You are on page 1of 5

‫الحكامة في تدبير مشروع المؤسسة‬

‫إن المشاريع التنموية في كل بالد العالم تستمد قوتها ونجاعتها من المؤسسات التعليمية والتكوينية‪ .‬ونجاح هذه المؤسسات‬
‫في أداء مهامها وبلوغ غاياتها مرهون بالحكامة في التدبير‪ .‬والحكامة الجيدة التتم إال بتدبير المهام التربوية األساسية‪،‬‬
‫عن طريق إشراك المجالس في التدبير خدمة لهذا المشروع‪ ،‬وخاصة مجلس التدبير كقوة اقتراحية‪.‬‬
‫من المشروع التنموي إلى مشروع المؤسسة‬
‫باإلضافة إلى المهام التي تتوالها اإلدارة التربوية كمعالجة ملفات‪ ،‬وبطاقات التالميذ‪ ،‬وضبط المواظبة‪ ،‬وتأمين الزمن‬
‫المدرسي‪ ،‬وتدبير عمليات المراقبة المستمرة ‪ .‬فإن الحكامة الجيدة تقتضي تدبير أنشطة الحياة المدرسية من دعم تربوي‪،‬‬
‫وإعداد برنامج للعمل السنوي‪ ،‬وأنشطة مجالس المؤسسة‪ ،‬واألنشطة المندمجة الثقافية‪ ،‬والفنية‪ ،‬والرياضية‪ ،‬وأنشطة‬
‫األندية التربوية‪ ،‬وأنشطة خلية اليقظة‪ ،‬وأنشطة خلية اإلنصات‪ ،‬ورصد حاالت العنف‪ ،‬ألن كل ذلك ينعكس بشكل إيجابي‬
‫على المشروع التنموي‪ ،‬وتكمن ضرورة برنامج العمل السنوي في المؤسسة التعليمية في كونه يساهم بشكل غير مباشر‬
‫في المشروع التنموي‪ ،‬خاصة إذا برمجت األنشطة التربوية والثقافية في تواريخ مضبوطة باالستشارة مع مجلس التدبير‬
‫الذي يجب عليه أن يصادق على البرنامج السنوي في نهاية الموسم الدراسي‪ .‬وأنشطة مجالس المؤسسة (مجلس التدبير‪،‬‬
‫المجلس التربوي‪ ،‬مجلس القسم‪ ،‬المجلس التعليمي) ينظمها التشريع المدرسي‪ ،‬وبرنامج العمل السنوي الذي يستشرف‬
‫آفاقا تنموية كفيل بتحديد أعضاء هذه المجالس‪ ،‬وفي مواعيد مضبوطة‪.‬‬
‫أهمية الحكامة والغاية منها‬
‫إن الحكامة الجيدة تبقى ضرورية في مجال التسيير المادي والمالي والتدبير التربوي‪ .‬واليمكن لإلدارة التربوية أن تعزل‬
‫هذا المجال عن الظواهر البشرية التي تتفاعل في فضاءات المؤسسة؛ وهي ظواهر فيها ما هو بيولوجي‪ ،‬ونفسي‪،‬‬
‫واجتماعي‪ ،‬وثقافي‪ ،‬وسياسي‪ ،‬وإديولوجي‪ .‬ورئيس المؤسسة التعليمية أو التكوينية تحتم عليه هذه الحكامة أن يكيف هذه‬
‫الظواهر بتفاعالتها وتجلياتها‪ ،‬ومؤشراتها مع مجال التشريع المدرسي المستمد من مصادر رسمية وتوجيهات وزارية‬
‫تمتح من المرجعية القانونية التي لها عالقة بما هو مؤسساتي‪ .‬ومكتب رئيس المؤسسة باعتباره مرفقا عموميا مفتوحا في‬
‫وجه جميع المهتمين والمتدخلين في العملية التعليمية في عالقتها بمشروع المؤسسة‪ ،‬سواء أكانوا أطرافا مباشرين في‬
