You are on page 1of 26

‫كلية العلوم القانونية‬

‫ماسترالعدالة الجنائية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‬
‫والعلوم الجنائية‬
‫الفوج الثامن‬ ‫فاس‬

‫عرض في مادة القانون الجنائي الخاص المعمق‬


‫حول‬

‫الجــــريمة اإلرهــابيــة‬

‫تحت إلشراف األستاذة المحترمة‪:‬‬ ‫إعداد الطالبين‪:‬‬


‫الدكتورة سعاد التيالي‬ ‫عبدالعاطي ازويتين‬
‫يـــــونس اليعقوبي‬

‫السنة الجامعية‬
‫‪ 1027/1026‬م‬
‫~‪~1‬‬
‫التصــميم‪:‬‬

‫المبحث األول‪:‬مفهوم الجريمة اإلرهابية وأركان قيامها‬

‫المطلب األول‪:‬مفهوم الجريمة اإلرهابية‬

‫الفقرة األولى‪:‬تعريف الجريمة اإلرهابية‬

‫الفقرة الثانية‪:‬طبيعة الجريمة اإلرهابية‬

‫المطلب الثاني‪:‬أركان الجريمة اإلرهابية‬

‫الفقرة األولى‪:‬الركن القانوني للجريمة اإلرهابية‬

‫الفقرة الثانية‪:‬الركن المادي للجريمة اإلرهابية‬

‫الفقرة الثالثة‪:‬الركن المعنوي للجريمة اإلرهابية‬

‫المبحث الثاني‪:‬العقوبات واألحكام الخاصة بالجريمة اإلرهابية‬

‫المطلب األول‪:‬العقوبات والتدابير المقررة للجريمة اإلرهابية في التشريع‬


‫المغربي‬

‫الفقرة األولى‪:‬العقوبات األصلية‬

‫الفقرة الثانية‪:‬العقوبات اإلضافية‬

‫الفقرة الثالثة‪:‬التدابير المؤقتة‬

‫المطلب الثاني‪:‬األحكام الخاصة بعقوبة الجريمة اإلرهابية‬

‫الفقرة األولى‪:‬األعذار القانونية المعفية من العقوبة في الجريمة اإلرهابية‬

‫الفقرة الثانية‪:‬الظروف القضائية المخففة في الجريمة اإلرهابية‬

‫الفقرة الثالثة‪:‬المحكمة المختصة بتطبيق العقوبة في الجريمة اإلرهابية‬

‫~‪~2‬‬
‫مقـــــدمة‪:‬‬

‫مما ال شك فيه أن اإلرهاب ظاهرة إجرامية عالمية‪،‬ال تختص بمكان أو زمان‪،‬وفي‬


‫نفس الوقت يعتبر اإلرهاب جريمة خطيرة تهدد أمن المجتمعات في العالم‪،‬نظرا لما تحدثه‬
‫من االضطراب والفوضى‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار يتمثل اإلرهاب‪-‬حسب االتفاقية العربية لمكافحة اإلرهاب‪-1‬في كل‬
‫فعل من أفعال العنف أو التهديد به أيا كانت بواعثه أو أعراضه‪،‬يقع تنفيذا لمشروع إجرامي‬
‫فردي أو جماعي‪،‬ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس‪،‬أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض‬
‫حياتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر‪،‬أو إلحاق الضرر بالمرافق والممتلكات العامة والخاصة‪.‬‬

‫ونظرا لما تخلفه الجريمة اإلرهابية من اآلثار السلبية‪،‬واالضطراب االجتماعي فقد‬


‫بادرت الدول‪ 2‬المهددة باإلرهاب إلى دراسة هذه الجريمة من جميع الجوانب‪،‬ووضع إطار‬
‫قانوني ينظمها‪،‬ويحد من خطورتها‪.‬‬

‫فعلى المستوى الدولي وخاصة بعد أحداث الهجمات اإلرهابية ‪ 11‬سبتمبر‬


‫‪،1001‬بالواليات المتحدة األمريكية‪،‬حيث تم توسيع الصالحيات الممنوحة للحكومة من أجل‬
‫مالحقة من يشتبه فيهم أنهم إرهابيون ومحاكمتهم‪،‬كما تم تحذير جميع الدول بخطورة‬
‫اإلرهاب‪.‬‬

‫أما على المستوى الوطني فقد بادر المشرع المغربي بعد األحداث المأساوية التي‬
‫شهدتها الدار البيضاء بتاريخ ‪ 11‬ماي ‪،1002‬إلى إخراج قانون جديد ينظم الجريمة‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬االتفاقية العربية لمكافحة اإلرهاب‪،‬الموقعة بالعاصمة المصرية القاهرة بتاريخ ‪ 22‬أبريل ‪،8811‬والتي صادق عليها المغرب‪،‬وتم‬
‫نشرها بالجريدة الرسمية بمقتضى ظهير شريف رقم ‪،898892.1‬صادر في ‪ 10‬رمضان ‪ 22(8.22‬نوفمبر ‪. )2118‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-‬إن كلمة اإلرهاب(‪،)TERRORESIME‬والمستخدمة اآلن في أغلب اللغات ذ ات األصول الالتينية‪،‬فهي بشكلها الحالي حديثة تعود أليام‬
‫حكم اليعاقبة بقيادة(روبسبير)في فرنسا إبان الثورة الفرنسية عام ‪.8818‬‬
‫والمراد بحكم اليعاقبة‪:‬أنه أطلق عليهم هذا االسم نسبة إلى دير(كنيسة)القديس يعقوب الذي اعتادوا االجتماع فيه‪،‬ودافعوا خاللها عن إلغاء‬
‫النظام الملكي في فرنسا مطالبين بحكم جمهوري‪.‬‬

‫~‪~3‬‬
‫اإلرهابية حيز الوجود وفي ظرف وجيز تحت رقم ‪،302.02‬والذي عدلت بمقتضاه أحكام‬
‫القانون الجنائي بإضافة الباب األول مكرر "اإلرهاب" ‪.‬‬

‫ونظرا لتطور الجريمة اإلرهابية وظهور ما يسمى بالدولة اإلسالمية في العراق‬


‫والشام "داعش"‪،‬وكثرة الحديث عن هذه المنظمة اإلرهابية واإلشادة بأفعالها اإلجرامية‪،‬فقد‬
‫سارع المشرع المغربي إلى تغيير وتميم مقتضيات القانون ‪،02.02‬بمقتضى القانون رقم‬
‫‪ 441.18‬المتعلق بمكافحة اإلرهاب‪،‬وذلك من خالل تجريم الدعاية أو اإلشادة أو الترويج‬
‫بالمنظمات اإلرهابية‪.‬‬

‫وعليه فإلى أي حد يمكن الحديث عن الجريمة اإلرهابية في التشريع المغربي؟‬

‫وتتفرع عن هذه اإلشكالية مجموعة من التساؤالت كالتالي‪:‬‬

‫ما هي الجريمة اإلرهابية وما طبيعتها؟أوكيف يمكن تمييزها عن الجرائم المشابهة‬


‫لها؟وما هي األركان الالزمة لقيام الجريمة اإلرهابية؟وما هي العقوبات المترتبة عن اقتراف‬
‫الجريمة اإلرهابية؟وما الجهة القضائية المختصة بقضايا اإلرهاب؟وما هي اإلجراءات‬
‫المسطرية التي يمكن اتباعها في هذا الباب؟‬

‫ولن تتم اإلجابة عن اإلشكال إال من خالل مبحثين‪:‬‬

‫المبحث األول‪:‬مفهوم الجريمة اإلرهابية وأركان قيامها‬

‫المبحث الثاني‪:‬العقوبات واألحكام الخاصة بالجريمة اإلرهابية‬

‫‪-3‬‬
‫القانون رقم ‪ 02.02‬المتعلق بمكافحة اإلرهاب الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم ‪ 1.02.180‬بتاريخ ‪ 11‬من ربيع األول ‪14(1818‬‬
‫ماي ‪،)1002‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 2111‬بتاريخ ‪ 12‬ربيع األول ‪ 12( 1818‬ماي ‪،)1002‬ص ‪.1222‬‬

‫‪4‬‬
‫‪-‬القانون رقم ‪ 10.8.‬القاضي بتغيير وتتميم بعض أحكام مجموعة القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية المتعلقة بمكافحة‬
‫اإلرهاب‪،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 898.9.1‬بتاريخ فاتح شعبان ‪ 21( 8.10‬ماي ‪)218.‬؛الجريدة الرسمية عدد ‪ 010.‬بتاريخ ‪81‬‬
‫شعبان ‪( 8.10‬فاتح يونيو ‪،)218.‬ص ‪...81‬‬

‫~‪~4‬‬
‫المبحث األول‪:‬مفهوم الجريمة اإلرهابية وأركان قيامها‬

‫سنتطرق من خالل هذا المبحث إلى مفهوم الجريمة اإلرهابية(المطلب‬


‫األول)‪،‬واألركان الالزمة لقيام الجريمة اإلرهابية (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪:‬مفهوم الجريمة اإلرهابية‬

‫يمكن معالجة المفهوم المتعلق بجريمة اإلرهاب من خالل تعريف الجريمة‬


‫اإلرهابية(الفقرة األولى)‪،‬وتحديد طبيعتها من خالل تمييز الجريمة اإلرهابية عن الجرائم‬
‫المشابه لها(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪:‬تعريف الجريمة اإلرهابية‬

‫إذا كانت الجريمة بوجه عام ‪-‬حسب فقهاء القانون‪-5‬هي كل فعل أو امتناع جرم‬
‫المشرع إتيانه في نص من النصوص الجنائية‪،‬وقرر له عقوبة أو تدبيرا وقائيا بسبب ما‬
‫يحدثه من اضطراب اجتماعي ويكون هذا الفعل أو االمتناع صادرا عن شخص أهل‬
‫للمساءلة الجنائية‪،‬‬
‫وإذا كانت الجريمة هي عمل أو امتناع مخالف للقانون الجنائي ومعاقب عليه‬
‫بمقتضاه‪،‬حسب مقتضيات الفصل ‪ 110‬من القانون الجنائي المغربي‪،‬‬
‫وإذا كان التشريع الجنائي هو الذي يحدد أفعال اإلنسان التي يعدها جرائم‪،‬بسبب ما‬
‫تحدثه من اضطراب اجتماعي‪،‬ويوجب زجر مرتكبيها بعقوبات أو بتدابير وقائية‪،‬حسب‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 1‬من القانون الجنائي المغربي‪،‬فما هو التعريف القانوني للجريمة‬
‫اإلرهابية؟وما هي األفعال التي تعتبر جرائم إرهابية؟‬

