You are on page 1of 29

‫المؤسسات المالية اإلسالمية‬ ‫الفصل األول‬

‫تمهيـد‪:‬‬
‫كان لظهور المؤسسات المالية التقليدية التي كانت لها تجربة طويلة في مجال العمل المصرفي‬
‫دوراً كبيراً في تحقيق الوساطة المالية بين فئتي المدخرين الذين يملكون فائضا ماليا والمستثمرين الذي‬
‫يعانون من عجز في الموارد المالية‪ ،‬إال أنه ومنذ حوالي أربعة عقود ظهرت مؤسسات أخرى تعمل‬
‫جنبا ً إلى جنب مع المؤسسات المالية التقليدية‪ ،‬ذات طبيعة متميزة‪ ،‬وتقوم على أساس االلتزام بمبادئ‬
‫وضوابط المعامالت المالية في االقتصاد اإلسالمي أال وهي المؤسسات اإلسالمية وقد تقدم العمل المالي‬
‫والمصرفي اإلسالمي تقدما ً ملموسا ً مع بدايات القرن الهجري الخامس عشر‪ ،‬وبدا كأسلوب جديد يحقق‬
‫أهداف الوساطة المالية ويتميز بالعمل على غير أساس الفوائد المصرفية‪.‬‬

‫وأنشأت العديد من البنوك والمؤسسات المالية اإلسالمية في أوساط اجتماعية واقتصادية مختلفة‪،‬‬
‫كما أخذت بعض البنوك العاملة على أساس الفوائد المصرفية في منافسة هذا األسلوب الجديد‪ ،‬خاصة‬
‫في تقديم التمويل باستخدام أساليب العمل المصرفي اإلسالمي‪ ،‬وأصبح هذا العمل المصرفي الجديد‬
‫حقيقة فرضت نفسها على ساحة العمل المصرفي المحلي والعالم‪ ،‬ونحاول من خالل هذه المبحث‬
‫التعرف على المؤسسات المالية اإلسالمية وأنواعها‪ ،‬مركزين ضوابط المعامالت في هاته المؤسسات‬
‫ودورها في النهوض بالعمل المالي والمصرفي اإلسالمي‪ ،‬كما سنتناول التحديات التي تواجهها‪،‬‬
‫مقترحين في األخير بعض االقتراحات التي نراها الطريق األمثل لمواجهة تلك التحديات‬

‫المبحث األول‪ :‬ماهية المؤسسات المالية اإلسالمية‬


‫المبحث الثاني‪ :‬نجاحات وتطور المؤسسات المالية اإلسالمية‬
‫المبحث الثالث‪ :‬تحديات المؤسسات المالية اإلسالمية‬

‫‪2‬‬
‫المؤسسات المالية اإلسالمية‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث األول‪ :‬ماهية المؤسسات المالية اإلسالمية‬


‫سنحاول في هذا المبحث عرض أهم المفاهيم حول المؤسسات المالية اإلسالمية‪ ،‬فضال عن‬
‫التطرق ضوابط عمل المؤسسات المالية اإلسالمية وكذا أهم األدوات والمنتجات المالية اإلسالمية‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم المؤسسات المالية اإلسالمية نشأتها وأنواعها‬
‫أوال‪ :‬تعريف المؤسسة المالية اإلسالمية‬
‫إن المؤسسة المالية ما هي إال منظمة أعمال تختلف عن غيرها من المنظمات من حيث المنتوج‬
‫المقدم‪ ،‬أو من حيث األصول حيث تختص المؤسسات المالية بتقديم خدمات مالية كالوساطة المالية بين‬
‫أصحاب الفائض المالي وأصحاب العجز أما من حيث األصول فالمؤسسة المالية يتكون رصيد أصولها‬
‫‪1‬‬
‫محفظة مالية تحوي أوراق وقروض أو ما يدعى باألصول المالية ‪.Financial Assets‬‬

‫وقد عرفت المادة األولى من نظام مكافحة غسل األموال السعودية المؤسسات المالية اإلسالمية‬
‫بأنها‪:‬‬

‫أي منظمة أو منشاة في المملكة تزاول واحدا من األنشطة المالية والصناعية والتجارية وفق الشريعة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬كالبنوك وصناديق االستثمار ومؤسسات التأمين‪.‬‬
‫أما المؤسسة المالية اإلسالمية‪ ،‬فانه ما يفرقها عن التقليدية هو الجانب الشرعي والهدف‬
‫االجتماعي فقد جاء في كتابات كثيرة تعاريف إن لم تكن تختلف كثيرا في قصدها إال أنها جاءت معرفة‬
‫(‪)2‬‬
‫لألعمال التي تقوم بها هذه المؤسسات‪.‬‬

‫‪ 1‬فعرفت اتفاقية إنشاء االتحاد الدولي‪:‬‬


‫للبنوك اإلسالمية في الفقرة األولى من المادة الخامسة المؤسسات المالية اإلسالمية بـ ‪« :‬يقصد‬
‫بالمؤسسات اإلسالمية في هذا النظام‪ ،‬تلك البنوك أو المؤسسات التي ينص قانون إنشائها ونظامها‬
‫(‪)3‬‬
‫األساسي صراحة على االلتزام بمبادئ الشريعة‪ ،‬وعلى عدم التعامل بالفائدة أخذا وعطاء»‪.‬‬
‫‪ 2‬تعريف فليح حسن خلف‪:‬‬
‫هي البنوك أو المؤسسات المالية التي ينص قانون إنشائها ونظامها األساسي صراحة على االلتزام‬
‫(‪)4‬‬
‫بمبادئ الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وعدم التعامل بالفائدة أخذا و عطاء‪".‬‬
‫‪ -3‬المؤسسة المالية اإلسالمية‪:‬‬

‫‪ 1‬عبد الحافظ‪ ،‬السيد بدوي‪ ،‬إدارة األسواق والمؤسسات المالية نظرة معاصرة‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬ط ‪ ، 0222‬ص ‪.02 :‬‬
‫‪ 2‬عائشة الشرقاوي المالقي‪ :‬البنوك اإلسالمية‪ :‬التجربة بين الفقه والقانون والتطبيق‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪،0222 ،1‬‬
‫ص‪.02‬‬
‫‪ 0‬انظر‪ :‬اتفاقية‪ :‬إنشاء االتحاد الدولي للبنوك اإلسالمية‪ ،‬مطابع االتحاد الدولي للبنوك اإلسالمية‪ ،‬مصر الجديدة‪ ،‬القاهرة‪ ،1711 ،‬ص‪.12‬‬
‫‪ 4‬إبراهيم عبد الحليم عبادة ‪،‬مؤشرات األداء في البنوك اإلسالمية ‪ ،‬دار النفائس ‪،‬عمان ‪،‬ط ‪ ، 0222 ، 1‬ص‪.02 :‬‬

‫‪3‬‬
‫المؤسسات المالية اإلسالمية‬ ‫الفصل األول‬

‫هي مؤسسة مؤسسة مالية تقوم بتجميع الموارد وتقوم باستخدامها في مجاالت تخدم االقتصاد‬
‫الوطني‪ ،‬وفق ضوابط المشروعية‪ ،‬بهدف تحقيق الربح‪ ،‬لها رسالة إنسانية ذات بعد تنموي تهدف إلى‬
‫(‪)1‬‬
‫توظيف منتجات مالية تحوز على السالمة الشرعية "‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬نشأة وتطور المؤسسات المالية اإلسالمية‬


‫المؤسسات اإلسالمية عالمة بارزة من عالمات هذا العصر‪ ،‬الذي يمكن أن يوصف بأنه عصر‬
‫الرغبة إلى اإلسالم والتوجه إليه‪ ،‬فقد قامت هذه المؤسسات التي أحسنت األمة استقبالها ورأت فيها‬
‫خطوة جادة على الطريق اإلنابة إلى هللا والتحرر من التبعية ألعدائه‪ ،‬فأعطتها ثقة غالية وتزاحمت على‬
‫أبوابها في كل فرع ينشأ لتعرب عن التقدير والوالء‪ ،‬وتستحثها على المزيد من الشرعية والطهارة‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وأن تكون عند حسن ظنها بها‪ ،‬قوامة بأمر هللا وموفيه بعهده‪.‬‬

‫فيرى الدكتور حسن صادق حسن أن‪« :‬سبب نشأت المؤسسات اإلسالمية كان نتيجة لدافع ديني‬
‫بحت وشعور الغالبية العظمى من البالد اإلسالمية أن البنوك الموجودة فيها شبهة التعامل بالربا‪ ،‬هذا‬
‫من جانب‪ ،‬ومن جانب آخر أن المد اإلسالمي أصبح قاعدة واضحة في كثير من البالد اإلسالمية بعد‬
‫استقاللها‪.»...‬‬
‫وقد كانت البداية بالبنوك أول محاولة إلنشاء مؤسسة مالية إسالمية عام ‪ ،3691‬حيث تم إنشاء‬
‫ما يسمى "بنوك االدخار المحلية"‪ ،‬إال أنّ الكثيرين يعترضون على هذا الوصف ويفضلونه لبنك دبي‬
‫اإلسالمي الذي أنشئ في عام ‪ 3691‬على أسس مصرفية تجارية‪ ،‬إذ يعتبرونه أوّ ل مؤسسة أو بنك‬
‫(‪)3‬‬
‫إسالمي‪.‬‬
‫ثم توالى ظهور مؤسسات مالية إسالمية متعددة األنواع الى غاية يومنا هذا وسنرى أنواعها‬
‫وتطورها الحقا‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬أنواع المؤسسات المالية اإلسالمية‬


‫‪ -1‬االمؤسسات المالية اإلسالمية المصرفية‪ :‬وتنقسم إلى‬
‫أ المركز اإلسالمي المصرفي‪ " :‬هو مؤسسة حكومية مستقلة‪ ،‬مسؤولة عن تحقيق األهداف‬
‫االقتصادية واالجتماعية لالقتصاد اإلسالمي في الحقل النقدي والمصرفي‪ ،‬ومن خالله يقوم المصرف‬

‫‪ 1‬فليح حسن خلف ‪ " ،‬البنوك اإلسالمية" ‪،‬عالم الكتاب الحديث للنشر و التوزيع‪ ،‬ط‪ ،0222، ،1‬ص‪.20‬‬
‫‪ 2‬محمد بوجالل‪ :‬البنوك اإلسالمية‪ :‬مفهومها‪ ،‬نشأتها‪ ،‬تطورها مع دراسة ميدانية على مصرف إسالمي‪ ،‬المؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،1772‬ص‪.11‬‬
‫‪ 0‬فادي محمد الرفاعي‪ :‬المصارف اإلسالمية ‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت لبنان‪ ،‬ط‪، 0222 1‬ص ص‪.01،02 :‬‬

‫‪4‬‬
‫المؤسسات المالية اإلسالمية‬ ‫الفصل األول‬

‫المركزي اإلسالمي‪ ،‬وكسائر المصارف المركزية بإصدار العملة‪ ،‬ويعمل بالتنسيق مع الحكومة على‬
‫استقرار العملة داخليا وخارجيا‪ ،‬كما يطلع المصرف المركزي لكنه على خالف المصارف المركزية‬
‫التقليدية‪ ،‬يتحمل مسؤولية منع إمكانية تركيز الثروة والسلطة في أيدي أصحاب النفوذ من خالل‬
‫المؤسسات المالية‪ ،‬كما يعمل المركزي اإلسالمي على تثبيت القيمة الفعلية للنقود‪ ،‬وضمان استدامة نمو‬
‫االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬وتأمين العدالة االقتصادية االجتماعية‪ ،‬وللقيام بمهامه ووظائفه على أكمل وجه‬
‫‪1‬‬
‫يجب عليه استخدام الوسائل والطرق الضرورية غير المتعارضة مع تعاليم الشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫ب المصارف اإلسالمية‪ :‬هي مؤسسات مصرفية تلتزم في جميع معامالتها ونشاطاتها االستثمارية‬
‫‪2‬‬
‫وإدارتها لجميع أعمالها بالشريعة اإلسالمية ومقاصدها وكذلك أهداف المجتمع اإلسالمي‪.‬‬

‫‪ -2‬المؤسسات المالية الغير مصرفية‬


‫أ شركات التامين التعاوني‪ :‬تعتبر شركات التأمين التعاوني مؤسسات غير ربحية يمتلكها المستأمنون‬
‫الذين لهم كل حقوق حملة األسهم في الشركات المساهمة‪ ،‬فهم يختارون مجلس اإلدارة الذي يختار مدير‬
‫الشركة‪ ،‬والفرق بين شركة التأمين التعاوني وشركة التأمين التجاري أن المستأمن يجب أن يكون شريكا‬
‫كامال في الشركة وال يمكن أن يكون شريكا غير مستأمن في الشركة‪ ،‬كما أنه في حالة الربح يكون‬
‫الربح للمستأمنين‪ ،‬وفي حالة الخسارة يرجع فيه للمستأمنين لتحملها‪ ،‬بينما في حالة شركات التأمين‬
‫‪3‬‬
‫التجاري للشركة الربح وعلى الشركة الخسارة‪.‬‬

