You are on page 1of 128

‫جزء الذاريات‬

‫للصف الثالث الثانوي‬

‫لـجنة إعداد وتطوير الـمناهج ابألزهر الشريف‬

‫‪2019‬‬
‫‪KEMENTERIAN‬‬
‫‪PENDIDIKAN‬‬
‫‪MALAYSIA‬‬

‫ڤڠهرݢأن‬
‫‪NO. SIRI BUKU: 0209‬‬

‫‪KPM2019 ISBN 978-967-2250-74-6‬‬


‫بوكو اين تيسري تفسري النسفي جزء الذاريات للصف الثالث الثانوي اياله‬
‫ڤنربيتن بوکو تيک س اين مليبتکن کرجاسام باپق‬
‫تربيتن سموال يڠ صح درڤد تيسري تفسري النسفي جزء الذاريات للصف‬
‫ڤيهق‪ .‬سکالوڠ ڤڠهرڬأن دان تريام كاسيه دتوجوكن‬
‫الثالث الثانوي اوليه لـجنة إعداد وتطوير الـمناهج باألزهر الرشيف يڠ‬
‫كڤد سموا ڤيهق يڠ ترليبت‪:‬‬
‫دتربيتكن اوليه ڤيهق االزهر الرشيف يڠ ممبنركن سچارا واقف اونتوق‬
‫ •جاوتنكواس ڤنمبهبأيقن ڤروف موک‬ ‫توجوان ڤنديديقن د مليسيا‪.‬‬
‫سورت‪ ،‬هباڬني سومرب دان تيكنولوڬي‬
‫© ‪2016‬م اوليه االزهر الرشيف‬
‫ڤنديديقن‪ ،‬كمنرتين ڤنديديقن مليسيا‪.‬‬
‫چيتقن ڤرتام ‪2019‬‬
‫ •جاوتنكواس ڤپيمقن نسخه سديا كامريا‪،‬‬ ‫© كمنرتين ڤنديديقن مليسيا‬
‫هباڬني سومرب دان تيكنولوڬي ڤنديديقن‪،‬‬
‫حق چيڤتا ترڤليهارا‪ .‬مان‪ 2‬باهن دالـم بوكو اين تيدق دبنركن دتربيتكن‬
‫كمنرتين ڤنديديقن مليسيا‪.‬‬
‫سـموال‪ ،‬دسيـمڤن دامل چارا يڠ بوليه دڤرڬوناکن الڬي‪ ،‬اتاوڤون دڤيندهكن‬
‫ •ڤڬاواي‪ ٢‬هباڬني سومرب دان تيكنولوڬي‬ ‫دالـم سبارڠ بنتوق اتاو چارا‪ ،‬بأيق دڠن چارا ايليرتونيک‪ ،‬ميكانيک‪،‬‬
‫ڤنديديقن‪ ،‬كمنرتين ڤنديديقن مليسيا‪.‬‬ ‫ڤڠڬمربن سـموال ماهوڤون دڠن چارا ڤراكامن تنڤا كبنرن ترلبيه دهولو‬
‫درڤد كتوا ڤڠاره ڤالجرن مليسيا‪ ،‬كمنرتين ڤنديديقن مليسيا‪ .‬ڤرونديڠن‬
‫ •ملباڬ ڤڤريقسأن مليسيا‪.‬‬
‫ترتعلوق كڤد ڤركريأن رويلتي اتاو هونوراريوم‪.‬‬

‫دتربيتكن اونتوق كمنرتين ڤنديديقن مليسيا اوليه‪:‬‬


‫موستريد سنديرين برحد‬
‫نومبور ‪ ،33‬جالن ‪ ،6SBC‬تامن سري باتو كيۏس‪،‬‬
‫‪ 68100‬باتو كيۏس‪ ،‬سالڠور‪.‬‬

‫ريک لتق دان اتور حروف‪:‬‬


‫موستريد سنديرين برحد‬

‫موک تايڤ تيک س‪ :‬لوتوس لينوتيڤ‬


‫ساءيز موك تايڤ تيكس‪ 16 :‬ڤوين‬

‫دچيتق اوليه‪:‬‬
‫اسليتا سنديرين برحد‬
‫لوت ‪ ،20 & 18‬جالن ‪01/4‬يب‬
‫سڤريڠ كريست ايندوسرتيال ڤرق‬
‫‪ 68100‬باتو كيۏس‪ ،‬سالڠور‬
‫المحتويات‬
‫و‬ ‫مقدمة‬

‫‪1‬‬ ‫أهداف الدراسة‬

‫‪2‬‬ ‫سورة الذاريات (مكية وهي‪ :‬ستون آية)‬


‫‪2‬‬ ‫البعث ح ‬
‫ق‬
‫‪4‬‬ ‫جزاء املتقني وصفاهتم ‬
‫‪7‬‬ ‫ضيف إبراهيم ‬
‫‪9‬‬ ‫االتعاظ هبالك املرشكني السابقني ‬
‫‪13‬‬ ‫العبادة هي املقصود األعظم ‬
‫‪ 15‬‬ ‫من األرسار البالغية ‬
‫‪16‬‬ ‫بعض ما يستفاد من السورة الكريمة ‬
‫‪17‬‬ ‫األسئلة ‬

‫‪18‬‬ ‫سورة الطور (مكية وهي‪ :‬تسع وأربعون آية)‬


‫‪21‬‬ ‫نعيم املتقني ‬
‫‪27‬‬ ‫حفظ اهلل تعاىل لنبيه ‪ ‬‬
‫‪28‬‬ ‫من األرسار البالغية ‬
‫‪29‬‬ ‫بعض ما يستفاد من اآليات ‬
‫‪30‬‬ ‫األسئلة ‬

‫ج‬
‫‪31‬‬ ‫سورة النجم (مكية وهي‪ :‬اثنتان وستون آية)‬
‫‪32‬‬ ‫صدق الوح ‬
‫ي‬
‫‪35‬‬ ‫عدم فائدة األصنام ‬
‫‪37‬‬ ‫تسمية املرشكني املالئكة بنات اهلل ‬
‫‪38‬‬ ‫جزاء املسيئني واملحسنني ‬
‫‪39‬‬ ‫توبيخ بعض املرشكني ‬
‫‪40‬‬ ‫من مظاهر العدل اإلهلي ‬
‫‪41‬‬ ‫من مظاهر قدرة اهلل تعاىل ‬
‫‪42‬‬ ‫االتعاظ بالقران ‬
‫‪43‬‬ ‫من األرسار البالغية ‬
‫‪45‬‬ ‫بعض ما يستفاد من السورة الكريم ة‬
‫‪46‬‬ ‫األسئلة ‬

‫‪47‬‬ ‫سورة القمر (مكية وهي‪ :‬خمس وخمسون آية)‬


‫‪48‬‬ ‫قرب وقوع الساعة ‬
‫‪50‬‬ ‫االتعاظ هبالك املكذبني من األمم السابقة ‬
‫‪55‬‬ ‫توبيخ مرشكى مكة عىل عدم االعتبار هبالك السابقني ‬
‫‪55‬‬ ‫جزاء املجرمني واملتقني ‬
‫‪57‬‬ ‫من األرسار البالغية ‬
‫‪59‬‬ ‫بعض ما يستفاد من السورة الكريم ة‬
‫‪60‬‬ ‫األسئلة ‬

‫د‬
‫‪61‬‬ ‫سورة الرحمن (مدينة وهي‪ :‬ثمان وسبعون آية)‬
‫‪62‬‬ ‫من نعم اهلل عىل َخ ْلق ه‬
‫‪66‬‬ ‫من دالئل قدرته تعاىل ‬
‫‪71‬‬ ‫أهوال يوم القيامة ‬
‫‪73‬‬ ‫فضل اخلائفني من اهلل وجزاؤهم ‬
‫‪77‬‬ ‫من األرسار البالغية ‬
‫‪78‬‬ ‫بعض ما يستفاد من السورة الكريمة ‬
‫‪79‬‬ ‫األسئلة ‬

‫‪80‬‬ ‫سورة الواقعة (مدنية وهي‪ :‬سبع وتسعون آية)‬


‫‪81‬‬ ‫أصناف الناس يوم القيامة ‬
‫‪82‬‬ ‫السابقون صفاهتم وجزاؤهم ‬
‫‪84‬‬ ‫أصحاب اليمني وجزاؤهم ‬
‫‪85‬‬ ‫أصحاب الشامل وجزاؤهم ‬
‫‪87‬‬ ‫براهني البعث ‬
‫‪91‬‬ ‫صدق القرآن ‬
‫‪94‬‬ ‫من األرسار البالغية ‬
‫‪96‬‬ ‫لطيفة ‬
‫‪97‬‬ ‫بعض ما يستفاد من السورة الكريمة ‬
‫‪98‬‬ ‫األسئلة ‬

‫ه‬
‫‪99‬‬ ‫سورة الحديد (مكية وهي‪ :‬تسع وعشرون آية)‬
‫‪100‬‬ ‫تسبيح اهلل وتنزهي ه‬
‫‪102‬‬ ‫احلث عىل اإليامن واإلنفاق ‬
‫‪104‬‬ ‫حال املنافقني يوم القيامة ‬
‫‪106‬‬ ‫حتذير املؤمنني من الغفلة عام نزل من القرآن ‬
‫‪108‬‬ ‫حقارة الدنيا وتعظيم أمر اآلخرة ‬
‫‪110‬‬ ‫اإليامن بالقضاء والقدر ‬
‫‪112‬‬ ‫الغاية من بعثه الرسول ‬
‫‪115‬‬ ‫من األرسار البالغية ‬
‫‪117‬‬ ‫بعض ما يستفاد من السورة الكريم ة‬
‫‪119‬‬ ‫األسئلة ‬

‫‪120‬‬ ‫معاني المفردات‬

‫و‬
‫مقدمة‬
‫احلمــد هلل رب العاملــن‪ ،‬والصــاة والســام عــى أرشف املرســلني ســيدنا حممــد‪ ،‬وعىل‬
‫آلــه وأصحابــه أمجعــن‪ .‬وبعد؛‬
‫فهــذا كتــاب «تيســر تفســر النســفي جلــزء الذاريــات»‪ ،‬املقــرر عــى الصــف الثالــث‬
‫توخينــا فيــه تســهيل العبــارة‪ ،‬وتوضيحهــا بــا يتناســب وعقــول أبنائنــا‬‫الثانــوي‪ّ ،‬‬
‫الطــاب‪ ،‬وراعينــا فيــه اآليت‪:‬‬
‫ ‪1-‬تقسيم السورة إىل موضوعات رئيسة‪.‬‬
‫ ‪2-‬حذف القراءات غري املتواترة‪ ،‬والتي ال يتعلق هبا املعنى‪.‬‬
‫ ‪3-‬عزو اآليات املستشهد هبا أثناء التفسري إىل سورها‪.‬‬
‫ ‪4-‬ختريج األحاديث وأسباب النزول واحلكم عليها‪.‬‬
‫ ‪5-‬استخراج األرسار البالغية من كل سورة‪.‬‬
‫ ‪6-‬ذكر الدروس املستفادة من السورة‪.‬‬
‫ ‪7-‬إضافة أسئلة يف هناية كل سورة‪.‬‬
‫واهلل نســأل أن ينفــع بعملنــا هــذا الطــاب‪ ،‬وأن يرزقنــا عليــه جزيــل الثــواب‪ ،‬وصــى‬
‫اهلل عــى ســيدنا حممـ ٍ‬
‫ـد‪ ،‬وعــى آلــه وأصحابــه وســلم‪.‬‬
‫جلنة تطوير املناهج باالزهر الرشيف‬

‫ز‬
‫أهداف الدراسة‬
‫بنهاية دراسة مادة التفسير ُيتوقع من الطالب أن‪:‬‬

‫ ‪1-‬يعرف مقاصد سور جزء الذاريات‪ ،‬وما اشتملت عليه من موضوعات‪.‬‬

‫ ‪2-‬يعرف معاين املفردات الغامضة‪.‬‬

‫ ‪3-‬يقف عىل التفسري التحلييل لآليات‪.‬‬

‫ ‪4-‬يقف عىل أوجه اإلعراب‪.‬‬

‫ ‪5-‬يتذوق األرسار البالغية للقرآن من خالل سور جزء الذاريات‪.‬‬

‫ ‪6-‬يستنبط الدروس املستفادة من السور‪.‬‬

‫ح‬
‫سورة الذاريات‬
‫(مكية وهي‪ :‬ستون آية)‬

‫ •االتعاظ بهالك المشركين السابقين‬ ‫ •البعث حق‬


‫ •العبادة هي المقصود األعظم‬ ‫ •جزاء المتقين وصفاتهم‬
‫ •ضيف إبراهيم‬

‫‪1‬‬
‫ﱹﭐ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ‬
‫ﲽﲾﲿﳀﳁﳂﳃﳄﳅﳆ ﱁﱂﱃﱄﱅ‬
‫ﱆﱇﱈﱉﱸ‬

