You are on page 1of 253

‫ثغُ هللا اٌشدّٓ اٌشد‪ُ١‬‬

‫ِمذِخ ف‪ِٕٙ ٟ‬ج اٌزؼٍ‪ ُ١‬ثبٌّٕظ‪ِٛ‬بد‬

‫التعليم باؼبنظومات منهج أصيل لدى العلماء اؼبسلمُت وىو لكثرة انتشاره‬
‫واشتاره‪ ،‬ال وبتاج لدليل يظهر مدى قناعة اؼبسلمُت بو‪ ،‬واعتمادىم عليو‪.‬‬
‫فقد كتبت اؼبنظومات يف سائر العلوـ الشرعية والكونية منذ قروف طويلة‪،‬‬
‫وقررت يف حلقات التعليم‪ ،‬وتناوؿ العلماء يف خدمتها شرحاً وتدريساً وربشية‬
‫وتزئيبلً‪ ،‬حىت أصبحت عنواناً على اؼبعرفة‪ ،‬وأصبحت جزءاً رئيساً من ذاكرة طبلب‬
‫وقل أف ذبد عاؼباً من علماء‬
‫العلم‪ ،‬ومدخبلً واضحاً من مداخل اؼبعرفة األصيلة ّ‬
‫العربية اليوـ مل وبفظ ألفية ابن مالك شعراً‪ ،‬ويدرس شروحها وحواشيها‪ ،‬وجهود‬
‫العلماء عليها‪ ،‬وكذلك فإف علماء القراءة اليوـ اليزالوف يشرطوف على طالب العلم‬
‫ىذا الفن أف يستظهر واحداً من النظمُت‪ :‬حرز األماين مع الدرة أو طيبة النشر‪ ،‬وال‬
‫يناؿ اللريقة إال باستظهارنبا معاً‪.‬‬
‫واألمر ذاتو يف ربصيل علم الفرائض واغبديث واألصوؿ وغَتنبا من العلوـ‬
‫النظرية‪.‬‬
‫وال شك أف الذي أؽبم اؼبسلمُت ىذا اؼبنهج‪ ،‬ىو ذبربتهم األصيلة يف حفظ‬
‫القرآف الكرًن‪ ،‬فاؼبسلموف أمة اختصها اهلل هبذا التنزيل‪ ،‬وجاءت األحاديث بالتوكيد‬
‫على حفظو واستظهاره بدءاً من عصر السلف األوؿ فقد اعترب حفظ القرآف الكرًن‬
‫شرطاً رئيسياً ؼبن ىبوض يف التأويل أو التفسَت‪ ،‬إذاً فهو شرط أساسي لكل عامل‬
‫يتصدر للتعليم‪.‬‬
‫وظهر لؤلقدمُت بركة حفظ النصوص من خبلؿ ذلك فراحوا ينهجوف ذات‬
‫النهج يف العلوـ األخرى‪ ،‬من سبق اغبفظ مث تعقيبو بالفهم والشروح‪.‬‬
‫وإياؾ أف يأخذ بك الظن إىل تصور أهنم قصدوا ؿباكات النظم القرآين‪ ،‬يف‬
‫إسلوبو اؼبعجز‪ ،‬فهذا ال يدركو أحد‪ ،‬وإمبا أرادوا ؿباكات اللريقة التعليمية الناجحة‬
‫اليت أؽبمهم إياىا إسلوهبم يف تلقي العلوـ اؼبتصلة بالقرآف الكرًن‪.‬‬

‫خصائص التعليم بالمنظومات‬


‫وتكشف طريقة التعليم باؼبنظومات عن وعي عميق لدى العلماء اؼبسلمُت‪،‬‬
‫ذلك أهنم أدركوا أف طاقة العقل لدى اإلنساف تتوزع بُت اغبفظ والفهم‪ ،‬وأف إطار‬
‫اغبفظ يبدأ كبَتاً مع سن اللفولة فيما يكوف إطار الفهم واالستيعاب أقل وأضعف‪،‬‬
‫مث يبدأ إطار اغبفظ بالتناقص غبساب الفهم واالستيعاب أكرب من القدرة على اغبفظ‬
‫والتخزين يف الذاكرة‪.‬‬
‫فلو افًتضنا أف طاقة العقل مائة درجة‪ ،‬فإف يف سن العشرة‪ .‬تتوزع قدرتو‬
‫على أساس أف الذاكرة ؽبا تسعوف واالستيعاب لو عشرة فإذا بلغ سن العشرين تناقص‬
‫اغبفظ إىل طبسُت‪ ،‬فإذا بلغ الثبلثُت أصبحت القدرة على اغبفظ عشرة‪.‬‬
‫ولست أزعم أف ىذه القاعدة مللقة حبيث التتخلف‪ ،‬بل ؽبما استثناءات‬
‫كثَتة ترتبط بًتكيب اإلنساف النفسي كما ترتبط بظروفو االجتماعية‪ ،‬ولكن الفًتة‬
‫الذىبية للحفظ ىي ببل ريب فًتة اللفولة‪ ،‬ففي اللفولة يتعلم اؼبرء على ذاكرة‬
‫بيضاء‪ ،‬فتكوف اؼبعلومات أرسخ وأبقى‪ ،‬حىت إذا كثرت اؼبعارؼ واؼبشاغل ضاقت‬
‫ساحة الذاكرة عن استيعاب اعبديد‪ ،‬فتزاضبت اؼبعارؼ‪ ،‬وكثرة الكبلـ ينسي بعضو‬
‫بعضاً‪.‬‬
‫ومن ىنا شاع بُت أىل اؼبعرفة‪ :‬اغبفظ يف الصغر كالنقش على اغبجر‬
‫واغبفظ يف الكرب كالنقش يف الكدر‪ .‬فبينما يرسخ النقش على اغبجر فإف النقش‬
‫على الكدر وىو اللُت اعباؼ اليلبث أف يتفتت ألوؿ عامل من عوامل الدىر‪.‬‬
‫وعلى إدراؾ لذلك كلو هنج العلماء اؼبسلموف يف التعليم‪ ،‬فقدموا للصغَت‬
‫أحواؿ اؼبعارؼ على ىيئة منظومات ومتوف‪ ،‬وطلبوا من الفىت حفظها واستظهارىا‪،‬‬
‫فشغلوه دبا ىو جدير‪ ،‬وصرفوه عما ىو ليس باىل‪ ،‬إذف لن يبلغ فهم ىذه اؼبنظومات‬
‫إال بتكليف وتعسف‪ ،‬بينما يبكنو حفظها دبتعة ويسر ويتخذىا لو نغماً وغبناً‪.‬‬
‫ف عن فهم عباراهتا‪ ،‬فيحفظها حفظ األعاجم‪،‬‬
‫ولست أعٍت أنو كاف يُ َك ُّ‬
‫بل كانت ربل لو عقد العبارات‪ ،‬دوف الدخوؿ يف تفاصيل الدالالت‪.‬‬
‫وىكذا إف الفىت يفتح عينو على العلم يف الثامنة عشرة مثبلً وعنده ـبزوف‬
‫كبَت من اؼبعرفة‪ ،‬ملبوع يف الذاكرة كلما ناداه قاؿ لو لبيك‪ ،‬فيشرع بفهم اؼبسائل‪،‬‬
‫وإف أصوؽبا مبسوطة على صفحة ذاكرتو‪ ،‬كأنو يراىا عياناً ويلمسها بناناً‪ ،‬فيكوف‬
‫ذلك أدعى للفهم وأوقر يف العقل مث يتصدر للتعليم والفتيا وعلمو معو حاضر‪،‬‬
‫ولسانو لو ذاكر‪ ،‬فيصبح كالغٍت عن ضبل القراطيس‪ ،‬كما قاؿ اإلماـ الشافعي‪:‬‬
‫صػػدري وعػػاء لو البلػن صنػدوقي‬ ‫علػػمي مػػعي أينمػػا يػػممػت يتبعٍت‬

‫أو كنت يف السوؽ كاف العلم يف السوؽ‬ ‫إف كنت يف البيت كاف العلم فيو معي‬

‫وقاؿ آخر‪:‬‬

‫م ػػالعػ ػػلم إال مػػاح ػ ػواه الصػ ػػدر‬ ‫مالعػػلم فيػػما قػػد حػػوى القػمػػلر‬

‫وقد كانوا يعنوف ذلك حينما قالوا‪ :‬من حفظ اؼبتوف حاز الفنوف‪ ،‬ومن قرأ‬
‫اغبواشي ما حوى شيء‪.‬‬
‫ولست أدري ؼباذا ال هتتم اللريقة اغبديثة يف التعليم عن مناىج التعليم‬
‫باؼبنظومات‪ ،‬رغم أننا لن كبتاج إىل التدليل على موثوقية علم األقدمُت‪.‬‬
‫وليس صواباً ما يظنو بعض احملققُت من أف ىذا الفن نشأ يف عصور‬
‫االكبلاط والركود وأنو ليس لو أصالة تارىبية كمنهج تعليمي اسبلمي‪ ،‬بل شبة‬
‫منظومات ذباوزت ألف بيت وىي مكتوبة يف القرف السادس اؽبجري‪ ،‬كقصيدة‬
‫النسفي يف فقو اغبنفية فقد أكملها عاـ ‪ 504‬ىجري وبلغت ‪ 2669‬بيتاً‪ ،‬والرحبية‬
‫يف الفرائض البن الرحيب اؼبتويف عاـ ‪ 577‬ىجري‪ ،‬بل أشار حاجي خليفة يف كشف‬
‫الظنوف إىل منظومة يف غريب اللغة لنفلويو النحوي اؼبشهور اؼبتويف ‪ 323‬ىجري‪.‬‬
‫شـــــــرح‬
‫الوعتود في أصىل الفقه‬

‫نظم وشرح‬
‫اٌذوز‪ٛ‬س ِذّذ اٌذجش‬
‫جميع الحقوؽ محفوظة‬

‫الطبعة األولى‬
‫‪1996‬‬

‫داس أث‪ ٛ‬إٌـ‪ٛ‬س‬


‫ثغُ هللا اٌشدّٓ اٌشد‪ُ١‬‬

‫اغبمد هلل خبَت ما ضبده اغبامدوف‪ ،‬والصبلة والسبلـ األسباف األكمبلف األزكياف‬
‫األعلراف على حبيب رب العاؼبُت‪ ،‬ؿبمد ‪ ‬وعلى آلو الليبُت اللاىرين‪ ،‬وأصحابو‬
‫األخيار اؽبداة اؼبهديُت‪.‬‬
‫وبعد‪..‬‬
‫فقد كتبت ىذه اؼبنظومة أياـ الدراسة‪ ،‬غرة القرف اؽبجري اعبديد‪ ،‬وكتب اهلل‬
‫هبا نفعاً لللبة العلم‪ ،‬فحفظها عدد منهم‪ ،‬وأشار علي أستاذي الدكتور ؿبمد‬
‫الزحيلي بإعادة طباعتها مشروحة‪ ،‬وقد وافق ذلك رغبة لدي‪ ،‬فاستعنت باهلل‪،‬‬
‫من اهلل بإسبامو‪ ،‬وىا أنا أدفعو للقارئ الكرًن‪ ،‬ألتمس منو‬
‫وشرعت يف اؼبقصود‪ ،‬حىت َّ‬
‫دعوة صاغبة بظهر الغيب‪.‬‬
‫وليس يف ىذا الكتاب إال حل عبارة النظم‪ ،‬من طريق قريب‪ ،‬وأما بسط‬
‫مسائل ىذا العلم فتجدىا يف مظاهنا من الكتب األصوؿ‪.‬‬
‫وقد قدمت للكتاب دبقدمة يف منهج التعليم باؼبنظومات‪ ،‬ومزايا ىذه اللريقة‬
‫أثبت آخر‬
‫وقد سبق أف نشرهتا يف بعض كتيب السابقة وأعيدىا ىنا للفائدة كما ُّ‬
‫الكتاب النظم بتمامو ليهوف حفظو على الراغب‪ ،‬وباهلل التوفيق‪.‬‬

‫د‪ .‬ؿبمد اغببش‬


‫ِمذِخ ف‪ِٕٙ ٟ‬ج اٌزؼٍ‪ ُ١‬ثبٌّٕظ‪ِٛ‬بد‬

‫التعليم باؼبنظومات منهج أصيل لدى العلماء اؼبسلمُت‪ ،‬وىو لكثرة انتشاره‬
‫واشتهاره‪ ،‬ال وبتاج إىل دليل يظهر مدى قناعة اؼبسلمُت بو‪ ،‬واعتمادىم عليو‪.‬‬
‫فقد كتبت اؼبنظومات يف سائر العلوـ الشرعية والكونية منذ قروف طويلة‪،‬‬
‫وقُػِّررت يف حلقات التعليم‪ ،‬وتناوب العلماء يف خدمتها شرحاً وتدريساً وربشية‬
‫وتذييبلً‪ ،‬حىت أصبحت عنواناً على اؼبعرفة‪ ،‬وأصبحت جزءاً رئيساً من ذاكرة طالب‬
‫العلم‪ ،‬ومدخبلً واضحاً من مداخل اؼبعرفة األصيلة‪.‬‬
‫وقل أف ذبد عاؼباً من علماء العربية اليوـ مل وبفظ ألفية ابن مالك مثبلً‪،‬‬
‫ويتخرج بشروحها وحواشيها‪ ،‬وجهود العلماء عليها‪.‬‬ ‫َّ‬
‫وكذلك فإف علماء القراءة اليوـ ال يزالوف يشرطوف على طالب ىذا الفن أف‬
‫يستظهر واحداً من النظمُت‪ :‬حرز األماين مع الدرة أو طيبة النشر‪ ،‬وال يناؿ اللريقُت‬
‫إال باستظهارنبا معاً‪.‬‬
‫واألمر ذاتو يف ربصيل علوـ الفرائض واغبديث واألصوؿ وغَتنبا من العلوـ‬
‫النظرية‪.‬‬
‫خصائص التعليم بالمنظومات‪:‬‬
‫وتكشف طريقة التعليم باؼبنظومات عن وعي عميق لدى العلماء اؼبسلمُت‪،‬‬
‫ذلك أهنم أدركوا أف طاقة العقل لدى اإلنساف تتوزع بُت اغبفظ والفهم‪ ،‬وأف إطار‬
‫اغبفظ يبدأ كبَتاً مع سن اللفولة فيما يكوف إطار الفهم واالستيعاب أقل وأضعف‪،‬‬
‫مث يبدأ إطار اغبفظ بالتناقص غبساب الفهم واالستيعاب حىت يتساويا مث تصبح‬
‫القدرة على الفهم واالستيعاب أكرب من القدرة على اغبفظ والتخزين يف الذاكرة‪.‬‬
‫فلو افًتضنا أف طاقة العقل مائة درجة‪ ،‬فإف اإلنساف يف سن العاشرة‪ ،‬تتوزع‬
‫قدرتو على أساس أف الذاكرة ؽبا تسعوف واالستيعاب لو عشرة فإذا بلغ سن العشرين‬
‫تناقصت القدرة على اغبفظ إىل طبسُت وتعاظمت القدرة على الفهم إىل طبسُت‪،‬‬
‫فإذا بلغ الثبلثُت أصبحت القدرة على الفهم تسعُت والقدرة على اغبفظ عشرة‪.‬‬
‫ولست أزعم أف ىذه القاعدة مللقة حبيث ال تتخلف‪ ،‬بل ؽبا استثناءات‬
‫كثَتة ترتبط بًتكيب اإلنساف النفسي كما ترتبط بظروفو االجتماعية‪ ،‬ولكن الفًتة‬
‫الذىبية للحفظ ىي ببل ريب فًتة اللفولة‪ ،‬ففي اللفولة يتعلم اؼبرء على ذاكرة‬
‫بيضاء‪ ،‬فتكوف اؼبعلومات أرسخ وأبقى‪ ،‬حىت إذا كثرت اؼبعارؼ واؼبشاغل ضاقت‬
‫ساحة الذاكرة عن استيعاب اعبديد‪ ،‬فتزاضبت اؼبعارؼ‪ ،‬وكثرة الكبلـ ينسي بعضو‬
‫بعضاً‪.‬‬
‫ومن ىنا شاع بُت أىل اؼبعرفة‪ :‬اغبفظ يف الصغر كالنقش على اغبجر‪ ،‬واغبفظ‬
‫يف الكرب كالنقش يف الكدر‪.‬‬
‫فبينما يرسخ النقش على اغبجر‪ ،‬فإف النقش على الكدر‪ ،‬وىو اللُت اعباؼ‬
‫ال يلبث أف يتفتت ألوؿ عامل من عوامل الدىر‪.‬‬
‫وعلى إدراؾ لذلك كلو هنج العلماء اؼبسلموف يف التعليم‪ ،‬فقدموا للصغَت‬
‫أصوؿ اؼبعارؼ على ىيئة منظومات ومتوف‪ ،‬طلبوا من الفىت حفظها واستظهارىا‪ ،‬ومل‬
‫يشاؤوه على فهم مقاصدىا واحتماالهتا‪ ،‬فشغلوه دبا ىو بو جدير‪ ،‬وصرفوه عما ىو‬
‫ليس لو بأىل‪ ،‬إذ لن يبلغ فهم ىذه اؼبنظومات إال بتكليف وتعسف‪ ،‬بينما يبكنو‬
‫حفظها دبتعة ويسر‪ ،‬ويتخذىا لو نغماً وغبناً‪.‬‬
‫ف عن فهم عباراهتا‪ ،‬فيحفظها حفظ األعجم‪ ،‬بل‬
‫ولست أعٍت أنو كاف يُ َك ّ‬
‫كانت ربل لو عقد العبائر‪ ،‬دوف الدخوؿ يف تفاصيل الدالالت‪.‬‬
‫وىكذا فإف الفىت يفتح عينيو على العلم يف الثامنة عشرة مثبلً وعنده ـبزوف‬
‫كبَت من اؼبعرفة‪ ،‬ملبوع يف الذاكرة‪ ،‬كلما ناداه قاؿ لو لبيك‪ ،‬فيشرع بفهم اؼبسائل‪،‬‬
‫وإف أصوؽبا مبسوطة على صفحة ذاكرتو‪ ،‬كأنو يراىا عياناً ويلمسها بناناً‪ ،‬فيكوف‬
‫ذلك أدعى للفهم وأوقر يف العقل‪.‬‬
‫مث يتصدر للتعليم والفتيا وعلمو معو حاضر‪ ،‬ولسانو لو ذاكر‪ ،‬فيصبح كالغٍت‬
‫عن ضبل القراطيس‪ ،‬كما قاؿ اإلماـ الشافعي‪:‬‬
‫صدري وعاء لو ال بطن صندوقي‬ ‫علمي معي أينما يممت يتبعني‬
‫أو كنت في السوؽ كاف العلم في السوؽ‬ ‫إف كنت في البيت كاف العلم فيو معي‬

‫وقاؿ آخر‪:‬‬
‫ماالعلم إال ما حواه الصدر‬ ‫مالعلم فيما قد حوى القمطر‬

‫وقد كانوا يعنوف ذلك حينما قالوا‪ :‬من حفظ اؼبتوف حاز الفنوف‪ ،‬ومن قرأ‬
‫اغبواشي ما حوى شي‪.‬‬
‫ولست أدري ؼباذا تعرض اللريقة اغبديثة يف التعليم عن مناىج التعليم‬
‫باؼبنظومات‪ ،‬رغم أننا لن كبتاج إىل التدليل على موثوقية علم األقدمُت‪ ،‬وحضوره بُت‬
‫أيديهم يف سائر األحواؿ‪.‬‬
‫وال شك أف الذي أؽبم اؼبسلمُت ىذا اؼبنهج‪ ،‬ىو ذبربتهم األصيلة يف حفظ‬
‫القرآف الكرًن‪ ،‬فاؼبسلموف أمة اختصها اهلل هبذا التنزيل‪ ،‬وجاءت األحاديث بالتوكيد‬
‫على حفظو واستظهاره‪ ،‬وبدءاً من عصر السلف األوؿ فقد اعترب حفظ القرآف الكرًن‬
‫شرطاً رئيساً ؼبن ىبوض يف التأويل أو التفسَت‪ ،‬وباغبري إذف فهو شرط أساس لكل‬
‫عامل يتصدر للتعليم‪.‬‬
‫وظهر لؤلقدمُت بركة حفظ النصوص من خبلؿ ذلك‪ ،‬فراحو ينهجوف النهج‬
‫ذاتو يف العلوـ األخرى‪ ،‬من سبق اغبفظ مث تعقيبو بالفهم والشروح‪.‬‬
‫وإياؾ أف يأخذ بك الظن إىل تصور أهنم قصدوا ؿباكاة النظم القرآين‪ ،‬يف‬
‫أسلوبو اؼبعجز‪ ،‬فهذا ال يدركو أحد‪ ،‬بل مل يزعمو أحد‪ ،‬وإمبا أرادوا ؿباكاة اللريقة‬
‫التعليمية الناجحة اليت أؽبمهم إياىا أسلوهبم يف تلقي العلوـ اؼبتصلة بالقرآف الكرًن‪.‬‬
‫تاريخ التعليم بالمنظومات‪:‬‬
‫وتاريخ التعليم باؼبنظومات متقدـ‪ ،‬وال بد من ىدـ الفكرة القائلة بأف‬
‫اؼبنظومات نشأت يف عصور االكبلاط والركود‪ ،‬وأهنا من تراث القرف العاشر اؽبجري‬
‫وما بعده‪ ،‬ومع ربفظي على اصلبلح ػ االكبلاط والركود ػ فهذا كلو غَت واقعي‪ ،‬وال‬
‫شك أف اؼبنظومات قد ازبذت منهجاً تعليمياً أصيبلً قبل ذلك بزمن بعيد‪.‬‬
‫ومع أف أقدـ نظم (ملبوع) يعود إىل القرف السادس اؽبجري إال أننا نؤكد أف‬
‫ىذا اؼبنهج كاف أصيبلً قبل ذلك بزمن‪ ،‬ذلك أف اؼبتأمل يف منظومات القرف السادس‬
‫اليت اشتهرت بُت الناس هبد أهنا ال تشَت إفصاحاً وال إؼباحاً إىل أهنا لوف مبتدع يف‬
‫التعليم‪ ،‬بل يلتمس القارئ أهنا صلة عبهود سابقة من الفن نفسو وعلى السبيل ذاتو‪.‬‬
‫ففي منظومة (حرز األماين ووجو التهاين) اليت كتبها اإلماـ الشاطيب يف القرف‬
‫السادس اؽبجري‪ ،‬إذ تويف عاـ ‪ 590‬ىجرية‪ ،‬ذبد نفسك أماـ علم مكتمل‪ ،‬ونظم‬
‫ٍ‬
‫مستوؼ لشرائط اؼبنهج التعليمي اؼبتُت‪ ،‬فبا يدؿ على أهنا حلقة يف سلسلة متقدمة‪،‬‬
‫أضف إىل ذلك أف النظم يف القراءات ال يتصور أف يبدأ إال بعد نظم العلوـ األكثر‬
‫تداوالً واألسهل مناالً‪ ،‬كالعقائد واالصلبلح والتجويد والفقو‪.‬‬
‫كذلك فإف الوصوؿ إىل األلفية ال يتم مرة واحدة‪ ،‬بل ال بد أف يكوف ىذا‬
‫العلاء قد سبقتو منظومات أصغر وأخصر يف الفن ذاتو‪ ،‬ناىيك عن غَته من الفنوف‬
‫القريبة‪.‬‬
‫أذكر على سبيل اؼبثاؿ ما أورده حاجي خليفة يف كشف الظنوف ص ‪،1344‬‬
‫حيث ذكر منظومة يف قراءة نافع أليب اغبسن علي بن عبد الغٍت الفهري القَتواين‪،‬‬
‫اؼبتويف سنة ‪488‬ىػ‪.‬‬
‫كذلك فقد كتب النسفي عمر بن ؿبمد بن أضبد نظماً طويبلً يف فقو اغبنفية‬
‫وـبالفيهم‪ ،‬ذكر أنو استكملو عاـ ‪ 504‬ىجرية‪ ،‬وقد أورد حاجي خليفة يف كشف‬
‫الظنوف تعريفاً جيداً بالكتاب وما قاـ عليو من شروح وحواشي وـبتصرات‪.‬‬
‫وقد بلغت أبيات ىذا النظم ‪2669‬بيتاً‪ ،‬كما أشار الناظم يف آخرىا‪:‬‬
‫ألفاف والستوف والستمائة‬ ‫وجملة األبيات يا صدر الفئة‬
‫جنات عدف وقصوراً ناعمة‬ ‫وتسعة‪ ،‬واهلل يجزي ناظمو‬
‫وىذا كما ترى كثَت‪ ،‬وقد صنفو النسفي مللع القرف السادس‪ ،‬وىو يلتزـ حبر‬
‫الرجز الذي اعتمده الناظموف فيما بعد‪ ،‬واؼبفًتض أف تكوف ىذه األلفية الكبَتة‬
‫نتيجة جهود كبَتة سابقة‪ ،‬وال ريب أف عدداً كبَتاً من القصائد التعليمية قد كتب‬
‫قبل ذلك بزمن‪.‬‬
‫وتبلحظ يف أرجوزة النسفي التزاـ الشيخ رضبو اهلل بلريقة النظم السائدة من‬
‫جعل كل بيت بقافية مستقلة‪ ،‬متلابقة يف الصدر والعجز‪.‬‬
‫وبالرغم فبا قاـ على ىذه اؼبنظومة من جهود ىامة غَت أهنا مل تفرد باللبع‬
‫مستقلة‪.‬‬
‫كذلك فأنت ذبد أف نظم (بغية الباحث عن صبل اؼبوارث) للشيخ ؿبمد بن‬
‫علي الرحيب اؼبتوىف عاـ ‪ 577‬ىجرية‪ ،‬وقد سلر الرحيب ىذه اؼبنظومة يف وقت مبكر‪،‬‬
‫وال تزاؿ ىي اؼبنهج الرئيس اؼبعتمد يف تعليم مادة الفرائض يف أكثر اؼبدارس الشرعية‪،‬‬
‫وإنو ال يتصور أف ينشأ ىذا النظم البديع من فراغ‪ ،‬ويستمر بعدئذ كبو شبانية قروف‬
‫منهجاً أصيبلً من غَت أف يكوف قبلو ذبارب سابقة يفيد منها‪ ،‬ويقتفي إثرىا‪ ،‬ومن‬
‫غَت أف يشَت ىو إىل أنو ينهج يف تعليم الفرائض هنجاً جديداً مل يكن معروفاً من‬
‫قبل‪.‬‬
‫وليس شبة مربر من إطالة الكبلـ يف تقدـ اؼبنظومات من جهة التاريخ‪ ،‬فقد‬
‫أورد حاجي خليفة يف كشف الظنوف عدداً من اؼبنظومات تعود إىل مللع القرف‬
‫الرابع‪ ،‬وردبا نظمت يف القرف الثالث‪ ،‬إذ مات مؤلفوىا مللع الرابع‪.‬‬
‫فمنها قصيدة يف غريب اللغة لنفلويو النحوي اؼبشهور اؼبتوىف ‪323‬ىػ‪ ،‬شرحها‬
‫ابن خالويو اؼبتوىف ‪370‬ىػ‪.‬‬
‫ومنها قصيدة نونية يف التجويد أليب اؼبزاحم موسى بن عبد اهلل اػباقاين اؼبتوىف‬
‫سنة ‪325‬ىػ‪ .‬وقد أظباىا (عمدة اؼبفيد)( )‪ ،‬وشرحها السخاوي اؼبتوىف عاـ ‪643‬ىػ‪.‬‬
‫ومنها القصيدة الرائية يف علم اإلنشاء أليب مزاحم موسى بن عبد اهلل اػباقاين‬
‫اؼبتوىف سنة ‪325‬ىػ‪ .‬وذكر يف الكشف كبو عشر منظومات تعليمية تعود إىل القرف‬
‫الرابع واػبامس‪ ،‬وسنأيت على إيرادىا صبيعاً يف ثبت اؼبنظومات العاـ يف آخر‬
‫اؼبوسوعة‪.‬‬
‫ولكن هبب القوؿ أف أقدـ منظومة أثبتناىا يف اؼبوسوعة ىي من أعماؿ القرف‬
‫السادس اؽبجري‪ ،‬على الرغم فبا أكدناه لك أف شبة منظومات أقدـ من ذلك بزمن مل‬
‫نوفق ػبدمتها ىنا‪ ،‬ولعلنا نوفق لذلك يف أعماؿ قادمة‪.‬‬

‫( ) كذلك قاؿ حاجي خليفة يف كشف الظنوف ص ‪ ،1348‬ولكنو نسب ذلك يف ص ‪ 1171‬إىل علم الدين‬
‫السخاوي‪ ،‬وأغلب الظن أف ىذا االسم (عمدة اؼبفيد) لكتاب السخاوي يف الشرح على النونية اؼبذكورة‪.‬‬
‫عيوب التعليم بالمنظومات‪:‬‬
‫ولست أقصد فيما قدمت أف اؼبنظومات كانت على مستوى واحد من حاجة‬
‫الناس إليها‪ ،‬وعكوفهم عليها‪ ،‬فقد أصبحت اؼبنظومات يف اؼبراحل اؼبتأخرة ضرباً من‬
‫اؼبباراة بُت اؼبعلمُت‪ ،‬وراح بعض اؼبشتغلُت هبذا اللوف من التعليم ينظموف لغَت ما‬
‫مقصد علمي صحيح‪ ،‬فجاءت منظومات ىزيلة‪ ،‬مل تأت جبديد‪ ،‬ومل تشتمل على‬
‫مفيد‪ ،‬فيها تقليد ببل توفيق‪ ،‬وتلفيق ببل ذبديد‪ ،‬فعلم الذين وبققوف أف السعي قد‬
‫أصبح يف غَت سبيل‪ ،‬وأف اؼبيداف قد اجتازه من ليس من أىلو‪ ،‬حىت ظهر يف أىل‬
‫العلم من يعمم ىذا اغبكم يف كل نظم‪ ،‬وهبزـ أف ىذا الفن تكلف من غَت تعرؼ‪،‬‬
‫وتنلع يشغل عن العلم بالشكل دوف اؼبضموف‪.‬‬
‫ويبكن تلخيص عيوب اؼبنظومات يف وجوه‪:‬‬
‫األوؿ‪ :‬كثرة الضرورات واعبوازات‪ ،‬وقد كبا بعضهم كبواً مل يسمع يف جوازات الشعر‬
‫العريب‪ ،‬كإسكاف اؼبتحرؾ وربريك الساكن‪ ،‬وترخيم الكلمات يف غَت مظاف‬
‫الًتخيم‪ ،‬بل عبأ بعض النُّظَاـ إىل تغيَت حركة األواخر من خفض لرفع أو من‬
‫رفع لفتح أو غَت ذلك‪ ،‬ؾباراة لوجو القافية!‪..‬‬
‫ولعمري فإف ىذا زببيص من غَت تنصيص‪ ،‬إذ ىو عكس مقاصد مؤسسي‬
‫ىذه اؼبدرسة‪ ،‬فقد جعلت القافية لتذكَت اؼبتعلم بفرع اؼبعرفة‪ ،‬من جهة أهنا‬
‫معلومة سلفاً‪ ،‬فإذا ما التوت كانت باباً لئلشكاؿ‪ ،‬وصار ربريرىا وبتاج إىل‬
‫اشتغاؿ‪ ،‬والوقت يف كبل اغبالُت ىو الضريبة اؼبؤداة يف غَت مقصد صحيح‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬التكرار يف النظم‪ ،‬فقد كتبت يف كل فن منظومتو‪ ،‬وعلى من يعيد نظم‬
‫اؼبعارؼ أف وبقق جدوى سعيو‪ ،‬فإذا نظم فإف عليو أف يأيت جبديد يف اؼبعرفة‪،‬‬
‫أو يرتقي بقدًن‪ ،‬ينتخب من سلفو‪ ،‬فيزيده بياناً وإيضاحاً‪ ،‬حبيث يكوف نسخة‬
‫أوضح وأفصح‪ ،‬ولكن الذي حصل كاف عكس ذلك‪ ،‬فقد ولع النُظَّاـ بسبك‬
‫اؼبنظومات إىل حد أنساىم غاياهتا ومقاصدىا‪ ،‬فصار النظم يتلو النظم وما فيو‬
‫من ميزة إال اكبلاط مستواه‪ ،‬وتعثر مبناه ومعناه‪ ،‬والتعبَت عن اعبيد بالرديء‪.‬‬
‫وإف من اإلنصاؼ أف نعترب دبا فعل الزمن‪ ،‬فقد حكم جزماً يف ىذه‬
‫اؼبنلومات‪ ،‬فألقاىا يف زوايا اإلنباؿ والنسياف‪ ،‬وكافأىا دبا تستحق‪ ،‬وصارت ال‬
‫تقرأ وال تدرس إال لتحقيق التاريخ فحسب‪ ،‬بعد أف جعل ناظموىا آخر‬
‫مقاصدىم من نظمها إضاءة اؼبعرفة!‪..‬‬
‫الثالث‪ :‬النظم يف علوـ ال يصلح فيها النظم‪ ،‬فقد اشتغل بعض اؼبتأخرين يف نظم‬
‫علوـ غَت نظرية‪ ،‬فكاف يف ذلك تكلف فبل‪ ،‬وتعسف ـبل‪ ،‬كالنظم يف‬
‫االسلرالب واؽبيئة واالعداد‪ ،‬فهذه العلوـ ال يللب فيها حشو الذاكرة باحملفوظ‬
‫بقد ما يللب فيها حشو العُت باؼبلحوظ‪ ،‬فأداة اؼبعرفة فيها الرسوـ واعبداوؿ‬
‫واألرقاـ‪ ،‬أضف إىل أهنا علوـ متحولة متجددة‪ ،‬ال متأصلة ؾبردة‪.‬‬
‫فاشتغاؿ بعض النُّظَّاـ بنظمها تكلف تنقضي فيو األعمار‪ ،‬وال يأيت إال‬
‫بأخبس الثمار‪ ،‬واشتغاؿ الللبة حبفظها ضياع لؤلوقات‪ ،‬وال هبتٌت منو إال أىزؿ‬
‫الثمرات‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬النظم يف الفروع‪ ،‬وقد كثر ذلك لدى اؼبتأخرين‪ ،‬وخيل إليهم أف اؼبللوب أف‬
‫قبعل اؼبعرفة كلها نظماً‪ ،‬من غَت أف ندرؾ ؽبا فهماً‪ ،‬وىذا تنلع ال داعي إليو‪،‬‬
‫وتغييب للمقصد الرئيس من نظم ىذه اؼبنلومات‪ ،‬فقد بينا أهنا تنظم أصبلً‬
‫للصغَت‪ ،‬يستحضرىا يف خيالو يوـ ينهض عقلو بالتعبَت والتفسَت‪ ،‬فحيث طلبنا‬
‫منو أف وبفظ ووبفظ‪ ،‬فقد زاضبنا يف ذاكرتو حق الفهم يف أوانو‪ ،‬فأصبحنا كمن‬
‫يزرع البذر يف غَت ميقاتو وزمانو‪.‬‬
‫اػبامس‪ :‬كثرة اغبشو والتلويل‪ ،‬ىذا تكميل ولع بو اؼبتأخروف‪ ،‬أعبأىم إليو قصور‬
‫العبارة‪ ،‬وركة اإلشارة‪ ،‬فراحوا يزضبوف البيت باغبشو اؼبستهجن‪ ،‬الغريب عن‬
‫اؼبعٌت واؼببٌت‪ ،‬من أجل استكماؿ القافية على القواعد العروضية‪ ،‬من غَت أدىن‬
‫اىتماـ باإليبلؼ بُت العبارة واغبشو‪ ،‬أو تكامل اؼبعاين واؼبباين‪.‬‬
‫ولعمري إنو ال يسوغ اغبشو إال إذا جاء عفواً صفواً‪ ،‬يعرب عن اؼبقصود‪ ،‬أو‬
‫يتصل بو بسبب معقوؿ‪.‬‬
‫وبغَت ذلك فإننا نكوف قد كلفنا طالب العلم حبفظ اغبشو‪ ،‬زيادة على‬
‫حفظ اؼبنت‪ ،‬وىل ىذا إال عبء على عبء‪ ،‬وعناء على عناء‪ ،‬وتكلف ال‬
‫داعي لو‪ ،‬وال مسوغ لو إال ضعف الناظم ووىى عبارتو‪.‬‬
‫وال شك أف أفضل اؼبنظومات تلك اليت نظمها العلماء الشعراء أصبلً‪ ،‬الذين‬
‫طاعت ؽبم العبارة ووافتهم اإلشارة‪ ،‬وخدمتهم الكلمات وأئتمرت بأمرىم العبارات‪،‬‬
‫فلم هبيئوا إىل فن اؼبنظومات ُمتَػ َق ِّحمُت‪ ،‬ومل ينظموا متكلفُت‪ ،‬وكما جاءت قرائحهم‬
‫بشعر غٍت باؼبشاعر‪ ،‬وافتهم كذلك بنظم لُت سهل طافح باؼبعرفة‪.‬‬
‫فَتة الرعيٍت الشاطيب صاحب حرز األماين‪،‬‬ ‫ومن ىؤالء أبو ؿبمد القاسم بن َّ‬
‫وؿبمد بن علي الرحيب صاحب بغية الباحث عن صبل اؼبوارث‪ ،‬وال شك أف اؼبتذوؽ‬
‫للشعر العريب يلرب أيبا طرب حُت يلالع يف األعماؿ اؼبتميزة ؽبؤالء األئمة‪.‬‬
‫ولست أقصد بأف العلماء الشعراء أفرغوا عواطفهم ومشاعرىم يف ىذه‬
‫اؼبنظومات كما يصنعوف يف الشعر‪ ،‬فهذا ال طائل ربتو يف ىذا الفن‪ ،‬وإمبا كاف‬
‫توفيقهم أكرب من حيث طاعت ؽبم العبارة‪ ،‬وخدمتهم اؼبًتادفات‪ ،‬إذ ال يراد بالنظم‬
‫ما يراد بالشعر‪ ،‬فكل لو مقاصده ووسائلو‪ ،‬ولكن قوة السبك مللوبة يف كل واحد‬
‫من الفنَُّت‪ ،‬والعلماء الشعراء على ذلك أقدر من العلماء الذين مل يشتغلوا بالشعر‪.‬‬
‫تعريف عام بعلن أصىل الفقه‬
‫بقلم‪ :‬األستاذ الدكتور محمد الزحيلي‬

‫اغبمد هلل رب العاؼبُت‪ ،‬ضبداً يوايف نعمو‪ ،‬ويكاىفء مزيده‪ ،‬والصبلة والسبلـ‬
‫على رسوؿ اهلل‪ ،‬معلم اػبَت‪ ،‬ومرشد الناس إىل دين اهلل باغبكمة واؼبوعظة اغبسنة‪،‬‬
‫القائل‪« :‬طلب العلم فريضة على كل مسلم»‬
‫ورضي اهلل عن الصحابة والتابعُت‪ ،‬ومن تبعهم بإحساف إىل يوـ الدين‪ ،‬وعن‬
‫العلماء العاملُت‪ ،‬والدعاة اؼبخلصُت‪ ،‬وبعد‪..‬‬
‫فإف األمة اإلسبلمية سبيزت عن بقية األمم دبيزات كثَتة يف العلوـ والثقافة‪،‬‬
‫واغبضارة واإلبداع‪ ،‬ويف ؾباالت متنوعة‪ ،‬ومن ىذه اؼبيزات اليت انفردت هبا على بقية‬
‫األمم والشعوب يف اعبانب العلمي والتلبيقي واؼبنهجي إبداعها لبعض العلوـ اليت مل‬
‫يسبق ؽبا مثيل يف التاريخ‪ ،‬ومل يلحقها فيها أحد حىت اآلف‪ ،‬ومن ذلك علماف‬
‫أساسياف‪ ،‬و نبا‪:‬‬
‫‪ -1‬علم مصللح اغبديث أو علم أصوؿ اغبديث ومصللحو الذي وضعو العلماء‬
‫اؼبسلموف‪ ،‬ليكوف أدؽ منهج علمي يف النقد والًتاجم والرجاؿ ونقل األخبار‬
‫والروايات ‪.‬‬
‫‪ -2‬علم أصوؿ الفقو يف ؾباؿ التشريع واألحكاـ‪ ،‬واألنظمة والشرائع‪ ،‬ويف دائرة‬
‫االجتهاد والفتوى والقضاء واإلدارة‪ ،‬واحملاماة والبحث‪ ،‬وتفسَت النصوص وفهمها‪.‬‬
‫لذلك يشكل علم أصوؿ الفقو اؼبنارة الوضاءة بُت العلوـ الشرعية‪ ،‬ويعترب‬
‫مفخرة األمة يف حضارهتا وعلومها‪.‬‬
‫وىو علم فريد يف تاريخ األمم والشرائع القديبة واغبديثة‪ ،‬وىو فبا انفرد بو‬
‫اؼبسلموف بُت األ َُم ِم‪.‬‬
‫اعلم أف ىذا الفن من الفنوف اؼبستحدثة يف اؼبلة) وعلم‬
‫قاؿ ابن خلدوف‪(:‬و ْ‬
‫أصوؿ الفقو عبارة عن القواعد واؼببادىء اليت سار عليها الفقهاء يف استنباط‬
‫األحكاـ من اؼبصادر الشرعية‪ ،‬وبياهنا للناس‪ ،‬ويتكوف من الضوابط اليت يلتزـ هبا‬
‫الفقيو أو اجملتهد‪ ،‬بقصد أف يكوف طريقو مستقيماً واضحاً‪ ،‬ال يعًتيو وىن أو‬
‫اكبراؼ‪ ،‬وال خبط أو اضلراب‪ ،‬ويوصل إىل اؽبدؼ اؼبقصود‪.‬‬
‫وىذا العلم ىو اؼبصباح الذي ورثتو األجياؿ‪ ،‬وضبلو العلماء لبياف األحكاـ‬
‫الشرعية لكل جديد يف كل عصر‪ ،‬ومعاعبة اؼببادىء واألحداث اليت تلرأ‪ ،‬وغَت ذلك‬
‫وفق منهج ؿبدد‪ ،‬يسَت عليو العامل يف االستنباط واالجتهاد‪.‬‬
‫وعلم أصوؿ الفقو من العلوـ األساسية يف الدين لضبط اػببلؼ‪ ،‬وسبييزالغث‬
‫من الثمُت‪ ،‬وكشف مناىج األئمة والعلماء يف االجتهاد واالستنباط واالستدالؿ‪،‬‬
‫لذلك َّبُت ابن خلدوف أنبية أصوؿ الفقو‪ ،‬فقاؿ‪( :‬اعلم أف أصوؿ الفقو من أعظم‬
‫العلوـ الشرعية‪ ،‬وأجلها قدرا‪ ،‬وأكثرىا فائدة ‪ ...‬وىو يف األدلة الشرعية من حيث‬
‫( )‬
‫تؤخذ منها األحكاـ)‬
‫وكاف اإلماـ الشافعي‪ ،‬رضبو اهلل تعاىل أوؿ من دوف علم أصوؿ الفقو وكتب‬
‫فيو رسالتو اؼبشهورة (الرسالة) اليت تعترب أصل األصوؿ‪ ،‬مث وضعها مقدمة لكتابو‬
‫الفقهي العظيم (األـ) وازبذىا منهاجا لبلستنباط واالجتهاد وبياف االحكاـ‪ ،‬قاؿ‬

‫( ) مقدمة ابن خلدوف ص ‪ ، 455‬وانظر التعريف بعلم أصوؿ الفقو‪ ،‬وبياف أنبيتو‪ ،‬ونشأتو‪ ،‬وتلوره‪ ،‬وأشهر‬
‫علمائو‪ ،‬وأىم كتبو يف كتاب «أصوؿ الفقو اإلسبلمي» وكتاب «تعريف عاـ بالعلوـ الشرعية» وكتاب «مرجع‬
‫العلوـ اإلسبلمية» وكلها للدكتور ؿبمد الزحيلي‪.‬‬
‫الرازي‪ ( :‬اعلم أف نسبة الشافعي إىل علم األصوؿ كنسبة أرسلو إىل علم اؼبنلق‪،‬‬
‫وكنسبة اػبليل بن أضبد إىل علم العروض) وقاؿ ابن خلدوف‪( :‬وكاف أوؿ من كتب‬
‫فيو الشافعي)‬
‫ومشّر العلماء والفقهاء من ـبتلف اؼبذاىب عن سواعدىم يف التأليف‬
‫والتصنيف يف علم أصوؿ الفقو‪ ،‬وتعددت طرؽ التأليف فيو‪ ،‬وظهرت اؼبؤلفات‬
‫العظيمة‪ ،‬والكتب القيمة يف األصوؿ‪ ،‬واستمر ىذا العمل اؼببارؾ طواؿ العصور‬
‫اإلسبلمية‪ ،‬وصار علم أصوؿ الفقو من أوائل العلوـ الشرعية اليت تدرس يف صبيع‬
‫اؼبدارس اؼبعاىد الشرعية‪ ،‬وأصبح مقرراً أساسيا يف صبيع اعبامعات اإلسبلمية وكليات‬
‫الشريعة والدعوة‪ ،‬وؼبست اعبامعات األخرى أنبيتو وفائدتو وخواصو‪ ،‬فأصبح علم‬
‫أصوؿ الفقو أحد اؼبقررات يف صبيع كليات اغبقوؽ يف العامل العريب واإلسبلمي‪.‬‬
‫وصنفت كتب كثَتة على طريقة اؼبتأخرين‪ ،‬ومنهج التأليف اؼبعاصر‪ ،‬الذي‬
‫يتناسب مع الدراسة والتدريس يف اعبامعات اإلسبلمية‪ ،‬وكليات الشريعة والدعوة‪،‬‬
‫وكليات اغبقوؽ‪ ،‬وىي كتب قيمة ومفيدة‪.‬‬
‫كما نشرت يف ربع القرف األخَت أىم كتب األصوؿ القديبة‪ ،‬وىي اؼبراجع‬
‫القيمة ؽبذا العلم‪ ،‬واؼبصادر األصلية لو‪ ،‬فبا يبشر خبَت عميم يف دعوة ىذه األمة إىل‬
‫تراثها‪ ،‬وحضارهتا‪ ،‬وشريعتها‪ ،‬وعلومها لتكوف دبشيئة اهلل تعاىل خَت خلف ػبَت‬
‫سلف‪ ،‬وأصبحت مكتبة علم أصوؿ الفقو عامرة واغبمد هلل‪ ،‬ولكنها ربتاج إىل‬
‫النلبيق واؼبمارسة لبلستفادة الكاملة منها ‪.‬‬
‫وكنت قد صنفت كتاباً يف (أصوؿ الفقو اإلسبلمي) للبلب السنة الثانية من‬
‫كلية الشريعة جبامعة دمشق‪ ،‬وطبع عدة مرات‪ ،‬وقاـ الشاب اؼبؤمن النشيط األستاذ‬
‫ؿبمد اغببش بنظمو بلريقة مفيدة‪ ،‬ونافعة‪ ،‬وميسرة‪ ،‬مث رجع إىل اؼبنظومة فشرحها‬
‫ملتزماً بذلك خلة الكتاب األصلي ومنهجو يف الًتتيب والتبويب والبياف‪ ،‬وىا ىو‬
‫يقدمو للناس وطبلب العلم ليستفيدوا منو‪ ،‬وينتفعوا بو‪ ،‬فجزاه اهلل خَت اعبزاء‪ ،‬ونفع‬
‫اهلل بو‪ ،‬وزاده علماً وأدباً وخلقاً‪.‬‬
‫نسأؿ اهلل العلي القدير أف يسدد خلانا ؼبا فيو اػبَت والربكة‪ ،‬وأف يأخذ بيدنا‬
‫إىل سواء السبيل‪ ،‬وأف يبارؾ لنا يف العلم‪ ،‬وأف يبنحنا الفضل والقدرة على العمل‬
‫وااللتزاـ‪ ،‬وأف يردنا إىل ديننا رداً صبيبلً‪ ،‬ويلهم اؼبسلمُت العمل بكتاب اهلل‪ ،‬وسنة‬
‫رسوؿ اهلل ‪ ‬على الوجو الذي يرضاه‪ ،‬ويتفق مع التفسَت الصحيح لكتاب اهلل‬
‫تعاىل‪ ،‬والفهم الدقيق للسنة‪ ،‬وأحكاـ الشرع‪ ،‬ومصادر التشريع‪.‬‬
‫واهلل ويل التوفيق‪ ،‬وىو نعم اؼبوىل ونعم النصَت‪ ،‬واغبمد هلل رب العاؼبُت‪.‬‬

‫األستاذ الدكتور محمد الزحيلي‬


‫وكيل كلية الشريعة للشؤوف العلمية بجامعة دمشق‬
‫رئيس شعبة الفقو المقارف في قسم الدراسات‬
‫العليا‬
‫بمجمع أبي النور اإلسبلمي‬
‫انًمديح‬

‫ثم لوُ الحم ُد على اإلحس ػ ِ‬


‫ػاف‬ ‫‪ -1‬بس ِػم اإللػ ِػو مب ِ‬
‫ػدع األَ ْك ػ ِ‬
‫ػواف‬
‫المصط ْفى ُم َح ػ َّػم ِد‬
‫َّبي ُ‬
‫علػى الن ِّ‬ ‫السرم َدي‬
‫والسبلـ َّ‬
‫ُ‬ ‫‪ -2‬ثم الصػبلةُ‬
‫__________________________________________‬
‫‪(-1‬بسم اإللػو ) بػدأ الػمػصنػف نظمػػو بالبػسػمػلة‪ ،‬وىي شعػػار الصالػحيػن‪ ،‬ويف‬
‫الػحػديػث‪« :‬كػل عمػل ال يبػدأ فيػو بػبػسػم اهلل فهو أبتػر» أي مقػلػوع اػبػيػر‬
‫والػبػركػة‪.‬‬
‫وتستحب التسمية قبل الشروع يف كل مباح مللقاً‪ ،‬وىي أكثر استحباباً عند‬
‫الشروع يف اللاعات كذكر اهلل وطلب العلم ودخوؿ اؼبساجد‪.‬‬
‫(مبدع األكواف) خالقها من العدـ ومنشئها ‪.‬‬
‫(ثم لو الحمد على اإلحساف ) وثٌت اؼبصنف باغبمد هلل اقتداء بالكتاب العزيز‬
‫واعًتافاً بسابغ نعم اهلل وعظيم فضلو وإحسانو‪.‬‬
‫ويف اغبديث‪« :‬أميت اغبمادوف هلل على كل حاؿ»‬
‫‪ -2‬وثلَّث بذكر الصبلة على النيب ‪ ‬تربكاً ( ثم الصبلة والسبلـ السرمدي ) أي‬
‫الدائم الذي ال ينقلع (على النبي المصطفىمحمد)‬
‫وأخػرج اللػبػرانػي عػن أيب الػدرداء أف رسػوؿ اهلل ‪ ‬قػاؿ‪:‬‬
‫«مػن صػلى عػلي حػيػن يصػبػح عشػراً‪ ،‬وحػيػن يػمسػي عشػراً‪ ،‬أدركػتػو شفػاعػتػي يػوـ‬
‫القػيػامػة»‬
‫‪ِ -3‬‬
‫ين الخيَػػرْة‬
‫ػابعين الط ػػاىر َ‬
‫والت ػ َ‬ ‫والصحب الكػر ِاـ البَ َ‬
‫ررْة‬ ‫ِ‬ ‫واآلؿ‬

‫___________________________________________‬

‫‪(‬واآلؿ) وآؿ النيب ‪ ‬على‬ ‫‪ -3‬وأتبع اؼبؤلف ذلك بالصبلة على آؿ النيب‬

‫اؼبرجح عند الشافعية ىم بنو ىاشم وبنو اؼبللب أوالد عبد مناؼ وىم الذين‬

‫‪،‬‬ ‫دخلوا مع رسوؿ اهلل ‪‬شعب أيب طالب‪ ،‬يف فًتة حصار قريش للنيب‬

‫وسائر بٍت ىاشم وبٍت اؼبللب دخلوا يف اإلسبلـ راغبُت‪ ،‬إال ما كاف من أمر أيب‬

‫ؽبب وقد انقلع عقبو‪.‬‬

‫ويف ربديد آؿ النيب ‪ : ‬اقواؿ مشهورة نذكر منها‪:‬‬

‫‪ -1‬إف آؿ النيب ‪ ‬ىم علي وفاطمة وحسن وحسُت وأوالدىم وىم الذين ورد‬
‫‪33‬‬ ‫ذكرىم يف حديث (العبا) عن أـ سلمة وسبامو‪ :‬قالت نزلت ىذه اآلية ػ‬
‫األحزاب ػ يف بييت فدعا رسوؿ اهلل ‪‬علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً فدخل معهم‬
‫ربت كساء خيربي وقاؿ‪ :‬ىؤالء أىل بييت وقرأ اآلية وقاؿ‪ :‬اللهم أذىب عنهم‬
‫الرجس وطهرىم تلهَتاً‪ ،‬فقالت أـ سلمة‪ :‬وأنا معهم يا رسوؿ اهلل؟ قاؿ‪ :‬أنت‬
‫على مكانك وأنت على خَت‪ .‬وقاؿ القشَتي ‪ :‬أدخلت رأسي يف الكساء وقلت‬

‫أنا منهم يا رسوؿ اهلل؟ قاؿ‪ :‬نعم‪ .‬ػ أخرجو الًتمذي وغَته وقاؿ ىذا حديث‬
‫=‬ ‫غريب ػ‬

‫__________________________________________‬

‫= ‪ 2‬ػ إف آؿ النػبػي ‪( ‬ىم زوجػاتػو اللػػاىػرات‪ ،‬ويدؿ لو ورود آية الصػبلة عػلى‬
‫آؿ الػب ػيػت {ئٔــّـب ‪٠‬ـش‪٠‬ـذ هللا ٌــ‪١‬ـز٘ـت ػٕىُ اٌـشجظ أ٘ـً‬
‫رـــــطـ‪١ٙ‬شاًاسػورة األحزاب اآليػة ‪،-33-‬‬
‫} فػي‬ ‫اٌجـ‪١‬ـذ ‪٠ٚ‬ـطـ‪ٙ‬شوُ‬
‫حػيث وردت اآليػة يف سيػاؽ اغبديث عن زوجػات النيب ‪.‬‬

‫‪ -3‬إف آؿ النبػي(ىم األتػقػيػاء من أمتو ‪ ، ‬وقػد أخرج الليػالسػي عن أنس‬


‫رضي اهلل عنو أف رسػوؿ اهلل ‪ ‬قاؿ‪« :‬آؿ مػحػمػد كل تػقػي»‪.‬‬

‫‪ -4‬إف آؿ النيب ‪ ‬ىم بنو ىاشم وبنو اؼبللب‪ ،‬وىم الذين دخلوا مع النيب ‪‬‬
‫يف شعب أيب طالب وناصروه بأنفسهم وأمواؽبم‪ ،‬وىذا ىو الػمػخػتػار عػنػد‬
‫الشػافعػيػة‪ ،‬وعػليػػو فػإف الصػدقة ال تػحػل لبػنػي ىػػاشػػم وال لبػنػي الػمػلػلػب‪.‬‬

‫وىذا القوؿ من حيث اؼبآؿ يشتمل على القوؿ األوؿ والثاين‪ ،‬حيث‬
‫ال يوجد للنيب ‪ ‬اليوـ نسل إال من فاطمة عليها السبلـ‪.‬‬
‫ادهُ يػػوـ الػمػعػ ِ‬
‫ػاد إ ْذ أَت ػػى‬ ‫وز ُ َ‬ ‫‪ -4‬وبعػ ُد فالعػل ُػم ذخػيرةُ ال َفتػػى‬
‫تقضػػى عم ُػرهُ بركض ػِ ِػو‬
‫ولػػو َّ‬ ‫ػاؿ منػوُ غيَر بعضػ ػ ِػو‬
‫‪ -5‬ولن ينػ َ‬

‫_________________________________________‬

‫‪ ( -4‬وبعد) كلمة تقاؿ قبل الشروع يف اؼبقصود‪ ،‬وأوؿ من قاؽبا قس بن ساعدة‬


‫اإليادي‪ ،‬خليب العرب يف اعباىلية ( فالعلم ذخيرة الفتى) أي زاد اؼبرء ومعتمده‬
‫يف كل أمر يشرع فيو من أمور الدنيا وىو كذلك ( وىو زاده يوـ المعاد ) يوـ‬
‫القيامة (إذ أتى) أي حُت وبضر للحساب‪.‬‬

‫‪( -5‬ولن يناؿ) أي طالب العلم (منو) أي من العلم (غير بعضو) أي ال يبكن‬
‫ربصيل صبيع العلوـ (ولو تقضى عمره بركضو) أي مهما اجتهد يف التحصيل‬
‫وقد روي عن اإلماـ الشافعي قولو‪ :‬كل شيء إذا أعليتو بعضك أعلاؾ كلو إال‬
‫العلم فإنك لو أعليتو كلك مل يعلك إال بعضو‪.‬‬

‫والعلم يف اإلسبلـ أشرؼ الغايات وأغبلىا ترحل يف ربصيلو األنبياء كما‬


‫‪:‬‬ ‫علمنا اهلل سبحانو يف قصة موسى واػبضر‪ ،‬وكما أمر اهلل سبحانو النيب‬
‫ػٍّبًا‬
‫{‪ٚ‬لً سث‪ ٟ‬صدٔ‪} ٟ‬‬
‫والعلم يف اإلسبلـ غاية ال وسيلة وقد ورد عن اإلماـ الشافعي قولو‪ :‬لو بلغٍت أف‬
‫أجلي بعد ساعة الخًتت أف أمضيها يف طلب العلم‪.‬‬

‫وال تُبػػالي بالثَّ ػػنَػا والػ ػ َّػـ ِّـ‬ ‫باألىػ ِّػم‬


‫َ‬ ‫ػـاؾ فابػػدأْ م ْنػوُ‬
‫‪ - 6‬لػ َ‬
‫ػب ذاك ػ ٍر يُػلُ َّقػ ػ ُ‬
‫ػف‬ ‫لكل قػل ٍ‬
‫ِّ‬ ‫يقـؼ‬
‫ُ‬ ‫نور‬
‫العلم ٌ‬
‫بأف َ‬ ‫‪ -7‬واعلم َّ‬
‫__________________________________________‬
‫‪( -6‬لـاؾ) وؼبا كاف العمر قصَتاً‪ ،‬واألجل غَت معروؼ‪ ،‬نصح الناظم طالب العلم‬
‫فقاؿ ( فابدأ منو باألىم ) مث اؼبهم ( وال تبالي بالثنا والــ ) من الناس بل اجعل‬
‫قصدؾ يف ربصيل العلم رضا موالؾ‪.‬‬
‫وقد ُِظب َع اإلماـ الشافعي يقوؿ‪ :‬وددنا أف ىذا العلم انتفعت بو الناس ومل ينسب‬
‫إلينا منو شيء‪.‬‬
‫وقرأت على ىامش كتاب رشحات عُت اغبياة‪ ،‬خبط شيخنا الشيخ أضبد كفتارو‬
‫مانصو‪( :‬أوالً كبسب حساب اهلل‪ ،‬وما سواه ال نرجوه وال لبشاه)‬
‫‪ ( -7‬واعلم) أيها السالك ( بأف العلم نور يقـؼ ) من اهلل عز وجل وقد ظبى اهلل‬
‫سبحانو القرآف الكرًن علماً فقاؿ‪ { :‬فّٓ دبجه ف‪ ِٓ ٗ١‬ثؼذ ِب جبءن ِٓ‬
‫اٌؼٍُ وظباه نوراً فقاؿ‪ٌٚ { :‬ىٓ جؼٍٕبٖ ٔ‪ٛ‬ساًا ٔ‪ٙ‬ذ‪ ٞ‬ثٗ ِٓ ٔشبء ِٓ‬ ‫}‬
‫ػجبدٔب فالعلم والنور صفتات للقرآف الكرًن‪.‬‬
‫}‬
‫(لكل قلب ذاكر يلقف ) أي إمبا يقذؼ اهلل ىذا العلم لتلقفو القلوب الذاكرة‬
‫اؼبشرقة‪ ،‬وهبذا اؼبعٌت أثر عن اإلماـ الشافعي قولو‪:‬‬
‫شكوت إىل وكيع سوء حفظي فأرشدين إىل ترؾ اؼبعاصي‬
‫وأخػربين بػأف الع ػػلم نُػ ػػور ونور اهلل ال يهدى لعاصي‬
‫والغفلة عن اهلل حجاب وبوؿ بُت طالب العلم وبُت ربصيل اؼبعرفة‪ ،‬إ ْذ كلما‬
‫كانت النفس أكثر صفاء وطمأنينة كلما تقبلت من العلم أبواباً أكثر‪.‬‬

‫ػث تفتَّػػحت ل ػَػوُ أبوابُهػػا‬ ‫غيػ ٌ‬ ‫ِ‬


‫كاألرض إذا أصػابَهػا‬ ‫ػاس‬
‫‪ -8‬والنػ ُ‬
‫ضها لَ ْم تَست ِػفػ ْػد فَتِيػ ػ ػبلً‬
‫وبعػ ُ‬ ‫ػت قليػ ػبلً‬
‫ضهػ ػػا تشػربَّػ ْ‬
‫‪ -9‬فبعػ ُ‬
‫جميػع ػاً‬‫ػـ نػػالػت خيَػػرهُ َ‬ ‫فتػل َ‬ ‫ضهػػا تفتَّػحػػت سريػع ػاً‬
‫‪ -10‬وبػعػ ُ‬
‫__________________________________________‬
‫‪( -8‬والناس) يف انتفاعهم بالعلم مثلهم كمثل (األرض إذا أصابها غيث) من السماء‬
‫(تفتحت لو أبوابها) فاستقبلت ماء السماء‪ ،‬فكانت على ثبلثة أصناؼ‪:‬‬

‫‪ -9‬الصنف األوؿ من األراضي يصيبها اؼباء فتشرب منو قليبلً وربفظ منو قليبلً‬
‫فينتفع بو الناس ( وبعضها لم تستفد فتيبلً ) قاحلة جدباء ال يفيدىا ماء‬
‫السماء إال وحبلً وطيناً‪.‬‬
‫‪ -10‬والصنف الثالث خصبة غزيرة‪ ،‬تفتحت ؼببلقاة اؼباء فنفع اهلل هبا الناس فسقوا‬
‫وزرعوا‪.‬‬
‫فاؼباء واحد ينزؿ طاىراً من السماء وإمبا يتنوع حاؿ الناس من االنتفاع بو‬
‫حبسب استعدادىم‪.‬‬
‫واألبيات الثبلثة إشارة إىل ما أخرجو البخاري من رواية أيب موسى األشعري‬
‫رضي اهلل عنو عن النيب ‪ ‬قاؿ‪« :‬مثل ما بعثٍت اهلل بو من اؽبدى والعلم كمثل‬
‫الغيث الكثَت‪ ،‬أصاب أرضاً‪ ،‬فكاف منها نقية قبلت اؼباء فأنبتت الكؤل والعشب‬
‫الكثَت‪ ،‬وكانت منها أجادب أمسكت اؼباء فنفع اهلل هبا الناس‪ ،‬فشربوا وسقوا‬
‫وزرعوا‪ ،‬وأصاب منها طائفة أخرى‪ ،‬إمبا ىي قيعاف ال سبسك ماء وال تنبت كؤل‪،‬‬
‫فذلك مثل من فقو يف دين اهلل ونفعو ما بعثٍت اهلل تعاىل بو فعلم وعلم‪ ،‬ومثل‬
‫من مل يرفع بذلك رأساً‪ ،‬ومل يقبل ىدى اهلل الذي أرسلت بو»‬
‫تنػالػوُ م ػػن ب ِ‬ ‫ػبلـ نػػور ِ‬
‫ػب اهلل‬
‫ػاب حػ ِّ‬ ‫اهلل‬ ‫والعلم في اإلس ِ ُ‬
‫ُ‬ ‫‪-11‬‬
‫ػلوا‬ ‫من ِ‬ ‫ِ‬
‫حب اهلل قَ ْد ت َك َّم ُ‬
‫باب ِّ‬ ‫ػل‬
‫كم ُ‬
‫المخلص ُوف الُ َّ‬ ‫‪ -12‬فػاألنبياءُ‬

‫__________________________________________‬

‫‪ -11‬ال ينفعك العلم عن العمل يف اإلسبلـ‪ ،‬وال يقبل علم عامل حىت يعمل‬
‫الزبَ ْد‪:‬‬
‫دبايعلم‪ ،‬ويف ُ‬
‫معذب من قبػل عػبَّػ ِ‬
‫الػػوثن‬ ‫ػاد‬ ‫ُ‬ ‫وعػالػم بعػلمػو مل يعملن َّ ٌ‬
‫ػل‬
‫يعمل أعػمػالػو مػػردودة ال تػقػبػ ُ‬
‫وكل من بغَت علم ُ‬
‫وكاف السلف ال يللقوف اسم(عامل) إال على من عظمت خشيتو‪ ،‬وكثرت‬
‫طاعاتو‪ ،‬واشتهر صبلحو‬
‫على قدر علم اؼبرء يعظم خوفو فبل عامل إال من اهلل خائف‬
‫وعلوـ الشرع علوـ نظيفة طاىرة ال يناؽبا إال من طهرت سريرتو‪ ،‬وزكت نفسو‪،‬‬
‫وعظمت ؿببتو‬
‫وؼبا حدثك عن سبيل ربصيل العلم الشريف‪ ،‬شرع يضرب لك األمثاؿ عن‬
‫سلوؾ األنبياء واألولياء يف تلقي ىذا العلم الشريف من باب اإلستقامة واللاعة‬
‫‪ -12‬والػمخػلِػص (بػالكسػر) من أخلص قػلبػو هلل‪ ،‬والػمخػلص (بػالفتػح) مػن‬
‫استػخػلصػػو اهلل سبحػانو واصلػفػاه فهػو أرفػع منػزلػة مػن األوؿ‪ ،‬غػيػر أف الفػريػقػيػن‬
‫اشػػًتكػا يف إخػبلص التػوجػو إىل اهلل‪ ،‬وتصػحيػح الػمػعػػاملػػة فػي مػا بينػهػم وبػػُت‬
‫مػوالىػم سبػحػػانػو‪ .‬وإنػمػػا ربصػػل لػهػم الكػمػاؿ مػن بػاب االشتػغػاؿ بػاهلل وحػده‬
‫االنػقػلػاع عػمػا س ػواه‪.‬‬
‫ػاب‬
‫ضػ ُ‬ ‫ػور والػه َ‬
‫ػار والمزمػ ُ‬
‫والغ ُ‬ ‫ػاب‬
‫والخليل والحج ػ ُ‬
‫ُ‬ ‫فالطور‬
‫ُ‬ ‫‪-13‬‬
‫الص ْد ِؽ‬
‫أىل ِّ‬
‫يناؿ القص َد ُ‬‫بها ُ‬ ‫الخلق لب ِ‬
‫ػاب الحػ َّػق‬ ‫مسالـ ِ‬
‫ُ‬ ‫‪-14‬‬

‫‪ -13‬لقد كاف لكل نيب ولكل ويل معتكف ىبلو بو مع اهلل‪ ،‬وينقلع عن األغيار‪،‬‬
‫ومن استأنس باهلل استوحش فبا سواه‪ ،‬ففي جبل اللور كاف موسى ىبلو بربو‬
‫سبحانو‪ ،‬وىو جبل موحش مقفر يف قلب صحراء سيناء‪ ،‬غَت أف موسى رآه‬
‫عامراً باألنس ؼبا كلمو ربو فيو‪ ،‬وقد بلغ شوؽ موسى إىل اهلل عز وجل وتعلقو بو‬
‫حداً جعلو ينسى شعب بٍت إسرائيل ويسرع إىل مناجاة اهلل يف (اللور) حىت‬
‫يسجل‬‫ِ‪ٛ‬ع‪ٝ‬‬ ‫ذكره اهلل عز وجل بقومو {‪ِٚ‬ب أػجٍه ػٓ ل‪ِٛ‬ه ‪٠‬ب }‪ ،‬ومل‬
‫ئٌ‪١‬ه‬
‫ة أسٔ‪ ٟ‬أٔظش }‬ ‫القرآف ؼبوسى من مناجاة اللور إال سؤاالً واحداً‪ { :‬س ِّب‬
‫األعراؼ ػ‪ 7‬ػ وذلك شأف كل مشتاؽ‪ ،‬ويف اغبديث القدسي‪« :‬من شغلو القرآف‬
‫وذكري عن مسأليت أعليتو فوؽ ما أعلي السائلُت» رواه الًتمذي والدارمي‪.‬‬
‫وأما ( الخليل) فهي بلدة كاف يعتكف فيها ابراىيم اػبليل يف فلسلُت وقيل‬
‫موضع يف برزة بدمشق‪ ،‬وهبا قرب ينسب إليو‪ ،‬وىو يعكس صورة ما بُت اػبليل‬
‫وربو من ذبليات وإشراؽ‪،‬حىت استحق أف يدعى خليل اهلل‪ ،‬وكاف اشتغالو باهلل‬
‫عز وجل حباً وشوقاً يشغلو عن مسألتو‪ ،‬ويف اػبرب أف إبراىيم عليو السبلـ ؼبا‬
‫قدـ إىل النار‪ ،‬وكاف قومو قد أوقدوا ربتها عشرة أياـ‪ ،‬حىت عظم ؽبيبها‪ ،‬وكاف‬
‫اللَت إذا طار فوقها سقط فيها مشوياً من شدة طوؿ ألسنة اللهب فيها‪،‬‬
‫فوضعوه يف اؼبنجنيق ودفعوه‪ ،‬فأتاه جربيل وىو يف رمية اؼبنجنيق فقاؿ‪ :‬يا‬
‫ابراىيم‪ .‬ألك من حاجة؟ قاؿ‪ :‬أما إليك فبل‪ .‬قاؿ‪ :‬سل ربك؟ قاؿ‪ :‬علمو حبايل‬
‫يغٍت عن سؤايل‪{ ،‬لٍٕب ‪٠‬ب ٔبس و‪ ٟٔٛ‬ثشداًا ‪ٚ‬عسِبًا ػٍ‪= }ٝ‬‬
‫ئثشا٘‪ُ١‬‬

‫__________________________________________‬
‫= قاؿ‪ :‬اؼبفسروف لو أف اهلل قاؿ‪ :‬يا نار كوين برداً على ابراىيم ؼبات ابراىيم يف‬
‫جوفها من شدة الربد‪ ،‬ولكن قاؿ‪ :‬كوين برداً وسبلماً على إبراىيم‪.‬‬
‫و(الحجاب) إشارة إىل قولو عز وجل يف مرًن ابنة عمراف { فبرخزد ِٓ‬
‫دجبثبًاواؼبراد أف مرًن عليها السبلـ احتجبت عن قومها لتفرغ‬
‫د‪} ُٙٔٚ‬‬
‫لعبادة اهلل‪ ،‬حىت طهرت نفسها وتزكت جوارحها‪ ،‬فأكرمها اهلل عز وجل بعيسى‬
‫ابن مرًن‪.‬‬
‫و(الغار) إشارة إىل غار حراء‪ ،‬وىو الغار الذي كاف النيب ‪ ‬يتعبد فيو قبل‬
‫النبوة‪ ،‬وكانت قد حببت إليو اػبلوة‪ ،‬فكاف ىبرج إىل الغار وىو كهف يتسع‬
‫لرجل أورجلُت‪ ،‬يف أعلى جبل أيب قبيس‪ ،‬يلل على مكة‪ ،‬يبلغو الفىت النشيط‬
‫يف كبو ساعة ونصف‪ ،‬وال شك أف ىذا الغار كاف يبثل اؼبدرسة اليت تلقى فيها‬
‫النيب ‪ ‬معارؼ النبوة‪ ،‬ونفحات العلم اإلؽبي‪.‬‬
‫و(المزمور) إشارة إىل مزامَت داود اليت كاف يتغٌت هبا يف مناجاتو لربو‪ ،‬وىي‬
‫ؾبموعة من األدعية والضراعات‪ ،‬كاف يتغٌت هبا يف جوؼ الليل‪ ،‬وىي تكشف‬
‫لك عند تأملها‪ ،‬عن شفافية ما كاف بُت داود ومواله من الشوؽ واغبب‪.‬‬
‫و(الهضاب) وىي إشارة إىل تلك اػبلوات اليت كاف يلتزمها العابدوف يف‬
‫انقلاعهم عن األغيار‪.‬‬
‫‪ ( -14‬مسالـ الخلق ) أي ىذه اػبلوات اليت كاف يدخلها األنبياء واألولياء‪ ،‬ىي‬
‫الدروب الصحيحة اليت كانت تصلهم ( لباب الحق) سبحانو وتعاىل ( بها يناؿ‬
‫القصد أىل الصدؽ ) وشعار السالكُت‪( :‬إؽبي أنت مقصودي ورضاؾ‬
‫مللويب)‬
‫الورى آحاداً‬
‫رب َ‬‫فاختصهم ُّ‬
‫َّ‬ ‫ػام ُه ْم فُػرادى‬
‫ضػوا أيّ َ‬
‫‪ -15‬بهػػا قَ َ‬
‫ػل فَ ِّن‬
‫ػاب ُك ِّ‬
‫فأصبحػػوا أربػ َ‬ ‫ْمػ ِػو اللَّػ ُدنِّي‬
‫‪ -16‬علَّمهػػم من عل ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫صابراً‬ ‫ِ‬
‫بالخليل َ‬ ‫خلوت‬
‫َ‬ ‫وكم‬ ‫عكفت في حر ٍاء ذاكراً‬ ‫َ‬ ‫‪ -17‬فكم‬

‫_________________________________________‬

‫‪ -15‬ويف تلك اػبلوات كانت سبضي أيامهم بالقنوت والسجود‪ ،‬والعبادة والضراعة‪،‬‬
‫تفيض عيوهنم بالدمع شوقاً وحباً‪ ،‬وتأنس أرواحهم باهلل زلفاً وقرباً‪ ،‬فاصلفاىم‬
‫اهلل سبحانو‪ ،‬وأفاض عليهم أنواره وبره‪.‬‬

‫‪ -16‬والعلم اللدين إشارة إىل قولو سبحانو وتعاىل يف اػبضر { آر‪ٕ١‬بٖ سدّخ ِٓ‬
‫ػٍّبًااللدين مػا يقػذفػو الػموىل سبحػانو يف‬
‫ػٕذٔـب ‪ٚ‬ػٍّٕبٖ ِٓ ٌذٔب} والعلم‬
‫قلب الذاكر من بركة ونور‪ ،‬يلمئن بو قلبو‪ ،‬ويزداد بو إيبانو‪ ،‬ويعظم بو شوقو‪.‬‬
‫ويف ىذه اػبلوات كاف اتصاؿ األرض بالسماء‪ ،‬وكانت األنبياء تتلقى الوحي يف‬
‫سكينة وجبلؿ‪ ،‬فيعلمهم اهلل علم األولُت واآلخرين‪.‬‬

‫‪ -17‬وىذا التفات إىل طالب العلم ليصحح سلوكو على ىدي األنبياء‪ ،‬فيبدأ‬
‫بتحصيل العلم من تصحيح اؼبعاملة فيما بينو وبُت اهلل‪ ،‬ويبحث عن ( حراء)‬
‫يغسل فيو قلبو ويزكي فيو نفسو‪ ،‬ويبحث عن ( خليل) يليل فيو استغراقو باهلل‪،‬‬
‫صابراً على دواـ اللاعة‬

‫سرت باكياً‬ ‫ِ‬


‫الهضاب َ‬ ‫وكم على‬ ‫احتجبت خالياً‬
‫َ‬ ‫‪ -18‬وكم ع ِن ِ‬
‫الخلق‬
‫الحجاب قائِ ُم‬
‫ِ‬ ‫كل عيسى في‬
‫و ُّ‬ ‫دائم‬
‫حب ُ‬ ‫طور ٍّ‬
‫وسى ُ‬‫ػل ُم َ‬
‫‪ -19‬لك ِّ‬
‫‪ -18‬وكم خلوت أيها السالك بربك‪ ،‬وكم بكيت بُت يديو يف الفلوات والقفار‪،‬‬
‫وكم ؽبجت يف ليلك وهنارؾ بذكره‪ ،‬فإف ذلك ىو باب اؼبعرفة‬
‫وهلل در الشاعر يف قولو‪:‬‬
‫مهرنا غاؿ ؼبن يللبنا‬ ‫أيها العاشق معٌت حسننا‬
‫وجفوف التذوؽ الوسنا‬ ‫جسد مضٌت وروح يف العٌت‬
‫وإذا ما شئت ِّأد الثمنا‬ ‫وفؤاد ليس فيو غَتنا‬
‫وأزؿ ما بيننا ِمن بيننا‬ ‫فعن الكونُت كن منخلعاً‬
‫‪ -19‬اؼبراد أف كل من يبشي على ىدى موسى كليم اهلل ومنهجو‪ ،‬فإنو ال بد لو من‬
‫طور كلور موسى ىبلو فيو بربو‪ ،‬وينقلع عن اػبلق‪.‬‬
‫وكل من يريد أف وبصل لو من الوصاؿ ما حصل لعيسى بن مرًن‪ ،‬وألمو العذراء‬
‫البتوؿ‪ ،‬فإنو البد أف يدخل يف اغبجاب الذي دخلت فيو مرًن منقلعة عن اػبلق‬
‫وىذا اؼبنهج ىو الذي ارتضاه السادة الصوفية وىم يرظبوف للسالكُت طريق‬
‫الوصوؿ إىل اهلل‪.‬‬
‫وما أحسن ماقالو هبذا اؼبعٌت الشاعر والفيلسوؼ اؼبسلم ؿبمد إقباؿ‪:‬‬
‫علايانا سحائب مرسػبلت ولكن ما وجدنا السائلين ػػا‬
‫سينا‬ ‫ذبلي النور فوؽ اللور بػاؽ فهل بقي الكليم بلور‬
‫إف النبوة قد انقلعت دبوت النيب ‪ ‬والريب‪ ،‬وىذا من أركاف االعتقاد‪ ،‬اليزيغ‬
‫عنو إال ىالك‪ ،‬ولكن ليس انقلاع النبوة والتشريع أذاف بأف السماء أغلقت‬
‫العارفوف يف=‬ ‫أبواهبا يف وجوه األرض‪ ،‬وأف شبرات العبادة اليت هبدىا‬
‫النهار باللَّيالي‬ ‫ِ‬ ‫وذاؾ شأ ُف ِ‬
‫يواص ُل َ‬ ‫طالب المعالي‬ ‫َ‬ ‫‪-20‬‬

‫حجرنا رضبة اهلل وفضلو‪،‬‬


‫قلوهبم إشراقاً ونوراً قد حجبت عن العاؼبُت ‪ ،‬إذاً لقد َّ‬ ‫=‬
‫واهلل أكرـ من أف يبن بأنواره و بركاتو على ولد يعقوب وأصحاب موسى وحواريي‬
‫عيسى مث وبجب ىذه األنوار عن أصحاب ؿبمد وأمةؿبمد‪ ،‬واهلل أعدؿ من يبنح‬
‫أنواره قوماً ووبجبها عن قوـ آخرين‪ ،‬وىو القائل‪ٚ { :‬ئراعأ ٌه ػجبد‪ ٞ‬ػٕ‪ٟ‬‬
‫فأٔ‪ ٟ‬لش‪٠‬ت أج‪١‬ت دػ‪ٛ‬ح اٌذاع ئرا دػبْ‪ ،‬فٍ‪١‬غزج‪١‬ج‪ٛ‬ا ٌ‪١ٌٚ ٟ‬إِٕ‪ٛ‬ا‬
‫‪٠‬ششذ‪)186( ْٚ‬‬
‫} البقرة‬ ‫ث‪ٌ ٟ‬ؼٍ‪ُٙ‬‬

‫‪ -20‬وطػالػب العلم يسعى يف ربصيل اؼبعايل‪ ،‬وىذا ال ينالو إال من صدؽ يف طلبو‪،‬‬
‫وظػهػرت عػبلمػات صػدقػو على جػوارحػو { ع‪ّ١‬بُ٘ ف‪ٚ ٟ‬ج‪ ِٓ ُٙ٘ٛ‬أثش‬
‫اٌغج‪ٛ‬د‬
‫}‬