‫ب صناديق االستثمار اإلسالمية‪ :‬يمكن تعريفها أحد المؤسسات المالية اإلسالمية التي تتولى تجميع‬
‫أموال المستثمرين في صورة وحدات أو صكوك استثمارية‪ ،‬ويعهد بإدارتها إلى جهة من أهل الخبرة‬
‫واالختصاص‪ ،‬لتوظيفها وفقا لصيغ االستثمار اإلسالمية المناسبة‪ ،‬على يتم أن توزيع صافى العائد فيما‬
‫بينهم حسب االتفاق‪ ،‬ويحكم كافة معامالتها أحكام ومبادئ الشريعة اإلسالمية والقوانين والقرارات‬
‫‪4‬‬
‫والتعليمات الحكومية واللوائح والنظم الداخلية‪".‬‬

‫‪ 1‬عبد الرحيم الساعاتي ‪ :‬إدارة الغرر في التامين اإلسالمي‪ ،‬الملتقى الثاني للتأمين التعاوني ‪ ،‬الهيئة اإلسالمية العالمية لالقتصاد والتمويل‬
‫اإلسالمي ‪ ،‬الرياض السعودية ‪ ، 0212 ، 1_2 ،‬ص ص ‪. 2،1 :‬‬
‫‪ 2‬أيرة عبد اللطيف مشهور ‪،‬االستثمار في االقتصاد اإلسالمي ‪ ،‬مكتبة مديولي ‪ ،‬القاهرة ‪ ، 1772 ،‬ص‪.172‬‬
‫‪ 0‬هشام جابر‪ :‬صناديق االستثمار اإلسالمية ‪ ،‬بحث مقدم إلى المؤتمر العلمي األول حول االستثمار والتمويل في فلسطين )بين آفاق التنمية‬
‫والتحديات المعاصرة ‪ ،‬الجامعة االسالمية ‪ ،‬غزة فلسطين ‪ 27 ،‬ماي‪ ، 0222‬ص ‪.12 :‬‬
‫‪ 4‬العالمة ابن منظور‪ ،‬لسان العرب المحيط ‪ ،‬ج‪ ، 0‬دار الجيل ‪ ،‬بيروت ‪ ،1722 ،‬ص ‪.12 :‬‬

‫‪5‬‬
‫المؤسسات المالية اإلسالمية‬ ‫الفصل األول‬

‫المطلب الثاني‪ :‬ضوابط عمل المؤسسات المالية اإلسالمية‬


‫أوال‪ :‬الضوابط الشرعية‬
‫‪ -1‬منع الربا‬
‫أ مفهوم الربا وعالقته بالفائدة‪ :‬الربا لغة من الفعل ربا ‪ ،‬يقال ربا الشيء يربو ربوا ورباءا‪ ،‬بمعنى‬
‫زاد ونما‪ ،‬والربا في االصطالح هو" زيادة المال بال مقابل في معاوضة مال بمال‪ ،‬أو الزيادة على أصل‬
‫مال من غير تبايع "‪.‬‬

‫ويفرق الغربيون بين الربا والفائدة‪ ،‬حيث يعتبرون هذه األخيرة مقدار النسبة المدفوعة عن المال‬
‫‪1‬‬
‫المقترض‪ ،‬فإن كانت هذه النسبة كبيرة فذلك ربا‪.‬‬
‫أما من الناحية الفقهية‪ ،‬فتعتبر الفائدة التي يقوم عليها النظام المالي التقليدي من قبيل الربا المحرم‬
‫شرعا ً‪ ،‬وهناك نوعان للربا‪:‬‬
‫ربا الديون‪ :‬على "الزيادة المشروطة التي يتقاضاها صاحب المال من المدين على رأس ماله نظير‬
‫أجل معلوم يتفقان على تحديده "‪.2‬‬

‫ربا البيوع ‪:‬‬


‫يطلق الذهب‪ ،‬والفضة‪ ،‬والقمح‪ ،‬والشعير‪ ،‬والتمر‪ ،‬والملح فإذا بيع الشيء بمثله مع الزيادة في‬
‫أحدهما من دون مقابل‪ ،‬فيسمى ربا الفضل‪ ،‬وأما إذا تم تبادل الشي مع مثله مع تأخير تسليم احدهما‬
‫‪3‬‬
‫فيسمى ربا النسيئة‪.‬‬
‫والجتناب الوقوع في ربا البيوع يشترط التساوي والتقابض في مبادلة صنف بصنفه‪ ،‬أما إذا‬
‫كانت المبادلة بين صنفين مختلفين‪ ،‬أُبيح عدم التساوي لكن يبقى شرط التقابض قائما‪.‬‬
‫‪ -2‬منع الغرر‬
‫أ تعريف الغرر‪ :‬الغرر لغة‪ ،‬من الفعل غرّ ر‪ ،‬يقال غرّ ر بنفسه وماله تغريره وتغره‪ :‬عرضها للتهلكة‬
‫من غير ان يعرف ‪ ،‬واالسم الغرر والغرر هو الخطر الغرر في االصطالح ما" كان له ظاهر يغر‬

‫‪ 1‬محمد بوجاللك مرجع سابق ‪،‬ص ‪.02 :‬‬


‫‪ 2‬أحمد فهد الرشيدي‪ ،‬عمليات التورق وتطبيقاتها االقتصادية في المصارف ‪ ،‬دار النفائس‬
‫‪ ،‬عمان ‪ ،‬ط‪ ، 0222 ،1‬ص ‪. 02 :‬‬
‫‪ 0‬رفيق يونس المصري‪ ،‬النظام المصرفي اإلسالمي‪ ،‬دار المكتبي ‪ ،‬دمشق ‪ ،‬ط‪،0،0227‬ص ص‪.1212 :‬‬

‫‪6‬‬
‫المؤسسات المالية اإلسالمية‬ ‫الفصل األول‬

‫وباطن مجهول يجعله في معرض الخطر المعاملي‪ ،‬وهو االختالف بعد ذلك بشكل ال يمكن معه تعيين‬
‫‪1‬‬
‫الموقف عند النزاع فيحصل الضرر والتهلكة والخطر كالزم غالب له "‪.‬‬

‫أو هو صفة في المعاملة تجعل بعض أركانها مستورة العاقبة ( النتيجة)‪ ،‬او هو ما تردد اثره بين‬
‫الوجود والعدم ‪ ،‬ويكون العقد حينها دائرا بين احتمال الربح والخسارة ‪.‬‬
‫شرط الغرر المؤثر في العقود‪ :‬حني يكون الغرر مؤثرا في صحة العقد وجب توفر خمسة شروط وهي‬
‫‪:‬‬
‫‪ -‬أن يكون كثيرا‪ ،‬ألن درجة الغرر تختلف في العقود‪.‬‬
‫‪ -‬أو في محل العقد؛ فيكون في المبيع والثمن‪.‬‬
‫‪ -‬أو غررا متوسطا وهو ما اختلف الفقهاء حول إِلحاقه بالغرر اليسير أو اعتباره غررا كثيرا‪،‬‬
‫ومن أمثلة هذا الغرر بيع المشتري المبيع قبل قبضه‪ ،‬وبيع العين الغائبة‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون الغرر في عقد من عقود المعاوضات المالية‪ ،‬كالبيع واإلجارة والشركة‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون في المعقود عليه أصالة‪ ،‬كما في عقود القمار والميسر‪ ،‬وبيع السمك في الماء والطير‬
‫في الهواء‪.‬‬
‫‪ -‬أال تدعو إليه حاجة؛ فإن كانت هناك حاجة للعقد لم يؤثر فيه الغرر حتى ولو كان كثيرا‪.‬‬

‫‪ 3‬منع الظلم‬
‫إن جميع المعامالت المالية في الشريعة اإلسالمية مبنية على أساس العدل ومنع الظلم بجميع أنواعه‬
‫وصوره‪ ،‬على اعتبار أنّ العقود والمعامالت القائمة على أساسه فاسدة سواء كان الظلم على أحد‬
‫الطرفين أو كليهما‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬ضوابط اقتصادية ومالية‬


‫تخضع المؤسسات المالية اإلسالمية لمجموعة من الضوابط االقتصادية والمالية التي تجعل من‬
‫عملها شرعياً‪،‬ويساهم في تحقيق األبعاد التنموية في االقتصاد والمجتمع ندرجها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ 1‬حفظ المال وتنميته‪ :‬وقد عرف حفظ المال على أنه‪" :‬هو حفظ أموال األمة من اإلتالف ومن‬
‫‪2‬‬
‫الخروج إلى أيدي غير األمة بدون عوض‪ ،‬وحفظ أجزاء المال المعتبر عن التلف بدون عوض‪".‬‬

‫مجلة‬ ‫‪ 1‬رياض منصور الخليفي‪" ،‬المقاصد الشرعية وآثارها في فقه المعامالت المالية" ‪،‬‬
‫جامعة الملك عبد العزيز‪ ،‬االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬المجلد‪ ، 11‬العدد االول ‪ ،0222 ،‬ص‪. 07:‬‬
‫‪ 2‬رياض منصور الخليفي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.021:‬‬

‫‪7‬‬
‫المؤسسات المالية اإلسالمية‬ ‫الفصل األول‬

‫ويقوم حفظ المال على‪:‬‬


‫أ استثمار األموال بالطرق المشروعة‪ :‬المقصود اجتناب استثمارها عن طريق المراهنات‬
‫ومشاريع إنتاج خمور ومخدرات‪.‬‬
‫ب استثمار األموال استثمار حقيقي غير وهمي‪ :‬باالبتعاد عن استثمارات ال تحقق قيمة مضافة‬
‫لالقتصاد‪.‬‬
‫ت عدم اكتناز األموال‪ :‬حرمت الشريعة اإلسالمية اكتناز األموال وحبسها عن التداول‪ ،‬لما من اثار‬
‫سلبية عل االقتصاد‪ ،‬حيث يقول ابن القيم الجوزية رحمه اهللا‪":‬فاألثمان ( النقود) ال تقصد ألعيانها‪ ،‬بل‬
‫‪1‬‬
‫يقصد التوصل بها إلى السلع‪ ،‬فإذا صارت في أنفسها سلعا ً تقصد ألعيانها فسد أمر الناس"‪.‬‬
‫‪ - 2‬تحقيق التنمية االقتصادية‬
‫يعتبر تحقيق التنمية الحقيقية بعديها االقتصادي واالجتماعي من بين جملة الضوابط التي يتوجب‬
‫على المصارف اإلسالمية مراعاتها عند تمويل مختلف المشاريع االستثمارية‪ ،‬حيث أنّ تركيزها على‬
‫االستثمار الحقيقي في القطاعات بمختلف أنواعها من شأنه أن يحدث آثاراً إيجابية تتمثل في الوصول‬
‫إلى تنمية شاملة للمجتمع ككل‪.‬‬
‫‪ - 3‬ضابط المخاطرة‬
‫يعتبر عنصر المخاطرة عنصراً مالزما ً للعمليات التجارية واالستثمارية‪ ،‬وتختلف سلوكيات األفراد‬
‫وميوالتهم في تحمل هذا العنصر‪ ،‬فنجد الكاره لها والذي يفضل االستثمار في المشروعات األقل‬
‫مخاطرة‪ ،‬كما نجد المحب للمخاطر والذي يبحث عن تعظيم العوائد‪ ،‬كما وتجدر اإلشارة إلى أنّ درجة‬
‫هذه المخاطر تختلف‪ ،‬حيث نجد منها ما هو ضروري للنمو االقتصادي‪ ،‬كما نجد ما هو ضار ومثبط‬
‫‪2‬‬
‫للنشاط االقتصادي‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬أدوات ومنتجات المؤسسات المالية اإلسالمية‬


‫أوال‪ :‬األدوات التمويلية للمؤسسات المالية اإلسالمية‬
‫تنقسم األدوات التمويلية بالمؤسسات المالية اإلسالمية إلى قسمين هما‪:‬‬
‫‪ -1‬األدوات التمويلية القائمة على الملكية ‪:‬‬

‫‪ 1‬عبد الجبار حمد السبهاني‪ ،‬دراسات متقدمة في النقود والصيرفة االسالمية ‪ ،‬عماد الدين ‪،‬عمان‪ ،‬ط‪ ،0227 ، 1‬ص‪. 01 :‬‬
‫‪ 2‬سامي ابراهيم سويلم‪ ،‬التحوط في التمويل االسالمي ‪،‬المعهد االسالمي للبحوث والتدريب ‪ ،‬جدة ‪ ،‬ط‪ ، 0221، 1‬ص‪. 22‬‬