‫التنفيذ أم التتبع‪ ،‬أم أطرافا من خارج فضاءات المؤسسة معنيين بهذا المشروع‪ ،‬والمدرسة يجب أن تكون فضاءا يكرس‬
‫الحكامة الجيدة إن في تدبير الفضاء الداخلي للمؤسسة أو االنفتاح بعقالنية على الفضاء المحيط بالمؤسسة وما يعج به من‬
‫تفاعالت وجدانية‪ ،‬واجتماعية‪ ،‬وثقافية‪.‬‬
‫والحكامة في اإلدارة التربوية تتغيىا تنفيذ مشروع المؤسسة وفق لوحة قيادية تتمركز بشكل أساس على تتبع مسار حياة‬
‫المتمدرسين‪ ،‬وهي مهمة يتقاسمها كل الفاعلين في الحقل التربوي‪.‬‬
‫إن الحكامة الجيدة في تدبير المؤسسة التعليمية أو التكوينية تحتم استشعار ثقل المسؤولية أثناء المباشرة الفعلية للمشاريع‬
‫المندمجة التي تقترحها الرؤية االستراتيجية (‪ .)2030 -2015‬والهدف األسمى من كل ذلك هو تدبير وضعيات تربوية‬
‫اعتمادا على المعرفة التشريعية والقانونية التي تظل في حاجة هي األخرى إلى حس إداري يغتني بآليات الحكامة الجيدة‬
‫ويتقوى بالتواصل اإلداري والتربوي والبحث عن حلول مستعجلة لتدبير وضعية مشكلة قد تؤثر على مسار تنفيذ مشروع‬
‫المؤسسة‪.‬‬
‫الحكامة‪ :‬قدرات تدبيرية وتواصل‬
‫تقتضي الحكامة الجيدة اعتماد تقنيات تواصلية‪ ،‬يكيفها رئيس المؤسسة التعليمية أو التكوينية وفق مشروع المؤسسة‪،‬‬
‫فيحتاج أحيانا إلى التواصل الوجداني‪ ،‬وأحيانا أخرى إلى تواصل إداري يمتح من روح القانون‪ ،‬والقدرة التدبيرية على‬
‫حل المشاكل في عين المكان‪ .‬فالتشريع المدرسي‪ ،‬والتوجيهات الرسمية‪ ،‬والمذكرات الوزارية يجب تفعيلها بهدف تحسين‬
‫العرض التربوي الذي ينعكس بشكل إيجابي على التنمية المستدامة‪ .‬وهنا البد من تكييف المراسالت اإلدارية سواء تلك‬
‫التي تحمل صبغة استعجالية‪ ،‬أو تلك التي تهدف إلى تحسين مشروع المؤسسة مع المستجدات التربوية‪ ،‬وكذا مع التقنيات‬
‫التواصلية التي تقتضيها االجتماعات الدورية لجمعية دعم مدرسة النجاح‪ .‬وتجدر اإلشارة هنا إلى أن هذه الجمعية يخول‬
‫لها القانون اإلسهام بشكل فعال في التأهيل المندمج للمؤسسات التعليمية باعتباره مدخال للتنمية المستدامة‪.‬‬
‫القدرات التدبيرية‬
‫إن التدبير اإلداري بالمؤسسات التعليمية مطالب بنهج األسلوب المقاوالتي الذي يعتمد أساسا الحكامة في التدبير‪ .‬ومن ثم‬
‫فإن المسؤول اإلداري عليه أن يتولى تنظيم‪ ،‬وترتيب‪ ،‬وتبويب الوثائق اإلدارية‪ ،‬والمراسالت التي ترد على المؤسسة‪،‬‬
‫بل وحتى التي وردت عليها في عهد من سبق على رأس المؤسسة قبل تقلد المنصب من قبل المسؤول الجديد‪ ،‬ضمانا‬
