بن شاس ()313ج -262 /1دراسة وتحقيق :أ .د .حميد بن
دمحم لحمر -الطبعـة :األولى 1926 ،هـ 2006 -م -الناشر :دار الغرب اإلسالمي ،بيروت –
لبنان ،مغني المحتاج للخطيب ج ، 644-687 /1شرح منهج الطالب لجالل الدين المحلي بهامش
حاشيتا قليوبي وعميرة ج - 16،19،24/1طبعة دار إحياء الكتب العربية ،المغني لموفق الدين عبد
هللا بن أحمد بن دمحم بن قدامة المقدسي (ت 320هـ) ج – 937 /2طبعة 1677هـ 1437 -م-
مكتبة القاهرة ،الشرح الكبير على متن المقنع لعبد الرحمن بن دمحم بن قدامة (ت 372هـ )ج/2
– 957 -958أشرف على طباعته :دمحم رشيد رضا – دار الكتاب العربي .
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
المطلب الثالث
التطبيقات المعاصرة للمال المستفاد
سبق ذكر أن الحياة المعاصرة قد كشفت عن أوضاع مالية
واقتصادية جديدة ال نجد في التراث الفقهي ما يعطي أجوبة مناسبة لما تطرحه
من أسئلة ،وال تضع حلوالً ناجعة لما يترتب عليها من مشكالت ،وخاصة في
موضوع الزكاة .
فإن هناك أمو ار تجددت وأمواالً طائلة يتم اكتسابها بطرق جديدة ،وهي
أموال طيبة ينبغي أن تؤدى زكاتها ،إال أنه ال يوجد ما يدل صراحة على
كيفية تزكيتها ،ولعل أبرزها نوعان :
األول :نوع يباشره اإلنسان بنفسه ،ال يخضع فيه لرقيب – غير هللا
ال يدويًا أم عقليًا ،
تعالى – وال يتسلط عليـه صاحب عمل ،سواء كان عم ً
كـدخل الطبيب والمحامي والخياط والنجار وغيرهم من أصحاب المهن الحرة .
وهذه األموال تشكل اليوم موارد ضخمة ومتجددة لدى عدد ليس بالقليل
من أصحاب هذه الفئات .
الثاني :نوع يرتبط فيـه الشخص بغيره ،سواء كان هذا الغير جهـة
حكومية أم شركة أم فردًا ،وذلك االرتباط يكون بعقـد إجارة أشخاص ،فـدخله
حينئذ يتخـذ عدة صور ،منها :
-1األجور والرواتب :التي يتقاضاها الموظفون والعمال مقابل عملهم بشكل
ثابت ومنظم .
-2مكافأة نهاية الخدمة :وهي مبلغ مالي مقطوع يستحقه العامل – سواء كان
موظفًا ضمن مؤسسات الدولة أو ضمن الشركات األخرى -على رب
العمل في نهاية خدمته يدفع دفعة واحدة بمقتضى القوانين واألنظمة .
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
( )1يراجع :الفقه اإلسالمي وأدلته للدكتور وهبة الزحيلي ج ، 8497 /10الفقه الميسر :أ .دَ .عبد هللا
الموسى ج -41 /4الناشر: َ محمد بن إبراهيم
بن دمحم الطيار ،أ .د .عبد هللا بن محمد المطلق ،دَّ .
الوطن للنَّشر ،الرياض -المملكة العربية السعودية ،زكاة المال المستفاد لبسام حسن العف /
َم َدار َ
ص. 5،3
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
المبحث األول
المال المستفاد من جنس األصل ومتفرعًا عنه أو حاصالً بسببه
هذا هو القسم األول من أقسام المال المستفاد ،وهو ما كان من جنس
المال الذي عنده (األصل) ،وهو إما متفرعًا عنه أي متولدًا منه وذلك مثل :
ال بسببه مثل :ربح التجارة ،ولكل منهما نتاج الماشية ،وإما أن يكون حاص ً
حكمه ،والكالم فيه يشتمل على مطلبين :
المطلب األول :زكاة نتاج الماشية الحاصل في خالل الحول .
المطلب الثاني :زكاة ربح التجارة الحاصل في خالل الحول .
المطلب األول
زكاة نتاج الماشية الحاصل في خالل الحول
من كانت له ماشية مما تجب فيها الزكاة فولدت في خالل الحول ،فهل
يضم هذا النتاج إلى األمهات ويزكى على حولها ،أم يستأنف له حول جديد ؟
اختلف الفقهاء في ذلك على ثالثة آراء :
الرأي األول :وهو رأي جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية
والحنابلة ،ورأي عمر وعلي (رضي هللا عنهما) وال يعرف لهما مخالف من
الصحابة :
يرى أصحاب هذا الرأي أن نتاج الماشية الحاصل في أثناء الحول يضم
إليها ويزكى على حولها ،وال يستأنف له حول جديد(. )1
( )1بدائع الصنائع للكاساني ج ، 904 /2البناية للعيني ج ، 656 /6شرح الخرشي على مختصر خليل
لمحمد بن عبد هللا الخرشي(ت 1101هـ) ج – 194 /2دار الفكر – بيروت ،المعونة على مذهب
عالم المدينة للقاضي عبد الوهاب البغدادي (ت 922هـ) ج – 274 -277 /1تحقيق ودراسة :
حميش عبد الحق – الطبعة األولى – 1926هـ 2006 -م – مكتبة نزار مصطفى الباز ،أسنى
المطالب لزكريا بن دمحم األنصاري(ت 423هـ) ج -656 /1دار الكتاب اإلسالمي ،حاشية البجيرمي
على شرح منهج الطالب لسليمان بن عمر البجيرمي (ت 1221هـ)ج – 16 /2طبعة 1634هـ-
1450م – مطبعة الحلبي ،المغني البن قدامة ج ، 937 /2شرح الزركشي لشمس الدين دمحم بن
عبد هللا الزركشي المصري الحنبلي (المتوفى882 :هـ) -ج - 920 /2الطبعة :األولى 1916 ،هـ -
1446م -دار العبيكان .
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
()1
. قال ابن قدامة (رحمه هللا) ( :ال نعلم فيه خالفًا )
لكن ضم النتاج إلى األمهات مقيد – عند الحنفية والشافعية والحنابلة
في الصحيح من المذهب وقول إسحاق وأبي ثور (رحمهم هللا) -بما إذا كان
األصل – أي األمهات – نصابًا (.)2
ومعنى ذلك :أنه لو ملك نصاباً من الماشية فنتجت في أثناء الحول
()6
. حتى بلغت النصاب الثاني فإنها تضم إلى األمهات وتزكى على حولها
()9
في اليوم كما لو كان في ملكه مائتان من الغنم فنتجت سخلة
األخيرمن الحول فيجب في المال ثالث شياة ،ولوال هذه السخلة لكان واجب
()5
. المائتين شاتين
أما لو كانت األمهات دون النصاب ثم توالدت في الحول حتى بلغت
بالنتاج نصابًا :فالحول يبدأ من وقت كمال النصاب (.)3
كما لو كان يملك تسعاً وثالثين من الغنم فنتجت سخلة :فينعقد ابتداء
()8
. الحول من هذا الوقت ،وهو وقت كمال النصاب
( )1المرجع السابق ، 121 -120 /بحر المذهب للروياني ج. 66 /6
( )2المعونة للقاضي عبد الوهاب ج ، 274 /1مواهب الجليل للحطاب ج ، 258 /2حاشية الدسوقي
لمحمد عرفة الدسوقي (ت 1260هـ) ج1961 – 962 /1هـ2010 -م – مطابع أخبار اليوم ،
المغني البن قدامة ج. 951 /2
( )6البناية للعيني ج ، 659 /6اإلشراف على نكت مسائل الخالف ج ، 683 /1المعونة للقاضي عبد
الوهاب البغدادي ج ، 274 /1المجموع للنووي ج ، 689 /5المحلى لمحمد بن علي بن حزم
الظاهري ج. 72 /9
()9اإلنصاف في معرفة الراجح من الخالف لعالء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي (ت:
775هـ) ج – 60/6الطبعة الثانية – دار إحياء التراث العربي .
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
( )1بداية المجتهد ونهاية المقتصد البن رشد الحفيد ج. 658-653 /1
( )2الشرح الممتع على زاد المستقنع البن عثيمين ج. 14 /3
( )6أخرجه البخاري في صحيحه بلفظه ج)1959( -673 – 675 /1كتاب الزكاة – باب زكاة الغنم ،
سنن أبي داود المجلد األول ج – )1538( – 272 /1كتاب الزكاة – باب في زكاة السائمة .
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
( )1المعونة للقاضي عبد الوهاب ج ، 274 /1االشراف على نكت مسائل الخالف ج. 688 /1
ان ْب ِن َع ْب ِد هللا الثقفي :له صحبة ورواية وكان عامالً لعمر بن الخطاب على الطائف .وكان في ( )2س ْفَي َ
ّللا َعَل ْي ِه وسلم (.الطبقات الكبرى لمحمد بن سعد بن منيع
صَّلى َّ
َ - ّللاِ
َّ الوفد الذين َق ِدموا َعَلى رس ِ
ول َ
البصري المعروف بابن سعد (المتوفى260 :هـ)ج - 52/3تحقيق :دمحم عبد القادر عطا -الطبعة:
األولى 1910 ،هـ 1440 -م -دار الكتب العلمية – بيروت ،أسد الغابة في معرفة الصحابة
لعلي بن أبي الكرم دمحم بنن عبد الواحد الشيباني الجزري ،عز الدين ابن األثير (المتوفى:
360هـ)ج - 943 /2المحقق :علي دمحم معوض -عادل أحمد عبد الموجود -الطبعة األولى -
1915هـ 1449 -م -دار الكتب العلمية ) .
( )6الموطأ لإلمام مالك بن أنس ج – 235 /1كتاب الزكاة – باب ما جاء فيما يعتد به من السخل في
الصدقة – صححه ورقمه وأخرج أحاديثه وعلق عليه :دمحم فؤاد عبد الباقي – طبعة دار إحياء الكتب
العربية .
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
هللا عنه) هذا بحضرة الصحابة والعلماء ،وأخذ به صدقة الناس ،وال يعلم أحد
قال بخالفه (.)1
مناقشة االستدالل بهذا األثر :نوقش من عدة وجوه :
المناقشة األولى :أنه ليس من قول رسول هللا (صلى هللا عليه وسلم)
وال حجة في قول أحد دونه .
الجواب :أن النبي (صلى هللا عليه وسلم) َّ
زكى أصحابة وأمر باتباعهم،
فإنهم ال يقولون مثل هذا إال إذا كانوا رأوه من رسول هللا (صلى هللا عليه
وسلم) ،وعمومات األدلة عن رسول هللا (صلى هللا عليه وسلم) تدل على عدم
التفرقة بين الصغار والكبار من الماشية ،فإن العدد يزيد بها ويكثر بال شك ،
كما أن عمر قد بين سبب فعله وهو موافق لسنة النبي (صلى هللا عليه وسلم)،
ولم ينكر عليه أحد من الصحابة فكان إجماعاً ،وإذا أجمع الصحابة على فهم
كان أولى من فهم من جاء بعدهم ؛ ألنهم عاشوا مع النبي والبد أنهم أروا منه
ذلك ،وهللا أعلم .
المناقشة الثانية :أنه قد خالف عمر (رضي هللا عنه) في هذا غيره من
أصحاب رسول هللا (صلى هللا عليه وسلم) فقد روي عن القاسم بن دمحم بن أبي
اة َحتَّى ِ ِِ بكر (رضي هللا عنهما) « َّ
يق َل ْم َيك ْن َيأْخذ م ْن َمال َزَك ً
أن أ ََبا َب ْكر الصد َ
ول َعَل ْي ِه اْل َح ْول» ( )2وغيرها من اآلثار عن الصحابة ،فهؤالء لم يخصوا َيح َ
فائدة ماشية بوالدة من سائر ما يستفاد ،وليس ألحد أن يقول إنهم لم يريدوا
بذلك أوالد الماشية إال كان كاذبًا وقائالً بالباطل الذي لم يقولوه قط (.)6
( )1المنتقى شرح الموطإ ألبي الوليد سليمان بن خلف بن سعد التجيبي القرطبي الباجي األندلسي (ت:
989هـ) ج - 196 /2الطبعة :األولى 1662 ،هـ -مطبعة السعادة -بجوار محافظة مصر ،شرح
الزرقاني على الموطأ ج. 184 /2
ق
( )2الموطأ لإلمام مالك ج -295 /1كتاب الزكاة – باب الزكاة في العين من الذهب والور .
( )6المحلى ألبي دمحم علي بن أحمد بن سعيد بن حزم األندلسي القرطبي الظاهري (المتوفى953 :هـ)
ج - 75 /9الناشردار الفكر -بيروت.
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
الجواب :يمكن الجواب عنه :بأننا نعم نسلم أنهم هنا لم يفرقوا بين
نتاج الماشيـة وغيره ؛ ألن المراد هنا العطاء من بيت المال ،وقد دل عليه قول
َع ِط َي ِات ِه ْمَ ،ي ْسأَل َّ
الرج َل: اس أ ْالن َطى َّ ان أَبو َب ْكر ِإ َذا أ ْ
َع َ القاسم في أثر آخر َ :وَك َ
َخ َذ ِم ْن ِ يه َّ«هل ِعندك ِمن مال وجبت عَليك ِف ِ
الَ :ن َع ْم« ،أ َ الزَكاة؟» َفإ َذا َق َ َ ْ َْ َ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ َ
اءهَ ،وَل ْم َيأْخ ْذ ِم ْنه
طَ َسَل َم ِإَل ْي ِه َع َ
الَ :ال« .أ ْ
ِ ِ ع َ ِِ
طائه َزَكاةَ َذل َك اْل َمال»َ ،وِإ ْن َق َ َ
َش ْيًئا» وروي عن عثمان مثله ،والنتاج يكون عند اإلنسان متولدًا من ماله ()2 ()1
،وليس مستفاداً بطريق آخر كالعطاء ،لذا اختلف الحكم ،وهللا أعلم .
المناقشة الثالثة :أن الذي حكى عنهم سفيان بن عبد هللا أنهم أنكروا
أن َيعد عليهم أوالد الماشية مع أمهاتها قد كان فيهم بال شك جماعة من
أصحاب رسول هللا (صلى هللا عليه وسلم) ؛ ألن سفيان ذكر أن ذلك كان أيام
عمر (رضي هللا عنه) ،فقد صح الخالف في هذا من الصحابة (رضي هللا
عنهم ) بال شك ،وإذا كان ذلك فليس قول بعضهم أولى من قول بعض ،
والواجب في ذلك ما افترضه هللا تعالى إذ يقول َ " :فِإن تََن َازْعت ْم ِفي َشيء َفردوه
ْ
ِ ِ ِ ِإَلى ّللاِ و َّ ِ
الرسول ِإن كنت ْم ت ْؤ ِمنو َن ِباهلل َواْل َي ْو ِم اآلخ ِر َذل َك َخ ْير َوأ ْ
َح َسن تَأ ِْوي ً
( )6
ال َ
(. )9
"
الجواب :أجيب من عدة وجوه :
الوجه األول :أنه يحتمل أن يكون من خالفه ممن ال يعتد بقوله ،
ولذلك لم يتبعه عليه غيره .
الوجه الثاني :ولو سلمنا أن يكون ممن يعتبر بقوله فإنه لم ينكرأن َيعد
ِ
السخال ،وإنما أنكر أن ت َعد وال يؤخذ منها ،فال يجعل ذلك اعترضاً في عد
السخال خاصة .
الوجه الثالث :أن عمر (رضي هللا عنه) لما احتج بما أبرزه من الدليل
من جهة القياس لم يراجعه
أحد في دليله ،فثبت أنه إجماع على صحة الدليل ،ولما ثبت صحة
()1
. الدليل ثبت صحة الحكم
الوجه الرابع :قول ابن قدامة (رحمه هللا) ( ولنا ما روي عن عمر وهو
)2( .
مذهب علي ،وال نعرف لهما في عصرهما مخالفاً ،فكان إجماعًا )
المناقشة الرابعة :أن هذا األثر لم يرو عن عمر من طريق متصلة إال
من طريقين :
إحداهما :من طريق بشر بن عاصم بن سفيان عن أبيه ،وكالهما
سم .
غير معروف ،أو من طريق ابن لعبد هللا بن سفيان لم ي َّ
الثانية :من طريق عكرمة بن خالد ،وهو ضعيف .