‫‪8‬‬
‫المؤسسات المالية اإلسالمية‬ ‫الفصل األول‬

‫أ المضاربة‪ :‬المضاربة في اللغة اسم مشتق من الضرب في األرض‪ ،‬أما اصطالحا فتعني إعطاء‬
‫‪1‬‬
‫المال الستخدام هذه األموال في أغراض معروفة ومحددة مقابل نسبة معينة من الربح‪.‬‬
‫وفي المضاربة يقدم األول المال على إن يقوم الثاني ( المضارب ) المتاجرة به في مجال خبرته‬
‫ليقوما باقتسام اإلرباح وفقا للنسب المتفق عليها إما الخسارة يتحملها رب المال إال إذا ثبت تقصير‬
‫‪2‬‬
‫المضارب بعد التحقيق معه‪.‬‬
‫وتنقسم إلى قسمين ‪:‬‬
‫‪ -‬المضاربة المطلقة‪ :‬حرية اختيار المشروع للمضارب‪.‬‬
‫‪ -‬المضاربة المقيدة‪ :‬تحديد مجال المضاربة للمضارب في نشاط معين واذا خالف ذلك كان ضامنا‬
‫‪3‬‬
‫للمال‪.‬‬
‫‪ -‬المشاركة‪ :‬اتفاق بين المؤسسة والعميل للمشاركة في تطوير مشروع قائم وإنشاء مشروع جديد على‬
‫أن يكون اقتسام اإلرباح وفقا لشروط االتفاقية أما المشاركة في الخسائر فوفقا لنصيب المشاركة في‬
‫رأس المال ومن أشكالها‪:‬‬
‫‪ ‬المشاركة الدائمة‪ :‬من صيغ التمويل طويل األجل تبقى ملكية كل طرف من اإلطراف في المشروع‬
‫ثابتة ‪.‬‬
‫‪ ‬المشاركة المنتهية بالتمليك ‪ :‬يساهم المصرف والشريك بنسب معينة على ان يقوم الشريك بشراء‬
‫تدريجي لحصة المصرف من اإلرباح المحصل عليها من المشروع ‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬اساليب التمويل الزراعي ‪ :‬نوع من التمويل يشمل صيغ التمويل الزراعية والتي منها ‪:‬‬
‫‪ ‬المزارعة ‪ :‬اتفاق بين صاحب ارض ومزارع بعمله وخبرته للعمل فيها على ان توزع المحاصيل‬
‫حسب االتفاق‪.‬‬
‫‪ ‬المساقاة ‪ :‬عقد شراكة بين صاحب البستان والشريك القائم على السقي المواالة حتى تنج الثمار ‪.‬‬
‫‪ ‬المغارسة ‪ :‬تقديم االرض المحددة لطرف معين حتى يغرسها باشجار معينة حسب االتفاق ويكون‬
‫الشجر واالنتاج بينهما‪.‬‬
‫‪ -2‬االدوات التمويلية القائمة على المديونية‬

‫‪ 0‬صادق راشد حسين الشمري‪ ،‬أساسيات الصناعة المصرفية اإلسالمية انشطتها التطلعات المستقبلية‪ ،‬دار اليازوري العلمية‪ ،‬عمان االردن‪،‬‬
‫‪ ، 0222‬ص ‪. 22‬‬
‫‪ 2‬صادق راشد حسين الشمري ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪. 22‬‬
‫‪ 3‬احمد شعبا محمد علي ‪ ،‬البنوك اإلسالمية في مواجهة األزمات المالية ‪ ،‬ط‪ ، 1‬دار الفكر الجامعي ‪ ،‬االسكندرية –مصر ‪ ،0212،‬ص ‪111‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ 0‬اسيا سعيدان‪ ،‬صليحة عماري ‪ ،‬تنامي التمويل االسالمي في ظل االزمة المالية العالمية( دراسة حالة دول الشرق األوسط وشمال إفريقيا)‪،‬‬
‫المؤتمر العلمي الدولي حول ‪ :‬االزمة المالية واالقتصادية العالمية المعاصرة من منظر اقتصادي اسالمي ‪،‬جامعة اللعلوم االسالمية ‪،‬عمان –‬
‫االردن ‪ 10،‬ديسمبر ‪ ،0212‬ص ‪.10 :‬‬

‫‪9‬‬
‫المؤسسات المالية اإلسالمية‬ ‫الفصل األول‬

‫أ المرابحة ‪ :‬حيث يتم االتفاق بين البائع والمشتري على ثمن السلعة أخذا في الحسبان الثمن األصلي‬
‫للسلعة ويكون بيع المرابحة في حالة زيادة ربح معين على الثمن األصلي وتنقسم الى قسمين‪:‬‬
‫‪ -‬المرابحة العادية‪ :‬شراء طبعا ألحوال السوق دون وعد مسبق من عميل‪.‬‬
‫‪ -‬المرابحة لالمر بالشراء ‪ :‬تكون بناءا على طلب العميل لشراء نوع معين من السلع‬
‫ب االجارة‪ :‬يتم تمليك المستأجر منفعة مقصودة من الشيء المؤجر لمدة معينة لقاء مقابل معلوم كإجارة‬
‫المساكن واألراضي الزراعية ويشترط فيها أهلية المؤجر والمستأجر والقدرة على استيفاء المنفعة اهم‬
‫انواعها ‪:‬‬
‫‪ -‬عقد اإلجارة التشغيلية ‪ :‬إجارة ال يسبقها وعد بالتمليك ‪.‬‬
‫‪ -‬عقد اإلجارة المنتهية بالتمليك‪ :‬إجارة تنتهي بالتمليك للمحل المؤجر ‪.‬‬

‫‪ -1‬االستصناع‪:‬‬
‫هو تمويل مشروع معين تمويال كامال بواسطة التعاقد مع طالب الصنعة ( على تسليمه المشروع‬
‫كامال بمبلغ محدد ومواصفات محددة وفي تاريخ معين ثم يقوم المصرف بالتعاقد مع مقاول أو أكثر‬
‫لتنفيذه حسب المواصفات المحددة‪ ،‬ويمثل الفرق بين ما يدفعه المصرف وما يسجل على حساب‬
‫‪1‬‬
‫المستصنع ربح المصرف‪.‬‬

‫‪ -4‬السلم‪:‬‬
‫فهو بيع آجل بعاجل‪ ،‬فاآلجل هو السلعة المباعة التي يتعهد البائع بتسليمها بعد أجل محدد‪ ،‬والعاجل‬
‫هو الثمن الذي يدفعه المشتري‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الصكوك اإلسالمية‬
‫‪ -1‬تعريف الصكوك اإلسالمية‬
‫يعرفها البعض على أنها "وثائق متساوية القيمة تمثل حصصا شائعة في موجودات معينة ومباحة‬
‫شرعا‪ ،‬تصدر وفق صيغ التمويل اإلسالمية‪ ،‬وعلى أساس المشاركة في الغنم والغرم‪ ،‬وااللتزام‬
‫بالضوابط الشرعية "‪ ،‬من اهم انواعها‪ :‬صكوك المضاربة والمشاركة والسلم والمرابحة والمزارعة ‪.‬‬

‫‪ -2‬خصائص الصكوك اإلسالمية‪:‬‬


‫يمكن تلخيص أهم خصائصها فيما يلي ‪:‬‬

‫‪ 1‬ميلود بن مسعودة ‪،‬معايير التمويل واالستثمار في البنوك اإلسالمية ‪ ،‬مذكرة ماجيستير (غير منشورة)‪ ،‬كلية العلوم االجتامعية‪ ،‬جامعة الحاج‬
‫لخضرباتنة ‪، 0222/0221،‬ص‪. 22 :‬‬

‫‪01‬‬
‫المؤسسات المالية اإلسالمية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -‬تمثل حصة شائعة في ملكية أصول أو منافع يتعين توفيرها‪ ،‬وال تمثل دينا على مصدرها لحاملي‬
‫الصكوك‪.‬‬
‫‪ -‬أنها تصدر بعقد شرعي بضوابط شرعية بين طرفيها وآلية إصدارها وتداولها والعائد عليها‪.‬‬
‫‪ -‬المضارب ال يتحمل الخسارة إال إذا ثبت تقصيره وهو في نفس الوقت ال يضمن رأس المال لحامل‬
‫‪1‬‬
‫الصك‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬منتجات اخرى للمؤسسات المالية اإلسالمية‬


‫‪ -1‬منتجات التامين التعاوني‬
‫أ الصورة األولى‪ :‬تأسيس جمعية تعاونية بين مجموعة من االفراد يدفع فيها كال منهم قسطا معينا‪،‬‬
‫على أن يدفع لكل مشارك مبلغا معينا عند وقوع الخطر لهذا المشارك‬

‫ب الصورة الثانية‪ :‬وهي أثر تطورا من الصورة األولى‪ ،‬حيث يؤسس المشاركون فيها شركة هم‬
‫حملة اسهمها وهم هيئتها العامة‪ ،‬وهي ليست ربحية‪ ،‬والفائض الذي تحصله هذه تعيده للمساهمين فيها‬
‫بعد حسم المصاريف‪.‬‬
‫ت الصورة الثالثة‪ :‬في هذه الحالة تقوم باستثمار أموال المؤمنين وأقساط التأمين في مشاريع‬
‫‪2‬‬
‫استثمارية‪ ،‬ويعود الريع على المؤمنين دافعي األقساط التأمينية‪ ،‬وعلى أصحاب الشركة‪.‬‬

‫‪ -2‬البطاقات المصرفية اإلسالمية‬


‫أ بطاقة الخصم الفوري‪ :‬تعطى هذه البطاقة للشخص الذي يكون لديه رصيد في حسابه لدى‬
‫المصرف ِ المصدر للبطاقة‪ ،‬حيث تخصم قيمة مشترياته أو خدماته أو مسحوباته النقدية من ورا حسابه‬
‫في المصرف‪.‬‬
‫ب بطاقة الخصم الشهري‪ :‬هي بطاقة تمكن حاملها من استخدامها بعمليات الشراء المختلفة‪ ،‬وتلقي‬
‫الخدمات في شتى انحاء العالم ‪ ،‬إضافة الى عمليات السحب النقدي من خالل األجهزة التابعة في جل‬
‫انحاء العالم‪.‬‬

‫‪ 1‬نوال بن عمارة‪ :‬الصكوك اإلسالمية ودورها في تطوير السوق المالية اإلسالمية (تجربة السوق المالية اإلسالمية الدوليةالبحرين)‪ ،‬مجلة‬
‫الباحث‪ ،‬العدد‪ ، 27 :‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ، 0211 ،‬ص‪020. :‬‬
‫‪ 2‬هايل داوود‪ ،‬االستثمار في التامين ( مؤتمر التامين التعاوني )‪،‬الجامعة األردنية‪،‬عمان األردن ‪ 1110‬افريل ‪ ،0212‬ص‪.2 :‬‬

‫‪00‬‬
‫المؤسسات المالية اإلسالمية‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث الثاني‪ :‬نجاحات وتطور المؤسسات المالية اإلسالمية‬


‫شهدت المؤسسات المالية اإلسالمية تطورات كبيرة خالل السنوات األخيرة‪ ،‬خاصة بعد األزمة‬
‫المالية العالمية ‪ ،8002‬مما جعلها محط إعجاب العالم لما حققته من انجازات سواءا تعلق األمر‬
‫بمواجهتها الناجحة لهذه األزمة وخروجها منها بأقل الخسائر‪ ،‬أو بسبب إنجازاتها األخرى‪ ،‬وسنحاول‬
‫في هذا عرض أهم إنجازات المؤسسات المالية اإلسالمية‪ ،‬فضال عن التطرق عن تطورها الكبير‬
‫‪1‬‬
‫والمعوقات التي تواجه هذه المؤسسات‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬نجاحات المؤسسات المالية اإلسالمية في مواجهة األزمة المالية العالمية‬
‫أوال‪ :‬ماهية األزمة المالية العالمية‬
‫عانى االقتصاد العالمي في عام ‪ 8002‬م‪ ،‬من أزمة مالية حادة أدت إلى حدوث انهيارات‬
‫وإفالسات في العديد من المؤسسات العمالقة أمثال بنك ليمان براذرز وامتد األثر إلى حدوث اختالالت‬
‫اقتصادية كبيرة في االقتصاد العالمي‪ ،‬وال يزال االقتصاد العالمي لحد اآلن يعاني من اآلثار السلبية‬
‫‪2‬‬
‫لألزمة المالية العالمية‪ ،‬وخير مثال على ذلك استمرار أزمة الديون األوروبية‪.‬‬

‫‪ -1‬أسباب األزمة العالمية‬


‫لقد اختلف االقتصاديون في تحديد أسباب األزمة المالية العالمية‪ ،‬لكن سوف نحاول تلخيص أهم‬
‫أسبابها بما يلي‪:‬‬
‫قيام المصارف باإلقراض المفرط وغير الحذر‪ ،‬ومن العوامل التي ساعدت المصارف على هذه العملية‪.‬‬
‫عدم مالئمة انضباط السوق في النظام المالي والتوسع في المشتقات‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫قيام البنك المركزي في كل أزمة بإنقاذ المصارف الكبرى وحمايتها من اإلفالس‪.‬‬
‫نقص أو انعدام الرقابة واإلشراف الكافي على المؤسسات المالية‪ ،‬بما فيها شركات الرهن العقاري‬
‫األمريكية؛‬
‫انفصال االقتصاد المالي عن االقتصاد الحقيقي‪ ،‬حيث أصبح التعامل في النقود والتمويل ذاته بيعا‬
‫‪4‬‬
‫وشراء من خالل المداينة واالئتمان‪.‬‬

‫‪ 1‬رياض المومني‪ :‬األزمة المالية واالقتصادية العالمية (أسبابها وإمكانية تجنبها من منظور إسالمي)‪ ،‬المؤتمر العلمي الدولي حول‪ :‬األزمة‬
‫المالية واالقتصادية العالمية المعاصرة من منظور اقتصادي إسالمي ‪ ،‬جامعة العلوم الساالمية العالمية ‪،‬عمان األردن ‪ 10،‬ديسمبر ‪،0212‬‬
‫ص‪.12‬‬
‫‪2‬‬
‫‪M. Umar Chapra: The Global Financial Crisis (Can Islamic Finance Help Minimize The Severity And‬‬
‫‪Frequency Of Such A Crisis In The Future?), A paper prepared for presentation at the Forum on the Global‬‬
‫‪Financial Crisis, Islamic Development Bank , Jeddahkingdom‬‬
‫‪ 0‬عادل بن عبد هللا باريان ‪ :‬تقييم تج ربة المصارف اإلسالمية في ظل األزمة المالية والدروس المستفادة (رؤية شرعية اقتصادية استشرافية‬
‫الملتقى الدولي األول حول‪ :‬االقتصاد اإلسالمي الواقع والتحديات ‪ ،‬جامعة غرداية ‪ 0002‬فيفري ‪ ،0211‬ص ص ‪.22:‬‬
‫‪ 2‬عمر ياسين محمود خضيرات‪ :‬دور الهندسة المالية اإلسالمية في معالجة األزمة االقتصادية والمالية المعاصرة‪ ،‬الملتقى الدولي األول حول‪:‬‬
‫االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬الواقع‪..‬ورهانات المستقبل ‪ ،‬جامعة غرداية ‪ 0002‬فيفري ‪ ، 0211‬ص ص ‪. 712 :‬‬

