You are on page 1of 2

‫عن مشروع المؤسسة‬

‫خطوة نحو إرساء المقاربة التشاركية والتدبير بالنتائج‬


‫أصدرت وزارة التربية الوطنية بالغا صحفيا‪ ،‬تحث عنوان ‹‹مشروع المؤسسة خطوة نحو إرساء المقاربة التشاركية‬
‫والتدبير بالنتائج وتحسين جودة التعلمات››‪ .‬ويشير هذا البالغ إلى أن الوزارة أعطت االنطالقة الرسمية يوم ‪ 20‬فبراير‬
‫‪ 2014‬ألجرأة االستراتيجية الوطنية لمشروع المؤسسة‪ .‬اعتمدت إذن الوزارة مشروع المؤسسة كخيار استراتيجي يجعل من‬
‫المؤسسة التعليمية نقطة ارتكاز المنظومة التربوية‪‹‹ .‬ويهدف مشروع المؤسسة إلى إرساء أسس الحكامة الجيدة وسياسة‬
‫القرب والمقاربة التشاركية والتدبير بالنتائج›› (البالغ)‪ .‬ما هو مشروع المؤسسة؟ ما هي المقاربة التشاركية؟ وما هو التدبير‬
‫بالنتائج؟‬
‫ما هو مشروع المؤسسة؟‬
‫مشروع المؤسسة هو خطة عمل تحدد كل األنشطة والوظائف والمهام التي تقدم عليها المؤسسة‪ .‬وتتبلور هذه الخطة على‬
‫شكل أهداف وبرامج للعمل‪ ،‬بناء على استراتيجية تنمية النظام التربوي المحلية الذي تحددها المؤسسة في ضوء اإلطار‬
‫االستراتيجي التربوي األكاديمي والمركزي‪ .‬ويشارك في تحديد مشروع المؤسسة كل المجموعة التربوية (هيئة التدريس‬
‫واألطر اإلدارية والتربوية وهيئة التوجيه وجمعية اآلباء والتالميذ…)‪ .‬ويساهم في ذلك أيضا الشركاء الخارجيين (الجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬السلطات األكاديمية‪ ،‬مراكز التوجيه واإلعالم‪ ،‬وجمعيات المجتمع المدني المهتمة…)‪ .‬إنه إذن رؤية جماعية تروم‬
‫‪.‬االرتقاء بجودة الخدمات التي تقدمها المدرسة‬
‫يعتبر مشروع المؤسسة إذن بمثابة ميثاق محلي وعقد تلتزم كل هذه األطراف بتنفيذ برامجه وإنجاز أهدافه التي تتمثل أساسا‬
‫في االرتقاء بوظيفة المؤسسة واالرتقاء بالفضاء التربوي المباشر للتلميذ إلى األفضل‪ .‬ويقتضي هذا الرهان بالضرورة أن‬
‫تتخلى المدرسة عن تلك الممارسات التقليدية التي ألفت تكرار نفس األساليب واالرتكان إلى المألوف الذي ال يتطلب أي‬
‫مجهود فكري وإبداعي‪ ،‬وأن تعيد النظر في أساليب اشتغالها وممارستها ورؤيتها لألمور لتنسجم مع التغيير الذي تنشده‬
‫التوجيهات الوطنية من جهة‪ ،‬وتستجيب للحاجات المحلية من جهة أخرى‪ .‬ويحتم ذلك إعادة هيكلة ذاتها في اتجاه إرساء بنيات‬
‫لإلشراك تمكن المجموعة التربوية من المساهمة في النقاش والتشاور حول القضايا التربوية المطروحة على المؤسسة‪ ،‬بغية‬
‫‪.‬تحديد األهداف واإلجراءات التي تمكن من بلورة تصور جماعي لمعالجة هذه القضايا‬
‫ويمثل مشروع المؤسسة اإلطار الذي يحتضن هذه اإلرادة والتعبئة والتشاور والنقاش والتداول والتصورات التي تنبثق عن‬
‫ذلك‪ ،‬باعتباره إنتاجا محليا جماعيا يسعى إلى تنظيم التفكير والفعل لتصريف واستثمار الموارد والطاقات البشرية والمادية‬
‫التي تتوفر عليها المؤسسة بشكل عقالني وفعال‪ .‬وتتأسس هذه اإلرادة عن القناعة التي ترى أن إشراك الجميع وانخراطهم في‬
‫عملية التفكير والفعل الجماعيين أضحى اليوم ضرورة ملحة ومنهجية فعالة في تعبئة هذه الموارد‪ .‬لقد ابتدأ منذ مدة التخلي‬
‫عن العمل حسب نمط ‹‹تايلور›› الذي يعتمد العمل الجزئي‪ ،‬أي االشتغال حسب دوائر مغلقة تجعل الجماعة بعيدة عن اتخاذ‬
‫القرارات التي تهم مؤسساتهم‪ .‬إن هذا النمط من التدبير يضيق من مجال تدخالت األفراد ويحد من إمكانياتهم في المبادرة‬