الجواب :من وجهين :
الوجه األول :أن النووي (رحمه هللا) قال عنه :رواه مالك في الموطأ
والشافعي بإسنادهما الصحيح(.)6
الوجه الثاني :ذكر ابن حجر( رحمه هللا) أن ابن حزم ضعفه بعكرمه
بن خالد ،وأخطأ في ذلك ألنه ظنه الضعيف ،ولم يرو الضعيف هذا ،وإنما
()1
. هوعكرمة بن خالد الثقة الثبت
الوجه الثالث :أن بشر بن عاصم وثقه غير واحد من العلماء ،منهم
)2( .
ابن معين والنسائي (رحمهما هللا )
ثالثًا :دليل القياس :
استدلوا بالقياس على أموال التجارة ؛ ألن النتاج نماء حادث من مال
()6
،وألن النتاج كالربح يقدر كامناً تجب في جنسه الزكاة ،فأشبه ربح المال
في أصله ،فتجب فيه الزكاة كالربح (.)9
رابعاً :دليل المعقول :استدلوا بالمعقول من عدة وجوه :
األول :أن المستفاد من جنس األصل تبع له ؛ ألنه زيادة عليه ،إذ
األصل يزداد به ويكثر ،والزيادة تبع للمزيد عليه ،والتبع ال يفرد بالشرط كما
ال يفرد بالسبب ؛ لئال ينقلب التبع أصالً (.)5
()1التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير ألحمد بن علي بن دمحم بن أحمد بن حجر
العسقالني (المتوفى752 :هـ) ج - 606 -602 /2تحقيق :أبو عاصم حسن بن عباس بن قطب -
الطبعة :األولى1913 ،هـ1445/م
مؤسسة قرطبة -مصر .
وهناك اثنان :أحدهما :عكرمة بن خالد بن العاص بن هشام المخزومي ،روى عن جمع من الصحابة
،قال بن معين وأبو زرعة والنسائي ثقة وذكره بن حبان في الثقات ،ووثقه البخاري .
والثاني :عكرمة" بن خالد بن سلمة بن العاص بن هشام المخزومي قريب األول ،قال عنه ابن معين
ليس بشيء وقال البخاري منكر الحديث وقال النسائي ضعيف ( تهذيب التهذيب ألبي الفضل أحمد
بن علي بن حجر العسقالني (ت 752 :هـ) ج -254 – 257/8الطبعة األولى1623 -هـ -
مطبعة دائرة المعارف النظامية – الهند ) .
()2تهذيب التهذيب ألحمد بن علي بن دمحم بن أحمد بن حجر العسقالني (المتوفى752 :هـ)ج- 956 /1
الطبعة :الطبعة األولى1623 ،هـ -مطبعة دائرة المعارف النظامية ،الهند.
( )6المعونة للقاضي عبد الوهاب ج ، 274 /1اإلشراف للقاضي عبد الوهاب ج ، 688 /1المغني البن
قدامة ج. 951 /2
( )9حاشية الدسوقي ج. 962 /1
( )5بدائع الصنائع للكاساني ج. 910 /2
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
الثاني :أن الماشية يختلف وقت والدتها ،فإفراد كل واحدة بحول مما
يشق ،فجعلت تبعاً ألمهاتها في الحول كما جعلت تبعًا في الملك (.)1
الثالث :أن العلـة في األوالد هنا هي المجانسة ،أال ترى أنه يضم
الجنس إلى الجنس في ابتـداء الحـول لتكميل النصاب بعلـة المجانسة ،
وال يشترط أن يكـون ربحاً وال ولداً ،فكـذا في أثناء الحول (.)2
الرابع :أن المعنى في اشتراط الحول أن يحصل النماء ،والنتاج نماء
عظيم ،فيتبع األصول في الحول (.)6
دليل جمهور الفقهاء على اشتراط النصاب في األصل (وهو األمهات ) :
أوال :دليل السنة :
-1ما روي عن علي (رضي هللا عنه) عن النبي (صلى هللا عليه وسلم) قال :
ول َعَل ْي ِه اْل َح ْول (" )9 َّ ِ
"َ َل ْي َس في َمال َزَكاة َحتى َيح َ
( )1شرح منتهى اإلرادات للبهوتي ج ، 645 /1مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى لمصطفى بن
سعد السيوطي الرحيبانى (ت1296 :هـ) ج - 21 /2الطبعة :الثانية1915 ،هـ 1449 -م-
الناشر :المكتب اإلسالمي .
( )2تبيين الحقائق للزيلعي ج. 286 /1
( )6أسنى المطالب لزكريا األنصاري ج ، 656فتح الوهاب بشرح منهج الطالب لزكريا بن دمحم بن أحمد
األنصاري(ت 423 :هـ)ج - 126 /1الطبعة1919 :هـ1449/م -دار الفكر للطباعة والنشر.
( )9أخرجه أبوداود في سننه ج -)1586( -275/1كتاب الزكاة – باب في زكاة السائمة ،والبيهقي -
أحمد بن الحسين بن علي بن موسى ،أبو بكر البيهقي (ت957 :هـ) -في السنن الكبرى ج/9
-)8286( -130كتاب الزكاة -باب ال زكاة في مال حتى يحول عليه الحول -المحقق :دمحم عبد
القادر عطا -الطبعة :الثالثة 1929 ،هـ 2006 -م -دار الكتب العلمية -بيروت ،وفي إسناده
عاصم بن ضمرة والحارث األعور ،وعاصم وثقه ابن المديني وابن معين والنسائي ،وتكلم فيه ابن
حبان وابن عدي ،فالحديث حسن ،وقال النووي (رحمه هللا) :حديث صحيح أو حسن ،وال يقدح
فيه ضعف الحارث لمتابعة عاصم له ( .نصب الراية ألحاديث الهداية ألبي دمحم عبد هللا بن يوسف
بن دمحم الزيلعي (ت832 :هـ) ج - 627 /2المحقق :دمحم عوامة -الطبعة األولى،
1917هـ1448/م -مؤسسة الريان للطباعة والنشر -بيروت -لبنان /دار القبلة للثقافة اإلسالمية-
جدة – السعودية ) .
قال الحافظ (رحمه هللا) ( :ال بأس بإسناده واآلثار تعضده فيصلح للحجة ) .التلخيص الحبير البن حجر
ج – 603 /2طبعة قرطبة ،وقال األلباني :وهو مقبول لوال أن الثقات الحفاظ خالفوا جري اًر فرووه
عن أبي اسحاق موقوفاً على علي .
=
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
ّللاِ
-2ما روي عن السيدة عائشة (رضي هللا عنه) قالت َ :س ِم ْعت َرسول َّ
ول َعَل ْي ِه َّ ( صَّلى هللا عَلي ِه وسَّلم) يقولَ « :ال َزَك ِ
اة في َمال َحتى َيح َ
َ َ ْ ََ َ َ َ
()1
اْل َح ْول »
وجه االستدالل :في الحديثين دليل على أن النصاب إذا انتقص في
()2
. خالل الحول انقطع الحول ،فإذا تم بعد ذلك يستأنف الحول
قال الخطابي (رحمه هللا ) ( :إنما أراد به المال النامي كالمواشي
والنقود ؛ ألن نماءها ال يظهر إال بمضي مدة الحول عليها ،فأما الزروع
والثمار فإنه ال يراعى فيها الحول ،وإنما ينظر إلى وقت إدراكها واستحصادها
()6
. فيخرج الحق منها )
القياس على ما لو ملك السخال من بيع ثانيًا :دليل القياس :
أو غيره؛ ألن النتاج زيادة كمل بها
نصاب الحيوان ،فوجب أن يكون حولها من يوم كمالها ،كما لو ملك
()9
. السخال من بيع أو شراء
ثالثًا :دليل المعقول :أن السخال من األموال التي ال تجب الزكاة فيها
إال بالحول ،إال أن حولها تارة يكون بنفسها وتارة يكون بغيرها ،وال يجوز أن
()5
. يتبع الغير في الحول وال حول للغير ،فثبت أن حولها معتبر بنفسها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
=
( إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل لمحمد ناصر الدين األلباني (ت 1920هـ) ج-259 /6
إشراف :زهير الشاويش – الطبعة الثانية – 1905هـ1475 -م -المكتب اإلسالمي – بيروت .
( )1سبق تخريجه ص. 13
( )2شرح السنة للبغوي ج. 24 /3
()6معالم السنن -شرح سنن أبي داود ألبي سليمان حمد بن دمحم بن إبراهيم بن الخطاب البستي المعروف
بالخطابي (المتوفى677 :هـ)ج - 61 /2الطبعة :األولى 1651هـ 1462 -م. -
( )9الحاوي الكبير للماوردي ج. 119 /6
( )5بدائع الصنائع للكاساني ج ، 910 /2الحاوي الكبير للماوردي ج، 115 /6
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
وال تأخذها ،وإنما تأخذ الجذعة والثنية ،فإذًا ليس بظلم بل هو عدل عن
الصغار والكبار والنفيس والخسيس (.)1
ثانيًا :دليل األثر :ما روي من آثار عن جمع من الصحابة تدل على
أنه ال زكاة في مال حتى يحول عليه الحول ،من ذلك :
يق َل ْم ِِ -1ما روي عن القاسم بن دمحم (رضي هللا عنهما) « َّ
أن أ ََبا َب ْكر الصد َ
()2
ول َعَل ْي ِه اْل َح ْول» َيك ْن َيأْخذ ِم ْن مال َزَك ً َّ
اة َحتى َيح َ َ
مناقشة هذا االستدالل :يمكن الرد عليه بأنه مخصوص باألعطية التي
كان أبو بكر (رضي هللا عنه) يعطيها للناس من بيت المال ،فقد روي عن
الرج َلَ « :ه ْل َع ِط َي ِات ِه ْمَ ،ي ْسأَل َّ
اس أ ْ طى َّ
الن َ َع َان أَبو َب ْكر ِإ َذا أ ْ
القاسم أنه قال َ :وَك َ
ط ِائ ِه
َخ َذ ِم ْن َع َ
الَ :ن َع ْم« ،أ َ ِ
الزَكاة؟» َ ،فإ َذا َق َ يه َّ ِعندك ِمن مال وجبت عَليك ِف ِ
َْ َ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ َ
اءه َ ،وَل ْم َيأْخ ْذ ِم ْنه َش ْيًئا» ، َسَل َم ِإَل ْي ِه َع َ ِ ِ
()6
طَ الَ :ال« .أ ْ َزَكاةَ َذل َك اْل َمال»َ ،وِإ ْن َق َ
فال يدخل فيه النتاج ،وقد روي عن عثمان بن عفان (رضي هللا عنه)
مثله (.)9
-2ما روي عن ابن عمر (رضي هللا عنهما ) قال َ « :ال َزَكاةَ ِفي َمال َحتَّى
()5
ول َعَل ْي ِه اْل َح ْول »
َيح َ
()1
ول َعَل ْي ِه اْل َح ْول » ِ ِ َّ
وروي عنه َ « :م ِن ْ
استََف َاد َم ًاال َف َال ي َزكيه َحتى َيح َ
-6ما روي عن أم المؤمنين عائشة (رضي هللا عنها) أنها قالت َ « :ل ْي َس ِفي
َمال م ْستََفاد َزَكاة َحتَّى َيحول َعَل ْي ِه اْل َح ْول »(. )2
وجه الدال لة من اآلثار:
دلت اآلثار داللة صريحة على أن الزكاة ال تجب في أي مال حتى
يحول عليه الحول ،فيدخل فيها المال المستفاد ،ومنه نتاج الماشية -وهللا
() 6
أعلم ،-قال ابن حزم عن أثر عائشة ( :تعني المال المستفاد )
الجواب عنه :يمكن الجواب عن االستدالل بهذه اآلثار :بأنها عامة
في المال المستفاد بكل طرقه ،وقد ورد أيضاً عن بعض الصحابة آثار خاصة
بنتاج الماشية ،وكلهم صحابة وكلهم أخذ عن رسول هللا (صلى هللا عليه
وسلم) ،وقد سبق أن حديث رسول هللا (صلى هللا عليه وسلم) مخصوص بربح
التجارة ،فكذلك تخصص هذه اآلثار بما خصص به الحديث ،وتبقى اآلثار
الدالة على زكاة نتاج الماشية دالة على ما نصت عليه .
وال يبعد أن يكون المراد بهذه اآلثار األعطية التي كان يأخذها الناس
من بيت المال كما ورد في أثر
أبي بكر (رضي هللا عنه ) ،ويحتمل أنهم سئلوا عنها فأجابوا بأنها ال
زكاة فيها حتى يحول عليها الحول ؛ ألنها مال مستفاد ،وهللا أعلم .
الدليل من ناحية المعنى :
-1أن المرجــوع إليــه عنــد التنــازع هــو القـرآن وســنة رســول هللا (صــلى هللا عليــه
وس ــلم) ،و إذا نظرنـ ــا إل ــى السـ ــنة وجـ ــدنا أن رس ــول هللا (صـ ــلى هللا عليـ ــه
وس ــلم) إنم ــا أوج ــب الزك ــاة ف ــي أربع ــين ش ــاة فص ــاعدًا ،وأوج ــب فيه ــا ش ــاة
أو شــاتين أو فــي كــل مائــة شــاة شــاة ،وأســقطها عمــا عــدا ذلــك ،ووجــدنا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
=
( )1السنن الكبرى للبيهقي ( ، )189 /9مصنف عبد الرزاق ج)8060( - 88 /9
( )2السنن الكبرى للبيهقي ()186 /9
( )6المحلى البن حزم ج. 75 /9
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
الخرفان والجديان ال يقع عليها اسم شاة وال اسم شاء في اللغة التي أوجـب
هللا تعالى علينا بها دينه على لسان رسول هللا (صـلى هللا عليـه وسـلم) ،
فخرجت الخرفان والجديان عن أن تجب فيها زكاة .
ـب ِف ــي ضــا فق ــد أَجمعـ ـوا عل ــى أَن َال ي ْؤ َخـ ـ َذ َخ ــروف وَال ج ـ ْـدي ِف ــي اْلو ِ
اج ـ ِ
َ َ َ َ -2وأ َْي ً
ـاءَ ،ف ِم ْـن اْلمح ِ الش ِ
اة وَال َله ح ْكم َّ ِ َّ ِ َّ ِ
ـال َ الزَكاة َع ْن الشاء َفأََقروا بأََّنه َال ي َس َّمى َش ً َ
الزَك ِاة ِب َغ ْي ِر َنص ِفي َذِل َك(.)1
َن ي ْؤ َخ َذ ِم ْن َها َزَكاةَ ،ف َال تَجوز ِهي ِفي َّ أْ
َ
ْت ِبـ ِـه قـ ْـرآنَ ،وَال سـ َّـنة،
اشــية َلــم يحــل عَليهــا حــول َلــم ي ـأ ِ
ـاة َم َ ْ َ ْ َ ْ َ َ ْ ْ َ
ِ
ضــا َف ـِإ َّن َزَكـ ََ -6وأ َْي ً
الزَكـاة َمـا مـن مَلـك ِخرَفانـا أَو عجـوًال أَو فص َـالنا سـن ًة َك ِ
امَلـ ًة َف َّ ْ ْ ً ََ إج َماع؟ َوأ َّ َ ْ َ َ ْ ً ْ َوَال ْ
غنما ،وبق ًار وإبالً(.)2 ِ ِفيها و ِ ِ
ذلك ي َسمى ً اج َبة ع ْن َد تَ َما ِم اْل َعامِ؛ ألَن كل َ َ َ
مناقشة هذا االستدالل :يمكن الجواب عنه من وجهين :
الوجه األول :بأنها وإن كانت ال يطلق عليها اسم شاة لكنها تحسب في
الزكــاة ألســباب أخــرى ،وهــي ورود اآلثــار الصــحيحة الص ـريحة فــي اعتبارهــا ،
وال يقــال أنــه ال يؤخــذ عــن ســوى رســول هللا (صــلى هللا عليــه وســلم) فــإن النبــي
(صلى هللا عليه وسلم) َّ
زكى أصحابة وأمر باتباعهم ،فإنهم ال يقولون مثل هذا
إال إذا كــانوا رأوه مــن رســول هللا (صــلى هللا عليــه وســلم) ،وعمومــات األدلــة عــن
رسول هللا (صلى هللا عليـه وسـلم) تـدل علـى عـدم التفرقـة بـين الصـغار والكبـار
من الماشية ،فإن العدد يزيد بها ويكثر بال شك ،وهللا أعلم .