‫ويف اغبديث أف النيب ‪ ‬لقي حارثة بن شراحيل فقاؿ‪:‬كيف أصبحت يا حارثة‬


‫قاؿ مؤمناً حقاً يا رسوؿ اهلل‪ .‬قاؿ‪ :‬إف لكل قوؿ حقيقة فما حقيقة إيبانك؟‬
‫قاؿ‪ :‬أصبحت كأين بعرش ريب بارزاً‪ ،‬وكأين بأىل اعبنة يتنعموف‪ ،‬وبأىل النار‬
‫يتعاووف‪ ،‬فأظمأت هناري‪ ،‬وأسهرت ليلي ‪ .‬قاؿ‪ :‬عرفت فالزـ عبد نور اهلل قلبو‬
‫باإليباف‪.‬‬
‫بقدر الكد تػكػتسب اؼبعػايل ومن طلب العبل سهر الليايل‬
‫ومن طلب العبل من غَت كد أضاع العمر يف طلب احملػاؿ‬
‫يود‬ ‫فهـهِ‬
‫ِ‬
‫القشور و ال ُق ُ‬ ‫ُ‬ ‫وغيرىا‬
‫ُ‬ ‫والوقود‬
‫ُ‬ ‫األصوؿ‬
‫ُ‬ ‫‪-21‬‬
‫ؼ‬
‫َج َو ُ‬
‫بيت أ ْ‬
‫ب ٌ‬ ‫والقشر دو َف اللُّ ِّ‬
‫ُ‬ ‫ف‬ ‫فثمر من غير قش ٍر يُػ ْتػلَ ُ‬‫ٌ‬ ‫‪-22‬‬
‫ِم ْن غي ِر َش ْر ٍع إنَّما تَػ َزنْ َدقا‬ ‫كل َم ْن تَحققا‬ ‫وقيل َّ‬
‫إف َّ‬ ‫َ‬ ‫‪-23‬‬
‫تحقق فـا تَػ َف َّسقا‬‫ببل ٍ‬ ‫تعم َقػا‬
‫رع قَ ْد َّ‬ ‫كل َم ْن َّ‬
‫بالش ِ‬ ‫و ُّ‬ ‫‪-24‬‬

‫‪ -21‬مث أشار إىل أف ىذه اغبقائق اليت تتم هبا تصفية القلب و اعبوارح‪ ،‬من الذكر‬
‫واػبلوة واؼبناجاة‪ ،‬إمبا ىي األصل الذي يرتكز إليو سلوؾ طالب العلم ‪ ،‬وتبٌت‬
‫عليو معرفتو و شخصيتو‪ ،‬وىي الوقود الذي يغذيو يف العلم والدعوة‪ ،‬وما سوى‬
‫ىذا العلم الرباين السلوكي فهو قشور حافظة وقيود ضابلة‪.‬‬

‫‪ -22‬فاؼبعرفة باهلل ىي الثمرة اليت يقصد العلم من أجلها‪ ،‬ولذلك درج العلماء على‬
‫تسمية علم السلوؾ بػ(اغبقيقة) وعلم اللساف بػ(الشريعة) وىذه التسمية متفقة مع‬
‫منهج القرآف الكرًن ‪ { :‬فٍ‪ٛ‬ال ٔفش ِٓ وً فشلخ ِٕ‪ ُٙ‬طبئفخ ٌ‪١‬زفم‪ٛٙ‬ا ف‪ٟ‬‬
‫‪٠‬ذزس‪ْٚ‬‬
‫اٌذ‪ٕ١ٌٚ ٓ٠‬زس‪ٚ‬ا ل‪ٌ ُِٙٛ‬ؼٍ‪ } ُٙ‬التوبة(‪)9‬‬
‫فجعل اغبذر واػبوؼ من اهلل شبرة وغاية للفقو والعلم ‪ .‬وقولو‪ { :‬ئّٔب ‪٠‬خش‪ٝ‬‬
‫اٌؼٍّبء‬
‫فجعل خشية اهلل شبرة رئيسة من شبرات العلم ‪ .‬غَت أف‬ ‫هللا ِٓ ػجبدٖ }‬
‫ىذه الثمرة البد ؽبا من قشور حافظة حىت اليصيبها التلف‪ ،‬كما أف علم اللساف‬
‫من غَت سلوؾ إمبا ىو كالبيت األجوؼ اػباوي‪ ،‬ال خَت فيو وال نفع منو‪.‬‬

‫‪ -24 ،23‬يشَت إىل القوؿ اؼبشهور‪:‬‬


‫(مػن تشػرع ولػم يتحقػق فػقػد تفسػق‪ ،‬ومن ربقق ومل يتشرع فقد تزندؽ) =‬
‫ب‬
‫الر ِّ‬ ‫حجتنا يوـ ِ‬
‫لقاء َّ‬ ‫فعلم ِ‬
‫القلب‬ ‫ِ‬
‫ُ َ‬ ‫‪ -25‬والعلم علماف‪ُ ..‬‬
‫وذاؾ حجةٌ على اب ِن ِ‬
‫آدـ‬ ‫َ‬ ‫علم‬ ‫‪ -26‬وبع َدهُ علم اللِّ ِ‬
‫ساف فا ِ‬ ‫ُ‬
‫= ومعٌت ذلك أف من كثر علمو بالشرع ومل يتحقق بالعمل واإللتزاـ دبضموف الشرع‬
‫يف سلوكو فقد فسق إذ مل يعمل دبا علم‪.‬‬
‫ومن اشتغل برعاية باطنو ‪ ،‬وعظمت عبادتو‪ ،‬وظهرت مكاشفاتو‪ ،‬من غَت أف‬
‫يعرؼ الشرع ويبيز ما وبل فبا وبرـ‪ ،‬فإنو ىبشى عليو خلر اإلكبراؼ والوقوع يف‬
‫الزندقة‪.‬‬

‫‪ -26-25‬األبيات إشارة إلىحديث‪:‬‬


‫«العلم علماف ‪:‬علم اللساف وىو حجة اهلل على ابن آدـ‪ ،‬وعلم القلب وذلك‬
‫العلم النافع» وقد أخرجو أبو نعيم وابن شيبة واغبكيم عن أنس واغبسن‪.‬‬
‫واؼبقصود أف العلم الشرعي مرتبط بالسلوؾ‪ ،‬وىذا ما يبيزه عن سواه من العلوـ‬
‫فقد يكوف اؼبرء عاؼباً بالقانوف مثبلً رغم أنو ال يتقيد بأمره وهنيو على أف ذلك‬
‫اليغض من قدره كخبَت قانوين‪ .‬غَت أف العلوـ الشرعية زبتلف سباماً يف ىذا‬
‫اعبانب حيث اليسمى عاؼباً يف عرؼ الشرع إالمن استقاـ على مراد الشرع حبالو‬
‫وقالو‪.‬‬

‫فعلم القلب يراد بو أف يبلحظ العبد نوراهلل يف قلبو فيشتغل بالذكر واؼبراقبة حىت‬
‫يفتح اهلل عليو من فضلو ونوره‪.‬‬
‫وأما علم اللساف فاؼبراد بو ملالعة النصوص و الدراية هبا‪ ،‬ومبلحظة ما قالو‬
‫العارفوف‪ .‬ويف ىذا اؼبعٌت ما روي عن النيب ‪« :‬من ازداد علماً ومل يزدد يف‬
‫كرـ اهلل‬
‫الدنيا زىداً مل يزدد من اهلل إال بعداً» رواه الديلمي يف الفردوس عن علي َّ‬
‫وجهو‪.‬‬
‫لو كاف بالعلم من دوف التقى شرؼ لكاف أشرؼ خلق اهلل إبليس‬

‫كماؿ الطَّ ِ‬
‫الب الغَيُوِر‬ ‫وذا ُ‬ ‫شوِر‬‫اللباب بال ُق ُ‬
‫َ‬ ‫فحص ِن‬
‫ِّ‬ ‫‪-27‬‬
‫ِ‬
‫والقرآف‬ ‫ِ‬
‫الحديث‬ ‫فقوٌ مع‬ ‫العلوـ باإلتْ ِ‬
‫قاف‬ ‫وأجدر ِ‬ ‫‪-28‬‬
‫َُ‬
‫ِ‬ ‫وىـهِ‬
‫ت تَػ ْعلَ ُم‬‫ليس ْ‬‫ببل أصوؿ الدِّي ِن َ‬ ‫فهم‬
‫ت تُ ُ‬ ‫ليس ْ‬ ‫الثبلث َ‬
‫ُ‬ ‫‪-29‬‬
‫الز ِ‬
‫ماف‬ ‫صار إِماماً طيلةَ َّ‬ ‫فكل من وعاهُ با ِإلتْػ َق ِ‬
‫اف‬ ‫‪-30‬‬
‫َ‬ ‫ُّ َ ْ‬
‫ِ‬
‫والحديث والتَػ ْقري ِر‬ ‫والف ْق ِو‬
‫ِ‬ ‫يخوض في التَػ ْفسػي ِر‬
‫َ‬ ‫وجاز أ ْف‬
‫َ‬ ‫‪-31‬‬

‫‪ -27‬وىذا عود على بدء ‪ ،‬واؼبراد أف الكماؿ ال وبصل إال بعلم القلب واللساف‬
‫صبيعا‪ ،‬فعلم القلب ىو الغذاء والزاد إىل اآلخرة‪ ،‬وعلم اللساف كاغبارس الناىض‬
‫حباجة السيد فكل منهما ضروري لآلخر‪.‬‬
‫‪ -28‬وؼبا كاف الزماف يقصر عن ربصيل العلوـ صبيعها فإف العاقل ىبتار األىم‬
‫فاؼبهم‪ .‬وقد أفصح اإلماـ الشافعي رضي اهلل عنو عن مراتب العلوـ بقولو‪:‬‬
‫إال اغبديػث وإال الفقػو يف الػديػن‬ ‫كػل العلػوـ عن القػرآف مشغػلة‬
‫وما سوى ذاؾ وسواس الشياطُت‬ ‫العػلم مػا كػاف فيو قػاؿ حدثنػا‬
‫‪ -29‬علم أصوؿ الفقو يتناوؿ بشكل رئيس مبحثُت اثنُت‪ :‬مصادر الشريعة‪ ،‬وأصوؿ‬
‫(االستنباط)‪ ،‬وبذلك فإنو يكوف حاكماً على علم الفقو موجهاً لو‪ ،‬مبينا للسبيل‬
‫اليت هبب أف تتخذ يف فهم الكتاب والسنة موضحاً سبيل اغبق من سبيل‬
‫اؽبالكُت وبو تعلم أف اؼبعرفة بالعلوـ الثبلثة اؼبذكورة‪ :‬القرآف والسنة والفقو‪،‬‬
‫متوقفة على معرفة علم األصوؿ كما حددىا ورتبها أئمة ىذا العلم من خَتة‬
‫علماء السلف الصاغبُت‪.‬‬

‫‪30‬ػ‪31‬ػ فكل من أحاط بعلم اصوؿ الفقو إحاطة تامة بدقائقو وحقائقو صار لو‬
‫اغبق أف يديل بدلوه مع الفقهاء يف تقرير االحكاـ واالستنباط من الكتاب‬
‫والسنة‪ .‬وقد أصبعوا أنو ال بد للمجتهد مللقاً كاف أو مقيداً من معرفة تامة بعلم‬
‫أصوؿ الفقو‪.‬‬

‫الجهل ببل قَرا ِر‬ ‫ينالُو‬ ‫كل َم ْن ببل ٍ‬


‫أصوؿ قاري‬ ‫‪ -32‬و ُّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫األمصار واألقطارا‬
‫َ‬ ‫وجاوَز‬
‫َ‬ ‫‪ -33‬ولو حوى في ذ ْىنِو ْ‬
‫األسفارا‬
‫في الدِّين أو يفتي بغير ما ُو ِج ْد‬ ‫يجوز مطلقاً أ ْف يجتهد‬
‫‪ -34‬فبل ُ‬
‫كل ذا ِم ْن ِمنَ ِن اللَّ ِ‬
‫طائف‬ ‫و ُّ‬ ‫ٍ‬
‫اجتهاد‬ ‫شيخ ذي‬
‫قوؿ ٍ‬ ‫‪ِ -35‬م ْن ِ‬
‫ِ‬
‫عارؼ‬

‫‪ -33-32‬ومثل اؼبكثر من الفقو ببل أصوؿ‪ ،‬كمثل الساعي يف الربية ليبل ببل نور‪،‬‬
‫وتاريخ العلم مليء بسَتة رجاؿ كثر اطبلعهم على العلوـ ومل تكن ؽبم موازين‬
‫دقيقة فيما يتعلموف ويعلموف‪ ،‬فسرعاف ما اشتلت آراؤىم‪ ،‬وزاغت أفكارىم‬
‫وأضلوا‪.‬‬ ‫فضلوا‬
‫وقد جاء يف اغبديث الذي رواه البخاري ومسلم عن عمرو بن العاص‪« :‬إف اهلل‬
‫ال يقبض العلم انتزاعاً ينتزعو من العباد ‪ ،‬ولكن يقبض العلم بقبض العلماء‪،‬‬
‫حىت إذا مل يبق عاؼباً ازبذ الناس رؤوساً جهاالً فسئلوا فأفتوا بغَت علم فضلوا‬
‫وأضلوا»‬
‫‪34‬ػ‪ -35‬األبيات يف بياف حكم اؼبقلد ‪ .‬فالفتوى اليت عليها صبهور الفقهاء أنو ال‬
‫وبل لو االجتهاد حىت تكتمل عنده شرائلو وىي اليت نفصلها يف حبث االجتهاد‬
‫فيما بعد‪.‬‬
‫وعليو فإنو يلزـ اؼبقلد أف ال يفيت إالَّ بقوؿ اؼبشايخ اؼبأذوف ؽبم باالجتهاد اؼبللق‬
‫واؼبقيد كل يف بابو ‪ ،‬وعليو الرجوع إىل نصوصهم فيما نصوا عليو ‪ ،‬والسكوت‬
‫فيما مل ينصوا عليو‪.‬‬
‫وىذا من فضل اهلل عز وجل على ىذه األمة‪ ،‬وللفو هبا‪.‬‬
‫ببل ٍ‬
‫ض َرْر‬
‫أصوؿ مؤلُوا الدُّنيا َ‬ ‫االجتهاد للبَ َش ْر‬
‫ُ‬ ‫إِ ْذ لو َ‬
‫أبيح‬ ‫‪-36‬‬
‫الش ْي ِ‬
‫طاف‬ ‫ت شريعةُ َّ‬ ‫وح َك َم ْ‬ ‫ت شريعةُ ال ُقر ِ‬
‫آف‬ ‫وعطِّلَ ْ‬
‫ُ‬ ‫‪-37‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫جليل ِّبره إِلَْينا‬
‫وم ْن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضلِ ِو َعلَينا‬ ‫فَ ِم ْن ِ‬
‫عظيم فَ ْ‬ ‫‪-38‬‬
‫الوص ُوِؿ‬
‫ائق ُ‬ ‫َّدوا طر َ‬‫وحد ُ‬ ‫وؿ‬‫ُص ِ‬‫وض ُعوا قواع َد األ ُ‬ ‫أ ْف َ‬ ‫‪-39‬‬
‫تسود ِشر َعةُ ال ُف ِ‬
‫رقاف‬ ‫الش ْي ِ‬
‫منافـ َّ‬‫سدَّا على ِ‬
‫حتَّى َ ْ‬ ‫طاف‬ ‫َ‬ ‫‪-40‬‬
‫هيرْة‬ ‫أصوؿ فِ ْق ِهنَا َّ‬ ‫ِ‬
‫الش َ‬ ‫حوت َ‬ ‫ْ‬ ‫صغيرْة‬
‫وىـه منظومةٌ َ‬ ‫‪-41‬‬

‫‪36‬ػ فلو أف االجتهاد كاف مباحاً للناس بغَت حساب وال أصوؿ المتؤلت الدنيا‬
‫باؼبفاسد‪ ،‬وصارت األىواء ديناً يتبع‪.‬‬
‫‪ -40-39-38-37‬لذلك (فمن عظيم فضلو) سبحانو وتعاىل (علينا) أي على‬
‫اؼبؤمنُت (ومن جليل بره) سبحانو وتعاىل (إلينا) أي فبا مشلنا بو من فضلو وإحسانو‬
‫(أف وضعوا) أي وضع العلماء واجملتهدوف (قواعد األصوؿ) وخصوصاً شرائط‬
‫االجتهاد (وحددوا طرائق الوصوؿ) إىل رتبة االجتهاد واستنباط األحكاـ (سداً‬
‫على منافـ الشيطاف) وبذلك فقد سدوا األبواب على كل منفذ من منافذ‬
‫الشيلاف يتخذه للعبث بالشريعة وتعليل األحكاـ‪ ،‬وذلك كلو (حتى تسود شرعة‬
‫الفرقاف) والفرقاف اسم من أظباء القرآف العظيم‪.‬‬
‫‪ ( -41‬وىـه منظومة صغيرة) وىي نظم يف كبو ست مائة ونيف وأربعُت بيتاً بيت‬
‫من حبر الرجز ( حوت أصوؿ فقهنا الشهيرة ) من حبوث اؼبصادر واؼبقاصد‬
‫والدالالت وقد أعاف اهلل سبحانو وتعاىل فنظمت ىذه األبيات قصدت فيها‬
‫تبسيط ىذا العلم الشريف لللبة العلم ليكوف بُت أيديهم كالقواعد الناظمة قريباً‬
‫من القلوب سهبل على األلسنة‬
‫ورْمتُها نِهاية للم ْقتَ ِ‬
‫ص ْد‬ ‫ْم ْجتَ ِه ْد‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫‪ -42‬نَظمتُها بدايَةً لل ُ‬
‫شيخنا ُم َح َّم ِد‬‫كتاب ِ‬‫على ِ‬ ‫‪ -43‬س َّميتها منظومةَ المعت ِ‬
‫مد‬ ‫ُ َْ‬ ‫َ ُ‬

‫‪42‬ػ وىي نافعة إف شاء اهلل لكل من اجملتهد واؼبقتصد‪ ،‬فاؼبقتصد يف ىذا العلم‬
‫الشريف لو فيها كفاية وغناء‪ ،‬وىي تكوف بإذف اهلل مقرراً دراسياً يقرؤه طلبة العلم‬
‫يف اؼبعاىد الشرعية‪ ،‬وكذلك فإهنا مرحلة تدريب ضروري للمجتهد يف أولو‪ ،‬ترسم‬
‫طريق االجتهاد على أصولو الصحيحة ‪ .‬وقد استعار الناظم ىذه التسمية من‬
‫العبلمة الفقيو اؼبالكي ابن رشد يف كتابو العظيم‪( :‬بداية اجملتهد وهناية اؼبقتصد)‬
‫‪ -43‬وقد ظبيت اؼبنظومة باسم ( المعتمد في أصوؿ الفقو ) ألنٍت صبعت فيها‬
‫أقواؿ األئمة اؼبعتمدين‪ ،‬ومل أتعرض لرأي اؼبخالفُت‪ ،‬ولو كاف لو وجو‪ ،‬وذلك ألف‬
‫اؼبقصود من اؼبنظومة ىذه ترسيخ قدـ طالب العلم على سكة ىذا العلم‬
‫الشريف‪ ،‬مث للجدؿ بعد ذلك اختصاص وأىل اختصاص‪.‬‬
‫(على كتاب شيخنا ؿبمد) وقد جريت يف نظم قواعد األصوؿ على الًتتيب‬
‫الذي جرى عليو أستاذنا الدكتور ‪ :‬ؿبمد الزحيلي وىو أستاذ أصوؿ الفقو‬
‫اإلسبلمي يف كلية الدعوة اإلسبلمية ‪ ،‬وكلية الشريعة جبامعة دمشق ‪ ،‬وكتابو‬
‫اؼبسمى‪ :‬أصوؿ الفقو اإلسبلمي مقرر دراسي يف كلية الشريعة جبامعة دمشق‪.‬‬
‫والدكتور ؿبمد الزحيلي من مواليد ‪1941‬ـ يف منلقة دير علية من أعماؿ‬
‫الشاـ يف منتصف اللريق بُت دمشق وضبص‪ ،‬سلك على العبلمة الكبَت الشيخ‬
‫عبد القادر القصاب مؤسس النهضة العلمية يف دير علية‪ ،‬مث ارربل إىل الشاـ‬
‫حيث زبرج بكلية الشريعة عاـ ‪1971‬ـ والتحق باألزىر الشريف وناؿ رتبة‬
‫الدكتوراه يف الفقو اإلسبلمي اؼبقارف‪.‬‬
‫عمماً‬‫ويجعل الخيَر بها ُم َّ‬
‫َ‬ ‫تمما‬‫الرحمن أ ْف يُ ِّ‬
‫َ‬ ‫فأسأؿ‬
‫ُ‬ ‫‪-44‬‬
‫ِ‬
‫اإلخبلص في أَقْوالنَا‬ ‫ويكتب‬ ‫ياء َع ْن أَعمالِنا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪ -45‬وينزعُ الر َ‬

‫‪ -44‬فأسأؿ الرضبن سؤاؿ عبد واثق بفضلو سبحانو ( أف يتمما ) أي يتمم فضلو‬
‫يجعل الخير بها ) أي هبذه‬ ‫فيما أؽبمنا إياه من خدمة العلم الشريف وأف (‬
‫اؼبنظومة (معمماً) يف الناس يقرؤوهنا وينتفعوف هبا ويذكرونا بدعوة صاغبة‪.‬‬
‫‪ ( -45‬وينزع الرياء ) علف على الدعاء السابق أي أسألو أف ينزع الرياء واؼبفاخرة‬
‫عن أعمالنا يف ؾباؿ خدمة العلم الشريف ( ويكتب اإلخبلص في ) أقوالنا وال‬
‫نكوف من الذين ضل سعيهم يف اغبياة الدنيا وىم وبسبوف أهنم وبسنوف صنعاً‪.‬‬
‫والرياء آفة العمل الصاحل وقد كاف السلف رضواف اهلل عليهم وبذروف من الرياء‬
‫أشد من حذرنا من الكفر‪.‬‬
‫وكاف اغبسن البصري رضواف اهلل عليو يقوؿ ‪ :‬إذا استلعت أف تعيش وسبوت وال‬
‫يعرفك أحد فافعل ‪ ،‬وما عليك أال يعرفوؾ يف األرض إذا عرفك اهلل يف السماء‪.‬‬
‫تعزيف عهى أصىل انفمّ‬

‫الموصبلت ِ‬
‫القاصدا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشامبلت‬ ‫تعرؼ ال َق ِ‬
‫واعدا‬ ‫‪ -46‬تعري ُفو أ ْف َ‬
‫من الد ِ‬
‫َّليل مثلما لنَا نُمي‬ ‫‪ -47‬إلى طر ِ‬
‫يقة اختيا ِر الحكم‬
‫َ‬
‫‪....‬‬ ‫جمهورىم َع َّرفو‬
‫ُ‬ ‫‪ -48‬فهكـا‬

‫ػاؿ فػيػ ِػو‪ :‬أَنَّػو‬


‫والش ػػافػعػ ُّػي قػ َ‬ ‫‪.........‬‬
‫وكيف نستفيد منها شيَّا‬ ‫‪ -49‬معرفة الدالئل الفقهية‬
‫فات عائِ َد ْهة‬‫الص ِ‬‫ومالَوُ ِم َْن ِّ‬ ‫ي يري ُد الفائِ َد ْةه‬ ‫‪ -50‬وحالةُ ِّ‬
‫الـي‬
‫الـ‬
‫‪ -48-47-46‬تعريف علم أصوؿ الفقو‪« :‬معرفة القواعد الشاملة اليت توصل‬
‫القاصدين إىل استنباط األحكاـ من أدلتها التفصيلية» وىذا التعريف ىو ما ذكره‬
‫الناظم‪.‬‬
‫والتعريف الشائع أخصر من ىذا‪ ،‬وىو‪ :‬معرفة القواعد اليت يتوصل هبا إىل‬
‫استنباط األحكاـ‪ ،‬وىذا ىو تعريف الكماؿ بن اؽبماـ‪.‬‬
‫وقولو (مثلما لنا نمي) أي كذلك نقلو األئمة‪ ،‬وكذلك وصل إلينا‪ ،‬مث بُت الناظم‬
‫أف ىذا ىو تعريف اعبمهور بقولو‪ ( :‬فهكـا جمهورىم عرفو)‬
‫‪ -50-49‬أورد تعريف اإلماـ الشافعي لعلم أصوؿ الفقو ونصو كما ذكره‬
‫البيضاوي يف منهاج الوصوؿ‪ :‬معرفة دالئل الفقو إصباالً‪ ،‬وكيفية االستفادة منها‬
‫وحاؿ اؼبستفيد‪.‬‬
‫ونبلحظ أف تعريف الشافعية لؤلصوؿ يتضمن ثبلثة مباحث‪:‬‬
‫‪ 1‬ػ معرفة دالئل الفقو إصباال‪ ،‬وىو ما يعٍت مصادر التشريع‬
‫‪ 2‬ػ وكيفية االستفادة منها‪ ،‬وىذا يعٍت حاؿ ىذه اؼبصادر من حيث ثبوهتا‪،‬‬
‫وربقيق اؼبانع والسبب والشرط‬
‫‪ -3‬وحاؿ اؼبستفيد‪ ،‬ىو ما يعٍت مباحث اجملتهد وشروطو وضوابلو‬
‫يىضىع عهى األصىل‬

‫ويراد بذلك بياف البحوث اليت يتناوؽبا ىذا العلم‪.‬‬

‫المـكورْة‬ ‫مباحث األَد ِ‬


‫ِّلة‬ ‫ُ‬ ‫محصورْة‬ ‫ٍ‬
‫خمسة‬ ‫‪ -51‬بحوثُو في‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫فانهض‬ ‫ِ‬
‫اإلجتهاد فيو‬ ‫وبحث‬ ‫َّعار ِ‬
‫ض‬
‫ُ‬ ‫الترجيح والت ُ‬
‫ِ‬ ‫مباحث‬
‫ُ‬ ‫‪-52‬‬

‫والوضعي‬
‫ْ‬ ‫تخييره اقتضا ُؤه‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الحكم أي في‬ ‫بحوث‬
‫ُ‬ ‫ثم‬
‫‪َّ -53‬‬

‫الدليل بطر ِيق ِ‬


‫الفهم‬ ‫ِ‬ ‫ِم َن‬ ‫الشرع‬
‫ِ‬ ‫‪-54‬‬

‫األصوؿ فَػ ُهو المثْب ِ‬


‫ت‬ ‫ِ َ َُ‬ ‫وعالِ ُم‬ ‫اقتباس ُك ِّل ِ‬
‫حكم‬ ‫ُ‬ ‫والخامس‬
‫ُ‬ ‫‪-55‬‬

‫فيبحث الفقيوُ فيما يَػثْبت‬


‫ُ‬
‫تنحصر ُحبوث علم الفقو يف طبسة مباحث‪:‬‬ ‫‪-54-53-52-51‬‬
‫‪ -1‬مباحث األدلة‪ ،‬ويراد بذلك حبوث مصادر التشريع وىي أربعة متفق عليها‪:‬‬
‫الكتاب والسنة واإلصباع والقياس‪ ،‬وأخرى ـبتلف فيها نعد منها‪:‬‬
‫االستصبلح والعرؼ وسد الذرائع وقوؿ الصحايب وشرع من قبلنا وعمل‬
‫أىل اؼبدينة واالستصحاب‪.‬‬
‫‪ -2‬مباحث التعارض والًتجيح‪ ،‬أي التوفيق بُت األدلة‪ ،‬والتحكيم عليها‪.‬‬
‫‪ 3‬ػ مباحث االجتهاد وشروط اجملتهد وصفاتو‪ ،‬وقاؿ الناظم (فيو فاهنض) إشارة‬
‫إىل وجوب االىتماـ هبذا اؼببحث ؼبا يًتتب عليو من ؿبذور‬
‫=‬ ‫وؿبظور‪.‬‬
‫__________________________________________‬
‫_____________________________________‬
‫___‬
‫‪ 4‬ػ مباحث اغبكم الشرعي بأنواعو الثبلثة‪ ،‬وىي االقتضاء والتخيَت والوضع‪،‬‬ ‫=‬
‫وىي ما نفصل القوؿ عنها يف مواضعها‪.‬‬
‫‪ 5‬ػ كيفية اقتباس األحكاـ الشرعية من الدليل‪ ،‬والوسائل اؼبشروعة يف فهم‬
‫النصوص واألدلة‪ ،‬وأصوؿ االستنباط‪.‬‬
‫وىكذا فإنك ترى أف عمل الفقيو واألصويل متكامبلف‪ ،‬ذلك أف األصويل‬
‫ىو الذي يقدـ األدلة جاىزةللفقيو‪ ،‬ويقرر ما ىو صاحل منها لبلحتجاج‬
‫كل‪ ،‬أما الفقيو فإنو يأخذ ىذه األدلة جاىزة من‬
‫وماىو غَت صاحل‪ ،‬ومنا َط ٍّ‬
‫صيدلية األصوؿ ليلبقها على األحكاـ فيقرر على أساس ذلك اغبراـ‬
‫واغببلؿ واؼبندوب واؼبكروه واؼبباح‪.‬‬
‫‪55‬ػ فعامل األصوؿ يثبت األدلة‪ ،‬والفقيو يبحث فيما ثبت من األدلة عند‬
‫األصويل‪ ،‬ويقرر هبا األحكاـ الشرعية‪.‬‬

‫فائدج عهى األصىل‬


‫وؿ‬‫والر ُس ِ‬ ‫اهلل َّ‬‫إلى مر ِاد ِ‬ ‫ِ‬
‫الوصوؿ‬ ‫ِ‬
‫األصوؿ في‬ ‫وغايةُ‬ ‫‪-56‬‬
‫كل ِ‬
‫قاصد‬ ‫حساب ِّ‬ ‫ِ‬ ‫جل عن‬‫ما َّ‬ ‫ِ‬
‫الفوائد‬ ‫وعدَّدوا لَوُ ِم َن‬ ‫‪-57‬‬
‫فهداه يُػل َْزُـ‬ ‫ِ‬
‫لبلجتهاد ُ‬ ‫َقوـ‬
‫يق األ ُ‬ ‫ِم ْنها بأنَّوُ الطر ُ‬ ‫‪-58‬‬
‫وح ِف َ‬ ‫ٍ ِ‬
‫واألحكاـ‬
‫ُ‬ ‫ظ القرآ ُف‬ ‫ُ‬ ‫وأَنَّوُ باف بو اإلسػ ُ‬
‫ػبلـ‬ ‫‪-59‬‬
‫ِ‬
‫المجتهد المتَّبَ ِع‬ ‫طريقةَ‬ ‫وأَنَّوُ يُ ْبي ُن للمتَّبِ ِع‬ ‫‪-60‬‬
‫‪.‬‬

‫‪ -56‬شرع الناظم يعدد فوائد علم األصوؿ‪ ،‬فبدأ بتأكيد الغاية الكربى من ىذا‬
‫العلم الشريف وىي الوصوؿ إىل رضا اهلل سبحانو وطاعة رسولو‪ ،‬إذ ال يتوصل‬
‫إىل ذلك إال بعد معرفة مراد اؼبوىل سبحانو وتعاىل من األوامر والنواىي‪.‬‬
‫‪ -57‬ذكروا لو من الفو ِ‬
‫ائد ما ال يستليع أحد إحصاءه‪.‬‬
‫‪ -58‬فهو السبيل القوًن لبلجتهاد‪ ،‬وذلك أف االجتهاد يف اإلسبلـ ؿبكوـ دبوازين‬
‫دقيقة‪ ،‬هبب اتباعها‪ ،‬وإال كاف االجتهاد ببل ضوابط لوناً من العبث‪.‬‬
‫‪ -59‬ومن فوائده أنو أظهر مزايا التشريع اإلسبلمي وحيويتو ومرونتو‪ ،‬وبو حفظ اهلل‬
‫القرآف العظيم من العبث والتأوؿ وحفظ األحكاـ من الفوضى‪.‬‬
‫‪ -60‬ومن فوائده أنو يظهر مناىج األئمة يف استنباط األحكاـ‪ ،‬وبذلك ترتفع‬
‫الشحناء من النفوس ويعذر اؼبسلم إخوانو من اؼبسلمُت فيما اختاروه من‬
‫مذاىب فقهية‪.‬‬

‫بالص ِ‬
‫واب‬ ‫مل َكةَ التفكي ِر َّ‬ ‫‪ -61‬وأنَّوُ يمنَ ُح للطُبلَّ ِ‬
‫ب‬
‫َّ‬
‫استجد في األيَّاـ‬ ‫لكل ما‬
‫ِّ‬ ‫المبين لؤلحك ِػاـ‬
‫ُ‬ ‫وأنَّو‬ ‫‪-62‬‬
‫فيص ُل الجمي ِع‬ ‫ِ‬
‫األصوؿ َ‬ ‫مع‬ ‫روع‬
‫ط لل ُف ِ‬ ‫وأَنَّوُ الضَّاب ُ‬ ‫‪-63‬‬
‫وطالب‬‫ِ‬ ‫كل ٍ‬
‫قاصد‬ ‫دليل ِّ‬
‫ُ‬
‫الم َـ ِ‬
‫اىب‬ ‫وأَنَّوُ لِ َد ِ‬
‫ارس َ‬ ‫‪-64‬‬
‫ِ‬
‫اختبلؼ األ َُّم ْة‬ ‫نرى فوائ َد‬ ‫ف عنَّا الغُ َّم ْة‬ ‫ثامنُها ِ‬
‫يكش ُ‬ ‫‪-65‬‬

‫‪ -61‬إف القواعد اليت أ َّ‬


‫َصلها العلماء لبلستنباط ىي أيضا منهج دقيق للتفكَت‬
‫السليم حيث توضع العبارات يف موازين دقيقة تستنبط منها األحكاـ‬
‫فإف علم األصوؿ يكسب اللالب ملكة التفكَت الصحيح‬ ‫الشرعية‪ ،‬وىكذا َّ‬
‫السليم‪.‬‬
‫اعد األصولية وحدىا‪ ،‬ىي الكفيلة باستنباط أحكاـ شرعية لكل ما‬‫‪ -62‬فالقو ُ‬
‫يستجد من القضايا خبلؿ تلور اغبياة وتنوع العقود واؼبعامبلت‬
‫واالكتشافات‪.‬‬
‫‪ -63‬إف علم أصوؿ الفقو يضبط الفروع الفقهية ويردىا إىل أصوؽبا‪ ،‬وهبمع اؼببادىء‬
‫اؼبشًتكة‪ ،‬ويبُت أسباب التباين بينها‪ ،‬ويظهر مربرات االختبلؼ‪ ،‬وىكذا فإنو‬
‫يكوف فيصبلً واضحاً يعتمده الفقيو واجملتهد يف تقرير األحكاـ‪.‬‬
‫‪ -64‬ومن فوائده أنو يعترب العماد الرئيس ؼبن يدرس اؼبذاىب اإلسبلمية بقصد‬
‫اؼبقارنة‪ ،‬واإلفادة من اجتهاد اعبميع‪.‬‬
‫‪ -65‬وثامن ىذه الفوائد‪ ،‬ىي أف يستبصر طالب العلم يف اختبلؼ األئمة يف‬
‫الفروع‪ ،‬وما يعود بو ىذا االختبلؼ على الفقو اإلسبلمي من ثراء ووفرة‪.‬‬
‫تاريخ أصىل انفمّ‬

‫الر ْ‬
‫سوؿ‬ ‫كتاب َربِّي ثُ َّم سنَّةُ َّ‬ ‫ْ‬
‫الرسوؿ‬ ‫‪ -66‬مصادر التشري ِع في ِ‬
‫عهد‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أَربعةٌ فيما َرَوْوا و َذا َك ُروا‬ ‫فالمصادر‬ ‫الص ْح ِ‬
‫ب‬ ‫ِ‬
‫‪ -67‬وفي زماف َّ‬
‫ُ‬
‫اعوا‬
‫القياس قَ ْد أَ َذ ُ‬
‫ُ‬ ‫وبع َدهُ‬ ‫فالحديث فاإلجماعُ‬
‫ُ‬ ‫الـكر‬
‫ُ‬ ‫‪-68‬‬

‫‪ -66‬بدأ الناظم بإيراد نبذةٍ سريعة عن تاريخ علم أصوؿ الفقو‪ ،‬وبياف ما طرأ عليو‬
‫من متغَتات‪ ،‬فأخرب أف مصادر التشريع يف زمن النيب ‪ ‬كانت تقتصر على‬
‫أمرين اثنُت فقط ونبا‪ :‬كتاب اهلل وسنة النيب ‪ ،‬ومل يكن أي اجتهاد أو‬
‫استحساف أو إصباع معترباً حىت يرد إىل الرسوؿ فيقره أو يبللو‪.‬‬

‫‪ -68-67‬ويف عهد الصحابة فإف مصادر التشريع أربعة‪:‬‬


‫‪ -1‬القرآف الكرًن‪ ،‬وىو ما عرب عنو الناظم بػ (الـكر)‬
‫‪ -2‬اغبديث الشريف‪ ،‬وىو ىنا يشتمل على كل ما روى عن النيب ‪ ‬من‬
‫قوؿ أو فعل أو وصف أو تقرير‪.‬‬
‫‪ -3‬اإلصباع‪ :‬وىو اتفاؽ اجملتهدين من أمة ؿبمد ‪ ‬يف عصر من العصور‬
‫على حكم شرعي‪.‬‬
‫‪ -4‬القياس‪ :‬وىو إغباؽ فرع بأصلو لعلو جامعة بينهما‪.‬‬
‫وسيأيت تفصيل ذلك كلو يف موضعو‪ ،‬ولكن اؼبراد ىنا بياف أف الصحب‬
‫الكراـ كانوا يستخدموف ىذه اللرائق صبيعاً الستنباط األحكاـ الشرعية‪.‬‬
‫مث راح الناظم يورد األدلة على ذلك فقاؿ‪:‬‬
‫ص ْل‬ ‫ثُ َّم َّ‬ ‫‪ -69‬دليلُو قضا ِ‬
‫معاذ ب ِن َجبَ ْل‬
‫لؤلشعري قَ ْد َو َ‬
‫ِّ‬ ‫الـي‬
‫الحام ِل بع َد قب ِرهِ‬
‫وع َدةُ ِ‬ ‫والحد عن ُد س ْك ِرهِ‬
‫ُّ‬ ‫‪ِ -70‬م ْن عم ٍر‪.‬‬
‫ُ‬
‫الطروح‬
‫ُ‬ ‫لديهم‬
‫ُ‬ ‫ت‬‫وكثُػ َر ْ‬ ‫الفتوح‬
‫ُ‬ ‫‪ -71‬وعندما استقرت‬
‫بواعث األ ِ‬
‫َحياء‬ ‫رت‬
‫تضافَ ْ‬ ‫ِ‬
‫األىواء‬
‫ُ‬ ‫وظهرت نوازعُ‬
‫ْ‬ ‫‪-72‬‬

‫يورد األدلةَ على أف الصحب الكراـ اعتمدوا يف تقرير‬


‫الناظم ُ‬
‫ُ‬ ‫‪69‬ػ‪ -70‬ر َ‬
‫اح‬
‫األحكاـ على اؼبصادر األربعة السالفة فقاؿ‪:‬‬
‫(دليلو قضا معاذ بن جبل ) وقضاء معاذ بن جبل ىو ما أخرجو أبو داوود يف‬
‫سننو قاؿ‪ :‬أرسل رسوؿ اهلل ‪ ‬معاذ بن جبل إىل اليمن قاضياً وسألو‪ :‬كيف‬
‫تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قاؿ‪ :‬أقضي بكتاب اهلل تعاىل‪ .،‬قاؿ فإف مل ذبد‬
‫يف كتاب اهلل؟ قاؿ‪ :‬فبسنة رسوؿ اهلل ‪ ،‬قاؿ‪ :‬فإف مل ذبد يف سنة رسوؿ‬
‫اهلل‪ ‬وال يف كتاب اهلل؟ قاؿ‪ :‬أجتهد رأيي وال آلو‪ ،‬فضرب رسوؿ اهلل ‪‬‬
‫رسوؿ ِ‬
‫رسوؿ اهلل ‪ ‬إىل ما يرضي اهلل‬ ‫صدره بيده وقاؿ‪ :‬اغبمد هلل الذي وفق َ‬
‫ورسولو‪.‬‬
‫َّ‬
‫استدؿ بكتاب عمر بن اػبلاب إىل أيب موسى األشعري ؼبا كاف عامبلً‬ ‫وكذلك‬
‫لو على اليمن ونصو‪:‬‬
‫الفهم فيما تلجلج يف صدرؾ فبا ليس يف كتاب وال سنة‪ ،‬فاعرؼ‬‫الفهم َ‬‫« َ‬
‫األشياء واألمثاؿ‪ ،‬وقس األمور عند ذلك‪ ،‬واعمد إىل أقرهبا إىل اهلل وأشبهها‬
‫باغبق»‬
‫واستدؿ كذلك بتداوؿ الصحابة الكراـ يف مسألة عقوبة الشارب‪ ،‬فقد قضى علي‬
‫بن أيب طالب رضي اهلل عنو وكرـ اهلل وجهو بثمانُت جلدة على شارب =‬

‫= اػبمر قياساً على عقوبة القذؼ وقاؿ‪ :‬إف الشارب إذا سكر ىذى‪ ،‬وإذا‬
‫ىذى افًتى وعقوبة اؼبفًتي شبانوف جلدة‪.‬‬
‫(وعدة اغبامل بعد قربه)‬
‫واستدؿ كذلك بتداوؽبم يف أمر عدة اغبامل اؼبتوىف عنها زوجها‪ ،‬فهي بُت آيتُت‬
‫اثنتُت‪:‬‬
‫األوىل قولو عز وجل‪ٚ { :‬اٌز‪٠ ٓ٠‬ز‪ٛ‬ف‪ِٕ ْٛ‬ىُ ‪٠ٚ‬زس‪ ْٚ‬أص‪ٚ‬اجبًا‬
‫‪ٚ‬ػششاًا‬
‫البقرة ‪-234-‬‬ ‫‪٠‬زشثظٓ ثأٔفغ‪ ٓٙ‬أسثؼخ أش‪ٙ‬ش} سورة‬
‫دٍّ‪ٓٙ‬‬
‫‪ٚ‬أ‪ٚ‬الد اادّبي أجٍُت‪ ٓٙ‬أْ ‪٠‬ضؼٓ }‬
‫ُت‬ ‫والثانية قولو عز وجل‪{ :‬‬
‫سورة اللارؽ ػ‪4‬ػ‬
‫فاختلف الصحابة يف ذلك مث انتهوا إىل قوؿ عبد اهلل بن مسعود الذي كاف‬
‫يقوؿ من شاء باىلتو أف آية النساء الصغرى ‪ -‬سورة اللبلؽ ‪ -‬نزلت بعد آية‬
‫النساء الكربى ‪ -‬سورة البقرة ‪.-‬‬
‫وىكذا فإف الصحب الكراـ رضواف اهلل عليهم اتفقوا على رأي ابن مسعود‬
‫النص اؼبتأخر ينسخ أو ىبصص النص اؼبتقدـ‪.‬‬
‫فكاف إصباعاً بأف َّ‬
‫‪71‬ػ‪72‬ػ أخرب الناظم أف الفقو اإلسبلمي بعد عصر الصحابة الكراـ تعرض ألىواء‬
‫فرؽ سياسية وباطنية ـبتلفة‪ ،‬وىكذا‬
‫أصحاب اؼبلامع واؼبصاحل‪ ،‬فظهرت ٌ‬
‫فقد تضافرت األسباب الداعية إىل ربديد مناىج االستنباط ووسائلو سداً‬
‫ألبواب اؽبوى والتشهي‪.‬‬
‫الحديث في الحجا ِز‬ ‫كـا‬ ‫مدرس ْة‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫صار َ‬‫أي في العراؽ َ‬
‫‪ -73‬فالر ُ‬
‫رسة‬
‫َم ْد َ‬

‫‪73‬ػ وىكذا فقد انقسم األصوليوف والفقهاء إىل مدرستُت اثنتُت‪:‬‬


‫وتضيِّق على‬
‫األوىل‪ :‬مدرسة اغبديث يف اغبجاز‪ ،‬وىي تعتمد على الرواية واالثر َ‬
‫سبل االجتهاد ما أمكن‪.‬‬
‫وعلى رأس ىذه اؼبدرسة احملدثوف وأشهرىم اإلماـ مالك بن أنس وسفياف‬
‫الثوري‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬مدرسة الرأي يف العراؽ‪ ،‬وىي تعتمد على الكتاب والسنة ولكنها ال‬
‫تقبل من السنة إال ما ثبت ثبوتاً قلعياً‪ ،‬واألحكاـ بعد ذلك مسكوت عنها‬
‫مأذوف فيها باالجتهاد‪.‬‬
‫تدويٍ عهى األصىل‬

‫في ِ‬
‫ُصوال‬ ‫يدونوا األ ُ‬
‫الفقو لم ِّ‬ ‫صوالَ‬‫كتب ال ُف ُ‬‫هم قد َ‬ ‫وكلُّ ْ‬ ‫‪-74‬‬
‫الفروع انتثرا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مسائل‬ ‫لدى‬ ‫وكا َف في ُكتُبهم ُمبَػ ْعثَرا‬ ‫‪-75‬‬
‫ِ‬
‫استداللو محيلَ ْو‬ ‫ومـىب‬ ‫كل ٍ‬
‫واحد دليلَ ْو‬ ‫يـكر ُّ‬ ‫‪-76‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الحثيث‬ ‫ِ‬
‫بسعيو‬ ‫أو غي ِرهِ‬ ‫ِ‬
‫الحديث‬ ‫الكتاب أو على‬ ‫ِ‬ ‫على‬ ‫‪-77‬‬
‫خير ناف ِع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فسب َق الجميع ِ‬
‫فره في الباب ُ‬ ‫وس ُ‬ ‫فيو الشافعي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪-78‬‬

‫‪74‬و‪َ -75‬كتَ َ‬
‫ب األئمة األحكاـ الفقهية قبل اف يدونوا مناىجهم يف استنباطها‪،‬‬
‫وكاف اؼبفًتض أف مصادر التشريع األربعة ال خبلؼ فيها وىي الكتاب والسنة‬
‫واإلصباع والقياس‪ .‬فكتبت كتب األحكاـ ومل تكتب كتب يف أصوؿ االستنباط‬
‫من األحكاـ‪ ،‬وكانت ىذه األصوؿ موزعة يف ثنايا كتب الفروع واألحكاـ منتثرة‬
‫فيها‪.‬‬

‫‪76‬و‪ -77‬فكاف كل فقيو يأيت باغبكم والدليل عليو مبيناً طريقتو يف االستدالؿ‬
‫ووجو الداللة‪ ،‬مث وبيل القارىء إىل القرآف الكرًن أو السنة أو غَتىا من اؼبصادر‬
‫األربعة‪ ،‬وعلى طالب العلم أف يسعى حثيثاً ليفهم منهج كل إماـ‪.‬‬

‫‪ -78‬وىكذافقد سبق اإلماـ الشافعي أقرانو وصار أوؿ من كتب يف علم األصوؿ‪.‬‬
‫كـا جماعُ ِ‬
‫العلم فيما قالَ ْو‬ ‫المدو ِف ِّ‬
‫الرسالَ ْة‬ ‫‪ -79‬فأ ََّو ُؿ َّ‬
‫الحديث في الميز ِ‬
‫اف‬ ‫ِ‬ ‫شكل‬ ‫إبطاؿ االستحس ِ‬
‫وم ُ‬‫ُ‬ ‫اف‬ ‫َ‬ ‫‪ -80‬وبع َدهُ ُ‬
‫تصنيف ِو‬
‫ِ‬ ‫دوف في‬
‫أ ََّو ُؿ ما ِّ‬ ‫‪ -81‬وىـهِ األَربع ِمن ِ‬
‫تأليفو‬ ‫َُ ْ‬
‫َوَز ْف‬ ‫واألصوؿ قد‬
‫ُ‬ ‫فالفقوُ وز ٌف‬ ‫الزَم ْن‬
‫وؿ في َّ‬
‫ُص َ‬
‫‪ -82‬وسبَ َق الفقوُ األ ُ‬

‫‪ -79‬وأوؿ كتاب كتبو الشافعي يف األصوؿ ىو «كتاب الرسالة»‪ ،‬وىو عبارة عن‬
‫ؿباولة أوىل لتحديد طرؽ االستنباط ومصادر التشريع‪ ،‬وقد كتبو اإلماـ‬
‫الشافعي أساساً رداً على صباعة منكري السنة الذين ظهروا يف عصره‪ ،‬فأثبت‬
‫فيو حجية السنة‪ ،‬مث توسع فبُت مصادر التشريع تفصيبلً ومناىج االستدالؿ‬
‫هبا‪.‬‬

‫وكذلك صنف الشافعي كتباً أخرى يف األصوؿ منها‪ :‬صباع العلم‪ ،‬وىو كتاب‬
‫قصد منو إثبات وجوب اتباع خرب اآلحاد الصحيح‪ ،‬وأقاـ األدلة على ذلك‪.‬‬

‫الشافعي كتابُت آخرين ونبا‪ :‬إبلاؿ االستحساف وكتاب‬


‫ُّ‬ ‫‪80‬ػ مث كتب اإلماـ‬
‫اختبلؼ اغبديث‪ ،‬وكبلنبا من الكتب اؼببكرةيف علم أصوؿ الفقو‪.‬‬

‫‪ 81‬ػ ‪82‬ػ وشبو الناظم الفقو وأصولو باؼبتاع واؼبيزاف‪ ،‬فاألصوؿ ىو اؼبيزاف الذي يوزف‬
‫بو اؼبتاع‪ ،‬والفقو ىو اؼبتاع الذي يراد وزنو‪ ،‬وال شك أف الفقو كاف أسبق من‬
‫األصوؿ من حيث بدء الكتابة فيو‪.‬‬
‫طزق انتأنيف فـي األصىل‬

‫مسائبلً ُمدلبلً ُمحرراً‬ ‫ِ‬


‫الكبلـ أَف تُقررا‬ ‫‪ -83‬طريقةُ‬
‫ِ‬
‫تحكيو‬ ‫ُص ِ‬
‫وؿ تبعاً‬ ‫‪ -84‬وبع َدىا طريقةُ ِ‬
‫سبـ األ ُ‬
‫ُ‬ ‫الفقيو‬
‫األحناؼ بالتَتَابُ ِع‬
‫ُ‬ ‫صِ‬
‫ت‬ ‫وخ َّ‬
‫ُ‬ ‫الشافعي‬ ‫صِ‬
‫ت األُولى بفك ِر َّ‬ ‫وخ َّ‬
‫‪ُ -85‬‬
‫تَ ْج َم ُع منهما على الحقيقة‬ ‫‪ -86‬واآلخرو َف لَ ُه ُم طري َقة‬

‫‪ -83‬للعلماء طرؽ متعددة يف التدوين يف أصوؿ الفقو‪.‬‬


‫وذكر الناظم أوالً طريقة اؼبتكلمُت (علماء الكبلـ)وطريقتهم ذبريد األحكاـ من‬
‫اعبانب التلبيقي ومناقشتها يبعزؿ عن الفروع اليت تبٌت عليها‪ ،‬وىكذا تقرر‬
‫أصوؿ القواعد أوالً‪ ،‬مث تستنبط األحكاـ على ىديها‪.‬‬
‫‪84‬ػ ذكر الناظم ثانياً طريقة الفقهاء‪ ،‬وىي استنباط القواعد من الفروع الفقهية‪،‬‬
‫فَتجع الفقيو إىل ما ىو مقرر يف مذىبو من أحكاـ‪ ،‬فيبحث عن اللريقة‬
‫اعبامعة يف تقريرىا‪ ،‬وىكذا يستنبط األصوؿ من الفروع‪.‬‬
‫‪ -85‬والشافعي أشهر من صنف على طريقة اؼبتكلمُت‪ ،‬أي قرر األصوؿ أوالً مث‬
‫ِ‬
‫األصوؿ من الفروع‪ ،‬وىي طريقة‬ ‫ِ‬
‫استنباط‬ ‫استنبط الفروع‪ ،‬واألحناؼ تبنوا طريقة‬
‫الفقهاء‪ ،‬وسبب ذلك أف األحناؼ مل يعثروا على كتب يف األصوؿ من وضع‬
‫أئمتهم كما ىو اغباؿ عند الشافعية‪ ،‬فراحوا إىل ما دونو أئمتهم من الفقو‬
‫فاستنبلوا منها منهجاً أصولياً متكامبلً‪.‬‬
‫‪ -86‬أما طريقة اؼبتأخرين فقد أفادت من كبل اللريقتُت‪ ،‬فهي تذكر القواعد أوالً مث‬
‫تستنبط منها الفروع‪ ،‬مث تبُت ما خر َج عن األصل من ىذه الفروع‪ .‬وقد انتهى‬
‫األمر لدى أغلب الفقهاء العتماد ىذه اللريقة‪.‬‬
‫محصوال‬
‫رسالةً‪ ،‬معتمداً‪ُ ،‬‬ ‫صنَّفوا في األُولى‬ ‫أىم ما قَ ْد َ‬
‫ُّ‬ ‫‪-87‬‬
‫يب وا ِإل ُ‬
‫لهاـ‬ ‫وبع َدهُ التقر ُ‬ ‫اإلحكاـ‬
‫ُ‬ ‫ص َفى‪َ ،‬كـا‬
‫برىا ُف‪ ،‬مستَ ْ‬ ‫‪-88‬‬
‫والمنتَهى‬
‫وي ُ‬ ‫البز ْد ِّ‬ ‫ِم ْنها َ‬
‫أصوؿ َ‬ ‫اصطبلح ال ُف َقها‬
‫ِ‬ ‫وصنَّفوا على‬ ‫‪-89‬‬
‫ِ‬
‫الملبس‬ ‫نفس‬ ‫ِ‬
‫اص ُ‬ ‫ص ُ‬ ‫الج َّ‬
‫َكـلـ َ‬ ‫سي‬
‫رخ ْ‬ ‫الس َ‬‫الكرخي َّ‬
‫ِّ‬ ‫مثل‬
‫إليو‪ُ ..‬‬ ‫‪-90‬‬

‫‪ -87‬أىم ما صنف على طر ِ‬


‫يقة اؼبتكلمُت كتاب اإلماـ الشافعي الرسالة‪ ،‬كذلك‬ ‫ُ َ‬
‫‪ 463‬ىػ‪،‬‬ ‫كتاب اؼبعتمد يف اصوؿ الفقو أليب اغبسُت البصري اؼبعتزيل ت‬
‫وكذلك كتاب احملصوؿ لئلماـ فخر الدين الرازي ت ‪ 606‬ىػ‬
‫‪ -88‬كذلك فبا صنف على طريقة اؼبتكلمُت كتاب‪ :‬الربىاف إلماـ اغبرمُت عبد‬
‫اؼبلك اعبويٍت الشافعي ت ‪ 487‬ىػ‪.‬‬
‫وكتاب اؼبستصفى يف أصوؿ الفقو أليب حامد الغزايل ت ‪ 505‬ىػ‪.‬‬
‫وكتاب اإلحكاـ يف أصوؿ األحكاـ لآلمدي الشافعي ت ‪ 631‬ىػ‪.‬‬
‫وكتاب التقريب واإلرشاد يف طرؽ االجتهاد للقاضي الباقبلين ت ‪403‬ىػ‪.‬‬
‫‪ -90-89‬وعلى طريقة الفقهاء فإف أشهر ما صنف‪:‬‬
‫‪ 482‬ىػ‪ ،‬وىو من أىم كتب‬ ‫كتاب األصوؿ‪ ،‬لفخر اإلسبلـ البزدوي ت‬
‫األصوؿ‪ ،‬وتنتهي إليو اجتهادات العلماء‪.‬‬
‫كتاب األصوؿ‪ ،‬لئلماـ الكرخي عبد اهلل بن اغبسُت‪ ،‬ت ‪ 340‬ىػ‬
‫كتاب األصوؿ‪ ،‬لشمس األئمة السرخسي صاحب اؼببسوط ت ‪490‬ىػ‬
‫كتاب األصوؿ أيضا‪ ،‬للرازي اعبصاص‪ ،‬صاحب التفسَت ‪ 370‬ىػ‪.‬‬
‫وعرب الناظم بقولو ( نفس الملبس ) عن أف سائر الكتب السالفة ؽبا نفس‬
‫االسم‪.‬‬
‫تنقيح‪ ،‬تمهي ُد‪ ،‬ىم األبر ُار‬
‫ُ‬ ‫والمنار‬
‫ُ‬ ‫التأسيس‬
‫ُ‬ ‫‪ -91‬كـلـ‬
‫بديع‪ ،‬تنقيحاً‪ ،‬كـا التحريرا‬‫َ‬ ‫‪ -92‬واآلخرو َف صنَّػ ُفوا كثيراً‬
‫وت‬
‫حم ْ‬‫للر ُ‬
‫فواتح َّ‬
‫وشرحو ٌ‬ ‫َ‬ ‫جمع الجوام ِع‪ُ ..‬م َسلَّ َم الثُبُ ْ‬
‫وت‬ ‫َ‬ ‫‪-93‬‬
‫‪ -91‬ومنها أيضا كتاب تأسيس النظر وتقوًن األدلة‪ ،‬أليب زيد‬
‫الدبوسي ت ‪ 430‬ىػ‪.‬‬
‫ومنها كتاب اؼبنار للنسفي عبد اهلل بن أضبد ت ‪ 790‬ىػ‪.‬‬
‫ومنها كتاب تنقيح الفصوؿ يف علم األصوؿ للقرايف شهاب الدين أضبد بن‬
‫إدريس ت ‪ 684‬ىػ‪.‬‬
‫ومنها كتاب التمهيد يف زبريج الفروع على األصوؿ‪ ،‬لئلماـ األسنوي الشافعي‬
‫ت ‪ 772‬ىػ‪.‬‬
‫مث أخرب الناظم بأف ىؤالء األئمة كلهم أجبلء أبرار يستحقوف كل خَت وثناء‪.‬‬
‫كتب كثَتة منها‪:‬‬ ‫‪92‬و‪ -93‬وعلى طريقة اؼبتأخرين ُ‬
‫صنفت ٌ‬
‫‪ -1‬بديع النظاـ اعبامع بُت أصوؿ البزدوي واإلحكاـ للساعايت اغبنفي ت ‪ 694‬ىػ‬
‫‪ -2‬تنقيح األصوؿ‪ ،‬لصدر الشريعة البخاري‪ ،‬ت ‪ 747‬ىػ‪.‬‬
‫‪ -3‬التحرير‪ ،‬لكماؿ الدين ابن اؽبماـ اغبنفي‪ ،‬ت ‪ 861‬ىػ ‪.‬‬
‫‪ -4‬صبع اعبوامع‪ ،‬للتاج السبكي عبد الوىاب بن علي الشافعي‪ ،‬ت ‪771‬ىػ‬
‫‪ -5‬مسلَّم الثبوت للعبلمة ؿبب الدين بن عبد الشكور اغبنفي ت ‪1119‬ىػ‬
‫‪ -6‬فواتح الرضبوت يف شرح مسلَّم الثبوت للعبلمة عبد العلي‬
‫األنصاري‪.‬ت ‪1225‬ىػ‬

‫ِ‬
‫المطالب‬ ‫الموافقات ذو‬ ‫وخالف الجميع ِ‬
‫فيو َّ‬
‫ُ‬ ‫لوُ‬ ‫اطبي‬
‫الش ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪-94‬‬
‫يمتاز بالمب ِ‬
‫اى ِج‬‫ترتيبُها ُ َ‬ ‫المناىج‬
‫ِ‬ ‫وظهرت طريقةُ‬
‫ْ‬ ‫‪-95‬‬

‫‪ -94‬ويف القرف الثامن‪ ،‬ظهر اإلماـ الشاطيب‪ ،‬الذي أفاد من كل من سبقوه‪،‬‬


‫وصنف كتابو اعبليل‪ ،‬اؼبوافقات‪ ،‬يف أربعة ؾبلدات‪ ،‬صبع فيها مبادىء األصوؿ‬
‫وأسرار الشريعة وحكم التشريع ت‪ 790‬ىػ‪.‬‬

‫‪ -95‬أشار الناظم إىل اؼبؤلفات اغبديثة يف علم أصوؿ الفقو‪ ،‬وبُت أهنا كتب نفيسة‬
‫نافعة‪ ،‬وقد عد منها أستاذنا الدكتور الزحيلي‪:‬‬

‫‪ -1‬إرشاد الفحوؿ للشوكاين ت ‪ 1255‬ىػ‪.‬‬

‫‪ -2‬تسهيل الوصوؿ إىل علم األصوؿ للمحبلوي اغبنفي ت‪1920‬ىػ‪.‬‬

‫‪ -3‬كتاب أصوؿ الفقو للشيخ عبد الوىاب خبلؼ ت‪ 1955‬ىػ‪.‬‬

‫‪ -4‬كتاب أصوؿ الفقو للشيخ ؿبمد اػبضري ت‪ 1927‬ىػ‪.‬‬


‫‪ -5‬كتاب أصوؿ الفقو للشيخ ؿبمد أبو زىرة ت‪ 1974‬ىػ‪.‬‬

‫وال شك أف ىذه الكتب اغبديثة تشتمل على فوائد جليلة وأسلوب بديع‪ ،‬بلغة‬
‫عصرية واضحة‪.‬‬

‫دىّخ اخزسف اٌفم‪ٙ‬بء‬

‫وافه ْم من اختبلفِ ِه ْم تحريري‬ ‫حاقد مغروِر‬ ‫كبلـ ٍ‬ ‫عن ِ‬ ‫ِ‬


‫َ‬ ‫ح ْد ْ‬ ‫‪-96‬‬
‫ِ‬
‫واألعداد‬ ‫ِ‬
‫والقانوف‬ ‫ِ‬
‫كالنقد‬ ‫فالخلف في التَّشري ِع أ َْم ٌر عادي‬
‫ُ‬ ‫‪-97‬‬
‫الوفاؽ في ِسوى ال ُف ِ‬
‫روع‬ ‫ِ‬ ‫مع‬
‫َ‬ ‫الفروع‬
‫ِ‬ ‫والخلف بينَهم على‬
‫ُ‬ ‫‪-98‬‬
‫َّو ِادر‬ ‫ِ‬
‫فغالباً باللَّ ْفظ والنػ َ‬ ‫الخبلؼ في‬
‫ُ‬ ‫جرى‬ ‫ِ‬
‫وإ ْف َ‬ ‫‪-99‬‬
‫المص ِ‬
‫اد ِر‬ ‫َ َ‬

‫‪ -96‬بُت الناظم أف اختبلؼ الفقهاء ليس ظاىرة سلبية يف تاريخ الفقو اإلسبلمي‬
‫بل ىي ظاىرة عافية‪ ،‬ودليل ثراء يف ىذا الفقو‪ ،‬فأمر الناظم بًتؾ كبلـ‬
‫اغباقدين‪ ،‬الذين يفًتوف بغَت دليل‪ ،‬مث شرع وبرر الفوائد اليت أشبرىا اختبلؼ‬
‫الفقهاء‪ .‬ولكنو قبل ذلك نبو إىل أمرين اثنُت‪ ،‬األوؿ‪:‬‬
‫‪ -97‬وذلك أف سائر العلماء يف ـبتلف الفنوف‪ ،‬تصدر عنهم آراء متعددة يف‬
‫اؼبسألة الواحدة‪ ،‬وىذا أمر عادي بُت العلماء يف ـبتلف فروع اؼبعرفة‪ ،‬وذكر من‬
‫ذلك علماء النقد وعلماء القانوف‪ ،‬وعلماء الرياضيات‪.‬‬
‫‪ -98‬وىذا ىو األمر الثاين الذي أراد التنبيو إليو‪ ،‬وىو أف اػببلؼ وإف وقع فإنو‬
‫غالباً ما يكوف يف الفروع مع اتفاقهم يف األصوؿ‪ ،‬فهم ال ىبتلفوف يف حجية‬
‫الكتاب والسنة‪ ،‬ولكنهم ىبتلفوف يف بعض دالالهتا‪.‬‬
‫‪ -99‬مث بُت أف ىذا اػببلؼ يأيت أحيانا يف اؼبصادر‪ ،‬ولكنو عند التحقيق خبلؼ‬
‫لفظي‪ ،‬أو خبلؼ نادر سرعاف ما يزيلو العلماء‪ ،‬وىذا ما سنقف على أمثلة‬
‫كثَتة لو فيما يأيت‪.‬‬
‫ومدَّنا بثروةٍ ثمينة‬ ‫‪َ -100‬وخل ُفهم َمنَحنا المرونَة‬
‫لَ ْو أَنَّهم ما اختلفوا المتنعا‬ ‫الفروع ِ‬
‫توس َع ْة‬ ‫ِ‬ ‫‪ -101‬وخل ُفهم على‬
‫الرتَػبَا‬
‫للهوى أو يشتهو َف ُّ‬ ‫أو َ‬ ‫عصباً‬
‫‪ -102‬ولم يكن خبلفُهم تَ ُّ‬
‫كخب ِر اآلحاد ال اليقيني‬ ‫ِ‬
‫المظنوف‬ ‫‪ -103‬وانحصر الخبلؼ في‬

‫‪ -100‬ومن فوائد اختبلفهم ظهور اؼبرونة يف التشريع‪.‬كاف عمر بن عبد العزيز‬


‫يقوؿ‪ :‬ما أحب أف أصحاب رسوؿ اهلل ‪ ‬مل ىبتلفوا‪ ،‬لو مل ىبتلفوا مل تكن‬
‫رخصة‪.‬‬
‫وكذلك فإف ىذا االختبلؼ نتج عنو ثراء حقيقي يف الفقو اإلسبلمي‪ ،‬إذ كاف‬
‫كل فقيو يدلل لرأيو بأدلة كثَتة من العقل والنقل‪ ،‬وافًتاض الوقائع باألرأيتية‬
‫(أرأيت إف) والفنقلة (فإف قلت) وقد كاف لذلك أثر حقيقي يف إثراء الفقو‬
‫اإلسبلمي الذي نفخر بو اليوـ‪.‬‬
‫‪ -101‬يشَت إىل كلمة اػبليفة الراشدي عمر بن عبد العزيز السالفة‪ ،‬وىو توكيد‬
‫على حقيقة اليسر يف الشريعة اإلسبلمية السمحة‪٠ {.‬ش‪٠‬ذ هللا ثىُ اٌ‪١‬غش ‪ٚ‬ال‬
‫اٌؼغش‬
‫‪٠‬ش‪٠‬ذ ثىُ }‬

‫‪102‬ػ إف اختبلؼ الفقهاء لو أسباب موضوعية دقيقة‪ ،‬نُ ِّ‬


‫فصلها يف الفصل التايل‪،‬‬
‫وسًتى أهنم ما كانوا ىبتلفوف تعصباً أو ابتغاءً لرتبة أو منصب‪ ،‬وبذلك يلمئن‬
‫قلبك يف اتػِّبَاعهم‪.‬‬

‫اػببلؼ منحصر يف اؼبسائل الظنية دوف القلعية‪ ،‬فالكتاب كلُّو ُّ‬


‫قلعي‬ ‫‪ -103‬و ُ‬
‫الثبوت‪ ،‬وكذلك السنة اؼبتواترة‪ ،‬فلم ينقل فيها أي اختبلؼ ولكن وقع اػببلؼ‬
‫يف سنة اآلحاد‪ ،‬ويف الدالالت الظنية للنصوص إذا ما استوفت دالالهتا‬
‫القلعية‪.‬‬
‫فيهم قَ ْد كفى‬
‫والحديث ُ‬
‫ُ‬ ‫فالوحي‬
‫ُ‬ ‫‪ -104‬ومطلقاً لم يج ِر عه َد المصطفى‬

‫الو ْجهي ِن‬ ‫مختلفي ِن‪َّ ...‬‬


‫جوَز َ‬ ‫حكم في رأيَػ ْي ِن‬
‫وربَّما َ‬
‫‪ُ -105‬‬

‫يسجل يف عهد النيب ‪ ‬وذلك ألنو ‪ ‬كاف مرجعهم‬


‫اػببلؼ مل َّ‬
‫َ‬ ‫‪ -104‬بَػ َُّت أف‬
‫فيما ىبتلفوف فيو‪ ،‬فبل خبلؼ بعد مشاورتو ‪.‬‬
‫‪105‬ػ أما ما ورد عن النيب ‪ ‬من سن ٍن شريفة فيها رأياف اثناف‪ ،‬فإمبا صدر ذلك‬
‫عنو لبياف جواز الوجهُت يف اؼبسألة‪.‬‬
‫ومثاؿ ذلك ما رواه علاء بن يسار عن أيب سعيد اػبدري قاؿ‪ :‬خرج رجبلف يف‬
‫فتيمما صعيداً طيباً فصلَّيا‪ ،‬مث‬ ‫سفر‪ ،‬فحضر ِ‬
‫ت الصبلة‪ ،‬وليس معهما ماء‪َّ ،‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫وجدا اؼباء يف الوقت‪ ،‬فأعاد أحدنبا الوضوء والصبلة‪ ،‬ومل يعد اآلخر‪ ،‬مث أتيا‬
‫رسوؿ اهلل ‪ ‬فذكرا ذلك لو‪ ،‬فقاؿ للذي مل يعده‪ :‬أصبت السنة وأجزأتك‬
‫صبلتك‪ ،‬وقاؿ للذي توضأ وأعاد‪ :‬لك األجر مرتُت‪.‬‬
‫أسثاب اختالف انفمهاء‬

‫االختبلؼ‬
‫ْ‬ ‫ذاؾ‬
‫أسباب َ‬ ‫خـ واضحاً‬ ‫ْ‬ ‫بلؼ‬ ‫كت حكمةَ ِ‬
‫الخ ْ‬ ‫‪ -106‬وبع َد ما أدر َ‬
‫َ‬
‫العقوؿ الملّ ْة‬
‫َ‬ ‫إذ لم ِ‬
‫تقيد‬ ‫‪ -107‬فاختلفوا في واق ِع ِ‬
‫الجبِّػلَ ْة‬
‫َّكاح في البػي ِ‬
‫اف‬ ‫ِ‬
‫كالقرء والن ِ‬ ‫ِ‬
‫القرآف‬ ‫‪ -108‬واختل ُفوا في ِ‬
‫لغة‬
‫ََ‬
‫وع ْرف ِهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وحالهم وبالهم ُ‬ ‫ص ِرىم وم ْ‬
‫صرىم‬ ‫‪ -109‬واختل ُفوا في َع ْ‬

‫‪106‬و‪ -107‬شرع الناظم يعدد أسباب االختبلؼ بُت الفقهاء فذكر منها‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬االختبلؼ يف أصل اعببلة‪ ،‬وذلك أف الناس ‪ -‬والعلماء منهم ‪ -‬مل‬
‫ىبلقوا على طبيعة واحدة‪ ،‬فتجد فيهم اغبازـ واللُت‪ ،‬والشديد واؽبُت وىذا‬
‫تفاوت قضى بو أمر اهلل وال مبدؿ لكلمات اهلل‪.‬‬
‫ومل تأت اؼبلّة السمحاء بقيد على العقوؿ‪ ،‬بل كاف كلٌّ ىبتار ما يناسب‬
‫فلرتو فبا أذف بو اهلل سبحانو‪.‬‬
‫ترد على أكثر‬
‫فرب كلمة يف العربية ُ‬ ‫اللغوي للكلمة‪َّ ،‬‬
‫ِّ‬ ‫‪ -108‬ثانياً‪ :‬اختلفوا يف اؼبعٌت‬
‫كل فقيو ىبتار واحداً من ىذه الوجوه‪ ،‬ودلَّ َل الناظم على‬
‫من معٌت فكاف ُّ‬
‫ذلك دبثالُت‪ :‬القرء فهو يستعمل يف العربية دبعٌت اللهر بُت اغبيضتُت ‪-‬‬
‫وىو اختيار الشافعية‪ ،‬ويستعمل أيضاً دبعٌت اغبيض ‪ -‬وىو اختيار‬
‫اغبنفية ‪ ،-‬وكذلك لفظ النكاح فإنو يأيت دبعٌت العقد‪ ،‬ويأيت دبعٌت الدخوؿ‬
‫اغبقيقي‪.‬‬
‫‪ -109‬وذكر من أسباب االختبلؼ‪ ،‬اختبلؼ الزماف واؼبكاف والبيئات واألعراؼ‪،‬‬
‫فلكل ٍ‬
‫زماف أحكامو وظروفو‪ ،‬والشريعة السمحاء فيها سعة وتنوع يسع كل‬ ‫ِ‬
‫وبيئة وعرؼ‪ ،‬ولكن اػبلأ إمضاء حكم ما ـبصوص على‬ ‫عصر ومكاف ٍ‬
‫سائر األعصر‪.‬‬
‫ِ‬
‫االجتهاد‬ ‫ص في ِ‬
‫سبيل‬ ‫بالنَ ِّ‬ ‫هم للمر ِاد‬
‫‪ -110‬واختلفوا في ال َف ِ‬
‫ِ‬
‫المباش َرْة‬ ‫‪ -111‬فهـهِ‬
‫وىا ُك ُم أسبابَوُ‬ ‫تباشرْه‬
‫األسباب لن َ‬
‫ُ‬
‫كل ما أتى ببل تواتُ ِر‬‫ِم ْن ِّ‬ ‫الخبلؼ في المص ِ‬
‫اد ِر‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫‪ -112‬أ ََّولُّها‬

‫‪ -110‬ومن أسباب اختبلفهم تفاوت فهمهم للنصوص وداللتها‪ ،‬وذلك أف‬


‫النصوص الشرعية ؽبا دالالت قلعية ودالالت ظنية‪ ،‬وىم ال ىبتلفوف يف‬
‫قلعي الداللة ولكنهم ىبتلفوف يف ظٍت الداللة‪.‬‬
‫أ‪٠‬ذ‪ّٙ٠‬ب‪38 -‬‬
‫مثاؿ ذلك‪ٚ { :‬اٌغبسق ‪ٚ‬اٌغبسلخ فبلطؼ‪ٛ‬ا }‪ .‬اؼبائدة‬
‫فداللة اآلية قلعية ال شك فيها‪ ،‬ولكن داللتها على النباش واؼبختلس‬
‫اؼبغل داللة ظنية ؿبتملة‪.‬‬ ‫َّ‬
‫واللرار و ّ‬
‫‪111‬و‪ -112‬ذكر الناظم أف األسباب السالفة أسباب غَت مباشرة‪ ،‬أي مصدرىا‬
‫خارج عن الفقو اإلسبلمي‪ ،‬مث شرع يعدد األسباب اؼبباشرة فقاؿ‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬اػببلؼ يف اؼبصادر غَت اؼبتواترة‪ ،‬وذلك أف العلماء ال ىبتلفوف يف شيء‬
‫تواتر إسناده إىل اؼبعصوـ ‪ ، ‬والتواتر ىو أف يروي النص صبع عن صبع ربيل‬
‫العادة تواطؤىم على الكذب‪.‬‬
‫ولكن وقع اػببلؼ يف بعض روايات اآلحاد‪ ،‬وىذا أمر طبيعي إذ هبوز عقبلً‬
‫االختبلؼ يف توثيق فبلف أو ذبروبو‪ ،‬وىو ال ينقض من أصوؿ الشريعة وال من‬
‫فروعها شيئاً‪.‬‬
‫واعلم أف القرآف كلو متواتر من شك يف شيء منو كفر‪ ،‬والسنة العملية‬
‫اؼبشتملة على أحكاـ الصبلة والصياـ والزكاة واغبج والعقائد كلها متواترة‪ ،‬وشبة‬
‫قريب من مائيت حديث لفظي بلغ رتبة التواتر‪ ،‬وقد فصل اإلماـ السيوطي‬
‫ذلك يف كتابو الآلىلء اؼبتناثرة يف األحاديث اؼبتواترة‪ .‬وفيو تساىل بَػ ُِّت‪.‬‬
‫ِ‬
‫بالحديث‬ ‫ِ‬
‫كالجهل‬ ‫مصطلحاً‬ ‫ِ‬
‫الحديث‬ ‫الخبلؼ في‬
‫ُ‬ ‫‪ -113‬وبع َدهُ‬
‫ِ‬
‫الواحد‬ ‫شروط ِ‬
‫نقل‬ ‫ِ‬ ‫كـاؾ في‬
‫َ‬ ‫الثبوت عند ِ‬
‫واحد‬ ‫ِ‬ ‫‪ -114‬وعدـ‬
‫السنَ ْد‬
‫كـاؾ نسيا ُف َّ‬
‫بضعفو َ‬‫ِ‬ ‫السنَ ْد‬
‫من َّ‬ ‫ٍ‬
‫علموُ بواحد َ‬
‫‪ -115‬أو ُ‬
‫والتباع ِد‬ ‫ِ‬
‫اإليجاب‬ ‫ِ‬
‫كضابط‬ ‫ِ‬
‫القواعد‬ ‫الخبلؼ في‬
‫ُ‬ ‫‪ -116‬ثَالثُها‬
‫ُ‬
‫والخاص ِمن األ ِ‬ ‫ِ‬ ‫والخلف في ِ‬
‫َلفاظ‬ ‫ِ ْ‬ ‫والعاـ‬ ‫داللة األلفاظ‬ ‫ُ‬ ‫‪-117‬‬

‫‪113‬و‪114‬و‪ -115‬ثاين تلك األسباب‪ :‬االختبلؼ يف مصللح اغبديث‪ ،‬إذ أف‬


‫مصللح اغبديث علم ؿبدث‪ ،‬تفاوتت يف تقريره‪ ،‬قرائح األئمة‪ ،‬وذكر الناظم‬
‫من ذلك ثبلثة أمثلة‪:‬‬
‫األوؿ‪ :‬اعبهل باغبديث‪ ،‬فقد يبلغ اغبديث بعض الرواة‪ ،‬وال يبلغ البعض‬
‫اآلخر فينشأ من ذلك اختبلؼ يف نتيجة االستدالؿ‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬عدـ الثبوت عند أحد األئمة‪ ،‬وىنا يبلغو اغبديث‪ ،‬ولكنو ال يتحقق‬
‫من ثبوتو النقلاع يف اإلسناد‪ ،‬أو علة يف الرواية‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬شروط نقل اآلحاد‪ ،‬فقد كاف لؤلئمة مناىج ـبتلفة يف إثبات االتصاؿ‬
‫واؼبعاصرة واللقيا‪ ،‬وقد ترتب على ذلك أيضا تفاوت يف نتيجة‬
‫االستدالؿ‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬علمو بعلة يف اإلسناد‪ :‬فقد يثبت لو االتصاؿ واؼبعاصرة‪ ،‬ولكنو يعلم‬
‫جرحاً يف أحد الرواة مل يللع عليو غَته‪ ،‬واؼبرء مأمور بأف يلتزـ ما أدى‬
‫إليو عيانو يف الرجاؿ ولو خالفو اجتماع الثقات‪.‬‬
‫‪116‬و‪ -117‬ثالث تلك األسباب ىو االختبلؼ يف القواعد األصولية‪،‬‬
‫كاختبلفهم يف داللة األلفاظ على األحكاـ‪ ،‬واختبلفهم يف مشوؿ األلفاظ‬
‫وعدمو واختبلفهم يف داللة العاـ على كافة أفراده‪ ،‬وسيأيت تفصيل ىذه‬
‫اؼبسائل يف مواضعها‪.‬‬
‫يح‬ ‫ِ‬
‫والتخصيص والتَّصر ِ‬ ‫والنسخ‬ ‫جيح‬
‫َّر ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫والخلف في قواعد التػ ْ‬
‫ُ‬ ‫‪-118‬‬
‫الدرايَ ْة‬ ‫ِ‬
‫الحديث في ِّ‬ ‫ومرسل‬
‫ُ‬ ‫شـ ِم َن ِّ‬
‫الروايَ ْة‬ ‫كـاؾ ما َّ‬
‫‪َ -119‬‬

‫‪ -118‬وكذلك اختبلفهم يف قواعد التعارض والًتجيح‪ ،‬فقد يتوىم اؼبرء وجود‬


‫تعارض بُت بعض النصوص‪ ،‬وقد تتعارض النصوص الظنية فعبلً‪ ،‬فبل بد ىنا‬
‫من الًتجيح‪ ،‬والًتجيح ىنا يكوف بإعماؿ أحد النصُت‪ ،‬كما يكوف‬
‫بإعماؽبما معاً كل يف مناطو‪ ،‬وىذه اؼبسائل ال تتفق عليها مناىج العلماء‪،‬‬
‫ويؤدي ذلك إىل اختبلؼ االجتهاد‪ .‬وكذلك اختبلفهم يف قواعد النسخ‪،‬‬
‫وإعماؿ اؼبنسوخ‪ ،‬وزبصيص العاـ وتقييد اؼبللق‪.‬‬
‫‪ -119‬ومن أسباب اختبلؼ الفقهاء‪ ،‬اختبلفهم يف االحتجاج بالرواية الشاذة من‬
‫القرآف الكرًن‪ ،‬فقد كاف بعض الصحابة يكتب يف مصحفو كلمات على‬
‫سبيل التفسَت والبياف‪ ،‬فرواىا الناس عنو على أهنا قراءة‪ ،‬مثاؿ ذلك زيادة‬
‫ابن مسعود كلمة متتابعات‪ ،‬عقب قولو تعاىل‪ :‬فصياـ ثبلثة أياـ يف سورة‬
‫اؼبائدة‪ .‬ومع اتفاقهم على أف القراءة الشاذة ليست قرآناً غَت أهنم اختلفوا يف‬
‫االحتجاج هبا‪ .‬فاختيار أيب حنيفة وأضبد وجوب العمل هبا واختيار اعبمهور‬
‫أهنا من باب قوؿ الصحايب يستأنس بو وال هبب العمل بو‪.‬‬
‫وأما اغبديث اؼبرسل فهو ما رفعو التابعي مباشرة إىل رسوؿ اهلل ‪ ،‬فهو‬
‫على قاعدة الرواية حديث منقلع‪ ،‬ولكن ؼبا كاف الساقط من الرواية ىو‬
‫الصحايب والصحابة كلهم عدوؿ‪ ،‬كاف ذلك الساقط ثقة ال يضر اعبهل‬
‫باظبو‪ ،‬ولكن ذلك اختيار اغبنفية واؼبالكية وبعض الشافعية‪ ،‬فيما يرى اإلماـ‬
‫الشافعي أف اؼبرسل ليس حبجة وىو يف عداد اغبديث الضعيف‪.‬‬
‫بَػيَّنتُها ف ُك ْن بِ َها نَبيها‬ ‫جيه ْة‬ ‫‪ -120‬فخل ُفهم ٍ‬
‫لعلل َو َ‬