‫‪02‬‬
‫المؤسسات المالية اإلسالمية‬ ‫الفصل األول‬

‫التوسع في عمل شركات اإلقراض العقاري‪ ،‬من خالل تيسير الوصول إلى اإلقراض‪ ،‬قامت هذه‬
‫الشركات ببيع القروض على شكل سندات دين إلى أفراد ومؤسسات داخل الواليات المتحدة األمريكية‬
‫و خارجها‪ ،‬والتي استخدمت كضمان للحصول على قروض أخرى‪ ،‬وتكررت العملية‪ ،‬حيث بلغت نسبة‬
‫القروض عالية المخاطر التي تم تحويلها إلى سندات وبيعها إلى مستثمرين في األسواق المالية بين ‪90‬‬
‫‪ %20%‬خالل الفترة ‪. 8003/8000‬‬

‫كانت األعباء المالية على األسر األمريكية منخفضة في البداية لما كان سعر فائدة البنك المركزي‬
‫منخفض‪ ،‬لكن قروض الرهن العقاري كانت ممنوحة بمعدل فائدة متغيرة‪ ،‬وعلى هذا األساس ومع‬
‫االرتفاع المفاجئ لمعدالت الفوائد في األسواق المصرفية األمريكية من ‪ %8‬إلى حوالي ‪ ،%9‬جعل‬
‫األسر األمريكية ضعيفة المالءة غير قادرة على تحمل أعباء ديونها‪ ،‬فتوقف عدد كبير من المقترضين‬
‫عن سداد األقساط المالية المستحقة عليهم؛ وتفاقمت األزمة مع مرور الوقت‪ ،‬ما تسبب في انهيار‬
‫أسعار العقارات في الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬وبالتالي تضرر البنوك المختصة في القروض عالية‬
‫‪1‬‬
‫المخاطر أكثر من غيرها من ارتفاع نسب الفوائد‪.‬‬

‫من بين أهم أسباب األزمة من منظور إسالمي التعامل بالربا وبيع الديون‪ ،‬حيث أن عمليات البنوك‬
‫تقوم على أساس المتاجرة بالديون (القروض) والنقود‪ ،‬فالبنك يقترض بفائدة ويقرض بفائدة أعلى‪،‬‬
‫ويربح الفرق بين الفائدتين الدائنة والمدينة‪ ،‬وتزداد الفائدة على المتأخرين في السداد من خالل غرامات‬
‫التأخير‪ ،‬ويجيز النظام الرأسمالي بيع دين الشخص األول إلى شخص ثان وثالث ورابع‪ ،‬فتنشأ بهذا‬
‫ديون متراكمة جبال‪ ،‬فإذا حدث تأخر في التسديد أو امتناع عنه‪ ،‬أمكن انهيار هذه الجبال وأمكن وقوع‬
‫‪2‬‬
‫األزمات ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬آثار األزمة على المؤسسات المالية اإلسالمية‬


‫أثبتت المؤسسات المالية اإلسالمية أنها هي األجدر في معالجة وتخطي األزمات المالية‬
‫واالقتصادية فقد دعا كثير من الساسة واالقتصاديين في العالمين اإلسالمي والغربي‪ ،‬فضال عن رجال‬
‫الدين إلى االستفادة من التعاليم األخالقية التي يتصف بتا االقتصاد اإلسالمي وتلتزم بتا المؤسسات‬
‫المالية اإلسالمية‪ ،‬فعلى سبيل المثال ال الحصر فقد كان أداء المصارف المتوافقة مع الشريعة األفضل‬

‫‪ 1‬إبراهيم أبو العال وآخرون‪ :‬األزمة المالية العالمية (أسباب وحلول من منظور إسالمي)‪ ،‬ط ‪ ،1‬مركز النشر العلمي جامعة الملك عبد العزيز‪،‬‬
‫جدة السعودية‪ ، 0227 ،‬ص‪.022.:‬‬
‫‪ 2‬عبد القادر زيتوني‪ :‬التصكيك اإلسالمي‪ ،‬ركب المصرفية اإلسالمية في ظل األزمة العالمية‪ ،‬المؤتمر العلمي الدولي حول‪ :‬األزمة المالية‬
‫واالقتصادية العالمية المعاصرة من منظور اقتصادي إسالمي‪ ،‬جامعة العلوم اإلسالمية العالمية‪ ،‬عمان األردن ‪ 0_1،‬ديسمبر ‪،0212‬ص‬
‫‪.11‬‬

‫‪03‬‬
‫المؤسسات المالية اإلسالمية‬ ‫الفصل األول‬

‫بالمقارنة مع المصارف األخرى في ظل األزمة‪ 1،‬وهذا ما يؤكده عدد من الخبراء والمسئولين في‬
‫بعض المصارف والمؤسسات المالية اإلسالمية‪ ،‬حيث أنهم يرون عدم تأثر المصارف اإلسالمية باألزمة‬
‫المالية العالمية‪ ،‬مبينين أن التأثر إن وجد فهو محدود تبعا لطبيعة نشاط المصارف اإلسالمية‪ ،‬وأوضح‬
‫هؤالء الخبراء أن المصارف اإلسالمية لم تمسها األزمة المالية بالشكل السلبي الذي مس مثيالتها‬
‫التقليدية بسبب طبيعة تعامالتها‪ ،‬خاصة أنها ال تتعامل في بيع الديون إلى جانب‪ ،‬بعد المصارف‬
‫‪2‬‬
‫اإلسالمية عن المضاربات الكبيرة التي تحدث في المصارف األمريكية واألوروبية‪.‬‬

‫باختصار يمكن القول أن المؤسسات المالية اإلسالمية لم تدخر جهدا في مواجهة األزمة المالية‬
‫العالمية‪ ،8002‬حيث أنها خرجت منها بأقل الخسائر بالمقارنة مع نظيراتها التقليدية‪ ،‬وهذا بشهادة‬
‫العاملين في هذه األخيرة‪ ،‬ولم يتأتى للمؤسسات المالية اإلسالمية تحقيق هذا النجاح إال بفضل مرونة‬
‫‪3‬‬
‫منتجاتها والتزامها بالضوابط الشرعية التي تحكمها‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬النجاحات األخرى المحققة من طرف المؤسسات المالية اإلسالمية‬


‫يمكن عرض أهم نجاحات المؤسسات المالية اإلسالمية كالتالي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬توجه المؤسسات المالية التقليدية إلى تبني المعامالت المالية اإلسالمية‪:‬‬
‫في ظل المنافسة التي فرضتها المؤسسات المالية اإلسالمي سارع العديد من المصارف التقليدية‬
‫في البلدان اإلسالمية وغير اإلسالمية‪ ،‬إلى إنشاء فروع وفتح نوافذ خاصة بالمعامالت المالية اإلسالمية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬إشادة المنظمات الدولية المختصة ومسئولين وخبراء اقتصاديين غربيين بالتمويل‬
‫اإلسالمي‪:‬‬
‫أشاد صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لإلنشاء والتعمير بتجربة الصيرفة اإلسالمية بشكل‬
‫خاص أثناء األزمة المالية العالمية‪ ،‬إلى جانب اهتمام الجامعات األمريكية التي حققت أشواطا كبيرة في‬
‫تدريس قضايا االقتصاد اإلسالمي وأنشطة التمويل المرتبطة بالمصرفية اإلسالمية لتلحقا أوروبا‪ ،‬حيث‬
‫نجد بريطانيا رائدة في هذا المجال‪ ،‬إذ يوجدبها ثالث جامعات متبنية فكرة االقتصاد واالستثمار‬
‫اإلسالمي‪ ،‬ومن بين المسئولين الغربيين الذين صرحوا بإعجابهم بالتمويل اإلسالمي نجد كريستين‬
‫الجارد رئيس صندوق النقد الدولي التي اعترفت علنا بأنها تفضل تطبيق نظام التمويل اإلسالمي‪ ،‬وقال‬

‫‪ 0‬محمد علي أبو شعلة‪ :‬األزمة المالية العالمية وأثرها في التوجهات الغربية نحو المصرفية اإلسالمية‪ ،‬المؤتمر العلمي الدولي حول‪ :‬األزمة‬
‫المالية واالقتصادية العالمية المعاصرة من منظور اقتصادي إسالمي‪ ،‬جامعة العلوم اإلسالمية‪ ،‬العالمية‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن ‪10،‬‬
‫ديسمبر‪،0212‬ص‪.2‬‬
‫‪ 0‬عوض بن عوض يسلم‪ :‬مدى تأثر المصارف اإلسالمية بتداعيات األزمة المالية العالمية‪ ،‬الملتقى الدولي األول حول‪" :‬االقتصاد اإلسالمي‪،‬‬
‫الواقع‪ ،‬ورهانات المستقبل"‪ ،‬جامعة غرداية‪ 02،‬فيفري ‪ ، 0211‬ص ‪.12:‬‬
‫‪ 1‬أشرف رفيق‪ :‬األزمة العالمية شجعت سوق الصكوك اإلسالمية‪ ،‬صفحة الكترونية للبيان االقتصادي‪ ، :‬تاريخ التصفح ‪.0211/20/12:‬‬
‫‪http://www.albayan.ae/economy/capitalmarkets/201202161.1593285‬‬

‫‪04‬‬
‫المؤسسات المالية اإلسالمية‬ ‫الفصل األول‬

‫مارك شاندلر رئيس إستراتيجية العمالت على مستوى العالم لدى براون براذرز هاريمان‪" :‬من مصلحة‬
‫الواليات المتحدة أن تكون هناك أسواق مال إسالمية فهي ستطور التنمية االقتصادية وبالتالي تدعم‬
‫االستقرار‪ ،‬ويساعد ذلك على ربط المنطقة وسكانها باالقتصاد العالمي‪ ،‬ويمنحهم حصة اكبر في رخاء‬
‫العالم‪ ،"...‬وفي نفس السياق طالب رئيس تحرير صحيفة لوجورنال د فينانس روالن السكين بضرورة‬
‫تطبيق الشريعة اإلسالمية في المجال المالي واالقتصادي لوضع حد لألزمات التي تهز أسواق العالم‬
‫من جراء التالعب بقواعد التعامل واإلفراط في المضاربات الوهمية غير المشروعة‪ ،‬وغير هؤالء‬
‫المسئولين الكثير من الكتاب والباحثين ممن أشادوا بالتمويل اإلسالمي وتجربة المؤسسات المالية‬
‫اإلسالمية من أمثال الباحثة االيطالية لوريتا نابوليوني‪ ،‬ورئيس تحرير مجلة تشالينجز بوفيس‬
‫‪1‬‬
‫فانسون‪...‬الخ‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬تطور المؤسسات المالية اإلسالمية‬


‫أوال‪ :‬تطورالتمويل اإلسالمي والصيرفة السالمية عالميا‬
‫ال يزال التمويل اإلسالمي يشهد نموا متسارعا كونه يمتلك العديد من المقومات التي تحقق له‬
‫األمن واألمان وتقليل المخاطر ومن المتوقع أن تشه المؤسسات المالية والمصرفية اإلسالمية تطوراً‬
‫واسعا ً السيما فيما يتعلق بتحسين نوعية الخدمات وابتكار منتجات جديدة للوصول إلى قاعدة أوسع من‬
‫الزبائن‪.‬‬
‫وقد زاد عدد المؤسسات التي تقدم الخدمات المالية اإلسالمية في العالم من نحو ‪ 146‬مؤسسة في‬
‫العام ‪ 8031‬الى ‪ 190‬مؤسسة بنهاية العام ‪ 8034‬تعمل في ‪ 19‬دولة‪ ،‬بحسب مجلة ‪ The Banker‬وهي‬
‫تقسم بين ‪ 810‬مسجلة كمؤسسات إسالمية بالكامل‪ ،‬و‪ 330‬مؤسسات تقليدية تقدم خدمات مالية إسالمية‬
‫‪2‬‬
‫عبر نوافذ متخصصة‪.‬‬
‫فقد بلغ عدد عمالء المصارف اإلسالمية حول العالم ‪ 12‬مليون ‪ ،2013/2014‬رغم ذلك إال‬
‫أن األصول المتوافقة مع الشريعة اإلسالمية تمثل فقط حوالي ‪ %8‬من األصول المالية العالمية في العام‬
‫‪.8034‬‬
‫بلغ حجم األصول المتوافقة مع الشريعة حول حوالي ‪ 36899‬مليار دوالر في العام ‪8031‬‬
‫(بزيادة ‪ %2.9‬عن العام ‪ )8038‬وحوالي ‪ 36168‬مليار دوالر بنهاية العام ‪( 8034‬بزيادة ‪)%30.0‬‬
‫مليار دوالر أمريكي اعتبارا من ‪ 8031‬بزيادة بنسبة ‪ ،% 11‬كما بلغ معدل‬ ‫لتصل الى ‪36220‬‬