‫‪5‬‬
‫‪-‬عبدالواحد العلمي"شرح القانون الجنائي المغربي"‪،‬الطبعة الخامسة ‪،2181-8.1.‬الصفحة‪12:‬‬

‫~‪~5‬‬
‫بالرجوع إلى مقتضيات القانون رقم ‪ 02.02‬المتعلق بمكافحة اإلرهاب‪،‬وخاصة‬
‫الفصل ‪،114-1‬نجده لم يعرف الجريمة اإلرهابية بل اكتفى بتعداد األفعال التي تكون‬
‫جريمة إرهابية كلما كانت لها عالقة عمدية بمشروع فردي أو جماعي يهدف إلى المس‬
‫الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف أو الترهيب أو العنف ‪.‬‬
‫ومن هنا يتضح أن المشرع المغربي لم يعرف الجريمة اإلرهاب كجريمة في حد‬
‫ذاتها‪،‬وإنما عرفها من خالل الهدف الذي ترمي إليه‪،‬أي الذي يهدف إليه الشخص القائم‬
‫بها‪،6‬حيث ينص الفصل المذكور على أنه‪":‬تعتبر الجرائم اآلتية أفعاال إرهابية‪،‬إذا كانت لها‬
‫عالقة عمدا بمشروع فردي أو جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام بواسطة‬
‫التخويف أو الترهيب أو العنف" ‪.‬‬

‫و قد ألحق المشرع بهذا التعريف الئحة طويلة لألفعال اإلجرامية المكونة للجريمة‬
‫اإلرهابية‪،‬وتتمثل هذه الجرائم فيما يلي‪:‬‬
‫أوال‪:‬الجرائم المحددة في الفصل ‪ 114-1‬وهي‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ االعتداء عمدا على حياة األشخاص أو على سالمتهم أو على حرياتهم أو‬
‫اختطافهم أو احتجازهم؛‬
‫‪ 1‬ـ تزييف أو تزوير النقود أو سندات القرض العام‪،‬أو تزييف أختام الدولة والدمغات‬
‫والطوابع و العالمات‪،‬أو التزوير أو التزييف المنصوص عليه في الفصول ‪ 210‬و‪211‬‬
‫و‪ 211‬من هذا القانون؛‬
‫‪ 2‬ـ التخريب أو التعييب أو اإلتالف؛‬
‫‪ 8‬ـ تحويل الطائرات أو السفن أو أي وسيلة أخرى من وسائل النقل أو إتالفها أو‬
‫إتالف منشآت المالحة الجوية أو البحرية أو البرية أو تعييب أو تخريب أو إتالف وسائل‬
‫االتصال؛‬
‫‪ 2‬ـ السرقة وانتزاع األموال؛‬
‫‪ 1‬ـ صنع أو حيازة أو نقل أو ترويج أو استعمال األسلحة أو المتفجرات أو الذخيرة‬
‫خالفا ألحكام القانون؛‬
‫‪ 2‬ـ الجرائم المتعلقة بنظم المعالجة اآللية للمعطيات؛‬
‫‪ 4‬ـ تزوير أو تزييف الشيكات أو أي وسيلة أداء أخرى المشار إليها على التوالي في‬
‫المادتين ‪ 211‬و‪ 221‬من مدونة التجارة؛‬

‫‪6‬‬
‫‪-‬األستاذ جعفر العلوي"القانون الجنائي العام"‪،‬الجزء الثاني‪،‬دون اإلشارة إلى سنة الطبع‪،‬مطبع معد لطلبة كلية الحقوق بفاس‪،‬ص ‪.18‬‬

‫~‪~6‬‬
‫‪ 2‬ـ تكوين عصابة أو اتفاق ألجل إعداد أو ارتكاب فعل من أفعال اإلرهاب؛‬
‫‪ 10‬ـ إخفاء األشياء المتحصل عليها من جريمة إرهابية مع علمه بذلك‪.‬‬
‫ثانيا‪:‬الجرائم المحددة في الفصل ‪ 7114-1-1‬وهي‪:‬‬
‫‪-‬االلتحاق أو محاولة االلتحاق بشكل فردي أو جماعي في إطار منظم أو غير‬
‫منظم‪،‬بكيانات أو تنظيمات أو عصابات أو جماعات‪،‬إرهابية أيا كان شكلها أو هدفها أو‬
‫مكان وجودها ولو كانت األفعال اإلرهابية ال تستهدف اإلضرار بالمملكة المغربية أو‬
‫بمصالحها؛‬
‫‪-‬تلقي تدريب أو تكوين‪،‬كيفما كان شكله أو نوعه أو مدته داخل أو خارج المملكة‬
‫المغربية أو محاولة ذلك‪،‬بقصد ارتكاب أحد األفعال اإلرهابية داخل المملكة أو‬
‫خارجها‪،‬سواء وقع الفعل المذكور أو لم يقع؛‬
‫‪ -‬تجنيد بأي وسيلة كانت أو تدريب أو تكوين شخص أو أكثر من أجل االلتحاق‬
‫بكيانات أو تنظيمات أو عصابات أو جماعات‪،‬إرهابية داخل المملكة المغربية أو خارجها‪،‬أو‬
‫محاولة ارتكاب هذه األفعال‪.‬‬
‫ثالثا‪:‬الجرائم المحددة في الفصل ‪:114-1‬‬
‫والمتمثلة في اإلشادة بأفعال تكون جريمة إرهابية بواسطة الخطب أو الصياح أو‬
‫التهديدات المفوه بها في األماكن أو االجتماعات العمومية أو بواسطة المكتوبات‬
‫والمطبوعات المبيعة أو الموزعة أو المعروضة للبيع أو المعروضة في األماكن أو‬
‫االجتماعات العمومية أو بواسطة الملصقات المعروضة على أنظار العموم بواسطة مختلف‬
‫وسائل اإلعالم السمعية البصرية واإللكترونية‪.‬‬
‫رابعا‪:‬الجرائم المحددة في الفصل ‪:114-2‬‬
‫والمكونة من إدخال أو وضع مادة تعرض صحة اإلنسان أو الحيوان أو المجال البيئي‬
‫للخطر‪،‬في الهواء أو في األرض أو في الماء‪،‬بما في ذلك المياه اإلقليمية‪.‬‬
‫خامسا‪:‬الجرائم المحددة في الفصل ‪:114-8‬‬

‫والمتمثلة في تمويل اإلرهاب‪،‬وأيضا القيام عمدا وبأي وسيلة كانت‪،‬مباشرة أو غير‬


‫مباشرة‪،‬بتوفير أو تقديم أو جمع أو تدبير أموال أو ممتلكات‪،‬ولو كانت مشروعة‪،‬بنية‬
‫استخدامها أو مع العلم أنها ستستخدم كليا أو جزئيا الرتكاب فعل إرهابي أو أفعال إرهابية‬

‫‪7‬‬
‫‪ -‬والذي تم تغييره وتتميمه بمقتضى القانون رقم ‪،10.18‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 898.9.1‬بتاريخ فاتح شعبان ‪21( 8.10‬‬
‫ماي ‪)218.‬؛الجريدة الرسمية عدد ‪ 010.‬بتاريخ ‪ 81‬شعبان ‪( 8.10‬فاتح يونيو ‪،)218.‬ص ‪...81‬‬

‫~‪~7‬‬
‫سواء وقع الفعل اإلرهابي أو لم يقع‪،‬أو بواسطة جماعة أو عصابة أو منظمة إرهابية‪،8‬أو‬
‫تقديم مساعدة أو مشورة لهذا الغرض‪،‬أو محاولة ارتكاب األفعال المذكورة‪.‬‬

‫سادسا‪:‬الجرائم المحددة في الفصل ‪:114-2‬‬


‫والمتمثلة في القيام بأي وسيلة من الوسائل بإقناع الغير بارتكاب جريمة من الجرائم‬
‫المنصوص عليها في القانون ‪ 02.02‬المتعلق بمكافحة اإلرهاب‪،‬أو دفعه إلى القيام بها أو‬
‫تحريضه على ذلك‪.‬‬
‫سابعا‪:‬الجرائم المحددة في الفصل ‪:114-1‬‬
‫والمتمثلة في حاالت المشاركة بوجه عام المنصوص عليها في الفصل ‪ 112‬من‬
‫القانون الجنائي‪،‬وفي التقديم العمدي لمن يرتكب فعال إرهابيا أو يساهم أو يشارك فيه‪،‬أسلحة‬
‫أو ذخائر أو أدوات تنفيذ الجريمة‪،‬أو مساعدات نقدية أو وسائل تعيش أو تراسل أو نقل‪،‬أو‬
‫مكانا لالجتماع أو السكن أو االختباء‪،‬وكل من يعينه على التصرف فيما حصل عليه من‬
‫عمله اإلجرامي‪،‬وكل من يقدم له أي نوع من أنواع المساعدة مع علمه بذلك‪.‬‬
‫ثامنا‪:‬الجرائم المحددة في الفصل ‪:114-4‬‬
‫وهي عدم التبليغ عن جريمة إرهابية‪.‬‬
‫والمالحظ في هذا اإلطار هو أن المشرع في الفصل ‪،114-1‬عبر بالجرائم التي تعتبر‬
‫أفعاال إرهابية‪،‬وجاء في الفصل الموالي ‪ 114-1-1‬وعبر باألفعال التي تعتبر جرائم‬
‫إرهابية‪،‬وكأنه يوحي لنا بأن هناك فرق بين األفعال اإلرهابية والجرائم اإلرهابية‪،‬وهذا أمر‬
‫قد يطرح اإلشكال‪.‬‬
‫وبما أن المشرع المغربي لم يحدد مفهوم اإلرهاب حيث ترك المجال للفقه والمختصين‬
‫في المجال‪،‬فال بأس من االضطالع على بعض التعاريف المتعلقة باإلرهاب والجريمة‬
‫اإلرهابية وذلك على سبيل االستئناس‪.‬‬
‫ومن بين التعاريف نجد التعريف الذي تبنته اللجنة المعنية المكلفة باإلرهاب الدولي‬
‫والتابعة للجمعية ا لعامة لألمم المتحدة‪،‬وكذا التعريف الذي عبر عنه مجموع الفقه الدولي‬
‫واستقرت عليه الممارسة العلمية الدولية والذي ينظر إلى اإلرهاب على أنه‪":‬اعتداء على‬
‫األرواح واألموال والممتلكات العامة أو الخاصة بالمخالفة ألحكام القانون الدولي العام‬

‫‪ -8‬تم تغيير وتتميم الفصل ‪ 281-.‬أعاله بمقتضى المادة األولى من القانون رقم ‪ 8..982‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 89819..‬بتاريخ ‪ 28‬من جمادى اآلخرة‬
‫‪ 2( 8.1.‬ماي ‪)2181‬؛ الجريدة الرسمية عدد ‪ 08.1‬بتاريخ ‪ 28‬جمادى اآلخرة ‪ 2( 8.1.‬ماي ‪ ،)2181‬ص ‪.108.‬‬

‫~‪~8‬‬
‫بمصادره المختلفة‪،‬بما في ذلك المبادئ العامة للقانون بالمعنى الذي تحدده المادة ‪ 24‬من‬
‫النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪.9‬‬
‫وقد عرف المشرع الفرنسي اإلرهاب على النحو التالي‪":‬اإلرهاب هو خرق للقانون‬
‫يقدم عليه فرد من األفراد أو تنظيم جماعي بهدف إثارة اضطراب خطير في النظام العام‬
‫عن طريق التهديد بالترهيب‪.10‬‬
‫وعموما يمكن القول إن الجريمة اإلرهابية تتوفر على عنصرين‪:‬‬
‫العنصر األول مادي‪،‬ويتمثل في أعمال العنف المكونة له‪،‬كإلقاء القنابل والمتفجرات‬
‫وأعمال التخريب والتدمير وأعمال االستيالء والخطف واالحتجاز‪.‬‬
‫والعنصر الثاني معنوي‪،‬ويتجلّى في األثر النفسي الذي يحدثه الفعل في نفوس عامة‬
‫الجمهور‪،‬وهو الخوف والرعب والفزع المصاحب لألفعال الناتجة عن الجريمة اإلرهابية‪.‬‬
‫وإذا كانت الجريمة اإلرهابية حسب التشريع المغربي تتمثل في كل مشروع فردي أو‬
‫جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام‪،‬فما هي طبيعة هذه الجريمة؟وهو ما سنراه‬
‫في الفقرة الموالية‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬طبيعة الجريمة اإلرهابية‬

‫إن تحديد طبيعة الجريمة اإلرهابية ليس باألمر السهل‪،‬إذ أن األمر يقتضي البحث‬
‫لتمييزها عن الجرائم المشابهة لها‪،‬ولذلك فإن تحديد طبيعة الجريمة اإلرهابية يطرح‬
‫التساؤل التالي‪:‬الجريمة اإلرهابية هل هي جريمة سياسية أم جريمة عادية؟أم أنها جريمة‬
‫ذات طابع خاص؟وبصيغة أخرى ما موقع الجريمة اإلرهابية ضمن الجرائم األخرى؟‬
‫‪11‬‬
‫أوال‪:‬الجريمة اإلرهابية والجريمة المنظمة‬

‫‪9‬‬
‫‪ -‬يوسف بنباصر"الجريمة اإلرهابية بالمغرب وآليات المكافحة القانونية"‪،‬الجزء األول‪،‬سلسلة دورية تعنى بالشؤون القانونية‬
‫والقضائية‪،‬العدد السادس‪ ،‬طبعة ‪،2111‬ص ‪.1.‬‬
‫‪10‬‬
‫‪-‬القانون رقم ‪ 1010/41‬لسنة ‪،1241‬نقال عن محمد عزيز شكري"اإلرهاب الدولي‪،‬دراسة قانونية ناقدة"‪،‬دار العلم‬
‫للماليين‪،‬بيروت‪،8882،‬ص ‪..8‬‬
‫‪11‬‬
‫‪-‬من امثلة الجريمة المنظمة‪ :‬غسل األموال‪،‬االتجار غير المشروع في بعض األشياء كالمخدرات والبشر والهجرة‪.....‬عصابات‬
‫إجرامية‪.‬‬

‫~‪~9‬‬
‫تعرف الجريمة اإلرهابية بأنها"األفعال اإلجرامية التي يرتكبها عدد من األشخاص‬
‫المحترفين مستخدمين وسائل ومعدات علمية حديثة وأمواال طائلة بتخطيط مدروس وتنظيم‬
‫علمي وذلك بقصد تحقيق أهداف اقتصادية‪.12‬‬

‫‪-1‬أوجه التشابه بين الجريمة اإلرهابية والجريمة المنظمة‪:‬‬

‫‪-‬أن كال من الجريمتين تسعى إلى سياسة الرعب والتخويف بين األفراد والحكومات‬
‫على حد سواء‪.13‬‬

‫‪-‬توجد في كلتا الجريمتين سرية في التنظيم‪،‬وتسلسل القيادة‪،‬وهرم سلطوي‪.14‬‬

‫‪-‬ال يقتصر التشابه بين والتعاون بين التنظيمات اإلرهابية وجماعات الجرائم المنظمة‬
‫على تبادل الخبرات‪،‬بل يتع ّداه إلى التعاون وتبادل األنشطة‪،‬فالعصابات المنظمة تقوم في‬
‫الواقع بح ّل إحدى أهم مشاكل الجماعات اإلرهابية وهي الحصول على السالح‪.15‬‬

‫‪-2‬أوجه االختالف بين الجريمة اإلرهابية والجريمة المنظمة‪:‬‬

‫رغم اشتراك الجريمتين في نقط متعددة إال أنه يبقى هناك اختالف بين الجريمتين‬
‫يتجلّى فيما يلي‪:‬‬

‫‪-‬من حيث الهدف‪ :‬تهدف الجرائم المنظمة في الحصول على أكبر كمية من األموال‬
‫وبشتى الوسائل‪،‬في حين يكون هدف اإلرهابيين عامة سياسيا وليس لكسب المال‪،16‬وإن كان‬
‫البعض يعتبر المال بأنه هو عصب اإلرهاب‪.17‬‬

‫‪12‬‬
‫‪-‬عصام عبدالفتاح عبدالسميع مطر"الجريمة اإلرهابية"‪،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪،‬مصر ‪،211.‬ص ‪،.1‬نقال عن يوسف‬
‫كوران" جريمة اإلرهاب والمسؤولية المترتبة عنها في القانون الجنائي الداخلي والدولي"منشورات مركز كردستان للدراسات‬
‫االستراتيجية‪،‬السليمانية‪-‬العراق‪،2118،-‬ص ‪.88‬‬
‫‪13‬‬
‫‪ -‬يوسف كوران"جريمة اإلرهاب والمسؤولية المترتبة عنها في القانون الجنائي الداخلي والدولي"منشورات مركز كردستان للدراسات‬
‫االستراتيجية‪،‬السليمانية‪-‬العراق‪،2118،-‬ص ‪.82‬بتصرف‬
‫‪14‬‬
‫‪ -‬يوسف كوران"جريمة اإلرهاب والمسؤولية المترتبة عنها في القانون الجنائي الداخلي والدولي"‪،‬نفس المرجع‪،‬ص ‪.81‬‬
‫‪15‬‬
‫‪-‬نفس المرجع‪،‬ص ‪.81‬‬
‫‪16‬‬
‫نفس المرجع‪،‬ص ‪.81‬‬
‫‪17‬‬
‫‪ -‬حيث صرح أستاذنا جعفر العلوي في أحد محاضراته بأن المال هو عصب اإلرهاب‪،‬وقال يجب مراقبة المالية كما هو الشأن بالنسبة‬
‫لبعض الدول األروبية‪.‬‬

‫~‪~11‬‬
‫‪-‬من حيث المحل‪:‬يرى البعض أن محل الجريمتين مختلف‪،‬ففي حين أن أثر الجريمة‬
‫في العصابات المنظمة ال يتع ّدى ضحاياها‪،‬في حين أن أثر الجريمة اإلرهابية يتع ّدى‬
‫ضحاياها ويصيب المجتمع بأكمله‪.18‬‬

‫‪-‬من حيث الهدف المباشر‪:‬هناك اختالف في الهدف المباشر للجريمة‪،‬ففي حين أن‬
‫الضحية(أفرادا كانوا أم حكومات)هم المقصودون في الجرائم المنظمة‪،‬فإن الضحايا في‬
‫جرائم اإلرهاب وخاصة األفراد‪،‬عادة ال يكونون الهدف النهائي للمجرم اإلرهابي‪.19‬‬

‫ثانيا‪:‬الجريمة اإلرهابية والجريمة السياسية‬

‫تعرف الجريمة السياسية بأنها"الجرائم التي يكون الباعث على ارتكابها سياسيا أو التي‬
‫ترتكب لغرض سياسي أو بدافع سياسي ولو كانت تتضمن أفعاال من قبيل الجرائم العادية‬
‫كالقتل والتخريب‪،‬ويعتبر البعض كل جريمة ترتكب ضد الدولة جريمة سياسية ما دامت‬
‫تهدد سالمتها الداخلية أو الخارجية وهي جرائم ترتبط عادة باالضطرابات السياسية"‪.20‬‬

‫‪ -1‬أوجه التشابه بين الجريمة اإلرهابية والجريمة السياسية‪:‬‬

‫‪ -‬أن كال من الجريمة اإلرهابية والجريمة السياسية يشتركان في فعل العنف‪،‬حيث‬


‫يستخدم فيهما المجرم وسائل عنيفة‪.21‬‬

‫‪-‬إن العقوبات والتدابير المطبقة على الجريمة السياسية هي نفسها تقريبا التي تخضع‬
‫لها الجريمة اإلرهابية(اإلعدام‪-‬العقوبات السالبة للحرية والغرامة‪-‬التجريد من الحقوق‬
‫الوطنية‪،22)...‬ونفس األمر يقال على مستوى تنفيذ العقوبة‪.‬‬

‫‪-‬إن المشرع المغربي ألحق الجريمة اإلرهابية في الكثير من األحيان بجريمة المس‬
‫بأمن الدولة‪،‬وهي جريمة سياسية بطبيعتها‪(،23‬الفصول ‪22‬و‪40‬و‪ 101‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪،‬المعدلة‬
‫بمقتضى قانون مكافحة اإلرهاب)‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫‪-‬نفس المرجع ‪،‬ص ‪.8.‬‬
‫‪19‬‬
‫‪-‬نفس المرجع ‪،‬ص ‪.8.‬‬
‫‪20‬‬
‫‪-‬عبد الناصر حريز"اإلرهاب السياسي –دراسة تحليلية‪-‬مكتبة مدبولي‪،‬مصر ‪،8880‬ص ‪،1.‬نقال عن ‪ -‬يوسف كوران"جريمة‬
‫اإلرهاب والمسؤولية المترتبة عنها في القانون الجنائي الداخلي والدولي"‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.0.‬‬
‫‪21‬‬
‫‪ -‬يوسف كوران"جريمة اإلرهاب والمسؤولية المترتبة عنها في القانون الجنائي الداخلي والدولي"‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.01‬‬
‫‪22‬‬
‫‪-‬د جعفر العلوي‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪..8-.0‬‬

‫~‪~11‬‬
‫‪-2‬أوجه االختالف بين الجريمة اإلرهابية والجريمة السياسية‪:‬‬

‫‪-‬إن المقتضيات القانونية المتعلقة بتسليم المجرمين( الفصل ‪ 211‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪،‬وكذا‬


‫االتفاقيات الدولية في الموضوع)تستثني من التسليم الجرائم السياسية والجرائم المرتبطة‬
‫بها‪،‬في حين أن األمر ال يطبق بالنسبة للجرائم اإلرهابية‪.‬‬

‫‪-‬إذا كانت الجريمة السياسية ال يمكن تصور ارتكابها من طرف الشخص الطبيعي‪،‬فإنه‬
‫حسب قانون اإلرهاب(‪،)02.02‬يمكن أن ترتكب الجريمة اإلرهابية من طرف الشخص‬
‫المعنوي‪.24‬‬

‫‪-‬إن األسلوب المستخدم في الجريمة اإلرهابية هو أسلوب فضيع ووحشية قاسية‬


‫تستهدف األبرياء والنظام العام ككل‪،‬وهو ما ال نلمسه في الجريمة السياسية‪،‬فاإلرهابي الذي‬
‫يقتل عشرات األبرياء ال يكون هدفه النهائي هو قتل األبرياء‪،‬وإنما زعزعة االستقرار بصفة‬
‫عامة‪،‬أما الفعل اإلجرامي المرتبط بالجريمة السياسية كاغتيال شخصية سياسية يكون‬
‫مرتبطا مباشرة بالهدف النهائي وهو تغيير النظام السياسي القائم‪.25‬‬

‫وبناء على ما سبق يمكن القول إنه من المستبعد تصنيف الجريمة اإلرهابية ضمن‬
‫الجرائم المنظمة أو السياسية أو العادية‪،‬نظرا لبشاعة بعض األفعال المكونة لها(كقتل‬
‫األبرياء‪،‬ونشر الخوف والرعب والترهيب‪،‬وزعزعة اإلستقرار‪،)..‬حيث يوجد تقاطع في‬
‫الجريمة اإلرهابية بين ما هو إجرام سياسي وإجرام عادي‪.‬‬

‫ولهذا يرى أستاذنا جعفر العلوي بأن الجرائم اإلرهابية تشكل نوعا خاصا من اإلجرام‬
‫وإن كان قديما في تجلياته فإنه حديث في بعض وسائله وفي تنظيمه‪.26‬‬

‫وما يؤكد بأن الجريمة اإلرهابية ذات طبيعة خاصة‪،‬هي تلك المقتضيات القانونية‬
‫المنصوص عليها في التشريع المغربي المطبوعة بالشدة والصرامة ويظهر ذلك جليا فيما‬
‫يلي‪:‬‬

‫‪23‬‬
‫‪ -‬د جعفر العلوي‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪..8‬‬
‫‪24‬‬
‫‪-‬على سبيل المثال الفصلين‪ 281-.:‬و‪،281-.‬من القانون الجنائي المعدل بمقتضى القانون رقم ‪ 11911‬المتعلق بمكافحة اإلرهاب‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫‪-‬يوسف كوران"جريمة اإلرهاب والمسؤولية المترتبة عنها في القانون الجنائي الداخلي والدولي"‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪،08‬بتصرف‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫‪ -‬د جعفر العلوي‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪..1‬‬

‫~‪~12‬‬
‫‪-‬العقوبات المخصصة لها بالمقارنة مع مثيالتها من الجرائم األخرى‪. 27‬‬

‫‪-‬خروج قانون مكافحة اإلرهاب عن القواعد التي وضعها قانون المسطرة الجنائية‬
‫بالنسبة لبعض اإلجراءات‪.28‬‬

‫‪-‬إسناد االختصاص لمحكمة االستئناف بالرباط‪،29‬بالنسبة للجرائم اإلرهابية على‬


‫خالف باقي الجرائم التي تخضع لقواعد االختصاص العادية(االختصاص المكاني)‪.‬‬

‫هذا عن مفهوم الجريمة اإلرهابية وطبيعتها‪،‬فماذا عن األركان الالزمة لقيامها؟وهو ما‬


‫يمكن توضيحه في المطلب الثاني‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬أركان الجريمة اإلرهابية‬


‫إن الحديث عن األركان الالزمة لقيام الجريمة اإلرهابية‪،‬يقتضي منا التطرق إلى‬
‫ركنها القانوني(الفقرة األولى)‪،‬والمادي(الفقرة الثانية)‪،‬والمعنوي(الفقرة الثالثة)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪:‬الركن القانوني للجريمة اإلرهابية‬


‫يقصد بالركن القانوني(أو الشرعي)للجريمة –عموما‪-‬أنه ال يجوز اعتبار فعل أو‬
‫امتناع ما جريمة‪،‬إال إذا ورد نص قانوني صريح يحرم إتيان هذا الفعل أو اإلمتناع‪(،‬الوجه‬
‫اإليجابي للركن القانوني)‪،‬إال أن اعتبار الفعل أو االمتناع جريمة بمقتضى نص من‬
‫النصوص الجنائية ال يكفي وحده العتبار مؤتيها مجرما ومساءلته‪،‬وإنما يلزم أن ال‬

‫‪27‬‬
‫‪-‬الفصل ‪ 281-8‬من قانون مكافحة اإلرهاب‪.‬‬
‫‪28‬‬
‫‪-‬المادة ‪ 02‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪ .‬بالنسبة لوقت الشروع في تفتيش المنازل ومعاينتها‪،‬حيث إنه إذا تعلق األمر بجريمة إرهابية فإنه يجوز تفتيش‬
‫المنازل خارج الوقت القانوني‪،‬أي قبل السادسة صباحا‪،‬وبعد التاسعة ليال‪.‬‬
‫‪-‬المادة ‪ 00‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪ .‬بالنسبة إلجراءات الوضع تحت الحراسة النظرية في حالة التلبس‪،‬حيث إن مدة الحراسة النظرية تكون ‪ 80‬ساعة‬
‫قابلة للمديد مرّتين‪.‬‬
‫‪-‬المادة ‪ 88‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬بالنسبة للقيام بأعمال التفتيش والحجز بمنزل الشخص‪،‬فإنه ال تشترط موافقته لدخول منزله‪.‬‬
‫‪-‬المادة ‪ 11‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪ .‬بالنسبة إلجراء الوضع تحت الحراسة في مرحلة البحث التمهيدي‪،‬فإن مدة الحراسة تكون أيضا ‪ 80‬ساعة قابلة‬
‫للمديد مرتين‪،‬وبصفة استثنائية قبل أن يقدم المتهم إلى النيابة العامة‪.‬‬
‫‪-‬المادة ‪ 812‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪ .‬بالنسبة للتفتيش في مرحلة التحقيق اإلعدادي‪،‬حيث يجوز لقاضي التحقيق أن يباشره خارج األوقات المنصوص‬
‫عليها في المادة ‪ 02‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪،‬أو ينتدب لذلك قاضيا أو ضابطا أو أكثر من ضباط الشرطة القضائية بحضور ممثل النيابة العامة‪.‬‬
‫‪29‬‬
‫‪ -‬يقصد بها ملحقة سال التابعة لمحكمة االستئناف بالرباط التي تختص بالبت في الجرائم االرهابية‪.‬‬

‫~‪~13‬‬
‫يكون(الفعل أو االمتناع)خاضعا لسبب من أسباب التبرير أو اإلباحة‪(،30‬الوجه السلبي للركن‬
‫القانوني)‪.‬‬

‫وإذ ا كان هذا المقتضى أعاله‪،‬ينطبق على الجرائم العادية‪،‬فهل نفس المقتضى ينطبق‬
‫على الركن القانوني للجريمة اإلرهابية؟‬

‫إن ما ينبغي اإلشارة إليه في هذا الصدد‪،‬هو كون الركن القانوني في الجريمة‬
‫اإلرهابية يكتسي صبغة خاصة استثنائية مقارنة مع باقي األفعال الجرمية األخرى بالنظر‬
‫إلى مجموعة من االعتبارات التي تبررها خصوصية هذا النوع من الجرائم‪،‬وهو يتمحور‬
‫‪31‬‬
‫حول عنصرين هامين‪:‬‬

‫األول‪ :‬ويتمثل في إلزامية تجريم الفعل اإلرهابي بمقتضى نص جزائي خاص‪،‬فطبقا‬


‫للمبدأ القانوني والفقهي والكالسيكي القاضي بأنه"ال جريمة وال عقوبة إال بنص تشريعي‬
‫صريح"فقد كان من المتعذر زجر الجرائم اإلرهابية في ظل القانون الجنائي المغربي‬
‫القديم‪،‬حيث لم يتطرق إلى هذا النوع من الجرائم‪،‬وبالتالي كانت هناك إشكالية المتابعة ضد‬
‫هذه الجرائم لوجود فراغ تشريعي في القانون الجنائي‪،‬وقد يرد سبب عدم سن المشرع‬
‫المغربي أو التنصيص على مثل هذه الجرائم‪،‬لكون المغرب كان في منأى عن هذه الجرائم‬
‫إلى أن تم استهداف المغرب سنة ‪.1002‬‬