الوجــه الثــاني :أنهــم أجمع ـوا علــى أنهــا ال يؤخــذ منهــا لــيس لعــدم وجــوب
الزكاة فيها ،ولكن ألنه ال يؤخـذ فـي الزكـاة إال الوسـط ،كمـا بـيَّن عمـر (رضـي
هللا عنه) في األثر ،أنه كما يحسب الجيد وال يأخذ منه كذلك يحسب الردئ وال
يأخذ منه ،وذلك اتباعًا لقول النبي (صـلى هللا عليـه وسـلم) َ ":فخـ ْذ ِم ْـنه ْم َوتَ َـو َّق
()1
الن ِ
اس " َكرِائم أَمو ِ
ال َّ َ َ َْ
الترجيــح
بعد عرض آراء الفقهاء وأدلتهم ومناقشتها ،ترى الباحثة :أن الراجح –
وهللا تعالى أعلم – هو :الرأي األول :أن النتاج يتبع األمهات في الحول إذا
كانت األمهات نصابًا ،وذلك لآلتي :
-1قوة أدلتهم وردهم على المعارضين ردًا قوياً .
-2أن اإلنسان بملكه للنصاب دخل دائرة الغنى ،فوجبت عليه الزكاة ؛ ولذلك
ألحقت ِالسخال
بأمهاتها ،بخالف ما لم تبلغ فيه األمهات نصابًا فهو لم يدخل الغنى
السخال إلى أمهاتها ،وهو أفضل للغني ،ورأيالموجبة للزكاة ،لذا ال تضم ِ
المالكية أفضل للفقير .
-6أنه قد ثبت إجماع الصحابة على فعل عمر (رضي هللا عنه) ،لـذا قال
ابن قدامة (رحمه هللا) ( :وال نعرف لهما في عصرهما مخالفًا ،فكان
)2( .
إجماعاً )
وثبت أن عمر (رضي هللا عنه ) أقام الدليل على فعله – وهو موافقة
سنة النبي(صلى هللا عليه وسلم) كما مر – ولم ينكره من خالفه ،فثبت صحة
ما ذهب إليه وما عمل به ،وأجمع الصحابة عليه ،وهللا أعلم .
( )1أخرجه البخاري في صحيحه ج -)1957(– 678 -673 /1كتاب الزكاة – باب :ال تؤخذ كرائم
أموال الناس في الصدقة .
( )2المغني البن قدامة ج. 951 /2
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
المطلب الثاني
زكاة ربح التجارة الحاصل في خالل الحول
اختلف الفقهاء في ربح التجارة ،هل يضم إلى أصل المال ويزكى على
حوله ،أم يستأنف له حول جديد ؟ على رأيين :
الرأي األول :وهو رأي جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية
والحنابلة :
يرى أصحاب هـذا الرأي أن ربح التجارة الحاصل في أثناء الحـول يزكى
بحـول أصله ،وال يستأنف له حول جديد ( ،)1وسواء حصل الربح بزيادة في
نفس العرض كسمن الحيوان ،أم بارتفاع األسواق (.)2
فلو ملك عشرين دينا اًر واشترى بها سلعة للتجارة ،ثم انقضى الحول
والسلعة تساوي أربعين دينا اًر ،فيجب إخراج الزكاة عن األربعين (.)6
ثم إن جمهور الفقهاء اشترطوا في الربح لكي يضم إلى األصل :أن
يكون األصل نصاباً ،فإن كان األصل أقل من النصاب فإن الربح ال يضم
إليه ،وإن كان يتكامل به النصاب (.)9
( )1بدائع الصنائع للكاساني ج ، 904 /2البناية شرح الهداية لمحمود بن أحمد بن موسى بدر الدين
العينى (ت 755هـ) ج - 659 /6الطبعة :األولى 1920 ،هـ 2000 -م -دار الكتب العلمية –
بيروت – لبنان ،المعونة للقاضي عبد الوهاب ج ، 237 /1الشرح الكبير للدردير مع حاشية
الدسوقي ج ، 931 /1شرح منهج الطالب لزكريا األنصاري مع حاشية البجيرمي ج ، 90 /2أسنى
المطالب لزكريا األنصاري ج ، 676 /1نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج لشمس الدين دمحم بن أحمد
بن حمزة شهاب الدين الرملي (المتوفى1009 :هـ) ج - 105 /6الطبعة األخيرة -
1909هـ1479/م -دار الفكر ،بيروت .
،المغني البن قدامة ج ، 937 /2الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ج. 958 /2
( )2نهاية المحتاج للرملي ج ، 105 /6حاشية البجيرمي على الخطيب ج. 695 /2
( )6نهاية المطلب إلمام الحرمين الجويني ج. 606 /6
( )9بدائع الصنائع للكاساني ج ، 904 /2تبيين الحقائق للزيلعي ج ، 282 /1تحفة الفقهاء لعالء الدين
السمرقندي ج ، 969 /1مغني المحتاج للخطيب ج ، 644 /1المغني البن قدامة ج ، 937 /2شرح
الزركشي ج. 920 /2
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
وخالفهم المالكية في المشهور عندهم وهو قول ابن القاسم (رحمه هللا) :
فقالوا بضم الربح إلى أصله سواء كان األصل نصابًا أم ال ،إذا تم نصاباً
بربحه ،ويعتبر الحول من يوم ملك األصل ال من يوم الشراء( )1وال من يوم
الربح(. )2
()6
يقوم
وزاد الشافعية شرطاً وهو :أال ينض المال في أثناء الحول بما َّ
به ( ،)9أي أال يصير كله دراهم أو دنانير من جنس رأس المال الذي هو
نصاب( ، )5ويلزم من ذلك البيع .
فلـو اشترى عرضًا في المحرم بمائتي درهم فصارت قيمته قبل آخر
الحول ولو بلحظـة ثلثمائة درهم :زكى الجميع آخر الحول(. )3
فإن نض بها وأمسكه إلى آخر الحول أو اشترى به عرضاً قبل تمام
( )1وفي قول ث الث عندهم :يضم إلى أصله من يوم الشراء ال من يوم الملك ؛ ألنه حصل بسبب الشراء
فال يضاف لما قبل ذلك (.التوضيح في شرح المختصر الفرعي البن الحاجب لخليل بن إسحاق
الجندي المالكي المصري (ت 883هـ)
ج - 173 /2المحقق :د .أحمد بن عبد الكريم نجيب -الطبعة :األولى1924 ،هـ 2007 -م -الناشر:
مركز نجيبويه للمخطوطات وخدمة التراث ) .
( )2المعونـة للقاضي عبد الوهاب ج ، 237 /1حاشية الدسوقي البن عرفة الدسوقي ج ، 931 /1شرح
الخرشي ج. 179 /2
( )6نض الماء ينض نضاً ،من باب ضرب ،خرج قليال قليالً ،ونض الثمن :حصل وتعجل ،وأهل
الحجاز يسمون الدراهم والدنانير نضاً وناضاً ،قال أبو عبيد :إنما يسمونه ناضاً إذا تحول عين ًا بعد
أن كان متاعاً ؛ ألنه يقال :ما نض بيدي منه شيء ،أي :ما حصل ( .المصباح المنير للفيومي
) 632 /
( )9أما إذا كان الناض المبيع به من غير ما يقوم ،أي بغير جنس رأس المال ،فإن الربح يضم إلى
األصل ولو كان رأس المال دون النصاب ( .مغني المحتاج للخطيب ج) 644 /1
( )5شرح جالل الدين المحلي على منهاج الطالبين للنووي بهامش حاشيتا قليوبي وعميرة ج، 24 /2
حاشية بجيرمي على الخطيب ج. 695 /2
( )3مغني المحتاج للخطيب ج ، 644 /1شرح منهج الطالب لزكريا األنصاري مع حاشية البجيرمي ج
. 90 /2
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
( )1شرح جالل الدين المحلي على منهاج الطالبين للنووي ج ، 24 /2نهاية المطلب في دراية المذهب
عبد الملك بن عبد هللا بن يوسف بن دمحم الجويني ،أبو المعالي الملقب بإمام الحرمين (ت 987هـ)
ج - 605 -609 /6حققه وصنع فهارسه :أ .د /عبد العظيم محمود الديب -الطبعة :األولى،
1927هـ2008-م -دار المنهاج .
( )2مغني المحتاج للخطيب ج ، 644 /1نهاية المطلب للجويني ج. 609 /6
( )6حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ج ، 931 /1شرح الخرشي ج ، 179 /2منح الجليل لمحمد
عليش ج ، 98 /2الت وضيح شرح مختصر ابن الحاجب ج ، 175 /2الذخيرة ألبي العباس شهاب
الدين أحمد بن إدريس الشهير بالقرافي (المتوفى379 :هـ) ج - 69 /6دمحم بو خبزة -دار الغرب
اإلسالمي -بيروت
،المحلى البن حزم ، 148 ، 96 /9 /األموال ألبي عبيد القاسم بن سالم بن عبد هللا الهروي البغدادي
(المتوفى229 :هـ) - 510 /المحقق :خليل دمحم هراس – طبعة دار الفكر - .بيروت .
( )9التوضيح شرح مختصر ابن الحاجب ج. 175 /2
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
مناقشة هذا الرأي :أجاب ابن حزم (رحمه هللا) عن تفريق المالكية
والشافعية :
بأنها كلها فاسدة ،ويكفي أنها كلها مختلفة وكلها دعاو مجردة وتقاسيم
فاسدة متناقضة ال دليل على صحة شيء منها ال من قرآن وال من سنة
صحيحة وال من رواية سقيمة وال من إجماع وال من قياس وال من رأي له
()1
. وجه
الجواب :ال نسلم أن هذه دعاوى وتقاسيم فاسدة متناقضة ال دليل على
صحة شيء منها ؛ وقد قال ابن حزم :كل فائدة فإنما تزكى لحولها ال لحول
ما عنده من جنسها وإن اختلطت عليهاألحوال ،فإن اإلنسان قد يفضل أن
يدفع في الزكاة أكثر من المستحق على أن تختلط عليه األحوال ويعسر عليه
حسابها ويكون في ذلك حرج ،والعلماء قائلون بجواز تعجيل الزكاة للضرورة ،
فلم ال يكون ذلك من باب تعجيلها ؛ لضرورة التيسير على الناس .
كما أن هذا المال يشبه إلى حد كبير النتاج فهو متولد عن األصل
وكامن فيه ،وهو فضل من هللا تعالى ،قال أبو عبيد (رحمه هللا) ( :إنما ذلك
كله هبة من هبات هللا وسيبه الذي يفيد به العباد ) (.2
ثانيًا :دليل الرأي الثاني :
أوالً :دليل السنـة :ما روي عن السيدة عائشة (رضي هللا عنه) قالت :
ول َّ ِ ِ َّ ّللاِ ( َّ
َس ِم ْعت َرسول َّ
صلى هللا َعَل ْيه َو َسل َم) َيقولَ « :ال َزَكاةَ في َمال َحتى َيح َ َ
()6
َعَل ْي ِه اْل َح ْول »
وجه الداللة من الحديث :في الحديث دليل على اشتراط حوالن الحول
دون تفرقة بين األرباح وغيره من األموال ،وهللا أعلم.
أو يكون ورد جوابًا عن سؤال :هل في العطايا زكاة ؟ لما ورد من فعل
بعض الصحابة ما يوهم ذلك ،وهللا تعالى أعلم .
-6ما روي عن عمر بن عبد العزيز (رحمه هللا) أنه قال ( :ال تأخذوا من
()1
أرباح التجار شيئًا حتى يحول عليها الحول )
وجـه االسـتدالل :قال أبوعبيد (رحمه هللا) :أََفَل ْست ترى أن عمر
استأنف بالربح حوالً ولم يضمه إلى أصل المال ثم يزكيه معًا(. )2
الترجيــح
بعـد عرض آراء الفقهاء وأدلتهم ومناقشتها :ترى الباحثة أن الراجح –
وهللا تعالى أعلم – هو الرأي األول :أن حول الربح حول أصله ؛ وذلك لآلتي:
-1قوة أدلتهم وردودهم على مناقشة المعارضين .
-2ردهم على أدلة المعارضين رداً قويًا .
-6أن الشارع شرع الحول ألنه مظنة النماء ؛ ليكون اخراج الزكاة من الربح ،
وقد حصل الربح وتحققت نعمة هللا على عبده بنماء ماله الذي بلغ نصاباً
واستحقت فيه الزكاة ،فال عبرة بعد ذلك بحوالن الحول على الربح بعد
تحقق المقصود من حوالنه على األصل .
-9أن المعنى الموجود في النتاج موجود في الربح ،فكان حكمهما واحد ،
وقد ثبت الحكم في النتاج باألثر الصريح فيقاس عليه الربح .
-5أن الحول شرع لرفع الحرج والمشقة عن أصحاب التجارات ،ولو اعتبرنا
لكل جزء من الربح حول مستقل لزاد الحرج والمشقة ،وقد قال تعالى " :
ين ِم ْن َح َرج " . وما جعل عَليكم ِفي ِ
الد ِ
َ َ ََ َ َ ْ ْ
-3أن من الفقهاء من قال بجواز تعجيل الزكاة للضرورة ،وهذه من
الضرورات ؛ رفعاً للحرج والمشقة ،وهللا أعلم .
( )1كتاب األموال ألبي عبيد القاسم بن سالم بن عبد هللا الهروي (ت 229هـ) – 504 /المحقق :خليل
دمحم هراس – دار الفكر – بيروت .
( )2المرجع السابق . 510 – 504 /
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
المبحث الثاني
زكاة المال المستفاد من خالف جنس األصل
ال تختلف في جنسها عن األموال التي يمتلكها ، قد يستفيد اإلنسان أموا ً
ال ،أو يستفيد نقدًا وعنده غنمًا ،فهل يضم هذا
ال وعنده بقر مث ً
كأن يستفيد إب ً
األصل المستفاد إلى المال الذي عنده ويزكى على حوله ،أم يستأنف له حول
جديد ؟ ،اختلف الفقهاء في هذه المسألى على قولين :
الرأي األول :وهو رأي جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية
والحنابلة والظاهرية ،وهو قول أبي بكر وعمر وعثمان وعلي (رضي هللا
عنهم) :
يرى أصحاب هذا الرأي أن المال المستفاد من خالف جنس األصل
الذي عنده ال يضم إلى األصل وال يزكى على حوله ،بل إن كان نصاباً
ال جديدًا وزكاه ،وإال فال شيء فيه(. )1
استقبل به حو ً
قال ابن قدامة (رحمه هللا) ( :وهذا قول جمهور العلماء ) (.)2
قال ابن عبد البر (رحمه هللا ) ( :وعليه جماعة الفقهاء قديماً وحديثاً
ال يختلفون فيه ،أنه ال تجب في مال من العين وال في ماشيـة زكاة حتى
)6(.
يحـول عليـه الحـول إال ما روي عن ابن عباس ومعاويـة )
( )1بدائع الصنائع للكاساني ج ، 904 /2تبيين الحقائق للزيلعي ج ، 282 /1المبسوط للسرخسي ج/2
، 35حاشية الدسوقي ج ، 962 /1شرح الخرشي ج ، 94 /2حاشية البجيرمي على الخطيب ج/2
، 618حاشية البجيرمي على منهج الطالب ج ، 16 /2المغني البن قدامة ج ، 937 /2الشرح
الكبير البن قدامة ج ، 957 /2كشاف القناع عن متن اإلقناع منصور بن يونس بن صالح الدين
ابن حسن بن إدريس البهوتى الحنبلى (المتوفى1051 :هـ) ج - 187 /2دار الكتب العلمية ،
المحلى البن حزم ج . 148 /9
( )2المغني البن قدامة ج. 937 /2
( )6االستذكار ألبي عمر يوسف بن عبد هللا بن دمحم بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي (المتوفى:
936هـ) ج - 169 /6تحقيق :سالم دمحم عطا ،دمحم علي معوض -الطبعة :األولى– 1921 ،
2000م -دار الكتب العلمية – بيروت .
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
مثال ذلك :لو كان عنده أربعون من الغنم وقبل كمال حولها ولو بيوم
ملك خمساً من اإلبل ،فكل على حوله ،فيستقبل باإلبل حوالً من يوم
ملكها(.)1
الرأي الثاني :وهو مروي عن ابن مسعود وابن عباس ومعاوية (رضي
هللا عنهم) ،وهو قول األوزاعي ورواه أحمد عن غير واحد :
يرى أصحاب هذا الرأي أن المال المستفاد من غير جنس األصل تجب
الزكاة فيه حين استفاده وال ينتظر الحول .
روي عن األوزاعي (رحمه هللا) :فيمن باع عبده وداره :أنه يزكى الثمن
حين يقع في يده إال أن يكون له شهر يعلم فيؤخره حتى يزكيه مع ماله .
