You are on page 1of 9

‫‪1‬‬

‫التشريعات العقارية‬

‫طلِ ُعنَا قراءة الوثائق على مدى ارتباط عناصر السياس ات الفرنس ية في الجزائ ر‬ ‫كثيرا ما تُ ْ‬
‫ببعضها البعض؛ فمثال ال يكشف لنا تصريح الجنرال بيجو ‪ Bugeaud‬أمام النواب ع ام ‪،1840‬‬
‫حين ق ال‪" :‬عليكم بإس كان المس توطنين حيث يوج د الم اء الع ذب واألراض ي الخص بة دون‬
‫االهتمام بمعرفة لمن تعود هذه األراض ي"‪ ،‬عن حاج ة االس تيطان إلى المزي د من األراض ي‬
‫وتعذر إيجاد الصيغ القانونية "الحضارية" لالستيالء عليها بالقدر الذي يكشف لن ا عن إح دى‬
‫وجوه المشروع اإلستعماري الفرنسي في الجزائر ال تي ال يمكن إخفاؤه ا أو تلوينه ا‪ ،‬وعلي ه‬
‫فإن إلقاء الض وء على سلس لة التش ريعات العقاري ة اإلس تعمارية ال يع ني في ج وهر ح ديثنا‬
‫سوى الوق وف على ح دود اص طناع ساس ة فرنس ا الم بررات "الض رورية" لالس تيالء على‬
‫أراضي الجزائريين‪ ،‬المبررات التي يمكن جمعها في ثالثة أصناف‪:‬‬
‫أ ‪ -‬أمالك تابعة "للدولة" البائدة وللحبوس اإلسالمية‪ :‬وقد اعتبر الفرنسيون أنفسهم ورثة‬
‫دولة الدايات وكافة أشكال الملكيات التي تمنع التشريعات المحلية انتقالها كالحبوس مثال؛‬
‫ت‬‫ب‪ -‬أراضي الب ور والم راعي والغاب ات والس باخ ‪ ...‬إلخ؛ أي كاف ة الملكي ات ال تي بَ َد ْ‬
‫للفرنس يين على أنه ا ال أهمي ة له ا ل دى الجزائ ريين‪ ،‬ودليلهم على ذل ك أنهم لم يش هدوا لهم‬
‫باستغاللها؛‬
‫جـ‪ -‬المصادرة‪ :‬أي اإلستيالء على أراضي القبائل الثائرة والمتعاونة معها‪.‬‬
‫وقد ارتبطت التشريعات العقارية أساسا بش تى الظ روف الس ائدة في أوروب ا‪ ،‬وبص فة أخص‬
‫الظروف السياسية واالجتماعية ثم تنامي حاجيات التنمية الرأسمالية في الجزائ ر الحق ا‪ .‬وق د‬
‫ص برينو إيتيان ‪ Bruno Etienne‬نوعيات المستوطنين األوربيين الذين كانوا يت دفقون على‬ ‫لَ َّخ َ‬
‫الجزائر‪ ،‬وخاصة خالل الثلثين األخيرين من القرن التاسع عشر‪ ،‬في اآلتي‪:‬‬
‫‪ :1842 – 1830‬استيطان عسكري وزراعي وتجاري؛‬
‫‪ :1872 – 1847‬استيطان سياسي‪ :‬الناجون في فرنسا؛‬
‫‪ :1902 – 1870‬استيطان البؤساء؛‬
‫‪ :1962 – 1902‬الموظفين ومختلف فئات اإلطارات‪.‬‬
‫ان على توقي ع معاه دة ‪ ،5/7/1830‬ال تي تعه د فيه ا‬ ‫ومهما يكن من أم ر‪ ،‬فبالك اد َم َّر َش ْه َر ِ‬
‫الفرنسيون بعدم المساس "بممتلكات وتجارة وصناعة" الجزائريين‪ ،‬ح تى أص در قائ د ق وات‬
‫االحتالل ق رارا في ‪ 8/9/1830‬يلح ق بموجب ه "المن ازل والمخ ازن والح وانيت والبس اتين‬
‫واألراضي والمقرات والمؤسسات المختلفة‪ ،‬التي شغلها في السابق الداي والباي ات واألت راك‬
‫الذين غادروا أرض الجزائر أو ُسيِّرت باسمهم‪ ،‬وكذا تلك التي ُخصِّصت‪ ،‬بأي ة ص فة ك انت‪،‬‬
‫لمكة والمدين ة"‪ ،‬ب إدارة األمالك العمومي ة التابع ة للدول ة الفرنس ية‪ .‬وفي ‪ ،7/12/1830‬ألحقت‬
‫عائ دات األمالك "المخصص ة لمك ة والمدين ة والمس اجد ‪ ،"...‬ب إدارة أمالك الدول ة‪ .‬ولكي‬
‫تتع رف ه ذه اإلدارة عملي ا على ك ل المس احات واألمالك ال تي اس تحوذت عليه ا‪ ،‬طبق ا‬
‫لإلجراءين سالفي ال ذكر‪ ،‬فإنه ا عملت على ص دور ق رار‪ ،‬في ‪ ،10/3/1833‬يح دد مهل ة يق دم‬
‫ك العقو َد‪ ،‬ال تي تثبت ملكيتهم لش تى الممتلك ات‪ ،‬إلى اإلدارة لتتحق ق من ص حتها‬ ‫خاللها ال ُمالَّ ُ‬
‫‪2‬‬

‫وإال اعت برت كاف ة األراض ي تابع ة للدول ة‪ .‬وفي ف اتح أكت وبر ‪ ،1844‬ص در واح د من أهم‬
‫التشريعات العقارية االستعمارية في الجزائر وفتح عهدا جديدا لإلستيطان عن طريق إرس ائه‬
‫أسس نظام يؤمن عمليات انتقال الملكي ة وذل ك بع د إيالئ ه بظه ره للماض ي‪ ،‬كم ا عم ل على‬
‫تطوير حاجيات اإلستيطان إلى األراضي مثلما تبينه بإيجاز المواد األربعة التالية‪:‬‬
‫ُ‬
‫م‪ 1‬ـ "إن البيع وكافة عقود انتقال الملكية‪ ،‬المؤرخ لها قبل هذا األم ر‪ ،‬ال تي أب رمت م ع‬
‫أوربيين باس م مالك أه الي ــ وال تي‪ ،‬دون تكلي ف خ اص‪ ،‬وقَّعه ا القض اة (المس لمون) باس م‬
‫القُصر أو الغائبين‪ ،‬واألزواج باسم زيجاتهم‪ ،‬واآلباء باسم أبن ائهم أو أص هارهم أو ربيب اتهم‪،‬‬
‫واإلخوة باسم شقيقاتهم أو أزواجهن أو أشقائهم‪ ،‬وأرباب العائالت باسم أفراد العائالت‪ ،‬ال ذين‬
‫أس ندت رع ايتهم إليهم س واء أك انوا حاض رين أم غ ائبين ــ ال يمكن اعتباره ا الغي ة بس بب‬
‫محدودية سلطات القضاة (المسلمين) واألزواج واآلباء واإلخوة وأرباب العائالت إال في حالة‬
‫تقدم ذوي الحقوق بطعون ض د ال ذين أبرم وا العق ود باس مهم‪ ،‬كم ا ال يمكن اإلحتج اج بش أن‬
‫مصداقية الوكاالت‪ ،‬المحررة أو الممنوحة في حض ور ش هود عي ان وال تي أب رمت بموجبه ا‬
‫العقود المشار إليها أعاله‪ ،‬التي اعتبرها القضاة (المسلمون) كافية وصادقوا عليها؛‬
‫سنوي لم تحدد مدته‪ ،‬ومن ثمة تنتقل األمالك‪ ،‬موض وع‬ ‫ٍ‬ ‫ريعي أو‬
‫ٍ‬ ‫إيجار‬
‫ٍ‬ ‫م‪ 2‬ـ يعد نهائيا كل‬
‫اإليجار‪ ،‬إلى المستأجر بصفة نهائية‪ ،‬كما يع د الري ع أو اإليج ار الس نوي المش ار إلي ه نهائي ا‬
‫أيضا إال في حالة شراء البائع لتلك اإليجارات؛‬
‫م‪ 3‬ـ ال يمكن الطعن في أي عقد انتقال الملكية‪ ،‬أبرمه أهلي لصالح أوربي‪ ،‬ب دعوى تح ريم‬
‫الشريعة اإلسالمية انتقال تلك األمالك"؛‬
‫م‪ 4‬ـ فَرْ نَ َسةُ القضايا المتعلقة بانتقال الملكية من وإلى الدولة واألوروبيين؛‬
‫م‪ 25‬ـ "ال يمكن انتزاع الملكية‪ ،‬خدمة للصالح العام‪ ،‬سوى إذا كان الغرض‪:‬‬
‫أ ـ إنشاء مدن أو قرى أو مراكز سكانية؛‬
‫ب ـ توسيع محيط هذه المراكز السكانية؛‬
‫جـ ـ القيام بأشغال ألغراض الدفاع وتهيئة المحيط‪".‬‬
‫وفي ‪ ،21/7/1846‬صدر أمر آخ ر لمراجع ة عق ود الملكي ات‪ ،‬وتحدي د م دة ثالث ة ش هور‬
‫لتقديم الطعون‪ ،‬في من اطق يح ددها وزي ر الح رب خ ارج من اطق الجزائ ر وبلي دة ووه ران‬
‫وبونة‪ .‬وبموجب المادة ‪ 33‬أُخض عت األراض ي‪ ،‬ال تي أك دت التحقيق ات ص حة عق ود ملكي ة‬
‫أصحابها لها والتي لم يتم حرثها‪ ،‬لضريبة ‪ 10‬فرنكات على كل هكتار دون حسبان الض رائب‬
‫األخرى المرتبطة بالعقارات كالعشور مثال‪ .‬وتحت مبرر خدمة الصالح العام‪ ،‬إِعت برت الم ادة‬
‫‪ 40‬عدم حراثة األراضي سببا كافيا النتزاعها من أصحابها‪ ،‬كما اعتبرت المستنقعات أمالك ا‬
‫شاغرة وال مالك لها‪ ،‬بموجب م‪ ،46‬مم ا يحتم على اإلدارة القي ام ب إجراءات مناس بة لتجفيفه ا‬
‫ومنحها في شكل امتيازات للمستوطنين بموجب أوامر ملكية‪.‬‬
‫ورغم أن أمري ‪ 1844‬و ‪ 1846‬جاءا ببعض أهم مبادئ نظام حيازة األراضي‪ ،‬كضرورة إثبات‬
‫كافة األطراف ملكيتهم لألرض بواسطة عقود مكتوب ة‪ ،‬واس تبدال الس لطة اإلداري ة بالس لطة‬
‫القضائية في تعريف الملكية أو إثباتها‪ ،‬إال أن تنفيذهما اصطدم ببعض الص عوبات ولم يش مل‬
‫سوى بعض المناطق الساحلية التي قدرت مساحتها بـ ‪ 26000‬كلم‪.2‬‬
‫‪3‬‬

‫وبعد توقف عملي ات تنفي ذ األم رين الم ذكورين‪ ،‬ص در ق انون ‪ ،16/6/1851‬ال ذي يُ َع رِّ ف‬
‫األمالك الوطنية (أمالك الدولة واألمالك العمومي ة) وملكي ات الوالي ات والبل ديات واألمالك‬
‫الخاصة باألفراد والقبائل وفِ َرقِهَا‪ ،‬وقد تضمنت م‪ 2‬مثال المتعلقة باألمالك العمومي ة الملكي ات‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ –1‬األمالك التي يرى القانون المدني والقوانين الفرنس ية العام ة بأنه ا ال يمكنه ا أن تك ون‬
‫ملكية خاصة؛‬
‫‪ –2‬قنوات الري والمالحة والمناطق التي قامت الدولة بتجفيفها خدمة للص الح الع ام وك ذا‬
‫المناطق التابعة للقنوات واآلبار العمومية؛‬
‫‪ –3‬السباخ المالحة ومجاري المياه المختلفة والمنابع‪ ،‬وللجهات التي سبق له ا أن اس تغلت‬ ‫‪‬‬

‫السباخ ومختلف المجاري المائية والمنابع حق اإلحتفاظ بملكيتها لهذه الممتلكات‪.‬‬


‫وإجماال فقد جاء قانون ‪ 1851‬هذا بجملة مبادئ يمكن إيجازها في ما يلي‪:‬‬
‫‪ –1‬الملكية مصانة قانونا (بعقود مالكيها وبحماية السلطات القضائية لحقوق ش تى الجه ات‬
‫المالكة)؛‬
‫م‪ -4‬تضم أمالك الدولة‪ /1 :‬أمالك صارت للدولة إما مبوجب املواد ‪ 723 ،713 ،541 ،539 ،33‬من القانون املدين وكذا التشريع املتعلق بامللكيات اجملهول‬ ‫‪‬‬

‫أمالك صارت ملكا للدولة يف فرنسا ألهنا‪ :‬أ‪ /‬فائضة أو مل يعرف مالكها أو‬ ‫‪/1‬‬ ‫[مالحظة‪ :‬تضمنت م‪ 4‬أمالك الدولة التالية‪:‬‬ ‫أصحاهبا؛ وإما‬

‫‪/2‬‬ ‫وارثها ‪épaves‬؛ ب‪ /‬حق الدولة يف الوراثة ‪droit de déshérence‬؛ مبوجب الشريعة اإلسالمية‪ ،‬تنتقل أمالك بيت املال إىل سلطان املسلمني؛‬
‫احملجوزات؛ ‪ /3‬الغابات‪.]...‬‬
‫‪4. Le domaine de l'Etat se compose : - 1°Des biens qui, en France, sont dévolus à l'Etat, soit par les articles 33, 539,‬‬
‫‪541,713,723 du Code civil et par la législation sur les épaves; soit par suite de déshérence, en vertu de l'article 768 du Code‬‬
‫— ;‪civil, en ce qui concerne les Français et les étrangers, et en vertu du droit musulman, en ce qui concerne les indigènes‬‬
‫‪2°Des biens et droits mobiliers et immobiliers provenant du beylick, et de tous autres réunis au domaine par des arrêtés ou‬‬
‫‪Ordonnances rendus antérieurement à la promulgation de la présente loi ; —3°Des biens séquestrés qui auront été réunis‬‬
‫‪audomaine de l'Etat dans les cas et suivant les formes prévus par l'ordonnance du 31 octobre 1845;—4°Des bois et forêts, sous‬‬
‫‪la réserve des droits de propriété et d'usage régulièrement acquis avant la promulgation de la présente loi.‬‬
‫م‪ -10‬ال جيوز االعتداء على امللكية سواء أكان مالكها أهايل أو فرنسيني أو غريهم‪.‬‬
‫معرتف هبا يف شكلها التقليدي الذي كانت عليه زمن الفتح [احتالل اجلزائر]‪ ،‬أو ذلك الذي‬ ‫ٌ‬ ‫م‪ -11‬حقوق امللكية واالنتفاع‪ ،‬لدى األفراد والقبائل وفرق القبائل‪،‬‬
‫صارت عليه ومت تنظيمها أو إنشاؤها الحقا من قبل احلكومة الفرنسية‪.‬‬
‫لكل حق االنتفاع والتصرف املطلق يف ملكيته طبقا للقانون‪ ،‬غري أنه ال جيوز نقل حق امللكية أو االنتفاع يف أرض العرش إىل شخص غريب عن القبيلة‪،‬‬ ‫م‪ّ -14‬‬
‫ذلك أنه للدولة فقط حق احلصول على هذه احلقوق خدمة للصاحل العام أو االستيطان أو جعلها كليّة أو جزئيا قابلة لالنتقال حبرية‪[ .‬مت إلغاء الفقرتني ‪ 8‬و‪ 3‬املتعلقتني‬
‫مبنع شراء أراضي القبائل بواسطة املادة ‪ 6‬من سيناتوس كونسيلت ‪ 22‬أفريل ‪.]1863‬‬
‫م‪ -16‬سيستمر العمل بالشريعة اإلسالمية يف كافة عمليات انتقال امللكية امللكيات بني املسلمني؛ أما انتقاهلا بني بقية الناس فيخضع للقانون املدين‪.‬‬
‫م‪ -17‬ال جيوز الطعن يف عقد انتقال ملكية من مسلم إىل غري مسلم بدعوى حترمي الشريعة اإلسالمية لذلك‪[ .‬مرسوم ‪ 30‬أكتوبر ‪ ،1858‬جيعل هذه املادة قابلة‬
‫التنفيذ يف انتقال امللكية بني املسلمني]‪ .‬غري أنه يف حالة بيع مسلم لشخص آخر قطعة ملكية غري قابلة التجزئة بني البائع ومسلمني آخرين‪ ،‬فإنه ميكن اللجوء إىل‬
‫استعمال حق الشفعة‪ ،‬الذي قد تقبل به العدالة الفرنسية أو ال تقبل به‪ ،‬تبعا لطبيعة العقار والظروف‪[ .‬راجع قانون ‪ 26‬جويلية ‪.]1873‬‬
‫م‪ -19‬ميكن للملكية أن تُنتزع لألسباب التالية‪ - :‬إنش اء املدن‪ ،‬القرى‪ ،‬الضواحي أو توسيع تلك التجمعات أو أراضيها؛ ‪ -‬إنشاء أعمال الدفاع وأماكن عسكرة‬
‫القوات؛ ‪ -‬إنشاء العيون والقنوات وأحواض سقي املواشي؛ ‪ -‬لشق الطرق واملسالك وقنوات التجفيف واملالحة والري وإنشاء مطاحن الدقيق؛ ‪ -‬لكافة األسباب‬
‫األخرى اليت توقعها وحددها القانون الفرنسي‪.‬‬
‫‪" ‬يف جنوب غرب أرزيو‪ ،‬تقع سبخة ماحلة كبرية‪ ،‬تتبخر مياهها كل سنة مع عودة موسم احلرارة‪ .‬يتم استخراج امللح منها بواسطة الفؤوس‪ .‬كان هذا املنتوج‬
‫يشكل يف ما مضى‪ ،‬مبعية احلبوب واإلمثدية واحللفاء‪ ،‬مصادر الدخل الرئيسية يف البالد‪ .‬وقد ُمنح استغالل هذه السباخ‪ ،‬منذ سنوات‪ ،‬لشركة فرنسية"‪Rozet et ( .‬‬
‫‪)Carette : L’Algérie., Firmin Didot Frères, éditeurs, Paris., 1850., p.90‬‬
‫‪4‬‬

‫‪ –2‬حقوق األفراد والقبائل وفِ َرقِهَا في الملكية (أي ملكية هذه الجهات ألراضيها) محفوظ ة‬
‫سواء أكانت بشكلها التقليدي الذي يعود إلى فترة االحتالل أو بالشكل الذي صارته الحق ا بع د‬
‫إخضاعها لشتى اإلجراءات االستعمارية؛‬
‫‪ –3‬ال يجوز التنازل عن هذه الحقوق لصالح أي غريب عن القبيلة باستثناء الدولة؛‬
‫‪ –4‬يسير القانون الفرنسي كافة عمليات انتقال الملكية بين األفراد باس تثناء م ا تعل ق منه ا‬
‫بالمسلمين حيث أخضعت عمليات التنازل للشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫ورغم أن هذا القانون عرَّف أمالك القبائل من خالل حفاظه على طابعه ا التقلي دي بواس طة م‬
‫‪ ،11‬إال أنه تجاهل حق القبائل في ملكية أراضيها والتمتع بها‪ ،‬من خالل تبيان المميزات ال تي‬
‫أراض تابع ة للقبائ ل‪ ،‬وعلي ه فق د أض حت الدول ة‬
‫ٍ‬ ‫تجعل الم رء يتع رف بواس طتها على أنه ا‬
‫"نظريا" مالكة لتلك األراضي ولم يعد أصحابها (القبائل) يتمتعون سوى بحق االنتف اع منه ا‪،‬‬
‫تجس د في سياس ة الكنتنة‪( Le cantonnement ‬الحص ر)‪ ،‬ال تي ته دف أساس ا إلى‬ ‫َّ‬ ‫األمر الذي‬
‫خلق الملكية الفردية عن طريق "منح" القبائل "ما يكفيها" من األراضي الزراعية ـأي ربطها‬
‫باألراضي التي تستغلها عملياـ وتغيير نم ط حي اة األه الي عن طري ق خل ق حال ة ارتباط ات‬
‫اقتصادية واجتماعية وثقافية بين المس لمين والمس توطنين‪ ،‬بع د إس كان ه ؤالء المعم رين في‬
‫القطع التي ُسلِ َخت من أراضي القبائل "باعتبارها فائضا عقاريا"‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬وبتجاهلها لنظام استراحة األراضي الزراعية وتخصيص جزء من األراض ي ل رعي‬
‫المواش ي‪ ،‬تك ون اإلدارة االس تعمارية ق د فرض ت الخن اق على القبائ ل وخلخلت توازنه ا‬
‫االجتماعي‪ ،‬كما أخطأت في تقديراتها حين توقعت أن مش اطرة الدول ة االس تعمارية األه الي‬
‫في ملكية أراضي القبيلة سيعرِّ ف كل طرف بحصته من جهة‪ ،‬وس يولّد ش عورا ل دى األه الي‬
‫بع دم فق دانهم عن وة ألج زاء من أراض يهم‪ ،‬حين تخص ص تل ك األج زاء إلس كان وإعال ة‬
‫األوروبيين من جهة أخرى‪ .‬ومن حسن حظ القبائل أن الكنتنة لم تشمل س وى ع دة قبائ ل (‪16‬‬
‫قبيلة) قدرت مساحة أراضيها الزراعية بـ ‪ 343387‬هـ‪ ،‬تحصل منها األهالي على ‪ 282024‬هـ‬
‫(‪ )5/6‬والدولة على السدس(‪ )1/6‬الباقي‪ ،‬أي ما مجموع ه ‪ 61363‬هـ؛ كم ا أن أولى إج راءات‬
‫خلق الملكية الفردية لم تشمل أكثر من ‪ 46000‬هـ‪ .‬وفضا عن ذلك‪ ،‬فقد كان الكثير ممن ُعرفوا‬
‫بـ"أنصار العرب" يثيرون المشاكل ويعارضون صراحة سياسة الكنتن ة من أمث ال الج نرال‬
‫الباسي ‪ Lapasset‬وغان ديل ‪ Gandil‬وفل وري ‪ Fleury‬وم وريس ‪ Morris‬ومستش ار الحكوم ة‬

‫‪ ‬تعود فكرة الكنتنة إىل منتصف أربعينات القرن التاسع عشر‪ ،‬وجاءت يف شكل إجراء اعتربت من خالله السلطات االستعمارية القبائل مالكة لألراضي اليت تدفع‬
‫عنها العشور فقط‪ ،‬األمر الذي كاد أن يُ َس ِّوي بني الضريبة وإجيار األرض‪ .‬ومن أشهر أصحاب فكرة الكنتنة‪ :‬احلاكمان العامان بيجو وراندون واجلنرال الموريسيار‬
‫‪ . Lamoricière‬ففي منش ور أص دره بت اريخ ‪ ،10/4/1847‬ص ّرح بيج و ق ائال‪" :‬ت وجهي السياس ي حي ال األه ايل ال يكمن يف ط ردهم وإمنا يف إش راكهم يف عملي ة‬
‫استيطاننا‪ ،‬وال يف جتريدهم من كافة أراضيهم وطردهم خارجها وإمنا بربطهم باألرض‪ ،‬اليت حبوزهتم وظلوا يستغلوهنا منذ القدمي‪ ،‬كلما كانت مساحتها ال تتناسب مع‬
‫حاجياهتم"‪ .‬ويف منشوره الذي أصدره بتاريخ ‪ ،20/5/1858‬أعلن راندون من جهته بأن‪" :‬ملسألة الكنتنة أمهية بالغة وميكننا القول بأهنا تغطي مشروع االستيطان‬
‫بُِر َّمتِ ِه‪ ،‬ولذلك فالبد أن يكون اهلدف الرئيسي املرجو منها‪ :‬حصولنا على مصادر عقارية كافية لكي ينمو االستيطان األورويب بشكل عقالين ومنصف‪ ،‬مث وضع حد‬
‫للتوسع االستيطاين الذي يثري األهايل بشدة"‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫‪‬‬
‫‪F. Lacroix‬‬ ‫والمحاف ظ فري دريك الك روا‬ ‫إس ماعيل أورب ان‬
‫‪Thomas-Ismaël URBAIN‬‬
‫وغيرهم‪.‬‬
‫وفي هذه األثناء‪ ،‬وبعد أن ص ارت ذا أهمي ة من ذ ‪ ،1841‬ازداد ت دفق هج رات األوروب يين‬
‫نحو الجزائ ر وش ملت ‪ 4000‬من بؤس اء ث ورة ‪ 26-23‬ج وان ‪ ،1848‬ال ذين ألقي القبض عليهم‬
‫وأرسلوا إلى الجزائر دون محاكمة بعدما ظلوا يصرخون‪ ،‬طيلة تلك األيام «‪Du travail ou du‬‬
‫‪ ،» ! pain ! Du pain ou du plomb‬كما خصصت الدولة ‪ 50‬مليون فرنكا لتطهير باريس من‬
‫أمثال أولئك الجياع المشاغبين‪ ،‬مما فتح شهية المطالبة بالحصول على فرص عمل وأراض ي‬
‫أمام أزيد من ‪ 100000‬فرنسي‪ .‬غير أن الدولة لم تتمكن من إنشاء س وى ‪ 42‬مرك زا اس تيطانيا‬
‫جديدا لـ ‪ 20‬ألف مهاجر‪ ،‬شكل الباريسيون ثالثة أرباعهم (‪ ،)3/4‬ليصل بذلك ع دد المس تفيدين‬
‫من األراضي التي أُنتزعت من الجزائريين ‪ 33000‬أوربي (عام ‪.)1851‬‬
‫تطور إنشاء مراكز االستيطان‬
‫‪1871-‬‬ ‫‪187‬‬ ‫‪1861-‬‬ ‫‪1858-‬‬ ‫‪1853-‬‬ ‫‪185‬‬
‫‪1882‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪1864‬‬ ‫‪1860‬‬ ‫‪1859‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪11‬‬ ‫‪42‬‬
‫‪197‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪56‬‬
‫مركز‬ ‫مركز‬
‫مركزا‬ ‫مركزا‬ ‫مركزا‬ ‫مركزا‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫وفض ال عن ذل ك‪ ،‬اجتمعت عوام ل ع دة أخ رى وس اهمت في توقي ف سياس ة الكنتن ة وعجّلت بظه ور‬
‫تشريعات تستجيب لمتطلبات االقتصاد الرأسمالي ومنها‪:‬‬
‫ـ نمو االستيطان الحر نموا نوعيا جعله يتفوق على نظيره الرس مي‪ ،‬في الش رق الجزائ ري مثال‪ ،‬من ذ‬
‫منتصف خمسينيات القرن التاسع عشر؛‬
‫ـ إنشاء بنك الجزائر ورفع الحواجز الجمركية بين فرنسا والجزائر عام ‪1851‬؛‬
‫ـ إدخال زراعات جديدة إلى الجزائر (كالبطاطا والقطن والتبغ ‪ )...‬لحل بعض المش كالت ال تي تع اني‬
‫منها تجارتها أو زراعتها في الوطن األم؛‬
‫ـ اعتبار سياسة الكنتنة كإح دى أس باب بعض الث ورات الش عبية‪ :‬كث ورات األوراس والحض نة وأوالد‬
‫سيدي الشيخ‪.‬‬
‫وإجم اال‪ ،‬اص طدمت المص لحة االس تعمارية ـ المتمثل ة في ض رورة ح ل مش كالت الزراع ة والمجتم ع‬
‫الفرنس ي‪ ،‬في ال وطن األم‪ ،‬ومش كالت المس توطنين في الجزائرـ ـ بمعارض ة األه الي وأص حاب فك رة‬
‫اإلدماج وبعض الرسميين كالجنرال راندون‪ ،‬حين ُعين وزيرا للح رب‪ ،‬مم ا ح ذا بناپـوليون الث الث إلى‬
‫إيجاد سياسة توفيقية بين االتجاهين‪ ،‬في ما عرف باسم "المملكة العربي ة"‪ ،‬ال تي ك ان الق رار المش يخي(‬
‫‪ )Sénatus-consulte‬المؤرخ في ‪ 22/4/1863‬إحدى "معالمها" ومع الم االس تعمار الفرنس ي كل ه في‬
‫الجزائر‪ ،‬فقد نزل هذا القرار كالصاعقة على المجتمع الجزائري لي دمر بنيت ه التاريخي ة‪ ،‬مثلم ا ت بين أهم‬
‫مواده‪:‬‬
‫"م‪ 1‬ـ تُعلن القبائل الجزائرية مالكة لألراضي التي تستغلها تقليديا وبانتظام بأي ة ص فة ك انت‪ ،‬وتؤك د‬
‫كافة اإلجراءات والتقسيمات وضم األراضي التي جرت بين األهالي والدولة حول ملكية األرض ؛‬
‫م‪ 2‬ـ سيتم إداريا وفي أقرب اآلجال ما يلي‪:‬‬
‫‪ – 1‬تحديد أراضي القبائل ؛‬

‫‪ ‬يعتقد الكثري من املؤرخني أن "أنصار العرب" هؤالء أو دعاة اإلدماج‪ ،‬كما حيلو للبعض تسميتهم‪ ،‬كانوا جيندون يف الغالب من أتباع السان سيمونيني‪ ،‬وقد‬
‫كان هلم كبري األثر على مشروع "اململكة العربية" الذي جاء به نابوليون الثالث‪.‬‬
‫‪6‬‬

‫‪ – 2‬تقسيمها (توزيعها) على مختلف دواوير كل قبيلة في التل وباقي المناطق الزراعية‪ ،‬م ع اس تثناء‬
‫األراضي التي تدخل ضمن أمالك البلديات ؛‬
‫‪ – 3‬خلق الملكية الفردية بين أفراد هذه الدواوير كلما كان هذا اإلجراء ممكنا ومفيدا [‪.]...‬‬
‫وتكشف النقط ة الثالث ة (م‪ )2‬بش كل جلي عن إرادة الس لطة االس تعمارية في خل ق الش روط القانوني ة‬
‫واالقتصادية (األرضية المالئمة) التي تسمح بخلق رأسمالية في الجزائر‪ ،‬وسوف ترتبط باقي التشريعات‬
‫العقارية‪ ،‬التي ستصدر الحقا بموضوع هذه النقطة‪.‬‬
‫وبالرغم من توقيف تنفيذ سيناتوس كونسيلت في ‪ 19/12/1870‬بسبب الح رب اليومي ة الفرنس ية‪ ،‬إال‬
‫أن أولى عمليتي التنفيذ أسفرت عن النتائج التالية ‪:‬‬
‫عدد القبائل التي مسَّها ق رار ‪ 372‬قبيلة‬
‫‪22/4/1863‬‬
‫‪ 667‬دوارا‬ ‫عدد الدواوير التي أنشئت‬
‫‪1037066‬‬ ‫عدد سكانها‬
‫نسمة‬
‫‪1003072‬‬ ‫مساحة أمالك الدولة‬
‫هكتارا‬
‫‪1336492‬‬ ‫مساحة أمالك البلديات‬
‫هـ‬
‫‪2840591‬‬ ‫مساحة الملكيات الفردية‬
‫هـ‬
‫‪1523013‬‬ ‫مساحة الملكيات الجماعية‬
‫هـ‬
‫‪180643‬‬ ‫مساحة الملكيات العمومية‬
‫هـ‬
‫‪7‬‬

‫‪6883811‬‬ ‫إجمالي المساحة‬


‫هـ‬
‫كم ا أس فرت نت ائج التنفي ذ‪ ،‬في الف ترة ال تي تلت نهاي ة الح رب البروسيةــــالفرنسية‪ ،‬طبق ا لق انون‬
‫‪ ،22/9/1887‬عن اآلتي ‪:‬‬
‫‪ 316‬قبيلة‬ ‫عدد القبائل‬
‫‪ 1191‬دوارا‬ ‫عدد الدواوير‬
‫‪ 3114792‬هكتارا‬
‫مس احة أمالك‬
‫منها ‪ 1179664‬هـ في‬
‫الدولة‬
‫شكل غابات‬
‫مساحة الملكيات ‪ 9752695‬هكتارا‬
‫الفردية‬
‫وفي ما بين ‪ 1900‬و ‪ 1934‬شملت عمليات تنفيذ سيناتوس كونسيلت ‪ 113‬قبيلة‪ ،‬انتجت ‪ 180‬دوارا بها‬
‫‪ 8722587‬هكتارا‪.‬‬
‫وباختصار‪ ،‬فبعد انتصار البروسيين على الجيوش الفرنسية وض َّمهم شمال اللورين ‪ Lorraine‬وماتز‬
‫‪ Metz‬وك ل األل زاس ‪ ،Alsace‬أص بح أم ر إي واء وتش غيل س تين ألف ا (‪ ،)60000‬ممن ه اجروا إلى‬
‫ال وطن األم من س كان تل ك المن اطق المحتل ة‪ ،‬ش غل الفرنس يين الش اغل‪ ،‬حيث أنش ىء لهم ‪ 32‬مرك زا‬
‫استيطانيا في الجزائر (إلى عام ‪ ،)1872‬وازداد اهتمام الفرنسيين ب الريف (بأرض ه خاص ة) الجزائ ري‬
‫بعد فشل مشروع "المملكة العربية" وانهي ار النظ ام اإلم براطوري وفق دان المك اتب العربي ة للكث ير من‬
‫سلطاتها وهيبتها وإحالل النظام المدني في التل محل النظام العسكري وقمع ثورة ‪( ،1871‬التي ارتبطت‬
‫بإسم الشيخ المقراني)‪ ،‬فص ّوتوا على قانون ‪ ،26/7/1873‬المع روف باس م ق انون وارن يي ‪،Warnier‬‬
‫الذي وضع آليات خلق الملكية الفردية عن طريق‪:‬‬
‫‪‬‬
‫قانون ‪ 26‬جويلية ‪ 1873‬المتعلق بإنشاء وحفظ الملكية في الجزائر‬
‫م‪ -1‬يسري القانون الفرنسي يف اجلزائر عمليات إنشاء امللكية وانتقاهلا وحفظها دون التمييز بني مالكها‪ ،‬وبذلك تُلغى كافة احلقوق وااللتزامات أو أسباب التعاقد‬
‫األخرى‪ ،‬املبنية على الشريعة اإلسالمية أو قانون القبائل واملخالفة للقانون الفرنسي‪.‬‬
‫ال ميكن استعمال حق الشفعة ضد احلائزين اجلدد سوى حني يتعلق األمر برغبة األقارب يف اسرتدادهم حلقهم يف اإلرث وفقا للشريعة اإلسالمية وبناء على املادة ‪841‬‬
‫من القانون املدين‪.‬‬
‫م‪ -3‬يف املناطق اليت متت فيها مالحظة امللكية اجلماعية لصاحل قبيلة أو فرقة قبيلة‪ ،‬تنفيذا لسيناتوس كونسيلت ‪ 22‬أفريل ‪ 1863‬أو هلذا القانون‪ ،‬ستُنشأ امللكية الفردية‬
‫عن طريق منح ذوي احلقوق قطعة أرض أو أكثر وكذا عقود ملكية وفق م‪ 20‬من هذا القانون‪.‬‬
‫لن مُت نح ملكية األرض ألفراد القبيلة سوى يف حدود املساحة اليت لكل واحد منهم حق االنتفاع الفعلي منها‪ ،‬أما الفائض فيتبع إما الدوار ‪،‬كملكية بلدية‪ ،‬أو الدولة‬
‫كملكية شاغرة أو ال مالك هلا‪ ،‬وذلك تطبيقا لـ م‪ 4‬من قانون ‪ 16‬جوان ‪.1851‬‬
‫يف باقي املناطق األخرى‪ ،‬اليت مل تشر إليها الفقرة ‪ 2‬من املادة السابقة‪ ،‬وحني يتم التعرف على حقوق ملكية خاصة تفتقر إىل عقود موثّقة أو إىل عقود إدارية‪ ،‬تنفيذا‬
‫للباب الثاين أدناه‪ ،‬فإنه سيتم منح املالك عقودا بتلك احلقوق‪.‬‬
‫ستكون كافة العقود املمنوحة‪ ،‬عقب تسجيلها‪ ،‬نقطة االنطالق الوحيدة للملكية‪ ،‬مع استثناء باقي العقود األخرى [القدمية]‪.‬‬
‫والتعرف عليها وتأكيدها‪ ،‬واليت متت حيازهتا من قبل اخلواص وتفتقر إىل عقود موثّقة أو إدارية‪ ،‬فإن مصلحة الدومني‪،‬‬ ‫م‪ -17‬بشأن كل ما يتعلق مبالحظة امللكية ّ‬
‫واستنادا إىل نتائج املفتشني احملققني‪ ،‬ستقوم مبنح عقود ملكية مؤقتة لذوي احلقوق الذين ال أحد ينازعهم يف تلك احلقوق‪.‬‬
‫البد لتلك العقود أن تشري‪ ،‬من خالل املخطط امللحق هبا‪ ،‬إىل املوقع وإىل إثنني على األقل من املالك‪ .‬يف حالة استحالة التقسيم‪ ،‬فإنه على العقود أن تتضمن أيضا أمساء‬
‫كافة ورثة الشركاء يف امللكية ونصيب كل واحد منهم‪.‬‬
‫ضرورة تضمني كل ٍ‬
‫عقد لقبا عائليا إىل األمساء أو الكنيات اليت ُعرف هبا كل أهلي يف ما مضى‪ ،‬والذين أُعلنوا [مبوجب هذا القانون] مالكا وكانوا يفتقرون إىل أمساء‬
‫ثابتة‪ .‬يُعطى اللقب الذي سيختاره األهلي‪ ،‬أو مصلحة الدومني إن مل يفعل هو ذلك‪ ،‬أيضا بالقطعة اليت متنح له‪.‬‬
‫‪8‬‬

‫أ– الفرنسة التدريجية ألراضي المسلمين (األرض وحقوق الناس فيها معًا) وإلغاء كافة حيثيات وج ود‬
‫تلك الملكيات التي تستند إما للشريعة اإلسالمية وإما لقانون القبائل؛‬
‫ب– خلق الملكية الفردية‪ ،‬في المناطق التي جرت مالحظ ة وج ود الملكي ة الجماعي ة فيه ا أثن اء تنفي ذ‬
‫عمليات سيناتوس كونسيلت ‪ ،1863‬عن طريق منح ذوي الحق وق قطع ا أرض ية وعق ود ملكي ة بالش كل‬
‫الذي يجعل الملكية الجماعية تجميعا لتلك القطع (أو مظهرا عقاريا لتلك العقود)‪ ،‬أما الباقي فتعتبره الدولة‬
‫إما ملكا لها وإما ملكا للدوار‪-‬البلدية ‪ .Douar-commune‬وهكذا عمل هذا القانون على الجعل من عق د‬
‫الملكية "نقطة االنطالق الوحيدة للملكية" في الجزائر؛‬
‫جـ‪ -‬تسهيل عملية انتقال الملكية الفردية إلى األوروبيين عن طريق ما أُصطلح عليه بالتطهير ‪la purge‬‬
‫‪ spéciale‬ضمن عمليات تنفيذ قانون وارنيي كلها‪.‬‬
‫وإجماال‪ ،‬جاءت عمليات تنفيذ قانون وارنيي‪ ،‬كنظيرتها المتعلق ة بس يناتوس كونس يلت ‪ ،1863‬بطيئ ة‬
‫ومكلفة للغاية‪ ،‬تحمل عبأها المالي المسلمون وحدهم تقريبا‪ ،‬ولم يتم توزيع عقود س وى ‪ 383000‬هـ من‬
‫أصل ‪ 1637290‬هـ التي شملها القانون‪.‬‬
‫وفي ‪ ،28/4/1887‬وكما أشرنا إلى ذلك آنفا‪ ،‬صدر قانون آخ ر أطل ق علي ه بعض الم ؤرخين تس مية‬
‫سيناتوس كونسيلت الثاني ـ رغم أنه لم يصدر فقط ليعلن عن العودة إلى ‪ ،1863‬بل ج اء ليوض ح ق انون‬
‫وارنيي بشكل أكبر‪ :‬فهما قانونان نبع ا من التوج ه نفس ه وه دف بهم ا مستص دروهما إلى إنش اء الملكي ة‬
‫الفردية وإيجاد الفوائض العقارية ـ لينشط من جديد عمليات تنفيذ سيناتوس كونسيلت‪ ،‬ال تي أوقفت بس بب‬
‫الحرب مع بروسيا‪ ،‬ويمنح المفتشين المحققين حق تقسيم األراضي التي تبدو لهم سهلة التقس يم‪ ،‬بين ع دة‬
‫عائالت مرتبطة ببعضها البعض‪ ،‬وذلك قبل منحها عقودا تثبت ملكيتها لتلك األراضي‪ ،‬كما نص الق انون‬
‫أيضا على‪:‬‬
‫ـ تجريد القضاة المسلمين من صالحياتهم المتعلقة بانتقال الملكية وإخضاع إج راءات التن ازل للق انون‬
‫الفرنسي؛‬
‫أراض‪ ،‬تدخل ضمن أمالك‬ ‫ٍ‬ ‫ـ خلق "نظام التحقيقات الجزئية"‪ ،‬الذي يسمح لألوروبيين بالحصول على‬
‫العرش‪ ،‬قبل الشروع في تنفيذ القانون عليها‪.‬‬
‫وقد أدى تباطؤ تنفيذ قانون ‪ ،1887‬إلى التص ويت على ق انون جدي د‪ ،‬ص در في ‪ ،16/2/1897‬ويه دف‬
‫كسابقيه إلى إنشاء الملكية الفردية‪ ،‬ولكنه وبدال من أن يكون مفروضا على الناس‪ ،‬جعل من تحق ق رغب ة‬
‫المالك في الحصول على عقود الملكية (ملكية الف رد في أراض ي الع رش أو المل ك) أم را اختياري ا‪ ،‬أي‬
‫أنهم هم ال ذين يب دون لإلدارة اس تعدادهم ورغبتهم في أن تج رى لهم عملي ات التحقي ق الجزئي ة –ب ديل‬
‫عمليات التحقيقات الشاملة‪ -‬بشأن ممتلكاتهم (أي يجري تطهيرها)‪ ،‬ولم يستثنى هذا القانون األهالي‪.‬‬
‫إلى نهاية ‪ ،1923‬ك ان المطل وب إج راء ‪ 11623‬تحقيق ا يش مل ‪ 905048‬هكت ارا‪ ،‬بي د أن ‪ 1/5‬تل ك‬
‫التحقيقات لم يتم‪ ،‬كما أفضى ما تم إنجازه من تحقيقات إلى اآلتي‪:‬‬
‫أراضي‬
‫‪ 225004‬هكتارا‬
‫ملك‬
‫أراضي‬
‫‪ 454988‬هكتارا‬
‫عرش‬
‫أمالك‬
‫‪ 18745‬هكتارا‬
‫عمومية‬
‫أمالك‬
‫‪ 48251‬هكتارا‬
‫الدولة‬
‫‪ 8795‬هكتارا أي ما مجموعه‬ ‫أمالك‬
‫‪ 755783‬هـ‬ ‫البلديات‬
9

You might also like