‫وأمام هذا المعطى الحتمي‪،‬كان لزاما على المشرع المغربي‪،‬أن يواكب النهج الذي‬
‫سارت عليه أغلب التشريعات المقارنة‪،32‬وفي هذا السياق بادرت المملكة المغربية مباشرة‬
‫بعد أحداث الدار البيضاء ‪ 11‬ماي ‪،1002‬إلى سن القانون رقم ‪ 02.02‬المتعلق بمكافحة‬
‫اإلرهاب‪،‬كقانون وطني خاص بمحاربة الجريمة اإلرهابية ومكافحتها ليكتمل بذلك الركن‬
‫القانوني للجريمة اإلرهابية في ظل المنظومة التشريعية الحديثة‪،‬تطبيقا لمبدأ ال جريمة وال‬
‫عقوبة إال بنص تشريعي طبقا لمقتضيات الفصل الثالث من القانون الجنائي‪.33‬‬

‫‪30‬‬
‫‪ -‬عبدالواحد العلمي"شرح القانون الجنائي المغربي"‪،‬الطبعة الخامسة ‪،2181-8.1.‬الصفحة‪.11:‬‬
‫‪31‬‬
‫‪ -‬يوسف بنباصر"الجريمة اإلرهابية بالمغرب وآليات المكافحة القانونية"‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.8.‬‬
‫‪32‬‬
‫‪ -‬يوسف بنباصر"الجريمة اإلرهابية بالمغرب وآليات المكافحة القانونية"‪،‬نفس المرجع‪،‬ص ‪.88‬‬
‫‪33‬‬
‫‪ -‬ينص الفصل ‪ 1‬من ق‪.‬ج‪.‬على أنه‪":‬ال يسوغ مؤاخذة أحد على فعل ال يعد جريمة بصريح القانون وال معاقبته بعقوبات لم يقررها‬
‫القانون"‪.‬‬

‫~‪~14‬‬
‫الثاني‪:‬ويتمثل في عدم تصور خضوع الجريمة اإلرهابية ألسباب التبرير أو‬
‫اإلباحة‪،34‬كما الحال في باقي الجرائم األخرى طبقا لمقتضيات الفصل ‪ 118‬من القانون‬
‫الجنائي‪.35‬‬

‫وعليه‪،‬فإن الركن القانوني لجريمة اإلرهاب يتمثل في القانون رقم ‪،02.02‬المتعلق‬


‫بمكافحة اإلرهاب‪،‬بشقيه الموضوعي والشكلي‪.‬‬

‫ويبقى اإلشكال مطروحا في هذا الصدد حول نقطتين أساسيتين‪:‬‬

‫األولى‪ :‬وتتعلق بالمفهوم العام والفضفاض للنظام العام المنصوص عليه في الفصل ‪-1‬‬
‫‪ 114‬من قانون مكافحة اإلرهاب‪،‬فهل كل جريمة اتخذت شكل مشروع عمدي يهدف إلى‬
‫المس الخطير بالنظام العام‪ ،‬بواسطة التخويف أو الترهيب أو العنف في نفوس األمة تعتبر‬
‫جريمة إرهابية؟أم أنه يجب التقيد باألفعال والجرائم المحددة على سبيل الحصر في القانون‬
‫المتعلق بمكافحة اإلرهاب؟‬

‫الثانية‪:‬لما وقت األحداث اإلرهابية بالدار البيضاء ‪ 11‬ماي ‪،1002‬تم سن القانون رقم‬
‫‪، 02.02‬المتعلق بمكافحة اإلرهاب‪،‬والذي تم تطبيقه بأثر رجعي على المتورطين في هذه‬
‫األحداث‪،‬ومن ثم أال يعد هذا التطبيق بأثر رجعي ضربا لمبدأ مفاده أنه "ال يمكن أن يطبق‬
‫القانون بأثر رجعي"؟أم أن مصلحة البالد في هذه الحالة هي األولى من تطبيق القانون‬
‫األصلح للمتهم؟‬

‫هذا عن الركن القانوني للجريمة اإلرهابية‪،‬فماذا عن الركن المادي لهذه الجريمة؟‬

‫الفقرة الثانية‪:‬الركن المادي للجريمة اإلرهابية‬

‫وينص الفصل ‪ 81‬من الدستور على أنه‪":‬ال يل قى القبض على أحد وال يعاقب إال في األحوال وحسب اإلجراءات المنصوص عليها في‬
‫القانون‪.‬‬
‫‪34‬‬
‫‪ -‬يوسف بنباصر"الجريمة اإلرهابية بالمغرب وآليات المكافحة القانونية"‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.81‬‬
‫‪35‬‬
‫‪-‬ينص الفصل ‪ 82.‬من القانون الجنائي على أنه‪ ":‬ال جناية وال جنحة وال مخالفة في األحوال اآلتية‪:‬‬
‫‪ - 8‬إذا كان الفعل قد أوجبه القانون وأمرت به السلطة الشرعية‪.‬‬
‫‪ - 2‬إذا اضطر الفاعل ماديا إلى ارتكاب الجريمة‪،‬أو كان في حالة استحال عليه معها‪،‬استحالة مادية‪،‬اجتنابها‪،‬وذلك لسبب خارجي لم‬
‫يستطع مقاومته‪.‬‬
‫‪ - 1‬إذا كانت الجريمة قد استلزمتها ضرورة حالة للدفاع الشرعي عن نفس الفاعل أو غيره أو عن ماله أو مال غيره‪،‬بشرط أن يكون‬
‫الدفاع متناسبا مع خطورة االعتداء‪.‬‬

‫~‪~15‬‬
‫لقد عاقب المشرع المغربي مرتكب الجريمة بسبب ما تحدثه هذه اضطراب‬
‫اجتماعي‪،‬سواء في صورته اإليجابية أو السلبية‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫في الجريمة اإلرهابية العنصر األكثر عملية في قيام هذا‬ ‫ويعتبر الركن المادي‬
‫النوع من الجرائم‪،‬فإذا كانت القاعدة العامة تبرر زجر الجريمة اإلرهابية لما تخلفه هذه‬
‫األخيرة من اضطراب اجتماعي صورته ترويع عامة الناس وإشاعة الفزع والخوف‬
‫بينهم‪،‬فإن هذه االضطراب يتعذر تصور قيامه أو تحققه على أرض الواقع ما لم يصدر‬
‫نشاط مادي الفاعل اإلرهابي سواء في شكل عمل كما هو الشأن بالنسبة للتعداد الوارد في‬
‫الفصل ‪ 114-1‬من القانون ‪،02.02‬أو في شكل امتناع كما هو الشأن بالنسبة لعدم التبليغ‬
‫عن الجريمة اإلرهابية‪(37‬الفصل ‪.)114-4‬‬

‫وإذا كانت القاعدة في الركن المادي للجريمة أنه يتألف من ثالث عناصر‪:‬سلوك‬
‫إجرامي‪،‬ونتيجة إجرامية وعالقة سببية‪،‬فكيف يمكن أن نستشف هذه العناصر من خالل‬
‫الجريمة اإلرهابية‪.‬‬

‫‪-1‬السلوك اإلجرامي في الجريمة اإلرهابية‪:‬‬

‫حسب مقتضيات الفصل ‪ 114-1‬من القانون ‪،02.02‬فإن السلوك اإلجرامي في‬


‫الجريمة اإلرهابية يتمثل في فعل أو مجموعة من األفعال اإلرهابية المرتبطة بمشروع‬
‫فردي أو جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام وزعزعة األمن العام‪.‬‬

‫كما أن هذا الفعل أو السلوك قد يكون قوال أو كتابة أو عمال‪،38‬ومن ذلك مثال تمجيد‬
‫اإلرهاب‪،‬كما أنه ال يشترط في هذا السلوك درجة معينة من الجسامة حيث يمكن تحققه‬
‫بمجرد نشر أفكار منحرفة ومحرضة‪،‬بل يكفي إلمكانية المساءلة الجنائية اإلعجاب ببعض‬
‫الصفحات على مواقع التواصل االجتماعي(الفايسبوك مثال)الخاصة بالجماعات والمنظمات‬
‫اإلرهابية على أساس أن اإلعجاب بمثابة إقرار واعتراف‪.‬‬

‫‪-2‬النتيجة اإلجرامية للجريمة اإلرهابية‪:‬‬

‫‪36‬‬
‫‪-‬القاعدة في الركن المادي للجريمة أنه يتألف من ثالث عناصر‪:‬سلوك إجرامي‪،‬ونتيجة إجرامية وعالقة سببية‪.‬‬
‫‪37‬‬
‫‪ -‬يوسف بنباصر"الجريمة اإلرهابية بالمغرب وآليات المكافحة القانونية"‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.18-11‬‬
‫‪38‬‬
‫‪ -‬يوسف كوران"جريمة اإلرهاب والمسؤولية المترتبة عنها في القانون الجنائي الداخلي والدولي"‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.11‬‬

‫~‪~16‬‬
‫إن النتيجة اإلجرامية هي ما يحدث في العالم الخارجي كأثر للسلوك اإلجرامي‪،‬وهي‬
‫على قسمين‪ :‬نتيجة مادية وتتحقق عن طريق إحداث أي تغيير في العالم الخارجي المترتب‬
‫عن السلوك اإلجرامي‪،‬سواء أصاب هذا التغيير األشخاص أو األشياء‪،‬ونتيجة قانونية تتمثل‬
‫في االعتداء على المصلحة التي يحميها القانون أو اإلضرار بها‪،39‬وفي كلتا الحالتين‬
‫فالنتيجة في الجريمة اإلرهابية تتجلّى في أمرين‪:‬وجود حالة من الخطر تهدد النظام‬
‫العام‪،‬وحدوث الضرر‪.‬‬

‫وعليه فإن المشرع ال يكترث بنوع الوسيلة المستخدمة في الجريمة اإلرهابية‪،‬بل‬


‫بالنتيجة التي تحدثها وهي إدخال الرعب والخوف في نفوس المواطنين وخلق خطر يهدد‬
‫النظام العام بواسطة الرعب أو التخويف أو الترهيب‪،‬كما ال يشترط تحقق هذه النتيجة في‬
‫الغالب‪،‬ألن الجريمة اإلرهابية تجد نفسها بين الجرائم الشكلية والجرائم المادية‪،‬والدليل على‬
‫ذلك أننا نسمع كثيرا في وسائل اإلعالم أنه تم إحباط مخطط إرهابي بكذا‪،‬وسيتم تقديم‬
‫المشتبه فيهم إلى العدالة فور انتهاء األبحاث تحت إشراف النيابة العامة المختصة‪.‬‬