وروي عن أحمـد (رحمه هللا) :فيمن باع داره بعشرة آالف درهم إلى
سنـة :إذا قبض المال يزكيه(.)2
قال ابن عبد البر (رحمه هللا) ( :والخالف في ذلك شذوذ ولم يعرج
()6
. عليه أحد من العلماء وال قال به أحد من أهل الفتوى )
سبب اختالف الفقهاء
والسبب في اختالفهم هو :اختالفهم في قياس المال المستفاد ،هل هو
مثل الزروع والثمار باعتباره يأتي اإلنسان دفعة واحدة وقد يكون نصاباً
أو أكثر؟
أم يأخذ حكم النقدين وعروض التجارة والماشية ؛ باعتبار أن الزروع
والثمار لها حكم مستقل منصوص عليه ،وهللا أعلم .
األدلــة
أوالً :أدلـة الرأي األول :استدلوا على أن المستفاد من غير جنس
األصل ال يضم إليه بأدلة من السنة والمعقول :
أوالً :دليل السنة :
عموم قول النبي (صلى هللا عليه وسلم) َ « :ال َزَكاةَ ِفي َمال َحتَّى
)1(.
ول َعَل ْي ِه اْل َح ْول»
َيح َ
وجه االستدالل بالحديث :الحديث عام في اشتراط الحول في الزكاة فال
يستثنى منه شيء إال
بدليل ،كالزروع والثمار والنتاج والربح ،ولم يرد ما يدل على استثناء
شيء غيرها من شرط
()2
. الحول فيبقى على العموم
ثانياً :دليل األثر :وردت آثار كثيرة عن الصحابة تدل على اشتراط
الحول منها :
اة ِفي َمال-1ما روي عن ابن عمر (رضي هللا عنهما ) قال َ « :ال َزَك َ
()6
ول َعَل ْي ِه اْل َح ْول » َّ
َحتى َيح َ
ِِ ِ
-2ما روي عن اْلَقاسم بن دمحم (رحمه هللا) « ِإ َّن أ ََبا َب ْكر الصد َ
يق َل ْم
ول َعَل ْي ِه اْل َح ْول» َيك ْن َيأْخذ ِم ْن مال َزَك ً َّ
اة َحتى َيح َ َ
-2ما روي عن هبيرة بن يريم(( )1رحمه هلل) قال ( :كان عبد هللا
ِ ِ
ص َدَق َة أ ْعط َيات ِه ْم َقْب َل أ ْ
َن َي ْدَف َع َها ان َيأْخذ َ
يعطينا العطاء...إلى أن قال َ :وَك َ
()2
ِإَل ْي ِه ْم )
ِ ِ
ال « :أََّول -6ما روي عن َمالك (رحمه هللا) َع ِن ْاب ِن ش َهاب (رحمه هللا ) َق َ
()6
اة م َع ِاوَية » َع ِط َي ِة َّ
الزَك َ
من أ ِ
َخ َذ م َن ْاأل ْ
َْ َ
قال ابن عبد البر(رحمه هللا)( :يريد أخذ زكاتها نفسها منها ال أنه أخذ منها عن
()9
غيرها مما حال عليه الحول)
وجه االستدالل بهذه اآلثار :هـذه اآلثار المروية عن غير واحـد من الصحابة
تـدل على عملهم
وقولهم بوجوب تزكية هذا النوع من المال المستفاد فور استفادته دون انتظار
لحوالن الحول ،وهللا أعلم .
( )1هبيرة بن يريم :الشيباني روى عن علي وعبد هللا يعني ابن مسعود روى عنه أبو إسحاق السبيعي
سمعت أبي يقول ذلك ،قال أحمد بن حنبل (رحمه هللا) :ال بأس بحديثه وهو أحسن استقامة من
غيره ،يعني الذين تفرد أبو اسحاق بالرواية عنهم (.تهذيب التهذيب البن حجر ج) 26/11
ِ
السنن ، الذهب والور ِق وما ِفيها من
ِ ( )2األموال البن زنجويه ج – )1362(– 413 /6باب فرض ِ
زكاة
معرفة السنن واآلثار ج -)7056( -85 / 3باب الوقت الذي تجب فيه الصدقة -
()6معرفة السنن واآلثار ألحمد بن الحسين بن علي بن موسى ،أبو بكر البيهقي (المتوفى957 :هـ)ج/ 3
-)7056( -85باب الوقت الذي تجب فيه الصدقة -المحقق :عبد المعطي أمين قلعجي -
الطبعة :األولى1912 ،هـ 1441 -م -الناشرون :جامعة الدراسات اإلسالمية (كراتشي -
باكستان) ،دار قتيبة (دمشق -بيروت) ،دار الوعي (حلب -دمشق) ،دار الوفاء (المنصورة -
القاهرة) .
( )4شرح الزرقاني على الموطأ ج. 196 /2
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
المناقشـة
ناقش جمهور الفقهاء الرأي الثاني باآلتي :
أو ًال :أن جمهور الفقهاء على خالف هذا القول ومنهم أبو بكر وعمر
وعثمان وعلي (رضوان هللا عليهم أجمعين) .
ثانيًا :قول ابن عبد البر (رحمه هللا) عن الرأي األول ( :على هذا
جمهور الفقهاء ،والخالف في
ذلك شذوذ ولم يعرج عليه أحد من العلماء وال قال به أحد من أئمة
() 1
الفتوى )
ثالثًا :أن هذه األموال ال تشبه الزروع والثمار ؛ ألنها تتكامل ثمارها
دفعة واحدة ؛ ولهذا ال تتكرر الزكاة فيها ،وأما األرباح والنتاج فإنما ضمت
إلى أصلها ألنها تبع له ومتولدة منه ،ولم يوجد ذلك في مسألتنا (.)2
رابعًا :أن ما روي عن اإلمام أحمد (رحمه هللا) فيمن باع داره بعشرة
آالف درهم إلى سنة :إذا
قبض المال يزكيه ) ،قال عنه ابن قدامة (رحمه هللا) :وإنما نرى أن
أحمد قال ذلك ؛ ألنه ملك الدراهم في أول الحول ،وصارت دينًا على
المشتري ،فإذا قبضه زكاه للحول الذي مر عليه في ملكه كسائر الديون .
وقدصرح بهذا المعنى في رواية بكر بن دمحم عن أبيه فقال :إذا كرى
دا ًار أو عبدًا في سنة بألف فحصلت له الدراهم وقبضها :زكاها إذا حال عليها
الحول من حين قبضها ،وإن كانت على المكتري فمن يوم وجبت له فيها
الزكاة ،بمنزلة الدين إذا وجب له على صاحبه :زكاه من يوم
وجب له (.)6
الترجيــح
بعد عرض آراء الفقهاء وأدلتهم ومناقشتها ،ترى الباحثة :أن الراجح –
وهللا تعالى أعلم – هو الرأي األول :أن المال المستفاد من غير جنس األصل
ال يضم إلى األصل وإنما يستأنف له حول جديد ؛ وذلك لآلتي :
-1قوة أدلتهم وسالمتها من المعارضة .
-2الرد على المعارضين ردًا قويًا .
-6أن ما روي عن ابن عباس وابن مسعود (رضي هللا عنهما) عارضه
روايات عن جمع من
الصحابة صرحت باشتراط الحول .
-9أن ما روي عن اإلمام أحمد (رحمه هللا) فسره ابن قدامة (رحمه هللا) بأن
المراد به زكاة الدين الذي قبضه في آخر العام فيزكيه مرة واحـدة حين
يقبضه ،وروي عنه روايـة أخرى تدل على ذلك .
-5قول ابن عبد البر (رحمه هللا) ( :والخالف في ذلك شذوذ ولم ِ
يعرج عليه
أحد من العلماء وال قال به أحد من أهل الفتوى )
-3قال ابن عبد البر (رحمه هللا) ( :وال أعلم أحداً من الفقهاء قال بقول
معاوية وابن عباس في إطراح مرور الحول ،إال مسألة جاءت عن
األوزاعي (رحمه هللا) إذا باع العبد أوالدار فإنه يزكي الثمن حين يقع في
يده إال أن يكون له شهر معلوم فيؤخره حتى يزكيه مع ماله .
قال :وهذا قول ضعيف متناقض ؛ ألنه إن كان يلزمه في ثمن الدار
والعبد الزكاة ساعة حصل بيده فكيف يجوز تأخيره ذلك إلى شهره المعلوم ،
وإن كان ال تجب الزكاة في ثمن الدار والعبد إال بعد استتمام حول كامل من
() 1
يوم قبضه فكيف يزكي ما ال يجب عليه فيه زكاة في ذلك الوقت )
-8أن معاوية إنما كان يأخذ من العطاء زكاة ذلك العطاء :ألنه كان يرى
حقه واجباً قبل دفعه إليه ،فكان يراه كالمال المشترك يمر عليه الحول في
حالة االشتراك .
(وأما) أبو بكر وعمر وعثمان فلم يأخذوا ذلك منها إذ لم يتحقق ملك من
أعطيها – عندهم -إال بعد القبض ؛ ألن لإلمام أن يصرفها إلى غيره
باالجتهاد (.)1
( )1شرح الزرقاني على موطأ مالك ج ، 196 /2المنتقى للباجي ج. 45 /2
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
المبحث الثالث
ال بسببه
حكم المستفاد من جنس األصل وليس متفرعاً عنه وال حاص ً
هذا هـو القسم الثالث من أقسام المال المستفاد ،وهـو ما حصل بسبب
مستقل عن األصل( ، )1فيدخل ما حصل بشراء أو إرث أو هبة أو صدقة
أو ثمن سلعة القنية ،ونحو ذلك ،و كان حصوله في خالل حول األصل ،
فهل يزكى على حول األصل أم يستأنف له حول جديد ،اخنلف الفقهاء فيه
على رأيين :
(2
الـرأي األول :وهو قول جمهور الفقهاء من الشافعية والحنابلة
والظاهرية ،وروي عن أبي بكر وعلي وابن عمر وعائشة وعطاء وعمر بن
عبد العزيز وسالم والنخعي ،وقول أبي حنيفـة في المستفاد إذا كان عوضاً عن
مال مزكى ،وقول المالكية في غير الماشية من الفوائد :
يرى أصحاب هـذا الرأي أن المستفاد في أثناء الحول مما هو من جنس
األصل ولكنه ليس متفرعًا عنه وال حاصالً بسببه ،بل حصل بسبب مستقل
كالشراء والهبة واإلرث والصدقة وغيرها :فإنه ال يضم إلى ما عنده وال يزكى
على حوله ،بل يستأنف له حول جديد – من يوم إستفادته أو قبضه – إذا
كان األصل نصابًا ،وإال فإذا اكتمل النصاب بضم المستفاد إلى األصل :
فالحول من يوم إفادة الثاني (.)6
( )1عرفها المالكية الفوائد بأنها :ماتجددت ال عن مال كالعطايا والهبة والميراث ،أو عن مال غير
مزكى كثمن عرض مقتنى من عقار أو حيوان أو غيرهما باعه بعين (.حاشية الدسوقي على الشرح
الكبير ج ، 936 – 932 /1التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب ج) 174 /2
ومن أمثلة الفوائد أيضاً :ما يملكه اإلنسان بصدقة أو استغالل أرض أو مسكن ،أو إجارة عبد ،أو نجوم
مكاتب ،أو أرش جناية أو دية وما أشبه ذلك ( .المعونة للقاضي عبد الوهاب ج) 285 /1
( )2قال عبد هللا بن أحمد بن حنبل (رحمهما هللا) :سألت أبي :على المال المستفاد زكاة ؟ قال :ال ،
حتى يحول عليه الحول ( .مسائل اإلمام أحمد رواية ابنه عبد هللا /ص – 132المحقق :زهير
الشاويش – الطبعة األولى – 1901هـ 1471 -م – المكتب اإلسالمي – بيروت )
( )6حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ج ، 936 /1الذخيرة للقرافي ج ، 65 /6الدر الثمين والمورد
المعين دمحم بن أحمد ميارة المالكي - 904 /المالكي -المحقق :عبد هللا المنشاوي1924هـ -
2007م -دار الحديث القاهرة ،المجموع للنووي ج ، 635 /5الحاوي الكبير للماوردي ج، 77 /6
المبدع البن مفلح ج ، 606 /2اإلنصاف للمرداوي ج ، 60 /6المحلى البن حزم ج. 148 /9
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
فإذا كان شخص عنده من الدراهم أقل من النصاب وفي أثناء الحول
مات له قريب فورث منه
خمسين ألفًا ،فيبتدئ الحول من وقت ملك الخمسين ألفًا ،ويكون
الحول للخمسين ألفًا وللدراهم السابقة ،وال يبتدئ الحول في الدراهم السابقة من
حين ملكها وفي الخمسين من حين ملكها(. )1
وفي هذا يقول اإلمام مالك (رحمه هللا) ( :كل ما يؤخذ في صداق أو
دية أو كتابة أو غلة العبيد والمساكن وثمن صوف الغنم وما يؤخذ في الجراح
()2
ال من يوم قبضها )والنفس :فتلك فوائد يأتنف بها من أخذها حو ً
ووافقهم اإلمام أبو حنيفة (رحمه هللا ) فيما إذا كان المستفاد ثمنًا ألصل
مزكى ،فإنه ال يضم إلى ما عنده من النصاب ،خالفًا للصاحبين .
وصورة المسألة :رجل له خمس من اإلبل السائمة (6ومائتا درهم ،فتم
الحول على السائمة وزكاها ،ثم باعها بدراهم ،ثم تم حول الدراهم ،فإنه يضم
الثمن إلى الدراهم التي عنده ويزكي الكل عند الصاحبين ،وعند أبي حنيفة :
ال على حدة (.)9يستأنف لها حو ً
( )1الشرح الممتع على زاد المستقنع دمحم بن صالح بن دمحم العثيمين (المتوفى1921 :هـ)ج- 21/3
الطبعة :األولى 1927 - 1922 ،هـ -دار ابن الجوزي .
المدَّونة من غيرها من األمهات ألبي دمحم عبد هللا بن (أبي زيد) عبد النوادر و ِ
الزيادات على َما في َ (َّ )2
الرحمن النفزي ،القيرواني ،المالكي (المتوفى673 :هـ)ج - 125 /2تحقيق :الدكتور /عبد الفتاح
محمد حجي وجماعة - -الطبعة :األولى 1444 ،م -دار الغرب َّ دمحم الحلو -الدكتور/
اإلسالمي ،بيروت .
( )6ولو جعل هذه اإلبل علوفة بعدما زكاها ثم باعها ثم حال الحول على الدراهم التي عنده :فإنه يضم
ثمنها إلى ما عنده فيزكى الكل بحول الدراهم ،والصحيح أن هذا باتفاق ،والدليل على ضمها :أنه
لما جعلها علوفة فقد خرجت من أن تكون مال الزكاة بفوات وصف النماء ،فجعل كأن مال الزكاة قد
هلك وحدثت عين أخرى من حيث المعنى ،فال يؤدى إلى الثنى من وجه ( .بدائع الصنائع للكاساني
ج ، 911 – 910 /2تحفة الفقهاء لعالء الدين السمرقندي ج ، 965 – 969 /1البحر الرائق البن
نجيم ج.) 290 -264 /2
( )9بدائع الصنائع للكاساني ج ، 911 – 910 /2تحفة الفقهاء لعالء الدين السمرقندي ج– 969 /1
، 965البحر الرائق البن نجيم ج. 290 -264 /2
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
واتفقوا على ضم ثمن طعام أدى عشره ثم باعه ،وثمن أرض معشوره ،
وثمن عبد أدى صدقة فطره (.)1
ويرى جمهور الشافعية وهو المذهب عندهم ،والصحيح من مذهب
الحنابلة :
أنه وإن كان ال يضم إلى األصل في الحول لكنه يضم إليه في إكمال
النصاب ( ،)2فيزكى كل واحد
إذا تم حوله ،وال يعتبر النصاب في المستفاد اكتفاء بضمه إلى جنسه
أو ما في حكمه (.)6
مثاله :لو اشترى غرة المحرم ثالثين بقرة ،واشترى عشرة أخرى أول
رجب ،فعليه في الثالثين تبيع في المحرم وللعشرة ربع مسنة عند رجب ،ثم
عليه بعد ذلك في كل حول ثالثة أرباع مسنة عند المحرم وربعها عند رجب(.)9
الـرأي الثاني :وهو رأي أبي يوسف ودمحم من الحنفيـة وسفيان
الثوري(رحمهم هللا) ،ورأي المالكيـة في الماشيـة ،وبه قال أبو حنيفة إذا لم
يكن المستفاد عوضاً عن مال مزكى وحكي عن أحمد رواية في األجرة بمثله :
( ) 1بدائع الصنائع للكاساني ج ، 911 /2درر الحكام شرح غرر األحكام لمنال خسرو (ت 775هـ)
ج – 184 /1طبعة دار إحياء الكتب العربية .
( )1خالفاً البن سريج من الشافعية وهو القول الثاني عند الحنابلة :أن المال المستفاد كما ال يضم إلى
األصل في الحول
اليضم إليه في النصاب ،فيعتبر النصاب في المستفاد أيضاً .