‫‪ -120‬وأصبل القوؿ فأشار أف اػببلؼ كاف لو أسبابو اؼبوضوعية اؼبقنعة‪ ،‬وعلى‬


‫طالب العلم أف يتنبو إليها لَتفع غاشية سوء الظن عن السلف الصاحل‪.‬‬
‫يماصد انشزيعح‬

‫ِ‬
‫والمباى ُج‬ ‫الغايات‬ ‫كـلـ‬ ‫ىي النتائِ ُج‬ ‫‪ِ -121‬‬
‫مقاص ُد َّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الش ْر ِع َ‬
‫الفروع الظَّ ِ‬
‫اى َرْة‬ ‫وأَثبتَْتها في‬ ‫َّرْة‬
‫ِ‬ ‫ت بها الشريعةُ المطَه َ‬ ‫‪ -122‬أَتَ ْ‬
‫بكل أم ِرىا ونهيها‬ ‫دوماً ِّ‬ ‫ِ‬
‫تحقيقها‬ ‫ت إلى‬ ‫‪ِ -123‬‬
‫وى َي التَّي َس َع ْ‬
‫الرشاد‬‫ُدنيا وأخرى بهد ِى َّ‬ ‫فحققت مصالح ِ‬
‫العباد‬ ‫ْ‬ ‫‪-124‬‬
‫َ‬
‫كم َعلَّلَ ْ‬ ‫ُّصوص الو ِ‬
‫ِّح ْة‬
‫ت موض َ‬ ‫ت وبَػيَّػنَ ْ‬ ‫اض َح ْة‬ ‫‪ 125‬أَال ترى إلى الن ِ َ‬
‫ِ‬
‫والتهـيب‬ ‫الخلق والتشري ِع‬ ‫في ِ‬ ‫لعاقل ِ‬
‫لبيب‬ ‫وظاىر ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫‪126‬‬
‫شرعنا معلَّبل‬ ‫وجاء ج ُّل ِ‬ ‫الرحمن شيئاً باطبلً‬ ‫‪ 127‬لم ِ‬
‫يخلق‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫‪121‬و‪122‬و‪ -123‬مقاصد الشريعة يف اصلبلح العلماء ىي الغايات و‬
‫األىداؼ والنتائج واؼبعاين اليت أتت هبا الشريعة وأثبتتها يف‬
‫األحكاـ وسعت إىل ربقيقها وإهبادىا والوصوؿ إليها يف كل‬
‫زماف ومكاف‪.‬‬
‫‪ -124‬جاء الدين ػبدمة اإلنساف وسعادتو واهلل غٍت عن العاؼبُت‪ ،‬ويف اغبديث‬
‫القدسي‪« :‬يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروين‪ ،‬ولن تبلغوا نفعي‬
‫فتنفعوين» رواه مسلم عن أيب ذر‪ ،‬ويف التنزيل العزيز‪ ِٓ { :‬ػًّ طبٌذب‬
‫ٌٍؼج‪١‬ذ‬ ‫ثظسَ‬
‫فصلت ‪-46-‬‬ ‫فٍٕفغٗ ‪ ِٓٚ‬أعبء فؼٍ‪ٙ١‬ب ‪ِٚ‬ب سثه }‬
‫‪125‬و‪126‬و‪ -127‬أراد الناظم التوكيد على تنزيو اؼبوىل سبحانو وتعاىل عن‬
‫العبث يف التشريع‪ ،‬فما من حكم إال ولو حكمة‪ ،‬علم ذلك‬
‫من علم وجهل ذلك من جهل‪ ،‬ولذلك كانت أكثر‬
‫األحكاـ تأيت معللة مبيَّنة يف الكتاب والسنة‪.‬‬
‫منيعة‬ ‫ٍ‬ ‫‪ -128‬ومن وعى ِ‬
‫فعلُموُ كقلعة َ‬ ‫مقاص َد الشريعة‬ ‫َْ‬
‫حكم ِو وال َف ْر ِع‬
‫كـا إطار ِ‬
‫َ‬ ‫الب ِس َّر ال َش ْر ِع‬
‫‪ -129‬فيد ِر ُؾ الطَّ ُ‬
‫الموازنة‬
‫َ‬ ‫دليلُوُ المفي ُد في‬ ‫اسة المقا ِرنَة‬‫الدر ِ‬
‫‪ -130‬وىو في ِ‬
‫وذاؾ شأ ُف المصلحيَن ال ُك َّم ِل‬ ‫َ‬ ‫وىدؼ الدَّعوةِ فِيها يَػ ْنجلِي‬
‫ُ‬ ‫‪-131‬‬
‫ُجمبل‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫األحكاـ مما أ ْ‬ ‫معرفة‬ ‫العلما بها على‬ ‫ويستنير ُ‬
‫ُ‬ ‫‪-132‬‬
‫الح َك ْم‬
‫قبل ُ‬ ‫ُّصوص َ‬ ‫لغامض الن ِ‬‫ِ‬ ‫‪ -133‬ويستعينو َف بها في ال َف ْه ِم‬

‫‪128‬و‪ -129‬شرع الناظم يذكر الفائدة من معرفة مقاصد الشريعة فعدَّد منها‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬إدراؾ حكمة الشريعة فيما جاءت بو من أحكاـ‪ ،‬وذلك يلقي اليقُت‬
‫يف نفس طالب العلم ويزيده ارتباطاً بالشريعة ودعوة إليها‪ ،‬وفهماً عنها‬
‫ِ‬
‫لغايات الشريعة اؼبلهرة أصوالً‬ ‫وحرصاً عليها‪ ،‬ويكسبو تصوراً شامبلً‬
‫وفروعاً وإطاراً ومناطاً‪.‬‬
‫‪130‬و‪ -131‬ثانياً‪ :‬وبناء على معرفة مقاصد الشريعة يبكن الًتجيح واؼبقارنة بُت‬
‫االجتهادات اؼبختلفة للفقهاء‪ ،‬فما كاف منها أكثر ربقيقاً ؼبصاحل الناس‬
‫ومنافعهم كاف أقرب إىل القبوؿ‪ ،‬وأدىن إىل اغبق‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬وتبُت اؼبقاصد أيضا أىداؼ الشريعة السامية يف سائر األحكاـ‪ ،‬وىذا‬
‫منهج اؼبصلحُت الكاملُت يف دعوهتم وإرشادىم‪.‬‬
‫قوي يف تفسَت األدلة وربديد‬ ‫‪132‬و‪133‬ػ رابعاً‪ :‬إف معرفةَ مقاصد الشريعة ٌ‬
‫دليل ٌّ‬
‫معاين اجململ منها‪.‬‬
‫األصويل يف بياف تفصيل غامض النص قبل‬ ‫َّ‬ ‫خامساً‪:‬كذلك فإهنا تعُت‬
‫استنباط اغبكم منو‪.‬‬
‫ض ُمونَا‬ ‫مدلولَها في اللَّ ْفظ َ‬
‫والم ْ‬ ‫‪ -134‬وأَنَّػ ُه ْم بها يُحد ُ‬
‫ِّدونَا‬
‫وص‬
‫ص ُ‬ ‫بهديها تَستَػ ْنبَط ال ُف ُ‬ ‫وص‬
‫ص ُ‬ ‫‪ -135‬وحينَما تفتَػ َق ُد النُ ُ‬
‫حيح‬
‫الص ِ‬ ‫بها يرجحو َف في َّ‬ ‫للترجيح‬
‫ِ‬ ‫نحتاج‬
‫ُ‬ ‫‪ -136‬وحينَما‬
‫المقاؿ ِ‬
‫الواض ِح‬ ‫ِ‬ ‫ثبلثةٌ على‬ ‫الح‬
‫ص ِ‬ ‫ِ‬
‫الم َ‬
‫بحسب َ‬ ‫تقسيمها‬
‫ُ‬ ‫‪-137‬‬
‫ٍ‬
‫لخمسة أموِر‬ ‫ت‬
‫ونػُ ِّو َع ْ‬ ‫ضروري‬ ‫سم َي ال َ‬‫‪ -138‬أ ََولُها ما ِّ‬
‫وع ْقلِ ِهم وعرض ِهم ومالِ ِه ْم‬ ‫َ‬ ‫‪ -139‬فحفظُوُ لدين ِهم ونفس ِه ْم‬

‫‪134‬ػ سادساً‪ :‬ومن خبلؿ اؼبقاصد يبكن ربديد مدلوؿ النصوص الشرعية لفظاً‬
‫ومضموناً‪.‬‬
‫‪135‬ػ سابعاً‪ :‬وكذلك يبكن تشريع األحكاـ اليت سكت عن بياهنا الشارع اغبكيم‪،‬‬
‫على ىدي اؼبقاصد العامة‪ ،‬والفصوص‪ :‬حقائق األشياء‪ ،‬واؼبراد ىنا حقيقة‬
‫األحكاـ‪.‬‬
‫‪136‬ػ ثامناً‪ :‬وكذلك فإف مقاصد الشريعة مرجح قوي لدى التنازع يف حكم من‬
‫أحكاـ الشريعة‪.‬‬
‫‪137‬ػ‪138‬ػ‪139‬ػ شرع يذكر تقسيم اؼبصاحل الشرعية‪ ،‬فأشار إىل أهنا تنقسم ثبلثة‬
‫أقساـ‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬اؼبصاحل الضرورية‪ :‬وىي اليت تقوـ عليها حياة الناس الدينية والدنيوية‪،‬‬
‫وال يبكن أف تستقر اغبياة بفقد واحد منها‪ ،‬وىي تنحصر يف حفظ طبسة‬
‫أشياء‪ :‬الدين والنفس‪ ،‬والعقل‪ ،‬والعرض‪ ،‬واؼباؿ‪.‬‬
‫قاؿ اإلماـ الغزايل‪ :‬فكل ما يتضمن حفظ ىذه األصوؿ اػبمسة فهو‬
‫مصلحة‪ ،‬وكل ما يفوت ىذه األصوؿ فهو مفسدة‪ ،‬ودفعها مصلحة‪.‬‬
‫شق ٍة َح ِريَّة‬
‫بدفْ ِع ُك ِّل َّ‬ ‫‪ -140‬وبع َدهُ المصالح ِ‬
‫الحاجيَّ ْة‬ ‫ُ‬
‫الكماؿ ألُولي التبيي ِن‬ ‫ُ‬ ‫وىي‬ ‫ِ‬
‫سم َي التحسيني‬ ‫‪ -141‬ثالثُها ما ِّ‬
‫َ‬
‫ظ وال ِوقايَ ْة‬ ‫يجادىا والحف ُ‬ ‫إِ ُ‬ ‫الرعايَة‬ ‫ومنهج التَّ ْشري ِع في ِّ‬
‫ُ‬ ‫‪-142‬‬
‫اد فيها رابعاً تماماً‬ ‫وز َ‬ ‫ْس ْاما‬ ‫فح ِف َ‬
‫ظ الثبلثَة األَق َ‬ ‫‪َ -143‬‬
‫كي ال يكو َف حفظُو اعتباطاً‬ ‫مكمبل محتاطاً‬ ‫‪ -144‬أتى ِبو َّ‬

‫‪140‬ػ ثانياً‪ :‬اؼبصاحل اغباجيَّةَ‪ :‬وىي اليت وبتاجها الناس لتأمُت معاشهم بيسر‬
‫وسهولة‪ ،‬وحيث مل تتحقق واحدة منها أصاب الناس مشقة وعسر وىو ما‬
‫عرب عنو الناظم بقولو‪( :‬حرية بدفع كل مشقة) أي الزمة لدفع اؼبشاؽ‪.‬‬
‫‪ -141‬ثالثاً‪ :‬اؼبصاحل التحسينية‪ ،‬وىي األمور اليت يقتضيها األدب واؼبروءة‪ ،‬وال‬
‫يصيب الناس بفقدىا حرج وال مشقة‪ ،‬ولكن الكماؿ والفلرة هبداف فقدىا‪.‬‬
‫‪ -142‬وىكذا فإف منهج الشريعة السمحة لرعاية ىذه اؼبصاحل يتلخص يف خلوتُت‬
‫اثنتُت‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬إهباد ىذه اؼبصاحل عن طريق النصوص اليت أمرت هبا‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬حفظها عن طريق تشريع موجبات التزاـ الناس هبا‪ ،‬وعدـ اإلساءة‬
‫إليها‪.‬‬
‫‪143‬و‪ -144‬وىكذا فقد حفظ أقساـ اؼبصاحل الثبلثة‪ ،‬وزاد اؼبصاحل التكميلية‬
‫وىي اليت يتم هبا ربقيق اؼبصاحل الثبلثة على أحسن وجو‪ ،‬كاألذاف للصبلة‬
‫بقصد حفظ الدين‪ ،‬والقصاص بقصد حفظ األنفس‪ ،‬ومنع النظر بقصد‬
‫حفظ األعراض وربرًن اػبمر بقصد حفظ العقل‪ ،‬واغبجر على السفيو‬
‫بقصد حفظ اؼباؿ‪.‬‬
‫كالحاجي والـي تَبل‬
‫ِّ‬ ‫ِسواهُ‬ ‫دـ على‬
‫مق ٌ‬ ‫وري َّ‬
‫َّر ُّ‬
‫‪ -145‬ثُ َّم الض ُ‬
‫خص ِم َن األ ِ‬
‫َناـ‬ ‫على الـي َّ‬ ‫عم في األ ِ‬
‫َحكاـ‬ ‫َّموا ما َّ‬
‫‪ -146‬وقَد ُ‬
‫حاجة عظمى ِ‬
‫ومن خطيرة‬ ‫من ٍ ُ‬ ‫ذو ْي الضػرورة‬‫‪ -147‬ورتَّػبُوا أيضاً َ‬
‫س على التَوالي‬ ‫ِّـ الدين على األ ِ‬
‫وىكـا النَػ ْف ُ‬ ‫َمواؿ‬ ‫‪ -148‬فَػ ُقد َ ُ‬

‫‪ -145‬هبب تقدًن اؼبصاحل الضرورية على اغباجية عند التعارض وكذلك اغباجية‬
‫على التحسينية‪.‬‬
‫فسًت العورة واجب ولكن أبيح كشفها لللبيب حفظاً للنفس‪ ،‬ألف حفظ‬
‫النفس من اؼبصاحل الضرورية‪ ،‬وسًت العورة من اؼبصاحل التحسينية‪.‬‬
‫‪ -146‬أيضاً تُقدـ اؼبصلحة العامة على اؼبصلحة اػباصة‪ ،‬فالقصاص قتل للنفس‬
‫ولكن فيو حفظ ألنفس الناس‪ ،‬إذ أف ترؾ القاتل ببل عقاب فيو ترويع‬
‫لؤلبرياء وىو مظنة قتل أبرياء آخرين‪.‬‬
‫‪147‬و‪ -148‬أفاد الناظم بأف اؼبصاحل مرتبة أيضاً داخل التقسيم الواحد‪ ،‬فحفظ‬
‫الدين مقدـ على حفظ النفس‪ ،‬وحفظ النفس مقدَّـ على حفظ اؼباؿ‬
‫وىكذا وفق ترتيب األبيات السابقة‪ .‬فشرع اعبهاد بالنفس للحفاظ‬
‫على الدين‪ ،‬وشرع بذؿ اؼباؿ للتداوي حفاظاً على النفس‪ ،‬وىكذا‬
‫دواليك‪.‬‬

‫‪‬‬
‫‪‬‬

‫الباب األول‬
‫هصادر التشر يع‬
‫اإلسالهي‬
‫انفصم األول‪ :‬انًصادر انًتفك عهيها‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫انًثذث األول‪ :‬انكتاب انكزيى‬
‫كتاب ربِّي ِ‬
‫المعج ُز البيا ُف‬ ‫وأو ُؿ المصاد ِر ال ُقرآ ُف‬
‫‪َّ -149‬‬
‫ُ‬
‫ولفظَوُ وخطُّوُ َ‬
‫بالعربي‬ ‫العربي‬
‫َّبي َ‬ ‫‪ -150‬منزالً على الن ِّ‬
‫الصبلةِ ُم ْنتَفي‬
‫وما ِسواهُ في َّ‬ ‫ِ‬
‫بالمصاحف‬ ‫كتب‬
‫‪ -151‬تواتراً‪َ ..‬‬
‫والخلف قاـ في ِ‬
‫ثبوت البَ ْس َملَة‬ ‫َص ِح التَػ ْر َج َمة‬
‫ُ َ‬ ‫تجوز في األ َ‬‫‪ -152‬وال ُ‬

‫‪149‬و‪150‬و‪ -151‬أورد الناظم تعريف اعبمهور للكتاب العزيز القرآف الكرًن‪،‬‬


‫وىو أوؿ مصادر التشريع‪ ،‬ال هبهلو أحد‪ ،‬وال ىبتلف عليو أحد‪ ،‬ولكنو‬
‫أورده على اصلبلح األصوليُت‪ ،‬وىاكو كما أورده الغزايل يف اؼبستصفى‪،‬‬
‫القرآف الكرًن‪ :‬ىو كبلـ اهلل اؼبعجز‪ ،‬اؼبنزؿ على سيدنا ؿبمد ‪ ،‬باللفظ‬
‫العريب‪ ،‬اؼبنقوؿ إلينا بالتواتر‪ ،‬اؼبكتوب باؼبصاحف‪ ،‬اؼبتعبد بتبلوتو‪ ،‬اؼببدوء‬
‫بسورة الفاربة اؼبختوـ بسورة الناس‪.‬‬
‫وقوؿ الناظم‪ ( :‬البياف) زيادة إيضاح يف التعريف وىو اسم من أظباء القرآف‬
‫الكرًن‪ ،‬قاؿ اهلل عز وجل‪٘ { :‬زا ث‪١‬بْ ٌٍٕبط ‪٘ٚ‬ذ‪ٚ ٜ‬سدّخ‬
‫ٌٍّزم‪ٓ١‬ولو ( وما سواه في الصبلة منتفي ) إشارة إىل‬
‫}‪ ،‬وق‬ ‫‪ِٛٚ‬ػظخ‬
‫قوؽبم‪ :‬اؼبتعبد بتبلوتو‪.‬‬
‫‪ -152‬وال تص ُّػح ترجػمػة ألفػاظ القػرآف الكرًن‪ ،‬وقد أذف الفقهػاء بتػرجػمػة معػاين‬
‫القػرآف‪ ،‬وعػلى كل حػاؿ فبل يسمى النص اؼبًتجم قرآناً حباؿ‪ ،‬لقولو تعاىل‪:‬‬
‫ِج‪ٓ١‬يصح أف تستنبط منو األحكاـ =‬ ‫{ثٍغبْ ػشث‪ ،} ٟ‬وال‬
‫مشهورهُ فبل تُػ َع ْد‬
‫َ‬ ‫آحادهُ‬
‫ُ‬ ‫السنَ ْد‬
‫كل َما لم يتواتَر في َّ‬
‫‪ -153‬و ُّ‬
‫أولُّها أ ْف َ‬
‫يوج َد التَحدِّي‬ ‫ط في اإلعجا ِز ما سأبدي‬ ‫‪ -154‬والشر ُ‬
‫ثالثُها أ ْف تنتفي الموانِ ُع‬ ‫والثاف أ ْف تُػ َهيأ الدوافِ ُع‬
‫‪ِ -155‬‬

‫وأشار الناظم إىل اػببلؼ يف البسملة‪ ،‬وىل ىي آية من القرآف الكرًن‪ ،‬وال‬ ‫=‬
‫خبلؼ أف البسملة بعض آية من القرآف الكرًن‪ ،‬وردت يف سورة النمل يف‬
‫قولو سبحانو وتعاىل‪{ :‬ئٔٗ ِٓ عٍ‪ّ١‬بْ ‪ٚ‬ئٔٗ ثغُ هللا اٌشدّٓ‬
‫اٌشد‪ُ١‬‬
‫}‬
‫واؼبسألة على ثبلثة أقواؿ‪:‬‬
‫األوؿ‪ :‬البسملة آية يف كل سورة إال سورة براءة‪ ،‬وىو قوؿ الشافعي أي ىي‬
‫(‪ )113‬آية‪ ،‬تضاؼ إليها آية النمل‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬البسملة ليست بآية يف أوائل السور مللقاً وىو قوؿ اؼبالكية‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬البسملة آية واحدة مث وضعت يف أوائل السور صبيعاً تربكاً‪.‬‬
‫‪ -153‬أشار الناظم بذلك إىل أف القراءات اليت مل تنقل بالتواتر ال تسمى قرآناً‪،‬‬
‫وبذلك زبرج القراءات الشاذة واآلحادية واؼبشهورة‪ .‬فليست قرآناً وال يتعبد‬
‫هبا‪ ،‬وال تصح هبا الصبلة‪.‬‬
‫‪154‬و‪ -155‬ذكر الناظم شروط اإلعجاز وىي ثبلثة‪:‬‬
‫األوؿ‪ :‬وجود التحدي‪ ،‬أي بأف يدعى اؼبعارضوف إىل اإلتياف دبثلو‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬أف هتيأ الدوافع لدى اؼبعارضُت لقبوؿ اؼبنازلة‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أف تنتقي اؼبوانع اليت ربوؿ دوف قيامهم بالتحدي‪.‬‬
‫وىذه الشرائط الثبلثة توفرت يف اإلعجاز القرآين‪ ،‬فقد ربداىم أف يأتوا دبثلو‪،‬‬
‫فبل مسوغ لقوؽبم لو شئنا لقلنا مثل ىذا‪ ،‬ووجد الدافع لدى اػبصوـ‬
‫للمعارضة ألهنم كانوا حريصُت على تكذيبو‪ ،‬وانتقى اؼبانع عنهم ألنو‬
‫ربداىم بلغتهم وكبلمهم‪.‬‬
‫ومعاف ِ‬
‫فيو‬ ‫ٍ‬ ‫نظاـ ٍ‬
‫لفظ‬ ‫‪ -156‬وىـهِ بعض الوجوهِ ِ‬
‫فيو‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫والفصيح‬
‫ْ‬ ‫وأثر اللَّ ْف ِظ البلي ِغ‬
‫ُ‬ ‫الصحيح‬
‫ْ‬
‫‪ -157‬ثُ َّم انطباقُوُ على ِ‬
‫العل ِْم‬
‫وم ْن َجلي‬
‫واضح ُ‬
‫ٌ‬ ‫ذاؾ‬
‫كل َ‬ ‫و ُّ‬ ‫ِ‬
‫بالمستقبل‬ ‫كـلـ ا ِإل ُ‬
‫خبار‬ ‫َ‬ ‫‪-158‬‬
‫عمليةٌ خلقيةٌ ثُ َّم اعتقا ْد‬ ‫أحكامو ثبلثَةٌ لِ َم ْن أَرا ْد‬
‫ُ‬ ‫‪-159‬‬
‫ومنوُ ما أبا َف ِم ْنوُ مجمبلً‬ ‫‪ -160‬فَ ِم ْنوُ ما أبانَوُ مفصبلً‬

‫‪ -158-157-156‬شرع يعدد بعض وجوه اإلعجاز القرآين فذكر منها‪:‬‬

‫‪ -1‬اتساؽ ألفاظو وعباراتو ومعانيو وأحكامو ونظرياتو‪.‬‬

‫‪ -2‬انلباؽ آيات القرآف الكرًن على ما يكشفو العلم الصحيح‪.‬‬

‫‪ -3‬فصاحة ألفاظو وببلغة عباراتو وقوة تأثَته‪.‬‬

‫‪ -4‬إخباره بوقائع ال يعلمها إال عبلـ الغيوب‪.‬‬

‫وقد أفاض أستاذنا الزحيلي يف إيراد األمثلة على ربقق ىذه الوجو‪ ،‬فبل داعي‬
‫لتفصيل القوؿ فيها‪.‬‬

‫‪ -159‬يبكن تصنيف األحكاـ اليت تضمنها القرآف الكرًن إىل ثبلثة أقساـ‪:‬‬

‫أحكاـ اعتقادية‪ ،‬وأحكاـ أخبلقية‪ ،‬وأحكاـ عملية شرعية‪ ،‬وىي تشتمل‬


‫على العبادات واؼبعامبلت واألنكحة واغبدود واعبهاد‪.‬‬

‫‪ -160‬وقد جاءت األحكاـ يف القرآف الكرًن مفصلة يف مواضع وؾبملة يف مواضع‪.‬‬


‫ت ماعدا‬ ‫ِ‬
‫والمجمبلت وأَحالَ ْ‬ ‫ت آياتُوُ العقػائِدا‬ ‫واستوعبَ ْ‬
‫َ‬ ‫‪-161‬‬
‫ضوُ داللةٌ ظَنػِّيَة‬
‫وبع ُ‬ ‫ضوُ داللَةٌ قَط ِْعيَّ ْة‬‫‪ -162‬وبع ُ‬
‫ِ‬
‫والحبلؿ والحر ِاـ‬ ‫ِ‬
‫والندب‬ ‫األسلوب في ا ِإللز ِاـ‬
‫ُ‬ ‫واختلف‬
‫َ‬ ‫‪-163‬‬

‫‪ -161‬بُت الناظم أف القرآف الكرًن يشتمل على صبيع العقائد‪ ،‬ويشتمل على صبيع‬
‫األحكاـ على سبيل اإلصباؿ فيما ترؾ تفصيل األحكاـ اجململة لتقوـ السنة‬
‫اؼبشرفة ببيانو‪.‬‬
‫قلعي الثبوت‪ ،‬أي ال شك يف نسبتو إىل اهلل عز‬‫‪162‬و‪ -163‬القرآف الكرًن كلو ُّ‬
‫وجل ولكنو ليس قلعي الداللة على سائر األحكاـ‪ ،‬فمنو قلعي الداللة‬
‫ومنو ظٍت الداللة‪ ،‬مثاؿ ذلك قولو عز وجل { أ‪ ٚ‬الِغزُ إٌغبء فٍُ‬
‫النساء ‪ ،-43-‬فاآلية تدؿ على أف مبلمسة اؼبرأة‬ ‫فز‪ّّٛ١‬ا‬
‫}‬ ‫رجذ‪ٚ‬ا ِبء‬
‫تنقض الوضوء‪ ،‬ولكن ما ىي اؼببلمسة اؼبقصودة؟ ىل ىي ؿبض اللمس؟‪،‬‬
‫أـ ىي اعبماع؟‪ ،‬أـ ىي اؼببلمسة بشهوة؟ ثبلثة أقواؿ‪ ،‬لكل منها قرائن‬
‫يستدؿ هبا القائلوف بذلك‪ ،‬واآلية ظنية الداللة على كل قوؿ‪ .‬وللقرآف‬
‫الكرًن‪ :‬أساليب ـبتلفة يف األمر والنهي والندب والكراىة واإلباحة نبينها‬
‫فيما بعد إف شاء اهلل‪.‬‬
‫انًثذث انثاَي‪ :‬انسُح‬

‫سادة‬
‫قوـ كر ٌاـ َ‬
‫قَ ْد حدَّىا ٌ‬ ‫المعتاد ْة‬
‫َ‬ ‫والسنَةُ الطري َقةُ‬
‫‪ُ -164‬‬
‫َّبي‬ ‫‪ِ -165‬‬
‫قوالً وفعبلً‪ ..‬ثم تقر ُير الن ْ‬ ‫َّبي‬
‫أضيف للن ْ‬
‫َ‬ ‫وى َي اصطبلحاً ما‬
‫ِ‬
‫كالسبلـ‬ ‫والفعل ما رأَوهُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الكبلـ‬ ‫جاء ِم َن‬
‫فالقوؿ ما َ‬‫ُ‬ ‫‪-166‬‬
‫ِم ْن فعلهم فما أَبَى وال نَأى‬
‫ِ‬ ‫‪ -167‬وبع َدهُ التَّقر ُير وىو ما َرأَى‬
‫ِ‬
‫الحديث َمالوا‬ ‫أىل‬
‫ضى ُ‬ ‫لِ َما َم َ‬ ‫األقواؿ‬
‫ُ‬ ‫ت في السن َِّة‬
‫‪ -168‬واختل َف ْ‬
‫اب‬ ‫ٍ ِ‬
‫بها‪ ..‬وما لتارؾ ع َق ُ‬ ‫يثاب‬
‫ولؤلصوليين ما ُ‬
‫َ‬ ‫‪-169‬‬

‫‪ -164‬السنة لغة‪ :‬اللريقة والعادة‪ ،‬وىكذا عرفها النحاة‪.‬‬

‫‪ -165‬والسنة يف اصلبلح احمل ّدثُت‪ :‬ىي ما أضيف للنيب ‪ ‬من قوؿ أو فعل أو‬
‫وصف أو تقرير‪.‬‬

‫‪ -166‬ويراد بالقوؿ‪ :‬كبلـ النيب ‪ ‬اؼبرفوع إليو بإسناد‪ ،‬ويراد بالفعل ما أخرب بو‬
‫‪ ،‬ومثل الناظم بالسبلـ‬ ‫الصحابة الكراـ أو التابعوف من أحواؿ النيب‬
‫ليعرب عن السنة الفعلية‪.‬‬

‫‪ -167‬أما التقرير‪ :‬فهو ما رآه ‪ ‬من أحواؿ الصحابة فلم ينكره ومل يأمر بو‪.‬‬

‫‪ -168‬وتعددت مناىج العلماء يف تعريف السنّة‪ ،‬والتعر ُ‬


‫يف السابق ىو تعريف‬
‫احملدثُت‪.‬‬
‫يثاب فاعلو وال يعاقب تاركو‪.‬‬ ‫‪ -169‬أما تعريف األصوليُت فهو‪ُّ :‬‬
‫السنة‪ :‬ما ُ‬
‫بعثة ِ‬
‫ومنَّة‬ ‫ما كا َف قبل ٍ‬ ‫السنَّ ْة‬
‫‪ -170‬وأربَ ٌع لم تُعتَ ْبرفي ُّ‬
‫َ‬
‫كطبِّو في ِ‬
‫العلَّة‬ ‫وما استقى‪ِ ..‬‬ ‫ػاف ما أتى على ِ‬
‫الجبِلَّة‬ ‫‪ -171‬والثػ ِ‬
‫َ‬
‫الزو ِ‬
‫جات‬ ‫ِِ ِ ِ‬ ‫بالـ ِ‬‫خصوُ َّ‬
‫من حالو كعدد َّ ْ‬ ‫ات‬ ‫ابعها ما َّ‬ ‫‪ -172‬ر ُ‬

‫‪170‬و‪171‬و‪ -172‬ذكر الناظم أربعةَ مسائل ال يعدُّىا األصوليوف من السنة‪:‬‬


‫األوىل‪ :‬ما كاف قبل بعثة النيب ‪ ‬ألنو ال تشريع فيو‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬أفعاؿ النيب ‪ ‬اعببلية اليت مل يقم دليل على اعتبار مشروعيتها‪،‬‬
‫لكن قالوا‪ :‬نعم يثاب من قلده ‪ ‬يف ذلك غببو وإخبلصو‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬ما صدر عن رسوؿ اهلل ‪ ‬دبقتضى ما حصلو من اػبربة البشرية يف‬
‫حياتو اػباصة‪.‬‬
‫التأسي هبا‬
‫الرابعة‪ :‬مسائل ـبصوصة بو ‪ ،‬قاـ الدليل على أنو ال هبوز ِّ‬
‫كالزواج بأكثر من أربع‪ ،‬والوصاؿ يف الصياـ‪.‬‬
‫دجيح انسُح يٍ انمزآٌ‬

‫ِ‬
‫فاعرؼ‬ ‫دليل ٍ‬
‫ودليل‬ ‫ألف ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ت حجيةُ السن َِّة في‬ ‫‪ -173‬وثَػبَتَ ْ‬
‫َّحل للنَّبِ ِّي بالبػي ِ‬
‫اف‬ ‫في الن ْ‬ ‫ِ‬
‫القرآف‬ ‫‪ -174‬أ ََّولُها إشارةُ‬
‫ََ‬
‫الر ُس ْ‬
‫وؿ‬ ‫تحب اهلل فاتب ِع َّ‬ ‫وإف َّ‬ ‫الر ُس ْ‬
‫وؿ‬ ‫ِ‬
‫بطاعة َّ‬ ‫األمر‬
‫‪ -175‬وبع َدىا ُ‬

‫وجوب الرجوع إليها يف تقرير األحكاـ‪ ،‬وقد دأب بعض‬‫ُ‬ ‫‪ -173‬يراد حبجية السنة‬
‫الناس على التشكيك هبا‪ ،‬والتقليل من شأهنا فراح الناظم يرد عليهم فأورد‬
‫األدلة أوالً من القرآف الكرًن فقاؿ‪:‬‬
‫‪ -174‬يريد قولو تعاىل يف سورة النحل آية ‪:-64-‬‬
‫{‪ِٚ‬ب أٔضٌٕب ػٍ‪١‬ه اٌىزبة ئال ٌزج‪ ٌُٙ ٓ١‬اٌز‪ ٞ‬اخزٍف‪ٛ‬ا ف‪٘ٚ ،ٗ١‬ذ‪ٜ‬‬
‫‪٠‬إِٕ‪ْٛ‬‬
‫‪ٚ‬سدّخ ٌم‪} َٛ‬‬
‫‪ -175‬أراد بالشلر األوؿ قوؿ اهلل عز وجل يف النساء ‪-59-‬‬
‫{‪٠‬ب أ‪ٙ٠‬ب اٌز‪ ٓ٠‬إِٓ‪ٛ‬ا أط‪١‬ؼ‪ٛ‬ا هللا ‪ٚ‬أط‪١‬ؼ‪ٛ‬ا اٌشع‪ٛ‬ي ‪ٚ‬أ‪ ٌٟٚ‬ااِش‬
‫ِٕىُ فاْ رٕبصػزُ ف‪ ٟ‬ش‪ٟ‬ء فشد‪ ٖٚ‬ئٌ‪ ٝ‬هللا ‪ٚ‬اٌشع‪ٛ‬ي ئْ وٕزُ‬
‫‪ٚ‬أدغٓ رأ‪٠ٚ‬س‬
‫}‪.‬‬ ‫رإِٕ‪ ْٛ‬ثبهلل ‪ٚ‬اٌ‪ َٛ١‬ا‪٢‬خش‪ ،‬رٌه خ‪١‬ش‬
‫وأراد بالشلر الثاين قولو عز وجل يف سورة آؿ عمراف ‪{ -31-‬لً ئْ وٕزُ‬
‫رذج‪ ْٛ‬هللا فبرجؼ‪٠ ٟٔٛ‬ذججىُ هللا ‪٠ٚ‬غفش ٌىُ رٔ‪ٛ‬ثىُ ‪ٚ‬هللا غف‪ٛ‬س‬
‫سد‪}ُ١‬‬
‫بالر ِ‬
‫واد ِع‬ ‫الم ِ‬
‫نك َر َّ‬ ‫وحـر ِ‬
‫ِّ‬ ‫التناز ِع‬ ‫‪ -176‬وردُّىم ِ‬
‫إليو في ُ‬

‫محلِّ ٌل ِّ‬
‫محرٌـ‪ ..‬ال َع ْن َى َوى‬ ‫‪ -177‬وأَنَّوُ أوتي حكمةَ ُ‬
‫الهدى‬

‫‪-59‬‬ ‫‪ -176‬أشار يف الشلر األوؿ إىل قولو سبحانو وتعاىل يف سورة النساء ‪-‬‬
‫{فاْ رٕبصػزُ ف‪ ٟ‬ش‪ٟ‬ء فشد‪ ٖٚ‬ئٌ‪ ٝ‬هللا ‪ٚ‬اٌشع‪ٛ‬ي ئْ وٕزُ‬

‫ا‪٢‬خش‬
‫رإِٕ‪ ْٛ‬ثبهلل ‪ٚ‬اٌ‪.} َٛ١‬‬

‫وأشار يف الشلر الثاين إىل قولو سبحانو يف سورة النور ‪:-63-‬‬

‫{فٍ‪١‬ذزس اٌز‪٠ ٓ٠‬خبٌف‪ ْٛ‬ػٓ أِشٖ أْ رظ‪١‬ج‪ ُٙ‬فزٕخ أ‪٠ ٚ‬ظ‪١‬ج‪ُٙ‬‬

‫أٌ‪ُ١‬‬
‫ػزاة }‬

‫‪ ‬يف سورة‬ ‫‪ -177‬إشارة إلىقولو سبحانو وتعاىل يف وصف النيب‬


‫األعراؼ ػ ‪ 156‬ػ‪٠ { :‬أِشُ٘ ثبٌّؼش‪ٚ‬ف ‪ٕٙ٠ٚ‬بُ٘ ػٓ إٌّىش‪٠ ،‬ذً‬

‫ٌ‪ ُٙ‬اٌط‪١‬جبد ‪٠ٚ‬ذشَ ػٍ‪ ُٙ١‬اٌخجبئث‪٠ٚ ،‬ضغ ػٕ‪ ُٙ‬ئطشُ٘‬


‫ػٍ‪ُٙ١‬‬
‫‪ٚ‬ااغسي اٌز‪ ٟ‬وبٔذ }‬

‫وأشار باغبكمة إىل قولو سبحانو يف سورة اعبمعة ‪:-2-‬‬


‫{٘‪ٛ‬اٌز‪ ٞ‬ثؼث ف‪ ٟ‬ااِ‪ ٓ١١‬سع‪ٛ‬ال ًا ِٕ‪٠ ُٙ‬زٍ‪ ٛ‬ػٍ‪ ُٙ١‬آ‪٠‬برٗ ‪٠ٚ‬ؼٍّ‪ُٙ‬‬

‫اٌىزبة ‪ٚ‬اٌذىّخ ‪٠ٚ‬ضو‪ٚ ،ُٙ١‬ئْ وبٔ‪ٛ‬ا ِٓ لجً ٌف‪}ٟ‬ضسي ِج‪ٓ١‬‬

‫‪-4‬‬ ‫وأشار بقولو‪ :‬العن ىوى إىل قولو سبحانو وتعاىل يف سورة النجم ‪-‬‬
‫{‪ِٚ‬ب ‪ٕ٠‬طك ػٓ اٌ‪ ،ٜٛٙ‬ئْ ٘‪ ٛ‬ئال ‪ٚ‬د‪ٛ٠ ٟ‬د‪ ،ٝ‬ػٍّٗ‬

‫شذ‪٠‬ذاٌم‪ٜٛ‬‬
‫}‬

‫وأَنَّو لـي اليقي ِن أ ْ‬


‫ُسوتُو‬ ‫طاعتُو‬ ‫ت ِ‬
‫باهلل فعبلً َ‬ ‫‪ 178‬وقُ ِرنَ ْ‬
‫نهاؾ َم ْو‬
‫حباؾ ُخ ْـ وما َ‬ ‫وما َ‬ ‫‪ -179‬وليس ُم ْؤِمناً ِم ْن لَ ْم ِّ‬
‫يحك َم ْو‬ ‫َ‬
‫أطاعا‬
‫لمسلم َ‬‫ٍ‬ ‫ال خيرًة‬ ‫وؿ َك ْي يُطاعا‬ ‫‪َ -180‬وأ ُْر ِس ُل َّ‬
‫الر ُس ُ‬
‫‪ -178‬أشار بذلك إىل قولو تعاىل يف سورة النساء ‪٠ ِٓ{ :-80 -‬طغ اٌشع‪ٛ‬ي‬
‫ػٍ‪ ُٙ١‬دف‪١‬ظبًا‬
‫فمذ أطبع هللا ‪ ِٓٚ‬ر‪ ٌٝٛ‬فّب أسعٍٕبن }‬
‫وأشار بالشلر الثاين إىل قولو سبحانو يف سورة األحزاب ػ‪21‬ػ‪:‬‬
‫{ٌمذ وبْ ٌىُ ف‪ ٟ‬سع‪ٛ‬ي هللا أع‪ٛ‬ح دغٕخ ٌّٓ وبْ ‪٠‬شج‪ ٛ‬هللا‬
‫وك‪١‬شاًا‬
‫‪ٚ‬اٌ‪ َٛ١‬ا‪٢‬خش ‪ٚ‬روش هللا }‬
‫‪ -179‬أشار إىل قولو سبحانو وتعاىل يف سورة النساء ‪ { :-65‬فس ‪ٚ‬سثه ال‬
‫‪٠‬إِٕ‪ ْٛ‬دز‪٠ ٝ‬ذىّ‪ٛ‬ن ف‪ّ١‬ب شجش ث‪ ،ُٕٙ١‬ثُ ال ‪٠‬جذ‪ٚ‬ا ف‪ٟ‬‬
‫‪٠ٚ‬غٍّ‪ٛ‬ا رغٍ‪ّ١‬بًا‬
‫}‬ ‫أٔفغ‪ ُٙ‬دشجبًا ِّب لض‪١‬ذ‬
‫وأشار بالشلر الثاين إىل قولو سبحانو يف سورة اغبشر ‪ِٚ { :-7‬ب آربوُ‬
‫اٌشع‪ٛ‬ي فخز‪ِ ٚ ،ٖٚ‬ب ٔ‪ٙ‬بوُ ػٕٗ فبٔز‪ٛٙ‬ا‪ٚ ،‬ارم‪ٛ‬ا هللا ئْ هللا‬
‫اٌؼمبة‬
‫شذ‪٠‬ذ }‬
‫و(مو) اسم فعل‪ ،‬معناه‪ :‬اكفف‪ ،‬أي انتو‪.‬‬
‫‪ -180‬أشػػار فػي األوؿ إلػى قػولػو تعػػاىل يف سورة النساء ‪ِٚ { :-64 -‬ب أسعٍٕب‬
‫ِٓ سع‪ٛ‬ي ئال ٌ‪١‬طبع ثارْ هللا‪ ٌٛٚ ،‬أٔ‪ ُٙ‬ئر ظٍّ‪ٛ‬ا أٔفغ‪ُٙ‬‬
‫جبؤ‪ٚ‬ن فبعزغفــش‪ٚ‬ا هللا ‪ٚ‬اعزغفــش ٌـ‪ٙ‬ـُ اٌشعــ‪ٛ‬ي ٌــ‪ٛ‬جذ‪ٚ‬ا‬
‫=‬ ‫سد‪ّ١‬ـبًا‬
‫}‬ ‫هللا ر‪ٛ‬اثــبًا‬
‫مسطورةٌ تقص ُد ِ‬
‫للبياف‬ ‫ِ‬
‫القرآف‬ ‫واضح‬
‫ِ‬ ‫‪ -181‬وكلُّها في‬

‫وأشار يف الثانية إىل أنو ال خَتة ؼبسلم أطاع اهلل ورسولو يف االتباع وعدمو‪،‬‬ ‫=‬
‫بل يلزمو اتباع الرسوؿ ‪ ‬يف كل شيء دبجرد دخولو يف اإليباف وىو‬
‫مقتضى اللاعة‪ ،‬وذلك ىو مضموف قوؿ اهلل عز وجل يف سورة األحزاب‪-‬‬
‫‪ِٚ{ :-36‬ب وبْ ٌّإِٓ ‪ٚ‬ال ِإِٕخ ئرا لض‪ ٝ‬هللا ‪ٚ‬سع‪ ٌٗٛ‬أِشاًا‬
‫أْ ‪٠‬ى‪ ٌُٙ ْٛ‬اٌخ‪١‬شح ِٓ أِشُ٘‪٠ ِٓٚ ،‬ؼض هللا ‪ٚ‬سع‪ ٌٗٛ‬فمذ‬
‫ثؼ‪١‬ذاًا‬
‫ضً ضسال ًا }‬
‫‪ -181‬وعقب بأف ىذه النصوص وغَتىا مسلورة يف صريح القرآف الكرًن‪ ،‬وىي‬
‫دبجملها قلعية الداللة على وجوب اتباع سنة النيب ‪.‬‬
‫دجيح انسُح يٍ غيز انمزآٌ‬

‫والتَزموا سؤاالً أو إِجابَ ْة‬ ‫أجمع الصحاب ْة‬ ‫‪ -182‬وىكـا قد َ‬


‫ِ‬
‫والتفصيل‬ ‫ضرورةُ التبيي ِن‬ ‫ِ‬
‫المعقوؿ‬ ‫دليلها ِم َن‬
‫‪ -183‬ثُ َّم َ‬
‫الـ ْك ِر ِم ْن َش ِ‬
‫رع العلي‬ ‫لِ ُك ِّل ما في ِّ‬ ‫الع َمػلِ ْي‬
‫‪ -184‬وفعلُو كا َف البيا َف َ‬
‫‪ -182‬راح الناظم وبتج لثبوت السنة من األدلة األخرى بعد القرآف الكرًن‪ ،‬فأكد‬
‫إصباع الصحابة الكراـ على األخذ بسنة النيب ‪ ‬واالحتكاـ إليها يف مسائل‬
‫اػببلؼ‪ ،‬وال شك أف استقراء عمل الصحابة يدؿ على إصباعهم أف السنة‬
‫حجة كاملة‪ ،‬ومصدر تشريعي واجب االتباع‪ ،‬مىت صحت سنداً إىل رسوؿ‬
‫اهلل ‪.‬‬
‫‪ -183‬واستدؿ ؽبا من اؼبعقوؿ بأف كثَتاً من أحكاـ القرآف الكرًن نزلت ؾبملة غَت‬
‫مفصلة‪ ،‬واألمر باجململ من غَت تفصيل أمر دبا ال يفهم‪ ،‬واألمر دبا ال يفهم‬
‫عبث‪ ،‬تعاىل اهلل عن ذلك علواً كبَتاً‪.‬‬
‫ومثاؿ ذلك أوامره سبحانو وتعاىل أقيموا الصبلة وآتوا الزكاة‪ ،‬وكتب عليهم‬
‫الصياـ‪ .‬فلوال السنة لبقيت ىذه اجملمبلت بغَت تفصيل وىو عبث ال يليق‬
‫بكماؿ اؼبوىل سبحانو‪ .‬فكانت ىذه النصوص وغَتىا ؾبملة فصلتها سنة‬
‫النيب ‪ ‬وفق ما أمر بو اهلل سبحانو وتعاىل بقولو‪ٚ { :‬أٔضٌٕب ئٌ‪١‬ه اٌزوش‬
‫ِٓ سث‪ُٙ‬‬ ‫ٌزج‪ٌٍٕ ٓ١‬بط ِب ٔضي ئٌ‪} ُٙ١‬‬
‫‪ -184‬واستدؿ الناظم أيضا بفعل النيب ‪ ‬إذ كاف يفسر ويبُت ما ورد يف القرآف‬
‫ؾبمبل‪ ،‬وىذا أمر تظاىرت على إثباتو روايات متواترة متضافرة ال يسع عاقبلً‬
‫إنكارىا‪.‬‬
‫فعصمةُ المبي ِن كالمب ِ‬
‫اف‬ ‫رآف‬ ‫ِ‬
‫كعصمة ال ُق ِ‬ ‫ت‬ ‫وع ِ‬
‫ص َم ْ‬ ‫‪ُ -185‬‬
‫َُ‬
‫الم ْن ِك َر باللَّ ِ‬
‫هيب‬ ‫وح َّـ ِر ُ‬
‫َ‬ ‫بالو ُج ِ‬
‫وب‬ ‫اآلثار ُ‬
‫‪ِ َّ َ -186‬‬
‫ودلت ُ‬

‫صحت نسبتها إىل النيب ‪ ‬فهي معصومة‪ ،‬ال‬ ‫خبلؼ أف السنَّة إذا َّ‬
‫َ‬ ‫‪ -185‬وال‬
‫يتلرؽ إليها الزلل‪ ،‬وذلك ألف القرآف معصوـ‪ ،‬وقد ظبيت السنة بياناً‬
‫للقرآف‪ ،‬واغبكيم ال يَ ِك ُل بياف اؼبعصوـ إىل غَت اؼبعصوـ‪.‬‬
‫‪ -186‬وقد جاءت أحاديث كثَتة عن النيب ‪ ‬تأمر باتباع السنة وربذر من‬
‫ـبالفتها‪ ،‬وتعد اؼبنكرين بلهيب النار‪ ،‬وإمبا أعرض الناظم عن إيرادىا ألف‬
‫الشيء ال يكوف حجة لنفسو‪ ،‬فاػبصوـ هبادلوف يف حجية السنة‬
‫واالحتجاج هبا ىنا مصادرة على اؼبللوب‪.‬‬
‫ونورد ىنا استئناساً حديث اؼبقداد بن معد يكرب فيما يرويو عن النيب ‪‬‬
‫َّث حبديث من حديثي فيقوؿ‪:‬‬ ‫أنو قاؿ‪« :‬يوشك أف يقعد الرجل متكئاً وبد ُ‬
‫بيننا وبينكم كتاب اهلل‪ ،‬فما وجدنا فيو من حبلؿ استحللناه‪ ،‬وما وجدنا فيو‬
‫حرـ رسوؿ اهلل مثل ما حرـ اهلل» أخرجو أبو‬
‫من حراـ حرمناه‪ ،‬أال وإف ما َّ‬
‫داوود والًتمذي وأضبد‪.‬‬
‫تمسيى انسُح يٍ ديث انسُد‬

‫العلم اليقيني القاط ِع‬ ‫يفي ُد في ِ‬ ‫‪ -187‬وما أتى تواتراً في الواق ِع‬
‫كفروا الجاح َد في ثُػبُوتِِو‬ ‫و َّ‬ ‫كالـك ِر في ِ‬
‫ثبوتو‬ ‫‪ -188‬وأنَّوُ ِّ‬
‫وفَ َّسقوا جاح َدهُ إ ْف لَ ْم يَِف ْي‬ ‫اد الحنفي‬
‫المشهور ز َ‬
‫َ‬ ‫والخبر‬
‫َ‬ ‫‪-189‬‬

‫‪187‬و‪ -188‬أخرب أف السنة تقسم من حيث عدد الرواة إىل أنواع فذكر منها‪:‬‬
‫اؼبتواتر‪ ،‬وىو ما رواه صبع عن صبع ربيل العادة تواطؤىم على الكذب وحيث‬
‫ربققت شروط التواتر فإف ذلك يلزـ العلم اليقيٍت القاطع‪ ،‬وهبب العلم بو‬
‫وربرـ ـبالفتو‪ ،‬وثبوتو كثبوت القرآف‪ ،‬ألف القرآف إمبا نقل أيضا بلريق التواتر‪،‬‬
‫ومنكر اؼبتواتر ببل ٍ‬
‫بينة كافر‪.‬‬
‫‪ -189‬اعبمهور يقسموف اغبديث إىل آحاد ومتواتر‪ ،‬فاؼبتواتر ما بيناه‪ ،‬واآلحادي‬
‫ما يف إحدى حلقات اسناده را ٍو واحد‪ ،‬ولكن اغبنفية أضافوا صنفاً ثالثاً‬
‫وىواؼبشهور‪ ،‬وىو ما كاف متواترا إىل الصحايب مث مل يروه عن رسوؿ اهلل إال‬
‫صحايب واحد‪ ،‬جبامع أف الصحابة كلهم عدوؿ‪ .‬ومنكر اػبرب اؼبشهور فاسق‬
‫عند اغبنفية إف مل يقم بينة على إنكاره‪ ،‬وىو ما عرب عنو بقولو‪ :‬إف مل يفي‪،‬‬
‫أي مل يو ِ‬
‫اؼ بالبينة‪.‬‬
‫لكن اؼبتأخرين من ِ‬
‫علماء االصلبلح يصنفوف السنة على االعتبار اآليت‪:‬‬
‫اؼبتواتر‪ :‬ما رواه عشرة فما فوؽ‪.‬‬
‫اؼبشهور‪ :‬ما رواه أربعة إىل تسعة من الرواة‪.‬‬
‫العزيز‪ :‬ما رواه اثناف أو ثبلثة‪.‬‬
‫اآلحاد‪ :‬ما رواه واحد‪.‬‬
‫وال ىبفى أف اؼبراد باألعداد اؼبذكورة ىو أضعف حلقة يف سلسلة اإلسناد‪.‬‬
‫واالحتجاج مل ِزـ‬
‫ُ‬ ‫َع َملنا‬ ‫‪ -190‬واتَّػ َفقوا بأنَّها تستل ِزُـ‬
‫أَ ْف ِ‬
‫تنـ َر الطائفةُ ال َقبيبل‬ ‫ِ‬
‫اآلحاد ُخ ْـ دليبل‬ ‫‪ -191‬وخبر‬
‫وبلِّغوا عنِّي كما نَػر ِ‬
‫ويو‬ ‫حامل إلى ِ‬
‫فقيو‬ ‫ورب ٍ‬‫‪َّ -192‬‬
‫ْ‬

‫‪ -190‬وال خبلؼ بأف العمل باؼبتواتر من اغبديث الزـ‪ ،‬واغبجة بو قائمة ملزمة‪،‬‬
‫مع اإلشارة إىل ما سبق من رأي اغبنفية‪.‬‬
‫‪ -191‬ذكر الناظم نوعاً ثالثاً ىو حديث اآلحاد‪ ،‬وقد سبق تعريفو‪ ،‬وأورد على‬
‫وجوب االحتجاج بو من األدلة‪ :‬قولو تعاىل‪ { :‬فٍ‪ٛ‬ال ٔفش ِٓ وً فشلخ‬
‫ِٕ‪ ُٙ‬طبئفخ ٌ‪١‬زفم‪ٛٙ‬ا ف‪ ٟ‬اٌذ‪ٕ١ٌٚ ٓ٠‬زس‪ٚ‬ا ل‪ ُِٙٛ‬ئرا سجؼ‪ٛ‬ا ئٌ‪ُٙ١‬‬
‫‪٠‬ذزس‪ْٚ‬‬
‫التوبة ‪-122-‬‬ ‫}‬ ‫ٌؼٍ‪ُٙ‬‬
‫فالفرقة ثبلثة‪ ،‬واللائفة واحد أو اثناف‪ ،‬وقد أخرب سبحانو بأف اللائفة‬
‫مأمورة بإنذارالفرقة‪.‬‬
‫‪ -192‬و َّ‬
‫استدؿ كذلك باغبديث الذي يبلغ رتبة التواتر اؼبعنوي‪ ،‬وىو ما أخرجو‬
‫األئمة عن جبَت بن ملعم وعبد اهلل بن مسعود قاؿ رسوؿ اهلل ‪« :‬نَضَّر‬
‫اهلل عبداً ظبع مقاليت فحفظها ووعاىا وأداىا‪ ،‬فرب ِ‬
‫حامل فقو غَت فقيو‪،‬‬
‫ورب حامل فقو إىل من ىو أفقو منو»‬
‫وقولو‪( :‬بلغوا عٍت) إشارة إىل مانرويو من حديث اإلماـ البخاري عن ابن‬
‫عمر يف قولو ‪« :‬بلغوا عٍت ولو آية»‪.‬‬

‫فعل عم ِر‬ ‫ِ‬


‫المجوس ُ‬ ‫فجزيةُ‬ ‫َي لم ينك ِر‬
‫‪ -193‬وانعق َد اإلجماعُ‪ ..‬أ ْ‬
‫الحكم يكفي واح ٌد في‬ ‫ِ‬ ‫في‬ ‫ِ‬
‫بالقياس‬ ‫َّ‬
‫استدؿ‬ ‫‪ -194‬كـلِ َ‬
‫ـ‬
‫الصد َؽ على التكـيب‬ ‫َّاسبِ َها ِّ‬
‫رج ْحِ‬
‫النِّ‬ ‫ِ‬
‫التصويب‬ ‫والتعديل في‬
‫ُ‬ ‫والجرح‬
‫ُ‬ ‫‪-195‬‬
‫مع خب ِرِ‬
‫َّكـيبالواحد شاىدي ِن‬ ‫الت‬ ‫‪ -196‬ونقلوا عن الخليفتي ِن‬
‫ألخـ أو لِ َر ّْد‬
‫عنهم طريقة ٍ‬ ‫‪ -197‬وربما حلَّ َفوُ لم تَطَّ ِر ْد‬

‫ِ‬
‫وجوب األخذ خبرب اآلحاد‪ ،‬واإلصباع‬ ‫‪ -193‬و َّ‬
‫استدؿ أيضاً بانعقاد اإلصباع على‬
‫اؼبقصود ىنا ىو اإلصباع السكويت‪ ،‬ومعناه أف الصحابة أخذوا حبديث‬
‫اآلحاد ومل ينكر عليو أحد منهم فكاف إصباعاً‪.‬‬
‫فقد عمل عمر بن اػبلاب رضي اهلل عنو حبديث عبد الرضبن بن عوؼ‪،‬‬
‫وىو قوؿ النيب ‪ ‬يف اجملوس‪( :‬سنُّوا هبم سنة أىل الكتاب) فأخذ منهم‬
‫اعبزية وىو حديث آحاد‪ ،‬ومل ينكر عليو أحد من الصحابة‪.‬‬
‫ُّ‬
‫ويستدؿ أيضاً بالقياس على وجوب األخذ خبرب الواحد‪ ،‬وذلك أف القاضي‬ ‫‪-194‬‬
‫يقضي بشهادةِ الرجلُت كما يف نص القرآف الكرًن‪.‬‬
‫‪ -195‬و َّ‬
‫استدؿ عقبل بأف علم اعبرح والتعديل تكفل ببياف أحواؿ الرجاؿ‪ ،‬فصار‬
‫الصدؽ أدىن من الكذب‪ ،‬وصارت الرواية تفيد الظن القوي‪.‬‬
‫‪ -196‬شرع يف بياف شروط األخذ خبرب الواحد‪ ،‬فنقل أوالً شروط الصحابة الكراـ‪،‬‬
‫فقد كاف اػبليفتاف الراشدياف أبو بكر وعمر رضي اهلل عنهما يشًتطاف‬
‫شاىدين مع اغبديث حىت وبكما بو‪.‬‬
‫‪ -197‬وأحيانا كاف عمررضي اهلل عنو يستحلف الراوي فيما يروي‪ ،‬مث اشار الناظم‬
‫إىل أف ذلك مل يكن منهجاً ملرداً‪ ،‬بل كاف ذلك عائداً ؼبدى قناعة اػبليفة‬
‫رضي اهلل عنو دبوثوقية احملدث‪.‬‬
‫خبلؼ‬
‫ُ‬ ‫أَ ْف ال يُرى في فعلِ ِو‬ ‫وىـهِ َش َّرطَها األَحنَ ُ‬
‫اؼ‬ ‫‪ِ -198‬‬
‫عمل األَتْػبَاع‬ ‫ِ‬ ‫‪ -199‬أو ليس مما ِ‬
‫أولم يُواف ْق َ‬ ‫حثت الدَّواعي‬ ‫َ‬
‫‪ -200‬في الفقو ‪...........‬‬

‫ـمما‬‫في َخبَ ِر المصراةِ قد تَ َّ‬ ‫‪ .... -200‬والراوي ببل ٍ‬


‫فقو كما‬
‫خالف فعل ٍ‬
‫يثرب لم يَ ْسلَما‬ ‫َف َما‬ ‫ٍ‬
‫لمالـ بأ َّ‬ ‫‪ -201‬واشتَرطوا‬
‫َ َ‬

‫‪198‬و‪199‬و‪ -200‬واشًتط األحناؼ شروطاً ثبلثة‪:‬‬


‫‪ -‬أف ال يعمل الراوي خببلؼ ما يرويو‬
‫‪ -‬أف ال يكوف فبا توافرت الدواعي على نقلو‪ ،‬فاغبديث الذي تتوافر الدواعي‬
‫على نقلو هبب أف يكوف من رواية أكثر من واحد‪ ،‬وإف عدـ وجود أحد‬
‫يرويو مظنة ريبة‪.‬‬
‫‪ -‬أف ال يكوف ـبالفاً للقياس واألصوؿ الشرعية وعمل األمة إف كاف الراوي‬
‫غَت فقيو‪.‬‬
‫‪ -200‬تقدير الكبلـ أف الراوي ببل فقو مذموـ‪ ،‬وأورد الناظم مثاالً عليو يف حديث‬
‫الشاة اؼبصراة‪ ،‬وىو ما أخرجو اإلماـ البخاري يف كتاب البيوع باب ‪،64‬‬
‫من حديث أيب ىريرة رضي اهلل عنو قاؿ‪ :‬قاؿ ‪«:‬ال تصروا اإلبل والغنم‪،‬‬
‫فمن ابتاعها فهو خبَت النظرين بعد أف وبتلبها‪ ،‬إف شاء أمسك‪ ،‬وإف شاء‬
‫ردىا وصاع سبر»‬
‫‪201‬ػ واشًتط اإلماـ مالك شرطاً آخر‪ ،‬وىو وجوب موافقة اغبديث لعمل أىل‬
‫اؼبدينة‪ ،‬ألنو يرى أف عمل أىل اؼبدينة وىم أبناء الصحابة اػبلص‪ ،‬إمبا ىو‬
‫نوع من التواتر اؼبعنوي فبل يدفع حبديث اآلحاد‪.‬‬
‫وض ْبطُوُ‬ ‫كل را ٍو عقلوُ َ‬ ‫في ِّ‬ ‫بع ُشروطُوُ‬
‫والشافعي أر ٌ‬
‫ُّ‬ ‫‪-202‬‬
‫ف متنُهم لِ َم ْتنِ ِو‬
‫ولم يخالِ ْ‬ ‫‪ -203‬وأَ ْف يكو َف ثقة في ِ‬
‫دينو‬
‫المقاؿ الرائِ ِع‬ ‫ِ‬ ‫فصلْتُها على‬
‫َّ‬ ‫كالشافِ ِع ْي‬
‫‪ -204‬وأحم ٌد شروطُو َّ‬

‫‪202‬و‪ -203‬واشًتط الشافعي أربعة شروط وىي العقل‪ ،‬والضبط‪ ،‬واالستقامة يف‬
‫الدين يف كل راو من الرواة‪ ،‬وأف ال يكوف منت رواية ـبالفاً ؼبا ىو رواية‬
‫اعبماعة‪.‬‬
‫‪ -204‬ومذىب اإلماـ أضبد يف الرواية كمذىب الشافعي‪ ،‬غَت أنو يرى أف اغبديث‬
‫الضعيف خَت من قوؿ الرجاؿ‪ ،‬وكذلك وبتج باغبديث اؼبرسل‪.‬‬
‫يكاَح انسُح‬

‫والص ِ‬
‫واب‬ ‫الحق َّ‬ ‫ثبلثَةٌ في ِّ‬ ‫اب‬ ‫السن َِّة في ِ‬
‫الكتَ ِ‬ ‫وعمل ُّ‬ ‫‪-205‬‬
‫ُ‬
‫اف‬ ‫ِ‬
‫والجهاد وا ِإلحس ِ‬ ‫كالبر‬
‫ِّ‬ ‫‪ -206‬أَولُها التأكي ُد لل ُق ِ‬
‫رآف‬
‫َ‬
‫صا‬
‫قي َده فَ َّسرهُ أ َْو َخ َّ‬ ‫صا‬
‫تبيين الـي قَ ْد نُ َّ‬ ‫ِ‬
‫‪ -207‬والثاف ُ‬
‫كرجم محص ٍن وما إِ ِ‬
‫ليو‬ ‫ِ‬ ‫يادةٌ علَْي ِو‬
‫‪ -208‬ثالثُها ز َ‬
‫قاؿ ال وبَانا‬‫عي َ‬ ‫فالشافِ ُّ‬
‫َّ‬ ‫‪ -209‬واختلفوا في نَ ْس ِخها ال ُقرآنا‬

‫‪ -205‬أشار الناظم إىل أف موقع السنة من القرآف واحد من ثبلثة‪ :‬التوكيد والبياف‬
‫والزيادة‪.‬‬
‫‪ -206‬فتكوف أوالً مؤكدة ؼبا أمر بو القرآف الكرًن من الفضائل واألحكاـ وما هنى‬
‫عنو من الرذائل واألفعاؿ‪.‬‬

‫‪ -207‬وتكوف ثانياً مبينة للقرآف الكرًن‪ ،‬فتقيد َ‬


‫اؼبللق‪ ،‬وزبصص العاـ‪ ،‬وتفسر‬
‫اؼببهم وتفصل اجململ‪.‬‬
‫‪ -208‬وقد تأيت السنة حبكم جديد مل ينص عليو القرآف أصبلً‪ ،‬وأورد من األمثلة‬
‫عليو‪ :‬رجم احملصن‬
‫الشافعي قاؿ ِ‬
‫بعدـ جوا ِز نسخ القرآف بالسنة‪ ،‬ألف اهلل عز‬ ‫َّ‬ ‫اإلماـ‬
‫أخرب بأف َ‬‫‪َ -209‬‬
‫وجل قاؿ‪ِ { :‬ب ٕٔغخ ِٓ آ ‪٠‬ــــخ أ‪ٕٔ ٚ‬غ‪ٙ‬ب ٔأد ثخ‪١‬ش ِٕ‪ٙ‬ب أ‪ٚ‬‬
‫ِكٍ‪ٙ‬ب وال شك أف السنة ليست مثل القرآف وال خَتاً منو‪.‬‬
‫}‬
‫وقولو (بانا) إشارة إىل أف الشافعي َ‬
‫باين برأيو ىذا مذىب اعبمهور‪.‬‬
‫وقوعو ِ‬
‫بالف ْع ِل‬ ‫‪ -210‬ونَس ُخها على ِ‬
‫دليلُهم ُ ُ‬ ‫الج ِّل‬
‫مقاؿ ُ‬ ‫ْ‬

‫‪210‬ػ اختار اعبمهور بأف السنة تنسخ القرآف الكرًن‪ ،‬ودليلهم على ذلك الوقوع‬
‫الفعلي‪ ،‬فقد نسخت آية الوصية يف البقرة ‪:-180-‬‬
‫{وزت ػٍ‪١‬ىُ ئرا دضش أدذوُ اٌّ‪ٛ‬د ئْ رشن خ‪١‬شاًا اٌ‪ٛ‬ط‪١‬خ‬
‫ػٍ‪ ٝ‬اٌّزم‪ٓ١‬‬
‫}‬ ‫ٌٍ‪ٛ‬اٌذ‪ٚ ٓ٠‬االشث‪ ٓ١‬ثبٌّؼش‪ٚ‬ف دمبًا‬

‫فقد قالوا إهنا نسخت بقولو ال وصية لوارث‪.‬‬


‫ودفع الشافعي ذلك بقولو بل نسخت بآية اؼبواريث يف سورة النساء ػ‪11‬ػ‪:‬‬
‫اأك‪...ٓ١١‬‬
‫{‪ٛ٠‬ط‪١‬ىُ هللا ف‪ ٟ‬أ‪ٚ‬الدوُ ٌٍزوش ِكً دع } اآلية‬
‫انًثذث انثانث ‪ :‬اإلجًاع‬

‫اإلماـ الهادي‬ ‫أمة النَّبي ِ‬ ‫من ِ‬ ‫ِ‬


‫االجتهاد‬ ‫‪ -211‬ىو اتفا ُؽ ِ‬
‫أىل‬
‫حكم أم ٍر ّما‪ ..‬ببل تَوانِ ْي‬ ‫في ِ‬ ‫ِ‬
‫واألزماف‬ ‫‪ -212‬في أ ِ‬
‫َحد العصوِر‬
‫قاؽ‪ ،‬ثُ َّم ِ‬
‫فيو َو ْع ُدهُ‬ ‫الش ِ‬
‫ع ِن ِّ‬ ‫ِ‬
‫الكتاب نَػ ْهيُوُ‬ ‫‪ -213‬دليلُوُ ِم َن‬
‫وخير ٍ‬
‫أمة فإنَّها فَػ َق ْط‬ ‫ُ‬ ‫كـاؾ وص ُفها بأنَّها َ‬
‫الو َس ْط‬ ‫‪َ -214‬‬

‫‪211‬و‪ -212‬اإلصباع مصدر من اؼبصادر اؼبتفق عليها للتشريع اإلسبلمي‪ ،‬وأورد‬


‫الناظم تعريف الكماؿ بن اؽبماـ اغبنفي‪ ،‬ونصو‪ :‬اإلصباع‪ :‬اتفاؽ ؾبتهدي‬
‫عصر من أمة ؿبمد ‪ ‬على أمر شرعي‪ ،‬واألمر الشرعي ىو األمر الذي‬
‫ال يدرؾ لوال خلاب الشارع‪.‬‬
‫وقوؿ الناظم‪ :‬ببل تواين‪ ،‬أي ببل إبلاء‪ ،‬فلو اتفق بعض الفقهاء وأبلأ‬
‫آخروف فليس إصباعاً معترباً‪.‬‬
‫‪213‬و‪ -214‬شرع الناظم يورد األدلة على ثبوت حجية اإلصباع فبدأ أوالً باألدلة‬
‫من القرآف الكرًن‪ ،‬فذكر أوالً آية سورة النساء رقم‪ِٓٚ { :-115 -‬‬
‫‪٠ٚ‬زجغ غ‪١‬ش عج‪ً١‬‬
‫ْع‬ ‫‪٠‬شبلك اٌشع‪ٛ‬ي ِٓ ثؼذ ِب رج‪ ٌٗ ٓ١‬اٌ‪ٙ‬ذ‪ٜ‬‬
‫‪ٚ‬عبءد ِظ‪١‬شاًا‬ ‫}‬ ‫اٌّإِٕ‪ِّ ٌٛٔ ٓ١‬بٗ ِب ر‪ٔٚ ٌَّٝٛ‬ظٍٗ ج‪ُٕٙ‬‬
‫وقد تضمنت اآلية النهي عن مشاققة اؼبؤمنُت‪ ،‬وتضمنت الوعيد على من‬
‫يسلك سبيل شقاؽ اؼبؤمنُت مث استدؿ بقوؿ اهلل عز وجل يف سورة‬
‫=‬ ‫البقرة ػ‪143‬ػ‪:‬‬
‫ضبلالً‬
‫ليس اجتماعُ أ َُّمتي َ‬ ‫حيث قاال‬
‫الحديث ُ‬‫ِ‬ ‫وص َّح في‬
‫َ‬ ‫‪َ -215‬‬
‫وحسن عن َد ِ‬
‫اإللو ُك ُّل َما‬ ‫المسلمين األَعظما‬ ‫سواد‬
‫والزْـ َ‬
‫َ ٌ‬ ‫َ‬ ‫‪َ -216‬‬
‫أصحاب ِ‬
‫علم أ َُمنَا‬ ‫ُ‬ ‫نقلَها‬ ‫حسنَػا‬
‫المسلمين َ‬
‫َ‬ ‫جمع‬
‫‪ -217‬رآهُ ُ‬
‫ُّ‬
‫فالحق ذا‬ ‫ت آرا ُؤىم‬
‫توافَػ َق ْ‬ ‫فج ْم ُعهم إذا‬ ‫ِ‬
‫‪ -218‬واح ُك ْم بو عقبلً َ‬
‫{ ‪ٚ‬وزٌه جؼٍٕبوُ أِخ ‪ٚ‬عطب ٌزى‪ٛٔٛ‬ا ش‪ٙ‬ذاء ػٍ‪ ٝ‬إٌبط‬ ‫=‬
‫‪٠ٚ‬ى‪ ْٛ‬اٌشع‪ٛ‬ي ػٍ‪١‬ىُ }ش‪١ٙ‬ذا‬
‫وكذلك قولو عز وجل يف سورة آؿ عمراف ‪ { :-110 -‬وٕزُ خ‪١‬ش أِخ‬
‫أخشجذ ٌٍٕبط رأِش‪ ْٚ‬ثبٌّؼش‪ٚ‬ف ‪ٚ‬رٕ‪ ْٛٙ‬ػٓ إٌّىش‬
‫ثبهلل‬
‫‪ٚ‬رإِٕ‪} ْٛ‬‬
‫‪215‬و‪216‬و‪ -217‬شرع الناظم يورد األدلة على حجية اإلصباع من السنة‬
‫اؼبشرفة‪ :‬فأشار إىل اغبديث اؼبشهور‪( :‬الذبتمع أميت على ضبللة) وىو‬
‫حديث صحيح أخرجو أضبد وغَته وقد روي من طرؽ كثَتة تبلغ دبجموعها‬
‫رتبة التواتر اؼبعنوي‪.‬‬
‫‪ -‬وأشار كذلك إىل حديث‪« :‬عليكم بالسواد األعظم» (‪.)24‬‬
‫وحديث‪« :‬أال من سره حببوحة اعبنة فليلزـ اعبماعة فإف الشيلاف مع الفذ‬
‫وىو من اإلثنُت أبعد»‬
‫مث أشار إىل حديث‪« :‬ما رآه اؼبسلموف حسناً فهوعند اهلل حسن» وىو‬
‫حديث موقوؼ على ابن مسعود‪ ،‬أخرجو أضبد يف كتاب السنة‬
‫‪ -218‬واستدؿ كذلك باؼبعقوؿ وىوأف فقهاء األمة إذا اتفقوا على اغبكم يف قضية‬
‫ما‪ ،‬وجزموا هبا‪ ،‬فالعادة ربيل أف يكوف ىذا االتفاؽ غَت مستند إىل أصل‬
‫شرعي‪ ،‬وإال فإنو ال بد أف يعارض أحدىم‬
‫بقول ِه ْم وفاقاً أ َْو ُسكوتِهم‬ ‫جميعهم‬
‫‪ -219‬وركنُوُ اتفاقُهم ُ‬
‫وَك ْم حكاهُ ِم ْن ٍ‬
‫إماـ ماى ِر‬ ‫الشافِ ِعي والظَّ ِ‬
‫اى ِر ْي‬ ‫ور َّد ىـا َّ ْ‬
‫‪َ -220‬‬

‫أف ركن اإلصباع ىو اتفاؽ سائر اجملتهدين‪ ،‬وال عربة خببلؼ أىل‬‫‪ -219‬بَػ َُّت َّ‬
‫األىواء‪ ،‬وعامة القراء الذين اليعتربوف من اجملتهدين‪.‬‬
‫مث بُت أف اإلصباع نوعاف‪ :‬إصباع صريح وإصباع سكويت‪ ،‬فاإلصباع الصريح‬
‫ىو ما قررناه‪ ،‬وأما اإلصباع السكويت فهو أف يتكلم ؾبتهد يف مسألة‪ ،‬فتشيع‬
‫بُت الناس وال ينكرىا من معاصريو أحد‪.‬‬
‫‪ -220‬مل يقبل الشافعية والظاىرية االحتجاج باإلصباع السكويت‪ ،‬لكن اغبنفية‬
‫وأضبد يرونو مصدراً مستقبلً من مصادر التشريع‪.‬‬
‫شزوط اإلجًاع‬

‫وىاؾ َعدُّىا‬
‫فيو َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ُمختَػلَ ُ‬ ‫ضها‬ ‫وعدَّدوا شروطَوُ وبَػ ْع ُ‬ ‫‪َ -221‬‬
‫ضوا‬ ‫ٍ‬
‫حديث قد َر ُ‬ ‫ِ‬
‫الكتاب أو‬ ‫مع‬ ‫ض‬‫ػار ُ‬ ‫ُّ‬
‫‪ -222‬أ ََّولها أَ ْف ينتفي التَع ُ‬
‫واضح أذَاعوا‬
‫ٍ‬ ‫إلى ِ‬
‫دليل‬ ‫‪ِ -223‬‬
‫والثاف أَ ْف يستن َد ا ِإل ْجماعُ‬
‫ماعدا‬
‫جميعهم ال َ‬ ‫ُ‬ ‫واتَّػ َفقوا‬ ‫المجتهدين َعػددا‬
‫َ‬ ‫‪ -224‬وأَ ْف ترى‬
‫وقيل ال بَ ْل ُك ُّل أم ٍر ناف ِع‬
‫َ‬ ‫الشار ِِع‬‫‪ -225‬وأَ ْف يكو َف ِم ْن أموِر َّ‬
‫يعود واح ٌد ُر ُجوعاً‬‫فبل َ‬ ‫عصرى ْم َجميعاً‬‫ُ‬ ‫‪ -226‬وأَ ْف يَ ُم َّر‬
‫الخبلؼ قبلو قَ ْد انتُفي‬
‫َ‬ ‫أ َّ‬
‫َف‬ ‫الحنَ ِف ْي‬
‫اد َ‬ ‫وبعضهم نَػ َفوا‪ ..‬وز َ‬
‫ُ‬ ‫‪-227‬‬

‫‪221‬و‪ -222‬أوؿ شروط اإلصباع أف ال يعارضو نص من القرآف أوالسنة أو إصباع‬


‫سابق‪ ،‬وعربالناظم عن اغبديث الصحيح بقولو‪( :‬حديث قد رضوا) أي‬
‫رضيو علماء السنن‪.‬‬
‫‪ -223‬ومن شروط اإلصباع أف يستند إىل دليل شرعي‪ ،‬وإف مل يصلنا الدليل وقولو‪:‬‬
‫(أذاعوا) أي شاع ىذا الشرط بُت األصوليُت‪.‬‬
‫‪ -224‬يريد أنو ال بد من وجود عدد من اجملتهدين‪ ،‬وال بد من اتفاقهم يف اؼبسألة‪،‬‬
‫فإذا خالف البعض مل يكن إصباعا‪ ،‬إذا كاف ىذا اؼبخالف فبن ربققت فيو‬
‫شروط االجتهاد‪.‬‬
‫‪ -225‬واليكو ُف اإلصباعُ يف رأي األكثرين إال يف اؼبسائل الشرعية‪ ،‬لكن خالف‬
‫بعض الفقهاء فقالوا‪ :‬إف اإلصباع حجة شرعية يف أي أمر‪.‬‬
‫‪226‬ػ‪227‬ػ واشًتطوا أف ينقرض العصر‪ ،‬ويبوت اجملتهدوف الذين نقل إصباعهم‪ ،‬من‬
‫=‬ ‫غَت أف يرجع منهم أحد‪.‬‬
‫رع حكم ِ‬
‫وحكموُ في األَم ِر ال يُػنَ َازعُ‬
‫ُ‬ ‫قاط ُع‬ ‫الش ِ ٌ‬ ‫ْموُ في َّ‬‫وحك ُ‬‫‪ُ -228‬‬
‫ت‬‫واآلمدي لم يػثْبِ ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫فال َك ْرِخي‬ ‫‪ -229‬واختلَ ُفوا في ُح َّج ِة السكوت ِي‬
‫يثرب ببل نز ِاع‬‫أىل ٍ‬ ‫من ِ‬ ‫باإلجماع‬
‫ِ‬ ‫ومالـ يحتج‬
‫ٌ‬ ‫‪-230‬‬
‫مقاؿ جائ ِر‬ ‫الصحاب في ٍ‬ ‫ِ‬ ‫على‬ ‫أىل الظاى ِر‬
‫اإلجماع ُ‬
‫َ‬ ‫وقصر‬
‫‪َ -231‬‬
‫اشدين بَ ْل لشيخي ِن َم َعا‬
‫والر ُ‬ ‫‪ -232‬واعتَبروا للعترة ا ِإلجماعا‬

‫وكذلك اشًتط أبو حنيفة أف ال يكوف يف اؼبسألة خبلؼ سابق‬ ‫=‬


‫‪ -228‬واتفق أىل السنة واعبماعة أف اإلصباع حجة قلعية لدى توافر شروطو‪ ،‬ومل‬
‫ينازع يف ذلك أحد يعتد برأيو‪.‬‬
‫‪ -229‬عاد الناظم يشَت إىل ما سبق من بياف اختبلفهم يف قبوؿ اإلصباع السكويت‪،‬‬
‫فأشار إىل أف الكرخي من اغبنفية‪ ،‬واآلمدي من الشافعية يعتربانو حجة‬
‫ظنية‪ ،‬فيما يراه أكثر اغبنفية واغبنابلة حجة قلعية‪.‬‬
‫‪ -230‬ووبتج اإلماـ مالك بإصباع أىل اؼبدينة‪ ،‬ويعده حجة قلعية يف األحكاـ‪،‬‬
‫وليس ىذا اإلصباع حجة مستقلة إال عند مالك‪.‬‬
‫‪ -231‬أما الظاىرية فإهنم يروف أف اإلصباع مقتصر على الصحابة‪ ،‬وال إصباع‬
‫بعدىم‪ ،‬وىذا قوؿ مل يذىب إليو غَتىم من الفقهاء‪.‬‬
‫‪ -232‬ويعترب الشيعة أف اإلصباع ىو إصباع أىل البيت وحدىم‪ .‬كذلك فإف بعض‬
‫العلماء وبتجوف بإصباع اػبلفاء الراشدين‪ ،‬بل وبتج البعض بإصباع الشيخُت‬
‫أيب بكر وعمر فيجعلوف ذلك حجة قلعية‪.‬‬
‫انًثذث انزاتع ‪ :‬انمياس‬

