You are on page 1of 11

‫دور المدرسة والمعلمين‬

‫في تعزيز األمن الفكري لدى الطالب‬

‫‪ ‬‬

‫مفهوم األمن بشكل عام ‪:‬‬

‫‪     ‬األمن يعني السكينة واالستقرار النفسي واالطمئنان القلبي ‪ ،‬واختفاء مشاعر الخوف من النفس‬
‫البشرية ‪.‬‬

‫وللتعرف أكثر على مفهوم األمن بشكل عام من خالل الموسوعات الفكرية المتخصصة نشير إلى ما ورد في‬
‫الموسوعة البريطانية للمعارف «حماية األمة من خطر القهر على يد قوة أجنبية»‪ .‬وعرفه بعضهم بأنه "‬
‫التطور والتنمية‪ ،‬سواء منها االقتصادية أو االجتماعية او السياسية في ظل حماية مضمونة»‪ ،‬وأضاف «إن‬
‫األمن الحقيقي للدولة ينبع من معرفتها العميقة للمصادر التي تهدد مختلف قدراتها ومواجهتها‪ ،‬إلعطاء‬
‫الفرصة لتنمية تلك القدرات تنمية حقيقية في كافة المجاالت سواء في الحاضر او المستقبل»‪.‬‬

‫أنواع األمن ‪:‬‬

‫‪      ‬هناك أنواع عديدة لألمن منها ‪ : ‬األمن النفسي واألمن الثقافي والفكري واألمن االقتصادي واألمن‬
‫المائي واألمن الوطني واألمن الوقائي ‪ ،‬واألمن الغذائي وغيرها من أنواع األمن األخرى‬

‫‪ ‬‬

‫أهمية األمن ‪:‬‬

‫‪   ‬األمن ‪ :‬مطلب حيوي ال يستغني عنه إنسان وال ذي روح من الكائنات ‪ ،‬وألهميته دعا به إبراهيم عليه‬
‫السالم لمكة أفضل البقاع ‪:‬‬

‫ام إبراهيم‪.35:‬‬
‫َص َن َ‬ ‫اج ُن ْب ِني َو َب ِن َّي أ ْ‬
‫َن َن ْع ُب َد اأْل ْ‬
‫اجع ْل َه َذا ا ْلبلَ َد ِ‬
‫آمناً َو ْ‬ ‫َ‬ ‫ب َْ‬‫يم َر ِّ‬ ‫‪     ‬قال تعالى ‪ (:‬وإِ ْذ قَ َ ِ ِ‬
‫ال إ ْبَراه ُ‬ ‫َ‬
‫تعين على األمة برمتها أن تتضامن في حراسته ‪.‬‬
‫ولما لألمن من أثر في الحياة ّ‬
‫‪     ‬وهو مطلب الشعوب كافة بال استثناء‪ ،‬ويشتد األمر خاصة في المجتمعات المسلمة‪ ،‬التي إذا آمنت‬
‫أمنت‪ ،‬وإ ذا أمنت نمت؛ فانبثق عنها أمن وإ يمان‪ ،‬إذ ال أمن بال إيمان‪ ،‬وال نماء بال ضمانات واقعية ضد ما‬
‫يعكر الصفو في أجواء الحياة اليومية ‪.‬‬
‫‪     ‬لألمن معوقات كثيرة ‪ ،‬تقف قي أغلب األحيان حائال دون تحقيق الحياة الهانئة والمستقرة للشعوب ‪،‬‬
‫ومن ابرز تلك المعوقات التي تحد من الدور األمني الشامل لمؤسسات المجتمع المختلفة عدم االهتمام‬
‫الكافي بحماية األمن الفكري ‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫مفهوم األمن من منظور إسالمي ‪:‬‬

‫‪      ‬لعل أكبر داللة على مفهوم األمن في اإلسالم ما ورد في كتاب اهلل سبحانه وتعالى ‪:‬‬

‫( فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ) ‪ 3‬قريش ‪.‬‬

‫ونتيجة لذلك فإن األمن هو مواجهة الخوف ‪ ،‬والمقصود به هنا ما يهدد المجتمع اقتصاديا واجتماعيا‬
‫وسياسيا وفكريا ‪ ..‬وبشكل عام فإن مفهوم األمن هو الوصول إلى أعلى درجات االطمئنان والشعور بالسالم‬
‫‪.‬‬

‫اس وأَمناً ) ‪ 125‬البقرة وقوله تعالى ‪ ( :‬و َه َذا ا ْلبلَِد األ ِ‬


‫َم ِ‬
‫ين ) ‪3‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت َمثَ َاب ًة لِّ َّلن ِ َ ْ‬
‫وقوله تعالى ‪َ ( :‬وإِ ْذ َج َع ْل َنا ا ْل َب ْي َ‬
‫األمين يعني مكة وهو من األمن ‪  .‬‬ ‫التين ‪ .‬أي أن ِ‬

‫‪   ‬وقد بين الرسول أن األمن أعظم مطلب للمسلم في هذه الحياة ‪ ،‬وأنه بحصوله كأن المسلم ظفر بما في‬
‫الدنيا من ملذات ومشتهيات ‪ ،‬وكل ما يريده في دائرة الحالل ؛ فعن سلمه بن عبد اهلل بن ِم ْحصن َ‬
‫الخ ْطمي‬
‫عن أبيه قال ‪ :‬قال ‪ :‬رسول اهلل صلى اهلل غليه وسلم ‪ "  :‬من أصبح منكم آمناً في سربه ‪ ،‬معافى في جسده‬
‫‪ ،‬عنده قوت يومه ‪ ،‬فكأنما حيزت له الدنيا " ‪.‬‬