‫‪.0210/20/02‬‬ ‫التصفح‪:‬‬ ‫تاريخ‬ ‫للعربية‪،‬‬


‫‪ 1‬األصول اإلسالمية تجاوزت تريليون دوالر‪ ،‬صفحة الكترونية‬
‫‪http://www.alarabiya.net/articles/2012/01/23/190092.html‬‬
‫‪ 0‬الثروات اإلسالمية بين األسرع نموا في العالم‪ ،‬صفحة الكترونية للعربية نت ‪ :‬تاريخ التصفح ‪.0211/20/02:‬‬
‫‪http://www.alarabiya.net/articles/2012/02/18/195382.html‬‬

‫‪05‬‬
‫المؤسسات المالية اإلسالمية‬ ‫الفصل األول‬

‫النمو السنوي لألصول اإلسالمية خالل الفترة ‪ 80098034‬حوالي ‪ . %31.9‬ومن المتوقع ان يصل‬
‫حجم هذه األصول بنهاية العام ‪ 8032‬الى ‪ 1.4‬تريليون دوالر‪.‬‬
‫وتشكل المصارف اإلسالمية الجزء األهم واألكبر من النظام المالي اإلسالمي وتحتل أصول هذه‬
‫المصارف حوالي ‪ %20‬من إجمالي أصول التمويل اإلسالمي تليها السندات اإلسالمية (أوالصكوك)‬
‫بنسبة ‪ %31‬ثم صناديق اإلستثمار اإلسالمية بنسبة ‪ ،%4‬وأخيراً صناعة التأمين اإلسالمي (أو التكافل)‬
‫‪1‬‬
‫بنسبة ‪.%3‬‬
‫الشكل (‪ :)1-1‬حجم األصول المتوافقة مع الشريعة (مليار دوالر) ونسب نموها (‪)%‬‬

‫التقرير السنوي الستقرار الخدمات المالية اإلسالمية‪،‬سنة‪ ،0212‬ص‪www.ifsb.org .22‬‬ ‫المصدر‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬االنتشار العالمي للمؤسسات المالية اإلسالمية‬


‫يتركز التمويل اإلسالمي العالمي بشكل كبير في منطقة الشرق األوسط وشمال أفريقيا حيث يوجد‬
‫حاليا ً حوالي ‪ %92.6‬من أصول المؤسسات المالي ّة‪ ،‬وتستحوذ دول الخليج العربية على نسبة ‪%40.1‬‬
‫من أصول المؤسسات اإلسالمية حول العالم‪ ،‬في حين أن باقي منطقة الشرق األوسط وشمال أفريقيا‬
‫تستحوذ على نسبة ‪ %12.9‬من األصول المالية اإلسالمية‪ .‬في المقابل‪ ،‬تستحوذ آسيا على نسبة‬
‫‪ %32.9‬من األصول اإلسالمية‪ ،‬ومنطقة أفريقيا جنوب الصحراء على نسبة ‪ ،%0.2‬وأوروبا وأميركا‬
‫‪2‬‬
‫واستراليا مجتمعة على نسبة ‪.%3.9‬‬

‫الجدول (‪ :)1-1‬توزيع األصول اإلسالمية بحسب األقاليم (مليار دوالر)‬


‫األصول‬ ‫الصكوك‬ ‫صناديق‬ ‫مؤسسات‬ ‫المنطقة‬
‫المصرفية‬ ‫اإلسالمية‬ ‫االستثمار‬ ‫التكافل‬
‫اإلسالمية‬ ‫اإلسالمي‬
‫‪ 1‬صفحة الكترونية للتصفح ‪ :‬قائمة أقوى المصارف اإلسالمية في العالم ‪ ،‬تاريخ التصفح ‪http://amwalmag.com ،0211/20/02 :‬‬
‫‪ 2‬التقرير السنوي الستقرار الخدمات المالية اإلسالمية ‪ ،‬سنة ‪ ، 0212‬ص ‪www.ifsb.org . 22‬‬

‫‪06‬‬
‫المؤسسات المالية اإلسالمية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪209.3‬‬ ‫‪174.7‬‬ ‫‪23.2‬‬


‫‪5.2‬‬ ‫اسيا‬
‫‪598.8‬‬ ‫‪103.7‬‬ ‫‪31.2‬‬
‫‪10.4‬‬ ‫دول مجلس التعاون الخليجي‬
‫‪607.5‬‬ ‫‪9.4‬‬ ‫الشرق الوسط وشمال افريقيا باستثناء ‪7.1‬‬
‫‪0.3‬‬
‫دول مجلس التعاون الخليجي‬
‫‪24.0‬‬ ‫‪0.7‬‬ ‫‪1.4‬‬ ‫‪0.5‬‬ ‫افريقيا جنوب الصحراء الكبرى‬
‫‪56.9‬‬ ‫‪2.1‬‬ ‫‪15.2‬‬ ‫–‬ ‫دول أخرى‬
‫‪1496.5‬‬ ‫‪290.6‬‬ ‫‪71.3‬‬ ‫‪23.2‬‬ ‫المجموع‬
‫المصدر‪ ، www.ifsb.org :‬تاريخ التصفح‪12h11 ،0211/20/02 :‬‬
‫الجدول(‪ :)1-2‬ترتيب أول ‪ 22‬دولة بحسب مجموع األصول اإلسالمية – ‪2212‬‬

‫المصدر‪ ،www.ifsb.org :‬تاريخ التصفح‪16h00 ،0211/20/02 :‬‬

‫‪07‬‬
‫المؤسسات المالية اإلسالمية‬ ‫الفصل األول‬

‫ثالثا‪ :‬نمو المؤسسات المالية اإلسالمية‬


‫‪1‬‬
‫‪ -1‬المصارف االسالمية‬
‫ازداد الطلب على المنتجات المصرفية والمالية اإلسالمية والتي تستند إلى الشفافية والضوابط‬
‫الشرعية خالل العقد الماضي‪ ،‬تطورت الصيرفة اإلسالمية بشكل كبير وحققت نسب نمو فاقت بشكل‬
‫واضح نسب نمو المصارف التقليدية‪ ،‬حيث بلغ معدل النمو السنوي خالل الفترة ‪ 8038/8006‬حوالي‬
‫‪ %33‬للمصارف اإلسالمية مقابل ‪ %9.2‬للتقليدية لكن أرباح المصارف اإلسالمية لم تنمو بنفس‬
‫الوتيرة فقد بلغ إجمالي العائد على األصول خالل الفترة ‪ 80068038‬حوالي ‪ %3.13‬في المصارف‬
‫اإلسالمية (بإستثناء تلك الموجودة في إيران والسودان ألن قطاعيهما المصرفيان اسالميان بالكامل)‬
‫مقابل ‪ %8.38‬في المصارف التقليدية في الدول نفسها‪ ،‬وفي العام ‪ ،8031‬بلغ متوسط العائد على‬
‫‪2‬‬
‫حقوق الملكية في أكبر ‪ 80‬مصرف إسالمي حوالي ‪ %38‬مقابل ‪ %31‬في أكبر ‪ 80‬مصرف تقليدي‪.‬‬

‫‪ -2‬الصكوك (السندات االسالمية)‬


‫الصكوك هي التسمية التي تطلق على سندات الدين االسالمية وقد تطورت الصكوك لتكون أداة‬
‫فعالة إلدارة رأس المال والنمو حيث تزايد الطلب العالمي على الصكوك اإلسالمية كأحد األدوات المالية‬
‫اإلسالمية التي تسهم بصورة فعالة في تمويل المشاريع الكبرى خاصة مشروعات البني التحتية‪ ،‬وشهدت‬
‫إصدارات الصكوك عالميا ً نمواً ملحوظا ً في السنوات القليلة الماضية خصوصا ً بعد األزمة المالية‬
‫العالمية‪ ،‬فارتفعت من ‪ 80‬مليار دوالر عام ‪ 8002‬الى حوالي ‪ 11‬مليار دوالر عام ‪( 8006‬بزيادة‬
‫‪ ،)%91‬و‪ 44.9‬مليار دوالر عام ‪( 8030‬بزيادة ‪ ،)%86‬لتبلغ ‪ 21‬مليار دوالر في العام ‪8033‬‬
‫(بزيادة ‪ ،)%60‬و‪ 313‬مليار دوالر بنهاية العام ‪( 8038‬بزيادة ‪ ،)%14‬و‪ 338‬مليار دوالر عام‬
‫‪ ،8031‬وحوالي ‪ 339‬مليار دوالر بنهاية العام ‪ .8034‬ومن المرجح أن تحافظ على زخم النمو‬
‫وتتجاوز ‪ 310‬مليار دوالر بنهاية العام ‪ 8031‬و‪ 810‬مليار دوالر بحلول العام ‪ ،8080‬وتعتبر‬
‫الصكوك السيادية المحرك الرئيسي لسوق الصكوك العالمية حيث تجاوزت اإلصدارات السيادية ‪%90‬‬
‫من إجمالي اإلصدارات بين عامي ‪ 8038‬و‪. 8034‬‬

‫وقارة آسيا هي السوق األكبر واألكثر نمواً للصكوك‪ ،‬حيث ال تزال ماليزيا تهيمن على اصدارات‬
‫الصكوك العالمية‪ ،‬وبحسب تقرير بيت التمويل الكويتي‪ ،‬استحوذت ماليزيا على ‪ %94.9‬من الحصة‬
‫العالمية إلصدارات الصكوك حتى نهاية نوفمبر‪/‬تشرين الثاني عام ‪ 8034‬تلتها السعودية (‪،)%30.1‬‬

‫‪ 1‬األصول اإلسالمية تجاوزت تريليون دوالر‪ ،‬صفحة الكترونية للعربية‪ ،‬تاريخ التصفح‪.0211/20/02 :‬‬
‫‪http://www.alarabiya.net/articles/2012/01/23/190092.html‬‬
‫‪ 2‬التقرير السنوي الستقرار الخدمات المالية اإلسالمية ‪ ،‬سنة ‪ ، 0212‬ص ‪www.ifsb.org : 22‬‬

‫‪08‬‬
‫المؤسسات المالية اإلسالمية‬ ‫الفصل األول‬

‫فاندونسيا (‪ ،)%1.4‬فاإلمارات العربية المتحدة (‪ ،)%1‬فتركيا (‪ ،)%1.9‬فقطر والبحرين (حوالي‬


‫‪ ،)%8‬وشهدت إصدارات الصكوك خالل العام ‪ 8034‬إنتشاراً جغرافيا ً واسعا ً حيث انخفضت حصة‬
‫أول خمس دول من ‪ %61‬من اإلصدارات العالمية عام ‪ 8031‬الى ‪ %26‬عام ‪.8034‬‬
‫‪ -3‬صناديق اإلستثمار اإلسالمية‬
‫بلغ حجم أصول الصناديق اإلستثمارية اإلسالمية حوالي ‪ 99‬مليار دوالر حتى نهاية الفصل‬
‫الثالث من العام ‪ .8034‬وتستحوذ دول الخليج العربية على حوالي ‪ %10‬من إجمالي أصول الصناديق‬
‫اإلسالمية والسعودية وماليزيا على ‪ %91‬منها‪ ،‬وتجدر اإلشارة إلى أن حجم أصول الصناديق‬
‫اإلستثمارية اإلسالمية في أوروبا بلغ حوالي ‪ 38‬مليار دوالر (‪ %39‬من اإلجمالي العالمي) خالل تلك‬
‫‪1‬‬
‫الفترة‪ .‬كما إرتفع عدد الصناديق اإلسالمية من ‪ 821‬عام ‪ 8004‬إلى حوالي ‪ 36393‬عام ‪.8034‬‬

‫الشكل (‪ :)1-2‬توزع صناديق اإلستثمار اإلسالمية حول العالم – ‪8034‬‬

‫المصدر‪ :www.ifsb.org :‬تاريخ التصفح‪.14h00 ،0211/20/10 :‬‬

‫‪ -2‬التأمين التكافلي‬
‫شهد سوق التأمين التكافلي نمواً قويا ً في السنوات القليلة الماضية وسجل معدل سنوي بلغ‬
‫‪ %32.3‬خالل الفترة ‪ 80068034‬تتراوح حصة قطاع التكافل ما بين ‪ %3.3‬و‪ %3.8‬من إجمالي‬
‫األصول المالية اإلسالمية)‪ ،‬إرتفع إجمالي مساهمات التكافل (بإستثناء إيران) من ‪ 30.2‬مليار‬
‫دوالرعام ‪ ،8038‬الى و‪ 38.1‬مليار دوالرعام ‪ ،8031‬و‪ 34‬مليار دوالر عام ‪ ،8034‬و‪ 39.3‬مليار‬
‫دوالر بنهاية العام ‪ ،8031‬و‪ 32.193‬عام ‪8039‬عام‪ ،‬وتستحوذ السعودية على ‪ %42‬من إجمالي‬
‫‪2‬‬
‫مساهمات التكافل تليها ماليزيا واندونيسيا (‪ ،)%10‬ودول الخليج األخرى (‪.)%31‬‬

‫‪ 1‬إتحاد المصارف العربية إدارة الدراسات والبحوث‪ ،‬صفحة الكترونية للتصفح‪ :‬تاريخ التصفح‪:‬‬
‫‪www.uabonline.org/ar/research/financial .0211/20/10‬‬