‫احاْ‬
‫َّج َ‬
‫فاحفظْوُ عني تبل ِغ الن َ‬ ‫اصطبلحاً‬ ‫القياس ْ‬
‫َ‬ ‫وعرفوا‬
‫‪َّ -233‬‬
‫فيو ِمثْػلَ ْو‬
‫حكمو‪ ،‬فالحكم ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫أي‬ ‫‪ -234‬فرعٌ يسا ِوي أصلَوُ في ِ‬
‫العلَّة‬
‫ِ‬
‫األصل‬ ‫حكم‬
‫أصل وفرعٌ ثم ُ‬ ‫ٌ‬ ‫الع ْق ِل‬
‫‪ -235‬أركانُوُ أر َبعةُ في َ‬
‫مثالُوُ النَبي ُـ في اإلسكا ِر‬ ‫‪ -236‬رابعها ِ‬
‫العلَّةُ في اإلطا ِر‬ ‫ُ‬

‫‪233‬و‪ -234‬أشار الناظم إىل تعريف القياس لدى ابن اغباجب يف ـبتصره‬
‫ونصو‪( :‬مساواة فرع ألصل يف علة حكمو)‪ .‬وىو يف تعريف آخر (إغباؽ‬
‫فرع بأصلو يف اغبكم عبامع العلة بينهما)‬
‫فالشارع الكرًن بُت عدداً من األحكاـ بالنص صراحة‪ ،‬ولكن النصوص‬
‫متناىية‪ ،‬واغبوادث غَت متناىية‪ ،‬وما يتناىى ال يضبط ما ال يتناىى‪ ،‬فبل بد‬
‫من االجتهاد‪ ،‬والقياس أظهر أبواب االجتهاد‪ ،‬فيبحث الفقيو عن العلة اليت‬
‫حرـ من أجلها الشارع اغبراـ‪ ،‬ويقيس األمور عليها‪.‬‬
‫مثاؿ ذلك‪ :‬نص الشارع صراحة على ربرًن اػبمر‪ ،‬وعلة التحرًن ببل ريب‬
‫اإلسكار‪ ،‬فكل ما ربقق فيو اإلسكار كاف حراماً‪.‬‬
‫األصل الذي‬
‫ُ‬ ‫‪235‬و‪ -236‬شرع الناظم يعدد أركاف القياس فقاؿ‪ :‬ىي أربعة‪:‬‬
‫نقيس ألجلو‪ ،‬وحكم األصل‪ :‬إذ ال بد أف يكوف‬
‫نقيس عليو‪ ،‬والفرعُ الذي ُ‬
‫األصل الذي نقيس عليو قد بُت الشارع حكمو صراحة‪ ،‬والرابع ىو وجود‬
‫علة مشًتكة بُت األصل والفرع ليكوف حكم اؼبسألتُت واحداً يف اإلطار‬
‫ذاتو‪ .‬مث أورد الناظم مثاال لذلك‪ :‬النبيذ‪ ،‬فرع عن اػبمر بعلة اإلسكار‬
‫فيهما‪ ،‬فحكمهما واحد‪ ،‬وقد سبق بيانو‪.‬‬
‫فاعتبروا‪ ..‬عن شافع ٍي نقلُوُ‬ ‫‪ -237‬دليلُو من الكتاب قولُوُ‬
‫قاس في ال ُقبَ ْل‬‫النبي حيَن َ‬
‫كـا ُّ‬ ‫وخ ْـ ِم َن ُّ‬
‫السن َِّة َ‬
‫قوؿ اب ِن َجبَ ْل‬ ‫‪ُ -238‬‬

‫‪ -237‬أخرب بأف اإلماـ الشافعي استدؿ على القياس بقوؿ اهلل عز وجل‪ :‬فاعتربوا‬
‫يا أويل األبصار‪ .‬فقاؿ‪ :‬االعتبار قياس الشيء بالشيء عبامع العلة بينهما‪.‬‬

‫‪ -238‬واستدؿ من السنة حبديث معاذ بن جبل رضي اهلل عنو‪ ،‬ؼبا بعثو النيب ‪‬‬
‫إىل اليمن‪( ،‬فقاؿ لو‪ :‬كيف تقضي إف عرض لك قضاء ؟قاؿ بكتاب اهلل‪،‬‬
‫قاؿ‪ :‬فإف مل ذبد ؟ قاؿ‪ :‬فبسنة رسوؿ اهلل‪ ،‬قاؿ‪ :‬فإف مل ذبد ؟ قاؿ‪ :‬أجتهد‬
‫رأيي وال آلو)‪ .‬ويف رواية قاؿ‪( :‬أقيس األمر باألمر‪ ،‬فما كاف أقرب إىل اغبق‬
‫عملت بو‪ ،‬فقاؿ النيب ‪ :‬أصبت) ‪ -‬أخرجو أضبد وأبو داوود والًتمذي‪.‬‬

‫وكذلك استدؿ الناظم خبرب عمر رضي اهلل عنو كما رواه أبو داوود‪ ،‬وىوأف‬
‫عمر سأؿ النيب ‪ ‬عن القبلة ىل تفلر الصائم؟ قاؿ أرأيت إف‬
‫‪ :‬فمو ؟) يريد ما‬ ‫سبضمضت‪ ،‬أكنت تفلر ؟ قاؿ‪ :‬ال‪ .‬فقاؿ النيب‬
‫الفارؽ؟‪..‬‬

‫واستدؿ كذلك بتداوؿ الصحابة الكراـ يف مسألة عقوبة الشارب‪ ،‬فقد‬


‫قضى علي بن أيب طالب كرـ اهلل وجهو بثمانُت جلده على شارب اػبمر‪،‬‬
‫قياساً على عقوبة القذؼ‪ ،‬وقاؿ‪ :‬إف شارب اػبمر إذا سكر ىذى‪ ،‬وإذا‬
‫ىذى افًتى‪ ،‬وعقوبة اؼبفًتي شبانوف جلدة‬
‫الولي ُد‬
‫األسود َ‬
‫ُ‬ ‫ذاؾ‬
‫مثاؿ َ‬ ‫ُ‬ ‫‪ -239‬وغيرىا َع ْن مائَ ٍة تَزي ُد‬
‫لؤلتباع‬ ‫ديق‬
‫الص ُ‬ ‫فعلَوُ ِّ‬ ‫باإلجماع‬ ‫ياس‬ ‫‪ِ َ -240‬‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫وثبت الق ُ‬
‫ِ‬
‫بالوىم‬ ‫ض‬‫فاح ُك ْم بِ ِو وال تَ ُخ ْ‬ ‫ظن الحك ِ‬
‫ْم‬ ‫‪ -241‬وحكمػو يفيد َّ‬

‫‪‬‬ ‫‪ -239‬وىناؾ أخبار كثَتة تزيد عن مائة يبكن أف ذبد فيها تعامل النيب‬
‫والصحابة من بعده‪ ،‬على أساس القياس‪.‬‬
‫وأورد من األمثلة على ذلك حديث أيب ىريرة الذي أخرجو البخاري‪،‬‬
‫ونصو‪ :‬أف رجبل من فزارة أتى النيب ‪ ‬فقاؿ‪ :‬إف امرأيت ولدت غبلماً‬
‫أسود‪ ،‬فقاؿ لو النيب ‪ :‬ىل لك من إبل؟ قاؿ نعم‪ .‬قاؿ‪ :‬ما ألواهنا ؟‬
‫فأىن أتاىا‬
‫قاؿ‪ :‬ضبر‪ ،‬قاؿ فهل فيها من أورؽ ؟ قاؿ‪ :‬إف فيها لورقاً‪ ،‬قاؿ‪َّ :‬‬
‫ذلك؟ قاؿ‪ :‬عسى أف يكوف نزعو عرؽ‪ ،‬قاؿ‪ :‬وىذا عسى أف يكوف نزعو‬
‫عرؽ‪.‬‬
‫‪ -240‬وال خبلؼ أف الصحب الكراـ أخذوا بالقياس يف اؼبسائل ومل ينكر بعضهم‬
‫على بعض ذلك‪ ،‬حىت قاؿ ابن عقيل اغبنبلي‪( :‬وقد نقل التواتر اؼبعنوي عن‬
‫الصحابة يف استعماؿ القياس)‬
‫وأورد حديث الصديق رضي اهلل عنو حُت أفىت يف الكبللة وقاؿ‪ :‬أقوؿ فيو‬
‫برأيي‪ ،‬فإف يكن صواباً فمن اهلل‪ ،‬وإف يكن خلأ فمٍت ومن الشيلاف‪،‬‬
‫الكبللة ما عدا الوالد والولد‪.‬‬
‫‪241‬ػ أشار إىل أف القياس دليل ظٍت‪ ،‬وقاؿ‪ :‬إف الظن حجة يعمل هبا طاؼبا مل‬
‫يتوفراليقُت‬


‫الفصل الثاني‬
‫المصادر المختلف فيها‬

‫االستذساٌ‬

‫يرد‬ ‫عن مقتضى ِ‬


‫قياس أمر ُ‬ ‫يعدؿ المجته ُد‬
‫‪ -242‬وحدُّه أف َ‬
‫حكم كل ٍي لمستثنى خفي‬ ‫أو ِ‬ ‫واضح إلى ٍ‬
‫قياس مختػفي‬ ‫ٍ‬ ‫‪ِ -243‬م ْن‬
‫في عقلِو عدولَو ِّ‬
‫يرج ُح‬ ‫وذاؾ من أجل دلي ٍػل ُ‬
‫يقدح‬ ‫‪َ -244‬‬
‫ترجيح استثناء ِ‬
‫للبياف‬ ‫‪ -245‬وظاىر بأنَّو ِ‬
‫نوعاف‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬
‫كالضماف‬ ‫فاألو ُؿ الترجيح كالحل ِ‬
‫والثاف االستثناءُ‬ ‫ْفاف‬ ‫ُ َ‬ ‫‪َّ -246‬‬
‫‪242‬و‪243‬و‪244‬ػ االستحساف مصدرمن مصادر التشريع قالت بو اغبنفية‬
‫وبعض اغبنابلة‪ ،‬وتعريفو عندىم ىو‪ :‬عدوؿ اجملتهد عن مقتضى قياس جلي‬
‫إىل مقتضى قياس خفي‪ ،‬أو عن حكم كلي إىل حكم استثنائي‪ ،‬لدليل‬
‫انقدح يف عقلو رجح ىذا العدوؿ‪.‬‬
‫‪245‬ػ وبو يظهر لك أف االستحساف عندىم نوعاف‪:‬‬
‫‪ -1‬ترجيح قياس خفي على قياس جلي‪.‬‬
‫‪ -2‬اغبكم باسثناء جزء من أفراد اغبكم من اغبكم العاـ وذلك غبكمة يراىا‬
‫اجملتهد‪.‬‬
‫‪246‬ػ أورد لكل نوع مثاال فمثاؿ األوؿ‪ :‬التحالف‪ ،‬وذلك أف اغبكم يف األصل أف‬
‫البينة على من ادعى‪ ،‬واليمُت على من أنكر‪ ،‬ولكن قد يلرأ يف اؼبسألة ما‬
‫هبعل كبلً من اللرفُت مدعياً ومدعى عليو‪ ،‬كما لو اختلف البائع واؼبشًتي‬
‫يف مقدار الثمن قبل القبض‪ ،‬فيتحالفاف‪.‬‬
‫ومثاؿ الثاين‪ :‬ضماف األجَت اؼبشًتؾ‪ ،‬وىو اغبريف الذي يتوىل إصبلح حوائج‬
‫الناس‪ ،‬فاألصل أنو ال يضمن إال بالتعدي أو التفريط‪ ،‬ولكن لػما =‬
‫إلى اعتباره دليبلً قابلَ ْو‬ ‫األحناؼ والحنابل ْة‬
‫ُ‬ ‫وذىب‬
‫َ‬ ‫‪-247‬‬
‫وما رآهُ المسلمو َف َح َسنا‬ ‫َح َسنا‬ ‫ِ‬
‫الكتاب‪ :‬يتبعو َف األ ْ‬ ‫‪ِ -248‬م َن‬
‫القياس أي ِ‬
‫قياس الثاني‬ ‫ِ‬ ‫على‬ ‫ِ‬
‫االستحساف‬ ‫تفضيل‬ ‫‪َّ -249‬‬
‫وأكدوا‬
‫َ‬
‫وص َّح ُحا ا ِإلبْطاال‬ ‫ِ‬
‫بنفيو َ‬ ‫والشافعي قاال‬
‫ُّ‬ ‫ومالـ‬
‫ٌ‬ ‫‪-250‬‬
‫تساىل الصناع يف حوائج الناس‪ ،‬استحسن الفقهاء أف يضمنوىم‪ ،‬وىو‬ ‫=‬
‫كما ترى استثناء حكيم من القاعدة الكلية‪ :‬أف األمُت ال يضمن إال‬
‫بالتفريط‪.‬‬

‫‪247‬و‪248‬ػ أخرب الناظم بأف األحناؼ و اغبنابلة اعتربوا االستحساف دليبلً‬


‫شرعياً‪ ،‬وذلك دبا قابلو من دليل الكتاب العزيز يف قولو سبحانو وتعاىل‪:‬‬
‫أدغٕٗ‪-18‬‬
‫ف‪١‬زجؼ‪ْٛ‬سورة الزمر ‪-‬‬
‫}‬ ‫{اٌز‪٠ ٓ٠‬غزّؼ‪ ْٛ‬اٌم‪ٛ‬ي‬
‫وكذلك قولو عز وجل‪ { :‬ارجؼ‪ٛ‬ا أدغٓ ِب أٔضي ئٌ‪١‬ىُ ِٓ}سثىُ‬
‫سورة الزمر ػ ‪ 55‬ػ‬
‫ومن السنة ما روى موقوفاً على عبد اهلل بن مسعود‪( :‬ما رآه اؼبسلموف‬
‫حسناً فهو عند اهلل حسن)‪.‬‬
‫‪249‬ػ ويعترب اغبنفية االستحساف مصدراً رئيساً من مصادر التشريع‪ ،‬ويقدمونو على‬
‫القياس‪ ،‬ألنو عندىم قياس يف اغبقيقة‪ ،‬تقَّوى دبرجح‪ ،‬كاف أوىل من القياس‬
‫اآلخر الذي مل يتأيد دبرجح‪.‬‬
‫‪250‬ػ وأنكر اإلماـ مالك حجية االستحساف‪ ،‬وكذلك فقد تشدد الشافعي يف‬
‫إنكار اؼبسألة‪ ،‬وقاؿ من استحسن فقد شرع‪ ،‬وصنف كتابا خاصا أظباه‪:‬‬
‫إبلاؿ االستحساف‪.‬‬
‫انًصانخ انًزسهح‬

‫احاً‬
‫صر َ‬
‫ِ‬
‫ما لم يَ ِر ْد في حكمها ُ‬ ‫اص ِطبلحػا‬ ‫ِ‬
‫وعرفوا المصال َح ْ‬
‫‪َّ -251‬‬
‫وال على إلغائِها أ َْوردِّىا‬ ‫ْمها‬ ‫شرع في اعتبا ِر حك ِ‬
‫ُ‬ ‫دليل ٍ‬ ‫‪ُ -252‬‬
‫ْف في استقبللِها في‬ ‫وال ُخل ُ‬ ‫والسج ِ‬
‫وف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كالجند والديواف ُّ ُ‬
‫‪ُ -253‬‬
‫بارع‬
‫قاؿ ِ‬ ‫الدَّيِـ ِنىا على َم ٍ‬
‫لنَْب‬ ‫األحناؼ ثم الشافِ ِع ْي‬
‫ُ‬ ‫فـىب‬ ‫‪-254‬‬
‫َ‬
‫‪ 251‬و ‪ -252‬اؼبصاحل اؼبرسلة‪ :‬ىي اؼبصلحة اليت مل ينص الشارع على حكم‬
‫لتحقيقها‪ ،‬ومل يدؿ دليل شرعي على اعتبارىا أو إلغائها‪.‬‬
‫وىكذا فإف اؼبصاحل ثبلثة أنواع‪:‬‬
‫‪ -1‬مصاحل معتربة‪ ،‬نص عليها الشارع وأمر هبا ودعا إليها‪ :‬كالزواج والسفر‬
‫والصيد‪..‬‬
‫‪ -2‬مصاحل ملغاة‪ ،‬حرمها الشارع وهنى عنها‪ :‬كالربا والقمار وغَتىا‪...‬‬
‫‪ -3‬مصاحل مرسلة‪ ،‬سكت عنها الشارع‪ ،‬وىي اؼبراد باالستصبلح‪.‬‬
‫‪ -253‬وأورد من األمثلة على اؼبصاحل اؼبرسلة أنظمة اعبند‪ ،‬وتدوين الدواوين‪،‬‬
‫وإحداث السجوف لردع اجملرمُت‪ ،‬فكل ىذه اؼبصاحل قررىا األصحاب فبا‬
‫سكت عنو الشارع العظيم‪.‬‬
‫مث أخرب أف األصوليُت ـبتلفوف يف اعتبار اؼبصلحة اؼبرسلة دليبلً مستقبلً يف‬
‫الدين‪ .‬فمنهم من يعدىا دليبلً مستقبلً‪ ،‬ومنهم من يعتربىا دليل استئناس‬
‫يعضد بو الدليل األصل‪.‬‬
‫‪ -254‬أخرب أف اغبنفية والشافعية مل يعتربوا اؼبصاحل دليبلً شرعياً‪ ،‬وؽبم يف ذلك‬
‫كبلـ أوضحو البيت التايل‪:‬‬
‫كتاباً أو حديثاً أو إجماعاً‬ ‫كل أم ِرنا قد راعى‬ ‫‪َّ -255‬‬
‫فالش ْرعُ َّ‬
‫الحكم ُمستَ ِقبلً‬ ‫ُ‬
‫يػبنى ِ‬
‫عليو‬ ‫ُْ‬ ‫أصبلً‬ ‫اف َج َعبلهُ ْ‬‫‪ -256‬واآلخر ِ‬
‫بغالب األَ ناـ أَ ْف تُحيطَا‬‫ِ‬ ‫‪ -257‬واشتَرطوا ثبلثةً شروطاً‬
‫ض حجةً َش ْر ِعيَّ ْة‬ ‫تعار ْ‬
‫ولم َ‬ ‫واقعي ْة‬
‫كـاؾ أ ْف تكو َف َّ‬‫‪َ -258‬‬
‫والسد لل َـرائ ِع‬‫ُّ‬ ‫درءُ األَ َذى‬ ‫‪ -259‬ثَ َّم لها أَربعةٌ د ِ‬
‫واع ْي‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الببلغ ُم ْؤتَ َم ْن‬
‫ِ‬ ‫ت في‬
‫ْه ْم فأنْ َ‬
‫فافػ َ‬ ‫مصالح‪ ،‬تغُّ ُير َّ‬
‫الزَم ْن‬ ‫ٍ‬ ‫جلب‬
‫‪ُ -260‬‬

‫‪ -255‬احتج األحناؼ والشافعية بأف الشرع جاء كامبل فيو تبياف كل شيء‪ ،‬عن‬
‫طريق سبلو الثبلثة الكتاب واغبديث واإلصباع‪ ،‬وقرروا أف سائر مصاحل‬
‫اؼبسلمُت موجودة يف ىذه اؼبصادر الثبلثة‪.‬‬
‫‪ -256‬أخرب أف مالكاً وأضبد جعبل اؼبصلحة اؼبرسلة أصبلً تبٌت عليو األحكاـ‬
‫الشرعية باستقبلؿ‪ ،‬إذ الزماف يتغَت وتبدو يف كل عصر مصاحل جديدة‪ ،‬مل‬
‫يكن يراىا األولوف‪ ،‬فلو مل يشرع االستصبلح لتعللت مصاحل كثَتة للعباد‪،‬‬
‫وإف القوؿ بتحرًن اؼبصلحة ليس أىوف من القوؿ بإباحتها‪ ،‬فكبلنبا نوع من‬
‫الرأي فيما ال نص فيو‪.‬‬
‫‪ 257‬و‪ -258‬واشًتط القائلوف حبجية اؼبصاحل اؼبرسلة ثبلثة شروط‪:‬‬
‫األوؿ‪ :‬أف تكوف مصلحةعامة ال خاصة‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬أف تكوف مصلحة حقيقية ال ونبية‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أف ال تعارض أصبلً شرعياً معترباً‪.‬‬
‫‪ 259‬و‪ -260‬وؽبذه اؼبصاحل عند القائلُت هبا أربعة دو ٍاع تلجىءإليها وىي‪ :‬درء‬
‫األذى عن الناس‪ ،‬وسد الذرائػع اليت توصل إىل األذى =‬

‫واإلمث‪،‬وجلب اؼبصاحل لؤلمة‪ ،‬وتغَت الزمن الذي يستلزـ طروء مصاحل‬ ‫=‬
‫جديدة للناس‪.‬‬
‫وقولو‪( :‬فافهم فأنت في الببلغ مؤتمن )توجيو للالب العلم ليفهم ضوابط‬
‫اؼبصلحة يف الشرع‪ ،‬فبل يقفز فوؽ النصوص حبجة اؼبصلحة‪ ،‬وال يتساىل‬
‫يف ربقيق شروطها السالفة‪.‬‬
‫االستصذاب‬

‫فيو ِ‬
‫قاض‬ ‫يقض ِ‬ ‫لحاض ٍر لم ِ‬ ‫ِ‬ ‫حكم أَم ٍر ِ‬
‫ماضي‬ ‫اصطحاب ِ‬ ‫‪ -261‬ىو‬
‫ُ‬
‫ثبوت غي ِره مبلئماً‬ ‫إلى ِ‬ ‫فيستمر الحكم فيو قائماً‬ ‫ُّ‬ ‫‪-262‬‬
‫نَػ ْفياً وإِثْباتاً بِبل أَ ْخ ٍـ َوَر ْد‬ ‫‪ -263‬واعتَبَروه ُح َّجةً إذا ان َف َر ْد‬
‫ِ‬
‫بالقيود‬ ‫األحناؼ‬
‫ُ‬ ‫وردَّه‬ ‫‪ -264‬مثالُوُ الحياةُ للم ْف ِ‬
‫قود‬ ‫َ‬

‫‪261‬و‪ -262‬االستصحاب يف تعريف الشوكاين‪ :‬ما ثبت يف الزمن اؼباضي‪،‬‬


‫فاألصل بقاؤه يف الزمن اؼبستقبل‪ .‬ومثالو‪ :‬اغبكم بصحة الوضوء‬
‫عند الشك استصحابا لؤلصل حىت يثبت ما يبللو‪ .‬وكذلك اغبكم‬
‫باغبياة للمفقود ولو انقلعت أخباره‪ ،‬فتثبت لو حقوقو من اؼبواريث‬
‫والوصايا‪ ،‬ووبرـ توزيع مالو‪ ،‬وتبقى زوجتو على عصمتو‪..‬‬

‫‪263‬و‪ -264‬أورد الناظم اؼبثاؿ الذي قررناه‪ ،‬مث بُت أف اغبنفية ال يروف‬
‫االستصحاب حجة شرعية‪ ،‬ولكن احملققُت من اغبنفية يعتربونو‬
‫حجة يف الدفع دوف اإلثبات‪ ،‬أي يف إبقاء ما كاف على ما كاف‪،‬‬
‫فاؼبفقود مثبل وبرـ توزيع مَتاثو استصحابا على األصل‪ ،‬ولكن ال‬
‫يثبت لو مَتاث جديد من قريب لو يتوىف‪ .‬وأخرب يف البيت الذي‬
‫قبلو أف الباقُت من الفقهاء اعتربوا االستصحاب حجة شرعية يف‬
‫النفي واإلثبات صبيعاً‪.‬‬
‫ِ‬
‫األصل‬ ‫اصطحاب ِ‬
‫حكم‬ ‫ُ‬ ‫أولها‬ ‫ِ‬
‫األصل‬ ‫‪ -265‬أنواعو ثبلثةٌ في‬
‫ِ‬
‫للحقوؽ بالبر َاء ْة‬ ‫ِ‬
‫كالحكم‬ ‫‪ -266‬وبع َده ما أصلُو البر َاء ْة‬
‫على ثبوتِِو إلى زوالِ ِو‬ ‫حكم حالِ ِو‬
‫اصطحاب ِ‬ ‫ُ‬ ‫‪ -267‬ثالثُها‬
‫ِ‬
‫وآخ َر األ َِدلَّ ِة المحكيَّة‬ ‫‪ -268‬واعتَبروا َدليلَو ظَنِّػيَّا‬

‫‪265‬و‪266‬و‪ -267‬بُت الناظم أف االستصحاب على ثبلثة أنواع‪:‬‬


‫األوؿ‪ :‬استصحاب اغبكم األصلي لؤلشياء‪ ،‬وىو اإلباحة‪ ،‬إذ األصل يف‬
‫األشياء اإلباحة ما مل يرد نص بالبياف‪.‬‬
‫وىكذا فإف اهلل عز وجل قاؿ‪ :‬وقد فصل لكم ما حرـ عليكم‪ ،‬فكل‬
‫ما يفصلو اهلل عز وجل يف اغبراـ فهو على اإلباحة األصلية‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬استصحاب العدـ األصلي أو الرباءة األصلية‪ ،‬كاغبكم برباءة الذمة‬
‫للناس حىت يقوـ دليل النفي‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬استصحاب ما دؿ الشرع على ثبوتو لوجود سببو‪ ،‬حىت يقوـ الدليل‬
‫على زوالو‪ ،‬فهي مسألة حكم الشارع فيها حبكمو يف ظرؼ ما‪ ،‬مث‬
‫طرأت أوضاع تغَتت فيها الظروؼ‪ ،‬ولكن اغبكم يف اؼبسألة على حالو‬
‫األوؿ حىت يقوـ دليل واضح على تغَت اغبكم‪.‬‬
‫وىذا النوع ىو الذي اختلف فيو الفقهاء‪ ،‬أما النوعاف األوالف فهما ؿبل اتفاؽ‪،‬‬
‫وإف كاف الفقهاء ال يسموهنما استصحاباً‪.‬‬
‫ومن االستصحاب استنبط الفقهاء عدة قواعد كلية‪ ،‬منها‪ :‬اليقُت ال يزوؿ‬
‫بالشك‪ ،‬األصل يف األشياء اإلباحة‪ ،‬األصل بقاء ما كاف على ما كاف حىت‬
‫يثبت ما يغَته‪.‬‬
‫‪ -268‬ويعترب االستصحاب دليبلً ظنياً يف اثبات األحكاـ‪ ،‬وذلك عند فقد الدليل‬
‫من الكتاب والسنة واإلصباع والقياس‪ ،‬وىو آخر مدار الفتوى‪.‬‬
‫انعزف‬

‫ِ‬
‫العقوؿ ال الطُ ِ‬
‫روس‬ ‫من ِ‬
‫جهة‬ ‫استقر في النُّػ ُف ِ‬
‫وس‬ ‫والعرؼ ما َّ‬‫ُ‬ ‫‪-269‬‬
‫‪......‬‬ ‫وؿ‪..‬‬ ‫ضاه النَّاس بال َقبُ ِ‬
‫‪ -270‬ثُ َّم ْارت َ‬
‫ُ‬
‫أنواعو أربعةٌ‪..‬فالقولي‬
‫ُ‬ ‫‪..... -270‬‬
‫اب في إطبلقِ ِو‬ ‫كاللحم والشر ِ‬
‫ِ‬ ‫الناس على إطبلقِ ِو‬ ‫تعارؼ ُ‬
‫َ‬ ‫‪-271‬‬
‫كالم ْه ِر في أَوانِ ْو‬ ‫كاأل ِ‬
‫َكل أو َ‬ ‫عارفوا إِتْػيَانَ ْو‬
‫والع َملي تَ َ‬
‫‪َ -272‬‬

‫‪269‬و‪ -270‬العرؼ عند اغبنفية‪ :‬ما استقر يف النفوس من جهة العقوؿ‪ ،‬وتلقتو‬
‫اللباع السليمة بالقبوؿ‪.‬‬
‫وقوؿ الناظم ( كالطروس) أفاد بأف اؼبقصود بالعرؼ ما تعارفو الناس بغَت‬
‫قانوف مكتوب يف اللروس أي الصفحات‪ ،‬إذ كل قانوف وضعي وبكم بو‬
‫زمنا يصبح عرفاً‪ ،‬فمراد الناظم نفي ذلك وربديد العرؼ بأنو ما دفعت إليو‬
‫اللباع السليمة بغَت مؤثر خارجي‪.‬‬
‫‪270‬و‪ -271‬أخرب بأف العرؼ أربعة أنواع‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬عرؼ قويل‪ :‬إذا تعارؼ الناس علىإطبلؽ لفظ ما للداللة على معٌت‬
‫معُت كما لو تعارفوا على إطبلؽ اللحم على اغبيواف وعدـ إطبلقو‬
‫على السمك واللَت‪.‬‬

‫‪ - 272‬ثانياً‪ٌ :‬‬
‫عرؼ عملي‪ :‬كما لو تعارؼ الناس على تقسيم اؼبهر إىل معجل‬
‫ومؤجل‪.‬‬
‫ثلة أفر ِاد‬ ‫عرؼ ٍ‬
‫والخاص ُ‬ ‫عم في ِ‬
‫الببلد‬ ‫والعاـ ما يَ ُّ‬
‫‪ُ -273‬‬
‫واختلفوا َى ْل يَ ْستَ ِق ُّل ؟‪...‬قيبل‬ ‫‪ -274‬واتَّػ َف ُقوا في كونِو دليبلً‬
‫كامبلً‪َ ..‬و َدلِّ ِل‬‫خـه دليبلً ِ‬ ‫والحنبَلي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫والحنَفي َ‬ ‫للمػالكي َ‬ ‫‪َ -275‬‬
‫وما رأَوه حسناً فلتع ِر ِ‬ ‫الكتاب أَمره بالعر ِ‬ ‫‪ِ -276‬م َن‬
‫ؼ‬ ‫ُْ َ َ َ‬ ‫ؼ‬ ‫ِ ْ ُُ ُْ‬
‫العقل عن َد مع َشر ا ِإلنْس ِ‬
‫اف‬ ‫َ‬ ‫في ِ‬ ‫السل ِ‬
‫ْطاف‬ ‫كـاؾ مالوُ ِم َن ُّ‬‫‪َ -277‬‬
‫إال إذا أرش َد العتبا ِرهِ‬ ‫ماؿ إلى إنكا ِرهِ‬‫والشافعي َ‬ ‫‪-278‬‬
‫ْ‬

‫‪ - 273‬ثالثاً‪ :‬عرؼ عاـ‪ :‬ىوما كاف متفقاً على التعامل فيو يف سائر الببلد‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬عرؼ خاص‪ :‬ىو عرؼ صباعة بعينهم‪ ،‬كعرؼ التجار‪ ،‬وعرؼ‬
‫اغبا َك ِة‪ ،‬وعرؼ اغبرفيُت‪.‬‬
‫احتف بغَته من‬
‫العرؼ حجةٌ شرعية إذا َّ‬ ‫‪ -275-274‬واتفق الفقهاءُ على أف َ‬
‫األدلة‪ ،‬ولكن اختلفوا ىل يكوف وحده دليبل شرعياً إذا مل يوجد سواه‪ ،‬فقاؿ‬
‫اؼبالكية واغبنفية واغبنابلة‪ :‬وبتج بالعرؼ وحده يف األحكاـ‪ ،‬واستدلوا لذلك‬
‫دبا يلي‪:‬‬
‫‪ -276‬أي استدلوا من القرآف الكرًن بقولو تعاىل‪ { :‬خز اٌؼف‪ٚ ٛ‬أِش ثبٌؼشف‬
‫اٌجبٍ٘‪ٓ١‬‬
‫سورة األعراؼ آية ‪-200-‬‬ ‫}‬ ‫‪ٚ‬أػشع ػٓ‬
‫ومن السنة ما رواه ابن مسعود موقوفاً‪( :‬ما رآه اؼبسلموف حسناً فهو عند اهلل‬
‫حسن)‪.‬‬
‫‪ -277‬واستدلُّوا باؼبعقوؿ‪ ،‬وىو ما تبلحظو من سللاف العرؼ يف نفوس الناس‪،‬‬
‫واحتكامهم إليو بالفلرة والبداىة‪.‬‬
‫‪ -278‬وعبارة الشافعية‪ :‬إف العرؼ ليس حجة وال دليبلً شرعياً إال إذا أرشد الشارع‬
‫إىل اعتباره‪.‬‬
‫يخالف ثابتاً ِ‬
‫للناس‬ ‫ُ‬ ‫ولم‬ ‫عموموُ في ِ‬
‫الناس‬ ‫‪ -279‬واشترطوا َ‬

‫‪ -279‬واشًتط اعبمهور لدى احتجاجهم بالعرؼ شرطُت اثنُت‪ :‬أف يكوف عاماً‬
‫يف الناس‪ ،‬أو عاماً يف مناطو كما قدمنا‪ ،‬فعرؼ التجار حجة على التجار‬
‫دوف الصناع‪ ،‬وعرؼ اغباكة حجة على اغباكة دوف البنائُت‪ ،‬والثاين أف ال‬
‫ىبالف دليبلً شرعياً ثابتاً‪.‬‬
‫لىل انصذاتي‬

‫ليس لَوُ َس ْبي ُل‬‫في كل ما َ‬ ‫‪ -280‬واتَػ َفقوا في أنَّوُ ُ‬


‫دليل‬
‫يكوف حجةً كما روينا‬ ‫‪ -281‬كـاؾ إف أقَّرهُ الباقونا‬
‫فقيل يَنبغي التز ُامنا بِ ِه ْم‬ ‫ِ‬
‫اختبلؼ رأي ِه ْم‬ ‫‪ -282‬واختلَ ُفوا لدى‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫لخب ِر النُّجوـ فِي ِه ْم فاقتفي‬ ‫والحنَ ِفي‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫‪ -283‬بواحد لمالـ َ‬
‫المخالََفة‬ ‫تابعين نَػ َقلُوا ُ‬
‫َ‬ ‫َع ْن‬ ‫والشافِ ِع ُّي خالََف ْو‬
‫‪ -284‬وأحم ٌد َّ‬

‫قوؿ الصحايب حجةٌ إذا تكلم يف أموٍر ال سبيل إىل‬‫‪ -280‬اتفق الفقهاء على أف َ‬
‫معرفتها يف االجتهاد‪ ،‬كأمور القيامة والعقائد والعبادات‪ ،‬وإف كبلمهم يف‬
‫ىذه اؼبسائل ينزؿ منزلة اغبديث اؼبرفوع‪.‬‬
‫‪ -281‬واتفقوا كذلك أف قوؿ الصحايب إذا مل يوجد لو ـبالف من الصحابة‪ ،‬يكوف‬
‫دبنزلة اإلصباع السكويت‪ ،‬حجة الزمة على اؼبسلمُت‪.‬‬
‫‪282‬و‪ -283‬واختلف األصوليوف لدى اختبلؼ أقواؿ الصحابة‪ ،‬على قولُت‪:‬‬
‫األوؿ‪ :‬وىو قوؿ أيب حنيفة هبب التزاـ قوؿ واحد منهم ببل تعيُت‪ ،‬ألف‬
‫اختبلفهم على قولُت إصباع بأنو ال ثالث يف اؼبسألة وىذا ملزـ‬
‫باجتناب ما أصبعوا على نفيو‪.‬‬
‫‪ -284‬الثاين‪ :‬قوؿ أضبد والشافعي‪ ،‬وىو أف قوؿ الصحايب ليس حجة يف شيء‪،‬‬
‫وقد اختلف األصحاب فيما بينهم‪ ،‬وترؾ التابعوف أقواؿ الصحابة‪،‬‬
‫إذ العربة باألدلة اليت نقلها الصحابة ال باآلراء اليت رآىا الصحابة‪.‬‬
‫شزع يٍ لهثُا‬

‫ِم ْن قبلِنا ملغيةٌ أ َْـ دينَا‬ ‫شرعة الـينا‬‫‪ -285‬واختلَ ُفوا في ِ‬


‫كالص ِ‬
‫ياـ‬ ‫الدين ِّ‬ ‫أقر ُ‬ ‫مما َّ‬ ‫‪ -286‬فاتفقوا في األخ ِػـ باألحك ِػاـ‬
‫في َش ْر ِعنا‪ .‬كالقط ِع مما اتَّ َسخا‬ ‫نسخ ما قد نُ ِسخا‬ ‫‪ -287‬واتفقوا في ِ‬
‫ولم يُػ ْن َس ْخ ثُ َّم لَ ْم يُؤيَّدا‬ ‫حكم ما قَ ْد َوردا‬ ‫‪ -288‬واختلَ ُفوا في ِ‬
‫‪...‬‬ ‫ب‬ ‫بالنفس و ُش ْر ِ‬
‫ِ‬ ‫‪ -289‬كالنفس‬
‫منْر شرع من قبلنا ؾبموعة األحكاـ واألوامر اإلؽبية اليت أنزؽبا اهلل عز‬
‫ض‬
‫محت َ‬
‫‪ -285‬يراد‬
‫وجل على األنبياء الكراـ قبل بعثة النيب ‪ .‬وىي تنقسم إىل ثبلثة‬
‫أقساـ‪:‬‬
‫‪ - 1‬ما أقره شرعنا وأمر بو ‪ - 2‬ما هنى عنو ‪ - 3‬ما سكت عنو‪.‬‬
‫‪ -286‬فاتفقوا اف األحكاـ اليت أقرىا شرعنا وأمر هبا أحكاـ معتربة‪ ،‬كما يف‬
‫الصياـ‪ ،‬حيث قاؿ اهلل عز وجل { ‪٠‬ب أ‪ٙ٠‬ب اٌز‪ ٓ٠‬إِٓ‪ٛ‬ا وزت ػٍ‪١‬ىُ‬
‫سورةرزم‪ْٛ‬‬
‫ٌؼٍىُ‬
‫اٌظ‪١‬بَ وّب وزت ػٍ‪ ٝ‬اٌز‪ ِٓ ٓ٠‬لجٍىُ }‬
‫البقرة‪ ،‬آية ‪-186-‬‬
‫‪ -287‬واتفقوا كذلك أف األحكاـ اليت نسخها شرعنا وألغاىا‪ ،‬أحكاـ ملغية ال‬
‫يصح االحتجاج هبا‪ ،‬وال القياس عليها‪ ،‬وذلك كقتل النفس لدى التوبة‪،‬‬
‫وقلع الثوب لدى طروء قبس عليو‪ ،‬وكبلنبا أحكاـ مقررة عند بٍت‬
‫إسرائيل‪.‬‬
‫‪288‬و‪ -289‬واختلفوا يف األحكاـ اليت وردت يف الكتاب والسنة إخباراً عن‬
‫األمم األوىل‪ ،‬مث لػم يػأت فػي شرعنػا مػا يؤيدىػا وال مػا يبللهػا‪ ،‬مثل =‬
‫والبعض قَػ ّر‬
‫ُ‬ ‫والحنبلي‬
‫ْ‬ ‫فالحنفي‬
‫ْ‬ ‫‪..... -289‬‬
‫لكل سام ِع‬ ‫ِ‬
‫والرجم واقتد ْه ِّ‬ ‫‪ -290‬ودلَّلوا بوحدةِ الشرائ ِع‬
‫هاج ُه ْم‬ ‫ٍِ‬ ‫ِ‬ ‫أنكر استِداللَ ُه ْم‬
‫بأَف ل ُك ِّل أمة م ْن ُ‬ ‫والشافعي َ‬
‫ُّ‬ ‫‪-291‬‬

‫قولو تعاىل‪ٚ { :‬وزجٕب‪.‬ػٍ‪ ُٙ١‬أْ إٌفظ ثبٌٕفظ ‪ٚ‬اٌؼ‪ ٓ١‬ثبٌؼ‪ٓ١‬‬ ‫=‬


‫لظبص‬
‫سورة اؼبائدة‬ ‫‪ٚ‬اأف ثبأف ‪ٚ‬اارْ ثبارْ ‪ٚ‬اٌجش‪ٚ‬ح }‬
‫‪ ،-45-‬ومثلو قولو تعاىل{ ‪ٔٚ‬جئ‪ ُٙ‬أْ اٌّبء لغّخ ث‪ ُٕٙ١‬وً ششة‬
‫ِذزضش} سورة القمر ‪ -28-‬فاختلفوا يف مثل ىذه اغبالة على قولُت‪:‬‬
‫فذىب اغبنفيةُ واغبنابلة وبعض الشافعية واؼبالكية إىل إقرار االحتجاج‬
‫َ‬ ‫‪289‬ػ‪290‬ػ‬
‫بشرع من قبلنا‪ ،‬واستدلوا لذلك بأف الشرائع يف األصل واحدة‪ ،‬وأف عقيدتنا‬
‫تأمرنا باتباع الرسل السابقُت واالىتداء هبم‪ ،‬وقد قاؿ اهلل عز وجل‪:‬‬
‫الزذٖ‪-90-‬‬ ‫فج‪ٙ‬ذاُ٘‬
‫سورة األنعاـ‬ ‫}‬ ‫{أ‪ٌٚ‬ئه اٌز‪٘ ٓ٠‬ذ‪ ٜ‬هللا‬
‫‪ -291‬والقوؿ الثاين ىو قوؿ اإلماـ الشافعي‪ ،‬إذ مل يعترب شرع من قبلنا حجة يف‬
‫شرعنا‪ ،‬واستدؿ لذلك بقوؿ اهلل عز وجل‪ٌ { :‬ىً جؼٍٕب ِٕىُ ششػخ‬
‫‪ِٕٙٚ‬بج}بًا سورة اؼبائدة‪ ،‬آية ‪.- 48 -‬‬
‫سد انذرائع‬

‫اح‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫وموص ٌل لما بو ُجنَ ُ‬ ‫باح‬
‫كل ما ظاى ُره ُم ُ‬ ‫‪ -292‬و َّ‬
‫الشافِ ِع ْي‬
‫حنبل ال َّ‬ ‫وابن ٍ‬ ‫مالـ ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪ -293‬أباه سداً م ْنوُ لِ َّ‬
‫لـرائِ ِع‬
‫لِ ُك ِّل َم ْن يَػ ْع ُدوبغي ِر ِع ِ‬
‫لم‬ ‫ذاؾ بمن ِع ِ‬
‫الشتم‬ ‫‪َّ -294‬‬
‫وأك َدا َ‬

‫‪ -292‬الذريعة لغة‪ :‬الوسيلة‪ ،‬وىي يف تعريف األصوليُت‪ :‬ما ظاىره مباح‪ ،‬ويتوصل‬
‫سد‬ ‫بو إىل ؿبرـ‪ .‬فالنهي عن ىذا اؼبباح خوفاً من أثره‪ ،‬وىو ما يسمى‪( :‬‬
‫الـرائع) مثالو‪ :‬النهي عن سب اؼبشركُت يف قولو تعاىل‪ٚ { :‬ال رغج‪ٛ‬ا‬
‫فسبػٍُ‬
‫ثغ‪١‬ش ُّ‬
‫اٌز‪٠ ٓ٠‬ذػ‪ ِٓ ْٛ‬د‪ ْٚ‬هللا ف‪١‬غج‪ٛ‬ا هللا ػذ‪ٚ‬ا}‪،‬‬
‫اؼبشركُت وأوثاهنم مباح يف األصل‪ ،‬ولكن هنى اهلل عنو لئبل يكوف ذريعة‬
‫لسب اهلل‪.‬‬
‫‪ -293‬أخرب بأف اؼبالكية واغبنابلة قالوا بأف َّ‬
‫سد الذرائ ِع حجةٌ تتقرر ألجلها‬
‫األحكاـ‪ ،‬وعرب الناظم بقولو ( أباه) عن منعهم للذريعة وإبائهم ؽبا ؼبا فيها‬
‫من مدخل للمفاسد‪ ،‬أما الشافعي رضي اهلل عنو فقد اتفق مع اعبمهور يف‬
‫اؼبآؿ‪ ،‬ولكنو ال يرى ذات السبيل‪ ،‬بل يقوؿ‪ :‬إمبا ربرـ الذريعة ذاهتا باألدلة‬
‫اؼبعتربة‪ ،‬وال داعي لتحريبها بالتبع‪.‬‬
‫‪294‬ػ وأكدا أي أضبد ومالك‪ ،‬أكدا ىذه القاعدة باؼبثاؿ السابق الذي أشرنا إليو‪،‬‬
‫حوؿ منع شتم اؼبشركُت‪.‬‬
‫حرَـ الوقيعة‬
‫لـاتها أي َّ‬ ‫حرـ الـريعة‬
‫والشافعي َ‬
‫ُّ‬ ‫‪-295‬‬
‫‪295‬ػ ورأى الشافعي أف منع شتم اؼبشركُت تقرر باآلية وليس باالجتهاد‪ ،‬فلو مل‬
‫تنص عليو اآلية مل يكن ألحد أف يقوـ بتحريبو حبجة سد الذرائع‪ .‬وىو ما‬
‫أراده الناظم بقولو‪ :‬أي حرـ الوقيعة‪.‬‬


‫الباب الثاني‬
‫هباحث الحكن‬


‫انفصم األول‪ :‬انذكى‬

‫وأطلقوه فار ِو ما تشاءُ‬ ‫‪ -296‬وحدُّهُ في اللغة القضاءُ‬


‫وارد‬
‫ثم الـي عند القضاة ُ‬ ‫إثبات أم ٍر ما ألم ٍر واح ُد‬ ‫‪ُ -297‬‬
‫خطاب َربنا لنا ُمب ْيػنَا‬
‫ُ‬ ‫‪ -298‬تعري ُفوُ عنَد األصوليينَا‬
‫الخطاب قَ ْد َجبل وانْػتَ َش َرا‬ ‫ِ‬ ‫َع ِن‬ ‫اعتبروه األَثَرا‬
‫‪ -299‬والفقهاءُ ُ‬
‫رع ُّي‪ ..‬دو َف َم ْي ِن‬ ‫الش ِ‬
‫فاألو ُؿ َّ‬ ‫قس َمي ِن‬
‫َّ‬ ‫صدراً ْ‬ ‫وقس ُموهُ َم ْ‬
‫‪َّ -300‬‬
‫وعمبلً أَو اِعتقاداً فهو ذا‬ ‫اإللو أ ِ‬
‫ُخ َـاْ‬ ‫وذاؾ ما ِمن ِ‬
‫َ‬ ‫‪َ -301‬‬

‫‪ -296‬اغبكم لغة‪ :‬القضاء‪ ،‬مث لو عند اطبلقو أربعة معاف وىي‪:‬‬

‫‪ -297‬اؼبعٌت األوؿ‪ُ :‬‬


‫إثبات شيء لشيء‪ ،‬وىو تعريف اؼبناطقة‪ ،‬كما لو قلت‪ :‬زي ٌد‬
‫عامل‪ ،‬فأنت تريد أف تثبت العلم لزيد‪.‬‬
‫اؼبعٌت الثاين‪ :‬ما صدر عن القضاة من األحكاـ‪ ،‬وىو تعريف اغبقوقُت‪.‬‬
‫‪ -298‬اؼبعٌت الثالث‪ :‬اغبكم ىو خلاب اهلل تعاىل وىو النص الصادر عن الشارع‪،‬‬
‫وىو تعريف األصولُت‪.‬‬
‫‪ -299‬اؼبعٌت الرابع‪ :‬اغبكم ىو أثر خلاب اهلل تعاىل‪ ،‬وىو تعريف الفقهاء‪ ،‬فبينما‬
‫يرى األصوليوف أف اآلية ىي اغبكم الشرعي‪ ،‬يرى الفقهاء أف أثرىا أي‬
‫الوجوب أو اغبرمة أو غَتىا حيث دلت عليو ىو اغبكم الشرعي‪.‬‬
‫=‬ ‫‪300‬و‪ -301‬يقسم اغبكم عند األصولُت إىل قسمُت اثنُت‪:‬‬
‫َحكاـ كالحكم الـي‬ ‫شارع األ ِ‬‫من ِ‬ ‫‪ -302‬وبع َدهُ ُك ُّل الَّـي لَ ْم يُػ ْؤ َخ ِـ‬
‫عرؼ فـاؾ دوف شرع قد ُزكِ ْن‬ ‫ٍ‬ ‫عقل ومن حس ٍن ِ‬
‫وم ْن‬ ‫‪ -303‬أُخ َـ من ِ‬
‫ّ‬
‫خطاب ربنا الغفوِر‬
‫ُ‬ ‫ىو‬ ‫‪ -304‬والحكم حدُّهُ لدى الجمهوِر‬
‫ضى‬
‫الم ْرتَ َ‬
‫وىـا ُ‬ ‫ضعاً َ‬‫تخييراً أو َو ْ‬ ‫ضا‬‫‪ -305‬ومتعل ٌق بفعلنا اقت َ‬

‫األوؿ‪ :‬اغبكم الشرعي الذي دؿ الدليل الشرعي عليو‪ ،‬فهو إذف ال‬ ‫=‬
‫يتوقف على حجج عقلية‪ ،‬بل هبب التزامو حاؿ ثبوتو‪ ،‬وىو يشمل أحكاماً‬
‫عملية وأحكاماً اعتقادية‪ .‬وقوؿ الناظم (دوف مين) أراد بو دوف شك‪.‬‬
‫َّ‬
‫دليل شرعي‪ ،‬بل عرؼ دبحض العقل‬ ‫‪302‬و‪ -303‬الثاين‪ :‬اغبكم الذي مل يدؿ لو ٌ‬
‫اغبس أو العرؼ‪ ،‬كما لو قلت‪ :‬الكل أكرب من اعبزء‪ ،‬أو التواتر يفيد‬
‫أو ِّ‬
‫اليقُت‪ ،‬أو البحر ىائج‪ .‬فهذه كلها أحكاـ يلزـ اؼبصَت إليها‪ ،‬ولو مل ينص‬
‫عليها الشارع‪ ،‬ألف الشارع توجو إىل العقبلء‪ ،‬وىذه بديهيات يقررىا العقل‪.‬‬
‫وقوؿ الناظم (فـاؾ دوف شرع قد زكن) أي قد علم‪.‬‬
‫اآلمدي يف‬
‫ُّ‬ ‫‪304‬و‪ -305‬ذكر الناظم تعريف اغبكم عند اعبمهور كما أورده‬
‫األحكاـ‪ :‬اغبكم ىو خلاب الشارع اؼبتعلق بأفعاؿ اؼبكلفُت اقتضاءً أو زبيَتاً‬
‫أو وضعاً‪.‬‬
‫واؼبراد باالقتضاء‪ :‬اػبلاب الذي يتضمن الللب‪ ،‬وىويشتمل على ما شبرتو‬
‫اإلهباب أو التحرًن أو الندب أو الكراىة‪.‬‬
‫واؼبراد بالتخيَت‪ :‬اػبلاب الذي يتضمن زبيَت اؼبكلف بُت الفعل والًتؾ‪ ،‬أي‬
‫وضع شيء) أي جعل شيء‬ ‫اإلباحة‪ .‬واؼبراد بالوضع‪ :‬اػبلاب الذي يتضمن ( َ‬
‫ما سبباً أو مانعاً أو شرطاً أو صحيحاً أو فاسداً أو رخصةً أو‬
‫=‬ ‫عزيبة‪.‬‬
‫قسمين فالتكليفي ما أدَّى إلى‬ ‫الشرعي من ٍ‬
‫حكم إلى‬ ‫َّ‬ ‫وقسموا‬
‫‪َّ -306‬‬
‫ِ‬
‫كالنداء‬ ‫كـاؾ في التخيي ِر‬ ‫ِ‬
‫اقتضاء‬ ‫ِ‬
‫الخمسة في‬ ‫‪ٍ -307‬‬
‫حكم من‬
‫ٍ‬
‫لحكم قد‬ ‫األمر‬
‫يجعل َ‬‫َ‬ ‫أف‬ ‫الوضعي وىو ما اقتضى‬
‫ُّ‬ ‫‪ -308‬وبع َده‬
‫ب‬
‫مانعاً أو رخصةً أو يُجتنَ ْ‬
‫مضى‬ ‫أو‬ ‫سبب‬
‫‪ -309‬عبلمةً تجعلُو لو ْ‬
‫أو رخصةً أحكامها سليَم ْة‬ ‫يم ْة‬ ‫ِِ‬
‫‪ -310‬لكونو فاسداً او عز َ‬
‫حكم المباح قاؿ تخييراً بدا‬ ‫اآلمدي واحداً‬
‫ُّ‬ ‫‪ -311‬وزاد فيها‬

‫وظهر أف األحكاـ الشرعية نوعاف‪ :‬أحكاـ تكليفية وأحكاـ وضعية‪ .‬فثمرة‬ ‫=‬
‫األحكاـ التكليفية‪ :‬معرفة الواجب واغبراـ واؼبندوب واؼبكروه واؼبباح‪.‬‬
‫وشبرة األحكاـ الوضعية‪ :‬معرفة السبب والشرط واؼبانع والصحة والفساد‬
‫الرخصة والعزيبة‪.‬‬
‫من ‪306‬إلى ‪ -310‬سبق بياف ذلك كلو‪ ،‬وىو أف األحكاـ الشرعية تنقسم‬
‫قسمُت‪:‬‬
‫تكليفي ووضعي وقوؿ الناظم ( رخصة أحكامها سليمة ) قي ٌد أر َاد بو‬
‫االحًتاز من اخًتاع الرخص اليت مل يأذف هبا اهلل‪.‬‬
‫‪ -311‬أخرب الناظم أف اآلمدي وىو من األئمة األصولُت احملققُت‪ ،‬قسم اغبكم‬
‫الشرعي إلىثبلثة أقساـ‪ :‬األوؿ‪ :‬اغبكم االقتضائي‪ :‬وىو يشمل الواجب‬
‫واغبراـ واؼبندوب واؼبكروه‪ ،‬والثاين‪ :‬اغبكم التخيَتي‪ :‬وىو يشمل اؼبباح‪،‬‬
‫والثالث‪ :‬اغبكم الوضعي وتعريفو عنده ملابق ؼبا قرره اعبمهور‪.‬‬
‫انذكى انتكهيفي‬

‫أدَّى إلى التحر ِيم أو ما َ‬


‫يكرهُ‬ ‫‪ -312‬وقد مضى تعري ُفو وأنَّوُ‬
‫‪.....‬‬ ‫واإلباح ْو‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫واإليجاب‬ ‫ِ‬
‫والندب‬ ‫‪-313‬‬

‫والحنفي قَ َّس َم الكر َاى ْو‬


‫ُّ‬ ‫‪..... -313‬‬
‫ِ‬
‫بالفرض‬ ‫اد حكماً سابعاً‬ ‫وز َ‬ ‫‪ -314‬قسمين تنزيهاً وتحريماً رضي‬

‫مر آنفا وخبلصتو‪ :‬أف‬ ‫‪312‬و‪ -313‬أخرب الناظم أف تعريف اغبكم التكليفي َّ‬
‫اغبكم التكليفي ىو الذي يًتتب عليو التحرًن أو الكراىة أو الندب‬
‫أو اإلهباب أو اإلباحة‪.‬‬
‫‪ -314‬أخرب الناظم أف اغبنفية جعلوا أقساـ اغبكم التكليفي سبعة‪ :‬فزادوا فيها‬
‫سادساً حُت جعلوا الكراىة قسمُت‪ :‬تنزيهية وربريبية‪ ،‬وزادوا فيها سابعاً حُت‬
‫أضافوا الفرض‪ ،‬وميزوا بينو وبُت الواجب‪.‬‬
‫وسيأيت تفصيل قوؽبم يف الكراىة يف باب اؼبكروه‪.‬‬
‫أما قوؽبم يف تسمية (الفرض) فوؽ الواجب فقد ميزوا بينو وبُت الواجب من‬
‫وجوه‪:‬‬
‫‪ -1‬الفرض‪ :‬ما طلب الشارع فعلو طلباً جازماً بدليل قلعي الثبوت‬
‫والداللة‪ ،‬كالصبلة والزكاة‪ ،‬وفعلو واجب‪ ،‬ومنكره كافر‪ ،‬وتاركو بدوف‬
‫عذر فاسق‪.‬‬
‫‪ -2‬الواجب‪ :‬ما طلب الشارع فعلو طلباً جازماً بدليل ظٍت الثبوت أو ظٍت‬
‫الداللة كصبلة الوتر وصدقة الفلر‪ ،‬وفعلو واجب‪ ،‬لكن منكره ال يكفر‪،‬‬
‫وتاركو ال يسمى فاسقاً إال إف تركو استخفافاً‪.‬‬
‫انىاجة‬

‫كصوـ في َزَم ْن‬ ‫ف حتما ٍ‬ ‫مكلَّ ٍ‬ ‫عل ِمن‬ ‫ِ ِ‬


‫ً‬ ‫ُ‬ ‫طلب الشارِعُ فيو الف َ‬ ‫ما َ‬ ‫‪-315‬‬
‫فاعلُوُ استَ َح َّق للث ِ‬
‫َّواب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والعقاب‬ ‫َّأما ِم َن الث ِ‬
‫َّواب‬ ‫‪-316‬‬
‫س الطُبلَّبَا‬ ‫ِ‬ ‫ويَ ْستَ ِح ُّق الت ُ‬
‫َّارؾ ِ‬
‫فافه ْموُ َك ْي تُػنَاف َ‬
‫َ‬ ‫العقابا‬ ‫‪-317‬‬
‫اب‬ ‫ٍ‬
‫ثماف ْأو ُجو على أبْػ َو ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالخ ِ‬
‫طاب‬ ‫ويثبت الواجب ِ‬ ‫ُ‬ ‫‪-318‬‬
‫ُ‬
‫بالزكاةِ‬ ‫بالصبلةِ‬
‫واألمر َّ‬
‫قامةً ْ ُ‬ ‫إِ َ‬ ‫نحو األ َْم ِر َّ‬
‫األ َْم ُر َ‬ ‫‪-319‬‬
‫قاب إِ ْف لقيتُ ْم ظالِم‬ ‫الر ِ‬ ‫ضرب ِّ‬
‫َ‬ ‫ب َع ْن ٍ‬
‫فعل كما‬ ‫والمصد ِ‬
‫َّر النائ ُ‬
‫ُ‬ ‫‪-320‬‬

‫‪315‬و‪316‬و‪ -317‬الواجب ىو ما طلب الشارع فعلو من اؼبكلف طلباً حتما‪،‬‬


‫ويثاب فاعلو ويعاقب تاركو‪.‬‬
‫فالتعريف كما ترى اشتمل على عنصرين‪ :‬األوؿ‪ :‬من حيث صيغة الللب‪،‬‬
‫والثاين‪ :‬من جهة الثواب والعقاب‪.‬‬
‫‪318‬ػ أشار إىل أف األساليب اليت يتقرر هبا الوجوب شبانية‪:‬‬
‫‪ -319‬اإلسػػلوب األوؿ‪ :‬األمر ِ‬
‫بفعل األمر كقولو سبحانو‪ٚ { :‬أل‪ّٛ١‬ا اٌظسح‬
‫اٌضوبح‬
‫}‬ ‫‪ٚ‬آر‪ٛ‬ا‬
‫‪ -320‬األسلوب الثاين‪ :‬صيغة اؼبصدر النائب عن الفعل كقولو سبحانو { فارا‬
‫اٌشلبة‪ -4-‬أي فيجب عليكم‬
‫ٌم‪١‬زــُ اٌز‪ ٓ٠‬وفش‪ٚ‬ا فضشة } ؿبػمػد‬
‫ضرب الرقاب‪.‬‬
‫مثالُو إنفا ُؽ ذي الوسعة ِم ْن‬ ‫مضارع ِ‬
‫ببلـ أم ٍر يَػ ْقتَر ْف‬ ‫‪-321‬‬
‫كـا علي ُك ْم وذا في األمر لَ ْو‬ ‫َس َعتِ ِو‪ .‬كـاؾ باسم الفعل َم ْو‬ ‫‪-322‬‬
‫مماَ‬ ‫يأمرُك ْم بأ ْف تؤدُّوا ِّ‬ ‫يح باأل َْم ِر كما‬ ‫ِ‬
‫الـ َ‬ ‫سها التَّصر ُ‬ ‫خام ُ‬ ‫‪-323‬‬
‫الح ُّج لَ ْو)‬‫الصياـ) ثُ َّم ( َ‬
‫ُ‬ ‫َكػ ( ُكتِب‬ ‫أساليب اللُّغَة‬
‫ِ‬ ‫ذاؾ ِم ْن‬
‫وغير َ‬
‫ُ‬ ‫‪-324‬‬

‫‪321‬و‪ -322‬األسلوب الثالث‪ :‬الفعل اؼبضارع اؼبقًتف ببلـ األمر‪ ،‬مثالو قولو‬
‫}عؼزٗ‪ -7-‬فاؼبعٌت‪ :‬هبب على‬‫عزوجل { ٌ‪ٕ١‬فك ر‪ ٚ‬عؼخ ِٓ اللبلؽ‬
‫كل ذي سعة أف ينفق من سعتو‪.‬‬
‫األسلوب الرابع‪ :‬اسم الفعل‪ ،‬مثل‪ :‬مو‪ ،‬وعليكم‪ ،‬مثالو قوؿ اهلل عز وجل‪:‬‬
‫‪-105‬‬ ‫أٔفغىُ‬
‫{‪٠‬ب أ‪ٙ٠‬ب اٌز‪ ٓ٠‬إِٓ‪ٛ‬ا ػٍ‪١‬ىُ }‪ .‬اؼبائدة ‪-‬‬
‫وقوؿ الناظم ( وذا في األمر لو ) قيد احًتازي‪ ،‬إذ قد تأيت ( عليكم) حملض‬
‫اعبر‪ ،‬فأراد الناظم بياف أف ( عليكم) أسلوب من أساليب األمر بشرط أف‬
‫تأيت يف معرض األمر‪.‬‬
‫ئْ هللا‬ ‫‪ -323‬األسلوب اػبامس‪ :‬التصريح بلفظ األمر‪ .‬مثالو قولو تعاىل‪{ :‬‬
‫}أٍ٘‪ٙ‬ب ‪-58-‬‬
‫‪٠‬أِشوُ أْ رإد‪ٚ‬ا ااِبٔبد ئٌ‪ . ٝ‬النساء‬
‫‪ -324‬األسلوب السادس‪ :‬أساليب اللغة العربيةاألخرى اليت تستخدـ لؤلمر اعبازـ‬
‫البقرة ‪ -183 -‬وقولو‪:‬‬ ‫اٌظ‪١‬بَ‬
‫}‬ ‫ؾبازاً‪،‬كقولو تعاىل‪ { :‬وزت ػٍ‪١‬ىُ‬
‫عج‪١‬س‬
‫ئٌ‪ٗ١‬عمراف‬
‫{‪ٚ‬هلل ػٍ‪ ٝ‬إٌبط دج اٌج‪١‬ذ ِٓ اعزطبع} آؿ‬
‫‪ -97-‬وغَت ذلك‪.‬‬
‫ض ِ‬
‫حية‬ ‫لتا ِر ِؾ ِ‬
‫الفعل كما األُ ْ‬ ‫للعقوبَِة‬
‫تيب ُ‬
‫‪ -325‬وبع َدهُ التَّر ُ‬
‫الص ِ‬ ‫كالص ِ‬ ‫يح با ِإل ِ‬ ‫ِ‬
‫واب‬ ‫ياـ في َّ‬ ‫ِ‬
‫والفرض ِّ‬ ‫يجاب‬ ‫‪ -326‬والثام ُن التَّص ِر ُ‬
‫ومطْلَ ٌق‪ ..‬فَ ُك ُّل َما‬ ‫ُم َؤقَّ ٌ‬ ‫ب قسمي ِن ُى َما‬ ‫ِ‬
‫ت ُ‬ ‫وقس َم الواج ُ‬
‫ِّ‬ ‫‪-327‬‬
‫مثل ِمنَى‬
‫ت‪ُ ..‬‬ ‫لوقتِ ِو ُم َؤقَ ٌ‬ ‫‪ -328‬طلَبوُ محتمػاً معيناً‬
‫‪ -325‬األسلوب السابع‪ :‬ترتيب العقوبة من الشارع على تارؾ الفعل‪ ،‬سواء كانت‬
‫عقوبة دنيوية أو أخروية‪ .‬مثالو قوؿ النيب ‪ ‬يف األضحية‪« :‬من وجد سعة‬
‫ألف يضحي فلم يضح‪ ،‬فبل وبضر مصبلنا»‪ .‬رواه أضبد بن حنبل عن أيب‬
‫ىريرة‪.‬‬
‫‪ -326‬األسلوب الثامن‪ :‬التصريح بلفظ وجب وهبب وفرض‪ ،‬كقولو ‪« :‬إف اهلل‬
‫فرض عليكم صياـ رمضاف وسننت لكم قيامو»‬
‫‪327‬و‪ -328‬ينقسم الواحب باعتبارات كثَتة أورد منها الناظم أربعة تقسيمات‪:‬‬
‫التقسيم األوؿ‪ :‬حبسب وقت أدائو فهو‪ :‬مؤقت ومللق‬
‫التقسيم الثاين‪ :‬حبسب التقدير وعدمو فهو‪ :‬ؿبدد وغَت ؿبدد‬
‫التقسيم الثالث‪ :‬حبسب اؼبكلف بو وىو‪ :‬عيٍت وكفائي‬
‫وـبَت‪.‬‬
‫معُت َّ‬
‫التقسيم الرابع‪ :‬حبسب الفعل اؼبأمور بو وىو‪َّ :‬‬
‫وشرع يتكلم عن الواجب حبسب وقت أدائو فأشار إىل أنو مؤقت ومللق‪،‬‬
‫فاؼبؤقت ما طلبو الشارع طلباً حتماً يف وقت معُت‪ ،‬وأورد الناظم مثاالً على‬
‫ذلك ( ِم ٌَت) إذ أمر الشارع برمي صبرة مٌت يف وقت معُت فبل تصح يف غَته‪.‬‬
‫ومثل ذلك الصبلة يف مواقيتها‪ ،‬والصياـ يف رمضاف‪ ،‬واغبج يف ميقاتو‪.‬‬
‫مثل النُّ ُـوِر ُ‬
‫المطْلَ َق ْة‬ ‫فمطلَ ٌق ُ‬ ‫كل ما طلَبَوُ وأَطْلَ َق ْو‬
‫‪ -329‬و ُّ‬
‫في غي ِر وقتِ ِو قبولَوُ َرأ َْوا‬ ‫‪ -330‬فَحيثُما أدَّاهُ مطْلَقاً ولَ ْو‬
‫أنواع لمن قد ارتضى‬ ‫ستَّةَ ٍ‬ ‫ضى‬‫ت ال ّـي َم َ‬ ‫الم َؤقَّ ُ‬
‫وج َعلُوا ُ‬
‫‪َ -331‬‬
‫مستغر ُؽ‬
‫َ‬ ‫ضا َف كلو‬
‫َك َرَم َ‬ ‫مؤقت مضيَّ ُق‬ ‫فأوؿ ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫‪-332‬‬
‫س فهي تَ َس ُع‬ ‫ِ‬
‫كالصلوات ال َخ ْم ِ‬ ‫ت ُم َو َّس ُع‬‫وبع َدهُ ُم َؤقَّ ٌ‬ ‫‪-333‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم َؤقَّ ُ‬
‫لم يَػتَّس ْع فرضاً سواهُ معوُ‬ ‫ت المشتبوُ‬ ‫والثالث ُ‬
‫ُ‬ ‫‪-334‬‬
‫ووسعوُ‬
‫كالحج‪ ..‬فانظُْر ضي َقو َ‬ ‫ِ‬ ‫جميعوُ‬
‫والوقت ما استغرقَوُ َ‬ ‫ُ‬ ‫‪-335‬‬

‫‪329‬و‪ -330‬والواجب اؼبللق ىو ما أمر بو الشارع ومل يؤقت لو وقتاً معيناً‪،‬‬


‫ومثالو‪ :‬النذر‪ ،‬فالوفاء بالنذر واجب‪ ،‬ولكن اهلل مل يكلفنا وقتاً بعينو للوفاء‬
‫بالنذر‪ ،‬فلو أداه يف أي وقت صح منو‪ ،‬وقوؿ الناظم ( قبولو رأوا ) أي رأى‬
‫العلماء قبولو‪.‬‬
‫‪ -331‬عاد يفصل القوؿ يف الواجب اؼبؤقت فأخرب أنو يكوف على ستة أحواؿ‪:‬‬
‫‪ -332‬الواجب اؼبؤقت على ستة أحواؿ‪:‬‬
‫فمن حيث التوقيت‪ :‬مضيق وموسع وذو شبهُت‪ ،‬ومن حيث التنفيذ‪ :‬أداء‬
‫وإعادة وقضاء‪ .‬فاؼبؤقت اؼبضيق‪ :‬ىو الواجب اؼبؤقت الذي يستغرؽ صبيع‬
‫الوقت احملدد‪ ،‬وال يسع غَته معو‪ ،‬كالصياـ يف شهر رمضاف‪ ،‬إذ ال يبكن‬
‫خبلؿ شهر رمضاف صوـ شيء غَت الفريضة‪.‬‬
‫‪ -333‬واؼبؤقت اؼبوسع‪ :‬ىوالواجب اؼبؤقت الذي ال يستغرؽ صبيع الوقت احملدد لو‪،‬‬
‫ويسع معو غَته‪ ،‬كالصلوات اػبمس‪ ،‬إذ يبكن صبلة نوافل كثَتة‪ ،‬وقضاء‬
‫واجبات فائتة يف ذات الوقت‪.‬‬
‫‪334‬و‪ -335‬والثالث ىو اؼبؤقت ذو الشبهُت‪ ،‬وىو يتسع فرضا آخر معو ولكنػو‬
‫اجب واحد فيػو‪ ،‬كاغبج‪ ،‬فأعماؿ اغبج ال تستغرؽ ك ػػل =‬ ‫ال يصح إال و ٌ‬
‫تنفيـهِ‬
‫وخـ ثبلثاً من لدف ِ‬ ‫َّبلث في توقيتِ ِو‬ ‫‪ -336‬فهـه الث ُ‬
‫فاح َـ ِر‬ ‫الم َق َّد ِر‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫َشرعاً لو فهو األداءُ‪ْ ..‬‬ ‫‪ -337‬فَفعلُوُ في وقتو ُ‬
‫‪....‬‬ ‫‪ -338‬وشرطُو بأَ ْف يكو َف َّأوال‬

‫والثاف أف يعي َده مستكمبل‬ ‫‪.... -338‬‬


‫فهم ْو‬ ‫ِِ‬
‫فاذكرْه يَ ْس ُه ْل ُ‬
‫ُ‬ ‫إعادةٌ‪..‬‬
‫َ‬ ‫وإسموُ‬
‫‪ -339‬لنَقصو في وقتو‪ُ ،‬‬
‫مستدركاً وقد تمضَّى ظلُّوُ‬
‫َ‬ ‫والثالث القضاءُ وىو فعلُوُ‬
‫ُ‬ ‫‪-340‬‬

‫الوقت‪ ،‬ويبكن عقبل أف يأيت اؼبرء بعدة حجج يف موسم واحد‪ ،‬ولكن ال‬ ‫=‬
‫يصح منو إال حج واحد‪ .‬و( ما) يف قوؿ الناظم ( ما استغرقو ) نافية‪ ،‬ال‬
‫موصولة فتأمل‪.‬‬
‫‪ -336‬أخرب بأف أنواع الواجب اؼبؤقت من حيث التوقيت ثبلثة وقد مرت‪ ،‬ومن‬
‫حيث تنفيذ الواجب فهو أيضاً أنواع ثبلثة األداء واإلعادة والقضاء‪ ،‬وشرع‬
‫يعدىا فقاؿ‪:‬‬
‫‪337‬و‪ -338‬األداء ىو فعل الواجب يف وقتو اؼبقدرلو شرعاً أوال‪ ،‬والقيد بكلمة‪:‬‬
‫(أوال) يراد بو التفريق بُت األداء واإلعادة‪.‬‬
‫‪ -339‬اإلعادة‪ :‬ىي فعل الواجب يف وقتو اؼبقدر لو شرعاً ثانياً بعد سبق األداء‪،‬‬
‫وقد تكوف اإلعادة لنقص أو خلل أو الحتياط ؿبض‪.‬‬

‫فعل الواجب اؼبؤقت بعد وقت األداء استدراكاً ؼبا سبق لو‬ ‫‪ -340‬القضاء‪ :‬ىو ُ‬
‫وجوب مللقاً‪ .‬وعربالناظم بقولو ( وقد تمضَّى ظلُّو ) إلىانقضاء وقتو اؼبقرر‬
‫شرعاً‪.‬‬
‫ِ‬ ‫‪ -341‬وقُ ِّسم ِ‬
‫الواجب في ِ‬
‫قسماف‪ :‬محدو ٌد كما الظِّ ُ‬
‫هار‬ ‫الم ْقدا ِر‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َّعز ُير‬
‫حداً لَوُ مثالُو التػ ْ‬ ‫شير‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ -342‬والثاف لم يحدَّد البَ ُ‬
‫فاأل ََّو ُؿ‪ :‬العينِ ُّي‪ ..‬لم ي ِ‬
‫ساى ِل‬ ‫وقسموه باعتبا ِر ِ‬
‫الفاع ِل‬ ‫‪-343‬‬
‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫َّ ُ ُ‬
‫والزكاةِ والوفَا‬‫ياـ َّ‬ ‫الص ِ‬
‫مثل ِّ‬ ‫ُ‬
‫‪ -344‬في فعلِ ِو ِمن ِ‬
‫خلق ِو ُمكلَّ َفاً‬ ‫ْ‬
‫كفاى ْم ِم ْنوُ ذَا‬
‫ضهم ُ‬ ‫أتاهُ بع ُ‬ ‫الـي إذَا‬ ‫ب الكفايَِة ِّ‬ ‫ِ‬
‫‪ -345‬وواج ُ‬
‫‪.....‬‬ ‫بلـ والجها ْد‬ ‫الس ِ‬
‫‪ -346‬مثالُوُ َر ُّد َّ‬

‫‪341‬و‪ -342‬التقسيم الثاين للواجب حبسب ربديده وعدمو فهو قسماف‪:‬‬


‫األوؿ‪ :‬الواجب الذي حدد لو الشارع مقداراً معيناً‪ ،‬ومثالو‪ :‬كفارةالظهار‪،‬‬
‫فهي ؿبددة ال يصح تغيَتىا‪ .‬ومثل ركعات الصبلة وأنصبة الزكاة‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬الواجب غَت احملدد‪ ،‬فاألمر فيو مًتوؾ ؼبن توجو األمر إليو‪ ،‬ومثالو‪:‬‬
‫التعزيز فهو عقوبة غَت ؿبددة‪ ،‬ترؾ الشارع أمر تقديره لويل األمر‪.‬‬
‫‪343‬و‪ -344‬والتقسيم الثالث للواجب حبسب اؼبكلف بفعل اؼبأمور‪ ،‬وىو‬
‫قسماف‪ :‬واجب عيٍت‪ ،‬وواجب كفائي‪.‬‬
‫فالواجب العيٍت ما طلب الشارع فعلو من كل فرد من أفراد اؼبكلفُت‪ ،‬وىو‬
‫ما عرب عنو الناظم بقولو ( لم يساىل)‪ ،‬أي مل يتساىل يف عقوبة من تركو‬
‫من اؼبكلفُت‪ ،‬ومثاؿ ذلك فرض الصياـ والزكاة والوفاء بالوعود‪ ،‬فكلها‬
‫فرائض عينية‪.‬‬
‫‪345‬و‪ -346‬والواجب الكفائي ىو الذي طلبو الشارع من ؾبموع اؼبكلفُت‪ ،‬فإف‬
‫قاـ بو البعض سقط عن الباقُت‪ ،‬وأورد من األمثلة على ذلك رد السبلـ‬
‫واعبهاد‬
‫عين إذا تُػغَ َّزى الببلَ ُد‬‫لكنَّو ٌ‬ ‫‪.....‬‬ ‫‪-346‬‬
‫عين ِ‬
‫عليو ثابِ ٌ‬ ‫ب ِس َواهُ‬
‫أداهُ‬‫ت َ‬ ‫ٌ‬ ‫َك َـا إِذَا لم يُستَػنَ ْ‬ ‫‪-347‬‬
‫معيناً مخيراً في ذاتِِو‬ ‫وقسموهُ باعتبا ِر ذَاتِِو‬ ‫َّ‬ ‫‪-348‬‬
‫غصب كاف لَ ْو‬ ‫ٍ‬ ‫كرد‬
‫معين ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫فكل ما طلبُوُ وعينَ ْو‬‫ُّ‬ ‫‪-349‬‬
‫فلَ ْم يُػ َعيِّن َعينَوُ ويَ َّسرا‬ ‫وخ َّيرا‬
‫وم ْنوُ ما طلَبوُ َ‬ ‫‪-350‬‬
‫َسرى الدي ِن‬ ‫ِ‬
‫إطبلؽ أ ْ‬ ‫كـاؾ في‬ ‫َ‬ ‫كفارةِ اليَمي ِن‬ ‫ِ‬
‫كالحكم في َ‬ ‫‪-351‬‬

‫‪346‬و‪ -347‬ينب الناظم أف فرض الكفاية يصبح فرض عُت على كل قادر إف مل‬
‫يوجد من يقوـ بو‪ ،‬فاعبهاد يصبح فرض عُت إذا تعرضت الببلد لغزو‪،‬‬
‫وكذلك إذا أسند اإلماـ إىل مكلف ما فرض كفاية صار متعيناً عليو‪ ،‬وربوؿ‬
‫إىل فرض عُت ثابت عليو‪ .‬وقولو أداه‪ ،‬أي أداءه وىو مقصور‪.‬‬
‫‪ -348‬والتقسيم الرابع للواجب حبسب نوع الفعل اؼبللوب‪ ،‬وىو نوعاف‪ :‬واجب‬
‫معُت وواجب ـبَت‪.‬‬
‫‪ -349‬فالواجب اؼبعُت‪ :‬حدده الشارع بذاتو ومل يأذف باستبدالو بشيء آخر‪،‬‬
‫كالصبلة والصياـ فبل هبوز استبداؿ ذلك بقربة أخرى‪ ،‬ومثاؿ ذلك أيضاً‬
‫رد اؼبغصوب‪ ،‬فاؼبللوب رده بعينو دوف قيمتو‪.‬‬
‫اجب اؼبخيَّػ ُر‪ :‬ما طلب الشارع فعلو من أموٍر متعددة‪ ،‬وترؾ‬
‫‪350‬و‪ -351‬والو ُ‬
‫للمكلف االختيار‪ ،‬فحيث أدى منها واحداً كفاه وأجزأه‪.‬‬
‫ومثاؿ ذلك حكم كفارة اليمُت‪ ،‬فاغبانث ـبَت بُت ثبلثة أشياء‪ ،‬قاؿ تعاىل‪:‬‬
‫{ال ‪٠‬إاخزوُ هللا ثبٌٍغ‪ ٛ‬ف‪ ٟ‬ئ‪ّ٠‬بٔىُ ‪ٌٚ‬ىٓ ‪٠‬إاخزوُ ثّب ػمذرُ‬
‫اا‪ّ٠‬بْ فىفبسرٗ ئطؼبَ ػششح ِغبو‪ ِٓ ٓ١‬أ‪ٚ‬عظ ِب رطؼّ‪ْٛ‬‬
‫سلجخسورة البقرة‪- 225 -‬‬
‫أٍ٘‪١‬ىُ أ‪ ٚ‬وغ‪ٛ‬ر‪ ُٙ‬أ‪ ٚ‬رذش‪٠‬ش }‬
‫=‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ -352‬وُك ُّل ما لَْي ِ‬
‫إِالَّ بو فإنُّوُ لواج ُ‬
‫ب‬ ‫ب‬
‫س يَت ُّم الواج ُ‬
‫َ‬

‫ومثاؿ آخر يف زبيَت اإلماـ الزباذ ما يراه بصدد أسرى اؼبعركة بُت اؼبن‬ ‫=‬
‫‪ٚ‬ئِب فذا ًاء‬
‫ثؼذ }‬‫وبُت الفداء‪ ،‬قاؿ تعاىل‪ { :‬فشذ‪ٚ‬ا اٌ‪ٛ‬ثبق فا َِّب ِ َّٕبًا ُت‬
‫سورة ؿبمد‪ ،‬اآلية ػ‪ 4‬ػ‬
‫‪ -352‬وختم فصل الواجب بتقرير قاعدة أصولية ىامة‪ ،‬تسمى قاعدة مقدمة‬
‫الواجب‪ ،‬وىي‪( :‬كل ما ال يتم الواجب إال بو فهو واجب)‬
‫انًُدوب‬

‫جزـ فمندوباً تراه ُجعبل‬ ‫ِ‬ ‫طلب الشارعُ فعلَو ببل‬ ‫‪ -353‬ما َ‬
‫وال يُ َـ ُّـ تا ِر ٌؾ َ‬
‫أىملَوُ‬ ‫فاعل لَوُ‬
‫يحم ُد ٌ‬ ‫وقيل ما َ‬
‫ُ‬ ‫‪-354‬‬
‫وليس يل َقى التَّا ِر ُؾ ِ‬
‫الع َقابَا‬ ‫ويستحق ِ‬
‫الفاع ُل الثَّوابَا‬ ‫ُّ‬ ‫‪-355‬‬
‫َ‬
‫َّرويح‬
‫ت في الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كقولو َسنَػ ْن ُ‬ ‫يح‬
‫بالصر ِ‬
‫دوب َّ‬ ‫الم ْن ُ‬‫‪ -356‬ويَظ َْه ْر َ‬
‫كآية الديوف للتراحم‬ ‫ب غَْير الجازـ‬ ‫كـاؾ في الطَّلَ ِ‬
‫َ‬ ‫‪-357‬‬