‫البعث حق‪:‬‬

‫ألنا تذرو الرتاب وغريه‪ ،‬والواو للقسم‪ ،‬والذاريات ُم ْق َسم‬


‫ﱹﲳﱸ الرياح؛ َّ‬
‫به ﱹﲴﱸ مصدر (مفعول مطلق) منصوب‪ ،‬والعامل فيه اسم الفاعل (الذاريات)‬
‫ﱹﲶﱸ السحاب ألهنا حتمل املطر ﱹﲷﱸ أي‪ :‬ثق ً‬
‫ال من املاء‪ ،‬وهو مفعول احلامالت‬
‫ﱹﲹﱸ الفلك ﱹﲺﱸ جر ًيا ذا يرس‪ ،‬أي‪ :‬ذا سهولة ﱹﲼ ﲽﱸ املالئكة؛‬
‫ألهنا تقسم األمور من األمطار‪ ،‬واألرزاق‪ ،‬وغريمها‪ ،‬أو تفعل التقسيم مأمورة بذلك‪ ،‬أو تتوىل‬
‫تقسيم أمر العباد‪ ،‬فجربيل للوحي‪ ،‬وميكائيل للرمحة‪ ،‬وملك املوت لقبض األرواح‪ ،‬وإرسافيل‬
‫للنفخ يف الصور‪ ،‬وجيوز أن يراد باملقسامت الرياح الغري؛ ألهنا تنشئ السحاب‪ ،‬وت ُِق ُّل ُه‪،‬‬
‫سهل‪ ،‬وتقسم األمطار بترصيف السحاب ﱹﲿ ﳀﱸ‬ ‫اجلو جر ًيا ً‬
‫وترصفه‪ ،‬وجتري يف ّ‬
‫جواب القسم‪ ،‬و�ما� موصولة‪( ،‬أي‪ :‬الذي توعدونه)‪ ،‬أو مصدرية‪( ،‬أي َو ْعدكم)‪ ،‬واملوعود‬
‫ٍ‬
‫راضية‪ ،‬أي‪ :‬ذات رضا‬ ‫ٍ‬
‫كعيشة‬ ‫البعث ﱹﳁﱸ وعد صادق‪ ،‬وصف الوعد بالصدق مبالغة‪،‬‬
‫ﱹﳃ ﳄﱸ اجلزاء عىل األعامل ﱹﳅﱸ لكائن ﱹﱁﱸ هذا قسم آخر‬
‫ﱹﱂ ﱃﱸ الطرائق احلسنة‪ ،‬مثل‪ :‬ما يظهر عىل املاء من هبوب الريح‪ ،‬وكذلك حبك الشعر‪:‬‬
‫آثار َت َثنِّيه وتكرسه‪ ،‬مجع َحبِ ْيكَة‪ ،‬كطريقة وطرق‪ ،‬وعن احلسن‪ُ :‬ح ُبك َُها نجومها‪ ،‬مجع حباك‬
‫ﱹﱅ ﱆ ﱇ ﱈﱸ أي‪ :‬قوهلم يف الرسول‪ :‬ساحر‪ ،‬وشاعر‪ ،‬وجمنون‪ ،‬ويف القرآن‪ :‬سحر‪،‬‬
‫وشعر‪ ،‬وأساطري األولني‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫ﱹﱊﱋﱌﱍﱎﱏﱐﱑﱒﱓﱔﱕﱖﱗ‬
‫ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡﱢ ﱣ ﱤ ﱥ‬
‫ﱦﱧﱨﱩﱪﱸ‬

‫ف عنه من رصف‪،‬‬ ‫ص ُ‬‫ﱹﱊ ﱋ ﱌ ﱍﱸ الضمري للقرآن‪ ،‬أو الرسول ‪ ،‬أي‪ُ :‬ي ْ َ‬


‫صف يف سابق علم اهلل تعاىل‪،‬‬ ‫ف عنه َم ْن ُ ِ‬
‫ص ُ‬
‫الصف الذي ال رصف أشد منه وأعظم‪ ،‬أو ُي ْ َ‬
‫َّ‬
‫أي‪ :‬علم فيام مل يزل أنه مرصوف عن احلق ال يؤمن‪ ،‬أقسم بالذاريات عىل أن وقوع أمر‬
‫القيامة حق‪ ،‬ثم أقسم بالسامء عىل أهنم يف قول خمتلف يف وقوعه‪ ،‬فمنهم ّ‬
‫شاك ومنهم جاحد‪،‬‬
‫ثم قال‪ :‬يؤفك عن اإلقرار بأمر القيامة من هو مأفوك ﱹﱏﱸ لعن‪ ،‬وأصله الدعاء بالقتل‬
‫واهلالك ﱹﱐﱸ الكذابون املقدِّ رون ما ال يصح‪ ،‬وهم أصحاب القول املختلف‬
‫ﱹﱒ ﱓ ﱔ ﱕﱸ يف جهل يغمرهم ﱹﱖﱸ غافلون عام ُأمروا به ﱹﱘﱸ فيقولون‬
‫ﱹﱙ ﱚ ﱛﱸ أي‪ :‬متى يوم اجلزاء‪ ،‬وتقديره‪ :‬أيان وقوع يوم الدين؛ وانتصب اليوم الواقع‬
‫يف جواب الرشط بفعل مضمر دل عليه السؤال أي‪ :‬يقع ﱹﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡﱸ يفتنون‪:‬‬
‫ﱸ أي تقول هلم خزنة النار‪ :‬ذوقوا عذابكم وإحراقكم بالنار‬ ‫حيرقون ويعذبون ﱹ‬
‫ﱹﱥﱸ مبتدأ‪ ،‬خربه ﱹﱦ ﱸ أي‪ :‬هذا العذاب هو الذي ﱹﱧ ﱨ ﱩﱸ يف‬
‫الدنيا بقولكم ﱹﱱ ﱲ ﱳ ﱸ (سورة األعراف‪ .‬اآلية‪.)70 :‬‬

‫‪3‬‬
‫ﱹ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ‬
‫ﱺﱻﱼﱽﱾﱿﲀﲁﲂﲃﲄﲅﲆﲇ‬
‫ﲈﲉﲊﲋﲌﲍﲎﲏﲐﲑﱸ‬

‫جزاء المتقين وصفاتهم‪:‬‬

‫ثم ذكر حال املؤمنني فقال‪ :‬ﱹﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯﱸ أي‪ :‬تكون العيون‪ ،‬وهي‬
‫األهنار اجلارية‪ ،‬بحيث يروهنا‪ ،‬وتقع عليها أبصارهم‪ ،‬ال أهنم فيها ﱹﱱ ﱲ ﱳ ﱴﱵﱸ‬
‫قابلني لكل ما أعطاهم من الثواب‪ ،‬راضني به‪ ،‬وآخذين حال ﱹﱶ ﱷ ﱸ ﱹﱸ‬
‫قبل دخول اجلنة يف الدنيا ﱹﱺﱸ قد أحسنوا أعامهلم‪ ،‬وتفسري إحساهنم ما بعده‬
‫ﱹﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁﱸ ينامون‪� ،‬وما� مزيدة للتوكيد‪ ،‬و ﱹﲁﱸ خرب‬
‫ﱹﱜﱸ واملعنى‪ :‬كانوا هيجعون يف طائفة قليلة من الليل‪ ،‬أو مصدرية‪ ،‬والتقدير‪ :‬كانوا قلي ً‬
‫ال‬
‫من الليل هجوعهم‪ ،‬وال جيوز أن تكون �ما� نافية‪ ،‬عىل معنى أهنم ال هيجعون من الليل قلي ً‬
‫ال‬
‫ويقومونه كله ﱹﲃ ﲄ ﲅﱸ وصفهم بأهنم حييون الليل متهجدين‪ ،‬فإذا ْ‬
‫أسحروا‬
‫والسحر‪:‬‬
‫أخذوا يف االستغفار‪ ،‬كأهنم أسلفوا يف ليلهم اجلرائم فهم يكثرون االستغفار منها‪َّ ،‬‬
‫السدس األخري من الليل ﱹﲇ ﲈ ﲉ ﲊﱸ ملن يسأل حلاجته ﱹﲋﱸ‬
‫أي‪ :‬الذي يتعرض للحرمان وال يسأل الناس حياء ﱹﲍ ﲎ ﲏﱸ تدل عىل الصانع‪،‬‬
‫وقدرته‪ ،‬وحكمته‪ ،‬وتدبريه؛ حيث هي مبسوطة ملا فوقها‪ ،‬وفيها املسالك والطرق للمتقلبني‬
‫فيها‪ ،‬وهي ُم َ َّزأة؛ فمن سهل‪ ،‬ومن جبل‪ ،‬وصلبة‪ ،‬ورخوة‪ ،‬وطيبة الرتبة‪ ،‬وماحلة الرتبة‪ ،‬وفيها‬
‫عيون متفجرة‪ ،‬ومعادن عجيبة‪ ،‬ودواب منبثة خمتلفة الصور واألشكال‪ ،‬متباينة اهليئات واألفعال‬
‫املوصل إىل املعرفة‪ ،‬فهم‬
‫ّ‬ ‫ﱹﲐﱸ للموحدين‪ ،‬الذين سلكوا الطريق السوي الربهاين‬
‫ناظرون بعيون بارصة‪ ،‬وأفهام نافذة‪ ،‬كلام رأوا آية عرفوا وجه تأملها فازدادوا يقينًا عىل يقينهم‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫ﱹ ﲒ ﲓﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝﱸ‬

‫ﱹﲒ ﲓﲔﱸ يف حال خلقها وتنقلها من حال إىل حال‪ ،‬ويف بواطنها وظواهرها ِم ْن‬
‫عجائب ال َف ْطر وبدائع َ‬
‫اخل ْلق ما تتحري فيه األذهان‪ ،‬وحسبك بالقلوب وما ركز فيها من العقول‪،‬‬
‫وباأللسن والنطق وخمارج احلروف‪ ،‬وما يف تركيبها وترتيبها‪ ،‬ولطائفها من اآليات الساطعة‪،‬‬
‫والبينات القاطعة عىل حكمة مدبرها‪ ،‬وصانعها‪ ،‬مع األسامع‪ ،‬واألبصار‪ ،‬واألطراف‪ ،‬وسائر‬
‫اجلوارح وتيرسها ملا ُخ ِلقت له‪ ،‬وما َس َّوى يف األعضاء من املفاصل‪ ،‬لالنعطاف‪ ،‬والتثني‪،‬‬
‫فإنه إذا تيبس منها يشء جاء العجز‪ ،‬وإذا اسرتخى أناخ الذل‪ ،‬فتبارك اهلل أحسن اخلالقني‬
‫ﱹﲕ ﲖﱸ تنظرون نظر من يعترب ﱹﲘ ﲙ ﲚﱸ أي‪ :‬املطر؛ ألنه سبب‬
‫األقوات‪ ،‬وعن احلسن أنه كان إذا رأى السحاب قال ألصحابه‪ :‬فيه واهلل رزقكم ولكنكم‬
‫ُترمونه بخطاياكم ﱹﲛ ﲜﱸ أي‪ :‬اجلنة‪ ،‬أو أراد أن ما ترزقونه يف الدنيا‪ ،‬وما توعدونه يف‬
‫اآلخرة‪ ،‬كله مقدور مكتوب يف السامء‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫ﱹ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧﱸ‬

‫ﱹﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢﱸ الضمري يف ﱹﲡﱸ يعود إىل الرزق‪ ،‬أو إىل ما توعدون‬


‫ﱹﲣ ﲤ ﲥ ﲦﱸ قرأ ِ‬
‫(م ْث ُل) بالرفع محزة والكسائي؛ عىل أنه صفة للحق‪ ،‬أي‪ :‬حق‬
‫مثل نطقكم‪ ،‬وقرأ غريهم بالنصب‪ ،‬أي‪ :‬إنه حلق ح ًقا مثل نطقكم‪ ،‬وعن األَ ْص َمعي أنه قال‪:‬‬
‫ايب عىل َق ُعود‪ ،‬فقال‪ :‬من الرجل؟ فقلت‪ :‬من بني أصمع‪،‬‬
‫أع َر ٌّ‬
‫أقبلت من جامع البرصة فطلع ْ‬
‫عيل‪ ،‬فتلوت ﱹﲳﱸ‪،‬‬
‫قال‪ :‬من أين أقبلت؟ قلت‪ :‬من موضع يتىل فيه كالم اهلل‪ ،‬قال‪ :‬اتل ّ‬
‫فلام بلغت قوله‪ :‬ﱹﲘ ﲙ ﲚﱸ قال‪ :‬حسبك‪ ،‬فقام إىل ناقته‪ ،‬فنحرها‪ ،‬ووزعها عىل‬
‫من أقبل وأدبر‪ ،‬وعمد إىل سيفه وقوسه فكرسمها‪ ،‬ووىل‪ ،‬فلام حججت مع الرشيد َو َط ِف ْق ُت‬
‫َأ ُطوف‪ ،‬فإذا أنا بمن هيتف يب بصوت رقيق‪ ،‬فالتفت فإذا أنا باألعرايب قد نحل ْ‬
‫واص َف َّر‪ ،‬فس َّلم‬
‫عيل واستقرأ السورة‪ ،‬فلام بلغت اآلية صاح وقال‪ :‬ﱹﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌﱸ (سورة‬
‫ّ‬
‫األعراف‪ .‬اآلية‪ ،)44:‬ثم قال‪ :‬وهل غري هذا؟ فقرأت‪ :‬ﱹﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢﱸ‬
‫فصاح وقال‪ :‬يا سبحان اهلل‪َ ،‬م ْن ذا الذي أغضب اجلليل حتى حلف‪ ،‬مل يصدقوه بقوله حتى‬
‫حلف‪ ،‬قاهلا ثال ًثا‪ ،‬وخرجت معها نفسه ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫ﱹ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳﲴ ﲵ‬
‫ﲶﲷﲸﲹﲺﲻﲼﲽﲾﲿﳀﳁﳂﳃ‬
‫ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉﳊ ﳋ ﳌ ﳍﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﳓ‬
‫ﳔ ﳕ ﳖ ﳗ ﳘ ﳙ ﳚ ﳛ ﳜ ﳝ ﳞ ﳟ ﳠﳡ‬
‫ﳢﳣﳤﳥﳦﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊ‬
‫ﱋﱌﱍﱎﱏﱐﱑﱒﱓﱔﱕﱖﱗﱘ‬
‫ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ‬
‫ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰﱸ‬

‫ضيف إبراهيم‪:‬‬

‫ﱹﲨ ﲩﱸ تفخيم للحديث‪ ،‬وتنبيه عىل أنه ليس من علم رسول اهلل ‪ ‬وإنام عرفه‬
‫بالوحي‪ ،‬ﱹﲪ ﲫ ﲬﱸ الضيف للواحد واجلامعة‪ ،‬كالصوم َّ‬
‫والز ْور بوزن‬
‫ألنم كانوا يف صورة الضيف‬ ‫الضيف‪ ،‬أي‪ :‬الزائرون؛ ألنَّه يف األصل مصدر‪ ،‬وجعلهم ضي ًفا؛ َّ‬
‫حيث أضافهم إبراهيم‪ ،‬أو ألهنم كانوا يف حسبانه كذلك ﱹﲭﱸ عند اهلل؛ لقوله تعاىل‪:‬‬
‫ﱹﱘ ﱙ ﱚﱸ (سورة األنبياء‪ .‬األية‪ ،)26 :‬وقيل‪ :‬خدمهم بنفسه‪ ،‬وأخدمهم‬
‫القرى‪ ،‬وهو ما يقدم للضيف ﱹﲯ ﲰ ﲱﱸ نصب بـ ﱹﲭﱸ‬ ‫امرأته‪ ،‬و َعجل هلم ِ‬
‫َّ‬
‫ٍ‬
‫مستغن‬ ‫إذا ُف ِّس بإكرام إبراهيم هلم‪ ،‬وإال فبإضامر اذكر ﱹﲲ ﲳﲴﱸ مصدر سا ٌّد مسد الفعل‬
‫به عنه‪ ،‬وأصله نسلم عليكم سال ًما ﱹﲵ ﲶﱸ أي‪ :‬عليكم سالم‪ ،‬فهو مرفوع عىل االبتداء‪،‬‬
‫وخربه حمذوف‪ ،‬والعدول إىل الرفع؛ للداللة عىل إثبات السالم(‪ ،)1‬كأنه قصد أن يـحيـيهم‬
‫أيضا من إكرامه لـهم‪ ،‬ﱹﲷ ﲸﱸ أي‪:‬‬ ‫بأحسن مما َح َّيوه به‪ً ،‬‬
‫أخذا بأدب اهلل‪ ،‬وهذا ً‬
‫فعرفوين من أنتم ﱹﲺ ﲻ ﲼﱸ‪ ،‬فذهب إليهم يف خفية من ضيوفه‪،‬‬ ‫أنتم قوم منكرون‪ِّ ،‬‬

‫(‪ )1‬ألن داللة اجلملة االمسية أقوى وأوكد من اجلملة الفعلية‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫ومن أدب ا ُمل ِضيف أن خيفي أمره وأن يبادر ِ‬
‫بالقرى‪ :‬وهو ما ُيقدَّ م للضيف من غري أن يشعر‬
‫حذرا من أن يمنعه‪ ،‬ﱹﲽ ﲾ ﲿﳀ ﳁ ﳂﱸ ليأكلوا منه فلم‬ ‫ً‬ ‫به الضيف‪،‬‬
‫يأكلوا ﱹﳃ ﳄ ﳅﱸ أنكر عليهم ترك األكل‪ ،‬أو َح َّثهم عليه ﱹﳇﱸ فأضمر‬
‫ﱹﳈ ﳉﳊﱸ خوف ًا؛ ألن من مل يأكل طعامك‪ ،‬مل يـحفظ ذمامك‪.‬‬

‫رسلوا للعذاب ﱹﳋ ﳌ ﳍﳎﱸ إنا‬ ‫عن ابن عباس‪ :‬وقع يف نفسه أهنم مالئكة ُأ ِ‬
‫رسل اهلل ﱹﳏ ﳐ ﳑﱸ أي‪ :‬يبلغ ويعلم‪ ،‬واملبرش به إسحاق عند اجلمهور‬
‫الص ِة‪ :‬شدة‬‫ﱹﳓ ﳔ ﳕ ﳖﱸ يف صيحة‪ ،‬من رص القلم والباب‪ ،‬قال الزجاج‪َّ َّ :‬‬
‫وص ُتا‬
‫الصياح ههنا‪ ،‬وحمله النصب عىل احلال‪ ،‬أي‪ :‬فجاءت َص َّارة‪ ،‬وقيل‪ :‬فأخذت يف صياح‪َّ َ ،‬‬
‫قوهلا‪ :‬يا ويلتا ﱹﳗ ﳘﱸ فلطمت وجهها ببسط يدهيا‪ ،‬وقيل‪ :‬فرضبت بأطراف‬
‫أصابعها جبهتها‪ ،‬كام يفعل املتعجب ﱹﳙ ﳚ ﳛﱸ أي‪ :‬أنا عجوز فكيف َألِدُ ؟! كام‬
‫قالت ﱹﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈﱸ (سورة هود‪ .‬اآلية‪ )72 :‬ﱹﳝ ﳞﱸ‬
‫مثل ذلك الذي قلنا‪ ،‬وأخربنا به ﱹﳟ ﳠﳡﱸ أي‪ :‬إنام نخربك عن اهلل تعاىل‪ ،‬واهلل قادر عىل ما‬
‫تستبعدين ﱹﳢ ﳣ ﳤﱸ يف فعله ﱹﳥﱸ فال خيفى عليه يشء‪ ،‬وملا علم إبراهيم‬
‫ال يف بعض األمور ﱹﱂ ﱃ ﱄﱸ أي‪ :‬فام‬ ‫أهنم مالئكة‪ ،‬وأهنم ال ينزلون إال بأمر اهلل رس ً‬
‫رسلتم بالبشارة خاصة‪ ،‬أو ألمر آخر‬ ‫رسلتم؟ ﱹﱅ ﱆﱸ ُأ ِ‬ ‫شأنكم؟ وما طلبكم؟ وفيم ُأ ِ‬
‫أو هلام م ًعا ﱹﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍﱸ أي‪ :‬قوم لوط ﱹﱏ ﱐ ﱑ ﱒ‬
‫ﱓﱸ ويسمى السجيل‪ :‬وهو طنيٌ ُأدخل النار حتى صار يف صالبة احلجارة (‪ )1‬ﱹﱕﱸ‬
‫معلمة‪ ،‬من السومة‪ ،‬وهي العالمة‪ ،‬عىل كل واحد منها اسم َم ْن َ ْي ِلك به ﱹﱖ ﱗﱸ يف ملكه‬
‫وسلطانه ﱹﱘﱸ سامهم مرسفني كام سامهم عادين؛ إلرسافهم‪ ،‬وعدواهنم يف عملهم‪،‬‬
‫حيث مل يقتنعوا هبا ُأبيح هلم ﱹﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱸ يف القرية‪ ،‬ومل جير هلا ذكر‪ ،‬لكوهنا معلومة‬
‫ﱹ ﱞ ﱟ ﱸ يعني لو ًطا ومن آمن به ﱹ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧﱸ‬
‫أي‪ :‬غري أهل بيت‪ ،‬وفيه دليل عىل أن اإليامن واإلسالم واحد؛ ألن املالئكة سموهم مؤمنني‬
‫ومسلمني هنا ﱹﱩ ﱪﱸ يف القرية ﱹﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯﱸ عالمة يعترب هبا‬
‫اخلائفون دون القاسية قلوهبم‪.‬‬
‫(‪ )1‬وذلك لقوله تعاىل ﱹ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌﱸ سورة هود‪ .‬األية‪.82 :‬‬

‫‪8‬‬
‫ﱹﱱﱲﱳﱴﱵﱶﱷﱸﱹﱺﱻﱼﱽ‬
‫ﱾﱿﲀﲁﲂﲃﲄﲅﲆﲇﲈﲉﲊﲋ‬
‫ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐﱸ‬

‫االتعاظ بهالك المشركين السابقين‪:‬‬

‫ﱹﱱ ﱲﱸ معطوف عىل ﱹﲍ ﲎ ﲏﱸ‪ ،‬أو عىل قوله ‪ :‬ﱹﱩ ﱪ ﱫﱸ‬


‫عىل معنى‪ :‬وجعلنا يف موسى آية‪ ،‬كقوله‪ :‬علفتها تبنًا وماء بار ًدا أي‪ :‬وسقيتها ماء بار ًدا؛‬
‫حيث حذف الفعل للعلم به ﱹﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸﱸ بحجة ظاهرة‪،‬‬
‫وهي‪ :‬اليد‪ ،‬والعصا ﱹﱺﱸ فأعرض عن اإليامن ﱹﱻﱸ بام كان يتقوى به من جنوده‬
‫وملكه‪ ،‬والركن‪ :‬ما يركن إليه اإلنسان من مال وجند ﱹﱼ ﱽﱸ أي‪ :‬هو ساحر‬
‫ﱹﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇﱸ ٍ‬
‫آت بام يالم عليه من كفره‬
‫وصف يونس ‪ ‬به يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﭐﲋ ﲌ ﲍ ﲎﱸ (سورة‬ ‫وعناده‪ ،‬وإن ََّـم ُ‬
‫الصفات‪ .‬اآلية‪)142 :‬؛ َّ‬
‫ألن موجبات اللوم ختتلف‪ ،‬وعىل حسب اختالفها ختتلف مقادير‬
‫اللوم‪ ،‬فالكافر ملوم عىل مقدار كفره‪ ،‬ومرتكب الكبرية والصغرية والذلة كذلك‪ ،‬واجلملة‬
‫مع الواو حال من الضمري يف ﱹﲁﱸ‪ ،‬ﱹﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏﱸ هي‬
‫التي ال خري فيها من إنشاء مطر‪ ،‬أو إلقاح شجر‪ ،‬وهي ريح اهلالك‪ ،‬واختلف فيها‪ ،‬واألظهر‬
‫بالصبا (‪ )1‬واهلكت عاد بالدَّ ُبور(‪.)3(�)2‬‬
‫أهنا الدَّ ُبور (بفتح الدال)؛ لقوله ‪� ‬نرصت َّ‬

‫الصبا‪ :‬ريح شرقية‪.‬‬


‫َّ‬ ‫(‪) 1‬‬
‫(‪َّ )2‬‬
‫الدبور‪:‬ريح غربية‪.‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫ﱹﲑﲒﲓﲔﲕﲖﲗﲘﲙﲚﲛﲜﲝﲞﲟ‬
‫ﲠﲡﲢﲣﲤﲥﲦﲧﲨﲩﲪﲫﲬ‬
‫ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸﲹ ﲺ‬
‫ﲻ ﲼ ﲽ ﲾﱸ‬

‫ﱹﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙﱸ هو كل ما ر َّم‪ ،‬أي‪ :‬بيل وتفتت‬


‫من َع ْظم أو نبات أو غري ذلك‪ ،‬واملعنى‪ :‬ما ترتك من يشء َه َّبت عليه من أنفسهم وأنعامهم‬
‫وأمواهلم إال أهلكته ﱹﲛ ﲜﱸ آية أيضا ﱹﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢﱸ تفسري قوله‪:‬‬
‫ﱹﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳﱸ (سورة هود‪ .‬اآلية‪ )65 :‬ﱹﲤ ﲥ ﲦ ﲧﱸ‬
‫فاستكربوا عن امتثاله ﱹﲨ ﲩﱸ العذاب‪ ،‬وكل عذاب مهلك صاعقة‪،‬‬
‫هنارا يعاينوهنا ﱹﲭ ﲮ ﲯ ﲰﱸ أي‪ :‬هرب‪ ،‬أو‬
‫ﱹﲪ ﲫﱸ؛ ألهنا كانت ً‬
‫هو من قوهلم ما يقوم به إذا عجز عن دفعه ﱹﲱ ﲲ ﲳﱸ ممتنعني من العذاب‬
‫ﱹﲵ ﲶﱸ أي‪ :‬وأهلكنا قوم نوح؛ ألن ما قبله يدل عليه‪ ،‬أو واذكر قوم نوح‪ ،‬و َق َر َأ‬
‫(قوم) باجلر أبو عمرو والكسائي ومحزة‪ ،‬أي‪ :‬ويف قوم نوح آية ﱹﲷ ﲸﲹﱸ من قبل هؤالء‬
‫املذكورين ﱹﲺ ﲻ ﲼ ﲽﱸ كافرين‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫ﱹ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ‬
‫ﳈﳉﳊﳋﳌﳍﳎﳏﳐﳑﳒ‬
‫ﳓ ﳔﳕ ﳖ ﳗ ﳘ ﳙ ﳚ ﳛ ﳜ ﳝ ﳞ ﳟ ﳠ ﳡﳢ ﳣ‬
‫ﳤﳥﳦﳧﳨﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊ‬
‫ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ‬
‫ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟﱠ ﱡﱢﱸ‬

‫ﱹﲿﱸ نصب بفعل يفرسه ﱹﳀ ﳁﱸ بقوة‪ ،‬واأليد القوة‪ ،‬ومنه قوله تعاىل‪:‬‬
‫ﱹﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉﱊﱸ (سورة ص‪ .‬اآلية‪ )17 :‬أي‪ :‬ذا القوة ﱹﳂ ﳃﱸ‬
‫لقادرون من الوسع وهو الطاقة‪ ،‬واملوسع القوي عىل اإلنفاق‪ ،‬أو ملوسعون ما بني السامء‬
‫واألرض ﱹﳅ ﳆﱸ بسطناها و مهدناها‪ ،‬وهي منصوبة بفعل مضمر‪ ،‬أي‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫فرشنا األرض فرشناها ﱹﳇ ﳈﱸ نحن ﱹﳊ ﳋ ﳌﱸ من احليوان‬
‫ﱹﳍ ﳎﱸ ً‬
‫ذكرا وأنثى‪.‬‬

‫وعن احلسن‪ :‬السامء واألرض‪ ،‬والليل والنهار‪ ،‬والشمس والقمر‪ ،‬والرب والبحر‪ ،‬واملوت‬
‫واحلياة‪ ،‬فعدَّ َد أشياء‪ ،‬وقال‪ :‬كل اثنني منها زوج واهلل تعاىل فرد ال مثل له ﱹﳏ ﳐﱸ‬
‫أي‪ :‬فعلنا ذلك كله‪ ،‬من بناء السامء‪ ،‬وفرش األرض‪ ،‬وخلق األزواج؛ لتتذكروا فتعرفوا‬
‫اخلالق‪ ،‬وتعبدوه ﱹﳒ ﳓ ﳔﳕﱸ أي‪ :‬من الرشك إىل اإليامن باهلل‪ ،‬أو من طاعة الشيطان‬
‫إىل طاعة الرمحن‪ ،‬أو مما سواه إليه ﱹﳖ ﳗ ﳘ ﳙ ﳚ ﳛ ﳜ ﳝ ﳞ ﳟ ﳠ‬

‫(‪ )1‬البد من االطالق والتفسري غري جيد ويـميز فيما ثُبت ملا بعده من كالم احلسن والعلم احلديث يظهر ذلك يف الكهرابء والذرة‬
‫وغريها وهي دليل عل أحاديث سبحانه‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫ﳡﳢ ﳣ ﳤ ﳥ ﳦ ﳧﱸ والتكرير للتوكيد‪ ،‬واإلطالة يف الوعيد أبلغ ﱹﱁﱸ‬
‫ساحرا أو جمنونًا‪ ،‬ثم فرس ما أمجل بقوله‪:‬‬
‫ً‬ ‫أي‪ :‬مثل تكذيب املرشكني الرسول ‪ ‬وتسميته‬
‫ﱹﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆﱸ من قبل قومك ﱹﱇ ﱈ ﱉ ﱊﱸ هو ﱹﱋ ﱌ ﱍﱸ‬
‫رموهم بالسحر‪ ،‬أو اجلنون؛ جلهلهم ﱹﱏ ﱐﱑﱸ الضمري للقول‪ ،‬أي‪ :‬أتواىص األولون‬
‫واآلخرون هبذا القول‪ ،‬حتى قالوه مجي ًعا متفقني عليه ﱹﱒ ﱓ ﱔ ﱕﱸ أي‪ :‬مل يتواصوا‬
‫به؛ ألهنم مل يتالقوا يف زمان واحد‪ ،‬بل مجعتهم العلة الواحدة وهي الطغيان‪ ،‬والطغيان هو‬
‫احلامل عليه ﱹﱗ ﱘﱸ فأعرض عن الذين كررت عليهم الدعوة فلم جييبوا عنا ًدا‬
‫ﱹﱙ ﱚ ﱛﱸ فال لوم عليك يف إعراضك بعدما بلغت الرسالة وبذلت جمهودك يف البالغ‬
‫وع ْظ بالقرآن ﱹ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡﱸ بأن تزيد يف عملهم ‪.‬‬ ‫والدعوة ﱹ ﱝ ﱸ ِ‬

‫‪12‬‬
‫ﱹﱣﱤﱥﱦﱧﱨﱩﱪﱫﱬﱭﱮﱯﱰﱱ‬
‫ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻﱸ‬

‫العبادة هي المقصود األعظم ‪:‬‬

‫ﱸ العبادة إن ُحِ َلت عىل حقيقتها‪ ،‬فال تكون‬ ‫ﱹ‬


‫اآلية عامة؛ بل املراد هبا املؤمنون من الفريقني‪ .‬دليله السياق‪ ،‬أعني ﱹ‬
‫ﱸ وهذا ألنه ال جيوز أن خيلق الذين علم منهم أهنم ال يؤمنون للعبادة؛ ألنه إذا‬
‫خلقهم للعبادة‪ ،‬وأراد منهم العبادة‪ ،‬فال بد أن توجد منهم‪ ،‬فإذا مل يؤمنوا علم أنه خلقهم جلهنم‪،‬‬
‫كام قال‪ :‬ﱹﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇﱈﱸ (سورة األعراف‪ .‬اآلية ‪ ،)179 :‬وقيل‪:‬‬
‫إال آلمرهم بالعبادة‪ ،‬وهو منقول عن عيل ريض اهلل عنه؛ وقيل‪ :‬إال ليكونوا عبا ًدا يل‪ ،‬والوجه أن‬
‫حتمل العبادة عىل التوحيد‪ ،‬فقد قال ابن عباس ريض اهلل عنهام‪ :‬كل عبادة يف القرآن فهي توحيد‪،‬‬
‫والكل يوحدونه يف اآلخرة؛ ملا عرف أن الكفار كلهم مؤمنون موحدون يف اآلخرة دليله قوله‪:‬‬
‫ﱹﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤﱈﱸ (سورة األنعام‪ .‬اآلية ‪.)23 :‬‬
‫نعم قد أرشك البعض يف الدنيا لكن مدة الدنيا باإلضافة إىل األبد أقل من يوم‪ ،‬ومن اشرتى‬
‫غال ًما وقال‪ :‬ما اشرتيته إال للكتابة‪ ،‬كان صاد ًقا يف قوله ما اشرتيته إال للكتابة‪ ،‬وإن استعمله‬
‫يف يوم من عمره لعمل آخر ﱹﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮﱸ ما خلقتهم لريزقوا أنفسهم‪ ،‬أو واحدً ا‬
‫من عبادي‪ :‬ﱹﱯ ﱰ ﱱ ﱲﱸ قال ثعلب‪ :‬أن يطعموا عبادي وهي إضافة ختصيص‬
‫ﱹﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺﱸ الشديد القوة‪ ،‬واملتني بالرفع صفة لذو‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫ﱹﱼﱽﱾﱿﲀﲁﲂﲃﲄ ﲅﲆ‬
‫ﲇﲈﲉﲊﲋﲌﲍﱸ‬

‫ﱹﱼ ﱽ ﱾﱸ رسول اهلل بالتكذيب من أهل مكة ﱹﱿ ﲀ ﲁ‬


‫ﲂﱸ نصي ًبا من عذاب اهلل‪ ،‬مثل نصيب أصحاهبم ونظرائهم من القرون ا ُمل ْه َلكَة‪ ،‬قال‬
‫يب ﱹﲃ ﲄﱸ أي نزول العذاب‪ ،‬وهذا جواب النرض‬ ‫ِ‬ ‫الزجاج‪َّ :‬‬
‫ُوب يف اللغة النَّص ُ‬
‫الذن ُ‬
‫بن احلارث وأصحابه حني استعجلوا العذاب(‪ )1‬ﱹﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ‬
‫ﲌﱸ أي‪ :‬من يوم القيامة‪ ،‬وقيل‪ .‬من يوم بدر‪ ،‬وقد نزل بـهم العذاب املوعود يوم بدر‪،‬‬
‫وهلم يف اآلخرة أشد العذاب‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪ )1‬وهو املراد بقوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﱸ سورة املعارج ‪ .‬اآليتان‪.1،2 :‬‬
‫وقوله تعاىل ﱹ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ‬
‫ﲶ ﲷ ﲸﱸ سورة األنفال‪ ،‬اآلية ‪.32 :‬‬

‫‪14‬‬
‫من األسرار البالغية‪:‬‬

‫يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ‬


‫ﲭﱸ استفهام للتشويق والتفخيم‪.‬‬

‫يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﱺ ﱻﱸ‪ .‬استعارة ؛ حيث‬


‫استعار الركن للجنود؛ ّ‬
‫ألن فرعون يتقوى هبم‪.‬‬

‫يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﲆ ﲇﱸ جماز عقيل؛ حيث‬


‫أطلق اسم الفاعل عىل اسم املفعول‪ ،‬واملعنى أنه‬
‫مالم عىل طغيانه‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫بعض ما يستفاد من السورة الكريمة‪:‬‬

‫هلل أن يقسم بام يشاء من خلقه‪ ،‬للفت األنظار إىل بديع صنعه تعاىل‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫اجلنة تنال باألعامل الصاحلة‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫إكرام الضيف من مكارم األخالق‪.‬‬ ‫‪3‬‬
‫املقصود األعظم من خلق اإلنس واجلن هو عبادة اهلل تعاىل‪.‬‬ ‫‪4‬‬
‫الرزق بيد اهلل تعاىل ال غري‪.‬‬ ‫‪5‬‬
‫اختاذ العظة والعربة من قصص السابقني‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪16‬‬
‫األسئلة‬

‫ما معنى‪ :‬الذاريات؟ ِ َ‬


‫ول ُس ِّميت بذلك؟ وما املراد بقوله تعاىل‬
‫س‪1‬‬
‫ﱹﲹ ﲺﱸ؟ وما نوع (ما) يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﲿ ﳀﱸ؟‬

‫ملاذا أثبت القيامة وأكد اجلزاء واحلساب فيها بأسلوب القسم؟‬ ‫س‪2‬‬
‫ما املراد بقوله تعاىل‪ :‬ﱹﱁ ﱂ ﱃﱸ؟ وملن الضمري يف قوله‬
‫س‪3‬‬
‫تعاىل‪ :‬ﱹﱊ ﱋﱸ؟ وما معناه؟‬

‫مااملراد بقوله تعاىل‪:‬ﱹﱕ ﱖ ﱗﱸ؟ وما إعراب ﱹﱱ ﱲﱸ؟‬ ‫س‪4‬‬


‫ِّ‬
‫وضح الرس البالغي فيام يأيت‪:‬‬

‫ )أ(يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﲨ ﲩ ﲪ ﲫ‬


‫س‪5‬‬
‫ﲬ ﲭﱸ‬

‫ )ب(يف قوله تعاىل ‪ :‬ﱹﱺ ﱻﱸ‬

‫ )ج(يف قوله تعاىل ‪ :‬ﱹﲆ ﲇﱸ‬

‫أذكر ما يستفاد من السورة الكريمة ‪.‬‬ ‫س‪6‬‬

‫‪17‬‬
‫سورة الطور‬
‫(مكية وهي‪ :‬تسع وأربعون آية)‬

‫ •نعيم المتقين‬
‫ •حفظ الله تعالى لنبيه ‪‬‬

‫‪18‬‬
‫ﱹﭐ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ‬
‫ﲘﲙﲚﲛﲜﲝﲞﲟﲠﲡ‬
‫ﲢﲣﲤﲥﲦﲧﲨﲩﱸ‬

‫ﱹﲎﱸ هو اجلبل الذي كلم اهلل عليه موسى ‪ ‬ﱹﲐ ﲑﱸ هو‬


‫القرآن‪ ،‬و ُنكِّر؛ ألنه كتاب خمصوص من بني سائر الكتب‪ ،‬أو اللوح املحفوظ‪ ،‬أو التوراة‬
‫ﱹﲓ ﲔﱸ هو الصحيفة‪ ،‬أو اجللد الذي يكتب فيه ﱹﲕﱸ مفتوح ال ختم عليه‬
‫ﱹﲗ ﲘﱸ وهو بيت يف السامء حيال الكعبة‪ ،‬وعمرانه بكثرة زواره من املالئكة‪،‬‬
‫ُروي أنه يدخله كل يوم سبعون ألف ملك‪ ،‬وخيرجون‪ ،‬ثم ال يعودون إليه أبدً ا (‪)1‬؛ وقيل‪:‬‬
‫الكعبة؛ لكوهنا معمورة باحلجاج والعامر ﱹﲚ ﲛﱸ أي‪ :‬السامء‪ ،‬أو العرش‬
‫ﱹﲝﱸ اململوء‪ ،‬أو املوقد‪ ،‬والواو يف ﱹﲎﱸ للقسم والبواقي للعطف‪ ،‬وجواب‬
‫القسم ﱹﲠ ﲡ ﲢﱸ أي‪ :‬الذي أوعد الكفار به ﱹﲣﱸ لنازل‪ ،‬قال جبري بن مطعم‪:‬‬
‫أتيت رسول اهلل ﷺ؟ ُأ َك ِّل ُمه يف األسارى‪ ،‬فلقيته يف صالة الفجر يقرأ سورة الطور‪ ،‬فلام بلغ‬
‫ﱹﲠ ﲡ ﲢ ﲣﱸ أسلمت؛ خو ًفا من أن ينزل العذاب(‪ )2‬ﱹﲥ ﲦ ﲧ ﲨﱸ ال يمنعه‬
‫مانع‪ ،‬واجلملة صفة لواقع�‪ ،‬أي‪ :‬واقع غري مدفوع ‪ ،‬والعامل يف ﱹﲪﱸ‪ ،‬ﱹﭐﲣﱸ أي‪ :‬يقع‬
‫يف ذلك اليوم‪ ،‬أو اذكر‪.‬‬

‫رواه البخاري‪.‬‬ ‫(‪ )1‬‬


‫قال احلافظ ابن حجر مل أجده هكذا‪ ،‬والذي جاء يف الصحيح �أن ذلك يف صالة املغرب� وأنه قال ملا مسع ﱹ ﱚ ﱛ‬ ‫(‪ )2‬‬
‫ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱸ إىل آخره كاد قليب يطري حاشية الكشاف‪ 409/4‬ط الراين‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫ﱹﲪﲫﲬﲭﲮﲯﲰﲱﲲﲳ‬
‫ﲴﲵﲶﲷﲸﲹﲺﲻﲼﲽﲾ‬
‫ﲿﳀﳁﳂﳃﳄﳅﳆﳇﳈﳉ‬
‫ﳊﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊﱋ‬
‫ﱌ ﱍ ﱎﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱸ‬

‫ﱹﲪ ﲫﱸ تدور كالرحى مضطربة ﱹﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱﱸ‬


‫منثورا ﱹﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ‬
‫ً‬ ‫يف اهلواء‪ ،‬كالسحاب؛ ألهنا تصري هباء‬
‫ﲺ ﲻﱸ أصل اخلوض امليش يف املاء‪ ،‬ثم غلب يف االندفاع يف الباطل والكذب‪ ،‬ومنه‬
‫قوله‪ :‬ﱹﭐﳯ ﳰ ﳱ ﳲﱸ (سورة املدثر‪ .‬اآلية ‪ )45 :‬ويبدل ﱹﲽ ﲾ ﲿ‬
‫ﳀ ﳁ ﳂﱸ من ﱹﲪ ﲫﱸ‪ ،‬والدَّ ُّع‪ :‬الدفع العنيف‪ ،‬وذلك أن خزنة النار َي ُغ ُّلون‬
‫أيدي املكذبني إىل أعناقهم‪ ،‬وجيمعون نواصيهم إىل أقدامهم‪ ،‬ويدفعوهنم إىل النار دف ًعا عىل‬
‫وزخا أي‪ :‬دفعا يف أقفيتهم‪ ،‬فيقال هلم ﱹﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉﱸ‬ ‫وجوههم‪ًّ ،‬‬
‫يف الدنيا ﱹﱁ ﱂﱸ ﱹﱂﱸ‪ :‬مبتدأ‪ ،‬و ﱹَس ۡ‬
‫ِح ٌرﱸ خربه‪ ،‬يعني كنتم تقولون للوحي‬
‫سحرا؟ ﱹﱃ ﱄ ﱅ ﱆﱸ كام‬
‫ً‬ ‫أيضا‬
‫هذا سحر‪ ،‬أفسحر هذا؟ يريد أهذا الذي ترونه ً‬
‫كنتم ال تبرصون يف الدنيا‪ ،‬يعني أم أنتم ُع ْمي عن املخرب عنه ‪ ،‬كام كنتم عم ًيا عن اخلرب‪ ،‬وهذا‬
‫تقريع وهتكم ﱹﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎﱏﱸ خرب ﱹﱍﱸ حمذوف‪،‬‬
‫أي سواء عليكم األمران الصرب وعدمه‪ ،‬وقيل عىل العكس وعلل استواء الصرب وعدمة بقوله‬
‫تعاىل‪ :‬ﱹﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔﱸ ألن الصرب إنام يكون له مزية عىل اجلزع؛ لنفعه يف‬
‫العاقبة‪ ،‬بأن جيازي عليه الصابر جزاء اخلري‪ ،‬فأما الصرب عىل العذاب‪ ،‬الذي هو اجلزاء‪ ،‬وال‬
‫عاقبة له وال منفعة‪ ،‬فال مزية له عليه‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫ﱹﱖﱗﱘﱙﱚﱛﱜﱝ ﱞﱟ‬
‫ﱠ ﱡﱢﱣﱤﱥﱦﱧﱨﱩ‬
‫ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ‬
‫ﱵﱶﱷﱸﱹﱺﱻﱼﱽ‬
‫ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﱸ‬

‫نعيم المتقين ‪:‬‬

‫ﱹﱖ ﱗ ﱘ ﱙﱸ يف أية جنات ﱹﱚﱸ وأي نعيم‪ ،‬بمعنى الكامل يف الصفة‪،‬‬


‫أو يف جنات ونعيم خمصوصة باملتقني‪ ،‬خلقت هلم خاصة ﱹﱜﱸ حال من الضمري‬
‫املستكن يف اجلار واملجرور ﱹﱘ ﱙﱸ‪ ،‬واجلار واملجرور يف حمل رفع خرب إن‪ ،‬والتقدير‪ :‬إن‬
‫ﱸ‪ ،‬وعطف قوله‬ ‫املتقني استقروا يف جنات ونعيم‪ ،‬حال كوهنم متلذذين ﱹ‬
‫ﱸ عىل ﱹﱘ ﱙﱸ‪ ،‬أي‪ :‬إن املتقني استقروا يف جنات ووقاهم رهبم‪ ،‬أو‬ ‫ﱹ‬
‫ﱸ عىل أن جتعل �ما� مصدرية‪ ،‬واملعنى فاكهني بإيتائهم رهبم‪ ،‬ووقايتهم‬ ‫عىل ﱹ‬
‫ﱸ يقال هلم ﱹﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪﱸ أك ً‬
‫ال ورش ًبا هني ًئا‪،‬‬ ‫ﱹ‬
‫أو طعا ًما ورشا ًبا هني ًئا‪ ،‬وهو الذي ال تنغيص فيه ﱹﱬﱸ حال من الضمري يف ﱹﱥ‬
‫ﱦﱸ ﱹﱭ ﱮﱸ مجع رسير ﱹﱯﱰﱸ موصول بعضها ببعض ﱹﱱﱸ‬
‫َو َق َرنَّاهم ﱹﱲﱸ مجع حوراء ﱹﱳﱸ عظام األعني حساهنا ﱹﱵ ﱶﱸ مبتدأ‪،‬‬
‫(و َأ ْت َب ْعن َُه ْم) أبو عمرو ﱹﱼﱸ أوالدهم‬
‫وﱹﱺ ﱻﱸ خربه ﱹﱷﱸ قرأ‪َ :‬‬
‫ﱹﱹﱸ حال من الفاعل ﱹﱺ ﱻ ﱼﱸ أي‪ :‬نلحق األوالد بإيامهنم وأعامهلم‬
‫درجات اآلباء‪ ،‬وإن َق ُصت أعامل الذرية عن أعامل اآلباء‪ ،‬وقيل‪ :‬إن الذرية وإن مل يبلغوا َم ْب َل ًغا‬

‫‪21‬‬
‫استدل ًل‪ ،‬وإنام تلقنوا منهم تقليدً ا‪ ،‬فهم يلحقون باآلباء ﱹﱽ ﱾ‬
‫َ‬ ‫يكون منهم اإليامن‬
‫ﱿ ﲀﱸ ﱹﲁ ﲂﱸ وما نقصناهم من ثواب عملهم من يشء‪( ،‬من) األوىل متعلقة‬
‫بألتناهم والثانية زائدة ﱹﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈﱸ أي‪ :‬مرهون‪ ،‬فنفس املؤمن مرهونة‬
‫بعمله وتُـجازى به‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫ﱹﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ‬
‫ﲔﲕﲖﲗﲘﲙﲚﲛﲜﲝﲞﲟ‬
‫ﲠﲡﲢﲣﲤﲥﲦﲧﲨﲩﲪ‬
‫ﲫﲬﲭﲮﲯﲰﲱﲲﲳﲴﲵ‬
‫ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﱸ‬

‫ﱹﲊﱸ وزدناهم يف وقت بعد وقت ﱹﲋ ﲌ ﲍ ﲎﱸ وإن مل‬


‫يطلبوا ﱹﲐ ﲑ ﲒﱸ ً‬
‫مخرا‪ ،‬أي‪ :‬يتعاطون ويتبادلون هم وجلساؤهم من أقربائهم‪،‬‬
‫يتناول هذا الكأس من يد هذا‪ ،‬وهذا من يد هذا ﱹﲓ ﲔ ﲕﱸ يف رشهبا ﱹﲖ ﲗﱸ‬
‫أي‪ :‬ال جيري بينهم باطل‪ ،‬وال ما فيه إثم‪ ،‬لو فعله فاعل يف دار التكليف‪ ،‬من الكذب‪،‬‬
‫والشتم‪ ،‬ونحومها‪ ،‬كشاريب مخر الدنيا‪ ،‬ألن عقوهلم ثابتة‪ ،‬فيتكلمون ِ‬
‫باحلكَم والكالم احلسن‬
‫ﱹﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞﱸ مملوكون هلم خمصوصون هبم ﱹﲞﱸ من‬
‫بياضهم وصفائهم ﱹﲟ ﲠﱸ يف الصدف؛ ألنه (رط ًبا) أحسن وأصفى‪ ،‬أو خمزون‪:‬‬
‫ألنه ال خيزن إال الثمني الغايل القيمة ﱹﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦﱸ يسأل بعضهم‬
‫بعضا عن أحواله وأعامله وما استحق به نيل ما عند اهلل ﱹﲨ ﲩ ﲪﱸ أي‪ :‬يف الدنيا‬
‫ً‬
‫ﱹ ﲬ ﲭ ﲮﱸ أرقاء القلوب من خشية اهلل‪ ،‬أو خائفني من نزع اإليامن وفوت األمان‪،‬‬
‫أو من رد احلسنات واألخذ بالسيئات ﱹ ﲰ ﲱ ﲲﱸ باملغفرة والرمحة ﱹﲳ ﲴ‬
‫�‬
‫ﲵﱸ هي‪ :‬الريح احلارة التي تدخل املسام‪ ،‬فسميت هبا نار جهنم ألهنا هبذه الصفة‬
‫ﱹﲷ ﲸ ﲹ ﲺﱸ من قبل لقاء اهلل تعاىل واملصري إليه يعنون يف الدنيا ﱹﲻﲼ ﲼﱸ نعبده‬
‫وال نعبد غريه‪ ،‬ونسأله الوقاية ﱹﲽ ﲾ ﲿﱸ املحسنﱹﳀﱸ العظيم الرمحة الذي إذا‬
‫ُعبِد أثاب‪ ،‬وإذا ُس ِئ َل أجاب‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫ﱹﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ‬
‫ﳍﳎﳏﳐﳑﳒﳓﳔﳕﳖﳗ‬
‫ﳘ ﳙ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ‬
‫ﱌ ﱍﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ‬
‫ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞﱟﱠ ﱡﱢ ﱸ‬

‫ﱹﳂﱸ فاثبت عىل تذكري الناس وموعظتهم ﱹﳃ ﳄ ﳅ ﳆﱸ برمحة ربك‬


‫وإنعامه عليك بالنبوة ورجاحة العقل ﱹﳇ ﳈ ﳉﱸ كام زعموا(‪ ،)1‬وهو يف‬
‫ملتبسا بنعمة ربك‪ :‬ﱹﳋ ﳌﱸ هو‬ ‫ً‬ ‫موضع احلال‪ ،‬والتقدير‪ :‬لست كاهنًا وال جمنونًا‬
‫ﱹﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑﱸ حوادث الدهر‪ ،‬أي‪ :‬ننتظر نوائب الزمان فيهلك كام هلك‬
‫من قبله من الشعراء زهري والنابغة و ﱹﱁﱸ يف أوائل هذه اآلي منقطعة بمعنى بل واهلمزة‪،‬‬
‫فتفيد اإلرضاب واالستفهام ﱹ ﳓ ﳔ ﳕ ﳖ ﳗ ﳘﱸ أتربص‬
‫هالككم كام ترتبصون هالكي ﱹﱁ ﱂ ﱃﱸ عقوهلم ﱹﱄﱸ التناقض يف القول‪،‬‬
‫وهو قوهلم‪ :‬كاهن‪ ،‬وشاعر‪ ،‬مع قوهلم‪ :‬جمنون وكانت قريش ُيدْ َع ْون أهل األحالم والنُّهي‬
‫ﱹﱆ ﱇ ﱈ ﱉﱸ جماوزون احلدّ يف العناد مع ظهور احلق هلم‪ ،‬وإسناد األمر إىل األحالم جماز‬
‫ﱹ ﱋ ﱌ ﱍﱎ ﱸ اختلقه حممد ‪ ‬من تلقاء نفسه ﱹﱏﱸ رد عليهم‪ ،‬أي‪ :‬ليس األمر كام زعموا‬
‫ﱹﱐ ﱑﱸ فلكفرهم وعنادهم يرمون هبذه املطاعن مع علمهم ببطالن قوهلم وأنه ليس‬
‫بِ ُم َت َق ِّول؛ لعجز العرب عنه‪ ،‬وما حممد إال واحد من العرب ﱹﱓ ﱔﱸ خمتلق ﱹﱕ ﱸ‬
‫مثل القرآن ﱹﱖ ﱗ ﱘﱸ يف أن حممدً ا َت َق َّو َله من تلقاء نفسه؛ ألنه بلساهنم وهم فصحاء‬
‫ﱹﱚ ﱛﱸ أم أحدثوا و ُقدِّ ُروا التقدير الذي عليه ف ْطرهتم ﱹﱜ ﱝ ﱞﱸ من غري ُم َقدِّ ر‬
‫ﱹ ﱟ ﱠ ﱡﱸ أم هم الذين خلقوا أنفسهم؛ حيث ال يعبدون اخلالق‪.‬‬
‫سورة احلجر‪. 6:‬‬ ‫ﱹﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﱸ‬ ‫(‪ )1‬وذلك مثل ما بني هللا تعاىل قوهلم ‪:‬‬

‫‪24‬‬
‫ﱹ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ‬
‫ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸﱹ‬
‫ﱺﱻﱼﱽﱾﱿﲀﲁﲂﲃ‬
‫ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌﱸ‬

‫وقيل‪َ :‬أ ُخ ِل ُقوا من أجل ال يشء من جزاء وال حساب‪ ،‬أم هم اخلالقون فال يأمترون‬
‫ﱹ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦﱧ ﱸ فال يعبدون خالقهام ﱹﱨ ﱩ ﱪﱸ أي‪ :‬اليتدبرون‬
‫يف اآليات‪ ،‬فيعلموا خالقهم وخالق الساموات واألرض ﱹﱬ ﱭ ﱮ ﱯﱸ من النبوة‬
‫والرزق وغريمها‪ ،‬فيخصوا من شاءوا بام شاءوا ﱹﱰ ﱱ ﱲﱸ األرباب الغالبون‬
‫منصوب يرتقون به إىل‬
‫ٌ‬ ‫حتى يدبروا أمر الربوبية‪ ،‬ويبنوا األمور عىل مشيئتهم ﱹﱴ ﱵ ﱶﱸ‬
‫السامء ﱹﱷ ﱸﱸ كالم املالئكة وما يوحى إليهم من علم الغيب‪ ،‬حتى يعلموا ما هو‬
‫كائن ِم ْن َت َقدُّ م هالكه عىل هالكهم وظفرهم يف العاقبة دونه كام يزعمون‪ ،‬قال َّ‬
‫الز َّجاج‪ :‬يستمعون‬
‫فيه‪ ،‬أي‪:‬عليه ﱹﱺ ﱻ ﱼ ﱽﱸ بحجة واضحة تصدق استامع مستمعهم‬
‫ﱹﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃﱸ ثم َس َّفه احالمهم حيث اختاروا هلل ما يكرهون‪ ،‬وهم حكامء عند‬
‫أنفسهم ﱹﲅ ﲆ ﲇﱸ عىل التبليغ واإلنذار ﱹﲈ ﲉ ﲊ ﲋﱸ ا َمل ْغرم أن يلتزم‬
‫اإلنسان ما ليس عليه‪ ،‬أي‪ :‬لزمهم مغرم ثقيل‪ ،‬فزهدهم ذلك يف اتباعك‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫ﱹ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕﲖ ﲗ ﲘ‬
‫ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ‬
‫ﲧﲨﲩﲪﲫﲬﲭﲮﲯﲰﲱ‬
‫ﲲﲳﲴﲵﲶﲷﲸﲹﲺﲻﲼﲽ‬
‫ﲾﲿﳀﳁﳂﳃﳄﳅﳆﳇﳈﳉ‬
‫ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒﳓ ﳔ ﳕ‬
‫ﳖﳗﳘﳙﳚﳛﳜﳝﳞﳟﱸ‬

‫ﱹﲍ ﲎ ﲏﱸ أي‪ :‬اللوح املحفوظ ﱹﲐ ﲑﱸ ما فيه حتى يقولوا ال ُن ْب َعث‪،‬‬


‫وإن ُبعثنا مل ُن َع َّذب ﱹﲓ ﲔ ﲕﲖﱸ وهو كيدهم يف دار الندوة برسول اهلل ﷺ وباملؤمنني ريض‬
‫اهلل عنهم ﱹﲗ ﲘﱸ إشارة إليهم‪ ،‬أو أريد هبم كل من كفر باهلل تعاىل ﱹﲙ ﲚﱸ‬
‫هم الذين يعود عليهم وبال كيدهم‪ ،‬وحييق هبم مكرهم‪ ،‬وذلك أهنم ُقتلوا يوم بدر‪ ،‬أو املغلوبون‬
‫يف الكيد ِم ْن كايدته َف ِكدتُّه ﱹﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠﲡﱸ يمنعهم من عذاب اهلل ﱹﲢ ﲣ ﲤ‬
‫ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮﱸ والكسف‪ :‬القطعة‪ ،‬وهو جواب‬
‫قوهلم ﱹﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌﱸ (سورة اإلرساء اآلية ‪ ،)92 :‬يريد‬
‫أهنم لشدة طغياهنم وعنادهم لو أسقطناه عليهم لقالوا هذا سحاب ﱹﲯﱸ قد ر ُك ِم‪ ،‬أي‪ :‬مجع‬
‫بعضه عىل بعض يمطرنا‪ ،‬ومل يصدقوا أنه كسف ساقط للعذاب ﱹﲱ ﲲ ﲳ ﲴ‬
‫ﲵ ﲶ ﲷﱸ قرأ بضم الياء‪ :‬عاصم وابن عامر‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫وقرأ الباقون بفتح الياء ( َيصعقون)‪ ،‬يقال‪ :‬صعقه فصعق‪ ،‬وذلك عند النفخة األوىل‪ ،‬نفخة‬
‫الصعق ﱹﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄﱸ ﱹﳅﱸ وإن‬
‫هلؤالء الظلمة ﱹﳆ ﳇ ﳈﱸ دون يوم القيامة‪ ،‬وهو القتل ببدر‪ ،‬والقحط سبع سنني‪،‬‬
‫وعذاب القرب ﱹﳉ ﳊ ﳋ ﳌﱸ ذلك‪.‬‬

‫حفظ هللا تعالى لنبيه ‪:‬‬

‫ثم أمره بالصرب إىل أن يقع هبم العذاب‪ ،‬فقال ﱹﳎ ﳏ ﳐﱸ بإمهاهلم‪ ،‬وبام يلحقك‬
‫ج َع العني؛ ِلَ َّن الضمري بلفظ‬
‫فيه من املشقة ﱹﳑ ﳒﳓﱸ أي ‪ :‬بحيث نراك ونحفظك‪َ ،‬و َ َ‬
‫اجلامعة‪ ،‬أال ترى إىل قوله تعاىل‪ :‬ﱹﱜ ﱝ ﱞ ﱸ (سورة طه‪ :‬اآلية‪.)39 :‬‬

‫ﱹﳔ ﳕ ﳖ ﳗ ﳘﱸ للصالة‪ ،‬وهو ما يقال بعد التكبري سبحانك اللهم‬


‫وبحمدك‪ ،‬أو من أي مكان قمت‪ ،‬أو من منامك ﱹﳚ ﳛ ﳜ ﳝ ﳞﱸ وإذا‬
‫أدبرت النجوم من آخر الليل‪ ،‬واملراد األمر بقول‪ :‬سبحان اهلل وبحمده‪ ،‬يف هذه األوقات‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬التسبيح‪ :‬الصالة إذا قام من نومه‪ ،‬ومن الليل صالة العشاءين املغرب والعشاء‪ ،‬وإدبار‬
‫النجوم‪ ،‬صالة الفجر‪ ،‬وباهلل التوفيق‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫من األسرار البالغية‪:‬‬

‫اإلهانة والتوبيخ يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﱈ‬


‫ﱉ ﱊ ﱋ ﱌﱸ‪.‬‬

‫يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﱁ ﱂ ﱃ ﱄﱅﱸ ُّ‬


‫هتكم هبم‪.‬‬

‫يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﲞ ﲟ ﲠﱸ‪:‬‬


‫تشبيه مرسل جممل‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫بعض ما يستفاد من السورة الكريمة‪:‬‬

‫وقوع العذاب ال حمالة بالكفار واملكذبني‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫انتفاع الذرية املؤمنة بالعمل الصالح آلبائهم‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫تسفيه عقول املرشكني ؛ لتكذيبهم رسول اهلل ‪.‬‬ ‫‪3‬‬
‫اهلل تعاىل يأمر نبيه ‪ ‬بالذكر يف الليل والنهار‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪29‬‬
‫األسئلة‬

