You are on page 1of 5

‫حكامة قطاع التربية الوطنية على ضوء الميثاق الوطني‬

‫للتربية والتكوين والرؤية االستراتيجية لإلصالح‬


‫من إعداد‪ :‬ذ‪ .‬عبدالغاني كرومي‬
‫باحث بالمركز‬
‫تبلور مفهوم الحكامة‪ ،‬في صيغته المتجددة‪ ،‬في مطلع الخمسينات من القرن الماضي حيث ورد في‬
‫تقارير بعض المؤسسات الدولية والسيما البنك الدولي‪ .‬ثم ما فتئ يتم تداوله من قبل المنظمات الدولية‬
‫والوطنية والشركات ليستقر أخيرا في دساتير الدول ويصبح من األهداف الرئيسة لسياساتها العمومية‪.‬‬
‫في بلدنا المغرب‪ ،‬تكرس هذا المفهوم بشكل قوي في دستور يوليو ‪ ،2011‬الذي أفرد له الباب ‪12‬‬
‫تحت عنوان الحكامة الجيدة‪ ،‬وهو الباب الذي حدد المبادئ العامة التي يتعين مراعاتها من لدن المرافق‬
‫العمومية‪ ،‬كما حدد مؤسسات وهيئات حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة والتنمية البشرية‬
‫والمستدامة والديمقراطية التشاركية‪.‬‬
‫هذا االهتمام الدستوري‪ ،‬أعطى للمفهوم زخما كبيرا‪ ،‬حيث أصبح ديدن السياسات العمومية والقطاعية‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬بالنسبة لقطاعات التربية والتكوين والبحث العلمي كانت الحكامة ضمن أوليات البرنامج‬
‫الحكومي لسنة ‪ ،2012‬من خالل التركيز على مبادئ التخطيط والبرمجة واألهداف وجدولة اإلنجازات‪،‬‬
‫ووجوب تعميق ثقافة التقييم ووضع آليات التتبع والقيادة‪ .‬كما كانت الحكامة ضمن أولويات الرؤية‬
‫االستراتيجية ‪ 2030-2015‬المعتمدة من قبل المجلس األعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي‪ ،‬حيث‬
‫خصتها بالرافعة الخامسة عشرة‪ ،‬والتي ترمي إلى استهداف حكامة ناجعة لمنظومة التربية والتكوين‬
‫في أبعادها المختلفة‪ ،‬المتعلقة بنجاعة التدبير‪ ،‬والمشاركة‪ ،‬والشفافية‪ ،‬وربط المسؤولية بالتقييم‬
‫والمحاسبة‪.‬‬
‫هذه التطورات التي توضح المكانة االعتبارية التي أصبح يحظى بها مفهوم الحكامة في مجال التعليم‪،‬‬
‫على األقل من الجانب النظري‪ ،‬ال تعني أن هذه المبادئ وليدة اللحظة‪ ،‬وإنما مضامينها كانت حاضرة‪،‬‬
‫وإن غاب المصطلح كما سنبين فيما بعد‪ ،‬السيما في وثيقة الميثاق الوطني للتربية والتكوين‪ ،‬الشيء‬
‫الذي يوضح أن اإلشكال الحقيقي ليس في المفاهيم ولكن في بلورتها وتنزيلها في شكل مشاريع قابلة‬
‫للتحقيق‪ ،‬وقادرة على إخراج المنظومة التربوية المغربية من المأزق الذي تعيشه‪ ،‬وال أدل على ذلك‬
‫اإلصالحات المتوالية منذ تسعينات القرن الماضي‪.‬‬
‫من خالل هذا المقال‪ ،‬نحاول إبراز أهم أبعاد الحكامة التي سطرها الميثاق الوطني للتربية والتكوين‪ ،‬ثم‬
‫نعرج على أهم المستجدات التي جاءت بها الرؤية االستراتيجية في المجال والتي تسعى لسد الثغرات‬
‫واالشكاالت التي تحول دون تحقيق حكامة جيدة للمنظومة‪ ،‬لنخلص في الختام للفرص المتاحة للنجاح‬
‫وألهم المحاذير التي يتعين تفاديها للخروج من الدائرة المفرغة‪ ،‬اإلصالح‪ ،‬ثم إصالح اإلصالح‪ ،‬ثم‬
