You are on page 1of 108

‫زكاة املال املستفاد وتطبيقاته املعاصرة‬

‫دراسة فقهية مقارنة‬

‫مقدمه‬
‫د‪ /‬وفاء حسن فهمي حممد أبوعاصي‬
‫املدرس بقسم الفقه‬
‫بكلية الدراسات اإلسالمية والعربية للبنات باإلسكندرية‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫ملخص البحث‬
‫هذا بحث بعنوان ‪ :‬زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة ( دراسة فقهية‬
‫مقارنة) يتعرض لمسألة فقهية ثار التساؤل عنها في اآلونة األخيرة ‪ ،‬وهي ‪ :‬زكاة‬
‫رواتب الموظفين وكسب أصحاب المهن الحرة كالطبيب والمحامي وغيرهما ‪،‬‬
‫وهي أموال طيبة ينبغي أن تؤدى زكاتها ‪ ،‬إال أنه ال يوجد ما يدل صراحة على‬
‫كيفية تزكيتها ‪ ،‬مما أثار بعض التساؤالت عن كيفية تزكية هذه األموال ومعرفة‬
‫األصل الفقهي الذي يمكن تخريجها عليه ‪ ،‬فأصبحت الحاجة ملحـة لتناول هـذا‬
‫الموضوع بالبحث والدراسة ‪.‬‬
‫وقد حصلت محاوالت من جانب بعض العلماء لتخريج هذه األموال فقهياً‬
‫والحاقها باألموال المعروفة من قبل ‪ ،‬وكان أبرزها ‪ :‬تخريجها على المال‬
‫المستفاد ‪.‬‬
‫لذا فقد رأيت أن أتناول زكاة المال المستفاد بالبحث والدراسة مع كل ما‬
‫يندرج تحته ويتخرج على حكمه ‪ ،‬حتى تعم الفائدة ويكثر النفع ‪ ،‬ولكثرة ما يرد‬
‫فيه من تساؤالت وما يعتريه من لبس لدى العامة وغيرهم ‪.‬‬
‫وقد تناولت في بحثي حقيقة المال المستفاد وبيان أقسامه ‪ ،‬ثم تكلمت‬
‫عن كيفية تزكية كل قسم من األقسام ‪ ،‬وأتبعت ذلك ‪ :‬بذكر الصور الحديثة‬
‫التي يمكن تخريجها على المال المستفاد وخالف العلماء المعاصرين في ذلك ‪،‬‬
‫وذيلت ذلك كله بخاتمة ذكرت فيها أبرز النتائج التي توصلت لها في البحث ‪.‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

Research summary
This research is entitled: Zakat of the money used and
its contemporary applications (a comparative jurisprudence
study), which is subject to a jurisprudential question raised
in recent times: zakaah on the salaries of the employees and
the gain of the free professions such as the doctor, lawyer
and others, which is good money should be paid, Which
clearly raises the question of how to recommend it, raising
some questions about how to recommend these funds and
knowledge of the jurisprudential origin, which can be
graduated, it became urgent need to address this subject
research and study.
There have been attempts by some scholars to
graduate these funds jurisprudence and catch up with the
funds known before, and the most prominent: graduation on
the money saved.
So I saw that I take the zakat of money that is used in
research and study with everything that falls under it and
graduated from its ruling, so that the benefit is useful and
useful, and the large number of questions and the confusion
that the public and others.
In my research, I dealt with the truth of the money and
the statement of its sections. Then I spoke about how to
recommend each section. I followed that by mentioning the
modern pictures that can be produced on the money that is
used and the different contemporary scholars. search .
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫المقدمة‬
‫الحمد هلل حمدا طيبًا كثي ار ‪ ،‬خلق كل شيء فقدره تقدي ار ‪ ،‬وأبدعه تنظيما‬
‫وتدبي ار ‪ ،‬وأنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين بشي ار ونذي ار ‪.‬‬
‫وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له ‪ ،‬شهادة أستزيد بها موفور‬
‫نعمه ‪ ،‬وأسترفد بها موفور كرمه ‪ ،‬وأشهد أن دمحما عبده ورسوله الفاتح لما‬
‫أغلق والخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق والهادي إلى صراطك المستقيم ‪،‬‬
‫وعلى آله وصحبه حق قدره ومقداره العظيم ‪.‬‬
‫أما بعد ‪:‬‬
‫فإن اإلسالم هو الدين العالمي الخالـد ‪ ،‬والرسالـة الخاتمة ‪ ،‬والنظام‬
‫األمثل الصالح لكل زمان ومكان ‪.‬‬
‫ومن أجل ذلك فقد جاء اإلسالم بنظم عامة ‪ ،‬ووضع من األسس‬
‫والدعائم ما يصح أن ترتكز عليه سعادة البشرية ‪ ،‬فسن الشرائع ووضع النظم‬
‫االقتصادية والسياسية واالجتماعية التي تحقق مصلحة الفرد وتكفل له حياة‬
‫كريمة ‪ ،‬وتصل بالمجتمع إلى حالة من التكافل والرضا ‪.‬‬
‫وكان من أروع ما سن اإلسالم من النظم االقتصادية – والتي ما زالت‬
‫تتجلى حكمها العظيمة وفوائدها الجليلة للفرد والمجتمع ‪ : -‬نظام الزكاة ‪.‬‬
‫الركن المالي االجتماعي من أركان اإلسالم الخمسة الذي ال يستقيم‬
‫بناؤه إال بها ‪ ،‬وال يكمل إسالم الفرد إال بأدائها إن توافرت شروطها ‪.‬‬
‫ولقد اهتم علماء اإلسالم قديما وحديثا بموضوع الزكاة ‪ ،‬وأحاطوه بعناية‬
‫فائقة ‪ ،‬وتكلموا بإسهاب وتفصيل عن كل جزئياته ‪ :‬من األموال التي تجب فيها‬
‫الزكاة وأنصبتها والمقادير التي يجب إخراجها والجهات التي تصرف إليها ‪،‬‬
‫فشغل فقه الزكاة حي اًز كبي ار في كتب الفقه والفتاوى والنوازل ‪.‬‬
‫إال أن الحياة المعاصرة قد كشفت عن أوضاع مالية واقتصادية جديدة ال‬
‫نجد في التراث الفقهي ما‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫يعطي أجوبة مناسبة لما تطرحه من أسئلة ‪ ،‬وال تضع حلوال ناجعة لما‬
‫يترتب عليها من مشكالت ‪ ،‬وخاصة في موضوع الزكاة ‪.‬‬
‫فإن هناك أمو ار تجددت وأمواال طائلة يتم اكتسابها بطرق جديدة ‪ ،‬وهي‬
‫أموال طيبة ينبغي أن تؤدى زكاتها ‪ ،‬إال أنه ال يوجد ما يدل صراحة على‬
‫كيفية تزكيتها ولعل أبرزها نوعان ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬نوع يباشره اإلنسان بنفسه ‪ ،‬ال يخضع فيه لرقيب – غير هللا‬
‫تعالى – وال يتسلط عليـه صاحب عمل ‪ ،‬سواء كان عمال يدوياً أم عقلياً ‪،‬‬
‫كـدخل الطبيب والمحامي والخياط والنجار وغيرهم من أصحاب المهن الحرة ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬نوع يرتبط فيـه الشخص بغيره ‪ ،‬سواء كان هذا الغير جهـة‬
‫حكومية أم شركة أم فرداً ‪ ،‬وذلك االرتباط يكون بعقـد إجارة أشخاص ‪ ،‬فـدخله‬
‫حينئذ يتخـذ صورة الرواتب‪ 1‬واألجور والمكافآت ‪ ،‬وقـد يصل هذا الدخل في‬
‫الشهر الواحد إلى حد النصاب أو يزيد ‪.‬‬
‫مما أثار بعض التساؤالت عن كيفية تزكية هذه األموال ومعرفة األصل‬
‫الفقهي الذي يمكن تخريجها عليه ‪ ،‬فأصبحت الحاجة ملحـة لتناول هـذا الموضوع‬
‫بالبحث والدراسة ‪.‬‬
‫وقد حصلت محاوالت من جانب بعض العلماء لتخريج هذه األموال فقهياً‬
‫والحاقها باألموال المعروفة من قبل ‪ ،‬وكان أبرزها ‪ :‬تخريجها على المال‬
‫المستفاد ‪.‬‬

‫وع ْيش رِاتب‪ :‬ثاِبت دائم ‪: ،‬‬ ‫(‪ )1‬الراتب ‪ :‬مأخوذ من َرتَ َب الشيء َي ْرتب رتوب ًا‪ ،‬وتَ َرتَّ َب‪َ :‬ثَب َت َفَل ْم َيتَ َحر ْ‬
‫َّك‪َ .‬‬
‫( لسان العرب البن منظور ج‪ ، 904 /1‬القاموس المحيط لمجد الدين دمحم بن يعقوب الشيرازي‬
‫الفيروزآبادي (ت ‪718‬هـ) ‪ –396/‬اعتنى به ورتبه ‪ :‬حسان عبد المنان – ط بيت األفكار الدولية ‪.‬‬
‫َّاتب َّال ِذي َيأْخذه المستخدم أج ار على عمله (المعجم الوسيط (إبراهيم مصطفى ‪ /‬أحمد الزيات ‪/‬‬ ‫و ِمنه الرِ‬
‫َ ْ‬
‫حامد عبد القادر ‪ /‬دمحم النجار‪-‬ج‪ – 623 /1‬دار الدعوة – القاهرة )‪.‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫لذا فقد رأيت أن أتناول زكاة المال المستفاد بالبحث والدراسة مع كل ما‬
‫يندرج تحته ويتخرج على حكمه ‪ ،‬حتى تعم الفائدة ويكثر النفع ‪ ،‬ولكثرة ما يرد‬
‫فيه من تساؤالت وما يعتريه من لبس لدى العامة وغيرهم ‪ ،‬فكان ذلك سبباً‬
‫ودافعًا لي لبحث هذا الموضوع‪.‬‬
‫إشكالية البحث ‪ :‬تكمن إشكالية البحث في بيان حكم األموال المستفادة‬
‫بطرق جديدة من طرق‬
‫الكسب المشروع ‪ ،‬كالرواتب واألجور وكسب أصحاب المهن الحرة‬
‫كالطبيب والمحامي وغيرهما والتي قد تصل في الشهر الواحد إلى نصاب‬
‫أو يزيد ‪.‬‬
‫الدراسات السابقة ‪ :‬سبق هذا البحث عدة أبحاث تناولت هذا الموضوع‬
‫من زوايا مختلفة ‪ ،‬منها ‪:‬‬
‫‪-1‬أحكام المال المستفاد للدكتور ‪ /‬بسام حسن العف – أ‪ .‬أحمد نصار أبو‬
‫ثريا – بحث مقدم إلى مؤتمر (نحو زكاة فاعلة تحقق مقاصدها الشرعية )‪-‬‬
‫و ازرة األوقاف والشؤون الدينية – غزة‪1691-‬هـ ‪.‬‬
‫‪-2‬زكاة رواتب ودخول الموظفين الشهرية – للدكتور ‪ /‬مراد رايق رشيد عودة –‬
‫جامعة النجاح – فلسطين ‪2011‬م ‪.‬‬
‫‪ -6‬زكاة رواتب الموظفين و كسب أصحاب المهن الحرة‪ -‬للدكتور ‪/‬اليزيد بن‬
‫دمحم الراضي ‪.‬‬
‫‪-9‬زكاة الرواتب – للدكتورة حنان رزق هللا أبو مخ – جامعة النجاح الوطنية –‬
‫فلسطين ‪2011‬م‪.‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫منهج البحث ‪:‬‬


‫اتبعت في هذا البحث منهج المقارنة بين المذاهب الفقهية ‪ ،‬واتخذت‬
‫لذلك الخطوات التالية ‪:‬‬
‫‪-1‬تتبع المسائل الفقهية في مظانها من كتب المذاهب الفقهية ‪ ،‬مع الحرص‬
‫على أخذ أقوال الفقهاء من مصادرها األصلية ؛ تحقيقاً لألمانة العلمية في‬
‫البحث ‪.‬‬
‫‪-2‬حرصت على ذكر سبب الخالف في كل مسألة ثم ذكر آراء الفقهاء‬
‫وأدلتهم ومناقشتها مناقشة علمية ‪ ،‬ثم الترجيح بين اآلراء أعتماداً على قوة‬
‫الدليل وما يحققه من المصلحة ‪،‬مع مراعاة جانب التيسير ورفع الحرج ‪.‬‬
‫‪-6‬حرصت عند ذكر المرجع ألول مرة على كتابة كل بياناته من اسم الكتاب‬
‫والمؤلف والتحقيق والطبعة ‪.‬‬
‫‪-9‬عزوت اآليات القرآنية إلى سورها مع ذكر رقم اآلية ‪ ،‬وعزوت األحاديث‬
‫النبوية إلى مظانها من‬
‫كتب الحديث مع الحكم عليها وبيان درجتها إذا لم ترد في الصحيحين ‪.‬‬
‫‪-5‬قمت بترجمة األعالم غير المشهورين حسب ظني ترجمة موجزة تبرز‬
‫شخصية المترجم له ‪.‬‬
‫‪-3‬قمت بتعريف بعض المصطلحات الفقهية واأللفاظ الغريبة الواردة في‬
‫البحث‪.‬‬
‫‪-8‬قمت بعمل خاتمة ذكرت فيها أهم النتائج التي توصلت إليها في البحث ‪.‬‬
‫‪-7‬ذيلت البحث بفهرس للمراجع وآخر للموضوعات ‪.‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫خطة البحث‬
‫يشتمل البحث على مقدمة وتمهيد وأربعة مباحث وخاتمة‬
‫أوالً ‪ :‬المقدمة ‪ :‬وتشتمل على ‪:‬‬
‫الحمد والثناء ‪ ،‬سبب اختيار الموضوع ‪ ،‬الدراسات السابقة ‪ ،‬منهج البحث ‪،‬‬
‫خطة البحث ‪.‬‬
‫ثانيًا ‪ :‬التمهيد ‪ :‬في بيان حقيقـة الموضوع وبعض األحكام المتعلقـة به ‪:‬‬
‫وفيه ثالثة مطالب ‪:‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬تعريف الزكاة وشروط وجوبها‪ ،‬ويشتمل على فرعين ‪:‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬تعريف الزكاة لغة وشرعًا ‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬شروط وجوب الزكاة ‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬بيان حقيقة المال المستفاد وأقسامه ‪ :‬ويشتمل على فرعين ‪:‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬تعريف المال المستفاد ‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬أقسام المال المستفاد ‪.‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬التطبيقات المعاصرة للمال المستفاد ‪.‬‬
‫ثالثاً ‪:‬المبحث األول ‪ :‬المال المستفاد من جنس األصل ومتفرعاً عنه‬
‫ال بسببه ‪:‬‬
‫أو حاص ً‬
‫ويشتمل على مطلبين ‪:‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬زكاة نتاج الماشية الحاصل في خالل الحول ‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬زكاة ربح التجارة الحاصل في خالل الحول ‪.‬‬
‫رابعاً ‪ :‬المبحث الثاني ‪ :‬زكاة المال المستفاد من خالف جنس األصل ‪.‬‬
‫خامسًا ‪ :‬المبحث الثالث ‪ :‬حكم المستفاد من جنس األصل وليس متفرعًا عنه‬
‫وال حاصالً بسببه‪.‬‬
‫سادساً ‪ :‬المبحـث الرابع ‪ :‬التطبيقات المعاصرة للمال المستفاد وكيفية زكاتها ‪:‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫والكالم فيها في مطلبين ‪:‬‬


‫المطلب األول ‪ :‬التكييف الفقهي للرواتب وغيرها من صور كسب العمل‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬كيفيـة تزكيـة الرواتب وغيرها من صوركسب العمل ‪.‬‬
‫سابعًا ‪ :‬الخاتمة ‪ :‬وتشتمل على أهم النتائج التي توصلت إليها من خالل‬
‫البحث ‪.‬‬
‫وبعد ‪:‬‬
‫فهذا بحثي قد أفرغت فيه طاقتي وجهدي ‪ ،‬وبذلت فيه فكري وقصدي ‪،‬‬
‫فما كان فيه من صواب فبفضل وتوفيقه ‪ ،‬وما كان من خطأ فمني ومن‬
‫الشيطان ‪ ،‬وأسأل هللا أن ينفع به وأن يجعله خالصا لوجهه ‪ ،‬وأن يعفو عما‬
‫وكل فيه العقل ‪ ،‬وزل فيه القلم ‪ ،‬إنه ولي ذلك والقادر‬
‫ًّ‬ ‫شرد فيه الفكر ‪،‬‬
‫عليه‪.‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫التمهيـد‬
‫في بيان حقيقـة الموضوع وبعض األحكام المتعلقـة به‬

‫وفيه ثالثة مطالب ‪:‬‬


‫المطلب األول ‪ :‬تعريف الزكاة وشروط وجوبها‪ ،‬ويشتمل على فرعين ‪:‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬تعريف الزكاة لغة وشرعًا ‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬شروط وجوب الزكاة ‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬بيان حقيقة المال المستفاد وأقسامه ‪.‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬التطبيقات المعاصرة للمال المستفاد ‪.‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫المطلب األول‬
‫تعريف الزكاة وشروط وجوبها‬
‫ويشتمل على فرعين ‪:‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬تعريف الزكاة لغة وشرعاً ‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬شروط وجوب الزكاة ‪.‬‬
‫الفـرع األول‬
‫تعريف الزكاة لغـة وشرعاً‬
‫أوالً ‪ :‬تعريف الزكاة لغة ‪:‬‬
‫الزكاة في اللغة مصدر زكا ‪ ،‬وتطلق على عدة معان ‪ ،‬منها ‪:‬‬
‫‪ -‬تطلق على النماء والزيادة والريع ‪ :‬يقال زكا الزرع واألرض وغيرهما ‪ :‬نما ‪،‬‬
‫وكل شيء يزداد وينمو فهو يزكو زكاء ‪ ،‬وزكاه هللا تعالى تزكية وأزكاه ‪:‬‬
‫أنماه وجعل فيه بركة ‪.‬‬
‫وتنعم ‪ ،‬فهو زكي من‬ ‫‪ -‬كما تطلق على الصالح ‪ :‬يقال زكا الرجل ‪ :‬صلح َّ‬
‫ّللاِ َعَل ْيك ْم َوَر ْح َمته َما َزَكا‬
‫ضل َّ‬ ‫ِ‬
‫قوم أزكياء ‪ ،‬وبه فسر قوله تعالى ‪َ " :‬وَل ْوَال َف ْ‬
‫ّللا َس ِميع َعِليم "(‪ )1‬أي ‪:‬‬ ‫ّللاَ ي َزِكي َمن َي َشاء َو َّ‬‫َحد أ ََبًدا َوَل ِك َّن َّ‬ ‫ِ‬
‫منكم م ْن أ َ‬
‫ِ‬
‫صلح ‪.‬‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫‪ -‬تطلق أيضا على الطهارة ‪ :‬ومنه قوله تعالى ‪" :‬خ ْذ م ْن أَ ْم َواله ْم َ‬
‫ص َدَق ًة‬
‫يهم ِب َها"(‪ )2‬أي ‪ :‬تطهرهم ‪.‬‬ ‫ط ِهرهم وت َزِك ِ‬
‫تَ ْ َ‬
‫‪ -‬المدح والثناء ‪ :‬يقال زكى نفسه ‪ :‬مدحها ‪ ،‬وزكى الرجل نفسه ‪ :‬إذا وصفها‬
‫وأثنى عليها ‪.‬‬
‫‪ -‬وقيل لما يخرج من المال للمساكين زكاة ؛ ألنه تطهير للمال وتثمير‬
‫وإصالح ونماء ‪.‬‬
‫خرج والفعل ‪ ،‬فتطلق على العين ‪،‬‬
‫والزكاة من األسماء المشتركـة بين الم َ‬

‫(‪ )1‬جزء اآليـة ( ‪ )11‬من سورة النـور ‪.‬‬


‫(‪ )1‬صدر اآليـة (‪ )101‬من سورة التـوبة ‪.‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫المزكى بها ‪ ،‬وتطلق على المعنى ‪ ،‬وهو التزكيـة ‪ ،‬وبه‬ ‫َّ‬ ‫وهي الطائفة من المال‬
‫اعلو َن " ‪ ،‬فإنما أراد به التزكية‬
‫(‪)1‬‬ ‫ف ِسـر قوله تعالى ‪ " :‬و َّالِذين هم ِل َّلزَك ِاة َف ِ‬
‫َ َ ْ‬
‫(‪)2‬‬
‫ال العين‪ ،‬فالزكاة طهرة لألموال‪ ،‬وزكاة الفطر طهرة لألبدان ‪.‬‬
‫ثانياً ‪ :‬تعريف الزكاة اصطالحاً ‪ :‬عرفها الفقهاء بعدة تعريفات متقاربة ‪ ،‬منها‪:‬‬
‫أوالً ‪:‬تعريف الحنفية ‪ :‬هي تمليك المال من فقير مسلم غير هاشمي وال مواله‬
‫بشرط قطع المنفعة عن المملك من كل وجه هلل تعالى(‪. )6‬‬
‫ثانيًا ‪:‬تعريف المالكية ‪ :‬هي إخراج مال مخصوص من مال مخصوص بلغ‬
‫نصاباً لمستحقه إن تم الملك وحول غير معدن وحرث (‪.)9‬‬
‫ثالثًا ‪:‬تعريف الشافعية ‪ :‬اسم ألخذ شيء مخصوص من مال مخصوص على‬
‫أوصاف مخصوصة لطائفة مخصوصة (‪.)5‬‬
‫رابعًا ‪ :‬تعريف الحنابلة ‪ :‬حق يجب في مال خاص ‪ ،‬لطائفة مخصوصة ‪ ،‬في‬

‫(‪ )1‬اآليـة ( ‪ )4‬من سورة المؤمنون ‪.‬‬


‫ي‬
‫(‪ )2‬يراجع ‪ :‬القاموس المحيط لمجد الدين دمحم بن يعقوب الشيراز الفيروزآبادي (ت ‪718‬هـ)‪ /‬ص‪850‬‬
‫– اعتنى به ورتبه ‪ :‬حسان عبد المنان – ط ‪ ،‬لسان العرب لمحمد بن مكرم بن على جمال الدين‬
‫ابن منظور األنصاري ( ت ‪811 :‬هـ) ج‪- - 657 /19‬الطبعة‪ :‬الثالثة ‪ 1919 -‬هـ ‪ -‬الناشر‪ :‬دار‬
‫صادر ‪ ،‬تاج العروس من جواهر القاموس لمحمد بن دمحم بن عبد الرزاق الحسيني الملقب بمرتضى‬
‫الزبيدي (ت‪1205‬هـ)ج ‪ - 226-220 /67‬المحقق ‪ :‬مجموعة من المحققين ‪ -‬دار الهداية ‪،‬‬
‫المصباح المنير ألحمد بن دمحم بن علي الفيومي المقريء ‪ /‬ص‪ -159‬الطبعة األولى – ‪1921‬هـ ‪-‬‬
‫‪2000‬م – دار الحديث ‪ ،‬مختار الصحاح لمحمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي ‪-157 /‬‬
‫‪1929‬هـ ‪2006 -‬م – دار الحديث ‪.‬‬
‫(‪ )6‬تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق لفخر الدين عثمان بن علي الزيلعي (ت ‪896‬هـ) ج‪– 251 /1‬‬
‫الطبعة األولى – ‪1616‬هـ ‪ -‬المطبعة الكبرى األميرية – القاهرة ‪ ،‬البحر الرائق شرح كنز الدقائق‬
‫لزين الدين بن إبراهيم بن دمحم‪ ،‬المعروف بابن نجيم المصري ( ت‪480 :‬هـ) ج‪ – 213 /2‬الطبعة‬
‫الثانية ‪ -‬دار الكتاب اإلسالمي ‪.‬‬
‫(‪ )9‬الشرح الكبير ألبي البركات أحمد الدردير بهامش حاشية الدسوقي ج‪1961 -960 /1‬هـ‪2010 -‬م –‬
‫مطابع أخبار اليوم ‪ ،‬منح الجليل شرح مختصر خليل لمحمد بن أحمد عليش (ت ‪1244‬هـ) ج‪/2‬‬
‫ص‪ -6‬طبعة ‪1904‬هـ‪1474/‬م ‪-‬دار الفكر – بيروت ‪.‬‬
‫(‪ )5‬الحاوي الكبير ألبي الحسن علي بن دمحم بن حبيب‪ ،‬الشهير بالماوردي (ت ‪950 :‬هـ) ج ‪- 81/6‬‬
‫المحقق‪ :‬الشيخ علي دمحم معوض ‪ -‬الشيخ عادل أحمد عبد الموجود ‪ -‬الطبعة‪ :‬األولى‪ 1914 ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪ 1444‬م ‪ -‬دار الكتب العلمية‪ -‬بيروت – لبنان ‪ ،‬المجموع شرح المهذب ألبي زكريا يحيى بن شرف‬
‫النووي (ت‪383 :‬هـ) ج‪ - 625 /5‬دار الفكر ‪.‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫وقت مخصوص (‪.)1‬‬


‫التعريف الراجح ‪ :‬رغم أن تعريفات الفقهاء متقاربة ‪ ،‬إال أن استعمال‬
‫الشافعية للفظ الخصوصية جعلـه أشمل وأعم من التعريفات األخرى ‪ ،‬وأكثر‬
‫دقـة في وصف فريضـة الزكاة ؛ لما لها من خصوصية ال يشاركها فيها غيرها‬
‫من األنظمة اإلقتصادية ‪ ،‬سواء في طبيعة المال المأخوذ منه‬
‫الزكاة ‪ ،‬أو في القـدر المأخـوذ ‪ ،‬أو في الشروط الواجبـة لها ‪،‬أو الطائفـة‬
‫التي يصرف لها‬
‫المال(‪ ، )2‬وهللا أعلم ‪.‬‬
‫مناسبة المعنى الشرعي للمعنى اللغوي ‪:‬‬
‫سبق من معاني الزكاة لغة ‪ :‬النماء والتطهير ‪ ،‬و في الشرع يتحقق‬
‫المعنيان ‪:‬‬
‫أما األول ‪ :‬فألن إخراجها سبب النماء في المال ‪ ،‬بالخلف في الدنيا‬
‫والثواب في اآلخرة ‪ ،‬قال تعالى ‪َ " :‬و َما أ َْنَفْقت ْم ِم ْن َشيء َفه َو ي ْخِلفه "(‪، )6‬‬
‫ْ‬
‫فسميت زكاة بما يـؤول إليه إخراجها ‪ ،‬كقولـه تعالى ‪ " :‬أَع ِ‬
‫صر َخ ْم َاًر " ‪،‬‬ ‫ْ‬
‫أو بمعنى أن األجر يكثر بسببها ‪ ،‬أو بمعنى أن متعلقها األموال ذات النماء ‪،‬‬
‫كالتجارة والزراعة ‪ ،‬وألنها يضاعف ثوابها ‪.‬‬
‫وأما الثاني ‪ :‬فألنها طهرة للنفس من رزيلة البخل ‪ ،‬وتطهير لصاحبها‬
‫ط ِهرهم وت َزِك ِ‬
‫يه ْم ِب َها "‬
‫(‪)5( )9‬‬
‫من الذنوب ‪ ،‬قال تعالى " خ ْذ ِم ْن أ ِ ِ‬
‫ص َدَق ًة ت َ ْ َ‬ ‫َم َواله ْم َ‬
‫ْ‬

‫(‪ )1‬المبدع في شرح المقنع إلبراهيم بن دمحم بن مفلح برهان الدين (ت‪779 :‬هـ) ج‪ - 241 /2‬الطبعة‪:‬‬
‫األولى‪ 1917 -‬هـ ‪ 1448 -‬م ‪ -‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت – لبنان ‪ ،‬الروض المربع شرح زاد‬
‫المستقنع لمحمد بن يونس البهوتي ‪ – 163 /‬تحقيق ‪ :‬عماد عامر – ‪1925‬هـ‪2009 -‬م – دار‬
‫الحديث – القاهرة ‪.‬‬
‫(‪ )2‬ويراجع ‪ :‬مقارنات في زكاة األموال الحولية – د‪.‬مصباح المتولي السيد حماد ‪ /‬ص‪ – 9‬مجلة الشريعة‬
‫والقانون ‪.‬‬
‫(‪ )6‬جزء اآلية (‪ )64‬من سورة سبأ ‪.‬‬
‫(‪ )9‬صدر اآلية (‪ )106‬من سورة التوبة ‪.‬‬
‫(‪ )5‬المبسوط لمحمد بن أحمد بن أبي سهل شمس األئمة السرخسي (ت‪976 :‬هـ) ج‪ - 194/2‬طبعة‬
‫‪1919‬هـ ‪1446 -‬م ‪ -‬دار المعرفة – بيروت ‪ ،‬االختيار لتعليل المختار لعبد هللا بن محمود بن‬
‫مودود ج‪ -163 /1‬حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه ‪ :‬علي عبد الحميد أبو الخير – دمحم وهبي‬
‫=‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫الفرع الثاني‬
‫شـروط وجـوب الزكاة‬
‫اختلف الفقهاء في شروط وجوب الزكاة ‪ ،‬و أهم هذه الشروط ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬الحرية‪ :‬فال تجب الزكاة على العبد ولو مكاتباً ؛ ألنه ال يملك‪،‬‬
‫والسيد مالك لما في يد عبده‪ ،‬والمكاتب ونحوه وإن ملك‪ ،‬إال أن ملكه ليس تاماً‬
‫بدليل أن لسيده انتزاع ماله (‪.)1‬‬
‫(‪)2‬‬
‫الثاني ‪ :‬اإلسالم ‪ :‬فال تجب الزكاة على كافر باإلجماع ؛ ولو مرتداً‬
‫(‪)6‬‬
‫فال يقضيها إذا أسلم ‪ -‬خالفاً للشافعيـة‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫=‬
‫سليمان – الطبعة األولى – ‪1914‬هـ ‪1447 -‬م ‪ -‬دار الخير‪ -‬دمشق ‪ -‬بيروت ‪ ،‬شرح الزرقاني‬
‫على موطأ اإلمام مالك لمحمد بن عبد الباقي بن يوسف الزرقاني ج‪ - 168 /2‬تحقيق‪ :‬طه عبد‬
‫الرءوف سعد ‪ -‬الطبعة‪ :‬األولى‪1929 ،‬هـ ‪2006 -‬م ‪ -‬مكتبة الثقافة الدينية – القاهرة ‪.‬‬
‫(‪ )1‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ألبي بكر بن مسعود الكاساني (‪578‬هـ)ج‪ - 640 -674/2‬ضبط‬
‫نصه وحققه ‪ :‬د‪.‬دمحم دمحم تامر – دمحم السعيد الزيني – وجيه دمحم علي – طبعة ‪1923‬هـ‪2005 -‬م‪-‬‬
‫دار الحديث – القاهرة ‪،‬‬
‫االختيار البن مودود ج‪ ، 163 /1‬الشرح الصغير ألحمد بن دمحم بن أحمد الدردير بهامش بلغة السالك‬
‫ج‪ -203 /1‬الطبعة األخيرة – مطبعة مصطفى البابي الحلبي – مصر ‪ ،‬القوانين الفقهية لمحمد بن‬
‫أحمد بن جزي (ت ‪891‬هـ) ‪ – 77 /‬دار الفكر ‪ ،‬المعونة على مذهب عالم المدينة للقاضي عبد‬
‫الوهاب البغدادي(‪922‬هـ)ج‪-285 /1‬تحقيق ود ارسـة ‪ :‬حميش عبد الحق – الطبعة األولى –‬
‫‪1926‬هـ‪2006 -‬م‪ -‬مكتبـة نزار مصطفى الباز ‪ ،‬حاشية إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين‬
‫ألبي بكر عثمان بن دمحم شطا الدمياطي البكري (‪1600‬هـ) ج‪– 663 /2‬حققه وخرج أحاديثه ‪ :‬عبد‬
‫الحكيم دمحم عبد الحكيم ‪ -‬المكتبة التوفيقية – مصر ‪ ،‬منار السبيل للشيخ إبراهيم بن دمحم بن ضويان‬
‫(ت‪1656‬هـ) ج‪ – 134 /1‬خرج أحاديثه ‪ :‬فريد عبد العزيز الجندي – طبعة ‪1922‬هـ ‪2001 -‬م –‬
‫دار الحديث ‪ ،‬العدة شرح العمدة لبهاء الدين عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسي ‪-165 /‬تحقيق ‪ :‬أحمد‬
‫بن علي – طبعة ‪1929‬هـ ‪.‬‬
‫(‪ )2‬يراجع ‪ :‬بدائع الصنائع للكاساني ج‪ ، 676 /2‬االختيار البن مودود ج‪ ، 163 /1‬بداية المجتهد‬
‫ونهاية المقتصد لمحمد بن أحمد بن رشد الشهير بالحفيد (ت ‪545‬هـ)ج‪ – 626 /1‬شرح وتحقيق ‪:‬‬
‫رضوان جامع رضوان – الطبعة األولى – ‪1918‬هـ ‪1448 -‬م ‪ -‬مكتبة اإليمان – المنصورة ‪،‬‬
‫القوانين الفقهية البن جزي‪ ، 77 /‬المجموع شرح المهذب للنووي ج‪ ، 628 /5‬حاشية إعانة الطالبين‬
‫على حل ألفاظ فتح المعين للدمياطي البكري ج‪ ، 665 /2‬منار السبيل البن ضويان ج‪، 134 /1‬‬
‫العدة شرح العمدة لبهاء الدين عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسي ‪-165 /‬تحقيق ‪ :‬أحمد بن علي –‬
‫طبعة ‪1929‬هـ ‪2006 -‬م‪ -‬دار الحديث ‪.‬‬
‫(‪ )6‬بدائع الصنائع للكاساني ج‪ ، 679 /2‬الروض المربع للبهوتي ‪. 163 /‬‬
‫=‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫صَّلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫دليلــه ‪:‬ما روي َع ِن ْاب ِن َعبَّاس‪ ،‬أ َّ‬
‫ال‪َ :‬ب َعثَني َرسول هللا َ‬ ‫َن م َعا ًذا‪َ ،‬ق َ‬
‫اب ‪َ ،‬ف ْادعه ْم ِإَلى َش َه َاد ِة‬ ‫َه ِل اْل ِكتَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬
‫ال‪ِ « :‬إَّن َك تَأْتي َق ْو ًما م ْن أ ْ‬ ‫هللا َعَل ْيه َو َسلمَ ‪َ ،‬ق َ‬
‫ض‬ ‫هللا ا ْفتَ َر َ‬
‫َن َ‬ ‫َعِل ْمه ْم أ َّ‬ ‫ِِ‬
‫طاعوا ل َذل َك‪َ ،‬فأ ْ‬ ‫َن َال ِإَل َه ِإ َّال هللا َوأَِني َرسول هللاِ‪َ ،‬فِإ ْن ه ْم أَ َ‬ ‫أ َّ‬

‫َن هللاَ‬ ‫طاعوا ِل َذِل َك‪َ ،‬فأَ ْعِل ْمه ْم أ َّ‬ ‫صَل َوات ِفي ك ِل َي ْوم َوَلْيَلة‪َ ،‬فِإ ْن ه ْم أَ َ‬ ‫ِ‬
‫َعَل ْيه ْم َخ ْم َس َ‬
‫(‪)1‬‬
‫َغِن َي ِائ ِه ْم َفت َرد ِفي فَق َرِائ ِه ْم »‬
‫ص َدَق ًة ت ْؤ َخذ ِم ْن أ ْ‬ ‫ِ‬
‫ض َعَل ْيه ْم َ‬‫ا ْفتَ َر َ‬
‫مطهرة وهـو ليس من أهل الطهر(‪ ،)2‬وألنها من فـروع‬ ‫ِ‬ ‫ألنها عبادة‬
‫(‪)6‬‬
‫االسالم ‪ ،‬فأشبهت الصيام‬
‫الثالث والرابع ‪:‬البلوغ والعقل‪ :‬شرط عند الحنفية‪ ،‬فال زكاة على صبي‬
‫ومجنون في مالهما؛ ألنهما غير مخاطبين بأداء العبادة كالصالة والصوم ‪،‬‬
‫(‪)9‬‬
‫‪.‬‬ ‫وهي من أعظم العبادات ؛ ألنها أحد مباني اإلسالم وأركانه‬
‫صَّلى هللا َعَل ْي ِه َو َسَّل َم‬ ‫ولما روي َع ْن َعِلي (رضي هللا عنه)‪َ ،‬ع ِن َِّ‬
‫النب ِي َ‬
‫الصِب ِي َحتَّى َي ْحَتِل َم‪،‬‬ ‫الن ِائ ِم َحتَّى َي ْستَْيِق َ‬
‫ظ‪َ ،‬و َع ِن َّ‬ ‫ال‪ " :‬رِف َع اْلَقَلم َع ْن ثَ َالثَة‪َ :‬ع ِن َّ‬
‫َق َ‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫=‬
‫أماالشافعية فقالوا ‪ :‬إن فيه تفصيالً ‪ :‬فإن ارتد بعد أن وجبت عليه الزكاة أخذت منه مطلقاً ‪ ،‬سواء أسلم‬
‫أم ال ‪ ،‬وإن وجبت عليه بعد أن ارتد فتوقف كبقية أمواله ‪ ،‬إن عاد إلى اإلسالم لزمه أداؤها لتبين‬
‫ملكه ‪( .‬حاشيـة إعانـة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين ألبي بكر عثمان بن دمحم شطا الدمياطي‬
‫البكري (ت‪1600‬هـ) ج‪ –663 - 665 /2‬حققه وخرج أحاديثه ‪ :‬عبد الحكيم دمحم عبد الحكيم –‬
‫المكتبة التوفيقية – القاهرة )‬
‫(‪ )1‬أخرجه دمحم بن إسماعيل البخاري(ت ‪253‬هـ) في صحيحه ج‪ -)1645( 680 /1‬كتاب الزكاة – باب‬
‫وجوب الزكاة –حققه ‪ :‬طه عبد الرؤوف سعد – مكتبة اإليمان ‪ -‬المنصورة ‪ ،‬وأخرجه مسلم بن‬
‫الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (ت‪231 :‬هـ) في صحيحه بلفظه ج‪– 67-68 /1‬كتاب‬
‫اإليمان – باب األمر باإليمان باهلل ورسوله وشرائع الدين والدعاء إليه ‪ -‬دار الفكر‪ -‬بيروت ‪.‬‬
‫(‪ )2‬القوانين الفقهية البن جزي ‪. 77/‬‬
‫(‪ )6‬منار السبيل البن ضويان ج‪ ، 134 /1‬العدة لبهاء الدين المقدسي ‪. 165/‬‬
‫(‪ )9‬االختيار البن مودود ج‪ ،168 /1‬بدائع الصنائع للكاساني ج‪. 677-673 /2‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫َو َع ِن اْل َم ْجنو ِن َحتَّى َي ْعِق َل "‬


‫(‪)1‬‬

‫وقال الجمهور‪ :‬ال يشترط البلوغ والعقل لوجوب الزكاة ‪ ،‬فتجب الزكاة في‬
‫مال الصبي والمجنون‪ ،‬ويخرجها الولي من مالهما(‪ )2‬لما روي عن عمرو بن‬
‫شعيب عن أبيه عن جده عن النبي( صلى هللا عليه وسلم) قال ‪« :‬أ ََال َم ْن َوِلي‬
‫َ‬ ‫(‪)6‬‬
‫الص َدَقة»‬ ‫يِتيما َله مال َفْليتَّ ِجر ِف ِ‬
‫يه‪َ ،‬وَال َي ْترْكه َحتَّى تَأْكَله َّ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ً‬
‫الخامس‪ :‬كون المال نصابًا أو مقدا ًار بقيمة نصاب(‪:)9‬‬
‫فال تجب الزكاة فيما دون النصاب ‪ ،‬ألنها ال تجب إال على الغني ‪،‬‬
‫والغنى ال يحصل إال بالمال الفاضل عن الحاجة األصلية ‪ ،‬وما دون النصاب‬
‫ال يفضل عن الحاجة األصلية ‪ ،‬فال يصير الشخص غنياً به (‪.)5‬‬

‫أخرجه أبو داود سليمان بن األشعث السجستاني (ت ‪285‬هـ) في سننه بلفظه ج‪-)9906( 246 /9‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫كتاب الحدود – باب في المجنون يسرق أو يصيب حداً – الطبعة األولى – ‪1966‬هـ ‪2012 -‬م –‬
‫مكتبة الطبري – مصر ‪ ،‬و دمحم بن عيسى بن َس ْورة بن موسى بن الضحاك‪ ،‬الترمذي‪ ،‬أبو عيسى‬
‫(ت‪284 :‬هـ) في سننه ج‪ -)1926( 62/9‬أبواب الحدود ‪ -‬باب ما جاء فيمن ال يجب عليه الحد‬
‫‪ -‬تحقيق وتعليق‪ :‬إبراهيم عطوة عوض – الطبعة الثانية ‪ 1645-‬هـ ‪ 1485 -‬م ‪ -‬مكتبة ومطبعة‬
‫مصطفى البابي الحلبي – مصر ‪ ،‬وصححه األلباني ‪.‬‬
‫المعونة للقاضي عبد الوهاب ج‪ ، 283 /1‬الشرح الصغير للدردير بهامش بلغة السالك ج‪، 203 /1‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫المجموع للنووي ج‪ ، 624 /5‬إعانة الطالبين للدمياطي ج‪ ، 665 /2‬نيل المآرب لعبد القادر بن‬
‫عمر التغلبي ج‪ -182 /1‬طبعة دار إحياء الكتب العربية ‪ ،‬منار السبيل البن ضويان ج‪. 181 /1‬‬
‫أخرجه الترمذي في سننه ج‪– )391( 26 /6‬أبواب الزكاة ‪ -‬باب ما جاء في زكاة مال اليتيم ‪،‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫ون‬ ‫َما أَ ْكثَر أَه ِل ِ ِ‬
‫الحديث َفَي ْحتَج َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫وبعد أن ذكر أن في اسناده مقال ‪ ،‬وأن بعضهم ضعفه قال ‪َ :‬وأ َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ِس َحاق َو َغ ْيره َما ‪ ،‬وأخرجه الدار قطني في سننه‬ ‫َح َمد‪َ ،‬وإ ْ‬ ‫ِب َحديث َع ْم ِرو ْب ِن ش َع ْيب‪َ ،‬وي ْثِبت َ‬
‫ونه م ْنه ْم‪ :‬أ ْ‬
‫ج‪ -)1480( – 5 /6‬كتاب الزكاة ‪ -‬باب وجوب الزكاة في مال الصبي واليتيم ‪.‬‬
‫حاشية رد المحتار على الدر المختار البن عابدين‪ ،‬دمحم أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين‬ ‫(‪)9‬‬
‫الدمشقي الحنفي (ت‪1252 :‬هـ) ج‪ - 254 /2‬الطبعة الثانية ‪1912 -‬هـ ‪1442 -‬م ‪-‬دار الفكر‪-‬‬
‫بيروت ‪ ،‬تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق لعثمان بن علي بن محجن ‪ ،‬فخر الدين الزيلعي (ت ‪896‬‬
‫هـ) ج‪ – 256 /1‬الطبعة األولى – ‪1616‬هـ‪ -‬المطبعة الكبرى األميرية ‪ ،‬القوانين الفقهية البن جزي‬
‫‪ ، 77/‬بداية المجتهد البن رشد الحفيد ج‪ ، 626 /1‬الشرح الصغير للدردير بهامش بلغة السالك‬
‫ج‪ ، 203 /1‬اإلقناع في حل ألفاظ أبي شجاع للخطيب الشربيني مع حاشية البجيرمي ج‪– 613 /2‬‬
‫طبعة ‪4141‬هـ ‪ 4991 -‬م – دار الفكر ‪ ،‬مغني المحتاج لمحمد الشربيني الخطيب ج‪ -687 /1‬طبعة‬
‫‪1688‬هـ‪1457 -‬م – مطبعة مصطفى البابي الحلبي ‪ ،‬المبدع البن مفلح ج‪ ، 245 /2‬منار السبيل‬
‫البن ضويان ج‪. 134 /1‬‬
‫بدائع الصنائع للكاساني ج‪. 919 /2‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫والنصاب ‪ :‬ما نصبه الشرع عالمة على وجوب الزكاة من المقادير‬


‫المبينة في أبواب الزكاة ‪ ،‬ويدل لذلك ‪ :‬ما روي عن أ ََبي َس ِعيد الخ ْدر َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫ِي‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫ّللاِ َّ‬
‫ص َدَقة‬‫يما دو َن َخ ْمس َذ ْود َ‬ ‫صلى هللا َعَل ْيه َو َسل َم‪َ« :‬ل ْي َس ف َ‬ ‫ال َرسول َّ َ‬ ‫ال‪َ :‬ق َ‬
‫َق َ‬
‫يما دو َن َخ ْم َس ِة أ َْوسق‬ ‫ِ‬
‫ص َدَقة‪َ ،‬وَل ْي َس ف َ‬
‫ِ‬
‫يما دو َن َخ ْمس أ ََواق َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِِ ِ‬
‫م َن اإلبل‪َ ،‬وَل ْي َس ف َ‬
‫‪)2(.‬‬
‫ص َدَقة»‬
‫َ‬
‫السادس ‪ :‬الملك التام للمال(‪ :)6‬ألن الملك الناقص ليس نعمة كاملة ‪،‬‬
‫والزكاة وجبت شك ًار للنعمة‬
‫‪،‬والملك التام عبارة عما كان بيده لم يتعلق به حق غيره ‪ ،‬يتصرف فيه‬
‫على حسب اختياره ‪ ،‬وفوائده حاصلة له (‪.)9‬‬

‫(‪ )1‬حاشية رد المحتار على الدر المختار البن عابدين ج‪ ، 254 /2‬بلغة السالك على الشرح الصغير‬
‫ألحمد بن دمحم الصاوي ج‪ – 203 /1‬مطبعة مصطفى البابي الحلبي ‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري في صحيحه ج‪ – )1998( – 676 /1‬كتاب الزكاة – باب زكاة الورق ‪.‬‬
‫(‪ )6‬االختيار البن مودود ج‪ ، 167 - 168 /1‬حاشية رد المحتار البن عابدين مع الدر المختار ج‪/2‬‬
‫‪ ، 254‬بداية المجتهد ج‪ ، 626 /1‬بلغة السالك على الشرح الصغير ألحمد بن دمحم الصاوي ج‪/1‬‬
‫‪ ، 203‬إعانة الطالبين للدمياطي ج‪ ، 669 /2‬المبدع البن مفلح ج‪ ، 243 /2‬اإلقناع للخطيب مع‬
‫حاشية البجيرمي ج‪ ، 615/2‬نيل المآرب لعبد القادر التغلبي ج‪ ، 182 /1‬منار السبيل البن‬
‫ضويان ج‪. 134 /1‬‬
‫(‪ )9‬المبدع البن مفلح ج‪. 243 /2‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫السابع ‪ :‬مضي عام أو َح َوالن حول قمري على ملك النصاب(‪:)1‬‬


‫دليله ‪ :‬قوله صلى هللا عليه وسلم‪« :‬الزكاة في مال حتى يحول عليه‬
‫الحول»(‪ )2‬وإلجماع التابعين والفقهاء ‪.‬‬
‫وألن كون المال ناميًا شرط وجوب الزكاة ‪ ،‬والنماء ال يحصل‬
‫إال باالستنماء ‪ ،‬والبد لذلك من مدة ‪ ،‬وأقل مدة يستنمي فيها المال بالتجارة‬
‫واإلسامة عادة الحول (‪ ، )6‬وبه عملت األمـة و السلف وال خالف فيه (‪.)9‬‬
‫وعند المالكية ‪ :‬يشترط أيضًا مجيء الساعي مع الحول في الماشية‪ ،‬فال‬
‫تجب الزكاة فيها قبل مجيئه إن كان ثَّم ساع وأمكن بلوغه مكان الزكاة ‪،‬‬
‫وإال فبتمام الحول (‪.)5‬‬
‫الثامن ‪:‬عدم الدين‪ :‬شرط عند الحنفية والمالكية – على تفصيل عندهم‬
‫فيه (‪.)3‬‬
‫وسبب اشتراطه ‪ :‬أن المشغول بالدين مشغول بالحاجة األصلية ؛ ألن‬
‫فراغ ذمته من الدين الحائل بينه وبين الجنة أهم الحوائج ‪ ،‬فصار كالطعام‬

‫(‪ )1‬حاشيـة رد المحتار البن عابدين ج‪ ، 254 /2‬بدائع الصنائع للكاساني ج‪ ، 904 /2‬القوانين الفقهية‬
‫البن جزي ‪ ، 77/‬الشرح الصغير للدردير ومعه بلغة السالك ج‪ ، ، 203 /1‬اإلقناع للخطيب مع‬
‫حاشية البجيرمي ج‪، 617 /2‬مغني المحتاج للخطيب ج‪ ، 687 /1‬الروض المربع للبهوتي ‪163 /‬‬
‫‪ ،‬منار السبيل البن ضويان ج‪. 180 /1‬‬
‫ال ‪ ،‬قال في‬
‫(‪ )2‬أخرجه ابن ماجه في سننه ج‪ – )1842( -581 /1‬كتاب الزكاة – باب من استفاد ما ً‬
‫الزوائد ‪ :‬هذا إسناد فيه حارثة ‪ ،‬وهو ابن أبي الرجال ضعيف ‪ ( ،‬مصباح الزجاجة في زوائد ابن‬
‫ماجة ج‪ – 78 /2‬كتاب الزكاة – باب من استفاد ماالً ‪ ،‬والدار قطني في سننه ج‪( -934 /2‬‬
‫‪ – )1774‬باب وجوب الزكاة بالحول ‪ ،‬والبيهقي في السنن الكبرى ج‪ -) 8289( -130 /9‬باب ال‬
‫زكاة في مال حتى يحول عليه الحول ‪ ،‬قال البيهقي (رحمه هللا) ‪ :‬رواه أبو معاوية وه َريم بن سفيان‬
‫وأبو كدينة عن حارثة مرفوعاً ‪ ،‬ورواه الثوري عن حارثة موقوفاً على عائشة ‪ ،‬وحارثة ال يحتج بخبره‬
‫‪ ،‬واالعتماد في ذلك على اآلثار الصحيحة فيه عن أبي بكر وعثمان بن عفان وعبد هللا بن عمر‬
‫وغيرهم ‪.‬‬
‫(‪ )6‬بدائع الصنائع للكاساني ج‪. 904 /2‬‬
‫(‪ )9‬المعونة للقاضي عبد الوهاب ج‪. 235 /1‬‬
‫(‪ )5‬الشرح الصغير للدردير بهامش بلغة السالك ج‪، 208 /1‬‬
‫(‪ )3‬بدائع الصنائع للكاساني ج‪ ، 640 /2‬االختيار البن مودود ج‪ ، 168 /1‬القوانين الفقهية ‪، 77/‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫والكسوة ‪ ،‬وألن الملك ناقص ألن للغريم أخذه منه بغير قضاء وال رضى ‪،‬‬
‫والزكاة وجبت شك ًار للنعمة الكاملة ‪ ،‬وألن هللا جعله مصرفًا للزكاة بقوله‬
‫" والغارمين "‪ ،‬وبين وجوبها عليه وجواز أخذها تناف (‪.)1‬‬
‫التاسع ‪ :‬الزيادة عن الحاجات األصلية(‪ :)2‬اشترط الحنفية كون المال‬
‫الواجب فيه الزكاة فارغًا عن الدين فائضًا عن حوائجه األصلية(‪.)6‬‬
‫صَّد ْق َعَل ْي َها‪َ ،‬فِإ ْن‬ ‫ِ ِ‬
‫دليلـه‪ :‬قوله (صلى هللا عليه وسلم ) " ْاب َدْأ ب َنْفس َك َفتَ َ‬
‫َهِل َك "(‪. )9‬‬ ‫ِ‬
‫ض َل َش ْيء َفأل ْ‬
‫َف َ‬
‫فيه دليل على وجوب تقدم الحوائج األصلية ‪ ،‬وألن به يتحقق الغنى‬
‫ومعنى النعمة وهو التنعم ‪ ،‬وبه يحصل األداء عن طيب نفس ؛ ألن المال‬
‫المحتاج إليه حاجة أصلية ال يكون صاحبه غنياً عنه ؛ ألنه من ضرورات‬
‫حاجة البقاء وقوام البدن فكان شكره شكر نعمة البدن (‪. )5‬‬
‫والحاجات األصلية هي ‪ :‬دور السكنى وثياب البدن وأثاث المنزل ‪،‬‬
‫ودواب الركوب ‪ ،‬وكتب الفقهاء وغير ذلك مما البد منه في معاشه(‪. )3‬‬
‫العاشر‪ :‬اشترط المالكية ‪ :‬كون المال مما تجب فيه الزكاة ‪ ،‬وهو ثالثة‬
‫أصناف ‪ :‬العين والحرث والماشية ‪ ،‬وما يرجع إلى ذلك بالقيمة كالتجارة ‪،‬‬
‫فال تجب في الجوهر والعروض وال أصول األمالك وال الخيل وال العبيد‬
‫وال العسل واللبن وال غير ذلك إال أن يكون للتجارة (‪.)8‬‬

‫(‪ )1‬االختيار البن مودود ج‪ ، 168 /1‬بدائع الصنائع للكاساني ج‪. 641 /2‬‬
‫(‪ )2‬بدائع الصنائع للكاساني ج‪، 902 /2‬‬
‫(‪ )6‬االختيار البن مودود ج‪. 167 /1‬‬
‫(‪ )9‬أخرجه مسلم في صحيحه بلفظه المجلد الثاني ج‪ - 87/6‬كتاب الزكاة‪ -‬باب االبتداء في الصدقة‬
‫بالنفس ثم أهله ثم القرابة ‪.‬‬
‫(‪ )5‬بدائع الصنائع للكاساني ج‪. 902 /2‬‬
‫(‪ )3‬االختيار البن مودود ج‪. 167 /1‬‬
‫(‪ )8‬القوانين الفقهية البن جزي ‪77 /‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫المطلب الثاني‬
‫تعريف المال المستفاد وبيان أقسامه‬
‫ويشتمل على فرعين ‪:‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬تعريف المال المستفاد ‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬أقسام المال المستفاد ‪.‬‬
‫الفرع األول‬
‫تعريف المال المستفاد‬
‫أوالً ‪ :‬تعريف المال المستفاد ‪ :‬هو مركب إضافي من جزئين ‪ ،‬يلزم‬
‫للوقوف على حقيقته تعريف كل جزء على حدة ‪ ،‬ثم تعريفهما معاً ‪.‬‬
‫أوالً ‪ :‬تعريف المال ‪:‬‬
‫لغة ‪ :‬ما ملكته من كل شيء ‪ ،‬والجمع أموال(‪ ،)1‬قال ابن األثير والمال‬
‫في األصل ما يملك من الذهب والفضة ‪ ،‬ثم أطلق على كل ما يقتنى ويملك‬
‫من األعيان ‪ ،‬وأكثر ما يطلق المال عند العرب على اإلبل ؛ ألنها كانت أكثر‬
‫(‪)2‬‬
‫أموالهم ‪.‬‬
‫ذكر الفقهاء تعريفات كثيرة للمال يرجع‬ ‫تعريف المال اصطالحاً‪:‬‬
‫معظمها إلى قول اإلمام الشافعي (رحمه هللا)‪ ( :‬ال يقع اسم مال إال على ما له‬
‫متلفه ‪ ،‬وإن قلت ‪ :‬وماال يطرحه الناس مثل الفْلس وما‬
‫قيمة يباع بها ‪ ،‬وتلزم َ‬
‫أشبه ذلك ) (‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬القاموس المحيط للفيروزآبادي ‪ /‬ص‪ ، 1337‬لسان العرب البن منظور ج‪ – 363 /11‬باب الالم –‬
‫فصل الميم – مادة ( م و ل) ‪.‬‬
‫(‪ )2‬المرجع السابق ‪.‬‬
‫(‪)6‬األشباه والنظائرلعبد الرحمن بن أبي بكر جالل الدين السيوطي (ت‪411 :‬هـ)‪ - 628 /‬الطبعة‪:‬‬
‫األولى‪1911 ،‬هـ ‪1440 -‬م ‪ -‬الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية ‪.‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫وقوله ‪ :‬له قيمة ‪ :‬أي منتفعًا به أو مستعدًا ألن ينتفع به ‪ ،‬وهو إما‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫أعيان أو منافع‬
‫وهذا المعنى هو المأخوذ به قانوناً ‪ ،‬فالمال في القانون هو ‪ :‬كل ذي‬
‫قيمة مالية (‪.)2‬‬
‫(‪)6‬‬
‫(رحمه هللا) بأنه ‪ :‬ما يميل إليه الطبع ويمكن‬ ‫وعرفه ابن عابدين‬
‫(‪)9‬‬
‫‪.‬‬ ‫ادخاره لوقت الحاجة ‪ ،‬والمالية تثبت بتمول الناس كافة أو بعضهم‬
‫والمال بطبيعته محل الملكية إال إذا وجد مانع من الموانع ‪ ،‬وهو في‬
‫الغالب محل المعامالت المدنية كالبيع واإليجار والشركة والوصية ونحوها ‪،‬‬
‫وهو أيضًا عنصر ضروري من من ضرورات الحياة أو المعيشة التي ال غنى‬
‫عنها لإلنسان (‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬المنثور في القواعد الفقهية لبدر الدين دمحم بن عبد هللا بن بهادر الزركشي (ت‪849 :‬هـ) ج‪- 222 /6‬‬
‫الطبعة‪ :‬الثانية‪1905 ،‬هـ ‪1475 -‬م ‪ -‬الناشر‪ :‬و ازرة األوقاف الكويتية ‪.‬‬
‫(‪ )1‬الفقه اإلسالمي وأدلته لوهبة الزحيلي ج‪ -. 1788 -1782 /4‬الطبعة الرابعة ‪ -‬دار الفكر‪ -‬سوريا ‪.‬‬
‫(‪ )6‬ابن عابدين ‪ :‬دمحم أمين بن عمر بن عبد العزيز ‪ ،‬ولد بدمشق ‪1147‬هـ وحفظ القرآن وهو صغير ‪،‬‬
‫ثم اشتغل بطلب العلم مع االجتهاد حتى تفنن وأفتى ودرَّس و َّألف التآليف ‪ ،‬منها حاشية رد المحتار‬
‫على الدر المختار وحاشية على البحر الرائق ‪ ،‬توفي سنة (‪1252‬هـ ‪ ( .‬األعالم لخير الدين الزركلي‬
‫ج‪ – 92 /3‬طبعة دار العلم للماليين ‪ ،‬معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة المجلد الخامس ج‪88 /4‬‬
‫– طبعة دار إحياء التراث العربي – بيروت )‬
‫(‪ )9‬حاشية رد المحتار البن عابدين ج‪ -501 / 9‬الطبعة‪ :‬الثانية‪1912 ،‬هـ ‪1442 -‬م ‪ ،‬البحر الرائق‬
‫شرح كنز الدقائق لزين الدين بن إبراهيم بن دمحم‪ ،‬المعروف بابن نجيم المصري (ت‪480 :‬هـ) ج‪/5‬‬
‫‪ -288‬دار الكتاب اإلسالمي ‪.‬‬
‫وللوقوف على مزيد من التعريفات للمال ‪ ،‬يراجع ‪ ( :‬الموافقات إلبراهيم بن موسى بن دمحم اللخمي‬
‫الغرناطي الشهير بالشاطبي (ت ‪840‬هـ)ج‪ – 62 /2‬المحقق ‪ :‬أبو عبيدة مشهور بن حسن آل‬
‫سليمان – الطبعة األولى – ‪1918‬هـ‪1448 -‬م‪ -‬دار ابن عفان ‪ ،‬أحكام القرآن للقاضي دمحم بن عبد‬
‫هللا أبو بكر بن العربي (ت‪596‬هـ)ج‪ – 108 /2‬راجع أصوله وخرج أحاديثه وعلق عليه ‪ :‬دمحم عبد‬
‫القادر عطا – الطبعة الثالثة – ‪1929‬هـ‪2006 -‬م – دار الكتب العلمية – بيروت ‪ ،‬شرح منتهى‬
‫اإلرادات لمنصور بن يونس البهوتي الحنبلي ( ‪1051‬هـ) ج‪ /2‬ص‪– 8‬الطبعة األولى ‪1919‬هـ‪-‬‬
‫‪1446‬م – عالم الكتب )‬
‫(‪ )5‬الفقه اإلسالمي وأدلته لوهبة الزحيلي ج‪. 2785 / 9‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫ثانيًا ‪ :‬تعريف كلمة المستفاد ‪:‬‬


‫المستفاد لغة ‪ :‬مأخوذ من فيد فائدة ‪ ،‬تقول ‪ :‬أفدت المال أي ‪ :‬أعطيته غيري‬
‫‪ ،‬وفاد المال نفسه لفالن يفيد ‪ :‬إذا ثبت له مال ‪ ،‬واالسم ‪ :‬الفائدة ‪ ،‬وهي ‪ :‬ما‬
‫أفاد هللا تعالى العبد من خير يستفيده‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫ويستحدثه ‪ ،‬وجمعها ‪ :‬الفوائد‬
‫تعريف المستفاد اصطالحًا ‪ :‬ال يخرج المعنى االصطالحي عن المعنى اللغوي‬
‫‪ ،‬وهو الحاصل لإلنسان من المال والخير بعد أن لم يكن ‪ ،‬وهللا أعلم ‪.‬‬
‫تعريف المال المستفاد ‪ :‬وذلك باعتباره مركباً إضافياً ‪ :‬يمكن تعريفه بأنه ‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ما يستفيده المسلم ويملكه ملكًا جديدًا بأي وسيلة من وسائل التملك المشروع‬
‫‪ ،‬فيشمل الدخل المنتظم لإلنسان من رواتب وأجور ومعاشات ‪ ،‬كما يشمل ‪:‬‬
‫المكافآت والحوافز وأرباح التجارة واألسهم ونسل الماشية والهبات واإلرث وريع‬
‫(‪)6‬‬
‫العقار وبيع األراضي ونحو ذلك ‪ ،‬في أثناء الحول‬

‫(‪ )1‬لسان العرب البن منظور ج‪ ، 691 /6‬تهذيب اللغة لمحمد بن أحمد بن األزهري (ت ‪680‬هـ) ج‪/19‬‬
‫‪ – 167‬المحقق ‪ :‬دمحم عوض مرعب – الطبعة األولى – ‪ 2001‬م – دار إحياء التراث العربي –‬
‫بيروت ‪ ،‬مجمل اللغة ألحمد بن فارس بن زكريا القزويني (ت ‪645‬هـ) ج‪ – 807 /1‬دراسة وتحقيق‬
‫‪ :‬زهير عبد المحسن سلطان – الطبعة الثانية – ‪1903‬هـ ‪1473 -‬م‪ -‬مؤسسة الرسالة ‪.‬‬
‫(‪ )2‬زكاة رواتب الموظفين وكسب أصحاب المهن الحرة للدكتور ‪ :‬اليزيد بن دمحم الراضي ‪ /‬ص‪– 13‬‬
‫بدون طبعة‪.‬‬
‫(‪ )6‬زكاة رواتب ودخول الموظفين الشهرية للدكتور ‪ :‬مراد رايق رشيد عودة ‪ /‬ص‪1962 - 8‬هـ ‪-‬‬
‫‪2011‬م – جامعة النجاح الوطنية – غزة ‪ ،‬زكاة المال المستفاد للدكتور ‪ :‬بسام حسن العف – أ‪:‬‬
‫أحمد نصار أبو ثريا – بحث مقدم إلى مؤتمر " نحو زكاة فاعلة تحقق مقاصدها الشرعية " ‪ /‬ص ‪6‬‬
‫‪ -‬و ازرة األوقاف والشؤون الدينية – غزة ‪ ،‬زكاة الرواتب للدكتورة ‪ :‬حنان رزق هللا أبو مخ ‪ /‬ص ‪- 8‬‬
‫بحث مقدم إ لى مؤتمر الزكاة بعنوان ( زكاة دخول الموظفين والمهن الحرة) ‪ -‬جامعة النجاح الوطنية‬
‫– ‪1962‬هـ ‪2011 -‬م – فلسطين ‪.‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫الفرع الثاني‬
‫أقسام المال المستفاد‬
‫قسم الفقهاء المال المستفاد – في أثناء الحول ‪ -‬إلى ثالثة أقسام ‪:‬‬
‫القسم األول ‪ :‬أن يكون المال المستفاد من جنس مال عنده و متفرعًا‬
‫عنه كنسل الماشية ‪ ،‬أو حاصالً بسببه كربح أموال التجارة ‪.‬‬
‫القسم الثاني ‪ :‬أن يكون من خالف جنس المال الذي عنده ‪ ،‬كأن يكون‬
‫عنده إبل واستفاد بق اًر ‪ ،‬أو عنده بقر واستفاد غنماً ‪ ،‬وهكذا ‪.‬‬
‫القسم الثالث ‪ :‬أن يكون المال المستفاد من جنس مال عنده لكنه ليس‬
‫ال بسببه ‪ ،‬بل حصل بسبب مستقل كالمال المشترى‬
‫متفرعًا منه وال حاص ً‬
‫والموروث والموهوب والموصى به وغير ذلك (‪.)1‬‬
‫ولكل قسم من هذه األقسام حكمه عند الفقهاء ‪ ،‬وسيأتي تفصيل حكم‬
‫كل منها ‪.‬‬

‫(‪ )1‬يراجع ‪ :‬بدائع الصنائع للكاساني ج‪ ، 904 / 2‬تحفـة الفقهاء لعالء الدين السمرقندي (ت‪564‬هـ)ج‪/1‬‬
‫‪ – 966 -962‬حققـه وعلق عليه ‪ :‬د‪.‬دمحم زكي عبد البر – الطبعة الثالثة – ‪1914‬هـ‪1447 -‬م –‬
‫مكتبـة دار التراث – القاهرة ‪ ،‬جامع األمهات لعثمان بن عمر =جمال الدين بن الحاجب‬
‫(ت‪393‬هـ)‪-193 -195 /‬المحقق ‪ :‬أبو عبد الرحمن األخضر األخضري‪ -‬الطبعـة الثانية –‬
‫‪1921‬هـ‪2000 -‬م‪-‬دار اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع ‪ ،‬عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم‬
‫المدينة لجالل الدين عبد هللا بن نجم بن شاس (‪)313‬ج‪ -262 /1‬دراسة وتحقيق‪ :‬أ‪ .‬د‪ .‬حميد بن‬
‫دمحم لحمر‪ -‬الطبعـة‪ :‬األولى‪ 1926 ،‬هـ ‪ 2006 -‬م ‪ -‬الناشر‪ :‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت –‬
‫لبنان ‪ ،‬مغني المحتاج للخطيب ج‪ ، 644-687 /1‬شرح منهج الطالب لجالل الدين المحلي بهامش‬
‫حاشيتا قليوبي وعميرة ج‪ - 16،19،24/1‬طبعة دار إحياء الكتب العربية ‪ ،‬المغني لموفق الدين عبد‬
‫هللا بن أحمد بن دمحم بن قدامة المقدسي (ت ‪320‬هـ) ج‪ – 937 /2‬طبعة ‪1677‬هـ ‪1437 -‬م‪-‬‬
‫مكتبة القاهرة ‪ ،‬الشرح الكبير على متن المقنع لعبد الرحمن بن دمحم بن قدامة (ت ‪372‬هـ )ج‪/2‬‬
‫‪ – 957 -958‬أشرف على طباعته ‪ :‬دمحم رشيد رضا – دار الكتاب العربي ‪.‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫المطلب الثالث‬
‫التطبيقات المعاصرة للمال المستفاد‬
‫سبق ذكر أن الحياة المعاصرة قد كشفت عن أوضاع مالية‬
‫واقتصادية جديدة ال نجد في التراث الفقهي ما يعطي أجوبة مناسبة لما تطرحه‬
‫من أسئلة ‪ ،‬وال تضع حلوالً ناجعة لما يترتب عليها من مشكالت ‪ ،‬وخاصة في‬
‫موضوع الزكاة ‪.‬‬
‫فإن هناك أمو ار تجددت وأمواالً طائلة يتم اكتسابها بطرق جديدة ‪ ،‬وهي‬
‫أموال طيبة ينبغي أن تؤدى زكاتها ‪ ،‬إال أنه ال يوجد ما يدل صراحة على‬
‫كيفية تزكيتها ‪ ،‬ولعل أبرزها نوعان ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬نوع يباشره اإلنسان بنفسه ‪ ،‬ال يخضع فيه لرقيب – غير هللا‬
‫ال يدويًا أم عقليًا ‪،‬‬
‫تعالى – وال يتسلط عليـه صاحب عمل ‪ ،‬سواء كان عم ً‬
‫كـدخل الطبيب والمحامي والخياط والنجار وغيرهم من أصحاب المهن الحرة ‪.‬‬
‫وهذه األموال تشكل اليوم موارد ضخمة ومتجددة لدى عدد ليس بالقليل‬
‫من أصحاب هذه الفئات ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬نوع يرتبط فيـه الشخص بغيره ‪ ،‬سواء كان هذا الغير جهـة‬
‫حكومية أم شركة أم فردًا ‪ ،‬وذلك االرتباط يكون بعقـد إجارة أشخاص ‪ ،‬فـدخله‬
‫حينئذ يتخـذ عدة صور‪ ،‬منها ‪:‬‬
‫‪-1‬األجور والرواتب ‪ :‬التي يتقاضاها الموظفون والعمال مقابل عملهم بشكل‬
‫ثابت ومنظم ‪.‬‬
‫‪ -2‬مكافأة نهاية الخدمة ‪ :‬وهي مبلغ مالي مقطوع يستحقه العامل – سواء كان‬
‫موظفًا ضمن مؤسسات الدولة أو ضمن الشركات األخرى ‪ -‬على رب‬
‫العمل في نهاية خدمته يدفع دفعة واحدة بمقتضى القوانين واألنظمة ‪.‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫‪ -6‬مكافأة التقاعد ‪ :‬وهي مبلغ مالي مقطوع تؤديه الدولة أو المؤسسات‬


‫المختصة إلى الموظف أو العامل المشمول بقانون التأمينات اإلجتماعية إذا‬
‫لم تتوافر جميع الشروط المطلوبة الستحقاق الراتب التقاعدي ‪.‬‬
‫‪-9‬الراتب التقاعدي ‪ :‬مبلغ مالي يستحق شهريًا للموظف أو العامل على الدولة‬
‫أو المؤسسة المختصة بعد انتهاء خدمته بمقتضى القوانين واألنظمة إذا‬
‫توافرت الشروط الخاصة بها (‪.)1‬‬
‫وأحياناً يصل الدخل من هذه الصور في شهر واحد إلى حد النصاب‬
‫أو يزيد ‪.‬‬

‫(‪ )1‬يراجع ‪ :‬الفقه اإلسالمي وأدلته للدكتور وهبة الزحيلي ج‪ ، 8497 /10‬الفقه الميسر ‪ :‬أ‪ .‬د‪َ .‬عبد هللا‬
‫الموسى ج‪ -41 /4‬الناشر‪:‬‬ ‫َ‬ ‫محمد بن إبراهيم‬
‫بن دمحم الطيار‪ ،‬أ‪ .‬د‪ .‬عبد هللا بن محمد المطلق‪ ،‬د‪َّ .‬‬
‫الوطن للنَّشر‪ ،‬الرياض ‪ -‬المملكة العربية السعودية ‪ ،‬زكاة المال المستفاد لبسام حسن العف ‪/‬‬
‫َم َدار َ‬
‫ص‪. 5،3‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫المبحث األول‬
‫المال المستفاد من جنس األصل ومتفرعًا عنه أو حاصالً بسببه‬
‫هذا هو القسم األول من أقسام المال المستفاد ‪،‬وهو ما كان من جنس‬
‫المال الذي عنده (األصل)‪ ،‬وهو إما متفرعًا عنه أي متولدًا منه وذلك مثل ‪:‬‬
‫ال بسببه مثل ‪ :‬ربح التجارة ‪ ،‬ولكل منهما‬ ‫نتاج الماشية ‪ ،‬وإما أن يكون حاص ً‬
‫حكمه ‪ ،‬والكالم فيه يشتمل على مطلبين ‪:‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬زكاة نتاج الماشية الحاصل في خالل الحول ‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬زكاة ربح التجارة الحاصل في خالل الحول ‪.‬‬
‫المطلب األول‬
‫زكاة نتاج الماشية الحاصل في خالل الحول‬
‫من كانت له ماشية مما تجب فيها الزكاة فولدت في خالل الحول ‪ ،‬فهل‬
‫يضم هذا النتاج إلى األمهات ويزكى على حولها ‪ ،‬أم يستأنف له حول جديد ؟‬
‫اختلف الفقهاء في ذلك على ثالثة آراء ‪:‬‬
‫الرأي األول ‪ :‬وهو رأي جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية‬
‫والحنابلة ‪ ،‬ورأي عمر وعلي (رضي هللا عنهما) وال يعرف لهما مخالف من‬
‫الصحابة ‪:‬‬
‫يرى أصحاب هذا الرأي أن نتاج الماشية الحاصل في أثناء الحول يضم‬
‫إليها ويزكى على حولها ‪ ،‬وال يستأنف له حول جديد(‪. )1‬‬

‫(‪ )1‬بدائع الصنائع للكاساني ج‪ ، 904 /2‬البناية للعيني ج‪ ، 656 /6‬شرح الخرشي على مختصر خليل‬
‫لمحمد بن عبد هللا الخرشي(ت ‪1101‬هـ) ج‪ – 194 /2‬دار الفكر – بيروت ‪ ،‬المعونة على مذهب‬
‫عالم المدينة للقاضي عبد الوهاب البغدادي (ت ‪922‬هـ) ج‪ – 274 -277 /1‬تحقيق ودراسة ‪:‬‬
‫حميش عبد الحق – الطبعة األولى – ‪1926‬هـ ‪2006 -‬م – مكتبة نزار مصطفى الباز ‪ ،‬أسنى‬
‫المطالب لزكريا بن دمحم األنصاري(ت ‪423‬هـ) ج‪ -656 /1‬دار الكتاب اإلسالمي ‪ ،‬حاشية البجيرمي‬
‫على شرح منهج الطالب لسليمان بن عمر البجيرمي (ت ‪1221‬هـ)ج‪ – 16 /2‬طبعة ‪1634‬هـ‪-‬‬
‫‪1450‬م – مطبعة الحلبي ‪ ،‬المغني البن قدامة ج‪ ، 937 /2‬شرح الزركشي لشمس الدين دمحم بن‬
‫عبد هللا الزركشي المصري الحنبلي (المتوفى‪882 :‬هـ)‪ -‬ج‪ - 920 /2‬الطبعة‪ :‬األولى‪ 1916 ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪ 1446‬م ‪ -‬دار العبيكان ‪.‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫قال ابن قدامة (رحمه هللا) ‪ ( :‬ال نعلم فيه خالفًا )‬
‫لكن ضم النتاج إلى األمهات مقيد – عند الحنفية والشافعية والحنابلة‬
‫في الصحيح من المذهب وقول إسحاق وأبي ثور (رحمهم هللا)‪ -‬بما إذا كان‬
‫األصل – أي األمهات – نصابًا (‪.)2‬‬
‫ومعنى ذلك ‪ :‬أنه لو ملك نصاباً من الماشية فنتجت في أثناء الحول‬
‫(‪)6‬‬
‫‪.‬‬ ‫حتى بلغت النصاب الثاني فإنها تضم إلى األمهات وتزكى على حولها‬
‫(‪)9‬‬
‫في اليوم‬ ‫كما لو كان في ملكه مائتان من الغنم فنتجت سخلة‬
‫األخيرمن الحول فيجب في المال ثالث شياة ‪ ،‬ولوال هذه السخلة لكان واجب‬
‫(‪)5‬‬
‫‪.‬‬ ‫المائتين شاتين‬
‫أما لو كانت األمهات دون النصاب ثم توالدت في الحول حتى بلغت‬
‫بالنتاج نصابًا ‪ :‬فالحول يبدأ من وقت كمال النصاب (‪.)3‬‬
‫كما لو كان يملك تسعاً وثالثين من الغنم فنتجت سخلة ‪ :‬فينعقد ابتداء‬
‫(‪)8‬‬
‫‪.‬‬ ‫الحول من هذا الوقت ‪ ،‬وهو وقت كمال النصاب‬

‫(‪ )1‬المغني البن قدامة ج‪. 937 /2‬‬


‫(‪ )2‬بدائع الصنائع للكاساني ج‪ ، 910 /2‬تحفة الفقهاء لعالء الدين السمرقندي ج‪ ، 951 /1‬بحر‬
‫المذهب للروياني ج‪ ، 66 /6‬حاشية البجيرمي على شرح المنهج ج‪ ، 16 /2‬المبدع البن مفلح ج‪/2‬‬
‫‪ ، 606‬اإلنصاف للمرداوي ج‪. 60 /6‬‬
‫(‪)6‬بحر المذهب لعبد الواحد بن إسماعيل الروياني (ت سنة ‪ 502‬هـ)ج‪ - 66 /6‬المحقق‪ :‬طارق فتحي‬
‫السيد‪ -‬الطبعة‪ :‬األولى‪ 2004 ،‬م ‪ -‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء‬
‫لمحمد بن أحمد بن الحسين بن عمر‪ ،‬أبو بكر الشاشي القفال (المتوفى‪508 :‬هـ) ج‪- - 29 /6‬‬
‫المحقق‪ :‬د‪ .‬ياسين أحمد إبراهيم درادكة‪ -‬الطبعة‪ :‬األولى‪1470 ،‬م ‪ -‬مؤسسة الرسالة ‪ /‬دار األرقم‬
‫‪ -‬بيروت ‪ /‬عمان‪.‬‬
‫(‪ )9‬السخلة ‪ :‬تطلق على الذكر واألنثى من أوالد الضأن والماعز ساعة تولد ‪ ،‬والجمع ‪ِ :‬سخال ‪ ،‬وتجمع‬
‫سخل ‪ ،‬مثل تمرة وتمر ‪ (.‬المصباح المنير للفيومي ‪ – 136 /‬كتاب السين – مادة (س‬ ‫أيضا على ‪ْ :‬‬
‫خ ل) )‪.‬‬
‫(‪ )5‬نهاية المطلب للجويني ج‪. 121 /6‬‬
‫(‪ )3‬بحر المذهب للروياني ج‪( ، 66 /6‬نهاية المطلب للجويني ج‪) 120 /6‬‬
‫(‪ )8‬نهاية المطلب للجويني ج‪. 121 /6‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫فشروط ضم النتاج لألصل ثالثة ‪:‬‬


‫‪-1‬أن يكون من نتاج األمهات الموجودة عنده ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن تكون األمهات نصاباً فصاعدًا ‪.‬‬
‫‪ -6‬أن تكون الوالدة في أثناء الحول(‪. )1‬‬
‫وذهب المالكية واإلمام أحمد في رواية ‪ :‬أن الفائدة إن حصلت بوالدة‬
‫األمهات فإنها تضم إلى أمهاتها وتزكى على حولهن ‪ ،‬وإن كانت األمهات أقل‬
‫من نصاب (‪.)2‬‬
‫الرأي الثاني ‪ :‬وهو رأي الظاهرية ‪ ،‬وبه قال الشعبي ‪ ،‬وح ِكي عن‬
‫الحسن البصري وإبراهيم النخعي (رحمهم هللا) ‪:‬‬
‫يرى أ صحاب هذا الرأي ‪ :‬أنه ال زكاة في نتاج الماشية ‪ ،‬وال يعد فيما‬
‫تؤخذ منه الصدقة ‪ ،‬إال أن يتم سنة ‪ ،‬فإن أتمها عَّد وأخذت منه الزكاة بعد أن‬
‫(‪)6‬‬
‫‪.‬‬ ‫يحول عليه الحول‬
‫وفي قول ثالث عند الحنابلة ‪ :‬أن حول النتاج منذ كمل أمهاته نصاباً ‪،‬‬
‫وحول أمهاته منذ ملكهن(‪ ،)9‬فيكون لكل منهما حوله لكن ال يحسب حول‬
‫النتاج من يوم الوالدة ‪ ،‬فيكون قد ضم النتاج إلى األمهات في النصاب وليس‬
‫في الحول‪.‬‬

‫(‪ )1‬المرجع السابق ‪ ، 121 -120 /‬بحر المذهب للروياني ج‪. 66 /6‬‬
‫(‪ )2‬المعونة للقاضي عبد الوهاب ج‪ ، 274 /1‬مواهب الجليل للحطاب ج ‪ ، 258 /2‬حاشية الدسوقي‬
‫لمحمد عرفة الدسوقي (ت ‪1260‬هـ) ج‪1961 – 962 /1‬هـ‪2010 -‬م – مطابع أخبار اليوم ‪،‬‬
‫المغني البن قدامة ج‪. 951 /2‬‬
‫(‪ )6‬البناية للعيني ج‪ ، 659 /6‬اإلشراف على نكت مسائل الخالف ج‪ ، 683 /1‬المعونة للقاضي عبد‬
‫الوهاب البغدادي ج ‪ ، 274 /1‬المجموع للنووي ج‪ ، 689 /5‬المحلى لمحمد بن علي بن حزم‬
‫الظاهري ج‪. 72 /9‬‬
‫(‪)9‬اإلنصاف في معرفة الراجح من الخالف لعالء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي (ت‪:‬‬
‫‪775‬هـ) ج‪ – 60/6‬الطبعة الثانية – دار إحياء التراث العربي ‪.‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫سبب اختالف الفقهاء‬


‫والسبب في اختالفهم هو ‪ :‬تردد النتاج بين أن يكون حكمه حكم المال‬
‫المستفاد أو حكم األصل ‪ ،‬فمن شبهه بالمال المستفاد ابتداء قال ‪ :‬يستقبل به‬
‫الحول ‪.‬‬
‫ومن شبهه باألصل وهو رأس المال قال ‪ :‬حكمه حكم رأس المال ‪،‬‬
‫إال أن من شروط هذا التشبيه ‪ :‬أن يكون رأس المال قد وجبت فيه الزكاة ‪،‬‬
‫وذلك ال يكون إال إذا كان نصابًا ‪ ،‬لذلك يضعف قياسه على األصل في‬
‫مذهب مالك (‪.)1‬‬
‫األدلــة‬
‫أوالً ‪ :‬أدلة الرأي األول ‪ :‬استدلوا على قولهم بضم النتاج إلى األمهات‬
‫بأدلة من السنة واألثر والقياس والمعقول ‪:‬‬
‫أوالً ‪ :‬دليل السنة ‪ :‬استدلوا من السنة بما يأتي ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن النبي (صلى هللا عليه وسلم) كان يبعث السعاة إلى أهل المواشي‬
‫فيأخذون الزكاة مما يجدون ‪ ،‬مع أن المواشي فيها الصغار والكبار ‪،‬‬
‫وال يستفصل متى ولدت ‪ ،‬بل يحسبونها ويخرجونها حسب رؤوسها (‪.)2‬‬
‫ّللا َع ْنه)‪َ ،‬كتَ َب َله‬
‫ضي َّ‬ ‫َن أَبا بكر (ر ِ‬ ‫ّللا َع ْنه)‪ :‬أ َّ‬‫ضي َّ‬ ‫‪ -2‬ما روي عن أنس (ر ِ‬
‫َ َْ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ِِ‬ ‫الرحم ِن َّ ِ‬ ‫الكتاب َل َّما و َّجهه ِإَلى البحري ِن‪ِ :‬بس ِم َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫يضة‬ ‫الرحي ِم َهذه َف ِر َ‬ ‫ّللا َّ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َْْ‬ ‫َ َ‬ ‫َه َذا َ َ‬
‫ين َو َّالِتي‬ ‫ِِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫ّللاِ( َّ‬ ‫َّ ِ َِّ‬
‫صلى هللا َعَل ْيه َو َسل َم) َعَلى الم ْسلم َ‬ ‫ض َرسول َّ َ‬ ‫الص َدَقة التي َف َر َ‬
‫ص َدَق ِة‬ ‫ِ‬
‫ّللا ب َها َرسوَله (صلى هللا عليه وسلم) – وذكر فيها ‪َ " :‬وفي َ‬
‫أَم َر َّ ِ‬
‫َ‬
‫ين َو ِم َائة َشاة‪َ ،‬فِإ َذا َزَاد ْت َعَلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين ِإَلى ع ْش ِر َ‬ ‫الغ َن ِم في َسائ َمت َها ِإ َذا َك َان ْت أ َْرَبع َ‬ ‫َ‬
‫ين َو ِم َائة ِإَلى ِم َائتَْي ِن َشاتَ ِ‬ ‫ِ‬
‫ع ْش ِر َ‬
‫(‪)6‬‬
‫ان"‬

‫(‪ )1‬بداية المجتهد ونهاية المقتصد البن رشد الحفيد ج‪. 658-653 /1‬‬
‫(‪ )2‬الشرح الممتع على زاد المستقنع البن عثيمين ج‪. 14 /3‬‬
‫(‪ )6‬أخرجه البخاري في صحيحه بلفظه ج‪)1959( -673 – 675 /1‬كتاب الزكاة – باب زكاة الغنم ‪،‬‬
‫سنن أبي داود المجلد األول ج‪ – )1538( – 272 /1‬كتاب الزكاة – باب في زكاة السائمة ‪.‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫وجه االستدالل بالحديث ‪:‬‬


‫أن النبي(صلى هللا عليه وسلم) أوجب الزكاة في الغنم ولم يفرق ‪،‬‬
‫واالسم عام يقع على الصغار والكبار (‪.)1‬‬
‫ثانيًا ‪ :‬دليل األثر ‪:‬‬
‫ان ْب ِن َع ْبِد هللا الثقفي(‪( )2‬رضي هللا‬ ‫استدلوا من األثر بما روي عن س ْف َي َ‬
‫ط ِ‬ ‫َن عمر بن اْلخ َّ‬
‫اب (رضي‬ ‫عنه)‪ ،‬أ َّ َ َ ْ َ َ‬
‫الس ْخ ِل‪َ .‬فَقالوا‪ :‬أَتَعد َعَل ْي َنا‬
‫اس ِب َّ‬
‫الن ِ‬
‫ان َيعد َعَلى َّ‬ ‫هللا عنه) بعثَه م ِ‬
‫صدًقا َف َك َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫الس ْخ ِل؟ َوَال تَأْخذ ِم ْنه َش ْيًئا ‪،‬‬ ‫ِب َّ‬
‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ال ع َمر‪َ « :‬ن َع ْم تَعد‬ ‫َفَل َّما َقد َم َعَلى ع َم َر ْب ِن اْل َخطاب َذ َك َر َله َذل َك‪َ ،‬فَق َ‬
‫(‪)6‬‬
‫اعي‪َ ،‬وَال تَأْخذ َها )‬ ‫الس ْخَل ِة‪َ ،‬ي ْح ِمل َها َّ‬
‫الر ِ‬ ‫َعَل ْي ِه ْم ِب َّ‬
‫وجه االستدالل ‪ :‬أن عمر (رضي هللا عنه ) عد عليهم السخلة ‪،‬‬
‫وجعلها تابعة ألمهاتها وداخلة في الزكاة ‪ ،‬ثم بين لهم ما ترك لهم من جيد‬
‫الماشية وال يأخذ منه ‪ ،‬في جنب الردئ الذي ال يأخذ منه ‪ ،‬فكما يحسب الجيد‬
‫وال يأخذ منه ‪ ،‬يحسب الرديء وال يأخذ منه ويأخذ الوسط ‪ ،‬وقول عمر (رضي‬

‫(‪ )1‬المعونة للقاضي عبد الوهاب ج‪ ، 274 /1‬االشراف على نكت مسائل الخالف ج‪. 688 /1‬‬
‫ان ْب ِن َع ْب ِد هللا الثقفي ‪ :‬له صحبة ورواية وكان عامالً لعمر بن الخطاب على الطائف‪ .‬وكان في‬ ‫(‪ )2‬س ْفَي َ‬
‫ّللا َعَل ْي ِه وسلم ‪ (.‬الطبقات الكبرى لمحمد بن سعد بن منيع‬
‫صَّلى َّ‬
‫َ‬ ‫‪-‬‬ ‫ّللاِ‬
‫َّ‬ ‫الوفد الذين َق ِدموا َعَلى رس ِ‬
‫ول‬ ‫َ‬
‫البصري المعروف بابن سعد (المتوفى‪260 :‬هـ)ج ‪ - 52/3‬تحقيق‪ :‬دمحم عبد القادر عطا ‪ -‬الطبعة‪:‬‬
‫األولى‪ 1910 ،‬هـ ‪ 1440 -‬م ‪ -‬دار الكتب العلمية – بيروت ‪ ،‬أسد الغابة في معرفة الصحابة‬
‫لعلي بن أبي الكرم دمحم بنن عبد الواحد الشيباني الجزري‪ ،‬عز الدين ابن األثير (المتوفى‪:‬‬
‫‪360‬هـ)ج‪ - 943 /2‬المحقق‪ :‬علي دمحم معوض ‪ -‬عادل أحمد عبد الموجود ‪ -‬الطبعة األولى ‪-‬‬
‫‪1915‬هـ ‪ 1449 -‬م ‪ -‬دار الكتب العلمية ) ‪.‬‬
‫(‪ )6‬الموطأ لإلمام مالك بن أنس ج‪ – 235 /1‬كتاب الزكاة – باب ما جاء فيما يعتد به من السخل في‬
‫الصدقة – صححه ورقمه وأخرج أحاديثه وعلق عليه ‪ :‬دمحم فؤاد عبد الباقي – طبعة دار إحياء الكتب‬
‫العربية ‪.‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫هللا عنه) هذا بحضرة الصحابة والعلماء ‪ ،‬وأخذ به صدقة الناس ‪ ،‬وال يعلم أحد‬
‫قال بخالفه (‪.)1‬‬
‫مناقشة االستدالل بهذا األثر ‪ :‬نوقش من عدة وجوه ‪:‬‬
‫المناقشة األولى ‪ :‬أنه ليس من قول رسول هللا (صلى هللا عليه وسلم)‬
‫وال حجة في قول أحد دونه ‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬أن النبي (صلى هللا عليه وسلم) َّ‬
‫زكى أصحابة وأمر باتباعهم‪،‬‬
‫فإنهم ال يقولون مثل هذا إال إذا كانوا رأوه من رسول هللا (صلى هللا عليه‬
‫وسلم)‪ ،‬وعمومات األدلة عن رسول هللا (صلى هللا عليه وسلم) تدل على عدم‬
‫التفرقة بين الصغار والكبار من الماشية ‪ ،‬فإن العدد يزيد بها ويكثر بال شك ‪،‬‬
‫كما أن عمر قد بين سبب فعله وهو موافق لسنة النبي (صلى هللا عليه وسلم)‪،‬‬
‫ولم ينكر عليه أحد من الصحابة فكان إجماعاً ‪ ،‬وإذا أجمع الصحابة على فهم‬
‫كان أولى من فهم من جاء بعدهم ؛ ألنهم عاشوا مع النبي والبد أنهم أروا منه‬
‫ذلك ‪ ،‬وهللا أعلم ‪.‬‬
‫المناقشة الثانية ‪ :‬أنه قد خالف عمر (رضي هللا عنه) في هذا غيره من‬
‫أصحاب رسول هللا (صلى هللا عليه وسلم) فقد روي عن القاسم بن دمحم بن أبي‬
‫اة َحتَّى‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫بكر (رضي هللا عنهما) « َّ‬
‫يق َل ْم َيك ْن َيأْخذ م ْن َمال َزَك ً‬
‫أن أ ََبا َب ْكر الصد َ‬
‫ول َعَل ْي ِه اْل َح ْول» (‪ )2‬وغيرها من اآلثار عن الصحابة ‪ ،‬فهؤالء لم يخصوا‬ ‫َيح َ‬
‫فائدة ماشية بوالدة من سائر ما يستفاد ‪ ،‬وليس ألحد أن يقول إنهم لم يريدوا‬
‫بذلك أوالد الماشية إال كان كاذبًا وقائالً بالباطل الذي لم يقولوه قط (‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬المنتقى شرح الموطإ ألبي الوليد سليمان بن خلف بن سعد التجيبي القرطبي الباجي األندلسي (ت‪:‬‬
‫‪989‬هـ) ج‪ - 196 /2‬الطبعة‪ :‬األولى‪ 1662 ،‬هـ ‪ -‬مطبعة السعادة ‪ -‬بجوار محافظة مصر‪ ،‬شرح‬
‫الزرقاني على الموطأ ج‪. 184 /2‬‬
‫ق‬
‫(‪ )2‬الموطأ لإلمام مالك ج‪ -295 /1‬كتاب الزكاة – باب الزكاة في العين من الذهب والور ‪.‬‬
‫(‪ )6‬المحلى ألبي دمحم علي بن أحمد بن سعيد بن حزم األندلسي القرطبي الظاهري (المتوفى‪953 :‬هـ)‬
‫ج‪ - 75 /9‬الناشردار الفكر ‪ -‬بيروت‪.‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫الجواب ‪ :‬يمكن الجواب عنه ‪ :‬بأننا نعم نسلم أنهم هنا لم يفرقوا بين‬
‫نتاج الماشيـة وغيره ؛ ألن المراد هنا العطاء من بيت المال ‪ ،‬وقد دل عليه قول‬
‫َع ِط َي ِات ِه ْم‪َ ،‬ي ْسأَل َّ‬
‫الرج َل‪:‬‬ ‫اس أ ْ‬‫الن َ‬‫طى َّ‬ ‫ان أَبو َب ْكر ِإ َذا أ ْ‬
‫َع َ‬ ‫القاسم في أثر آخر ‪َ :‬وَك َ‬
‫َخ َذ ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫يه َّ‬‫«هل ِعندك ِمن مال وجبت عَليك ِف ِ‬
‫ال‪َ :‬ن َع ْم‪« ،‬أ َ‬ ‫الزَكاة؟» َفإ َذا َق َ‬ ‫َ ْ َْ َ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ َ‬
‫اءه‪َ ،‬وَل ْم َيأْخ ْذ ِم ْنه‬
‫طَ‬ ‫َسَل َم ِإَل ْي ِه َع َ‬
‫ال‪َ :‬ال‪« .‬أ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ع َ ِِ‬
‫طائه َزَكاةَ َذل َك اْل َمال»‪َ ،‬وِإ ْن َق َ‬ ‫َ‬
‫َش ْيًئا» وروي عن عثمان مثله ‪ ،‬والنتاج يكون عند اإلنسان متولدًا من ماله‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪ ،‬وليس مستفاداً بطريق آخر كالعطاء ‪ ،‬لذا اختلف الحكم ‪ ،‬وهللا أعلم ‪.‬‬
‫المناقشة الثالثة ‪ :‬أن الذي حكى عنهم سفيان بن عبد هللا أنهم أنكروا‬
‫أن َيعد عليهم أوالد الماشية مع أمهاتها قد كان فيهم بال شك جماعة من‬
‫أصحاب رسول هللا (صلى هللا عليه وسلم) ؛ ألن سفيان ذكر أن ذلك كان أيام‬
‫عمر (رضي هللا عنه) ‪ ،‬فقد صح الخالف في هذا من الصحابة (رضي هللا‬
‫عنهم ) بال شك ‪ ،‬وإذا كان ذلك فليس قول بعضهم أولى من قول بعض ‪،‬‬
‫والواجب في ذلك ما افترضه هللا تعالى إذ يقول ‪َ " :‬فِإن تََن َازْعت ْم ِفي َشيء َفردوه‬
‫ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِإَلى ّللاِ و َّ ِ‬
‫الرسول ِإن كنت ْم ت ْؤ ِمنو َن ِباهلل َواْل َي ْو ِم اآلخ ِر َذل َك َخ ْير َوأ ْ‬
‫َح َسن تَأ ِْوي ً‬
‫( ‪)6‬‬
‫ال‬ ‫َ‬
‫(‪. )9‬‬
‫"‬
‫الجواب ‪ :‬أجيب من عدة وجوه ‪:‬‬
‫الوجه األول ‪ :‬أنه يحتمل أن يكون من خالفه ممن ال يعتد بقوله ‪،‬‬
‫ولذلك لم يتبعه عليه غيره ‪.‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه اإلمام مالك في الموطأ ج‪. 293 – 295 /1‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه اإلمام مالك في الموطأ ج‪. 293 /1‬‬
‫(‪ )6‬جزء اآلية (‪ )54‬من سورة النساء ‪.‬‬
‫(‪ )9‬المحلى البن حزم ج‪. 73-75 /9‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫الوجه الثاني ‪ :‬ولو سلمنا أن يكون ممن يعتبر بقوله فإنه لم ينكرأن َيعد‬
‫ِ‬
‫السخال ‪ ،‬وإنما أنكر أن ت َعد وال يؤخذ منها ‪ ،‬فال يجعل ذلك اعترضاً في عد‬
‫السخال خاصة ‪.‬‬
‫الوجه الثالث ‪ :‬أن عمر (رضي هللا عنه) لما احتج بما أبرزه من الدليل‬
‫من جهة القياس لم يراجعه‬
‫أحد في دليله ‪ ،‬فثبت أنه إجماع على صحة الدليل ‪ ،‬ولما ثبت صحة‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫الدليل ثبت صحة الحكم‬
‫الوجه الرابع ‪ :‬قول ابن قدامة (رحمه هللا) ( ولنا ما روي عن عمر وهو‬
‫‪)2( .‬‬
‫مذهب علي ‪ ،‬وال نعرف لهما في عصرهما مخالفاً ‪ ،‬فكان إجماعًا )‬
‫المناقشة الرابعة ‪ :‬أن هذا األثر لم يرو عن عمر من طريق متصلة إال‬
‫من طريقين ‪:‬‬
‫إحداهما ‪ :‬من طريق بشر بن عاصم بن سفيان عن أبيه ‪ ،‬وكالهما‬
‫سم ‪.‬‬
‫غير معروف ‪ ،‬أو من طريق ابن لعبد هللا بن سفيان لم ي َّ‬
‫الثانية ‪ :‬من طريق عكرمة بن خالد ‪ ،‬وهو ضعيف ‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬من وجهين ‪:‬‬
‫الوجه األول ‪ :‬أن النووي (رحمه هللا) قال عنه ‪ :‬رواه مالك في الموطأ‬
‫والشافعي بإسنادهما الصحيح(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬المنتقي للباجي ج‪. 196 /2‬‬


‫(‪ )2‬المغني البن قدامة ج‪. 951 /2‬‬
‫(‪ )6‬المجموع للنووي ج‪. 681 /5‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫الوجه الثاني ‪ :‬ذكر ابن حجر( رحمه هللا) أن ابن حزم ضعفه بعكرمه‬
‫بن خالد ‪ ،‬وأخطأ في ذلك ألنه ظنه الضعيف ‪ ،‬ولم يرو الضعيف هذا ‪ ،‬وإنما‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫هوعكرمة بن خالد الثقة الثبت‬
‫الوجه الثالث ‪ :‬أن بشر بن عاصم وثقه غير واحد من العلماء ‪ ،‬منهم‬
‫‪)2( .‬‬
‫ابن معين والنسائي (رحمهما هللا )‬
‫ثالثًا ‪ :‬دليل القياس ‪:‬‬
‫استدلوا بالقياس على أموال التجارة ؛ ألن النتاج نماء حادث من مال‬
‫(‪)6‬‬
‫‪ ،‬وألن النتاج كالربح يقدر كامناً‬ ‫تجب في جنسه الزكاة ‪ ،‬فأشبه ربح المال‬
‫في أصله ‪ ،‬فتجب فيه الزكاة كالربح (‪.)9‬‬
‫رابعاً ‪ :‬دليل المعقول ‪ :‬استدلوا بالمعقول من عدة وجوه ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬أن المستفاد من جنس األصل تبع له ؛ ألنه زيادة عليه ‪ ،‬إذ‬
‫األصل يزداد به ويكثر ‪ ،‬والزيادة تبع للمزيد عليه ‪ ،‬والتبع ال يفرد بالشرط كما‬
‫ال يفرد بالسبب ؛ لئال ينقلب التبع أصالً (‪.)5‬‬

‫(‪)1‬التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير ألحمد بن علي بن دمحم بن أحمد بن حجر‬
‫العسقالني (المتوفى‪752 :‬هـ) ج‪ - 606 -602 /2‬تحقيق‪ :‬أبو عاصم حسن بن عباس بن قطب ‪-‬‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪1913 ،‬هـ‪1445/‬م‬
‫مؤسسة قرطبة ‪ -‬مصر ‪.‬‬
‫وهناك اثنان ‪ :‬أحدهما ‪ :‬عكرمة بن خالد بن العاص بن هشام المخزومي ‪ ،‬روى عن جمع من الصحابة‬
‫‪ ،‬قال بن معين وأبو زرعة والنسائي ثقة وذكره بن حبان في الثقات ‪ ،‬ووثقه البخاري ‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬عكرمة" بن خالد بن سلمة بن العاص بن هشام المخزومي قريب األول ‪ ،‬قال عنه ابن معين‬
‫ليس بشيء وقال البخاري منكر الحديث وقال النسائي ضعيف ( تهذيب التهذيب ألبي الفضل أحمد‬
‫بن علي بن حجر العسقالني (ت ‪752 :‬هـ) ج‪ -254 – 257/8‬الطبعة األولى‪1623 -‬هـ ‪-‬‬
‫مطبعة دائرة المعارف النظامية – الهند ) ‪.‬‬
‫(‪)2‬تهذيب التهذيب ألحمد بن علي بن دمحم بن أحمد بن حجر العسقالني (المتوفى‪752 :‬هـ)ج‪- 956 /1‬‬
‫الطبعة‪ :‬الطبعة األولى‪1623 ،‬هـ ‪ -‬مطبعة دائرة المعارف النظامية‪ ،‬الهند‪.‬‬
‫(‪ )6‬المعونة للقاضي عبد الوهاب ج‪ ، 274 /1‬اإلشراف للقاضي عبد الوهاب ج‪ ، 688 /1‬المغني البن‬
‫قدامة ج‪. 951 /2‬‬
‫(‪ )9‬حاشية الدسوقي ج‪. 962 /1‬‬
‫(‪ )5‬بدائع الصنائع للكاساني ج‪. 910 /2‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫الثاني ‪ :‬أن الماشية يختلف وقت والدتها ‪ ،‬فإفراد كل واحدة بحول مما‬
‫يشق ‪ ،‬فجعلت تبعاً ألمهاتها في الحول كما جعلت تبعًا في الملك (‪.)1‬‬
‫الثالث ‪:‬أن العلـة في األوالد هنا هي المجانسة ‪ ،‬أال ترى أنه يضم‬
‫الجنس إلى الجنس في ابتـداء الحـول لتكميل النصاب بعلـة المجانسة ‪،‬‬
‫وال يشترط أن يكـون ربحاً وال ولداً‪ ،‬فكـذا في أثناء الحول (‪.)2‬‬
‫الرابع ‪ :‬أن المعنى في اشتراط الحول أن يحصل النماء ‪ ،‬والنتاج نماء‬
‫عظيم ‪ ،‬فيتبع األصول في الحول (‪.)6‬‬
‫دليل جمهور الفقهاء على اشتراط النصاب في األصل (وهو األمهات ) ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬دليل السنة ‪:‬‬
‫‪ -1‬ما روي عن علي (رضي هللا عنه) عن النبي (صلى هللا عليه وسلم) قال ‪:‬‬
‫ول َعَل ْي ِه اْل َح ْول (‪" )9‬‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫"َ َل ْي َس في َمال َزَكاة َحتى َيح َ‬

‫(‪ )1‬شرح منتهى اإلرادات للبهوتي ج‪ ، 645 /1‬مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى لمصطفى بن‬
‫سعد السيوطي الرحيبانى (ت‪1296 :‬هـ) ج‪ - 21 /2‬الطبعة‪ :‬الثانية‪1915 ،‬هـ ‪1449 -‬م‪-‬‬
‫الناشر‪ :‬المكتب اإلسالمي ‪.‬‬
‫(‪ )2‬تبيين الحقائق للزيلعي ج‪. 286 /1‬‬
‫(‪ )6‬أسنى المطالب لزكريا األنصاري ج ‪ ، 656‬فتح الوهاب بشرح منهج الطالب لزكريا بن دمحم بن أحمد‬
‫األنصاري(ت ‪423 :‬هـ)ج ‪ - 126 /1‬الطبعة‪1919 :‬هـ‪1449/‬م ‪ -‬دار الفكر للطباعة والنشر‪.‬‬
‫(‪ )9‬أخرجه أبوداود في سننه ج‪ -)1586( -275/1‬كتاب الزكاة – باب في زكاة السائمة ‪ ،‬والبيهقي ‪-‬‬
‫أحمد بن الحسين بن علي بن موسى ‪ ،‬أبو بكر البيهقي (ت‪957 :‬هـ)‪ -‬في السنن الكبرى ج‪/9‬‬
‫‪ -)8286( -130‬كتاب الزكاة ‪ -‬باب ال زكاة في مال حتى يحول عليه الحول ‪ -‬المحقق‪ :‬دمحم عبد‬
‫القادر عطا ‪ -‬الطبعة‪ :‬الثالثة‪ 1929 ،‬هـ ‪ 2006 -‬م‪ -‬دار الكتب العلمية‪ -‬بيروت ‪ ،‬وفي إسناده‬
‫عاصم بن ضمرة والحارث األعور ‪ ،‬وعاصم وثقه ابن المديني وابن معين والنسائي ‪ ،‬وتكلم فيه ابن‬
‫حبان وابن عدي ‪ ،‬فالحديث حسن ‪ ،‬وقال النووي (رحمه هللا) ‪ :‬حديث صحيح أو حسن ‪ ،‬وال يقدح‬
‫فيه ضعف الحارث لمتابعة عاصم له ‪( .‬نصب الراية ألحاديث الهداية ألبي دمحم عبد هللا بن يوسف‬
‫بن دمحم الزيلعي (ت‪832 :‬هـ) ج‪ - 627 /2‬المحقق‪ :‬دمحم عوامة ‪ -‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪1917‬هـ‪1448/‬م‪ -‬مؤسسة الريان للطباعة والنشر ‪ -‬بيروت ‪-‬لبنان‪ /‬دار القبلة للثقافة اإلسالمية‪-‬‬
‫جدة – السعودية ) ‪.‬‬
‫قال الحافظ (رحمه هللا) ‪( :‬ال بأس بإسناده واآلثار تعضده فيصلح للحجة ) ‪ .‬التلخيص الحبير البن حجر‬
‫ج‪ – 603 /2‬طبعة قرطبة ‪ ،‬وقال األلباني ‪ :‬وهو مقبول لوال أن الثقات الحفاظ خالفوا جري اًر فرووه‬
‫عن أبي اسحاق موقوفاً على علي ‪.‬‬
‫=‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫ّللاِ‬
‫‪ -2‬ما روي عن السيدة عائشة (رضي هللا عنه) قالت ‪َ :‬س ِم ْعت َرسول َّ‬
‫ول َعَل ْي ِه‬ ‫َّ‬ ‫( صَّلى هللا عَلي ِه وسَّلم) يقول‪َ « :‬ال َزَك ِ‬
‫اة في َمال َحتى َيح َ‬
‫َ‬ ‫َ ْ ََ َ َ‬ ‫َ‬
‫(‪)1‬‬
‫اْل َح ْول »‬
‫وجه االستدالل ‪ :‬في الحديثين دليل على أن النصاب إذا انتقص في‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫خالل الحول انقطع الحول ‪ ،‬فإذا تم بعد ذلك يستأنف الحول‬
‫قال الخطابي (رحمه هللا ) ‪ ( :‬إنما أراد به المال النامي كالمواشي‬
‫والنقود ؛ ألن نماءها ال يظهر إال بمضي مدة الحول عليها ‪ ،‬فأما الزروع‬
‫والثمار فإنه ال يراعى فيها الحول ‪ ،‬وإنما ينظر إلى وقت إدراكها واستحصادها‬
‫(‪)6‬‬
‫‪.‬‬ ‫فيخرج الحق منها )‬
‫القياس على ما لو ملك السخال من بيع‬ ‫ثانيًا ‪ :‬دليل القياس ‪:‬‬
‫أو غيره؛ ألن النتاج زيادة كمل بها‬
‫نصاب الحيوان ‪ ،‬فوجب أن يكون حولها من يوم كمالها ‪ ،‬كما لو ملك‬
‫(‪)9‬‬
‫‪.‬‬ ‫السخال من بيع أو شراء‬
‫ثالثًا ‪ :‬دليل المعقول ‪ :‬أن السخال من األموال التي ال تجب الزكاة فيها‬
‫إال بالحول ‪ ،‬إال أن حولها تارة يكون بنفسها وتارة يكون بغيرها ‪ ،‬وال يجوز أن‬
‫(‪)5‬‬
‫‪.‬‬ ‫يتبع الغير في الحول وال حول للغير ‪ ،‬فثبت أن حولها معتبر بنفسها‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫=‬
‫( إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل لمحمد ناصر الدين األلباني (ت ‪1920‬هـ) ج‪-259 /6‬‬
‫إشراف ‪ :‬زهير الشاويش – الطبعة الثانية – ‪1905‬هـ‪1475 -‬م‪ -‬المكتب اإلسالمي – بيروت ‪.‬‬
‫(‪ )1‬سبق تخريجه ص‪. 13‬‬
‫(‪ )2‬شرح السنة للبغوي ج‪. 24 /3‬‬
‫(‪)6‬معالم السنن‪ -‬شرح سنن أبي داود ألبي سليمان حمد بن دمحم بن إبراهيم بن الخطاب البستي المعروف‬
‫بالخطابي (المتوفى‪677 :‬هـ)ج‪ - 61 /2‬الطبعة‪ :‬األولى ‪ 1651‬هـ ‪ 1462 -‬م‪. -‬‬
‫(‪ )9‬الحاوي الكبير للماوردي ج‪. 119 /6‬‬
‫(‪ )5‬بدائع الصنائع للكاساني ج‪ ، 910 /2‬الحاوي الكبير للماوردي ج‪، 115 /6‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫دليل المالكية على عدم التفرقة بين النصاب وعدمه ‪:‬‬


‫أوالً ‪ :‬دليل السنة‪:‬‬
‫ص َدَق ِة‬ ‫ِ‬
‫ما ورد في كتاب أبي بكر الصديق (رضي هللا عنه) ‪َ " :‬وفي َ‬
‫ين َو ِم َائة َشاة‪َ ،‬فِإ َذا َزَاد ْت َعَلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ ِ‬
‫ين ِإَلى ع ْش ِر َ‬
‫الغ َن ِم في َسائ َمت َها ِإ َذا َك َان ْت أ َْرَبع َ‬
‫ين َو ِم َائة ِإَلى ِم َائتَْي ِن َشاتَ ِ‬ ‫ِ‬
‫ع ْش ِر َ‬
‫(‪)1‬‬
‫ان"‬
‫وجه الداللة من الحديث ‪:‬‬
‫أن النبي (صلى هللا عليه وسلم) أوجب في أربعين من الغنم شاة ‪ ،‬وهذه‬
‫يقع عليها اسم غنم (‪ ،)2‬فتحسب في الزكاة ‪.‬‬
‫ثانيًا ‪ :‬دليل األثر ‪ :‬ما روي عن عمر (رضي هللا عنه) أنه قال ‪:‬‬
‫( اعتد عليهم بالسخلة ) (‪.)6‬‬
‫وجه الداللة من األثر ‪ :‬أن عمر (رضي هللا عنه) هنا عد عليهم‬
‫بين ما إذا كان األصل نصاباً‬
‫(‪)9‬‬
‫صغار الغنم في الزكاة ‪ ،‬ولم يفرق‬
‫أم ال فشمل الحالين ‪.‬‬
‫مناقشة هذا االستدالل ‪ :‬نوقش بأن الحول ثابت لألمهات فجاز أن‬
‫تتبعها السخال في حولها ‪ ،‬وليس‬
‫كذلك ما دون النصاب (‪.)5‬‬
‫ويمكن الجواب أيضًا ‪ :‬بأن الشرع قد جعل بلوغ النصاب سببًا لوجوب‬
‫الزكاة ‪ ،‬ولم يفرق في ذلك بين الماشية وغيرها‪ ،‬فال يصار إلى غيره إال بدليل ‪،‬‬
‫وال دليل صريح على ذلك ‪ .‬فتبقى الماشية كغيرها في اشتراط النصاب ‪ ،‬وهللا‬
‫أعلم ‪.‬‬

‫(‪ )1‬سبق تخريجه ‪ /‬ص‪. 23‬‬


‫(‪ )2‬المعونة للقاضي عبد الوهاب ج‪. 274 /1‬‬
‫(‪ )6‬سبق تخريجه ‪ /‬ص‪28‬‬
‫(‪ )9‬المعونة للقاضي عبد الوهاب ج‪. 274 /1‬‬
‫(‪ )5‬الحاوي الكبير للماوردي ج‪. 115 /6‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫ثانيًا ‪:‬أدلـة الرأي الثاني‬


‫أوالً ‪ :‬دليل السنة ‪ :‬ما روي عن السيدة عائشة (رضي هللا عنه) قالت ‪:‬‬
‫ول‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫ّللاِ ( َّ‬
‫َس ِم ْعت َرسول َّ‬
‫صلى هللا َعَل ْيه َو َسل َم) َيقول‪َ « :‬ال َزَكاةَ في َمال َحتى َيح َ‬‫َ‬
‫(‪)1‬‬
‫َعَل ْي ِه اْل َح ْول »‬
‫وجـه الداللـة من الحـديث ‪:‬‬
‫في الحديث دليل على اشتراط حوالن الحول دون تفرقة بين النتاج وغيره‬
‫من األموال ‪ ،‬وهللا أعلم ‪.‬‬
‫قال الخطابي (رحمه هللا ) ‪ ( :‬إنما أراد به المال النامي كالمواشي‬
‫والنقود ؛ ألن نماءها ال يظهر إال بمضي مدة الحول عليها ‪ ،‬فأما الزروع‬
‫والثمار فإنه ال يراعى فيها الحول ‪ ،‬وإنما ينظر إلى وقت إدراكها واستحصادها‬
‫فيخرج الحق منها ‪ ،‬وفيه حجة لمن ذهب إلى أن الفوائد واألرباح يستأنف بها‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫الحول وال تبنى على األصل )‬
‫نوقش استداللهم به ‪:‬‬
‫‪ -1‬بأن هذا الحديث مخصوص بربح التجارة ؛ ألنه تبع له من جنسه ‪ ،‬أشبه‬
‫زيادة القيمة في العروض وثمن العبد والجارية (‪.)6‬‬
‫‪ -2‬أن القول باسئناف الحول مطلقاً غلط ؛ لخبر عمر (رضي هللا عنه) وهو‬
‫يدل على العدل وعدم الظلم ألرباب المواشي ‪ ،‬ومعناه ‪ :‬أنك كما ال تأخذ‬
‫(‪)9‬‬
‫والماخض‬ ‫السخلة وتعدها ‪ ،‬كذلك تعد عليهم النفيس من األكول والربي‬

‫(‪ )1‬سبق تخريجه ‪ /‬ص‪13‬‬


‫(‪ )2‬معالم السنن للخطابي ج‪. 61 /2‬‬
‫(‪ )6‬الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ج‪. 957 /2‬‬
‫(‪ )9‬الربي ‪ :‬هي التي يتبعها ولدها وهي قريبة العهد بالوالدة ما بينها وبين خمسة عشر ليلة ‪ ،‬فقيل ‪ :‬هي‬
‫في ربابها كما يقال في المرأة هي في نفاسها‪ ،‬وقيل ألنها تربي ولدها ‪.‬‬
‫واألكولة ‪ :‬هي التي تعلف وتسمن للذبح وليست بسائمة ‪ ،‬والماخض ‪ :‬الحامل ‪ ،‬وقيل هي التي في بطنها‬
‫ولد وخلفها ولد ‪ ( .‬بحر المذهب للروياني ج‪. )69 /6‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫وال تأخذها ‪ ،‬وإنما تأخذ الجذعة والثنية ‪ ،‬فإذًا ليس بظلم بل هو عدل عن‬
‫الصغار والكبار والنفيس والخسيس (‪.)1‬‬
‫ثانيًا ‪ :‬دليل األثر ‪ :‬ما روي من آثار عن جمع من الصحابة تدل على‬
‫أنه ال زكاة في مال حتى يحول عليه الحول ‪ ،‬من ذلك ‪:‬‬
‫يق َل ْم‬ ‫ِِ‬ ‫‪ -1‬ما روي عن القاسم بن دمحم (رضي هللا عنهما) « َّ‬
‫أن أ ََبا َب ْكر الصد َ‬
‫(‪)2‬‬
‫ول َعَل ْي ِه اْل َح ْول»‬ ‫َيك ْن َيأْخذ ِم ْن مال َزَك ً َّ‬
‫اة َحتى َيح َ‬ ‫َ‬
‫مناقشة هذا االستدالل ‪ :‬يمكن الرد عليه بأنه مخصوص باألعطية التي‬
‫كان أبو بكر (رضي هللا عنه) يعطيها للناس من بيت المال ‪ ،‬فقد روي عن‬
‫الرج َل‪َ « :‬ه ْل‬ ‫َع ِط َي ِات ِه ْم‪َ ،‬ي ْسأَل َّ‬
‫اس أ ْ‬ ‫طى َّ‬
‫الن َ‬ ‫َع َ‬‫ان أَبو َب ْكر ِإ َذا أ ْ‬
‫القاسم أنه قال ‪َ :‬وَك َ‬
‫ط ِائ ِه‬
‫َخ َذ ِم ْن َع َ‬
‫ال‪َ :‬ن َع ْم‪« ،‬أ َ‬ ‫ِ‬
‫الزَكاة؟» ‪َ ،‬فإ َذا َق َ‬ ‫يه َّ‬ ‫ِعندك ِمن مال وجبت عَليك ِف ِ‬
‫َْ َ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ َ‬
‫اءه ‪َ ،‬وَل ْم َيأْخ ْذ ِم ْنه َش ْيًئا» ‪،‬‬ ‫َسَل َم ِإَل ْي ِه َع َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(‪)6‬‬
‫طَ‬ ‫ال‪َ :‬ال‪« .‬أ ْ‬ ‫َزَكاةَ َذل َك اْل َمال»‪َ ،‬وِإ ْن َق َ‬
‫فال يدخل فيه النتاج ‪ ،‬وقد روي عن عثمان بن عفان (رضي هللا عنه)‬
‫مثله (‪.)9‬‬
‫‪ -2‬ما روي عن ابن عمر (رضي هللا عنهما ) قال ‪َ « :‬ال َزَكاةَ ِفي َمال َحتَّى‬
‫(‪)5‬‬
‫ول َعَل ْي ِه اْل َح ْول »‬
‫َيح َ‬
‫(‪)1‬‬
‫ول َعَل ْي ِه اْل َح ْول »‬ ‫ِ ِ َّ‬
‫وروي عنه ‪َ « :‬م ِن ْ‬
‫استََف َاد َم ًاال َف َال ي َزكيه َحتى َيح َ‬

‫(‪ )1‬بحر المذهب للروياني ج‪. 69 /6‬‬


‫(‪ )2‬الموطأ لإلمام مالك ج‪ -295 /1‬كتاب الزكاة – باب الزكاة في العين من الذهب والورق ‪.‬‬
‫(‪ )6‬المرجع السابق ‪. 293 -295 /‬‬
‫(‪)9‬الموطأ لإلمام مالك ج‪. 293 /1‬‬
‫(‪ )5‬المرجع السابق ‪ ، 293 /‬والبيهقي في السنن الكبرى ج‪ ، )8620( -189 /‬سنن الدارقطين أليب احلسن‬
‫علي بن عمر بن أمحد الدارقطين (املتوىف‪581 :‬هـ) ج‪ - 980 /2‬حققه وضبط نصه وعلق عليه‪ :‬شعيب‬
‫االرنؤوط‪ ،‬حسن عبد المنعم شلبي‪ ،‬عبد اللطيف حرز هللا‪ ،‬أحمد برهوم ‪ -‬الطبعة‪ :‬األولى‪ 1929 ،‬هـ‬
‫النِب ِي‬
‫اب َّ‬‫احد ِم ْن أَصح ِ‬ ‫‪ 2009 -‬م‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت ‪ -‬لبنان‪ .‬وَق ْد رِوي ع ْن َغي ِر و ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َ َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫ول َعَل ْي ِه اْل َح ْول‪ ،‬ي ْرَوى َذلِ َك َع ْن أَِبي َب ْكر‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َن َال َزَكاةَ في اْلم ْستََفاد َحتَّى َيح َ‬
‫ِ َّ‬
‫صلى هللا َعَل ْيه َو َسل َم أ ْ‬
‫َّ‬
‫َ‬
‫َّخ ِعي‪َ ،‬وعمر ْبن َع ْب ِد اْل َع ِز ِ‬
‫يز‪َ ،‬وه َو َق ْول‬ ‫الن‬ ‫يم‬ ‫طاء‪ ،‬وإِبر ِ‬
‫اه‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫وعلِي‪ ،‬وابن عمر‪ ،‬وع ِائش َة‪ ،‬وب ِ‬
‫ِه‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اق‪ . .‬شرح السنة للبغوي (‪)24 /3‬‬ ‫ح‬ ‫ِس‬ ‫إ‬
‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫د‬ ‫م‬ ‫َح‬ ‫أ‬
‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ي‬
‫ِ‬ ‫الش ِاف ِ‬
‫ع‬ ‫َّ‬
‫َ ْ ََ َ ْ َ َ‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫‪ -6‬ما روي عن أم المؤمنين عائشة (رضي هللا عنها) أنها قالت ‪َ « :‬ل ْي َس ِفي‬
‫َمال م ْستََفاد َزَكاة َحتَّى َيحول َعَل ْي ِه اْل َح ْول »(‪. )2‬‬
‫وجه الدال لة من اآلثار‪:‬‬
‫دلت اآلثار داللة صريحة على أن الزكاة ال تجب في أي مال حتى‬
‫يحول عليه الحول ‪ ،‬فيدخل فيها المال المستفاد ‪ ،‬ومنه نتاج الماشية ‪ -‬وهللا‬
‫(‪) 6‬‬
‫أعلم‪ ،-‬قال ابن حزم عن أثر عائشة ‪ ( :‬تعني المال المستفاد )‬
‫الجواب عنه ‪ :‬يمكن الجواب عن االستدالل بهذه اآلثار ‪ :‬بأنها عامة‬
‫في المال المستفاد بكل طرقه ‪ ،‬وقد ورد أيضاً عن بعض الصحابة آثار خاصة‬
‫بنتاج الماشية ‪ ،‬وكلهم صحابة وكلهم أخذ عن رسول هللا (صلى هللا عليه‬
‫وسلم) ‪ ،‬وقد سبق أن حديث رسول هللا (صلى هللا عليه وسلم) مخصوص بربح‬
‫التجارة ‪ ،‬فكذلك تخصص هذه اآلثار بما خصص به الحديث ‪ ،‬وتبقى اآلثار‬
‫الدالة على زكاة نتاج الماشية دالة على ما نصت عليه ‪.‬‬
‫وال يبعد أن يكون المراد بهذه اآلثار األعطية التي كان يأخذها الناس‬
‫من بيت المال كما ورد في أثر‬
‫أبي بكر (رضي هللا عنه ) ‪ ،‬ويحتمل أنهم سئلوا عنها فأجابوا بأنها ال‬
‫زكاة فيها حتى يحول عليها الحول ؛ ألنها مال مستفاد ‪ ،‬وهللا أعلم ‪.‬‬
‫الدليل من ناحية المعنى ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن المرجــوع إليــه عنــد التنــازع هــو القـرآن وســنة رســول هللا (صــلى هللا عليــه‬
‫وس ــلم) ‪ ،‬و إذا نظرنـ ــا إل ــى السـ ــنة وجـ ــدنا أن رس ــول هللا (صـ ــلى هللا عليـ ــه‬
‫وس ــلم) إنم ــا أوج ــب الزك ــاة ف ــي أربع ــين ش ــاة فص ــاعدًا ‪ ،‬وأوج ــب فيه ــا ش ــاة‬
‫أو شــاتين أو فــي كــل مائــة شــاة شــاة ‪ ،‬وأســقطها عمــا عــدا ذلــك ‪ ،‬ووجــدنا‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫=‬
‫(‪ )1‬السنن الكبرى للبيهقي (‪ ، )189 /9‬مصنف عبد الرزاق ج‪)8060( - 88 /9‬‬
‫(‪ )2‬السنن الكبرى للبيهقي (‪)186 /9‬‬
‫(‪ )6‬المحلى البن حزم ج‪. 75 /9‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫الخرفان والجديان ال يقع عليها اسم شاة وال اسم شاء في اللغة التي أوجـب‬
‫هللا تعالى علينا بها دينه على لسان رسول هللا (صـلى هللا عليـه وسـلم) ‪،‬‬
‫فخرجت الخرفان والجديان عن أن تجب فيها زكاة ‪.‬‬
‫ـب ِف ــي‬ ‫ضــا فق ــد أَجمعـ ـوا عل ــى أَن َال ي ْؤ َخـ ـ َذ َخ ــروف وَال ج ـ ْـدي ِف ــي اْلو ِ‬
‫اج ـ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫‪َ -2‬وأ َْي ً‬
‫ـاء‪َ ،‬ف ِم ْـن اْلمح ِ‬ ‫الش ِ‬
‫اة وَال َله ح ْكم َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ـال‬ ‫َ‬ ‫الزَكاة َع ْن الشاء َفأََقروا بأََّنه َال ي َس َّمى َش ً َ‬
‫الزَك ِاة ِب َغ ْي ِر َنص ِفي َذِل َك(‪.)1‬‬
‫َن ي ْؤ َخ َذ ِم ْن َها َزَكاة‪َ ،‬ف َال تَجوز ِهي ِفي َّ‬ ‫أْ‬
‫َ‬
‫ْت ِبـ ِـه قـ ْـرآن‪َ ،‬وَال سـ َّـنة‪،‬‬
‫اشــية َلــم يحــل عَليهــا حــول َلــم ي ـأ ِ‬
‫ـاة َم َ ْ َ ْ َ ْ َ َ ْ ْ َ‬
‫ِ‬
‫ضــا َف ـِإ َّن َزَكـ َ‬‫‪َ -6‬وأ َْي ً‬
‫الزَكـاة‬ ‫َمـا مـن مَلـك ِخرَفانـا أَو عجـوًال أَو فص َـالنا سـن ًة َك ِ‬
‫امَلـ ًة َف َّ‬ ‫ْ ْ ً ََ‬ ‫إج َماع؟ َوأ َّ َ ْ َ َ ْ ً ْ‬ ‫َوَال ْ‬
‫غنما‪ ،‬وبق ًار وإبالً(‪.)2‬‬ ‫ِ‬ ‫ِفيها و ِ ِ‬
‫ذلك ي َسمى ً‬ ‫اج َبة ع ْن َد تَ َما ِم اْل َعامِ؛ ألَن كل َ‬ ‫َ َ‬
‫مناقشة هذا االستدالل ‪ :‬يمكن الجواب عنه من وجهين ‪:‬‬
‫الوجه األول ‪ :‬بأنها وإن كانت ال يطلق عليها اسم شاة لكنها تحسب في‬
‫الزكــاة ألســباب أخــرى ‪ ،‬وهــي ورود اآلثــار الصــحيحة الص ـريحة فــي اعتبارهــا ‪،‬‬
‫وال يقــال أنــه ال يؤخــذ عــن ســوى رســول هللا (صــلى هللا عليــه وســلم) فــإن النبــي‬
‫(صلى هللا عليه وسلم) َّ‬
‫زكى أصحابة وأمر باتباعهم ‪ ،‬فإنهم ال يقولون مثل هذا‬
‫إال إذا كــانوا رأوه مــن رســول هللا (صــلى هللا عليــه وســلم)‪ ،‬وعمومــات األدلــة عــن‬
‫رسول هللا (صلى هللا عليـه وسـلم) تـدل علـى عـدم التفرقـة بـين الصـغار والكبـار‬
‫من الماشية ‪ ،‬فإن العدد يزيد بها ويكثر بال شك ‪ ،‬وهللا أعلم ‪.‬‬
‫الوجــه الثــاني ‪:‬أنهــم أجمع ـوا علــى أنهــا ال يؤخــذ منهــا لــيس لعــدم وجــوب‬
‫الزكاة فيها ‪ ،‬ولكن ألنه ال يؤخـذ فـي الزكـاة إال الوسـط ‪ ،‬كمـا بـيَّن عمـر (رضـي‬
‫هللا عنه) في األثر ‪ ،‬أنه كما يحسب الجيد وال يأخذ منه كذلك يحسب الردئ وال‬

‫(‪ )1‬المرجع السابق ج‪. 78 /9‬‬


‫(‪ )2‬المحلى باآلثار (‪. )78 /9‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫يأخذ منه ‪ ،‬وذلك اتباعًا لقول النبي (صـلى هللا عليـه وسـلم) ‪َ ":‬فخـ ْذ ِم ْـنه ْم َوتَ َـو َّق‬
‫(‪)1‬‬
‫الن ِ‬
‫اس "‬ ‫َكرِائم أَمو ِ‬
‫ال َّ‬ ‫َ َ َْ‬
‫الترجيــح‬
‫بعد عرض آراء الفقهاء وأدلتهم ومناقشتها ‪ ،‬ترى الباحثة ‪ :‬أن الراجح –‬
‫وهللا تعالى أعلم – هو ‪ :‬الرأي األول ‪ :‬أن النتاج يتبع األمهات في الحول إذا‬
‫كانت األمهات نصابًا ‪ ،‬وذلك لآلتي ‪:‬‬
‫‪-1‬قوة أدلتهم وردهم على المعارضين ردًا قوياً ‪.‬‬
‫‪-2‬أن اإلنسان بملكه للنصاب دخل دائرة الغنى ‪ ،‬فوجبت عليه الزكاة ؛ ولذلك‬
‫ألحقت ِالسخال‬
‫بأمهاتها ‪ ،‬بخالف ما لم تبلغ فيه األمهات نصابًا فهو لم يدخل الغنى‬
‫السخال إلى أمهاتها ‪ ،‬وهو أفضل للغني ‪ ،‬ورأي‬‫الموجبة للزكاة ‪ ،‬لذا ال تضم ِ‬
‫المالكية أفضل للفقير ‪.‬‬
‫‪-6‬أنه قد ثبت إجماع الصحابة على فعل عمر (رضي هللا عنه) ‪ ،‬لـذا قال‬
‫ابن قدامة (رحمه هللا) ‪ ( :‬وال نعرف لهما في عصرهما مخالفًا ‪ ،‬فكان‬
‫‪)2( .‬‬
‫إجماعاً )‬
‫وثبت أن عمر (رضي هللا عنه ) أقام الدليل على فعله – وهو موافقة‬
‫سنة النبي(صلى هللا عليه وسلم) كما مر – ولم ينكره من خالفه ‪ ،‬فثبت صحة‬
‫ما ذهب إليه وما عمل به ‪ ،‬وأجمع الصحابة عليه ‪ ،‬وهللا أعلم ‪.‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخاري في صحيحه ج‪ -)1957(– 678 -673 /1‬كتاب الزكاة – باب ‪ :‬ال تؤخذ كرائم‬
‫أموال الناس في الصدقة ‪.‬‬
‫(‪ )2‬المغني البن قدامة ج‪. 951 /2‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫المطلب الثاني‬
‫زكاة ربح التجارة الحاصل في خالل الحول‬
‫اختلف الفقهاء في ربح التجارة ‪ ،‬هل يضم إلى أصل المال ويزكى على‬
‫حوله ‪ ،‬أم يستأنف له حول جديد ؟ على رأيين ‪:‬‬
‫الرأي األول ‪ :‬وهو رأي جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية‬
‫والحنابلة ‪:‬‬
‫يرى أصحاب هـذا الرأي أن ربح التجارة الحاصل في أثناء الحـول يزكى‬
‫بحـول أصله ‪ ،‬وال يستأنف له حول جديد (‪ ،)1‬وسواء حصل الربح بزيادة في‬
‫نفس العرض كسمن الحيوان ‪،‬أم بارتفاع األسواق (‪.)2‬‬
‫فلو ملك عشرين دينا اًر واشترى بها سلعة للتجارة ‪ ،‬ثم انقضى الحول‬
‫والسلعة تساوي أربعين دينا اًر ‪ ،‬فيجب إخراج الزكاة عن األربعين (‪.)6‬‬
‫ثم إن جمهور الفقهاء اشترطوا في الربح لكي يضم إلى األصل ‪ :‬أن‬
‫يكون األصل نصاباً ‪ ،‬فإن كان األصل أقل من النصاب فإن الربح ال يضم‬
‫إليه ‪ ،‬وإن كان يتكامل به النصاب (‪.)9‬‬

‫(‪ )1‬بدائع الصنائع للكاساني ج‪ ، 904 /2‬البناية شرح الهداية لمحمود بن أحمد بن موسى بدر الدين‬
‫العينى (ت ‪755‬هـ) ج‪ - 659 /6‬الطبعة‪ :‬األولى‪ 1920 ،‬هـ ‪ 2000 -‬م‪ -‬دار الكتب العلمية –‬
‫بيروت – لبنان ‪ ،‬المعونة للقاضي عبد الوهاب ج‪ ، 237 /1‬الشرح الكبير للدردير مع حاشية‬
‫الدسوقي ج‪ ، 931 /1‬شرح منهج الطالب لزكريا األنصاري مع حاشية البجيرمي ج‪ ، 90 /2‬أسنى‬
‫المطالب لزكريا األنصاري ج‪ ، 676 /1‬نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج لشمس الدين دمحم بن أحمد‬
‫بن حمزة شهاب الدين الرملي (المتوفى‪1009 :‬هـ) ج‪ - 105 /6‬الطبعة األخيرة ‪-‬‬
‫‪1909‬هـ‪1479/‬م‪ -‬دار الفكر‪ ،‬بيروت ‪.‬‬
‫‪ ،‬المغني البن قدامة ج‪ ، 937 /2‬الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ج‪. 958 /2‬‬
‫(‪ )2‬نهاية المحتاج للرملي ج‪ ، 105 /6‬حاشية البجيرمي على الخطيب ج‪. 695 /2‬‬
‫(‪ )6‬نهاية المطلب إلمام الحرمين الجويني ج‪. 606 /6‬‬
‫(‪ )9‬بدائع الصنائع للكاساني ج‪ ، 904 /2‬تبيين الحقائق للزيلعي ج‪ ، 282 /1‬تحفة الفقهاء لعالء الدين‬
‫السمرقندي ج‪ ، 969 /1‬مغني المحتاج للخطيب ج‪ ، 644 /1‬المغني البن قدامة ج‪ ، 937 /2‬شرح‬
‫الزركشي ج‪. 920 /2‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫وخالفهم المالكية في المشهور عندهم وهو قول ابن القاسم (رحمه هللا) ‪:‬‬
‫فقالوا بضم الربح إلى أصله سواء كان األصل نصابًا أم ال ‪ ،‬إذا تم نصاباً‬
‫بربحه ‪ ،‬ويعتبر الحول من يوم ملك األصل ال من يوم الشراء(‪ )1‬وال من يوم‬
‫الربح(‪. )2‬‬
‫(‪)6‬‬
‫يقوم‬
‫وزاد الشافعية شرطاً وهو ‪ :‬أال ينض المال في أثناء الحول بما َّ‬
‫به (‪ ،)9‬أي أال يصير كله دراهم أو دنانير من جنس رأس المال الذي هو‬
‫نصاب(‪ ، )5‬ويلزم من ذلك البيع ‪.‬‬
‫فلـو اشترى عرضًا في المحرم بمائتي درهم فصارت قيمته قبل آخر‬
‫الحول ولو بلحظـة ثلثمائة درهم ‪ :‬زكى الجميع آخر الحول(‪. )3‬‬
‫فإن نض بها وأمسكه إلى آخر الحول أو اشترى به عرضاً قبل تمام‬

‫(‪ )1‬وفي قول ث الث عندهم ‪ :‬يضم إلى أصله من يوم الشراء ال من يوم الملك ؛ ألنه حصل بسبب الشراء‬
‫فال يضاف لما قبل ذلك ‪ (.‬التوضيح في شرح المختصر الفرعي البن الحاجب لخليل بن إسحاق‬
‫الجندي المالكي المصري (ت ‪883‬هـ)‬
‫ج‪ - 173 /2‬المحقق‪ :‬د‪ .‬أحمد بن عبد الكريم نجيب ‪ -‬الطبعة‪ :‬األولى‪1924 ،‬هـ ‪2007 -‬م‪ -‬الناشر‪:‬‬
‫مركز نجيبويه للمخطوطات وخدمة التراث ) ‪.‬‬
‫(‪ )2‬المعونـة للقاضي عبد الوهاب ج‪ ، 237 /1‬حاشية الدسوقي البن عرفة الدسوقي ج‪ ، 931 /1‬شرح‬
‫الخرشي ج‪. 179 /2‬‬
‫(‪ )6‬نض الماء ينض نضاً ‪ ،‬من باب ضرب ‪ ،‬خرج قليال قليالً ‪ ،‬ونض الثمن ‪ :‬حصل وتعجل ‪ ،‬وأهل‬
‫الحجاز يسمون الدراهم والدنانير نضاً وناضاً ‪ ،‬قال أبو عبيد ‪ :‬إنما يسمونه ناضاً إذا تحول عين ًا بعد‬
‫أن كان متاعاً ؛ ألنه يقال ‪ :‬ما نض بيدي منه شيء ‪ ،‬أي ‪ :‬ما حصل ‪ ( .‬المصباح المنير للفيومي‬
‫‪) 632 /‬‬
‫(‪ )9‬أما إذا كان الناض المبيع به من غير ما يقوم ‪ ،‬أي بغير جنس رأس المال ‪ ،‬فإن الربح يضم إلى‬
‫األصل ولو كان رأس المال دون النصاب ‪ ( .‬مغني المحتاج للخطيب ج‪) 644 /1‬‬
‫(‪ )5‬شرح جالل الدين المحلي على منهاج الطالبين للنووي بهامش حاشيتا قليوبي وعميرة ج‪، 24 /2‬‬
‫حاشية بجيرمي على الخطيب ج‪. 695 /2‬‬
‫(‪ )3‬مغني المحتاج للخطيب ج‪ ، 644 /1‬شرح منهج الطالب لزكريا األنصاري مع حاشية البجيرمي ج‬
‫‪. 90 /2‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫الحول ‪ :‬فيفرد الربح بحوله في األظهر ‪ ،‬ومقابل األظهر ‪ :‬يزكى الربح‬


‫بحول األصل(‪. )1‬‬
‫فلو اشترى عرضًا للتجارة بعشرين دينا ًار ثم باعه لستة أشهر بأربعين‬
‫دينا اًر واشترى بها عرضًا آخر وبلغ آخر الحول بالتقوم أو التنضيض مائة ‪:‬‬
‫زكى خمسين ؛ ألن رأس المال عشرون ونصيبها من الربح ثالثون(‪. )2‬‬
‫الرأي الثاني ‪ :‬وهـو روايـة ابن عبد الحكم وأشهب عن مالك ‪ ،‬وقول ابن‬
‫حــزم الظاهري ‪ ،‬وبه قال أبو عبيد والليث بن سعد (رحمهم هللا جميعاً) ‪:‬‬
‫أنه يستقبل بالربح حوالً جديداً كالفائدة ‪ ،‬سواء كان يملك أصله أم كما لو‬
‫ال وإن كان نصاباً‬
‫تسلفه ‪ ،‬فإن كان األصل أقل من نصاب استأنف بالجميع حو ً‬
‫زكاه وال يزكي ربحه إال إذا تم له حول (‪.)6‬‬
‫ال للمعروف ‪ ،‬أي شاذًا ؛ ألن ابن‬
‫وجعله ابن الحاجب (رحمه هللا ) مقاب ً‬
‫المواز وسحنون انكراه وقاال ‪ :‬ليس ذلك بقول مالك وال أصحابه ‪.‬‬
‫قال ابن راشد (رحمه هللا) ‪ :‬وعجبت من انكار ذلك ‪ ،‬وقد قال ابن حبيب‬
‫(رحمه هللا) ‪ :‬اختلف في ذلك قول مالك ‪ ،‬وحكى صاحب اللباب عن أشهب‬
‫وابن عبد الحكم أنهما حكيا ذلك عن مالك ولم يخصاه بمسألة التأخير (‪.)9‬‬

‫(‪ )1‬شرح جالل الدين المحلي على منهاج الطالبين للنووي ج‪ ، 24 /2‬نهاية المطلب في دراية المذهب‬
‫عبد الملك بن عبد هللا بن يوسف بن دمحم الجويني‪ ،‬أبو المعالي الملقب بإمام الحرمين (ت ‪987‬هـ)‬
‫ج‪ - 605 -609 /6‬حققه وصنع فهارسه‪ :‬أ‪ .‬د‪ /‬عبد العظيم محمود الديب ‪ -‬الطبعة‪ :‬األولى‪،‬‬
‫‪1927‬هـ‪2008-‬م ‪ -‬دار المنهاج ‪.‬‬
‫(‪ )2‬مغني المحتاج للخطيب ج‪ ، 644 /1‬نهاية المطلب للجويني ج‪. 609 /6‬‬
‫(‪ )6‬حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ج‪ ، 931 /1‬شرح الخرشي ج‪ ، 179 /2‬منح الجليل لمحمد‬
‫عليش ج ‪ ، 98 /2‬الت وضيح شرح مختصر ابن الحاجب ج‪ ، 175 /2‬الذخيرة ألبي العباس شهاب‬
‫الدين أحمد بن إدريس الشهير بالقرافي (المتوفى‪379 :‬هـ) ج‪ - 69 /6‬دمحم بو خبزة‪ -‬دار الغرب‬
‫اإلسالمي‪ -‬بيروت‬
‫‪ ،‬المحلى البن حزم ‪ ، 148 ، 96 /9 /‬األموال ألبي عبيد القاسم بن سالم بن عبد هللا الهروي البغدادي‬
‫(المتوفى‪229 :‬هـ) ‪ - 510 /‬المحقق‪ :‬خليل دمحم هراس – طبعة دار الفكر‪ - .‬بيروت ‪.‬‬
‫(‪ )9‬التوضيح شرح مختصر ابن الحاجب ج‪. 175 /2‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫سبب اختالف الفقهاء‬


‫وسبب اختالفــهم هو ‪ :‬تردد الربح بين أن يكون حكمـه حكـم المال‬
‫المستفاد أو حكـم األصل ‪ ،‬فمن شبهه بالمال المستفاد ابتداء ‪ ،‬قال ‪ :‬يستقبل‬
‫به الحول ‪ ،‬ومن شبهـه باألصل – وهـو رأس المال‪ -‬قال ‪ :‬حكمه حكم رأس‬
‫المال ‪ ،‬إال أن من شروط هـذا التشبيه ‪ :‬أن يكون رأس المال قـد وجبت فيه‬
‫الزكاة ‪ ،‬وذلك ال يكون إال إذا كان نصابًا ؛ ولذلك يضعف قياس لبريح على‬
‫األصل في مذهب مالك ‪ ،‬ويشبه أن يكون الذي اعتمده مالك (رحمه هللا) في‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫ذلك هو تشبيه ربح المال بنسل الغنم‬
‫األدلـــة‬
‫أوالً ‪ :‬أدلة الرأي األول ‪ :‬استدل أصحاب الرأي األول على أن الربح يضم‬
‫إلى األصل بأدلة من عمومات الكتاب والسنة ومن القياس والمعقول ‪:‬‬
‫أوالً ‪ :‬عمومات الكتاب والسنة في الزكاة ‪ :‬أن هذه العمومات تقتضي‬
‫الوجوب مطلقاً عن شرط الحول إال ما خص بدليل ‪.‬‬
‫ثانيًا ‪ :‬دليل القياس ‪ :‬استدلوا من القياس بدليلين ‪:‬‬
‫‪-1‬القياس على النتاج مع أمه ‪ ،‬بل أولى ؛ ألن المحافظة على حول كل زيادة‬
‫مع اضطراب األسواق في كل لحظة ارتفاعاً وانخفاضاً في غاية العسر(‪.)2‬‬
‫‪-2‬القياس على النماء المتصل ‪ :‬وهو زيادة قيمة عروض التجارة ؛ ألنه تبع‬
‫له من جنسه فأشبه النماء المتصل (‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬بداية المجتهد البن رشد ج‪. 658 -653 /1‬‬


‫(‪ )2‬المقدمات الممهدات أبو الوليد دمحم بن أحمد بن رشد القرطبي (المتوفى‪520 :‬هـ)ج‪ - 170 /1‬تحقيق‪:‬‬
‫الدكتور دمحم حجي‪ -‬الطبعة‪ :‬األولى‪ 1907 ،‬هـ ‪ 1477 -‬م ‪ -‬الناشر دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‬
‫– لبنان ‪ ،‬أسنى المطالب لزكريا األنصاري ج‪ ، 676 /1‬حاشية البجيرمي على شرح المنهج ج‪/2‬‬
‫‪. 90‬‬
‫(‪ )6‬المغني البن قدامة ج‪. 937 /2‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫ثالثًا ‪ :‬دليل المعقول ‪ :‬استدلوا من المعقول بدليلين ‪:‬‬


‫‪ -1‬أنه عند المجانسة يتعسر التمييز فيعسر اعتبار الحول في كل مستفاد ‪،‬‬
‫وما شرع الحول إال للتيسير ‪ ،‬فيعود األمر على موضوعه بالنقص عند‬
‫اشتراط حول جديد لكل مستفاد ‪ ،‬وقد قال هللا تعالى ‪َ " :‬و َما َج َع َل َعَل ْيك ْم‬
‫ين ِم ْن َح َرج " (‪ ،)1‬وأي حرج أعظم من هذا ‪ ،‬فإنه لو فرض أنه‬ ‫ِفي ِ‬
‫الد ِ‬
‫استفاد في يوم وقت الظهر شيئًا ووقت العصر شيئًا وفي الليل شيئاً ‪،‬‬
‫وفي كل يوم كذلك ‪ ،‬فيحتاج إلى حساب الحول لكل مستفاد وفيه من‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫الحرج ما ال يخفى‬
‫‪ -2‬أن المستفاد من جنس األصل تبع له ؛ ألنه زيادة ‪ ،‬إذ األصل يزداد‬
‫ويتكثر به ‪ ،‬والزيادة تبع للمزيد عليه ‪ ،‬والتبع ال يفرد بالشرط كما ال يفرد‬
‫بالسبب ‪.‬؛ لئال ينقلب التبع أصالً (‪.)6‬‬
‫واستدل المالكية على عدم اشتراط النصاب ‪ :‬بالقياس على بلوغه‬
‫النصاب ؛ ألنه ربح مال تجب في عينه الزكاة ‪ ،‬فكان حكمه في الحول حكم‬
‫أصله ‪ ،‬كما لو كان األصل نصابًا (‪.)9‬‬
‫والدليل على تفريق الشافعية بين الربح إذا نض ‪ -‬فيستأنف به حوالً‬
‫جديداً – وبين النتاج ‪ :‬أن النتاج جزء من األصل ‪ ،‬فألحقناه به بخالف بخالف‬
‫الربح فإنه ليس جزءًا ؛ ألنه إنما حصل بحسن التصرف ‪ ،‬ولهذا َيرد الغاصب‬
‫نتاج الحيوان دون الربح (‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬جزء اآلية (‪ )87‬من سورة الحج ‪.‬‬


‫(‪)2‬الغرة المنيفة في تحقيق بعض مسائل اإلمام أبي حنيفة لعمر بن إسحق بن أحمد الهندي الغزنوي‬
‫(المتوفى‪886 :‬هـ)‬
‫ج‪ - 58 /1‬الطبعة‪ :‬األولى ‪ 1473-1903‬هـ ‪ -‬مؤسسة الكتب الثقافية ‪.‬‬
‫(‪ )6‬بدائع الصنائع للكاساني ج‪. 910 /2‬‬
‫(‪ )9‬المعونة للقاضي عبد الوهاب ج‪. 237 /1‬‬
‫(‪ )5‬نهاية المحتاج للرملي ج‪. 105 /6‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫مناقشة هذا الرأي ‪ :‬أجاب ابن حزم (رحمه هللا) عن تفريق المالكية‬
‫والشافعية ‪:‬‬
‫بأنها كلها فاسدة ‪ ،‬ويكفي أنها كلها مختلفة وكلها دعاو مجردة وتقاسيم‬
‫فاسدة متناقضة ال دليل على صحة شيء منها ال من قرآن وال من سنة‬
‫صحيحة وال من رواية سقيمة وال من إجماع وال من قياس وال من رأي له‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫وجه‬
‫الجواب ‪ :‬ال نسلم أن هذه دعاوى وتقاسيم فاسدة متناقضة ال دليل على‬
‫صحة شيء منها ؛ وقد قال ابن حزم ‪ :‬كل فائدة فإنما تزكى لحولها ال لحول‬
‫ما عنده من جنسها وإن اختلطت عليهاألحوال ‪ ،‬فإن اإلنسان قد يفضل أن‬
‫يدفع في الزكاة أكثر من المستحق على أن تختلط عليه األحوال ويعسر عليه‬
‫حسابها ويكون في ذلك حرج ‪ ،‬والعلماء قائلون بجواز تعجيل الزكاة للضرورة ‪،‬‬
‫فلم ال يكون ذلك من باب تعجيلها ؛ لضرورة التيسير على الناس ‪.‬‬
‫كما أن هذا المال يشبه إلى حد كبير النتاج فهو متولد عن األصل‬
‫وكامن فيه ‪ ،‬وهو فضل من هللا تعالى ‪ ،‬قال أبو عبيد (رحمه هللا) ‪( :‬إنما ذلك‬
‫كله هبة من هبات هللا وسيبه الذي يفيد به العباد ) (‪.2‬‬
‫ثانيًا ‪ :‬دليل الرأي الثاني ‪:‬‬
‫أوالً ‪ :‬دليل السنـة ‪ :‬ما روي عن السيدة عائشة (رضي هللا عنه) قالت ‪:‬‬
‫ول‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫ّللاِ ( َّ‬
‫َس ِم ْعت َرسول َّ‬
‫صلى هللا َعَل ْيه َو َسل َم) َيقول‪َ « :‬ال َزَكاةَ في َمال َحتى َيح َ‬ ‫َ‬
‫(‪)6‬‬
‫َعَل ْي ِه اْل َح ْول »‬
‫وجه الداللة من الحديث ‪ :‬في الحديث دليل على اشتراط حوالن الحول‬
‫دون تفرقة بين األرباح وغيره من األموال ‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫(‪ )1‬المحلى البن حزم ج‪. 143 /9‬‬


‫(‪ )2‬األموال ألبي عبيد ‪. 507 /‬‬
‫(‪ )6‬سبق تخريجه ‪ /‬ص ‪13‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫قال الخطابي (رحمه هللا ) ‪ ( :‬إنما أراد به المال النامي كالمواشي‬


‫والنقود ؛ ألن نماءها ال يظهر إال بمضي مدة الحول عليها ‪ ،‬فأما الزروع‬
‫والثمار فإنه ال يراعى فيها الحول ‪ ،‬وإنما ينظر إلى وقت إدراكها واستحصادها‬
‫فيخرج الحق منها ‪ ،‬وفيه حجة لمن ذهب إلى أن الفوائد واألرباح يستأنف بها‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫الحول وال تبنى على األصل )‬
‫ثانيًا ‪ :‬دليل األثر ‪:‬‬
‫اة ِفي َمال َحتَّى‬
‫‪ -1‬ما روي عن ابن عمر (رضي هللا عنهما ) قال ‪َ « :‬ال َزَك َ‬
‫(‪)2‬‬
‫ول َعَل ْي ِه اْل َح ْول »‬
‫َيح َ‬
‫وجه الداللة من الحديث ‪ :‬في األثر دليل على اشتراط حوالن الحول‬
‫دون تفرقة بين األرباح وغيره من األموال ‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫مناقشة هذا االستدالل ‪ :‬يمكن مناقشته بأن المراد ‪ :‬ليس في أصل‬
‫المال زكاة حتى يحول عليه الحول ‪ ،‬فما دام ماله لم يبلغ النصاب األول فال‬
‫زكاة عليه ‪ ،‬فإذا بلغ النصاب وجب في المال وتوابعه – من النسل والربح –‬
‫الزكاة ؛ ألنها تابعة له ‪ ،‬ولما فعله عمر (رضي هللا عنه)‪.‬‬
‫أو يكون المراد بالحديث ‪ :‬العطايا التي كانت توزع من بيت المال ‪ ،‬فقد‬
‫ورد ما يدل على أن الخلفاء كانوا يأخذون منه زكاة ما وجب من زكاة عليه في‬
‫ماله ‪ ،‬فقد يظن ظان أن ما أخذ زكاة عن هذا العطاء ‪ ،‬فجاء البيان ( أنه‬
‫ال زكاة في مال حتى يحول عليه الحول )‬

‫(‪ )1‬معالم السنن للخطابي ج‪. 61 /2‬‬


‫َن َال‬‫أ‬ ‫م‬‫ل‬‫النِب ِي صَّلى هللا عَلي ِه وسَّ‬‫َّ‬ ‫ِ‬
‫اب‬ ‫ح‬ ‫َص‬‫أ‬ ‫ن‬ ‫احد ِ‬
‫م‬ ‫ِ‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫َ ْ ََ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ َ‬ ‫(‪ )2‬سبق تخريجه ‪ /‬ص ‪َ . ،65‬وَق ْد َ َ ْ َ ْ َ‬
‫ر‬ ‫ي‬‫غ‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫و‬ ‫ر‬
‫زَكاة ِفي اْلمستَف ِاد حتَّى يحول عَلي ِه اْلحول‪ ،‬يروى َذلِك عن أَِبي ب ْكر‪ ،‬وعلِي‪ ،‬وابن عمر‪ ،‬وع ِائش َة‪ ،‬وب ِ‬
‫ِه‬ ‫َ ْ َ ََ َ َ َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َْ‬ ‫ْ َ َ َ َ َ ْ َْ‬ ‫َ َ‬
‫اق‪( .‬شرح‬ ‫ح‬ ‫ِس‬ ‫إ‬
‫و‬ ‫‪،‬‬‫د‬ ‫م‬ ‫َح‬
‫أ‬
‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ي‬ ‫الش ِاف ِ‬
‫ع‬ ‫َّ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫ه‬‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ِ‬
‫يز‬‫ز‬ ‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫د‬‫اهيم النَّخ ِعي‪ ،‬وعمر بن عب ِ‬
‫طاء‪ ،‬وإِبر ِ‬ ‫ع‬
‫َ ْ ََ َ ْ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫َ َ ْ‬ ‫ْ‬
‫َ َ ْ َْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬ ‫ال َ‬
‫َق َ‬
‫السنة لمحمد الحسين بن مسعود بن دمحم بن الفراء البغوي الشافعي (ت ‪513‬هـ) ج‪ -24 /3‬تحقيق‪:‬‬
‫شعيب األرنؤوط‪-‬دمحم زهير الشاويش ‪ -‬الطبعة‪ :‬الثانية‪1906 ،‬هـ ‪1476 -‬م ‪-‬‬
‫الناشر‪ :‬المكتب اإلسالمي ‪ -‬دمشق‪ ،‬بيروت ) ‪.‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫أو يكون ورد جوابًا عن سؤال ‪ :‬هل في العطايا زكاة ؟ لما ورد من فعل‬
‫بعض الصحابة ما يوهم ذلك ‪ ،‬وهللا تعالى أعلم ‪.‬‬
‫‪ -6‬ما روي عن عمر بن عبد العزيز (رحمه هللا) أنه قال ‪ ( :‬ال تأخذوا من‬
‫(‪)1‬‬
‫أرباح التجار شيئًا حتى يحول عليها الحول )‬
‫وجـه االسـتدالل ‪ :‬قال أبوعبيد (رحمه هللا) ‪ :‬أََفَل ْست ترى أن عمر‬
‫استأنف بالربح حوالً ولم يضمه إلى أصل المال ثم يزكيه معًا(‪. )2‬‬
‫الترجيــح‬
‫بعـد عرض آراء الفقهاء وأدلتهم ومناقشتها ‪ :‬ترى الباحثة أن الراجح –‬
‫وهللا تعالى أعلم – هو الرأي األول ‪ :‬أن حول الربح حول أصله ؛ وذلك لآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬قوة أدلتهم وردودهم على مناقشة المعارضين ‪.‬‬
‫‪ -2‬ردهم على أدلة المعارضين رداً قويًا ‪.‬‬
‫‪ -6‬أن الشارع شرع الحول ألنه مظنة النماء ؛ ليكون اخراج الزكاة من الربح ‪،‬‬
‫وقد حصل الربح وتحققت نعمة هللا على عبده بنماء ماله الذي بلغ نصاباً‬
‫واستحقت فيه الزكاة ‪ ،‬فال عبرة بعد ذلك بحوالن الحول على الربح بعد‬
‫تحقق المقصود من حوالنه على األصل ‪.‬‬
‫‪ -9‬أن المعنى الموجود في النتاج موجود في الربح ‪ ،‬فكان حكمهما واحد ‪،‬‬
‫وقد ثبت الحكم في النتاج باألثر الصريح فيقاس عليه الربح ‪.‬‬
‫‪ -5‬أن الحول شرع لرفع الحرج والمشقة عن أصحاب التجارات‪ ،‬ولو اعتبرنا‬
‫لكل جزء من الربح حول مستقل لزاد الحرج والمشقة ‪ ،‬وقد قال تعالى ‪" :‬‬
‫ين ِم ْن َح َرج " ‪.‬‬ ‫وما جعل عَليكم ِفي ِ‬
‫الد ِ‬
‫َ َ ََ َ َ ْ ْ‬
‫‪ -3‬أن من الفقهاء من قال بجواز تعجيل الزكاة للضرورة ‪ ،‬وهذه من‬
‫الضرورات ؛ رفعاً للحرج والمشقة ‪ ،‬وهللا أعلم ‪.‬‬

‫(‪ )1‬كتاب األموال ألبي عبيد القاسم بن سالم بن عبد هللا الهروي (ت ‪229‬هـ) ‪ – 504 /‬المحقق ‪ :‬خليل‬
‫دمحم هراس – دار الفكر – بيروت ‪.‬‬
‫(‪ )2‬المرجع السابق ‪. 510 – 504 /‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫المبحث الثاني‬
‫زكاة المال المستفاد من خالف جنس األصل‬
‫ال تختلف في جنسها عن األموال التي يمتلكها ‪،‬‬ ‫قد يستفيد اإلنسان أموا ً‬
‫ال ‪ ،‬أو يستفيد نقدًا وعنده غنمًا ‪ ،‬فهل يضم هذا‬
‫ال وعنده بقر مث ً‬
‫كأن يستفيد إب ً‬
‫األصل المستفاد إلى المال الذي عنده ويزكى على حوله ‪ ،‬أم يستأنف له حول‬
‫جديد ؟ ‪ ،‬اختلف الفقهاء في هذه المسألى على قولين ‪:‬‬
‫الرأي األول ‪ :‬وهو رأي جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية‬
‫والحنابلة والظاهرية ‪ ،‬وهو قول أبي بكر وعمر وعثمان وعلي (رضي هللا‬
‫عنهم) ‪:‬‬
‫يرى أصحاب هذا الرأي أن المال المستفاد من خالف جنس األصل‬
‫الذي عنده ال يضم إلى األصل وال يزكى على حوله ‪ ،‬بل إن كان نصاباً‬
‫ال جديدًا وزكاه ‪ ،‬وإال فال شيء فيه(‪. )1‬‬
‫استقبل به حو ً‬
‫قال ابن قدامة (رحمه هللا) ‪( :‬وهذا قول جمهور العلماء ) (‪.)2‬‬
‫قال ابن عبد البر (رحمه هللا ) ‪ ( :‬وعليه جماعة الفقهاء قديماً وحديثاً‬
‫ال يختلفون فيه ‪ ،‬أنه ال تجب في مال من العين وال في ماشيـة زكاة حتى‬
‫‪)6(.‬‬
‫يحـول عليـه الحـول إال ما روي عن ابن عباس ومعاويـة )‬

‫(‪ )1‬بدائع الصنائع للكاساني ج‪ ، 904 /2‬تبيين الحقائق للزيلعي ج‪ ، 282 /1‬المبسوط للسرخسي ج‪/2‬‬
‫‪ ، 35‬حاشية الدسوقي ج‪ ، 962 /1‬شرح الخرشي ج‪ ، 94 /2‬حاشية البجيرمي على الخطيب ج‪/2‬‬
‫‪ ، 618‬حاشية البجيرمي على منهج الطالب ج‪ ، 16 /2‬المغني البن قدامة ج‪ ، 937 /2‬الشرح‬
‫الكبير البن قدامة ج‪ ، 957 /2‬كشاف القناع عن متن اإلقناع منصور بن يونس بن صالح الدين‬
‫ابن حسن بن إدريس البهوتى الحنبلى (المتوفى‪1051 :‬هـ) ج‪ - 187 /2‬دار الكتب العلمية ‪،‬‬
‫المحلى البن حزم ج ‪. 148 /9‬‬
‫(‪ )2‬المغني البن قدامة ج‪. 937 /2‬‬
‫(‪ )6‬االستذكار ألبي عمر يوسف بن عبد هللا بن دمحم بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي (المتوفى‪:‬‬
‫‪936‬هـ) ج‪ - 169 /6‬تحقيق‪ :‬سالم دمحم عطا‪ ،‬دمحم علي معوض ‪ -‬الطبعة‪ :‬األولى‪– 1921 ،‬‬
‫‪2000‬م ‪ -‬دار الكتب العلمية – بيروت ‪.‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫مثال ذلك ‪ :‬لو كان عنده أربعون من الغنم وقبل كمال حولها ولو بيوم‬
‫ملك خمساً من اإلبل ‪ ،‬فكل على حوله ‪ ،‬فيستقبل باإلبل حوالً من يوم‬
‫ملكها(‪.)1‬‬
‫الرأي الثاني ‪ :‬وهو مروي عن ابن مسعود وابن عباس ومعاوية (رضي‬
‫هللا عنهم) ‪ ،‬وهو قول األوزاعي ورواه أحمد عن غير واحد ‪:‬‬
‫يرى أصحاب هذا الرأي أن المال المستفاد من غير جنس األصل تجب‬
‫الزكاة فيه حين استفاده وال ينتظر الحول ‪.‬‬
‫روي عن األوزاعي (رحمه هللا) ‪ :‬فيمن باع عبده وداره ‪ :‬أنه يزكى الثمن‬
‫حين يقع في يده إال أن يكون له شهر يعلم فيؤخره حتى يزكيه مع ماله ‪.‬‬
‫وروي عن أحمـد (رحمه هللا) ‪ :‬فيمن باع داره بعشرة آالف درهم إلى‬
‫سنـة ‪ :‬إذا قبض المال يزكيه(‪.)2‬‬
‫قال ابن عبد البر (رحمه هللا) ‪ ( :‬والخالف في ذلك شذوذ ولم يعرج‬
‫(‪)6‬‬
‫‪.‬‬ ‫عليه أحد من العلماء وال قال به أحد من أهل الفتوى )‬
‫سبب اختالف الفقهاء‬
‫والسبب في اختالفهم هو ‪ :‬اختالفهم في قياس المال المستفاد ‪ ،‬هل هو‬
‫مثل الزروع والثمار باعتباره يأتي اإلنسان دفعة واحدة وقد يكون نصاباً‬
‫أو أكثر؟‬
‫أم يأخذ حكم النقدين وعروض التجارة والماشية ؛ باعتبار أن الزروع‬
‫والثمار لها حكم مستقل منصوص عليه ‪ ،‬وهللا أعلم ‪.‬‬

‫(‪ )1‬حاشية الدسوقي ج‪ ، 962 /1‬شرح الخرشي ج‪. 94 /2‬‬


‫(‪ )2‬المغني البن قدامة ج‪ ، 937 /2‬الشرح الكبير البن قدامة ج‪. 957 /2‬‬
‫(‪ )6‬شرح الزرقاني على موطأ مالك ج‪ ، 196 /2‬المغني البن قدامة ج‪. 937 /2‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫األدلــة‬
‫أوالً ‪ :‬أدلـة الرأي األول ‪ :‬استدلوا على أن المستفاد من غير جنس‬
‫األصل ال يضم إليه بأدلة من السنة والمعقول ‪:‬‬
‫أوالً ‪ :‬دليل السنة ‪:‬‬
‫عموم قول النبي (صلى هللا عليه وسلم) ‪َ « :‬ال َزَكاةَ ِفي َمال َحتَّى‬
‫‪)1(.‬‬
‫ول َعَل ْي ِه اْل َح ْول»‬
‫َيح َ‬
‫وجه االستدالل بالحديث ‪ :‬الحديث عام في اشتراط الحول في الزكاة فال‬
‫يستثنى منه شيء إال‬
‫بدليل ‪ ،‬كالزروع والثمار والنتاج والربح ‪ ،‬ولم يرد ما يدل على استثناء‬
‫شيء غيرها من شرط‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫الحول فيبقى على العموم‬
‫ثانياً ‪ :‬دليل األثر ‪ :‬وردت آثار كثيرة عن الصحابة تدل على اشتراط‬
‫الحول منها ‪:‬‬
‫اة ِفي َمال‬‫‪-1‬ما روي عن ابن عمر (رضي هللا عنهما ) قال ‪َ « :‬ال َزَك َ‬
‫(‪)6‬‬
‫ول َعَل ْي ِه اْل َح ْول »‬ ‫َّ‬
‫َحتى َيح َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫‪-2‬ما روي عن اْلَقاسم بن دمحم (رحمه هللا) « ِإ َّن أ ََبا َب ْكر الصد َ‬
‫يق َل ْم‬
‫ول َعَل ْي ِه اْل َح ْول»‬ ‫َيك ْن َيأْخذ ِم ْن مال َزَك ً َّ‬
‫اة َحتى َيح َ‬ ‫َ‬

‫(‪ )1‬سبق تخريجه ‪ /‬ص‪. 13‬‬


‫(‪ )1‬يراجع ‪ :‬شرح الزركشي ج‪. 410 /1‬‬
‫َن َال‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫اب َِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(‪ )6‬سبق تخريجه ‪ /‬ص ‪ . ،65‬وَق ْد رِوي َع ْن َغ ْي ِر واحد م ْن أَصح ِ‬
‫صلى هللا َعَل ْيه َو َسل َم أ ْ‬ ‫النب ِي َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫زَكاة ِفي اْلمستَف ِاد حتَّى يحول عَلي ِه اْلحول‪ ،‬يروى َذلِك عن أَِبي ب ْكر‪ ،‬وعلِي‪ ،‬وابن عمر‪ ،‬وع ِائش َة‪ ،‬وبِهِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ْ َ َ َ َ َ ْ َْ‬ ‫َ َ‬
‫اق‪ ( .‬شرح‬ ‫ح‬ ‫ِس‬ ‫إ‬
‫و‬ ‫‪،‬‬‫د‬ ‫م‬ ‫َح‬
‫أ‬
‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫ع‬ ‫ِ‬
‫اف‬ ‫َّ‬
‫الش‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫ه‬‫و‬ ‫‪،‬‬‫يز‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ز‬ ‫ع‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ِ‬
‫د‬ ‫ب‬‫ع‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ع‬‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫ع‬ ‫َّخ‬
‫الن‬ ‫يم‬ ‫ِ‬
‫اه‬ ‫ر‬
‫ِ َ ْ ََ َ ْ َ َ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫َ َ ْ َْ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ال َ َ َ ْ َ‬
‫ِب‬
‫إ‬
‫و‬ ‫‪،‬‬‫اء‬‫ط‬ ‫ع‬ ‫َق َ‬
‫السنة للبغوي ‪)24 /3‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫َع ِط َي ِات ِه ْم‪َ ،‬ي ْسأَل َّ‬


‫الرج َل‪َ « :‬ه ْل‬ ‫اس أ ْ‬ ‫طى َّ‬
‫الن َ‬ ‫َع َ‬‫ان أَبو َب ْكر ِإ َذا أ ْ‬ ‫ال ‪َ :‬وَك َ‬ ‫َق َ‬
‫الزَكاة؟» َفِإ َذا َقال‪ :‬نعم‪« ،‬أَخ َذ ِمن ع َ ِ ِ‬ ‫يه َّ‬ ‫ِعندك ِمن مال وجبت عَليك ِف ِ‬
‫طائه َزَكاةَ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ ََْ‬ ‫َْ َ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ َ‬
‫اءه‪َ ،‬وَل ْم َيأْخ ْذ ِم ْنه َش ْيًئا»‬ ‫ال‪َ :‬ال‪« .‬أ َْسَل َم ِإَل ْي ِه َع َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫طَ‬ ‫َذل َك اْل َمال»‪َ ،‬وِإ ْن َق َ‬
‫ثالثًا ‪ :‬دليل القياس ‪ :‬القياس على الفائدة من غير السائمة ؛ ألنها‬
‫لو كانت موجودة في أول الحول لم يضمها إلى ما عنده ‪ ،‬فكيف إذا وجدت‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫في خالل الحول‬
‫رابعاً ‪ :‬دليل المعقول ‪ :‬استدلوا من المعقول بدليلين ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬ألن المستفاد من خالف جنسه كاإلبل مع الشياه ال يضم ؛ ألنه‬
‫ال يؤدي إلى التعسير في أداء‬
‫(‪)6‬‬
‫‪.‬‬
‫الزكاة ؛ ألنه ال ينعقد عليه الحول ما لم يبلغ نصاباً‬
‫الثاني ‪ :‬أن الفقهاء مختلفون في ضم المال المستفاد الذي هو من جنس‬
‫األصل ‪ ،‬فكيف بالذي هو من غير جنسه ‪ ،‬وهللا أعلم ‪.‬‬
‫ثانياً ‪:‬أدلة الرأي الثاني ‪ :‬استدلـوا من األثر بثالثـة أدلـة ‪:‬‬
‫‪-1‬ما روي َع ْن ِع ْك ِرمـَ َة‪َ ،‬ع ِن ْاب ِن َعبَّاس (رضي هللا عنه) ِفي َّ‬
‫الرج ِل‬
‫(‪)9‬‬
‫ين َي ْستَِفيده»‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ال‪ « :‬ي َزكيـه ح َ‬
‫َي ْستَفيد َم ًاال َق َ‬

‫(‪ )1‬سبق تخريجه ‪ /‬ص‪. 17‬‬


‫(‪ )2‬المبسوط للسرخسي ج‪. 135 /2‬‬
‫(‪ )6‬البحر الرائق البن نجيم ج‪. 264 /2‬‬
‫(‪ )9‬مصنف أبي بكر بن أبي شيبة‪ ،‬عبد هللا بن دمحم بن إبراهيم بن عثمان بن خواستي العبسي (المتوفى‪:‬‬
‫‪265‬هـ)‬
‫استََف َاده ‪ -‬المحقق‪ :‬كمال يوسف الحوت ‪-‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال‪ :‬ي َزكيه إ َذا ْ‬
‫ج‪ ) 10223( - 678 /2‬كتاب الزكاة ‪َ -‬م ْن َق َ‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪ - 1904 ،‬الناشر‪ :‬مكتبة الرشد – الرياض ‪ ،‬األموال البن زنجويه ألبي أحمد حميد‬
‫بن مخلد بن قتيبة بن عبد هللا الخرساني المعروف بابن زنجويه (المتوفى‪251 :‬هـ) ج‪– 421 /6‬‬
‫(‪ - )1390‬تحقيق الدكتور‪ :‬شاكر ذيب فياض األستاذ المساعد ‪ -‬بجامعة الملك سعود ‪ -‬الطبعة‪:‬‬
‫األولى‪ 1903 ،‬هـ ‪ 1473 -‬م ‪ -‬الناشر‪ :‬مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات اإلسالمية‪،‬‬
‫السعودية ‪ ،‬مسائل اإلمام أحمد بن حنبل (‪291‬هـ) رواية ابنه عبد هللا ‪ /‬ص ‪ – 132‬المحقق ‪ :‬زهير‬
‫الشاويش – الطبعة األولى – ‪1901‬هـ ‪1471 -‬م – الناشر ‪ :‬المكتب اإلسالمي – بيروت ‪.‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫‪-2‬ما روي عن هبيرة بن يريم(‪( )1‬رحمه هلل) قال ‪ ( :‬كان عبد هللا‬
‫ِ ِ‬
‫ص َدَق َة أ ْعط َيات ِه ْم َقْب َل أ ْ‬
‫َن َي ْدَف َع َها‬ ‫ان َيأْخذ َ‬
‫يعطينا العطاء‪...‬إلى أن قال ‪َ :‬وَك َ‬
‫(‪)2‬‬
‫ِإَل ْي ِه ْم )‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال‪ « :‬أََّول‬ ‫‪-6‬ما روي عن َمالك (رحمه هللا) َع ِن ْاب ِن ش َهاب (رحمه هللا ) َق َ‬
‫(‪)6‬‬
‫اة م َع ِاوَية »‬ ‫َع ِط َي ِة َّ‬
‫الزَك َ‬
‫من أ ِ‬
‫َخ َذ م َن ْاأل ْ‬
‫َْ َ‬
‫قال ابن عبد البر(رحمه هللا)‪( :‬يريد أخذ زكاتها نفسها منها ال أنه أخذ منها عن‬
‫(‪)9‬‬
‫غيرها مما حال عليه الحول)‬
‫وجه االستدالل بهذه اآلثار ‪ :‬هـذه اآلثار المروية عن غير واحـد من الصحابة‬
‫تـدل على عملهم‬
‫وقولهم بوجوب تزكية هذا النوع من المال المستفاد فور استفادته دون انتظار‬
‫لحوالن الحول ‪ ،‬وهللا أعلم ‪.‬‬

‫(‪ )1‬هبيرة بن يريم ‪ :‬الشيباني روى عن علي وعبد هللا يعني ابن مسعود روى عنه أبو إسحاق السبيعي‬
‫سمعت أبي يقول ذلك ‪ ،‬قال أحمد بن حنبل (رحمه هللا) ‪ :‬ال بأس بحديثه وهو أحسن استقامة من‬
‫غيره ‪ ،‬يعني الذين تفرد أبو اسحاق بالرواية عنهم ‪ (.‬تهذيب التهذيب البن حجر ج‪) 26/11‬‬
‫ِ‬
‫السنن ‪،‬‬ ‫الذهب والور ِق وما ِفيها من‬
‫ِ‬ ‫(‪ )2‬األموال البن زنجويه ج‪ – )1362(– 413 /6‬باب فرض ِ‬
‫زكاة‬
‫معرفة السنن واآلثار ج‪ -)7056( -85 / 3‬باب الوقت الذي تجب فيه الصدقة ‪-‬‬
‫(‪)6‬معرفة السنن واآلثار ألحمد بن الحسين بن علي بن موسى‪ ،‬أبو بكر البيهقي (المتوفى‪957 :‬هـ)ج‪/ 3‬‬
‫‪ -)7056( -85‬باب الوقت الذي تجب فيه الصدقة ‪ -‬المحقق‪ :‬عبد المعطي أمين قلعجي ‪-‬‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪1912 ،‬هـ ‪1441 -‬م ‪ -‬الناشرون‪ :‬جامعة الدراسات اإلسالمية (كراتشي ‪-‬‬
‫باكستان)‪ ،‬دار قتيبة (دمشق ‪-‬بيروت)‪ ،‬دار الوعي (حلب ‪ -‬دمشق)‪ ،‬دار الوفاء (المنصورة ‪-‬‬
‫القاهرة) ‪.‬‬
‫(‪ )4‬شرح الزرقاني على الموطأ ج‪. 196 /2‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫المناقشـة‬
‫ناقش جمهور الفقهاء الرأي الثاني باآلتي ‪:‬‬
‫أو ًال ‪ :‬أن جمهور الفقهاء على خالف هذا القول ومنهم أبو بكر وعمر‬
‫وعثمان وعلي (رضوان هللا عليهم أجمعين) ‪.‬‬
‫ثانيًا ‪ :‬قول ابن عبد البر (رحمه هللا) عن الرأي األول ‪ ( :‬على هذا‬
‫جمهور الفقهاء ‪ ،‬والخالف في‬
‫ذلك شذوذ ولم يعرج عليه أحد من العلماء وال قال به أحد من أئمة‬
‫(‪) 1‬‬
‫الفتوى )‬
‫ثالثًا ‪ :‬أن هذه األموال ال تشبه الزروع والثمار ؛ ألنها تتكامل ثمارها‬
‫دفعة واحدة ؛ ولهذا ال تتكرر الزكاة فيها ‪ ،‬وأما األرباح والنتاج فإنما ضمت‬
‫إلى أصلها ألنها تبع له ومتولدة منه ‪ ،‬ولم يوجد ذلك في مسألتنا (‪.)2‬‬
‫رابعًا ‪ :‬أن ما روي عن اإلمام أحمد (رحمه هللا) فيمن باع داره بعشرة‬
‫آالف درهم إلى سنة ‪ :‬إذا‬
‫قبض المال يزكيه ) ‪ ،‬قال عنه ابن قدامة (رحمه هللا) ‪ :‬وإنما نرى أن‬
‫أحمد قال ذلك ؛ ألنه ملك الدراهم في أول الحول ‪ ،‬وصارت دينًا على‬
‫المشتري‪ ،‬فإذا قبضه زكاه للحول الذي مر عليه في ملكه كسائر الديون ‪.‬‬
‫وقدصرح بهذا المعنى في رواية بكر بن دمحم عن أبيه فقال ‪ :‬إذا كرى‬
‫دا ًار أو عبدًا في سنة بألف فحصلت له الدراهم وقبضها ‪ :‬زكاها إذا حال عليها‬
‫الحول من حين قبضها ‪ ،‬وإن كانت على المكتري فمن يوم وجبت له فيها‬
‫الزكاة ‪ ،‬بمنزلة الدين إذا وجب له على صاحبه ‪ :‬زكاه من يوم‬
‫وجب له (‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬المرجع السابق ‪.‬‬


‫(‪ )2‬المغني البن قدامة ج‪. 934 /2‬‬
‫(‪ )1‬المغني البن قدامة ج‪ ، 427 /1‬الشرح الكبير البن قدامة ج‪. 457 /1‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫الترجيــح‬
‫بعد عرض آراء الفقهاء وأدلتهم ومناقشتها ‪ ،‬ترى الباحثة ‪ :‬أن الراجح –‬
‫وهللا تعالى أعلم – هو الرأي األول ‪ :‬أن المال المستفاد من غير جنس األصل‬
‫ال يضم إلى األصل وإنما يستأنف له حول جديد ؛ وذلك لآلتي ‪:‬‬
‫‪ -1‬قوة أدلتهم وسالمتها من المعارضة ‪.‬‬
‫‪ -2‬الرد على المعارضين ردًا قويًا ‪.‬‬
‫‪ -6‬أن ما روي عن ابن عباس وابن مسعود (رضي هللا عنهما) عارضه‬
‫روايات عن جمع من‬
‫الصحابة صرحت باشتراط الحول ‪.‬‬
‫‪ -9‬أن ما روي عن اإلمام أحمد (رحمه هللا) فسره ابن قدامة (رحمه هللا) بأن‬
‫المراد به زكاة الدين الذي قبضه في آخر العام فيزكيه مرة واحـدة حين‬
‫يقبضه ‪ ،‬وروي عنه روايـة أخرى تدل على ذلك ‪.‬‬
‫‪ -5‬قول ابن عبد البر (رحمه هللا) ‪ ( :‬والخالف في ذلك شذوذ ولم ِ‬
‫يعرج عليه‬
‫أحد من العلماء وال قال به أحد من أهل الفتوى )‬
‫‪ -3‬قال ابن عبد البر (رحمه هللا) ‪ ( :‬وال أعلم أحداً من الفقهاء قال بقول‬
‫معاوية وابن عباس في إطراح مرور الحول ‪ ،‬إال مسألة جاءت عن‬
‫األوزاعي (رحمه هللا) إذا باع العبد أوالدار فإنه يزكي الثمن حين يقع في‬
‫يده إال أن يكون له شهر معلوم فيؤخره حتى يزكيه مع ماله ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬وهذا قول ضعيف متناقض ؛ ألنه إن كان يلزمه في ثمن الدار‬
‫والعبد الزكاة ساعة حصل بيده فكيف يجوز تأخيره ذلك إلى شهره المعلوم ‪،‬‬
‫وإن كان ال تجب الزكاة في ثمن الدار والعبد إال بعد استتمام حول كامل من‬
‫(‪) 1‬‬
‫يوم قبضه فكيف يزكي ما ال يجب عليه فيه زكاة في ذلك الوقت )‬

‫(‪ )1‬اإلستذكار البن عبد البر ج‪. 165 /6‬‬


‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫‪ -8‬أن معاوية إنما كان يأخذ من العطاء زكاة ذلك العطاء ‪ :‬ألنه كان يرى‬
‫حقه واجباً قبل دفعه إليه ‪ ،‬فكان يراه كالمال المشترك يمر عليه الحول في‬
‫حالة االشتراك ‪.‬‬
‫(وأما) أبو بكر وعمر وعثمان فلم يأخذوا ذلك منها إذ لم يتحقق ملك من‬
‫أعطيها – عندهم ‪ -‬إال بعد القبض ؛ ألن لإلمام أن يصرفها إلى غيره‬
‫باالجتهاد (‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬شرح الزرقاني على موطأ مالك ج‪ ، 196 /2‬المنتقى للباجي ج‪. 45 /2‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫المبحث الثالث‬
‫ال بسببه‬
‫حكم المستفاد من جنس األصل وليس متفرعاً عنه وال حاص ً‬
‫هذا هـو القسم الثالث من أقسام المال المستفاد ‪ ،‬وهـو ما حصل بسبب‬
‫مستقل عن األصل(‪ ، )1‬فيدخل ما حصل بشراء أو إرث أو هبة أو صدقة‬
‫أو ثمن سلعة القنية ‪ ،‬ونحو ذلك ‪ ،‬و كان حصوله في خالل حول األصل ‪،‬‬
‫فهل يزكى على حول األصل أم يستأنف له حول جديد ‪ ،‬اخنلف الفقهاء فيه‬
‫على رأيين ‪:‬‬
‫(‪2‬‬
‫الـرأي األول ‪ :‬وهو قول جمهور الفقهاء من الشافعية والحنابلة‬
‫والظاهرية ‪ ،‬وروي عن أبي بكر وعلي وابن عمر وعائشة وعطاء وعمر بن‬
‫عبد العزيز وسالم والنخعي ‪ ،‬وقول أبي حنيفـة في المستفاد إذا كان عوضاً عن‬
‫مال مزكى ‪ ،‬وقول المالكية في غير الماشية من الفوائد ‪:‬‬
‫يرى أصحاب هـذا الرأي أن المستفاد في أثناء الحول مما هو من جنس‬
‫األصل ولكنه ليس متفرعًا عنه وال حاصالً بسببه ‪ ،‬بل حصل بسبب مستقل‬
‫كالشراء والهبة واإلرث والصدقة وغيرها ‪ :‬فإنه ال يضم إلى ما عنده وال يزكى‬
‫على حوله ‪ ،‬بل يستأنف له حول جديد – من يوم إستفادته أو قبضه – إذا‬
‫كان األصل نصابًا ‪ ،‬وإال فإذا اكتمل النصاب بضم المستفاد إلى األصل ‪:‬‬
‫فالحول من يوم إفادة الثاني (‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬عرفها المالكية الفوائد بأنها ‪ :‬ماتجددت ال عن مال كالعطايا والهبة والميراث ‪ ،‬أو عن مال غير‬
‫مزكى كثمن عرض مقتنى من عقار أو حيوان أو غيرهما باعه بعين ‪ (.‬حاشية الدسوقي على الشرح‬
‫الكبير ج‪ ، 936 – 932 /1‬التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب ج‪) 174 /2‬‬
‫ومن أمثلة الفوائد أيضاً ‪ :‬ما يملكه اإلنسان بصدقة أو استغالل أرض أو مسكن ‪ ،‬أو إجارة عبد ‪ ،‬أو نجوم‬
‫مكاتب ‪ ،‬أو أرش جناية أو دية وما أشبه ذلك ‪ ( .‬المعونة للقاضي عبد الوهاب ج‪) 285 /1‬‬
‫(‪ )2‬قال عبد هللا بن أحمد بن حنبل (رحمهما هللا) ‪ :‬سألت أبي ‪ :‬على المال المستفاد زكاة ؟ قال ‪ :‬ال ‪،‬‬
‫حتى يحول عليه الحول ‪ ( .‬مسائل اإلمام أحمد رواية ابنه عبد هللا ‪ /‬ص‪ – 132‬المحقق ‪ :‬زهير‬
‫الشاويش – الطبعة األولى – ‪1901‬هـ ‪1471 -‬م – المكتب اإلسالمي – بيروت )‬
‫(‪ )6‬حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ج‪ ، 936 /1‬الذخيرة للقرافي ج‪ ، 65 /6‬الدر الثمين والمورد‬
‫المعين دمحم بن أحمد ميارة المالكي ‪ - 904 /‬المالكي ‪ -‬المحقق‪ :‬عبد هللا المنشاوي‪1924‬هـ ‪-‬‬
‫‪2007‬م ‪ -‬دار الحديث القاهرة ‪ ،‬المجموع للنووي ج‪ ، 635 /5‬الحاوي الكبير للماوردي ج‪، 77 /6‬‬
‫المبدع البن مفلح ج‪ ، 606 /2‬اإلنصاف للمرداوي ج‪ ، 60 /6‬المحلى البن حزم ج‪. 148 /9‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫فإذا كان شخص عنده من الدراهم أقل من النصاب وفي أثناء الحول‬
‫مات له قريب فورث منه‬
‫خمسين ألفًا ‪ ،‬فيبتدئ الحول من وقت ملك الخمسين ألفًا ‪ ،‬ويكون‬
‫الحول للخمسين ألفًا وللدراهم السابقة ‪ ،‬وال يبتدئ الحول في الدراهم السابقة من‬
‫حين ملكها وفي الخمسين من حين ملكها(‪. )1‬‬
‫وفي هذا يقول اإلمام مالك (رحمه هللا) ‪ ( :‬كل ما يؤخذ في صداق أو‬
‫دية أو كتابة أو غلة العبيد والمساكن وثمن صوف الغنم وما يؤخذ في الجراح‬
‫(‪)2‬‬
‫ال من يوم قبضها )‬‫والنفس ‪ :‬فتلك فوائد يأتنف بها من أخذها حو ً‬
‫ووافقهم اإلمام أبو حنيفة (رحمه هللا ) فيما إذا كان المستفاد ثمنًا ألصل‬
‫مزكى ‪ ،‬فإنه ال يضم إلى ما عنده من النصاب ‪ ،‬خالفًا للصاحبين ‪.‬‬
‫وصورة المسألة ‪ :‬رجل له خمس من اإلبل السائمة (‪6‬ومائتا درهم ‪ ،‬فتم‬
‫الحول على السائمة وزكاها ‪ ،‬ثم باعها بدراهم ‪ ،‬ثم تم حول الدراهم ‪ ،‬فإنه يضم‬
‫الثمن إلى الدراهم التي عنده ويزكي الكل عند الصاحبين ‪ ،‬وعند أبي حنيفة ‪:‬‬
‫ال على حدة (‪.)9‬‬‫يستأنف لها حو ً‬

‫(‪ )1‬الشرح الممتع على زاد المستقنع دمحم بن صالح بن دمحم العثيمين (المتوفى‪1921 :‬هـ)ج‪- 21/3‬‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪ 1927 - 1922 ،‬هـ ‪ -‬دار ابن الجوزي ‪.‬‬
‫المدَّونة من غيرها من األمهات ألبي دمحم عبد هللا بن (أبي زيد) عبد‬ ‫النوادر و ِ‬
‫الزيادات على َما في َ‬ ‫(‪َّ )2‬‬
‫الرحمن النفزي‪ ،‬القيرواني‪ ،‬المالكي (المتوفى‪673 :‬هـ)ج‪ - 125 /2‬تحقيق ‪:‬الدكتور‪ /‬عبد الفتاح‬
‫محمد حجي وجماعة ‪ - -‬الطبعة‪ :‬األولى‪ 1444 ،‬م ‪ -‬دار الغرب‬ ‫َّ‬ ‫دمحم الحلو ‪ -‬الدكتور‪/‬‬
‫اإلسالمي‪ ،‬بيروت ‪.‬‬
‫(‪ )6‬ولو جعل هذه اإلبل علوفة بعدما زكاها ثم باعها ثم حال الحول على الدراهم التي عنده ‪ :‬فإنه يضم‬
‫ثمنها إلى ما عنده فيزكى الكل بحول الدراهم ‪ ،‬والصحيح أن هذا باتفاق ‪ ،‬والدليل على ضمها ‪ :‬أنه‬
‫لما جعلها علوفة فقد خرجت من أن تكون مال الزكاة بفوات وصف النماء ‪ ،‬فجعل كأن مال الزكاة قد‬
‫هلك وحدثت عين أخرى من حيث المعنى ‪ ،‬فال يؤدى إلى الثنى من وجه ‪( .‬بدائع الصنائع للكاساني‬
‫ج‪ ، 911 – 910 /2‬تحفة الفقهاء لعالء الدين السمرقندي ج‪ ، 965 – 969 /1‬البحر الرائق البن‬
‫نجيم ج‪.) 290 -264 /2‬‬
‫(‪ )9‬بدائع الصنائع للكاساني ج‪ ، 911 – 910 /2‬تحفة الفقهاء لعالء الدين السمرقندي ج‪– 969 /1‬‬
‫‪ ، 965‬البحر الرائق البن نجيم ج‪. 290 -264 /2‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫واتفقوا على ضم ثمن طعام أدى عشره ثم باعه ‪ ،‬وثمن أرض معشوره ‪،‬‬
‫وثمن عبد أدى صدقة فطره (‪.)1‬‬
‫ويرى جمهور الشافعية وهو المذهب عندهم ‪ ،‬والصحيح من مذهب‬
‫الحنابلة ‪:‬‬
‫أنه وإن كان ال يضم إلى األصل في الحول لكنه يضم إليه في إكمال‬
‫النصاب (‪ ،)2‬فيزكى كل واحد‬
‫إذا تم حوله ‪ ،‬وال يعتبر النصاب في المستفاد اكتفاء بضمه إلى جنسه‬
‫أو ما في حكمه (‪.)6‬‬
‫مثاله ‪ :‬لو اشترى غرة المحرم ثالثين بقرة ‪ ،‬واشترى عشرة أخرى أول‬
‫رجب ‪ ،‬فعليه في الثالثين تبيع في المحرم وللعشرة ربع مسنة عند رجب ‪ ،‬ثم‬
‫عليه بعد ذلك في كل حول ثالثة أرباع مسنة عند المحرم وربعها عند رجب(‪.)9‬‬
‫الـرأي الثاني ‪ :‬وهو رأي أبي يوسف ودمحم من الحنفيـة وسفيان‬
‫الثوري(رحمهم هللا) ‪ ،‬ورأي المالكيـة في الماشيـة ‪ ،‬وبه قال أبو حنيفة إذا لم‬
‫يكن المستفاد عوضاً عن مال مزكى وحكي عن أحمد رواية في األجرة بمثله ‪:‬‬

‫(‪ ) 1‬بدائع الصنائع للكاساني ج‪ ، 911 /2‬درر الحكام شرح غرر األحكام لمنال خسرو (ت ‪775‬هـ)‬
‫ج‪ – 184 /1‬طبعة دار إحياء الكتب العربية ‪.‬‬
‫(‪ )1‬خالفاً البن سريج من الشافعية وهو القول الثاني عند الحنابلة ‪ :‬أن المال المستفاد كما ال يضم إلى‬
‫األصل في الحول‬
‫اليضم إليه في النصاب ‪ ،‬فيعتبر النصاب في المستفاد أيضاً ‪.‬‬
‫وعلى هذا القول ‪ :‬ال ينعقد حول العشرة حتى يتم حول الثالثين ثم يستأنف حول الجميع ‪ ( .‬المجموع‬
‫للنووي ج‪) 635 /5‬‬
‫(‪ )6‬المجموع للنووي شرح المهذب ج‪ ، 635 /5‬أسنى المطالب لزكريا األنصاري ج‪ ، 656 /1‬كشاف‬
‫القناع للبهوتي ج‪ ، 188 /2‬اإلنصاف للمرداوي ج‪. 60 /6‬‬
‫(‪ )9‬حاشية البجيرمي على شرح منهج الطالب ج‪ ، 19 /2‬فتح الوهاب لزكريا األنصاري ج‪، 126 /1‬‬
‫المجموع للنووي ج‪. 635 /5‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫يرى أصحاب هذا الرأي ‪ :‬أنه إذا إستفاد ماالً من جنس نصاب عنده‬
‫خالل الحول بشراء أو هبة أو وصية أو ميراث ونحوها ‪ :‬ضمه إلى ما عنده‬
‫وزكاه كله عند تمام حول األصل(‪. )1‬‬
‫الرأي الثالث ‪ :‬وبه قال ابن عباس وابن مسعود ومعاوية (رضي هللا‬
‫عنهم)‪:‬‬
‫أنه اإلنسان إذا إستفاد ماالً بهبة أو ميراث أو عطاء ‪ :‬لزمته زكاته من‬
‫غير حول يعتبر(‪. )2‬‬
‫وبه قال األوزاعي (رحمه هللا) فيما إذا باع العبد أوالدار فإنه يزكي الثمن‬
‫حين يقع في يده ‪ ،‬إال أن يكون له شهر معلوم فيؤخره حتى يزكيه مع ماله(‪. )6‬‬
‫سبب اختالف الفقهاء‬
‫والسبب في اختالفهم هو ‪ :‬هل حكمه حكم المال الوارد عليه ؟ ‪،‬‬
‫أم حكمه حكم مال لم يرد على مال آخر ؟‪.‬‬
‫فمن قال ‪ :‬حكمه حكم مال لم يرد على مال آخر فيه زكاة ‪ :‬قال ال‬
‫زكاة في الفائدة ‪.‬‬
‫ومن جعل حكمه حكم الوارد عليه وأنه مال واحد قال ‪ :‬إذا كان في‬
‫الوارد عليه زكاة بكونه نصاباً ‪ :‬اعتبر حوله بحول المال الوارد عليه ‪.‬‬
‫وعموم قوله (صلى هللا عليه وسلم) ‪ " :‬ال زكاة في مال حتى يحول‬
‫عليه الحول " يقتضي أال يضاف مال إلى مال إال بدليل (‪.)9‬‬

‫(‪ )1‬البحر الرائق البن نجيم ج‪ ، 290 -264 /2‬النهر الفائق ج‪ ، 912 /1‬تحفة الفقهاء لعالء الدين‬
‫السمرقندي ج‪ ، 966 /1‬تحفة األحوذي بشرح جامع الترمذي لمحمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم‬
‫المباركفورى (المتوفى‪1656 :‬هـ) ج‪ - 220 /6‬دار الكتب العلمية – بيروت ‪ ،‬شرح منح الجليل‬
‫لمحمد عليش ج‪ ، 5 /2‬اإلشراف على نكت مسائل الخالف ج‪ ، 671 /1‬اإلنصاف للمرداوي ج‪/6‬‬
‫‪ ، 60‬الفروع لمحمد بن مفلح بن دمحم بن مفرج‪ ،‬أبو عبد هللا‪ ،‬شمس الدين المقدسي (ت ‪836‬هـ)‬
‫ج‪ - 980 /6‬المحقق‪ :‬عبد هللا بن عبد المحسن التركي ‪ -‬الطبعة‪ :‬األولى ‪ 1929‬هـ ‪ 2006 -‬مـ ‪-‬‬
‫الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة ‪.‬‬
‫(‪ )2‬الحاوي الكبير للماوردي ج‪، 77 /6‬‬
‫(‪ )6‬اإلستذكار البن عبد البر ج‪. 165 /6‬‬
‫(‪ )9‬بداية المجتهد ونهاية المقتصد البن رشد ج‪. 658 /1‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫األدلــة‬
‫أو ًال ‪ :‬أدلة الرأي األول ‪ :‬استدلوا على اشتراط حوالن الحول بأدلة من‬
‫السنة واألثر والقياس والمعقول ‪:‬‬
‫أوالً ‪ :‬دليل السنة ‪ :‬عموم قول النبي (صلى هللا عليه وسلم) ‪:‬‬
‫‪)1(.‬‬
‫ول َعَل ْي ِه اْل َح ْول»‬ ‫َّ‬ ‫« َال َزَك ِ‬
‫اة في َمال َحتى َيح َ‬
‫َ‬
‫وجه االستدالل بالحديث ‪ :‬عموم الحديث يشمل المال األصلي‬
‫‪ ،‬وال‬ ‫(‪)2‬‬
‫والمستفاد‪ِ ،‬‬
‫فالزمه ‪ :‬أن ال زكاة في المستفاد حتى يحول عليه الحول‬
‫يستثنى منه شيء إال بدليل ‪ ،‬كالزروع والثمار والنتاج والربح ‪ ،‬ولم يرد ما يدل‬
‫(‪)6‬‬
‫؛ ألن المال‬ ‫على استثناء شيء غيرها من شرط الحول فيبقى على العموم‬
‫(‪)9‬‬
‫‪ ،‬فيدخل في الحديث‪.‬‬ ‫المستفاد لم يحل عليه الحول‬
‫قال الخطابي (رحمه هللا ) ‪ :‬إنما أراد به المال النامي كالمواشي والنقود‬
‫ألن نماءها ال يظهر إال بمضي مدة الحول عليها‪ ،‬فأما الزروع والثمار فإنها ال‬
‫يراعى فيها الحول وإنما ينظر إلى وقت إدراكها واستحصادها فيخرج الحق‬
‫منها‪ ،‬وفيه حجة لمن ذهب إلى أن الفوائد واألرباح يستأنف بها‬
‫الحول وال تبنى على حول األصل(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬سبق تخريجه ‪ /‬ص‪. 13‬‬


‫(‪ )2‬حاشية السندي على سنن ابن ماجه لمحمد بن عبد الهادي التتوي‪ ،‬أبو الحسن‪ ،‬نور الدين السندي‬
‫(المتوفى‪1167 :‬هـ)‬
‫ج‪ - 598 /1‬الناشر‪ :‬دار الجيل ‪ -‬بيروت‪ ،‬بدون طبعة ‪.‬‬
‫(‪ )6‬يراجع ‪ :‬شرح الزركشي ج‪. 920 /2‬‬
‫(‪ )9‬البيان للعمراني ج‪ – 155 /6‬المحقق ‪ :‬قاسم دمحم النوري – طبعة ‪1921‬هـ ‪2000 -‬م – دار‬
‫المنهاج ‪.‬‬
‫(‪ )5‬معالم السنن للخطابي ج‪. 61 /2‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫مناقشة االستدالل بالحديث ‪:‬‬


‫‪ -1‬أن حؤول الحول عبارة عن آخر جزء منه ‪ ،‬وقد حال ذلك على المستفاد إذ‬
‫حؤول الحـول على األصل يكون حؤوالً على التبع معنى ‪ ،‬فإن كان إنما‬
‫ً‬
‫استفادها بعد تمام الحول فال زكاة فيها النعدام حؤول أخر جزء من الحول‬
‫عليها (‪.)1‬‬
‫‪ -2‬أنه ضعيف ‪ ،‬وعلى تسليم ثبوته فعمومه ليس مرادًا ؛ لالتفاق على خروج‬
‫األرباح واألوالد فعللنا بالمجانسـة ‪ ،‬أي أن إخراج األوالد واألرباح ‪ -‬من‬
‫ذلك في وجوب ضمها إلى حول األصل ‪ -‬لمجانستها إياه ال للتولد ‪،‬‬
‫فيجب أن يخرج المستفاد إذا كان مجانساً أيضًا ‪ ،‬فيضم إلى ما عنده بما‬
‫يجانسه ‪ ،‬فكان الضم أولى ؛ ألنه أدفع للحرج خصوصاً في حق أصحاب‬
‫الغلة الذين يستغلون كل يوم درهمًا أو أقل أو أكثر ‪ ،‬فإن في اعتبار الحول‬
‫لكل مستفاد من درهم ونحوه حرجًا عظيمًا ‪ ،‬وشرع الحول للتيسير فيسقط‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫اعتباره‬
‫يجاب ‪ :‬بأن ما روي مرفوعاً إلى النبي (صلى هللا عليه وسلم) صححه‬
‫البعض(‪ ، )6‬واآلثار الكثيره تقويه وتعضده ‪ ،‬سواء كانت عن الصحابة الذين ما‬
‫قالوا ذلك إال ألنهم سمعوه وتعلموه من رسول هللا (صلى هللا عليه وسلم) ‪،‬‬
‫أو كانت عمومات مروية عن النبي(صلى هللا عليه وسلم) تدل بعمومها على‬
‫اشتراط الحول في جميع األموال – إال ما خص بدليل ‪ -‬ويدخل فيها المستفاد‬
‫‪ ،‬وهللا تعالى أعلم ‪.‬‬

‫(‪ )1‬المبسوط للسرخسي ج‪. 135 /2‬‬


‫(‪ )2‬مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح لعلي بن دمحم أبو الحسن نور الدين المال الهروي (‪1019‬هـ)‬
‫ج‪ – 1285 /9‬الطبعة األولى – ‪1922‬هـ ‪2002 -‬م – دار الفكر – بيروت ‪،‬‬
‫تحفة األحوذي بشرح جامع الترمذي لمحمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري (ت ‪1656‬هـ)‬
‫ج‪ – 220 /6‬الناشر دار الكتب العلمية – بيروت ‪.‬‬
‫( ‪ )6‬يراجع ‪ /‬ص ‪. 61 ، 13‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫ونظ ًار لكثرة هـذه اآلثار وقوتها ‪ ،‬قال البيهقي (رحمه هللا) ‪ ( :‬واالعتماد‬
‫في ذلك على اآلثار الصحيحة فيـه عن أبي بكر الصـديق (رضي هللا عنه)‬
‫(‪)1‬‬
‫وعثمان بن عفان وعبد هللا بن عمر وغيرهم( رضي هللا عنهم )‬
‫ثانيًا ‪ :‬دليل األثر ‪ :‬وردت آثار كثيرة عن الصحابة تدل على اشتراط‬
‫الحول منها ‪:‬‬
‫اة ِفي َمال َحتَّى‬
‫‪ -1‬ما روي عن ابن عمر (رضي هللا عنهما ) قال ‪َ « :‬ال َزَك َ‬
‫(‪)2‬‬
‫ول َعَل ْي ِه اْل َح ْول »‬
‫َيح َ‬
‫وجـه االستدالل باألثر ‪ :‬دل األثر على أن المال ال تجب فيه زكاة‬
‫(‪6‬‬
‫‪ ،‬فال تجب فيه‬ ‫حتى يحول عليه الحول ‪ ،‬والمستفاد لم يحل عليه الحول‬
‫الزكاة ‪ ،‬وهللا أعلم ‪.‬‬
‫والكالم هنا عام في جميع األموال إال ما استثني كالخارج من األرض‬
‫من حب وتمر ومعدن وركاز وعسل ‪.‬‬
‫أما الحب والتمر ‪ :‬فلقوله تعالى ‪ " :‬وآتوا حقه يوم حصاده " ‪ ،‬وايجاب‬
‫الحق يوم الحصاد ينافي اشتراط الحول ‪ ،‬وألن نماءه يتناهى بجعله في الجرين‬
‫فوجب أن تستقر الزكاة إذًا ‪ ،‬إذ الحكمة في اشتراط الحول تكامل النماء ‪ ،‬وهذا‬
‫قد تكامل نماؤه ‪ ،‬ولهذا قلنا ‪ :‬ال يشترط الحول في المعدن ‪.‬‬
‫وأما الركاز والعسل ‪ :‬فألن بوجودهما حصل النماء ‪ ،‬ويستثنى أيضًا ‪:‬‬
‫نتاج السائمة وربح التجارة ‪،‬‬

‫(‪ 1‬سنن البيهقي ج‪ -) 8289( 130 /9‬كتاب الزكاة – باب ال زكاة في مال حتى يحول عليه الحول ‪.‬‬
‫َن َال‬ ‫ِ َّ‬ ‫النِب ِي َّ‬ ‫اب َّ‬‫احد ِم ْن أَصح ِ‬‫(‪ )2‬سبق تخريجه ‪ /‬ص ‪ .65‬وَق ْد رِوي ع ْن َغي ِر و ِ‬
‫صلى هللا َعَل ْيه َو َسل َم أ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫زَكاة ِفي اْلمستَف ِاد حتَّى يحول عَلي ِه اْلحول‪ ،‬يروى َذلِك عن أَِبي ب ْكر‪ ،‬وعلِي‪ ،‬وابن عمر‪ ،‬وع ِائش َة‪ ،‬وبِهِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ ََ َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َْ‬ ‫ْ َ َ َ َ َ ْ َْ‬ ‫َ َ‬
‫اق‪ ( .‬شرح‬ ‫ح‬ ‫ِس‬ ‫إ‬‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫د‬ ‫م‬ ‫َح‬
‫أ‬
‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ي‬ ‫الش ِاف ِ‬
‫ع‬ ‫َّ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫ه‬‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ِ‬
‫يز‬ ‫ز‬‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫اهيم النَّخ ِعي‪ ،‬وعمر بن عب ِ‬
‫د‬ ‫طاء‪ ،‬وإِبر ِ‬ ‫ع‬
‫َ َْ َ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫َ َ ْ‬ ‫ْ‬
‫َ َ ْ َْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬ ‫ال َ‬
‫َق َ‬
‫السنة للبغوي ‪)24 /3‬‬
‫(‪ )6‬يراجع ‪ :‬البيان للعمراني ج‪. 155 /6‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫فإن حولهما حول أصلهما إن كان نصاباً ‪ ،‬وإال فمن كمال النصاب ؛‬
‫ألن الماشية تختلف وقت والدتها ‪ ،‬فإفراد كل واحدة بحول يؤدي إلى حرج‬
‫ومشقة ‪ ،‬وهما منتفيان شرعًا ‪ ،‬وربح التجارة في‬
‫معنى النتاج ؛ لعدم ضبط حولها (‪.)1‬‬
‫فإن قيل ‪ :‬الالم للعهد ‪ ،‬أي حول المال الذي كان معه ‪ ،‬أجيب ‪ :‬بل‬
‫للعهد العام الذي هو اثنا عشر شه ًار (‪.)2‬‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫يق َل ْم َيك ْن َيأْخذ‬‫‪ -2‬ما روي عن اْلَقاسم بن دمحم (رحمه هللا) « ِإ َّن أ ََبا َب ْكر الصد َ‬
‫ول َعَل ْي ِه اْل َح ْول»‬ ‫ِم ْن مال َزَك ً َّ‬
‫اة َحتى َيح َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫َعط َيات ِه ْم‪َ ،‬ي ْسأَل َّ‬‫ِ‬
‫الرج َل‪َ « :‬ه ْل‬ ‫اس أ ْ‬ ‫طى َّ‬
‫الن َ‬ ‫َع َ‬‫ان أَبو َب ْكر ِإ َذا أ ْ‬ ‫ال ‪َ :‬وَك َ‬ ‫َق َ‬
‫الزَكاة؟» َفِإ َذا َقال‪ :‬نعم‪« ،‬أَخ َذ ِمن ع َ ِ ِ‬ ‫يه َّ‬ ‫ِعندك ِمن مال وجبت عَليك ِف ِ‬
‫طائه َزَكاةَ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ ََْ‬ ‫َْ َ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ َ‬
‫اءه‪َ ،‬وَل ْم َيأْخ ْذ ِم ْنه َش ْيًئا»‬ ‫ال‪َ :‬ال‪« .‬أ َْسَل َم ِإَل ْي ِه َع َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(‪)6‬‬
‫طَ‬ ‫َذل َك اْل َمال»‪َ ،‬وِإ ْن َق َ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫ال‪ :‬ك ْنت ِإ َذا ِج ْئت ع ْث َم َ‬
‫ان‬ ‫يها أََّنه َق َ‬
‫ِ‬
‫ام َة‪َ ،‬ع ْن أَب َ‬ ‫‪ -6‬ما روي عن َعائ َش َة ب ْنت ق َد َ‬
‫ط ِائي‪،‬‬
‫ان أَ ْقِبض َع َ‬ ‫ْب َن َعَّف َ‬
‫ال‪َ :‬فِإ ْن قْلت‪:‬‬ ‫يه َّ‬‫سأََلِني‪« :‬هل ِعندك ِمن مال وجبت عَليك ِف ِ‬
‫الزَكاة؟» َق َ‬ ‫َ ْ َْ َ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫ط ِائي»‬ ‫ال»‪َ .‬وِإ ْن قْلت‪َ :‬ال‪َ « .‬دَف َع ِإَل َّي َع َ‬ ‫ط ِائي َزَكاةَ َذِل َك اْلم ِ‬
‫َ‬ ‫َخ َذ ِم ْن َع َ‬ ‫َن َع ْم‪« .‬أ َ‬
‫(‪.)9‬‬
‫وجه االستدالل باآلثار ‪:‬األثران صريحان في اشتراط حوالن الحول على‬
‫المال المستفاد خاصة ‪ ،‬وهـذا يخصص عموم األدلـة السابقة ؛ ألن العطايا نـوع‬
‫من المال المستفاد ‪ ،‬ولم يأخذ أبو بكر وعثمان (رضي هللا عنهما) منها زكاة‬
‫حتى يحول عليها الحول ‪ ،‬وهللا أعلم ‪.‬‬

‫(‪ )1‬شرح الزركشي ج‪. 914 /2‬‬


‫(‪ )2‬شرح الزركشي ج‪. 921 /2‬‬
‫(‪ )6‬سبق تخريجه ‪ /‬ص ‪.27‬‬
‫(‪ )9‬الموطأ لإلمام مالك ج‪-293 /1‬كتاب الزكاة – باب الزكاة في العين من الذهب والورق ‪.‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫ووجه أخذ أبي بكر وعثمان(رضي هللا عنهما) من األعطية ‪ :‬أن زكاة‬
‫العين كان يقبضها الخلفاء ‪ ،‬كما كانوا يقبضون زكاة الحبوب والماشية‬
‫ويعاملون الناس في أخذ ما وجب عليهم من الزكاة ‪ ،‬معاملة من له دين قد‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫وجب على من له عنده مال يقتطعه منه‬
‫واحتج بفعل أبي بكر (رضي هللا عنه ) في ذلك ‪ :‬ألنه كان الخليفة ‪،‬‬
‫وهو الذي كان يتولى أخذ الصدقات من مال الصحابة وأهل العلم ‪ ،‬ولم ينكر‬
‫أحد منهم فعله في ذلك ‪ ،‬مع اجتهاده في طلب‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫الصدقات وقتاله المانعين للزكاة ‪ ،‬فثبت أنه إجماع‬
‫ثالثًا ‪ :‬دليل القياس ‪ :‬استدلوا من القياس بثالثة أدلة ‪:‬‬
‫*األول ‪ :‬القياس على المستفاد من غير الجنس ؛ ألنه أصل في‬
‫نفسه تجب الزكاة في عينه ‪،‬‬
‫فوجب أال يعتبر حوله بغيره ‪ ،‬أصله إذا كانت الفائدة من غير جنس‬
‫ماله (‪.)6‬‬
‫** أجيب ‪:‬من وجهين ‪:‬‬
‫‪ -1‬بأن المستفاد بخالف الجنس ليس بتابع بل هو أصل في نفسه ‪ ،‬أال ترى‬
‫(‪)9‬‬
‫‪.‬‬ ‫أن األصل ال يزداد به وال يتكثر‬
‫‪ -2‬أنها لو كانت موجودة في أول الحول لم يضمها إلى ما عنده ‪ ،‬فكذلك إذا‬
‫وجدت في خالل الحول ‪ ،‬كما لو كانت الفائدة من غير السائمة (‪.)5‬‬
‫*الثاني ‪ :‬القياس على ما لو استفاده وال مال له غيره ؛ ألنه مال‬
‫ملكه بسبب منفرد فاعتبر له الحول ‪ ،‬أشبه ما لو استفاده وال مال له غيره (‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬االستذكار البن عبد البر ج‪. 169 /6‬‬


‫(‪ )2‬المنتقى للباجي ج‪. 42 /2‬‬
‫(‪ )6‬الحاوي الكبير للماوردي ج‪ ، 74 /6‬المغني البن قدامة ج‪ ، 934 /2‬الكافي البن قدامة ج‪. 679 /1‬‬
‫(‪ )9‬بدائع الصنائع للكاساني ج‪. 910 /2‬‬
‫(‪ )5‬المبسوط للسرخسي ج‪. 135 /2‬‬
‫(‪ )3‬المبدع البن مفلح ج‪. 606 /2‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫*الثالث ‪ :‬القياس على الجزية ؛ ألن الزكاة وجبت على المسلمين نعمة‬
‫وتطهي ًار ‪ ،‬والجزية على المشركين نقمة وصغا ًار ‪ ،‬فلما لم تجب الجزية إال‬
‫بالحول ‪ ،‬لم تجب الزكاة إال بالحول (‪.)1‬‬
‫رابعًا ‪ :‬عمل أهل المدينة ‪ :‬قال اإلمام مالك (رحمه هللا) ‪ ( :‬األمر‬
‫المجتمع عليه عندنا في إجارة‬
‫العبيد وخراجهم وكراء المساكين وكتابة المكاتب ‪ :‬أنه ال تجب في شيء‬
‫من ذلك الزكاة قل ذلك أو كثر حتى يحول عليه الحول من يوم يقبضه‬
‫صاحبه) (‪.)2‬‬
‫خامسًا ‪ :‬دليل المعقول ‪ :‬استدلوا من المعقول بثالثة أدلة ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬أن زكاة األموال وجبت لنمائها ‪ ،‬فاقتضى أن يكون زمان النماء‬
‫وهو الحول معتب ًار فيها(‪.)6‬‬
‫الثاني ‪ :‬ألن هذا النوع فائدة غير متولدة مما عنده تجب الزكاة في‬
‫عينها ‪ ،‬فوجب أن يكون حولها معتب اًر بنفسها ‪ ،‬أصله ‪ :‬ما وافق عليه أبو‬
‫حنيفة فيمن معه مائتا درهم قد أخرج زكاتها ‪ ،‬وأربعون من الغنم قد بقي شهر‬
‫من حولها ‪ ،‬فاشترى بالمائتين إحدى وثمانين شاة ‪ ،‬قال أبو حنيفة (رحمه هللا)‬
‫ال يجب أن يزكيها بحول األربعين ‪ ،‬ويستأنف لها الحول من يوم ملكها ؛ ألنه‬
‫قد زكى أصلها وهو المائتان ‪ ،‬ولو لم يزك أصلها ضمها ‪ ،‬وهذا حجة عليه‬
‫مقنعة ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬أن في ضم المال المستفاد من غير النتاج ما يؤدي إلى‬
‫مخالفة أصول الزكوات ؛ ألنها تجب في الحول مرة ‪ ،‬وذلك يؤدي إلى إيجابها‬
‫في الحول م ار ًار ‪ ،‬وهذا مناف ألصول الزكوات المقدرة على إيجابها في كل‬
‫حول مرة (‪.)9‬‬

‫الحاوي الكبير للماوردي ج‪. 74 /6‬‬ ‫(‪)1‬‬


‫ق‬
‫الموطأ لإلمام مالك ج‪ – 298 /1‬كتاب الزكاة – باب الزكاة في العين من الذهب والور ‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫المرجع السابق ‪.‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫الحاوي الكبير للماوردي ج‪. 113 /6‬‬ ‫(‪)9‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫دليل المالكية على وجوب ضم الفائدة في الماشية إلى األصل ‪:‬‬


‫أوالً ‪ :‬دليل القياس ‪ :‬استدلوا من القياس بدليلين ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬القياس على النتاج ؛ ألنها فائدة من حيوان تجب في عينه‬
‫الزكاة ‪ ،‬فجائز أن يضم إلى ما تقدم من ملكه من جنسها ‪ ،‬أصله النتاج ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬القياس على الخلطة ؛ ألنها زيادة في نوع من الحيوان يثبت‬
‫بها حكم الملك الواحد ‪ ،‬فجاز‬
‫أن يتنوع حكمها إلى تخفيف وتثقيل ‪ ،‬أصله الخلطة ‪.‬‬
‫ثانيًا ‪ :‬دليل المعقول ‪ :‬أن في ذلك لطفًا ألرباب األموال والفقراء ؛ ألنه‬
‫إذا كان عنده أقل من نصاب لم يضم الفائدة إليه ‪ ،‬فكان في ذلك رفقاً ألرباب‬
‫األموال ‪ ،‬فوجب أن ينظر إلى الفقراء بإزائه ‪ ،‬فيضمها إليه إذا كان نصابًا ؛‬
‫ألن الساعي ال يجيء في الحول إال مرة ‪ ،‬فلو لم يزكها مع األصل‬
‫لبقيت نحو الحولين غير مزكاة ‪ ،‬وفي ذلك إضرار بالفقراء (‪.)1‬‬
‫والفرق بين الماشية وغيرها عندهم ‪:‬‬
‫أن الماشية موكولة إلى الساعي فلو لم تضم فائدتها لزم خروج الساعي‬
‫أكثر من مرة في السنة وهو مشقة ‪ ،‬والعين موكولة إلى أمانة أربابها ‪ ،‬فال‬
‫مشقة عليهم في تكرر اإلخراج ‪.‬‬
‫واعترضه اللخمي (رحمه هللا) ‪ :‬بأن هذا الحكم جار فيمن ال سعاة لهم‬
‫أيضاً ‪.‬‬
‫وأجاب أبو إسحاق (رحمه هللا) ‪ :‬بأنه لما كان الغالب أنها لها ساع حمل‬
‫النادر على الغالب طرداً للباب على وتيرة واحدة(‪. )2‬‬
‫وقيل ‪ :‬حكم من ال سعاة لهم أن تبقى كل فائدة على حولها كالعين(‪. )6‬‬
‫(‪)9‬‬
‫أجاب أبوعبيد عن تفريقهم بقوله ‪ ( :‬وال نعلم أحداً فرق بين هذين قبله )‬

‫(‪ )1‬اإلشراف على نكت مسائل الخالف للقاضي عبد الوهاب ج‪. 672 – 671 /1‬‬
‫(‪ )2‬شرح الخرشي على مختصر خليل ج‪ ، 194 – 197 /2‬منح الجليل على مختصر خليل لمحمد‬
‫عليش ج‪ /2‬ص‪. 5‬‬
‫(‪ )6‬شرح الخرشي على مختصر خليل ج‪. 194 /2‬‬
‫(‪ )9‬األموال ألبي عبيد ‪. 508 /‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫دليل الشافعية على ضم المستفاد لألصل في النصاب دون الحول ‪:‬‬


‫أن الضم في الحول إما ألنه متولد من ماله فيتبعه في الحول ؛ ألنه‬
‫مِلك بملك األصل وتولد منه فيتبعه كالسخال المتولدة في أثناء الحول ‪ ،‬وإما‬
‫ألنه متفرع عنه كربح مال التجارة ‪ ،‬والمستفاد بملك جديد ليس مملوكًا بالسبب‬
‫الذي ملك به ما عنده وال تفرع عنه ‪ ،‬فهو أصل بنفسه تجب الزكاة في عينه‬
‫فيفرد بالحول ‪ ،‬كالمستفاد من غير الجنس ‪.‬‬
‫بخالف الضم في النصاب ؛ ألن مقصود النصاب أن يبلغ المال حداً‬
‫يحتمل المواساة ‪ ،‬وهو بكثرة المال ‪ ،‬بخالف الحول فإن مقصوده الرفق‬
‫بالمالك(‪.)1‬‬
‫والدليل على وجوب ربع مسنة في المثال السابق ‪ :‬أنها خالطت‬
‫العشر ربعها (‪.)2‬‬
‫الثالثين في جميع حولها وواجب األربعين مسنة وحصة َ‬
‫ثانيًا ‪ :‬أدلــة الـرأي الثاني ‪ :‬استدلوا بأدلة من السنة والقياس والمعقول ‪:‬‬
‫أو ًال ‪ :‬دليل السنـة ‪:‬‬
‫‪ -1‬عمومات الزكاة تقتضي الوجوب مطلقاً عن شرط الحول إال ما خص بدليل‬
‫ومنها ‪:‬‬
‫ّللا َع ْنه‪َ ،‬كتَ َب‬
‫ضي َّ‬ ‫َن أَبا بكر ر ِ‬ ‫ما روي عن أنس (رضي هللا عنه)‪ :‬أ َّ‬
‫َ َْ َ َ‬
‫ِِ‬ ‫الرحم ِن َّ ِ‬ ‫الكتاب َل َّما و َّجهه ِإَلى البحري ِن‪ِ :‬بس ِم َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫يضة‬ ‫الرحي ِم َهـذه َف ِر َ‬ ‫ّللا َّ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َْْ‬ ‫َ َ‬ ‫َله َه َذا َ َ‬
‫َم َر‬ ‫َِّ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫ّللاِ َّ‬ ‫َّ ِ َِّ‬
‫ين‪َ ،‬والتي أ َ‬ ‫صلى هللا َعَل ْيه َو َسل َم َعَلى الم ْسلم َ‬ ‫ض َرسـول َّ َ‬ ‫الص َدَقـة التي َف َر َ‬
‫ون َها ِم َن‬ ‫ين ِم َن ِ‬
‫اإلِب ِل‪َ ،‬ف َما د َ‬
‫ِ‬
‫ّللا ِب َها َرسوَلـه ‪،‬إلى أن قال ‪ « :‬في أ َْرَبع َو ِع ْش ِر َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬
‫يها‬
‫ين‪َ ،‬فف َ‬ ‫ين ِإَلى َخمـْس َوثَالَث َ‬ ‫الغ َن ِم م ْن ك ِل َخ ْمس َشاة ِإ َذا َبَل َغ ْت َخ ْم ًسا َو ِع ْش ِر َ‬
‫ِب ْنت َم َخاض أ ْنثَى »(‪. )6‬‬

‫(‪ )1‬يراجع ‪ :‬المجموع للنووي ج‪ ، 638 / 5‬أسنى المطالب لزكريا األنصاري ج‪ ، 656 /2‬فتح الوهاب‬
‫لزكريا األنصاري ج‪ ،126 /1‬حاشية البجيرمي على شرح منهج الطالب ج‪. 16 /2‬‬
‫(‪ )2‬أسنى المطالب لزكريا األنصاري ج‪. 656 /1‬‬
‫(‪ )6‬أخرجه البخاري في صحيحه ج‪ - ) 1959 ( – 675 /1‬كتاب الزكاة – باب زكاة الغنم ‪.‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫َو َسَّل َم أوجب في‬ ‫صَّلى هللا َعَل ْي ِه‬


‫وجـه االسـتدالل بالحديث ‪ :‬أن النبي َ‬
‫فإذا زادت واحدة‬ ‫خمس وعشرين من اإلبل بنت مخاض إلى خمس ثالثين ‪،‬‬
‫ففيها بنت لبون ‪ ،‬من غير فصل بين الزيادة في أول الحول أو في أثنائه (‪.)1‬‬
‫‪ -2‬ما روي عن جابر (رضي هللا عنه) عن النبي (صلى هللا عليه وسلم) أنه‬
‫قال ‪ " :‬اعلموا من السنة شه اًر تؤدون فيه زكاة أموالكم فما حـدث بعـد ذلك‬
‫من مال فال زكاة فيه حتى يجيء رأس السنة " (‪.)2‬‬
‫وجـه االسـتدالل بهذا الحـديث ‪ :‬الحديث يقتضي أن عند مجيء رأس‬
‫السنة تجب الزكاة في الحادث كما تجب في األصل ‪ ،‬وأن وقت الوجوب فيهما‬
‫(‪)6‬‬
‫‪.‬‬ ‫واحد‬
‫وهذا الحديث راجح على حديث "ال زكاة في مال حتى يحول عليه‬
‫(‪)9‬‬
‫؛ ألنه عام والحديث الذي معنا خاص في المستفاد ‪ ،‬أو يحمل‬ ‫الحول "‬
‫(‪)5‬‬
‫‪.‬‬
‫ال بالحديثين‬
‫اآلخر على غير المجانس لألصل عم ً‬
‫مناقشــة االستدالل بهـذا الحـديث ‪ :‬أنهم ذكروا أنه في سنن الترمذي ‪،‬‬
‫وقال العيني (رحمه هللا) في ذلك ‪ ( :‬ولم أره في الترمذي ‪ ،‬والعجب من هؤالء‬
‫يستدلون بحديث فيما يتعلق بالمذهب وال يذكرون غالبًا من رواه من الصحابة ‪،‬‬
‫وال يكشفون حاله وال من أخرجه مع دعاوى بعضهم علم الحديث ) (‪. )3‬‬

‫(‪ )1‬البحر الرائق البن نجيم ج‪. 264 /2‬‬


‫(‪ )2‬بحثت عنه في كتب الحديث وعلومه فلم أجده ‪ ،‬وقيل موقوف على عثمان ‪ ،‬و قال سبط ابن الجوزي‬
‫‪ :‬رواه الترمذي بمعناه ‪( .‬البناية للعيني ج‪ ،) 653 /6‬ولم أجده ‪.‬‬
‫(‪ )6‬المبسوط للسرخسي ج‪ ، 139 /2‬االختيار البن مودود ج‪. 164 /1‬‬
‫(‪ )9‬سبق تخريجه ‪ /‬ص ‪. 13‬‬
‫(‪ )5‬االختيار البن مودود ج‪. 164 /1‬‬
‫(‪ )3‬البناية للعيني ج‪. 653 / 6‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫ثانيًا ‪ :‬دليل القياس ‪ :‬استدلوا من القياس بدليلين ‪:‬‬


‫األول ‪ :‬القياس على المستخرج من المعادن ؛ ألن كل مال ال يعتبر‬
‫فيه كمال النصاب إليجاب حق هللا عزوجل ال يعتبر فيه الحول ‪ ،‬كالمستخرج‬
‫من المعادن (‪.)1‬‬
‫الثاني ‪ :‬القياس على األوالد واألرباح ؛ ألن المستفاد من جنس األصل‬
‫تبع له ؛ ألنه زيادة عليه ‪ ،‬إذ األصل يزداد ويتكثر به ‪ ،‬والزيادة تبع للمزيد‬
‫ال ‪،‬‬
‫عليه ‪ ،‬والتبع ال يفرد بالشرط كما ال يفرد بالسبب ؛ لئال ينقلب التبع أص ً‬
‫فتجب الزكاة فيها بحول األصل كاألوالد واألرباح ‪ ،‬بخالف المستفاد من غير‬
‫جنسه ؛ ألنه ليس بتابع بل هو أصل بنفسه ‪ ،‬أال ترى أن األصل ال يزداد به‬
‫وال يتكثر (‪.)2‬‬
‫مناقشة استداللهم بهذا القياس ‪ :‬أن األرباح والنتاج ‪ :‬إنما ضمت إلى‬
‫أصلها ؛ ألنها تبع له ‪ ،‬ومتولدة منه ‪ ،‬ولم يوجد ذلك في مسألتنا ‪.‬‬
‫وإن سلمنا َّ‬
‫أن علة ضمها هو الحرج فال يوجد ذلك في مسألتنا ؛ ألن‬
‫األرباح تكثر وتتكرر في األيام والساعات ‪ ،‬ويعسر ضبطها ‪ ،‬وكذلك النتاج ‪،‬‬
‫وقـد يوجد وال يشعر به ‪ ،‬فالمشقـة فيه أتم ؛ لكثرة تكرره ‪ ،‬بخالف هذه األسباب‬
‫المستقلة ‪ ،‬فإن الميراث واالغتنام واالتهاب ونحو ذلك يندر وال يتكرر ‪،‬‬
‫فال يشق ذلك فيه ‪ ،‬وإن شق فهو دون المشقة في األرباح والنتاج ‪ ،‬فيمتنع‬
‫قياسه عليه ‪ ،‬كما أنها ال تشبه هذه األموال الزروع والثمار ؛ ألنها تتكامل‬
‫ثمارها دفعة واحدة ؛ ولهذا ال تتكرر الزكاة فيها ‪ ،‬وهذه نماؤها بنقلها فاحتاجت‬
‫إلى الحول(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬المبسوط للسرخسي ج‪. 135 /2‬‬


‫(‪ )2‬بدائع الصنائع للكاساني ج‪. 910 /2‬‬
‫(‪ )6‬المغني البن قدامة ج‪. 934 /2‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫ثالثًا ‪ :‬دليل المعقول ‪:‬استدلوا من المعقول بدليلين ‪:‬‬


‫األول ‪ :‬أن المستفاد مما يكثر وجوده وال يمكن مراعاة الحول عند كل‬
‫مستفاد إال بعد ضبط أحوال ذلك في الكمية والكيفية والزمان ‪ ،‬وفي ضبط هذه‬
‫الجملة عند الكثرة حرجًا خصوصًا إذا كان النصاب دراهم وهو صاحب غلة‬
‫يستفيد كل يوم درهماً أو درهمين أو غير ذلك(‪ ، )1‬وأيضاً عند‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫المجانسة يتعسر التمييز وما شرع الحول إال للتيسير‬
‫‪-2‬أن الضم في خالل الحول يكون بنفس العلة التي يضم بها في ابتداء‬
‫الحول ‪ ،‬فضم بعض المال إلى البعض في ابتداء الحول باعتبار المجانسة‬
‫دون التوالد فكذلك في خالل الحول ‪ ،‬ولو كان هذا مما يسري بعلة التوالد لكان‬
‫األولى أن يسري إلى الحادث بعد الحول ؛ لتقرر الزكاة في األصل ‪.‬‬
‫ثم إن ما بعد النصاب األول بناء على النصاب األول وتبع له حتى‬
‫يسقط اشتراط النصاب فيه ‪ ،‬فكذلك يسقط اعتبار الحول فيه ‪ ،‬ويجعل حؤول‬
‫(‪)6‬‬
‫‪.‬‬
‫ال على التبع‬
‫الحول على األصل حؤو ً‬
‫دليل اإلمام أبي حنيفـة (رحمه هللا) ‪ :‬على عـدم ضم أثمان الماشيـة‬
‫المزكاة إلى ما عنده ‪:‬‬
‫استدل بأدلة من السنة والمعقول ‪:‬‬
‫صَّلى َّ‬
‫ّللا‬ ‫أو ًال ‪ :‬دليل السنة ‪َ :‬ع ْن أنس (رضي هللا عنه) أ َّ ِ‬
‫َن ا َّلنب َّي َ‬
‫الص َدَق ِة"(‪. )9‬‬
‫ال‪ " :‬ال ِث َنى ِفي َّ‬ ‫ِ َّ‬
‫َعَل ْيه َو َسل َم‪َ ،‬ق َ‬

‫(‪ )1‬البناية للعيني ج‪. 655 /6‬‬


‫(‪ )2‬البحر الرائق البن نجيم ج‪. 264 /2‬‬
‫(‪ )6‬المبسوط للسرخسي ج‪. 135 /2‬‬
‫(‪ )9‬كنز العمال في سنن األقوال واألفعال لعالء الدين علي بن حسام الدين ابن قاضي خان القادري‬
‫الشهير بالمتقي الهـندي ( ت‪485‬هـ)ج‪ - )15402(-662 /3‬المحقق‪ :‬بكري حياني ‪ -‬صفوة السقا‬
‫‪ -‬الطبعة الخامسة ‪1901-‬هـ‪1471/‬م ‪ -‬مؤسسة الرسالة ‪ ،‬وروي عن حسن عن أمه فاطمة (رضي‬
‫هللا عنها) ‪ " :‬ال ثنيا في الصدقة " نصب الراية ج‪. 995 /6‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫وجه االستدالل بالحديث ‪ :‬أن في الضم تحقيق الثني في الصدقة ؛ ألن‬


‫ِ‬
‫الث َنى ‪ :‬إيجاب الزكاة مرتين على مالك واحد في مال واحد في حول واحد ‪،‬‬
‫وهو منفي بالحديث(‪. )1‬‬
‫ثانيًا ‪ :‬دليل المعقول ‪:‬‬
‫أن وجوب الزكاة باعتبار صفة المالية ‪ ،‬وإنما تبقى بالثمن المالية التي‬
‫كانت له بملك األصل ‪ ،‬إال أن يتجـدد له ملك الماليـة ‪ ،‬وإنما يتجـدد له بالبيع‬
‫ملك العين ‪ ،‬والعين بدون صفة المالية ال زكاة فيها (‪.)2‬‬
‫دليل الصاحبين ‪ :‬استدال من المعقول ‪ :‬بأن الضم لعلة المجانسة ‪،‬‬
‫وهي موجودة في ثمن اإلبل السائمة ‪ ،‬وأداء الصدقة عن أصله ال يمنع ضم‬
‫الثمن إلى ما عنده ‪ ،‬كمن َّأدى صدقة الفطر عن عبد الخدمة ثم باعه بدراهم‬
‫أو أدى عشر الطعام عن الخارج من أرضه ثم باعه بدراهم ‪ ،‬أو جعل السائمة‬
‫(‪)6‬‬
‫‪.‬‬ ‫علوفة بعد أداء الزكاة عنها ثم باعها بدراهم‬
‫الرد على الصاحبين ‪:‬‬
‫أن زيادة الزكاة باعتبار زيادة الغنى ‪ ،‬ولم يستفد ذلك بالبيع ؛ ألنه كان‬
‫غنيًا بأصل هذا المال حقيقة وشرعًا ‪ ،‬بخالف المستفاد بهبة أو وراثة فقد‬
‫استفاد به زيادة الغنى ‪ ،‬وبخالف صدقة الفطر عن عبد الخدمة ‪ ،‬فالماليـة غير‬
‫معتبرة فيه حتى تجب عن الحر والعبد المستغرق انتقص َّ‬
‫بالدين وإن كانت‬
‫مالية مستحقة بخالف الزكاة ‪ ،‬وال معتبر للحول فيه حتى لو ملك عبدًا ليلة‬
‫الفطر أدى عنه صدقة الفطر ‪.‬‬
‫والعشر كذلك ال معتبر بالحول فيه ووجوبه ليس باعتبار المالية بل هو‬
‫مؤنة األرض النامية ‪ ،‬ثم هو لم يكن غني ًا بما عنده من الطعام حتى إذا بقي‬
‫أحواالً ال شيء فيه ‪ ،‬فالبيع أفاده الغنى شرعاً ‪.‬‬

‫(‪ )1‬البحر الرائق البن نجيم ج‪. 290 /2‬‬


‫(‪ )2‬المبسوط للسرخسي ج‪. 138 /2‬‬
‫(‪ )6‬المرجع السابق ‪.‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫وكذلك السائمة إذا جعلها علوفة فقد خرج من أن يكون غنيًا بها شرعًا ‪،‬‬
‫فبالبيع استفاد صفة الغنى ‪ ،‬فهو والمستفاد بالهبة سواء بخالف ما نحن فيه‬
‫(‪.)1‬‬
‫ثالثًا ‪ :‬أدلــة الرأي الثالث ‪:‬‬
‫الرج ِل َي ْستَِفيد‬‫‪ -1‬ما روي َع ْن ِع ْك ِرمـَ َة‪َ ،‬ع ِن ْاب ِن َعبَّاس (رضي هللا عنه) ِفي َّ‬
‫(‪)2‬‬
‫ين َي ْستَِفيده»‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ال‪ « :‬ي َزكيـه ح َ‬ ‫َم ًاال َق َ‬
‫‪ -2‬ما روي عن هبيرة بن يريم (رحمه هلل) قال ‪ ( :‬كان عبد هللا يعطينا‬
‫ِ ِ‬
‫ص َدَق َة أ ْعط َيات ِه ْم َقْب َل أ ْ‬
‫َن َي ْدَف َع َها‬ ‫ان َيأْخذ َ‬ ‫العطاء‪...‬إلى أن قال ‪َ :‬وَك َ‬
‫(‪)6‬‬
‫ِإَل ْي ِه ْم )‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال‪ « :‬أََّول‬ ‫‪ -6‬ما روي عن َمالك (رحمه هللا) َع ِن ْاب ِن ش َهاب (رحمه هللا ) َق َ‬
‫(‪)9‬‬
‫اة م َع ِاوَية »‬ ‫َع ِط َي ِة َّ‬
‫الزَك َ‬
‫من أ ِ‬
‫َخ َذ م َن ْاأل ْ‬
‫َْ َ‬
‫قال ابن عبد البر(رحمه هللا)‪( :‬يريد أخذ زكاتها نفسها منها ال أنه أخذ‬
‫(‪) 5‬‬
‫منها عن غيرها مما حال عليه الحول)‬
‫وجه االستدالل بهذه اآلثار ‪ :‬هـذه اآلثار المروية عن غير واحـد من‬
‫الصحابة تـدل على عملهم وقولهم بوجوب تزكية هذا النوع من المال المستفاد‬
‫فور استفادته دون انتظار لحوالن الحول ‪ ،‬وهللا أعلم ‪.‬‬
‫مناقشة أدلة الرأي الثالث ‪:‬‬
‫أوالً ‪ :‬مناقشة االستدالل بقول ابن عباس (يزكيه حين يستفيده)‬
‫قال أبو عبيد (رحمه هللا) قد تأول الناس أن ابن عباس أراد الذهب‬
‫والفضه ‪ ،‬وال أحسبه أراد ذلك ‪ ،‬وكان عندي أفقه من أن يقول هذا ؛ ألنه خارج‬

‫(‪ )1‬المبسوط للسرخسي ج‪. 138 /2‬‬


‫(‪ )2‬سبق تخريجه ‪ /‬ص‪. 50‬‬
‫(‪ )6‬سبق تخريجه ‪ /‬ص‪. 50‬‬
‫(‪ )9‬معرفة السنن واآلثار ج‪ -)7056( -85 / 3‬باب الوقت الذي تجب فيه الصدقة ‪.‬‬
‫(‪ )5‬شرح الزرقاني على الموطأ ج‪. 196 /2‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫من قول األمة ‪ ،‬ولكني أراه أراد زكاة ما تخرج األرض ‪ ،‬فإن أهل المدينة‬
‫ال يجب فيه الصدقة حين يملكه‬ ‫يسمون األرضين أمواالً ‪ ،‬وال نعلم في السنة ما ً‬
‫ربه سوى ما تخرج األرض ‪ ،‬فإن لم يكن ابن عباس (رحمه هللا) أراد هذا ‪ ،‬فال‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫أدري ما وجه حديثه‬
‫ثانيًا ‪ :‬مناقشة استداللهم بأثر عبد هللا بن مسعود ‪:‬‬
‫قال أبو عبيد (رحمه هللا) وإنما وجه حديث عبد هللا عندي على مذهب‬
‫حديث أبي بكر وعثمان ‪:‬‬
‫أنهما إنما كانا يأخذان الزكاة لما قد وجب قبل العطاء ال لما يستقبل ‪،‬‬
‫ول َعَل ْي ِه‬ ‫ِ ِ َّ‬
‫يبين ذلك قوله في حديث آخر " َم ِن ْ‬
‫استََف َاد َم ًاال َف َال َزَكاةَ فيه َحتى َيح َ‬
‫اْل َح ْول" ‪ ،‬وكذلك حديث يروى عن طارق بن شهاب‪َ ( :2‬ك َان ْت أ ْع ِط َيات َنا تَ ْخرج‬
‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫يها ) ‪ ،‬فهذا يبين لك أن الزكاة لم‬ ‫في َزَم ِن ع َم َر َل ْم ت َزكَّ‪َ ،‬حتى كَّنا َن ْحن ن َزك َ‬
‫تكن تؤخذ من العطايا إال لما كان عندهم ‪ ،‬ولو كان للعطاء ألخذ منه الزكاة ‪.‬‬
‫وقوله (حتى كنا نحن نزكيها) ‪ :‬فقد يحتمل أن يكون أراد إنا نخبرهم بما‬
‫يجب علينا نحن من الزكاة ‪ ،‬فقد تواترت اآلثار عن ِعلية أصحاب رسول هللا‬
‫(صلى هللا عليه وسلم) بهذا ‪ ،‬ولم يذكروا ما يضاف إلى المال أنه يزكى معه ‪،‬‬
‫ولو أرادوا هذه المنزلة لدفعوا إليهم العطاء حتى يصير مضافاً إلى ما عندهم ‪،‬‬
‫ثم يأخذوا الزكاة من المالين جميعاً (‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬األموال ألبي عبيد ‪. 508 /‬‬


‫(‪ )1‬طارق بن شهاب البجلي األحمسي أبو عبد هللا أدرك الجاهلية رأى النبي صلى هللا عليه وسلم وغ از في‬
‫خالفة أبي بكر رضي هللا عنه ‪ ،‬روى عنه قيس بن مسلم ومخارق بن عبد هللا وإسماعيل بن أبي‬
‫خالد وسليمان بن ميسرة و غيرهم ‪ ،‬قال ابن معين قال طارق بن شهاب ثقة‪ (.‬الجرح والتعديل ألب‬
‫دمحم عبد الرحمن بن دمحم بن إدريس بن المنذر التميمي ابن أبي حاتم (ت‪628 :‬هـ) ج‪- 975 /9‬‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪ 1281 -‬هـ ‪ 1452‬م ‪ -‬طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية ‪ -‬بحيدر آباد الدكن‬
‫– الهند ‪ -‬دار إحياء التراث العربي – بيروت)‬
‫(‪ )6‬األموال ألبي عبيد القاسم بن سالم ‪. 505 -509 /‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫يقوي ذلك أن من نسب إليهم القول بعدم اشتراط الحول ‪ ،‬منهم من روي‬
‫عنه القول باشتراط الحول ‪ ،‬فقد روي عن ابن مسعود قوله ‪ ( :‬من استفاد ماالً‬
‫فال زكاة فيه حتى يحول عليه الحول )‬
‫ومثل ذلك عمر بن عبد العزيز قال ‪ ( :‬ال تأخذوا من أرباح التجار شيئاً‬
‫حتى يحول عليها الحول )‬
‫قال أبو عبيد ‪ :‬أَفَلست ترى أن عمر استأنف بالربح حو ً‬
‫ال ولم يضمه إلى‬
‫أصل المال ثم يزكيه معًا ؟ فإذا كان ال يرى أن يضم نماء المال إليه وهو منه‪،‬‬
‫فالفائدة من ذلك أبعد (‪.)1‬‬
‫ثالثًا ‪:‬مناقشة االستدالل بفعل معاوية ‪ :‬أن السبب في أخذ معاوية أنها‬
‫كانت لهم فبل دفعها إليهم ‪ ،‬فجرت عنده مجرى األموال المشتركة يجري فيها‬
‫الحول في حال اشتراكها ‪ ،‬أما أبو بكر وعمر‬
‫وعثمان فلم يكونوا يأخذوا منها الزكاة ؛ ألنها لم يتحقق ملك من أعطيها‬
‫لها إال بعـد اإلعطاء‬
‫والقبض ؛ ألن لإلمام أن يصرفها إلى غيرهم إذا أداه اجتهاده إلى ذلك ‪،‬‬
‫فوجب أن يراعى الحول فيها من وقت قبضهم لها وصحة ملكهم إياها (‪.)2‬‬
‫قال ابن عبد البر(رحمه هللا) ‪ ( :‬وال أعلم أحداً من الفقهاء قال بقول‬
‫معاوية ) ‪.‬‬
‫رابعاً ‪ :‬مناقشة قول األوزاعي (رحمه هللا) ‪ :‬بأن هذا قول ضعيف‬
‫متناقض ؛ ألنه إن كان يلزمه في ثمن الدار والعبد الزكاة ساعة حصل بيده ‪،‬‬
‫فكيف يجوز تأخيره ذلك إلى شهره المعلوم ‪ ،‬وإن كان ال تجب الزكاة في ثمن‬
‫الدار والعبد إال بعد استتمام حول كامل من يوم قبضه ‪ ،‬فكيف يزكى‬
‫ما ال يجب عليه فيه زكاة في ذلك الوقت (‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬المرجع السابق ‪. 510 – 504 /‬‬


‫(‪ )2‬المنتقى للباجي ج‪. 45 /2‬‬
‫(‪ )6‬االستذكار البن عبد البر ج‪. 165 /6‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫الترجيــح‬
‫بعد عرض آراء الفقهاء وأدلتهم ومناقشتها ‪ ،‬ترى الباحثة ‪ :‬أن الراجح –‬
‫وهللا تعالى أعلم – هو الرأي األول ‪ :‬أن المال المستفاد من جنس األصل لكنه‬
‫ليس متفرعًا عنه وال حاصالً بسببه ‪ ،‬ولكن بسبب مستقل ال تجب فيه الزكاة‬
‫حتى يحول عليه الحول وال يضم لألصل ‪ ،‬وذلك لآلتي ‪:‬‬
‫‪ -1‬قوة أدلتهم وردهم على مناقشات المعارضين ردًا قويًا ‪.‬‬
‫‪ -2‬ردهم على أدلة المعارضين رداً قوياً وتفنيدها ‪.‬‬
‫‪ -6‬أن الحديث الذي استدلوا به وإن البعض قد ضعف سنده فقد صححه‬
‫غيرهم ‪ ،‬وكثرة اآلثار عن الصحابة تقويه ‪ ،‬وهو حديث عام في كل‬
‫األموال إال ما استثني بدليل ‪ ،‬ولم يرد ما يدل على استثناء هذا النوع من‬
‫المال المستفاد ‪ ،‬فيبقى على حكم العموم ‪.‬‬
‫‪ -9‬أن القول بتزكية المال فور استفادته لم يقل به إال صحابيين فقط ‪ ،‬هما‬
‫ابن عباس وابن مسعود ‪ ،‬وقد َّأول الباجي فعل معاوية ‪ ،‬وأول أبو عبيد ما‬
‫روي عن ابن عباس ‪ ،‬فال حجة فيه لهم ‪.‬‬
‫‪ -5‬أن من روي عنه القول بتزكيته فور استفادته روي عنهم روايات‬
‫مختلفة ‪ ،‬بعضها باشتراط الحول وبعضها بعدمه ‪ ،‬مما جعل بعض العلماء‬
‫يعتبر رأي الجمهور إجماعاً أو شبه إجماع ‪ ،‬ومن ذلك ‪:‬‬
‫قول ابن عبد البر ‪ ( :‬وال أعلم من وافقه إال ابن عباس ‪ ...‬وهذا شذوذ‬
‫(‪)1‬‬
‫لم يعرج عليه أحد من العلماء وال قال به أحد من أئمة الفتوى )‬
‫وقول الباجي ‪( :‬واحتج بفعل أبي بكر (رضي هللا عنه ) في ذلك ‪ :‬ألنه‬
‫كان الخليفة ‪ ،‬وهو الذي كان يتولى أخذ الصدقات من مال الصحابة وأهل‬

‫(‪ )1‬المغني البن قدامة ج‪. 427 /1‬‬


‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫العلم ‪ ،‬ولم ينكر أحد منهم فعله في ذلك ‪ ،‬مع اجتهاده في طلب الصدقات‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫وقتاله المانعين للزكاة ‪ ،‬فثبت أنه إجماع)‬
‫‪ -3‬أما تفريق المالكية بين الماشية ويرها وكذلك تفريق أبي حنيفة بين ما كان‬
‫عوضًا عن مال مزكى وغيره ‪ ،‬وتفريق الشافعية بين الضم في الحول‬
‫والضم في النصاب ‪ :‬فلم يقل به أحد قبلهم ولم يرد في كتاب وال سنة ‪.‬‬
‫وقد ردها ابن حزم (رحمه هللا )بأنها تقاسيم فاسدة متناقضة ال دليل على‬
‫صحة شيء منها ‪ ،‬ال من قرأن وال من سنة صحيحة ‪ ،‬وال من رواية سقيمة ‪،‬‬
‫وال من إجماع وال من قياس ‪ ،‬وال من رأي له وجه (‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬المنتقى للباجي ج‪. 42 /2‬‬


‫(‪ )2‬المحلى البن حزم ج‪. 143 /9‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫المبحـث الرابع‬
‫التطبيقات المعاصرة للمال المستفاد وكيفية زكاتها‬
‫سبق ذكر أن الحياة المعاصرة قد كشفت عن أوضاع مالية‬
‫واقتصادية جديدة ال نجد في التراث الفقهي ما يعطي أجوبة مناسبة لما تطرحه‬
‫من أسئلة ‪ ،‬وال تضع حلوالً ناجعة لما يترتب عليها من مشكالت ‪ ،‬وخاصة في‬
‫موضوع الزكاة ‪.‬‬
‫ال طائلة يتم اكتسابها بطرق جديدة ‪ ،‬وهي‬
‫فإن هناك أمو ار تجددت وأموا ً‬
‫أموال طيبة ينبغي أن تؤدى زكاتها ‪ ،‬إال أنه ال يوجد ما يدل صراحة على‬
‫كيفية تزكيتها ‪ ،‬ومنها الرواتب واألجور وكسب المهن الحرة ‪ ،‬والكالم فيها في‬
‫مطلبين ‪:‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬التكييف الفقهي للرواتب وغيرها من صور كسب العمل ‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬كيفيـة تزكيـة الرواتب وغيرها من صوركسب العمل ‪.‬‬
‫المطلب األول‬
‫التكييف الفقهي لألجـور والرواتب وغيرها‬
‫من صـور كسب العمل‬
‫لم يتكلم الفقهاء القدامى عن حكم زكاة رواتب الموظفين وكسب أصحاب‬
‫المهن الحرة تصريحًا ‪ ،‬ولعل السبب في ذلك ‪ :‬أنها لم تكن تأخذ الشكل‬
‫المعروف حالياً ‪ ،‬أو لم تكن تصل إلى حد النصاب ‪ ،‬فلم يكن من الضروري‬
‫ال آخر في زماننا وأصبح‬
‫تناولها بالبحث والدراسة ‪ ،‬أما وإنها قـد أخذت شك ً‬
‫راتب الموظف أو غيره من أصحاب المهن الحرة أضعاف النصاب في بعض‬
‫األحيان ‪ ،‬فكان البد من بحث هذه المسألة ودراستها ‪ ،‬لذا فقد لجأ الفقهاء‬
‫المحدثين إلى التخريج الفقهي لهذه المسألة من كتب الفقهاء القدامى ‪ ،‬واختلفوا‬
‫في ذلك على رأيين ‪:‬‬
‫الرأي األول ‪ :‬يرى أصحاب هذا الرأي أن التكييف الفقهي المناسب‬
‫لكسب العمل والمهن الحرة هو ‪ :‬أن يعتبر هذا الكسب ماالً مستفادًا ‪ ،‬وتجري‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫عليه أحكام الزكاة المتعلقة بالمال المستفاد ؛ ألن ما يتقاضاه الموظف كل‬
‫شهر وما يكسبه الطبيب والمحامي والمهندس وغيرهم من ذوي المهن الحرة‬
‫يعتبر ماالً مستفادًا بكل المقاييس ‪.‬‬
‫والنوع الذي يعنينا هنا ‪ :‬هو النوع الثالث من أنواع المال المستفاد ‪ ،‬وهو‬
‫المال الذي لم يكن نماء لمال عنده بل استفيد بسبب مستقل ‪ ،‬كأجر على‬
‫عمل‪ ،‬أو غلة رأس مال أو هبة أو نحو ذلك ‪ ،‬وسواء كان‬
‫من جنس مال عند المستفيد أم من غير جنسه ‪ ،‬فهذا النوع هو الذي‬
‫يصدق عليه كسب العمل ‪.)1‬‬
‫وقد سبق ذكر اختالف الفقهاء في اشتراط حوالن الحول على هذا النوع‬
‫من المال المستفاد ‪ ،‬ومن هنا فقد اختلف الفقهاء القائلون بأن كسب العمل‬
‫والمهن الحرة تخضع لحكم المال المستفاد ‪ ،‬على قولين ‪:‬‬
‫القول األول ‪ :‬يرى أصحاب هذا القول ‪ :‬أنه يشترط في زكاة كسب‬
‫العمل والمهن الحرة أن يحول عليها الحول (‪.)2‬‬
‫ونظ اًر لتكرر الراتب فيكون ضبط الحول مما يشق ‪ ،‬مع اختالط أموال‬
‫الرواتب وغيرها ببعضها ‪ ،‬؛ لذلك فإنه يشرع للمكلف تحديد يوم في السنة لزكاة‬
‫رواتب السنة كلها؛ فينظر ما لديه من نصاب ويزكيه‪ ،‬فما كان منه قد حال‬
‫عليه الحول وجبت زكاته‪ ،‬وما لم يحل حوله فإن زكاته تكون زكاة معجلة ‪،‬‬
‫وبذلك أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء بالمملكة العربية السعودية‪،‬‬
‫حيث جاء في الفتوى ما يلي‪:‬‬

‫(‪ )1‬زكاة رواتب الموظفين وكسب أصحاب المهن الحرة للدكتور ‪ :‬اليزيد بن دمحم الراضي ص‪ - 13‬تقديم‬
‫‪/‬األستاذ مبارك متقي (عضو المجلس العلمي) ‪ ،‬زكاة رواتب ودخول الموظفين الشهرية للدكتور‬
‫مراد رايق رشيد عودة ‪ /‬ص ‪ – 5‬بحث مقدم إلى مؤتمر الزكاة – كلية الشريعة – جامعة النجاح‬
‫الوطنية – فلسطين – ‪1411‬هـ ‪1011 -‬م ‪ ،‬نوازل الزكاة – دراسة فقهية تأصيلية لمستجات الزكاة –‬
‫لعبد هللا بن منصور الغفيلي ‪ /‬ص ‪ -191‬دار الميمان للنشر والتوزيع – الرياض – المملكة العربية‬
‫السعودية ‪ ،‬ويراجع ‪ :‬الفقه اإلسالمي وأدلته للدكتور ‪ .‬وهبة الزحيلي ج‪ – 8947 /10‬الطبعة الرابعة‬
‫– دار الفكر ‪.‬‬
‫(‪ )2‬نوازل الزكاة لعبد هللا بن منصور الغفيلي ‪ /‬ص ‪ ، -241‬زكاة رواتب ودخول الموظفين الشهرية‬
‫للدكتور مراد رايق رشيد عودة ‪ /‬ص ‪. 5‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫نقودا أخرى في أوقات مختلفة‬


‫تباعا ً‬
‫نصابا من النقود ثم ملك ً‬
‫ً‬ ‫( من ملك‬
‫وكانت غير متولـدة من األولى وال ناشئة عنها‪ ،‬بل كانت مستقلة كالذي يوفره‬
‫يصا‬
‫مثال‪ ،‬فإن كان حر ً‬
‫الموظف شهريًّا من مرتبه‪ ،‬وكإرث أوهبة أو أجور عقار ً‬
‫يصا على أال يدفع من الصدقة لمستحقيها إال ما‬
‫على االستقصاء في حقه حر ً‬
‫وجب لهم في ماله من الزكاة فعليه أن يجعل لنفسه جدول حساب لكسبه‪،‬‬
‫يخص فيه كل مبلغ من أمثال هذه المبالغ بحول يبدأ من يوم ملكه ويخرج زكاة‬
‫كل مبلغ لحاله كلما مضى عليه حول من تاريخ امتالكه إياه‪.‬‬
‫وإن أراد الراحة وسلك طريق السماحة وطابت نفسه أن يؤثر جانب‬
‫الفقراء وغيرهم من مصارف الزكاة على جانب نفسه؛ زكى جميع ما يملكه من‬
‫النقود حينما يحول الحول على أول نصاب ملكه منها‪ ،‬وهذا أعظم ألجره وأرفع‬
‫لدرجته‪ ،‬وأوفر لراحته وأرعى لحقوق الفقراء والمساكين وسائر مصارف الزكاة‬
‫وما زاد فيما أخرجه عما تم حوله يعتبر زكاة معجلة عما لم يتم حوله)‬
‫وهذا القول هو الموافق للقواعد الشرعية ال سيما مع مشقة إخراج الزكاة‬
‫للرواتب الشهرية باحتساب حول لكل راتب‪ ،‬فالمشقة تجلب التيسير(‪.)1‬‬
‫القول الثاني ‪ :‬يرى أصحاب هذا الرأي أن هذه األموال تزكى فور‬
‫استفادتها وال ينتظر بها إلى الحول ‪ ،‬فأما الدخل الناتج عن رأس المال وحده –‬
‫الغير مستغل في التجارة ‪ ، -‬أو رأس المال والعمل معًا كإيراد المصانع‬
‫والعمائر والفنادق ونحوها ‪ ،‬ففيه العشر من الصافي بعد النفقات والديون‬
‫والحاجيات األصلية ‪ ،‬قياساً على األرض الزراعية التي تسقى بغير كلفة ‪.‬‬
‫وأما الدخل الناتج عن العمل وحده ‪ ،‬كإيراد الموظفين وذوي المهن الحرة‬
‫الناتج عن أعمالهم ‪:‬‬

‫(‪ )1‬نوازل الزكاة ‪-‬دراسة فقهية تأصيلية لمستجدات الزكاة ‪ -‬لعبد هللا بن منصور الغفيلي‪246 -241 /‬‬
‫‪ -‬الطبعة‪ :‬األولى‪ 1960 ،‬هـ ‪ 2004 -‬م ‪ -‬دار الميمان للنشر والتوزيع‪ ،‬الرياض ‪ -‬المملكة العربية‬
‫السعودية‪ ،‬القاهرة ‪ -‬جمهورية مصر العربية‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫فالواجب فيه ربع العشر فقط قياساً على النقود ‪.‬‬


‫وال تؤخذ الزكاة إال من الصافي‪ ،‬أي يطرح من إيراده الدين إن ثبت عليه‬
‫ويعفى الحـد األدنى لمعيشته ومعيشة من يعول ‪ ،‬كما تطرح النفقات والتكاليف‬
‫لذوي المهن ‪.‬‬
‫فما بقي بعد هذا كله من راتب السنة وإيرادها‪ ،‬تؤخذ فيه الزكاة إذا بلغ‬
‫نصاب النقود‪ ،‬فما كان من‬
‫الرواتب واألجور ال يبلغ في السنة نصابا نقديا ‪ -‬بعد طرح ما ذكرناه‪-‬‬
‫كرواتب بعض العمال‪ ،‬وصغار الموظفين‪ ،‬فال تؤخذ منه زكاة ‪.‬‬
‫و إذا زكاه عند استفادته ‪ :‬فإنه ال يجب عليه أن يزكيه مرة أخرى عند‬
‫الحول إذا كان له حول معلوم‪ ،‬حتى ال تجب عليه زكاتان في مال واحد‪ ،‬في‬
‫عام واحد(‪.)1‬‬
‫الرأي الثاني ‪ :‬ومن أبرز القائلين به ‪ :‬الشيخ دمحم الغزالي (رحمه هللا)‬
‫يرى أصحاب هذا الرأي ‪ :‬أن كسب العمل والمهن الحرة يزكى فور‬
‫استفادته ‪ ،‬وال يشترط فيه حوالن الحول ‪ ،‬مثله في ذلك مثل الزروع والثمار ‪،‬‬
‫ويخرج منها نفس القدر الواجب في الزروع والثمار ‪ ،‬وهو العشر أو نصف‬
‫العشر ‪ ،‬تبعًا لقدر عناء صاحب الدخل (‪.)2‬‬
‫وفي هذا يقول الشيخ دمحم الغزالي (رحمه هللا) ‪ ( :‬وأنصبة الزكاة في‬
‫صنوف المال‪ ،‬حددها الدين تحديدا يعتبر نصا في أكثر األحوال‪ ،‬ونريد أن‬
‫نعتبره ‪ -‬قياسا‪ -‬فيما سنورد من أمثال‪.‬‬
‫ذلك أن اإلسالم أوجب إخراج ربع العشر‪ ،‬من رأس المال الذي يبلغ‬
‫مائتي درهم فما فوقها‪ ،‬والزكاة في هذه الصورة معتبرة برأس المال فقط‪ ،‬زاد‬

‫(‪ )1‬زكاة رواتب الموظفين وكسب أصحاب المهن الحرة – د‪ /‬اليزيد بن دمحم الراضي ‪ /‬ص‪. 69 -66‬‬
‫(‪ )2‬المرجع السابق ‪ ، /‬اإلسالم واألوضاع االقتصادية للشيخ دمحم الغزالي ‪ /‬ص‪ – 117 -118‬الطبعة‬
‫الثالثة – ‪2005‬م‪ -‬دار نهضة مصر ‪ ،‬زكاة رواتب ودخول الموظفين – د‪ .‬مراد رايق رشيد عودة‬
‫‪/‬ص‪. 5‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫أونقص‪ ،‬أو بقي على حاله‪ ،‬ما دام قد مر عليه عام‪ ،‬وقد فرض اإلسالم ‪-‬‬
‫كذلك ‪ -‬زكاة في الزروع والثمار جعلها العشر أو نصف العشر‪.‬‬
‫والزكاة في هذه الصورة قد اعتبرت على أساس الدخل الناتج‪ ،‬مر عليه‬
‫العام أو لم يمر‪ ،‬وال عبرة فيها برأس المال المغل‪ -‬وهو األرض المزروعة‪،‬‬
‫قلت قيمتها أو عظمت ومن هنا نستطيع الحكم بأن قاعدة فرض الزكاة في‬
‫اإلسالم‪ ،‬قد تكون رأس المال‪ ،‬وقد تكون مقدار الدخل‪ ،‬ونخلص من هذا إلى‬
‫أن من له دخل ال يقل عن دخل الفالح‪ ،‬الذي تجب عليه الزكاة‪ ،‬يجب أن‬
‫يخرج زكاة مساوية‪ ،‬وال عبرة البتة‪ ،‬برأس المال‪ ،‬وال بما يتبعه من شروط‪.‬‬
‫فالطبيب والمحامي والمهندس والصانع وطوائف المحترفين والموظفين‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫وأشباههم تجب عليهم زكاة‪ ،‬والبد أن تخرج من دخلهم الكبير )‬
‫وفي نهاية كالمه أشار الشيخ رحمه هللا إلى أن هذا األمر ال يستقل به‬
‫واحد من العلماء وأنه يحتاج إلى تعاون العلماء ‪ ،‬فقال ‪ ( :‬ومن الممكن‬
‫إيضاح التفاصيل‪ ،‬وتفريع المسائل‪ ،‬وتحـديد القيم ‪ ،‬بعد أن يتقرر هـذا األصل‬
‫الخطير‪ ،‬واألمر ال يستقل بـه تفكير واحـد ‪ ،‬بل يحتاج إلى تعاون العلماء‬
‫(‪)2‬‬
‫والباحثين)‪.‬‬
‫ومن المالحظ ‪ :‬أن هـذا الرأي يشبه القول الثاني من الرأي األول ‪ ،‬فإنه‬
‫وإن كان قياسهم مختلف إال أن النتيجة واحـدة ‪ ،‬وهي ‪ :‬أن المال المستفاد‬
‫يزكى فور استفادته دون انتظار للحول ‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫(‪ )1‬اإلسالم واألوضاع االقتصادية للشيخ دمحم الغزالي ‪ /‬ص‪ – 117 -118‬الطبعة الثالثة – ‪2005‬م‪-‬‬
‫دار نهضة مصر ‪.‬‬
‫(‪ )2‬اإلسالم واألوضاع االقتصادية للشيخ دمحم الغزالي ‪ /‬ص ‪. 117‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫سبـب اختالف الفقهاء‬


‫والسبب في اختالفهم هو ‪ :‬اختالف ظواهر النصوص واآلثار المروية‬
‫عن الصحابة في تزكية المال المستفاد ‪ ،‬فمنها ما نص على اشتراط الحول ‪،‬‬
‫ومنها ما أجاز تزكيتها فور استفادتها ‪ ،‬وهللا أعلم ‪.‬‬
‫األدلــة‬
‫أوالً ‪ :‬أدلة القائلين باشتراط حوالن الحول ‪ :‬استدلوا باألدلـة الواردة في‬
‫اشتراط حوالن الحول على المال المستفاد ‪.‬‬
‫أدلــة الـرأي الثاني ‪ :‬استدلوا بما استدل به القائلون بتزكية المال المستفاد‬
‫فور استفادته ‪ ،‬كما استدلوا بأدلة أخرى من الكتاب والمعقول ‪ ،‬ومنها ‪:‬‬
‫أوالً ‪ :‬من الكتاب ‪ :‬عمـوم قول هللا تعالى ‪ " :‬يا أَيها َّالِذين آمنوْا أ ِ‬
‫َنفقوْا‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫َخ َر ْج َنا َلكم ِم َن األ َْر ِ‬
‫ض " (‪.)1‬‬ ‫طِيب ِ‬
‫ات َما َك َس ْبت ْم َو ِم َّما أ ْ‬ ‫ِ‬
‫من َ َ‬
‫وجـه االسـتدالل باآليـة ‪ :‬وال شك أن ربح الطبقات اآلنفـة ‪ ،‬كسب‬
‫طيب‪ ،‬يجب اإلنفاق منه ‪ ،‬وبهذا اإلنفاق يدخلون في عداد المؤمنين الذين ذكر‬
‫ين ي ْؤ ِمنو َن ِباْل َغ ْي ِب َوي ِقيمو َن َّ‬
‫الصالةَ َو ِم َّما َرَزْق َناه ْم‬ ‫َّ ِ‬
‫القرآن أنهم هم" الذ َ‬
‫ي ِنفقو َن"(‪.)2‬‬
‫ثانياً‪ :‬من المعقول ‪ :‬استدلوا من المعقول بعدة أدلة ‪ ،‬منها ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن اإلسالم ال يتصور في حقه أن يفرض الزكاة على فالح يملك خمسة‬
‫أفدنـة‪ ،‬ويترك صاحب عمارة تدر عليه محصول خمسين فداناً‪ ،‬أو يترك‬
‫طبيباً يكتسب من عيادته في اليوم الواحد ما يكسبه الفالح في عام طويل‬
‫من أرض إذا أغلت بضعـة أرادب من القمح ‪ ،‬ضربت عليها الزكاة يـوم‬
‫الحصاد‪.‬‬

‫(‪ )1‬صدر اآلية (‪ ) 238‬من سورة البقرة ‪.‬‬


‫(‪ )2‬اآلية (‪ )6‬من سورة البقرة ‪.‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫ال بد إذًا من تقدير الزكاة على أولئك جميعًا‪ ،‬وما دامت العلة المشتركة‬
‫التي يناط بها الحكم موجودة في الطرفين‪ ،‬فال ينبغي ِ‬
‫المراء في إمضاء هذا‬
‫(‪)1‬‬
‫القياس وقبول نتائجه‪.‬‬
‫‪-2‬أن اشتراط الحـول يعني إعفاء كثير من كبار الموظفين وأصحاب المهن‬
‫الحرة ‪ ،‬من وجـوب الزكاة في دخلهم الضخم‪ ،‬وإعفاء الذي يبعثر ماله ذات‬
‫اليمين وذات الشمال‪ ،‬دون أن يحـول عليه الحـول من الزكاة ‪ ،‬وإيجابها‬
‫على المعتدلين المقتصدين الذين يدخرون أو يستثمرون ما تجب فيه الزكاة‬
‫ويحول عليه الحول‪ ،‬ال يتفق مع حكمة الشريعة وعدالتها‪ ،‬وال يمكن أن تأتي‬
‫الشريعة بشرط ‪ -‬مرور الحول ‪ -‬يخفف على المسرفين‪ ،‬ويضع العبء‬
‫على كاهل المقتصدين‪.‬‬
‫‪-6‬تزكية المال المستفاد عقب استفادته أنفع للفقراء و المحتاجين مع سهولة‬
‫التحصيل للحكومـة ‪ ،‬وسهولة دفع الزكاة على الممول‪ ،‬وذلك بأخذها من‬
‫رواتب الموظفين والعمال‪.‬‬
‫‪-4‬أن إيجاب الزكاة في الدخول المستفادة ‪ ،‬يتفـق وهـدي اإلسالم في غرس‬
‫معاني البر والبـذل والمواساة‪ ،‬واإلعطاء في نفس المسلم‪ ،‬واإلحساس‬
‫بالمجتمع والمشاركة في احتمال أعبائه‪ ،‬وجعل ذلك فضيلة دائمة له‪،‬‬
‫وعنص ًار أساسيا من عناصر شخصيته ‪ ،‬و اشتراط الحول يجعل كثي ار من‬
‫الناس يكسبون وينفقون ويتمتعون وال ينفقون في سبيل هللا وال يواسون من لم‬
‫يؤته هللا نعمة الغنى‪.‬‬
‫‪-5‬عـدم اشتراط الحـول للمال المستفاد أعـون على ضبط أموال الزكاة ‪ ،‬وتنظيم‬
‫شأنها ‪ ،‬بالنظر للمكلف الذي تجب عليه الزكاة ‪ ،‬وبالنظر لإلدارة التي‬
‫تتولى جباية الزكاة ‪ ،‬إذ على القول باشتراط الحول‪ ،‬يجب على كل من‬
‫ال ‪ -‬قل أو كثر من راتب أو مكافأة أو غلـة عقار أو غير ذلك‬
‫يستفيد ما ً‬

‫(‪ )1‬اإلسالم واألوضاع االقتصادية للشيخ دمحم الغزالي ‪ /‬ص ‪. 117‬‬


‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫من ألوان اإليراد المختلفة ‪ -‬أن يحدد تاريخ ورود كل مبلغ‪ ،‬ومتى يتم‬
‫حوله‪ ،‬ليخرج زكاته في حينه ومعنى هذا أن الفرد المسلم‪ ،‬قد تكون عنده‬
‫في العام الواحد‪ ،‬عشرات المواقيت لمقادير ما استفاد من أموال في أزمنة‬
‫مختلفة‪ ،‬وهذا أمر يشق ضبطه‪ ،‬وهـو عند قيام الحكومة بجباية الزكاة أمر‬
‫يعسر حصره وتنظيمه‪ ،‬ومن شأنه أن يعطل جباية الزكاة ويعوق سيرها(‪.)1‬‬
‫المناقشة‬
‫نوقشت أدلة القائلين بتزكية هذه األموال فور استفادتها باآلتي ‪:‬‬
‫أوالً ‪ :‬القياس على زكاة الزروع والثمار ‪ :‬قياس مع الفارق ؛ ألن كسب‬
‫العمل نقود ‪ ،‬وقد وردت بشأن النقود نصوص تضبطها وتقرر أحكامها ‪ ،‬والفرع‬
‫الذي يقاس على األصل يشترط أال يرد فيه نص ‪ ،‬أما وقد ورد نص في زكاة‬
‫النقود – وكسب العمل نقود – فال تقاس على زكاة الزروع ‪.‬‬
‫ثانيًا ‪ :‬أن ما استدلوا به من المعقول كأن فيه استدراكًا على الشارع‬
‫الحكيم ‪ ،‬وهو ال يجوز ‪ ،‬ولو سلمنا هذا الدليل ألوجبنا الزكاة على من ملك‬
‫تسعًا وعشرين بقرة ‪ ،‬بدعوى أنه ال يعقل أن يوجب اإلسالم الزكاة على فالح‬
‫بلغ محصوله خمسة أوسق من الحبوب ‪ ،‬ويعفي من يملك تسعاً وعشرين بقرة‬
‫‪ ،‬وهي تساوي أضعاف قيمة األوسق الخمسة ؛ لذا ينبغي أن نعلم أن تشريع‬
‫اإلسالم حكيم ال تناقض فيه ولكن عقولنا قاصرة عن إدراك جميع حكم التشريع‬
‫‪ ،‬فينبغي أن نعترف بالعجز ‪ ،‬ونفوض األمر هلل تعالى ‪ ،‬وهو أعلى وأعلم ‪.‬‬
‫ثالثًا ‪ :‬أما قولهم ‪ :‬أن اشتراط الحول يعني إعفاء كبار الموظفين وإعفاء‬
‫الذي يبعثر ماله ذات اليمين وذات الشمال ‪ ،‬فإن هذا ليس شأننا ‪ ،‬فإن هللا قد‬
‫ابتاله بالمال كما ابتلى غيره بالفقر ‪ ،‬وكل سيحاسب ‪ ،‬على تبذيره للمال في‬
‫غير وجه حق ‪ ،‬أو على انفاقـه في سبيل هللا ‪ ،‬وما يعنيننا أنه أدى الزكاة التي‬

‫(‪ )1‬زكاة رواتب الموظفين وكسب أصحاب المهن الحرة – د‪.‬اليزيد بن دمحم الراضي ‪. 23 -29 /‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫شرعها هللا على النوع الذي يملكه من المال وفق ما جاءت به النصوص ‪،‬‬
‫وهللا أعلم ‪.‬‬
‫رابعاً ‪ :‬أن الذي يعلم األنفع للفقراء هو هللا تعالى ‪ ،‬وهو الذي شرع هذا‬
‫القدر ولم يزد عليه ‪ ،‬وكان من الممكن أن يشرع أكثر من ذلك ‪ ،‬أو يأمر بأداء‬
‫زكاة كل مال فور استفادته كما أمر بذلك في الزروع والثمار ‪ ،‬وحيث لم يفعل‬
‫فال ينبغي لنا أن نستدرك على الشرع ‪ ،‬وهللا أعلم ‪.‬‬
‫خامسًا ‪ :‬قولهم أن إيجاب الزكاة في المال المستفاد يغرس معاني البر‬
‫والبـذل والمواساة ‪:‬‬
‫يمكن مناقشته ‪ :‬بأن هذا ليس خاصًا بالمال المستفاد فقط ‪ ،‬بل هو عام‬
‫في جميع أنواع الزكاة ‪ ،‬وقد شرع هللا صدقة التطوع لمن أراد أن يتقرب إلى هللا‪،‬‬
‫ووعد المنفق بجزيل الثواب ‪ ،‬وفي هذا معنى أعظم من معاني تربية النفس‬
‫على اإلنفاق والبذل دون إلزام ‪ ،‬وال يجوز أن نلزمه بشيء لم يلزمه هللا به‬
‫حتى نغرس فيه حب اإلنفاق ‪،‬وهللا أعلم ‪.‬‬
‫سادسًا ‪ :‬فنقول إن التيسير الذي تحدثوا عنه إنما يحصل في البداية أي‬
‫عندما يريد المستفيد إخراج زكاة ماله المستفاد ألول مرة ‪ ،‬أما عندما يريد‬
‫إعادة إخراج زكاة األموال المستفادة في األعوام الالحقة‪ ،‬فإن الصعوبة نفسها‬
‫تواجهنا هنا ‪ ،‬ذلك أن الرواتب التي أخرجنا زكواتها بمجرد تسلمها‪ ،‬سنعيد‬
‫تزكيتها أو تزكية ما تبقى منها كلما مر عليها حول ‪ ،‬فنكون بحاجة إلى ضبط‬
‫ما تبقى من المال المستفاد في كل شهر‪ ،‬وضبط مواعيد إخراج الزكاة عنه‪،‬‬
‫والقدر الواجب إخراجه‪.‬‬
‫وهكذا يتبين لنا أن عدم اشتراط الحول في تزكية المال المستفاد ال يحل‬
‫مشكل تنظيم الزكاة (‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬يراجع ‪ :‬زكاة رواتب الموظفين وكسب أصحاب المهن الحرة – د‪.‬اليزيد بن دمحم الراضي ‪. 62 /‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫الترجيــح‬
‫بعد عرض آراء الفقهاء وأدلتهم ومناقشتها ‪ ،‬ترى الباحثة ‪ :‬أن الراجح –‬
‫وهللا تعالى أعلم – هو الرأي األول ‪ :‬أن رواتب الموظفين وكسب أصحاب‬
‫المهن الحرة ‪ ،‬وكذلك ما يحصل عليه الموظف من مكافآت تعـد من قبيل المال‬
‫المستفاد ‪ ،‬وأنها ال تجب فيها زكاة حتى يحول عليها الحول ‪ ،‬ويبدأ حولها من‬
‫وقت استفادتها ‪ ،‬كما هو حكم المال المستفاد ‪ ،‬وما أنفقه منها داخل الحول ال‬
‫يحسب في الزكاة ‪ ،‬مثله مثل باقي األموال ‪ ،‬وذلك لآلتي ‪:‬‬
‫‪ -1‬قوة هذا الرأي وقوة ما استندوا إلية من األدلة التي سبق ذكرها في‬
‫المال المستفاد ‪.‬‬
‫‪ -2‬تفنيد الرأي القائل بوجوب تزكية هه األموال فور استفادتها ‪ ،‬والرد عليها‬
‫ردًا قويًا ‪.‬‬
‫‪ -6‬أن زكاة كسب العمل تعـد من قبيل المال المستفاد ؛ ألنها جارية ومتفقـة‬
‫مع تعريفات الفقهاء القدامى للمال المستفاد ‪ ،‬وبهذا قال معظم المحدثين‬
‫ومنهم القائلين بتزكيتها فور استفادتها‪.‬‬
‫‪ -9‬أنه بعد التسليم بأنه مال مستفاد ‪ ،‬فإنه ال يمكن أن يقاس على زكاة الزروع‬
‫والثمار ‪ ،‬وِل َم نقيسه على الزروع والثمار وله أصل يرد إليه ويقاس عليه ‪،‬‬
‫فإنه إما نقداً فيرد إلى زكاة النقـود ‪ ،‬وإما ماشية فيرد إلى زكاة الماشية ‪،‬‬
‫وفي كل يشترط الحول ‪ ،‬فال يصار إلى القياس إال إذا عدم األصل‬
‫المنصوص على حكمه ‪ ،‬أما وقد وجد فال يصح القياس ‪.‬‬
‫‪ -5‬أن معظم ما استدل به القائلون بتزكيته فور استفادته أدلة عقلية ‪ ،‬وقد‬
‫أجيب عنها ‪ ،‬وِل َم يصار إلى أدلة عقلية وعندنا النصوص الصريحة في‬
‫اشتراط الحول ‪ ،‬وهي كثيرة يقوي بعضها بعضاً ‪ ،‬و ما ورد من تضعيف‬
‫لبعضها ال يرد االستدالل بها ‪ ،‬ألنها صححت من طرق أخرى وكثرتها‬
‫تقويها ‪-3.‬أن أصحاب الرأي القائل بتزكيتها فور استفادتها بنوا رأيهم على‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫فعل صحابيين اثنين ‪ ،‬وقد أول الباجي فعل معاوية ‪ ،‬وأول أبو عبيد ما‬
‫صح عن ابن عباس ‪ ،‬وأجاب ابن عبد البر على رأي األوزاعي ‪ ،‬ثم ذكر‬
‫أن االجماع انعقد على خالفه ‪.‬‬
‫فثبت أن اإلجماع منعقد على اشتراط حوالن الحول في هذه الصورة من‬
‫صور المال المستفاد ‪.‬‬

‫المطلـب الثاني‬
‫كيفيـة تزكيـة كسب العمل‬
‫بعد أن خلصنا إلى أن هذه األموال من قبيل المال المستفاد ‪ ،‬وأنها‬
‫تزكى بعد أن يحول عليها الحول وال تزكى فور اكتسابها ‪ ،‬فقد ورد في كيفية‬
‫تزكيتها طريقتان ‪ ،‬مردهما إلى محاولة التيسير على الناس ‪ ،‬وهما ‪:‬‬
‫الطريقة األولى ‪ :‬ذكرها ابن حزم الظاهري (رحمه هللا)‪:‬‬
‫قال ‪ :‬كل فائدة تزكى لحولها ال لحول ما عنده من جنسها وإن اختلطت‬
‫عليه األحوال ‪ ،‬تفسير ذلك ‪:‬‬
‫لو أن ام أًر ملك نصابًا ‪ ...‬ثم ملك بعد ذلك بمدة – قريبة أو بعيدة ‪،‬‬
‫إال أنها قبل تمام الحول – من جنس ماعنده أقل مما ذكرنا ‪ ،‬فإن كان ما‬
‫اكتسب ال يغير ما كان عليه من الزكاة ‪ :‬فإنه يضم التي ملك إلى ما كان‬
‫عنده ؛ ألنها ال تغير حكم ما كان عليه من الزكاة ‪ ،‬فيزكي ذلك لحول التي‬
‫ال ‪.‬‬
‫كانت عنده‪ ،‬ثم يستأنف الجميع حو ً‬
‫فإن استفاد في داخل الحول ما يغير الفريضة فيما عنده ‪ ،‬إال أن تلك‬
‫الفائدة لو انفردت لم تجب فيها الزكاة ‪ :‬فإنه يزكي الذي عنده وحده لتمام‬
‫ال ‪.‬‬
‫حوله‪ ،‬وضم حينئذ الذي استفاد إليه – ال قبل ذلك – واستأنف بالجميع حو ً‬
‫مثل ‪ :‬من كان عنده مائة وعشرين شاة ‪ ،‬ثم استفاد شاة فأكثر ‪ ،‬ألن‬
‫الذي يبقى بعد الذي زكى ال زكاة فيه ‪ ،‬وال يجوز أن يزكى مال مرتين في عام‬
‫واحد ‪.‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫فإن قيل ‪ :‬فإنكم تؤخرون زكاة بعضها عن حوله شهو ًار ؟ قلنا ‪ :‬نعم ‪،‬‬
‫ألننا ال نقدر على غير ذلك البتة ‪ ،‬إال بإحداث زكاتين في مال واحد ‪ ،‬وهذا‬
‫خالف النص ‪ ،‬وتأخير الزكاة إذا لم يمكن التعجيل مباح ال حرج فيه (‪.)1‬‬
‫وعليه فإن ما اكتسبه من عمله في داخل الحول ال يزكيه فور استفادته‬
‫وال يضمه إلى ما عنده ‪ ،‬ولكن يزكي األموال التي عنده عند تمام حولها ثم‬
‫يضم إليها األموال المستفادة من كسب العمل ويستأنف بالجميع حوالً جديدًا ‪،‬‬
‫ال على بعض األموال‪ ،‬كما قال ابن‬ ‫وإن أدى ذلك إلى مرور حول ونصف مث ً‬
‫حزم (رحمه هللا)‪.‬‬
‫الطريقة الثانية ‪ :‬وهي ما جاءت في فتوى اللجنة الدائمة للبحوث‬
‫العلمية واإلفتاء بالمملكة العربية السعودية‪ ،‬و أيضا تبناها غالب المشاركين في‬
‫المؤتمر األول للزكاة المنعقد في دولة الكويت ‪ ،‬عام ‪1909‬هـ ‪ ،‬واستحسنها‬
‫األلباني (رحمه هللا) ‪ ،‬وتتلخص في اآلتي ‪:‬‬
‫أن الرواتب واألجور المستفادة داخل الحول تجمع في نهاية الحول مع‬
‫األموال األخرى التي حال عليها الحول ويزكى الجميع ‪ ،‬ثم يستأنف بالجميع‬
‫(‪)2‬‬
‫ال آخر‬
‫حو ً‬ ‫‪.‬‬
‫واستدلوا لهذا القول بأنه ‪ :‬الموافق للقواعد الشرعية ال سيما مع مشقة‬
‫إخراج الزكاة للرواتب الشهرية باحتساب حول لكل راتب‪ ،‬فالمشقة تجلب‬
‫التيسير‪.‬‬
‫إال أن هذه الطريقة يظهر منها التشديد على المزكي ؛ ألنها توجب عليه‬
‫أكثر مما يجب عليه ‪ ،‬وتلزمه أن يدفع زكاة بعض األموال مرتين ‪ ،‬إال إذا كان‬

‫(‪ )1‬المحلى البن حزم ج‪. 144 -148 /9‬‬


‫(‪ )2‬تمام المنة في التعليق على فقه السنة لمحمد ناصر الدين األلباني (ت ‪1920‬هـ)‪ - 687 /‬الطبعة‬
‫الخامسة – دار الراية ‪ ،‬نوازل الزكاة لعبد هللا بن منصـور الغفيلي ‪ ، 246 /‬زكاة رواتب الموظفين‬
‫وكسب أصحاب المهن الحرة ‪ :‬للدكتور ‪.‬اليزيد بن دمحم الراضي ‪ /‬ص ‪. 90‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫ذلك عن طيب نفس ورضا من المزكي ‪ ،‬كما جاء في فتوى جاء في فتوى‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء بالمملكة العربية ‪:‬‬
‫(وإن أراد الراحة وسلك طريق السماحة وطابت نفسه أن يؤثر جانب‬
‫الفقراء وغيرهم من مصارف الزكاة على جانب نفسه؛ زكى جميع ما يملكه من‬
‫النقود حينما يحول الحول على أول نصاب ملكه منها‪ ،‬وهذا أعظم ألجره وأرفع‬
‫لدرجته‪ ،‬وأوفر لراحته وأرعى لحقوق الفقراء والمساكين وسائر مصارف الزكاة‬
‫وما زاد فيما أخرجه عما تم حوله يعتبر زكاة معجلة عما لم يتم حوله)‪.‬‬
‫والذي نخلص إليه هو ‪ :‬العمل برأي ابن حزم فال يضم ما استفاده في‬
‫الحول إلى ما عنده ‪ ،‬فإذا انتهى الحول وزكى ما عنده ضم إليه ما تبقى من‬
‫أموال الرواتب ‪ -،‬وال يحسب ما أنفق منه على حاجاته‪ -‬ثم يستأنف بالجميع‬
‫حوالً جديداً ‪ ،‬ما لم يكن المستفاد نصاباً فإنه يستأنف لو حول من يوم‬
‫استفادته؛ تحقيقًا لمصلحة الفقير ‪.‬‬
‫فإن طابت نفس المزكي وأراد أن يضم المستفاد لألصل ويزكي الجميع‬
‫لحول األصل – حتى ولو لم يمضي الحول على المستفاد – فال شيئ في ذلك‬
‫‪ ،‬والتعجيل جائز ‪ ،‬لكن ال نلزمه به ‪ ،‬وهللا أعلم ‪.‬‬
‫‪-‬وأولى في اعتبار الحول ‪ :‬الصور األخرى للمال المستفاد – التي‬
‫سبق ذكرها‪ -‬مثل مكافأة نهاية الخدمة ؛ ألن الموظف ال يستحقها َّإال عند‬
‫نهاية خدمته‪ ،‬أما قبل ذلك فإنه ال يستحقها وال يجوز له أن يتنازل عنها‬
‫وال يجوز له أن يتصرف فيها بشراء ونحو ذلك؛ فإنه ال يستحقها َّإال عند نهاية‬
‫خدمته‪ ،‬وإن كان كذلك فال تجب فيها الزكاة َّإال بعد أن يحول عليها الحول(‪.)1‬‬

‫محمد بن إبراهيم‬
‫(‪ )1‬الفقه الميسر ‪ :‬أ‪ .‬د‪َ .‬عبد هللا بن دمحم الطيار‪ ،‬أ‪ .‬د‪ .‬عبد هللا بن محمد المطلق‪ ،‬د‪َّ .‬‬
‫الوطن للنَّشر‪ ،‬الرياض ‪ -‬المملكة العربية السعودية ‪.‬‬
‫الموسى ج‪َ -42 /4‬م َدار َ‬
‫َ‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫الخاتمـة‬
‫الحمد هلل نحمده سبحانه في البدء والختام ‪ ،‬ونصلي ونسلم على من ختم‬
‫هللا برسالته األديان ‪ ،‬وشرف ببعثته الزمان والمكان ‪ ،‬سيدنا دمحم وعلى آله‬
‫وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ‪ ،‬وبعد ‪..‬‬
‫فإنه من خالل العرض السابق ألحكام المال المستفاد وتطبيقاته‬
‫المعاصرة ‪ ،‬نخلص إلى تقرير جملة من النتائج التي تم التوصل إليها من‬
‫خالل البحث ‪ ،‬والتي يمكن تلخيصها فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬المال المستفاد هو ‪ :‬ما يستفـيده المسلم ويملكـه ملكًا جديدًا بأي وسيلـة من‬
‫وسائل التملك المشروع ‪ -‬فيشمل الدخل المنتظم لإلنسان من رواتب‬
‫وأجـور ومعاشات ‪ ،‬كما يشمل ‪ :‬المكافآت والحوافز وأرباح التجارة واألسهم‬
‫ونسل الماشية والهبات واإلرث وريع العقار وبيع األ ارضي ونحو ذلك ‪-‬‬
‫في أثناء الحول ‪.‬‬
‫‪ -2‬المال المستفاد – في أثناء الحول – ينقسم إلى ثالثة أقسام ‪:‬‬
‫القسم األول ‪ :‬أن يكون المال المستفاد من جنس مال عنده و متفرعًا‬
‫عنه كنسل الماشية ‪ ،‬أو حاصالً بسببه كربح أموال التجارة ‪ ،‬فهذا حكمه ‪ :‬أن‬
‫يضم إلى ما عنده من المال ويزكى على حوله‪ ،‬وال يستأنف له حول جديد ‪.‬‬
‫القسم الثاني ‪ :‬أن يكون من خالف جنس المال الذي عنده ‪ ،‬كأن يكون‬
‫عنده إبل واستفاد بق اًر ‪ ،‬أو عنده بقر واستفاد غنماً ‪ ،‬وهكذا ‪ ،‬وهذا حكمه ‪ :‬أنه‬
‫ال يضم إلى األصل وال يزكى على حوله ‪ ،‬بل إن كان نصاباً استقبل به حـوالً‬
‫جديداً وزكاه ‪ ،‬وإال فال شيء فيه ‪.‬‬
‫القسم الثالث ‪ :‬أن يكون المال المستفاد من جنس مال عنده لكنه ليس‬
‫متفرعاً منه وال حاصالً بسببه ‪ ،‬بل حصل بسبب مستقل كالمال المشترى‬
‫والموروث وغيرهما ‪ ،‬وحكمه ‪ :‬أنه ال يضم إلى ما عنده وال يزكى على حوله ‪،‬‬
‫بل يستأنف له حول جديد – من يوم استفادته أو قبضه – إذا كان األصل‬
‫نصاباً ‪ ،‬وإال فإذا اكتمل النصاب بضم المستفاد إلى األصل ‪ :‬فالحول من يوم‬
‫إفادة الثاني‪.‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫‪ -6‬المال المستفاد من الرواتب وكسب العمل وغيرها من الصور الحديث‪:‬‬