وعلى هذا القول :ال ينعقد حول العشرة حتى يتم حول الثالثين ثم يستأنف حول الجميع ( .المجموع
للنووي ج) 635 /5
( )6المجموع للنووي شرح المهذب ج ، 635 /5أسنى المطالب لزكريا األنصاري ج ، 656 /1كشاف
القناع للبهوتي ج ، 188 /2اإلنصاف للمرداوي ج. 60 /6
( )9حاشية البجيرمي على شرح منهج الطالب ج ، 19 /2فتح الوهاب لزكريا األنصاري ج، 126 /1
المجموع للنووي ج. 635 /5
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
يرى أصحاب هذا الرأي :أنه إذا إستفاد ماالً من جنس نصاب عنده
خالل الحول بشراء أو هبة أو وصية أو ميراث ونحوها :ضمه إلى ما عنده
وزكاه كله عند تمام حول األصل(. )1
الرأي الثالث :وبه قال ابن عباس وابن مسعود ومعاوية (رضي هللا
عنهم):
أنه اإلنسان إذا إستفاد ماالً بهبة أو ميراث أو عطاء :لزمته زكاته من
غير حول يعتبر(. )2
وبه قال األوزاعي (رحمه هللا) فيما إذا باع العبد أوالدار فإنه يزكي الثمن
حين يقع في يده ،إال أن يكون له شهر معلوم فيؤخره حتى يزكيه مع ماله(. )6
سبب اختالف الفقهاء
والسبب في اختالفهم هو :هل حكمه حكم المال الوارد عليه ؟ ،
أم حكمه حكم مال لم يرد على مال آخر ؟.
فمن قال :حكمه حكم مال لم يرد على مال آخر فيه زكاة :قال ال
زكاة في الفائدة .
ومن جعل حكمه حكم الوارد عليه وأنه مال واحد قال :إذا كان في
الوارد عليه زكاة بكونه نصاباً :اعتبر حوله بحول المال الوارد عليه .
وعموم قوله (صلى هللا عليه وسلم) " :ال زكاة في مال حتى يحول
عليه الحول " يقتضي أال يضاف مال إلى مال إال بدليل (.)9
( )1البحر الرائق البن نجيم ج ، 290 -264 /2النهر الفائق ج ، 912 /1تحفة الفقهاء لعالء الدين
السمرقندي ج ، 966 /1تحفة األحوذي بشرح جامع الترمذي لمحمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم
المباركفورى (المتوفى1656 :هـ) ج - 220 /6دار الكتب العلمية – بيروت ،شرح منح الجليل
لمحمد عليش ج ، 5 /2اإلشراف على نكت مسائل الخالف ج ، 671 /1اإلنصاف للمرداوي ج/6
، 60الفروع لمحمد بن مفلح بن دمحم بن مفرج ،أبو عبد هللا ،شمس الدين المقدسي (ت 836هـ)
ج - 980 /6المحقق :عبد هللا بن عبد المحسن التركي -الطبعة :األولى 1929هـ 2006 -مـ -
الناشر :مؤسسة الرسالة .
( )2الحاوي الكبير للماوردي ج، 77 /6
( )6اإلستذكار البن عبد البر ج. 165 /6
( )9بداية المجتهد ونهاية المقتصد البن رشد ج. 658 /1
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
األدلــة
أو ًال :أدلة الرأي األول :استدلوا على اشتراط حوالن الحول بأدلة من
السنة واألثر والقياس والمعقول :
أوالً :دليل السنة :عموم قول النبي (صلى هللا عليه وسلم) :
)1(.
ول َعَل ْي ِه اْل َح ْول» َّ « َال َزَك ِ
اة في َمال َحتى َيح َ
َ
وجه االستدالل بالحديث :عموم الحديث يشمل المال األصلي
،وال ()2
والمستفادِ ،
فالزمه :أن ال زكاة في المستفاد حتى يحول عليه الحول
يستثنى منه شيء إال بدليل ،كالزروع والثمار والنتاج والربح ،ولم يرد ما يدل
()6
؛ ألن المال على استثناء شيء غيرها من شرط الحول فيبقى على العموم
()9
،فيدخل في الحديث. المستفاد لم يحل عليه الحول
قال الخطابي (رحمه هللا ) :إنما أراد به المال النامي كالمواشي والنقود
ألن نماءها ال يظهر إال بمضي مدة الحول عليها ،فأما الزروع والثمار فإنها ال
يراعى فيها الحول وإنما ينظر إلى وقت إدراكها واستحصادها فيخرج الحق
منها ،وفيه حجة لمن ذهب إلى أن الفوائد واألرباح يستأنف بها
الحول وال تبنى على حول األصل(.)5
ونظ ًار لكثرة هـذه اآلثار وقوتها ،قال البيهقي (رحمه هللا) ( :واالعتماد
في ذلك على اآلثار الصحيحة فيـه عن أبي بكر الصـديق (رضي هللا عنه)
()1
وعثمان بن عفان وعبد هللا بن عمر وغيرهم( رضي هللا عنهم )
ثانيًا :دليل األثر :وردت آثار كثيرة عن الصحابة تدل على اشتراط
الحول منها :
اة ِفي َمال َحتَّى
-1ما روي عن ابن عمر (رضي هللا عنهما ) قال َ « :ال َزَك َ
()2
ول َعَل ْي ِه اْل َح ْول »
َيح َ
وجـه االستدالل باألثر :دل األثر على أن المال ال تجب فيه زكاة
(6
،فال تجب فيه حتى يحول عليه الحول ،والمستفاد لم يحل عليه الحول
الزكاة ،وهللا أعلم .
والكالم هنا عام في جميع األموال إال ما استثني كالخارج من األرض
من حب وتمر ومعدن وركاز وعسل .
أما الحب والتمر :فلقوله تعالى " :وآتوا حقه يوم حصاده " ،وايجاب
الحق يوم الحصاد ينافي اشتراط الحول ،وألن نماءه يتناهى بجعله في الجرين
فوجب أن تستقر الزكاة إذًا ،إذ الحكمة في اشتراط الحول تكامل النماء ،وهذا
قد تكامل نماؤه ،ولهذا قلنا :ال يشترط الحول في المعدن .
وأما الركاز والعسل :فألن بوجودهما حصل النماء ،ويستثنى أيضًا :
نتاج السائمة وربح التجارة ،
( 1سنن البيهقي ج -) 8289( 130 /9كتاب الزكاة – باب ال زكاة في مال حتى يحول عليه الحول .
َن َال ِ َّ النِب ِي َّ اب َّاحد ِم ْن أَصح ِ( )2سبق تخريجه /ص .65وَق ْد رِوي ع ْن َغي ِر و ِ
صلى هللا َعَل ْيه َو َسل َم أ ْ َ ْ َ ْ َ َ َ َ
زَكاة ِفي اْلمستَف ِاد حتَّى يحول عَلي ِه اْلحول ،يروى َذلِك عن أَِبي ب ْكر ،وعلِي ،وابن عمر ،وع ِائش َة ،وبِهِ
َ َ َ ْ َ ََ َ َ ََ َ َ َْ َْ ْ َ َ َ َ َ ْ َْ َ َ
اق ( .شرح ح ِس إو ، د م َح
أ
و ، ي الش ِاف ِ
ع َّ ل و ق و هو ، ِ
يز زِ ع ل ا اهيم النَّخ ِعي ،وعمر بن عب ِ
د طاء ،وإِبر ِ ع
َ َْ َ ْ َ َ َ ِ َ
َ َ ْ ْ
َ َ ْ َْ َ َ َ َْ َ ال َ
َق َ
السنة للبغوي )24 /3
( )6يراجع :البيان للعمراني ج. 155 /6
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
فإن حولهما حول أصلهما إن كان نصاباً ،وإال فمن كمال النصاب ؛
ألن الماشية تختلف وقت والدتها ،فإفراد كل واحدة بحول يؤدي إلى حرج
ومشقة ،وهما منتفيان شرعًا ،وربح التجارة في
معنى النتاج ؛ لعدم ضبط حولها (.)1
فإن قيل :الالم للعهد ،أي حول المال الذي كان معه ،أجيب :بل
للعهد العام الذي هو اثنا عشر شه ًار (.)2
ِِ ِ
يق َل ْم َيك ْن َيأْخذ -2ما روي عن اْلَقاسم بن دمحم (رحمه هللا) « ِإ َّن أ ََبا َب ْكر الصد َ
ول َعَل ْي ِه اْل َح ْول» ِم ْن مال َزَك ً َّ
اة َحتى َيح َ َ
ِ
َعط َيات ِه ْمَ ،ي ْسأَل َِّ
الرج َلَ « :ه ْل اس أ ْ طى َّ
الن َ َع َان أَبو َب ْكر ِإ َذا أ ْ ال َ :وَك َ َق َ
الزَكاة؟» َفِإ َذا َقال :نعم« ،أَخ َذ ِمن ع َ ِ ِ يه َّ ِعندك ِمن مال وجبت عَليك ِف ِ
طائه َزَكاةَ َ ْ َ َ ََْ َْ َ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ َ
اءهَ ،وَل ْم َيأْخ ْذ ِم ْنه َش ْيًئا» الَ :ال« .أ َْسَل َم ِإَل ْي ِه َع َ ِ ِ
()6
طَ َذل َك اْل َمال»َ ،وِإ ْن َق َ
ِ ِ ِ
ال :ك ْنت ِإ َذا ِج ْئت ع ْث َم َ
ان يها أََّنه َق َ
ِ
ام َةَ ،ع ْن أَب َ -6ما روي عن َعائ َش َة ب ْنت ق َد َ
ط ِائي،
ان أَ ْقِبض َع َ ْب َن َعَّف َ
الَ :فِإ ْن قْلت: يه َّسأََلِني« :هل ِعندك ِمن مال وجبت عَليك ِف ِ
الزَكاة؟» َق َ َ ْ َْ َ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ َ َ
ط ِائي» ال»َ .وِإ ْن قْلتَ :الَ « .دَف َع ِإَل َّي َع َ ط ِائي َزَكاةَ َذِل َك اْلم ِ
َ َخ َذ ِم ْن َع َ َن َع ْم« .أ َ
(.)9
وجه االستدالل باآلثار :األثران صريحان في اشتراط حوالن الحول على
المال المستفاد خاصة ،وهـذا يخصص عموم األدلـة السابقة ؛ ألن العطايا نـوع
من المال المستفاد ،ولم يأخذ أبو بكر وعثمان (رضي هللا عنهما) منها زكاة
حتى يحول عليها الحول ،وهللا أعلم .
ووجه أخذ أبي بكر وعثمان(رضي هللا عنهما) من األعطية :أن زكاة
العين كان يقبضها الخلفاء ،كما كانوا يقبضون زكاة الحبوب والماشية
ويعاملون الناس في أخذ ما وجب عليهم من الزكاة ،معاملة من له دين قد
()1
. وجب على من له عنده مال يقتطعه منه
واحتج بفعل أبي بكر (رضي هللا عنه ) في ذلك :ألنه كان الخليفة ،
وهو الذي كان يتولى أخذ الصدقات من مال الصحابة وأهل العلم ،ولم ينكر
أحد منهم فعله في ذلك ،مع اجتهاده في طلب
()2
. الصدقات وقتاله المانعين للزكاة ،فثبت أنه إجماع
ثالثًا :دليل القياس :استدلوا من القياس بثالثة أدلة :
*األول :القياس على المستفاد من غير الجنس ؛ ألنه أصل في
نفسه تجب الزكاة في عينه ،
فوجب أال يعتبر حوله بغيره ،أصله إذا كانت الفائدة من غير جنس
ماله (.)6
** أجيب :من وجهين :
-1بأن المستفاد بخالف الجنس ليس بتابع بل هو أصل في نفسه ،أال ترى
()9
. أن األصل ال يزداد به وال يتكثر
-2أنها لو كانت موجودة في أول الحول لم يضمها إلى ما عنده ،فكذلك إذا
وجدت في خالل الحول ،كما لو كانت الفائدة من غير السائمة (.)5
*الثاني :القياس على ما لو استفاده وال مال له غيره ؛ ألنه مال
ملكه بسبب منفرد فاعتبر له الحول ،أشبه ما لو استفاده وال مال له غيره (.)3
*الثالث :القياس على الجزية ؛ ألن الزكاة وجبت على المسلمين نعمة
وتطهي ًار ،والجزية على المشركين نقمة وصغا ًار ،فلما لم تجب الجزية إال
بالحول ،لم تجب الزكاة إال بالحول (.)1
رابعًا :عمل أهل المدينة :قال اإلمام مالك (رحمه هللا) ( :األمر
المجتمع عليه عندنا في إجارة
العبيد وخراجهم وكراء المساكين وكتابة المكاتب :أنه ال تجب في شيء
من ذلك الزكاة قل ذلك أو كثر حتى يحول عليه الحول من يوم يقبضه
صاحبه) (.)2
خامسًا :دليل المعقول :استدلوا من المعقول بثالثة أدلة :
األول :أن زكاة األموال وجبت لنمائها ،فاقتضى أن يكون زمان النماء
وهو الحول معتب ًار فيها(.)6
الثاني :ألن هذا النوع فائدة غير متولدة مما عنده تجب الزكاة في
عينها ،فوجب أن يكون حولها معتب اًر بنفسها ،أصله :ما وافق عليه أبو
حنيفة فيمن معه مائتا درهم قد أخرج زكاتها ،وأربعون من الغنم قد بقي شهر
من حولها ،فاشترى بالمائتين إحدى وثمانين شاة ،قال أبو حنيفة (رحمه هللا)
ال يجب أن يزكيها بحول األربعين ،ويستأنف لها الحول من يوم ملكها ؛ ألنه
قد زكى أصلها وهو المائتان ،ولو لم يزك أصلها ضمها ،وهذا حجة عليه
مقنعة .
الثالث :أن في ضم المال المستفاد من غير النتاج ما يؤدي إلى
مخالفة أصول الزكوات ؛ ألنها تجب في الحول مرة ،وذلك يؤدي إلى إيجابها
في الحول م ار ًار ،وهذا مناف ألصول الزكوات المقدرة على إيجابها في كل
حول مرة (.)9
( )1اإلشراف على نكت مسائل الخالف للقاضي عبد الوهاب ج. 672 – 671 /1
( )2شرح الخرشي على مختصر خليل ج ، 194 – 197 /2منح الجليل على مختصر خليل لمحمد
عليش ج /2ص. 5
( )6شرح الخرشي على مختصر خليل ج. 194 /2
( )9األموال ألبي عبيد . 508 /
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
( )1يراجع :المجموع للنووي ج ، 638 / 5أسنى المطالب لزكريا األنصاري ج ، 656 /2فتح الوهاب
لزكريا األنصاري ج ،126 /1حاشية البجيرمي على شرح منهج الطالب ج. 16 /2
( )2أسنى المطالب لزكريا األنصاري ج. 656 /1
( )6أخرجه البخاري في صحيحه ج - ) 1959 ( – 675 /1كتاب الزكاة – باب زكاة الغنم .
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
وكذلك السائمة إذا جعلها علوفة فقد خرج من أن يكون غنيًا بها شرعًا ،
فبالبيع استفاد صفة الغنى ،فهو والمستفاد بالهبة سواء بخالف ما نحن فيه
(.)1
ثالثًا :أدلــة الرأي الثالث :
الرج ِل َي ْستَِفيد -1ما روي َع ْن ِع ْك ِرمـَ َةَ ،ع ِن ْاب ِن َعبَّاس (رضي هللا عنه) ِفي َّ
()2
ين َي ْستَِفيده» ِ ِ ِ
ال « :ي َزكيـه ح َ َم ًاال َق َ
-2ما روي عن هبيرة بن يريم (رحمه هلل) قال ( :كان عبد هللا يعطينا
ِ ِ
ص َدَق َة أ ْعط َيات ِه ْم َقْب َل أ ْ
َن َي ْدَف َع َها ان َيأْخذ َ العطاء...إلى أن قال َ :وَك َ
()6
ِإَل ْي ِه ْم )
ِ ِ
ال « :أََّول -6ما روي عن َمالك (رحمه هللا) َع ِن ْاب ِن ش َهاب (رحمه هللا ) َق َ
()9
اة م َع ِاوَية » َع ِط َي ِة َّ
الزَك َ
من أ ِ
َخ َذ م َن ْاأل ْ
َْ َ
قال ابن عبد البر(رحمه هللا)( :يريد أخذ زكاتها نفسها منها ال أنه أخذ
() 5
منها عن غيرها مما حال عليه الحول)
وجه االستدالل بهذه اآلثار :هـذه اآلثار المروية عن غير واحـد من
الصحابة تـدل على عملهم وقولهم بوجوب تزكية هذا النوع من المال المستفاد
فور استفادته دون انتظار لحوالن الحول ،وهللا أعلم .