‫إصالح إصالح االصالح…‬
‫أبعاد الحكامة في الميثاق الوطني للتربية والتكوين‬
‫لم يتم تداول الحكامة كمفهوم ضمن مقتضيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين‪ ،‬لكن مع ذلك كانت جل‬
‫أبعاد الحكامة حاضرة فيه‪ .‬فله يعود قدم السبق فيما يتعلق باعتماد نهج الالتركيز في المنظومة التربوية‬
‫إلى جانب الالتمركز اإلداري‪ ،‬والذي يتوخى حل المشكالت العملية التي تعترض هذه المنظومة بأقرب ما‬
‫يمكن من المؤسسات التعليمية والتكوينية‪ ،‬وكذا مالءمتها للحاجات والظروف الجهوية والمحلية‪ ،‬إلى‬
‫جانب تبسيط مساطر تدبير العدد المتزايد من التجهيزات‪ ،‬ومن المتعلمين والمؤطرين‪ ،‬فضال عن تيسير‬
‫الشراكة والتعاون الميداني مع مختلف الفعاليات المحلية والجهوية المهتمة بالمجال‪.‬‬
‫ويقتضي إقرار الالمركزية والالتمركز في قطاع التربية والتكوين‪ ،‬حسب الميثاق‪ ،‬فضال عن استقالل‬
‫التدبير اإلداري والمالي‪ ،‬اضطالع المستوى الجهوي بتدبير الموارد البشرية على مستوى الجهة‪ ،‬بما‬
‫في ذلك التوظيف والتعيين والتقويم‪ ،‬فضال عن تعزيز منظومة التدبير باألكاديمية بإحداث مجالس إدارية‬
‫ولجان مختصة بها تضم فاعلين في القطاعين العام والخاص للتربية والتكوين والمجتمع المدني‪ .‬أما‬
‫على مستوى اإلقليم فيقتضي تعزيز المصالح المكلفة بالتربية والتكوين‪ ،‬من حيث االختصاصات ووسائل‬
‫العمل وإحداث شبكات للتربية والتكوين‪ ،‬إلى جانب تعزيز إدارة مؤسسات التربية والتعليم‪ ،‬على الصعيد‬
‫المحلي‪ ،‬بمجالس للتدبير يعهد إليها إبداء الرأي في مختلف أنشطة المؤسسة والمساهمة في التقويم‬
‫الدوري ألدائها‪.‬‬
‫ولتمكين المستوى الجهوي للتربية والتكوين من أداء المهام المنوطة به‪ ،‬أوصى الميثاق بضرورة‬
‫توفير العدة القانونية وكذا الموارد الالزمة لذلك‪ ،‬كما حرص على تبويئ التربية والتكوين مكان‬
‫الصدارة‪ ،‬ضمن أولويات الشأن الجهوي أو المحلي التي تعنى بها الجماعات المحلية‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫قيامها بواجبات الشراكة مع الدولة‪ ،‬واإلسهام إلى جانبها في مجهود التربية والتكوين‪ ،‬وفي تحمل‬
‫األعباء المرتبطة بالتعميم وتحسين الجودة‪ ،‬وكذا المشاركة في التدبير‪ .‬وفي مقابل ذلك‪ ،‬جعل من‬
‫واجبات الدولة لفائدة الجماعات المحلية حق التوجيه والتأطير وتفويض االختصاصات الالمركزية‬
‫والالمتمركزة‪ ،‬وحق الدعم المادي بالقدر الذي ييسر قيامها بواجباتها على الوجه األمثل‪.‬‬
‫لم يقتصر مفهوم الشراكة‪ ،‬بحسب الميثاق‪ ،‬على الجماعات المحلية‪ ،‬بل تعدى ذلك إلى كل القوى الحية‬
‫للبالد حكومة وبرلمانا وجماعات محلية وأحزابا سياسية ومنظمات نقابية ومهنية وجمعيات وإدارات‬
‫ترابية‪ ،‬وعلماء ومثقفين وفنانين‪ ،‬وكل المعنيين بقطاع التربية والتكوين‪ ،‬حيث دعاهم جميعا إلى‬
‫مواصلة الجهد الجماعي من أجل تحقيق أهداف إصالح التربية والتكوين‪.‬‬
‫من األبعاد األخرى للحكامة التي اعتنى بها الميثاق‪ ،‬هناك حسن التدبير وما يقتضيه من استثمار أمثل‬
‫للموارد المتاحة والسيما المالية منها‪ ،‬وكذلك من تتبع وتقويم يمكنان من ضبط المسؤولية والمحاسبة‬
‫عليها بوضوح‪.‬‬
‫مستجدات الرؤية االستراتيجية في مجال الحكامة‬
‫شكلت الحكامة أحد االهتمامات األساسية للرؤية االستراتيجية‪ ،‬حيث وردت كرافعة ضمن رافعات الفصل‬
‫الثاني في شأن مدرسة الجودة للجميع‪ ،‬كما كانت محور الفصل الرابع‪ :‬من أجل ريادة ناجعة وتدبير‬
‫جديد للتغيير‪.‬‬
‫بخصوص الرافعة الخامسة عشرة بشأن استهداف حكامة ناجعة لمنظومة التربية والتكوين‪ ،‬فقد حددت‬
‫التحديات التي يتعين رفعها في مجال الحكامة في عدة مستويات تتعلق أساسا بمستوى تحقيق التقائية‬
‫السياسات والبرامج العمومية‪ ،‬ومستوى إرساء نظام للحكامة الترابية للمنظومة في أفق الجهوية‬
‫المتقدمة من خالل تحديد واضح للسلط واألدوار والمهام وإرساء استقاللية المؤسسة ونهج الالمركزية‬
‫وتعزيز تفعيلها في انسجام مع روح وتوجهات الجهوية المتقدمة‪ ،‬ثم في مستوى إرساء مقومات‬
‫الشراكة‪ ،‬وكذا في مستوى إرساء نظام معلوماتي مؤسساتي لقيادة المنظومة التربوية وتقييمها‪ ،‬وأخيرا‬
‫مستوى تمويل منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي‪.‬‬
‫أما بخصوص الفصل الرابع‪ :‬من أجل ريادة ناجعة وتدبير جديد للتغيير‪ ،‬فقد تم التركيز من خالله على‬
‫األهمية البالغة للتعبئة المجتمعية المستدامة إلى جانب ريادة وقدرات تدبيرية ناجعة في مختلف‬
‫مستويات المدرسة‪ .‬وهكذا تروم التعبئة المجتمعية المستدامة جعل تجديد المدرسة المغربية وتحسين‬
‫جودتها ومردوديتها أسبقية وطنية لدى الدولة والجماعات الترابية‪ ،‬ومؤسسات التربية والتكوين‬
‫والبحث‪ ،‬والمنظمات النقابية‪ ،‬والقطاع الخاص واألسر والمجتمع المدني‪ ،‬والمثقفين والفعاليات الفنية‪،‬‬
‫واإلعالم ‪[1].‬في حين تتوخى رافعة الريادة والقدرات التدبيرية تمكين نظام التربية والتكوين‪ ،‬من جهة‪،‬‬
‫من مقومات ريادة ترتكز على حكامة تزاوج بين المسؤولية والمحاسبة وممتلكة لروح التغيير وإرادة‬
‫التجديد في األساليب ومنهجية الفعل والتدبير‪ ،‬وتستند إلى كفاءات بشرية بمؤهالت عالية‪ ،‬وتشتغل‬
‫بمنطق القيادة والفريق‪ ،‬وتقدم الحساب‪ ،‬وتتفاعل فيما بينها ومع محيطها‪ ،‬كما تستند إلى عدة قانونية‬
‫تمكن من تسريع تفعيل اإلصالح وقيادته‪ ،‬وذلك في ظل توطيد لالمركزية والالتمركز وللتدبير بالنتائج‬
‫والمردودية‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬من مقومات التدبير األمثل المتمثلة أساسا في اعتبار قيادة التغيير نظاما‬
‫متكامال يشمل مجموع الموارد‪ ،‬والمقاربات‪ ،‬والمناهج الداعمة للفاعلين في مجال التربية والتكوين‬
‫والبحث العلمي‪ ،‬في سيرورة إرساء التغيير‪[2].‬‬
‫المحاذير والفرص المرتبطة باإلصالح الحالي لمنظومة التربية والتكوين‬
‫يتضح من خالل المحور السابق أن أبعاد الحكامة التي جاءت بها الرؤية االستراتيجية إلصالح منظومة‬
‫التربية والتكوين كانت في مجملها ضمن بنك األهداف التي سطرها الميثاق‪ ،‬مع بعض التدقيق‬
‫والتمحيص والمواءمة مع المستجدات‪ ،‬من قبيل ربط المسؤولية بالمحاسبة‪ ،‬واالشتغال بمنطق القيادة‬
‫والفريق‪ ،‬واعتبار قيادة التغيير نظاما متكامال يشمل الموارد والمقاربات والمناهج‪ .‬لذا يبقى السؤال‬
‫بشأن مآل هذه التوصيات واألهداف مطروحا‪ :‬هل تستطيع المنظومة جعل هذه األهداف والغايات واقعا‬
‫معاشا يمكن من تحقيق قطيعة مع ما سبقه‪ ،‬وبالتالي يكفل لمنظومة التربية والتكوين االنتقال من شبه‬
‫الدائرة المفرغة التي تتسم بها المرحلة الحالية إلى مستوى أعلى ينعكس إيجابا على أجيال المستقبل‪،‬‬
‫ويمكن البالد من كسب رهان تنمية بشرية يكون لها وقعها على جميع المجالت االقتصادية واالجتماعية‬
‫والثقافية؟‬
‫من االجحاف القول إن شيئا لم يتحقق في المراحل السابقة لإلصالح‪ ،‬بل الواقع يؤكد أن أشياء كثيرة قد‬
‫تحققت‪ ،‬لكن ما يؤاخذ عليها أنها لم تصل إلى درجة رفع التحديات التي تواجه المنظومة التربوية‬
‫المغربية‪ ،‬وتحقيق نتائج ملموسة وحقيقية على التالميذ وعلى المنظومة وعلى الوطن‪.‬‬
‫فمن اإلنجازات األساسية التي تم تحقيقها في مجال الحكامة هناك مبدأ القرب من المرتفقين من خالل‬
‫إحداث األكاديميات الجهوية للتربية والتكوين مع منحها الشخصية المعنوية واالستقالل المالي‪،‬‬
‫وتكليفها‪ ،‬بحكم القانون‪ ،‬بعدة مهام أساسية ترتبط بمجاالت التخطيط والبناء وترميم وإصالح المؤسسات‬
‫التعليمية واإلشراف عليها وعلى مؤسسات التكوين‪ ،‬فضال على مجاالت اإلشراف على البحث التربوي‬
‫والشراكة وإعداد سياسة للتكوين المستمر لفائدة الموظفين‪ ،‬إلى جانب االشراف على التعليم الخاص‬
‫واألولي وتسليم الرخص المتعلقة بهما‪[3].‬‬
‫غير أنه بالرغم من هذه االنجازات المهمة فالواقع يؤكد أن هذه المؤسسات لم تصل بعد إلى مرحلة رفع‬
‫التحديات التي ينتظرها منها المجتمع‪ ،‬وال أدل على ذلك استمرارية محدودية استقالليتها في ثالث‬
‫مستويات أساسية على األقل‪ ،‬المستوى الميزانياتي‪ ،‬حيث تضل هذه المؤسسات رهينة المنحة السنوية‬
‫للدولة‪ ،‬مما يقلص من إمكانية تنفيذ مخططاتها في المجاالت المنوطة بها‪ ،‬ثم المستوى التربوي‪ ،‬في ظل‬
‫انحصار البرامج الجهوية والمبادرات الرامية إلى مالءمة آليات وبرامج التربية والتكوين مع حاجيات‬
‫الجهة‪ ،‬وأخيرا مستوى تدبير الموارد البشرية حيث أن محدودية التفويضات في هذا المجال والسيما في‬
‫مجال التوظيف‪ ،‬يجعل تدبير الخريطة المدرسية يعاني الكثير من التخبط من قبيل سد الخصاص‬
‫واالكتظاظ وغيرها من اإلشكاالت‪.‬‬
‫أمام هذا الوضع‪ ،‬وحتى تتمكن الموجة الجديدة من اإلصالح من تحقيقها نتائجها يتعين تجاوز العديد من‬
‫اإلشكاالت التي ظلت عالقة‪ ،‬ومنها العديد من التوصيات التي وردت في الميثاق وبقيت حبرا على ورق‪،‬‬
‫إضافة إلى مجموعة من النقائص التي أفرزتها الممارسة طيلة السنوات الماضية والتي أبرزتها التقارير‬
