You are on page 1of 13

‫في المنطق ‪ -‬من وحي شرح إيساغوجي‬

‫هذه فقرات كتبتها منذ سنين عديدة‪ ،‬أنشرها اآلن عسى أن يكون فيها فائدة‪.‬‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬


‫الحم ُد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على سيد المرسلين سيدنا‬
‫محمد صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى من تبعه‬
‫بإحسان إلى يوم الدين‪.‬‬
‫وبع ُد‪:‬‬
‫المنطق آلةٌ قانونية تعصم مراعاتها الذهن عن الخطأ في الفكر‪.‬‬
‫وكلمة [المنطق] مصد ٌر ميم ٌّي مقو ٌل باالشتراك على أمرين‪ ،‬األول‪:‬‬
‫النطق بمعنى التلفظ الثاني‪ :‬اإلدراك‪ .‬و ُس ِّم َي هذا العلم بهذا االسم ألنه‬
‫يسلك باإلدراك مسلك السداد‪ ،‬ويقوي صاحبه على النطق والتكلم‪.‬‬
‫والمنطق واسطة بين القوة العاقلة والمطالب الكسبية في االكتساب‪ ،‬ولهذا‬
‫أطلق عليه بأنه آلة‪ ،‬فاآللة هي‪ :‬الواسطة بين الفاعل ومنفعله في وصول‬
‫أثره إليه كالمنشار للنجار‪.‬‬
‫ومسائل المنطق قوانين‪ ،‬أي قواعد كلية منطبقة على سائر جزيئاتها‪.‬‬
‫واإلنسان ال يمكن أن يستفيد من علم المنطق بمجرد تصور مسائله‪ ،‬بل‬
‫الفائدة إنما تحصل عند مراعاة هذه القوانين في أثناء التفكير‪ .‬فالذهن‬
‫البشري الذي هو قوةٌ مهيأة القتناص صور األشياء إذا الحظ هذه‬
‫القوانين والقواعد لم يخطئ في فكره‪ ،‬فهو عندما يفكر إنما يُرتِّب أموراً‬
‫معلومة ليتوصل بها إلى مجهول‪ ،‬تصوري أو تصديقي‪ ،‬فإذا كان ترتيبه‬
‫لهذه األمور المعلومة متناغما ً مع قواعد المنطق‪ ،‬فإنه قطعا ً يصل إلى‬
‫المقصود‪.‬‬
‫وال ينبغي أن يغفل القارئ عن أن ما مضى من الكالم لم يكن المقصود‬
‫منه بيان حقيقة وماهية علم المنطق‪ ،‬بل كان المراد هو رسمه وتمييزه‬
‫عن غيره ببيان بعض العوارض التي تلزم عنه في نفسه‪ ،‬فالمنطق في‬
‫حد ذاته عل ٌم من العلوم‪ ،‬كما أنه بالنسبة إلى غيره آلة كما أن أصول‬
‫الفقه علم بالنظر لذاته‪ ،‬وهو بالنظر إلى الفقه آلة كما ال يخفى‪ .‬والتحقيق‬
‫أن العلوم كلها آالت‪ ،‬فالعلم ليس مراداً لذاته قطعا ً بل هو‬ ‫الذي أراه ّ‬
‫مطلوبٌ لغيره‪ ،‬ويدخل في هذا كل العلوم‪ .‬ومنها المنطق‪ ،‬فهو عل ٌم‬
‫يعرف به الفكر الصحيح من الفاسد‪.‬‬
‫موضوع علم المنطق‬
‫لكل علم موضوع‪ ،‬والموضوع هو ما يبحث في ذلك العلم عن عوارضه‬
‫الذاتية‪ ،‬كبدن اإلنسان لعلم الطلب والكلمات العربية لعلم النحو‪،‬‬
‫والمقصود بالعوارض الذاتية هي التي تلحق الشيء لذاته‪ ،‬كالتعجب‬
‫الالحق لذات اإلنسان‪ ،‬أو تلحق الشيء لجزئه كالحركة باإلرادة؛ الالحقة‬
‫لإلنسان بواسطة أنه حيوان‪ ،‬أو تلحقه ألمر خارج عنه مسا ٍو له‬
‫كالضحك لإلنسان بواسطة التعجب‪ .‬وهذه األقسام الثالثة سميت عوارض‬
‫ذاتية الستنادها إلى الذات في الجملة‪.‬‬
‫وقد تعرض بعض األمور على الشيء ال لذاته بل ألمر خارج عنها‪.‬‬
‫أمر‬
‫وتسمى هذه عوارض غريبة‪ ،‬وهي التي تعرض للشيء بواسطة ٍ‬
‫خارج أع ّم من المعروض كالحركة الالحقة لألبيض بواسطة أنه جس ٌم؛‬ ‫ٍ‬
‫أو أخص كالضحك‪ y‬العارض للحيوان بواسطة أنه إنسان؛ أو مباين‬
‫كالحرارة العارضة للماء بسبب النار‪.‬‬
‫وسميت عوارض غريبة لما فيها من الغرابة بالقياس إلى المعروض‪،‬‬
‫فمثال [الماء] إذا نظرنا فيه ال نجد بينه وبين الحرارة عالقة عقلية فال‬
‫الحرارة تستلزم الماء وال الماء يستلزم الحرارة‪ y،‬ولكن نرى الماء حاراً‬
‫خارج‬
‫ٍ‬ ‫ونراه بارداً‪ ،‬فالحرارة عرضٌ يعرض على الماء بواسطة أمر‬
‫عن ماهية الماء وهو النار‪ ،‬والنار غريبة عن الماء‪.‬‬
‫واعلم أن هذه التقسيمات اصطالحية وضعت لتسهيل اإلدراك‪ ،‬والتعلم‬
‫والتعليم ولها أيضا ً حقائق خارجية من مستوى معين‪ .‬وهذا التقسيم يعكس‬
‫النظرة إلى الموجودات فإنه الشك توجد عالقات التأثر والتأثير بين ك ّل‬
‫موجودين من العالم‪ y،‬وهذه األفعال واالنفعاالت ندركها نحن بعقولنا‪ ،‬وإذا‬
‫أردنا أن نعبر عنها لغيرنا أو نفكر فيها لنبني عليها‪ ،‬الب ّد أن يكون‬
‫إدراكنا لها متناسبا ً مع وجودها الخارجي فاإلنسان مثالً‪ ،‬لنأخذ شخصا ً‬
‫زمان معين قد ال يكون ضاحكاً‪ y،‬وقد‬ ‫ٍ‬ ‫كمثا ٍل‪ ،‬رجل‪ ،‬هذا الرجل في‬
‫ينفعل بأمر خارجي فيتعجب والتعجب عارضٌ ذاتي لإلنسان وهو شعور‬
‫ينتج عند رؤية أو اإلحساس بأمر أو معرفة أمر لم يكن متوقعا ً عند‬