‫‪ 2‬مجلة مصرفية واقتصادية ربع سنوية تصدرها اإلدارة العامة للسياسات والبحوث واإلحصاء بنك السودان المركزي‪ ،‬العدد ‪ 22‬يونيو ‪0212‬‬
‫‪.‬‬

‫‪09‬‬
‫المؤسسات المالية اإلسالمية‬ ‫الفصل األول‬

‫الشكل (‪ :)1-3‬تطور إجمالي مساهمات التكافل (مليون دوالر)‬

‫المصدر‪ :‬مجلة مصرفية واقتصادية شهرية‪ ،‬اتحاد المصارف العربية ‪ ،‬العدد ‪ ، 202‬جانفي ‪.0211‬‬

‫رابعا‪ :‬تطور المؤسسات المصرفية اإلسالمية العربية‬


‫تحتل المصارف العربية مركزاً مهما ً ضمن المصارف اإلسالمية حول العالم سواء من حيث‬
‫العدد أوالحجم‪ ،‬فمن أصل أكبر ‪ 300‬مصرف إسالمي في العالم يوجد ‪ 48‬مصرفا ً عربياً‪ 14 ،‬منهم‬
‫في دول الخليج (بما فيها أكبر ‪ 30‬مصارف)‪ .‬وقد بلغ حجم أصول المصارف اإلسالمية في دول الخليج‬
‫حوالي ‪ 160‬مليار دوالر بنهاية العام ‪ 8033‬و‪ 441‬مليار دوالر في عام ‪ ،8038‬و‪ 460‬مليار دوالر‬
‫في النصف األول من عام ‪ ،8031‬الحصة يبّين الجدول رقم ‪ 1‬البيانات المالية األساسية ألكبر ‪30‬‬
‫مجموعات مصرفية إسالمية عربية خالل ‪ 8034‬و‪ .8031‬تتوزع تلك المصارف العشرة بحسب‬
‫الدول العربية على الشكل التالي‪ 4 :‬مصارف سعودية‪ ،‬مصرفان من كل من اإلمارات وقطر‪ ،‬ومصرف‬
‫واحد من كل من البحرين والكويت‪ُ ،‬تظهر البيانات أن مصرف الراجحي يسيطر على حوالي ‪%84‬‬
‫من الموجودات المجمعة ألكبر عشرة مصارف إسالمية في الوطن العربي‪ ،‬ونسبة ‪ %89‬من ودائعها‪،‬‬
‫و‪ %84‬من القروض‪ ،‬و‪ %89‬من حقوق الملكية‪ .‬كما بلغت الحصة السوقية ألكبر ثالث مجموعات‬
‫‪1‬‬
‫مصرفية حوالي ‪ %18‬من الموجودات‪ ،‬و‪ %13‬من الودائع‪.‬‬

‫‪ 1‬مجلة مصرفية واقتصادية شهرية‪ ،‬اتحاد المصارف العربية ‪ ،‬العدد ‪ ، 202‬جانفي ‪.0211‬‬

‫‪21‬‬
‫المؤسسات المالية اإلسالمية‬ ‫الفصل األول‬

‫الجدول (‪ :)1-2‬بيانات اول ‪30‬مصارف عربية إسالمية‬

‫المصدر‪ :‬عبد العزيز شاكر حمدان الكبيسي‪" ،‬المصارف اإلسالمية و أهم التحديات المعاصرة"‪"،‬مؤتمر‬
‫المؤسسات المالية اإلسالمية"‪ ،‬كلية الشريعة و القانون‪ ،‬جامعة اإلمارات العربية المتحدة‪،0212 ،‬‬
‫ص‪.1720‬‬
‫المبحث الثالث ‪ :‬تحديات المؤسسات المالية اإلسالمية‬
‫أدى نجاح المؤسسات المالية اإلسالمية وتحول عدد كبير من الدول نحو الصناعة المالية‬
‫اإلسالمية ولو بصفة تدريجية إلى وضع هاته األخيرة أمام تحديات يمكن ان نحصرها في ما يلي‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تحديات من داخل المؤسسات المالية اإلسالمية‬


‫أوال‪ :‬التحديات الداخلية‬
‫الصناعة المالية اإلسالمية صناعة ناشئة‪ ،‬مقارنة بنظيرتها التقليدية التي بدأت أعمالها قبل قرنين‬
‫من الزمان‪ ،‬وبالتالي فهي بحاجة ماسة إلى بناء نفسها حتى تقوى وتستطيع تحقيق الهدف المطلوب‬
‫منها‪ ،‬وهذا في حد ذاته تحد كبير للغاية في ظل التنافس المتزايد العتبارات النشأة الحديثة أو العتبارات‬
‫العولمة وتحرير تجارة الخدمات‪ ،‬والنظر إلى هذا التحدي يتطلب مواجهة مع الذات لكل بنك على حدة‪،‬‬
‫وهو واجب فردي على كل بنك أن يقوم به ويضع له الخطة المناسبة‪ ،‬ومن القضايا الواجب النظر إليها‬
‫‪1‬‬
‫بعناية تامة‪:‬‬
‫‪ -‬كفاءة اإلدارة التنفيذية وسالمتها‪ ،‬مع االلتزام الشرعي لألفراد واألنظمة واإلجراءات‪.‬‬
‫‪ -‬الرقابة الداخلية الفنية والشرعية‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد العزيز شاكر حمدان الكبيسي‪" ،‬المصارف اإلسالمية و أهم التحديات المعاصرة"‪"،‬مؤتمر المؤسسات المالية اإلسالمية"‪ ،‬كلية الشريعة‬
‫و القانون‪ ،‬جامعة اإلمارات العربية المتحدة‪ ،0212 ،‬ص‪. 1720‬‬

‫‪20‬‬
‫المؤسسات المالية اإلسالمية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -‬التطوير المستمر لألدوات والفرص االستثمارية‪.‬‬


‫‪ -‬العناية بمصالح المساهمين‪ ،‬مع أداء حقوق المودعين وعدم التفريط بها لصالح المساهمين الذين‬
‫يعينون اإلدارة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬إنشاء قواعد البيانات والمعلومات بما يخدم مقتضيات العولمة واالنفتاح وتحرير الخدمات‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تحديات في نطاق االلتزام بالشريعة اإلسالمية‬


‫المؤسسات المالية اإلسالمية هو التزامها باألحكام الشرعية في‬ ‫باعتبار أن أساس نجاح‬
‫المعامالت المالية‪ ،‬فإن الهيئات الشرعية والمجامع الفقهية تجد نفسها مطالبة بالتجاوب مع الحركة‬
‫السريعة للمال واألعمال‪ ،‬وإقرار الصيغ الجديدة والمستحدثة للعمليات‪ ،‬والمعايير المطلوب األخذ بها‬
‫في أعمال المصارف والمؤسسات المالية‪ ،‬هذا من حيث اإلنشاء والتوحيد للصيغ واألساليب الشرعية‬
‫وإيجاد المخارج الشرعية والطرق المأمونة للمصارف ورجال األعمال في أعمالهم‪ ،‬أما من حيث‬
‫الرقابة الخارجية والداخلية ومتابعة التطبيقات والتدقيق عليها للتأكد من التزامها باألحكام الشرعية‪ ،‬فإنه‬
‫يجب إيجاد المعايير الخاصة بهذه القضايا‪ ،‬و لعل هذا ما تحاول القيام به في هذا الوقت هيئة المحاسبة‬
‫‪2‬‬
‫والمراجعة للمؤسسات المالية اإلسالمية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تحديات خارجية‬
‫أوال‪ :‬اتفاقية تحرير تجارة الخدمات المالية المصرفية‪:‬‬
‫يواجه القطاع المصرفي والمالي اإلسالمي تحديا ً كبيراً يتمثل في اتفاقية الخدمات المالية و‬
‫المصرفية التي أصدرتها منظمة التجارة العالمية‪ ،‬وتم التوقيع عليها بجنيف في ‪ 3669/38/31‬من‬
‫قبل ‪ 90‬دولة‪ ،‬بعد مفاوضات صعبة أجريت بشأنها نظراً لصعوبة وجود حل وسط يرضي جميع‬
‫األطراف‪ ،‬و تنص االتفاقية على تحرير النشاط المالي للبنوك ابتدا ًء من عام ‪...3666‬وسيكون نتيجة‬
‫هذه االتفاقية هي زيادة حدة المنافسة بين جميع الوحدات المصرفية على مستوى العالم‪ ،‬ولن تكون‬
‫المصارف اإلسالمية بمنأى عن هذه المنافسة‪ ،‬وبخاصة إذا ما علمنا أن بعض المصارف التقليدية قامت‬
‫‪3‬‬
‫باستحداث نوافذ و فروع تعمل وفق أسس الصيرفة اإلسالمية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تحديات معايير لجنة بازل‪3‬‬
‫‪ -1‬الجوانب األساسية لمقررات لجنة بازل‬

‫‪ 0‬محمد البلتاجي‪ " ،‬نحو بناء نموذج محاسبي لتقويم وسائل االستثمار في البنوك اإلسالمية"‪ ،‬الندوة الدولية ( نحو ترشيد مسيرة البنوك‬
‫اإلسالمية)‪ ،‬دبي‪ ،‬اإلمارات العربية المتحدة ‪ 02 ،‬سبتمبر ‪ ،0222‬ص ‪.12‬‬
‫‪ 2‬أحمد سفر‪" ،‬العمل المصرفي اإلسالمي‪ :‬أصوله‪ ،‬صيغه و تحدياته"‪ ،‬اتحاد المصارف العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،0222 ،‬ص‪. 022:‬‬
‫‪ 0‬علي موسى حنان‪ ،‬محمد األمين خنيوة‪ :‬منتجات الهندسة المالية اإلسالمية (الواقع والتحديات ومناهج التطوير)‪ ،‬الملتقى الدولي األول حول‪:‬‬
‫االقتصاد اإلسالمي الواقع‪..‬ورهانات المستقبل‪ ،‬جامعة غرداية ‪ 02،‬فيفري ‪ ، 0211‬ص‪. 00 :‬‬

‫‪22‬‬
‫المؤسسات المالية اإلسالمية‬ ‫الفصل األول‬

‫أعلنت الجهة الرقابية للجنة بازل للرقابة البنكية‪ ،‬وهي مجموعة مكونة من محافظي البنوك‬
‫وذلك‬ ‫المركزية ومديري اإلشراف فيها‪ ،‬عن إصالحات للقطاع البنكي بتاريخ ‪ 38‬سبتمبر ‪8030‬‬
‫بعد اجتماعها في مقر اللجنة في بنك التسويات الدولية في مدينة بازل السويسرية‪ ،‬وتم المصادقة عليها‬
‫من زعماء مجموعة العشرين في اجتماعهم في سيئول العاصمة الكورية الجنوبية في ‪ 38‬نوفمبر‬
‫‪ ،8030‬وتلزم قواعد اتفاقية «بازل ‪ »1‬البنوك بتحصين أنفسها جيداً ضد األزمات الماليـة في المستقبل‪،‬‬
‫وبالتغلب بمفـردها على االضطرابات المالية التي من الممكن أن تتعرض لها من دون مساعدة أو تدخل‬
‫‪1‬‬
‫البنك المركزي أو الحكومة قدر ما أمكن‪.‬‬

‫وتهدف اإلصالحات المقترحة بموجب اتفاقية بازل ‪ 1‬إلى زيادة متطلبات رأس المال وإلى تعزيز‬
‫جودة رأس المال للقطاع البنكي حتى يتسنى له تحمل الخسائر خالل فترات التقلبات االقتصادية الدورية‪،‬‬
‫حيث أن االنتقال إلى نظام بازل الجديد يبدو عمليا ً إذ أنه سوف يسمح للبنوك بزيادة رؤوس أموالها‬
‫خالل فترة ثماني سنوات على مراحل‪ ،‬إذ أن تبني المعايير المقترحة سوف يتطلب من البنوك االحتفاظ‬
‫‪2‬‬
‫بنسب عالية من رأس المال وكذلك برأسمال ذي نوعية جيدة‪.‬‬

‫‪ -2‬تحديات المؤسسات المالية اإلسالمية وفقا لمقررات بازل ‪: 3‬‬


‫إن مشكلة المصارف اإلسالمية مع معايير «بازل ‪ »1‬ال تتعلق باألخطار ألن هذه المصارف ال‬
‫تغامر كالمصارف التقليدية وال تبيع ما ال تملك ألن الشريعة ال تسمح لها بذلك‪ ،‬قد تمكن المشكلة في‬
‫إدارة السيولة التي توصي بها معايير بازل الجديدة التي قد تتالءم مع المصارف التقليدية أكثر‪،‬‬
‫فالمصارف اإلسالمية تملك أصوالً سائلة يمكن أن تغطي بها النسبة المطلوبة كالصكوك اإلسالمية مثالً‪،‬‬
‫لكن بشرط أن تلقى االعتراف من لجنة بازل لطبيعة هذه األصول المختلفة‪ ،‬وسنتناول في هذا العنصر‬
‫‪3‬‬
‫أهم انعكاسات مقررات بازل ‪ 1‬على النظام المصرفي االسالمي والتي نوجزها في النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬انخفاض ربحية البنوك اإلسالمية الحتجاز نسب متزايدة منها لالحتياطات وفي مواجهة األزمات‪.‬‬
‫‪ -‬ستزيد مقررات بازل ‪ 1‬من السيولة غير الموظفة لدي البنوك اإلسالمية ‪ ،‬مما يؤثر سلبا على‬
‫نشاطها وربحيتها‪.‬‬
‫‪ -‬عدم اعتراف لجنة بازل لطبيعة األصول المختلفة كالصكوك اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ 1‬معهد الدراسات المصرفية ‪ ،‬نشرة توعوية ‪،‬اضاءات ‪ ،‬السلسلة الخامسة‪ ،‬العدد ‪ ،2‬دولة الكويت‪ ،‬ديسمبر ‪،0210‬ص ‪.0‬‬
‫‪ 2‬أحمد حميد الطاير‪ ،‬حلقة نقاشية تحت عنوان نظرة مستقبلية للمشهد االقتصادي في دبي ‪ ،0211‬دبي‪ 02،‬مارس‪ ،0211‬ص‪.12‬‬
‫‪ 1‬محمد بن بوزيان‪ ،‬بن حدو فؤاد‪ ،‬عبد الحق بن عمر‪ ،‬ا لبنوك اإلسالمية و النظم و المعايير االحترازية الجديدة‪ :‬واقع و آفاق تطبيق لمقررات‬
‫بازل(‪ ،) 0‬المؤتمر العالمي الثامن لالقتصاد و التمويل اإلسالميالنمو المستدام و التنمية اإلسالمية الشاملة من منظور إسالمي‪ ،‬الدوحة‪ ،‬قطر‪،‬‬
‫ديسمبر ‪.0211‬‬