مناقشة أدلة الرأي الثالث :
أوالً :مناقشة االستدالل بقول ابن عباس (يزكيه حين يستفيده)
قال أبو عبيد (رحمه هللا) قد تأول الناس أن ابن عباس أراد الذهب
والفضه ،وال أحسبه أراد ذلك ،وكان عندي أفقه من أن يقول هذا ؛ ألنه خارج
من قول األمة ،ولكني أراه أراد زكاة ما تخرج األرض ،فإن أهل المدينة
ال يجب فيه الصدقة حين يملكه يسمون األرضين أمواالً ،وال نعلم في السنة ما ً
ربه سوى ما تخرج األرض ،فإن لم يكن ابن عباس (رحمه هللا) أراد هذا ،فال
()1
. أدري ما وجه حديثه
ثانيًا :مناقشة استداللهم بأثر عبد هللا بن مسعود :
قال أبو عبيد (رحمه هللا) وإنما وجه حديث عبد هللا عندي على مذهب
حديث أبي بكر وعثمان :
أنهما إنما كانا يأخذان الزكاة لما قد وجب قبل العطاء ال لما يستقبل ،
ول َعَل ْي ِه ِ ِ َّ
يبين ذلك قوله في حديث آخر " َم ِن ْ
استََف َاد َم ًاال َف َال َزَكاةَ فيه َحتى َيح َ
اْل َح ْول" ،وكذلك حديث يروى عن طارق بن شهابَ ( :2ك َان ْت أ ْع ِط َيات َنا تَ ْخرج
ِ َّ ِ
يها ) ،فهذا يبين لك أن الزكاة لم في َزَم ِن ع َم َر َل ْم ت َزكََّ ،حتى كَّنا َن ْحن ن َزك َ
تكن تؤخذ من العطايا إال لما كان عندهم ،ولو كان للعطاء ألخذ منه الزكاة .
وقوله (حتى كنا نحن نزكيها) :فقد يحتمل أن يكون أراد إنا نخبرهم بما
يجب علينا نحن من الزكاة ،فقد تواترت اآلثار عن ِعلية أصحاب رسول هللا
(صلى هللا عليه وسلم) بهذا ،ولم يذكروا ما يضاف إلى المال أنه يزكى معه ،
ولو أرادوا هذه المنزلة لدفعوا إليهم العطاء حتى يصير مضافاً إلى ما عندهم ،
ثم يأخذوا الزكاة من المالين جميعاً (.)6
يقوي ذلك أن من نسب إليهم القول بعدم اشتراط الحول ،منهم من روي
عنه القول باشتراط الحول ،فقد روي عن ابن مسعود قوله ( :من استفاد ماالً
فال زكاة فيه حتى يحول عليه الحول )
ومثل ذلك عمر بن عبد العزيز قال ( :ال تأخذوا من أرباح التجار شيئاً
حتى يحول عليها الحول )
قال أبو عبيد :أَفَلست ترى أن عمر استأنف بالربح حو ً
ال ولم يضمه إلى
أصل المال ثم يزكيه معًا ؟ فإذا كان ال يرى أن يضم نماء المال إليه وهو منه،
فالفائدة من ذلك أبعد (.)1
ثالثًا :مناقشة االستدالل بفعل معاوية :أن السبب في أخذ معاوية أنها
كانت لهم فبل دفعها إليهم ،فجرت عنده مجرى األموال المشتركة يجري فيها
الحول في حال اشتراكها ،أما أبو بكر وعمر
وعثمان فلم يكونوا يأخذوا منها الزكاة ؛ ألنها لم يتحقق ملك من أعطيها
لها إال بعـد اإلعطاء
والقبض ؛ ألن لإلمام أن يصرفها إلى غيرهم إذا أداه اجتهاده إلى ذلك ،
فوجب أن يراعى الحول فيها من وقت قبضهم لها وصحة ملكهم إياها (.)2
قال ابن عبد البر(رحمه هللا) ( :وال أعلم أحداً من الفقهاء قال بقول
معاوية ) .
رابعاً :مناقشة قول األوزاعي (رحمه هللا) :بأن هذا قول ضعيف
متناقض ؛ ألنه إن كان يلزمه في ثمن الدار والعبد الزكاة ساعة حصل بيده ،
فكيف يجوز تأخيره ذلك إلى شهره المعلوم ،وإن كان ال تجب الزكاة في ثمن
الدار والعبد إال بعد استتمام حول كامل من يوم قبضه ،فكيف يزكى
ما ال يجب عليه فيه زكاة في ذلك الوقت (.)6
الترجيــح
بعد عرض آراء الفقهاء وأدلتهم ومناقشتها ،ترى الباحثة :أن الراجح –
وهللا تعالى أعلم – هو الرأي األول :أن المال المستفاد من جنس األصل لكنه
ليس متفرعًا عنه وال حاصالً بسببه ،ولكن بسبب مستقل ال تجب فيه الزكاة
حتى يحول عليه الحول وال يضم لألصل ،وذلك لآلتي :
-1قوة أدلتهم وردهم على مناقشات المعارضين ردًا قويًا .
-2ردهم على أدلة المعارضين رداً قوياً وتفنيدها .
-6أن الحديث الذي استدلوا به وإن البعض قد ضعف سنده فقد صححه
غيرهم ،وكثرة اآلثار عن الصحابة تقويه ،وهو حديث عام في كل
األموال إال ما استثني بدليل ،ولم يرد ما يدل على استثناء هذا النوع من
المال المستفاد ،فيبقى على حكم العموم .
-9أن القول بتزكية المال فور استفادته لم يقل به إال صحابيين فقط ،هما
ابن عباس وابن مسعود ،وقد َّأول الباجي فعل معاوية ،وأول أبو عبيد ما
روي عن ابن عباس ،فال حجة فيه لهم .
-5أن من روي عنه القول بتزكيته فور استفادته روي عنهم روايات
مختلفة ،بعضها باشتراط الحول وبعضها بعدمه ،مما جعل بعض العلماء
يعتبر رأي الجمهور إجماعاً أو شبه إجماع ،ومن ذلك :
قول ابن عبد البر ( :وال أعلم من وافقه إال ابن عباس ...وهذا شذوذ
()1
لم يعرج عليه أحد من العلماء وال قال به أحد من أئمة الفتوى )
وقول الباجي ( :واحتج بفعل أبي بكر (رضي هللا عنه ) في ذلك :ألنه
كان الخليفة ،وهو الذي كان يتولى أخذ الصدقات من مال الصحابة وأهل
العلم ،ولم ينكر أحد منهم فعله في ذلك ،مع اجتهاده في طلب الصدقات
()1
. وقتاله المانعين للزكاة ،فثبت أنه إجماع)
-3أما تفريق المالكية بين الماشية ويرها وكذلك تفريق أبي حنيفة بين ما كان
عوضًا عن مال مزكى وغيره ،وتفريق الشافعية بين الضم في الحول
والضم في النصاب :فلم يقل به أحد قبلهم ولم يرد في كتاب وال سنة .
وقد ردها ابن حزم (رحمه هللا )بأنها تقاسيم فاسدة متناقضة ال دليل على
صحة شيء منها ،ال من قرأن وال من سنة صحيحة ،وال من رواية سقيمة ،
وال من إجماع وال من قياس ،وال من رأي له وجه (.)2
المبحـث الرابع
التطبيقات المعاصرة للمال المستفاد وكيفية زكاتها
سبق ذكر أن الحياة المعاصرة قد كشفت عن أوضاع مالية
واقتصادية جديدة ال نجد في التراث الفقهي ما يعطي أجوبة مناسبة لما تطرحه
من أسئلة ،وال تضع حلوالً ناجعة لما يترتب عليها من مشكالت ،وخاصة في
موضوع الزكاة .
ال طائلة يتم اكتسابها بطرق جديدة ،وهي
فإن هناك أمو ار تجددت وأموا ً
أموال طيبة ينبغي أن تؤدى زكاتها ،إال أنه ال يوجد ما يدل صراحة على
كيفية تزكيتها ،ومنها الرواتب واألجور وكسب المهن الحرة ،والكالم فيها في
مطلبين :
المطلب األول :التكييف الفقهي للرواتب وغيرها من صور كسب العمل .
المطلب الثاني :كيفيـة تزكيـة الرواتب وغيرها من صوركسب العمل .
المطلب األول
التكييف الفقهي لألجـور والرواتب وغيرها
من صـور كسب العمل
لم يتكلم الفقهاء القدامى عن حكم زكاة رواتب الموظفين وكسب أصحاب
المهن الحرة تصريحًا ،ولعل السبب في ذلك :أنها لم تكن تأخذ الشكل
المعروف حالياً ،أو لم تكن تصل إلى حد النصاب ،فلم يكن من الضروري
ال آخر في زماننا وأصبح
تناولها بالبحث والدراسة ،أما وإنها قـد أخذت شك ً
راتب الموظف أو غيره من أصحاب المهن الحرة أضعاف النصاب في بعض
األحيان ،فكان البد من بحث هذه المسألة ودراستها ،لذا فقد لجأ الفقهاء
المحدثين إلى التخريج الفقهي لهذه المسألة من كتب الفقهاء القدامى ،واختلفوا
في ذلك على رأيين :
الرأي األول :يرى أصحاب هذا الرأي أن التكييف الفقهي المناسب
لكسب العمل والمهن الحرة هو :أن يعتبر هذا الكسب ماالً مستفادًا ،وتجري
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
عليه أحكام الزكاة المتعلقة بالمال المستفاد ؛ ألن ما يتقاضاه الموظف كل
شهر وما يكسبه الطبيب والمحامي والمهندس وغيرهم من ذوي المهن الحرة
يعتبر ماالً مستفادًا بكل المقاييس .
والنوع الذي يعنينا هنا :هو النوع الثالث من أنواع المال المستفاد ،وهو
المال الذي لم يكن نماء لمال عنده بل استفيد بسبب مستقل ،كأجر على
عمل ،أو غلة رأس مال أو هبة أو نحو ذلك ،وسواء كان
من جنس مال عند المستفيد أم من غير جنسه ،فهذا النوع هو الذي
يصدق عليه كسب العمل .)1
وقد سبق ذكر اختالف الفقهاء في اشتراط حوالن الحول على هذا النوع
من المال المستفاد ،ومن هنا فقد اختلف الفقهاء القائلون بأن كسب العمل
والمهن الحرة تخضع لحكم المال المستفاد ،على قولين :
القول األول :يرى أصحاب هذا القول :أنه يشترط في زكاة كسب
العمل والمهن الحرة أن يحول عليها الحول (.)2
ونظ اًر لتكرر الراتب فيكون ضبط الحول مما يشق ،مع اختالط أموال
الرواتب وغيرها ببعضها ،؛ لذلك فإنه يشرع للمكلف تحديد يوم في السنة لزكاة
رواتب السنة كلها؛ فينظر ما لديه من نصاب ويزكيه ،فما كان منه قد حال
عليه الحول وجبت زكاته ،وما لم يحل حوله فإن زكاته تكون زكاة معجلة ،
وبذلك أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء بالمملكة العربية السعودية،
حيث جاء في الفتوى ما يلي:
( )1زكاة رواتب الموظفين وكسب أصحاب المهن الحرة للدكتور :اليزيد بن دمحم الراضي ص - 13تقديم
/األستاذ مبارك متقي (عضو المجلس العلمي) ،زكاة رواتب ودخول الموظفين الشهرية للدكتور
مراد رايق رشيد عودة /ص – 5بحث مقدم إلى مؤتمر الزكاة – كلية الشريعة – جامعة النجاح
الوطنية – فلسطين – 1411هـ 1011 -م ،نوازل الزكاة – دراسة فقهية تأصيلية لمستجات الزكاة –
لعبد هللا بن منصور الغفيلي /ص -191دار الميمان للنشر والتوزيع – الرياض – المملكة العربية
السعودية ،ويراجع :الفقه اإلسالمي وأدلته للدكتور .وهبة الزحيلي ج – 8947 /10الطبعة الرابعة
– دار الفكر .
( )2نوازل الزكاة لعبد هللا بن منصور الغفيلي /ص ، -241زكاة رواتب ودخول الموظفين الشهرية
للدكتور مراد رايق رشيد عودة /ص . 5
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
( )1نوازل الزكاة -دراسة فقهية تأصيلية لمستجدات الزكاة -لعبد هللا بن منصور الغفيلي246 -241 /
-الطبعة :األولى 1960 ،هـ 2004 -م -دار الميمان للنشر والتوزيع ،الرياض -المملكة العربية
السعودية ،القاهرة -جمهورية مصر العربية
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
( )1زكاة رواتب الموظفين وكسب أصحاب المهن الحرة – د /اليزيد بن دمحم الراضي /ص. 69 -66
( )2المرجع السابق ، /اإلسالم واألوضاع االقتصادية للشيخ دمحم الغزالي /ص – 117 -118الطبعة
الثالثة – 2005م -دار نهضة مصر ،زكاة رواتب ودخول الموظفين – د .مراد رايق رشيد عودة
/ص. 5
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
أونقص ،أو بقي على حاله ،ما دام قد مر عليه عام ،وقد فرض اإلسالم -
كذلك -زكاة في الزروع والثمار جعلها العشر أو نصف العشر.
والزكاة في هذه الصورة قد اعتبرت على أساس الدخل الناتج ،مر عليه
العام أو لم يمر ،وال عبرة فيها برأس المال المغل -وهو األرض المزروعة،
قلت قيمتها أو عظمت ومن هنا نستطيع الحكم بأن قاعدة فرض الزكاة في
اإلسالم ،قد تكون رأس المال ،وقد تكون مقدار الدخل ،ونخلص من هذا إلى
أن من له دخل ال يقل عن دخل الفالح ،الذي تجب عليه الزكاة ،يجب أن
يخرج زكاة مساوية ،وال عبرة البتة ،برأس المال ،وال بما يتبعه من شروط.
فالطبيب والمحامي والمهندس والصانع وطوائف المحترفين والموظفين
()1
. وأشباههم تجب عليهم زكاة ،والبد أن تخرج من دخلهم الكبير )
وفي نهاية كالمه أشار الشيخ رحمه هللا إلى أن هذا األمر ال يستقل به
واحد من العلماء وأنه يحتاج إلى تعاون العلماء ،فقال ( :ومن الممكن
إيضاح التفاصيل ،وتفريع المسائل ،وتحـديد القيم ،بعد أن يتقرر هـذا األصل
الخطير ،واألمر ال يستقل بـه تفكير واحـد ،بل يحتاج إلى تعاون العلماء
()2
والباحثين).
ومن المالحظ :أن هـذا الرأي يشبه القول الثاني من الرأي األول ،فإنه
وإن كان قياسهم مختلف إال أن النتيجة واحـدة ،وهي :أن المال المستفاد
يزكى فور استفادته دون انتظار للحول ،وهللا أعلم.
( )1اإلسالم واألوضاع االقتصادية للشيخ دمحم الغزالي /ص – 117 -118الطبعة الثالثة – 2005م-
دار نهضة مصر .
( )2اإلسالم واألوضاع االقتصادية للشيخ دمحم الغزالي /ص . 117
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
ال بد إذًا من تقدير الزكاة على أولئك جميعًا ،وما دامت العلة المشتركة
التي يناط بها الحكم موجودة في الطرفين ،فال ينبغي ِ
المراء في إمضاء هذا
()1
القياس وقبول نتائجه.
-2أن اشتراط الحـول يعني إعفاء كثير من كبار الموظفين وأصحاب المهن
الحرة ،من وجـوب الزكاة في دخلهم الضخم ،وإعفاء الذي يبعثر ماله ذات
اليمين وذات الشمال ،دون أن يحـول عليه الحـول من الزكاة ،وإيجابها
على المعتدلين المقتصدين الذين يدخرون أو يستثمرون ما تجب فيه الزكاة
ويحول عليه الحول ،ال يتفق مع حكمة الشريعة وعدالتها ،وال يمكن أن تأتي
الشريعة بشرط -مرور الحول -يخفف على المسرفين ،ويضع العبء
على كاهل المقتصدين.
-6تزكية المال المستفاد عقب استفادته أنفع للفقراء و المحتاجين مع سهولة
التحصيل للحكومـة ،وسهولة دفع الزكاة على الممول ،وذلك بأخذها من
رواتب الموظفين والعمال.