‫يأخذ حكم القسم الثالث من أقسام المال المستفاد ‪ ،‬فال يضم في الحول إلى‬
‫ما عنده ‪ ،‬فإذا انتهى الحول وزكى ما عنده ‪ :‬ضم إليه ما تبقى من أموال‬
‫الرواتب ‪ ،‬ثم يستأنف بالجميع حوالً جديدًا ‪ ،‬ما لم يكن المستفاد نصابًا فإنه‬
‫يستأنف له حول من يوم استفادته ؛ تحقيقًا لمصلحة الفقير ‪.‬‬
‫فإن طابت نفس المزكي وأراد أن يضم المستفاد لألصل ويزكي الجميع‬
‫لحول األصل – حتى ولو لم يمضي الحول على المستفاد – فال شيء في ذلك‬
‫؛ ألن التعجيل جائز‪ ،‬لكن ال نلزمه به ‪.‬‬
‫وال يحسب في الزكاة ما استهلكه وأنفقه من الراتب على نفسه وعياله‬
‫وغير ذلك‪ ،‬وهللا تعالى أعلم ‪.‬‬
‫التوصيات‬
‫نستطيع أن نخرج من هذا البحث بعدة توصيات ‪ ،‬منها ‪:‬‬
‫‪ -1‬يوصي البحث المجامع العلمية المعنية باإلجتهاد الجماعي – كمجمع‬
‫البحوث اإلسالمية – أن يكرسوا بعض وقتهم وجهدهم لخدمة قضايا الزكاة‬
‫لما لها من أهمية بالغة للفرد والمجتمع ‪ ،‬وما يعتري بعض أحكامها من‬
‫الغموض واللبس ؛ لعدم تناولها بالبحث والدراسة ‪ ،‬وما يط أر من نوازلها‬
‫تبعاً الستحداث بعض األموال وتغير صفتها ‪.‬‬
‫‪ -2‬يوصي األفراد بالسؤال دائماً عما يستحدث في أيديهم من أموال ‪ ،‬وما‬
‫يلتبس عليهم من أحكام الزكاة احتياطاً لدينهم ‪ ،‬وحرصاً على حق الفقير‬
‫من الضياع ‪.‬‬
‫‪ -6‬يوصي الدول اإلسالمية أن تولي الزكاة عناية خاصة ؛ سواء من ناحية‬
‫تشجيع البحث في قضاياها ‪ ،‬أو حث األفراد على إخراجها ‪ ،‬تحقيقاً لمبدأ‬
‫التكافل الذي أرساه اإلسالم ‪ ،‬وشرع من أجله الزكاة ‪ ،‬خاصة مع استحداث‬
‫أموال جديدة تتحقق بها ثروات طائلة قد تسد جانب كبير من حاجات‬
‫المجتمع‪ ،‬وما زال العلماء يختلفون في زكاتها ‪.‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫فهرس المراجع‬
‫أوالً ‪ :‬القرآن الكريم‬
‫ثانياً ‪:‬التفسير وعلوم القرآن ‪:‬‬
‫‪ -‬أحكام القرآن للقاضي دمحم بن عبد هللا أبو بكر بن العربي (ت ‪596 :‬هـ)‪-‬‬
‫راجع أصوله وخرج أحاديثه َّ‬
‫وعلق عليه‪ :‬دمحم عبد القادر عطا‪ -‬الطبعة‪:‬‬
‫الثالثة‪ 1929 ،‬هـ ‪ 2006 -‬م – الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت –‬
‫لبنان ‪.‬‬
‫ثالثًا ‪ :‬الحديث وعلومه ‪:‬‬
‫‪ -1‬إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل لمحمد ناصر الدين األلباني‬
‫(ت ‪1920‬هـ) ‪ -‬إشراف ‪ :‬زهير الشاويش – الطبعة الثانية – ‪1905‬هـ‪-‬‬
‫‪1475‬م‪ -‬المكتب اإلسالمي – بيروت ‪.‬‬
‫‪ -2‬االستذكار ألبي عمر يوسف بن عبد هللا بن دمحم بن عبد البر بن عاصم‬
‫النمري القرطبي (المتوفى‪936 :‬هـ) ‪-‬تحقيق‪ :‬سالم دمحم عطا‪ ،‬دمحم علي‬
‫معوض ‪ -‬الطبعة‪ :‬األولى‪ - 2000 – 1921 ،‬دار الكتب العلمية –‬
‫بيروت‪.‬‬
‫‪ -6‬التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير ألحمد بن علي بن دمحم‬
‫بن أحمد بن حجر العسقالني (المتوفى‪752 :‬هـ) ‪ -‬تحقيق‪ :‬أبو عاصم‬
‫حسن بن عباس بن قطب ‪ -‬الطبعة‪ :‬األولى‪1913 ،‬هـ‪1445/‬م ‪-‬‬
‫مؤسسة قرطبة – مصر ‪.‬‬
‫‪ -9‬تحفة األحوذي بشرح جامع الترمذي لمحمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم‬
‫المباركفورى (المتوفى‪1656 :‬هـ) ‪ -‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بيروت‬
‫‪ -5‬الجامع الصحيح دمحم بن إسماعيل البخاري(ت ‪253‬هـ) –حققه ‪ :‬طه عبد‬
‫الرؤوف سعد – مكتبة اإليمان ‪ -‬المنصورة ‪.‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫‪ -3‬حاشية السندي على سنن ابن ماجه لمحمد بن عبد الهادي التتوي‪،‬‬
‫أبو الحسن‪ ،‬نور الدين السندي (المتوفى‪1167 :‬هـ) ‪ -‬الناشر‪ :‬دار الجيل‬
‫‪ -‬بيروت‪ ،‬بدون طبعة‪.‬‬
‫‪ -8‬سنن الدارقطني ألبي الحسن علي بن عمر بن أحمد الدارقطني (المتوفى‪:‬‬
‫‪675‬هـ) حققه وضبط نصه وعلق عليه‪ :‬شعيب االرنؤوط‪ ،‬حسن عبد‬
‫المنعم شلبي‪ ،‬عبد اللطيف حرز هللا‪ ،‬أحمد برهوم الطبعة‪ :‬األولى‪1929 ،‬‬
‫هـ‪2009 -‬م ‪.‬‬
‫‪ -7‬السنن الكبرى ألحمد بن الحسين بن علي بن موسى ‪ ،‬أبو بكر البيهقي‬
‫(ت‪957 :‬هـ) ‪ -‬المحقق‪ :‬دمحم عبد القادر عطا ‪ -‬الطبعة‪ :‬الثالثة‪،‬‬
‫‪1929‬هـ ‪ 2006 -‬م ‪-‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت – لبنان‬
‫‪ -4‬سنن أبي داود ‪ -‬سليمان بن األشعث السجستاني (ت ‪285‬هـ) – الطبعة‬
‫األولى – ‪1966‬هـ ‪2012 -‬م – مكتبة الطبري – مصر ‪.‬‬
‫‪ -10‬سنن الترمذي‪ -‬دمحم بن عيسى بن َس ْورة بن موسى بن الضحاك‪،‬‬
‫الترمذي‪ ،‬أبو عيسى (ت‪284 :‬هـ) ‪ -‬تحقيق وتعليق‪ :‬إبراهيم عطوة عوض‬
‫– الطبعة الثانية ‪ 1645-‬هـ ‪ 1485 -‬م ‪ -‬مكتبة ومطبعة مصطفى‬
‫البابي الحلبي – مصر‪.‬‬
‫‪ -11‬شرح السنة لمحمد الحسين بن مسعود بن دمحم بن الفراء البغوي الشافعي‬
‫(المتوفى‪513 :‬هـ) تحقيق‪ :‬شعيب األرنؤوط‪-‬دمحم زهير الشاويش ‪-‬‬
‫الطبعة‪ :‬الثانية‪1906 ،‬هـ ‪1476 -‬م ‪ -‬الناشر‪ :‬المكتب اإلسالمي ‪-‬‬
‫دمشق‪ ،‬بيروت‬
‫‪ -12‬شرح الزرقاني على موطأ اإلمام مالك لمحمد بن عبد الباقي بن يوسف‬
‫الزرقاني ‪ -‬تحقيق‪ :‬طه عبد الرءوف سعد ‪ -‬الطبعة‪ :‬األولى‪1929 ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪2006‬م ‪ -‬مكتبة الثقافة الدينية – القاهرة ‪.‬‬
‫‪ -16‬صحيح مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (ت‪231 :‬هـ)‬
‫‪ -‬دار الفكر‪ -‬بيروت‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫‪ -19‬مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح لعلي بن دمحم أبو الحسن نور الدين‬
‫المال الهروي (‪1019‬هـ) ج‪ – 1285 /9‬الطبعة األولى – ‪1922‬هـ ‪-‬‬
‫‪2002‬م – دار الفكر – بيروت‬
‫‪ -15‬مصنف أبي بكر بن أبي شيبة‪ ،‬عبد هللا بن دمحم بن إبراهيم بن عثمان بن‬
‫خواستي العبسي (المتوفى‪265 :‬هـ) ‪-‬المحقق‪ :‬كمال يوسف الحوت ‪-‬‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪ - 1904 ،‬الناشر‪ :‬مكتبة الرشد – الرياض ‪.‬‬
‫‪ -13‬معالم السنن‪ -‬شرح سنن أبي داود ألبي سليمان حمد بن دمحم بن إبراهيم‬
‫بن الخطاب البستي المعروف بالخطابي (المتوفى‪677 :‬هـ)‪ -‬الطبعة‪:‬‬
‫األولى ‪ 1651‬هـ ‪ 1462 -‬م ‪ -‬المطبعة العلمية – حلب‬
‫‪ -18‬معرفة السنن واآلثار ألحمد بن الحسين بن علي بن موسى‪ ،‬أبو بكر‬
‫البيهقي (المتوفى‪957 :‬هـ) المحقق‪ :‬عبد المعطي أمين قلعجي ‪ -‬الطبعة‪:‬‬
‫األولى‪1912 ،‬هـ ‪1441 -‬م‪ -‬الناشرون‪ :‬جامعة الدراسات اإلسالمية‬
‫(كراتشي ‪ -‬باكستان)‪ ،‬دار قتيبة (دمشق ‪-‬بيروت)‪ ،‬دار الوعي (حلب –‬
‫دمشق)‪ ،‬دار الوفاء (المنصورة ‪ -‬القاهرة)‪.‬‬
‫‪ -17‬الموطأ لإلمام مالك بن أنس – صححه ورقمه وأخرج أحاديثه وعلق‬
‫عليه‪ :‬دمحم فؤاد عبد الباقي – طبعة دار إحياء الكتب العربية ‪.‬‬
‫‪ -14‬المنتقى شرح الموطإ ألبي الوليد سليمان بن خلف بن سعد التجيبي‬
‫القرطبي الباجي األندلسي (ت‪989 :‬هـ) ‪-‬الطبعة‪ :‬األولى‪ 1662 ،‬هـ ‪-‬‬
‫مطبعة السعادة ‪ -‬بجوار محافظة مصر‬
‫‪ -20‬نصب الراية ألحاديث الهداية ألبي دمحم عبد هللا بن يوسف بن دمحم‬
‫الزيلعي (المتوفى‪832 :‬هـ) ‪ -‬صححه ووضع الحاشية‪ :‬عبد العزيز‬
‫الديوبندي الفنجاني‪ ،‬إلى كتاب الحج‪ ،‬ثم أكملها دمحم يوسف الكاملفوري ‪-‬‬
‫المحقق‪ :‬دمحم عوامة ‪ -‬الطبعة األولى‪1917 ،‬هـ‪1448/‬م – مؤسسة الريان‬
‫للطباعة والنشر ‪ -‬بيروت ‪-‬لبنان‪ /‬دار القبلة للثقافة اإلسالمية‪ -‬جدة –‬
‫السعودية‪.‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫رابعًا ‪ :‬أصول الفقه وقواعده ‪:‬‬


‫‪ -1‬األشـ ـ ــباه والنظائرلعبـ ـ ــد الـ ـ ــرحمن بـ ـ ــن أبـ ـ ــي بكـ ـ ــر جـ ـ ــالل الـ ـ ــدين السـ ـ ــيوطي‬
‫(ت‪411 :‬هـ ـ ـ) ‪ -‬الطبعـ ــة‪ :‬األولـ ــى‪1911 ،‬هـ ـ ـ ‪1440 -‬م ‪ -‬الناشـ ــر‪ :‬دار‬
‫الكتب العلمية ‪.‬‬
‫‪ -2‬المنثور في القواعد الفقهية لبدر الدين دمحم بن عبد هللا بن بهادر الزركشي‬
‫(ت‪849 :‬هـ) ‪ -‬الطبعة‪ :‬الثانية‪1905 ،‬هـ ‪1475 -‬م ‪ -‬الناشر‪ :‬و ازرة‬
‫األوقاف الكويتية ‪.‬‬
‫‪ -6‬الموافقات اإبراهيم بن موسى بن دمحم اللخمي الغرناطي الشهير بالشاطبي‬
‫(ت‪840 :‬هـ) ‪ -‬المحقق‪ :‬أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان ‪ -‬الطبعة‬
‫األولى ‪1918‬هـ‪1448 /‬م ‪ -‬الناشر‪ :‬دار ابن عفان ‪.‬‬
‫خامسًا ‪ :‬المذاهب الفقهية ‪:‬‬
‫المذهب الحنفي ‪:‬‬
‫‪ -1‬االختيار لتعليل المختار لعبد هللا بن محمود بن مودود‪ -‬حققه وخرج‬
‫أحاديثه وعلق عليه ‪ :‬علي عبد الحميد أبو الخير – دمحم وهبي سليمان –‬
‫الطبعة األولى – ‪1914‬هـ ‪1447 -‬م ‪ -‬دار الخير‪ -‬دمشق ‪ -‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -2‬البحر الرائق شرح كنز الدقائق لزين الدين بن إبراهيم بن دمحم‪ ،‬المعروف‬
‫بابن نجيم المصري (ت‪480 :‬هـ) ‪ -‬دار الكتاب اإلسالمي ‪.‬‬
‫‪ -6‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ألبي بكر بن مسعود الكاساني‬
‫(‪578‬هـ)‪ -‬ضبط نصه وحققه ‪ :‬د‪.‬دمحم دمحم تامر – دمحم السعيد الزيني –‬
‫وجيه دمحم علي – طبعة ‪1923‬هـ‪2005 -‬م‪ -‬دار الحديث – القاهرة ‪.‬‬
‫‪ -9‬البناية شرح الهداية لمحمود بن أحمد بن موسى بدر الدين العينى‬
‫(المتوفى‪755 :‬هـ) ‪-‬الطبعة‪ :‬األولى‪ 1920 ،‬هـ ‪ 2000 -‬م‪ -‬الناشر‪:‬‬
‫دار الكتب العلمية ‪ -‬بيروت‪ ،‬لبنان‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫‪ -5‬تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق لفخر الدين عثمان بن علي الزيلعي (ت‬
‫‪896‬هـ) – الطبعة األولى – ‪1616‬هـ ‪ -‬المطبعة الكبرى األميرية –‬
‫القاهرة‬
‫‪ -3‬تحفـة الفقهاء لعالء الدين السمرقندي (ت‪564‬هـ)– حققـه وعلق عليه ‪:‬‬
‫د‪.‬دمحم زكي عبد البر – الطبعة الثالثة – ‪1914‬هـ‪1447 -‬م – مكتبـة دار‬
‫التراث – القاهرة‬
‫‪ -8‬حاشية رد المحتار على الدر المختارلمحمد أمين بن عمر بن عبد العزيز‬
‫الشهير بابن عابدين(ت‪1252 :‬هـ)‪ -‬الطبعة‪ :‬الثانية‪1912 ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪1442‬م‪ -‬الناشر‪ :‬دار الفكر‪-‬بيروت ‪.‬‬
‫‪ -7‬درر الحكام شرح غرر األحكام لمنال خسرو (ت ‪775‬هـ) – طبعة دار‬
‫إحياء الكتب العربية ‪.‬‬
‫الغرة المنيفة في تحقيق بعض مسائل اإلمام أبي حنيفة لعمر بن إسحق‬
‫بن أحمد الهندي الغزنوي (المتوفى‪886 :‬هـ)‪ -‬الطبعة‪ :‬األولى‪1473-1903‬هـ‬
‫‪ -‬مؤسسة الكتب الثقافية‬
‫‪ -4‬المبسوط لمحمد بن أحمد بن أبي سهل شمس األئمة السرخسي (ت‪:‬‬
‫‪976‬هـ) ‪ -‬طبعة ‪1919‬هـ ‪1446 -‬م ‪ -‬دار المعرفة – بيروت ‪.‬‬
‫المذهب المالكي ‪:‬‬
‫‪ -1‬اإلشراف على نكت مسائل الخالف للقاضي أبو دمحم عبد الوهاب بن علي‬
‫بن نصر البغدادي المالكي (‪922‬هـ)‪ -‬المحقق‪ :‬الحبيب بن طاهر‪-‬‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪1920 ،‬هـ ‪1444 -‬م ‪ -‬دار ابن حزم ‪.‬‬
‫‪ -2‬بداية المجتهد ونهاية المقتصد لمحمد بن أحمد بن رشد الشهير بالحفيد (ت‬
‫‪545‬هـ)ج‪ – 626 /1‬شرح وتحقيق ‪ :‬رضوان جامع رضوان – الطبعة‬
‫األولى – ‪1918‬هـ ‪1448 -‬م ‪ -‬مكتبة اإليمان – المنصورة ‪.‬‬
‫‪ -6‬التوضيح في شرح المختصر الفرعي البن الحاجب لخليل بن إسحاق‬
‫الجندي المالكي المصري (المتوفى‪883 :‬هـ) ‪-‬المحقق‪ :‬د‪ .‬أحمد بن عبد‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫الكريم نجيب ‪ -‬الطبعة‪ :‬األولى‪1924 ،‬هـ ‪2007 -‬م ‪ -‬الناشر‪ :‬مركز‬


‫نجيبويه للمخطوطات وخدمة التراث ‪.‬‬
‫‪ -9‬جامع األمهات لعثمان بن عمر =جمال الدين بن الحاجب (ت‪393‬هـ)‪-‬‬
‫المحقق ‪ :‬أبو عبد الرحمن األخضر األخضري‪ -‬الطبعـة الثانية –‬
‫‪1921‬هـ‪2000 -‬م‪-‬دار اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع‬
‫‪ -5‬الدر الثمين والمورد المعين (شرح المرشد المعين على الضروري من علوم‬
‫الدين) لمحمد بن أحمد ميارة المالكي ‪ -‬المحقق‪ :‬عبد هللا‬
‫المنشاوي‪1924‬هـ ‪2007 -‬م ‪ -‬دار الحديث القاهرة ‪.‬‬
‫‪ -3‬الذخيرة ألبي العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس الشهير بالقرافي‬
‫(المتوفى‪379 :‬هـ) المحقق‪ :‬دمحم حجي‪ -‬سعيد أعراب ‪ -‬دمحم بو خبزة ‪-‬‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪ 1449 ،‬م الناشر‪ :‬دار الغرب اإلسالمي‪ -‬بيروت‬
‫‪ -8‬الشرح الكبير ألبي البركات أحمد الدردير بهامش حاشية الدسوقي لمحمد‬
‫بن عرفة الدسوقي ‪1961 -‬هـ‪2010 -‬م – مطابع أخبار اليوم ‪.‬‬
‫‪ -7‬شرح الخرشي على مختصر خليل لمحمد بن عبد هللا الخرشي(ت ‪1101‬هـ‬
‫)– دار الفكر – بيروت ‪.‬‬
‫‪ -4‬الشرح الصغير ألحمد بن دمحم بن أحمد الدردير بهامش بلغة السالك ألحمد‬
‫بن دمحم الصاوي‪ -‬الطبعة األخيرة – مطبعة مصطفى البابي الحلبي –‬
‫مصر ‪.‬‬
‫‪ -10‬عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة لجالل الدين عبد هللا بن‬
‫نجم بن شاس (‪ -)313‬دراسة وتحقيق‪ :‬أ‪ .‬د‪ .‬حميد بن دمحم لحمر‪-‬‬
‫الطبعـة‪ :‬األولى‪ 1926 ،‬هـ ‪ 2006 -‬م ‪ -‬الناشر‪ :‬دار الغرب اإلسالمي‪،‬‬
‫بيروت – لبنان‬
‫‪ -11‬القوانين الفقهية لمحمد بن أحمد بن جزي (ت ‪891‬هـ) ‪ – 77 /‬دار‬
‫الفكر ‪.‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫‪ -12‬المعونة على مذهب عالم المدينة للقاضي عبد الوهاب البغدادي (ت‬
‫‪922‬هـ) – تحقيق ودراسة ‪ :‬حميش عبد الحق – الطبعة األولى –‬
‫‪1926‬هـ ‪2006 -‬م – مكتبة نزار مصطفى الباز‬
‫‪ -16‬المقدمات الممهدات أبو الوليد دمحم بن أحمد بن رشد القرطبي (المتوفى‪:‬‬
‫‪520‬هـ) ‪-‬تحقيق‪ :‬الدكتور دمحم حجي‪ -‬الطبعة‪ :‬األولى‪ 1907 ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪ 1477‬م ‪-‬الناشر‪ :‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت ‪ -‬لبنان‬
‫‪ -19‬منح الجليل شرح مختصر خليل لمحمد بن أحمد عليش (ت ‪1244‬هـ)‪-‬‬
‫طبعة ‪1904‬هـ‪1474/‬م ‪-‬دار الفكر – بيروت ‪.‬‬
‫المدَّونة من غيرها من األمهات ألبي دمحم‬ ‫النوادر و ِ‬
‫الزيادات على َما في َ‬ ‫‪َّ -15‬‬
‫عبد هللا بن (أبي زيد) عبد الرحمن النفزي‪ ،‬القيرواني‪ ،‬المالكي (المتوفى‪:‬‬
‫محمد‬
‫َّ‬ ‫‪673‬هـ) ‪ -‬تحقيق ‪:‬الدكتور‪ /‬عبد الفتاح دمحم الحلو ‪ -‬الدكتور‪/‬‬
‫حجي ‪ -‬األستاذ‪ /‬دمحم عبد العزيز الدباغ ‪ -‬الدكتور‪ /‬عبد هللا المرابط‬
‫الترغي ‪-‬األستاذ‪ /‬دمحم عبد العزيز الدباغ األستاذ‪ /‬دمحم األمين بوخبزة ‪-‬‬
‫الدكتور‪ /‬أحمد الخطابي‪ ،‬األستاذ‪ /‬دمحم عبد العزيز الدباغ ‪ -‬الطبعة‪:‬‬
‫األولى‪ 1444 ،‬م ‪ -‬الناشر‪ :‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‬
‫المذهب الشافعي ‪:‬‬
‫‪ -1‬أسنى المطالب لزكريا بن دمحم األنصاري(ت ‪423‬هـ) ج‪ -656 /1‬دار‬
‫الكتاب اإلسالمي ‪.‬‬
‫اإلقناع في حل ألفاظ أبي شجاع للخطيب الشربيني مع حاشية البجيرمي –‬
‫طبعة ‪1915‬هـ ‪ 1445 -‬م – دار الفكر ‪.‬‬
‫‪ -2‬بحر المذهب لعبد الواحد بن إسماعيل الروياني (ت سنة ‪ 502‬هـ) ‪-‬‬
‫المحقق‪ :‬طارق فتحي السيد‪ -‬الطبعة‪ :‬األولى‪ 2004 ،‬م ‪ -‬دار الكتب‬
‫العلمية ‪.‬‬
‫‪ -6‬البيان للعمراني – المحقق ‪ :‬قاسم دمحم النوري – طبعة ‪1921‬هـ ‪-‬‬
‫‪2000‬م – دار المنهاج ‪.‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫حاشية البجيرمي على شرح منهج الطالب لسليمان بن عمر البجيرمي‬


‫(ت ‪1221‬هـ)– طبعة ‪1634‬هـ‪1450 -‬م – مطبعة الحلبي ‪.‬‬
‫‪ -9‬حاشية إعانة الطالبين ألبي بكر عثمان بن دمحم شطا الدمياطي البكري‬
‫(‪1600‬هـ) على حل ألفاظ فتح المعين لعبد العزيز بن زين الدين‬
‫المليباري ‪ -‬حققه وخرج أحاديثه ‪ :‬عبد الحكيم دمحم عبد الحكيم ‪ -‬المكتبة‬
‫التوفيقية – مصر ‪.‬‬
‫‪ -5‬الحاوي الكبير ألبي الحسن علي بن دمحم بن حبيب‪ ،‬الشهير بالماوردي‬
‫(ت ‪950 :‬هـ) ‪ -‬المحقق‪ :‬الشيخ علي دمحم معوض ‪ -‬الشيخ عادل أحمد‬
‫عبد الموجود ‪ -‬الطبعة‪ :‬األولى‪ 1914 ،‬هـ ‪ 1444-‬م ‪ -‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ -‬بيروت – لبنان‬
‫‪ -3‬حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء لمحمد بن أحمد بن الحسين بن‬
‫عمر‪ ،‬أبو بكر الشاشي القفال (المتوفى‪508 :‬هـ) ‪ -‬المحقق‪ :‬د‪ .‬ياسين‬
‫أحمد إبراهيم درادكة‪ -‬الطبعة‪ :‬األولى‪1470 ،‬م ‪ -‬مؤسسة الرسالة ‪ /‬دار‬
‫األرقم ‪ -‬بيروت ‪ /‬عمان‬
‫‪ -8‬شرح منهج الطالب لجالل الدين المحلي بهامش حاشيتا قليوبي وعميرة ‪-‬‬
‫طبعة دار إحياء الكتب العربية‬
‫‪ -7‬فتح الوهاب بشرح منهج الطالب زكريا بن دمحم بن أحمد األنصاري(ت ‪:‬‬
‫‪423‬هـ)‪ -‬الطبعة ‪-1919 :‬هـ‪1449/‬م ‪ -‬دار الفكر للطباعة والنشر‬
‫‪ -4‬المجموع شرح المهذب ألبي زكريا يحيى بن شرف النووي (ت‪383 :‬هـ)‬
‫ج‪ - 625 /5‬دار الفكر ‪.‬‬
‫‪ -10‬مغني المحتاج لمحمد الشربيني الخطيب ‪ -‬طبعة ‪1688‬هـ‪1457 -‬م –‬
‫مطبعة مصطفى البابي الحلبي‬
‫‪ -11‬نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج لشمس الدين دمحم بن أحمد بن حمزة‬
‫شهاب الدين الرملي (المتوفى‪1009 :‬هـ) ‪-‬الطبعة‪ :‬ط أخيرة ‪-‬‬
‫‪1909‬هـ‪1479/‬م ‪ -‬الناشر‪ :‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫‪ -12‬نهاية المطلب في دراية المذهب عبد الملك بن عبد هللا بن يوسف بن‬
‫دمحم الجويني‪ ،‬أبو المعالي الملقب بإمام الحرمين (المتوفى‪987 :‬هـ) ‪-‬‬
‫حققه وصنع فهارسه‪ :‬أ‪ .‬د‪ /‬عبد العظيم محمود الديب‪ -‬الطبعة‪ :‬األولى‪،‬‬
‫‪1927‬هـ‪2008-‬م ‪ -‬الناشر‪ :‬دار المنهاج‪.‬‬
‫المذهب الحنبلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬اإلنصاف في معرفة الراجح من الخالف لعالء الدين أبو الحسن علي بن‬
‫سليمان المرداوي (ت‪775 :‬هـ)‪ -‬الطبعة‪ :‬الثانية ‪ -‬دار إحياء التراث‬
‫العربي‬
‫‪ -2‬الروض المربع شرح زاد المستقنع لمحمد بن يونس البهوتي – تحقيق ‪:‬‬
‫عماد عامر – ‪1925‬هـ‪2009 -‬م – دار الحديث – القاهرة ‪.‬‬
‫‪ -6‬الشرح الكبير على متن المقنع لعبد الرحمن بن دمحم بن قدامة (ت ‪372‬هـ‬
‫)– أشرف على طباعته ‪ :‬دمحم رشيد رضا – دار الكتاب العربي ‪.‬‬
‫‪ -9‬شرح منتهى اإلرادات لمنصور بن يونس بن إدريس البهوتى الحنبلى (ت‪:‬‬
‫‪1051‬هـ) ‪ -‬الطبعة‪ :‬األولى‪1919 ،‬هـ ‪1446 -‬م‪ -‬دار عالم الكتب ‪.‬‬
‫‪ -5‬شرح الزركشي لشمس الدين دمحم بن عبد هللا الزركشي المصري الحنبلي‬
‫(المتوفى‪882 :‬هـ)‪ -‬الطبعة‪ :‬األولى‪ 1916 ،‬هـ ‪ 1446 -‬م ‪ -‬دار‬
‫العبيكان‬
‫‪ -3‬الشرح الممتع على زاد المستقنع دمحم بن صالح بن دمحم العثيمين (المتوفى‪:‬‬
‫‪1921‬هـ) ‪ -‬الطبعة األولى‪ 1927 - 1922 ،‬هـ ‪ -‬دار النشر‪ :‬دار ابن‬
‫الجوزي ‪.‬‬
‫‪ -8‬العدة شرح العمدة لبهاء الدين عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسي ‪-‬تحقيق ‪:‬‬
‫أحمد بن علي – طبعة ‪1929‬هـ ‪2006 -‬م‪ -‬دار الحديث ‪.‬‬
‫‪ -7‬شرح الزركشي لشمس الدين دمحم بن عبد هللا الزركشي المصري الحنبلي‬
‫(المتوفى‪882 :‬هـ)‪ -‬الطبعة‪ :‬األولى‪ 1916 ،‬هـ ‪ 1446 -‬م ‪ -‬دار‬
‫العبيكان‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫‪ -4‬الشرح الممتع على زاد المستقنع دمحم بن صالح بن دمحم العثيمين (المتوفى‪:‬‬
‫‪1921‬هـ) ‪ -‬الطبعة األولى‪ 1927 - 1922 ،‬هـ ‪ -‬دار النشر‪ :‬دار ابن‬
‫الجوزي ‪.‬‬
‫‪ -10‬العدة شرح العمدة لبهاء الدين عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسي ‪-‬تحقيق ‪:‬‬
‫أحمد بن علي – طبعة ‪1929‬هـ ‪2006 -‬م‪ -‬دار الحديث ‪.‬‬
‫‪ -11‬مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى لمصطفى بن سعد السيوطي‬
‫شهرة‪ ،‬الرحيبانى مولدا ثم الدمشقي الحنبلي (ت‪1296 :‬هـ)‪ -‬الناشر‪:‬‬
‫المكتب اإلسالمي‪ -‬الطبعة الثانية‪1915 ،‬هـ ‪1449 -‬م ‪.‬‬
‫‪ -12‬المبدع في شرح المقنع إلبراهيم بن دمحم بن مفلح برهان الدين (ت‪:‬‬
‫‪779‬هـ) ‪ -‬الطبعة‪ :‬األولى‪ 1917 -‬هـ ‪ 1448 -‬م ‪ -‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بيروت – لبنان ‪.‬‬
‫‪ -16‬مسائل اإلمام أحمد بن حنبل (‪291‬هـ) رواية ابنه عبد هللا – المحقق ‪:‬‬
‫زهير الشاويش – الطبعة األولى – ‪1901‬هـ ‪1471 -‬م – الناشر ‪:‬‬
‫المكتب اإلسالمي – بيروت ‪.‬‬
‫‪ -19‬منار السبيل للشيخ إبراهيم بن دمحم بن ضويان (ت‪1656‬هـ) – خرج‬
‫أحاديثه ‪ :‬فريد عبد العزيز الجندي – طبعة ‪1922‬هـ ‪2001 -‬م – دار‬
‫الحديث ‪.‬‬
‫‪ -15‬نيل المآرب لعبد القادر بن عمر التغلبي‪ -‬طبعة دار إحياء الكتب‬
‫العربية ‪ .‬المغني لموفق الدين عبد هللا بن أحمد بن دمحم بن قدامة المقدسي‬
‫(ت ‪320‬هـ) – طبعة ‪1677‬هـ ‪1437 -‬م‪ -‬مكتبة القاهرة‬
‫سادسًا ‪ :‬مراجع متنوعة‪:‬‬
‫‪ -1‬اإلسالم واألوضاع االقتصادية للشيخ دمحم الغزالي ‪ /‬ص‪– 117 -118‬‬
‫الطبعة الثالثة – ‪2005‬م‪ -‬دار نهضة مصر ‪.‬‬
‫‪ -2‬األموال البن زنجويه ألبي أحمد حميد بن مخلد بن قتيبة بن عبد هللا‬
‫الخرساني المعروف بابن زنجويه (المتوفى‪251 :‬هـ) ‪-‬تحقيق الدكتور‪:‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫شاكر ذيب فياض األستاذ المساعد ‪ -‬بجامعة الملك سعود ‪ -‬الطبعة‪:‬‬


‫األولى‪ 1903 ،‬هـ ‪ 1473 -‬م ‪ -‬الناشر‪ :‬مركز الملك فيصل للبحوث‬
‫والدراسات اإلسالمية‪ ،‬السعودية‪.‬‬
‫‪ -6‬األموال ألبي عبيد القاسم بن سالم بن عبد هللا الهروي البغدادي (المتوفى‪:‬‬
‫‪229‬هـ) – المحقق‪ :‬خليل دمحم هراس – طبعة دار الفكر‪ - .‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -9‬تمام المنة في التعليق على فقه السنة لمحمد ناصر الدين األلباني (ت‬
‫‪1920‬هـ)‪ - 687 /‬الطبعة الخامسة – دار الراية ‪.‬‬
‫‪ -5‬الفقه اإلسالمي وأدلته لوهبة الزحيلي ‪ -‬الطبعة الرابعة ‪ -‬دار الفكر‪ -‬سوريا‬
‫‪.‬‬
‫‪ -3‬الفقه الميسر ‪ :‬أ‪ .‬د‪َ .‬عبد هللا بن دمحم الطيار‪ ،‬أ‪ .‬د‪ .‬عبد هللا بن محمد‬
‫الوطن َّ‬
‫للنشر‪،‬‬ ‫الموسى ج‪َ -42 /4‬م َدار َ‬
‫َ‬ ‫محمد بن إبراهيم‬
‫َّ‬ ‫المطلق‪ ،‬د‪.‬‬
‫الرياض ‪ -‬المملكة العربية السعودية ‪.‬‬
‫‪ -8‬مقارنات في زكاة األموال الحولية – د‪.‬مصباح المتولي السيد حماد –‬
‫مجلة الشريعة والقانون ‪.‬‬
‫زكاة رواتب الموظفين وكسب أصحاب المهن الحرة للدكتور ‪ :‬اليزيد بن‬
‫دمحم الراضي – بدون طبعة‪.‬‬
‫‪ -7‬زكاة رواتب ودخول الموظفين الشهرية للدكتور ‪ :‬مراد رايق رشيد عودة ‪/‬‬
‫‪1962 -‬هـ ‪2011 -‬م – جامعة النجاح الوطنية – غزة ‪.‬‬
‫‪ -4‬زكاة المال المستفاد للدكتور ‪ :‬بسام حسن العف – أ‪ :‬أحمد نصار أبو ثريا‬
‫– بحث مقدم إلى مؤتمر " نحو زكاة فاعلة تحقق مقاصدها الشرعية " ‪-‬‬
‫و ازرة األوقاف والشؤون الدينية – غزة‬
‫‪ - 10‬زكاة الرواتب للدكتورة ‪ :‬حنان رزق هللا أبو مخ ‪ -‬بحث مقدم إلى‬
‫مؤتمر الزكاة بعنوان ( ‪ -11‬زكاة دخول الموظفين والمهن الحرة) ‪ -‬جامعة‬
‫النجاح الوطنية – ‪1962‬هـ ‪2011 -‬م – فلسطين‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫‪ -11‬الفقه الميسر ‪ :‬أ‪ .‬د‪َ .‬عبد هللا بن دمحم الطيار‪ ،‬أ‪ .‬د‪ .‬عبد هللا بن محمد‬
‫الوطن للنَّشر‪،‬‬
‫الموسى ‪ -‬الناشر‪َ :‬م َدار َ‬
‫َ‬ ‫محمد بن إبراهيم‬
‫َّ‬ ‫المطلق‪ ،‬د‪.‬‬
‫الرياض ‪ -‬المملكة العربية السعودية ‪.‬‬
‫‪ -12‬المحلى باآلثار ‪ -‬ألبي دمحم علي بن أحمد بن سعيد بن حزم األندلسي‬
‫القرطبي الظاهري (المتوفى‪953 :‬هـ) –الناشر دار الفكر – بيروت‬
‫‪ -16‬نوازل الزكاة – دراسة فقهية تأصيلية لمستجات الزكاة – لعبد هللا بن‬
‫منصور الغفيلي ‪ -‬دار الميمان للنشر والتوزيع – الرياض – المملكة‬
‫العربية السعودية ‪.‬‬
‫سابعًا ‪ :‬اللغة والمعاجم ‪:‬‬
‫‪ -1‬تاج العروس من جواهر القاموس لمحمد بن دمحم بن عبد الرزاق الحسيني‬
‫الملقب بمرتضى الزبيدي (ت‪1205‬هـ)‪ -‬المحقق ‪ :‬مجموعة من المحققين‬
‫‪ -‬دار الهداية‬
‫‪ -2‬تهذيب اللغة لمحمد بن أحمد بن األزهري (ت ‪680‬هـ) – المحقق ‪ :‬دمحم‬
‫عوض مرعب – الطبعة األولى – ‪ 2001‬م – دار إحياء التراث العربي –‬
‫بيروت‬
‫الفيروزآبادي‬ ‫‪ -6‬القاموس المحيط لمجد الدين دمحم بن يعقوب الشيرازي‬
‫(ت ‪718‬هـ) – اعتنى به ورتبه ‪ :‬حسان عبد المنان – طبعة بيت األفكار‬
‫الدولية ‪.‬‬
‫‪ -9‬لسان العرب لمحمد بن مكرم بن على جمال الدين ابن منظور األنصاري‬
‫(ت‪811 :‬هـ) ‪-‬الطبعة‪ :‬الثالثة ‪ 1919 -‬هـ ‪ -‬الناشر‪ :‬دار صادر –‬
‫بيروت ‪.‬‬
‫‪ -5‬مجمل اللغة ألحمد بن فارس بن زكريا القزويني (ت ‪645‬هـ)– دراسة‬
‫وتحقيق ‪ :‬زهير عبد المحسن سلطان – الطبعة الثانية – ‪1903‬هـ ‪-‬‬
‫‪1473‬م‪ -‬مؤسسة الرسالة ‪.‬‬
‫‪ -3‬مختار الصحاح لمحمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي ‪1929 -‬هـ ‪-‬‬
‫‪2006‬م– دار الحديث ‪.‬‬
‫زكاة المال المستفاد وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية مقارنة‬

‫‪ -8‬المصباح المنير ألحمد بن دمحم بن علي الفيومي المقريء ‪ -‬الطبعة األولى‬


‫– ‪1921‬هـ ‪2000 -‬م – دار الحديث ‪.‬‬
‫‪ -7‬المعجم الوسيط (إبراهيم مصطفى ‪ /‬أحمد الزيات ‪ /‬حامد عبد القادر ‪ /‬دمحم‬
‫النجار– دار الدعوة – القاهرة )‪.‬‬
‫ثامنًا ‪ :‬التراجم ‪:‬‬
‫‪ -1‬األعالم لخير الدين الزركلي – طبعة دار العلم للماليين ‪.‬‬
‫‪ -2‬أسد الغابة في معرفة الصحابة لعلي بن أبي الكرم دمحم بنن عبد الواحد‬
‫الشيباني الجزري‪ ،‬عز الدين ابن األثير (المتوفى‪360 :‬هـ) ‪ -‬المحقق‪:‬‬
‫علي دمحم معوض ‪ -‬عادل أحمد عبد الموجود ‪ -‬الطبعة األولى ‪-‬‬
‫‪1915‬هـ ‪ 1449 -‬م ‪ -‬دار الكتب العلمية‬
‫‪ -6‬تهذيب التهذيب ألحمد بن علي بن دمحم بن أحمد بن حجر العسقالني‬
‫(المتوفى‪752 :‬هـ) الطبعة‪ :‬الطبعة األولى‪1623 ،‬هـ ‪ -‬الناشر‪ :‬مطبعة‬
‫دائرة المعارف النظامية‪ ،‬الهند‬
‫‪ -9‬الجرح والتعديل ألب دمحم عبد الرحمن بن دمحم بن إدريس بن المنذر التميمي‬
‫ابن أبي حاتم (ت‪628 :‬هـ) ج‪ - 975 /9‬الطبعة‪ :‬األولى‪ 1281 -‬هـ‬
‫‪ 1452‬م ‪ -‬طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية ‪ -‬بحيدر آباد الدكن –‬
‫الهند ‪ -‬دار إحياء التراث العربي – بيروت)‬
‫‪ -5‬الطبقات الكبرى لمحمد بن سعد بن منيع البصري المعروف بابن سعد‬
‫(المتوفى‪260 :‬هـ) تحقيق‪ :‬دمحم عبد القادر عطا ‪ -‬الطبعة‪ :‬األولى‪،‬‬
‫‪ 1910‬هـ ‪ 1440 -‬م ‪ -‬دار الكتب العلمية – بيروت‬
‫‪ -3‬معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة – طبعة دار إحياء التراث العربي –‬
‫بيروت ‪.‬‬

You might also like