‫لالستمرارية التي يقتضيها النموذج التنموي‪.‬‬
‫إن الحكامة في التدبير الحديث يقوم على تحديد األهداف‪ ،‬والنتائج‪ ،‬انطالقا من األولويات‪ .‬والبد من التمييز في‬
‫المراسالت اإلدارية بين الصادرات والواردات‪ ،‬ووضع سجالت خاصة بالواردات وأخرى خاصة بالصادرات‪.‬‬
‫والمراسالت بشكل عام يجب أن تكون موثقة بتواريخها وأرقامها الترتيبية‪ ،‬والبد من اإلشارة إلى الموضوع والمرسل‬
‫والمرسل إليه‪ .‬كما أن محاضر االجتماعات يجب أن تكون هي األخرى موثقة‪ ،‬وذلك باإلشارة إلى تاريخ االجتماع‬
‫ومكانه‪ ،‬وتحديد الحاضرين والغائبين‪ ،‬واإلشارة إلى الغياب المبرر وغير المبرر‪ .‬ويجب أن يتضمن محضر االجتماع‬
‫تقريرا مفصال عن األنشطة والمشاريع‪.‬وإجماال يمكن اعتبار التدبير الحديث تدبيرا للمعلومات‪ ،‬والوثائق‪ ،‬واألرشيف‬
‫كأسلوب ناجع للتواصل اإلداري‪ ،‬واحترام التسلسل اإلداري‪ ،‬والشعور بالمسؤولية‪ .‬وفي هذا السياق البد من التمييز بين‬
‫التدبير والتسيير‪ ،‬فإذا كان التسيير يعني تطبيق اإلجراءات‪ ،‬والمساطر‪ ،‬فإن التدبير يتضمن التسيير ويتجاوزه‪ ،‬ومن ثم ال‬
‫يمكن أن نتحدث عن الحكامة في عالقتها بالنموذج التنموي من غير أن نستحضر هذه العالقة التالزمية بين التدبير‬
‫والتسيير‪ .‬والحكامة في التدبير مفهوم شاسع يستوعب المفاهيم السابقة‪ ،‬ويخضع لمعيار االتساع‪ ،‬والشمولية‪ ،‬من حيث‬
‫ربط المسؤولية بالمحاسبة‪ ،‬ويشمل مفاهيم التسيير‪ ،‬والتدبير‪ ،‬والتواصل‪.‬‬
‫أهمية التواصل‬
‫إن الحكامة تقتضي من رئيس المؤسسة التعليمية أو التكوينية عقد اجتماعات تنسيقية مع جمعية آباء وأولياء التالميذ‬
‫وجمعيات المجتمع المدني التي أبرمت شراكات مع المدرسة لتنفيذ مشروع المؤسسة‪ ،‬وتحيين المعطيات الخاصة به‪.‬‬
‫وهذه االجتماعات ينبغي أال تقتصر على معالجة الجوانب التقنية للمشروع‪ ،‬بل يجب أن تبرمج في جداول أعمالها محاور‬
‫وموضوعات قد تمت بصلة وثيقة إلى مشروع المؤسسة‪ ،‬وتجدر اإلشارة هنا إلى أهمية تحيين المعطيات الخاصة بأقسام‬
‫األطفال في وضعية إعاقة أو تلك التي تؤثر سلبا على مسار تنفيذ المشروع كالهدر المدرسي – مثال – أو تلك التي تؤثر‬
‫بشكل إيجابي على مراحل التنفيذ كاألولمبياء الوطنية في البيولوجيا أو الرياضيات‪ ،‬أو المسابقات الوطنية‪ ،‬والدولية في‬
‫تحدي القراءة وغيرها من المسابقات الوطنية والدولية التي تعلي من قيمة االبتكار واالختراع واإلبداع في صفوف‬
‫المتعلمين والمتعلمات‪.‬‬
‫وتقتضي الحكامة في التدبير االطالع الواسع على النصوص القانونية والتشريعية‪ ،‬وتقنيات التواصل المستمدة من حقول‬