-4أن إيجاب الزكاة في الدخول المستفادة ،يتفـق وهـدي اإلسالم في غرس
معاني البر والبـذل والمواساة ،واإلعطاء في نفس المسلم ،واإلحساس
بالمجتمع والمشاركة في احتمال أعبائه ،وجعل ذلك فضيلة دائمة له،
وعنص ًار أساسيا من عناصر شخصيته ،و اشتراط الحول يجعل كثي ار من
الناس يكسبون وينفقون ويتمتعون وال ينفقون في سبيل هللا وال يواسون من لم
يؤته هللا نعمة الغنى.
-5عـدم اشتراط الحـول للمال المستفاد أعـون على ضبط أموال الزكاة ،وتنظيم
شأنها ،بالنظر للمكلف الذي تجب عليه الزكاة ،وبالنظر لإلدارة التي
تتولى جباية الزكاة ،إذ على القول باشتراط الحول ،يجب على كل من
ال -قل أو كثر من راتب أو مكافأة أو غلـة عقار أو غير ذلك
يستفيد ما ً
من ألوان اإليراد المختلفة -أن يحدد تاريخ ورود كل مبلغ ،ومتى يتم
حوله ،ليخرج زكاته في حينه ومعنى هذا أن الفرد المسلم ،قد تكون عنده
في العام الواحد ،عشرات المواقيت لمقادير ما استفاد من أموال في أزمنة
مختلفة ،وهذا أمر يشق ضبطه ،وهـو عند قيام الحكومة بجباية الزكاة أمر
يعسر حصره وتنظيمه ،ومن شأنه أن يعطل جباية الزكاة ويعوق سيرها(.)1
المناقشة
نوقشت أدلة القائلين بتزكية هذه األموال فور استفادتها باآلتي :
أوالً :القياس على زكاة الزروع والثمار :قياس مع الفارق ؛ ألن كسب
العمل نقود ،وقد وردت بشأن النقود نصوص تضبطها وتقرر أحكامها ،والفرع
الذي يقاس على األصل يشترط أال يرد فيه نص ،أما وقد ورد نص في زكاة
النقود – وكسب العمل نقود – فال تقاس على زكاة الزروع .
ثانيًا :أن ما استدلوا به من المعقول كأن فيه استدراكًا على الشارع
الحكيم ،وهو ال يجوز ،ولو سلمنا هذا الدليل ألوجبنا الزكاة على من ملك
تسعًا وعشرين بقرة ،بدعوى أنه ال يعقل أن يوجب اإلسالم الزكاة على فالح
بلغ محصوله خمسة أوسق من الحبوب ،ويعفي من يملك تسعاً وعشرين بقرة
،وهي تساوي أضعاف قيمة األوسق الخمسة ؛ لذا ينبغي أن نعلم أن تشريع
اإلسالم حكيم ال تناقض فيه ولكن عقولنا قاصرة عن إدراك جميع حكم التشريع
،فينبغي أن نعترف بالعجز ،ونفوض األمر هلل تعالى ،وهو أعلى وأعلم .
ثالثًا :أما قولهم :أن اشتراط الحول يعني إعفاء كبار الموظفين وإعفاء
الذي يبعثر ماله ذات اليمين وذات الشمال ،فإن هذا ليس شأننا ،فإن هللا قد
ابتاله بالمال كما ابتلى غيره بالفقر ،وكل سيحاسب ،على تبذيره للمال في
غير وجه حق ،أو على انفاقـه في سبيل هللا ،وما يعنيننا أنه أدى الزكاة التي
( )1زكاة رواتب الموظفين وكسب أصحاب المهن الحرة – د.اليزيد بن دمحم الراضي . 23 -29 /
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
شرعها هللا على النوع الذي يملكه من المال وفق ما جاءت به النصوص ،
وهللا أعلم .
رابعاً :أن الذي يعلم األنفع للفقراء هو هللا تعالى ،وهو الذي شرع هذا
القدر ولم يزد عليه ،وكان من الممكن أن يشرع أكثر من ذلك ،أو يأمر بأداء
زكاة كل مال فور استفادته كما أمر بذلك في الزروع والثمار ،وحيث لم يفعل
فال ينبغي لنا أن نستدرك على الشرع ،وهللا أعلم .
خامسًا :قولهم أن إيجاب الزكاة في المال المستفاد يغرس معاني البر
والبـذل والمواساة :
يمكن مناقشته :بأن هذا ليس خاصًا بالمال المستفاد فقط ،بل هو عام
في جميع أنواع الزكاة ،وقد شرع هللا صدقة التطوع لمن أراد أن يتقرب إلى هللا،
ووعد المنفق بجزيل الثواب ،وفي هذا معنى أعظم من معاني تربية النفس
على اإلنفاق والبذل دون إلزام ،وال يجوز أن نلزمه بشيء لم يلزمه هللا به
حتى نغرس فيه حب اإلنفاق ،وهللا أعلم .
سادسًا :فنقول إن التيسير الذي تحدثوا عنه إنما يحصل في البداية أي
عندما يريد المستفيد إخراج زكاة ماله المستفاد ألول مرة ،أما عندما يريد
إعادة إخراج زكاة األموال المستفادة في األعوام الالحقة ،فإن الصعوبة نفسها
تواجهنا هنا ،ذلك أن الرواتب التي أخرجنا زكواتها بمجرد تسلمها ،سنعيد
تزكيتها أو تزكية ما تبقى منها كلما مر عليها حول ،فنكون بحاجة إلى ضبط
ما تبقى من المال المستفاد في كل شهر ،وضبط مواعيد إخراج الزكاة عنه،
والقدر الواجب إخراجه.
وهكذا يتبين لنا أن عدم اشتراط الحول في تزكية المال المستفاد ال يحل
مشكل تنظيم الزكاة (.)1
( )1يراجع :زكاة رواتب الموظفين وكسب أصحاب المهن الحرة – د.اليزيد بن دمحم الراضي . 62 /
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
الترجيــح
بعد عرض آراء الفقهاء وأدلتهم ومناقشتها ،ترى الباحثة :أن الراجح –
وهللا تعالى أعلم – هو الرأي األول :أن رواتب الموظفين وكسب أصحاب
المهن الحرة ،وكذلك ما يحصل عليه الموظف من مكافآت تعـد من قبيل المال
المستفاد ،وأنها ال تجب فيها زكاة حتى يحول عليها الحول ،ويبدأ حولها من
وقت استفادتها ،كما هو حكم المال المستفاد ،وما أنفقه منها داخل الحول ال
يحسب في الزكاة ،مثله مثل باقي األموال ،وذلك لآلتي :
-1قوة هذا الرأي وقوة ما استندوا إلية من األدلة التي سبق ذكرها في
المال المستفاد .
-2تفنيد الرأي القائل بوجوب تزكية هه األموال فور استفادتها ،والرد عليها
ردًا قويًا .
-6أن زكاة كسب العمل تعـد من قبيل المال المستفاد ؛ ألنها جارية ومتفقـة
مع تعريفات الفقهاء القدامى للمال المستفاد ،وبهذا قال معظم المحدثين
ومنهم القائلين بتزكيتها فور استفادتها.
-9أنه بعد التسليم بأنه مال مستفاد ،فإنه ال يمكن أن يقاس على زكاة الزروع
والثمار ،وِل َم نقيسه على الزروع والثمار وله أصل يرد إليه ويقاس عليه ،
فإنه إما نقداً فيرد إلى زكاة النقـود ،وإما ماشية فيرد إلى زكاة الماشية ،
وفي كل يشترط الحول ،فال يصار إلى القياس إال إذا عدم األصل
المنصوص على حكمه ،أما وقد وجد فال يصح القياس .
-5أن معظم ما استدل به القائلون بتزكيته فور استفادته أدلة عقلية ،وقد
أجيب عنها ،وِل َم يصار إلى أدلة عقلية وعندنا النصوص الصريحة في
اشتراط الحول ،وهي كثيرة يقوي بعضها بعضاً ،و ما ورد من تضعيف
لبعضها ال يرد االستدالل بها ،ألنها صححت من طرق أخرى وكثرتها
تقويها -3.أن أصحاب الرأي القائل بتزكيتها فور استفادتها بنوا رأيهم على
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
فعل صحابيين اثنين ،وقد أول الباجي فعل معاوية ،وأول أبو عبيد ما
صح عن ابن عباس ،وأجاب ابن عبد البر على رأي األوزاعي ،ثم ذكر
أن االجماع انعقد على خالفه .
فثبت أن اإلجماع منعقد على اشتراط حوالن الحول في هذه الصورة من
صور المال المستفاد .
المطلـب الثاني
كيفيـة تزكيـة كسب العمل
بعد أن خلصنا إلى أن هذه األموال من قبيل المال المستفاد ،وأنها
تزكى بعد أن يحول عليها الحول وال تزكى فور اكتسابها ،فقد ورد في كيفية
تزكيتها طريقتان ،مردهما إلى محاولة التيسير على الناس ،وهما :
الطريقة األولى :ذكرها ابن حزم الظاهري (رحمه هللا):
قال :كل فائدة تزكى لحولها ال لحول ما عنده من جنسها وإن اختلطت
عليه األحوال ،تفسير ذلك :
لو أن ام أًر ملك نصابًا ...ثم ملك بعد ذلك بمدة – قريبة أو بعيدة ،
إال أنها قبل تمام الحول – من جنس ماعنده أقل مما ذكرنا ،فإن كان ما
اكتسب ال يغير ما كان عليه من الزكاة :فإنه يضم التي ملك إلى ما كان
عنده ؛ ألنها ال تغير حكم ما كان عليه من الزكاة ،فيزكي ذلك لحول التي
ال .
كانت عنده ،ثم يستأنف الجميع حو ً
فإن استفاد في داخل الحول ما يغير الفريضة فيما عنده ،إال أن تلك
الفائدة لو انفردت لم تجب فيها الزكاة :فإنه يزكي الذي عنده وحده لتمام
ال .
حوله ،وضم حينئذ الذي استفاد إليه – ال قبل ذلك – واستأنف بالجميع حو ً
مثل :من كان عنده مائة وعشرين شاة ،ثم استفاد شاة فأكثر ،ألن
الذي يبقى بعد الذي زكى ال زكاة فيه ،وال يجوز أن يزكى مال مرتين في عام
واحد .
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
فإن قيل :فإنكم تؤخرون زكاة بعضها عن حوله شهو ًار ؟ قلنا :نعم ،
ألننا ال نقدر على غير ذلك البتة ،إال بإحداث زكاتين في مال واحد ،وهذا
خالف النص ،وتأخير الزكاة إذا لم يمكن التعجيل مباح ال حرج فيه (.)1
وعليه فإن ما اكتسبه من عمله في داخل الحول ال يزكيه فور استفادته
وال يضمه إلى ما عنده ،ولكن يزكي األموال التي عنده عند تمام حولها ثم
يضم إليها األموال المستفادة من كسب العمل ويستأنف بالجميع حوالً جديدًا ،
ال على بعض األموال ،كما قال ابن وإن أدى ذلك إلى مرور حول ونصف مث ً
حزم (رحمه هللا).
الطريقة الثانية :وهي ما جاءت في فتوى اللجنة الدائمة للبحوث
العلمية واإلفتاء بالمملكة العربية السعودية ،و أيضا تبناها غالب المشاركين في
المؤتمر األول للزكاة المنعقد في دولة الكويت ،عام 1909هـ ،واستحسنها
األلباني (رحمه هللا) ،وتتلخص في اآلتي :
أن الرواتب واألجور المستفادة داخل الحول تجمع في نهاية الحول مع
األموال األخرى التي حال عليها الحول ويزكى الجميع ،ثم يستأنف بالجميع
()2
ال آخر
حو ً .
واستدلوا لهذا القول بأنه :الموافق للقواعد الشرعية ال سيما مع مشقة
إخراج الزكاة للرواتب الشهرية باحتساب حول لكل راتب ،فالمشقة تجلب
التيسير.
إال أن هذه الطريقة يظهر منها التشديد على المزكي ؛ ألنها توجب عليه
أكثر مما يجب عليه ،وتلزمه أن يدفع زكاة بعض األموال مرتين ،إال إذا كان
ذلك عن طيب نفس ورضا من المزكي ،كما جاء في فتوى جاء في فتوى
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء بالمملكة العربية :
(وإن أراد الراحة وسلك طريق السماحة وطابت نفسه أن يؤثر جانب
الفقراء وغيرهم من مصارف الزكاة على جانب نفسه؛ زكى جميع ما يملكه من
النقود حينما يحول الحول على أول نصاب ملكه منها ،وهذا أعظم ألجره وأرفع
لدرجته ،وأوفر لراحته وأرعى لحقوق الفقراء والمساكين وسائر مصارف الزكاة
وما زاد فيما أخرجه عما تم حوله يعتبر زكاة معجلة عما لم يتم حوله).
والذي نخلص إليه هو :العمل برأي ابن حزم فال يضم ما استفاده في
الحول إلى ما عنده ،فإذا انتهى الحول وزكى ما عنده ضم إليه ما تبقى من
أموال الرواتب -،وال يحسب ما أنفق منه على حاجاته -ثم يستأنف بالجميع
حوالً جديداً ،ما لم يكن المستفاد نصاباً فإنه يستأنف لو حول من يوم
استفادته؛ تحقيقًا لمصلحة الفقير .
فإن طابت نفس المزكي وأراد أن يضم المستفاد لألصل ويزكي الجميع
لحول األصل – حتى ولو لم يمضي الحول على المستفاد – فال شيئ في ذلك
،والتعجيل جائز ،لكن ال نلزمه به ،وهللا أعلم .
-وأولى في اعتبار الحول :الصور األخرى للمال المستفاد – التي
سبق ذكرها -مثل مكافأة نهاية الخدمة ؛ ألن الموظف ال يستحقها َّإال عند
نهاية خدمته ،أما قبل ذلك فإنه ال يستحقها وال يجوز له أن يتنازل عنها
وال يجوز له أن يتصرف فيها بشراء ونحو ذلك؛ فإنه ال يستحقها َّإال عند نهاية
خدمته ،وإن كان كذلك فال تجب فيها الزكاة َّإال بعد أن يحول عليها الحول(.)1
محمد بن إبراهيم
( )1الفقه الميسر :أ .دَ .عبد هللا بن دمحم الطيار ،أ .د .عبد هللا بن محمد المطلق ،دَّ .
الوطن للنَّشر ،الرياض -المملكة العربية السعودية .
الموسى جَ -42 /4م َدار َ
َ
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
الخاتمـة
الحمد هلل نحمده سبحانه في البدء والختام ،ونصلي ونسلم على من ختم
هللا برسالته األديان ،وشرف ببعثته الزمان والمكان ،سيدنا دمحم وعلى آله
وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ،وبعد ..
فإنه من خالل العرض السابق ألحكام المال المستفاد وتطبيقاته
المعاصرة ،نخلص إلى تقرير جملة من النتائج التي تم التوصل إليها من
خالل البحث ،والتي يمكن تلخيصها فيما يلي :
-1المال المستفاد هو :ما يستفـيده المسلم ويملكـه ملكًا جديدًا بأي وسيلـة من
وسائل التملك المشروع -فيشمل الدخل المنتظم لإلنسان من رواتب
وأجـور ومعاشات ،كما يشمل :المكافآت والحوافز وأرباح التجارة واألسهم
ونسل الماشية والهبات واإلرث وريع العقار وبيع األ ارضي ونحو ذلك -
في أثناء الحول .
-2المال المستفاد – في أثناء الحول – ينقسم إلى ثالثة أقسام :
القسم األول :أن يكون المال المستفاد من جنس مال عنده و متفرعًا
عنه كنسل الماشية ،أو حاصالً بسببه كربح أموال التجارة ،فهذا حكمه :أن
يضم إلى ما عنده من المال ويزكى على حوله ،وال يستأنف له حول جديد .
القسم الثاني :أن يكون من خالف جنس المال الذي عنده ،كأن يكون
عنده إبل واستفاد بق اًر ،أو عنده بقر واستفاد غنماً ،وهكذا ،وهذا حكمه :أنه
ال يضم إلى األصل وال يزكى على حوله ،بل إن كان نصاباً استقبل به حـوالً
جديداً وزكاه ،وإال فال شيء فيه .
القسم الثالث :أن يكون المال المستفاد من جنس مال عنده لكنه ليس
متفرعاً منه وال حاصالً بسببه ،بل حصل بسبب مستقل كالمال المشترى
والموروث وغيرهما ،وحكمه :أنه ال يضم إلى ما عنده وال يزكى على حوله ،
بل يستأنف له حول جديد – من يوم استفادته أو قبضه – إذا كان األصل
نصاباً ،وإال فإذا اكتمل النصاب بضم المستفاد إلى األصل :فالحول من يوم
إفادة الثاني.