‫التي تناولت تقييم نتائج تطبيق الميثاق الوطني للتربية والتكوين‪ ،‬فضال عن االستفادة من التراكمات‬
‫الجديدة التي طبعت المستوى السياسي والتربوي المغربي‪.‬‬
‫فمن التوصيات التي وردت في الميثاق وبقيت حبرا على ورق‪ ،‬والتي كان من شأن تفعيلها أن يكون له‬
‫أثرا بليغا على المنظومة‪ ،‬نذكر على الخصوص إعداد مشروع قانون إطار يتضمن األهداف والمبادئ‬
‫واإلجراءات العامة التي ينص عليها الميثاق‪ ،‬ووضع آلية المتابعة اليقظة والدقيقة‪ ،‬على مستوى‬
‫الحكومة‪ ،‬وكذا عن طريق البرلمان والمجالس المنتخبة والرأي العام‪[4].‬‬
‫أما بخصوص بعض نتائج التقييمات لتطبيق الميثاق الوطني للتربية والتكوين‪ ،‬يمكن إثارة االنتباه فيما‬
‫يتعلق باألكاديميات إلى المالحظات التالية‪[5]:‬‬
‫استمرار سلسلة اتخاذ القرار التي تربط اإلدارة المركزية بالمستويات الالممركزة في االشتغال كما‬ ‫•‬
‫كانت من قبل؛‬
‫التغيرات المتكررة على رأس هرم القطاعات الوزارية المعنية والتي أضرت باالستمرارية الضرورية‬ ‫•‬
‫لمراكمة المكتسبات التنظيمية واإلدارية والبيداغوجية؛‬
‫غياب التناغم بين مراجعة النصوص القانونية وتصريف بنود اإلصالح‪ ،‬بحيث يتأخر إصدار بعض‬ ‫•‬
‫النصوص التطبيقية أو في حاالت أخرى يتم تطبيق مشاريع اإلصالح بنصوص قانونية أقل درجة‪،‬‬
‫مذكرات على سبيل المثال؛‬
‫عدم التحضير الجيد النخراط الفاعلين في ورش اإلصالح‪ ،‬مما قلص من مساهماتهم الفاعلة والسيما‬ ‫•‬
‫في مختلف المجالس المحدثة‪ ،‬فضال عن ذلك هيمنت على عمل هذه المجالس لغة المطالب على‬
‫حساب التوجهات االستراتيجية والقرارات الهادفة إلى تحسين أساليب وأدوات العمل؛‬
‫عدم تأهيل الفاعلين المعنيين بتنزيل اإلصالح؛‬ ‫•‬
‫هيمنة تدبير االكراهات اليومية على عمل األكاديميات على حساب التجديد البيداغوجي الذي يندرج‬ ‫•‬
‫في صلب تجديد المدرسة؛‬
‫الدور الملتبس للنيابات اإلقليمية بين تبعيتها لألكاديميات كمصالح خارجية‪ ،‬كما هو منصوص عليه‬ ‫•‬
‫في القانون رقم ‪ 7.00‬المحدث لألكاديميات الجهوية للتربية والتكوين‪ ،‬وخضوعها للوزارة على‬
‫اعتبار أن النائب اإلقليمي يعد ممثال للوزير في النفوذ الترابي للنيابة التي يتولى تسييرها]‪[6‬؛‬
‫تكاثر المسؤوليات على بعض المستويات التدبيرية‪ ،‬مديري مؤسسات التعليم االبتدائي على سبيل‬ ‫•‬
‫المثال‪ ،‬مما حال دون أدائهم للمهام المنوطة بهم على الوجه المطلوب؛‬
‫انحصار دور مجالس التدبير لعدة اعتبارات منها عدم توفره على سلطة تقريرية‪ ،‬وعلى ميزانية‪،‬‬ ‫•‬
‫فضال عن صعوبات تتعلق بالعالقات بين مكوناته وبالصالحيات المخولة لكل منها‪ ،‬هذا إلى جانب‬
‫وجود مؤسسات موازية من قبيل جمعية مدرسة النجاح‪ ،‬مم يخلق إرباكا على مستوى تدبير‬
‫المؤسسات التعليمية؛‬
‫عدم خضوع نظام التربية والتكوين للتقويم المنتظم من حيث مردوديته الداخلية والخارجية على‬ ‫•‬