‫‪   ‬وحرم اهلل مكة والبيت الحرام إلى يوم القيامة فإليها تشد الرحال وتضاعف فيها الصالة وأهلها في أمن‬
‫اج َع ْل َه َذا ا ْلَبلَ َد‬
‫ب ْ‬‫يم َر ِّ‬ ‫وأمان ‪ ‬لدعوة إبراهيم عليه السالم لهذه البقعة المباركة قال تعالى ‪ ( :‬وإِ ْذ قَ َ ِ ِ‬
‫ال إ ْبَراه ُ‬ ‫َ‬
‫ام ) ‪  35‬إبراهيم ‪.‬‬ ‫َص َن َ‬ ‫اج ُن ْب ِني َو َب ِن َّي أ ْ‬
‫َن َن ْع ُب َد األ ْ‬
‫ِ‬
‫آمناً َو ْ‬
‫‪    ‬ولقد اهتم اإلسالم بتنمية الوعي األمني بأمره بأخذ الحيطة والحذر وهو أكبر مفهوم للسالمة ومن ذلك‬
‫األخذ على يد الظالم‪ ،‬قال صلى اهلل عليه وسلم ‪ « :‬إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن‬
‫يعمهم اهلل بعقاب منه » ‪ ،‬ويعد تفادي الخطر والبعد عن المهالك من الواجبات األساسية التي يحض عليها‬
‫ديننا اإلسالمي ومن ذلك قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪« :‬ال يشير أحدكم إلى أخيه بالسالح فإنه ال يدري أحدكم‬
‫لعل الشيطان ينزع في يده فيقع في حفرة من النار » ‪.‬‬
‫‪    ‬وجاء اإلسالم ليحفظ على الناس مقاصد الشريعة الخمس وهي حرمة الدين والنفس والعقل والعرض‬
‫والمال ‪ ،‬وأول هذه المقاصد وأهمها الدين فكل اعتداء على الدين قوالً أو فعالً فإن الشريعة اإلسالمية تحرمه‬
‫وتمنع ذلك االعتداء على عقائد الناس ومحاولة تغييرها واإلخالل بأمنهم الفكري ‪ ،‬والسعي في انحرافهم ‪،‬‬
‫لذلك ُجعل مصدر التلقي في العقائد والعبادات والقضايا الكبرى في حياة المسلمين موحداً ‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫مفهوم األمن الفكري ‪:‬‬

‫‪     ‬لقد تعددت مفاهيم األمن الفكري ‪ ،‬ولكنها في النهاية تصب في معين واحد ‪ :‬فهو عند المسلمين أن‬
‫الفكرية‬
‫ّ‬ ‫ومنظوم ِتهم‬
‫َ‬
‫شخصي ِتهم وتميُّز ِ‬
‫ثقافتهم‬ ‫ّ‬ ‫مكونات‬ ‫ِّ‬
‫مطمئنين على ِّ‬ ‫مجتم ِعهم آمنين‬
‫َ‬ ‫يعيش أهل اإلسالم في‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫المنبثقة من الكتاب والسنة ‪.‬‬

‫‪      ‬ويعني الحفاظ على المكونات الثقافية األصيلة في مواجهة التيارات الثقافية الوافدة ‪ ،‬او االجنبية‬
‫المشبوهة ‪ ،‬فهو يصب في صالح الدعوة لتقوية هذا البعد من أبعاد األمن الوطني ‪ .‬وهو بهذا يعني حماية‬
‫وصيانة الهوية الثقافية من االختراق او االحتواء من الخارج ‪ ،‬ويعني أيضا الحفاظ على العقل من االحتواء‬
‫الخارجي وصيانة المؤسسات الثقافية في الداخل من االنحراف ‪.‬‬

‫‪    ‬وهو اطمئنان الناس على مكونات أصالتهم وثقافتهم النوعية ومنظومتهم الفكرية ‪،‬‬
‫ويعني السكينة واالستقرار واالطمئنان القلبي واختفاء مشاعر الخوف على مستوى الفرد والجماعة في‬
‫جميع المجاالت النفسية واالجتماعية واالقتصادية ‪.‬‬

‫‪     ‬ويعني صيانة عقول أفراد المجتمع ضد أية انحرافات فكرية أو عقدية مخالفة لما تنص عليه تعاليم‬
‫اإلسالم الحنيف أو أنظمة المجتمع وتقاليده‪.‬‬