‫داللية مختلفة‪ ،‬كعلم النفس‪ ،‬وعلم االجتماع‪ ،‬والعلوم السياسية‪ ،‬ألن فضاء المؤسسة يتسع لسلوكات وتصرفات‪ ،‬وتمثالت‬
‫قد تبدو متباينة‪ ،‬لكنها تتفق جميعا على أهداف مشتركة لتنفيذ مشروع المؤسسة في عالقته بالمشروع المجتمعي الذي‬
‫تتبناه الدولة‪.‬‬
‫والحكامة في التدبير اإلداري تقتضي إجراءات البد منها‪ ،‬أهمها التشاور‪ ،‬والتصرف بحكمة‪ ،‬واقتراح حلول جديدة تسهم‬
‫في إثراء العمل اإلداري‪ ،‬والتشارك‪ ،‬واإلنصات الجيد للفرقاء‪ ،‬وتعزيز تبنيهم للمشروع التنموي الحداثي‪ ،‬والتواصل‬
‫اإليجابي مع المربين‪ ،‬والمتعلمين‪ ،‬والشركاء‪ .‬ومن أساليب الحكامة الجيدة اعتماد سلوك القيادة لكسب ثقة واحترام‬
‫المجالس‪ ،‬وهياكل المؤسسة‪ ،‬وفي هذا السياق البد من استحضار مهام ومسؤوليات رئيس المؤسسة التعليمية والتي‬
‫ينظمها المرسوم رقم ‪ 202 – 376‬الصادر في ‪ 6‬جمادى األولى ‪ 17( 1423‬يوليو ‪ )2002‬بمثابة النظام األساسي‬
‫الخاص بمؤسسات التربية والتعليم العمومي‪ .‬وتجدر اإلشارة كذلك إلى مجموعة من الوثائق اإلدارية المستمدة أساسا من‬
‫دليل الحياة المدرسية‪ ،‬وأخص بالذكر هنا الوثيقة المعنونة بمرتكزات الحياة المدرسية الصادرة عن وزارة التربية الوطنية‬
‫والشباب (‪ .)2000‬وهذه الوثيقة تنص على حقوق المتعلم وواجباته‪ ،‬والمسؤوليات والمحظورات‪ .‬والوثيقة رقم ‪ 45‬التي‬
‫تنص على اإلجراءات التنظيمية لتتبع سير الدراسة‪ ،‬وهذه الوثيقة ترصد الدعم المواكب في البحث عن الحلول لمشكل‬
‫التغيبات ومخالفة القانون الداخلي للمؤسسة‪ .‬والوثيقة رقم ‪ 47‬والتي تنص على وضعيات مشكلة في تدبير شؤون‬
‫التالميذ‪ .‬والوثيقة رقم ‪ 48‬التي تنص على تدبير شؤون األساتذة‪ ،‬وتحدد المبادئ التوجيهية للعالقات المهنية‪ ،‬والتربوية‪،‬‬
‫واالجتماعية في المؤسسة والوثيقة رقم ‪ ،49‬والتي تنص على المبادئ التوجيهية لدعم العالقات اإليجابية بين المؤسسة‬
‫والشركاء‪ .‬والوثيقة رقم ‪ 41‬والتي تنص على تدبير مواقيت انعقاد مجالس المؤسسة‪.‬‬
‫إن المشاريع التنموية في كل بالد العالم تستمد قوتها ونجاعتها من المؤسسات التعليمية والتكوينية‪ .‬ونجاح هذه المؤسسات‬
‫في أداء مهامها وبلوغ غاياتها مرهون بالحكامة في التدبير‪ .‬والحكامة الجيدة التتم إال بتدبير المهام التربوية األساسية‪،‬‬
‫عن طريق إشراك المجالس في التدبير خدمة لهذا المشروع‪ ،‬وخاصة مجلس التدبير كقوة اقتراحية‪.‬‬
‫مشروع المؤسسة‬