‫الرغم من تنصيص الميثاق على ذلك‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بالفرص التي يتعين استثمارها فيمكن استحضار التراكمات الجديدة التي طبعت المستوى‬
‫السياسي والتربوي المغربي‪ ،‬ال سيما دستور ‪ 2011‬وورش الجهوية المتقدمة وكذا الرؤية‬
‫االستراتيجية لإلصالح وما تتيحه هذه المحطات من إمكانيات للنهوض بالمنظومة التربوية المغربية‬
‫وفي نفس الوقت من تحديات من أجل ضمان انخراطها في األوراش التنموية الكبرى التي اعتمدها‬
‫المغرب في المجاالت الطاقية والفالحية والصناعية والسياحية وغيرها من المجاالت بمختلف الجهات‪.‬‬
‫مما سبق يتضح أن نجاح إصالح المنظومة التربوية رهين بتحقيق مجموعة من الشروط على رأسها‪:‬‬
‫التفعيل األمثل للتوصيات واألهداف التي جاءت بها الرؤية االستراتيجية‪ ،‬وكذا بتحديد وتتبع‬ ‫•‬
‫مؤشرات إنجاز هذه األهداف؛‬
‫تفادي الوقوع في بعض األخطاء السابقة‪ ،‬من قبيل الضبابية في توزيع االختصاصات بين المركز‬ ‫•‬
‫واألكاديميات من جهة‪ ،‬وبين هذه األخيرة ومستوياتها اإلقليمية والمحلية من جهة أخرى؛ وأيضا من‬
‫قبيل عدم توفير شروط الالزمة الستقاللية األكاديميات وعلى رأسها الميزانية والتتبع والتقييم‬
‫والمراقبة؛ كذلك من قبيل عدم تأهيل األطر اإلدارية والتربوية التي يعهد لها قيادة اإلصالح؛ وكذا من‬
‫قبيل تعدد المتدخلين وعدم فاعلية المجالس المحدثة؛‬
‫االستفادة من السياق الوطني المتسم بدستور يعلي من قيم الشفافية والحكامة والمحاسبة ويعزز من‬ ‫•‬
‫أدوار الجماعات الترابية‪ ،‬وأيضا بتوجه وطني نحو تفعيل الجهوية الموسعة وما يقتضيه ذلك من‬
‫أدوار للجهات في عدة مجاالت ومنها مجال التعليم الذي أصبح من االختصاصات المنقولة من الدولة‬
‫للجهات‪.‬‬
‫]‪[1‬المجلس األعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي‪ ،‬من أجل مدرسة االنصاف والجودة واالرتقاء‪،‬‬
‫رؤية استراتيجية لإلصالح ‪ ،2030-2015‬ص‪.67 :‬‬
‫]‪[2‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص‪.71 :‬‬
‫]‪[3‬القانون رقم ‪ 07.00‬القاضي بإحداث األكاديميات الجهوية للتربية والتكوين الصادر بتنفيذه‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ 1.00.203‬الصادر في ‪ 19‬ماي‪.2000‬‬
‫]‪[4‬انظر الميثاق الوطني للتربية والتكوين‪ ،‬ص‪.33 :‬‬
‫]‪[5‬انظر التقرير التحليلي الصادر عن المجلس األعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي‪ ،‬تطبيق‬
‫الميثاق الوطني للتربية والتكوين ‪ :2013-2000‬المكتسبات والمعيقات والتحديات‪ ،‬دجنبر ‪،2014‬‬
‫من ص‪ 48 :‬إلى ص‪57 :‬‬
‫]‪[6‬لإلشارة فإن الهيكلة الحالية لألكاديميات‪ ،‬والتي تندرج في إطار مواكبة هذه المؤسسات لورش‬
‫الجهوية المتقدمة التي اعتمدته بالدنا‪ ،‬قد عملت على حل هذا اإلشكال من خالل إعادة تسمية النيابات‬
‫تحت مسمى جديد وهو المديريات اإلقليمية التي تعتبر مصالح إقليمية لألكاديميات‪ ،‬كما أعادت تسمية‬
‫النائب اإلقليمي لصبح المدير اإلقليمي لألكاديمية التي يكون تابعا لها‪.‬‬

You might also like