‫غَت جازـ‪ ،‬وىذا ىو تعريف‬ ‫‪ -353‬تعريف اؼبندوب‪ :‬ما َ‬


‫طلب الشارعُ فعلو طلباً َ‬
‫اؼبنَت‪،‬وعرفو البيضاوي بقولو‪:‬‬
‫َّ‬ ‫اؼبصباح‬
‫‪354‬و‪ -355‬ونص تعريف البيضاوي‪( :‬ىوما وبمد فاعلو واليذـ تاركو)‬
‫‪ -356‬بدأ الناظم يعدد األساليب اليت تفيد اغبكم بالندب‪ ،‬فذكر منها أربعة‬
‫أساليب‪ :‬األسلوب األوؿ‪ :‬التعبَتالصريح بلفظ يندب أو يسن‪ ،‬كقولو ‪‬‬
‫يف صوـ رمضاف (وسننت لكم قيامو)‬
‫‪ -357‬األسلوب الثاين‪ :‬الللب غَت اعبازـ‪ ،‬وذلك حُت تقًتف بأحد أساليب األمر‬
‫السابقة قرينة لفظية تصرفو عن الوجوب‪ ،‬كقولو تعاىل بعد األمر بكتابة‬
‫أِبٔزٗ‬
‫أ‪ٚ‬رّٓالبقرة‪-‬‬
‫}‬ ‫الدين {فاْ أِٓ ثؼضىُ ثؼضبًا فٍ‪١‬إد اٌز‪ٞ‬‬
‫خ‪١‬شاًا‬
‫ف‪ُٙ١‬النور ‪-‬‬
‫‪ -283‬وقولو بعد األمر { فىبرج‪ ُ٘ٛ‬ئْ ػٍّزُ }‬
‫‪-33‬‬
‫وأراد الناظم بقولو (للتراحم) التنبيو على رضبة اهلل عز وجل إذ مل هبعل األمر‬
‫بالكتابة أمراً الزماً‪.‬‬
‫ص ِة في‬ ‫كالر ْخ َ‬ ‫ِ‬
‫الحكم ُّ‬ ‫في‬ ‫اب‬ ‫وحيث ال ترتيب ِ‬
‫للع َق ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫‪-358‬‬
‫ضلِ ِو تَرغيباً‬ ‫الصنا ل َفِ‬
‫واب ْ‬ ‫مبيَِّّ‬ ‫وكل ما طلبَوُ تحبيباً‬ ‫‪-359‬‬
‫وص ْحبِ ِو‬ ‫ٍ‬ ‫لِ َّ ِ‬ ‫ػدوب مأموراً بِ ِو‬
‫لشافعي وأحمد َ‬ ‫واعتبِ َر الم ْن ُ‬ ‫‪-360‬‬
‫وأَنَّوُ في الدِّين يِطْلُبونَ ْو‬ ‫دعونَ ْو‬
‫حيث طاعةً يَ ُ‬ ‫وذاؾ ُ‬ ‫َ‬ ‫‪-361‬‬
‫وإيجاب بـا األ َْم ُر َجبل‬ ‫ٍ‬ ‫نَ ْد ٍ‬
‫ب‬ ‫ودلَّلُوا بقسم ِػة األمػ ِر إلى‬ ‫‪-362‬‬
‫‪358‬ػ األسلوب الثالث‪ :‬عدـ ترتيب العقوبة على الفعل مع طلبو من الشارع‪.‬‬
‫ويظهر ذلك باالستقراء‪ .‬وقوؿ الناظم‪( :‬كالرخصة)‪ ،‬إشارة إىل قوؿ‬
‫النيب ‪« :‬إف اهلل وبب أف تؤتى رخصو كما وبب أف تؤتى عزائمو» رواه‬
‫أضبد بن حنبل عن ابن عمر‪.‬‬
‫‪ -359‬األسلوب الرابع‪ :‬األساليب العربية األخرى اليت تدؿ على التحبيب‬
‫والًتغيب بدوف إلزاـ‪ ،‬كقولو ‪( ‬إف اهلل وبب أف يرى أثر نعمتو على‬
‫عبده) رواه الًتمذي عن ابن عمرو‪.‬‬
‫‪ -360‬أشار الناظم إىل مسألة خبلفية بُت اعبمهور واغبنفية‪ ،‬و ىي‪ :‬ىل اؼبندوب‬
‫مأمور بو أـ ال؟ ومع أف اؼبسألة ليس إال خبلفاً لفظياً ولكن نورد ىنا‬
‫اغبجج لكل من اللرفُت‪ .‬فقاؿ الشافعي وأضبد إنو مأمور بو واستدلوا‬
‫لذلك دبا يلي‪:‬‬
‫‪362-361‬ػ استدؿ الشافعي وأضبد دبا يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬إف فعل اؼبندوب يسمى طاعة‪ ،‬واللاعة ال تكوف إال بامتثاؿ أمر‪.‬‬
‫‪ -2‬إف اؼبندوب مللوب ولكن ال يذـ تاركو‪ ،‬أما األمر فمللوب أيضا‬
‫ولكن ال يذـ تاركو‪.‬‬
‫‪ -3‬إف األمر ينقسم لغة إىل قسمُت أمر إهباب وأمر ندب‪.‬‬
‫وقولو (بـا األمر جبل) إشارة إىل وضوح حجة اعبمهور‪.‬‬
‫وجعلوا األمر مجازاً فادعُ لو‬ ‫واختلف األحنػاؼ في ذي المسئلة‬ ‫‪-363‬‬
‫تاركو معاقباً مهاناً‬ ‫لوكاف مأمورا بو لكانا‬ ‫‪-364‬‬
‫وكونو في (افعل) حقيق زاكي‬ ‫وعللوا بسنة السواؾ‬ ‫‪-365‬‬
‫مؤكد‪ ..‬وغيره‪ ..‬وزائ ُد‬ ‫والندب أنواع ثبلث توج ُد‬ ‫‪-366‬‬
‫العقاب‬
‫ُ‬ ‫التارؾ‬
‫وال يناؿ َ‬ ‫يثاب‬
‫أولها فاعلو ُ‬ ‫‪-367‬‬
‫مفهوـ‬
‫ُ‬ ‫كسنة الفجر‪ ..‬وذا‬ ‫ملوـ‬
‫معاتب ُ‬
‫ٌ‬ ‫لكنو‬ ‫‪-368‬‬

‫‪363‬و‪364‬و‪ -365‬أما اغبنفية فقد اختاروا أف اؼبندوب مأمور بو على سبيل‬


‫اجملاز دوف اغبقيقة وقوؿ الناظم ( فادع لو ) إشارة إىل ما اختاروه من‬
‫األدلةودعوا إليو وىي‪:‬‬
‫‪ -1‬إف تارؾ األمر عاص باتفاؽ‪ ،‬وتارؾ اؼبندوب ال يقاؿ لو عاصياً‪.‬‬
‫‪ -2‬استدلوا بأف النيب ‪ ‬قاؿ «لوال أف أشفق على أميت ألمرهتم بالسواؾ‬
‫عند كل صبلة» فلو أمرىم لكاف واجباً‪ ،‬وإمبا ربفظ من األمر خشية‬
‫الوجوب‪( .‬رواه أضبد بن حنبل عن أيب ىريرة)‪.‬‬
‫‪ -3‬األمر حقيقة يف لفظ ( افعل) ويراد بو اإلهباب‪ ،‬وما سوى ذلك تأويل‪،‬‬
‫والتأويل ببل سبب المسوغ لو‪.‬‬
‫وعرب بقولو (حقيق زاكي) أف الوجوب يف قولك افعل متحقق وزيادة‪.‬‬
‫والشك أف ىذه اؼبسألة ال تعدو كوهنا خبلفاً لفظياً ال طائل ربتو‪.‬‬
‫‪ -366‬بُت أف اؼبندوب على ثبلثة أصناؼ‪ :‬مؤكد وغَت مؤكد وزائد‪.‬‬
‫‪ -368-367‬فاؼبندوب اؼبؤكد‪ ،‬أو السنة اؼبؤكدة كما يشتهر لدى األصوليُت ىي‬
‫ما يثاب فاعلها وال يعاقب تاركها ولكنو يعاتب ويبلـ‪ ،‬وىي السنن =‬
‫عتاب‬ ‫ِ‬
‫وليس في ىجرانو ُ‬ ‫ثواب‬
‫‪ -369‬والثاف في إتيانو ُ‬
‫ع فهو ٌّبر ووفا‬‫يشر ْ‬
‫ولم َّ‬ ‫كل ما قد كاف فعل المصطفى‬ ‫‪ -370‬و ُّ‬
‫كالنوـ والمشي على المسارعة‬ ‫يثاب إف نوى بو المتابعة‬ ‫ُ‬ ‫‪-371‬‬
‫حكاه االسفراني ليس ملزما‬ ‫المندوب تكليفاً وما‬
‫ُ‬ ‫يـ‬
‫‪ -372‬ولم ُ‬
‫روع فيو‪ ..‬فا ِإل ُ‬
‫ماـ‬ ‫بع َد ُّ‬
‫الش ِ‬ ‫اإلتماـ‬
‫ُ‬ ‫‪ -373‬واختلفوا َى ْل يَػلْزـ‬
‫ضى‬
‫ترؾ الـي نَ ْدباً َم َ‬ ‫ال إثْم في ِ‬ ‫ضا‬‫قاؿ ال وال قَ َ‬ ‫افعي َ‬‫الش ُّ‬ ‫‪َّ -374‬‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫لواجب فَ َم ْو‬ ‫وليس إسقاطاً‬
‫َ‬ ‫وقاؿ إنَّوُ أداءُ نافِلَ ْو‬
‫‪َ -375‬‬
‫اليت واظب النيب ‪ ‬على فعلها ومل يًتكها إال نادراً‪ ،‬ومثاؿ ذلك ركعيت‬ ‫=‬
‫الفجر قبل الفريضة‪.‬‬
‫‪ -369‬والصنف الثاين ىو السنة غَتاؼبؤكدة‪ ،‬فاعلها يثاب وتاركها اليعاقب وال‬
‫يبلـ‪ ،‬وىي السنن اليت فعلها النيب ‪ ‬أحيانا ومل يواظب عليها‪.‬‬
‫‪ -371-370‬أخرب بأف شبة أفعاالً للنيب صلىاهلل عليو وسلم ال تدخل يف إطار‬
‫التشريع‪ ،‬وىي صفاتو اعببلّيّة كأكلو ونومو ومشيو ‪ ،‬فهذه تسمى (السنة‬
‫الزائدة) وفاعلها يثاب إف قصد بذلك رضا اهلل عز وجل وؿببة النيب ‪‬‬
‫ومتابعتو‪ .‬وقوؿ الناظم ( والمشي على المسارعة ) إشارة غبديث أنو ‪‬‬
‫إذا مشى كأمبا ينحط من صبب‪.‬‬
‫‪ -372‬أشار الناظم إىل خبلؼ األصوليُت يف مسألة فرعية وىي‪ :‬ىل الندب حكم‬
‫تكليفي أـ ال؟ فاعبمهور على أنو ليس حكماً تكليفياً ألف اؼبكلف يستليع‬
‫تركو ببل عقاب‪ ،‬ولكن نقل عن طائفة من العلماء على رأسهم أبو إسحق‬
‫االسفراييٍت أف اؼبندوب حكم تكليفي‪.‬‬
‫‪373‬ػ‪374‬ػ‪375‬ػ أشار إىل اختبلفهم يف مسألة إسباـ اؼبندوب بعد الشروع فيو على‬
‫=‬ ‫قولُت‪:‬‬
‫ِ‬
‫باإلنفاؽ‬ ‫ت‬ ‫أِ‬
‫َع ْد إذا َش َر ْع َ‬ ‫الصوـ كا ِإل ِ‬
‫نفاؽ‬ ‫وقاؿ َّ‬
‫إف َّ ْ َ‬ ‫‪َ -376‬‬
‫صاـ أو يَ َشأْ فلينتَ ِو‬
‫شاء َ‬ ‫إ ْف َ‬ ‫نفس ِو‬
‫نصهم أمير ِ‬
‫ُ‬ ‫كـاؾ ُّ‬
‫‪َ -377‬‬
‫تبطلُوا أعمالَ ُك ْم في َش ْر ِعنا‬ ‫ال ِ‬ ‫قوؿ ربِّنا‬
‫األحناؼ ُ‬‫ِ‬ ‫وح َّجةُ‬
‫‪ُ -378‬‬
‫فلنلتَ ِزْـ َ‬
‫قضاءهُ إ ْف فاتَنا‬ ‫المندوب َح ُّق ربِّنا‬
‫ُ‬ ‫‪ -379‬وإنَّما‬
‫واض ُح الظُّهوِر‬‫وذاؾ و ْىن ِ‬ ‫بالم ْن ُدوِر‬
‫َ ٌ‬ ‫قاسوهُ َ‬ ‫هم ُ‬ ‫‪ -380‬واَنَّ ْ‬
‫األوؿ‪ :‬قوؿ اإلماـ الشافعي قاؿ‪ :‬ال هبب إسبامو‪ ،‬وال قضاء على من تركو‬ ‫=‬
‫ولو بعد الشروع فيو‪ ،‬وال إمث يف ذلك‪ ،‬ويبقى الندب على حالو الذي مضى‬
‫فيو‪.‬‬
‫وقاؿ بأنو ليس إسقاطاً لواجب يف الذمة بل نافلة وتلوع‪ ،‬وما على‬
‫احملسنُت من سبيل‪ .‬وقولو (فمو) أي اكفف عن القوؿ بذلك‪.‬‬
‫‪376‬ػ‪377‬ػ واستدؿ أيضاً بأف اؼبرء إذا أخرج عشر دراىم فتصدؽ بواحد َّ‬
‫ورد تسعة‬
‫مل يكن عليو حرج‪ ،‬فكذلك لو شرع يف نافلة‪ ،‬فالصوـ كاإلنفاؽ‪.‬‬
‫واستدؿ أيضاً حبديث أـ ىانئ عن النيب ‪ ‬أنو قاؿ‪« :‬الصائم اؼبتلوع أمَت‬
‫نفسو إف شاء صاـ‪ ،‬وإف شاء أفلر) أخرجو أبو داود والًتمذي وأضبد‪.‬‬
‫‪380-379-378‬ػ القوؿ الثاين يف مسألة إسباـ اؼبندوب بعد الشروع فيو ىو قوؿ‬
‫اغبنفية ودليلهم‪:‬‬
‫‪1‬ػ قوؿ اهلل عز وجل‪٠ { :‬ب أ‪ٙ٠‬ب اٌز‪ ٓ٠‬إِٓ‪ٛ‬ا أط‪١‬ؼ‪ٛ‬ا هللا ‪ٚ‬أط‪١‬ؼ‪ٛ‬ا‬
‫أػّبٌىُؿبمد ػ‪33‬ػ‬
‫اٌشع‪ٛ‬ي ‪ٚ‬ال رجطٍ‪ٛ‬ا } سورة‬
‫‪ 2‬ػ اؼبندوب بعد الشروع فيو حق اهلل عز وجل‪ ،‬وحق اهلل هبب اغبفاظ عليو‬
‫وال وبل إنبالو‪= .‬‬
‫صهم في ِ‬
‫الباب أقْوى َم ْغلَبَ ْة‬ ‫ونَ ُّ‬ ‫لؤلولين الغَلَبَ ْة‬
‫َ‬ ‫وظاىر‬
‫ٌ‬ ‫‪-381‬‬
‫ص ِحبَا‬ ‫والندب بال ُك ِّل ُوجوباً َ‬
‫ُ‬ ‫خادـ لما قَ ْد َو َجبَا‬‫َّدب ٌ‬ ‫‪ -382‬والن ُ‬

‫‪3‬ػ النذر هبب إسبامو مع أنو قد يكوف يف األصل مندوباً أو مباحاً‪ ،‬والنذر‬ ‫=‬
‫التزاـ قويل‪ ،‬فالشروع يف اؼبندوب التزاـ عملي فيجب إسبامو‪.‬‬
‫مث أعرض الناظم عن ىذا الرأي وقاؿ ىو قياس واىن لعدـ استيفاء شروط‬
‫القياس اؼبعتربة‪.‬‬
‫‪381‬ػ قرر الناظم أف األولُت دليلهم أقوى‪ ،‬ألف اغبديث لديهم صحيح وىو نص‬
‫يف الباب‪( ،‬الصائم أمَت نفسو)‪.‬‬

‫‪382‬ػ أشار إىل قاعدتُت َّ‬


‫أصلهما اإلماـ الشاطيب‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬إف اؼبندوب يف صبلتو خادـ للواجب هبيء تكميبلً لو أو تذكَتاً بو‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬إف اؼبندوب ولو كاف مستحباً فقط من األفراد‪ ،‬لكنو من اعبماعة‬
‫مللوب وجوباً‪ ،‬فاألذاف مع أنو نافلة‪ ،‬إذا تركو الناس كلهم أشبوا‪.‬‬
‫انذزاو‬
‫وجو ِم َن اإللز ِاـ ِحرمةً َجبل‬
‫ٍ‬ ‫طلب َّ‬
‫الشارعُ ترَكوُ على‬ ‫‪ -383‬ما َ‬
‫يثاب تا ِرُك ْو‬ ‫ِ‬ ‫‪ -384‬وقيل ما ي َـ ُّـ شرعاً ِ‬
‫وزيَد فيو ما ُ‬ ‫فاعلُ ْو‬ ‫َ ُ‬
‫وح‬
‫ت َعدا المـْبُ ِ‬ ‫ِ‬
‫كحرمة الم ْي ِ‬ ‫يح‬
‫يم بالصر ِ‬
‫َ‬ ‫ويثبت التحر ُ‬
‫ُ‬ ‫‪-385‬‬
‫وطلب اجتنابِو كػ(اجتنِبُوا)‬ ‫ُ‬ ‫سوا)‬
‫َّهي (وال تَ َج َّس ُ‬
‫‪ -386‬وصيغَةُ النػ ْ‬
‫مرء ُم ِ‬
‫سلم)‬ ‫ماؿ ٍ‬
‫ؾ(ال يَ ِح ْل ُ‬ ‫يحل ِ‬
‫فاعلم‬ ‫ظ ال ُّ‬
‫كـاؾ لف ُ‬
‫َ‬ ‫‪-387‬‬
‫الوىاب‬
‫ُ‬ ‫سيغضب‬
‫ُ‬ ‫عليو‪،‬أي‬ ‫العقاب‬
‫ُ‬ ‫تب‬
‫كـاؾ ما تر َ‬
‫َ‬ ‫‪-388‬‬
‫اهلل لعن ِ‬
‫اهلل‬ ‫كـاؾ حرب ِ‬
‫َ‬ ‫ومقت ِ‬
‫اهلل‬ ‫كغضب ِ‬
‫اهلل ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪-389‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬

‫‪383‬و‪ -384‬اغبراـ‪ :‬ما طلب الشارع تركو على وجو اغبتم واإللزاـ‪ ،‬وفاعلو‬
‫يستحق العقاب‪ .‬وزاد الشوكاين‪ :‬ويبدح تاركو‪ .‬فالتعريف كما ترى يشمل‬
‫على طبيعتو ومآلو‪.‬‬

‫من ‪385‬حتى‪389‬ػ أشار إىل أف األساليب اليت يثبت هبا التحرًن ستة‪:‬‬

‫‪ -1‬أف يرد اػبلاب صروباً بلفظ التحرًن‪ ،‬كقولو سبحانو {دشِذ ػٍ‪١‬ىُ‬
‫اٌّ‪١‬زخسورة اؼبائدة ‪ - 3 -‬وقولو ( عدا المـبوح) إشارة إىل قوؿ اهلل‬
‫}‬
‫رو‪١‬زُأي إال ما ذحبتم =‬
‫}‬ ‫عز وجل يف نفس اآلية {ئال ِب‬
‫مكلف‪ ،‬فإ ْف أتاهُ ُخ ِـال‬
‫ٍ‬ ‫وجوب تركِ ِو على‬
‫ُ‬ ‫وحكمو‬
‫ُ‬ ‫‪-390‬‬

‫‪ -2‬صيغة النهي إما بتصريح بلفظ هنى‪ ،‬كقولو تعاىل‪ ٕٝٙ٠ٚ { :‬ػٓ‬ ‫=‬
‫‪ٚ‬اٌجغ‪ٟ‬‬
‫سورةالنحل ‪ -90 -‬وإما باستخداـ‬ ‫اٌفذشبء ‪ٚ‬إٌّىش }‬
‫(ال) الناىية كقولو سبحانو‪ٚ { :‬ال رجغغ‪ٛ‬ا ‪ٚ‬ال ‪٠‬غزت ثؼضىُ‬
‫ثؼضبًا} سورة اغبجرات ػ ‪ 12‬ػ‬

‫‪٠‬ب أ‪ٙ٠‬ب اٌز‪ٓ٠‬‬ ‫‪ -3‬األمر باالجتناب والًتؾ‪ ،‬كقولو تعاىل يف اػبمر‪{ :‬‬
‫إِٓ‪ٛ‬ا ئّٔب اٌخّش ‪ٚ‬اٌّ‪١‬غش ‪ٚ‬اأظبة ‪ٚ‬ااصالَ سجظ ِٓ‬
‫رفٍذ‪- 90 -ْٛ‬‬
‫ٌؼٍىُسورة اؼبائدة‬
‫}‬ ‫ػًّ اٌش‪١‬طبْ فبجزٕج‪ٖٛ‬‬

‫‪ -4‬صيغة لفظ (ال وبل) كقولو تعاىل يف اؼبللقة ثبلثاً { فاْ طٍم‪ٙ‬ب فس‬
‫غ‪١‬شٖ‬
‫البقرة‪،-230-‬‬ ‫رذً ٌٗ ِٓ ثؼذ دز‪ ٝ‬رٕىخ ص‪ٚ‬ج}بًا سورة‬
‫ومثلو قولو ‪« :‬الوبل ماؿ امرىء مسلم إال عن طيب نفسو»‬

‫‪ -5‬ترتيب العقوبة على الفعل‪ ،‬سواء دنيوية أو أخروية‪ ،‬كقولو‬


‫خبٌذاًا ف‪ٙ١‬ب‬
‫تعاىل‪٠ ِٓٚ{:‬مزً ِإِٕبًا ِزؼّذاًا فجضاؤٖ ج‪} ُٕٙ‬‬
‫سورة النساء ػ‪ 93‬ػ‬

‫واأللفاظ اليت تشَت إىل غضب اهلل كثَتة عد منها الناظم أربعاً‪ :‬غضب اهلل‪،‬‬
‫ومقت اهلل‪ ،‬وحرب اهلل‪ ،‬ولعنة اهلل‪.‬‬
‫‪ -390‬أفاد أف اؼبكلف مأمور بوجوب ترؾ اغبراـ لدى ثبوتو‪ ،‬وأف من يأيت اغبراـ‬
‫ـبذوؿ عند اهلل‪.‬‬
‫واء‬ ‫ِِ‬
‫محرماً لـاتو َس ً‬ ‫ابتداء‬
‫ً‬ ‫وجعلُوا ما ُح ِّرَـ‬
‫َ‬ ‫‪-391‬‬
‫كالخم ِر والميس ِر أو َش ِ‬
‫رب‬ ‫نفس ِو أو غيِ ِره َّ‬
‫محرماً‬ ‫‪ -392‬مع ِ‬
‫َْ‬
‫ِّماُك ْم ِبو لغيرهِ ُم َح َّرَما‬
‫فاحَ‬
‫الد‬ ‫ثم ح ِرما‬
‫ِع َ‬ ‫‪ -393‬وكل ما ُشر َ‬
‫كالصوـ يوـ ِ‬
‫وب ك َـا َّ‬
‫الزكاة‬ ‫ص ٍ‬ ‫بِ ُك ِّل َمغْ ُ‬ ‫والصبلة‬
‫العيد َّ‬ ‫‪َ َّ -394‬‬
‫ٍَّ‬ ‫ْم َع ْق ِدىم على‬ ‫‪ -395‬واختلفوا في ُحك ِ‬
‫فقيل‪ :‬ال‬ ‫محرـ لغي ِره‪َ ،‬‬
‫َخ َـا‬
‫الجميع أ َ‬
‫ُ‬ ‫للشافِعي ِبو‬ ‫َّ‬ ‫وباطل وذَا‬
‫ٌ‬
‫‪ -396‬فر َؽ‪ِ ،‬‬
‫ففاس ٌد‬
‫ت فاسدةً ال ِ‬
‫باطلَة‬ ‫فج ِعلَ ْ‬ ‫ناؼ ىـي المسألَ ْة‬ ‫األح ُ‬
‫ُ‬ ‫ص َل ْ‬ ‫‪ -397‬وفَ َّ‬
‫‪391‬و‪ -392‬أخرب أف األصوليُت جعلوا اغبراـ نوعُت‪:‬‬
‫األوؿ‪ :‬ؿبرـ لذاتو‪ ،‬وىو ما حرمو الشارع ابتداءً وأصالةً‪ ،‬كاػبمر والزنا‬
‫واؼبيسر وشرب الدـ‪.‬‬
‫‪ -393‬الثاين‪ :‬ؿبرـ لغَته‪ ،‬وىو ما كاف مشروعاً يف أصلو‪ ،‬ولكن اقًتف بو أمر آخر‪،‬‬
‫تسبب يف مفسدة وأذى‪ ،‬فصار حراماً‪.‬‬
‫‪ -394‬أورد الناظم أمثلة على احملرـ لغَته‪ ،‬فالصوـ مشروع يف األصل ولكنو ؿبرـ‬
‫يوـ العيد‪ ،‬والصبلة بالثوب اؼبغصوب‪ ،‬والزكاة من اؼباؿ اؼبغصوب‪ ،‬كلها‬
‫مشروعات يف األصل طرأ عليها ما هبعلها حراماً‪.‬‬
‫‪395‬و‪396‬و‪ -397‬أورد الناظم مذاىبهم يف مسألة العقد على احملرـ لغَته‪،‬‬
‫وباعبملة فالعلماء على قولُت‪:‬‬
‫األوؿ‪ :‬العقد على ؿبرـ لغَته باطل ال يًتتب عليو أي أثر‪ ،‬وىو كأف مل‬
‫يكن‪ ،‬وىو مذىب الشافعية وعليو صبهوراألئمة‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬العقد على ؿبرـ لغ َِتهِ فاسد ال باطل‪ ،‬هبب فسخو‪ ،‬ولكن إذا نفذ‬
‫ترتبت آثاره عليو‪ ،‬مع ِ‬
‫ثبوت اإلمث وىو قوؿ اغبنفية‪.‬‬
‫والقتل الحر ِاـ والزنا‬
‫ِ‬ ‫كالخم ِر‬ ‫وغالب الحر ِاـ ما قد ُعيِّنا‬‫ُ‬ ‫‪-398‬‬
‫يم ِو‬
‫البعض من حر ِ‬
‫ِ‬ ‫مثل ِ‬
‫طبلؽ‬ ‫‪ -399‬وربما ُخيِّر في تحريِ ِم ِو‬
‫يجم َعا‬
‫كـاؾ َّأماً وابنةً أف َ‬ ‫زواج االختين معاً‬ ‫كـاؾ في ِ‬ ‫َ‬ ‫‪-400‬‬
‫النقيض‬
‫ُ‬ ‫الواجب‬
‫ُ‬ ‫وفي الحر ِاـ‬ ‫النقيض‬
‫ُ‬ ‫يحرـ‬ ‫ِ‬
‫الوجوب ُ‬ ‫‪ -401‬وفي‬

‫وـبَت‪.‬‬
‫ُت َّ‬‫‪ -398‬بُت أف اغبر َاـ على نوعُت‪ُ :‬م َع ٌ‬
‫نص عليو الشارع بذاتو كاػبمر وقتل النفس والزنا‪.‬‬
‫فاحملرُـ اؼبعُت‪َّ :‬‬
‫َّ‬
‫‪ -399‬واحملرـ اؼبخَت‪ :‬أف وبرـ الشارع أمراً من عدةِ أمور‪ ،‬فيؤمر اؼبكلف بأف يًتؾ‬
‫بعضها‪ ،‬وأوضح األمثلة على ذلك نكاح أكثر من أربع نسوة‪ ،‬فحينئذ‬
‫الكل حراماً حىت هبتنب منهن ما سوى اؼبأذوف بو شرعاً وىوأربعة‬
‫يصبح ُّ‬
‫فقط‪.‬‬
‫احملرِـ َِّ‬
‫اؼبخَت ربرًن نكاح األختُت‪ ،‬فبل بد حينئذ من تلليق‬ ‫‪ -400‬ومن األمثلة على َّ‬
‫الكل حراماً‪ ،‬وكذلك نكاح األـ وابنتها‪.‬‬
‫واحدة ببل تعيُت وإال صار ُّ‬
‫تعُت ربرًنُ الشيء‬
‫وحيث َّ‬
‫ُ‬ ‫‪ -401‬وحيث تعُت وجوب األمر صار ُ‬
‫نقيضو حراماً‪،‬‬
‫نقيضو واجباً‪.‬‬
‫صار ُ‬
‫انًكزوِ‬

‫جزـ فـا المكروهُ شرعاً ُج ِعبل‬ ‫طلب الشارعُ ترَكوُ ببل‬ ‫ما َ‬ ‫‪-402‬‬
‫فاعل يفعلُو‬
‫وال يُ َـ ُّـ ٌ‬ ‫تارؾ لَوُ‬
‫يمدح ٌ‬ ‫وقيل ما ُ‬ ‫َ‬ ‫‪-403‬‬
‫يح‬
‫الحبلؿ في التسر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كأبغض‬ ‫يح‬
‫ويثبت المكروهُ بالتَّصر ِ‬‫ُ‬ ‫‪-404‬‬
‫اد ُك ْرُىو‬ ‫َّ‬
‫ودؿ أنَّما المر ُ‬ ‫ـ ترُكوُ‬ ‫ب ِم ْن َ‬ ‫و ُّ ِ‬
‫كل ما طُل َ‬ ‫‪-405‬‬

‫‪402‬و‪ -403‬ىناؾ تعريفاف للمكروه‪:‬‬


‫األوؿ‪ :‬ىو ما طلب الشارع تركو طلباً غَت جازـ وىو تعريف اؼبصباح اؼبنَت‪.‬‬
‫يذـ فاعلو وىو تعريف الشوكاين‬
‫الثاين‪ :‬ىو ما ُيبدح تاركو‪ ،‬وال ُّ‬
‫‪ -404‬أشار إىل أف األساليب اليت يثبت هبا حكم الكراىة اثنُت‪:‬‬
‫اإلسلوب األوؿ‪ :‬التصريح بلفظ الكراىة‪ ،‬كقوؿ النيب ‪« :‬إف اهلل كره لكم‬
‫قيل وقاؿ‪ ،‬وكثرة السؤاؿ‪ ،‬وإضاعة اؼباؿ» رواه البخاري‬
‫وكذلك قولو ‪ « :‬أبغض اغببلؿ إىل اهلل اللبلؽ» أخرجو أبو داوود‪.‬‬
‫وقوؿ الناظم (في التسريح)أراد بو يف اللبلؽ‪ ،‬أي اغبديث اآلنف الذكر‪.‬‬
‫‪ -405‬األسلوب الثاين‪ :‬أف ينهى الشارع عنو بو ٍ‬
‫احد من أساليب النهي اؼبعتربة‪ ،‬مث‬
‫تأيت قرينة تدؿ أف اؼبراد الكراىة دوف التحرًن‪.‬‬
‫كقولو عز وجل‪٠ { :‬ب أ‪ٙ٠‬ب اٌز‪ ٓ٠‬إِٓ‪ٛ‬ا ال رغأٌ‪ٛ‬ا ػٓ أش‪١‬بء ئْ رُتـ ْعج َدذ‬
‫رغإوُ‬
‫سورة اؼبائدة ‪ ،-101-‬فقد جاء بعدىا قوؿ اهلل عز وجل‪:‬‬ ‫}‬ ‫ٌىُ‬
‫ػٕ‪ٙ‬بففهمنا أنو ليس اؼبراد التحرًن بل الكراىة‪.‬‬
‫{ػفب هللا }‬
‫ٍ‬
‫كالسؤاؿ عن أموٍر تأتي‬ ‫و‬ ‫‪ -406‬كالبي ٍع عند ساعة الصبلةٍ‬
‫العـابَا‬
‫الفاعل َ‬
‫ُ‬ ‫وليس يلقى‬
‫َ‬ ‫التارؾ الثَّوابا‬ ‫ُّ‬
‫ويستحق ُ‬ ‫‪-407‬‬
‫مأمور بو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والحق في المكروهِ أنَّوُ نُهي‬
‫ُّ‬
‫فالترؾ ٌ‬
‫ُ‬ ‫عن فعلو‬ ‫‪-408‬‬
‫كليف‬
‫بل تَ ُ‬‫قاؿ‪ْ :‬‬
‫واالسفراني َ‬ ‫تكليف‬
‫ُ‬ ‫ليس ِبو‬ ‫ُّ‬
‫والحق أف َ‬ ‫‪-409‬‬
‫ذي ٍ‬
‫حرمة منو وذي تنزيو‬ ‫األحناؼ في المكروه‪:‬‬‫ُ‬ ‫وفر َؽ‬
‫‪َّ -410‬‬
‫بالظن‪ ..‬تحريما فَػ ُهو‬
‫تركاً‪.‬وذا ِّ‬ ‫طلب الشارعُ جازماً لَوُ‬
‫‪ -411‬ما َ‬
‫ب‬‫وج ْ‬
‫فـلـ المكروهُ تحريما َ‬ ‫لبس الحري ِر والـىب‬‫‪ -412‬مثالو ُ‬
‫ٍ‬
‫جزـ‪ ..‬فـا المكروهُ تنزيهاً َجبل‬ ‫طلب ترَكو ببل‬
‫‪ -413‬وكل ما َ‬
‫‪ -406‬أورد مثالُت اثنُت‪ :‬األوؿ‪ :‬قولو عز وجل يف سورة اعبمعة‪٠ { -9 -‬ب أ‪ٙ٠‬ب‬
‫اٌز‪ ٓ٠‬إِٓ‪ٛ‬ا ئرا ٔ‪ٛ‬د‪ٌٍ ٞ‬ظسح ِٓ ‪ َٛ٠‬اٌجّؼخ فبعؼ‪ٛ‬ا ئٌ‪ ٝ‬روش‬
‫اٌج‪١‬غوالثاين ىو آية اؼبائدة ‪ - 101 -‬وىي قولو تعاىل‪:‬‬
‫هللا ‪ٚ‬رس‪ٚ‬ا }‬
‫{‪٠‬ب أ‪ٙ٠‬ب اٌز‪ ٓ٠‬إِٓ‪ٛ‬ا ال رغأٌ‪ٛ‬ا ػٓ أش‪١‬بء ئْ رجذ} ٌىُ رغإوُ‬
‫‪ -407‬وتارؾ اؼبكروه مثاب‪ ،‬وفاعلو ليس عليو عقاب ولكنو ملوـ ومعاتب‪ ،‬ألنو‬
‫فارؽ سنة النيب ‪ ،‬ويف اغبديث‪« :‬من رغب عن سنيت فليس مٍت» رواه‬
‫ابن عساكر عن أيب أيوب‪.‬‬
‫‪ -408‬اعبمهور على أف اؼبكروه منهي عنو‪ ،‬وترؾ اؼبكروه مأمور بو‪ ،‬ويف اؼبسألة‬
‫خبلؼ فصلناه يف باب اؼبندوب بأدلة كل فريق‪.‬‬
‫‪ -409‬واعبمهور على أف اؼبكروه ال يعد حكماً تكليفياً‪ ،‬وخالف يف ذلك‬
‫االسفراييٍت أبو اسحاؽ‪ ،‬فعده حكماً تكليفياً‪.‬‬
‫من ‪410‬حتى‪ -413‬أشار إىل أف اغبنفية جعلوا اؼبكروه قسمُت‪ :‬اؼبكروه ربريبياً‪،‬‬
‫واؼبكروه تنزيهاً‪ .‬فكل ما طلب الشارع تركو طلبا جازما‬
‫=‬ ‫بدليل‬

‫مفهوـ‬
‫ُ‬ ‫خصص ذا‬ ‫فحيث قد َّ‬ ‫تقسيم‬
‫ُ‬ ‫‪ --414‬والشافعية لهم‬
‫خبلؼ أولى اجعلْو في التخصيص‬ ‫ِ‬
‫تخصيص‬ ‫النهي ببل‬
‫يـ ُ‬ ‫‪ --415‬وإف ُ‬

‫ظٍت‪ ،‬فهو اؼبكروه ربريباً‪ ،‬وأورد لذلك مثاال‪ :‬النهي عن لبس اغبرير‬ ‫=‬
‫والذىب للرجاؿ‪ ،‬فقد هنى النيب ‪ ‬عنو‪ ،‬ففي حديث أيب داوود والنسائي‬
‫عن علي بن أيب طالب أف النيب ‪ ‬قاؿ‪( :‬إف ىذين حراـ على ذكور أميت‬
‫حل إلناثهم)‪ ،‬فقد ثبت التحرًن بدليل ظٍت‪ ،‬ومثلو يف ذلك ربرًن بيع‬
‫اؼبسلم على اؼبسلم‪ ،‬وخلبة الرجل على خلبة غَته‪.‬‬
‫وأما ما طلب تركو طلباً غَت جازـ‪ ،‬فهو اؼبكروه تنزيهاً‪ ،‬وحكمو كحكم‬
‫اؼبكروه عن اعبمهور كما أسلفنا‪.‬‬
‫‪415-414‬ػ جعل بعض الشافعية اؼبكروه على رتبتُت‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬ما جاء دليل النهي فيو ـبصوصا بوقت أو مكاف معُت‪ ،‬فهو مكروه‬
‫كالنهي عن الصبلة يف أعلاف اإلبل‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬ما جاء دليل النهي فيو غَت ـبصوص بوقت أو مكاف معُت‪ ،‬فهو‪:‬‬
‫(خبلؼ األوىل)‪ ،‬كإفلار اؼبسافر يف رمضاف‪.‬‬
‫انًثاح‬

‫يعرؼ‬
‫والترؾ مباحاً ُ‬‫ِ‬ ‫في ِ‬
‫الفعل‬ ‫المكلف‬
‫ُ‬ ‫‪ -416‬وكل ما قػد ُخيِّػ َر‬
‫يجانف‬
‫ُ‬ ‫يــ من‬
‫لو‪ ،‬وال ُّ‬ ‫يمدح المفار ُؽ‬
‫ػل ما ال ُ‬ ‫‪ -417‬وقي َ‬
‫كافعل إذا شئت فقد أُبيحا‬ ‫نص بو صريحػاً‬ ‫‪ --418‬وحيث ما َّ‬
‫ونحوه (ال إثم) قد أباحا‬ ‫‪ --419‬كـاؾ حيث قاؿ ال جناحا‬
‫تبيحو كاألكل أو كالزينَ ْة‬ ‫‪ -420‬واألمر إف ترد بو قرينَ ْة‬

‫‪417‬و‪ -418‬اؼبباح ىو ما خَت اؼبكلف بُت فعلو وتركو‪ ،‬وىو ما ال يبدح على‬
‫فعلو وال على تركو‪.‬‬
‫وقولو‪ :‬وال يبدح اؼبقارؼ‪ ،‬أي ال يبدح من يقًتفو ويفعلو‪.‬‬
‫وقولو‪ :‬وال يذـ من هبانف‪ ،‬أراد بو‪ :‬ال يذـ من يًتكو ويبتعد عنو‪.‬‬
‫‪ -418‬وبعد أف أورد تعريف اؼبباح‪ ،‬شرع يعدد األساليب اليت تفيد اإلباحة‪:‬‬
‫اإلسلوب األوؿ‪ :‬النص الصريح على اإلباحة والتخيَت كقولو‪ :‬افعلوا إف‬
‫شئتم‪.‬‬
‫‪ -419‬األسلوب الثاين‪ :‬النص على عدـ اإلمث‪ ،‬كقولو‪ :‬ال جناح عليكم‪ ،‬أوال إمث‬
‫عليكم‪ ،‬كقولو تعاىل‪ { :‬فاْ خفزُ أال ‪٠‬م‪ّ١‬ب دذ‪ٚ‬د هللا فس جٕبح‬
‫ثٗالبقرة ‪-229-‬‬ ‫افزذدسورة‬
‫}‬ ‫ػٍ‪ّٙ١‬ب ف‪ّ١‬ب‬
‫‪ -420‬األسلوب الثالث‪ :‬األمر بالفعل مع القرينة الدالة على أف األمر لئلباحة‪،‬‬
‫رغشف‪ٛ‬ا‬
‫يف سورة األعراؼ ‪-‬‬ ‫}‬ ‫كقولو تعاىل‪ٚ { :‬وٍ‪ٛ‬ا ‪ٚ‬اششث‪ٛ‬ا ‪ٚ‬ال‬
‫‪-31‬‬
‫الحل حيث قصدا‬ ‫ِ‬
‫كالصيد بعد ِّ‬ ‫‪ --421‬واألمر بعد حظ ِرهِ إف َوَردا‬
‫حل لكم كـا ا ِإل َما‬
‫طعامهم ُّ‬
‫ُ‬ ‫صراحاً مثلَما‬‫بالحل ُ‬
‫ِّ‬ ‫والنص‬
‫ُّ‬ ‫‪--422‬‬
‫نص بها صراحاً‬‫ما لم يرد ٌّ‬ ‫‪ --423‬واألصل في األشياء أف تباحا‬

‫‪ -421‬األسلوب الرابع‪ :‬األمر بالفعل بعد حظر سابق‪ ،‬كما يف أمره بالصيد يف‬
‫فبططبد‪ٚ‬ا‬
‫فإنو أمر بالصيد‪ ،‬ولكن‬ ‫}‬ ‫سورة اؼبائدة ‪ٚ { -2 -‬ئرا دٍٍزُ‬
‫األمر لئلباحة وليس للوجوب‪ ،‬بدليل اغبظر السابق يف قولو تعاىل‪:‬‬
‫دشِبًا‬
‫سورة اؼبائدة ‪-98 -‬‬ ‫{‪ٚ‬دشَ ػٍ‪١‬ىُ ط‪١‬ذ اٌجش ِب دِزُ }‬
‫فأفادت اآليتاف ربرًن الصيد على احملرـ‪ ،‬وإباحتو ؼبن ربلل من إحرامو‪.‬‬
‫‪ -422‬األسلوب اػبامس‪ :‬أف ينص صراحة على اإلباحة‪ ،‬كقولو تعاىل‪ٚ { :‬طؼبَ‬
‫ٌىُاؼبائدة ‪ -4-‬وكذلك قولو يف ذات‬
‫اٌز‪ ٓ٠‬أ‪ٚ‬ر‪ٛ‬ا اٌىزبة دً} سورة‬
‫لجٍىُ‬
‫اآلية‪ٚ { :‬اٌّذظٕبد ِٓ اٌز‪ ٞ‬أ‪ٚ‬ر‪ٛ‬ا اٌىزبة ِٓ} معلوفا‬
‫على قولو‪ :‬أحل لكم الليبات‪.‬‬
‫‪ -423‬اإلسلوب السادس‪ :‬اإلباحة األصلية للفعل‪ ،‬وىو يف القضايا اليت سكت‬
‫الشارع العظيم عن بياف اغبكم فيها‪ ،‬ومل يبكن معرفة مراده يف بالكتاب أو‬
‫السنة أو االصباع أو القياس اعبلي‪ ،‬فتكوف اؼبسألة مسكوتاً عنها‪ ،‬وقد‬
‫ػٍ‪١‬ىُ‬
‫فصل اهلل اغبراـ كلو فقاؿ‪ٚ { :‬لذ فظً ٌىُ ِب دشَ } سورة‬
‫األنعاـ‪ ،‬فبقي ما مل يفصلو يف احملرمات داخبلً يف حكم اؼبباح‪ ،‬واستناداً‬
‫على ذلك قرر األصوليوف قاعدة كلية يف الشريعة وىي‪( :‬األصل يف األشياء‬
‫اإلباحة)‪.‬‬
‫منَّا ولم يَ ِر ْد َك َـا اقترابُ ْو‬ ‫طلب اجتنػابُ ْو‬
‫‪ --424‬وح ُكمو لم يُ ْ‬
‫المباح طاعةٌ ِ‬
‫هلل‬ ‫ِ‬ ‫ِم َن‬ ‫قصدتَوُ ِ‬
‫هلل‬ ‫كل ما ْ‬
‫‪ --425‬و ُّ‬
‫بي في ترتيبِ ِو‬
‫وخالف ال َك ْع ُّ‬ ‫الحق مأموراً ِبو‬
‫‪ -426‬ولَ ْم ي ُك ْن في ِّ‬
‫ال ضر في إتيانها وتركها‬ ‫‪ --427‬أقسامو ثبلثة أولها‬
‫والصباغ والشر ِ‬
‫اب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والصيد‬ ‫واللباس والثي ِ‬
‫ػاب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كاألكل‬ ‫‪--428‬‬
‫َّم‬ ‫ِ‬
‫وضره محق ٌق محت ُ‬
‫ُّ‬ ‫محرـ‬
‫‪ --429‬والثاف ما في أصلو ُ‬
‫المشهورْة‬ ‫ِ‬
‫األمثلة‬ ‫وذاؾ في‬ ‫للضرورْة‬ ‫ُبيح‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪ --430‬لكنو أ َ‬
‫الجاىلي دينا‬
‫ِّ‬ ‫ما كاف عند‬ ‫المعفو عنو دينا‬
‫ُّ‬ ‫والثالث‬
‫ُ‬ ‫‪--431‬‬
‫الطعاـ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫في واحد مثالُوُ‬ ‫األحكاـ‬
‫ُ‬ ‫تجتمع‬
‫ُ‬ ‫‪ -432‬وربما‬

‫‪ -424‬واألصوليوف متفقوف على أف اؼبباح مل يللب فعلو ومل يللب تركو‪.‬‬


‫‪ -425‬أراد بأف اؼبباح إف نوى بو اؼبرء مرضاة اهلل‪ ،‬أو التقوي على طاعتو‪ ،‬صار‬
‫ذلك طاعة يثاب عليها‪ ،‬ويف اغبديث‪« :‬نية اؼبؤمن خَت من عملو»‪.‬‬
‫‪ -426‬واألصوليوف متفقوف تقريباً على أف اؼبباح غَت مأمور بو‪ ،‬ولكن خالف يف‬
‫ذلك بعض اؼبعتزلة‪ ،‬ومنهم الكعيب‪ ،‬فقاؿ‪ :‬بل ىو مأمور بو‪.‬‬
‫من ‪ 427‬إلى ‪ -432‬يقسم اؼبباح إىل ثبلثة أقساـ‪:‬‬
‫األوؿ‪ :‬ال ضرر يف فعلِ ِو وال يف تركِو‪ ،‬كاألكل واللباس والشراب والصيد‬
‫والصباغ وغَته من اؼبباحات‪.‬‬
‫ؿبقق الضرر‪ ،‬ولكن أباحو اهلل للضرورة‪،‬‬
‫الثاين‪ :‬ما كاف يف أصلو حراماً َ‬
‫كأكل غبم اؼبيتة والدـ‬
‫=‬ ‫للمضلر‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬ما جاء الشرع بتحريبو وقد كاف قبل االسبلـ فبا اعتاده‬ ‫=‬
‫اعباىليوف‪ ،‬فهو عندئذ حراـ أصبل‪ ،‬ولكن عفا عنو الشارع فأدرج يف‬
‫هبب ما قبلو‪.‬‬
‫اؼبباح تبعاً ال أصالة‪ ،‬ألف االسبلـ ُّ‬
‫مث أشار يف البيت األخَت إىل أف األحكاـ التكليفية اػبمسة قد تتناوب يف‬
‫مسألة واحدة كاللعاـ فإنو يكوف مباحاً يف األحواؿ العادية ولكنو يصَت‬
‫فرضاً إذا كاف تركو يفضي إىل موت ؿبقق‪ ،‬ويصَت مكروىاً إف كاف يفضي‬
‫إىل مرض مظنوف‪ ،‬ويكوف مستحباً إف كاف تركو يؤدي إىل إهناؾ و إرىاؽ‪،‬‬
‫ويصَت حراماً إف كاف يتسبب يقيناً يف آفة أو مرض‪.‬‬
‫واألمر نفسو يف الزواج والقتاؿ وغَته من األحكاـ‪.‬‬
‫انذكى انىضعي‬

‫اد‬
‫ط إذ ير ُ‬
‫والترؾ واإلسقا ُ‬
‫ُ‬ ‫اإليبلد‬
‫ُ‬ ‫‪ --433‬تعريفو في اللغة‬
‫تعلقت بجعل شيء ما ىنا‬ ‫‪ -434‬وىو اصطبلحا كلمات ربنا‬
‫ب‬ ‫ِ‬ ‫‪ --435‬شرطاً ٍ‬
‫أو مانعاً أو فاسداً فليجتن ْ‬ ‫سبب‬
‫لفعل أوصحيحاً أو ْ‬
‫القويم ْة‬
‫َ‬ ‫فسر على طريقتي‬ ‫يم ْة‬
‫‪ -436‬أو رخصةً في الشيء أو عز َ‬

‫‪ -433‬الوضع يف اللغة يللق على معاف منها‪ :‬الوالدة والًتؾ‪ ،‬واإلسقاط‪ ،‬وذلك‬
‫حبسب مراد اؼبتكلم يف مورد السياؽ‪.‬‬

‫‪434‬و‪435‬و‪ -436‬واغبكم الوضعي يف االصلبلح‪ :‬ىو خلاب اهلل تعاىل‪،‬‬


‫اؼبتعلق جبعل الشيء سبباً لفعل اؼبكلف‪ ،‬أو شرطاً لو‪ ،‬أو مانعاً‪ ،‬أو‬
‫صحيحاً‪ ،‬أو فاسداً‪ ،‬أو رخصة‪ ،‬أو عزيبة‪.‬‬

‫فهو خلاب ال يتضمن توجيهاً مباشرا للمكلَّفُت‪ ،‬بل ىو توضيح غبكم‬


‫تكليفي سابق‪ ،‬من جهة ِ‬
‫بياف سببو أو موانعو أو شروطو‪ ،‬أو بياف صحتو أو‬
‫فساده‪ ،‬وربديد موقعو‪ :‬رخصة أو عزيبة‪.‬‬

‫وقوؿ الناظم‪( :‬كلمات ربنا) يراد هبا خلاب الشارع‪ :‬كتابا أو سنة‪.‬‬

‫وقولو‪ ( :‬فسر على طريقتي القويمة ) توجيو لرجحاف ما اختاره يف تعريف‬


‫اغبكم الوضعي‪.‬‬
‫ٍ‬
‫تكليف لخمسة بو‬ ‫ِ‬
‫بحكم‬ ‫الوضعي في ار ِ‬
‫تباط ِو‬ ‫ُّ‬ ‫‪ --437‬ويقسم‬
‫أو رخصةٌ سميحة كريمة‬ ‫والسبب والعزيمة‬
‫ُ‬ ‫ط‬
‫‪ --438‬الشر ُ‬
‫يح‬
‫باطل صر ُ‬
‫أو فاس ٌد أو ٌ‬ ‫والصحيح‬
‫ُ‬ ‫المانع‬
‫ُ‬ ‫ابع‬
‫‪ --439‬والر ُ‬

‫‪437‬و‪438‬و‪ -439‬ويقسم اغبكم الوضعي إىل طبسة أقساـ وذلك حبسب‬


‫اغبكم التكليفي الذي يرتبط بو‪ :‬وىي األوؿ السبب‪ ،‬والثاين الشرط‪،‬‬
‫والثالث اؼبانع‪ ،‬والرابع كونو رخصة أو عزيبة‪ ،‬واػبامس كونو صحيحا أو غَت‬
‫صحيح‪.‬‬
‫انسثة‬

‫دليل سم ِع واشتُ ِر ْط‬ ‫َّ‬


‫دؿ لَوُ ُ‬ ‫المنضبط‬
‫ْ‬ ‫الجلي‬
‫ُّ‬ ‫الوصف‬
‫ُ‬ ‫ب‬
‫والسبَ ُ‬
‫‪َّ --440‬‬
‫شرعي َك َفى‬
‫ٍّ‬ ‫حكم‬
‫للحكم وىو ُ‬ ‫ِ‬ ‫معرفاً‬
‫الدليل كونُو ِّ‬ ‫ِ‬ ‫‪ --441‬لَدى‬
‫ال بُ َّد موجود كما قد ىـبوا‬ ‫ب‬‫يوج ُد فالمسبَّ ُ‬ ‫‪ --442‬وحينَما َ‬
‫دوـ كما قَ ْد َكتَبُوا‬ ‫ال بُ َّد َم ْع ٌ‬ ‫ب‬‫‪ --443‬وحيثما يُع َد ُـ فالمسبَّ ُ‬
‫وجبَا‬
‫فالحد بو َ‬‫ُّ‬ ‫في ِّ‬
‫الحد‬ ‫الزنَا تَ َسبَّبا‬
‫َف ِّ‬‫‪ --444‬مثالُو أ َّ‬
‫فالوقتي للجمي ِع‬
‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫قسماف‪:‬‬ ‫الموضوع‬
‫ِ‬ ‫أقساموُ من جهة‬ ‫‪-445‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫بالهبلؿ‬ ‫ولصياـ الشه ِر‬ ‫‪ -446‬مثالُوُ الظهر لدى ِ‬
‫الزواؿ‬ ‫ُ‬
‫القمار‬
‫ُ‬ ‫ب تحريماً كـا‬ ‫سبَّ َ‬ ‫اإلسكار‬
‫ُ‬ ‫والمعنوي مثالُوُ‬
‫ْ‬ ‫‪-447‬‬
‫‪440‬و‪ -441‬تعريف السبب‪ :‬ىو الوصف الظاىر اؼبنضبط الذي دؿ الدليل‬
‫السمعي على كونو معرفا غبكم شرعي‪.‬‬
‫وىكذا فإف السبب حدث جعلو الشارع عبلمة أكيدة على وجود اغبكم‪،‬‬
‫وقوؿ الناظم (وكفى) إشارة إىل أف التعريف بألفاظو السالفة كاؼ ؿبكم‪.‬‬
‫‪443-442‬ػ أفاد بأف وجود السبب يستلزـ حتما وجود اؼبسبب‪ ،‬وانعداـ السبب‬
‫يستلزـ حتماً انعداـ اؼبسبَّب‪.‬فيلزـ من وجوده الوجود ويلزـ من عدمو العدـ‪.‬‬
‫‪444‬ػ مثاؿ ذلك أف حد الرجم متوقف على ثبوت الزنا فحيث ثبت الزنا وجب‬
‫اغبد وحيث انتفى الزنا انتفى اغبد‪.‬‬
‫السبب من حيث موضوعو إىل قسمُت‪ :‬وقيت‬
‫ُ‬ ‫ينقسم‬
‫ُ‬ ‫‪445‬و‪446‬و‪-447‬‬
‫=‬ ‫ومعنوي‪.‬‬
‫قسماف فافهمها لدي تكتفي‬ ‫‪ -448‬أقسامو من جهة المكلف‬
‫لآلخرْة‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫والقتل ف ُخ ْـ‬ ‫كالبي ِع‬ ‫المقدرْة‬
‫َ‬ ‫ْت فيو‬
‫أولها ملك َ‬ ‫‪-449‬‬
‫مأمور بِ ِو‬
‫النكاح ٌ‬‫ُ‬ ‫مثالو‬ ‫وربما يكوف مأموراً بِ ِو‬ ‫‪-450‬‬
‫القاطع‬ ‫ِ‬
‫كالسرقات وكـاؾ‬ ‫نهاؾ عنو الشارعُ‬ ‫وربما َ‬ ‫‪-451‬‬
‫ُ‬
‫الصحيح‬
‫ِ‬ ‫يحل أكلُوُ على‬
‫ُّ‬ ‫كالـبيح‬
‫ِ‬ ‫يباح‬
‫وربما ُ‬ ‫‪-452‬‬

‫فالوقيت‪ :‬ما ال تبدو فيو حكمة باعثة ظاىرة‪ ،‬بل ىو ؿبض توقيت‪ ،‬كالزواؿ‬ ‫=‬
‫سبب يف وجوب الظهر‪ ،‬واؽببلؿ سبب يف وجوب الصياـ‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫واؼبعنوي‪ :‬ما يستلزـ حكمة باعثة يف تعريفو للحكم الشرعي‪ ،‬ومثالو‪:‬‬
‫اإلسكار سبب يف ربرًن اػبمر‪ ،‬والعقد على ؾبهوؿ سبب يف ربرًن القمار‪.‬‬
‫وعليو فإنو هبوزالقياس على اؼبعنوي وال هبوز القياس على الوقيت‪.‬‬
‫‪448‬و‪ -449‬ينقسم السبب من حيث قدرة اؼبكلف على القياـ بو وعدمها إىل‬
‫قسمُت‪:‬‬
‫األوؿ‪ :‬ما ىو من فعل اؼبكلف وىو مقدور لو‪ ،‬كالبيع سبب النتقاؿ ملكية‬
‫اؼببيع‪ ،‬وثبوت الثمن‪ ،‬والقتل العمد سبب لثبوت القصاص‪.‬‬
‫وقوؿ الناظم ( فخـ لآلخرة ) أراد بو أف اؼبرء مأمور أف يستعد لآلخرة‬
‫باجتنابو ما حرـ اهلل‪ ،‬حيث التكاليف كلها مقدور عليها من قبل العباد‪.‬‬
‫‪450‬و‪451‬و‪ -452‬أراد أف السبب الذي يبلك فيو اؼبكلف اؼبقدرة يكوف على‬
‫ثبلثة أحواؿ‪:‬‬
‫مأمور بو شرعاً‪ ،‬كالنكاح يكوف سببا يف ثبوت الولد‬
‫سبب ٌ‬ ‫األوؿ‪ٌ :‬‬
‫=‬ ‫والتوارث‪.‬‬
‫مثل الزواؿ في الصبلة‬ ‫‪ -453‬والثاف ليس في يدؾ المقدرْة‬
‫‪ْ..‬ة أي المسبَّبَ ُ‬
‫ات‬ ‫الحاضر‬
‫لغيرىا‬ ‫مقصودات‬
‫ُ‬ ‫األسباب‬
‫ُ‬ ‫‪ -454‬وإنما‬
‫ٍ‬
‫مصلحة وإف يكن فيو ببل‬ ‫والسبب المشروعُ ما أدى إلى‬ ‫‪-455‬‬
‫ُ‬
‫فربَّما أدى إلى ِ‬
‫إتبلؼ‬ ‫ػاد فػي الفيػافي‬
‫‪ -456‬مثالػو الجه ُ‬
‫مفسدةٍ مثل تبنِّي من خبل‬ ‫‪ -457‬وغير مشروع كما أدى إلى‬
‫الثاين‪ :‬سبب هنى عنو الشارع‪ ،‬كالسرقة سبب يف وجوب اغبد‪ ،‬وكذلك‬ ‫=‬
‫منهي عنو شرعاً‪.‬‬
‫قلع اللريق سبب يف ثبوت حد اغبرابة‪ ،‬مع أف كبلً منها ٌّ‬
‫الثالث‪ :‬سبب أذف بو الشارع إذف إباحة‪ ،‬كذبح اغبيواف سبب يف صحة‬
‫أكلو‪.‬‬
‫‪ -453‬القسم الثاين‪ :‬قسم ليس من فعل اؼبكلفُت‪ ،‬بل ىو ؿبض وضع إؽبي‪،‬‬
‫كاؼبوت سبب لنقل اؼبلكية‪ ،‬والزواؿ سبب لوجوب الظهر‪ ،‬واغبيض سبب‬
‫إلسقاط الصبلة والصوـ‪.‬‬
‫‪ -454‬أشار إىل أف األسباب ليست مقصودة لذاهتا‪ ،‬بل يراد منها إيضاح أحكاـ‬
‫اؼبسببات‪.‬‬
‫‪455‬و‪456‬و‪ -457‬التقسيم الثالث للسبب‪ ،‬حبسب اؼبشروعية وعدمها‪ ،‬وىو‬
‫قسماف‪:‬‬
‫‪ -1‬سبب مشروع‪ :‬وىوما أدى إىل مصلحة يف نظر الشارع‪ ،‬وإف اقًتنت بو‬
‫بعض اؼبفاسد فهي عارضة‪ ،‬كاعبهاد سبب لنشر الدعوة وىي مصلحة‬
‫حقيقية للناس ولو أف البعض يراىا سبباً تزىق بو األنفس‪ .‬وقولو‪ ( :‬فيو‬
‫=‬ ‫ببل) أي ببلء‪.‬‬
‫الحكم قسمين على تحري ِرهِ‬ ‫ِ‬ ‫في‬ ‫‪ -485‬ويقسم السبػب في تأثي ِرهِ‬
‫ُ‬
‫كالسك ِر في التحر ِيم فهو العلَّ ْة‬ ‫‪ -486‬مؤثّػ ٌر وذاؾ يدعى العلَّ ْة‬
‫ِ‬
‫لحكم ذي‬ ‫ِ‬
‫كالوقت ليس علةً‬ ‫‪ -460‬وغير ما أثَّر وىو الـي‬
‫فامح الريبا‬
‫فإنو قسماف ْ‬ ‫نوع ما تسبَّبا‬
‫‪ -461‬وباعتبار ِ‬
‫القم ْر‬
‫ىل َ‬ ‫مثالو الصوـ إذا َّ‬ ‫ظه ْر‬‫‪ -462‬أولها لحكم تكليف َ‬
‫ِ‬
‫كالعتق والبي ِع كـا الزوجيَّة‬ ‫للحل أو الملكيّة‬ ‫ِ‬
‫والثاف ِّ‬ ‫‪-463‬‬
‫‪ -2‬سبب غَت مشروع‪ :‬وىو ما أدى إىل مفسدة يف نظر الشارع‪ ،‬وإف‬ ‫=‬
‫اقًتنت بو بعض اؼبنافع العاجلة‪ ،‬كالتبٍت فإنو سبب غَت مشروع ال‬
‫تًتتب آثاره عليو شرعاً‪ ،‬وىو وإف بدا مفيداً لبعض اليتامى‪ ،‬ولكنو مؤذ‬
‫للمجتمع ؼبا ينشأ عنو من ضياع األنساب وتفرؽ العوائل‪.‬‬
‫وقولو ( تبنّي من خبل) أشار إىل عادة األمم اػبالية يف إقرار التبٍت‪.‬‬
‫‪458‬و‪489‬و‪ -460‬التقسيم الرابع للسب اعتبار تأثَته يف اغبكم وعدمو‪ ،‬وىو‬
‫نوعاف‪:‬‬
‫‪ -1‬السبب اؼبؤثر يف اغبكم‪ ،‬وىو ما يسميو األصوليوف‪ :‬العلة‪ ،‬وىو ما‬
‫يكوف بينو وبُت اغبكم مناسبة يدركها العقل‪ ،‬ويبكن القياس عليها‪،‬‬
‫كالسكْر سبب ربرًن اػبمرة‪ -‬أي علتو‪.-‬‬
‫ُّ‬
‫‪ -2‬السبب غَت اؼبؤثر يف اغبكم‪ ،‬وىو الذي ال يكوف بينو وبُت اغبكم‬
‫مناسبة يدركها العقل‪ ،‬وال يصلح القياس عليو‪.‬‬
‫‪461‬و‪462‬و‪ -463‬التقسيم اػبامس للسبب اعتبار نوع اؼبسبَّب‪ ،‬وىو نوعاف‪:‬‬
‫‪ -1‬سبب غبكم تكليفي‪ :‬كالوقت للصبلة واؽببلؿ للصياـ‪.‬‬
‫‪ -2‬سبب إثبات أو إلغاء ملك أو حل‪ :‬كالعتق سبب إلزالة اؼبلكية‪ ،‬والزواج‬
‫سبب ينتج عنو ربليل اؼبعاشرة‪ ،‬والبيع سبب إلثبات ملك أو إلغائو‪.‬‬
‫أقساموُ ثبلثَ ْة‬
‫ُ‬ ‫بينهما‬ ‫‪ -464‬وباعتبار مصدر العبلقَ ْة‬
‫شرع كالصبلة والزَكا‬
‫من حكم ٍ‬ ‫‪ -465‬أولها الشرعي وىو ما زكى‬
‫ِ‬
‫كالنقيض‬ ‫ٍ‬
‫عقل‬ ‫ِ‬
‫حكم‬ ‫عن‬ ‫العقلي وىو ما نَػتَ ْج‬
‫ُّ‬ ‫‪ -466‬وبعدىا‬
‫المحبو ْجأو عادةٌ ببل مرا‬
‫في ٌ‬
‫عرؼ َ‬ ‫‪ -467‬والثالث العادي وىو ما جرى‬
‫حتماً لو الوجود للمسبَّ ِ‬
‫ب‬ ‫ِ‬
‫السبب‬ ‫‪ -468‬والزـ عند وجود‬
‫حتماً لو الزواؿ للمسبَّ ِ‬
‫ب‬ ‫ِ‬
‫السبب‬ ‫والزـ عند انعػداـ‬
‫ٌ‬ ‫‪-469‬‬

‫من ‪ 464‬حتى ‪ -467‬التقسيم السادس للسبب وىو تقسيم فلسفي ؿبض‪ ،‬وىو‬
‫حبسب مصدر الرابلة والعبلقة بينو وبُت اؼبسبَّب‪ ،‬وىو ثبلثة أقساـ‪:‬‬
‫‪ -1‬سبب شرعي‪ :‬وىو ما تقرر بناء على حكم شرعي‪ ،‬كالنصاب سبب‬
‫لوجوب الزكاة‪ ،‬والوقت سبب لوجوب الصبلة‪.‬‬
‫‪ -2‬سبب عقلي‪ :‬وىو ما تقرر بناء على حكم عقلي‪ ،‬كالقوؿ بأف الليل‬
‫سبب يف انعداـ النهار‪ ،‬وأف النقيض سبب يف بلبلف نقيضو‪ ،‬وأراد‬
‫بقولو (في المحج) أي يف احملاججة واؼبناظرة‪.‬‬
‫‪ -3‬سبب عادي‪ :‬وىو ما تقرر بناء على عرؼ وعادة‪ ،‬كما لو قيل‪ :‬الذبح‬
‫سبب يف اؼبوت‪.‬‬
‫وأشار بقولو‪ ( :‬ببل مرا ) إىل أف العادة هبب أف تكوف غالبة ببل امًتاء أو‬
‫قيود‪.‬‬
‫‪468‬و‪ -469‬اؼبعٌت أنو يلزـ من وجود السبب وجود اؼبسبَّب‪ ،‬ومن عدمو عدمو‪،‬‬
‫وقد سبقت اإلشارة إىل ذلك يف البيتُت‪ 443-442 :‬فلينظر‪.‬‬

‫انشزط‬

‫ِ‬
‫للوجود‬ ‫للحكم شرعاً منو‬ ‫ِ‬
‫بالوجود‬ ‫‪ -470‬والشرط ما الوقوؼ‬
‫عدـ‬ ‫ٍ‬
‫لحكم ُ‬ ‫من ِ‬
‫عدـ الشرط‬ ‫ػزـ‬
‫‪ -471‬وكاف عنو خارجػاً ويل ُ‬
‫مختلف فافهمو وافهم فَػنَّوُ‬
‫ُ‬ ‫‪ -472‬وإنو كالركن إال أنوُ‬
‫داخل الماىيَّ ْة‬
‫َ‬ ‫جاء‬
‫كن َ‬ ‫والر ُ‬ ‫خارج الماىيَّ ْة‬
‫جاء َ‬
‫ط َ‬‫‪ -473‬فالشر ُ‬
‫كـلـ السبب في ِ‬
‫عدم ِو‬ ‫‪ -474‬ويلزـ العدـ من ِ‬
‫عدم ِو‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ‬

‫‪470‬و‪ -471‬الشرط يف االصلبلح‪ :‬ىو ما يتوقف وجود اغبكم وجوداً شرعياً‬


‫على وجوده‪ ،‬ويكوف خارجاً عن حقيقتو‪ ،‬ويلزـ من عدمو عدـ اغبكم‪.‬‬
‫وأراد بقولو ( وجوداً شرعياً) أف اغبكم الشرعي ال ينعقد شرعاً إال باستيفاء‬
‫شرائلو‪ ،‬فالزواج يتم بغَت شاىدين‪ ،‬ولكنو الينعقد شرعا بغَت شاىدين‪.‬‬
‫‪472‬و‪ -473‬الركن والشرط حكمهما واحد من حيث أف اغبكم اليصح إال‬
‫هبما‪ ،‬ويتوقف وجوده الشرعي على وجودنبا‪.‬‬
‫ولكن ىبتلفاف يف أف الشرط يكوف خارج اؼباىية‪ ،‬فيما يكوف الركن داخلها‬
‫ومثاؿ الشرط الوضوء للصبلة‪ ،‬ومثاؿ الركن‪ :‬الركوع يف الصبلة‪.‬‬
‫‪ -474‬والشرط كالسبب يف حاؿ العدـ‪ ،‬فيلزـ من عدمو انعداـ اغبكم‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وجود حكم‪ .‬فتعلَّ ْم واستط ْ‬
‫ب‬ ‫ُ‬ ‫ب‬ ‫‪ -475‬أما إذا وج َد شرط لم يَج ْ‬
‫ِ‬
‫احتياط ِو‬ ‫ٍ‬
‫بسبب نوعين في‬ ‫ط لدى ار ِ‬
‫تباط ِو‬ ‫ويقس ُم الشر ُ‬ ‫‪-476‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫النصاب فانج‬ ‫مكمل‬ ‫فالحوؿ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫للسبب‬ ‫جاء مكمبلً‬
‫‪ -477‬فحيث َ‬
‫ُ‬
‫كالستر مكمبلً بلوغاً للصبي‬ ‫ب‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المسبب‬ ‫مكمل‬ ‫‪ -478‬وقد يجيءُ‬
‫ُ‬
‫نوعاف‪ .‬فالشرعي الر ِ‬
‫تباط ِو‬ ‫‪ -479‬وباعتبار جهة اشتر ِ‬
‫اط ِو‬
‫ِ‬
‫والصياـ‬ ‫وسائر الحدود‬ ‫ِ‬
‫كاألحكاـ‬ ‫بالشارع العل ِي‬
‫ِ‬ ‫‪-480‬‬

‫‪ -475‬ولكن يف حاؿ وجوده فإنو ىبتلف عن السبب‪ ،‬فبينما هبب وجود اؼبسبب‬
‫عند وجود السبب‪ ،‬فإنو الهبب وجود اغبكم عند وجود الشرط‪.‬‬
‫ِ‬
‫واستطب ) أراد بو توجيو طالب العلم إىل الفارؽ الدقيق بُت‬ ‫وقولو ( فتعلَّ ْم‬
‫الشرط والسبب فيجب تعلمو لتليب بذلك نفسو‪.‬‬
‫‪476‬و‪477‬و‪ -478‬التقسيم األوؿ للشرط باعتبار ارتباطو بالسبب واؼبسبب‪:‬‬
‫‪ -1‬الشرط اؼبكمل للسبب‪ :‬كاغبوؿ شرط ال بد منو ليكمل السبب وىو‬
‫النصاب إذ ال يثبت وجوب الزكاة إال بالنصاب وال يثبت النصاب إال‬
‫حبوالف اغبوؿ‪.‬‬
‫واغبق أف السبب ينلبق سباماً على (ؾبموعة الشروط الصحيحة)‪.‬وقولو‪:‬‬
‫(فانجب) توجيو للالب العلم لبلوغ النجابة يف ربصيل العلم‪.‬‬
‫‪ -2‬الشرط اؼبكمل للمسبَّب‪ :‬كاللهارة وسًت العورة مكمبلف للصبلة اليت‬
‫وجبت بسبب بلوغ الصيب‪ ،‬فهي ذبب عليو‪َ ،‬ستَػَر العورة أو مل يسًت‪،‬‬
‫ولكن ال تكمل صبلتو إال بسًت العورة‪.‬‬
‫‪479‬و‪ -480‬التقسيم الثاين للشرط من حيث جهة اشًتاطو وىو على نوعُت‪= :‬‬
‫من المكلف الـي لو اشتُ ِر ْط‬ ‫لي وىو ما اشتُ ِر ْط‬‫الج ْع ّ‬
‫‪ -481‬وبعده َ‬
‫والبيع في استبلمو ونقلِ ِو‬ ‫تقديم ِو في فعلِ ِو‬
‫‪ -482‬كالمه ِر في ِ‬
‫مثل البيع حيث أطلقا‬ ‫للشرع َ‬
‫ِ‬ ‫وشرطو إف جاء أف يوافقا‬ ‫‪-483‬‬
‫بكل مشروط ثبلث َعدُّه‬ ‫وباعتبار نوع ما يربطو‬ ‫‪-484‬‬
‫شرط الصبلة بعد ما ِ‬
‫طروء‬ ‫ِ‬
‫كالوضوء‬ ‫الشرعي‬ ‫أولها‬ ‫‪-485‬‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫كالفهم في تكليفنا‬ ‫نتاجوُ‬
‫ُ‬ ‫العقلي من عقولنا‬
‫ُّ‬ ‫وبعده‬ ‫‪-486‬‬
‫عن عادة كالنا ِر تكوي من َولَ ْج‬ ‫العادي وىو ما نَػتَ ْج‬
‫ُّ‬ ‫ثالثها‬ ‫‪-487‬‬

‫الشرط الشرعي‪ :‬وىوما اشًتطو الشارع اغبكيم كاشًتاط القصد‬ ‫=‬


‫لثبوت القصاص‪ ،‬واشًتاط الويل لصحة النكاح‪،‬‬
‫واشًتاط القدرة لوجوب الصياـ‪.‬‬
‫‪481‬و‪482‬و‪ -483‬الشرط اعبعلي‪ :‬وىو ما اشًتطو اؼبكلف‪ ،‬كما لو اشًتطت‬
‫اؼبرأة تقدًن اؼبهر كلو‪ ،‬أو لو اشًتط البائع تسليم اؼببلغ يف مكاف ما‪،‬‬
‫وتكاليف نقلو على اؼبشًتي وأمثاؿ ذلك‪.‬‬
‫ويشًتط يف الشرط اعبعلي أف ال يكوف منافياً ؼبا قرره الشارع‪ ،‬كما لو باعو‬
‫شيئا وشرط عليو قيداً يف إطبلؽ ملكيتو عليو‪.‬‬
‫من ‪ 484‬حتى ‪ -487‬التقسيم الثالث للشرط حبسب إدراؾ الرابلة بينو وبُت‬
‫اؼبشروط إىل ثبلثةأنواع‪:‬‬
‫‪ -1‬الشرط الشرعي‪ :‬وىوما نتج عن حكم الشرع كالوضوء للصبلة‪ ،‬وقولو‪:‬‬
‫(بعدما طروء) إشارة إىل طروء اغبدث الناقض للوضوء‪.‬‬
‫‪ -2‬الشرط العقلي‪ :‬وىوما نتج عن حكم العقل‪ ،‬كاشًتاط الفهم لثبوت‬
‫التكليف‪ ،‬فهومل يدؿ عليو دليل شرعي ولكنو واضح حبكم‬
‫العقل‪= .‬‬
‫خلف نُ ِم ْي‬ ‫مع فقده ِ‬
‫لشرط ِو؟ ٌ‬ ‫ِ‬
‫بالحكم‬ ‫فهل يُرى تكلي ُفوُ‬ ‫‪-488‬‬
‫بالفرع من تشر ِيعنا‪ ..‬فاحتاروا‬
‫ِ‬ ‫الكفار‬
‫ُ‬ ‫خوطب‬
‫َ‬ ‫مثالو ىل‬ ‫‪-489‬‬
‫ِ‬
‫تخفيف‬ ‫والشرط لم يحصل ببل‬ ‫ِ‬
‫للتكليف‬ ‫فقيل بالصحة‬ ‫‪-490‬‬
‫تعنيف ِو‬
‫فرض‪ ..‬ثم في ِ‬ ‫بكل ٍ‬ ‫تكليف ِو‬
‫بالجنب في ِ‬ ‫ِ‬ ‫قاسوه‬ ‫‪-491‬‬
‫حاؿ ِ‬
‫كفرى ِم‬ ‫ْأمر الصبلةِ رغم ِ‬ ‫في الـكر للكفار عند تركهم‬ ‫‪-492‬‬
‫َ‬
‫‪ -3‬الشرط العادي‪ :‬وىو ما نتج عن العادة والعرؼ‪ ،‬كقولك‪ :‬دخوؿ النار‬ ‫=‬
‫شرط يف اإلحراؽ‪ ،‬وأضاؼ بعضهم نوعاً رابعاً‪ ،‬وىو الشرط اللغوي‪،‬‬
‫وىو ما نتج عن داللة اللغة‪.‬‬
‫‪488‬و‪ -489‬أورد الناظم مسألة أصولية فرعية اشتهرت بُت األصوليُت وىي‪ :‬ىل‬
‫يصح التكليف مع فقداف شرطو؟ وشرطو ىو اإليباف‪ ،‬وعبارهتم يف ذلك‪:‬‬
‫ىل الكافر ـباطب بفروع الشريعة‪.‬‬
‫فأشار بأف اػبلف يف ىذه اؼبسألة ُمبي‪ ،‬أي شاع واشتهر‪ ،‬وأشار بأف‬
‫األصوليُت احتاروا يف ذلك‪ ،‬وانقسمت آراؤىم يف اؼبسألة إىل مذىبُت‪.‬‬
‫‪490‬و‪491‬و‪ -492‬القوؿ األوؿ‪ :‬ذىب اعبمهور من الشافعية واغبنابلة وبعض‬
‫اغبنفية إىل أف الكفار ـباطبوف بالتكليف ولو مل وبصل شرط اإليباف‪ ،‬فبل‬
‫ىبفف عنهم التكليف بفروع الشريعة حبجة عدـ إيباهنم‪ ،‬واستدلوا لذلك‬
‫بالقياس على اعبنب فهو ملالب بالفرائض‪ ،‬رغم أنو فاقد لشرط اللهارة‬
‫َّف الكفار يف‬
‫الذي ال تصح الصبلة إال بو‪ ،‬واستدلوا كذلك بأف اهلل عن َ‬
‫الذكر‪-‬أي يف القرآف الكرًن‪ -‬لًتكهم الصبلة رغم كفرىم‪ ،‬وذلك يف قولو‪:‬‬
‫}اٌّظٍ‪-ٓ١‬‬
‫{ِب عٍىىُ ف‪ ٟ‬عمش‪ ،‬لبٌ‪ٛ‬ا ٌُ ٔه ِٓ اؼبدثر‪42 -‬‬
‫واآليات يف ذلك كثَتة ظاىرة‪.‬‬
‫لسائر الكفار إيماناً لهم‬ ‫‪ -493‬وخالف األحناؼ في اشتراطهم‬
‫َّح‬
‫منم ٌق موض ُ‬‫دليلهم ّ‬ ‫أرجح‬
‫‪ -494‬وما رآه األولوف ُ‬

‫‪ -493‬والقػػوؿ الثػػاين يف الػمسػػألة ىػػو مػذىب اغبنفية إذ قالوا إف اإليباف شرط يف‬
‫سائر التكاليف‪ ،‬ودليلهم يف ذلك أف الكافر إذا أسلم ال يلالب بقضاء‬
‫ب ما قبلو‪ ،‬وذلك دليل على أنو مل يكن مكلفاً هبا‪.‬‬ ‫الصبلة ألف اإلسبلـ َهبُ ُّ‬
‫‪ -494‬ورجح الناظم رأي األولُت‪ ،‬ووصف دليلهم بأنو منمق‪-‬أي ظاىر اعبماؿ‪-‬‬
‫موضح‪ ،‬ودفع استدالؽبم بذات اغبديث‪ ،‬فقولو‪« :‬اإلسبلـ هبب ما كاف‬
‫قبلو» رواه ابن سعد عن الزبَت‪ ،‬يدؿ على أهنم كانوا ملالبُت بالتكاليف‬
‫أصبل مث خفف ذلك عنهم بدخوؽبم يف اإلسبلـ‪.‬‬
‫واؼبسألة كما ترى ؿبض خبلؼ لفظي ال طائل ربتو‪.‬‬
‫انًاَع‬