‫‪-2‬العالقة السببية بين السلوك والنتيجة اإلجرامية في الجريمة اإلرهابية‪:‬‬

‫يقصد بالعالقة السببية بين السلوك اإلجرامي والنتيجة اإلجرامية وجود صلة‬
‫بينهما‪،‬وتقوم الرابطة السببية عندما تكون النتيجة الواقعة محتملة الوقوع وفقا للسير العادي‬
‫لألمور‪،‬أي أنه ال يشترط أن يكون الجاني قد توقع أو أراد النتيجة‪،‬بل إن العالقة السببية هي‬
‫عنصر موضوعي يفهم من طبيعة مجريات وقوع الجريمة أو احتمال وقوعها‪،‬وال دخل‬
‫لعلم الجاني وتوقعه لها‪.40‬‬

‫ونظرا لتعدد الجرائم اإلرهابية وانقسامها بين الجرائم الشكلية والجرائم المادية‪،‬أي‬
‫جرائم الخطر وجرائم الضرر‪،‬فإن أثر وضرورة وجود العالقة السببية يثير عدة إشكاالت‬
‫على هذا المستوى‪.‬‬

‫غير أن توفر الركن القانوني والمادي للجريمة ال يكفي‪،‬بل ال بد أيضا من توفر الركن‬
‫المعنوي‪.‬‬
‫‪39‬‬
‫‪ -‬يوسف كوران‪،‬نفس المرجع‪،‬ص ‪.1.‬‬
‫‪40‬‬
‫‪ -‬يوسف كوران"جريمة اإلرهاب والمسؤولية المترتبة عنها في القانون الجنائي الداخلي والدولي"‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.81‬‬

‫~‪~17‬‬
‫الفقرة الثالثة‪:‬الركن المعنوي للجريمة اإلرهابية‬
‫ال يشترط لقيام الجريمة اإلرهابية مجرد قيام مشروع فردي أو جماعي يستهدف المس‬
‫الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف أو الترهيب أو العنف ولو تحققت الصور اإلجرامية‬
‫‪41‬‬
‫لدى الفاعل‬ ‫المن صوص عليها في هذا الشق‪،‬بل يتعين وجوبا توافر عنصر العمد‬
‫اإلجرامي وهو ما يصطلح على تسميته بالركن المعنوي في الجريمة اإلرهابية‪.42‬‬

‫إن الركن المعنوي للجريمة اإلرهابية هو ما يسمّى بالقصد الجنائي‪،‬والقصد الجنائي ‪-‬‬
‫المجرّم الذي استهدف به الفاعل‬
‫َ‬ ‫كما بعض الفقه‪-‬هو "القوة النفسية التي تقف وراء النشاط‬
‫إراديا اإلعتداء على مصلحة من المصالح التي يحميها المشرع الجنائي‪.43‬والذي يهمنا هو‬
‫القصد اإلجرامي في الجريمة اإلرهابية بشقيه العام والخاص‪.‬‬

‫أوال‪:‬القصد الجنائي العام في الجريمة اإلرهابية‪:‬‬

‫إن القصد الجنائي العام في الجريمة اإلرهابية ال يخرج عن العناصر المكونة لكل‬
‫قصد جنائي وحسب طبيعة الجريمة‪،44‬وتتجلّى هذه العناصر في اإلرادة والعلم‪.‬‬

‫‪-1‬اإلرادة‪ :‬ففي الجريمة اإلرهابية يجب أن تتجه إرادة الجاني إلى تحقيق السلوك‬
‫اإلجرامي والنتيجة اإلجرامية المتمثلة في إعداد مشروع يعرض المواطنين والمؤسسات‬
‫التي يحميها القانون والنظام العام للخطر‪.‬‬

‫‪-1‬العلم‪ :45‬ال يكفي وجود اإلرادة والعلم والسلوك والنتيجة لكي يكتمل القصد الجنائي‬
‫لدي الجاني اإلرهابي‪،‬بل يجب أن يحيط علم الجاني‪،‬أثناء مباشرته للنشاط المجرم‪،‬بكل‬
‫واقعة يترتب على توافرها وجود الجريمة‪،‬ومن هذه الوقائع‪:‬‬

‫‪-‬العلم بالواقعة المنتجة للنشاط‪:‬ففي الجرائم اإلرهابية الموجهة لألشخاص يتوجب علم‬
‫الجاني بأن فعله هو ماس بحق المجني عليه في الحياة‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫‪-‬حسب صريح الفصل ‪ 281-8‬من ق‪.‬ج‪،‬والذي جاء فيه‪":‬تعتبر الجرائم اآلتية أفعاال إرهابية‪،‬إذا كانت لها عالقة عمدا بمشروع فردي‬
‫أو جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف أو الترهيب أو العنف‪.‬‬
‫‪42‬‬
‫‪ -‬يوسف بنباصر"الجريمة اإلرهابية بالمغرب وآليات المكافحة القانونية"‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.12‬‬
‫‪43‬‬
‫‪ -‬عبدالواحد العلمي"شرح القانون الجنائي المغربي"‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.222‬‬
‫‪44‬‬
‫‪ -‬يوسف كوران‪،‬نفس المرجع‪،‬ص ‪.8.‬‬
‫‪45‬‬
‫‪-‬ينص الفصل ‪ 2‬من ق‪.‬ج‪.‬على أنه‪ ":‬ال يسوغ ألحد أن يعتذر بجهل التشريع الجنائي"‪.‬‬

‫~‪~18‬‬
‫‪-‬توقع النتيجة‪ :‬فعلى الجاني الذي يلقي بقنبلة في فندق أو مقهى‪،‬أو يفجر سيارة على‬
‫حشد من الناس أن يعلم أن وفاة األشخاص األبرياء هي نتيجة مباشرة لفعل التفجير الذي قام‬
‫به‪.‬‬

‫‪-‬توقع العالقة السببية‪ :‬فمثال الذي يفجر مقهى مكتظا بالناس يتوقع أن يترتب على فعله‬
‫هذا وفاة عدد كبير من األشخاص‪.‬‬

‫وأخيرا العلم بظروف الجريمة المشددة‪.46‬‬

‫ثانيا‪:‬القصد الجنائي الخاص بالجريمة اإلرهابية‬

‫يكتسب القصد الجنائي الخاص أهمية استثنائية في الجريمة اإلرهابية بسبب وجود‬
‫غاية محددة لدى الجاني يميز جرائم اإلرهاب عن غيرها من الجرائم‪.‬‬

‫فالجرائم اإلرهابية هي في األصل جرائم عادية منصوص عليها في جميع التشريعات‬


‫الجنائية الوطنية‪،‬ولكن ميزة هذه الجرائم هي وجود غاية تتع ّدى األركان العامة للقصد‬
‫الجنائي‪،‬فقتل شخص ما أو قتل رجل شرطة يعد من الجرائم العادية‪،‬ولكن إذا اقترن هذا‬
‫القتل بغاية خاصة لدى الجاني‪،‬وعادة ما يكون قصد التخويف واإلرهاب وليس القتل في حد‬
‫ذاته‪،‬نكون أمام الجريمة اإلرهابية‪.47‬‬

‫ويتبين مما ذكر أن القصد الخاص في الجرائم اإلرهابية هو التخويف ونشر الرعب‬
‫بين الناس وصوال لغايات إرهابية‪،‬وتتميز جرائم اإلرهاب بوجود قصدين اثنين فيها أولها‬
‫مباشر وقصير وهو القتل أو تدمير األموال العامة‪،‬والثاني الغاية البعيدة وهو زرع الرعب‬
‫في قلوب الناس بغية الوصول إلى أهداف وغايات إجرامية‪.48‬‬

‫وعليه فمتى توفرت الجريمة اإلرهابية على األركان المذكورة أعاله‪،‬فإنه يتعين‬
‫معرفة العقوبات واألحكام الخاصة بهذه الجريمة‪،‬وهو ما سنعالجه في المبحث الثاني‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪:‬العقوبات واألحكام الخاصة بالجريمة اإلرهابية‬


‫‪46‬‬
‫‪ -‬يوسف كوران‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪،8.‬بتصرف‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫‪ -‬يوسف كوران‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.80‬‬
‫‪48‬‬
‫‪ --‬يوسف كوران‪،‬نفس المرجع ‪،‬ص ‪.80‬‬

‫~‪~19‬‬
‫تتجلّى المقاربة التي نهجها المشرع المغربي لعقاب الجناة اإلرهابيين في سلك‬
‫طريقتين مختلفتين األولى تقضي باإلحالة على العقوبات المقررة للجرائم العادية في القانون‬
‫الجنائي مع التشديد فيها كلما اتصفت تلك الجرائم بالصفة اإلرهابية‪،‬أما الطريقة الثانية‬
‫فتخص بعض الجرائم اإلرهابية المستقلة بذاتها‪،‬والتي أفرد لها المشرع المغربي عقوبات‬
‫خاصة‪.49‬‬

‫فإلى جانب ذلك فقد قرر المشرع أحكام خاصة للعقاب مراعاة منه لخصوصية هذه‬
‫الجريمة كإقرار ظروف التخفيف واألعذار المعفية من العقاب‪،‬وذلك تشجيعا ومكافأة‬
‫لمرتكبيها‪،‬في حالة عدولهم االختياري عن استكمال مشروعهم اإلجرامي أو مساعدتهم‬
‫للسلطات في الكشف عن مرتكبيها سواء قبل محاولة ارتكابها أو بعد تنفيذها وقبل إقامة‬
‫الدعوى العمومية‪.‬‬

‫وعليه سنقسم هذا المبحث إلى مطلبين‪:‬العقوبات والتدابير المقررة للجرائم‬


‫اإلرهابية(مطلب أول)‪،‬وتحديد بعض األحكام الخاصة بالعقاب في الجرائم اإلرهابية(مطلب‬
‫ثان)‪.‬‬