‫ما معنى‪ :‬الطور؟ وما املراد بقوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﲐ ﲑﱸ؟‬


‫س‪1‬‬
‫وما السقف املرفوع؟‬

‫ما إعراب قوله تعاىل‪ :‬ﱹﲪ ﲫ ﲬﱸ؟ وما معناه؟ و ما‬


‫س‪2‬‬
‫املراد بتسيري اجلبال؟ وما معنى الدَّ ّع يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﲾﱸ؟‬

‫ما إعراب قوله تعاىل‪ :‬ﱹﱬﱸ؟ وما معنى رسر؟ وما املراد‬
‫س‪3‬‬
‫بقوله ‪ :‬ﱹﱲ ﱳﱸ؟‬

‫وضح الرس البالغي فيام يأيت‪:‬‬


‫س‪4‬‬
‫ )أ(قوله تعاىل ‪ :‬ﱹﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌﱸ‬

‫ )ب(قوله تعاىل ‪ :‬ﱹﱁ ﱂ ﱃ ﱄﱅﱸ‬

‫ )ج(قوله تعاىل ‪ :‬ﱹﲞ ﲟ ﲠﱸ‬

‫اذكر ما يستفاد من السورة الكريمة ‪.‬‬ ‫س‪5‬‬

‫‪30‬‬
‫سورة النجم‬
‫(مكية وهي‪ :‬اثنتان وستون آية)‬

‫ •توبيخ بعض المشركين‬ ‫ •صدق الوحي‬


‫ •من مظاهر العدل اإللهي‬ ‫ •عدم فائدة األصنام‬
‫ •من مظاهر قدرة الله تعالى‬ ‫ •تسمية المشركين المالئكة‬
‫ •االتعاظ بالقران‬ ‫بنات الله‬
‫ •جزاء المسيئين والمحسنين‪0‬‬
‫‪31‬‬
‫ﱹﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ‬
‫ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝﱸ‬

‫صدق الوحي ‪:‬‬

‫ﱹﱁﱸ أقسم بجنس النجوم ﱹﱂ ﱃﱸ إذا غرب‪ ،‬أو انتثر يوم القيامة‪ ،‬وجواب‬
‫القسم ﱹﱅ ﱆﱸ ما عدل عن قصد احلق ﱹﱇﱸ أي‪ :‬حممد ‪ ،‬واخلطاب لقريش‬
‫(‪)1‬‬

‫ﱹﱈ ﱉﱸ ما وقع يف اتباع الباطل‪ ،‬وقيل‪ :‬الضالل نقيض اهلدى‪ ،‬والغي نقيض الرشد‪ ،‬أي‪:‬‬
‫هو مهتد راشد‪ ،‬وليس كام تزعمون من نسبتكم إياه إىل الضالل والغي‪.‬‬

‫ﱹﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔﱸ أي‪ :‬وما أتاكم به من القرآن ليس‬


‫وحى إليه‪.‬‬
‫بمنطق يصدر عن هواه ورأيه‪ ،‬إنَّام هو وحي من عند اهلل ُي َ‬

‫ﱹﱖﱸ َع َّل َم حممدً ا ‪ ‬ﱹﱗ ﱘﱸ َم َلك شديد قواه‪ ،‬وهو جربيل ‪‬عند‬
‫اجلمهور‪ .‬ومن مظاهر قوته‪ :‬أنَّه اقتلع قرى قوم لوط من املاء األسود‪ ،‬ومحلها عىل جناحه‪،‬‬
‫ورفعها إىل السامء ثم قلبها‪ ،‬وصاح صيحة بثمود فأصبحوا جاثمني‪ .‬ﱹﱚ ﱛﱸ ذو منظر‬
‫حسن ﱹﱜﱸ فاستقام عىل صورته احلقيقية‪ ،‬دون الصورة اآلدمية التي كان ينزل هبا عىل‬
‫الرسول ‪.‬‬

‫عب يلفظ صاحبكم واملقصود به النيب حممد ‪ ‬ألنه صاحبهم طوال أربعني سنة مل تَ ُشبْه شائنة أو شيء ُيِ ُّل ابملروءة‪.‬‬
‫(‪َ )1‬و َّ‬

‫‪32‬‬
‫ﱹ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ‬
‫ﱬﱭﱮﱯﱰﱱﱲﱳﱴﱵﱶﱷﱸﱹ‬
‫ﱺ ﱻ ﱼﱸ‬

‫أحب أن يراه يف صورته احلقيقية‪ ،‬فاستوى له يف األفق األعىل ‪-‬‬‫َّ‬ ‫أن رسول اهلل ‪‬‬‫وذلك َّ‬
‫وهو أفق الشمس ‪ -‬فمأل األفق‪ ،‬وقيل ‪ :‬ما رآه أحد من األنبياء ‪ ‬يف صورته احلقيقية سوى‬
‫حممد ‪ ‬مرتني مرة يف األرض ومرة يف السامء(‪.)1‬‬

‫ﱹ ﱞﱸ أي‪ :‬جربيل ‪ ‬ﱹ ﱟ ﱠﱸ مطلع الشمس‪ .‬ﱹ ﱢ ﱣﱸ جربيل من‬


‫رسول اهلل ‪.‬‬

‫ﱹﱤﱸ فزاد يف القرب‪ ،‬والتديل‪ :‬هو النزول بقرب اليشء‪.‬‬

‫ﱹﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪﱸ مقدار قوسني عربيتني‪ ،‬أو أقرب من ذلك‪.‬‬

‫ﱹﱩ ﱪﱸ أي‪ :‬عىل تقديركم‪ ،‬وهذا ألهنم خوطبوا عىل لغتهم‪ ،‬ومقدار فهمهم‪ ،‬وهم‬
‫يقولون‪ :‬هذا قدر رحمني أو أنقص‪.‬‬
‫ﱹﱬﱸ جربيل ‪ ‬ﱹﱭ ﱮﱸ إىل عبد اهلل حممد ‪ ،‬ومل ُي ِر له ‪ -‬تعاىل ِ‬
‫‪-‬ذك ًْرا ‪،‬‬ ‫ْ‬
‫لكونه يف غاية الظهور‪.‬‬

‫تفخيم للوحي الذي ُأوحي إليه‪،‬‬


‫ً‬ ‫ﱹﱯ ﱰﱸ أبـهم سبحانه ما أوحاه‬

‫ﱹﱲ ﱳ ﱴﱸ فؤاد حممد ‪ ‬ﱹ ﱵ ﱶﱸ يعني‪ :‬ما رآه بعينه وعرفه بقلبه‪ ،‬ومل يشك‬
‫يف َّ‬
‫أن ما رآه حق ﱹﱸﱸ أفتجادلونه عىل ما يراه معاينة‪ ،‬من املراء وهو املجادلة يف الباطل‬
‫ﱹﱹ ﱺ ﱻﱸ‪.‬‬

‫قال احلافظ ابن حجر‪ :‬مل أجده هكذا ويف الصحيحني من رواية مسروق عن عائشة �أان أول من سأل رسول هللا ‪ ‬فقال ‪ :‬إمنا هو‬ ‫(‪) 1‬‬
‫جربيل مل أره على صورته اليت رأيته عليها غري هاتني املرتني حاشية اهلشاك ‪ .419/4‬وراجع صحيح مسلم ‪ 159/1‬حديث رقم ‪.�287‬‬
‫‪33‬‬
‫ﱹﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ‬
‫ﲊﲋﲌﲍﲎﲏﲐﲑﲒﲓﲔﲕﲖﲗﲘﲙ‬
‫ﲚ ﲛ ﲜﱸ‬

‫جربيل ‪ ‬ﱹﱿ ﲀﱸ مرة أخرى من النزول‪ ،‬نُصبت الن َّْز َلة‬


‫َ‬ ‫ﱹﱽ ﱾﱸ رأى حممدٌ‬
‫ب الظرف الذي هو مرة‪ ،‬أي‪ :‬نزل عليه جربيل ‪ ‬نزلة أخرى يف صورة نفسه فرآه عليها‪،‬‬
‫ن َْص َ‬
‫وذلك ليلة املعراج ﱹﲂ ﲃ ﲄﱸ اجلمهور‪ :‬عىل َأ َّنَا شجرة نبق يف السامء السابعة‬
‫عن يمني العرش‪ ،‬واملنتهى بمعنى موضع االنتهاء‪ ،‬أو االنتهاء ك ََأ َّنَا يف منتهى اجلنة وآخرها‪،‬‬
‫وما وراءها ال يعلمه إال اهلل تعاىل ﱹﲆ ﲇ ﲈﱸ أي‪ :‬اجلنة التي يصري إليها املتقون‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬تأوي إليها أرواح الشهداء‪.‬‬

‫ﱹﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎﱸ أي ‪ ( :‬رآه إذ يغشى السدرة ما يغشى) ‪ ،‬وهو تعظيم وتكثري‬


‫جل ُّم الغفري من املالئكة ‪ ،‬يعبدون اهلل تعاىل عندها ‪ ،‬وقيل ‪:‬‬
‫ملا يغشاها‪ ،‬وقد قيل ‪ :‬يغشاها ا َ‬
‫يغشاها َف َر ٌاش من ذهب ﱹﲐ ﲑ ﲒﱸ برص رسول اهلل ‪ ‬أي‪ :‬ما عدل عن رؤية العجائب‬
‫مر برؤيتها ومكن منها ﱹﲓ ﲔﱸ وما جاوز ما أمر برؤيته ﱹﲖ ﲗﱸ واهلل لقد رأى‬
‫التي َّ‬
‫ﱹﲘ ﲙ ﲚ ﲛﱸ اآليات التي هي كرباها‪ ،‬و ُعظامها‪ ،‬يعني‪ :‬حني رقي به إىل السامء‬
‫فرأى عجائب امللكوت‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫ﱹﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﱸ‬

‫عدم فائدة األصنام ‪:‬‬

‫ﱹﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤﱸ أي‪ :‬أخربونا عن هذه األشياء‬


‫التي تعبدوهنا من دون اهلل عز وجل‪ ،‬هل هلا من القدرة والعظمة التي ُوصف هبا رب العزة‬
‫سبحانه وتعاىل؟! والالت‪ ،‬والعزى‪ ،‬ومناة‪ ،‬أصنام هلم‪ ،‬وهي مؤنثات‪ ،‬فالالت‪ :‬اسم لصنم‬
‫كان لثقيف بالطائف‪ ،‬والعزى‪ :‬كانت لِ َغ ْط َفان‪ ،‬ومناة صخرة كانت هل ُ َذيل ُ‬
‫وخزاعة‪ ،‬وقيل‬
‫ألن دماء النسائك كانت ُتنى عندها‪ ،‬أي‪ :‬تُراق ﱹﲣﱸ‬ ‫لثقيف‪ ،‬وك ََأ َّنَا سميت مناة؛ ّ‬
‫هي صفة ذم‪ ،‬أي‪ :‬املتأخرة الوضيعة املقدار‪ ،‬كقوله تعاىل‪:‬ﱹﱚ ﱛ ﱜﱸ‬
‫(سورة األعراف‪ .‬اآلية ‪.)38 :‬‬

‫‪35‬‬
‫ﱹﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ‬
‫ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ‬
‫ﳁ ﳂ ﳃﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ‬
‫ﳐﳑﳒﳓﳔﳕﳖﳗﳘﳙﳚﳛﳜ‬
‫ﳝﳞﳟﳠﳡﳢﳣﳤﳥﳦﳧﱸ‬

‫ﱹﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬﱸ؛ أي َج ْع ُلكُم اهلل البنات ولكم البنني‬