‫حيث يخت‬
‫اث ُ‬ ‫كالقتل في المير ِ‬
‫ِ‬ ‫الجلي‬
‫ُّ‬ ‫الوصف‬
‫ُ‬ ‫والمانع‬ ‫‪-495‬‬
‫ُ‬
‫مستفيدهِ‬
‫ِ‬ ‫لِ ْطِ‬ ‫وجودهِ‬
‫العدـ من ِ‬
‫لكل‬
‫أفت بو ِّ‬ ‫المنضبِ ْط ُ‬
‫ويلزـ‬
‫ُ‬ ‫‪-496‬‬
‫وال وجو ٌد‪ ..‬فتعلم ال تُػنَ ْم‬ ‫عدـ لو َع َد ْـ‬ ‫يجب من ٍ‬‫ولم ْ‬ ‫‪-497‬‬
‫عليهما قسمين في تحري ِرهِ‬ ‫ويقسم المانع في تأثي ِرهِ‬ ‫‪-498‬‬
‫ِ‬
‫المحيض‬ ‫كالترؾ للصبلة في‬ ‫ِ‬
‫النقيض‬ ‫أولها لحكمة‬ ‫‪-499‬‬

‫‪495‬و‪496‬و‪ -497‬اؼبانع يف االصلبلح ىو الوصف الظاىر اؼبنضبط‪ ،‬الذي‬


‫يستلزـ وجوده عدـ اغبكم أو عدـ السبب‪ ،‬فيلزـ من وجوده العدـ‪ ،‬وال‬
‫يلزـ من عدمو وجود وال عدـ‪.‬‬
‫وقوؿ الناظم ( كالقتل في الميراث حيث يختلط ) أرادأف الوارث يستحق‬
‫اإلرث ولكن إف تورط يف قتل مورثو‪ ،‬فإنو يبنع من مَتاثو‪ ،‬إذ اختلط اؼبانع‬
‫باغبكم فحاؿ دونو‪.‬‬
‫وقولو ( ِ‬
‫أفت بو لكل مستفيده ) إشارة إىل إصباعهم على تعريف اؼبانع دبا‬
‫سلف‪ ،‬وعليو الفتوى‪.‬‬
‫‪ -498‬وينقسم الػمػانع مػن جهة تأثَته على اغبكم والسبب إىل نوعُت كما حرره‬
‫العلماء‪.‬‬

‫‪ -499‬القسم األوؿ‪ٌ :‬‬


‫مانع للحكم لكونو مناقضاً لو‪.‬‬
‫مانع للحكم لكونو ـببلً بو‪.‬‬
‫القسم الثاين‪ٌ :‬‬
‫فاألوؿ على ثبلثة أنواع‪:‬‬
‫مثل المثاؿ السابق الظر ِ‬
‫يف‬ ‫ِ‬
‫بالتكليف‬ ‫فربما اجتمع‬ ‫‪-500‬‬
‫فابق‬
‫في النوـ والجنوف‪َ ..‬‬ ‫وربما لم يجتمع بو كما‬ ‫‪-501‬‬
‫السقيم‬
‫ُ‬ ‫مسلما‪ ..‬مثالُوُ‬
‫مخيَّراً‬ ‫اللزوـ‬
‫ُ‬ ‫ينقلب‬
‫ُ‬ ‫وربما‬ ‫‪-502‬‬
‫السبب‬ ‫أبطل‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫فالدين في الزكاة َ‬‫ُ‬ ‫السبب‬
‫ْ‬ ‫والثاف ما أخل حكمةَ‬ ‫‪-503‬‬
‫لدي سامعا‬
‫لخمسة فكن َّ‬‫ٍ‬ ‫قس َم الموانعا‬
‫والحنفي َّ‬
‫ُّ‬ ‫‪-504‬‬

‫ِ‬
‫اؼبكلفة‬ ‫‪500‬ػ األوؿ‪ :‬اؼبانع الذي هبتمع مع أىلية التكليف‪ ،‬كاغبيض يلرأ على‬
‫شرعاً فَتفع عنها التكليف اؼبوجو إليها يف الصبلةوالصوـ‬
‫خصوصا‪.‬مع بقاء التكليف عليها يف سوى ذلك‪.‬‬
‫‪501‬ػ الثاين‪ :‬اؼبانع الذي ال هبتمع مع اغبكم التكليفي‪ ،‬بل يرفع التكليف كلو حُت‬
‫يلرأ‪ ،‬كالنوـ واعبنوف واإلغماء‪.‬‬
‫فابق مسلما ) أف يستدًن اؼبؤمن يف سبسكو باإلسبلـ حىت يلقى‬
‫وأراد بقولو ( َ‬
‫اهلل على التوحيد‪.‬‬
‫‪ -502‬الثالث‪ :‬اؼبانع الذي يلرأ فبل يرفع التكليف‪ ،‬بل يرفع اللزوـ عنو إىل زبيَت‪،‬‬
‫كاؼبرض فإنو يرفع وجوب صبلة اعبمعة‪ ،‬فيكوف أداؤىا حينئذ على‬
‫سبيل التخيَت بينها وبُت فرض الظهر‪.‬‬
‫‪ -503‬القسم الثاين من أقساـ اؼبانع من حيث تأثَته على السبب والشرط ىو‪:‬‬
‫ِ‬
‫حبكمة السبب‪.‬مثالو الدَّين على مالك‬ ‫زبل‬ ‫ٍ‬
‫غبكمة ُّ‬ ‫اغبكم‬ ‫اؼبانع الذي يبنع‬
‫َ‬
‫أحرز السبب اؼبوجز للزكاة‪ ،‬ولكن بوجود‬
‫النصاب‪ ،‬فهو دبلكو للنصاب َ‬
‫ِ‬
‫وجوب أداء الزكاة عليو‪.‬‬ ‫الدَّين عليو وِج َد اؼبانع الذي وبوؿ دوف ِ‬
‫ثبوت‬ ‫ُ‬
‫تقسيم خاص للموانع فيجعلوهنا طبسة أقساـ‪:‬‬
‫ُ‬ ‫‪ -504‬أخرب أف اغبنفيةَ ؽبم‬
‫كإفتاء الصبي‬‫حر أو ِ‬ ‫كبي ِع ٍّ‬ ‫أي ِ‬
‫سبب‬ ‫انعقاد ِّ‬ ‫‪ -505‬ما يمنع‬
‫َ‬
‫غير مالِ ِو‬ ‫ِ‬
‫كبي ِع ذي الفضوؿ َ‬
‫والثاف ما يمنع من ِ‬
‫تمام ِو‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫‪-506‬‬
‫ِ‬
‫الشرط للمسلَّ ِم‬ ‫مثل خيا ِر‬ ‫ِ‬
‫الحكم‬ ‫بدء‬
‫َ‬ ‫يمنع َ‬‫‪ -507‬ثالثها ُ‬
‫مثل خيا ِر العي ِن في ِ‬
‫إلمام ِو‬ ‫‪ -508‬رابعها يمنع من ِ‬
‫تمام ِو‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫العيب في ِ‬
‫لزوم ِو‬ ‫مثل خيا ِر ِ‬ ‫‪ -509‬والخامس المانع من ِ‬
‫لزوم ِو‬ ‫ُ‬

‫‪ -505‬األوؿ‪ :‬يبنع انعقاد السبب أصبل‪ ،‬كبيع اغبر‪ ،‬فاغبرية مانع من انتقاؿ‬
‫التملك عن طريق البيع‪ ،‬إذ ىي مانعة للبيع أصبلً‪.‬‬
‫‪ -506‬الثاين‪ :‬يبنع سباـ السبب يف حق غَت العاقد‪ ،‬كبيع الفضويل‪ ،‬فاؼبالك ىنا ـبَت‬
‫بُت إسباـ العقد أو إبلالو مع أف العقد قد مت يف حق العاقد‪.‬‬
‫يبنع ابتداءَ اغبك ِم‪ ،‬كخيا ِر الشرط للبائع‪ ،‬فالعقد منعقد يف‬
‫‪ -507‬الثالث‪ :‬ما ُ‬
‫حقِّهما‪ ،‬ولكن انتقاؿ اؼبلكية فبنوع بسبب اػبيا ِر اؼبشًتط‪.‬‬
‫‪ -508‬الرابع‪ :‬يبنع سباـ اغبكم‪ ،‬كخيار الرؤية‪ ،‬فالعقد منعقد يف حقهما‪ ،‬وانتقاؿ‬
‫اؼبلكية صار معترباً لكنو غَت تاـ‪ ،‬ووبق لصاحب اػبيار أف يفسخ العقد‬
‫بإرادتو‪ ،‬لدى إؼبامو‪ :‬أي لدى اطبلعو على خفايا وصف اؼبنيع‪.‬‬
‫‪ -509‬اػبامس‪ :‬يبنع من ِ‬
‫لزوـ اغبكم‪ ،‬كخيا ِر العيب‪ ،‬فالعقد منعق ٌد يف حقِّهما‪،‬‬ ‫ُ‬
‫فسخ العقد بعد سبامو‬
‫وبق للمشًتي ُ‬ ‫وقد انعقد تاماً‪ ،‬لكنو غَت نافذ‪ ،‬إذ ُّ‬
‫خبيار العيب‪.‬‬
‫انصذيخ وغيز انصذيخ‬

‫ب الثمرةِ المطلوبَ ْة‬ ‫ترتُّ ُ‬ ‫الصحيح دو َف ريبَ ْة‬


‫َ‬ ‫وعرفوا‬ ‫‪-510‬‬
‫وأوجبت‬
‫ْ‬ ‫آثاره ِ‬
‫كاملَةً‬ ‫تبت‬
‫عليو منو أي تر ْ‬ ‫شرعاً ِ‬ ‫‪-511‬‬
‫ُُ‬
‫فافهم لهـا عنَدهُ‬
‫ْ‬ ‫آثارهُ‬
‫ُ‬ ‫وغيره ما لم ترتَّ ْ‬
‫ب بع َدهُ‬ ‫‪-512‬‬
‫لكلِّهم‪ ..‬والحنفي قائل‬ ‫فما مضى يقاؿ عنو الباطل‬ ‫‪-513‬‬
‫الجمهور في تعر ِيف ِه ْم‬
‫ُ‬ ‫يمي ِز‬ ‫الفساد بطبلناً‪ ،‬ولػم‬
‫ُ‬ ‫يغاير‬
‫ُ‬ ‫‪-514‬‬

‫‪510‬و‪ -511‬النوع الرابع من أنواع اغبكم الوضعي ىو الصحيح وغَت الصحيح‪.‬‬


‫فاغبكم الصحيح ىو‪ :‬حكم ترتبت شبرتو اؼبللوبة منو شرعا عليو‪ ،‬فإذا‬
‫حصل السبب‪ ،‬وتوفرت الشروط‪ ،‬وانتقى اؼبانع ترتبت اآلثار الشرعية على‬
‫الفعل‪.‬‬
‫‪ -512‬وأما غَت الصحيح فهو الذي ال تًتتب عليو آثاره الشرعية‪ ،‬ويكوف غَت‬
‫صحيح إذا انتقى سبب أو شرط‪ ،‬أو وجد مانع‪.‬‬
‫‪ -514-513‬اعبمهور على أف غَت الصحيح نوع واحد‪ ،‬فبل فرؽ عندىم بُت‬
‫الباطل والفاسد‪ ،‬ولكن اغبنفية جعلوا الفاسد غَت الباطل‪ ،‬فقالوا‪ :‬الباطل‬
‫ىو الذي مل يشرع بأصلو وال بوصفو‪ ،‬وأما الفاسد فهو الذي شرع بأصلو‬
‫ال بوصفو‪ ،‬ومثاؿ الباطل بيع اجملنوف‪ ،‬ومثاؿ الفاسد بيع الربا‪.‬‬
‫انعزيًح وانزخصح‬

‫ِ‬
‫األحكاـ‬ ‫ِ‬
‫جميعهم بدءاً من‬ ‫شرع ِ‬
‫لؤلناـ‬ ‫األصل ما َ‬ ‫ِ‬ ‫‪ -515‬في‬
‫رخصةٌ معيَّػنَ ْة‬
‫وما سواه َ‬ ‫‪ -516‬فإنو عزيػمةٌ مبيَّػنَ ْة‬
‫والتنصيص‬ ‫األصل‬ ‫عليو فهو‬ ‫الترخيص‬ ‫‪ -517‬وطالػما لم يطرأِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أربعةٌ تظهر باطِّ ِ‬
‫بلع‬ ‫األنواع‬
‫ِ‬ ‫‪ -518‬وفي العزيمة من‬
‫من أوؿ األمر لكل متَّبِ ْع‬ ‫ع‬
‫‪ -519‬فاألوؿ الغالب وىو ما ُش ِر ْ‬
‫ِ‬
‫التناوء‬ ‫سب أولي‬ ‫كالنه ِي عن ِّ‬ ‫‪ -520‬والثاف ما شرع للطَّ ِ‬
‫وارىء‬
‫‪515‬و‪516‬و‪ -517‬العزيبة والرخصة من أقساـ اغبكم الوضعي‪ ،‬وعلى ىذا الرأي‬
‫اآلمدي والشاطيب‪.‬‬
‫ايل و ِّ‬‫كبار األصوليُت كالغز ِّ‬
‫وتعريف العزيبة‪ :‬ما شرعو اهلل عز وجل ابتداء لعامة عباده من األحكاـ ‪.‬‬
‫وعرفها البعض‪ :‬اغبكم الثابت الذي خولف لعذر‪.‬‬
‫وعليو فإف األصل يف األحكاـ العزائم ‪ ،‬مث قد يلرأ عليها ما هبعلها رخصة‬
‫لعذر ما‪.‬‬
‫‪ -518‬ويدخل يف العزيبة أربعة أنواع‪:‬‬
‫‪ -519‬األوؿ‪ :‬ما شرع ابتداءً لصاحل اؼبكلفُت عامة‪ ،‬وىو يشمل غالب األحكاـ‬
‫الشرعية‬
‫ٍ‬
‫للارىء ما‪ ،‬خبلفاً لؤلصل‪ ،‬كالنهي عن سب األوثاف‬ ‫‪ -520‬الثاين‪ :‬ما شر َ‬
‫ع‬
‫واؼبشركُت يف قولو تعاىل‪ٚ { :‬ال رغج‪ٛ‬ا اٌز‪٠ ٓ٠‬ذػ‪ ِٓ ْٛ‬د‪ ْٚ‬هللا‬
‫ػٍُاألنعاـ‪ ،-108-‬وعرب الناظم عنهم‬ ‫ف‪١‬غج‪ٛ‬ا هللا ػذ‪ٚ‬اًا }‬
‫ثغ‪١‬ش سورة‬
‫بقولو‪ ( :‬أولي التناوء ) أي العداوة‪ .‬فها ىنا حكم مل يشرع ابتداء‪ ،‬وإمبا‬
‫شرع لسبب طارئ‪ ،‬ولكنو ال ىبرج عن كونو عزيبة‪.‬‬
‫العزـ‪..‬على ىـا اتَػ َفق‬ ‫ِ‬ ‫َّاسخ للَّـي َسبَ ْق‬
‫فالنَّاس ُخ ُ‬ ‫والثالث الن ُ‬
‫ُ‬ ‫‪-521‬‬
‫واج ما ُعلِ ْم‬ ‫كقولِ ِو لدى َّ‬
‫الز ِ‬ ‫‪ -522‬رابِ ُعها استثني ِم َّما قَ ْد ُح ِك ْم‬
‫َحبلَّ‬ ‫ساء إالَّ‬‫ػات ِمن نِ ٍ‬
‫ت أيمانُكم) أ َ‬‫ما مل َك ْ‬ ‫‪( -523‬والمحػصن ُ َ‬
‫أصل ٍ‬
‫لدليل ُس ْقتَوُ‬ ‫خبلؼ ٍ‬ ‫ْم الـي أثبتَّوُ‬ ‫والر ْخصةُ الحك ُ‬
‫‪ُّ -524‬‬
‫فـ ْي‬‫ياسر ِ‬
‫ِ‬ ‫مبيح كالَّـي‬
‫بن َ‬ ‫ار ُ‬
‫عم ُ‬
‫أتاهُ َّ‬ ‫عـر ٌ‬
‫‪ -525‬سبَّبَوُ ٌ‬
‫اله َو ْى‬ ‫مات ِ‬ ‫المحر ِ‬ ‫األحكاـ ُكلَّها ِس َو ْى‬
‫فاترؾ َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫حكم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫مل‬
‫‪ -526‬وت َش ُ‬
‫‪521‬ػ الثالث‪ :‬اغبكم الناسخ غبكم سابق‪ ،‬فهو مل ينزؿ ابتداء‪ ،‬ومع ذلك فهو‬
‫عزيبة‪.‬‬
‫‪ -523-522‬الرابع‪ :‬االستثناء الوارد يف حكم سابق‪ ،‬كما يف قولو سبحانو‪:‬‬
‫{دشِذ ػٍ‪١‬ىُ أِ‪ٙ‬برىُ ‪ٚ‬ثٕبرىُ‪ٚ ...‬اٌّذظٕبد‬
‫أ‪ّ٠‬بٔىُ‪23‬ػ فإباحة‬
‫ِٓ إٌغبء ئال ِب ٍِىذ } النساء ػ‬
‫التزوج دبا ملكت أيبانكم عزيبة‪ ،‬وإف تكن مل تنزؿ ابتداء‪.‬‬
‫‪ -525-524‬تعريف الرخصة‪( :‬اغبكم الثابت على خبلؼ الدليل لعذر)‪.‬‬
‫وأورد الناظم مثاالً لذلك حديث عمار بن ياسر‪ ،‬حيث عذبو اؼبشركوف‪،‬‬
‫فلم يكفوا عنو حىت ناؿ من النيب ‪ ‬وذكر آؽبتهم خبَت‪ ،‬فجاء إىل النيب ‪‬‬
‫مذعوراً فقاؿ لو النيب ‪« :‬مالك؟» قاؿ‪ :‬ىلكت يا رسوؿ اهلل‪ ،‬ما تركٍت‬
‫اؼبشركوف حىت نلت منك‪ ،‬وذكرت آؽبتهم خبَت‪ ،‬فقاؿ لو النيب ‪« :‬كيف‬
‫ذبد قلبك؟» قاؿ‪ :‬أجده ملمئناً يا رسوؿ اهلل‪ .‬قاؿ‪« :‬فإف عادوا فعد‪»..‬‬
‫‪ -526‬وتدخل الرخصة يف سائر األحكاـ التكليفية سوى اغبراـ‪ ،‬فتدخل يف‬
‫الواجب واؼبندوب واؼبباح واؼبكروه‪.‬‬
‫بـاؾ قَد أقَػ ُّروا‬ ‫ٍ‬
‫لميتة َ‬ ‫ضطَُّر‬‫األكل لِ َم ْن يُ ْ‬
‫ُ‬ ‫فالواجب‬
‫ُ‬ ‫‪-527‬‬
‫ثم المباح والطبيب ِ‬
‫ناظ ُر‬ ‫َّدب كالقص ِر لمن يُسافِ ُر‬
‫ُ‬ ‫َّ ُ ُ‬ ‫‪ -528‬والن ُ‬
‫ظاىراً إ ْف أ ُْر ِغما‬
‫فيو ِ‬ ‫ي ْك ُفر ِ‬ ‫ابع المكروهُ كالنُّط ِْق بِما‬
‫‪ -529‬والر ُ‬
‫ُج ِمبل‬ ‫ٍ‬
‫فافه ْم لما قد أ ْ‬ ‫أ َْربعة َ‬ ‫الرخصةُ أنواعاً على‬
‫‪ -530‬وتُ ْج َع ُل ُّ‬
‫الع ِ‬
‫باد ثُ َّم لَ ْم يَحيفا‬ ‫عن ِ‬ ‫ط التكليفا‬ ‫أس َق َ‬
‫‪َّ -531‬أولُها ما ْ‬
‫كاأل ْك ِل للميتَ ِة إف تحتَّما‬ ‫محرما‬
‫أصلو َّ‬ ‫‪ -532‬عن كونِو في ِ‬
‫ْ‬
‫أِ‬
‫ُرغ َم أ ْف يك ُف َر فلي ْقتَل إِذاً‬ ‫ورجحوا األّ ْخ َـ بها إالَّ إذا‬
‫‪َّ -533‬‬
‫‪ -527‬مثاؿ الواجب يف الرخصة األكل من اؼبيتة ؼبن يضلر‪ ،‬فهو واجب عليو‪،‬‬
‫ولو أف جائعاً يف برية مل يكن حولو إال غبم ميتة فًتكو حىت ىلك‪ ،‬مات‬
‫آشباً‪ ،‬لًتكو الرخصة الواجبة‪.‬‬
‫‪ -528‬مثاؿ اؼبندوب يف الرخصة قصر الصبلة للمسافر‪ ،‬وىو مذىب الشافعية‪،‬‬
‫واختار اغبنفية الوجوب يف رخصة القصر‪.‬‬
‫مثاؿ اؼبباح يف الرخصة نظر اللبيب إىل العورة فهي مأذوف هبا شرعاً ولكن‬
‫على سبيل اإلباحة ال الندب وال اإلهباب‪.‬‬
‫‪ -529‬مثاؿ اؼبكروه يف الرخصة النلق بكلمة الكفر حاؿ اإلكراه‪ ،‬فهي رخصة‬
‫مأذوف هبا شرعاً‪ ،‬ولكن األحب إىل اهلل الصرب على اإلكراه‪ ،‬وعدـ النلق‬
‫بكلمة الكفر‪.‬‬
‫‪ -530‬والرخصة على أربعة أنواع‬
‫‪ -533-532-531‬األوؿ من أنواع الرخصة‪ :‬ما سقلت فيها اؼبؤاخذة عن‬
‫العباد ألعذارىم مع بقائها حراماً يف األصل‪ ،‬كاألكل اؼبيتة للمضلر‪،‬‬
‫=‬ ‫والنلق بكلمة الكفر للمكره‪.‬‬
‫صراحاً‬ ‫مع ِ‬
‫قياـ َسبَ ٍ‬ ‫‪ِ -534‬‬
‫ب ُ‬ ‫والثاف ما َج َعلَوُ ُمباحاً‬
‫كالفطْر في سف ِرهِ في ِ‬
‫يوم ِو‬ ‫ِ‬ ‫لحكم ِو‬
‫ِ‬ ‫موجب‬ ‫مع التَّراخي‬
‫ٌ‬ ‫‪َ -535‬‬
‫عما يُِه ُّم أ ْشغَلَ ْو‬
‫إالَّ إذا َّ‬ ‫ضلَ ْو‬‫الم َف َّ‬‫‪ -536‬فها ُىنا العزيمةُ ُ‬
‫فهو مجازاً رخصةٌ قَ ْد ُج ِعبل‬ ‫وخ ِم ْن ِ‬
‫شرع األلى‬ ‫س ُ‬ ‫الم ْن ُ‬
‫والثالث َ‬
‫ُ‬ ‫‪-537‬‬
‫ف ُك ْن لما أذ ُكرهُ َس ِم ْيػ َعاً‬ ‫يجوز فِ ْعلُها ت ْش ِر َيعاً‬
‫والُولَى ُ‬ ‫‪ -538‬األ‬
‫فـاؾ فانْظُ ِر‬ ‫رخصة َ‬ ‫ٍ‬ ‫مجاز‬ ‫ص ِر‬
‫َ‬ ‫ْم ال َق ْ‬ ‫األحناؼ حك َ‬ ‫ُ‬ ‫‪ -539‬واعتبَػ َر‬
‫صةُ التي بها تَػنَػ َّزال‬ ‫يجوز عن َد ُىم أَ ْف تُك ِ‬
‫فالر ْخ َ‬
‫ُّ‬ ‫ْمبل‬ ‫ْ‬ ‫‪ -540‬وال ُ‬
‫وىذا النوع من الرخص يستحب األخذ فيو واستثنوا منو حالة واحدة وىي‬ ‫=‬
‫حالة اإلكراه على الكفر فقد تقرر أف الصرب أفضل‪.‬‬
‫‪ -536-535-534‬الثاين من أنواع الرخصة ىو الرخصة اليت ذبعل الفعل يف‬
‫حكم اؼبباح خبلؿ فًتة العذر اللارئ‪ ،‬ولكن اغبكم ٍ‬
‫باؽ مًت ٍاخ غبُت زواؿ‬
‫العذر‪ ،‬كاإلفلار يف السفر‪ ،‬فقد شرع اإلفلار للعذر مع بقاء اغبكم وىو‬
‫الصياـ مؤجبلً غبُت زواؿ العذر‪ ،‬ويف ىذه اغبالة فالعزيبة أفضل إال إف كاف‬
‫يناؿ اؼبكلف هبا حرج أو ضيق‪.‬‬

‫‪ -538-537‬النوع الثالث من أنواع الرخصة‪ :‬ما جاء رافعاً ؼبشقة كانت حكماً‬
‫مقرراً يف شريعة سابقة‪ ،‬كنسخ قص موضع النجاسة كما كاف مشروعاً لدى‬
‫بٍت إسرائيل‪ ،‬وىذه تسمى رخصة ؾبازاً‪ ،‬وال هبوز األخذ باألصل اؼبنسوخ‬
‫ألنو ليس من شريعتنا‪.‬‬
‫‪ -540-539‬أضاؼ اغبنفية نوعاً رابعاً للرخصة وىو‪ :‬ما سقط عن العباد بإخراج‬
‫سببو‪ ،‬ومثَّلوا لذلك بقصر الصبلة للمسافر‪ ،‬فالعزيبة عندىم ىنا ال هبوز‬
‫فعلها وىي إسباـ الصبلة يف السفر‪ ،‬ألف الرخصة ىنا حكم مبتدئ ثبت‬
‫=‬ ‫بالنص بعد زواؿ السبب اؼبوجب لئلسباـ وىو اإلقامة‪.‬‬
‫صلُوا‬ ‫والشاطبِي لَخ َ‬
‫َّص ما تَػ َو َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّل‬
‫‪ -541‬واختلَفوا أَيُّهما يُػ َفض ُ‬
‫القيم ْة‬ ‫‪ِ َ -542‬‬
‫عظيم َ‬ ‫دليلُ ُه ْم حقاً ُ‬ ‫يم ْة‬
‫العز َ‬ ‫رج ُحوا َ‬ ‫يم ْن َّ‬
‫فقاؿ ف َ‬
‫فاسم ِع‬
‫وتثبت الرخصةُ فيها َ‬ ‫ُ‬ ‫‪ -543‬فأ ََّوالً ثبوتُها بال َقطْ ِع‬
‫ض بها اتِّفاقَاً‬ ‫والرخص عا ِر ٌ‬
‫ُ‬ ‫عمومها إِطبلقاً‬ ‫‪ -544‬وثانياً ُ‬
‫بِها كما النَّبِ ُّي عن َد صب ِرهِ‬ ‫بالصب ِر مثل أم ِرهِ‬
‫َْ‬ ‫وأمرهُ َّ ْ ُ‬ ‫‪ُ -545‬‬
‫َّمايُ ِع‬ ‫ِ‬ ‫الـ َرائِ ِع‬
‫‪ -546‬وأخ ُـىا يَقضي على َّ‬
‫وتَػ ْرُكها يُػ ْفضي إلى الت َ‬
‫فيف‬
‫سفاؼ والتَّ ْخ ُ‬ ‫ال الهو ُف وا ِإل ُ‬ ‫التكليف‬
‫ُ‬ ‫الشرائِ ِع‬
‫َص ُل في َّ‬ ‫‪ -547‬واأل ْ‬
‫ويللق اغبنفية عليها زبلصاً‪ :‬رخصة إسقاط‪.‬‬ ‫=‬
‫‪ -541‬اختلف األصوليوف يف تفضيل الرخصة والعزيبة‪ ،‬وقد أصبل الشاطيب كبلً من‬
‫اؼبذىبُت وأورد األدلة عليو‪.‬‬
‫‪ -543-542‬أورد الشاطيب أوالً أدلة ترجيح العزيبة فقاؿ‪:‬‬
‫‪1‬ػ العزيبة ثابتة قلعاً وبسبب قلعي‪ ،‬أما الرخصة فإهنا وإف ثبتت بدليل‬
‫قلعي ولكن سببها مظنوف غَت منضبط وىو اؼبشقة‪.‬‬
‫‪ 2 -544‬ػ العزيبة حكم عاـ يف الناس‪ ،‬والرخصة جواز طارئ‪ ،‬وال شك أف الدخوؿ‬
‫يف ما عليو األمة خَت من االنفراد باألعذار‪.‬‬
‫‪3 -545‬ػ إف اهلل عز وجل أمر بالصرب يف ربمل التكاليف (فاصرب غبكم ربك)‬
‫وأمره بالصرب على التكاليف دبثابة أمره بالعزائم دوف الرخص‪.‬‬
‫‪ 4 -546‬ػ إف األخذ بالعزائم ضمانة حقيقية لسد الذرائع‪ ،‬بينما يؤدي تتبع الرخص‬
‫إىل التهاوف أحياناً يف بعض شرائع الدين‪.‬‬
‫‪ 5 -547‬ػ إف األصل يف الشريعة ىو التكليف‪ ،‬وىو خبلؼ ما يهواه اإلنساف‬
‫غالباً من التهوين والتخفيف‪ ،‬والتكليف أقرب إىل العزيبة من الرخصة‪.‬‬
‫بخم َس ِة‬
‫فَ َـلَّلُوا مثلَ ُه ُم ْ‬ ‫ص ِة‬ ‫أخ ُـوا بِ ُّ‬
‫الر ْخ َ‬ ‫الـين َ‬
‫‪َّ -548‬أما َ‬
‫بلـ‬ ‫ِ‬
‫القرآف وا ِإل ْس ِ‬ ‫في ِ‬
‫شرعة‬ ‫‪ -549‬فالظَ ُّن كال َقطْ ِع لدى األ ِ‬
‫َحكاـ‬
‫ِ‬
‫صوا‬
‫نص ُ‬
‫العموـ ىكـا قد َّ‬ ‫على‬ ‫ص‬
‫ص ُ‬ ‫الم َخ َّ‬
‫َّـ ُ‬‫‪ -550‬وإنَّما يُػ َقد ُ‬
‫ص‬‫الر َخ ْ‬
‫ب أَ ْف تُؤتَى ُّ‬ ‫وربُّنا يُ ِح ُّ‬ ‫ص‬ ‫ِ‬
‫ِّين يُ ْس ٌر فيو نَ ْ‬
‫َف ىـا الد َ‬ ‫‪ -551‬وأ َّ‬
‫فاعم ْل لما يقص ُدهُ اللَّطيف‬ ‫َ‬ ‫التخفيف‬
‫ُ‬ ‫وأف قص َدهُ بِها‬ ‫‪َّ -552‬‬

‫‪ -549-548‬واستدؿ الذين فضلوا الرخص خبمسة أمور‪:‬‬


‫‪1‬ػ إف الرخصة ثابتة بالشرع أيضاً كالعزيبة‪ ،‬وبدليل قلعي أيضاً‪ ،‬ولكن‬
‫الدليل القلعي رتب سبب الرخصة على أمر مظنوف‪ ،‬فبل معٌت إذف‬
‫للقوؿ بأف العزيبة قلعية والرخصة ظنية‪.‬‬
‫‪ 2 -550‬ػ إف اؼبقرر لدى علماء األصوؿ أف اػباص مقدـ على العاـ‪ ،‬واؼبقيد مقدـ‬
‫على اؼبللق‪ ،‬فالعزيبة مبنية على العموـ‪ ،‬والرخصة مبنية على اػبصوص‪.‬‬
‫‪ 3 -551‬ػ إف األدلة الشرعية اليت جاءت يف الكتاب والسنة يف إقرار حكمة‬
‫اليسر يف الدين كثَتة‪ ،‬ومنها قولو تعاىل‪٠ { :‬ش‪٠‬ذ هللا ثىُ اٌ‪١‬غش ‪ٚ‬ال‬
‫اٌؼغشالبقرة ‪ ،188‬وكذلك قولو عز وجل‪ِٚ { :‬ب‬ ‫}‬ ‫‪٠‬ش‪٠‬ذ ثىُ‬
‫دشجوكذلك قولو ‪« :‬إف‬
‫ِٓ اغبج‪،‬‬
‫جؼً ػٍ‪١‬ىُ ف‪ ٟ‬اٌذ‪} ٓ٠‬‬
‫اهلل وبب أف تؤتى رخصو كما وبب أف تؤتى عزائمو»‬
‫‪ 4 -552‬ػ إف من مقاصد الشارع اغبكيم التخفيف عن العباد‪ ،‬قاؿ تعاىل‪:‬‬
‫ػٍ‪ُٙ١‬‬
‫{‪٠ٚ‬ضغ ػٕ‪ ُٙ‬ئطشُ٘ ‪ٚ‬ااغسي اٌز‪ ٟ‬وبٔذ }‬
‫األعراؼ (‪ )157‬ومن أجل ذلك هنى اإلسبلـ عن التبتل‪.‬‬

‫بالس ِ‬
‫بلمة‬ ‫الكفيل َّ‬ ‫وفِعلُها‬ ‫ػآم ِة‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫‪ -553‬وترُكها يُودي إلى الس َ‬
‫الش َقةَ وارفَ ِع ِ‬
‫الم َراْ‬ ‫فَػ َق ِّد ِر ِّ‬ ‫َّرجيح ِمثْػلَ َما تَػ َرى‬
‫‪ -554‬وإِنَّما الت ُ‬

‫‪ 5 -553‬ػ إف اجملاىدة اؼبستمرة للنفس بقصد اؼبداومة على العزائم تودي باإلنساف‬
‫إىل اؼبلل والسآمة‪ ،‬ولكن ترويض النفس على العزائم مع األخذ بالرخص يف‬
‫اؼبشقات ىو الكفيل بالسبلمة‪.‬‬
‫‪ -554‬واغبق أف األدلة متكافئة‪ ،‬وعلى اؼبرء أف يكوف فقيو نفسو‪ ،‬فالرخصة والعزيبة‬
‫متناوبتاف‪ ،‬وليس فيها حكم واحد‪ ،‬بل تقدر كل منهما حبسب ظروؼ‬
‫اؼبكلف واستعداده‪.‬‬
‫انفصم انثاَي‪ :‬انذاكى‬

‫فاح ُك ْم بِ ِه ْم كما أر َ‬
‫اد اهللُ‬ ‫‪ -555‬والحاكِ ُم ُّ‬
‫الحق ُى َو ا ِإللَوُ‬
‫السيِّ ِد الع ْدنَ ِ‬
‫اف‬ ‫أو في ِ‬ ‫ِ‬
‫كبلـ َّ َ‬ ‫القرآف‬ ‫‪ -556‬وربَّما يَظ َْه ُر في‬
‫فكلُّهم يبيِّنو َف قَ ْ‬
‫ص َدهُ‬ ‫العلماء بَػ ْع َدهُ‬ ‫ِ‬
‫‪ -557‬أو في اجتهاد ُ‬
‫بل‬
‫صْ‬ ‫حمن ثُ َّم فَ َّ‬
‫الر ُ‬
‫أج َملَوُ َّ‬
‫ْ‬ ‫وجاء في قُرآنِنَا ُم َّ‬
‫فصبلً‬ ‫‪َ -558‬‬
‫صبلْ‬
‫َحكاـ أو َم ْن فَ َّ‬
‫أظهر األ َ‬
‫َم ْن َ‬ ‫‪ -559‬وجائُِز إطبلقُوُ أيضاً على‬

‫‪ -555‬اغباكم دبعٌت واضع األحكاـ ومنشئها وىو اهلل عز وجل‪ ،‬ال ىبالف أحد‬
‫من أىل اؼبلة يف ذلك‪ ،‬وقد أُمر النيب ‪ ‬صراحاً بذلك يف قوؿ اهلل عز‬
‫أ٘‪ٛ‬اءُ٘‬
‫وجل‪ٚ { :‬أْ ادىُ ث‪ ُٕٙ١‬ثّب أٔضي هللا ‪ٚ‬ال رزجغ }اؼبائدة‬
‫(‪)49‬‬
‫‪ -556‬وإف مظهر إرادة اغباكم سبحانو وتعاىل يُعرؼ يف صريح القرآف الكرًن الذي‬
‫ىو كبلـ اهلل عز وجل‪ ،‬ويعرؼ كذلك من خبلؿ سنَّة النيب ‪ ‬اليت ىي‬
‫بياف لوحي إؽبي غَت متلو أنزلو اهلل عز وجل على قلب نبيو‪.‬‬
‫‪ -557‬كذلك فإف اجتهاد العلماء سواء كاف إصباعاً أـ قياساً ما ىو إال جهد‬
‫يبذلونو يف سبيل الكشف والبياف عن إرادة اهلل سبحانو وتعاىل الذي ىو يف‬
‫النهاية اغباكم اغبقيقي يف اإلسبلـ‪.‬‬
‫‪ -558‬أراد أف البياف اإلؽبي لؤلحكاـ جاء مفصبلً يف القرآف الكرًن‪ ،‬أو ؾبمبلً يف‬
‫القرآف مفصبلً يف السنَّة‪.‬‬
‫‪ -559‬ويللق اغباكم ويراد بو أيضاً من أدرؾ األحكاـ وفصلها وكشف عنها‪.‬‬
‫فيع‬ ‫وذاؾ بع َد أَ ْف أتَى َّ‬ ‫ص ُل ُى َو التَّ ْش ِريْ ُع‬ ‫ِ‬
‫الش ُ‬ ‫َ‬ ‫‪ -560‬فالحاك ُم ال َف ْ‬
‫فقيل ال حاكِ َم ُمطلقاً َوفَ ْى‬ ‫المصطَفى‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫قبل مجيء ُ‬ ‫‪ -561‬واختَلفوا َ‬
‫الـين اعتَػ َزلػوا َّ‬
‫بأنَّوُ ُ‬
‫العقل كما قَ ْد فن ُدوا‬ ‫فأك ُدوا‬ ‫‪َّ -562‬أما َ‬
‫ِّي‬ ‫العقل فَد ْع َ ِ‬‫والقبح في ِ‬ ‫الح ْس ِن‬ ‫ِ‬
‫ـ من ْ‬ ‫ِ‬ ‫أمر ُ‬ ‫ب الخبلؼ ُ‬ ‫وسبَ ُ‬
‫‪َ -563‬‬
‫‪ -560‬وال خبلؼ بُت األصوليُت فيما قدمناه‪ ،‬من أف اغباكم اغبق ىو الشارع‬
‫العظيم سبحانو وتعاىل‪ ،‬فيجب على العباد اتباع أمره وإرادتو كما بينها‬
‫اؼبصلفى ‪ ‬بعد بعثتو‪.‬‬

‫‪ -562-561‬وقع اػببلؼ بُت األصوليُت يف معرفة اغباكم الذي يلزـ اتباعو شرعاً‬
‫قبل بعثة النيب‪ ‬على قولُت‪:‬‬
‫األوؿ‪ :‬إنو ال يوجد تكليف بدوف ؾبيء األنبياء‪ ،‬لتعذر معرفة حكم اهلل‬
‫سبحانو بدوف ىدى من األنبياء‪ ،‬وقولو‪( :‬ال حاكم مللقاً وىف) أي واىف‬
‫دبعٌت جاء‪ .‬وىذا ىو قوؿ أىل السنة واعبماعة‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬اغباكم اغبق ىو اهلل عز وجل‪ ،‬وإرادتو إما أف يبديها الكتاب بعد‬
‫النبوة‪ ،‬أو العقل قبل ؾبيء األنبياء‪ .‬إذ العقل أىل لفهم مراد اهلل وأمره‪.‬‬
‫وىذا ىو قوؿ اؼبعتزلة‪.‬‬
‫وقولو‪ ( :‬كما قد فندوا ) إشارة إىل أف دعوى اؼبعتزلة ىنا تفنيد وادعاء ال‬
‫دليل عليها‪.‬‬
‫‪ -563‬أشار إىل أف اػببلؼ اؼبتقدـ سببو اختبلفهم يف مسألة‪ :‬ىل اغبسن‬
‫والقبح أمر عقلي أـ شرعي‬
‫وقولو‪ ( :‬فدعـ مني ) أشار إىل أف ىذه اؼبنظومة يف أصوؿ الفقو ليست‬
‫ؿببلً لبلختبلؼ يف ىذه اؼبسألة‪ ،‬بل هبب إحالتها إىل كتب العقائد‪.‬‬
‫خبلؼ ىائِل فأثْبِ ِ‬
‫ت‬ ‫ِ‬
‫فيو‬ ‫‪ -564‬وىل يحاسب أىػالي ال َف ْترةِ‬
‫ٌ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫محسن مسيئُػ ُه ْم‬
‫ٌ‬ ‫فَػ ُه ْم سواءٌ‬ ‫‪ -565‬فاألشعريو َف نفوا تكل ْيػ َف ُه ْم‬
‫ف‬‫ص ْ‬ ‫بالعقل كما بِ َـا و ِ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫وليس‬ ‫الش ْرع عُ ِر ْ‬
‫ؼ‬ ‫والقبح ِم َن َّ‬
‫ُ‬ ‫والح ْس ُن‬
‫‪ُ -566‬‬
‫ونُِقلَ ْ ِ‬
‫ت م ْنػ ُه ْم إِلينا َ‬
‫الم ْسأَلَ ْة‬ ‫المعتزلَ ْة‬‫ف الجماعة ُ‬ ‫‪ -567‬وخالَ َ‬
‫حتماً ولَ ْو لَ ْم يأت ِه ْم ِم ْن ُم ْر َس ِل‬ ‫تكليف ُك ِّل عاقِ ِل‬
‫َ‬ ‫فأوجبوا‬
‫‪َ -568‬‬
‫ف‬‫تابع لَوُ ومكتَ ِش ْ‬ ‫َّ‬ ‫الع ْق ِل ُع ِر ْ‬ ‫ِ‬
‫فالشرعُ ٌ‬ ‫ؼ‬ ‫والقبح م َن َ‬
‫ُ‬ ‫والحسن‬‫‪ُ -569‬‬

‫‪ -566-565-564‬وقع اػببلؼ بُت اؼبسلمُت يف حكم أىل الفًتة‪ ،‬ىل‬


‫وباسبوف أـ ال‪ ،‬وىم الذين مل يرسل إليهم نيب يبُت ؽبم مراد اهلل‪ ،‬وأصبل‬
‫الناظم اػببلؼ على ثبلثة أقواؿ‪:‬‬
‫األوؿ‪ :‬قوؿ األشعريُت نسبة إىل اإلماـ أيب اغبسن األشعري‪ ،‬وىو الذي‬
‫بَػ َُّت عقائد أىل السنة واعبماعة‪ ،‬وميزىا من عقائد اؼبخالفُت‪.‬‬
‫واختار األشعريوف (الذين ىم أكثر أىل السنة واعبماعة) أف أىل الفًتة غَت‬
‫ؿباسبُت وال مكلفُت‪ ،‬ويستوي يف ذلك ؿبسنهم ومسيئهم‪ ،‬إذ ال سبيل‬
‫للعقل إىل معرفة اغبسن والقبح‪ ،‬إذ إف معرفة ذلك ال تتم إال عن طريق‬
‫الشرع وحده دوف سواه‪.‬‬
‫‪ -569-568-567‬القوؿ الثاين‪ :‬ىو قوؿ اؼبعتزلة حيث نقل عنهم أف الناس‬
‫مكلفُت بالعقل وحده‪ ،‬ولو مل يأهتم رسوؿ‪ ،‬إذ العقل وحده قادر على‬
‫اكتشاؼ إرادة اغباكم سبحانو وتعاىل وسبييز اغبسن من القبيح‪ .‬وتأولوا قوؿ‬
‫}سع‪ٛ‬راءال ًا(‪)15‬‬
‫اهلل عز وجل‪ِٚ { :‬ب وٕب ِؼزث‪ ٓ١‬دز‪ٔ ٝ‬جؼث اإلس‬
‫بأف الرسوؿ ىنا ىو العقل‪.‬‬
‫فأوجبوا معرفَةَ ِ‬
‫اهلل فَػ َق ْط‬ ‫الو َس ْط‬
‫َُ‬ ‫‪ -570‬والماتريديو َف َجاؤوا في َ‬
‫نَػ َف ْوهُ َع ْنػ ُهم‪ ..‬رحمةَ اللَّ ِ‬
‫طيف‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫التكليف‬ ‫ذاؾ ِم َن‬
‫‪ -571‬وما سوى َ‬
‫َع ْق ٌل‪ ..‬ولَ ِك ْن ما أر َ‬
‫اد اهللُ‬ ‫الف ْع ِل مارآهُ‬‫‪ -572‬وليس حسن ِ‬
‫َ ُُْ‬
‫تكليف َم ْن تبلُغُوُ ويَ ْس َم ُع‬
‫َ‬ ‫َج َم ُعوا‬ ‫‪ -573‬وىك َـا ف ُكلُّ ْ‬
‫هم قَ ْد أ ْ‬
‫بهم‪ ،‬نجاةً أَو ىبلكاً مت ِ‬
‫َّص ْل‬ ‫‪ -574‬واختلفوا في ُك ِّل من لم تَػت ِ‬
‫َّص ْل‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬

‫‪ -572-571-570‬القوؿ الثالث‪ :‬وىو قوؿ اؼباتريدي‪ ،‬وىم بعض اغبنفية‬


‫واغبنابلة من أىل السنة واعبماعة خالفوا األشاعرة يف مسائل طفيفة كانت‬
‫ىذه واحدة منها‪.‬‬

‫فقاؿ اؼباتريديوف‪ :‬إف اإلنساف مكلف باإليباف باهلل‪ ،‬فإف كفر أو أشرؾ فإنو‬
‫ؿباسب مسؤوؿ‪ ،‬سواء جاءه نذير أو مل يأتو نذير‪ ،‬إذ اإليباف ال ىبتلف يف‬
‫حسنو عقل وال شرع‪.‬‬

‫أما ما سوى ذلك من التكاليف الشرعية فقد وافقوا األشاعرة يف أف العباد‬


‫غَت مكلفُت هبا إال عن طريق األنبياء‪ ،‬وبذلك فإهنم يوافقوف األشاعرة يف‬
‫أف اغبسن والقبح شرعياف ال عقلياف ويستثنوف مسألة اإليباف فقط من ىذه‬
‫القاعدة‪.‬‬
‫‪ -574-573‬وىكذا فإهنم أصبعوا على أف من بلغتهم الدعوة مكلفوف هبا‬
‫ؿباسبوف عليها‪ ،‬واختلفوا يف من مل تصلهم ىل وبكم هبم للنجاة أـ للهبلؾ‬
‫على التفصيل الذي قدمناه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫‪ِ َ -575‬‬
‫َصبلً؟‪ ..‬نظروا‬ ‫ُس ِ‬
‫س التَّ ْشري ِع أ ْ‬ ‫م ْن أ ُ‬ ‫العقل َى ْل يعتَبَػ ُر‬ ‫كـاؾ إ َّف َ‬
‫والم ْسأَلَ ْة‬
‫أىل النُّهى َ‬ ‫ضوُ ُ‬ ‫َرف َ‬ ‫الم ْعتَ ِزلَ ْة‬
‫ـ ُ‬ ‫‪ -576‬جعلَوُ كـلِ َ‬

‫‪ -576-575‬ووقع اػببلؼ كذلك يف مسألة اعتبار العقل وحده مصدراً من‬


‫مصادر الشريعة؟‬
‫قاؿ اؼبعتزلة وعليو الشيعة أيضاً‪ :‬بأف العقل يعترب مصدراً من مصادر‬
‫التشريع‪.‬‬
‫بينما اختار أىل السنة واعبماعة أف العقل ال ينهض مستقبلً كمصدر من‬
‫مصادر التشريع‪.‬‬
‫ونشَت ىنا إىل أف ىذه اؼبباحث جاءت ـبتصرة يف النظم لكوهنا من‬
‫مباحث العقيدة أصبلً ال من مباحث علم األصوؿ‪.‬‬
‫انفصم انثانث‪:‬انًذكىو فيّ‬

‫فيو فاحتَ ِـ ْي‬ ‫الخطاب ِ‬


‫ُ‬
‫تعلَّ َق ِ‬ ‫ف الػـي‬ ‫‪ -577‬تعري ُفوُ فعل الم َكلَّ ِ‬
‫ُ ُ‬
‫ض ِعيَّاً‬
‫وتارًة تج ُدهُ َو ْ‬ ‫فربَّما يجيءُ تكْلِيفيَّاً‬
‫‪ُ -578‬‬
‫مفصبلً فاعرفْوُ حقاً وانتَبِ ْو‬ ‫المكلفين بِ ْو‬ ‫ْم‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫‪ -579‬واشتَرطوا عل َ‬
‫بـاؾ فاح َـ ِر‬
‫ضوا جهبلً َ‬
‫وما َر ْ‬ ‫ص َد ِر‬ ‫الم ْ‬ ‫ِ‬
‫‪ -580‬واشتَػ َرطُوا معرفَةً ب َ‬
‫وتركِ ِو‪ ..‬ال ملزماً ِ‬
‫بفعلو‬ ‫ُ‬ ‫اختيارهُ في فِ ْعلِ ِو‬
‫َ‬ ‫‪ -581‬واشترطُوا‬

‫‪ -577‬احملكوـ فيو ىو فعل اؼبكلف الذي تعلق بو خلاب الشارع‬

‫‪ -578‬قد يكوف الفعل احملكوـ فيو تكليفياً وذلك إذا ظباه الشارع واجباً أو مندوباً‬
‫أو حراماً أو مكروىاً أو مباحاً‪ ،‬وقد يكوف وضعياً وذلك إذا ظباه الشارع‬
‫سبباً أو مانعاً أو شرطاً‪.‬‬
‫‪ -579‬اشًتط األصوليوف يف ثبوت الوصف الشرعي على اغبكم وترتب أثره عليو أف‬
‫يعلم بو اؼبكلف تفصيبلً‪.‬‬
‫‪ -580‬واشًتطوا كذلك أف يكوف اؼبكلف عارفاً بأف التكليف صادر عن اهلل عز‬
‫وجل‪ ،‬فبل يكفي أف يعلم أف الزنا فبنوع ليصَت ؿباسباً عليو بل ال بد من أف‬
‫يعلم أف ذلك ىو حكم اهلل وإرادتو‪.‬‬
‫‪ -581‬واشًتطوا أيضاً أف يكوف اؼبكلف قادراً على فعلو وعلى تركو بإرادتو دوف‬
‫إعباء أو اضلرار‪.‬‬
‫لِ ِف ْعلِ ِو لَ ْم يَ ِجدوا َسبيبلً‬ ‫‪ -582‬فبل يُ َكلَّ ُفو َف ُمستحيبلً‬
‫فأمرُى ْم لِ َربِّ ِه ْم‬ ‫ِ‬
‫وتَػ ْرك ِه ْم ُ‬ ‫فعل غي ِرِى ْم‬
‫‪ -583‬والَ يكل ُفو َف َ‬
‫دفعاً وجلْباً‪ ..‬إ ْذ ىم لَن ِ‬
‫يقدروا‬ ‫ُُ ْ‬ ‫َ‬ ‫‪ -584‬وال يُ َكلَّ ُفو َف ما قَ ْد فُ ِط ُروا‬
‫ص َداْ‬ ‫لمختَ ٍ‬ ‫وأوِؿ ِ‬
‫ف لوُ اإللوُ قَ َ‬ ‫حيث َوَر َداْ‬
‫الظاىر ُ‬ ‫‪ِّ -585‬‬

‫‪ -584-583-582‬أشار إىل أف الشروط السالفة يف احملكوـ فيو تتفرع عنها‬


‫ثبلثة أمور‪:‬‬

‫األوؿ‪ :‬ال يصح شرعاً التكليف باؼبستحيل الذي ال هبد اؼبكلف سبيبلً فبكناً‬
‫لفعلو‪.‬‬

‫الثاين ال يكلف اؼبرء بفعل غَته أو بًتكو‪ ،‬فاؼبرء ال يسأؿ إال عن نفسو‪.‬‬

‫وصباع ىذه األمرين يف قولو تعاىل‪ { :‬ال ‪٠‬ىٍف هللا ٔفغبًا ئال ‪ٚ‬عؼ‪ٙ‬ب ٌ‪ٙ‬ب‬
‫اوزغجذ‬
‫البقرة (‪)286‬‬ ‫ِب وغجذ ‪ٚ‬ػٍ‪ٙ١‬ب ِب } سورة‬

‫الثالث‪ :‬ال يكلف اؼبرء شرعاً بفعل أو ترؾ ما ىو مفلور عليو كحمرة الوجو‬
‫عند الغضب‪ ،‬واغبزف عند اؼبصيبة‪ ،‬واللوؿ والقصر والبياض‬
‫والسمرة إىل غَت ذلك‪..‬‬

‫‪ -585‬أشار إىل وجوب تأويل كثَت من النصوص عن ظاىرىا إذا أونبت نفي ما‬
‫‪ٚ‬أٔزُ‬ ‫رّ‪ٛ‬رٓ ئال‬ ‫{‪ٚ‬ال‬ ‫تعاىل‪:‬‬ ‫قولو‬ ‫فمثبلً‬ ‫بيناه‪،‬‬
‫ِغٍّ‪ْٛ‬آؿ عمراف (‪ ،)102‬ظػاىره تكليػف بتحصيػػل حكم حػاؿ‬
‫}‬
‫الػمػػوت‪ ،‬مع أف ساعة األجل =‬
‫حصوؿ ِ‬
‫شرط الشرع موقنينا‬ ‫ِ‬
‫األحناؼ يشرطونا‬ ‫وأكثر‬
‫َ‬ ‫‪ُ -586‬‬
‫خبلؼ جا ٍر‬
‫ٌ‬ ‫بالفرع في الدين؟‪..‬‬
‫ِ‬ ‫التكليف للكفا ِر‬
‫ُ‬ ‫‪ 587‬فهل جرى‬

‫ال يعلمها اؼبكلف وىذا تكليف باؼبستحيل‪ .‬ولكن مراد اهلل سبحانو أف‬ ‫=‬
‫يستدًن اؼبرء على االستقامة حىت تلزمو حاؿ اؼبوت‪.‬‬

‫وقولو سبحانو‪ٌ { :‬ى‪ ٟ‬ال رأع‪ٛ‬ا ػٍ‪ِ ٝ‬ب فبرىُ‪ٚ ،‬ال رفشد‪ٛ‬ا ثّب‬
‫آربوُ اغبديد (‪ )23‬ظاىره النهي عن الفرح عند النعمة‪ ،‬وىو أمر فلري‬
‫}‬
‫ال يبلك اؼبرء أف يتحكم فيو‪ ،‬ولكن اؼبراد من النهي ىنا ىو النهي عن‬
‫تبعات اغبزف من الللم والنواح‪ ،‬وتبعات الفرح من األشر والبلر‪ ،‬وذلك‬
‫مقدور لئلنساف‪.‬‬

‫ٔبساًااألمر بنصح األبناء‬


‫‪ٚ‬أٍ٘‪١‬ىُاؼبراد‬
‫}‬ ‫وقولو سبحانو‪ { :‬ل‪ٛ‬ا أٔفغىُ‬
‫واألىل وتوجيههم وليس اؼبراد أف الرجل مسؤوؿ عن صبلح أىلو‬
‫وفسادىم‪ ،‬بل مسؤوؿ عن نصحهم وإرشادىم‪.‬‬

‫‪ -587-586‬واشًتط أكثر اغبنفية شرطاً رابعاً وىو أف احملكوـ فيو ال ينعقد‬


‫حكمو شرعاً حىت يتحقق الشرط الشرعي لقيامو‪ ،‬وىذا خبلؼ رأي‬
‫اعبمهور‪ ،‬وشبرة اػببلؼ تظهر يف مسألة تكليف الكفار بفروع الشريعة من‬
‫قبل حصوؿ الشرط الشرعي وىو ىنا‪ :‬اإليباف‪.‬‬

‫وقد سبق بياف اػببلؼ يف اؼبسألة يف حبث الشرط‪.‬‬

‫بالعاد ْة‬
‫يفعلُها جميعهم َ‬ ‫‪ -588‬وُكلِّفوا مشقةً َ‬
‫معتاد ْة‬
‫الش َّق ْة‬
‫فضل اإللو عند بعد ُّ‬ ‫َ‬
‫َّ‬
‫المشق ْة‬ ‫ت شديدةُ‬
‫ِّص ْ‬
‫‪ -589‬ورخ َ‬
‫ت ما ِىيَّتَوُ فمنو ما‬
‫نظر َ‬
‫ْ‬ ‫المحكوـ فيو حيثما‬
‫ُ‬ ‫وقس َم‬
‫‪ِّ -590‬‬
‫كشرب أو ِشفا‬ ‫ٍ‬ ‫كأكل أو‬ ‫شرعاً ٍ‬ ‫حساً وانتفى‬ ‫ِ‬
‫‪ -591‬رأيتو ُوج َد ّ‬
‫منو كما الزنا بأي وض ِع‬ ‫حكم شرعي‬‫ب ٌ‬ ‫‪ -592‬وربما ُسبِّ َ‬
‫الحج إذا ما قد قُ ِ‬
‫ص ْد‬ ‫مثالُوُ ُّ‬ ‫والشرع ُو ِج ْد‬
‫ِ‬ ‫بالحس‬
‫ِّ‬ ‫‪ -593‬وربما‬
‫أحكاـ تَ ِر ْد‬
‫ٌ‬ ‫ورتبت عليو‬ ‫والشرع ِ‬
‫وج ْد‬ ‫ِ‬ ‫بالحس‬
‫ِّ‬ ‫‪ -594‬وربما‬
‫والتمليـ والحوالَ ْة‬
‫ُ‬ ‫والبيع‬
‫ُ‬ ‫النكاح واإلقالَ ْة‬
‫ُ‬ ‫‪ -595‬مثالُوُ‬

‫‪ -589-588‬أشار إىل أف اؼبشقة نوعاف‪:‬مشقةٌ معتادة ومشقة غَت معتادة‪،‬‬


‫فاؼبشقة اؼبعتادة ما يقدر عليو مع شيء من التكلف‪ ،‬فاحملكوـ فيو هبوز أف‬
‫تصاحبو اؼبشقة اؼبعتادة‪ ،‬كاؼبشقة يف الصوـ واغبج‪ ،‬أما اؼبشقة الشديدة غَت‬
‫اؼبعتادة فقد تفضل اؼبوىل سبحانو وتعاىل برفعها عن العباد‪ ،‬وشرع يف‬
‫الرخص اؼبأذوف هبا شرعاً‪ ،‬كأكل اؼبيتة للمضلر‪ ،‬واإلفلار يف‬
‫مقابلها ُّ‬
‫السفر‪.‬‬
‫من ‪ 590‬حتى ‪ -595‬يقسم احملكوـ فيو باعتبار ماىيتو أربعة أقساـ‪:‬‬
‫األوؿ‪:‬ما وجد حسا وانتفى شرعا‪ ،‬وليس سبباً غبكم شرعي‪ .‬كاألكل‬
‫والشرب والدواء‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬ما وجد حساً وانتفى شرعاً‪ ،‬ولكنو صار سبباً غبكم شرعي آخر‪.‬‬
‫=‬ ‫كالزنا والقتل‪.‬‬
‫ِ‬
‫يضاؼ رتَّبوهُ‬
‫ُ‬ ‫ب ما‬‫َح َس َ‬ ‫قسموهُ‬ ‫األحناؼ َّ‬ ‫‪ -596‬وجملةُ‬
‫مخلَّص ومالَو تناىي‬ ‫‪ -597‬أربعة أولُها ِ‬
‫هلل‬
‫وبعدىا التي بها مؤونَ ْة‬ ‫ليس بها مؤونَ ْة‬ ‫‪ -598‬عبادةٌ َ‬
‫تحل فيها‬ ‫معنى عبادةٍ ُّ‬ ‫‪ -599‬ثالثها مؤونَةٌ وفيها‬
‫تحل فيها‬ ‫ٍ‬
‫عقوبة ُّ‬ ‫معنى‬ ‫ابعها مؤونةٌ وفيها‬ ‫‪ -600‬ر ُ‬
‫سادسها قاصرةٌ منم َق ْة‬ ‫ُ‬ ‫خامسها عقوبةٌ محق َق ْة‬ ‫ُ‬ ‫‪-601‬‬
‫عبادةٌ عقوبةٌ تحويها‬ ‫تدور معنى فيها‬ ‫سابعها ُ‬ ‫‪ُ -602‬‬
‫الغنائم‬ ‫ِِ‬ ‫‪ -603‬ثامنُها ٌّ‬
‫ُ‬ ‫بنفسو مثالُوُ‬ ‫قائم‬
‫تماـ ُ‬ ‫حق ٌ‬
‫ِ‬
‫الصياـ‬ ‫وبعدىا الفطرةُ في‬ ‫ِ‬
‫اإلسبلـ‬ ‫‪ -604‬أولُها الصبلةُ في‬
‫اج‪ ..‬فافهم فكري‬ ‫ابع الخر ُ‬‫والر ُ‬ ‫ونصف العش ِر‬
‫ُ‬ ‫والثالث العش ِر‬
‫ُ‬ ‫‪-605‬‬

‫الثالث‪ :‬ما وجد حساً وشرعاً‪ ،‬وال يًتتب عليو حكم شرعي آخر‪ .‬كاغبج‬ ‫=‬
‫والزكاة‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬ما وجد حساً وشرعاً‪ ،‬وترتب عليو حكم شرعي آخر‪ .‬كالنكاح‬
‫والبيع والتمليك واإلقالة واغبوالة‪ ،‬فكل واحد منها لو وجود شرعي‬
‫إذا ربقق بشروطو وأسبابو ترتب عليو حكم آخر‪.‬‬
‫‪ -597-596‬واغبنفية يقسموف احملكوـ فيو باعتبا ِر ما يضاؼ إليو إىل أربعة أقساـ‪:‬‬
‫خالص هلل كالصبلة والصياـ‪ُّ ،‬‬
‫وحد شرب اػبمر والزنا‪ ،‬فيجب‬ ‫ٌ‬ ‫حق‬
‫األوؿ‪ٌّ :‬‬
‫وبق ٍ‬
‫ألحد إسقاطُو‪ ،‬ولكن هبب درؤه‬ ‫على اغباكم شرعاً إنفاذُه‪ ،‬وال ُّ‬
‫بالشبهات‪.‬‬
‫وقولو (ومالو تناىي ) أراد بو أنو ليس لئلنساف أف يتنازؿ عنو ألف اغبق فيو‬
‫هلل عز وجل ال يتناىى إىل غَته‪= .‬‬
‫كل ِ‬
‫قاتل‬ ‫سادسها حرما ُف ِّ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الصائل‬ ‫وقطع‬
‫والخامس الزنا ُ‬
‫ُ‬ ‫‪-606‬‬
‫المقبوض ْة‬
‫َ‬ ‫الغنائم‬
‫ُ‬ ‫ثامنها‬ ‫المفروض ْة‬
‫َ‬ ‫سابعها الكفارةُ‬
‫‪ُ -607‬‬
‫فأمره لَوُ ببل نواىي‬ ‫‪ -608‬وقِسمها الثاني ِ‬
‫لعبد اهلل‬
‫ُ‬ ‫ُْ‬
‫وإف يشأْ يترُكوُ فـا ىو‬ ‫شاء أو يأباهُ‬
‫‪ -609‬يسقطُوُ إف َ‬

‫من ‪598‬إلى‪ -607‬مث ىذا القسم شبانية أنواع عددىا الناظم مث أورد عليها‬ ‫=‬
‫األمثلة يف أبيات مستقلة‪:‬‬
‫‪ -1‬عبادات خالصة هلل‪ ،‬ما فيها معٌت اؼبؤونة وال العقوبة‪ .‬كالصبلة‬
‫والصياـ‪.‬‬
‫‪ -2‬عبادات فيها معٌت اؼبؤونة‪ ،‬واؼبؤونة‪ :‬الكلفة‪.‬كصدقة الفلر‬
‫الع ْشر يف األرض الزراعية‪.‬‬
‫‪ -3‬مؤونة فيها معٌت العبادة‪ ،‬كدفع ُ‬
‫‪ -4‬مؤونة فيها معٌت العقوبة كاػبراج‪.‬‬
‫‪ -5‬عقوبة كاملة‪ ،‬كحد الزنا والسرقة وقلع يد الصائل إذا سرؽ‪.‬‬
‫‪ -6‬عقوبة قاصرة‪ ،‬كحرماف القاتل من اؼبَتاث‪ ،‬فهي عقوبة قاصرة على‬
‫اؼباؿ دوف البدف‪.‬‬
‫‪ -7‬حقوؽ دائرة بُت األمرين‪ ،‬كالكفارات فيها معٌت العقوبة ومعٌت العبادة‪.‬‬
‫‪ -8‬حق قائم بنفسو‪ ،‬كدفع اػبمس من اؼبغنم‪.‬‬
‫‪ -609-608‬القسم الثاين من أقساـ احملكوـ فيو عند اغبنفية ىو‪ :‬حق خالص‬
‫للعبد يبلك رفع الدعوى لو‪ ،‬ويبلك إسقاطو والعفو فيو‪ ،‬وىواغبقوؽ اليت‬
‫تتعلق هبا مصلحة اؼبكلف الدنيوية‪ ،‬كحرمة مالو‪.‬‬
‫يغلب ُّ‬
‫حق ربنا فليعلما‬ ‫ُ‬ ‫‪ -610‬والثالث اجتماعها وإنَّما‬
‫حقهم بها فليعلما‬‫يغلب ُّ‬ ‫اجتماعها وإنما‬
‫ُ‬ ‫‪ -611‬والرابع‬
‫يفه ُم‬
‫القصاص وىو َ‬
‫ُ‬ ‫ابع‬
‫والر ُ‬ ‫وذاؾ يعلَ ُم‬
‫القـؼ َ‬
‫ُ‬ ‫فالثالث‬
‫ُ‬ ‫‪-612‬‬

‫‪ -612-611-610‬القسم الثالث‪ :‬ىو ما كاف حقاً هلل وللعبد ولكن حق اهلل‬


‫فيو أغلب‪ ،‬كالقذؼ فهو حق للعبد من حيث مساسو بكرامتو‪ ،‬وحق هلل‬
‫عز وجل من حيث درء الفساد يف اجملتمع‪ ،‬وحق اهلل فيو أغلب‪ ،‬ولكن يرى‬
‫الشافعية واغبنابلة أف حد القذؼ حق خالص لآلدمي اؼبقذوؼ‪.‬‬
‫القسم الرابع‪ :‬ىو ماكاف حقا هلل وللعبد‪ ،‬ولكن حق العبد فيو أغلب‪،‬‬
‫كالقصاص والديات‪ ،‬فهو حق للعبد من حيث ربقيقو مصلحة أولياء‬
‫القتيل‪ ،‬وحق هلل عز وجل من حيث درء الفساد يف اجملتمع وألف الشارع‬
‫يتشوؼ إىل حقن الدماء‪ ،‬فإنو فوض أمر العفو إىل العبد‪ ،‬فصار حقو فيو‬
‫ُ‬
‫أغلب‪.‬‬
‫انفصم انزاتع‪ :‬انًذكىو عهيّ‬

‫خطاب ربِّنا بو َّ‬


‫محق َقا‬ ‫ُ‬ ‫الشخص الـي تعلَّ َقا‬
‫ُ‬ ‫‪ -613‬تعريفو‬
‫ع تعنيفي‬ ‫ود ْ‬
‫فافهموُ َ‬ ‫ِ‬ ‫‪ -614‬واشترطوا في ِ‬
‫شرطين ْ‬ ‫التكليف‬ ‫صحة‬
‫فهم الدليل واضحاً أو مجمبل‬ ‫‪ -615‬فالشرط أف يكوف قادراً على‬
‫خمس عش ٍر تمما‬ ‫َ‬ ‫أي بالغاً أو‬ ‫‪ -616‬وأف يكوف عاقبلً وفاىمػاً‬
‫ثبلثةً من بعدىا تخفي َفا‬ ‫السن أبو حني َف ْة‬
‫‪ -617‬وزاد في ِّ‬

‫خلاب اهلل تعاىل بفعلو‪.‬‬


‫ُ‬ ‫الشخص الذي تعلَّ َق‬
‫ُ‬ ‫‪ -613‬احملكوـ عليو‪ :‬ىو‬
‫‪ -614‬أخرب أف شروط احملكوـ عليو اليت ال يثبت تكليفو هبا شرعاً إالَّ بوجودىا‬
‫شرطاف‪:‬‬

‫‪ -615‬الشرط األوؿ‪ :‬أف يكوف قادراً على فهم دليل التكليف‪ ،‬سواء كاف قادراً‬
‫على فهمو من النص مباشرة‪ ،‬أو من خبلؿ السؤاؿ والتعلم‪.‬‬
‫‪ -616‬وال يكمل الشرط األوؿ إال إذا كاف اؼبكلف عاقبل فانباً للخلاب‪ ،‬وال‬
‫يسمى اؼبرء عاقبلً إال إذا بلغ سن البلوغ‪ ،‬والبلوغ عند اعبمهور يعرؼ‬
‫باالحتبلـ من الرجل واغبيض من اؼبرأة‪ ،‬أو ببلوغو طبس عشرة سنة قمرية‪.‬‬
‫‪ -617‬أخرب أف سن البلوغ عند أيب حنيفة ىو شباف عشرة سنة للرجل بزيادة ثبلثة‪،‬‬
‫وذلك زبفيف من اؼبوىل سبحانو وتعاىل ورضبة‪ .‬وسبعة عشرة سنة للمرأة‪.‬‬
‫وخ ْـ فروعاً بعد ذا تكو ُف‬
‫ُ‬ ‫‪ -618‬وال تكلِّ ْ‬
‫ف من بو جنو ُف‬
‫مكلف صوابا‬
‫ٌ‬ ‫لو كافراً‬ ‫تصوَر الخطابا‬
‫‪ -619‬فكل من َّ‬
‫والصواب‬
‫ُ‬ ‫فاألصل‬
‫ُ‬ ‫الصبي‬
‫ْ‬ ‫إلى‬ ‫الخطاب‬
‫ُ‬ ‫‪ -620‬وحيثما توجو‬
‫المـىب‬
‫ُ‬ ‫ومثلُوُ المجنو ُف وىو‬ ‫ب‬
‫الولي يطلَ ُ‬
‫‪ -621‬بأنو من ِّ‬
‫المنن‬
‫يترجموه أو تصلهم ْ‬ ‫‪ -622‬وال يكلف األعجاـ قبل أ ْف‬
‫أىبلً لما كلَّ َفوُ يَقينَا‬ ‫‪ -623‬وشرطُوُ الثاني بأ ْف ي ُكونَا‬
‫وصالح أيضاً لِبللْتز ِاـ‬‫ٌ‬ ‫لئللز ِاـ‬
‫من يصلُ ُح َ‬ ‫واألىل ْ‬
‫ُ‬ ‫‪-624‬‬

‫‪ -618‬أخرب أف تكليف اجملنوف ؿباؿ ولو كاف بالغاً‪.‬‬


‫مث قاؿ إف ىناؾ فروعا ثبلثة تتفرع عن ىذا الشرط‪:‬‬
‫‪ -619‬إف اؼبللوب من فهم دليل التكليف ىو إدراكو وتصوره‪ ،‬أما اإليباف بو فليس‬
‫شرطاً بل ىو مكلف بو دبجرد فهمو لو آمن أو مل يؤمن‪ .‬وىو مذىب‬
‫اعبمهور‪ ،‬وقد سبق بياف ذلك يف مبحث اغباكم‪.‬‬
‫‪ -621-620‬أخرب أف األوامر اإلؽبية اليت توجهت إىل األطفاؿ واجملانُت فإمبا‬
‫اؼبرادأف ذلك مللوب من الويل‪ ،‬كأمر الفتاة بسًت عورهتا‪ ،‬واألمر بإخراج‬
‫الزكاة بأمر مالك النصاب ولو طفبل‪ ،‬إمبا يراد ذلك من الويل‪.‬‬
‫‪ -622‬نزؿ القرآف بالعربية‪ ،‬وكذلك األدلة الشرعية‪ ،‬وال يبكن لؤلعجمي أف يفهم‬
‫القرآف الكرًن واألدلة الشرعية التكليفية حىت تًتجم إىل لغتو‪ ،‬أو يصلهم يف‬
‫ببلدىم الدعاة إىل اهلل عز وجل إليصاؿ منَّة اهلل سبحانو وتعاىل عليهم‪.‬‬
‫‪ -624-623‬الشرط الثاين يف احملكوـ فيو‪ :‬أف يكوف أىبلً ؼبا كلف بو‪ ،‬واألىلية‬
‫ىي صبلحية الشخص لئللزاـ وااللتزاـ‪ ،‬حبيث يصلح أف تثبت لو حقوؽ‬
‫على غَته‪ ،‬وتثبت لغَته حقوؽ عليو‪.‬‬
‫وجوب أو أداء في ِ‬
‫البياف‬ ‫ٌ‬ ‫‪ -625‬وتقسم األىليةُ ِ‬
‫اثنتاف‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫النحيب‬ ‫ِ‬
‫كالطفل في‬ ‫ناقصةً‬ ‫ِ‬
‫الوجوب‬ ‫‪ -626‬وربما تكو ُف في‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأمر ُمطَّل ْ‬
‫ب‬ ‫واجب ٌ‬‫ٌ‬ ‫عليو‬ ‫ب‬
‫فتثبت الحقو ُؽ لَ ْو وال يَج ْ‬
‫ُ‬ ‫‪-627‬‬
‫نقيص ْة‬
‫إذا أتى طفبل ببل َ‬ ‫النقيص ْة‬
‫َ‬ ‫‪ -628‬وتكمل األىلية‬
‫ٍ‬
‫ثبلثة ف ُخ ْـ بياناً مجمبل‬ ‫وتقسم األداءُ أقساماً إلى‬ ‫‪-629‬‬
‫ُ‬

‫وتقسم األىليةُ إىل قسمُت‪ :‬أىلية وجوب وأىلية أداء‪.‬‬


‫ُ‬ ‫‪-625‬‬
‫ِ‬
‫الوجوب ىي صبلحيةُ اإلنساف أف تثبت لو حقوؽ وذبب عليو‬ ‫فأىليةُ‬
‫واجبات‪ ،‬أما أىلية األداء فهي ترادؼ‪ :‬اؼبسؤولية‪ ،‬وىي صبلحية اإلنساف‬
‫ألف تعترب أقوالو وأفعالو شرعاً‪.‬‬
‫‪ -627-626‬وتقسم أىلية الوجوب إىل نوعُت‪:‬‬
‫أىلية الوجوب الناقصة‪ :‬وىي صبلحية اإلنساف ألف تثبت لو حقوؽ دوف‬
‫أف ذبب عليو واجبات‪ ،‬وىي خاصة باعبنُت حىت الوالدة فتثبت لو اؼبواريث‬
‫والوصايا والنسب والوقف‪ ،‬وال هبب عليو أي واجب‪.‬‬
‫‪ -628‬النوع الثاين‪ :‬أىلية الوجوب الكاملة‪ ،‬وىي صبلحية اإلنساف ألف تثبت لو‬
‫حقوؽ وذبب عليو واجبات‪ ،‬وىي موجودة يف كل إنساف من والدتو حياً‬
‫(ببل نقيصة) إىل وفاتو‪.‬‬
‫واؼبراد أف أىلية الوجوب الناقصة للجنُت تصبح أىلية وجوب كاملة إذا سبت‬
‫والدتو حياً‪.‬‬
‫‪ -629‬أخرب أف أىليةَ األداء تنقسم إىل ثبلثة أقساـ‪:‬‬
‫ومثلُوُ المجنو ُف دوماً أُح ِرزا‬ ‫عديمة في ِ‬
‫الطفل حتى ميَّزا‬ ‫ٍ‬ ‫‪-630‬‬
‫كل مميِّ ٍز إلى أف يكتفي‬ ‫ِّ‬ ‫كل معتوهٍ وفي‬ ‫وناقص في ِّ‬
‫ٌ‬ ‫‪-631‬‬
‫غ‬
‫وكاف عاقبلً فإنو بَػ َز ْ‬ ‫‪ -632‬وكامل األىلية الـي بَػلَ ْغ‬
‫أمر يزيلها ببل بقيَّ ْة‬ ‫‪ -633‬وربما يع ِر ُ‬
‫ض لؤلىليَّ ْة‬
‫كـلـ اإلكراه في ِ‬
‫الببلء‬ ‫ِ‬
‫واإلغماء‬ ‫ِ‬
‫والجنوف‬ ‫ِ‬
‫كالنوـ‬ ‫‪-634‬‬
‫ُ‬

‫‪ -630‬القسم األوؿ‪ :‬تكوف األىلية عديبة بالكلية من حيث األداء‪ ،‬فبل يثبت‬
‫بكبلـ اإلنساف وتصرفاتو شيء‪ ،‬وىي خاصة باللفل قبل التمييز‪ ،‬واجملنوف‪،‬‬
‫فسائر العقود والتصرفات منها باطلة النعداـ أىلية األداء أصبلً‪.‬‬
‫‪ -631‬القسم الثاين‪ :‬أىلية األداء الناقصة‪ ،‬وتكوف كذلك يف اؼبعتوه‪ ،‬ويف اللفل‬
‫اؼبميز إىل بلوغو‪ ،‬وفيها تصح منو التصرفات النافعة لو نفعاً ؿبضاً‪ ،‬كقبوؿ‬
‫اؽبدية والوصايا واؼبواريث‪ ،‬وتقع باطلة كل التصرفات الضارة بو ضرراً ؿبضاً‬
‫كالتربع منو وإسقاط حقوقو‪ ،‬وينعقد موقوفا كل تصرؼ منو يكوف دائراً بُت‬
‫النفع والضرر إىل حُت بلوغو أو إجازة وليو فيما وبق لو أف هبيز‪.‬‬
‫‪ -632‬القسم الثالث‪ :‬أىلية األداء الكاملة‪ ،‬وىي تثبت لكل بالغ عاقل‪ ،‬وفيها‬
‫تثبت كل تصرفاتو ويكوف مسؤال عنها قضاء وديانة‪.‬‬
‫وقولو‪ ( :‬فإنو بزغ ) إشارة إىل أنو بلغ مبلغ الرجاؿ ببزوغ الشعر يف مواضع‬
‫ظهوره من الرجاؿ‪.‬‬
‫‪ -634-633‬وبعد أف تثبت األىلية كاملة لئلنساف فإف شبة عوارض قد تزيلها أو‬
‫تنقص منها‪ ،‬وىي على ثبلثة أنواع‪:‬‬
‫أوالً‪ -‬عوارض تزيل أىلية األداء بالكامل كالنوـ واعبنوف واإلغماء واإلكراه‪،‬‬
‫ويف ىذه اغبالة فإف كل تصرفاتو تقع باطلة ال أثر ؽبا‪.‬‬
‫اد لَ ْو‬
‫فاقبلْو إف ن َف َعوُ وز َ‬ ‫العتَ ْو‬
‫مثل َ‬
‫أنقصها ُ‬
‫‪ -635‬وربما َ‬
‫غرِـ‬
‫وم َ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫َك َس َفو وغفلَة َ‬ ‫ِ‬
‫الحكم‬ ‫بعض‬
‫غير َ‬
‫‪ -636‬وربما َ‬

‫تنقص أىلية األداء‪ ،‬كالعتو‪ ،‬وىنا يكوف اؼبكلف كاؼبميز قبل‬‫ارض ُ‬ ‫‪ -635‬ثانياً‪ -‬عو ٌ‬
‫يضره ضرراً‬ ‫البلوغ‪ ،‬يصح من تصرفاتو ما ينفعو نفعاً ؿبضاً‪ِ ،‬‬
‫ويبل ُل ما ُّ‬
‫ؿبضاً‪ ،‬وينعقد موقوفاً ما كاف دائراً بُت اغبالُت‪.‬‬
‫‪ -636‬ثالثاً‪ -‬عوارض ال تزيل األىلية وال تنقصها‪ ،‬ولكن تغَت بعض األحكاـ‬
‫اؼبًتتبة عليها كالسفو والغفلة والوقوع يف اؼبغارـ‪ ،‬فللقاضي أف وبجر على‬
‫السفيو‪ ،‬وتتحوؿ ذمم الغارمُت إىل غَتىم بالتربع وأشباه ىذه اؼبسائل‪.‬‬
‫خاتًح‬
‫مفهوم ْة‬ ‫نظمتُها واضحةً‬ ‫المنظوم ْة‬ ‫‪ -637‬وىكـا قد ِ‬
‫تمت‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫والعفو واإلكر َاـ واإلحسانَا‬ ‫َ‬ ‫الثواب والغفرانَا‬
‫َ‬ ‫‪ -638‬أرجو بها‬
‫أنار دربَنا لنا‬
‫لكل من َ‬ ‫الجميل والثنا‬
‫َ‬ ‫الشكر‬
‫َ‬ ‫‪ -639‬وأرفع‬
‫أنار لي دربي وأحيا قلبي‬ ‫‪ -640‬أولهم أستاذي المربي‬
‫األفاضل األبر ُار‬
‫ُ‬ ‫وصحبوُ‬ ‫إمامنا وشي ُخنا كفتارو‬
‫‪ُ -641‬‬