‫المطلب األول‪:‬العقوبات والتدابير المقررة للجريمة اإلرهابية في التشريع المغربي‬

‫منذ تشريع قانون اإلرهاب ودخوله حيز التنفيذ‪،‬وبيان موجبات تطبيقه والعقوبات‬
‫المقررة للجرائم الواردة به‪،‬لن يتأتى مستقبال ألي كان أن يحتج أو يتمسك بعدم علمه‬
‫بمقتضياته أو العقوبات المشددة المنصوص عليها به‪،‬استنادا للمادة ‪ 1‬من ق ج‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى قانون رقم ‪،02.02‬المتعلق بمكافحة اإلرهاب‪،‬يتبين أن العقوبة في‬


‫الجرائم اإلرهابية إما عقوبة جنائية‪،‬وإما عقوبة جنحية‪،‬ثم إنها إما أن تكون عقوبة أصلية‬
‫وإما عقوبة إضافية‪،‬كما نجد أن المشرع نص في نفس القانون على تدابير وقائية تهدف إلى‬
‫حماية المجتمع من الخطر الكامن في بعض األفراد المهيئين الرتكاب أفعال تؤدي إلى‬
‫اضطراب اجتماعي‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫‪ -‬السياسة الجنائية الموضوعية للمشرع المغربي في مواجهة جرائم اإلرهاب‪،‬موضوع رسالة بحث ماستر في القانون الخاص‪،‬منشور‬
‫بمجلة القانون واألعمال ‪.218.988988‬‬

‫~‪~21‬‬
‫الفقرة األولى‪:‬العقوبات األصلية‬
‫إن تتبع العقوبات المنصوص عليها في قانون مكافحة اإلرهاب سيؤدي إلى رصد‬
‫مالحظة ميدانية هامة‪،‬يتجلى شعارها األول في الصرامة والتشدد‪،‬وذلك انسجاما مع‬
‫الخصوصية والخطورة االستثنائية التي تقترن بالجريمة اإلرهابية‪،‬غايته في ذلك زجر‬
‫المجرم اإلرهابي وردعه عن اقتراف مثل هاته الجرائم المخلة بأمن الجماعة ومصالحها‪.50‬‬

‫وبالرجوع إلى المواد ‪ 114-1‬و ‪ 114-4‬نجدها تحدد العقوبات األصلية المخصصة‬


‫للجرائم اإلرهابية الجديدة وهي كالتالي‪:‬‬

‫مالحظة‬ ‫الجزاء العقابي‬ ‫اإلطار القانوني‬ ‫الفعل الجرمي‬


‫الحبس من سنتين إلى ‪1‬‬ ‫الفصل ‪ 114-1‬من قانون‬ ‫جرائم اإلشادة بأعمال‬
‫سنوات‪،‬وغرامة من ‪ 10‬آالف‬ ‫‪02.02‬‬ ‫إرهابية بواسطة الخطب‬
‫إلى ‪ 10‬ألف درهم‬ ‫أو الصياح أو التهديدات‬
‫ـــــــــــــــــــــــ‬ ‫المفوه بها في األماكن و‬
‫االجتماعات العمومية‬
‫بواسطة المكتوبات‬
‫والمطبوعات المبيعة أو‬
‫الموزعة أو المعروضة‬
‫للبيع في االجتماعات‬
‫العمومية أو بواسطة‬
‫الملصقات أوسائل‬
‫اإلعالم‬

‫شدد المشرع المغربي‬ ‫السجن من ‪ 10‬إلى ‪10‬‬ ‫الفصل ‪ 114-2‬من قانون‬ ‫جرائم اإلضرار بالمحيط‬
‫في العقوبة في هاته‬ ‫سنة‪،‬في الحالة العادية‪،‬‬ ‫‪02.02‬‬ ‫البيئي‪،‬عن طريق إدخال‬
‫الحالة إذا نتج عن‬ ‫المؤبد في الحالة التي يترتب‬ ‫أو وضع مادة تعرض‬
‫الجريمة عاهة‬ ‫عنها موت شخص أو أكثر‬ ‫صحة اإلنسان أو الحيوان‬
‫مستديمة أو ترتب‬ ‫أو المجال البيئي للخطر‬
‫عنها الموت تكون‬
‫العقوبة هي اإلعدام‬

‫ترفع عقوبة السجن‬ ‫بالنسبة لألشخاص الطبيعيين‬ ‫الفصل ‪ 114-8‬من قانون‬ ‫جرائم تمويل اإلرهاب‬
‫إلى ‪ 10‬سنوات‪،‬و‪20‬‬ ‫السجن من ‪ 2‬إلى ‪ 10‬سنة‬ ‫‪02.02‬‬ ‫وتقديم المساعدة أو‬
‫سنة والغرامة إلى‬ ‫وغرامة من ‪ 200‬ألف إلى‬ ‫مشورة لهذا الغرض‬
‫الضعف عندما تقترن‬ ‫مليونين درهم‪،‬والمصادرة‬
‫بأحد الظروف‬ ‫الكلية أو الجزئية لألشخاص‬
‫‪50‬‬
‫‪ -‬السياسة الجنائية الموضوعية للمشرع المغربي في مواجهة جرائم اإلرهاب‪،‬نفس المرجع‪.‬‬

‫~‪~21‬‬
‫المشددة‪-:‬عندما‬ ‫المعنوية‪،‬وغرامة من مليون‬
‫ترتكب في إطار‬ ‫إلى خمسة ماليين درهم‪.‬‬
‫عصابة منظمة‪.‬‬
‫‪-‬حالة العود‪-‬عندما‬
‫ترتكب باستعمال‬
‫التسهيالت التي‬
‫يوفرها مزاولة نشاط‬
‫مهني‪.‬‬

‫جواز إعفاء أقارب‬ ‫السجن من ‪ 10‬إلى ‪ 10‬سنة‬ ‫الفصل ‪ 114-1‬من قانون‬ ‫التقديم العمدي ألي نوع‬
‫وأصهار الفاعل إلى‬ ‫‪02.02‬‬ ‫من أنواع المساعدة‬
‫غاية الدرجة الرابعة‬ ‫لمقترفي العمل اإلرهابي‬
‫إذا قدموا له مسكنا أو‬ ‫سواء كانوا فاعلين‬
‫وسائل عيش شخصية‬ ‫أصليين أو مساهمين أو‬
‫فقط‬ ‫مشاركين‬

‫جواز إعفاء أقارب‬ ‫‪-‬الشخص الطبيعي‪:‬السجن من‬ ‫الفصل ‪ 114-4‬من قانون‬ ‫جريمة عدم التبليغ عن‬
‫وأصهار الفاعل إلى‬ ‫‪ 2‬إللى ‪ 10‬سنوات‪.‬‬ ‫‪02.02‬‬ ‫جريمة إرهابية‬
‫غاية الدرجة الرابعة‬ ‫‪-‬الشخص المعنوي‪:‬غرامة من‬
‫‪ 100‬إلى مليون درهم‬

‫شدد المشرع المغربي‬ ‫المصادرة الكلية لألشياء‬ ‫الفصل ‪ 114-2‬من قانون‬ ‫جريمة اإلقناع والتحريض‬
‫على مجرد اإلقناع في‬ ‫واألدوات والممتلكات التي‬ ‫‪02.02‬‬ ‫على ارتكاب الجريمة‬
‫هاته الجريمة عكس‬ ‫استعملت أو كانت ستستعمل‬ ‫اإلرهابية‬
‫الجرائم العادية‬ ‫في ارتكاب الجريمة‬
‫والعائدات المتحصلة منها‬

‫الفقرة الثانية‪:‬العقوبات اإلضافية‬


‫تكون العقوبة إضافية حسب المادة ‪ 18‬من ق‪.‬ج المغربي عندما ال يسوغ الحكم بها‬
‫وحده ا‪،‬أو عندما تكون ناتجة عن الحكم بعقوبة أصلية‪،‬إال أن الجديد الذي جاء به المشرع‬
‫على مستوى القانون رقم ‪ 02.02‬المتعلق بمكافحة اإلرهاب خاصة فيما يتعلق بالمادتين‬
‫‪ 80‬و ‪ 88‬من القانون الجنائي‪،‬ويمكن حصر هاته العقوبات اإلضافية فيما يتعلق بالجريمة‬
‫اإلرهابية في أمرين‪:‬‬

‫~‪~22‬‬
‫‪ -1‬الحرمان المؤقت من ممارسة بعض الحقوق الوطنية أو المدنية أو العائلية‪،51‬حيث‬
‫نصت على أنه يجوز للمحاكم في الحاالت المقررة قانونا إذا حكمت بعقوبة جنحية أن تحرم‬
‫المحكوم عليه لمدة تتراوح بين سنة وعشر سنوات من ممارسة حق أو عدة حقوق من‬
‫الحقوق الوطنية أو المدنية أو العائلية‪،‬أما إذا تعلق األمر بجريمة إرهابية فإنه تطبق نفس‬
‫المقتضيات السابقة إذا حكمت المحكمة بعقوبة جنحية‪.‬‬

‫‪ -1‬المصادرة الجزئية لألشياء المملوكة للمحكوم عليه‪،‬حيث نصت المادة ‪ 88-1‬من‬


‫قانون على أنه يجوز للمحكمة أن تحكم بالمصادرة ألمالك المحكوم عليه أو بعض منها إذا‬
‫تعلق األمر بجريمة إرهابية‪.‬‬

‫‪-‬كما يجب دائما الحكم بالمصادرة في الجريمة اإلرهابية ولو تعلق األمر بأفعال تعد‬
‫جنحا أو مخالفات‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪:‬التدابير المؤقتة‬


‫نظرا ألهمية هاته التدابير نجد أن المشرع المغربي أخذ بها‪،‬وأفرد لها مقتضيات‬
‫قانونية خاصة‪-‬المواد ‪ 21-11‬من قانون ‪،02.02‬المتعلق بمكافحة اإلرهاب‪،‬بل نص على‬
‫وجوب تفعيلها عند المؤاخذة على فعل يشكل جريمة إرهابية‪،‬هذه التدابير هي‪:‬‬