‫يندرج مشروع المؤسسة في إطار التوجهات الكبرى للمشروع التنموي‪ ،‬الرامية إلى اعتماد الالمركزية والالتركيز‬
‫كخيار استراتيجي يجعل المؤسسة التعليمية نقطة ارتكاز المنظومة التربوية انسجاما مع الرؤية االستراتيجية‪ ،‬وتوجه‬
‫الميثاق الوطني للتربية والتكوين لالرتقاء بالمؤسسات التعليمية باعتبارها امتدادا طبيعيا للمشروع التنموي‪ .‬والحكامة‬
‫الجيدة ينبغي أن تنطلق من الحياة المدرسية؛ أي من الحياة االعتيادية التي يعيشها المتعلمون أفرادا أو جماعات داخل‬
‫نسق عام يفترض فيه أن يكون منظما‪ .‬ويتمثل جوهر هذه الحياة الزاخرة بالحركية والنشاط داخل فضاءات المؤسسة‬
‫التعليمية أو التكوينية‪ .‬وهذه الحركية تتمظهر في صورة مصغرة للحياة االجتماعية في أماكن وأوقات مخصصة للتنشئة‬
‫الشاملة لشخصية المتعلم‪ .‬وما تلك األنشطة التفاعلية المتنوعة المنبثقة من مشروع المؤسسة إال مظهر من مظاهر هذا‬
‫االمتداد الطبيعي للمشروع التنموي‪.‬‬
‫إن االنخراط في المشروع التنموي يمر حتما من المدرسة ألنها مجال خصب للتنمية البشرية ؛ فهي جزء من الحياة‬
‫العامة المتميزة بالسرعة‪ ،‬والتدفق‪ ،‬والتفاعل‪ ،‬مع القيم االجتماعية‪ ،‬والتحوالت االقتصادية‪ ،‬والتطورات المعرفية‪،‬‬
‫والتطور الرقمي‪ ،‬والتكنولوجي‪ .‬ثم إن المشروع المجتمعي يحتاج إلى من يكيفه بشكل ينسجم مع التحوالت التي يمر بها‬
‫المجتمع‪ ،‬ونجد لها صدى في الحياة الجماعية التي تؤثر في الوظيفة االجتماعية للتربية‪ ،‬فالحياة المدرسية باعتبارها‬
‫مناخا وظيفيا مندمجا في مكونات العمل المدرسي‪ .‬من شأنها أن توفر مناخا سليما لتنفيذ مشروع المؤسسة‪ ،‬ويساعد في‬
‫الوقت نفسه المتعلمين والمتعلمات على اكتساب السلوك المدني والقيم اإلنسانية والكونية‪.‬‬
‫وإذا كان مشروع المؤسسة في امتدادته االجتماعية يتشكل من العناصر الزمانية والمكانية والتنظيمية‪ ،‬والعالئقية‬
‫والتواصلية‪ ،‬والثقافية‪ ،‬والتنشيطية‪ ،‬فإن الحياة المدرسية التخرج عن نطاق هذه العناصر المساهمة بدورها في الخدمات‬
‫التكوينية‪ ،‬والتعليمية‪ ،‬التي تقدمها المؤسسة التعليمية أو التكوينية للمتعلمين والمتعلمات‪.‬‬
‫واليمكن لمشروع المؤسسة أن تكون له امتدادات في المجتمع إال إذا رصد له دعم مالي ومادي‪ ،‬بمواصفات الجودة بدءا‬
‫بنظام معلوماتي للتتبع والتقويم وانتهاء بإرساء أسس الحكامة التدبيرية الجيدة‪ ،‬وسياسة القرب‪ ،‬والمقاربة التشاركية‬
‫والتدبير بالنتائج‪.‬‬
‫إن المشروع التنموي يروم تحقيق تربية وتكوين يستوعبان األبعاد‪ ،‬واألساليب‪ ،‬والمقاربات‪ ،‬وينفتحان على الشركاء‬