‫أهمية‪  ‬األمن الفكري ‪:‬‬

‫‪     ‬يعتبر الفكر البشرى ركيزة هامة وأساسية في حياة الشعوب على مر العصور ومقياساً لتقدم األمم‬
‫وحضارتها ‪ ،‬وتحتل قضية األمن الفكري مكانه مهمة وعظيمة في أولويات المجتمع الذي تتكاتف وتتآزر‬
‫جهود أجهزته الحكومية والمجتمعية لتحقيق مفهوم األمن الفكري تجنباً لتشتت الشعور الوطني أو تغلغل‬
‫التيارات الفكرية المنحرفة ‪ ،‬وبذلك تكون الحاجة إلى تحقيق األمن الفكري هي حاجة ماسة لتحقيق األمن‬
‫واالستقرار االجتماعي ‪.‬‬
‫ب رئيس ِّ‬
‫لكل‬ ‫األمن بمفهو ِمه الشامل مطلَ ٌ‬
‫َ‬ ‫أن‬
‫‪     ‬يقول د ‪ .‬عبد الرحمن السديس في إحدى خطبه‪ "  ‬ومع َّ‬
‫وأخطرها ‪ ،‬فهو‬ ‫ِ‬
‫أنواعه‬ ‫أهم‬
‫عد َّ‬‫نوعا ُي َ‬ ‫وأساس أمانها واطمئنانها إالَّ َّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫أن هناك ً‬ ‫ُ‬ ‫استقرارها‬ ‫ركيزة‬
‫أمة إذ هو َ‬
‫ّ‬
‫وشخصي ِتها الحضارية ‪ ،‬حيث ال ِغنى لها‬
‫ّ‬ ‫األمة‬
‫بهوية ّ‬
‫ِ‬
‫الوثيقة ّ‬ ‫الجسد ِلما له من ِّ‬
‫الصلة‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫بمثابة الرأس من‬
‫اطمأن الناس‬
‫َّ‬ ‫الفكري‪ .‬فإذا‬
‫ّ‬ ‫األمن‬
‫ُ‬ ‫وركيزتُه الكبرى ‪ ،‬ذلكم هو‬ ‫ِ‬
‫األمن َ‬ ‫ب‬
‫عنه‪ ،‬وال قيم َة للحياة بدونه‪ ،‬فهو لُ ّ‬
‫األمن في أَسمى‬
‫ُ‬ ‫لديهم من ِق َيم ومثُ ٍل ومبادئ فقد تحقَّق لهم‬ ‫أصول وثوا ِبت ِ‬
‫وأمنوا على ما َ‬ ‫ٍ‬ ‫على ما عندهم من‬
‫صو ِره وأجلَى معانيه وأ ِ‬
‫َنبل َمراميه " ‪.‬‬ ‫َ‬
‫‪    ‬فاألمن الفكري يأتي في الدرجة األولى من حيث األهمية والخطورة ‪ ،‬وتصرفات الناس تنطلق من‬
‫قناعاتهم التي تستند إلى أرصدتهم الفكرية واالعتقادية ‪ ،‬وبهذا يكون منطلق كل عمل يمارسه اإلنسان‬
‫ويظهر في سلوكه من خير أو شر مركوزاً في كيانه الفكري واالعتقادي ومستكناً في داخل النفس وأعماقها‬
‫‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫أهداف‪ i‬األمن الفكري‪:  ‬‬

‫‪      ‬يمكن القول أن األمن الفكري لكل مجتمع يهدف إلى الحفاظ على هويته إذ إن في حياة كل مجتمع‬
‫ثوابت تمثل القاعدة التي تبنى عليها وتعد الرابط الذي يربط بين أفراده‪ i‬وتحدد سلوك أفراده وتكيف ردود‬
‫أفعالهم تجاه األحداث وتجعل للمجتمع استقالله وتميزه وتضمن بقاؤه في األمم األخرى ‪.‬‬
‫‪  ‬وهو يهدف فيما يهدف أيضا إلى حماية العقول من الغزو الفكري ‪ ،‬واالنحراف الثقافي ‪ ،‬والتطرف الديني‬
‫‪ ،‬بل األمن الفكري يتعدى ذلك كله ليكون من الضروريات األمنية لحماية المكتسبات والوقوف بحزم ضد كل‬
‫ما يؤدي إلى اإلخالل باألمن الوطني ‪.‬‬

‫دوافع األمن الفكري ‪:‬‬

‫الفكري‪ ،‬السيما في‬


‫ّ‬ ‫ِ‬
‫األمن‬ ‫بقضية‬
‫ّ‬ ‫ماسة إلى التذكير‬
‫إن الحاجة ّ‬
‫‪     ‬لقد أشار د ‪ .‬عبد الرحمن السديس إلى ّ‬
‫أسباب االنحراف‬
‫ُ‬ ‫الوسطية واالعتدال وتعدَّدت فيه‬
‫ّ‬ ‫منهج‬
‫ِ‬ ‫الجنوح عن‬
‫ِ‬ ‫رياح‬ ‫ِ‬
‫العصر الذي هبَّت فيه ُ‬ ‫هذا‬
‫كاد‬
‫وي ُ‬ ‫ِ‬
‫وأمتُنا ُ‬
‫تمر به مجتمعاتُنا ّ‬
‫والمنعطف الخطير الذي ّ‬‫َ‬ ‫الحقبة العصيبة‬ ‫خاص ًة في تلك‬
‫ووسائ ُل االنحالل ‪ّ ،‬‬
‫األمة في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫شرائح المجتمع وأطياف ّ‬
‫ِ‬ ‫ناشئتنا وشبابنا‪ ،‬مما يحتِّم المسؤولي َة العظمى على جميع‬ ‫ألجيالنا‬ ‫فيه‬
‫أمن األمة ِ‬
‫الفكري ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الحفاظ على ِ‬

‫والثقافي ممن يبثون سمومهم‬ ‫الفكري‬


‫ّ‬ ‫ِ‬
‫الغزو‬ ‫ِ‬
‫وسائل‬ ‫الز َخم الهائل من‬
‫‪       ‬ومن دوافع األمن الفكري ذلك ّ‬
‫ّ‬
‫الغزو الفكري من بني ِج ِ‬
‫لدة المسلمين‬ ‫ِ‬ ‫قافي وضحايا‬ ‫ِ ِ‬
‫ّ‬ ‫القاتلة في عقول الناشئة وال سيما من ذوي االستالب الثّ ّ‬
‫ومن يتكلَّمون بألسنتهم ‪.‬‬
‫َ‬
‫وعواقب وخيمة على‬
‫َ‬ ‫نتائج خطير ٍة‬
‫َ‬ ‫يجر إلى‬
‫الفكري الذي ّ‬‫ّ‬ ‫مناخا يتَّ ِسم بالصراع‬
‫الثقافي ً‬
‫ّ‬ ‫الغزو‬
‫ُ‬ ‫أوج َد‬
‫‪      ‬لقد َ‬
‫إعالمي ٍة ّ‬
‫متعددة تدعو‬ ‫ّ‬ ‫منابر‬
‫عبر َ‬ ‫سمع أصوات تتَعالى َ‬
‫ِ‬
‫األمة وحضارتها‪ ،‬وكان من نتيجة ذلك أن تُ َ‬ ‫مقومات ّ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫اإلسالم‬ ‫والمعلوم ِة من دين‬
‫َ‬ ‫المرعية‬
‫ّ‬ ‫كثير من األمور الشرعية والثوا ِب ِت‬ ‫ٍ‬
‫بجاحة إلى التخلّي عن ٍ‬ ‫ِّ‬
‫وبكل‬
‫خاص ًة في قضايا المرأة ‪.‬‬
‫بالضرورة ‪ّ ،‬‬
‫ّ‬

‫أسباب ضعف األمن الفكري ‪:‬‬

‫ِ‬
‫والعوامل التي‬ ‫يرى كثرةَ األسباب‬
‫األمة ُيصاب بالذّهول وهو َ‬
‫الفكري في ّ‬
‫ِّ‬ ‫واقع األمن‬
‫المتأم َل في ِ‬
‫ّ‬ ‫إن‬
‫‪َّ       ‬‬
‫ِ‬
‫األسباب ‪:‬‬ ‫أخطر تلك‬ ‫ِ‬
‫أركانه ولعل‬ ‫وزعزعة‬
‫َ‬ ‫تسعى إلى تقويض ِ‬
‫بنيانه‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫ق الشريعة ‪.‬‬ ‫ِ‬


‫جوانب العقيدة وتطبي ِ‬ ‫‪ 1‬ـ التقصير في‬

‫‪ 2‬ـ ترك المرجعية الدينية في مجال الفتوى ‪ :‬فأصبحت نسبة ال يستهان بها من الشباب عازفة عن مشائخ‬
‫البالد الكبار زاهدة فيما عندهم ووجدت أو أوجدت فجوة بينهم وبين علمائهم في مخالفة مؤذنة بالخطر ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ البث الفضائي المرئي والمسموع وظهور شبكة اإلنترنت ‪ :‬بما فيها من السلبيات واإليجابيات مما جعل‬
‫مصادر التلقي في مجال الفكر والتربية متعددة ومتنوعة ولم تعد محصورة في المدرسة والمسجد واألسرة ‪،‬‬
‫إضافة إلى تسويق االنحرافات السلوكية واألخالقية التي جعلت تيار الوسط يفقد كثيراً من سالكيه لصالح‬
‫تيار الجفاء والتفريط في ثوابت الفكر والخلق في أكثر األحيان ‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ ‪ ‬محاولة البعض تغيير الخطاب الديني ‪ :‬فبعد أن كان التوازن هو سمته الظاهرة سعى البعض إلى تغليب‬
‫جانب الشحن العاطفي على حساب الجانب العلمي العقلي من الخطاب الديني وتم التركيز على أفضل ما في‬
‫الماضي وأسوأ ما في الحاضر مما أشاع جواًّ من اليأس واإلحباط والرغبة في إحداث التغيير بطرق بائسة‬
‫يائسة ‪  .‬‬

‫‪ ‬‬

‫مصادر تهديد األمن الفكري ‪:‬‬

‫‪      ‬لقد تعددت مصادر تهديد األمن الفكري واختلفت باختالف مروجيها‬

‫فتأتي أحيانا كثيرة من جماعات التطرف والتشدد الفكري ‪ ،‬ومثيري الفتن ودعاة الفرقة‪ .‬ولما كانت الرقابة‬
‫األمنية او الضوابط والقيود على ما تقوم بعرضه وبثه تلك الجماعات من خالل البث اإلعالمي واالنترنت‬
‫وغيرهما من الوسائل من الصعوبة بمكان نظرا لما يسمى بالعولمة وعصر تدفق المعلومات بكثافة ‪ ،‬فقد‬
‫أصبح اللجوء إلى استراتيجية اجتماعية متكاملة أمرا ملحا للمساهمة في الحفاظ على عقول الشباب‬
‫وغيرهم من الغزو الفكري وتحصينهم ثقافيا من خالل المعلومات الصحيحة التي تزيد الوعي األمني‬
‫والثقافي ‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫الربط بين األمن الوطني واألمن الفكري ‪:‬‬

‫‪    ‬ولما كان األمن الوطني في مفهومه الشامل يعني تأمين الدولة والحفاظ على مصادر قوتها السياسية‬
‫والعسكرية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وإ يجاد االستراتيجيات والخطط الشاملة التي تكفل تحقيق ذلك ‪ ،‬يبرز‬
‫هنا البعد الفكري والمعنوي لألمن الوطني الذي يهدف الى حفظ الفكر السليم والمعتقدات والقيم والتقاليد‬
‫الكريمة ‪ .‬هذا البعد من وجهة نظرنا يمثل بعدا استراتيجيا لألمن الوطني ألنه مرتبط بهوية األمة واستقرار‬
‫قيمها التي تدعو إلى أمن األفراد وأمن الوطن والترابط والتواصل االجتماعي‪ ،‬ومواجهة كل ما يهدد تلك‬
‫الهوية وتبني أفكار هدامة تنعكس سلبا على جميع مناحي الحياة السياسية واالقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬الن‬
‫الهوية تمثل ثوابت األمة من قيم ومعتقدات وعادات ‪ ،‬وهذا ما يحرص األعداء على مهاجمته لتحقيق‬
‫أهدافهم العدوانية والترويج ألفكارهم الهدامة وخاصة بين شريحة الشباب‪ ،‬والتشويش على أفكارهم‬
‫ودعوتهم للتطرف‪ ،‬كما يشير إلى ذلك الدكتور صالح المالك في دراسة حول دور األمن الفكري في الحماية‬
‫من الغزو الفكري ‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫تحقيق األمن الفكري ‪:‬‬

‫‪       ‬يتحقق األمن الفكري عندما يتم التوافق بين‪  ‬ما تؤمن به الجماعة ‪ ،‬وما تطالـب بتأديته ‪    .‬‬

‫‪  ‬ويتحقق عندما ال تكون شرعية وجود أي مجموعة ‪ ،‬من خالل المنظومة الفكرية والقيمية التي تؤمن بها‪ ‬‬
‫مهددة‪  ‬بممارسات مفروضة ال تستطيـع مدافعتها ‪.‬‬
‫‪     ‬ويتحقق األمن الفكري عندما تنسجم السياسات التنموية مع الثوابت ‪ ،‬وعندما ال تكون تلك السياسات‬
‫التنموية ‪ ،‬بحكم كونها طريقة تفكير ‪ ،‬وأسلوب حياة ‪ ،‬موضع قلق للشرعية التي يستمد منها الكيان‬
‫االجتماعي أو السياسي ‪.‬‬

‫ِ‬
‫وثقافته األصيلة‬ ‫كره المستنير‬‫مباد ِئه و ِق َيمه و ِف ِ‬
‫‪    ‬كما يتحقق األمن الفكري عندما يطمئن المجتمع على ِ‬
‫المستور َدة ‪.‬‬ ‫الفكرية‬
‫ّ‬ ‫ِ‬
‫وغوائل االنحرافات‬ ‫الوافدة‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫لوثات المبادئ‬ ‫ويأمن على ذلك من‬
‫َ‬
‫‪ ‬‬

‫وسائل حماية األمن الفكري ‪:‬‬

‫‪         ‬تتطلب حماية األمن الفكري وجود وسائل وقائية ‪ ،‬وأخرى عالجية وهي على النحو التالي ‪:‬‬

‫أوال ً ـ بعض الوسائل الوقائية‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ إظهار وسطية اإلسالم واعتداله وتوازنه ‪  ،‬وترسيخ االنتماء لدى الشباب لهذا الدين الوسط وإ شعارهم‬
‫باالعتزاز بهذه الوسطية ‪.‬‬

‫‪ 2 ‬ـ ‪ ‬معرفة األفكار المنحرفة وتحصين الشباب ضدها ‪ :‬فال بد من تعريفهم بهذه األفكار وأخطائها قبل‬
‫وصولها إليهم منمقة مزخرفة فيتأثرون بها ؛ ألن الفكر الهدام ينتقل بسرعة كبيرة جداًّ وال مجال لحجبه عن‬
‫الناس ‪.‬‬

‫‪ 3 ‬ـ إتاحة الفرصة الكاملة للحوار الحر الرشيد داخل المجتمع الواحد ‪ :‬وتقويم االعوجاج الفكري بالحجة‬
‫واإلقناع ؛ ألن البديل هو تداول هذه األفكار بطريقة سرية غير موجهة وال رشيدة مما يؤدي في النهاية إلى‬
‫اإلخالل بأمن المجتمع‬

‫‪ 4‬ـ االهتمام بالتربية ‪ :‬في المدارس والمساجد والبيوت ‪ ،‬وغيرها من مؤسسات المجتمع األخرى ‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ هناك نسبة ال بأس بها من المنحرفين هم من الطالب ‪ ،‬لذا يجب أن يحصل تفاعل بين المؤسسات‬
‫التعليمية ومحيطها ‪ ،‬بحيث يجعل منها مؤسسات مفتوحة رائدة في تعميم التربية والمعرفة ‪ ،‬مما يسهل لها‬
‫متابعة رسالتها السامية في إيجاد المواطن الصالح ‪ ،‬بحيث يتهيأ ذهنياً ونفسياً للتوافق مع متطلبات الحياة‬
‫االجتماعية ‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ إن من أهم ما ينبغي أن تقوم به المؤسسات التعليمية أن تضمن برامجها فصوالً عن األمن الفكري‬
‫تصب في قناة الوقاية من االنحراف الثقافي والغزو الفكري ‪ ،‬وذلك عن طريق نشر المبادئ الفكرية القويمة‬
‫ومبادئ الفضيلة واألخالق ‪.‬‬

‫‪ 7‬ـ من األهمية بمكان أن يتعلم الطالب كيف يتحقق أمن المجتمع بصفة عامة ‪ ،‬وأمنه بصفة خاصة‪ ،‬من‬
‫خالل تهيئة نفسية واجتماعية للتكيف مع القيم واآلمال وتطلعات المجتمع ‪.‬‬

‫‪ 8‬ـ ينبغي أال نغفل أهمية دور المدرسة في الكشف عن المظاهر ذات المؤشر االنحرافي الفكري أو األخالقي‬
‫منذ بدايتها‪ ،‬ودراستها دراسة دقيقة ومعالجتها عبر اإلرشاد الطالبي بالمدرسة ‪  ،‬واالتصال بولي أمر‬
‫الطالب لتنظيم التعاون مع ‪ ‬اإلدارة المدرسية ‪ ‬قبل استفحال المشكلة ‪ ،‬وعالجها قبل أن تصبح سلوكاً‬
‫اعتيادياً ‪.‬‬
‫ثانياً ـ بعض الوسائل العالجية‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ دعوة المخطئ إلى الرجوع عن خطئه ‪ :‬وبيان الحق بالمناقشة العلمية الهادئة دون اتهام للنيات فقد‬
‫تكون صادقة ‪ ،‬ولكن هذا ال يغني عن صاحبها شيئاً‬

‫‪ 2‬ـ تجنب األساليب غير المجدية ‪ :‬فالمصاب بهذا المرض ال يعالج بالتركيز على الوعظ والتخويف من‬
‫عقاب اهلل ‪ ،‬ألن هذا األسلوب في الغالب ال يجدي معهم نفعا ‪ ،‬فأمثال هؤالء يرون أنهم على صواب ودين‬
‫فكيف تعظ إنساناً يظن أنه على الدين الحق قبل أن تبين له خطأه الفكري فيما يراه حقاًّ ‪ 3 .‬ـ وجوب األخذ‬
‫على أيديهم ‪ :‬ومنعهم من اإلخالل باألمن الفكري للمجتمع ولو أدى ذلك إلى إجبارهم على عدم مخالطة‬
‫اآلخرين التقاء شرهم ‪.‬‬

‫‪ 4 ‬ـ النهي عن مجالسة أهل االنحراف الفكري ‪ :‬الذين يريدون خرق سفينة المجتمع وإ غراق أهلها‬
‫بخوضهم في آيات اهلل وتجرئهم على الفُتيا بغير علم ‪.‬‬

‫‪ 5 ‬ـ ضرورة التفريق بين االنحراف الفكري الذي لم يترتب عليه فعل ‪ ،‬وبين من أخل بفعله باألمن في‬
‫مجتمعه ‪ :‬فمن ظهر منه عمل تخريبي وثبت عليه شرعاً فيجب محاسبته على ما بدر منه كائناً من كان ‪،‬‬
‫وعقابه بما يستحقه شرعاً حتى ولو كان ظاهره الصالح واالستقامة ‪.‬‬

‫أسباب الغزو الفكري ‪:‬‬

‫ِ‬
‫أركانه ‪ ،‬ولعل‬ ‫وزعزعة‬ ‫تسعى إلى تقويض بناء األمن الفكري‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫‪ 1 ‬ـ‪  ‬لقد تعددت‪  ‬األسباب والعوامل التي َ‬
‫ق الشريعة ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫جوانب العقيدة وتطبي ِ‬ ‫القصور في‬ ‫ِ‬
‫األسباب‬ ‫أخطر تلك‬
‫ُ‬ ‫َ‬

‫ووجود الخلَ ِل في األسرة‬


‫ُ‬ ‫ِ‬
‫جوانب التربية والتعليم‪،‬‬ ‫القصور في‬
‫ُ‬ ‫الفكري‪ ،‬وهو‬
‫ّ‬ ‫سبب م ِه ّم في الخلَل‬
‫‪ 2‬ـ وثَ ّم َة ٌ‬
‫الشرعية ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ِ‬
‫العلوم‬ ‫ومناهج التعليم‪ ،‬وتضييق النطا ِ‬
‫ق على‬

‫والثقافي والذي يروج له ممن يحسبون على جماعة المسلمين ‪،‬‬ ‫الفكري‬
‫ّ‬ ‫ِ‬
‫الغزو‬ ‫ِ‬
‫وسائل‬ ‫الز َخم الهائل من‬
‫‪3‬ـ ّ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫المحافظ‪ ‬‬ ‫المجتمع المسلم‬ ‫الثقافي ‪ ،‬بل ويحاولون إخضاع‬ ‫ِ‬
‫للغزو‬ ‫الخضوع‬
‫ِ‬ ‫مسالك متعدِّدة في‬
‫َ‬ ‫ويسل ُكون‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫وحر ّية التفكير ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حر ّية الرأي ّ‬
‫فجة تحت ستار ّ‬‫بدعاوى ّ‬
‫َ‬ ‫المنحرف‬ ‫وجنوحهم‬ ‫لرغبتهم‬

‫‪ ‬‬

‫وسائل الغزو الفكري ‪:‬‬


‫أوال ـ ‪ ‬إن من أخطر وسائل الغزو الفكري أولئك الذين اتبعوا منهج التكفير واستباحوا دماء المسلمين‬
‫وأموالهم يقودهم إلى ذلك الجه ُل بالنصوص الشرعية الواردةُ في كتاب اهلل والسنة النبوية ‪.‬‬
‫َ‬ ‫وأعراضهم‬
‫َ‬

‫تروج له من‬
‫ُ‬ ‫ثانيا ـ القنوات الفضائية وما تبثه من مواد إعالمية ألبناء المجتمع العربي السعودي ‪ ،‬وما‬
‫ِ‬
‫وزعزعة األمن ‪ ‬واالستقرار ‪ ،‬والرغب ًة في‬ ‫ِ‬
‫الثوابت الوطنية‬ ‫الهدف منها الني ُل من‬
‫ُ‬ ‫أكاذيب وادعاءات باطلة ‪،‬‬
‫َ‬
‫اإلضرار باالقتصاد والقضاء على المؤسسات التنموية‪.‬‬

‫ثالثا ـ شبكات اإلنترنت ‪ :‬وهذه قاصمة الظهر التي أخذت تشوش على أفكار الناشئة ‪ ،‬وتدعوهم إلى التطرف‬
‫أي حاقد لما يريده من خالل هذه الشبكات ‪.‬‬
‫‪ ،‬ألنه من السهل جداً أن يروج ُّ‬

‫‪ ‬‬

‫دور المناهج في تعزيز األمن الفكري ‪:‬‬

‫‪     ‬لقد تحدثنا عن دور المؤسسات التربوية بشكل عام في تعزيز األمن الفكري ‪ ،‬وهنا يبرز دزر المناهج‬
‫في تحقيق هذا األمن ‪ ،‬لذا يجب على تلك المؤسسات وضع الخطط المدروسة التي تحقق الوعي األمني من‬
‫خالل بثه في مفردات المناهج ‪ ،‬ومما الشك فيه أن االهتمام ‪ ‬بتلك المبادئ يعد من األسس المهمة لحماية‬
‫المجتمع من االنحراف والغزو الثقافي ‪ ،‬وتوفير األمن الفكري ‪.‬‬

‫إن مناهج التعليم الحافلة بما يربي الطالب على التوازن والوسطية واتباع الدليل ‪ ،‬وترك االفتراق واألهواء‬
‫والبدع المحدثة ‪ ،‬لهي كفيلة أن تنمي في أعماق الشباب روح الوطنية الحقيقة ‪ ،‬وتساعدهم على تمييز‬
‫الثقافة الفكرية المسمومة ‪ ،‬التي تبثها وسائل اإلعالم المشبوهة سواء عن طريق البث الفضائي والشبكة‬
‫العنكبوتية ‪ ،‬أو الصحف والمجالت المشبوهة الوافدة من الخارج ‪.‬‬

‫‪     ‬ومن خالل ما سبق يتحمل الطالب جزءا ليس هينا من المسؤولية نحو تحقيق األمن الفكري لذلك تكمن‬
‫أهمية تعليمه كيف يتحقق أمن المجتمع بصفة عامة ‪ ،‬وأمنه بصفة خاصة ‪ ،‬من خالل تهيئة نفسيا‬
‫واجتماعيا للتكيف مع القيم واآلمال وتطلعات المجتمع الذي ينشد السلوكيات المثالية الجماعية التي تحقق‬
‫األمن واألمان ‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫دور المدرسة والمعلمين في تعزيز اآلمن الفكري ‪:‬‬


‫‪       ‬إن المؤسسات التربوية والتعليمية من أولى الجهات المعنية بالحفاظ على األمن واالستقرار في‬
‫المجتمعات ‪ ،‬وإ ن استثمار عقول الشباب واجب يشترك فيه جميع األفراد والمؤسسات والهيئات في المجتمع‬
‫‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪   ‬ويخطئ َمن يعتقد أن مهمة المؤسسات التعليمية تقتصر على تعليم القراءة‪ i‬والكتابة وإ عطاء مفاتيح‬
‫العلوم للطالب دون العمل على تعليم الناس ما يحتاجون إليه في حياتهم العلمية والعملية ‪ ،‬وترجمة هذه‬
‫العلوم إلى سلوك وواقع ملموس ‪ .‬وأهم شيء يحتاجونه وال حياة لهم بدونه هو األمن في األوطان ‪،‬‬
‫وأستطيع القول بأن األمن هو مسؤولية الجميع‪ ،‬ولكنه في حق المؤسسات التعليمية أهم ؛ ألن هذه‬
‫المؤسسات تجمع كل فئات المجتمع على اختالف أعمارهم بداي ًة من السن المبكرة التي تتمثل في المرحلة‬
‫االبتدائية والمتوسطة ‪ ،‬وفيها يستطيع المعلم والمربي أن يشكل الطالب بالكيفية التي يريدها ‪ ،‬فإذا لقي‬
‫الطالب َمن يوجهه التوجيه السليم نشأ نشأة طيبة يجني ثمارها المجتمع الذي يعيش فيه ‪ ،‬وإ ن كان الحاصل‬
‫غير ذلك فالعكس هو النتيجة الحتمية ‪ ،‬خاصة أن الذين يقومون على هذه المؤسسات هم خالصة ِّ‬
‫مفكري‬
‫وم ْع ِقد رأيها‪ ،‬وفيهم يجب أن تجتمع الصفات الحميدة المؤهلة إلدراك أهمية األمر ‪ ،‬والشعور‬
‫األمة َ‬
‫بالمسؤولية العظيمة الملقاة على عواتقهم ‪ ،‬وأن يكونوا قدوة حسنة ألبنائهم الطالب في جميع تصرفاتهم‬
‫وأعمالهم وأقوالهم‪.‬‬