‫‪23‬‬
‫المؤسسات المالية اإلسالمية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -‬إذا ما قارنا تأثيرات مقررات بازل ‪ 1‬بين البنوك اإلسالمية والتقليدية بالنسبة للوفاء بمتطلبات السيولة‬
‫– النسبتين ‪ LCR‬و‪ NSFR‬فإننا نجد أن هناك تشويه كبير للمنافسة نظرا لعدم وجود سيولة‬
‫قصيرة األجل في أدوات التمويل االسالمي وفي المقابل أن البنوك التقليدية ليست لديها أية قيود في‬
‫الحصول على السيولة قصيرة األجل‪.‬‬
‫‪ -‬أن مقررات لجنة بازل لم تأخذ في االعتبار طبيعة المصارف اإلسالمية‪ ،‬حيث يجب على المصارف‬
‫اإلسالمية أن تلتزم بنسبة كفاية رأس المال وهي ‪%30.1‬حتى تتمكن من الدخول لألسواق المالية‬
‫العالمية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬تحديات في العالقة مع البنوك المركزية‪:‬‬


‫تواجه مجموعة البنوك اإلسالمية تحديا ً حقيقيا ً في كيفية تأسيس هذه العالقة الخاصة باإلشراف‬
‫والرقابة عليها من قبل البنوك المركزية لكي تكون رافداً هاما ً لنجاحها وليس معيقا ً ألعمـالها‪ ،‬ويمكن‬
‫وضع بعض المسائل الفنية في هذه العالقة بين البنوك المركزية والبنوك اإلسالمية‪ ،‬والتي تحتاج إلى‬
‫‪1‬‬
‫عناية خاصة من قبل الجهات الرقابية توفيرا للثقة في أعمال البنوك اإلسالمية وعناية بحقوقها‪:‬‬
‫‪ -‬سياسة االحتياطي القانوني على الودائع االستثمارية وضرورة التفريق بين طبيعة هذه الحسابات‬
‫القانونية والشرعية في البنوك اإلسالمية وفي البنوك التقليدية‪.‬‬
‫‪ -‬سياسة اإليداع لدى المصرف المركزي والدعم قصير األجل لطلبات البنوك اإلسالمية من السيولة‬
‫وتنقية كل ذلك من عنصر الفائدة المصرفية‪.‬‬
‫‪ -‬سياسة العرض واإلفصاح للحسابات الختامية ومراعاة المعايير المحاسبية للمؤسسات المالية‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ -‬متطلبات هيكلة األصول حتى تتالءم مع الشروط الشرعية‪.‬‬
‫‪ -‬هيكلة عالقة البنوك اإلسالمية مع أصحاب الحسابات االستثمارية والممولين لتوفير الثقة الفنية‬
‫‪2‬‬
‫والشرعية ودعم الصدق والشفافية‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬المؤسسات المالية اإلسالمية ومواجهة التحديات‬


‫يمكن القول إن مواجهة التحديات ممكنة على المدى البعيد إذا ما استطاع العمل المصرفي‬
‫اإلسالمي أن يقدم نفسه كنموذج فاعل ملتزم بأهدافه وأطره الشرعية والفنية والمهنية‪ ،‬وحتى تستطيع‬

‫‪ 1‬فالح كوكش‪ ،‬أثر إتفاقية بازل على البنوك األردنية‪،‬معهد الدراسات المصرفية‪ ،‬جانفي ‪،0210‬ص ‪.02‬‬
‫‪ 1‬أحمد سفر‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪072 :‬‬

‫‪24‬‬
‫المؤسسات المالية اإلسالمية‬ ‫الفصل األول‬

‫المؤسسات المالية والمصارف اإلسالمية أن تواجه التحديات المعاصرة عليها أن تحقق إنجازات معتبرة‬
‫‪1‬‬
‫في مجاالت عديدة أهمها‪:‬‬

‫أوال‪ :‬االطار المؤسسي‪ :‬ويشمل ثالث جوانب‪ ،‬هي‪:‬‬


‫‪ 1‬المؤسسات الداعمة‪ :‬شهدت الصناعة المالية اإلسالمية في السنوات األخيرة تأسيس العديد من‬
‫المؤسسات الدولية الداعمة التي تعكس عالمية هذه الصناعة‪ ،‬ومن أهمها في الوقت الحالي‪:‬‬

‫أ هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية اإلسالمية‪ :‬هذه الهيئة عبارة عن جهاز فني‬
‫مهني إلصدار معايير المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية اإلسالمية وأضيف إلى هيكله اإلداري‬
‫مجلس شرعي إلصدار المعايير الشرعية‪ ،‬وسجلت الهيئة في وزارة التجارة بمملكة البحرين بصفة‬
‫‪2‬‬
‫هيئة عالمية بشخصية معنوية مستقلة ال تسعى للربح في مارس ‪3663‬م‪.‬‬

‫ب المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية اإلسالمية‪ :‬هذا الجهاز هو بمثابة اتحاد مهني‬
‫للبنوك والمؤسسات المالية اإلسالمية يستهدف التعريف والتوثيق للعمل المصرفي اإلسالمي وتمثيل‬
‫مصالح مؤسساته عالميا‪ ،‬وقد انبثق كتطور طبيعي الجتماعات البنك اإلسالمي للتنمية مع البنوك‬
‫اإلسالمية خالل (‪39‬عاما)‪ ،‬وصدر المرسوم الملكي في مملكة البحرين برقم ‪ 81‬لسنة ‪8003‬م في‬
‫‪ 13‬مارس ‪8003‬م‪ ،‬بالموافقة على االتفاق بشأن المقر بين حكومة دولة البحرين والمجلس العام للبنوك‬
‫‪3‬‬
‫والمؤسسات المالية اإلسالمية‪.‬‬

‫ت السوق المالي اإلسالمي الدولي‪ :‬هذا الجهاز إداري مهمته تطوير وتنمية وتوجيه السوق المالي‬
‫اإلسالمي الدولي واعتماد األدوات المالية المتداولة والترويج للفكرة في المحافل الدولية والمصرفية‬
‫صدر مرسوم ملكي في مملكة البحرين برقم ‪ 81‬لسنة ‪ 8008‬بتأسيسه كشخصية اعتبارية في‬
‫‪8008/02/33‬م‪.‬‬

‫ث مركز السيولة المالية‪ :‬وهي شركة مالية تهدف إلى إدارة عمليات استثمار السيولة للبنوك‬
‫اإلسالمية والترويج لإلصدارات المالية ودعمها وهي ذراع عملي للسوق المالي اإلسالمي الدولي‪،‬‬
‫أنشأت كشركة مساهمة بحرينية رأس مالها المدفوع (‪ )80‬عشرون مليون دوالر أمريكي والمصرح‬
‫به ‪ 800‬مليون دوالر أمريكي وسجلت في وزارة التجارة بمملكة البحرين في ‪8008/09/86‬م‪.‬‬

‫‪ 0‬عبد المنعم محمد الطيب‪" ،‬اثر تحرير تجارة الخدمات المصرفية على المصارف اإلسالمية"‪ ،‬المؤتمر الثالث لالقتصاد اإلسالمي‪ ،‬جامعة أم‬
‫القرى‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪ ،0220 ،‬ص‪.0100‬‬
‫‪ 2‬عبد الرحمن يسري أحمد‪" ،‬قضايا إسالمية معاصرة في النقود و البنوك و التمويل"‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪. 202201 ،0221 ،‬‬
‫‪ 3‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪.200 :‬‬

‫‪25‬‬
‫المؤسسات المالية اإلسالمية‬ ‫الفصل األول‬

‫جـ مجلس الخدمات المالية اإلسالمية‪ :‬هذا الجهاز ثمرة تعاون بين البنك اإلسالمي للتنمية‬
‫وصندوق النقد الدولي وبعض البنوك المركزية وأجهزة الرقابة المصرفية في بعض الدول اإلسالمية‬
‫وهدفه إصدار المعايير واإلرشادات والبيانات الخاصة بالعمل المصرفي اإلسالمي في عالقته بالجهات‬
‫الرقابية واإلشرافية على هذا العمل وقد صدر قانون عام ‪8008‬م في ماليزيا بإنشائه كمنظمة دولية‬
‫‪1‬‬
‫ذات امتيازات خاصة‪ ،‬وافتتحت أعماله في نوفمبر ‪8008‬م‪.‬‬

‫حـ الوكالة اإلسالمية الدولية للتصنيف االئتماني‪ :‬اقتضت الطبيعة الخاصة للمؤسسات المالية‬
‫اإلسالمية أن تتضافر جهودها إلنشاء هذه الوكالة للقيام بمهام التصنيف االئتماني لهذه المؤسسات وال‬
‫يخفى أن التصنيف يعتبر مؤشراً ضروريا ً للحكم على أداء وكفاءة المؤسسات المالية‪ ،‬وثق عقد تأسيس‬
‫الوكالة كشركة مساهمة بحرينية لدى كاتب العدل في ‪8003/30/83‬م برأس مال مصرح به قدره (‪)6‬‬
‫تسعة ماليين دوالر أمريكي والمدفوع ‪ 641.000‬دوالر فقط‪.‬‬

‫خـ المركز اإلسالمي الدولي للتحكيم التجاري‪ :‬هذا المركز قيد التأسيس في دولة اإلمارات العربية‬
‫المتحدة وهو نتيجة بروز الحاجة لوجود جهة أو مركز يقدم خدمة التحكيم والمصالحة لحل النزاعات‬
‫التي تطرأ بين المتعاقدين في عمليات المؤسسات المالية اإلسالمية والتي يجب أن تضبطها األحكام‬
‫الشرعية‪ ،‬وقد اتخذت الجمعية العمومية للمجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية اإلسالمية في اجتماعها‬
‫السنوي في عاصمة كازاخستان في ‪8001/06/03‬م قرارا بالموافقة على إنشائه‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المعايير المحاسبية‪:‬‬


‫إن للمؤسسات المالية التقليدية معايير محاسبية متشابهة حتى مع اختالف البلدان‪ ،‬وتنشر البنوك‬
‫المركزية الميزانيات المجمعة للبنوك وتشرف عليها بانتظام وخالفا ً لذلك فإن عدم تشابه الممارسات‬
‫المحاسبية بين البنوك اإلسالمية يجعل من أي مقارنة بين ميزانياتها أو حسابات الربح والخسارة لديها‬
‫مهمة شاقة إن لم تكن مستحيلة و باإلضافة إلى ذلك فإن المفاهيم المستخدمة في الميزانيات أو بيانات‬
‫الربح والخسارة ال تحدد تحديداً دقيقا ً‪ ،‬وقد حصل تقدم ملموس في العشر سنوات الماضية للتغلب على‬
‫هذه المشكلة بإنشاء هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية اإلسالمية المشار إليها أعاله في دولة‬
‫البحرين‪ ،‬ولكن قد يمر بعض الوقت قبل مالحظة حدوث تغيير ملموس في الممارسات المحاسبية للبنوك‬
‫اإلسالمية والسبب الرئيس لذلك هو أن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية اإلسالمية منظمة‬
‫طوعية وليس لها صالحيات ملزمة لتنفيذ معاييرها‪ ،‬ولقد قامت بعض الدول بإلزام أو االقتراح على‬

‫عبد الرحمن يسري أحمد‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪ ، .200 :‬ص ‪200‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪26‬‬
‫المؤسسات المالية اإلسالمية‬ ‫الفصل األول‬

‫مؤسساتها المالية اإلسالمية أو إدارات الخدمات المصرفية اإلسالمية المقدمة من البنوك التقليدية‬
‫‪1‬‬
‫باستخدام هذه المعايير وتبقى الثقة بالصناعة مرتبطة بمدى النجاح في هذا الجانب‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬االستراتيجيات المناسبة من المؤسسات المالية اإلسالمية ذاتها‪:‬‬