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
فهرس المراجع
أوالً :القرآن الكريم
ثانياً :التفسير وعلوم القرآن :
-أحكام القرآن للقاضي دمحم بن عبد هللا أبو بكر بن العربي (ت 596 :هـ)-
راجع أصوله وخرج أحاديثه َّ
وعلق عليه :دمحم عبد القادر عطا -الطبعة:
الثالثة 1929 ،هـ 2006 -م – الناشر :دار الكتب العلمية ،بيروت –
لبنان .
ثالثًا :الحديث وعلومه :
-1إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل لمحمد ناصر الدين األلباني
(ت 1920هـ) -إشراف :زهير الشاويش – الطبعة الثانية – 1905هـ-
1475م -المكتب اإلسالمي – بيروت .
-2االستذكار ألبي عمر يوسف بن عبد هللا بن دمحم بن عبد البر بن عاصم
النمري القرطبي (المتوفى936 :هـ) -تحقيق :سالم دمحم عطا ،دمحم علي
معوض -الطبعة :األولى - 2000 – 1921 ،دار الكتب العلمية –
بيروت.
-6التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير ألحمد بن علي بن دمحم
بن أحمد بن حجر العسقالني (المتوفى752 :هـ) -تحقيق :أبو عاصم
حسن بن عباس بن قطب -الطبعة :األولى1913 ،هـ1445/م -
مؤسسة قرطبة – مصر .
-9تحفة األحوذي بشرح جامع الترمذي لمحمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم
المباركفورى (المتوفى1656 :هـ) -دار الكتب العلمية -بيروت
-5الجامع الصحيح دمحم بن إسماعيل البخاري(ت 253هـ) –حققه :طه عبد
الرؤوف سعد – مكتبة اإليمان -المنصورة .
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
-3حاشية السندي على سنن ابن ماجه لمحمد بن عبد الهادي التتوي،
أبو الحسن ،نور الدين السندي (المتوفى1167 :هـ) -الناشر :دار الجيل
-بيروت ،بدون طبعة.
-8سنن الدارقطني ألبي الحسن علي بن عمر بن أحمد الدارقطني (المتوفى:
675هـ) حققه وضبط نصه وعلق عليه :شعيب االرنؤوط ،حسن عبد
المنعم شلبي ،عبد اللطيف حرز هللا ،أحمد برهوم الطبعة :األولى1929 ،
هـ2009 -م .
-7السنن الكبرى ألحمد بن الحسين بن علي بن موسى ،أبو بكر البيهقي
(ت957 :هـ) -المحقق :دمحم عبد القادر عطا -الطبعة :الثالثة،
1929هـ 2006 -م -دار الكتب العلمية ،بيروت – لبنان
-4سنن أبي داود -سليمان بن األشعث السجستاني (ت 285هـ) – الطبعة
األولى – 1966هـ 2012 -م – مكتبة الطبري – مصر .
-10سنن الترمذي -دمحم بن عيسى بن َس ْورة بن موسى بن الضحاك،
الترمذي ،أبو عيسى (ت284 :هـ) -تحقيق وتعليق :إبراهيم عطوة عوض
– الطبعة الثانية 1645-هـ 1485 -م -مكتبة ومطبعة مصطفى
البابي الحلبي – مصر.
-11شرح السنة لمحمد الحسين بن مسعود بن دمحم بن الفراء البغوي الشافعي
(المتوفى513 :هـ) تحقيق :شعيب األرنؤوط-دمحم زهير الشاويش -
الطبعة :الثانية1906 ،هـ 1476 -م -الناشر :المكتب اإلسالمي -
دمشق ،بيروت
-12شرح الزرقاني على موطأ اإلمام مالك لمحمد بن عبد الباقي بن يوسف
الزرقاني -تحقيق :طه عبد الرءوف سعد -الطبعة :األولى1929 ،هـ -
2006م -مكتبة الثقافة الدينية – القاهرة .
-16صحيح مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (ت231 :هـ)
-دار الفكر -بيروت
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
-19مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح لعلي بن دمحم أبو الحسن نور الدين
المال الهروي (1019هـ) ج – 1285 /9الطبعة األولى – 1922هـ -
2002م – دار الفكر – بيروت
-15مصنف أبي بكر بن أبي شيبة ،عبد هللا بن دمحم بن إبراهيم بن عثمان بن
خواستي العبسي (المتوفى265 :هـ) -المحقق :كمال يوسف الحوت -
الطبعة :األولى - 1904 ،الناشر :مكتبة الرشد – الرياض .
-13معالم السنن -شرح سنن أبي داود ألبي سليمان حمد بن دمحم بن إبراهيم
بن الخطاب البستي المعروف بالخطابي (المتوفى677 :هـ) -الطبعة:
األولى 1651هـ 1462 -م -المطبعة العلمية – حلب
-18معرفة السنن واآلثار ألحمد بن الحسين بن علي بن موسى ،أبو بكر
البيهقي (المتوفى957 :هـ) المحقق :عبد المعطي أمين قلعجي -الطبعة:
األولى1912 ،هـ 1441 -م -الناشرون :جامعة الدراسات اإلسالمية
(كراتشي -باكستان) ،دار قتيبة (دمشق -بيروت) ،دار الوعي (حلب –
دمشق) ،دار الوفاء (المنصورة -القاهرة).
-17الموطأ لإلمام مالك بن أنس – صححه ورقمه وأخرج أحاديثه وعلق
عليه :دمحم فؤاد عبد الباقي – طبعة دار إحياء الكتب العربية .
-14المنتقى شرح الموطإ ألبي الوليد سليمان بن خلف بن سعد التجيبي
القرطبي الباجي األندلسي (ت989 :هـ) -الطبعة :األولى 1662 ،هـ -
مطبعة السعادة -بجوار محافظة مصر
-20نصب الراية ألحاديث الهداية ألبي دمحم عبد هللا بن يوسف بن دمحم
الزيلعي (المتوفى832 :هـ) -صححه ووضع الحاشية :عبد العزيز
الديوبندي الفنجاني ،إلى كتاب الحج ،ثم أكملها دمحم يوسف الكاملفوري -
المحقق :دمحم عوامة -الطبعة األولى1917 ،هـ1448/م – مؤسسة الريان
للطباعة والنشر -بيروت -لبنان /دار القبلة للثقافة اإلسالمية -جدة –
السعودية.
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
-5تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق لفخر الدين عثمان بن علي الزيلعي (ت
896هـ) – الطبعة األولى – 1616هـ -المطبعة الكبرى األميرية –
القاهرة
-3تحفـة الفقهاء لعالء الدين السمرقندي (ت564هـ)– حققـه وعلق عليه :
د.دمحم زكي عبد البر – الطبعة الثالثة – 1914هـ1447 -م – مكتبـة دار
التراث – القاهرة
-8حاشية رد المحتار على الدر المختارلمحمد أمين بن عمر بن عبد العزيز
الشهير بابن عابدين(ت1252 :هـ) -الطبعة :الثانية1912 ،هـ -
1442م -الناشر :دار الفكر-بيروت .
-7درر الحكام شرح غرر األحكام لمنال خسرو (ت 775هـ) – طبعة دار
إحياء الكتب العربية .
الغرة المنيفة في تحقيق بعض مسائل اإلمام أبي حنيفة لعمر بن إسحق
بن أحمد الهندي الغزنوي (المتوفى886 :هـ) -الطبعة :األولى1473-1903هـ
-مؤسسة الكتب الثقافية
-4المبسوط لمحمد بن أحمد بن أبي سهل شمس األئمة السرخسي (ت:
976هـ) -طبعة 1919هـ 1446 -م -دار المعرفة – بيروت .
المذهب المالكي :
-1اإلشراف على نكت مسائل الخالف للقاضي أبو دمحم عبد الوهاب بن علي
بن نصر البغدادي المالكي (922هـ) -المحقق :الحبيب بن طاهر-
الطبعة :األولى1920 ،هـ 1444 -م -دار ابن حزم .
-2بداية المجتهد ونهاية المقتصد لمحمد بن أحمد بن رشد الشهير بالحفيد (ت
545هـ)ج – 626 /1شرح وتحقيق :رضوان جامع رضوان – الطبعة
األولى – 1918هـ 1448 -م -مكتبة اإليمان – المنصورة .
-6التوضيح في شرح المختصر الفرعي البن الحاجب لخليل بن إسحاق
الجندي المالكي المصري (المتوفى883 :هـ) -المحقق :د .أحمد بن عبد
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
-12المعونة على مذهب عالم المدينة للقاضي عبد الوهاب البغدادي (ت
922هـ) – تحقيق ودراسة :حميش عبد الحق – الطبعة األولى –
1926هـ 2006 -م – مكتبة نزار مصطفى الباز
-16المقدمات الممهدات أبو الوليد دمحم بن أحمد بن رشد القرطبي (المتوفى:
520هـ) -تحقيق :الدكتور دمحم حجي -الطبعة :األولى 1907 ،هـ -
1477م -الناشر :دار الغرب اإلسالمي ،بيروت -لبنان
-19منح الجليل شرح مختصر خليل لمحمد بن أحمد عليش (ت 1244هـ)-
طبعة 1904هـ1474/م -دار الفكر – بيروت .
المدَّونة من غيرها من األمهات ألبي دمحم النوادر و ِ
الزيادات على َما في َ َّ -15
عبد هللا بن (أبي زيد) عبد الرحمن النفزي ،القيرواني ،المالكي (المتوفى:
محمد
َّ 673هـ) -تحقيق :الدكتور /عبد الفتاح دمحم الحلو -الدكتور/
حجي -األستاذ /دمحم عبد العزيز الدباغ -الدكتور /عبد هللا المرابط
الترغي -األستاذ /دمحم عبد العزيز الدباغ األستاذ /دمحم األمين بوخبزة -
الدكتور /أحمد الخطابي ،األستاذ /دمحم عبد العزيز الدباغ -الطبعة:
األولى 1444 ،م -الناشر :دار الغرب اإلسالمي ،بيروت
المذهب الشافعي :
-1أسنى المطالب لزكريا بن دمحم األنصاري(ت 423هـ) ج -656 /1دار
الكتاب اإلسالمي .
اإلقناع في حل ألفاظ أبي شجاع للخطيب الشربيني مع حاشية البجيرمي –
طبعة 1915هـ 1445 -م – دار الفكر .
-2بحر المذهب لعبد الواحد بن إسماعيل الروياني (ت سنة 502هـ) -
المحقق :طارق فتحي السيد -الطبعة :األولى 2004 ،م -دار الكتب
العلمية .
-6البيان للعمراني – المحقق :قاسم دمحم النوري – طبعة 1921هـ -
2000م – دار المنهاج .
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
-12نهاية المطلب في دراية المذهب عبد الملك بن عبد هللا بن يوسف بن
دمحم الجويني ،أبو المعالي الملقب بإمام الحرمين (المتوفى987 :هـ) -
حققه وصنع فهارسه :أ .د /عبد العظيم محمود الديب -الطبعة :األولى،
1927هـ2008-م -الناشر :دار المنهاج.
المذهب الحنبلي :
-1اإلنصاف في معرفة الراجح من الخالف لعالء الدين أبو الحسن علي بن
سليمان المرداوي (ت775 :هـ) -الطبعة :الثانية -دار إحياء التراث
العربي
-2الروض المربع شرح زاد المستقنع لمحمد بن يونس البهوتي – تحقيق :
عماد عامر – 1925هـ2009 -م – دار الحديث – القاهرة .
-6الشرح الكبير على متن المقنع لعبد الرحمن بن دمحم بن قدامة (ت 372هـ
)– أشرف على طباعته :دمحم رشيد رضا – دار الكتاب العربي .
-9شرح منتهى اإلرادات لمنصور بن يونس بن إدريس البهوتى الحنبلى (ت:
1051هـ) -الطبعة :األولى1919 ،هـ 1446 -م -دار عالم الكتب .
-5شرح الزركشي لشمس الدين دمحم بن عبد هللا الزركشي المصري الحنبلي
(المتوفى882 :هـ) -الطبعة :األولى 1916 ،هـ 1446 -م -دار
العبيكان
-3الشرح الممتع على زاد المستقنع دمحم بن صالح بن دمحم العثيمين (المتوفى:
1921هـ) -الطبعة األولى 1927 - 1922 ،هـ -دار النشر :دار ابن
الجوزي .
-8العدة شرح العمدة لبهاء الدين عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسي -تحقيق :
أحمد بن علي – طبعة 1929هـ 2006 -م -دار الحديث .
-7شرح الزركشي لشمس الدين دمحم بن عبد هللا الزركشي المصري الحنبلي
(المتوفى882 :هـ) -الطبعة :األولى 1916 ،هـ 1446 -م -دار
العبيكان
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
-4الشرح الممتع على زاد المستقنع دمحم بن صالح بن دمحم العثيمين (المتوفى:
1921هـ) -الطبعة األولى 1927 - 1922 ،هـ -دار النشر :دار ابن
الجوزي .
-10العدة شرح العمدة لبهاء الدين عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسي -تحقيق :
أحمد بن علي – طبعة 1929هـ 2006 -م -دار الحديث .
-11مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى لمصطفى بن سعد السيوطي
شهرة ،الرحيبانى مولدا ثم الدمشقي الحنبلي (ت1296 :هـ) -الناشر:
المكتب اإلسالمي -الطبعة الثانية1915 ،هـ 1449 -م .
-12المبدع في شرح المقنع إلبراهيم بن دمحم بن مفلح برهان الدين (ت:
779هـ) -الطبعة :األولى 1917 -هـ 1448 -م -دار الكتب العلمية،
بيروت – لبنان .
-16مسائل اإلمام أحمد بن حنبل (291هـ) رواية ابنه عبد هللا – المحقق :
زهير الشاويش – الطبعة األولى – 1901هـ 1471 -م – الناشر :
المكتب اإلسالمي – بيروت .
-19منار السبيل للشيخ إبراهيم بن دمحم بن ضويان (ت1656هـ) – خرج
أحاديثه :فريد عبد العزيز الجندي – طبعة 1922هـ 2001 -م – دار
الحديث .
-15نيل المآرب لعبد القادر بن عمر التغلبي -طبعة دار إحياء الكتب
العربية .المغني لموفق الدين عبد هللا بن أحمد بن دمحم بن قدامة المقدسي
(ت 320هـ) – طبعة 1677هـ 1437 -م -مكتبة القاهرة
سادسًا :مراجع متنوعة:
-1اإلسالم واألوضاع االقتصادية للشيخ دمحم الغزالي /ص– 117 -118
الطبعة الثالثة – 2005م -دار نهضة مصر .
-2األموال البن زنجويه ألبي أحمد حميد بن مخلد بن قتيبة بن عبد هللا
الخرساني المعروف بابن زنجويه (المتوفى251 :هـ) -تحقيق الدكتور:
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة
-11الفقه الميسر :أ .دَ .عبد هللا بن دمحم الطيار ،أ .د .عبد هللا بن محمد
الوطن للنَّشر،
الموسى -الناشرَ :م َدار َ
َ محمد بن إبراهيم
َّ المطلق ،د.
الرياض -المملكة العربية السعودية .
-12المحلى باآلثار -ألبي دمحم علي بن أحمد بن سعيد بن حزم األندلسي
القرطبي الظاهري (المتوفى953 :هـ) –الناشر دار الفكر – بيروت
-16نوازل الزكاة – دراسة فقهية تأصيلية لمستجات الزكاة – لعبد هللا بن
منصور الغفيلي -دار الميمان للنشر والتوزيع – الرياض – المملكة
العربية السعودية .
سابعًا :اللغة والمعاجم :
-1تاج العروس من جواهر القاموس لمحمد بن دمحم بن عبد الرزاق الحسيني
الملقب بمرتضى الزبيدي (ت1205هـ) -المحقق :مجموعة من المحققين
-دار الهداية
-2تهذيب اللغة لمحمد بن أحمد بن األزهري (ت 680هـ) – المحقق :دمحم
عوض مرعب – الطبعة األولى – 2001م – دار إحياء التراث العربي –
بيروت
الفيروزآبادي -6القاموس المحيط لمجد الدين دمحم بن يعقوب الشيرازي
(ت 718هـ) – اعتنى به ورتبه :حسان عبد المنان – طبعة بيت األفكار
الدولية .
-9لسان العرب لمحمد بن مكرم بن على جمال الدين ابن منظور األنصاري
(ت811 :هـ) -الطبعة :الثالثة 1919 -هـ -الناشر :دار صادر –
بيروت .
-5مجمل اللغة ألحمد بن فارس بن زكريا القزويني (ت 645هـ)– دراسة
وتحقيق :زهير عبد المحسن سلطان – الطبعة الثانية – 1903هـ -
1473م -مؤسسة الرسالة .
-3مختار الصحاح لمحمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي 1929 -هـ -
2006م– دار الحديث .
زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة