Professional Documents
Culture Documents
حياة عمر بن عبدالعزيز قبل توليه الخلافة
حياة عمر بن عبدالعزيز قبل توليه الخلافة
خ والت َّ َرف ،من أكثر األمويين ترف ًها وتمل ًكا ،ل
يعيش حياةَ البَذَ ِ
ُ كان عمر بن عبد العزيز قبل تولي الخالفة
يتمنى شيئا ً إل ناله ،ول يخطر على باله شيء إل أدركه ،سليل األمراء الذي نشأ في القصور ،وارتضع
ض َّمخ ثيابُه بأغلى العُ ُ
طورَ ،وركَب أحسن المراكب، الصغَر ،وامتلك أعلى القُ ُ
صور ،وت ُ َ النعيم والرفاهية منذ ِ
ولبس أبْهى ال ُحلل.
وكان شديد العناية بمظهره ،فكان يرخي شعره ويرجله ،ويلبس خاتما ً له فص ثمين ،ويُسبل إزاره ،ويلبس
الخز ،وشديد السرف في ارتداء األزر واألردية ،يبلى عنده الثوب بمجرد أن يخلعه ويراه الناس عليه ،حتى
قال عن نفسه :ما لبسْتُ ثوبًا قط ،فَ ُرئِي َّ
علي ،إالَّ ُخيِ َل َّ
إلي أنه قد بَ ِلي..
وكان أعطر الناس ،يكثر من الطيب حتى يعصف ريحه ،وتشم رائحته العطرة في المكان الذي يمر فيه،
وكان يتبختر ومن أختل الناس مشية ،وتسمى مشيته بـ «العُ َمرية» ،وكان الجواري يتعلمنها منه لما يرين
من حسنها ..وبلغ من رفاهيته قبل الخالفة أن الناس كانوا ينتظرون يوم أن تؤخذ مالبسه إلى المغسل ،لتغسل
مالبسهم بعد مالبسه حتى ينالها الكثير مما نزل منها من الطيب في الماء ..روي عن هارونُ بن صالح عن
الدراهم الكثيرة ،حتى يغسل ثيابنا بعد ثياب عمر بن عبد
َ أبيه قال" :كنا نعطي الغسَّال -الذي يغسل الثياب-
العزيز ،من كثرة ما فيها من الطيب والمسك".
وظهر عمر بن عبدالعزيز رضي هللا عنه ،ذلك الفتى المنعم بأقصى درجات الرفاهية حيث قيل« :قومت
ثياب عمر وهو يخطب باثني عشر درهما وكانت حلته قبل ذلك بألف درهم ل يرضاها» ،كما ورد في
شذرات الذهب لعبدالحي بن أحمد العكري ،ج ،1ص.120
وتروي كتب التاريخ ،أن ابن عبد العزيز قبل الخالفة ،إلى جانب ما كان يملكه من أموال إرثا ً عن أهله،
وهبت له هبات كثيرة ،وضياع منتشرة في كل اآلفاق ،وكان له أرض تُدر عليه الغالت الكثيرة في الحجاز
والشام ومصر واليمن والبحرين ،وكانت أمواله ل تحصى.
وورد في الكتاب الجامع لسيرة عمر بن عبد العزيز ..367/1ما روي عن البعض رؤيتهم له ،وهو يطوف
بالكعبة قبل الخالفة ،وإن حُجْ زة إزاره لغائبة في ثنايا بطنه من السمن ..يقول" :ثم رأيته بعد ما استخلف
ولو شئت أن أعد أضالعه من غير أن أمسها لفعلت"..
وكان ل يمشي إل في جماعة من عبيده وغلمانه بتكبر وخيالء ..ولما قدم المدينة في شهر ربيع األول من
سنة 87هجرية ،وهو ابن خمس وعشرين سنة ،دخلها بموكب عظيم ،يتألف من ثالثين بعيرا ً فدخل دار
اإلمارة :دار مروان جده ،ثم أقبل الناس فسلموا عليه باإلمارة ورحبوا به ترحيبا ً عظيماً ..وروي عنه بقاءه
على أخالقه السالفة من الزهو بالنفس والخيالء والعتناء المفرط بهيئته خالل توليه إمارة المدينة ،لكنه سار
بأهل المدينة سيرة العدل والرحمة ،وظل على حبه العلم وتقدير العلماء..