‫واإلبداع‪ .‬وقد تم التخلي عن هذا النمط من التدبير حتى في مؤسسات إنتاجية‪ ،‬كونه لم تعد له قدرة على الرفع من الجودة‬
‫‪.‬واإلنتاجية‬
‫إن الرفع من فعالية أداء المؤسسة التعليمية يقتضي أن تشتغل حسب مشروع وسياسة يطلع عليها الجميع‪ ،‬بل يشارك في‬
‫إعدادها كل الشركاء التربويين لتظل واضحة وشفافة ومقبولة من طرف الجميع‪ .‬ألن هذا اإلجراء يشجع على المشاركة‬
‫والتجاوب واالنخراط الذي يبدو أنه المسألة الجوهرية الضرورية للرفع من جودة األداء‪ ،‬واإلصرار على إنجاز األهداف التي‬
‫‪.‬سطرها المشروع‪ .‬ويقتضي ذلك بالضرورة اعتماد مفاهيم ومناهج معاصرة من قبيل المقاربة التشاركية والتدبير بالنتائج‬
‫ما هي المقاربة التشاركية؟‬
‫تعتمد المقاربة التشاركية أسلوبا تشاركيا في تدبير شؤون المؤسسة التعليمية‪ .‬إنها منهجية جديدة تسمح بمشاركة ومساهمة كل‬
‫الفعاليات المعنية عبر بنيات وهياكل تقريرية أو استشارية‪ ،‬تشكل فضاءات وأجواء مستقبلة للمبادرات واالقتراحات‬
‫واإلبداعات (مجالس المؤسسة)‪ .‬وتتميز هذه المقاربة بمنظورها للسلطة ولألدوار وللقيم‪ :‬إنها تدعو‪ ،‬على مستوى ممارسة‬
‫السلطة‪ ،‬إلى اعتماد أساليب مرنة تشجع على المشاركة‪ ،‬وتقوية الوعي واإلحساس بالمسؤولية الذي يعتبر عنصرا من‬
‫عناصر التحفيز واالنخراط وااللتزام‪ .‬وتعترف‪ ،‬على مستوى األدوار‪ ،‬بأهمية دور الشركاء وتقدر وتثمن خبرتهم وقدراتهم‪.‬‬
‫‪.‬و تنمي‪ ،‬على مستوى القيم‪ ،‬االنفتاح الفكري والشفافية والتواصل والتفهم وتقبل النقد والتفاوض‬
‫تتأسس المقاربة التشاركية على مبادئ أساسية‪ ،‬تتمثل في االعتقاد بأن جودة القرارات تزداد كلما ارتفع مستوى المشاركة‪،‬‬
‫وازداد مستوى كفاءات الفاعلين‪ ،‬وتحسن مستوى التواصل الداخلي والخارجي‪ .‬كما تتمثل في االعتقاد أن تقاسم مسؤولية‬
‫التدبير يقوي سلطة إدارة المؤسسة واإلخالص لها وال يضعفها كما يعتقد البعض‪ .‬وبناء على هذه المبادئ والقناعات فإن‬
‫المدير الذي يعتمد المقاربة التشاركية‪ ،‬يتعامل بكل شفافية‪ ،‬ويوفر كل المعطيات والمعلومات ويضعها رهن إشارة الجميع‪،‬‬
‫لتكون القرارات المتخذة فعالة ومالئمة‪ ،‬سواء على مستوى تشخيص األوضاع أو صياغة اإلشكاليات أو مناقشة الحلول‬
‫المفترضة‪ .‬غير أن ذلك ال يعفي مدير المؤسسة من مسؤوليته في التدبير والمراقبة والمحاسبة‪ ،‬ألن الغاية من المقاربة‬
‫التشاركية تتمثل في الرفع من قدرة المدير على تعبئة كل الطاقات وكل القدرات سواء كانت مؤيدة أو معارضة أو منتقدة‪،‬‬
‫‪.‬والرفع من قدراته على تدبير هذا االختالف في االتجاه األفضل‬
‫تهدف المقاربة التشاركية إذن إلى الرفع من جودة القرارات‪ ،‬وجعلها أكثر مالءمة مع الحاجيات‪ ،‬وتحسين أجواء االشتغال‪،‬‬
‫وتحقيق انسجام وتماسك فريق العمل‪ ،‬وإيقاظ التحفيز واالستعداد للتجاوب وااللتزام وتحمل المسؤولية‪ .‬وال يتأتى ذلك إال من‬
‫خالل دعم اإلحساس باالنتماء عبر االعتراف بإسهامات ومبادرات الفاعلين‪ ،‬وتحريـر القوة اإلبداعية لديهم لمواجهة مختلف‬
‫اإلشكاالت التي تعترضهم‪ .‬إن تقاسم المعلومة والمعرفة والخبرة في التدبير‪ ،‬واعتماد المواقف والسلوكات المؤيدة لإلشراك‪،‬‬
‫‪.‬يرسي حكامة عقالنية وحداثية إلدارة التغيير‪ ،‬تنبني على قيم التعاقد والتدبير بالنتائج‬
‫ما هو التدبير بالنتائج؟‬