‫والمس اهمين في إطار رؤية شمولية وتوفيقية بين جميع الفاعلين والمتدخلين في منظومة التربية والتكوين‪.‬‬
‫ومن أهم العناصر التي يمكن أن تساعد على تحقيق النجاعة الحكامة الجيدة في تنظيم الحياة المدرسية‪ ،‬وتوجيهها وجهة‬
‫تسعى إلى اإلسهام بشكل غير مباشر في النموذج التنموي نذكر ما يلي‪:‬‬
‫‪-‬الفضاء المدرسي ‪-‬الزمن المدرسي ‪-‬قواعد ومبادئ تنظيم حياة الجماعة داخل المؤسسة التعليمية والتكوينية – المناخ‬
‫المدرسي وأشكال التواصل الثقافي والمهني – الصحة المدرسية – العالقات مع المحيطين الداخلي والخارجي‪.‬‬

‫الحكامة الجيدة‬
‫والحكامة الجيدة ترتبط ارتباطا وثيقا بالنظام الداخلي للمؤسسة‪ ،‬والذي يستمد مقتضياته‪ ،‬وقواعده من القوانين‪،‬‬
‫والتشريعات متمثلة في الدستور‪ ،‬والمعاهدات‪ ،‬واالتفاقيات‪ ،‬التي تنظم على أساسها الحياة العامة والتشريعات الخاصة‬
‫المتعلقة بضوابط تدبير المؤسسات التعليمية وانفتاحها على المشروع المجتمعي التنموي‪ .‬ثم إن المشرفين على تنفيذ‬
‫النموذج التنموي ملزمون بتصنيف الوثائق التي تحدد مرتكزات الحياة المدرسية‪ ،‬وفضاءاتها‪ ،‬وهي مرتكزات تؤدي‬
‫أدوارا تنموية داخل هذه الفضاءات في عالقتها بالمحيط الخارجي‪ ،‬وفي مقدمة هذه األدوار يمكن الحديث عن الخدمات‬
‫التربوية والتثقيفية كإنجاز برنامج للتكوين والتكوين المستمر لفائدة العاملين بمؤسسات أخرى‪ ،‬والجمع مثال بين التربية‬
‫النظامية والتربية غير النظامية على سبيل التعاقب‪ ،‬وإنجاز برامج للدعم التربوي ومحاربة األمية‪ ،‬واستضافة العروض‬
‫العلمية والثقافية والفنية والرياضية والتكنولوجية‪ ،‬وإنجاز أنشطة الحياة المدرسية متمثلة في النوادي والمعامل‪،‬‬
‫والورشات التربوية‪ ،‬والمسابقات‪ ،‬واأللعاب التربوية‪ ،‬والعروض السمعية البصرية‪ ،‬والمعارض‪ ،‬والمنتديات‪ ،‬واألبواب‬
‫مفتوحة‪ ،‬والملتقيات‪ ،‬واإلعالم مدرسي من اإلذاعة مدرسية‪ ،‬والنشرات‪ ،‬والمسرح‪ ،‬والعروض‪ ،‬واألبحاث‪ .‬ولتفعيل‬
‫أنشطة الحياة المدرسية التي تنعكس بشكل إيجابي على المشروع التنموي البد من رصد آليات هذا التفعيل‪ ،‬ولعل أبرزها‬
‫الدعم والتتبع‪ ،‬وبرنامج العمل اإلقليمي‪ ،‬والجهوي‪ ،‬وبرنامج األنشطة ذات الطابع الوطني والقيادة الجديدة‪ .‬وهذه اآلليات‬
‫يجب أن ترتبط بالمشروعالفردي للمتعلم‪ ،‬ومشروع القسم‪ ،‬ومشروع النادي التربوي‪ ،‬والمشروع الرياضي للمؤسسة‪،‬‬
‫ومشروع المؤسسة‪ .‬وهذه المشاريع يجب أال تتعارض وحقوق المتعلم كالحق في التعلم والتمتع بالمساواة‪ ،‬والمشاركة في‬