‫‪ 637‬إلى ‪ -639‬سبت حبمد اهلل منظومة اؼبعتمد يف أصوؿ الفقو وعدة أبياهتا أربعة‬
‫وأربعُت وستمائة بيت وقد مت نظمها حبمد اهلل عاـ ‪ 1983‬يف جامع الزىراء‬
‫دبزة دمشق‪.‬‬
‫‪ -641-640‬خص بالشكر ىنا ظباحة الشيخ كفتارو وإخوانو وصحبة األبرار‪،‬‬
‫والشيخ أضبد كفتارو ىو شيخ اؼبسلمُت يف الديار الشامية ولد عاـ ‪1912‬‬
‫ألبوين فاضلُت‪ ،‬كاف أبوه الشيخ أمُت كفتارو علماً من أعبلـ اؽبدى والعلم‬
‫يف ببلد الشاـ‪ ،‬وقد أسندت إليو مشيخة اللريقة النقشبندية بعدوفػػاة شيخو‬
‫العػػارؼ باهلل الشيخ عيسى النقشبندي‪ ،‬فأدبو بآداب اللريقة واغبقيقة‪،‬‬
‫وعلمو علوـ الشريعة‪ ،‬وعٍت بو عناية فائقة‪ ،‬فنبغ منذ صغره يف سائر العلوـ‬
‫الشرعية‪ ،‬حيث حفظ القرآف الكرًن على يد مقرىء الشاـ الكبَت الشيخ‬
‫ؿبمد سليم اغبلواين مث لزـ كبار علماء الشاـ فحصل منهم العلم الغزير‪،‬‬
‫وبدأ بتأسيس حركة هنضة اسبلمية قوية فأسس عاـ ‪ 1959‬صبعية األنصار‬
‫اػبَتية اليت ال زالت تعترب رائدة اؼبؤسسات العلمية والًتبوية يف الشاـ‪ ،‬مث‬
‫انتخبو علماء سوريا مفتياً عاماً لسوريا عاـ ‪= 1964‬‬
‫كما مت انتخابو رئيساً جمللس اإلفتاء األعلى‪ ،‬وقاـ بتأسيس عدد من اؼبعاىد‬ ‫=‬
‫الشرعية ومدارس القرآف الكرًن ويف عاـ ‪ 1975‬قاـ بافتتاح ؾبمع أيب النور‬
‫اإلسبلمي يف دمشق‪ ،‬وفيو أوؿ جامعة يف سوريا متخصصة بالدعوة‬
‫اإلسبلمية وقد تعاظم تأثَت ىذه اعبامعة وأثرىا وأصبحت سبنح درجة‬
‫الدكتوراة يف الشريعة اإلسبلمية وزبرج هبا لببة من خيار الدعاة إىل اهلل عز‬
‫وجل يف سوريا‪ ،‬كما أحدث معاىد متخصصة للدعاة اإلسبلمُت القادمُت‬
‫من بلداف إسبلمية خصوصاً من صبهوريات اإلرباد السوفيايت اؼبستقلة‪ ،‬وقد‬
‫شرع بدءاً من عاـ ‪ 1991‬يف إحداث معاىد شرعية يف تلك الببلد فأسس‬
‫أكثر من طبسة عشر معهداً خارجياً يف ـبتلف بلداف العامل‪ ،‬كما شارؾ يف‬
‫نشاط واسع على اؼبستوى العاؼبي‪ ،‬ووجو مساعيو كبو ربقيق الوحدة‬
‫اإلسبلمية مث االنلبلؽ إىل األخوة اإلنسانية وتفاىم أبناء الديانات وقبح يف‬
‫ىذا اؼبسعى قباحاً عظيماً‪ ،‬ومت انتخابو رئيساً جمللس الديانات العاؼبي الذي‬
‫نادت إليو األمم اؼبتحدة‪ ،‬وانعقد يف الربازيل ضمن نشاط قمة األرض‬
‫التارىبية يف عاـ ‪1991‬ـ‪.‬‬
‫وقد أسس منهجو على أساس العلم والسلوؾ‪ ،‬فحافظ على طريقة األقدمُت‬
‫يف االىتماـ بعلوـ السلف وأمر بالعػودة إىل مصنفاهتم يف ذلك‪ ،‬وأمر‬
‫بالعناية باعبانب الروحي يف إعداد طالب العلم وتربيتو وتزكيتو‪.‬‬
‫ومن نشاطو العلمي تفسَت القرآف الكرًن فقد قاـ بتفسَت القرآف الكرًن يف‬
‫ؿباضرات كبَتة يف أكرب مساجد دمشق كاألموي ويلبغا وتنكز وأبوالنور‪،‬‬
‫واستوىف تفسَته أربع مرات‪ ،‬وقاـ تبلمذتو جبمع ىذه الدروس النافعة وىي‬
‫=‬ ‫تصدر قريباً ملبوعة بعوف اهلل‪.‬‬
‫ِ‬
‫أستاذنا محمد الزحيلي‬ ‫ِ‬
‫األصيل‬ ‫للمؤص ِل‬
‫ِّ‬ ‫‪ -642‬كـاؾ‬
‫شيخاً بو اقتدى المريد واحتـى‬ ‫‪ -643‬جزاىم الرحمن خير ما جزى‬
‫ِ‬
‫والختاـ‬ ‫في البدء والموضوع‬ ‫‪ -644‬والحمد هلل على ِ‬
‫التماـ‬
‫كما قاـ برواية سَتة النيب ‪ ‬وربليلها ربليبلً دقيقاً بارعاً خبلؿ ست‬ ‫=‬
‫سنوات وقاـ إخوانو جبمعها وهتذيبها يف كتاب ـبتصر وىو ملبوع ومتداوؿ‬
‫ينتفع بو الناس اليوـ بعنواف سَتة رسوؿ اهلل‪.‬‬
‫انظر كتايب كفتارو رسالة التجديد‪.‬‬
‫‪642‬ػ وخص بالشكر أيضاً العامل ِّ‬
‫اؼبتبحر الشيخ الدكتور ؿبمد الزحيلي األستاذ يف‬
‫كلية الشريعة ويف اجملمع اإلسبلمي يف جامع أيب النور بدمشق‪ ،‬والشيخ‬
‫ؿبمد الزحيلي من مواليد مدينة دير علية ‪ 1941‬وتقع على بعد ‪ 90‬كم‬
‫مشاؿ دمشق‪ ،‬وينتسب إليها صباعة من أىل العلم والفضل‪ ،‬على رأسهم‬
‫الشيخ عبد القادر القصاب‪ ،‬وقد حصل الدكتور الزحيلي على درجة‬
‫الدكتوارة يف الفقو اإلسبلمي اؼبقارف من كلية الشريعة باألزىر عاـ ‪،1971‬‬
‫مث عُت أستاذاً يف جامعة دمشق ويف اجملمع اإلسبلمي يف جامع أيب النور‪،‬‬
‫وصدرت لو عدة أعماؿ علمية نعد منها‪ :‬مرجع العلوـ اإلسبلمية‪ ،‬وتعريف‬
‫عاـ بالعلوـ الشرعية‪ ،‬وعلم أصوؿ الفقو الذي قامت اؼبنظومة أصبلً عليو‪.‬‬
‫والدكتور الزحيلي مبوذج يقتدى بو يف السلوؾ والتواضع واػبلق الكرًن أطاؿ‬
‫اهلل يف عمره ونفع بو اؼبسلمُت كما نفعنا بو آمُت‪.‬‬
‫‪644-643‬ػ ختم الناظم منظومتو بالدعاء ألشياخو وأساتذتو كما يقتضيو الوفاء‬
‫واالعًتاؼ باعبميل‪.‬‬
‫واختتم باغبمد هلل على سباـ اؼبنظومة‪ ،‬التزاماً هبدي القرآف الكرًن‪.‬‬
‫اٌؼبٌّ‪ٓ١‬‬
‫{‪ٚ‬آخش دػ‪ٛ‬اُ٘ أْ اٌذّذ هلل سة }‬
‫إٌّظ‪ِٛ‬خ‬
‫ػ‬ ‫ػ ِغشد‬
‫مقدمة‬
‫ثم لوُ الحم ُد على اإلحس ػ ِ‬
‫ػاف‬ ‫‪ 1‬بس ِػم اإللػ ِػو مب ِ‬
‫ػدع األَ ْك ػ ِ‬
‫ػواف‬
‫المصط ْفى ُم َح ػ َّػم ِد‬ ‫َّبي ُ‬ ‫علػى الن ِّ‬ ‫السرم َدي‬‫والسبلـ َّ‬‫ُ‬ ‫ثم الصػبلةُ‬ ‫‪2‬‬
‫ػاىرين الخيَػػرْة‬ ‫والصحب الك ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ػابعين الط ػ َ‬ ‫والت ػ َ‬ ‫ررْة‬
‫ػراـ البَ َ‬ ‫واآلؿ‬ ‫‪3‬‬
‫ػاد إ ْذ أَت ػػى‬ ‫وزادُهُ يػػوـ الػمػعػ ِ‬ ‫وبعػ ُد فالعػل ُػم ذخػيرةُ ال َفتػػى‬ ‫‪4‬‬
‫َ‬
‫تقضػػى عمػرهُ بركض ػِػوِ‬ ‫ولػػو َّ‬ ‫ػاؿ منػوُ غيَر بعضػ ػ ِػو‬ ‫ولن ينػ َ‬ ‫‪5‬‬
‫ُ‬
‫وال تُبػػالي بالثَّ ػػنَػا والػ ػ َّػـ ِّـ‬ ‫ػـاؾ فابػػدأْ منْػوُ َ‬
‫باألىػ ِّػم‬ ‫لػ َ‬ ‫‪6‬‬
‫ػب ذاك ػ ٍر يُػلَُّقػ ػ ُ‬
‫ػف‬ ‫لكل قػل ٍ‬
‫ِّ‬ ‫يقـؼ‬
‫ُ‬ ‫نور‬
‫العلم ٌ‬
‫بأف َ‬ ‫واعلم َّ‬ ‫‪7‬‬
‫ػث تفتَّػػحت ل ػَػوُ أبوابُهػػا‬ ‫غيػ ٌ‬ ‫ِ‬
‫كاألرض إذا أصػابَهػا‬ ‫ػاس‬
‫‪ 8‬والنػ ُ‬
‫َم تَست ِػف ػ ْد فَتِيػ ػ ػبلً‬
‫ضها ل ْ‬
‫وبعػ ُ‬ ‫ػت قليػ ػبلً‬
‫ضهػ ػػا تشػربَّػ ْ‬‫فبعػ ُ‬ ‫‪9‬‬
‫جميػع ػاً‬
‫ػـ نػػالػت خيَػػرهُ َ‬ ‫فتػل َ‬ ‫ضهػػا تفتَّػحػػت سريػع ػاً‬ ‫وبػعػ ُ‬ ‫‪10‬‬
‫ػبلـ نػػور ِ‬
‫ػب اهلل‬ ‫ػاب حػ ِّ‬ ‫تنػالػوُ م ػػن ب ِ‬ ‫اهلل‬ ‫والعلم في اإلس ِ ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪11‬‬
‫ػلوا‬ ‫من ِ‬ ‫ِ‬
‫حب اهلل قَ ْد ت َك َّم ُ‬ ‫باب ِّ‬ ‫ػل‬
‫ُكم ُ‬
‫المخلص ُوف ال َّ‬ ‫فػاألنبياءُ‬ ‫‪12‬‬
‫ػاب‬
‫ضػ ُ‬ ‫ػور والػه َ‬
‫ػار والمزمػ ُ‬‫والغ ُ‬ ‫ػاب‬
‫والخليل والحج ػ ُ‬
‫ُ‬ ‫فالطور‬
‫ُ‬ ‫‪13‬‬
‫الص ْد ِؽ‬
‫أىل ِّ‬ ‫يناؿ القص َد ُ‬‫بها ُ‬ ‫الخلق لب ِ‬
‫ػاب الحػ َّػق‬ ‫ِ‬ ‫مسالـ‬
‫ُ‬ ‫‪14‬‬
‫الورى آحاداً‬ ‫رب َ‬
‫فاختصهم ُّ‬
‫َّ‬ ‫ػام ُه ْم فُػرادى‬ ‫ضػوا أيّ َ‬
‫‪ 15‬بهػػا قَ َ‬
‫ػل فَ ِّن‬
‫ػاب ُك ِّ‬
‫فأصبحػػوا أربػ َ‬ ‫من عل ِْمػ ِػو اللَّػ ُدنِّي‬‫‪ 16‬علَّ َمهػػم ْ‬
‫صابراً‬ ‫ِ‬ ‫عكفت في ٍ‬
‫بالخليل َ‬ ‫خلوت‬
‫َ‬ ‫وكم‬ ‫حراء ذاكراً‬ ‫َ‬ ‫‪ 17‬فكم‬
‫سرت باكياً‬ ‫الهضاب َ‬ ‫ِ‬ ‫وكم على‬ ‫احتجبت خالياً‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫الخلق‬ ‫وكم ع ِن‬ ‫‪18‬‬
‫الحجاب قائِ ُم‬
‫ِ‬ ‫كل عيسى في‬ ‫و ُّ‬ ‫دائم‬
‫حب ُ‬ ‫طور ٍّ‬
‫وسى ُ‬ ‫ػل ُم َ‬
‫لك ِّ‬ ‫‪19‬‬
‫النهار باللَّيالي‬ ‫ِ‬ ‫وذاؾ شأ ُف ِ‬
‫يواص ُل َ‬ ‫طالب المعالي‬ ‫َ‬ ‫‪20‬‬
‫يود‬ ‫فهـهِ‬
‫ِ‬
‫القشور و ال ُق ُ‬
‫ُ‬ ‫وغيرىا‬
‫ُ‬ ‫والوقود‬
‫ُ‬ ‫األصوؿ‬
‫ُ‬ ‫‪21‬‬
‫ؼ‬
‫َج َو ُ‬ ‫بيت أ ْ‬
‫ب ٌ‬ ‫والقشر دو َف اللُّ ِّ‬
‫ُ‬ ‫فثمر من غير قش ٍر يُػ ْتػلَ ُ‬
‫ف‬ ‫ٌ‬ ‫‪22‬‬
‫ِم ْن غي ِر َش ْر ٍع إنَّما تَػ َزنْ َدقا‬ ‫كل َم ْن تَحققا‬ ‫وقيل َّ‬
‫إف َّ‬ ‫َ‬ ‫‪23‬‬
‫سقا‬ ‫ببل ٍ‬
‫تحقق فـا تَػ َف َّ‬ ‫تعم َقػا‬
‫رع قَ ْد َّ‬ ‫كل َم ْن َّ‬
‫بالش ِ‬ ‫و ُّ‬ ‫‪24‬‬
‫ب‬‫الر ِّ‬
‫لقاء َّ‬ ‫حجتنا يوـ ِ‬ ‫ِ‬
‫القلب‬ ‫فعلم‬ ‫ِ‬
‫ُ َ‬ ‫والعلم علماف‪ُ ..‬‬ ‫‪25‬‬
‫وذاؾ حجةٌ على اب ِن ِ‬
‫آدـ‬ ‫َ‬ ‫ساف فا ِ‬
‫علم‬ ‫وبع َدهُ علم اللِّ ِ‬ ‫‪26‬‬
‫ُ‬
‫الب الغَيُوِر‬‫كماؿ الطَّ ِ‬
‫وذا ُ‬ ‫شوِر‬‫اللباب بال ُق ُ‬
‫َ‬ ‫فحص ِن‬
‫ِّ‬ ‫‪27‬‬
‫ِ‬
‫والقرآف‬ ‫ِ‬
‫الحديث‬ ‫فقوٌ مع‬ ‫العلوـ باإلتْ ِ‬
‫قاف‬ ‫وأجدر ِ‬ ‫‪28‬‬
‫َُ‬
‫ِ‬ ‫وىـهِ‬
‫ت تَػ ْعلَ ُم‬ ‫ليس ْ‬ ‫ببل أصوؿ الدِّي ِن َ‬ ‫فهم‬
‫ت تُ ُ‬ ‫ليس ْ‬ ‫الثبلث َ‬
‫ُ‬ ‫‪29‬‬
‫الز ِ‬
‫ماف‬ ‫صار إِماماً طيلةَ َّ‬ ‫فكل من وعاهُ با ِإلتْػ َق ِ‬
‫اف‬ ‫‪30‬‬
‫َ‬ ‫ُّ َ ْ‬
‫ِ‬
‫والحديث والتَػ ْقري ِر‬ ‫والف ْق ِو‬
‫ِ‬ ‫يخوض في التَػ ْفسػي ِر‬‫َ‬ ‫وجاز أ ْف‬
‫َ‬ ‫‪31‬‬
‫الجهل ببل قَرا ِر‬ ‫ينالُو‬ ‫أصوؿ قاري‬‫كل َم ْن ببل ٍ‬ ‫‪ 32‬و ُّ‬
‫ُ‬
‫األمصار واألقطارا‬ ‫وجاوَز‬ ‫األسفارا‬ ‫‪ 33‬ولو حوى في ْ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ذىنو ْ‬
‫في الدِّين أو يفتي بغير ما ُو ِج ْد‬ ‫يجوز مطلقاً أ ْف يجتهد‬
‫‪ 34‬فبل ُ‬
‫كل ذا ِم ْن ِمنَ ِن اللَّ ِ‬
‫طائف‬ ‫و ُّ‬ ‫اجتهاد ِ‬
‫عارؼ‬ ‫ٍ‬ ‫شيخ ذي‬
‫قوؿ ٍ‬ ‫‪ِ 35‬م ْن ِ‬
‫ض َرْر‬
‫أصوؿ مؤلُوا الدُّنيا َ‬ ‫ببل ٍ‬ ‫ش ْر‬
‫االجتهاد للبَ َ‬
‫ُ‬ ‫‪ 36‬إِ ْذ لو َ‬
‫أبيح‬
‫الشي ِ‬ ‫ت شريعةُ ال ُقر ِ‬ ‫‪ 37‬وعُطِّلَ ْ‬
‫طاف‬ ‫ت شريعةُ َّ ْ‬ ‫وح َك َم ْ‬
‫َ‬ ‫آف‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫جليل ِّبره إِل َْينا‬
‫وم ْن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضلِ ِو َعلَينا‬ ‫‪ 38‬فَ ِم ْن ِ‬
‫عظيم فَ ْ‬
‫الوص ُو ِؿ‬
‫طرائق ُ‬ ‫َ‬ ‫وحدَّدُوا‬ ‫ُص ِ‬
‫وؿ‬ ‫وضعُوا قواع َد األ ُ‬ ‫أ ْف َ‬ ‫‪39‬‬
‫تسود ِشر َعةُ ال ُف ِ‬
‫رقاف‬ ‫الش ْي ِ‬ ‫سدَّا على ِ‬
‫منافـ َّ‬
‫حتَّى َ ْ‬ ‫طاف‬ ‫َ‬ ‫‪40‬‬
‫هيرْة‬ ‫أصوؿ فِ ْق ِهنَا َّ‬ ‫ِ‬
‫الش َ‬ ‫حوت َ‬ ‫ْ‬ ‫صغيرْة‬
‫وىـه منظومةٌ َ‬ ‫‪41‬‬
‫ص ْد‬‫ورْمتُها نِهاية للم ْقتَ ِ‬ ‫ْم ْجتَ ِه ْد‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫نَظمتُها بدايَةً لل ُ‬ ‫‪42‬‬
‫شيخنا ُم َح َّم ِد‬ ‫كتاب ِ‬ ‫على ِ‬ ‫س َّميتُها منظومةَ الم ْعتَ ِ‬
‫مد‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫‪43‬‬
‫عمماً‬
‫ويجعل الخيَر بها ُم َّ‬
‫َ‬ ‫تمما‬ ‫الرحمن أ ْف يُ ِّ‬
‫َ‬ ‫فأسأؿ‬
‫ُ‬ ‫‪44‬‬
‫اإلخبلص في أَقْوالِنَا‬
‫َ‬ ‫ويكتب‬
‫َ‬ ‫الرياء عَ ْن أَعمالِنا‬
‫وينزعُ َ‬ ‫‪45‬‬
‫تعريف علم أصوؿ الفقو‬
‫الموصبلت ِ‬
‫القاصدا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشامبلت‬ ‫تعرؼ ال َق ِ‬
‫واعدا‬ ‫‪ 46‬تعري ُفو أ ْف َ‬
‫َّليل مثلما لنَا نُمي‬ ‫من الد ِ‬ ‫‪ 47‬إلى ِ‬
‫طريقة اختيا ِر الحكم‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ػاؿ فػيػػو‪:‬أَنَّػو‬
‫والش ػػافػعػ ُّػي قػ َ‬ ‫جمهورىم َع َّرفو‬ ‫‪ 48‬فهكـا‬
‫ُ‬
‫وكيف نستفيد منها شيَّا‬ ‫‪ 49‬معرفة الدالئل الفقهية‬
‫فات عائِ َده‬ ‫ومالَوُ ِم َن ِّ‬
‫الص ِ‬ ‫‪ 50‬وحالةُ الـي يري ُد الفائِ َد ْه‬

‫موضوع علم أصوؿ الفقو‬


‫المـكورْة‬ ‫مباحث األَد ِ‬
‫ِّلة‬ ‫ُ‬ ‫محصورْة‬ ‫ٍ‬
‫خمسة‬ ‫بحوثُو في‬ ‫‪51‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫فانهض‬ ‫ِ‬
‫اإلجتهاد فيو‬ ‫وبحث‬ ‫ض‬‫َّعار ِ‬
‫ُ‬ ‫الترجيح والت ُ‬
‫ِ‬ ‫مباحث‬
‫ُ‬ ‫‪52‬‬
‫والوضعي‬
‫ْ‬ ‫تخييره اقتضا ُؤه‬
‫ُ‬ ‫الحكم أي في‬‫ِ‬ ‫بحوث‬
‫ُ‬ ‫ثم‬
‫َّ‬ ‫‪53‬‬
‫بطريق ِ‬
‫الفهم‬ ‫الدليل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِم َن‬ ‫اقتباس ُك ِّل ِ‬
‫حكم‬ ‫ُ‬ ‫الشرع ُ‬
‫والخامس‬
‫ِ‬ ‫‪54‬‬
‫ت‬‫األصوؿ فَػ ُهو المثْب ِ‬
‫ِ َ َُ‬ ‫وعالِ ُم‬ ‫بت‬
‫فيبحث الفقيوُ فيما يَػثْ ُ‬
‫ُ‬ ‫‪55‬‬

‫فائدة علم أصوؿ الفقو‬


‫والر ُس ِ‬
‫وؿ‬ ‫اهلل َّ‬ ‫إلى ِ‬
‫مراد ِ‬ ‫ِ‬
‫الوصوؿ‬ ‫ِ‬
‫األصوؿ في‬ ‫وغايةُ‬ ‫‪56‬‬
‫كل ِ‬
‫قاصد‬ ‫حساب ِّ‬ ‫ِ‬ ‫جل عن‬‫ما َّ‬ ‫ِ‬
‫الفوائد‬ ‫وعدَّدوا لَوُ ِم َن‬ ‫‪57‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فهداه يُػل َْزُـ‬ ‫لبلجتهاد ُ‬ ‫َقوـ‬
‫الطريق األ ُ‬‫ُ‬ ‫م ْنها بأنَّوُ‬ ‫‪58‬‬
‫وح ِف َ‬ ‫ٍ ِ‬
‫واألحكاـ‬
‫ُ‬ ‫ظ القرآ ُف‬ ‫ُ‬ ‫وأَنَّوُ باف بو اإلسػ ُ‬
‫ػبلـ‬ ‫‪59‬‬
‫ِ‬
‫المجتهد المتَّبَ ِع‬ ‫طريقةَ‬ ‫وأَنَّوُ يُ ْبي ُن للمتَّبِ ِع‬ ‫‪60‬‬
‫واب‬‫بالص ِ‬ ‫‪.‬مل َكةَ التفكي ِر َّ‬ ‫ح للطُبلَّ ِ‬
‫ب‬ ‫وأنَّوُ يمنَ ُ‬ ‫‪61‬‬
‫استجد في األيَّاـ‬ ‫َّ‬ ‫لكل ما‬
‫ِّ‬ ‫المبين لؤلحك ِػاـ‬ ‫ُ‬ ‫وأنَّو‬ ‫‪62‬‬
‫فيص ُل الجمي ِع‬ ‫ِ‬
‫األصوؿ َ‬ ‫مع‬ ‫روع‬
‫ط لل ُف ِ‬‫‪ 63‬وأَنَّوُ الضَّاب ُ‬
‫ِ‬
‫وطالب‬ ‫كل ٍ‬
‫قاصد‬ ‫دليل ِّ‬
‫ُ‬ ‫الم َـ ِ‬
‫اىب‬ ‫‪ 64‬وأَنَّوُ لِ َد ِ‬
‫ارس َ‬
‫ِ‬
‫نرى فوائ َد اختبلؼ األ َُّم ْة‬ ‫ف عنَّا الغُ َّم ْة‬ ‫‪ 65‬ثامنُها ِ‬
‫يكش ُ‬
‫تاريخ أصوؿ الفقو‬
‫الر ْ‬
‫سوؿ‬ ‫كتاب َربِّي ثُ َّم سنَّةُ َّ‬ ‫ْ‬
‫الرسوؿ‬ ‫‪ 66‬مصادر التشري ِع في ِ‬
‫عهد‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أَربعةٌ فيما َرَوْوا وذَا َك ُروا‬ ‫فالمصادر‬ ‫الص ْح ِ‬
‫ب‬ ‫ِ‬
‫‪ 67‬وفي زماف َّ‬
‫ُ‬
‫القياس قَ ْد أَ َذاعُوا‬
‫ُ‬ ‫وبع َدهُ‬ ‫فالحديث فاإلجماعُ‬ ‫ُ‬ ‫الـكر‬
‫ُ‬ ‫‪68‬‬
‫ص ْل‬ ‫ثُ َّم َّ‬ ‫دليلُو قضا ِ‬
‫معاذ ب ِن َجبَ ْل‬
‫لؤلشعري قَ ْد َو َ‬
‫ِّ‬ ‫الـي‬ ‫‪69‬‬
‫وع َدةُ ِ‬
‫الحام ِل بع َد قب ِرهِ‬ ‫والحد عن ُد س ْك ِرهِ‬
‫ُّ‬ ‫ِم ْن عم ٍر‪.‬‬ ‫‪70‬‬
‫ُ‬
‫الطروح‬
‫ُ‬ ‫لديهم‬
‫ُ‬ ‫ت‬
‫وكثُػ َر ْ‬ ‫الفتوح‬
‫ُ‬ ‫وعندما استقرت‬ ‫‪71‬‬
‫بواعث األ ِ‬
‫َحياء‬ ‫رت‬
‫تضافَ ْ‬ ‫ِ‬
‫األىواء‬
‫ُ‬ ‫وظهرت نوازعُ‬
‫ْ‬ ‫‪72‬‬
‫الحديث في الحجا ِز‬ ‫كـا‬ ‫مدرسةْ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫صار َ‬ ‫فالرأي في العراؽ َ‬ ‫ُ‬ ‫‪73‬‬
‫رسة‬
‫َم ْد َ‬
‫تدوين علم األصوؿ‬
‫في ِ‬
‫ُصوال‬ ‫يدونوا األ ُ‬ ‫الفقو لم ِّ‬ ‫صوالَ‬‫كتب ال ُف ُ‬ ‫هم قد َ‬ ‫وكلُّ ْ‬ ‫‪74‬‬
‫الفروع انتثرا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مسائل‬ ‫لدى‬ ‫وكا َف في ُكتُبهم ُمبَػ ْعثَرا‬ ‫‪75‬‬
‫ِ‬
‫استداللو محيلَ ْو‬ ‫ومـىب‬ ‫واحد دليلَ ْو‬‫كل ٍ‬ ‫يـكر ُّ‬ ‫‪76‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الحثيث‬ ‫ِ‬
‫بسعيو‬ ‫أو غي ِرهِ‬ ‫ِ‬
‫الحديث‬ ‫الكتاب أو على‬ ‫ِ‬ ‫على‬ ‫‪77‬‬
‫خير ناف ِع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فسب َق الجميع ِ‬
‫فره في الباب ُ‬ ‫وس ُ‬ ‫فيو الشافعي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪78‬‬
‫العلم فيما قالَ ْو‬ ‫كـا جماعُ ِ‬ ‫الرسالَةْ‬ ‫ِ‬
‫المدوف ِّ‬‫فأ ََّو ُؿ َّ‬ ‫‪79‬‬
‫ِ‬
‫الميزاف‬ ‫ِ‬
‫الحديث في‬ ‫شكل‬ ‫إبطاؿ االستحس ِ‬
‫وم ُ‬ ‫ُ‬ ‫اف‬ ‫َ‬ ‫وبع َدهُ ُ‬ ‫‪80‬‬
‫تصنيف ِو‬
‫ِ‬ ‫دوف في‬‫أ ََّو ُؿ ما ِّ‬ ‫وىـهِ األَربع ِمن ِ‬
‫تأليفو‬ ‫‪81‬‬
‫َُ ْ‬
‫َوَز ْف‬ ‫واألصوؿ قد‬
‫ُ‬ ‫فالفقوُ وز ٌف‬ ‫الزَم ْن‬
‫وؿ في َّ‬ ‫ُص َ‬ ‫وسبَ َق الفقوُ األ ُ‬ ‫‪82‬‬

‫طرؽ التأليف في األصوؿ‬


‫مسائبلً ُمدلبلً ُمحرراً‬ ‫ِ‬
‫الكبلـ أَف تُقررا‬ ‫‪ 83‬طريقةُ‬
‫ِ‬
‫تحكيو‬ ‫ُص ِ‬
‫وؿ تبعاً‬ ‫‪ 84‬وبع َدىا طريقةُ ِ‬
‫سبـ األ ُ‬
‫ُ‬ ‫الفقيو‬
‫األحناؼ بالتَتَابُ ِع‬
‫ُ‬ ‫ت‬‫صِ‬ ‫وخ َّ‬
‫ُ‬ ‫ت األُولى بفك ِر َّ‬
‫الشافعي‬ ‫صِ‬ ‫وخ َّ‬
‫‪ُ 85‬‬
‫تَ ْج َم ُع منهما على الحقيقة‬ ‫‪ 86‬واآلخرو َف ل َُه ُم طري َقة‬
‫محصوال‬
‫رسالةً‪ ،‬معتمداً‪ُ ،‬‬ ‫صنَّفوا في األُولى‬
‫أىم ما قَ ْد َ‬
‫‪ُّ 87‬‬
‫التقريب وا ِإل ُ‬
‫لهاـ‬ ‫ُ‬ ‫وبع َدهُ‬ ‫اإلحكاـ‬
‫ُ‬ ‫ص َفى‪َ ،‬كـا‬
‫‪ 88‬برىا ُف‪ ،‬مستَ ْ‬
‫والمنتَهى‬
‫وي ُ‬ ‫البز ْد ِّ‬ ‫ِم ْنها َ‬
‫أصوؿ َ‬ ‫اصطبلح ال ُف َقها‬
‫ِ‬ ‫‪ 89‬وصنَّفوا على‬
‫ِ‬
‫الملبس‬ ‫نفس‬ ‫ِ‬
‫اص ُ‬‫ص ُ‬
‫الج َّ‬
‫َكـلـ َ‬ ‫سي‬
‫رخ ْ‬ ‫الس َ‬ ‫الكرخي َّ‬
‫ِّ‬ ‫مثل‬
‫‪ 90‬إليو‪ُ ..‬‬
‫األبرار‬
‫ُ‬ ‫تنقيح‪ ،‬تمهي ُد‪ ،‬ىم‬
‫ُ‬ ‫والمنار‬
‫ُ‬ ‫التأسيس‬
‫ُ‬ ‫‪ 91‬كـلـ‬
‫بديع‪ ،‬تنقيحاً‪ ،‬كـا التحريرا‬
‫َ‬ ‫‪ 92‬واآلخرو َف صنَّػ ُفوا كثيراً‬
‫وت‬
‫حم ْ‬
‫للر ُ‬
‫فواتح َّ‬
‫وشرحو ٌ‬
‫َ‬ ‫سلَّ َم الثُبُ ْ‬
‫وت‬ ‫جمع الجوام ِع‪ُ ..‬م َ‬‫َ‬ ‫‪93‬‬
‫ِ‬
‫المطالب‬ ‫الموافقات ذو‬ ‫لوُ‬ ‫اطبي‬ ‫فيو َّ‬ ‫وخالف الجميع ِ‬
‫ُ‬ ‫الش ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪94‬‬
‫يمتاز بالمب ِ‬
‫اى ِج‬‫ترتيبُها ُ َ‬ ‫المناىج‬
‫ِ‬ ‫وظهرت طريقةُ‬
‫ْ‬ ‫‪95‬‬

‫حكمة اختبلؼ الفقهاء‬


‫وافه ْم من اختبلفِ ِه ْم تحريري‬ ‫كبلـ ٍ‬
‫حاقد مغروِر‬ ‫عن ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫‪ 96‬ح ْد ْ‬
‫ِ‬
‫واألعداد‬ ‫ِ‬
‫والقانوف‬ ‫ِ‬
‫كالنقد‬ ‫فالخلف في التَّشري ِع أ َْم ٌر عادي‬
‫ُ‬ ‫‪97‬‬
‫الوفاؽ في ِسوى ال ُف ِ‬
‫روع‬ ‫ِ‬ ‫مع‬
‫َ‬ ‫الفروع‬
‫ِ‬ ‫والخلف بينَهم على‬
‫ُ‬ ‫‪98‬‬
‫َّو ِادر‬ ‫َّ ِ‬ ‫الخبلؼ في المص ِ‬
‫اد ِر‬ ‫ِ‬
‫فغالباً بالل ْفظ والنػ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫جرى‬
‫‪ 99‬وإ ْف َ‬
‫ومدَّنا بثروةٍ ثمينة‬ ‫‪َ 100‬وخل ُفهم َمنَحنا المرونَة‬
‫ل َْو أَنَّهم ما اختلفوا المتنعا‬ ‫الفروع ِ‬
‫توس َعةْ‬ ‫ِ‬ ‫‪ 101‬وخل ُفهم على‬
‫الرتَػبَا‬
‫للهوى أو يشتهو َف ُّ‬‫أو َ‬ ‫عصباً‬
‫‪ 102‬ولم يكن خبلفُهم تَ ُّ‬
‫كخب ِر اآلحاد ال اليقيني‬ ‫ِ‬
‫المظنوف‬ ‫‪ 103‬وانحصر الخبلؼ في‬
‫فيهم قَ ْد كفى‬
‫والحديث ُ‬
‫ُ‬ ‫فالوحي‬
‫ُ‬ ‫‪ 104‬ومطلقاً لم يج ِر عه َد المصطفى‬
‫الو ْجهي ِن‬ ‫مختلفي ِن‪َّ ...‬‬
‫جوَز َ‬ ‫حكم في رأيَػ ْي ِن‬
‫وربَّما َ‬
‫‪ُ 105‬‬
‫أسباب اختبلؼ الفقهاء‬
‫االختبلؼ‬
‫ْ‬ ‫ذاؾ‬
‫أسباب َ‬ ‫خ ْـ واضحاً‬ ‫بلؼ‬ ‫كت حكمةَ ِ‬
‫الخ ْ‬ ‫‪ 106‬وبع َدما أدر َ‬
‫َ‬
‫العقوؿ الملّةْ‬
‫َ‬ ‫إذ لم ِ‬
‫تقيد‬ ‫‪ 107‬فاختلفوا في واق ِع ِ‬
‫الجبِّػلَةْ‬
‫َّكاح في البػي ِ‬
‫اف‬ ‫ِ‬
‫كالقرء والن ِ‬ ‫ِ‬
‫القرآف‬ ‫‪ 108‬واختل ُفوا في ِ‬
‫لغة‬
‫ََ‬
‫وحالِهم وبالِهم وعُ ْرف ِهم‬ ‫ِ‬
‫صرىم‬ ‫ص ِرىم وم ْ‬‫واختل ُفوا في َع ْ‬ ‫‪109‬‬
‫ِ‬
‫االجتهاد‬ ‫ص في ِ‬
‫سبيل‬ ‫بالنَ ِّ‬ ‫ِ‬
‫للمراد‬ ‫واختلفوا في ال َف ِ‬
‫هم‬ ‫‪110‬‬
‫ِ‬
‫المباش َرْة‬ ‫فهـهِ‬
‫وىا ُك ُم أسبابَوُ‬ ‫تباشرْه‬
‫األسباب لن َ‬
‫ُ‬ ‫‪111‬‬
‫كل ما أتى ببل تواتُ ِر‬ ‫ِم ْن ِّ‬ ‫الخبلؼ في المص ِ‬
‫اد ِر‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أ ََّولُّها‬ ‫‪112‬‬
‫ِ‬
‫بالحديث‬ ‫ِ‬
‫كالجهل‬ ‫مصطلحاً‬ ‫ِ‬
‫الحديث‬ ‫الخبلؼ في‬
‫ُ‬ ‫وبع َدهُ‬ ‫‪113‬‬
‫ِ‬
‫الواحد‬ ‫شروط ِ‬
‫نقل‬ ‫ِ‬ ‫كـاؾ في‬
‫َ‬ ‫الثبوت عند ِ‬
‫واحد‬ ‫ِ‬ ‫وعدـ‬ ‫‪114‬‬
‫السنَ ْد‬
‫كـاؾ نسيا ُف َّ‬ ‫ِ‬
‫بضعفو َ‬ ‫السنَ ْد‬
‫من َّ‬ ‫ٍ‬
‫علموُ بواحد َ‬
‫‪ 115‬أو ُ‬
‫اإليجاب والتباعُ ِد‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كضابط‬ ‫ِ‬
‫القواعد‬ ‫الخبلؼ في‬
‫ُ‬ ‫‪ 116‬ثَالثُها‬
‫والخاص ِمن األ ِ‬ ‫ِ‬ ‫والخلف في ِ‬
‫َلفاظ‬ ‫ِ ْ‬ ‫والعاـ‬ ‫داللة األلفاظ‬ ‫ُ‬ ‫‪117‬‬
‫َّصريح‬
‫والتخصيص والت ِ‬‫ِ‬ ‫والنسخ‬ ‫جيح‬
‫َّر ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫والخلف في قواعد التػ ْ‬
‫ُ‬ ‫‪118‬‬
‫ِ‬
‫الحديث في الدِّرايَةْ‬ ‫ومرسل‬
‫ُ‬ ‫شـ ِم َن ِّ‬
‫الروايَةْ‬ ‫كـاؾ ما َّ‬
‫َ‬ ‫‪119‬‬
‫بَػيَّنتُها ف ُك ْن بِ َها نَبيها‬ ‫جيه ْة‬ ‫‪ 120‬فخل ُفهم ٍ‬
‫لعلل َو َ‬

‫مقاصد الشريعة‬
‫ج‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مقاص ُد َّ‬
‫الغايات والمباى ُ‬
‫ُ‬ ‫كـلـ‬
‫َ‬ ‫ج‬
‫ىي النتائ ُ‬‫الش ْر ِع َ‬ ‫‪121‬‬
‫الفروع الظَّ ِ‬
‫اى َرْة‬ ‫وأَثبتَْتها في‬ ‫َّرْة‬
‫ِ‬ ‫ت بها الشريعةُ المطَه َ‬ ‫أَتَ ْ‬ ‫‪122‬‬
‫بكل أم ِرىا ونهيها‬ ‫دوماً ِّ‬ ‫ِ‬
‫تحقيقها‬ ‫ت إلى‬ ‫ِ‬
‫وى َي التَّي َس َع ْ‬ ‫‪123‬‬
‫الرشاد‬‫ُدنيا وأخرى بهد ِى َّ‬ ‫فحققت مصالح ِ‬
‫العباد‬ ‫ْ‬ ‫‪124‬‬
‫َ‬
‫كم َعلَّلَ ْ‬ ‫ُّصوص الو ِ‬
‫ِّح ْة‬
‫ت موض َ‬ ‫ت وبَػيَّػنَ ْ‬ ‫اض َح ْة‬ ‫أَال ترى إلى الن ِ َ‬ ‫‪125‬‬
‫ِ‬
‫والتهـيب‬ ‫ِ‬
‫الخلق والتشري ِع‬ ‫في‬ ‫لعاقل ِ‬
‫لبيب‬ ‫وظاىر ٍ‬
‫ٌ‬ ‫‪126‬‬
‫شرعنا معلَّبل‬ ‫وجاء ج ُّل ِ‬ ‫الرحمن شيئاً باطبلً‬ ‫لم ِ‬
‫يخلق‬ ‫‪127‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫منيعة‬ ‫ٍ‬ ‫ومن وعى ِ‬
‫فعلُموُ كقلعة َ‬ ‫مقاص َد الشريعة‬ ‫َْ‬ ‫‪128‬‬
‫حكم ِو وال َف ْر ِع‬
‫كـا إطار ِ‬
‫َ‬ ‫الب ِس َّر ال َ‬
‫ش ْر ِع‬ ‫فيد ِر ُؾ الطَّ ُ‬ ‫‪129‬‬
‫الموازنة‬
‫َ‬ ‫دليلُوُ المفي ُد في‬ ‫الد ِ‬
‫راسة المقا ِرنَة‬ ‫وىو في ِ‬ ‫‪130‬‬
‫وذاؾ شأ ُف المصلحيَن ال ُك َّم ِل‬ ‫َ‬ ‫وىدؼ الدَّعوةِ فِيها يَػ ْنجلِي‬
‫ُ‬ ‫‪131‬‬
‫ُجمبل‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫األحكاـ مما أ ْ‬ ‫معرفة‬ ‫ويستنير العُلما بها على‬
‫ُ‬ ‫‪132‬‬
‫الح َك ْم‬
‫قبل ُ‬ ‫لغامض الن ِ‬
‫ُّصوص َ‬ ‫ِ‬ ‫‪ 133‬ويستعينو َف بها في ال َف ْه ِم‬
‫ض ُمونَا‬ ‫مدلولَها في اللَّ ْفظ َ‬
‫والم ْ‬ ‫‪ 134‬وأَنَّػ ُه ْم بها يُحد ُ‬
‫ِّدونَا‬
‫وص‬
‫ص ُ‬ ‫بهديها تَستَػ ْنبَط ال ُف ُ‬ ‫وص‬
‫ص ُ‬‫‪ 135‬وحينَما تفتَػ َق ُد النُ ُ‬
‫حيح‬
‫الص ِ‬‫بها يرجحو َف في َّ‬ ‫للترجيح‬
‫ِ‬ ‫نحتاج‬
‫ُ‬ ‫‪ 136‬وحينَما‬
‫المقاؿ ِ‬
‫الواض ِح‬ ‫ِ‬ ‫ثبلثةٌ على‬ ‫الح‬
‫ص ِ‬ ‫ِ‬
‫الم َ‬
‫بحسب َ‬ ‫تقسيمها‬
‫ُ‬ ‫‪137‬‬
‫ٍ‬
‫لخمسة أموِر‬ ‫ت‬
‫ونُػ ِّو َع ْ‬ ‫ضروري‬ ‫سم َي ال َ‬‫أ ََولُها ما ِّ‬ ‫‪138‬‬
‫وع ْقلِ ِهم وعرض ِهم ومالِ ِه ْم‬ ‫َ‬ ‫فحفظُوُ لدين ِهم ونفس ِه ْم‬ ‫‪139‬‬
‫شق ٍة َح ِريَّة‬
‫بدفْ ِع ُك ِّل َّ‬ ‫ِ‬
‫الحاجيَّ ْة‬ ‫المصالح‬
‫ُ‬ ‫وبع َدهُ‬ ‫‪140‬‬
‫الكماؿ ألُولي التبيي ِن‬
‫ُ‬ ‫وىي‬ ‫التحسيني‬ ‫ِ‬ ‫سم َي‬
‫ثالثُها ما ِّ‬ ‫‪141‬‬
‫َ‬
‫ظ وال ِوقايَ ْة‬ ‫إِ ُ‬
‫يجادىا والحف ُ‬ ‫الرعايَة‬ ‫ومنهج التَّ ْشري ِع في ِّ‬
‫ُ‬ ‫‪142‬‬
‫وزاد فيها رابعاً تماماً‬
‫َ‬ ‫ظ الثبلثَة األَق َ‬
‫ْس ْاما‬ ‫فح ِف َ‬
‫َ‬ ‫‪143‬‬
‫كي ال يكو َف حفظُو اعتباطاً‬ ‫مكمبل محتاطاً‬ ‫أتى ِبو َّ‬ ‫‪144‬‬
‫كالحاجي والـي تَبل‬
‫ِّ‬ ‫ِسواهُ‬ ‫دـ على‬ ‫مق ٌ‬‫وري َّ‬
‫َّر ُّ‬
‫ثُ َّم الض ُ‬ ‫‪145‬‬
‫خص ِم َن األ ِ‬
‫َناـ‬ ‫على الـي َّ‬ ‫عم في األ ِ‬
‫َحكاـ‬ ‫َّموا ما َّ‬ ‫وقَد ُ‬ ‫‪146‬‬
‫حاجة عظمى ِ‬
‫ومن خطيرة‬ ‫من ٍ ُ‬ ‫‪ 147‬ورتَّػبُوا أيضاً َ‬
‫ذو ْي الضػرورة‬
‫س على التَوالي‬ ‫ِّـ الدين على األ ِ‬
‫وىكـا النَػ ْف ُ‬ ‫َمواؿ‬ ‫‪ 148‬فَػ ُقد َ ُ‬
‫الباب األول ‪ :‬هصادر التشريع اإلسالهي‬
‫أوالً ػ المصادر المتفق عليها‬
‫الكتاب‬
‫كتاب ربِّي ِ‬
‫المعج ُز البيا ُف‬ ‫وأو ُؿ المصاد ِر ال ُقرآ ُف‬
‫‪َّ 149‬‬
‫ُ‬
‫ولفظَوُ وخطُّوُ َ‬
‫بالعربي‬ ‫العربي‬
‫َّبي َ‬ ‫‪ 150‬منزالً على الن ِّ‬
‫الصبلةِ ُم ْنتَفي‬‫وما ِسواهُ في َّ‬ ‫ِ‬
‫بالمصاحف‬ ‫كتب‬
‫‪ 151‬تواتراً‪َ ..‬‬
‫والخلف قاـ في ِ‬
‫ثبوت البَ ْس َملَة‬ ‫َص ِح التَػ ْر َج َمة‬
‫ُ َ‬ ‫تجوز في األ َ‬
‫‪ 152‬وال ُ‬
‫مشهورهُ فبل تُػ َع ْد‬
‫َ‬ ‫آحادهُ‬
‫ُ‬ ‫السنَ ْد‬
‫كل َما لم يتواتَر في َّ‬ ‫و ُّ‬ ‫‪153‬‬
‫يوج َد التَحدِّي‬ ‫أولُّها أ ْف َ‬ ‫ط في اإلعجا ِز ما سأبدي‬ ‫والشر ُ‬ ‫‪154‬‬
‫ثالثُها أ ْف تنتفي الموانِ ُع‬ ‫والثاف أ ْف تُػ َهيأ الدوافِ ُع‬
‫ِ‬ ‫‪155‬‬
‫ومعاف ِ‬
‫فيو‬ ‫ٍ‬ ‫نظاـ ٍ‬
‫لفظ‬ ‫وىـهِ بعض الوجوهِ ِ‬
‫فيو‬ ‫‪156‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫والفصيح‬ ‫ِ‬
‫وأثر اللَّ ْفظ البلي ِغ‬ ‫الصحيح‬ ‫ِ‬
‫ثُ َّم انطباقُوُ على العل ِْم‬ ‫‪157‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ومنْ َجلي‬ ‫واضح ُ‬
‫ٌ‬ ‫ذاؾ‬
‫كل َ‬ ‫و ُّ‬ ‫ِ‬
‫بالمستقبل‬ ‫كـلـ ا ِإل ُ‬
‫خبار‬ ‫َ‬ ‫‪158‬‬
‫عمليةٌ خلقيةٌ ثُ َّم اعتقا ْد‬ ‫أحكامو ثبلثَةٌ لِ َم ْن أَرا ْد‬
‫ُ‬ ‫‪159‬‬
‫ومنوُ ما أبا َف ِمنْوُ مجمبلً‬ ‫فَ ِمنْوُ ما أبانَوُ مفصبلً‬ ‫‪160‬‬
‫َت ماعدا‬ ‫ِ‬
‫والمجمبلت وأَحال ْ‬ ‫ت آياتُوُ العقػائِدا‬ ‫واستوعبَ ْ‬
‫َ‬ ‫‪161‬‬
‫ضوُ داللةٌ ظَنػِّيَة‬
‫وبع ُ‬ ‫ضوُ داللَةٌ قَطْعِيَّةْ‬ ‫وبع ُ‬ ‫‪162‬‬
‫ِ‬
‫والحراـ‬ ‫ِ‬
‫والحبلؿ‬ ‫ِ‬
‫والندب‬ ‫األسلوب في ا ِإل ِ‬
‫لزاـ‬ ‫ُ‬ ‫واختلف‬
‫َ‬ ‫‪163‬‬

‫السنة‬
‫سادة‬
‫كراـ َ‬
‫قوـ ٌ‬
‫قَ ْد حدَّىا ٌ‬ ‫المعتاد ْة‬
‫َ‬ ‫والسنَةُ الطري َقةُ‬
‫ُ‬ ‫‪164‬‬
‫َّبي‬ ‫‪ِ 165‬‬
‫تقرير الن ْ‬
‫قوالً وفعبلً‪ ..‬ثم ُ‬ ‫َّبي‬
‫أضيف للن ْ‬
‫َ‬ ‫وى َي اصطبلحاً ما‬
‫ِ‬
‫كالسبلـ‬ ‫والفعل ما رأَوهُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الكبلـ‬ ‫جاء ِم َن‬
‫فالقوؿ ما َ‬
‫ُ‬ ‫‪166‬‬
‫ِم ْن فعلِهم فما أَبَى وال نَأى‬ ‫َّقرير وىو ما َرأَى‬
‫‪ 167‬وبع َدهُ الت ُ‬
‫ِ‬
‫الحديث َمالوا‬ ‫أىل‬
‫ضى ُ‬ ‫لِ َما َم َ‬ ‫األقواؿ‬
‫ُ‬ ‫ت في السن َِّة‬
‫‪ 168‬واختل َف ْ‬
‫اب‬ ‫ٍ ِ‬
‫بها‪ ..‬وما لتارؾ ع َق ُ‬ ‫يثاب‬
‫ولؤلصوليين ما ُ‬
‫َ‬ ‫‪169‬‬
‫بعثة ِ‬
‫ومنَّة‬ ‫ما كا َف قبل ٍ‬ ‫السنَّةْ‬
‫وأربَ ٌع لم تُعتَ ْبرفي ُّ‬ ‫‪170‬‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وما استَقى‪ ..‬كطبِّو في العلَّة‬ ‫ػاف ما أتى على ِ‬
‫الجبِلَّة‬ ‫والثػ ِ‬ ‫‪171‬‬
‫الزو ِ‬
‫جات‬ ‫ِِ ِ ِ‬ ‫بالـ ِ‬ ‫خصوُ َّ‬
‫من حالو كعدد َّ ْ‬ ‫ات‬ ‫رابعُها ما َّ‬ ‫‪172‬‬
‫ِ‬
‫فاعرؼ‬ ‫دليل ٍ‬
‫ودليل‬ ‫ألف ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ت حجيةُ السن َِّة في‬ ‫وثَػبَتَ ْ‬ ‫‪173‬‬
‫في النَّحل للنَّبِ ِّي بالبػي ِ‬
‫اف‬ ‫ِ‬
‫القرآف‬ ‫أ ََّولُها إشارةُ‬ ‫‪174‬‬
‫ََ‬ ‫ْ‬
‫الر ُس ْ‬
‫وؿ‬ ‫تحب اهلل فاتب ِع َّ‬ ‫وإف َّ‬ ‫الر ُس ْ‬
‫وؿ‬ ‫بطاعة َّ‬‫ِ‬ ‫األمر‬
‫وبع َدىا ُ‬ ‫‪175‬‬
‫بالر ِ‬
‫واد ِع‬ ‫المنكِ َر َّ‬ ‫وحـر ِ‬ ‫ِّ‬ ‫التناز ِع‬
‫إليو في ُ‬ ‫وردُّىم ِ‬ ‫‪176‬‬
‫محرٌـ‪ ..‬ال َع ْن َى َوى‬ ‫محلِّ ٌل ِّ‬ ‫الهدى‬ ‫وأَنَّوُ أوتي حكمةَ ُ‬ ‫‪177‬‬
‫ت ِ‬ ‫وقُ ِرنَ ْ‬
‫وأَنَّو لـي اليقي ِن أ ْ‬
‫ُسوتُو‬ ‫طاعتُو‬
‫باهلل فعبلً َ‬ ‫‪178‬‬
‫نهاؾ َم ْو‬
‫حباؾ ُخ ْـ وما َ‬ ‫وما َ‬ ‫َم ِّ‬
‫يحك َم ْو‬ ‫ِ ِ‬
‫وليس ُم ْؤمناً م ْن ل ْ‬
‫َ‬ ‫‪179‬‬
‫أطاعا‬
‫لمسلم َ‬‫ٍ‬ ‫ال خيرةً‬ ‫وؿ َك ْي يُطاعا‬ ‫الر ُس ُ‬‫َوأ ُْر ِس ُل َّ‬ ‫‪180‬‬
‫مسطورةٌ تقص ُد ِ‬
‫للبياف‬ ‫ِ‬
‫القرآف‬ ‫واضح‬
‫ِ‬ ‫وكلُّها في‬ ‫‪181‬‬
‫والتَزموا سؤاالً أو إِجابَةْ‬ ‫أجمع الصحابةْ‬ ‫وىكـا قد َ‬ ‫‪182‬‬
‫ِ‬
‫والتفصيل‬ ‫ضرورةُ التبيي ِن‬ ‫ِ‬
‫المعقوؿ‬ ‫دليلها ِم َن‬
‫ثُ َّم َ‬ ‫‪183‬‬
‫الـ ْك ِر ِم ْن َش ِ‬
‫رع العلي‬ ‫لِ ُك ِّل ما في ِّ‬ ‫الع َمػلِ ْي‬
‫وفعلُو كا َف البيا َف َ‬ ‫‪184‬‬
‫فعصمةُ المبي ِن كالمب ِ‬
‫اف‬ ‫كعصمة ال ُق ِ‬
‫رآف‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫وعُ ِ‬
‫ص َم ْ‬ ‫‪185‬‬
‫َُ‬
‫الم ْنكِ َر باللَّ ِ‬
‫هيب‬ ‫وح َّـ ِر ُ‬
‫َ‬ ‫بالو ُج ِ‬
‫وب‬ ‫اآلثار ُ‬
‫ودلت ُ‬
‫َ َّ ِ‬ ‫‪186‬‬
‫العلم اليقيني القاط ِع‬ ‫يفي ُد في ِ‬ ‫وما أتى تواتراً في الواق ِع‬ ‫‪187‬‬
‫كفروا الجاح َد في ثػُبُوتِِو‬ ‫و َّ‬ ‫كالـك ِر في ِ‬
‫ثبوتو‬ ‫وأنَّوُ ِّ‬ ‫‪188‬‬
‫َم يَِف ْي‬
‫سقوا جاح َدهُ إ ْف ل ْ‬
‫وفَ َّ‬ ‫زاد الحنفي‬
‫المشهور َ‬
‫َ‬ ‫والخبر‬
‫َ‬ ‫‪189‬‬
‫واالحتجاج مل ِزـ‬
‫ُ‬ ‫َع َملنا‬ ‫‪ 190‬واتَّػ َفقوا بأنَّها تستل ِزُـ‬
‫أَ ْف ِ‬
‫تنـ َر الطائفةُ ال َقبيبل‬ ‫ِ‬
‫اآلحاد ُخ ْـ دليبل‬ ‫‪ 191‬وخبر‬
‫وبلِّغوا عنِّي كما نَػر ِ‬
‫ويو‬ ‫حامل إلى ِ‬
‫فقيو‬ ‫ورب ٍ‬ ‫َّ‬ ‫‪192‬‬
‫ْ‬
‫فعل عم ِر‬ ‫ِ‬
‫المجوس ُ‬ ‫فجزيةُ‬ ‫َي لم ينك ِر‬
‫‪ 193‬وانعق َد اإلجماعُ‪ ..‬أ ْ‬
‫الحكم يكفي واح ٌد في الن ِ‬
‫َّاس‬ ‫ِ‬ ‫في‬ ‫ِ‬
‫بالقياس‬ ‫َّ‬
‫استدؿ‬ ‫ـ‬‫‪ 194‬كـلِ َ‬
‫الصد َؽ على التكـيب‬ ‫رج ْح بِ َها ِّ‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫التصويب‬ ‫والتعديل في‬
‫ُ‬ ‫والجرح‬
‫ُ‬ ‫‪195‬‬
‫َّكـيبالواحد شاىدي ِن‬ ‫مع خب ِرِ‬ ‫الت‬ ‫‪ 196‬ونقلوا عن الخليفتي ِن‬
‫ألخـ أو لَِر ّْد‬ ‫عنهم طريقة ٍ‬ ‫‪ 197‬وربما حلَّ َفوُ لم تَطَّ ِر ْد‬
‫خبلؼ‬
‫ُ‬ ‫أَ ْف ال يُرى في فعلِ ِو‬ ‫اؼ‬‫وىـهِ َش َّرطَها األَحنَ ُ‬ ‫‪ِ 198‬‬
‫عمل األَتْػبَاع‬ ‫ِ‬ ‫‪ 199‬أو ليس مما ِ‬
‫أولم يُواف ْق َ‬ ‫حثت الدَّواعي‬ ‫َ‬
‫ـمما‬ ‫في َخبَ ِر المصراةِ قد تَ َّ‬ ‫ٍ‬
‫‪ 200‬في الفقو والراوي ببل فقو كما‬
‫يثرب لم يَ ْسلَما‬ ‫خالف فعل ٍ‬ ‫لمالـ بأ َّ‬
‫َف َما‬ ‫ٍ‬ ‫‪ 201‬واشتَرطوا‬
‫َ َ‬
‫وض ْبطُوُ‬ ‫كل را ٍو عقلوُ َ‬ ‫في ِّ‬ ‫أربع ُشروطُوُ‬‫والشافعي ٌ‬
‫ُّ‬ ‫‪202‬‬
‫ف متنُهم لِ َم ْتنِ ِو‬ ‫ولم يخالِ ْ‬ ‫وأَ ْف يكو َف ثقة في ِ‬
‫دينو‬ ‫‪203‬‬
‫المقاؿ الرائِ ِع‬ ‫ِ‬ ‫فصلْتُها على‬ ‫َّ‬ ‫كالشافِعِ ْي‬
‫وأحم ٌد شروطُو َّ‬ ‫‪204‬‬
‫والص ِ‬
‫واب‬ ‫الحق َّ‬ ‫ثبلثَةٌ في ِّ‬ ‫السن َِّة في الكِتَ ِ‬
‫اب‬ ‫وعمل ُّ‬ ‫‪205‬‬
‫ُ‬
‫والجهاد وا ِإلحس ِ‬
‫اف‬ ‫ِ‬ ‫كالبر‬
‫ِّ‬ ‫أَولُها التأكي ُد لل ُق ِ‬
‫رآف‬ ‫‪206‬‬
‫َ‬
‫صا‬‫سرهُ أ َْو َخ َّ‬ ‫قي َده فَ َّ‬ ‫صا‬ ‫تبيين الـي قَ ْد نُ َّ‬ ‫ِ‬
‫والثاف ُ‬ ‫‪207‬‬
‫كرجم محص ٍن وما إِ ِ‬
‫ليو‬ ‫ِ‬ ‫زيادةٌ علَْي ِو‬
‫ثالثُها َ‬ ‫‪208‬‬
‫قاؿ ال وبَانا‬ ‫عي َ‬ ‫فالشافِ ُّ‬
‫َّ‬ ‫واختلفوا في نَ ْس ِخها ال ُقرآنا‬ ‫‪209‬‬
‫دليلُهم وقوعُوُ ِ‬
‫بالف ْع ِل‬ ‫الج ِّل‬ ‫خها على ِ‬
‫مقاؿ ُ‬ ‫ونَ ْس ُ‬ ‫‪210‬‬
‫اإلجماع‬
‫اإلماـ الهادي‬ ‫من ِ‬
‫أمة النَّبي ِ‬ ‫ِ‬
‫االجتهاد‬ ‫‪ 211‬ىو اتفا ُؽ ِ‬
‫أىل‬
‫حكم أم ٍر ّما‪ ..‬ببل تَوانِ ْي‬ ‫في ِ‬ ‫ِ‬
‫واألزماف‬ ‫‪ 212‬في أ ِ‬
‫َحد العصوِر‬
‫ِّقاؽ‪ ،‬ثُ َّم ِ‬
‫فيو َو ْع ُدهُ‬ ‫ع ِن الش ِ‬ ‫ِ‬
‫الكتاب نَػ ْهيُوُ‬ ‫‪ 213‬دليلُوُ ِم َن‬
‫وخير ٍ‬
‫أمة فإنَّها فَػ َق ْ‬
‫ط‬ ‫ُ‬ ‫ط‬ ‫كـاؾ وص ُفها بأنَّها َ‬
‫الو َس ْ‬ ‫َ‬ ‫‪214‬‬
‫ضبلالً‬ ‫ليس اجتماعُ أ َُّمتي َ‬ ‫حيث قاال‬ ‫ِ‬
‫الحديث ُ‬ ‫وص َّح في‬
‫َ‬ ‫‪َ 215‬‬
‫ِ‬
‫سن عن َد اإللو ُك ُّل َما‬
‫وح ٌ‬ ‫َ‬ ‫المسلمين األَعظما‬
‫َ‬ ‫سواد‬
‫والزْـ َ‬‫‪َ 216‬‬
‫أصحاب ِ‬
‫علم أ َُمنَا‬ ‫ُ‬ ‫نقلَها‬ ‫حسنَػا‬
‫المسلمين َ‬
‫َ‬ ‫جمع‬
‫‪ 217‬رآهُ ُ‬
‫ُّ‬
‫فالحق ذا‬ ‫ت آرا ُؤىم‬‫توافَػ َق ْ‬ ‫فج ْمعُهم إذا‬ ‫ِ‬
‫‪ 218‬واح ُك ْم بو عقبلً َ‬
‫بقول ِه ْم وفاقاً أ َْو ُسكوتِهم‬ ‫وركنُوُ اتفاقُهم جميعُهم‬ ‫‪219‬‬
‫وَك ْم حكاهُ ِم ْن ٍ‬
‫إماـ ماى ِر‬ ‫اى ِر ْي‬‫الشافِعِي والظَّ ِ‬
‫ور َّد ىـا َّ ْ‬ ‫َ‬ ‫‪220‬‬
‫وىاؾ َعدُّىا‬
‫فيو َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ُمختَػلَ ُ‬ ‫ضها‬ ‫وعدَّدوا شروطَوُ وبَػ ْع ُ‬
‫َ‬ ‫‪221‬‬
‫ضوا‬
‫حديث قد َر ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الكتاب أو‬ ‫مع‬ ‫ض‬
‫ػار ُ‬ ‫ُّ‬
‫أ ََّولها أَ ْف ينتفي التَع ُ‬ ‫‪222‬‬
‫واضح أ َذاعوا‬
‫ٍ‬ ‫إلى ِ‬
‫دليل‬ ‫ِ‬
‫والثاف أَ ْف يستن َد ا ِإل ْجماعُ‬ ‫‪223‬‬
‫ماعدا‬
‫جميعهم ال َ‬ ‫ُ‬ ‫واتَّػ َفقوا‬ ‫المجتهدين َعػددا‬
‫َ‬ ‫وأَ ْف ترى‬ ‫‪224‬‬
‫وقيل ال بَ ْل ُك ُّل أم ٍر ناف ِع‬
‫َ‬ ‫وأَ ْف يكو َف ِم ْن أموِر َّ‬
‫الشار ِِع‬ ‫‪225‬‬
‫يعود واح ٌد ُر ُجوعاً‬
‫فبل َ‬ ‫عصرى ْم َجميعاً‬
‫ُ‬ ‫وأَ ْف يَ ُم َّر‬ ‫‪226‬‬
‫الخبلؼ قبلو قَ ْد انتُفي‬
‫َ‬ ‫أ َّ‬
‫َف‬ ‫الحنَ ِف ْي‬
‫وزاد َ‬
‫وبعضهم نَػ َفوا‪َ ..‬‬
‫ُ‬ ‫‪227‬‬
‫وحكموُ في األَم ِر ال يُػنَ َ‬
‫ازعُ‬ ‫رع حكم ِ‬
‫قاط ُع‬ ‫ْموُ في َّ‬
‫ُ‬ ‫الش ِ ٌ‬ ‫وحك ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪228‬‬
‫ِ‬
‫فال َكرخي واآلمدي لم يػثْبِ ِ‬
‫ت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واختلَ ُفوا في ُح َّجة السكوت ِي‬ ‫‪229‬‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫نزاع‬ ‫أىل ٍ‬
‫يثرب ببل ِ‬ ‫من ِ‬ ‫باإلجماع‬
‫ِ‬ ‫ومالـ يحتج‬
‫ٌ‬ ‫‪230‬‬
‫الصحاب في ٍ‬
‫مقاؿ جائ ِر‬ ‫ِ‬ ‫على‬ ‫أىل الظاى ِر‬
‫اإلجماع ُ‬
‫َ‬ ‫وقصر‬
‫َ‬ ‫‪231‬‬
‫والراشدين بَ ْل لشيخي ِن َم َعا‬
‫ُ‬ ‫‪ 232‬واعتَبروا للعترة ا ِإلجماعا‬
‫القياس‬
‫احاْ‬
‫َّج َ‬
‫فاحفظْوُ عني تبل ِغ الن َ‬ ‫اصطبلحاً‬
‫القياس ْ‬
‫َ‬ ‫وعرفوا‬
‫‪َّ 233‬‬
‫فيو ِمثْػلَ ْو‬
‫حكمو‪ ،‬فالحكم ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫أي‬ ‫‪ 234‬فرعٌ يسا ِوي أصلَوُ في العِلَّة‬
‫ِ‬
‫األصل‬ ‫حكم‬
‫أصل وفرعٌ ثم ُ‬ ‫ٌ‬ ‫الع ْق ِل‬
‫أربعةُ في َ‬ ‫أركانُوُ َ‬ ‫‪235‬‬
‫مثالُوُ النَبي ُـ في اإلسكارِ‬ ‫رابعُها العِلَّةُ في اإلطا ِر‬ ‫‪236‬‬
‫فاعتبروا‪ ..‬عن شافع ٍي نقلُوُ‬ ‫دليلُو من الكتاب قولُوُ‬ ‫‪237‬‬
‫قاس في ال ُقبَ ْل‬‫النبي حيَن َ‬
‫كـا ُّ‬ ‫قوؿ اب ِن َجبَ ْل‬ ‫وخ ْـ ِم َن ُّ‬
‫السن َِّة َ‬ ‫ُ‬ ‫‪238‬‬
‫الولي ُد‬ ‫ٍ‬
‫األسود َ‬
‫ُ‬ ‫ذاؾ‬
‫مثاؿ َ‬ ‫ُ‬ ‫وغيرىا َع ْن مائَة تَزي ُد‬ ‫‪239‬‬
‫لؤلتباع‬ ‫ديق‬
‫الص ُ‬‫فعلَوُ ِّ‬ ‫باإلجماع‬ ‫ياس‬ ‫َ ِ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫وثبت الق ُ‬ ‫‪240‬‬
‫ِ‬
‫بالوىم‬ ‫ض‬‫خ ْ‬ ‫ِ‬
‫فاح ُك ْم بِو وال تَ ُ‬ ‫ظن الحك ِ‬
‫ْم‬ ‫وحكمػو يفيد َّ‬ ‫‪241‬‬
‫ثانياً ػ المصادر المختلف فيها‬
‫االستحساف‬
‫قياس أمر يردُ‬ ‫عن مقتضى ِ‬ ‫يعدؿ المجته ُد‬
‫‪ 242‬وحدُّه أف َ‬
‫حكم كل ٍي لمستثنى خفي‬ ‫أو ِ‬ ‫واضح إلى ٍ‬
‫قياس مختػفي‬ ‫ٍ‬ ‫‪ِ 243‬م ْن‬
‫ح‬ ‫في عقلِو عدولَو ِّ‬
‫يرج ُ‬ ‫وذاؾ من أجل دلي ٍػل ُ‬
‫يقدح‬ ‫َ‬ ‫‪244‬‬
‫ترجيح استثناء ِ‬
‫للبياف‬ ‫وظاىر بأنَّو ِ‬
‫نوعاف‬ ‫‪245‬‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬
‫كالضماف‬ ‫فاألو ُؿ الترجيح كالحل ِ‬
‫والثاف االستثناءُ‬ ‫ْفاف‬ ‫ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫‪246‬‬
‫إلى اعتباره دليبلً قابلَ ْو‬ ‫األحناؼ والحنابل ْة‬
‫ُ‬ ‫وذىب‬
‫َ‬ ‫‪247‬‬
‫سنا‬
‫وما رآهُ المسلمو َف َح َ‬ ‫سنا‬
‫َح َ‬
‫ِ‬
‫الكتاب‪ :‬يتبعو َف األ ْ‬ ‫ِم َن‬ ‫‪248‬‬
‫القياس أي ِ‬
‫قياس الثاني‬ ‫ِ‬ ‫على‬ ‫ِ‬
‫االستحساف‬ ‫تفضيل‬ ‫وأكدوا‬‫َّ‬ ‫‪249‬‬
‫َ‬
‫حا ا ِإلبْطاال‬ ‫ِ‬
‫وص َّح ُ‬
‫بنفيو َ‬ ‫والشافعي قاال‬
‫ُّ‬ ‫ومالـ‬
‫ٌ‬ ‫‪250‬‬
‫المصلحة المرسلة‬
‫راحاً‬
‫ص َ‬
‫ِ‬
‫ما لم يَ ِر ْد في حكمها ُ‬ ‫اص ِطبلحػا‬ ‫ِ‬
‫وعرفوا المصال َح ْ‬ ‫َّ‬ ‫‪251‬‬
‫وال على إلغائِها أ َْوردِّىا‬ ‫ْمها‬ ‫شرع في اعتبا ِر حك ِ‬
‫ُ‬ ‫دليل ٍ‬ ‫ُ‬ ‫‪252‬‬
‫ْف في استقبللِها في الدَّي ِن‬ ‫خل ُ‬
‫وال ُ‬ ‫والسجوفِ‬ ‫ِ‬
‫كالجند والديواف ُّ ُ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫‪253‬‬
‫بارع‬
‫قاؿ ِ‬‫لنَْب ِـىا على َم ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األحناؼ ثم الشافع ْي‬
‫ُ‬ ‫فـىب‬ ‫‪254‬‬
‫َ‬
‫كتاباً أو حديثاً أو إجماعاً‬ ‫كل أم ِرنا قد راعى‬ ‫َّ‬
‫فالش ْرعُ َّ‬ ‫‪255‬‬
‫الحكم ُمستَ ِقبلً‬
‫ُ‬
‫يػبنى ِ‬
‫عليو‬ ‫ُْ‬ ‫أصبلً‬ ‫ِ‬
‫واآلخراف َج َعبلهُ ْ‬ ‫‪256‬‬
‫ِ‬
‫بغالب األَ ناـ أَ ْف تُحيطَا‬ ‫واشتَرطوا ثبلثةً شروطاً‬ ‫‪257‬‬
‫ض حجةً َش ْرِعيَّ ْة‬
‫تعار ْ‬
‫ولم َ‬ ‫واقعي ْة‬
‫كـاؾ أ ْف تكو َف َّ‬
‫َ‬ ‫‪258‬‬
‫والسد لل َـرائ ِع‬‫ُّ‬ ‫درءُ األَذَى‬ ‫‪ 259‬ثَ َّم لها أَربعةٌ د ِ‬
‫واع ْي‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الببلغ ُم ْؤتَ َم ْن‬
‫ِ‬ ‫ت في‬
‫فافْػ َه ْم فأنْ َ‬ ‫مصالح‪ ،‬تغُّ ُير َّ‬
‫الزَم ْن‬ ‫ٍ‬ ‫جلب‬
‫ُ‬ ‫‪260‬‬

‫االستصحاب‬
‫فيو ِ‬
‫قاض‬ ‫يقض ِ‬ ‫ِ‬
‫لحاض ٍر لم ِ‬ ‫حكم أَم ٍر ِ‬
‫ماضي‬ ‫اصطحاب ِ‬ ‫‪ 261‬ىو‬
‫ُ‬
‫إلى ِ‬
‫ثبوت غي ِره مبلئماً‬ ‫فيستمر الحكم فيو قائماً‬ ‫ُّ‬ ‫‪262‬‬
‫نَػ ْفياً وإِثْباتاً بِبل أَ ْخ ٍـ َوَر ْد‬ ‫واعتَبَروه ُح َّجةً إذا ان َف َر ْد‬ ‫‪263‬‬
‫ِ‬
‫بالقيود‬ ‫األحناؼ‬
‫ُ‬ ‫وردَّه‬ ‫مثالُوُ الحياةُ للم ْف ِ‬
‫قود‬ ‫‪264‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫األصل‬ ‫اصطحاب ِ‬
‫حكم‬ ‫ُ‬ ‫أولها‬ ‫ِ‬
‫األصل‬ ‫أنواعو ثبلثةٌ في‬ ‫‪265‬‬
‫بالبراء ْة‬ ‫ِ‬
‫للحقوؽ‬ ‫ِ‬
‫كالحكم‬ ‫البراء ْة‬
‫َ‬ ‫‪ 266‬وبع َده ما أصلُو َ‬
‫على ثبوتِِو إلى زوالِ ِو‬ ‫حكم حالِ ِو‬
‫اصطحاب ِ‬ ‫ُ‬ ‫‪ 267‬ثالثُها‬
‫ِ‬
‫وآخ َر األ َِدلَّ ِة المحكيَّة‬ ‫‪ 268‬واعتَبروا َدليلَو ظَنِّػيَّا‬
‫العرؼ‬
‫ِ‬
‫العقوؿ ال الطُ ِ‬
‫روس‬ ‫من ِ‬
‫جهة‬ ‫استقر في النُّػ ُف ِ‬
‫وس‬ ‫والعرؼ ما َّ‬ ‫ُ‬ ‫‪269‬‬
‫أنواعُو أربعةٌ‪..‬فالقولي‬ ‫وؿ‪..‬‬ ‫ضاه النَّاس بال َقبُ ِ‬ ‫ثُ َّم ْارت َ‬ ‫‪270‬‬
‫ُ‬
‫والشراب في إطبلقِ ِو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كاللحم‬ ‫الناس على إطبلقِ ِو‬ ‫تعارؼ ُ‬ ‫َ‬ ‫‪271‬‬
‫كالم ْه ِر في أَوانِ ْو‬ ‫َكل أو َ‬ ‫كاأل ِ‬ ‫عارفوا إِتْػيَانَ ْو‬
‫والع َملي تَ َ‬
‫َ‬ ‫‪272‬‬
‫ثلة ِ‬
‫أفراد‬ ‫عرؼ ٍ‬
‫والخاص ُ‬ ‫عم في ِ‬
‫الببلد‬ ‫والعاـ ما يَ ُّ‬ ‫‪273‬‬
‫ُ‬
‫واختلفوا َى ْل يَ ْستَ ِق ُّل ؟‪...‬قيبل‬ ‫واتَّػ َف ُقوا في كونِو دليبلً‬ ‫‪274‬‬
‫خـه دليبلً ِ‬
‫كامبلً‪َ ..‬و َدلِّ ِل‬ ‫والحنبَلي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫والحنَفي َ‬‫للمػالكي َ‬ ‫َ‬ ‫‪275‬‬
‫وما رأَوهُ حسناً فلتع ِرؼِ‬
‫ْ ََ َ‬
‫الكتاب أَمرهُ بالعرؼِ‬
‫ِ ْ ُ ُْ‬ ‫ِم َن‬ ‫‪276‬‬
‫شر ا ِإلنْس ِ‬
‫اف‬ ‫َ‬ ‫في ِ‬
‫العقل عن َد مع َ‬ ‫السل ِ‬
‫ْطاف‬ ‫كـاؾ مالوُ ِم َن ُّ‬
‫َ‬ ‫‪277‬‬
‫إال إذا أرش َد العتبا ِرهِ‬ ‫ماؿ إلى إنكا ِرهِ‬
‫والشافعي َ‬ ‫‪278‬‬
‫ْ‬
‫يخالف ثابتاً ِ‬
‫للناس‬ ‫ُ‬ ‫ولم‬ ‫عموموُ في ِ‬
‫الناس‬ ‫‪ 279‬واشترطوا َ‬

‫قوؿ الصحابي‬
‫ليس لَوُ َس ْبي ُل‬
‫في كل ما َ‬ ‫واتَػ َفقوا في أنَّوُ ُ‬
‫دليل‬ ‫‪280‬‬
‫يكوف حجةً كما روينا‬ ‫كـاؾ إف أقَّرهُ الباقونا‬ ‫‪281‬‬
‫التزامنا بِ ِه ْم‬ ‫ِ‬
‫اختبلؼ رأي ِه ْم‬
‫فقيل يَنبغي ُ‬ ‫َ‬ ‫واختلَ ُفوا لدى‬ ‫‪282‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لخب ِر النُّجوـ فيه ْم فاقتفي‬ ‫والحنَ ِفي‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بواحد لمالـ َ‬ ‫‪283‬‬
‫المخالََفة‬ ‫تابعين نَػ َقلُوا ُ‬
‫َ‬ ‫َع ْن‬ ‫والشافِعِ ُّي خالََف ْو‬
‫وأحم ٌد َّ‬ ‫‪284‬‬

‫شرع من قبلنا‬
‫ِم ْن قبلِنا ملغيةٌ أ َْـ دينَا‬ ‫‪ 285‬واختلَ ُفوا في ِ‬
‫شرعة الـينا‬
‫كالص ِ‬
‫ياـ‬ ‫الدين ِّ‬ ‫أقر ُ‬ ‫مما َّ‬ ‫‪ 286‬فاتفقوا في األخ ِػـ باألحك ِػاـ‬
‫ِ‬ ‫نسخ ما قد نُ ِسخا‬
‫في َش ْرعنا‪ .‬كالقط ِع مما اتَّ َ‬
‫سخا‬ ‫‪ 287‬واتفقوا في ِ‬
‫َم يُؤيَّدا‬
‫س ْخ ثُ َّم ل ْ‬
‫ولم يُػ ْن َ‬ ‫‪ 288‬واختلَ ُفوا في ِ‬
‫حكم ما قَ ْد َوردا‬
‫والبعض قَػ ّر‬
‫ُ‬ ‫والحنبلي‬ ‫فالحنفي‬ ‫ض ْر‬
‫ب محت َ‬ ‫بالنفس و ُش ْر ِ‬
‫ِ‬ ‫‪ 289‬كالنفس‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫لكل سام ِع‬ ‫ِ‬
‫والرجم واقتد ْه ِّ‬ ‫‪ 290‬ودلَّلوا بوحدةِ الشرائ ِع‬
‫هاج ُه ْم‬ ‫ٍِ‬ ‫ِ‬ ‫أنكر استِدالل َُه ْم‬
‫بأَف ل ُك ِّل أمة م ْن ُ‬ ‫والشافعي َ‬
‫ُّ‬ ‫‪291‬‬

‫سد الـرائع‬
‫اح‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وموص ٌل لما بو ُجنَ ُ‬ ‫باح‬
‫كل ما ظاى ُره ُم ُ‬ ‫‪ 292‬و َّ‬
‫الشافِعِ ْي‬
‫حنبل ال َّ‬ ‫وابن ٍ‬ ‫مالـ ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪ 293‬أباه سداً م ْنوُ لِ َّ‬
‫لـرائِ ِع‬
‫لم‬ ‫ِ‬
‫لِ ُك ِّل َم ْن يَػ ْع ُدوبغي ِر ع ِ‬ ‫ذاؾ بمن ِع ِ‬
‫الشتم‬ ‫‪َّ 294‬‬
‫وأك َدا َ‬
‫حرَـ الوقيعة‬
‫لـاتها أي َّ‬ ‫حرـ الـريعة‬
‫والشافعي َ‬
‫ُّ‬ ‫‪295‬‬
‫الباب الثاني ـ هباحث األحكام‬
‫الحكم‬
‫وأطلقوه فار ِو ما تشاءُ‬ ‫‪ 296‬وحدُّهُ في اللغة القضاءُ‬
‫ثم الـي عند القضاة واردُ‬ ‫إثبات أم ٍر ما ألم ٍر واح ُد‬
‫ُ‬ ‫‪297‬‬
‫خطاب َربنا لنا ُمب ْيػنَا‬
‫ُ‬ ‫‪ 298‬تعري ُفوُ عنَد األصوليينَا‬
‫ش َرا‬
‫الخطاب قَ ْد َجبل وانْػتَ َ‬ ‫ِ‬ ‫عَ ِن‬ ‫اعتبروه األَثَرا‬
‫‪ 299‬والفقهاءُ ُ‬
‫رع ُّي‪ ..‬دو َف َم ْي ِن‬ ‫الش ِ‬
‫فاألو ُؿ َّ‬ ‫قس َمي ِن‬
‫َّ‬ ‫صدراً ْ‬ ‫وقس ُموهُ َم ْ‬
‫َّ‬ ‫‪300‬‬
‫وعمبلً أَو اِعتقاداً فهو ذا‬ ‫اإللو أ ُِخ َـاْ‬
‫وذاؾ ما ِمن ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪301‬‬
‫َحكاـ كالحكم الـي‬ ‫شارع األ ِ‬ ‫من ِ‬ ‫َم يُػ ْؤ َخ ِـ‬
‫وبع َدهُ ُك ُّل الَّـي ل ْ‬ ‫‪302‬‬
‫عرؼ فـاؾ دوف شرع قد ُزكِ ْن‬ ‫ٍ‬ ‫عقل ومن حس ٍن ِ‬
‫وم ْن‬ ‫أُخ َـ من ِ‬ ‫‪303‬‬
‫ّ‬
‫خطاب ربنا الغفوِر‬ ‫ُ‬ ‫ىو‬ ‫والحكم حدُّهُ لدى الجمهوِر‬ ‫‪304‬‬
‫ضى‬
‫الم ْرتَ َ‬
‫وىـا ُ‬
‫ضعاً َ‬
‫تخييراً أو َو ْ‬ ‫ضا‬
‫‪ 305‬ومتعل ٌق بفعلنا اقت َ‬
‫قسمين فالتكليفي ما أدَّى إلى‬ ‫الشرعي من ٍ‬
‫حكم إلى‬ ‫َّ‬ ‫وقسموا‬
‫‪َّ 306‬‬
‫ِ‬
‫كالنداء‬ ‫كـاؾ في التخيي ِر‬ ‫ِ‬
‫اقتضاء‬ ‫ِ‬
‫الخمسة في‬ ‫ٍ‬
‫حكم من‬ ‫‪307‬‬
‫ٍ‬
‫لحكم قد مضى‬ ‫األمر‬
‫يجعل َ‬‫َ‬ ‫أف‬ ‫الوضعي وىو ما اقتضى‬
‫ُّ‬ ‫‪ 308‬وبع َده‬
‫ب‬
‫أو مانعاً أو رخصةً أو يُجتنَ ْ‬ ‫سبب‬
‫‪ 309‬عبلمةً تجعلُو لو ْ‬
‫أو رخصةً أحكامها سليَمةْ‬ ‫عزيمةْ‬ ‫ِِ‬
‫‪ 310‬لكونو فاسداً او َ‬
‫حكم المباح قاؿ تخييراً بدا‬ ‫اآلمدي واحداً‬
‫ُّ‬ ‫‪ 311‬وزاد فيها‬