‫‪   ‬ويجب أن تبدأ معالجة االنحرافات الفكرية بمعالجة األسباب والعوامل المؤدية لها والوقاية منها ‪.‬‬
‫فللمدرسة دور بالغ األهمية في تنشئة شخصية الطالب من خالل استكمال دور األسرة والمؤسسات‬
‫االجتماعية األخرى بتطويع سلوكه وتوجيهه وإ كسابه القيم والمفاهيم الصحيحة‪ .‬وهذا سوف يحصن الفرد‬
‫ضد المؤثرات الفكرية السلبية مهما كان مصدرها ‪.‬‬

‫‪     ‬أما دور المعلم فهو عظيم ومهم ‪ ،‬وتحمل الجزء األكبر في تعزيز األمن الفكري ‪ ،‬فهو القدوة والمربي ‪،‬‬
‫والموجه والمحرك لفئة الشباب داخل الحرم المدرسي وخارجه ‪ ،‬وكلمته مسموعة عندهم ‪ ،‬بل يقلدونه في‬
‫كثير من مناحي حياتهم ‪ ،‬وسلوكهم ويعتبرونه المثل األعلى لهم ‪ ،‬لذا فإن مسؤولياته كبيرة ‪ ،‬وتوجيهاته‬
‫ضرورية وملحة ‪ ،‬لذا مراعاة التالي ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ يجب على المعلم أن يكون قدوة لعمل الخير واإلصالح والتوبة وتبني ما يسعد البشرية وخصوصاً ما‬
‫يجب على هذا المعلم تجاه وطنه ومجتمعه فضالً على أنه معلم الخير ويحمل مسؤولية جسيمة‪ ‬‬

‫‪ ‬‬
‫فالبد لهم أن يقوموا بتنشئة الطلبة‬
‫‪ 2 ‬ـ ولكي يقوم المعلمون بدورهم في التوعية والوقاية من االنحراف ‪ّ ،‬‬
‫تنشئة إسالمية صحيحة ‪.‬‬

‫‪ 3 ‬ـ ومن الواجب على المعلمين أن يؤ ّكدوا على تمثّل الطلبة القدوة الحسنة في سلوكياتهم وتصرفاتهم ‪،‬‬
‫وفي االنسجام مع قيم المجتمع وقوانينه ‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ ترسيخ مبدأ الحوار الهادف واالستماع لآلخرين واحترام آرائهم بقصد الوصول إلى الحق ومساعدة‬
‫الطالب على استخدام التفكير بطريقة صحيحة ليكونوا قادرين على تمييز الحق من الباطل والنافع من الضار‬
‫وتنمية اإلحساس بالمسؤولية لدى الطالب ‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ‪  ‬االهتمام بالتربية االجتماعية ‪. ‬‬

‫‪ 6‬ـ‪  ‬االهتمام بتعليم القيم والمعايير السلوكية السليمة‪.  ‬‬

‫‪ 7  ‬ـ تشجيع التعاون مع أفراد‪ i‬األسرة والمؤسسات االجتماعية المختلفة ‪.‬‬

‫‪ 8‬ـ توجيه الشباب ‪ ‬لطرق البحث عن المعلومات الصحيحة وتشجيعهم على ذلك ‪. ‬‬

‫‪ 9‬ـ تفهم طبيعة تفكيرهم ليسهل عليك االتصال بهم ‪ . ‬‬

‫‪ 10‬ـ مساعدة الطالب على استيعاب المفاهيم واألفكار التي تتعلق بالحياة والمستقبل ‪ ،‬والبعيدة عن األفكار‬
‫المنحرفة والمتطرفة ‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫المعلمون والفكر المنحرف ‪:‬‬

‫‪     ‬ويذكر د ‪ .‬المطرود انه قد وجد بعض المعلمين في الساحة يحملون هذا الفكر المنحرف ويحثون‬
‫الشباب على حمله ‪ ،‬والدولة بأجهزتها المعنية جادة في استئصال هذا المرض الفكري الخطير والدخيل على‬
‫المجتمع وإ يقاف أمثال هؤالء مرهبي الفكر البشري ‪.‬‬
‫وأردف قائالً ‪ :‬إن المعلم باستطاعته توجيه جيل وطنه إلى البناء والخير والفضيلة وفي نفس الوقت‬
‫باستطاعته توجيههم للخراب والدمار وتبني األفكار اإلجرامية والتكفيرية واإلرهابية وشتان ما بين هذين‬
‫الطريقين وهذين الفكرين ‪.‬‬

You might also like