‫ونذكر منها مثالً‪:‬‬
‫‪ 1‬الصيرفة الشاملة‪ :‬ففي ظل العولمة والمنافسة المصرفية‪ ،‬ال بد على المصارف اإلسالمية من‬
‫األخذ باالستراتيجيات المالئمة‪ ،‬ولعل أهمها حاليا ً التحول نحو الصيرفة اإلسالمية الشاملة والمتكاملة‬
‫ذات القوة المالية الكبيرة القادرة على تقديم كافة الخدمات المصرفية‪ ،‬وهو ما يتطلب تنويع وتطوير‬
‫قاعدة المخاطر ودعم القدرة التنافسية ومـواكبة التطورات المصرفية العالمية والتحول إلى مؤسسات‬
‫مصرفية ذات بعد اقتصـادي واجتماعي وتنموي و استثماري عمالً بأحكام الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وزيادة‬
‫رؤوس أموال المصارف اإلسالمية بشكل كبير يمكنها من المنافسة في السوق المصرفية العالمية‬
‫‪2‬‬
‫وااللتزام بمعايير بازل ‪ 1‬واالتجاه نحو االندماجات والصيرفة الشاملة‪ ،‬وتطوير أدوات إدارة األزمات‪.‬‬

‫‪ 2‬التحديث التكنولوجي والصيرفة االلكترونية‪ :‬ويتطلب التحديث التكنـولوجي والصيرفة‬


‫االلكترونية دعم البنية التحتية للخدمات المصرفية االلكترونية باالعتماد على‪:‬‬
‫أجهزة حاسبات ذات قدرات فنية عالية‪.‬‬
‫شبكة اتصاالت واسعة‪.‬‬
‫حزمة برامج ذات تقنية فنية عالية للتطبيقات المصرفية المختلفة‪ ،‬قادرة على تغطية االحتياجات‬
‫‪3‬‬
‫الخدمات القائمة واستيعاب ما يتم استحداثه‪ ،‬مواكبة للتطورات العالمية واستجابة لالحتياجات المحلية‪.‬‬

‫‪ 3‬اإلطار القانوني المناسب والسياسات الداعمة‪ :‬وضعت معظم قوانين التجارة والمصارف‬
‫والشركات في معظم البلدان اإلسالمية على نهج النمط الغربي وهي تحتوي أحكاما ً بضيق من مدى‬
‫نشاطات العمل المصرفي اإلسالمي وتحصره في حدود تقليدية‪ ،‬وفي حين تستطيع العمل المصرفي‬
‫اإلسالمي وتحصره في حدود تقليدية‪ ،‬وفي حين تستطيع األطراف في بعض األحيان وضع اتفاقياتها‬
‫على أساس عقد إسالمي إال أن تنفيذ هذه االتفاقيات في المحاكم يتطلب جهوداً وتكاليف إضافية‪ ،‬وهذا‬
‫يقتضي وضع قوانين خاصة إلقامة وممارسة العمل المصرفي اإلسالمي تعمل على تسهيل عمل البنوك‬

‫‪1‬عبد القادر بريش‪ ،‬معمر حمدي‪ :‬التحديات التي تواجه صناعة التأمين التكافلي اإلسالمي‪ ،‬الملتقى الدولي األول حول‪ :‬االقتصاد اإلسالمي‪،‬‬
‫الواقع‪ ،‬ورهانات المستقبل‪ 02/00،‬فيفري ‪ 0211‬م‪ .‬جامعة غرداية‪ ،‬ص‪.12:‬‬
‫‪ 2‬فالح كوكش‪ ،‬أثر إتفاقية بازل على البنوك األردنية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪22. :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪T. I. Seethaletchumy, Hishamuddin, and C. E. Uchenna, “Customer awareness and current usage of Islamic‬‬
‫‪retail banking products and services in Malaysia,” Australian Journal of Basic and Applied Sciences, vol. 5,‬‬
‫‪no. 10, pp. 667671.‬‬

‫‪27‬‬
‫المؤسسات المالية اإلسالمية‬ ‫الفصل األول‬

‫اإلسالمية‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك هناك حاجة للسماح للمؤسسات المالية اإلسالمية بالعمل وفق القواعد‬
‫اإلسالمية وإفساح المجال في األسواق المالية للمعامالت المالية اإلسالمية ووفق هذا السياق يمكن أن‬
‫‪1‬‬
‫يتضمن اإلطار القانوني للعمل المصرفي والمالي اإلسالمي ما يلي‪:‬‬

‫قوانين العمل المصرفي اإلسالمي‪ :‬تخص هذه المجموعة من القوانين إنشاء العمل المصرفي‬
‫اإلسالمي ومراقبة أداءه واإلشراف عليه‪ ،‬وتوجد في بعض البلدان اإلسالمية مثل هذه القوانين التي‬
‫وفرت إطارا لعمل المصـارف و المؤسسات المالية اإلسالمية‪ ،‬ولكن تبقى معظم البالد اإلسالمية ال‬
‫توفر اإلطار القانوني المناسب‪.‬‬

‫اإلطار اإلشرافي الرقابي‪ :‬اإلشراف والرقابة على البنوك اإلسالمية من قبل الجهات الرقابية‬
‫الحكومية مهمان للغاية بسبب أهمية المعلومات التي يجب توفيرها للمستثمرين (الشفافية)‪ ،‬وأهمية‬
‫ضمان سالمة نظام التمويل‪ ،‬وغير ذلك مما يتعلق بتحسين سياسة الرقابة النقدية وفي حالة البنوك‬
‫اإلسالمية هناك بعد إضافي لإلشراف يتعلق بالقضايا الشرعية‪.‬‬

‫وفي الوقت الراهن فإن عدم وجود إطار إشرافي فعال يعتبر أحد نقاط الضعف في الصناعة‬
‫المصرفية اإلسالمية ويستحق اهتماما ً جاداً‪ ،‬وهناك محاوالت جادة وترتيبات حثيثة بين بعض البنوك‬
‫المركزية ومؤسسات النقد في بعض الدول اإلسالمية‪ ،‬والوضع الراهن للبنوك اإلسالمية يتطلب فعل‬
‫الكثير في كل هذه القضايا‪ ،‬ففي كثير من الحاالت ال تعلن الطريقة التي يتم بها حساب نصيب األرباح‬
‫للحسابات االستثمارية المتعددة كما ال يتم إعالن تفاصيل استخدامات األموال بواسطة البنوك اإلسالمية‬
‫سيزيد ثقة العمالء‪ ،‬كما أن البنوك اإلسالمية في بعض البلدان تخضع إلشراف المصرف المركزي‬
‫لكنها تعامل نفس معاملة البنوك التجارية التقليدية‪ ،‬وتخضع لنفس الضوابط والشروط واللوائح التي‬
‫‪2‬‬
‫تطبقها على البنوك القائمة على نظام الفائدة‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬السياسات األخرى لتطوير المؤسسات المالية اإلسالمية‬


‫‪ -1‬االندماج والتكامل بين المصارف و المؤسسات المالية اإلسالمية‬
‫أضافت اتفاقية تحرير الخدمات المالية بعداً جديداً لضرورة االندماج‪ ،‬وذلك لما تفرضه من فتح‬
‫أسواق الخدمات المالية (البنوك – شركات التأمين – أعمال البورصات والمؤسسات العاملة في مجال‬
‫األوراق المالية) في الدول الموقعة على هذه االتفاقية‪ ،‬والتي تمتلك نحو ‪ %61‬من سوق الخدمات‬

‫‪ 0‬عالء فرحان طالب‪ ،‬وإيمان شيحان المشهداني‪ ،‬الحوكمة المؤسسية واألداء المالي االستراتيجي للمصارف‪ ،‬دار صفاء للنشر والتوزيع –‬
‫عمان‪ ،‬ط‪ ،0211 ،1‬ص‪. 02‬‬
‫‪ 1‬السيد عطية عبد الواحد‪ ،‬العمليات المصرفية المعاصرة من منظور إسالمي‪ ،‬القاهرة‪ ،0222 ،‬ص‪. 2‬‬

‫‪28‬‬
‫المؤسسات المالية اإلسالمية‬ ‫الفصل األول‬

‫المالية على مستوى العالم‪ ،‬وبالتالي تدويل الخدمات المصرفية والمالية وتوسيع نطاقها عبر الحدود عن‬
‫طريق الشركات التابعة في الخارج أو عن طريق فروع المؤسسات المالية القائمة في الدولة األم‪ ،‬غير‬
‫أن الزيادة في حجم المنشأة لها سلبياتها التي ينبغي وضعها في الحسبان والمتمثلة في الصعوبات اإلدارية‬
‫للحجم الكبير والمتابعة والمراجعة والمحاسبة والتواكل بين اإلدارات‪ ،‬إذ انه قد ينتج عنها إضعاف‬
‫موقفها ‪ ،‬وبالتالي البد من ضرورة تبني رؤية متكاملة من اإلصالحات الضرورية في هيكل ومهام‬
‫‪1‬‬
‫المصارف اإلسالمية في ظل االندماج ‪.‬‬
‫وتهدف هذه الرؤية المتكاملة إلى زيادة القدرة التنافسية للمصارف والمؤسسات المالية اإلسالمية‪،‬‬
‫من خالل خفض متوسط تكلفة الوحدة المنتجة وتحقيق وفورات داخلية ناتجة عن تقليص األجهزة‬
‫اإلدارية وتعزيز القدرة على االستثمار في الموارد البشرية وتنمية مهاراتها وخبراتها من خالل التدريب‬
‫المخصص‪.‬‬
‫ويمكن النظر إلى فوائد التكامل المصرفي اإلسالمي من خالل تحقيق االكتفاء الذاتي من الموارد‬
‫المالية اإلسالمية في تحقيق التنمية االقتصادية في العالم اإلسالمي‪ ،‬و إحالل التبادل التجاري بين الدول‬
‫التي تحقق بينها التكامل محل التبادل التجاري الخارجي مع الدول األخرى إلى حد ما‪.‬‬
‫‪ -2‬ضرورة تطوير السوق المالية األولية‬
‫بما ان المؤسسات الماليةاإلسالمية ال تتعامل في السندات ذات الفائدة فإن حاجتها إلى أسواق‬
‫األسهم تكون كبيرة‪ ،‬ومما يؤسف له أن عدد مؤسسات األسهم المتخصصة وغيرها من المؤسسات‬
‫والتي تقوم تقليديا ً بتقديم أسهم رأسمالية من خالل البورصة قليل جداً‪.‬‬
‫‪ -3‬إنشاء أسواق مالية ثانوية منظمة‬
‫ان إنشاء السوق المالية الثانوية اإلسالمية لن يكون طبيعياً‪ ،‬أو على األقل ال يمكن أن يكون اآلن‬
‫طبيعيا ً كما يشير إلى ذلك الدكتور عبد الرحمن يسري أحمد‪ ،‬وهو ما يتطلب وضع خطة عمل واضحة‬
‫و مفصّلة‪ ،‬ابتداء من إعداد الدراسات الخاصة بالسوق و حجم نشاطها المتوقع خالل فترة زمنية معينة‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫و وظائفها و كيفية إدارتها ‪.‬‬

‫‪ 1‬محمد بوحديدة‪ :‬النظام المالي اإلسالمي (التجارب‪ ،‬التحديات واآلفاق)‪ ،‬ط ‪ ،1‬كليك للنشر‪ ،‬الجزائر‪ ، 0211 ،‬ص ‪.00‬‬
‫‪ 1‬سليمان ناصر‪ :‬عالقة البنوك اإلسالمية بالبنوك‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة الجزائر‪ 0222 /2005 ،‬ص ‪.012‬‬

‫‪29‬‬
‫المؤسسات المالية اإلسالمية‬ ‫الفصل األول‬

‫خالصة‪:‬‬

‫تمكنا في الفصل األول من التعرف على مفهوم المؤسسات المالية اإلسالمية وأنواعها‪ ،‬حيث‬
‫ظهرت المؤسسات المالية اإلسالمية‪ ،‬بسبب عدم تعامل العديد من المسلمين مع المؤسسات المالية‬
‫التقليدية كبديل مناسب يوفر منتجات مالية متوافقة مع الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وذكرنا أن أهم خاصية تميز‬
‫هذه المؤسسات هي ارتكازها على أسس‪ ،‬آليات وضوابط مستمدة من أحكام الشريعة اإلسالمية تختلف‬
‫عن تلك األسس التي تقوم عليها مثيالتها التقليدية‪ ،‬وهذه الخاصية تمثل في نفس الوقت الفرق الجوهري‬
‫بينهما‪.‬‬
‫وفي وسط الفصل تناولنا أهم االنجازات التي حققتها المؤسسات المالية اإلسالمية‪ ،‬والتي من‬
‫بينها مواجهتها لألزمة المالية العالمية ‪ 8002‬م بشكل جعلها محط إعجاب العالم‪ ،‬حيث خرجت منها‬
‫بأقل الخسائر‪ ،‬كما أن أصولها نمت بمعدل متوسط قدره ‪ % 31‬إلى ‪ % 80‬سنويا على مدى العقد‬
‫الماضي لتصل إلى ما يقرب من ‪ 3.220‬تريليون دوالر في عام ‪ ،8031‬كما توضح لنا أهم المعوقات‬
‫والتحديات التي تواجه المؤسسات المالية اإلسالمية والذي هي عالقتها بالبنك المركزي ومدى التزامها‬
‫بالشريعة اإلسالمية وتحدي اتفاقية تحرير التجارة ومن أهم التحديات واقع تطبيق المؤسسات المصرفية‬
‫ألنه يحول دون إدارة المخاطر والتحوط في هاته المؤسسات‬ ‫اإلسالمية لمقررات لجنة بازل ‪01‬‬
‫المالية اإلسالمية بالشكل المطلوب‪.‬‬

‫‪31‬‬

You might also like