Professional Documents
Culture Documents
إن المشاريع التنموية في كل بالد العالم تستمد قوتها ونجاعتها من المؤسسات التعليمية والتكوينية .ونجاح هذه المؤسسات
في أداء مهامها وبلوغ غاياتها مرهون بالحكامة في التدبير .والحكامة الجيدة التتم إال بتدبير المهام التربوية األساسية،
عن طريق إشراك المجالس في التدبير خدمة لهذا المشروع ،وخاصة مجلس التدبير كقوة اقتراحية.
من المشروع التنموي إلى مشروع المؤسسة
باإلضافة إلى المهام التي تتوالها اإلدارة التربوية كمعالجة ملفات ،وبطاقات التالميذ ،وضبط المواظبة ،وتأمين الزمن
المدرسي ،وتدبير عمليات المراقبة المستمرة .فإن الحكامة الجيدة تقتضي تدبير أنشطة الحياة المدرسية من دعم تربوي،
وإعداد برنامج للعمل السنوي ،وأنشطة مجالس المؤسسة ،واألنشطة المندمجة الثقافية ،والفنية ،والرياضية ،وأنشطة
األندية التربوية ،وأنشطة خلية اليقظة ،وأنشطة خلية اإلنصات ،ورصد حاالت العنف ،ألن كل ذلك ينعكس بشكل إيجابي
على المشروع التنموي ،وتكمن ضرورة برنامج العمل السنوي في المؤسسة التعليمية في كونه يساهم بشكل غير مباشر
في المشروع التنموي ،خاصة إذا برمجت األنشطة التربوية والثقافية في تواريخ مضبوطة باالستشارة مع مجلس التدبير
الذي يجب عليه أن يصادق على البرنامج السنوي في نهاية الموسم الدراسي .وأنشطة مجالس المؤسسة (مجلس التدبير،
المجلس التربوي ،مجلس القسم ،المجلس التعليمي) ينظمها التشريع المدرسي ،وبرنامج العمل السنوي الذي يستشرف
آفاقا تنموية كفيل بتحديد أعضاء هذه المجالس ،وفي مواعيد مضبوطة.
أهمية الحكامة والغاية منها
إن الحكامة الجيدة تبقى ضرورية في مجال التسيير المادي والمالي والتدبير التربوي .واليمكن لإلدارة التربوية أن تعزل
هذا المجال عن الظواهر البشرية التي تتفاعل في فضاءات المؤسسة؛ وهي ظواهر فيها ما هو بيولوجي ،ونفسي،
واجتماعي ،وثقافي ،وسياسي ،وإديولوجي .ورئيس المؤسسة التعليمية أو التكوينية تحتم عليه هذه الحكامة أن يكيف هذه
الظواهر بتفاعالتها وتجلياتها ،ومؤشراتها مع مجال التشريع المدرسي المستمد من مصادر رسمية وتوجيهات وزارية
تمتح من المرجعية القانونية التي لها عالقة بما هو مؤسساتي .ومكتب رئيس المؤسسة باعتباره مرفقا عموميا مفتوحا في
وجه جميع المهتمين والمتدخلين في العملية التعليمية في عالقتها بمشروع المؤسسة ،سواء أكانوا أطرافا مباشرين في
التنفيذ أم التتبع ،أم أطرافا من خارج فضاءات المؤسسة معنيين بهذا المشروع ،والمدرسة يجب أن تكون فضاءا يكرس
الحكامة الجيدة إن في تدبير الفضاء الداخلي للمؤسسة أو االنفتاح بعقالنية على الفضاء المحيط بالمؤسسة وما يعج به من
تفاعالت وجدانية ،واجتماعية ،وثقافية.
والحكامة في اإلدارة التربوية تتغيىا تنفيذ مشروع المؤسسة وفق لوحة قيادية تتمركز بشكل أساس على تتبع مسار حياة
المتمدرسين ،وهي مهمة يتقاسمها كل الفاعلين في الحقل التربوي.