‫التدبير‪ ،‬وإبراز القدرات والمؤهالت‪ ،‬كما ال يجب ان تتعارض كذلك مع واجبات المتعلم‪ ،‬متجلية في االجتهاد‪،‬‬
‫والمواظبة‪ ،‬والحفاظ على التجهيزات‪ ،‬والمساهمة في األنشطة وفي هذا السياق البد من استحضار مسؤوليات آباء وأولياء‬
‫التالميذ فهم ملزمون بتتبع مواظبة األبناء لمالها من دور فعال في تنفيذ مشروع المؤسسة‪.‬إن أنشطة الحياة المدرسية التي‬
‫تؤثر إيجابا على النموذج التنموي تنتظم في مبادئ أساسية تساعد على تفعيلها وأجرأتها‪ ،‬وهنا يمكن أن تعتبر الصيغة‬
‫التربوية لألنشطة مبدأ يندرج ضمن الغايات واألهداف المسطرة في الميثاق الوطني للتربية والتكوين‪ ،‬وفي المذكرات‬
‫الوزارية‪ ،‬والجهوية‪ ،‬واإلقليمية‪ .‬أما المبدأ الثانيفيتجلى في األخذ بعين االعتبار الفئات المستهدفة من حيث سن التلميذ‬
‫واهتماماته‪ ،‬وحاجياته‪ ،‬والواقع الثقافي الذي يعيش فيه‪ .‬ويتحدد المبدأ الثالث في األهداف المسطرة بوضوح في أي نشاط‬
‫تربوي أو ثقافي‪ .‬ويتمحور المبدأ الرابع على التنوع والتوازن أثناء برمجة األنشطة التي تلبي حاجات واهتمامات عدد‬
‫كبير من المتعلمين والمتعلمات‪ .‬ولكي تساهم هذه األنشطة في بلورة النموذج التنموي المنشود البد من تدخل الفاعلين‬
‫والشركاء في الحياة المدرسية‪ ،‬إذ يجب أن تتكرس جهودهم في خدمة المتعلم‪ .‬والحكامة الجيدة تقتضي التواصل الفعال‬
‫مع كل المتدخلين سواء كانوا مدرسين أو مصالح تربوية وإقليمية وجهوية ووزارية أو إدارة تربوية للمؤسسات التعليمية‬
‫أو هيأة التأطير والمراقبة التربوية‪ .‬والتواصل اليتم إال عبر قنوات في المؤسسة التعليمية أو التكوينية وهي متمثلة فيما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪-‬مجالس المؤسسة – االجتماعات الدورية – فرق العمل واللجان – المقابالت والمراسالت‪.‬‬
‫التواصل والتنشيط‬
‫إن التواصل والتنشيط يهدفان إلى خدمة المشروع التنموي للمؤسسة عبر إيجاد حلول للظواهر السلبية المنتشرة في‬
‫مجتمع المدرسة‪ ،‬ولعل أبرزها ظاهرة العنف المدرسي سواء أكان ذلك داخل الفصل أو داخل الفضاء المدرسي‪ .‬والحد‬
‫من هذه الظاهرة اليتم إال من خالل تجويد الطرائق البيداغوجية الحديثة وإعادة النظرفي بعض المذكرات خاصة تلك‬
‫التي تنص في بنودها على إرجاع المفصولين والمنقطعين‪ ،‬وإعادة النظر في البرامج والمناهج‪ ،‬وتهيئة فضاءات‬
‫المؤسسة وتفعيل خاليا اإلنصات واالستماع‪ ،‬وتحفيز المتعلمين على االنخراط في األندية التربوية‪ ،‬وتفعيل دور المكتبة‬