‫المدرك‪ ،‬وهذا الشعور ينتج عارضا ً آخر وهو الضحك‪ .‬فالضحك‪y‬‬
‫عارضٌ عرض على اإلنسان‪ ،‬ومن المهم أن ندرك هذا التحليل للوجود‬
‫الخارجي‪ y،‬لكي ال نفكر بعد هذا بأسلوب خاطئ فنقول مثالً‪ ،‬بما أن هذا‬
‫يضحك‪ ،‬وهو إنسان وذاك ال يضحك إذن فهو ليس إنساناً‪ ،‬هذا الحكم‬
‫خاطئ‪ ،‬ألن الضحك فعالً عارضٌ من عوارض اإلنسان‪ ،‬ال جزء من‬
‫أجزاء ماهيته‪.‬‬
‫إذا تحصل لدينا أمورٌ‪ :‬الشيء وهو الماهية أي الصفات التي ال يمكن‬
‫تصور الذات من دون تصورها‪ ،‬وعوارض تعرض على هذه الماهية‬
‫نتيجة أفعالها وانفعاالتها وهذه العوارض إ ّما ذاتية أو غريبة‪.‬‬
‫فاعلم ّ‬
‫أن‬
‫موضوع المنطق هو المعلومات التصورية والمعلومات التصديقية‪.‬‬
‫فالمنطقي يبحث عن أعراضها الذاتية‪ ،‬إذ هو يبحث عنها من حيث أنها‬
‫توصل لمجهول تصوري أو لمجهول تصديقي‪ ،‬ومن حيث يتوقف عليها‬
‫الموصل إلى ما ذكر‪ ،‬ككون المعلوم التصوري كليا ً وذاتيا ً وعرضيا ً‬
‫وجنسيا ً وفصالً‪..‬الخ‪ ،‬وسيأتي ذكر هذه األمور‪ ،‬وكون المعلوم التصديقي‬
‫قضية أو عكس قضية أو نقيض قضية إلى غير ذلك‪.‬‬
‫وسميت هذه المعلومات موضوعات ألنها توضع أي تؤخذ مسلمةً متفقا ً‬
‫عليها وإنما يقع الخالف في أعراضها‪.‬‬
‫يتبع ‪......‬‬

‫فائدة علم المنطق‬


‫تتضح فائدة علم المنطق من معرفة أوصافه‪ ،‬فبما أنه آلة العلم إذن‬
‫الفائدة المرجوة منه هي االحتراز عن الخطأ في الفكر؛ واإلنسان‬
‫معرض للخطأ في فكره‪ ،‬ألن هذا الفكر عبارة عن فعل اختياري‪،‬‬
‫وأفعال اإلنسان غير كاملة من وجو ٍه عديدة‪ ،‬وأيضا فقد يتأثر اإلنسان‬
‫عند الفكر بالظروف التي يعيش فيها‪ ،‬والعواطف التي يشعر بها‪ ،‬فقد‬
‫تحرفه األمور التي اعتاد فعلها أو وجدانها وتكون مدخالً للخطأ‪ .‬وما دام‬
‫هذا حاصالً‪ y،‬فمن المهم أن يستعين اإلنسان بآلة تجعل مجال فكره أقوى‬
‫وأوسع وهي المنطق‪.‬‬

‫حكم على المنطق‬


‫يجب على اإلنسان عقالً وشرعا ً أن يسعى لكي تكون أفعاله مطردة‬
‫ِّل كمال وجوده‪ ،‬والحق ال يدرك إال‬
‫متناسبة مع الحق‪ ،‬وذلك لكي يُحص َ‬
‫بوسيلتين العقل والشرع وال تعارض بين العقل والشرع بل هما‬
‫منسجمان واردان على نفس المحل‪ .‬وال يمكن لإلنسان مسايرة الحق إال‬
‫بعد العلم به‪ .‬فمن هنا وجب معرفة حكم الفعل قبل التلبس به‪ ،‬وهذا‬
‫مجم ٌع عليه‪.‬‬
‫أن المنطق على قسمين‬ ‫فاعلم ّ‬
‫قسم خال عن الفلسفة‪ ،‬وهذا ما سنوضحه في هذا الكتاب‪ y،‬والمقصود أنه‬
‫لم تمزج مسائله بمسائل الفلسفة التي قد يكون فيها انحراف‪.‬‬
‫وقسم لم يخ ُل‪.‬‬
‫وهذا القسم الثاني هو محل خالف‪ ،‬بين العلماء في تحريمه وتجويزه‪،‬‬
‫وأما األول فال خالف في جواز االشتغال به‪ ،‬بل هو فرضُ كفاية‪ ،‬ألن‬
‫تحرير العقائد اإلسالمية ودفع الشبه والشكوك عنها واجب على سبيل‬
‫الفن‪ ،‬وما يتوقف عليه الواجب‪y‬‬ ‫الكفاية‪ ،‬وذلك يتوقف على القوة في هذا ّ‬
‫فهو واجبٌ شرعا ً‪.‬‬
‫والعقل السليم يستحسن معرفة هذا العلم بهذه الصورة‪ ،‬وذلك ألن‬
‫اإلنسان مهما بلغ من قوة الذكاء الفطري وصفاء النفس‪ ،‬فإذا لم يكن‬
‫معصوماً‪ ،‬فال ب ّد أن يحتاج إلى التعلم واكتساب المعرفة من غيره في‬
‫سائر العلوم‪ ،‬ومنها علم المنطق‪ .‬وال يقال هنا إن الصحابة لم يتكلموا‬
‫فيه‪ ،‬فال حاجة لنا إليه ألننا نقول‪ :‬إن الصحابة والتابعين وإن لم يصنعوا‬
‫مفاهيم هذا العلم في كتب خاصة إال أنهم كانوا يستعملونه‪ ،‬وكانوا‬
‫يدركون أنه توجد قوانين عامة للتفكير ال يجوز للواحد أن يتجاوزها‬
‫وإال غلط‪ ،‬ولذلك كانوا يتحاورون وير ّد الواح ُد منهم على اآلخر في‬
‫فهمه‪ ،‬ولم يكن هذا األمر ممكنا ً عندهم إال ألنهم كانوا فعالً مدركين‬
‫قواعد التفكير‪ ،‬على األقل بعضهم‪ .‬ونحن ال نعني بالمنطق أكثر من هذا‪.‬‬
‫ولكن الذي زدناه هو وضع المصطلحات‪ y‬واألسماء‪ ،‬وذلك تسهيالً للتعلم‬
‫والتعليم‪ .‬وشأن المنطق في هذا شأن غيره من العلوم اإلسالمية مثل الفقه‬
‫واألصول وغيرها‪ ،‬فكأن الصحابة يعلمونها‪ ،‬بل وكذلك النحو والبيان‪،‬‬
‫ولكن لم تد َّو ْن في كتب ويوضع لها مصطلحات خاصة إال بعد ذلك‪.‬‬
‫ومن هذا نعلم أنه ال يشترط للعلم بهذه القوانين الكلية معرفة‬
‫المصطلحات‪ y‬واألسماء المخصوصة كما يتصور البعض‪ ،‬بل يكفي‬
‫تصورها أي المعاني في األذهان بشكل يمكن بناء العمل عليه‪ .‬ولذا قال‬
‫من ال معرفة له بالمنطق ال ثقة بعلمه] وسماه معيار‬ ‫اإلمام الغزالي [ ْ‬
‫العلوم‪ .‬وكالمه في غاية القوة ويتضح بما ذكرناه‪.‬‬
‫فالمنطق ميزان العلوم الذي يعلم به صحيح الفكر فيها من فاسدة كما‬
‫يعلم بالميزان الحسي تمام الموزون من نقصه‪ ،‬فهو مستلزم لمعرفة‬
‫العلوم وحصولها على الوجه األكمل‪.‬‬
‫وبعد توضيح هذه المقدمات يكون الوقت قد حان للشروع في علم‬
‫المنطق؛ك وسنمهد لهذا ببيان مباحث المنطق على وجه كلي‪ ،‬وذلك ألن‬
‫الذهن عندما ينحصر في مسألة معينة فإنه يزداد قوة‪ ،‬وفي هذا حفظ‬
‫للقارئ عن التشتت والضياع‪ ،‬لئال يهتم بمسائل يحسبها من المنطق وهي‬
‫ليست كذلك‪ ،‬فتبين بهذا أهمية حصر المسائل والمباحث‪.‬‬
‫أن الحصر له ثالثة أقسام‪.‬‬‫فاعلم ّ‬
‫األول‪ :‬جعلي وهو الذي يجع ُل بجعل جاع ٍل‪ ،‬أي يكون تابعا ً إلرادة‪ ،‬ال‬
‫ألنه يجب عقالً أو لذاته أن يكون هكذا محصوراً‪ ،‬وذلك مثل حصر‬
‫الكلِّ في أجزائه‪ .‬وأيضا ً كما في حصر أبواب المنطق بما سنبينه‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬استقرائي وهو تتبع أفراد الشيء بحيث ال يبقى منها غر ٌد على‬
‫حسب ما تقتضيه القوة البشرية‪ ،‬فهذا القسم تابع لمدى انتشار الحس‬
‫ومالقاته للموجودات إ ّما بواسطة أو غير واسطة‪ ،‬فدقته تعتمد على سعة‬
‫اطالع المستقرئ‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬عقلي وهو الذي ال يجوز العقل خالفه كحصر العالم في الجوهر‬
‫والعرض‪ .‬وهذا النوع من االستقراء يكون معتمداً على ضروريات عقلية‬
‫قاطعة‪.‬‬
‫أن الحصر الذي سنسرده هنا إنما هو جعلي‪ ،‬فنقول‪:‬‬ ‫إذن‪ ،‬يتحصل لدينا ّ‬
‫ٌ‬
‫وتصديقات‪ ،‬ولكلِّ منهما مبادئ ومقاصد‪ .‬فهذه‬ ‫ٌ‬
‫تصورات‬ ‫المعلومات‬
‫أربعة أبحاث‪ .‬ثم احتاج العلماء إلى أن يبحثوا األلفاظ ألنها من أقوى‬
‫الوسائل إلفادة تلك األربعة واستفادتها‪ ،‬فجعلوها بابا ً خامسا ً‪.‬‬
‫هذا هو الطريق الذي سنسير فيه لنصل إلى المقصود‪.‬‬

‫يتبع ‪ ......‬مع‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬نى الداللة‬


‫قبل أن نعرف كيفية داللة األلفاظ على المع‪yy‬اني‪ ،‬األصل أن ن‪yy‬بيّن مفه‪yy‬وم‬
‫الدالل‪yy‬ة‪ .‬فالداللة هي ك‪yy‬ون الش‪yy‬يء بحالة يل‪yy‬زم من العلم به العلم بش‪yy‬يء‬
‫آخر‪ .‬واألول ال‪yy‬دالُّ والث‪yy‬اني الم‪yy‬دلول‪ ،‬فال‪yy‬دالُّ هو ال‪yy‬ذي يل‪yy‬زم من العلم به‬
‫العلم بشيء آخر‪ ،‬والمدلول هو الذي يلزم من العلم بشيء آخر العلم به‪.‬‬
‫فمن المعلوم أنه توجد عالقات بين كل موجو ٍد وآخ‪yy‬ر‪ ،‬وال‪yy‬ذهن قد تنطبع‬
‫فيه ص‪yy‬ور بعض الموج‪yy‬ودات‪ ،‬ويك‪yy‬ون ثمة عالقة بين التص‪yy‬ور الحاصل‪y‬‬
‫في الذهن وبين تصور شيء آخر‪ ،‬فقد يتم تنبه الذهن إلى أمر عند تنبهه‬
‫إلى أمر آخ‪yy‬ر‪ ،‬ومن المعل‪yy‬وم أنه البد من وج‪yy‬ود تالزم من جه ‪ٍ y‬ة ما بين‬
‫هذين األمرين المت‪yy‬واردين على ال‪yy‬ذهن‪ ،‬وس‪yy‬وا ًء ك‪yy‬ان ه‪yy‬ذا التالزم مطلق‪y‬ا ً‬
‫بين‪yy‬ا ً أو غ‪yy‬ير بيِّن‪ ،‬ف‪yy‬إن أصل التالزم موج‪yy‬ود‪ ،‬والمقص‪yy‬ود أنه إن التفت‬
‫اإلنس‪yy‬ان إلى التص‪yy‬ور األول يمكن أن يك‪yy‬ون ه‪yy‬ذا التص‪yy‬ور ذا حال ‪ٍ y‬ة يتم‬
‫تص‪yyy‬ور آخ‪yyy‬ر‪ ،‬وال شك أن ه‪yyy‬ذا التنبه إنما ك‪yyy‬ان‬ ‫ٍ‬ ‫بواس‪yyy‬طتها تنبهه إلى‬
‫التص‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬ور األول س‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬ببا ً فيه‪.‬‬
‫أن العالقة‬ ‫ه‪yy‬ذا وصف مجمل وع‪yy‬ام ألصل مع‪yy‬نى الدالل‪yy‬ة‪ ،‬ومن المعل‪yy‬وم ّ‬
‫بين هذين األمرين يكون لها عدة أسباب‪ y،‬أي يمكن أن توجد ه‪yy‬ذه العالقة‬
‫بعدة وسائل سوف نشير إليها فيما يلي‪ .‬فمثالً اللفظ المعين يوض ُع وض‪yy‬عا ً‬
‫لكي يد َّل على معنى معين في الذهن فإذا أطلق هذا اللفظ ك‪yy‬ان ممكن‪y‬ا ً أن‬
‫يفهم منه المع‪yy‬نى الموض‪yy‬وع ل‪yy‬ه‪ .‬فالحالة ال‪yy‬تي اتصف بها ه‪yy‬ذا اللفظ هي‬
‫كونه موض‪yy‬وعا ً ل‪yy‬ذاك المع‪yy‬نى‪ .‬وأما الوضع فيمكن أن يتم ب‪yy‬أن يس‪yy‬تجلب‬
‫انتباه اإلنسان إلى المعنى المعين بوس‪yy‬يلة معينة كلما ورد إلى س‪yy‬معه لفظ‬
‫معين‪ ،‬فيصبح مع تكرار هذه التجربة‪ ،‬من عادة ه‪yy‬ذا اإلنس‪yy‬ان أن يتب‪yy‬ادر‬
‫المعنى المعين إلى ذهنه كلما سمع ذلك اللفظ‪ .‬وليس هذا موضع التفصيل‬
‫في مع‪yyyyyyyyyyyyyyy‬نى الوض‪yyyyyyyyyyyyyyy‬ع‪ ،‬وإنما أردنا اإلش‪yyyyyyyyyyyyyyy‬ارة إليه‪.‬‬
‫أقس‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬ام الداللة‬
‫أقس‪yy‬ام الداللة س‪yy‬تة‪ ،‬ألن ال‪yy‬دا ّل لف‪yy‬ظٌ وغ‪yy‬يره‪ ،‬وداللة ك ‪ّ y‬ل منهما وض‪yy‬عية‬
‫وطبيعية‪.‬‬ ‫وعقلية‬
‫فداللة اللفظ وض‪yy‬عا ً كداللة اإلنس‪yy‬ان على الحي‪yy‬وان الن‪yy‬اطق‪ .‬وعقالً كداللة‬
‫اللفظ على الفظ‪y‬ه‪ ،‬وطبع‪y‬ا ً كداللة "أح" على وجع الص‪y‬در‪ ،‬وداللة األنين‬
‫الوجع‪.‬‬ ‫على‬
‫وداللة غير اللفظ وضعا ً كداللة اإلشارة بالرأس أو العين على معنى نعم‬
‫أو ال‪ .‬وعقالً كداللة األثر على الم‪yyyy‬ؤثر‪ ،‬وطبع‪yyyy‬ا ً كداللة الحم‪yyyy‬رة على‬
‫الخجل والص‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬فرة على الوجل‪.‬‬
‫وتوجد نِس‪yyyyy‬بٌ بين ه‪yyyyy‬ذه األقس‪yyyyy‬ام الس‪yyyyy‬تة نبينها بإجم‪yyyyy‬ال كما يلي‪:‬‬
‫فأما النسب باعتب‪yyyyyyyyyyyy‬ار المفهوم‪yyyyyyyyyyyy‬ات‪ :‬فهي متباينة كما ال يخفى‪.‬‬
‫وأ ّما النسب باعتبار المصدقات‪ y:‬فالوض‪yy‬عية اللفظية مباينة للطبيعة اللفظية‬
‫وكالهما أخصُّ من العقلية اللفظية خصوص‪yy‬ا ً مطلق‪yy‬اً‪ y،‬فكلما وجد وج‪yy‬دت‬
‫العقلية من غير عكس‪ .‬وما قيل في أقس‪yy‬ام اللفظية يق‪yy‬ال في أقس‪yy‬ام غيرها‬
‫من غ‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬ير ف‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬رق‪.‬‬
‫واللفظي بأقس‪yyyyyyyyyyy‬امه مب‪yyyyyyyyyyy‬اين لغ‪yyyyyyyyyyy‬ير اللفظي بأقس‪yyyyyyyyyyy‬امه‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫فالداللة اللفظية ك‪yyy‬ون اللفظ بحيث م‪yyy‬تى أطلق فهم منه المع‪yyy‬نى‪ ،‬والداللة‬
‫نسبة بين اللفظ والمعنى‪ ،‬بل بينهما وبين السامع‪ ،‬اعتبرت إض‪yy‬افتها‪ y‬ت‪yy‬ارةً‬
‫فتفس‪yy‬ر ب‪yy‬ذلك‪ ،‬وت‪yy‬ارة إلى المع‪yy‬نى فتفسر بفهم المع‪yy‬نى منه أي‬ ‫ّ‬ ‫إلى اللفظ‬
‫انفهام‪yy‬ه‪ ،‬وت‪yy‬ارة إلى الس‪yy‬امع فتفسر بفهمه للمع‪yy‬نى‪ ،‬أي انتق‪yy‬ال ذهنه إلي‪yy‬ه‪.‬‬
‫فيمكن أن يق‪yyyyyyyy‬ال‪ :‬الداللة متوقفة على الس‪yyyyyyyy‬امع ب‪yyyyyyyy‬القوة أو الفعل‪.‬‬
‫ق‪yyyyy‬ال الس‪yyyyy‬يد الش‪yyyyy‬ريف الجرج‪yyyyy‬اني‪ y‬في حواش‪yyyyy‬يه على المفت‪yyyyy‬اح‪y‬‬
‫كل ه‪yy‬ذه التفاس‪yy‬ير من المس‪yy‬اهالت ال‪yy‬تي ال تخ‪yy‬لُّ بالمقص‪yy‬ود‪ ،‬وذلك ألن‬
‫الداللة صفة للفظ قائمة به متعلقة بمعن‪yy‬اه‪ ،‬ك‪yy‬األبوة القائمة ب‪yy‬األب المتعلقة‬
‫ب‪y‬االبن‪ ،‬ف‪y‬إذا فس‪y‬رت باالنتق‪yy‬ال من اللفظ إلى المع‪yy‬نى‪ ،‬أو بأحد الفهمين لم‬
‫يلتبس على ذي مسكة أن االنتق‪yy‬ال وفهم الس‪yy‬امع ومفهومية المع‪yy‬نى ليست‬
‫صفات قائمة باللفظ‪ ،‬لكنها منبئة إنباء ظاهراً عن حالة قائمة به هي كون‬
‫اللفظ بحيث ي‪yyyyyyyyyyy‬ترتب عليه ما ذك‪yyyyyyyyyyy‬ر‪ ،‬وتلك الحيثية هي الداللة‪.‬‬
‫أقس‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬ام داللة اللفظ على المع‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬نى‬
‫من المعلوم أن المنطقي اهتمامه منصبُّ على المعاني ابتدا ًء‪ ،‬ثم على كل‬
‫ما يمكن أن ي‪yyy‬ؤثر على المع‪yyy‬اني بعد ذل‪yyy‬ك‪ ،‬فاهتمامه ب‪yyy‬المعنى أص‪yyy‬يل‬
‫وباللفظ ع‪yyy‬ارضٌ ‪ .‬ف‪yyy‬المنطقي إنما يبحث عما يتعلق بال‪yyy‬ذهن ال باللس‪yyy‬ان‪،‬‬
‫ولكن لما ك‪yy‬انت المع‪yy‬اني المقص‪yy‬ودة جلها تتوقف إفادتها واس‪yy‬تفادتها على‬
‫األلفاظ‪ ،‬فقد جرت عادة المصنفين في المنطق أن يبدؤوا ببيانها وقسموها‬
‫إلى مفرد ومركب‪ ،‬ولما كان اس‪yy‬تفادة المع‪yy‬اني منها ال من حيث ذاتها بل‬
‫من حيث داللته‪yyyyyyyyyyyy‬ا‪ ،‬تعرض‪yyyyyyyyyyyy‬وا لبحث الداللة أوالً‪ ،‬كما رأيت‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬ف‪yyyyyyyyyyy‬العلم ب‪yyyyyyyyyyy‬المنطق يتوقف على العلم بداللة األلف‪yyyyyyyyyyy‬اظ‪.‬‬
‫ش‪yy‬روع‪ ،‬كما فيما نحن فيه‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫واعلم أن أن‪yy‬واع التوقف خمسة‪:‬األول‪ :‬توقف‬
‫الث‪yyyyyyyyyyyy‬اني‪ :‬توقف ش‪yyyyyyyyyyyy‬عور كتوقف المع‪yyyyyyyyyyyy‬رّف على تعريفه‪.‬‬
‫الث‪yyyyyyyyyyyyyyyyyy‬الث‪ y:‬توقف وج‪yyyyyyyyyyyyyyyyyy‬ود كتوقف الماهية على أجزائها‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬توقف ت‪yyyyyyyyyyyyyy‬أثير كتوقف المفع‪yyyyyyyyyyyyyy‬ول على علته الفاعلية‪.‬‬
‫الخ‪yyyyyyyy‬امس‪ :‬توقف اش‪yyyyyyyy‬تراط كتوقف الص‪yyyyyyyy‬الة على الطه‪yyyyyyyy‬ارة‪.‬‬
‫أن اللفظ منه ما ي‪yy‬دل عقالً ومنه ما ي‪yy‬دل طبع‪yy‬اً‪ ،‬ومنه ما ي‪yy‬دل‬ ‫وقد م‪ّ yy‬ر ّ‬
‫وض‪yy‬عا ً والوض ‪ُ y‬ع هو جع ‪ُ y‬ل اللفظ ب‪yy‬إزاء المع‪yy‬نى‪ .‬كما م ‪ّ y‬ر اإلش‪yy‬ارة إليه‪.‬‬
‫وط‪yy‬رق داللة اللفظ على المع‪yy‬نى ثالث‪yy‬ة‪ ،‬والمقص‪yy‬ود هنا الداللة الوض‪yy‬عية‬
‫ألنها هي المقص‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬ودة‪.‬‬
‫فداللة اللفظ ما وض‪yyyyyyy‬ع‪ ،‬مطابق‪yyyyyyy‬ة‪ ،‬س‪yyyyyyy‬ميت ك‪yyyyyyy‬ذلك لموافقته له‪.‬‬
‫وداللته على جز ٍء ما وضع له‪ ،‬تض ُّم ُن‪ ،‬لتضمن المعنى لجزئ‪yy‬ه‪ ،‬ه‪yy‬ذا إن‬
‫كان له جزء بخالف البسيط كالنقطة‪ .‬فداللة المطابقة قد توجد بدون داللة‬
‫التض‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬من‪.‬‬
‫وداللته على ما يالزم ما وضع له في الذهن‪ ،‬التزا ٌم‪ ،‬الس‪yy‬تلزامه للمع‪yy‬نى‬
‫س‪yyy‬وا ًء الزمه في الخ‪yyy‬ارج أيض‪yyy‬ا ً أو ال‪ ،‬مث‪yyy‬ال األول الزوجية بالنس‪yyy‬بة‬
‫ُ‬
‫الملك‪yyyyyyyyyyy‬ات بالنس‪yyyyyyyyyyy‬بة لألع‪yyyyyyyyyyy‬دام‪.‬‬ ‫لألربعة مثال والث‪yyyyyyyyyyy‬اني‪:‬‬
‫مث‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬ا ٌل‪:‬‬
‫لفظ اإلنسان يدلُّ على الحيوان الناطق‪ ،‬وداللته بالمطابقة‪ ،‬وعلى الحيوان‬
‫العلم وص‪yyy‬نعت ِه الكتاب‪yyy‬ة‪ ،‬ب‪yyy‬االلتزام‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫أو الن‪yyy‬اطق‪ ،‬بالتض‪yyy‬من‪ ،‬وعلى قابل‬
‫تنبيه‪:‬‬
‫ي‬
‫تن‪yy‬ازع العلم‪yy‬اء في مس‪yy‬ألة وهي‪ :‬داللة الع‪yy‬ا ِّم على بعض أف‪yy‬راده‪ ،‬من أ ِّ‬
‫ن‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬وع من ال‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬دالالت هي‪:‬‬
‫فقال اإلمام الق‪yy‬رافي‪ :‬ليست ه‪yy‬ذه الداللة داخلة تحت أي ن‪yy‬وع من األن‪yy‬واع‬
‫المذكورة‪ ،‬فبطل إذن حصر الداللة الوض‪yy‬عية في ه‪yy‬ذه الثالث‪yy‬ة‪ .‬وأ ّما بي‪yy‬ان‬
‫ع‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬دم دخولها تحت الثالث‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬ة‪ ،‬فكما يلي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬هي ليست داخلة تحت المطابقة ألن البعض ليس تم‪yyyyyy‬ام المع‪yyyyyy‬نى‬
‫الموض‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬وع له الع‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬ام‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬ليست تض‪yy‬مناً‪ :‬ألن التض‪yy‬من ليس هو الداللة على الج‪yy‬زء‪ y،‬والبعض‬
‫الذي هو مدلول العام ليس جزءاً بل هو جزئي‪ ،‬فالجزء إنما يقابله الكل‪،‬‬
‫ومس‪yy‬مى ص‪yy‬يغة العم‪yy‬وم ليس ُكالً وإال لتع‪yy‬ذر االس‪yy‬تدالل بها على ثب‪yy‬وت‬
‫حكمها لف‪yyyyyyy‬رد من أفرادها في النفي أو النهي‪ ،‬فإنه ال يل‪yyyyyyy‬زم من نفي‬
‫المجم‪yyy‬وع نفي جزئ‪yyy‬ه‪ ،‬وال من النهي عن المجم‪yyy‬وع النهي عن جزئ‪yyy‬ه‪،‬‬
‫فحينئذ مس‪yyyyy‬مى الع‪yyyyy‬ام كلية ال ك‪yyyyy‬ل‪ .‬فخ‪yyyyy‬رج عن داللة التض‪yyyyy‬من‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬ليست التزاما ً ألن االلتزام هو الداللة على الخارج الالزم‪ ،‬والبعضُ‬
‫ليس خارج‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬اً‪.y‬‬
‫ه‪yyyyyyyyyyyyyyyyyy‬ذا هو ق‪yyyyyyyyyyyyyyyyyy‬ول اإلم‪yyyyyyyyyyyyyyyyyy‬ام الق‪yyyyyyyyyyyyyyyyyy‬رافي‪.‬‬
‫وأج‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬اب عنه العلم‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬اء‪:‬‬
‫فقال اإلمام األصبهاني شارح المحص‪yy‬ول‪ ،‬والش‪yy‬يخ زكريا ش‪yy‬يخ اإلس‪yy‬الم‪:‬‬
‫داللة العام على بعض أفراده‪ ،‬مطابقةٌ‪ ،‬ألنهُ في قوة قضايا بع‪yy‬دد أف‪yy‬راده‪:‬‬
‫فالن وجاء فالن الخ وقال‪ :‬ومدلول الع‪yy‬ام في ال‪yy‬تركيب من حيث‬ ‫ٌ‬ ‫أي جاء‬
‫الحكم عليه كلية أي محكوم فيه على كل فر ٍد فر ٍد مطابقة إثباتا ً خ‪yy‬براً أو‬
‫أم‪yy‬راً أو س‪yy‬لبا ً نفي‪y‬ا ً أو نهي‪y‬اً‪ ،‬نحو ج‪yy‬اء عبي‪yy‬دي وما خ‪yy‬الفوا ف‪yy‬أكرمهم وال‬
‫فالن وج‪yy‬اء فالن وهك‪yy‬ذا‬ ‫ٌ‬ ‫تهنهم‪ ،‬ألنه في قوة قضايا بعدد أفراده أي ج‪yy‬اء‬
‫فيما م‪ّ yy‬ر إلى آخ‪yy‬ره‪ ،‬وكل منها محك‪yy‬و ٌم فيه على ف‪yy‬رده دال عليه مطابقة‬
‫فما هو في قوتها محكوم فيه على كل فر ٍد ف‪yy‬ر ٍد دال عليه مطابق‪yy‬ة‪ .‬فق‪yy‬ول‬
‫إن داللة العام على كل فرد فرد من أفراده خارجة عن الدالالت‬ ‫القرافي ّ‬
‫الثالث‪ ،‬م‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬ردو ٌد‪.‬‬
‫و ُر َّد ه‪yyyyyyyyyy‬ذا الج‪yyyyyyyyyy‬واب‪ y‬كما ذك‪yyyyyyyyyy‬ره الحف‪yyyyyyyyyy‬ني فق‪yyyyyyyyyy‬ال‪:‬‬
‫أن‬‫كو ِن الشيء في ق‪yy‬وة الش‪yy‬يء ْ‬ ‫إن هذا الجواب ال يفي ُد‪ ،‬ألنه ال يلزم من ْ‬
‫يك‪yyyyyyyyyyyyy‬ون مثله في الدالل‪yyyyyyyyyyyyy‬ة‪ ،‬وبي‪yyyyyyyyyyyyy‬ان ه‪yyyyyyyyyyyyy‬ذا الكالم‪:‬‬
‫إن ق‪yy‬ولهم في ق‪yy‬وة قض‪yy‬ايا إنما ينتج داللته على جميع ما ت‪yy‬دلُّ عليه تلك‬
‫القضايا بالمطابقة ال على بعض ما تدل عليه‪ ،‬إذ هو ليس في ق‪yy‬وة بعض‬
‫القض‪yy‬ايا الجزئية الدالة على األبع‪yy‬اض‪ .‬والحاص‪ُ yy‬ل أن ك‪yy‬ون داللته على‬
‫بعض األفراد مطابقة فرع كونه في ق‪yy‬وة القض‪yy‬ية الدالة على ذلك الف‪yy‬رد‪،‬‬
‫ولو ك‪yyy‬ان في قوتها ومس‪yyy‬اويا ً لها في داللتها لما ك‪yyy‬ان في ق‪yyy‬وة الجميع‬
‫الش‪yy‬امل لها ولغيره‪yy‬ا‪ ،‬إذ ُمس‪yy‬اواته للجميع تس‪yy‬تلزم زيادته على البعض‪،‬‬
‫فتبطل مساواته لذلك البعض‪ ،‬وداللته على الجميع ال سبيل إلى إنكاره‪yy‬ا‪،‬‬
‫فيك‪yy‬ون مس‪yy‬اويا ً ل‪yy‬ه‪ ،‬ال للبعض‪ ،‬فال تك‪yy‬ون داللته على البعض مطابقة‪.‬‬
‫ق‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬ال الحف‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬ني‪:‬‬
‫وذهب بعض مش‪yy‬ايخنا إلى أن داللة الع‪yy‬ام على ما ذك‪yy‬ر‪ ،‬داللة ال‪yy‬تزام‪،‬‬
‫نظ‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬راً إلى أنها باعتب‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬ار الجزئية العارضة خارجة‪.‬‬
‫و ُر َّد ب‪yyy‬أن كالمنا في داللة الع‪yyy‬ام على بعض أف‪yyy‬راده‪ ،‬وتلك الجزئي‪yyy‬ات‪y‬‬
‫باعتب‪yy‬ار الجزئية العارضة ليست من أف‪yy‬راد الع‪yy‬ام‪ ،‬ألن كونها أف‪yy‬راداً إنما‬
‫هو باعتبار ذواتها على أنها ال تس‪yy‬لم أنه باعتب‪yy‬ار الجزئية العارضة الزم‬
‫للع‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬ا ّم‪ .‬فت‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬دبَّرْ ‪.‬‬
‫وأج‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬اب الحف‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬ني فق‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬ال‪:‬‬
‫والحق أن داللة العام على بعض أفراده تض ُّم ٌن‪ ،‬ألنه جز ٌء ب‪yy‬النظر لداللة‬
‫العام على مجموع األفراد‪ .‬وقد يقال‪ :‬هو جزئي في نفسه وج‪yy‬ز ٌء باعتب‪yy‬ار‬
‫كلي من حيث عم‪yy‬وم الحكم لكل‬ ‫آخر وهو اعتبار مجموع األفراد‪ .‬والعا ُّم ُّ‬
‫فر ٍد مما صدق عليه العام‪ ،‬وكلُّ من حيث وض ُعهُ للمجموع من حيث هو‬
‫مجم‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬وع‪.‬‬
‫هذا هو تلخيص الخالف في هذه المسألة‪ ،‬ومعرفتها مفيدة‪ .‬ولنا فيها كالم‬
‫ن‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬دعو هللا تع‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬الى أن يمهد لنا لكتابته‪.‬‬
‫واعلم أنه ليس م‪yyy‬تى تحققت المطابقة تحقق التض‪yyy‬من لج‪yyy‬واز أن يك‪yyy‬ون‬
‫اللفظ موضوعا ً لمعنى بسيط‪ ،‬فتكون داللته عليه مطابقة‪ ،‬وال تضمن ألن‬
‫المع‪yy‬نى ال ج‪yy‬زء ل‪yy‬ه‪ .‬وك‪yy‬ذا المطابقة ال تس‪yy‬تلزم االل‪yy‬تزام‪ ،‬لتوقفه على أن‬
‫‪y‬وره‪ ،‬وليس كل‬ ‫من تص ‪ّ y‬ور المع‪yy‬نى تص‪ِّ y‬‬ ‫يك‪yy‬ون لمع‪yy‬نى اللفظ الزم يل‪yy‬زم ْ‬
‫ماهية كذلك ال مك‪yy‬ان أن يك‪yy‬ون من الماهي‪yy‬ات ما ال يس‪yy‬تلزم ش‪yy‬يئا ً ك‪yy‬ذلك‪.‬‬
‫وخالف في هذا اإلم‪yy‬ام الفخر ال‪yy‬رازي فق‪yy‬ال أن المطابقة تس‪yy‬تلزم االل‪yy‬تزام‬
‫ألن تصور ك ّل ماهية يستلزم تصور الزم من لوازمه‪yy‬ا‪ ،‬وأقله أنها ليست‬
‫أن تصور كل ماهية يستلزم تص‪yy‬ور أنها ليست‬ ‫غيرها‪ ،‬و ُر َّد بأنّا ال نسلم ّ‬
‫غيرها‪ ،‬ألنا نتصور كثيراً من الماهي‪y‬ات‪ y‬ولم يخطر ببالنا غيره‪y‬ا‪ ،‬فض‪y‬الً‬
‫غيرها‪.‬‬ ‫ليست‬ ‫أنها‬ ‫عن‬
‫‪y‬دان‬
‫وأما التضمن وااللتزام فيس‪yy‬تلزمان المطابقة ض‪yy‬رورة‪ ،‬ألنهما ال يوج‪ِ y‬‬
‫إال معها لكونهما ت‪yy‬ابعين له‪yy‬ا‪ .‬والت‪yy‬ابع من حيث إنه ت‪yy‬ابع ال يوج ‪ُ y‬د ب‪yy‬دون‬
‫المتب‪yy‬وع‪ ،‬وأما المطابقة فمع أنها متبوع‪yy‬ة‪ ،‬فال يق‪yy‬ال أنها ال توجد إال مع‬
‫تابعه‪yyy‬ا‪ ،‬ألن ذلك إنما يصح لو ص‪yyy‬دق أن المطابقة متبوعة دائم‪yyy‬اً‪ ،‬وهو‬
‫ممن‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬وع كما تق‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬دم‪ .‬فال تغفل‪.‬‬
‫‪y‬ر‬
‫واعلم أن داللة المطابقة لفظي‪yy‬ة‪ ،‬تك‪yy‬ون باللفظ الخ‪yy‬الص من ض‪yy‬ميمة أم‪ٍ y‬‬
‫عقلي إليه‪ ،‬وهو انتق‪yy‬ال ال‪yy‬ذهن من المع‪yy‬نى الموض‪yy‬وع له إلى ش‪yy‬يء آخر‬
‫بخالف األم‪yyyyyy‬رين‪ ،‬وليس الم‪yyyyyy‬راد بكونها بمحض اللفظ أنه ليس للعقل‬
‫م‪yyy‬دخل فيه‪yyy‬ا‪ ،‬ألن العقل له م‪yyy‬دخل في جميع ال‪yyy‬دالالت‪ ،‬فأما ال‪yyy‬داللتان‬
‫التضمن واالل‪yy‬تزام فهما عقليت‪yy‬ان لتوقفهما على انتق‪yy‬ال ال‪yy‬ذهن من المع‪yy‬نى‬
‫إلى جزئه أو الزم‪yy‬ه‪ ،‬فهما منس‪yy‬وبتان إلى العقل بمع‪yy‬نى أنه محت‪yy‬اج فيهما‬
‫مع الوضع إلى ض‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬ميمة أمر عقلي‪.‬‬
‫وأك‪yy‬ثر المناطقة على أنها وض‪yy‬عيتان أي منس‪yy‬وبتان إلى الوضع ك‪yy‬األولى‬
‫الستنادها إلى الوضع‪ ،‬لكن االستناد في األولى بال واس‪yy‬طة‪ ،‬ألن المع‪yy‬نى‬
‫المفه‪yyyyyyyyyyyyy‬وم فيها من اللفظ هو َعي ُْن ما ُعيِّن له اللفظ بالوضع الحقيقي‬
‫كاإلنس‪yyy‬ان للحي‪yyy‬وان الن‪yyy‬اطق أو المج‪yyy‬ازي كاألسد للرجل الش‪yyy‬جاع‪ .‬وأما‬
‫االس‪yy‬تناد في اآلخ‪yy‬رين فهو بواس‪yy‬طة‪ ،‬فليس الوضع س‪yy‬ببا ً تام ‪y‬ا ً لهم‪yy‬ا‪ ،‬بل‬
‫سبب بخالف األولى؛ وبيان ذلك أن الوضع س‪yy‬ببٌ في فهم مع‪yy‬نى اللف‪yy‬ظ‪،‬‬
‫وفهم معناه سبب في فهم جزئه أو الزمه‪ ،‬فالوض ‪ُ y‬ع بالنس‪yy‬بة لفهم المع‪yy‬نى‬
‫من اللفظ هو الس‪yy‬بب المباش‪yy‬ر‪ ،‬وبالنس‪yy‬بة لفهم الج‪yy‬زء أو الالزم‪ ،‬س‪yy‬بب‬
‫س‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬بب‪.‬‬
‫والحاصل أن هن‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬اك مق‪ّ yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬دمتين‬
‫إح‪yyyyyyyyyyyy‬داهما وض‪yyyyyyyyyyyy‬عية وهي كلما أطلق اللفظ فهم مس‪yyyyyyyyyyyy‬ماه‬
‫والثانية عقلية وهي في التض‪yyy‬من‪ ،‬وكلما فهم المس‪yyy‬مى فهم ج‪yyy‬زؤه‪ ،‬وفي‬
‫االل‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬تزام وكلما فهم المس‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬مى فُ ِه َم الزمه‪.‬‬
‫فالمطابقة لما لم تس‪yyyyy‬تند إال األولى‪ ،‬اتفق المناطقة على أنها وض‪yyyyy‬عية‪،‬‬
‫واألخري‪yy‬ان لما توقفتا عليهما اختلف فيهم‪yy‬ا‪ ،‬فَ َم ْن نظر إلى اس‪yy‬تنادهما إلى‬
‫ومن نظر إلى اس‪yy‬تنادهما إلى الثانية ق‪yy‬ال‬ ‫ْ‬ ‫األولى ق‪yy‬ال إنهما وض‪yy‬عيتان‪،‬‬
‫إنهما عقليت‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬ان‪.‬‬
‫أن المطابقة والتض‪yy‬من وض‪yy‬عيتان واالل‪yy‬تزام عقلية‬ ‫وبقي مذهبٌ آخر وهو ّ‬
‫َو ُوجِّ ه‪ :‬بأن أجزاء المسمى لما لم تكن خارجة عما وضع له اللفظ‪ ،‬ك‪yy‬انت‬
‫ك‪yyyyyyyyy‬أن اللفظ موض‪yyyyyyyyy‬وع لها بخالف المع‪yyyyyyyyy‬نى االل‪yyyyyyyyy‬تزامي‪.‬‬