‫الحكم التكليفي‬
‫يكرهُ‬ ‫ِ‬
‫التحريم أو ما َ‬ ‫أدَّى إلى‬ ‫‪ 312‬وقد مضى تعري ُفو وأنَّوُ‬
‫الكراىوْ‬
‫َ‬ ‫س َم‬
‫والحنفي قَ َّ‬
‫ُّ‬ ‫واإلباحوْ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫واإليجاب‬ ‫ِ‬
‫والندب‬ ‫‪313‬‬
‫ِ‬
‫بالفرض‬ ‫وزاد حكماً سابعاً‬
‫َ‬ ‫‪ 314‬قسمين تنزيهاً وتحريماً رضي‬

‫الواجب‬
‫كصوـ في َزَم ْن‬ ‫ف حتما ٍ‬ ‫مكلَّ ٍ‬ ‫عل ِمن‬ ‫ِ ِ‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫طلب الشارِعُ فيو الف َ‬ ‫ما َ‬ ‫‪315‬‬
‫فاعلُوُ استَ َح َّق للث ِ‬
‫َّواب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والعقاب‬ ‫َّأما ِم َن الث ِ‬
‫َّواب‬ ‫‪316‬‬
‫س الطُبلَّبَا‬ ‫ِ‬ ‫َّارؾ العِقابا‬ ‫ويَ ْستَ ِح ُّق الت ُ‬
‫فافه ْموُ َك ْي تُػنَاف َ‬
‫َ‬ ‫‪317‬‬
‫اب‬ ‫ٍ‬
‫ثماف ْأو ُجو على أبْػ َو ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالخ ِ‬
‫طاب‬ ‫ويثبت الواجب ِ‬ ‫ُ‬ ‫‪318‬‬
‫ُ‬
‫بالزكاةِ‬ ‫بالصبلةِ‬
‫واألم ُر َّ‬
‫قامةً ْ‬ ‫إِ َ‬ ‫نحو األ َْم ِر َّ‬ ‫األ َْم ُر َ‬ ‫‪319‬‬
‫قاب إِ ْف لقيتُ ْم ظالِم‬ ‫الر ِ‬ ‫ضرب ِّ‬‫َ‬ ‫فعل كما‬ ‫ب َع ْن ٍ‬ ‫والمصد ِ‬
‫َّر النائ ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪320‬‬
‫مثالُو إنفا ُؽ ذي الوسعة ِم ْن‬ ‫ِ‬
‫مضارع ببلـ أم ٍر يَػ ْقتَر ْف‬ ‫‪321‬‬
‫كـا علي ُك ْم وذا في األمر لَ ْو‬ ‫َس َعتِ ِو‪ .‬كـاؾ باسم الفعل َم ْو‬ ‫‪322‬‬
‫مماَ‬ ‫يأمرُك ْم بأ ْف تؤدُّوا ِّ‬ ‫َّصريح باأل َْم ِر كما‬ ‫ِ‬
‫الـ َ‬ ‫سها الت ُ‬ ‫خام ُ‬ ‫‪323‬‬
‫الح ُّج لَ ْو)‬‫الصياـ) ثُ َّم ( َ‬ ‫ُ‬ ‫َكػ ( ُكتِب‬ ‫أساليب اللُّغَة‬
‫ِ‬ ‫ذاؾ ِم ْن‬
‫وغير َ‬
‫ُ‬ ‫‪324‬‬
‫ض ِ‬
‫حية‬ ‫الفعل كما األُ ْ‬ ‫لتا ِر ِؾ ِ‬ ‫وبع َدهُ التَّرتيب للعقوبةِ‬
‫ُ ُ َ‬ ‫‪325‬‬
‫الص ِ‬ ‫كالص ِ‬ ‫يح با ِإل ِ‬ ‫ِ‬
‫واب‬ ‫ياـ في َّ‬ ‫والفرض ِّ‬ ‫ِ‬ ‫يجاب‬ ‫والثام ُن التَّص ِر ُ‬ ‫‪326‬‬
‫ومطْلَ ٌق‪ ..‬فَ ُك ُّل َما‬ ‫ُم َؤقَّ ٌ‬ ‫ب قسمي ِن ُى َما‬ ‫ِ‬
‫ت ُ‬ ‫وقس َم الواج ُ‬ ‫ِّ‬ ‫‪327‬‬
‫مثل ِمنَى‬ ‫ت‪ُ ..‬‬ ‫لوقتِ ِو ُم َؤقَ ٌ‬ ‫طلَبوُ محتمػاً معيناً‬ ‫‪328‬‬
‫المطْلَ َقةْ‬‫مثل النُّ ُـوِر ُ‬ ‫فمطلَ ٌق ُ‬ ‫كل ما طلَبَوُ وأَطْلَ َق ْو‬ ‫و ُّ‬ ‫‪329‬‬
‫في غي ِر وقتِ ِو قبولَوُ َرأ َْوا‬ ‫فَحيثُما أدَّاهُ مطْلَقاً ول َْو‬ ‫‪330‬‬
‫أنواع لمن قد ارتضى‬
‫ستَّةَ ٍ‬ ‫ضى‬
‫ت ال ّـي َم َ‬ ‫الم َؤقَّ ُ‬
‫وج َعلُوا ُ‬ ‫َ‬ ‫‪331‬‬
‫مستغر ُؽ‬
‫َ‬ ‫ضا َف كلو‬‫َك َرَم َ‬ ‫مؤقت مضيَّ ُق‬ ‫فأوؿ ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫‪332‬‬
‫س ُع‬ ‫ِ‬
‫كالصلوات ال َخ ْم ِ‬ ‫وبع َدهُ ُم َؤقَّ ٌ‬
‫س فهي تَ َ‬ ‫ت ُم َو َّس ُع‬ ‫‪333‬‬
‫َّس ْع فرضاً ِسواهُ معوُ‬ ‫لم يػت ِ‬
‫َ‬ ‫ت المشتبوُ‬ ‫الم َؤقَّ ُ‬
‫والثالث ُ‬
‫ُ‬ ‫‪334‬‬
‫ووسعوُ‬
‫كالحج‪ ..‬فانظُْر ضي َقو َ‬
‫ِ‬ ‫جميعوُ‬
‫والوقت ما استغرقَوُ َ‬
‫ُ‬ ‫‪335‬‬
‫تنفيـهِ‬
‫وخـ ثبلثاً من لدف ِ‬ ‫َّبلث في توقيتِ ِو‬ ‫‪ 336‬فهـه الث ُ‬
‫فاح َـ ِر‬ ‫الم َق َّد ِر‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫َشرعاً لو فهو األداءُ‪ْ ..‬‬ ‫‪ 337‬فَفعلُوُ في وقتو ُ‬

‫والثاف أف يعي َده مستكمبل‬ ‫وشرطُو بأَ ْف يكو َف َّأوال‬ ‫‪338‬‬


‫فهم ْو‬ ‫ِِ‬
‫فاذكرْه يَ ْس ُه ْل ُ‬ ‫إعادةٌ‪ُ ..‬‬ ‫َ‬ ‫وإسموُ‬
‫لنَقصو في وقتو‪ُ ،‬‬ ‫‪339‬‬
‫مستدركاً وقد تمضَّى ظلُّوُ‬ ‫َ‬ ‫والثالث القضاءُ وىو فعلُوُ‬ ‫ُ‬ ‫‪340‬‬
‫هار‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫الم ْقدا ِر‬ ‫الواجب في ِ‬ ‫سم ِ‬
‫قسماف‪ :‬محدو ٌد كما الظ ُ‬ ‫ُ‬ ‫وقُ ِّ َ‬ ‫‪341‬‬
‫زير‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّع ُ‬
‫حداً لَوُ مثالُو التػ ْ‬ ‫شير‬
‫والثاف لم يحدَّد البَ ُ‬ ‫‪342‬‬
‫فاأل ََّو ُؿ‪ :‬العينِ ُّي‪ ..‬لم ي ِ‬
‫ساى ِل‬ ‫وقسموه باعتبا ِر ِ‬
‫الفاع ِل‬ ‫‪343‬‬
‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫َّ ُ ُ‬
‫والزكاة والوفَا‬‫ِ‬ ‫ياـ َّ‬ ‫الص ِ‬
‫مثل ِّ‬ ‫خلق ِو ُمكلَّ َفاً‬ ‫في فعلِ ِو ِمن ِ‬ ‫‪344‬‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫كفاى ْم م ْنوُ ذَا‬ ‫ب الكفايَِة ِّ‬ ‫ِ‬
‫ضهم ُ‬ ‫أتاهُ بع ُ‬ ‫الـي إذَا‬ ‫وواج ُ‬ ‫‪345‬‬
‫عين إذا تُػغََّزى الببلَ ُد‬ ‫لكنَّو ٌ‬ ‫بلـ والجها ْد‬ ‫الس ِ‬
‫مثالُوُ َر ُّد َّ‬ ‫‪346‬‬
‫عين ِ‬
‫عليو ثابِ ٌ‬ ‫ب ِس َواهُ‬
‫أداهُ‬‫ت َ‬ ‫ٌ‬ ‫َك َـا إِذَا لم يُستَػنَ ْ‬ ‫‪347‬‬
‫معيناً مخيراً في ذاتِِو‬ ‫وقسموهُ باعتبا ِر َذاتِِو‬ ‫َّ‬ ‫‪348‬‬
‫غصب كاف لَ ْو‬ ‫ٍ‬ ‫كرد‬
‫معين ِّ‬‫ٌ‬ ‫فكل ما طلبُوُ وعينَ ْو‬ ‫ُّ‬ ‫‪349‬‬
‫سرا‬‫فلَ ْم يُػ َعيِّن َعينَوُ ويَ َّ‬ ‫وخ َّيرا‬
‫‪ 350‬وم ْنوُ ما طلَبوُ َ‬
‫َسرى الدي ِن‬ ‫ِ‬
‫إطبلؽ أ ْ‬ ‫كـاؾ في‬ ‫َ‬ ‫كفارةِ اليَمي ِن‬
‫كالحكم في َ‬ ‫ِ‬ ‫‪351‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ 352‬وُك ُّل ما ل َْي ِ‬
‫إِالَّ بو فإنُّوُ لواج ُ‬
‫ب‬ ‫ب‬‫س يَت ُّم الواج ُ‬ ‫َ‬
‫المصلحة المرسلة‬
‫جزـ فمندوباً تراه ُجعبل‬ ‫ِ‬ ‫طلب الشارعُ فعلَو ببل‬
‫‪ 353‬ما َ‬
‫وال يُ َـ ُّـ تا ِر ٌؾ َ‬
‫أىملَوُ‬ ‫فاعل لَوُ‬
‫يحم ُد ٌ‬ ‫وقيل ما َ‬
‫ُ‬ ‫‪354‬‬
‫وليس يل َقى التَّا ِر ُؾ العِ َقابَا‬ ‫ويستحق ِ‬
‫الفاع ُل الثَّوابَا‬ ‫ُّ‬ ‫‪355‬‬
‫َ‬
‫َّرويح‬
‫ت في الت ِ‬ ‫كقولِ ِو َسنَػ ْن ُ‬ ‫ريح‬
‫بالص ِ‬
‫دوب َّ‬
‫الم ْن ُ‬
‫‪ 356‬ويَظ َْه ْر َ‬
‫كآية الديوف للتراحم‬ ‫ب غَْير الجازـ‬‫كـاؾ في الطَّلَ ِ‬
‫َ‬ ‫‪357‬‬
‫واب‬ ‫ص ِة في َّ‬
‫الص ِ‬ ‫كالر ْخ َ‬
‫الحكم ُّ‬‫ِ‬ ‫في‬ ‫ترتيب للعِ َق ِ‬
‫اب‬ ‫وحيث ال َ‬ ‫ُ‬ ‫‪358‬‬
‫ضلِ ِو تَرغيباً‬
‫مبيِّنا ل َف ْ‬ ‫‪ 359‬وكل ما طلبَوُ تحبيباً‬
‫وص ْحبِ ِو‬ ‫ٍ‬ ‫لِ َّ ِ‬ ‫ػدوب مأموراً بِ ِو‬
‫لشافعي وأحمد َ‬ ‫‪ 360‬واعتبِ َر الم ْن ُ‬
‫وأَنَّوُ في الدِّين يِطْلُبونَ ْو‬ ‫حيث طاعةً يَدعُونَ ْو‬‫وذاؾ ُ‬‫َ‬ ‫‪361‬‬
‫ٍ‬
‫وإيجاب بـا األ َْم ُر َجبل‬ ‫نَ ْد ٍ‬
‫ب‬ ‫‪ 362‬ودلَّلُوا بقسم ِػة األمػ ِر إلى‬
‫وجعلوا األمر مجازاً فادعُ لو‬ ‫‪ 363‬واختلف األحنػاؼ في ذي المسئلة‬
‫تاركو معاقباً مهاناً‬ ‫‪ 364‬لوكاف مأمورا بو لكانا‬
‫وكونو في (افعل) حقيق زاكي‬ ‫‪ 365‬وعللوا بسنة السواؾ‬
‫مؤكد‪ ..‬وغيره‪ ..‬وزائ ُد‬ ‫‪ 366‬والندب أنواع ثبلث توج ُد‬
‫العقاب‬
‫ُ‬ ‫التارؾ‬
‫وال يناؿ َ‬ ‫يثاب‬
‫‪ 367‬أولها فاعلو ُ‬
‫مفهوـ‬
‫ُ‬ ‫كسنة الفجر‪ ..‬وذا‬ ‫ملوـ‬
‫معاتب ُ‬
‫ٌ‬ ‫‪ 368‬لكنو‬
‫عتاب‬ ‫ِ‬
‫وليس في ىجرانو ُ‬ ‫ثواب‬
‫‪ 369‬والثاف في إتيانو ُ‬
‫ع فهو ٌّبر ووفا‬
‫يشر ْ‬
‫ولم َّ‬ ‫كل ما قد كاف فعل المصطفى‬
‫‪ 370‬و ُّ‬
‫كالنوـ والمشي على المسارعة‬ ‫يثاب إف نوى بو المتابعة‬
‫ُ‬ ‫‪371‬‬
‫حكاه االسفراني ليس ملزما‬ ‫المندوب تكليفاً وما‬
‫ُ‬ ‫يـ‬
‫‪ 372‬ولم ُ‬
‫روع فيو‪ ..‬فا ِإل ُ‬
‫ماـ‬ ‫الش ِ‬‫بع َد ُّ‬ ‫اإلتماـ‬
‫ُ‬ ‫واختلفوا َى ْل يَػلْزـ‬ ‫‪373‬‬
‫ضى‬
‫ترؾ الـي نَ ْدباً َم َ‬ ‫ال إثْم في ِ‬ ‫ضا‬
‫قاؿ ال وال قَ َ‬ ‫افعي َ‬‫الش ُّ‬ ‫َّ‬ ‫‪374‬‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫لواجب فَ َم ْو‬ ‫وليس إسقاطاً‬ ‫َ‬ ‫وقاؿ إنَّوُ أداءُ نافِلَ ْو‬
‫َ‬ ‫‪375‬‬
‫ت باإلنفاؽِ‬ ‫أ َِع ْد إذا َش َر ْع َ‬ ‫الصوَـ كا ِإل ِ‬
‫نفاؽ‬ ‫إف َّ ْ‬ ‫وقاؿ َّ‬
‫َ‬ ‫‪376‬‬
‫شأْ فلينتَ ِو‬
‫صاـ أو يَ َ‬
‫شاء َ‬ ‫إ ْف َ‬ ‫نفس ِو‬
‫نصهم أمير ِ‬
‫ُ‬ ‫كـاؾ ُّ‬
‫َ‬ ‫‪377‬‬
‫تبطلُوا أعمالَ ُك ْم في َش ْرِعنا‬ ‫ال ِ‬ ‫قوؿ ربِّنا‬
‫األحناؼ ُ‬‫ِ‬ ‫وح َّجةُ‬
‫ُ‬ ‫‪378‬‬
‫فلنلتَ ِزْـ َ‬
‫قضاءهُ إ ْف فاتَنا‬ ‫المندوب َح ُّق ربِّنا‬
‫ُ‬ ‫‪ 379‬وإنَّما‬
‫ح الظُّهوِر‬ ‫ِ‬ ‫بالم ْن ُدوِر‬
‫وى ٌن واض ُ‬
‫وذاؾ ْ‬
‫َ‬ ‫قاسوهُ َ‬
‫هم ُ‬‫‪ 380‬واَنَّ ْ‬
‫صهم في ِ‬
‫الباب أقْوى َمغْلَبَ ْة‬ ‫ونَ ُّ‬ ‫لؤلولين الغَلَبَ ْة‬
‫َ‬ ‫وظاىر‬
‫ٌ‬ ‫‪381‬‬
‫ص ِحبَا‬
‫والندب بال ُك ِّل ُوجوباً َ‬
‫ُ‬ ‫خادـ لما قَ ْد َو َجبَا‬‫َّدب ٌ‬ ‫‪ 382‬والن ُ‬
‫الحراـ‬
‫اإللزاـ ِحرمةً َجبل‬ ‫ِ‬ ‫وجو ِم َن‬
‫ٍ‬ ‫طلب َّ‬
‫الشارعُ ترَكوُ على‬ ‫ما َ‬ ‫‪383‬‬
‫يثاب تا ِرُك ْو‬ ‫ِ‬ ‫وقيل ما ي َـ ُّـ شرعاً ِ‬
‫وزيَد فيو ما ُ‬ ‫فاعلُ ْو‬ ‫َ ُ‬ ‫‪384‬‬
‫وح‬
‫ت َعدا المـْبُ ِ‬ ‫ِ‬
‫كحرمة الم ْي ِ‬ ‫بالصريح‬
‫ِ‬ ‫التحريم‬ ‫ويثبت‬
‫ُ‬ ‫‪385‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫وطلب اجتنابِو كػ(اجتنِبُوا)‬ ‫ُ‬ ‫سوا)‬
‫سُ‬ ‫َّهي (وال تَ َج َّ‬
‫وصيغَةُ النػ ْ‬ ‫‪386‬‬
‫مرء ُم ِ‬
‫سلم)‬ ‫ماؿ ٍ‬ ‫ؾ(ال يَ ِح ْل ُ‬ ‫يحل ِ‬
‫فاعلم‬ ‫ظ ال ُّ‬ ‫كـاؾ لف ُ‬ ‫َ‬ ‫‪387‬‬
‫الوىاب‬
‫ُ‬ ‫سيغضب‬
‫ُ‬ ‫عليو‪،‬أي‬ ‫العقاب‬
‫ُ‬ ‫ترتب‬
‫كـاؾ ما َ‬ ‫َ‬ ‫‪388‬‬
‫اهلل لعن ِ‬
‫اهلل‬ ‫كـاؾ حرب ِ‬ ‫َ‬ ‫ومقت ِ‬
‫اهلل‬ ‫اهلل ِ‬ ‫كغضب ِ‬
‫ِ‬ ‫‪389‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫مكلف‪ ،‬فإ ْف أتاهُ ُخ ِـال‬ ‫ٍ‬ ‫وجوب تركِ ِو على‬
‫ُ‬ ‫وحكمو‬
‫ُ‬ ‫‪390‬‬
‫واء‬ ‫ِِ‬
‫محرماً لـاتو َس ً‬ ‫ابتداء‬
‫ً‬ ‫وجعلُوا ما ُح ِّرَـ‬
‫‪َ 391‬‬
‫ِّما‬
‫رب الد َ‬ ‫كالخم ِر والميس ِر أو َش ِ‬ ‫نفس ِو أو غيِ ِره َّ‬
‫محرماً‬ ‫‪ 392‬مع ِ‬
‫َْ‬
‫فاح ُك ْم ِبو لغيرهِ ُم َح َّرَما‬ ‫ثم ح ِرما‬ ‫ِع َ‬‫وكل ما ُشر َ‬ ‫‪393‬‬
‫كالصوـ يوـ ِ‬
‫الزكاة‬‫وب ك َـا َّ‬ ‫ص ٍ‬ ‫بِ ُك ِّل َمغْ ُ‬ ‫والصبلة‬
‫العيد َّ‬ ‫َّ َ‬ ‫‪394‬‬
‫ٍَّ‬ ‫ْم َع ْق ِدىم على‬ ‫واختلفوا في ُحك ِ‬
‫فقيل‪ :‬ال‬‫محرـ لغي ِره‪َ ،‬‬ ‫‪395‬‬
‫َخ َـا‬
‫الجميع أ َ‬
‫ُ‬ ‫للشافِعي ِبو‬ ‫َّ‬ ‫وباطل و َذا‬
‫ٌ‬
‫فر َؽ‪ِ ،‬‬
‫ففاس ٌد‬ ‫‪396‬‬
‫ت فاسدةً ال ِ‬
‫باطلَة‬ ‫فجعِلَ ْ‬ ‫ناؼ ىـي المسألَةْ‬ ‫األح ُ‬
‫ُ‬ ‫ص َل ْ‬ ‫وفَ َّ‬ ‫‪397‬‬
‫ِ‬
‫الحراـ والزنا‬ ‫ِ‬
‫والقتل‬ ‫كالخم ِر‬ ‫الحراـ ما قد عُيِّنا‬ ‫ِ‬ ‫وغالب‬
‫ُ‬ ‫‪398‬‬
‫حريم ِو‬
‫البعض من ِ‬ ‫ِ‬ ‫مثل ِ‬
‫طبلؽ‬ ‫وربما ُخيِّر في تحريِ ِم ِو‬ ‫‪399‬‬
‫يجم َعا‬
‫كـاؾ َّأماً وابنةً أف َ‬ ‫زواج االختين معاً‬
‫كـاؾ في ِ‬
‫َ‬ ‫‪400‬‬
‫النقيض‬
‫ُ‬ ‫الواجب‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الحراـ‬ ‫وفي‬ ‫النقيض‬
‫ُ‬ ‫يحرـ‬ ‫ِ‬
‫الوجوب ُ‬ ‫‪ 401‬وفي‬

‫المكروه‬
‫جزـ فـا المكروهُ شرعاً ُجعِبل‬ ‫طلب الشارعُ ترَكوُ ببل‬
‫‪ 402‬ما َ‬
‫فاعل يفعلُو‬
‫وال يُ َـ ُّـ ٌ‬ ‫تارؾ لَوُ‬
‫يمدح ٌ‬
‫وقيل ما ُ‬
‫َ‬ ‫‪403‬‬
‫التسريح‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحبلؿ في‬ ‫ِ‬
‫كأبغض‬ ‫َّصريح‬
‫ويثبت المكروهُ بالت ِ‬
‫ُ‬ ‫‪404‬‬
‫المراد ُك ْرُىو‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ودؿ أنَّما‬ ‫ب ِم ْن َ‬
‫ـ ترُكوُ‬
‫‪ 405‬و ُّ ِ‬
‫كل ما طُل َ‬
‫ٍ‬
‫كالسؤاؿ عن أموٍر تأتي‬ ‫و‬ ‫‪ 406‬كالبي ٍع عند ساعة الصبلةٍ‬
‫العـابَا‬
‫الفاعل َ‬
‫ُ‬ ‫وليس يلقى‬
‫َ‬ ‫التارؾ الثَّوابا‬ ‫ُّ‬
‫ويستحق ُ‬ ‫‪407‬‬
‫مأمور بو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والحق في المكروهِ أنَّوُ نُهي‬
‫ُّ‬
‫فالترؾ ٌ‬
‫ُ‬ ‫عن فعلو‬ ‫‪408‬‬
‫كليف‬
‫بل تَ ُ‬‫قاؿ‪ْ :‬‬
‫واالسفراني َ‬ ‫تكليف‬
‫ُ‬ ‫ليس ِبو‬ ‫ُّ‬
‫والحق أف َ‬ ‫‪409‬‬
‫ذي ٍ‬
‫حرمة منو وذي تنزيو‬ ‫األحناؼ في المكروه‪:‬‬
‫ُ‬ ‫وفر َؽ‬
‫‪َّ 410‬‬
‫بالظن‪ ..‬تحريما فَػ ُهو‬
‫تركاً‪.‬وذا ِّ‬ ‫طلب الشارعُ جازماً لَوُ‬
‫‪ 411‬ما َ‬
‫ب‬‫وج ْ‬
‫فـلـ المكروهُ تحريما َ‬ ‫لبس الحري ِر والـىب‬
‫‪ 412‬مثالو ُ‬
‫ٍ‬
‫جزـ‪ ..‬فـا المكروهُ تنزيهاً َجبل‬ ‫طلب ترَكو ببل‬
‫‪ 413‬وكل ما َ‬
‫مفهوـ‬
‫ُ‬ ‫خصص ذا‬‫فحيث قد َّ‬ ‫تقسيم‬
‫ُ‬ ‫‪ 414‬والشافعية لهم‬
‫خبلؼ أولى اجعلْو في التخصيص‬ ‫ِ‬
‫تخصيص‬ ‫النهي ببل‬
‫يـ ُ‬ ‫‪ 415‬وإف ُ‬

‫المباح‬
‫يعرؼ‬ ‫ِ‬
‫والترؾ مباحاً ُ‬ ‫في ِ‬
‫الفعل‬ ‫المكلف‬
‫ُ‬ ‫‪ 416‬وكل ما قػد ُخيِّػ َر‬
‫يجانف‬
‫ُ‬ ‫يــ من‬
‫لو‪ ،‬وال ُّ‬ ‫يمدح المفار ُؽ‬
‫ػل ما ال ُ‬ ‫‪ 417‬وقي َ‬
‫كافعل إذا شئت فقد أُبيحا‬ ‫نص بو صريحػاً‬
‫‪ 418‬وحيث ما َّ‬
‫ونحوه (ال إثم) قد أباحا‬ ‫‪ 419‬كـاؾ حيث قاؿ ال جناحا‬
‫تبيحو كاألكل أو كالزينَ ْة‬ ‫‪ 420‬واألمر إف ترد بو قرينَ ْة‬
‫الحل حيث قصدا‬ ‫ِ‬
‫كالصيد بعد ِّ‬ ‫‪ 421‬واألمر بعد حظ ِرهِ إف َوَردا‬
‫حل لكم كـا ا ِإل َما‬ ‫طعامهم ُّ‬
‫ُ‬ ‫صراحاً مثلَما‬
‫بالحل ُ‬
‫ِّ‬ ‫والنص‬
‫ُّ‬ ‫‪422‬‬
‫نص بها صراحاً‬ ‫ما لم يرد ٌّ‬ ‫‪ 423‬واألصل في األشياء أف تباحا‬
‫منَّا ولم يَ ِر ْد َك َـا اقترابُ ْو‬ ‫طلب اجتنػابُ ْو‬
‫‪ 424‬وح ُكمو لم يُ ْ‬
‫المباح طاعةٌ ِ‬
‫هلل‬ ‫ِ‬ ‫ِم َن‬ ‫كل ما قص ْدتَوُ ِ‬
‫هلل‬ ‫‪ 425‬و ُّ‬
‫بي في ترتيبِ ِو‬ ‫وخالف ال َك ْع ُّ‬ ‫الحق مأموراً ِبو‬‫َم ي ُك ْن في ِّ‬ ‫‪ 426‬ول ْ‬
‫ال ضر في إتيانها وتركها‬ ‫‪ 427‬أقسامو ثبلثة أولها‬
‫ِ‬
‫والشراب‬ ‫والصباغ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والصيد‬ ‫واللباس والثي ِ‬
‫ػاب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كاألكل‬ ‫‪428‬‬
‫َّم‬ ‫ِ‬
‫وضره محق ٌق محت ُ‬
‫ُّ‬ ‫محرـ‬
‫‪ 429‬والثاف ما في أصلو ُ‬
‫المشهورْة‬ ‫ِ‬
‫األمثلة‬ ‫وذاؾ في‬ ‫للضرورْة‬ ‫ُبيح‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪ 430‬لكنو أ َ‬
‫الجاىلي دينا‬
‫ِّ‬ ‫ما كاف عند‬ ‫المعفو عنو دينا‬
‫ُّ‬ ‫والثالث‬
‫ُ‬ ‫‪431‬‬
‫الطعاـ‬ ‫في ٍ‬
‫واحد مثالُوُ‬ ‫األحكاـ‬ ‫تجتمع‬ ‫‪ 432‬وربما‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫الحكم الوضعي‬
‫يراد‬
‫ط إذ ُ‬ ‫والترؾ واإلسقا ُ‬
‫ُ‬ ‫اإليبلد‬
‫ُ‬ ‫‪ 433‬تعريفو في اللغة‬
‫تعلقت بجعل شيء ما ىنا‬ ‫‪ 434‬وىو اصطبلحا كلمات ربنا‬
‫ب‬ ‫ِ‬ ‫‪ 435‬شرطاً ٍ‬
‫أو مانعاً أو فاسداً فليجتن ْ‬ ‫سبب‬
‫لفعل أوصحيحاً أو ْ‬
‫القويمةْ‬
‫َ‬ ‫فسر على طريقتي‬ ‫عزيمةْ‬
‫‪ 436‬أو رخصةً في الشيء أو َ‬
‫ٍ‬
‫تكليف لخمسة بو‬ ‫ِ‬
‫بحكم‬ ‫الوضعي في ِ‬
‫ارتباط ِو‬ ‫ُّ‬ ‫‪ 437‬ويقسم‬
‫أو رخصةٌ سميحة كريمة‬ ‫والسبب والعزيمة‬
‫ُ‬ ‫ط‬
‫‪ 438‬الشر ُ‬
‫صريح‬
‫ُ‬ ‫باطل‬
‫أو فاس ٌد أو ٌ‬ ‫والصحيح‬
‫ُ‬ ‫المانع‬
‫ُ‬ ‫والرابع‬
‫ُ‬ ‫‪439‬‬

‫السبب‬
‫دليل سم ِع واشتُ ِر ْط‬ ‫َّ‬
‫دؿ لَوُ ُ‬ ‫ط‬
‫الجلي المنضب ْ‬
‫ُّ‬ ‫الوصف‬
‫ُ‬ ‫ب‬
‫والسبَ ُ‬
‫َّ‬ ‫‪440‬‬
‫شرعي َك َفى‬
‫ٍّ‬ ‫حكم‬
‫للحكم وىو ُ‬ ‫ِ‬ ‫معرفاً‬ ‫ِ‬
‫الدليل كونُو ِّ‬ ‫‪ 441‬لَدى‬
‫ال بُ َّد موجود كما قد ىـبوا‬ ‫ب‬
‫يوج ُد فالمسبَّ ُ‬
‫‪ 442‬وحينَما َ‬
‫ال بُ َّد َم ْع ٌ‬
‫دوـ كما قَ ْد َكتَبُوا‬ ‫ب‬
‫‪ 443‬وحيثما يُع َد ُـ فالمسبَّ ُ‬
‫وجبَا‬
‫فالحد بو َ‬‫ُّ‬ ‫في ِّ‬
‫الحد‬ ‫سبَّبا‬
‫الزنَا تَ َ‬ ‫‪ 444‬مثالُو أ َّ‬
‫َف ِّ‬
‫فالوقتي للجمي ِع‬
‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫قسماف‪:‬‬ ‫الموضوع‬
‫ِ‬ ‫أقساموُ من جهة‬ ‫‪445‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫بالهبلؿ‬ ‫ولصياـ الشه ِر‬ ‫‪ 446‬مثالُوُ الظهر لدى ِ‬
‫الزواؿ‬ ‫ُ‬
‫القمار‬
‫ُ‬ ‫ب تحريماً كـا‬
‫سبَّ َ‬ ‫اإلسكار‬
‫ُ‬ ‫والمعنوي مثالُوُ‬
‫ْ‬ ‫‪447‬‬
‫قسماف فافهمها لدي تكتفي‬ ‫‪ 448‬أقسامو من جهة المكلف‬
‫لآلخرْة‬
‫َ‬ ‫خ ْـ‬ ‫ِ‬
‫والقتل ف ُ‬ ‫كالبي ِع‬ ‫المقدرْة‬
‫َ‬ ‫ْت فيو‬
‫‪ 449‬أولها ملك َ‬
‫مأمور بِ ِو‬
‫النكاح ٌ‬
‫ُ‬ ‫مثالو‬ ‫‪ 450‬وربما يكوف مأموراً بِ ِو‬
‫القاطع‬ ‫ِ‬
‫كالسرقات وكـاؾ‬ ‫نهاؾ عنو الشارعُ‬ ‫‪ 451‬وربما َ‬
‫ُ‬
‫الصحيح‬
‫ِ‬ ‫يحل أكلُوُ على‬
‫ُّ‬ ‫كالـبيح‬
‫ِ‬ ‫يباح‬
‫‪ 452‬وربما ُ‬
‫مثل الزواؿ في الصبلة الحاضرْة‬ ‫‪ 453‬والثاف ليس في يديـ المقدرْة‬
‫ات‬
‫لغيرىا‪ ..‬أي المسبَّبَ ُ‬ ‫مقصودات‬
‫ُ‬ ‫األسباب‬
‫ُ‬ ‫‪ 454‬وإنما‬
‫ٍ‬
‫مصلحة وإف يكن فيو ببل‬ ‫والسبب المشروعُ ما أدى إلى‬ ‫‪455‬‬
‫ُ‬
‫فربَّما أدى إلى ِ‬
‫إتبلؼ‬ ‫ػاد فػي الفيػافي‬
‫‪ 456‬مثالػو الجه ُ‬
‫مفسدةٍ مثل تبنِّي من خبل‬ ‫‪ 457‬وغير مشروع كما أدى إلى‬
‫الحكم قسمين على تحري ِرهِ‬
‫ِ‬ ‫في‬ ‫‪ 458‬ويقسم السبػب في تأثي ِرهِ‬
‫ُ‬
‫التحريم فهو العلَّةْ‬
‫ِ‬ ‫كالسك ِر في‬ ‫‪ 459‬مؤثّػ ٌر وذاؾ يدعى العلَّةْ‬
‫ِ‬
‫لحكم ذي‬ ‫ِ‬
‫كالوقت ليس علةً‬ ‫‪ 460‬وغير ما أثَّر وىو الـي‬
‫فامح الريبا‬
‫فإنو قسماف ْ‬ ‫نوع ما تسبَّبا‬
‫‪ 461‬وباعتبار ِ‬
‫القم ْر‬
‫ىل َ‬ ‫مثالو الصوـ إذا َّ‬ ‫ظه ْر‬
‫‪ 462‬أولها لحكم تكليف َ‬
‫ِ‬
‫كالعتق والبي ِع كـا الزوجيَّة‬ ‫للحل أو الملكيّة‬ ‫ِ‬
‫والثاف ِّ‬ ‫‪463‬‬
‫أقساموُ ثبلثَ ْة‬
‫ُ‬ ‫بينهما‬ ‫‪ 464‬وباعتبار مصدر العبلقَ ْة‬
‫شرع كالصبلة والزَكا‬ ‫من حكم ٍ‬ ‫‪ 465‬أولها الشرعي وىو ما زكى‬
‫ِ‬
‫كالنقيض‬ ‫حكم ٍ‬
‫عقل‬ ‫عن ِ‬ ‫العقلي وىو ما نَػتَ ْج‬
‫ُّ‬ ‫‪ 466‬وبعدىا‬
‫المح ْجأو عادةٌ ببل مرا‬‫في ٌ‬
‫عرؼ بوَ‬ ‫‪ 467‬والثالث العادي وىو ما جرى‬
‫حتماً لو الوجود للمسبَّ ِ‬
‫ب‬ ‫ِ‬
‫السبب‬ ‫‪ 468‬والزـ عند وجود‬
‫حتماً لو الزواؿ للمسبَّ ِ‬
‫ب‬ ‫ِ‬
‫السبب‬ ‫والزـ عند انعػداـ‬
‫ٌ‬ ‫‪469‬‬

‫الشرط‬
‫ِ‬
‫للوجود‬ ‫للحكم شرعاً منو‬ ‫ِ‬
‫بالوجود‬ ‫‪ 470‬والشرط ما الوقوؼ‬
‫عدـ‬ ‫ٍ‬
‫لحكم ُ‬ ‫من ِ‬
‫عدـ الشرط‬ ‫ػزـ‬
‫‪ 471‬وكاف عنو خارجػاً ويل ُ‬
‫مختلف فافهمو وافهم فَػنَّوُ‬
‫ُ‬ ‫وإنو كالركن إال أنوُ‬ ‫‪472‬‬
‫داخل الماىيَّ ْة‬
‫َ‬ ‫جاء‬
‫كن َ‬ ‫والر ُ‬ ‫خارج الماىيَّ ْة‬
‫جاء َ‬ ‫ط َ‬ ‫فالشر ُ‬ ‫‪473‬‬
‫كـلـ السبب في ِ‬
‫عدم ِو‬ ‫ويلزـ العدـ من ِ‬
‫عدم ِو‬ ‫‪474‬‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وجود حكم‪ .‬فتعلَّ ْم واستط ْ‬
‫ب‬ ‫ُ‬ ‫ب‬ ‫أما إذا وج َد شرط لم يَج ْ‬ ‫‪475‬‬
‫ِ‬
‫احتياط ِو‬ ‫ٍ‬
‫بسبب نوعين في‬ ‫ط لدى ِ‬
‫ارتباط ِو‬ ‫ويقس ُم الشر ُ‬ ‫‪476‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫فانجب‬ ‫ِ‬
‫النصاب‬ ‫مكمل‬ ‫فالحوؿ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫للسبب‬ ‫جاء مكمبلً‬ ‫فحيث َ‬ ‫‪477‬‬
‫ُ‬
‫كالستر مكمبلً بلوغاً للصبي‬ ‫ِ‬
‫المسبب‬ ‫مكمل‬
‫ُ‬ ‫‪ 478‬وقد يجيءُ‬
‫ِ‬
‫الرتباط ِو‬ ‫نوعاف‪ .‬فالشرعي‬ ‫ِ‬
‫اشتراط ِو‬ ‫‪ 479‬وباعتبار جهة‬
‫ِ‬
‫والصياـ‬ ‫وسائر الحدود‬ ‫ِ‬
‫كاألحكاـ‬ ‫بالشارع العل ِي‬
‫ِ‬ ‫‪480‬‬
‫من المكلف الـي لو اشتُ ِر ْط‬ ‫لي وىو ما اشتُ ِر ْط‬‫الج ْع ّ‬
‫‪ 481‬وبعده َ‬
‫والبيع في استبلمو ونقلِ ِو‬ ‫تقديم ِو في فعلِ ِو‬
‫‪ 482‬كالمه ِر في ِ‬
‫مثل البيع حيث أطلقا‬
‫للشرع َ‬
‫ِ‬ ‫‪ 483‬وشرطو إف جاء أف يوافقا‬
‫بكل مشروط ثبلث َعدُّه‬ ‫‪ 484‬وباعتبار نوع ما يربطو‬
‫شرط الصبلة بعد ما ِ‬
‫طروء‬ ‫ِ‬
‫كالوضوء‬ ‫الشرعي‬
‫ُّ‬ ‫‪ 485‬أولها‬
‫ِ‬
‫كالفهم في تكليفنا‬ ‫نتاجوُ‬
‫ُ‬ ‫العقلي من عقولنا‬
‫ُّ‬ ‫‪ 486‬وبعده‬
‫عن عادة كالنا ِر تكوي من َول ْ‬
‫َج‬ ‫العادي وىو ما نَػتَ ْج‬
‫ُّ‬ ‫‪ 487‬ثالثها‬
‫مع فقده ِ‬
‫لشرط ِو؟ ٌ‬
‫خلف نُ ِم ْي‬ ‫ِ‬
‫بالحكم‬ ‫‪ 488‬فهل يُرى تكلي ُفوُ‬
‫بالفرع من تشريعِنا‪ ..‬فاحتاروا‬
‫ِ‬ ‫الكفار‬
‫ُ‬ ‫خوطب‬
‫َ‬ ‫‪ 489‬مثالو ىل‬
‫ِ‬
‫تخفيف‬ ‫والشرط لم يحصل ببل‬ ‫ِ‬
‫للتكليف‬ ‫‪ 490‬فقيل بالصحة‬
‫تعنيف ِو‬
‫فرض‪ ..‬ثم في ِ‬‫بكل ٍ‬ ‫تكليف ِو‬
‫بالجنب في ِ‬‫ِ‬ ‫‪ 491‬قاسوه‬
‫حاؿ ِ‬
‫كفرى ِم‬ ‫ْأمر الصبلةِ رغم ِ‬ ‫‪ 492‬في الـكر للكفار عند تركهم‬
‫َ‬
‫لسائر الكفار إيماناً لهم‬ ‫‪ 493‬وخالف األحناؼ في اشتراطهم‬
‫َّح‬
‫منم ٌق موض ُ‬
‫دليلهم ّ‬ ‫أرجح‬
‫‪ 494‬وما رآه األولوف ُ‬
‫المانع‬
‫حيث يختلِ ْ‬
‫ط‬ ‫ِ‬
‫الميراث ُ‬ ‫ِ‬
‫كالقتل في‬ ‫الجلي المنضبِ ْ‬
‫ط‬ ‫ُّ‬ ‫الوصف‬
‫ُ‬ ‫والمانع‬
‫ُ‬ ‫‪495‬‬
‫مستفيدهِ‬
‫ِ‬ ‫لكل‬ ‫ِ‬
‫أفت بو ِّ‬ ‫وجودهِ‬
‫ويلزـ العدـ من ِ‬ ‫‪496‬‬
‫ُ ُ‬
‫وال وجودٌ‪ ..‬فتعلم ال تُػنَ ْم‬ ‫عدـ لو َع َد ْـ‬ ‫يجب من ٍ‬‫ولم ْ‬ ‫‪497‬‬
‫عليهما قسمين في تحري ِرهِ‬ ‫ويقسم المانع في تأثي ِرهِ‬ ‫‪498‬‬
‫ِ‬
‫المحيض‬ ‫كالترؾ للصبلة في‬ ‫ِ‬
‫النقيض‬ ‫‪ 499‬أولها لحكمة‬
‫ِ‬
‫الظريف‬ ‫مثل المثاؿ السابق‬ ‫ِ‬
‫بالتكليف‬ ‫‪ 500‬فربما اجتمع‬
‫فابق مسلما‬
‫في النوـ والجنوف‪َ ..‬‬ ‫‪ 501‬وربما لم يجتمع بو كما‬
‫السقيم‬
‫ُ‬ ‫مخيَّراً‪ ..‬مثالُوُ‬ ‫اللزوـ‬
‫ُ‬ ‫ينقلب‬
‫ُ‬ ‫‪ 502‬وربما‬
‫السبب‬ ‫أبطل‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫فالدين في الزكاة َ‬ ‫ُ‬ ‫السبب‬
‫ْ‬ ‫‪ 503‬والثاف ما أخل حكمةَ‬
‫لدي سامعا‬‫لخمسة فكن َّ‬ ‫ٍ‬ ‫قس َم الموانعا‬
‫والحنفي َّ‬
‫ُّ‬ ‫‪504‬‬
‫ِ‬
‫كإفتاء الصبي‬ ‫حر أو‬‫كبي ِع ٍّ‬ ‫أي ِ‬
‫سبب‬ ‫انعقاد ِّ‬ ‫ما يمنع‬ ‫‪505‬‬
‫َ‬
‫غير مالِ ِو‬ ‫ِ‬ ‫والثاف ما يمنع من ِ‬
‫تمام ِو‬ ‫ِ‬
‫كبي ِع ذي الفضوؿ َ‬ ‫ُ‬ ‫‪506‬‬
‫ِ‬
‫الشرط للمسلَّ ِم‬ ‫مثل خيا ِر‬ ‫ِ‬
‫الحكم‬ ‫بدء‬
‫َ‬ ‫يمنع َ‬
‫ثالثها ُ‬ ‫‪507‬‬
‫مثل خيا ِر العي ِن في ِ‬
‫إلماموِ‬ ‫رابعها يمنع من ِ‬
‫تمام ِو‬ ‫‪508‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫العيب في ِ‬
‫لزوموِ‬ ‫مثل خيا ِر ِ‬ ‫والخامس المانع من ِ‬
‫لزوم ِو‬ ‫‪509‬‬
‫ُ‬
‫الصحيح وغير الصحيح‬
‫ب الثمرةِ المطلوبَ ْة‬ ‫ترتُّ ُ‬ ‫الصحيح دو َف ريبَ ْة‬
‫َ‬ ‫‪ 510‬وعرفوا‬
‫وأوجبت‬
‫ْ‬ ‫آثاره ِ‬
‫كاملَةً‬ ‫ترتبت‬
‫عليو منو أي ْ‬‫‪ 511‬شرعاً ِ‬
‫ُُ‬
‫فافهم لهـا عنَدهُ‬
‫ْ‬ ‫آثارهُ‬
‫ُ‬ ‫‪ 512‬وغيره ما لم ترتَّ ْ‬
‫ب بع َدهُ‬
‫لكلِّهم‪ ..‬والحنفي قائل‬ ‫‪ 513‬فما مضى يقاؿ عنو الباطل‬
‫يمي ِز الجمهور في ِ‬
‫تعريف ِه ْم‬ ‫الفساد بطبلناً‪ ،‬ولػم‬
‫ُ‬ ‫يغاير‬ ‫‪514‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫العزيمة والرخصة‬
‫ِ‬
‫األحكاـ‬ ‫جميعِهم بدءاً من‬ ‫شرع ِ‬
‫لؤلناـ‬ ‫ِ‬
‫األصل ما َ‬ ‫‪ 515‬في‬
‫رخصةٌ معيَّػنَ ْة‬
‫وما سواه َ‬ ‫‪ 516‬فإنو عزيػمةٌ مبيَّػنَ ْة‬
‫والتنصيص‬ ‫األصل‬ ‫عليو فهو‬ ‫الترخيص‬ ‫‪ 517‬وطالػما لم يطرأِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أربعةٌ تظهر باطِّ ِ‬
‫بلع‬ ‫األنواع‬
‫ِ‬ ‫‪ 518‬وفي العزيمة من‬
‫من أوؿ األمر لكل متَّبِ ْع‬ ‫ع‬
‫فاألوؿ الغالب وىو ما ُش ِر ْ‬ ‫‪519‬‬
‫ِ‬
‫التناوء‬ ‫سب أولي‬ ‫كالنه ِي عن ِّ‬ ‫والثاف ما شرع للطَّ ِ‬
‫وارىء‬ ‫‪520‬‬
‫العزـ‪..‬على ىـا اتَػ َفق‬ ‫فالن ِ‬ ‫َّاسخ للَّـي َسبَ ْق‬
‫خ ُ‬ ‫َّاس ُ‬ ‫والثالث الن ُ‬
‫ُ‬ ‫‪521‬‬
‫واج ما عُلِ ْم‬ ‫كقولِ ِو لدى َّ‬
‫الز ِ‬ ‫رابِعُها استثني ِم َّما قَ ْد ُحكِ ْم‬ ‫‪522‬‬
‫َحبلَّ‬ ‫ساء إالَّ‬‫ػات ِمن نِ ٍ‬
‫ت أيمانُكم) أ َ‬‫ما مل َك ْ‬ ‫(والمحػصن ُ َ‬ ‫‪523‬‬
‫أصل ٍ‬
‫لدليل ُس ْقتَوُ‬ ‫خبلؼ ٍ‬ ‫ْم الـي أثبتَّوُ‬ ‫والر ْخصةُ الحك ُ‬
‫ُّ‬ ‫‪524‬‬
‫فـ ْي‬ ‫ياسر ِ‬ ‫ِ‬ ‫مبيح كالَّـي‬
‫بن َ‬ ‫ار ُ‬ ‫عم ُ‬
‫أتاهُ َّ‬ ‫عـر ٌ‬
‫سبَّبَوُ ٌ‬ ‫‪525‬‬
‫اله َو ْى‬ ‫مات ِ‬ ‫المحر ِ‬ ‫األحكاـ ُكلَّها ِس َو ْى‬
‫فاترؾ َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫حكم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫مل‬
‫ش ُ‬‫وت َ‬ ‫‪526‬‬
‫بـاؾ قَد أقَػ ُّروا‬ ‫ٍ‬
‫لميتة َ‬ ‫ضطَُّر‬ ‫األكل لِ َم ْن يُ ْ‬
‫ُ‬ ‫فالواجب‬
‫ُ‬ ‫‪527‬‬
‫ثم المباح والطبيب ِ‬
‫ناظ ُر‬ ‫ِ‬
‫َّدب كالقص ِر لمن يُساف ُر‬
‫ُ‬ ‫َّ ُ ُ‬ ‫والن ُ‬ ‫‪528‬‬
‫ظاىراً إ ْف أ ُْرِغما‬ ‫فيو ِ‬ ‫ي ْك ُفر ِ‬ ‫والرابع المكروهُ كالنُّط ِْق بِما‬
‫ُ‬ ‫‪529‬‬
‫ُج ِمبل‬ ‫ٍ‬
‫فافه ْم لما قد أ ْ‬ ‫أ َْربعة َ‬ ‫الرخصةُ أنواعاً على‬
‫‪ 530‬وتُ ْج َع ُل ُّ‬
‫َم يَحيفا‬ ‫ِ ِ‬
‫عن العباد ثُ َّم ل ْ‬ ‫ط التكليفا‬ ‫أس َق َ‬ ‫َّأولُها ما ْ‬ ‫‪531‬‬
‫كاأل ْك ِل للميتَ ِة إف تحتَّما‬ ‫محرما‬
‫أصلو َّ‬ ‫عن كونِو في ِ‬
‫ْ‬ ‫‪532‬‬
‫أِ‬
‫ُرغ َم أ ْف يك ُف َر فلي ْقتَل إِذاً‬ ‫ورجحوا األّ ْخ َـ بها إالَّ إذا‬ ‫َّ‬ ‫‪533‬‬
‫صراحاً‬ ‫مع ِ‬
‫قياـ َسبَ ٍ‬ ‫ِ‬
‫ب ُ‬ ‫والثاف ما َج َعلَوُ ُمباحاً‬ ‫‪534‬‬
‫كالفطْر في سف ِرهِ في ِ‬
‫يوم ِو‬ ‫ِ‬ ‫لحكم ِو‬
‫ِ‬ ‫موجب‬ ‫مع التَّراخي‬ ‫‪535‬‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫عما يُِه ُّم أ ْشغَلَ ْو‬
‫إالَّ إذا َّ‬ ‫الم َف َّ‬
‫ضلَ ْو‬ ‫‪ 536‬فها ُىنا العزيمةُ ُ‬
‫فهو مجازاً رخصةٌ قَ ْد ُجعِبل‬ ‫وخ ِم ْن ِ‬
‫شرع األلى‬ ‫س ُ‬‫الم ْن ُ‬
‫والثالث َ‬
‫ُ‬ ‫‪537‬‬
‫ف ُك ْن لما أذ ُكرهُ َس ِم ْيػ َعاً‬ ‫يجوز فِ ْعلُها ت ْش ِر َيعاً‬
‫وال ُ‬ ‫‪538‬‬
‫فـاؾ فانْظُ ِر‬ ‫رخصة َ‬ ‫ٍ‬ ‫مجاز‬ ‫ص ِر‬
‫َ‬ ‫ْم ال َق ْ‬ ‫األحناؼ حك َ‬ ‫ُ‬ ‫واعتبَػ َر‬ ‫‪539‬‬
‫صةُ التي بها تَػنَػ َّزال‬ ‫يجوز عن َد ُىم أَ ْف تُك ِ‬
‫فالر ْخ َ‬
‫ُّ‬ ‫ْمبل‬ ‫ْ‬ ‫وال ُ‬ ‫‪540‬‬
‫صلُوا‬
‫َّص ما تَػ َو َّ‬ ‫والشاطبِي لَخ َ‬
‫َّ‬ ‫َّل‬
‫واختلَفوا أَيُّهما يُػ َفض ُ‬ ‫‪541‬‬
‫القيمةْ‬ ‫َ ِ‬
‫عظيم َ‬ ‫دليلُ ُه ْم حقاً ُ‬ ‫زيمةْ‬
‫الع َ‬ ‫حوا َ‬ ‫رج ُ‬‫يم ْن َّ‬ ‫فقاؿ ف َ‬ ‫‪542‬‬
‫فاسم ِع‬
‫وتثبت الرخصةُ فيها َ‬ ‫ُ‬ ‫فأ ََّوالً ثبوتُها بال َقطْ ِع‬ ‫‪543‬‬
‫ض بها اتِّفاقَاً‬ ‫والرخص عا ِر ٌ‬
‫ُ‬ ‫عمومها إِطبلقاً‬ ‫وثانياً ُ‬ ‫‪544‬‬
‫بِها كما النَّبِ ُّي عن َد صب ِرهِ‬ ‫بالصب ِر مثل أم ِرهِ‬
‫َْ‬ ‫وأمرهُ َّ ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪545‬‬
‫َّمايُ ِع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫وتَػ ْرُكها يُػ ْفضي إلى الت َ‬ ‫وأخ ُـىا يَقضي على الـ َرائ ِع‬ ‫‪546‬‬
‫فيف‬
‫سفاؼ والتَّ ْخ ُ‬ ‫ال الهو ُف وا ِإل ُ‬ ‫التكليف‬
‫ُ‬ ‫الشرائِ ِع‬
‫َص ُل في َّ‬ ‫واأل ْ‬ ‫‪547‬‬
‫س ِة‬ ‫فَ َـلَّلُوا مثلَ ُه ُم ْ‬
‫بخم َ‬ ‫ص ِة‬‫الر ْخ َ‬ ‫أخ ُـوا بِ ُّ‬ ‫الـين َ‬
‫َّأما َ‬ ‫‪548‬‬
‫القرآف وا ِإل ْس ِ‬
‫بلـ‬ ‫ِ‬ ‫في ِ‬
‫شرعة‬ ‫فالظَ ُّن كال َقطْ ِع لدى األ ِ‬
‫َحكاـ‬ ‫‪549‬‬
‫ِ‬
‫صوا‬
‫نص ُ‬ ‫العموـ ىكـا قد َّ‬ ‫على‬ ‫ص‬ ‫ص ُ‬ ‫الم َخ َّ‬‫َّـ ُ‬‫وإنَّما يُػ َقد ُ‬ ‫‪550‬‬
‫ص‬‫الر َخ ْ‬ ‫ب أَ ْف تُؤتَى ُّ‬ ‫وربُّنا يُ ِح ُّ‬ ‫ص‬ ‫ِ‬
‫ِّين يُ ْس ٌر فيو نَ ْ‬ ‫َف ىـا الد َ‬ ‫وأ َّ‬ ‫‪551‬‬
‫فاعم ْل لما يقص ُدهُ اللَّطيف‬ ‫َ‬ ‫التخفيف‬
‫ُ‬ ‫وأف قص َدهُ بِها‬ ‫َّ‬ ‫‪552‬‬
‫بالسبلمةِ‬ ‫الكفيل َّ‬ ‫وفِعلُها‬ ‫ػآم ِة‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫وترُكها يُودي إلى الس َ‬ ‫‪553‬‬
‫الش َقةَ وارفَ ِع ِ‬
‫الم َراْ‬ ‫فَػ َق ِّد ِر ِّ‬ ‫َّرجيح ِمثْػلَ َما تَػ َرى‬‫وإِنَّما الت ُ‬ ‫‪554‬‬

‫الحاكم‬
‫فاح ُك ْم بِ ِه ْم كما َ‬
‫أراد اهللُ‬ ‫والحاكِ ُم ُّ‬
‫الحق ُى َو ا ِإللَوُ‬ ‫‪555‬‬
‫السيِّ ِد الع ْدنَ ِ‬
‫اف‬ ‫أو في ِ‬ ‫ِ‬
‫كبلـ َّ َ‬ ‫القرآف‬ ‫وربَّما يَظ َْه ُر في‬ ‫‪556‬‬
‫ِ‬
‫فكلُّهم يبيِّنو َف قَ ْ‬
‫ص َدهُ‬ ‫اجتهاد العُلماء بَػ ْع َدهُ‬ ‫أو في‬ ‫‪557‬‬
‫صبلْ‬
‫حمن ثُ َّم فَ َّ‬
‫الر ُ‬
‫أج َملَوُ َّ‬
‫ْ‬ ‫وجاء في قُرآنِنَا ُم َّ‬
‫فصبلً‬ ‫َ‬ ‫‪558‬‬
‫صبلْ‬
‫َحكاـ أو َم ْن فَ َّ‬
‫أظهر األ َ‬ ‫َم ْن َ‬ ‫وجائُِز إطبلقُوُ أيضاً على‬ ‫‪559‬‬
‫فيع‬ ‫وذاؾ بع َد أَ ْف أتَى َّ‬ ‫ص ُل ُى َو التَّ ْش ِريْ ُع‬ ‫ِ‬
‫الش ُ‬ ‫َ‬ ‫‪ 560‬فالحاك ُم ال َف ْ‬
‫فقيل ال حاكِ َم ُمطلقاً َوفَ ْى‬ ‫المصطَفى‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫قبل مجيء ُ‬ ‫واختَلفوا َ‬ ‫‪561‬‬
‫بأنَّوُ ُ‬
‫العقل كما قَ ْد فن ُدوا‬ ‫فأك ُدوا‬‫الـين اعتَػ َزلػوا َّ‬
‫َّأما َ‬ ‫‪562‬‬
‫ِّي‬ ‫العقل فَد ْع َ ِ‬ ‫والقبح في ِ‬ ‫الح ْس ِن‬ ‫ِ‬
‫ـ من ْ‬ ‫ِ‬ ‫أمر ُ‬ ‫ب الخبلؼ ُ‬ ‫وسبَ ُ‬
‫َ‬ ‫‪563‬‬
‫ت‬‫خبلؼ ىائِل فأثْبِ ِ‬ ‫ِ‬
‫فيو‬ ‫وىل يحاسب أىػالي ال َف ْترةِ‬ ‫‪564‬‬
‫ٌ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫محسن مسيئُػ ُه ْم‬ ‫ٌ‬ ‫فَػ ُه ْم سواءٌ‬ ‫فاألشعريو َف نفوا تكل ْيػ َف ُه ْم‬ ‫‪565‬‬
‫ف‬‫ص ْ‬ ‫بالعقل كما بِ َـا و ِ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫وليس‬ ‫الش ْرع عُ ِر ْ‬
‫ؼ‬ ‫والقبح ِم َن َّ‬
‫ُ‬ ‫والح ْس ُن‬
‫ُ‬ ‫‪566‬‬
‫ونُِقلَ ْ ِ‬
‫ت منْػ ُه ْم إِلينا َ‬
‫الم ْسأَلَةْ‬ ‫المعتزلَةْ‬‫َف الجماعة ُ‬ ‫وخال َ‬ ‫‪567‬‬
‫َم يأت ِه ْم ِم ْن ُم ْر َس ِل‬
‫حتماً ول َْو ل ْ‬ ‫تكليف ُك ِّل عاقِ ِل‬ ‫َ‬ ‫فأوجبوا‬
‫َ‬ ‫‪568‬‬
‫ف‬‫تابع لَوُ ومكتَ ِش ْ‬ ‫َّ‬ ‫الع ْق ِل عُ ِر ْ‬ ‫ِ‬
‫فالشرعُ ٌ‬ ‫ؼ‬ ‫والقبح م َن َ‬ ‫ُ‬ ‫والحسن‬‫ُ‬ ‫‪569‬‬
‫ط‬ ‫فأوجبوا معرفَةَ ِ‬
‫اهلل فَػ َق ْ‬ ‫ط‬
‫الو َس ْ‬
‫َُ‬ ‫والماتريديو َف َجاؤوا في َ‬ ‫‪570‬‬
‫نَػ َف ْوهُ َع ْنػ ُهم‪ ..‬رحمةَ اللَّ ِ‬
‫طيف‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫التكليف‬ ‫ذاؾ ِم َن‬‫وما سوى َ‬ ‫‪571‬‬
‫َع ْق ٌل‪ ..‬ولَكِ ْن ما َ‬
‫أراد اهللُ‬ ‫الف ْع ِل مارآهُ‬ ‫وليس حسن ِ‬
‫َ ُُْ‬ ‫‪572‬‬
‫تكليف َم ْن تبلُغُوُ ويَ ْس َم ُع‬
‫َ‬ ‫َج َمعُوا‬ ‫هم قَ ْد أ ْ‬ ‫وىك َـا ف ُكلُّ ْ‬ ‫‪573‬‬
‫َّص ْل‬ ‫بهم‪ ،‬نجا ًة أَو ىبلكاً مت ِ‬ ‫واختلفوا في ُك ِّل من لم تَػت ِ‬
‫َّص ْل‬ ‫‪574‬‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬
‫ِ‬ ‫َ ِ‬
‫َصبلً؟‪ ..‬نظروا‬ ‫س التَّ ْشري ِع أ ْ‬ ‫ُس ِ‬
‫م ْن أ ُ‬ ‫العقل َى ْل يعتَبَػ ُر‬ ‫كـاؾ إ َّف َ‬ ‫‪575‬‬
‫والم ْسأَلَ ْة‬
‫أىل النُّهى َ‬ ‫ضوُ ُ‬ ‫َرف َ‬ ‫الم ْعتَ ِزلَ ْة‬
‫ـ ُ‬ ‫جعلَوُ كـلِ َ‬ ‫‪576‬‬

‫المحكوـ فيو‬
‫فيو فاحتَ ِـ ْي‬ ‫الخطاب ِ‬
‫ُ‬
‫تعلَّ َق ِ‬ ‫ف الػـي‬ ‫تعري ُفوُ فعل الم َكلَّ ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫‪577‬‬
‫ضعِيَّاً‬
‫وتارًة تج ُدهُ َو ْ‬ ‫ِ‬
‫فربَّما يجيءُ تكْليفيَّاً‬ ‫‪578‬‬
‫ُ‬
‫مفصبلً فاعرفْوُ حقاً وانتَبِ ْو‬ ‫َّ‬ ‫واشتَرطوا ِعلْم المكلفين ب ْوِ‬ ‫‪579‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫بـاؾ فاح َـ ِر‬
‫ضوا جهبلً َ‬ ‫وما َر ْ‬ ‫ص َد ِر‬ ‫الم ْ‬ ‫ِ‬
‫واشتَػ َرطُوا معرفَةً ب َ‬ ‫‪580‬‬
‫وتركِ ِو‪ ..‬ال ملزماً ِ‬
‫بفعلو‬ ‫ُ‬ ‫اختيارهُ في فِ ْعلِ ِو‬
‫َ‬ ‫واشترطُوا‬ ‫‪581‬‬
‫َم يَ ِجدوا َسبيبلً‬ ‫ِِ ِ ِ‬ ‫فبل يُ َكلَّ ُفو َف ُمستحيبلً‬
‫لف ْعلو ل ْ‬ ‫‪582‬‬
‫فأمرُى ْم لَِربِّ ِه ْم‬ ‫ِ‬
‫وتَػ ْرك ِه ْم ُ‬ ‫فعل غي ِرِى ْم‬
‫‪ 583‬والَ يكل ُفو َف َ‬
‫دفعاً وجلْباً‪ ..‬إ ْذ ىم لَن ِ‬
‫يقدروا‬ ‫ُُ ْ‬ ‫َ‬ ‫‪ 584‬وال يُ َكلَّ ُفو َف ما قَ ْد فُ ِط ُروا‬
‫ص َداْ‬ ‫لمختَ ٍ‬ ‫وأو ِؿ ِ‬
‫ف لوُ اإللوُ قَ َ‬ ‫حيث َوَر َداْ‬
‫الظاىر ُ‬ ‫‪ِّ 585‬‬
‫حصوؿ ِ‬
‫شرط الشرع موقنينا‬ ‫َ‬ ‫األحناؼ يشرطونا‬ ‫ِ‬ ‫وأكثر‬ ‫‪586‬‬
‫ُ‬
‫خبلؼ جا ٍر‬
‫ٌ‬ ‫بالفرع في الدين؟‪..‬‬
‫ِ‬ ‫التكليف للكفا ِر‬
‫ُ‬ ‫‪ 587‬فهل جرى‬
‫بالعاد ْة‬
‫يفعلُها جميعهم َ‬ ‫‪ 588‬وُكلِّفوا مشقةً َ‬
‫معتاد ْة‬
‫الش َّق ْة‬
‫فضل اإللو عند بعد ُّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫المشق ْة‬ ‫ت شديدةُ‬
‫ِّص ْ‬
‫‪ 589‬ورخ َ‬
‫ِ‬
‫ت ما ىيَّتَوُ فمنو ما‬
‫نظر َ‬ ‫المحكوـ فيو حيثما‬ ‫وقس َم‬
‫ِّ‬ ‫‪590‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫كشرب أو شفا‬ ‫ٍ‬ ‫كأكل أو‬‫شرعاً ٍ‬ ‫حساً وانتفى‬ ‫ِ‬
‫رأيتو ُوج َد ّ‬ ‫‪591‬‬
‫منو كما الزنا بأي وض ِع‬ ‫حكم شرعي‬ ‫ب ٌ‬ ‫وربما ُسبِّ َ‬ ‫‪592‬‬
‫الحج إذا ما قد قُ ِ‬
‫ص ْد‬ ‫مثالُوُ ُّ‬ ‫والشرع ُو ِج ْد‬
‫ِ‬ ‫بالحس‬
‫ِّ‬ ‫وربما‬ ‫‪593‬‬
‫أحكاـ تَ ِر ْد‬
‫ٌ‬ ‫ورتبت عليو‬ ‫والشرع ِ‬
‫وج ْد‬ ‫ِ‬ ‫بالحس‬
‫ِّ‬ ‫وربما‬ ‫‪594‬‬
‫والتمليـ والحوالَ ْة‬
‫ُ‬ ‫والبيع‬
‫ُ‬ ‫النكاح واإلقالَ ْة‬
‫ُ‬ ‫مثالُوُ‬ ‫‪595‬‬
‫يضاؼ رتَّبوهُ‬ ‫ب ما‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫سَ‬‫َح َ‬ ‫قسموهُ‬ ‫األحناؼ َّ‬ ‫وجملةُ‬ ‫‪596‬‬
‫مخلَّص ومالَو تناىي‬ ‫‪ 597‬أربعة أولُها ِ‬
‫هلل‬
‫وبعدىا التي بها مؤونَةْ‬ ‫ليس بها مؤونَةْ‬
‫‪ 598‬عبادةٌ َ‬
‫معنى عبادةٍ ُّ‬
‫تحل فيها‬ ‫‪ 599‬ثالثها مؤونَةٌ وفيها‬
‫تحل فيها‬ ‫معنى ٍ‬
‫عقوبة ُّ‬ ‫‪ 600‬رابعُها مؤونةٌ وفيها‬
‫سادسها قاصرةٌ منم َق ْة‬‫ُ‬ ‫خامسها عقوبةٌ محق َق ْة‬
‫ُ‬ ‫‪601‬‬
‫عبادةٌ عقوبةٌ تحويها‬ ‫تدور معنى فيها‬ ‫‪ 602‬سابعُها ُ‬
‫الغنائم‬
‫ُ‬ ‫بنفس ِو مثالُوُ‬
‫ِ‬ ‫قائم‬
‫تماـ ُ‬
‫حق ٌ‬ ‫‪ 603‬ثامنُها ٌّ‬
‫ِ‬
‫الصياـ‬ ‫وبعدىا الفطرةُ في‬ ‫ِ‬
‫اإلسبلـ‬ ‫‪ 604‬أولُها الصبلةُ في‬
‫الخراج‪ ..‬فافهم فكري‬
‫ُ‬ ‫والرابع‬
‫ُ‬ ‫ونصف العش ِر‬
‫ُ‬ ‫والثالث العش ِر‬
‫ُ‬ ‫‪605‬‬
‫كل ِ‬
‫قاتل‬ ‫سادسها حرما ُف ِّ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الصائل‬ ‫وقطع‬
‫والخامس الزنا ُ‬
‫ُ‬ ‫‪606‬‬
‫المقبوض ْة‬
‫َ‬ ‫الغنائم‬
‫ُ‬ ‫ثامنها‬ ‫المفروض ْة‬
‫َ‬ ‫‪ 607‬سابعُها الكفارةُ‬
‫فأمره لَوُ ببل نواىي‬ ‫‪ 608‬وقِسمها الثاني ِ‬
‫لعبد اهلل‬
‫ُ‬ ‫ُْ‬
‫وإف يشأْ يترُكوُ فـا ىو‬ ‫شاء أو يأباهُ‬
‫‪ 609‬يسقطُوُ إف َ‬
‫يغلب ُّ‬
‫حق ربنا فليعلما‬ ‫ُ‬ ‫‪ 610‬والثالث اجتماعها وإنَّما‬
‫حقهم بها فليعلما‬‫يغلب ُّ‬ ‫‪ 611‬والرابع اجتماعُها وإنما‬
‫يفه ُم‬
‫القصاص وىو َ‬
‫ُ‬ ‫والرابع‬
‫ُ‬ ‫وذاؾ يعلَ ُم‬
‫القـؼ َ‬
‫ُ‬ ‫فالثالث‬
‫ُ‬ ‫‪612‬‬

‫المحكوـ عليو‬
‫خطاب ربِّنا بو َّ‬
‫محق َقا‬ ‫ُ‬ ‫الشخص الـي تعلَّ َقا‬
‫ُ‬ ‫‪ 613‬تعريفو‬
‫ع تعنيفي‬
‫ود ْ‬
‫فافهموُ َ‬ ‫ِ‬ ‫‪ 614‬واشترطوا في ِ‬
‫شرطين ْ‬ ‫التكليف‬ ‫صحة‬
‫فهم الدليل واضحاً أو مجمبل‬ ‫‪ 615‬فالشرط أف يكوف قادراً على‬
‫خمس عش ٍر تمما‬
‫َ‬ ‫أي بالغاً أو‬ ‫‪ 616‬وأف يكوف عاقبلً وفاىمػاً‬
‫ثبلثةً من بعدىا تخفي َفا‬ ‫السن أبو حني َف ْة‬
‫‪ 617‬وزاد في ِّ‬
‫وخ ْـ فروعاً بعد ذا تكو ُف‬
‫ُ‬ ‫ف من بو جنو ُف‬‫‪ 618‬وال تكلِّ ْ‬
‫مكلف صوابا‬
‫ٌ‬ ‫لو كافراً‬ ‫تصوَر الخطابا‬
‫‪ 619‬فكل من َّ‬
‫والصواب‬
‫ُ‬ ‫فاألصل‬
‫ُ‬ ‫الصبي‬
‫ْ‬ ‫إلى‬ ‫الخطاب‬
‫ُ‬ ‫‪ 620‬وحيثما توجو‬
‫المـىب‬
‫ُ‬ ‫ومثلُوُ المجنو ُف وىو‬ ‫ب‬
‫الولي يطلَ ُ‬
‫‪ 621‬بأنو من ِّ‬
‫المنن‬
‫يترجموه أو تصلهم ْ‬ ‫وال يكلف األعجاـ قبل أ ْف‬ ‫‪622‬‬
‫أىبلً لما كلَّ َفوُ يَقينَا‬ ‫وشرطُوُ الثاني بأ ْف ي ُكونَا‬ ‫‪623‬‬
‫وصالح أيضاً لِبلل ِ‬
‫ْتزاـ‬ ‫ٌ‬ ‫لئللز ِاـ‬
‫ح َ‬ ‫من يصلُ ُ‬‫واألىل ْ‬ ‫‪624‬‬
‫ُ‬
‫وجوب أو أداء في ِ‬
‫البياف‬ ‫ٌ‬ ‫وتقسم األىليةُ ِ‬
‫اثنتاف‬ ‫‪625‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫النحيب‬ ‫ِ‬
‫كالطفل في‬ ‫ناقصةً‬ ‫ِ‬
‫الوجوب‬ ‫وربما تكو ُف في‬ ‫‪626‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأمر ُمطَّل ْ‬
‫ب‬ ‫واجب ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫عليو‬ ‫ب‬
‫فتثبت الحقو ُؽ لَ ْو وال يَج ْ‬ ‫ُ‬ ‫‪627‬‬
‫نقيصةْ‬
‫إذا أتى طفبل ببل َ‬ ‫النقيصةْ‬
‫َ‬ ‫وتكمل األىلية‬ ‫‪628‬‬
‫خ ْـ بياناً مجمبل‬ ‫ٍ‬
‫ثبلثة ف ُ‬ ‫وتقسم األداءُ أقساماً إلى‬ ‫‪629‬‬
‫ُ‬
‫ومثلُوُ المجنو ُف دوماً أُح ِرزا‬ ‫ٍ‬
‫عديمة في ِ‬
‫الطفل حتى ميَّزا‬ ‫‪630‬‬
‫كل مميِّ ٍز إلى أف يكتفي‬ ‫ِّ‬ ‫كل معتوهٍ وفي‬
‫وناقص في ِّ‬
‫ٌ‬ ‫‪631‬‬
‫غ‬
‫وكاف عاقبلً فإنو بَػ َز ْ‬ ‫‪ 632‬وكامل األىلية الـي بَػلَ ْغ‬
‫أمر يزيلها ببل بقيَّ ْة‬ ‫‪ 633‬وربما يع ِر ُ‬
‫ض لؤلىليَّ ْة‬
‫كـلـ اإلكراه في ِ‬
‫الببلء‬ ‫ِ‬
‫واإلغماء‬ ‫ِ‬
‫والجنوف‬ ‫ِ‬
‫كالنوـ‬ ‫‪634‬‬
‫ُ‬
‫وزاد لَ ْو‬
‫فاقبلْو إف ن َف َعوُ َ‬ ‫العتَ ْو‬
‫مثل َ‬
‫أنقصها ُ‬
‫‪ 635‬وربما َ‬
‫غرِـ‬
‫وم َ‬
‫ٍ‬ ‫َك ٍ‬
‫س َفو وغفلَة َ‬‫َ‬ ‫ِ‬
‫الحكم‬ ‫بعض‬
‫غير َ‬
‫‪ 636‬وربما َ‬
‫خاتمة‬
‫مفهوم ْة‬ ‫نظمتُها واضحةً‬ ‫المنظوم ْة‬ ‫‪ 637‬وىكـا قد ِ‬
‫تمت‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫واإلكراـ واإلحسانَا‬
‫َ‬ ‫والعفو‬
‫َ‬ ‫الثواب والغفرانَا‬
‫َ‬ ‫‪ 638‬أرجو بها‬
‫أنار دربَنا لنا‬
‫لكل من َ‬ ‫الجميل والثنا‬
‫َ‬ ‫الشكر‬
‫َ‬ ‫‪ 639‬وأرفع‬
‫أنار لي دربي وأحيا قلبي‬ ‫‪ 640‬أولهم أستاذي المربي‬
‫األبرار‬
‫ُ‬ ‫األفاضل‬
‫ُ‬ ‫وصحبوُ‬ ‫خنا كفتارو‬
‫إمامنا وشي ُ‬
‫‪ُ 641‬‬
‫ِ‬
‫أستاذنا محمد الزحيلي‬ ‫ِ‬
‫األصيل‬ ‫للمؤص ِل‬
‫ِّ‬ ‫‪ 642‬كـاؾ‬
‫شيخاً بو اقتدى المريد واحتـى‬ ‫‪ 643‬جزاىم الرحمن خير ما جزى‬
‫ِ‬
‫والختاـ‬ ‫في البدء والموضوع‬ ‫‪ 644‬والحمد هلل على ِ‬
‫التماـ‬

‫* * *‬
‫عجذبْ سثه سة اٌؼضح ػّب ‪٠‬ظف‪ْٛ‬‬
‫‪ٚ‬عــــسَ ػــٍ‪ ٝ‬اٌـّـــشعــــــــٍ‪ٓ١‬‬
‫‪ٚ‬اٌذّذ هلل سة اٌؼبٌّ‪ٓ١‬‬
‫الفهرس‬
‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫‪3‬‬ ‫مدخل‬
‫‪4‬‬ ‫مقدمة يف منهج التعليم باؼبنظومات‬
‫‪8‬‬ ‫تاريخ التعليم باؼبنظومات‬
‫‪11‬‬ ‫عيوب التعليم باؼبنظومات‬
‫‪14‬‬ ‫تعريف عاـ بعلم أصوؿ الفقو د‪ .‬الزحيلي‬
‫‪18‬‬ ‫اؼبقدمة‬
‫‪37‬‬ ‫تعريف علم أصوؿ الفقو‬
‫‪38‬‬ ‫موضوع علم األصوؿ‬
‫‪40‬‬ ‫فائدة علم األصوؿ‬
‫‪42‬‬ ‫تاريخ أصوؿ الفقو‬
‫‪46‬‬ ‫تدوين علم األصوؿ‬
‫‪48‬‬ ‫طرؽ التأليف يف األصوؿ‬
‫‪52‬‬ ‫حكمة اختبلؼ الفقهاء‬
‫‪55‬‬ ‫أسباب اختبلؼ الفقهاء‬
‫‪60‬‬ ‫مقاصد الشريعة‬
‫‪65‬‬
‫وفيو فصبلف‬ ‫الباب األوؿ ػ مصادر التشريع اإلسبلمي‪.‬‬
‫الفصل األوؿ‪ :‬المصادر المتفق عليها‬
‫‪66‬‬ ‫المبحث األوؿ ‪ :‬الكتاب الكريم‬
‫‪70‬‬ ‫المبحث الثاني ‪ :‬السنة‬
‫‪72‬‬ ‫حجية السنة من القرآف‬
‫‪76‬‬ ‫حجية السنة من غَت القرآف‬
‫‪78‬‬ ‫تقسيم السنة من حيث السند‬
‫‪83‬‬ ‫مكانة السنة‬
‫‪85‬‬ ‫المبحث الثالث ‪ :‬اإلجماع‬
‫‪88‬‬ ‫شروط اإلصباع‬
‫‪90‬‬ ‫المبحث الرابع ‪ :‬القياس‬
‫‪93‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المصادر المختلف فيها‪.‬‬
‫‪94‬‬ ‫االستحساف‬
‫‪96‬‬ ‫اؼبصاحل اؼبرسلة‬
‫‪99‬‬ ‫االستصحاب‬
‫‪101‬‬ ‫العرؼ‬
‫‪104‬‬ ‫قوؿ الصحايب‬
‫‪105‬‬ ‫شرع من قبلنا‬
‫‪107‬‬ ‫سد الذرائع‬
‫‪109‬‬
‫وفيو أربعة فصوؿ‬ ‫الباب الثاني ػ مباحث الحكم‪.‬‬
‫‪110‬‬
‫الفصل األوؿ‪ :‬الحكم‬
‫‪113‬‬ ‫اغبكم التكليفي‬
‫‪114‬‬ ‫الواجب‬
‫‪122‬‬ ‫اؼبندوب‬
‫‪128‬‬ ‫اغبراـ‬
‫‪132‬‬ ‫اؼبكروه‬
‫‪135‬‬ ‫اؼبباح‬
‫‪139‬‬ ‫اغبكم الوضعي‬
‫‪141‬‬ ‫السبب‬
‫‪146‬‬ ‫الشرط‬
‫‪151‬‬ ‫اؼبانع‬
‫‪154‬‬ ‫الصحيح وغَت الصحيح‬
‫‪155‬‬ ‫العزيبة والرخصة‬
‫‪162‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الحاكم‬
‫‪167‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬المحكوـ فيو‬
‫‪174‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬المحكوـ عليو‬
‫‪178‬‬ ‫خاسبة‬
‫‪182‬‬ ‫مسرد اؼبنظومة‬
‫‪214‬‬ ‫الفهرس‬

You might also like