‫واالعتناء بفضاء المدرسة عبر إشراك المتعلم في تأثيث فضاءاتها‪ ،‬وهذا لن يتحقق إال بالتعاقد معه على الحقوق‬
‫والواجبات‪ ،‬خاصة وأن بعض القوانين والمذكرات تركز على حقوق المتعلم وتعرض صفحا عن الواجبات‪ ،‬فإذا كان من‬
‫واجب المؤسسة التعليمية أو التكوينية توفير فضاء مريح للتلميذ واألستاذ‪ ،‬والمشرف اإلداري فإن هذا الثالوث مطالب هو‬
‫اآلخر باالنخراط في مشروع المؤسسة وذلك بالتحلي بقيم المواطنة الحقة التي تنبذ العنف مهما كان مصدره ألنه يعوق‬
‫النموذج التنموي‪ ،‬لذا ينبغي التصدي لظاهرة العنف المدرسي عبر اإلعالم الهادف بمختلف أشكاله (السمعي – البصري‪-‬‬
‫االلكتروني‪ -‬الرقمي‪ -‬الورقي)‪ ،‬وعبر األنشطة الرياضية المدرسية‪ ،‬واألنشطة الداعمة‪ ،‬والرحالت الترفيهية‪ ،‬وتفعيل‬
‫القاعات المتعددة الوسائط‪ ،‬وتوفير الموارد البشرية المتخصصة في التنشيط والتواصل‪ ،‬وإعادة النظر في مساطير‬
‫الترخيص للرحالت والخرجات‪ .‬وإن من شأن هذه األنشطة أن تساهم بشكل أو بآخر في المشروع المجتمعي التنموي‪،‬‬
‫خاصة إذا أخذ المشرفون التربويون بعين االعتبار مرحلة المراهقة لفئة عريضة من المتعلمين والمتعلمات‪ ،‬وتعاملوا‬
‫معها تعامال ناجعا لخدمة هذا المشروع‪ .‬هذه المرحلة العمرية تتحدد في الفترة الممتدة ما بين الطفولة والرشد‪ .‬والوسط‬
‫المدرسي معني بالبحث عن أساليب للتعامل مع المتعلم‪ /‬المراهق بكيفية ال تتعارض ومشروع المؤسسة في عالقته‬
‫بالنموذج التنموي‪. …….‬‬
‫إن الحكامة الجيدة في اإلدارة التربوية تقتضي تركيز االختيارات والتقنيات البيداغوجية على المعارف‪ ،‬والكفايات‬
‫المستهدفة‪ ،‬قصد تحقيق نموذج تنموي أكثر فعالية يوفر فرص النجاح الدراسي للمتعلم‪ ،‬ويتوخى تحسين جودة الحياة‬
‫المدرسية بتنظيم أفضل للزمن الدراسي وتطوير األنشطة الفنية‪ ،‬وأنشطة التفتح‪ ،‬والتحصيل الدراسي‪ ،‬حيث ينبغي أن‬
‫تسترجع المدرسة المغربية دورها كفضاء للتربية بمعناها الواسع أكثر منه مجرد مكان للتعلم المنحصر في ممارسات‬
‫مدرسية كالسيكية‪ ،‬وما يشوبها من رتابة وممارسات نمطية‪ .‬وبفعل الحكامة وربط المسؤولية بالمحاسبة يمكن للمؤسسات‬
‫التعليمية أن تكون فضاءات لالحترام وقيم المواطنة الحقة لتمكين المتعلمين والمدرسين والمشرفين التربويين من التعايش‬
‫في محيط آمن يضمن سالمتهم الجسدية والمعنوية‪ ،‬ويحفزهم على االنخراط في مشاريع تربوية متنوعة‪ ،‬تستشرف آفاقا‬
‫رحبة في المشروع التنموي المستدام‪.‬‬

You might also like