‫أقس‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬ام الل‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬وازم ثالثة‪:‬‬
‫والمقص‪yyyyyy‬ود أنها من حيث هي ال بقيد كونها ذهنية أو خارجية وال بقيد‬
‫كون اللزوم الذهني بينا ً بالمعنى األخص أو بين ‪y‬ا ً ب‪yy‬المعنى األعم أو غ‪yy‬ير‬
‫بين‪.‬‬
‫واعلم أن النس‪yy‬بة بين الل‪yy‬زوم ال‪yy‬ذهني والخ‪yy‬ارجي‪ y،‬العم‪yy‬وم والخص‪yy‬وص‬
‫المطل‪yyy‬ق‪ ،‬وال‪yyy‬ذهني هو األعم ألنه كلما تحقق الل‪yyy‬زوم الخ‪yyy‬ارجي‪ y‬تحقق‬
‫ال‪yyyyyyyy‬ذهني‪ ،‬وال عكس كما في األحك‪yyyyyyyy‬ام المض‪yyyyyyyy‬اف إلى ملكاتها‪.‬‬
‫القسم األول‪ :‬الزم ذهنا ً وخارجاً‪ ،‬كقابل العلم‪ ،‬وصنعة الكتابة لإلنس‪yy‬ان ‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬الزم خارجاً‪ y‬فق‪yy‬ط‪ ،‬كس‪yy‬واد الغ‪yy‬راب وال‪yy‬زنجي‪ ،‬وإنما لم يكن‬
‫ذهني ‪y‬ا ً أيض ‪y‬ا ً ألن العقل ال يحي ‪ُ y‬ل غراب ‪y‬ا ً أبيض‪ .‬وه‪yy‬ذا الل‪yy‬زوم ال يعت‪yy‬بره‬
‫المنطق كما س‪yy‬يأتي بخالف األص‪yy‬ولي والبي‪yy‬اني‪ ،‬ألن المعت‪yy‬بر عن‪yy‬دهما‬
‫مطلق اللزوم على أي وجه أمكن‪ ،‬ولهذا كثرت الفوائد ال‪yy‬تي يس‪yy‬تنبطونها‬
‫من الكت‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬اب والس‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬نة‪.‬‬
‫القسم الثالث‪ y:‬الزم ذهنا ً فق‪yy‬ط‪ ،‬فإنه ال يمكن أن يتص‪yy‬ور العمى في ال‪yy‬ذهن‬
‫إال ويتصور معه البصر‪ ،‬وهما في الخارج متنافيان كما سيأتي‪ .‬والمعتبر‬
‫في داللة االلتزام‪ ،‬اللزوم الذهني البين بالمعنى األخص‪ ،‬وهو الذي يكفي‬
‫في الجزم بلزومه تصور الملزوم كالزوجية لالث‪yy‬نين‪ .‬وأما ال‪yy‬بين ب‪yy‬المعنى‬
‫األعم فهو ما يكون تصور الملزوم والالزم كافيا ً في الجزم بلزومه‪ ،‬وقد‬
‫ظهر بهذا التفسير معنى قولهم‪ ،‬بالمعنى األخص‪ ،‬وب‪yy‬المعنى األعم‪ ،‬وذلك‬
‫ألن كل ما كفى في الج‪yy‬زم ب‪yy‬اللزوم فيه تص ‪ّ y‬ور المل‪yy‬زوم كفى في الج‪yy‬زم‬
‫باللزوم فيه تصوره مع الالزم ضرورة أن تصور الملزوم إذا كان كافي‪yy‬ا ً‬
‫زاده تصور الالزم قوة‪ ،‬وال عكس ب‪yy‬المعنى اللغ‪yy‬وي وهو ظ‪yy‬اهر‪ ،‬وغ‪yy‬ير‬
‫ال‪yyyyyyyyyy‬بين هو المحت‪yyyyyyyyyy‬اج لواس‪yyyyyyyyyy‬طة كالح‪yyyyyyyyyy‬دوث للع‪yyyyyyyyyy‬الم‪.‬‬
‫وبه‪yyyyyyyyyyyyyyyyyy‬ذا تتم أقس‪yyyyyyyyyyyyyyyyyy‬ام الالزم ال‪yyyyyyyyyyyyyyyyyy‬ذهني الثالثة‪.‬‬
‫والمعتبر عند المناطقة هو اللزوم الذهني فقط‪ ،‬ف‪yy‬العمى ي‪yy‬دل على البصر‬
‫التزاما ً مع أن بينهما في الخ‪y‬ارج‪ y‬معان‪yy‬دة ومباينة ألنهما ال يجتمع‪y‬ان‪ ،‬فال‬
‫تالزم بينهما في الخ‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬ارج‪ y‬بل في ال‪yyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy‬ذهن فقط‪.‬‬
‫والعمى عند الفالسفة هو عدم البصر عما من شأنه أو من شأن نوعه أو‬
‫جنسه أن يكون مبصراً‪ .‬وعند المتكلمين العمى هو معنى وج‪yy‬ودي يض‪yy‬اد‬
‫اإلدراك بحاسة البصر‪ ،‬وعلى هذا ف‪yy‬دال الع‪yy‬دم ك‪yy‬العمى ي‪yy‬دل على الملكة‬
‫كالبصر التزاما ً وليس نفس العدم‪.‬‬

‫يتبع‪....‬‬
‫وبعد بيان أنواع الداللة‪ ،‬الب ّد أن نبين أقسام اللفظ الدال على المعاني‬
‫فاللفظ إما أن يراد بالجزء منه داللة على جزء معناه أو ال‪ ،‬األول‪:‬‬
‫المؤلف‪.‬‬ ‫والثاني‪:‬‬ ‫المفرد‪،‬‬
‫وظاهر التعريف السابق يدل على أن اإلرادة شرط في الدولة‪،‬‬
‫والمتأخرون من العلماء قالوا ليست اإلرادة شرطا ً في الداللة ألن اللفظ‬
‫يوصف بكونه داالً في نفسه سواء استعمل أو لم يستعمل‪.‬‬
‫والتحقيق أن الخالف ليس في نفس الجهة فالداللة إن أريد بها الداللة‬
‫بالقوة لم يشترط فيها اإلرادة‪ ،‬وإن أريد بها الداللة بالفعل كانت اإلرادة‬
‫فيها ‪.‬‬ ‫شرطا ً‬
‫والمفرد ال يشترط لكي يكون مفرداً أن يكون له جزء غير دال على‬
‫جزء معناه‪ ،‬بل يمكن أن ال يكون له جزء أصالً‪ ،‬نحو الحرف‪ِ y،‬‬
‫وق‬
‫َعلَما ً ‪.‬‬
‫ويمكن أن يكون له جزء له معنى لكن ال يدل على جزء معنى‬
‫المجموع‪ ،‬مثل عبدهللا اسما ً إلنسان‪ ،‬ألن المراد منه ذاته ال العبودية ‪.‬‬
‫والذات الواجب الوجود‪ ،‬أ ّوله له جزء ذو معنى دال عليه لكن ليس‬
‫مراداً‪.‬‬

You might also like