‫يسعى مشروع المؤسسة إلى تكريس منهجية التدبير الجماعي للمؤسسة من أجل بلورة رؤية جماعية واسترتيجية محلية‬
‫لالرتقاء بجودة الخدمات التي تقدمها المؤسسة‪ .‬ويعني التدبير بالنتائج أن ترتكز أجرأة هذه االستراتيجية على تعاقد أي‬
‫االلتزام بتحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع محددة من خالل مؤشرات كمية ونوعية في ضوء اإلطار االستراتيجي‬
‫لتنمية النظام التربوي على المستوى المحلي (تضعه المؤسسة) والجهوي (تضعه األكاديمية) والوطني (تضعه الوزارة)‪ .‬مما‬
‫يخلق انسجاما وترابطا منطقيا بين مختلف مستويات البرمجة من جهة وبين التخطيط وإعداد الميزانية وتنفيذها من جهة‬
‫‪.‬أجرى‬
‫تهدف هذه المقاربة البراكماتية إلى جعل تدبير شؤون المدرسة يرقى إلى مستوى التدبير المبني على التخطيط الهادف‬
‫والبرمجة المحددة في إطار رؤية استراتيجية واضحة المعالم‪ .‬كما تهدف إلى جعل المؤسسة التعليمية تتحمل مسؤوليتها في‬
‫االرتقاء بالخدمات التي تقدمها‪ ،‬من خالل االلتزام بتحقيق األهداف والنتائج المنبثقة عن التعاقد‪ .‬والمسؤولية تعني حرية‬
‫اختيار المشاريع التي تراها مالئمة لحاجاتها انطالقا من إمكانياتها المادية والبشرية‪ .‬وتفرض هذه الرؤية مرونة أكثر في‬
‫تدبير االعتمادات المخولة للمؤسسة‪ ،‬وتفرض أيضا إقامة عالقة وصيغ جديدة للتواصل بين المؤسسة واألكاديمية والوزارة‬
‫مبنية على التركيز على المهام والنتائج القابلة للقياس وللمالحظة وليس مبنية على تنفيذ األوامر المركزية‪ .‬مما جعل الوزارة‬
‫‪.‬تعتزم وضع لوحة للقيادة مدمجة في المنظومة المعلوماتية المركزية لتتبع وتقييم نتائج مشاريع المؤسسة‬
‫إن منهجية التدبير بالنتائج مقاربة تشاركية تجعل الالمركزية تمتد إلى المؤسسات التعليمية‪ ،‬لذلك فإن هذه األخيرة مطالبة‬
‫بالقيام بمجهود لتحمل هذه المسؤولية وضبط حاجياتها وإمكانياتها‪ .‬ويقتضي ذلك اتخاذ عدة ترتيبات متعلقة من جهة بوضع‬
‫مؤشرات تمكن من تشخيص الوضعية التربوية‪ ،‬ومؤشرات تمكن من تقييم مدى تحقيق األهداف والنتائج المسطرة على‬
‫مستوى كل مشروع‪ .‬ويقتضي من جهة أخرى اتخاذ ترتيبات متعلقة بتأهيل الموارد البشرية وتأهيل المؤسسة التعليمية وذلك‬
‫للتأقلم والتجاوب مع هذه المنهجية الجديدة‪ .‬كما أن السلطات التربوية الجهوية والمركزية مطالبة بوضع إطار استراتيجي‬
‫لتنمية النظام التربوي يحدد األهداف االستراتيجية التي تؤطر التعاقد على مستوى المؤسسة‪ .‬ويتمثل دور هذه السلطات في‬
‫هذا التعاقد بمد المؤسسات بالموارد المالية والبشرية وتقديم المساعدة التقنية واللوجيستيكية لتحقيق أهدافها االستراتيجية‬
‫‪.‬ووضع آليات للتقييم والتتبع في الميدان‬
‫وخالصة القول‪ ،‬فإن مشروع المؤسسة خطوة نحو توطين وإرساء المقاربة التشاركية والتدبير بالنتائج التي ستمكن المؤسسة‬
‫من تجاوز العمل العشوائي‪ ،‬واجترار األساليب البالية التي جعلت منها فضاءات جامدة دون حياة وحيوية‪ .‬كما ستمكن من‬
‫إرساء ثقافة االشتغال حسب استراتيجية تمكن من توسيع أفق الرؤية‪ ،‬وخلق دينامية التي تجعل من البرامج والمخططات لها‬
‫أفق واضح‪ ،‬ولها معنى وجدوى وأهداف تتمحور حول تحسين جودة التعلمات‪ .‬كما تمكن من ترسيخ ثقافة االستقاللية‪،‬‬
‫…واالستقاللية تعني المسؤولية‪ ،‬ذلك أنه كلما كان اإلنسان مستقال في القيام بعمل ما‪ ،‬كان مسؤوال عن جودته‬

You might also like