إن الحكامة الجيدة في تدبير المؤسسة التعليمية أو التكوينية تحتم استشعار ثقل المسؤولية أثناء المباشرة الفعلية للمشاريع
المندمجة التي تقترحها الرؤية االستراتيجية ( .)2030 -2015والهدف األسمى من كل ذلك هو تدبير وضعيات تربوية
اعتمادا على المعرفة التشريعية والقانونية التي تظل في حاجة هي األخرى إلى حس إداري يغتني بآليات الحكامة الجيدة
ويتقوى بالتواصل اإلداري والتربوي والبحث عن حلول مستعجلة لتدبير وضعية مشكلة قد تؤثر على مسار تنفيذ مشروع
المؤسسة.
الحكامة :قدرات تدبيرية وتواصل
تقتضي الحكامة الجيدة اعتماد تقنيات تواصلية ،يكيفها رئيس المؤسسة التعليمية أو التكوينية وفق مشروع المؤسسة،
فيحتاج أحيانا إلى التواصل الوجداني ،وأحيانا أخرى إلى تواصل إداري يمتح من روح القانون ،والقدرة التدبيرية على
حل المشاكل في عين المكان .فالتشريع المدرسي ،والتوجيهات الرسمية ،والمذكرات الوزارية يجب تفعيلها بهدف تحسين
العرض التربوي الذي ينعكس بشكل إيجابي على التنمية المستدامة .وهنا البد من تكييف المراسالت اإلدارية سواء تلك
التي تحمل صبغة استعجالية ،أو تلك التي تهدف إلى تحسين مشروع المؤسسة مع المستجدات التربوية ،وكذا مع التقنيات
التواصلية التي تقتضيها االجتماعات الدورية لجمعية دعم مدرسة النجاح .وتجدر اإلشارة هنا إلى أن هذه الجمعية يخول
لها القانون اإلسهام بشكل فعال في التأهيل المندمج للمؤسسات التعليمية باعتباره مدخال للتنمية المستدامة.
القدرات التدبيرية
إن التدبير اإلداري بالمؤسسات التعليمية مطالب بنهج األسلوب المقاوالتي الذي يعتمد أساسا الحكامة في التدبير .ومن ثم
فإن المسؤول اإلداري عليه أن يتولى تنظيم ،وترتيب ،وتبويب الوثائق اإلدارية ،والمراسالت التي ترد على المؤسسة،
بل وحتى التي وردت عليها في عهد من سبق على رأس المؤسسة قبل تقلد المنصب من قبل المسؤول الجديد ،ضمانا
لالستمرارية التي يقتضيها النموذج التنموي.
إن الحكامة في التدبير الحديث يقوم على تحديد األهداف ،والنتائج ،انطالقا من األولويات .والبد من التمييز في
المراسالت اإلدارية بين الصادرات والواردات ،ووضع سجالت خاصة بالواردات وأخرى خاصة بالصادرات.
والمراسالت بشكل عام يجب أن تكون موثقة بتواريخها وأرقامها الترتيبية ،والبد من اإلشارة إلى الموضوع والمرسل
والمرسل إليه .كما أن محاضر االجتماعات يجب أن تكون هي األخرى موثقة ،وذلك باإلشارة إلى تاريخ االجتماع
ومكانه ،وتحديد الحاضرين والغائبين ،واإلشارة إلى الغياب المبرر وغير المبرر .ويجب أن يتضمن محضر االجتماع
تقريرا مفصال عن األنشطة والمشاريع.وإجماال يمكن اعتبار التدبير الحديث تدبيرا للمعلومات ،والوثائق ،واألرشيف
كأسلوب ناجع للتواصل اإلداري ،واحترام التسلسل اإلداري ،والشعور بالمسؤولية .وفي هذا السياق البد من التمييز بين
التدبير والتسيير ،فإذا كان التسيير يعني تطبيق اإلجراءات ،والمساطر ،فإن التدبير يتضمن التسيير ويتجاوزه ،ومن ثم ال
يمكن أن نتحدث عن الحكامة في عالقتها بالنموذج التنموي من غير أن نستحضر هذه العالقة التالزمية بين التدبير
والتسيير .والحكامة في التدبير مفهوم شاسع يستوعب المفاهيم السابقة ،ويخضع لمعيار االتساع ،والشمولية ،من حيث
ربط المسؤولية بالمحاسبة ،ويشمل مفاهيم التسيير ،والتدبير ،والتواصل.
أهمية التواصل
إن الحكامة تقتضي من رئيس المؤسسة التعليمية أو التكوينية عقد اجتماعات تنسيقية مع جمعية آباء وأولياء التالميذ
وجمعيات المجتمع المدني التي أبرمت شراكات مع المدرسة لتنفيذ مشروع المؤسسة ،وتحيين المعطيات الخاصة به.
وهذه االجتماعات ينبغي أال تقتصر على معالجة الجوانب التقنية للمشروع ،بل يجب أن تبرمج في جداول أعمالها محاور
وموضوعات قد تمت بصلة وثيقة إلى مشروع المؤسسة ،وتجدر اإلشارة هنا إلى أهمية تحيين المعطيات الخاصة بأقسام
األطفال في وضعية إعاقة أو تلك التي تؤثر سلبا على مسار تنفيذ المشروع كالهدر المدرسي – مثال – أو تلك التي تؤثر
بشكل إيجابي على مراحل التنفيذ كاألولمبياء الوطنية في البيولوجيا أو الرياضيات ،أو المسابقات الوطنية ،والدولية في
تحدي القراءة وغيرها من المسابقات الوطنية والدولية التي تعلي من قيمة االبتكار واالختراع واإلبداع في صفوف
المتعلمين والمتعلمات.
وتقتضي الحكامة في التدبير االطالع الواسع على النصوص القانونية والتشريعية ،وتقنيات التواصل المستمدة من حقول
داللية مختلفة ،كعلم النفس ،وعلم االجتماع ،والعلوم السياسية ،ألن فضاء المؤسسة يتسع لسلوكات وتصرفات ،وتمثالت
قد تبدو متباينة ،لكنها تتفق جميعا على أهداف مشتركة لتنفيذ مشروع المؤسسة في عالقته بالمشروع المجتمعي الذي
تتبناه الدولة.
والحكامة في التدبير اإلداري تقتضي إجراءات البد منها ،أهمها التشاور ،والتصرف بحكمة ،واقتراح حلول جديدة تسهم
في إثراء العمل اإلداري ،والتشارك ،واإلنصات الجيد للفرقاء ،وتعزيز تبنيهم للمشروع التنموي الحداثي ،والتواصل
اإليجابي مع المربين ،والمتعلمين ،والشركاء .ومن أساليب الحكامة الجيدة اعتماد سلوك القيادة لكسب ثقة واحترام
المجالس ،وهياكل المؤسسة ،وفي هذا السياق البد من استحضار مهام ومسؤوليات رئيس المؤسسة التعليمية والتي
ينظمها المرسوم رقم 202 – 376الصادر في 6جمادى األولى 17( 1423يوليو )2002بمثابة النظام األساسي
الخاص بمؤسسات التربية والتعليم العمومي .وتجدر اإلشارة كذلك إلى مجموعة من الوثائق اإلدارية المستمدة أساسا من
دليل الحياة المدرسية ،وأخص بالذكر هنا الوثيقة المعنونة بمرتكزات الحياة المدرسية الصادرة عن وزارة التربية الوطنية
والشباب ( .)2000وهذه الوثيقة تنص على حقوق المتعلم وواجباته ،والمسؤوليات والمحظورات .والوثيقة رقم 45التي
تنص على اإلجراءات التنظيمية لتتبع سير الدراسة ،وهذه الوثيقة ترصد الدعم المواكب في البحث عن الحلول لمشكل
التغيبات ومخالفة القانون الداخلي للمؤسسة .والوثيقة رقم 47والتي تنص على وضعيات مشكلة في تدبير شؤون
التالميذ .والوثيقة رقم 48التي تنص على تدبير شؤون األساتذة ،وتحدد المبادئ التوجيهية للعالقات المهنية ،والتربوية،
واالجتماعية في المؤسسة والوثيقة رقم ،49والتي تنص على المبادئ التوجيهية لدعم العالقات اإليجابية بين المؤسسة
والشركاء .والوثيقة رقم 41والتي تنص على تدبير مواقيت انعقاد مجالس المؤسسة.
إن المشاريع التنموية في كل بالد العالم تستمد قوتها ونجاعتها من المؤسسات التعليمية والتكوينية .ونجاح هذه المؤسسات
في أداء مهامها وبلوغ غاياتها مرهون بالحكامة في التدبير .والحكامة الجيدة التتم إال بتدبير المهام التربوية األساسية،
عن طريق إشراك المجالس في التدبير خدمة لهذا المشروع ،وخاصة مجلس التدبير كقوة اقتراحية.
مشروع المؤسسة
يندرج مشروع المؤسسة في إطار التوجهات الكبرى للمشروع التنموي ،الرامية إلى اعتماد الالمركزية والالتركيز
كخيار استراتيجي يجعل المؤسسة التعليمية نقطة ارتكاز المنظومة التربوية انسجاما مع الرؤية االستراتيجية ،وتوجه
الميثاق الوطني للتربية والتكوين لالرتقاء بالمؤسسات التعليمية باعتبارها امتدادا طبيعيا للمشروع التنموي .والحكامة
الجيدة ينبغي أن تنطلق من الحياة المدرسية؛ أي من الحياة االعتيادية التي يعيشها المتعلمون أفرادا أو جماعات داخل
نسق عام يفترض فيه أن يكون منظما .ويتمثل جوهر هذه الحياة الزاخرة بالحركية والنشاط داخل فضاءات المؤسسة
التعليمية أو التكوينية .وهذه الحركية تتمظهر في صورة مصغرة للحياة االجتماعية في أماكن وأوقات مخصصة للتنشئة
الشاملة لشخصية المتعلم .وما تلك األنشطة التفاعلية المتنوعة المنبثقة من مشروع المؤسسة إال مظهر من مظاهر هذا
االمتداد الطبيعي للمشروع التنموي.
إن االنخراط في المشروع التنموي يمر حتما من المدرسة ألنها مجال خصب للتنمية البشرية ؛ فهي جزء من الحياة
العامة المتميزة بالسرعة ،والتدفق ،والتفاعل ،مع القيم االجتماعية ،والتحوالت االقتصادية ،والتطورات المعرفية،
والتطور الرقمي ،والتكنولوجي .ثم إن المشروع المجتمعي يحتاج إلى من يكيفه بشكل ينسجم مع التحوالت التي يمر بها
المجتمع ،ونجد لها صدى في الحياة الجماعية التي تؤثر في الوظيفة االجتماعية للتربية ،فالحياة المدرسية باعتبارها
مناخا وظيفيا مندمجا في مكونات العمل المدرسي .من شأنها أن توفر مناخا سليما لتنفيذ مشروع المؤسسة ،ويساعد في
الوقت نفسه المتعلمين والمتعلمات على اكتساب السلوك المدني والقيم اإلنسانية والكونية.
وإذا كان مشروع المؤسسة في امتدادته االجتماعية يتشكل من العناصر الزمانية والمكانية والتنظيمية ،والعالئقية
والتواصلية ،والثقافية ،والتنشيطية ،فإن الحياة المدرسية التخرج عن نطاق هذه العناصر المساهمة بدورها في الخدمات
التكوينية ،والتعليمية ،التي تقدمها المؤسسة التعليمية أو التكوينية للمتعلمين والمتعلمات.
واليمكن لمشروع المؤسسة أن تكون له امتدادات في المجتمع إال إذا رصد له دعم مالي ومادي ،بمواصفات الجودة بدءا
بنظام معلوماتي للتتبع والتقويم وانتهاء بإرساء أسس الحكامة التدبيرية الجيدة ،وسياسة القرب ،والمقاربة التشاركية
والتدبير بالنتائج.
إن المشروع التنموي يروم تحقيق تربية وتكوين يستوعبان األبعاد ،واألساليب ،والمقاربات ،وينفتحان على الشركاء
والمس اهمين في إطار رؤية شمولية وتوفيقية بين جميع الفاعلين والمتدخلين في منظومة التربية والتكوين.
ومن أهم العناصر التي يمكن أن تساعد على تحقيق النجاعة الحكامة الجيدة في تنظيم الحياة المدرسية ،وتوجيهها وجهة
تسعى إلى اإلسهام بشكل غير مباشر في النموذج التنموي نذكر ما يلي:
-الفضاء المدرسي -الزمن المدرسي -قواعد ومبادئ تنظيم حياة الجماعة داخل المؤسسة التعليمية والتكوينية – المناخ
المدرسي وأشكال التواصل الثقافي والمهني – الصحة المدرسية – العالقات مع المحيطين الداخلي والخارجي.
الحكامة الجيدة
والحكامة الجيدة ترتبط ارتباطا وثيقا بالنظام الداخلي للمؤسسة ،والذي يستمد مقتضياته ،وقواعده من القوانين،
والتشريعات متمثلة في الدستور ،والمعاهدات ،واالتفاقيات ،التي تنظم على أساسها الحياة العامة والتشريعات الخاصة
المتعلقة بضوابط تدبير المؤسسات التعليمية وانفتاحها على المشروع المجتمعي التنموي .ثم إن المشرفين على تنفيذ
النموذج التنموي ملزمون بتصنيف الوثائق التي تحدد مرتكزات الحياة المدرسية ،وفضاءاتها ،وهي مرتكزات تؤدي
أدوارا تنموية داخل هذه الفضاءات في عالقتها بالمحيط الخارجي ،وفي مقدمة هذه األدوار يمكن الحديث عن الخدمات
التربوية والتثقيفية كإنجاز برنامج للتكوين والتكوين المستمر لفائدة العاملين بمؤسسات أخرى ،والجمع مثال بين التربية
النظامية والتربية غير النظامية على سبيل التعاقب ،وإنجاز برامج للدعم التربوي ومحاربة األمية ،واستضافة العروض
العلمية والثقافية والفنية والرياضية والتكنولوجية ،وإنجاز أنشطة الحياة المدرسية متمثلة في النوادي والمعامل،
والورشات التربوية ،والمسابقات ،واأللعاب التربوية ،والعروض السمعية البصرية ،والمعارض ،والمنتديات ،واألبواب
مفتوحة ،والملتقيات ،واإلعالم مدرسي من اإلذاعة مدرسية ،والنشرات ،والمسرح ،والعروض ،واألبحاث .ولتفعيل
أنشطة الحياة المدرسية التي تنعكس بشكل إيجابي على المشروع التنموي البد من رصد آليات هذا التفعيل ،ولعل أبرزها
الدعم والتتبع ،وبرنامج العمل اإلقليمي ،والجهوي ،وبرنامج األنشطة ذات الطابع الوطني والقيادة الجديدة .وهذه اآلليات
يجب أن ترتبط بالمشروعالفردي للمتعلم ،ومشروع القسم ،ومشروع النادي التربوي ،والمشروع الرياضي للمؤسسة،
ومشروع المؤسسة .وهذه المشاريع يجب أال تتعارض وحقوق المتعلم كالحق في التعلم والتمتع بالمساواة ،والمشاركة في
التدبير ،وإبراز القدرات والمؤهالت ،كما ال يجب ان تتعارض كذلك مع واجبات المتعلم ،متجلية في االجتهاد،
والمواظبة ،والحفاظ على التجهيزات ،والمساهمة في األنشطة وفي هذا السياق البد من استحضار مسؤوليات آباء وأولياء
التالميذ فهم ملزمون بتتبع مواظبة األبناء لمالها من دور فعال في تنفيذ مشروع المؤسسة.إن أنشطة الحياة المدرسية التي
تؤثر إيجابا على النموذج التنموي تنتظم في مبادئ أساسية تساعد على تفعيلها وأجرأتها ،وهنا يمكن أن تعتبر الصيغة
التربوية لألنشطة مبدأ يندرج ضمن الغايات واألهداف المسطرة في الميثاق الوطني للتربية والتكوين ،وفي المذكرات
الوزارية ،والجهوية ،واإلقليمية .أما المبدأ الثانيفيتجلى في األخذ بعين االعتبار الفئات المستهدفة من حيث سن التلميذ
واهتماماته ،وحاجياته ،والواقع الثقافي الذي يعيش فيه .ويتحدد المبدأ الثالث في األهداف المسطرة بوضوح في أي نشاط
تربوي أو ثقافي .ويتمحور المبدأ الرابع على التنوع والتوازن أثناء برمجة األنشطة التي تلبي حاجات واهتمامات عدد
كبير من المتعلمين والمتعلمات .ولكي تساهم هذه األنشطة في بلورة النموذج التنموي المنشود البد من تدخل الفاعلين
والشركاء في الحياة المدرسية ،إذ يجب أن تتكرس جهودهم في خدمة المتعلم .والحكامة الجيدة تقتضي التواصل الفعال
مع كل المتدخلين سواء كانوا مدرسين أو مصالح تربوية وإقليمية وجهوية ووزارية أو إدارة تربوية للمؤسسات التعليمية
أو هيأة التأطير والمراقبة التربوية .والتواصل اليتم إال عبر قنوات في المؤسسة التعليمية أو التكوينية وهي متمثلة فيما
يلي:
-مجالس المؤسسة – االجتماعات الدورية – فرق العمل واللجان – المقابالت والمراسالت.
التواصل والتنشيط
إن التواصل والتنشيط يهدفان إلى خدمة المشروع التنموي للمؤسسة عبر إيجاد حلول للظواهر السلبية المنتشرة في
مجتمع المدرسة ،ولعل أبرزها ظاهرة العنف المدرسي سواء أكان ذلك داخل الفصل أو داخل الفضاء المدرسي .والحد
من هذه الظاهرة اليتم إال من خالل تجويد الطرائق البيداغوجية الحديثة وإعادة النظرفي بعض المذكرات خاصة تلك
التي تنص في بنودها على إرجاع المفصولين والمنقطعين ،وإعادة النظر في البرامج والمناهج ،وتهيئة فضاءات
المؤسسة وتفعيل خاليا اإلنصات واالستماع ،وتحفيز المتعلمين على االنخراط في األندية التربوية ،وتفعيل دور المكتبة
واالعتناء بفضاء المدرسة عبر إشراك المتعلم في تأثيث فضاءاتها ،وهذا لن يتحقق إال بالتعاقد معه على الحقوق
والواجبات ،خاصة وأن بعض القوانين والمذكرات تركز على حقوق المتعلم وتعرض صفحا عن الواجبات ،فإذا كان من
واجب المؤسسة التعليمية أو التكوينية توفير فضاء مريح للتلميذ واألستاذ ،والمشرف اإلداري فإن هذا الثالوث مطالب هو
اآلخر باالنخراط في مشروع المؤسسة وذلك بالتحلي بقيم المواطنة الحقة التي تنبذ العنف مهما كان مصدره ألنه يعوق
النموذج التنموي ،لذا ينبغي التصدي لظاهرة العنف المدرسي عبر اإلعالم الهادف بمختلف أشكاله (السمعي – البصري-
االلكتروني -الرقمي -الورقي) ،وعبر األنشطة الرياضية المدرسية ،واألنشطة الداعمة ،والرحالت الترفيهية ،وتفعيل
القاعات المتعددة الوسائط ،وتوفير الموارد البشرية المتخصصة في التنشيط والتواصل ،وإعادة النظر في مساطير
الترخيص للرحالت والخرجات .وإن من شأن هذه األنشطة أن تساهم بشكل أو بآخر في المشروع المجتمعي التنموي،
خاصة إذا أخذ المشرفون التربويون بعين االعتبار مرحلة المراهقة لفئة عريضة من المتعلمين والمتعلمات ،وتعاملوا
معها تعامال ناجعا لخدمة هذا المشروع .هذه المرحلة العمرية تتحدد في الفترة الممتدة ما بين الطفولة والرشد .والوسط
المدرسي معني بالبحث عن أساليب للتعامل مع المتعلم /المراهق بكيفية ال تتعارض ومشروع المؤسسة في عالقته
بالنموذج التنموي. …….
إن الحكامة الجيدة في اإلدارة التربوية تقتضي تركيز االختيارات والتقنيات البيداغوجية على المعارف ،والكفايات
المستهدفة ،قصد تحقيق نموذج تنموي أكثر فعالية يوفر فرص النجاح الدراسي للمتعلم ،ويتوخى تحسين جودة الحياة
المدرسية بتنظيم أفضل للزمن الدراسي وتطوير األنشطة الفنية ،وأنشطة التفتح ،والتحصيل الدراسي ،حيث ينبغي أن
تسترجع المدرسة المغربية دورها كفضاء للتربية بمعناها الواسع أكثر منه مجرد مكان للتعلم المنحصر في ممارسات
مدرسية كالسيكية ،وما يشوبها من رتابة وممارسات نمطية .وبفعل الحكامة وربط المسؤولية بالمحاسبة يمكن للمؤسسات
التعليمية أن تكون فضاءات لالحترام وقيم المواطنة الحقة لتمكين المتعلمين والمدرسين والمشرفين التربويين من التعايش
في محيط آمن يضمن سالمتهم الجسدية والمعنوية ،ويحفزهم على االنخراط في مشاريع تربوية متنوعة ،تستشرف آفاقا
رحبة في المشروع التنموي المستدام.