‫مالحظة‬ ‫العقوبة‬ ‫اإلطار‬ ‫نوع التدبير‬


‫القانوني‬ ‫الوقائي‬
‫اإلقامة في أماكن أو دوائر محددة في حالة الجريمة اإلرهابية‬ ‫فصل ‪ 20‬من‬ ‫اإلجبار على اإلقامة‬
‫فإن اإلجبار على اإلقامة‬ ‫ال يجوز االبتعاد عنها بدون‬ ‫ق ‪02.02‬‬ ‫بمكان معين‬
‫في مكان معين يرتفع من‬ ‫رخصة طوال مدة العقوبة‬
‫المحكوم بها على أن ال تتجاوز ‪ 2‬سنوات إلى ‪ 10‬سنوات‬
‫‪ 2‬سنوات‬
‫إذا تعلق األمر بجريمة إرهابية‬
‫ارتفعت المدة إلى ‪ 10‬سنوات‬

‫في حالة الجريمة اإلرهابية‬ ‫يجوز الحكم بالمنع في حالة‬ ‫فصل ‪ 21‬من‬ ‫المنع من اإلقامة‬
‫إصدار عقوبة من أجل جناية‪،‬وال فإن تدبير المنع من اإلقامة‬ ‫ق ‪02.02‬‬
‫يجوز الحكم به دائما بغض‬ ‫يجوز في الجنحة‬

‫‪51‬‬
‫‪-‬المادة ‪ 10‬من القانون رقم ‪ 11911‬المتعلق بمكافحة اإلرهاب‪.‬‬

‫~‪~23‬‬
‫النظر عن أن اأمر يتعلق‬
‫بفعل جناية أو جنحة أو‬
‫قضت العقوبة األصلية‬

‫عدم األهلية لمزاولة جميع‬ ‫فصل ‪ 41‬من‬ ‫عدم األهلية لمزاولة‬


‫الوظائف أو الخدمات العمومية‬ ‫ق ‪02.02‬‬ ‫جميع الوظائف أو‬
‫إذا تعلق األمر بجريمة إرهابية‬ ‫الخدمات العمومية‬

‫المطلب الثاني‪:‬األحكام الخاصة بعقوبة الجريمة اإلرهابية‬


‫إذا كان الردع أمرا مألوفا لمواجهة الجريمة بصفة عامة‪،‬والجريمة اإلرهابية بصفة خاصة‪،‬فإن‬
‫نهج سياسة موازية تهدف إلى التشجيع على التعاون مع السلطات بإقرار مكافأة عن هذا السلوك‪،‬تتمثل‬
‫في اإلعفاءات من العقاب أو التخفيف منه بقوة القانون سيساهم في بال شك في تطويق جرائم اإلرهاب‪.‬‬

‫ومما سبق يتبين أن إقرار األعذار القانونية بنص خاص للحيلولة دون العقاب أو التخفيف منه‬
‫لبعض األشخاص الذين يقدمون على التخطيط الرتكاب الجرائم اإلرهابية‪،‬ثم يعدلون عنها قبل إقامة‬
‫الدعوى بتبليغهم عن هاته الجرائم نتيجة لظروف وعوامل خاصة بالجاني‪،‬ولهذا نجد المشرع قد احال‬
‫بصفة ضمنية إلى إمكانية تمتيع المجرم بظروف التخفيف‪.‬‬

‫وتتمتع المحكمة المختصة في هذا النوع من القضايا بإمكانية إعفاء المجرم من العقوبة عندما يقوم‬
‫الدليل لديها على أنه يوجد لصالحه عذر مانع من العقاب المقرر في القانون‪،‬كما يمكنها منح المؤاخذ‬
‫ظروف التخفيف الواردة في نفس القانون‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪:‬األعذار القانونية المعفية من العقوبة في الجريمة اإلرهابية‬


‫لتشجيع الجناة على التراجع عن مشاريعهم ومخططاتهم اإلرهابية أقر المشرع المغربي في قانون‬
‫مكافحة اإلرهاب مقتضيات ترمي إلى تمتيع المجرم بعذر معفي من العقوبة أو بالتخفيف منها إذا توافرت‬
‫شروط ذلك وتتميز هذه األعذار بخصوصيات أهمها‪:‬‬

‫‪-‬ا ألعذار القانونية في الجريمة اإلرهابية يترتب عنها اإلعفاء من الخضوع للجزاء العقابي‬

‫‪-‬العذر القانوني المعفي في الجريمة اإلرهابية يستفيد منه كل من الفاعل األصلي والمساهم أو‬
‫المشارك‪،‬كما يمكن أن يستفيد منه أقاربه وأصهاره إلى حدود الدرجة الرابعة‬

‫‪-‬األعذار القانونية المعفية في الجريمة اإلرهابية تتراوح بين الجواز وبين الوجوب (‪)114-2‬‬

‫~‪~24‬‬
‫على أن نورد هاته األعذار القانونية المعفية للعقاب في ظل ق ‪،02.02‬فيما يلي‪:‬‬

‫موجبات اإلعفاء‬ ‫طبيعة‬ ‫المستفيد من العذر‬ ‫اإلطار القانوني‬ ‫الفعل الجرمي‬


‫العذر‬ ‫القانوني المعفي‬ ‫اإلرهابي‬
‫المعفي من‬ ‫من العقاب‬
‫العقاب‬

‫الحفاظ على الروابط‬ ‫جوازي‬ ‫أقارب وأصهار‬ ‫الفقرة األخيرة من‬ ‫تقديم مسكن أو‬
‫األسرية واحترام‬ ‫مرتكب الجريمة‬ ‫وسائل عيش شخصية الفصل ‪ 114-1‬من‬
‫خصوصياتها‬ ‫اإلرهابية أو‬ ‫القانون رقم ‪02.02‬‬ ‫فقط للفاعل أو‬
‫المساهم أو‬ ‫المساهم أو المشارك‬
‫المشارك فيها إلى‬ ‫في الجريمة‬
‫حدود الدرجة‬ ‫اإلرهابية‬
‫الرابعة‬

‫الحفاظ على الروابط‬ ‫جوازي‬ ‫أقارب وأصهار‬ ‫الفقرة الثانية من‬ ‫عدم التبليغ عن‬
‫األسرية واحترام‬ ‫مرتكب الجريمة‬ ‫الفصل ‪ 114-4‬من‬ ‫جريمة من قبل كل‬
‫خصوصياتها‬ ‫اإلرهابية أو‬ ‫القانون رقم ‪02.02‬‬ ‫من كان على علم‬
‫المساهم أو‬ ‫بمخطط أو أفعال‬
‫المشارك فيها إلى‬ ‫تهدف إلى ارتكاب‬
‫حدود الدرجة‬ ‫أعمال معاقب عليها‬
‫الرابعة‬ ‫بوصفها جريمة‬
‫إرهابية ولم يبلغ عنها‬
‫فورا بمجرد علمه‬

‫تحفيز الفاعل أو‬ ‫جوازي‬ ‫الفصل ‪ 114-2‬من الفاعل األصلي في‬ ‫الكشف عن وجود‬
‫المساهم أو المشارك‬ ‫القانون رقم ‪ 02.02‬الجريمة اإلرهابية‬ ‫اتفاق جنائي أو‬
‫في الجريمة‬ ‫أو المساهم أو‬ ‫عصابة ألجل اقتراف‬
‫اإلرهابية على‬ ‫المشارك فيها الذي‬ ‫جريمة إرهابية قبل‬
‫التراجع عن تنفيذ‬ ‫يعمد قبل غيره إلى‬ ‫ارتكابها وقبل إقامة‬
‫مخططه قبل وقوع‬ ‫التبليغ بمخططها‬ ‫الدعوى العمومية‬
‫الجريمة‬ ‫إلى الجهات‬
‫القضائية أو األمنية‬
‫أو اإلدارية أو‬
‫العسكرية‬

‫الفقرة الثانية‪:‬الظروف القضائية المخففة في الجريمة اإلرهابية‬


‫تخفض معها العقوبة المستحقة للجريمة‬ ‫تطرق المشرع المغربي لحالة وحيدة‬
‫اإلرهابية‪،‬ويتعلق األمر بالفصل ‪ 114-2‬من قانون رقم ‪،02.02‬الذي ينص على أنه إذا تم‬

‫~‪~25‬‬
‫التبليغ عن األفعال المذكورة في الفقرة األولى من الفصل المشار إليه بعد ارتكاب‬
‫الجريمة‪،‬فإن العقوبة تخفض إلى النصف بالنسبة للفاعل أو المساهم أو المشارك‪،‬الذي يقدم‬
‫نفسه تلقائيا للسلطات المذكورة‪،‬أو الذي يبلغ عن المساهمين أو المشاركين في الجريمة‪.‬‬

‫وطبقا للفقرة األخيرة من الفصل المذكور أعاله‪،‬فإذا كانت العقوبة المقررة للجريمة‬
‫اإلرهابية هي السجن المؤيد فتخفض العقوبة إلى ‪ 20-10‬سنة‪.‬‬

‫وبهذا يكون المشرع قد أعطى فرصة للجناة للتخفيف من العقوبة حتى بعد ارتكابهم‬
‫للجريمة اإلرهابية شريطة تقديم أنفسهم تلقائيا دون أية مقاومة‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪:‬المحكمة المختصة بتطبيق العقوبة في الجريمة اإلرهابية‬

‫لقد سارع المشرع المغربي إلى إصدار القانون رقم ‪،02.02‬لمواجهة حاالت اإلرهاب‬
‫الدخيلة على المجتمع المغربي‪،‬والتي تقلق راحة المواطنين‪،‬وتدمر ازدهار اقتصاد البالد‪،‬وقد‬
‫تضمن هذا القانون عدة إجراءات لمحاكمة المتورطين في جريمة اإلرهاب‪.‬‬

‫وبخصوص المحكمة المختصة بالقضايا اإلرهابية فإن المشرع المغربي عقد‬


‫االختصاص بصرف النظر عن قواعد االختصاص المقررة في قانون المسطرة الجنائية أو‬
‫في نصوص أخرى إلى محكمة االستيناف بالرباط بالمتابعة والتحقيق والحكم في الجرائم‬
‫اإلرهابية‪،‬وذلك طبق لمقتضيات قانون اإلرهاب كما يمكن للمحكمة المذكورة‪،‬ألسباب‬
‫استثنائية تتعلق باألمن العمومي أن تعقد جلساتها بصفة استثنائية بمقر أي محكمة أخرى‪.‬‬

‫~‪~26‬‬

You might also like