‫ﱹﲭﱸ أي‪ :‬جائرة‪ .‬ﱹﲯ ﲰﱸ ما األصنام ﱹﲱ ﲲﱸ ليس حتتها يف احلقيقة‬
‫مسميات؛ ِلَنَّكم تَدَّ عون األُ ُلوهية ملا هو أبعد يشء منها وأشد منافاة هلا ﱹﲳﱸ أي‪:‬‬
‫َّ‬
‫سميتم هبا‪ ،‬يقال‪ :‬سميته زيدً ا‪ ،‬أو سميته بزيد ﱹ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻﲼ ﱸ‬
‫ُح ّجة ﱹﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﱸ إال توهم أن ما هم عليه حق ﱹﳁ ﳂ ﳃﱸ‪ ،‬وما‬
‫تشتهيه أنفسهم ﱹﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉﱸ الرسول والكتاب فرتكوه‪ ،‬ومل يعملوا به‬
‫ﱹﳋ ﳌ ﳍ ﳎﱸ أم املنقطعة‪ ،‬ومعنى اهلمزة فيها اإلنكار‪ ،‬أي‪ :‬ليس لإلنسان يعني ‪-‬‬
‫الكافر ‪ -‬ما متنّى من شفاعة األصنام‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬هو متني بعضهم أن يكون هو النبي ﱹﳐ ﳑ ﳒﱸ أي‪ :‬هو مالكهام‪،‬‬
‫وله احلكم فيهام‪ ،‬يعطى النبوة والشفاعة َمنْ شاء وارتىض؛ ال َم ْن متَنَّى ﱹﳕ ﳖ ﳗ ﳘ‬
‫ﳙ ﳚ ﳛ ﳜ ﳝ ﳞ ﳟ ﳠ ﳡ ﳢ ﳣ ﳤ ﳥ ﳦ ﱸ يعني‪ّ :‬‬
‫أن‬
‫فإن املالئكة مع ُق ْربِ ِ‬
‫ـهم وكثرهتم لو شفعوا بأمجعهم ألحد مل ُت ْغ ِن شفاعتهم‬ ‫أمر الشفاعة ض ِّيق‪ّ ،‬‬
‫لـم ْن يشاء الشفاعة له‪ ،‬ويرضاه‬
‫شي ًئا قط‪ ،‬وال تنفع إال إذا شفعوا من بعد ان يأذن اهلل يف الشفاعة َ‬
‫أهل ألن يشفع له‪ ،‬فكيف ت َْش َفع األصنام إليه لعابدهيا؟!‬
‫ويراه ً‬

‫‪36‬‬
‫ﱹﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ‬
‫ﱎ ﱏﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ‬
‫ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭﱮ ﱯ‬
‫ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻﱸ‬

‫تسمية المشركين المالئكة بنات هللا‪:‬‬

‫ﱹﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇﱸ أي‪ :‬كل واحد منهم ﱹﱈ ﱉﱸ؛‬


‫ٍ‬
‫واحد منهم بنتًا‪ ،‬وهي تسمية األنثى ﱹﱋ ﱌ‬ ‫ألهنم إذا قالوا‪ :‬املالئكة بنات اهلل‪ ،‬فقد َس َّموا َّ‬
‫كل‬
‫ﱍ ﱎ ﱏﱐ ﱸ وما هلم به من علم هبذا القول‪ ،‬أي‪ :‬بام يقولون ﱹ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔﱕ ﱸ هو‬
‫تقليد اآلباء ﱹ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜﱸ أي‪ :‬إنام يعرف احلق الذي هو حقيقة اليشء‬
‫بالعلم والتيقن‪ ،‬ال بالظن والتوهم ﱹ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱸ فأعرض َّ‬
‫عم ْن رأيته‬
‫عرضا عن ذكر اهلل أي‪ :‬القرآن‪ .‬ﱹﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨﱸ اختيارهم الدنيا والرضا هبا‪.‬‬
‫ُم ً‬
‫ﱹﱪﱸ أي‪ :‬اختيارهم الدنيا والرضا هبا ﱹﱫ ﱬ ﱭﱮ ﱸ منتهى علمهم ﱹﱯ ﱰ‬
‫ِّ‬
‫بالضال واملهتدي وجيازهيام‪.‬‬ ‫ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺﱸ أي‪ :‬هو أعلم‬

‫‪37‬‬
‫ﱹﱼﱽﱾﱿﲀﲁﲂﲃﲄﲅﲆﲇﲈ‬
‫ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓﲔ ﲕ‬
‫ﲖ ﲗ ﲘﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ‬
‫ﲥ ﲦﲧ ﲨ ﲩ ﲪﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﱸ‬

‫جزاء المسيئين والمحسنين‪:‬‬

‫ﱹﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇﱸ بعقاب ما عملوا‬


‫من السوء‪ ،‬أو بسبب ما عملوا من السوء ﱹﲈ ﲉ ﲊ ﲋﱸ باملثوبة احلسنى‬
‫وهي اجلنة‪ ،‬أو بسبب األعامل احلسني‪.‬‬

‫واملعنى‪َ :‬أ َّن اهلل عز وجل إنَّام خلق العامل َّ‬


‫وسوى هذا امللكوت؛ ليجزي املحسن من املك َّلفني‬
‫وامليسء منهم‪ ،‬إذ ا َمل ِلك َأ ْه ٌل لنرص األولياء وقهر األعداء‪.‬‬

‫ﱹﲍﱸ بدل من ﱹﲉ ﲊﱸ يف حمل نصب أو يف حمل رفع عىل املدح‪ ،‬أي ‪ :‬هم‬
‫ألن اإلثم جنس يشتمل عىل كبائر‬ ‫الذين ﱹﲎ ﲏ ﲐﱸ أي‪ :‬الكبائر من اإلثم؛ َّ‬
‫وصغائر‪ ،‬والكبائر الذنوب التي يكرب عقاهبا ﱹﲑﱸ أفحش من الكبائر‪ ،‬كأنَّه قال‪:‬‬
‫والفواحش منها خاصة قيل‪ :‬الكبائر ما أوعد اهلل عليه النار‪ ،‬كالرشك باهلل وعقوق الوالدين‪،‬‬
‫والفواحش‪ :‬ما رشع فيها احلد‪ ،‬كالقتل العمد والزنى والقذف والرشب ﱹﲒ ﲓﲔﱸ أي‪:‬‬
‫الصغائر‪ ،‬واالستثناء منقطع؛ ألنه ليس من الكبائر والفواحش‪ ،‬وهو كالنظرة والقبلة واللمسة‬
‫والغمزة ﱹﲕ ﲖ ﲗ ﲘﲙﱸ فيغفر ما شاء من الذنوب من غري توبة ﱹﲚ ﲛ ﲜ‬
‫ﲝ ﲞﱸ أي‪ :‬خلق أباكم ﱹﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣﱸ مجع جنني ﱹﲤ ﲥ ﲦﲧ ﲨ‬
‫ﲩ ﲪﲫﱸ فال تنسبوها إىل زكاء العمل وزيادة اخلري والطاعات‪ ،‬أو إىل الزكاة والطهارة‬
‫وآخرا قبل أن خيرجكم من‬ ‫ً‬ ‫من املعايص وال ُت ْثنُوا عليها‪ ،‬فقد علم اهلل الزكي منكم والتقي ً‬
‫أول‬
‫صلب آدم ‪ ،‬وقبل أن خترجوا من بطون أمهاتكم‪ .‬وحكم املدح إذا كان عىل سبيل اإلعجاب‬
‫املرسة بالطاعة طاعة‬ ‫منهي عنه‪ ،‬وإذا كان عىل سبيل االعرتاف بالنعمة‪ ،‬فإنه جائز؛ َّ‬
‫ألن َّ‬ ‫ٌ‬ ‫والرياء‬
‫وذكرها شكر ﱹﲬ ﲭ ﲮ ﲯﱸ فاكتفوا بعلمه عن علم الناس وبجزائه عن ثناء الناس‪.‬‬
‫‪38‬‬
‫ﱹﲱﲲﲳﲴﲵﲶﲷﲸﲹﲺﲻﲼﲽ‬
‫ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊﱸ‬

‫توبيخ بعض المشركين‪:‬‬

‫ﱹ ﲱ ﲲ ﲳﱸ أعرض عن اإليامن ﱹ ﲵ ﲶ ﲷ ﱸ قطع َعطِ َّيته‬


‫وأمسك‪ ،‬وأصله إكداء احلافر وهو أن تلقاه كدية‪ :‬وهي صالبه كالصخرة فيمسك عن احلفر‪.‬‬
‫يم ْن كفر بعد اإليامن‪ ،‬وقال جماهد وابن زيد‪ :‬نزلت يف الوليد‬‫ِ‬
‫عن ابن عباس ‪ :‬أنَّـها نزلت ف َ‬
‫تركت دين األشياخ‪،‬‬
‫َ‬ ‫فعيه بعض الكافرين‪ ،‬وقال له‪:‬‬‫بن املغرية‪ ،‬وكان قد اتَّبع رسول اهلل ‪َّ ‬‬
‫خشيت عذاب اهلل‪ ،‬فضمن له إن هو أعطاه شي ًئا من ماله‬
‫ُ‬ ‫وزعمت أنَّـهم يف النار‪ ،‬قال‪ِّ :‬إن‬
‫َ‬
‫بعض ما ضمن له‪ ،‬ثم‬
‫ورجع إىل رشكه أن يتحمل عنه عذاب اهلل‪ ،‬ففعل‪ ،‬وأعطى الذي عاتبه َ‬
‫بخل به ومنعه‪ .‬ﱹ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽﱸ أي‪ :‬فهو يعلم َّ‬
‫أن ما ضمنه من عذاب اهلل حق‬
‫ـخ َب ﱹﳂ ﳃ ﳄ ﳅﱸ أي‪ :‬التوراة ﱹﳇ ﱸ أي‪ :‬ويف‬ ‫ﱹﲿ ﳀ ﳁﱸ ُي ْ‬
‫وف وأتم‪ ،‬كقوله‪:‬ﱹﲙﲚﱸ (سورة البقرة‪ .‬اآلية‪،)124 :‬‬
‫صحف إبراهيم ﱹﳈ ﳉﱸ أي‪َّ :‬‬
‫وإطالقه ليتناول كل وفاء‪ ،‬وعن احلسن‪ :‬ما أمره اهلل بيشء إال َّ‬
‫وف به‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫ﱹﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﳓ ﳔ ﳕ ﳖ‬
‫ﳗﳘﳙﳚﳛﳜﳝﳞﳟﳠﳡﳢﳣ‬
‫ﳤ ﳥﳦﱸ‬

‫من مظاهر العدل اإللهي ‪:‬‬

‫ثم أعلم بمـا يف صحف موسى وإبراهيم فقال‪ :‬ﱹﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏﱸ ﱹﳌﱸ‬


‫َّ‬
‫وزرا وهو اإلثم‪ْ ،‬‬
‫«أن» املخففة من الثقيلة‪ ،‬واملعنى‪ :‬أنَّه ال تزر‪ ،‬والضمري‬ ‫من وزر يزر إذا اكتسب ً‬
‫بدل من ﱹﳃ ﳄ ﳅﱸ‪ ،‬او يف حمل رفع‪ :‬خرب‬ ‫ضمري الشأن‪ ،‬وحمل( َأ ْن) وما بعدها اجلر ً‬
‫مبتدأ حمذوف تقديره‪ :‬هو أن ال تزر‪ ،‬كأنَّه قال‪ :‬وما يف صحف موسى وإبراهيم؟ فقيل‪ :‬أال تزر‬
‫وازرة وزر اخرى‪ ،‬أي‪ :‬أال حتمل نفس ذنب نفس ﱹﳑ ﳒ ﳓ ﳔ ﳕ ﳖﱸ إال‬
‫أيضا ممَّا يف صحف إبراهيم وموسى ‪.‬‬
‫سعيه‪ ،‬وهذه ً‬

‫ﱹﳘ ﳙ ﳚ ﳛﱸ أي ‪ :‬يرى هو سعيه يوم القيامة يف ميزانه‪.‬‬

‫ﱹﳝ ﳞﱸ َّ‬
‫ثم ُيزى العبد سعيه ‪ُ ،‬يقال‪ :‬جزاه اهلل عمله‪ ،‬وجزاه عىل عمله بحذف اجلار‬
‫فسه بقوله‪ :‬ﱹﳟ ﳠﱸ‪ ،‬أو‬
‫ثم َّ‬
‫وإيصال الفعل‪ ،‬وجيوز أن يكون الضمري للجزاء ‪َّ ،‬‬
‫أبدله عنه‪ .‬ﱹﳢ ﳣ ﳤ ﳥﱸ هذا كله يف الصحف األوىل‪ ،‬واملنتهى مصدر بمعنى‬
‫االنتهاء‪ ،‬أي‪ :‬ينتهي إليه اخللق ويرجعون إليه‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫ﱹﳧ ﳨ ﳩ ﳪ ﳫ ﳬ ﳭ ﳮ ﳯ ﳰ ﱁ ﱂ‬
‫ﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊﱋﱌﱍﱎ‬
‫ﱏﱐﱑﱒﱓﱔﱕﱖﱗﱘﱙﱚﱛﱜ‬
‫ﱝﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧﱨ ﱩ ﱪ ﱫ‬
‫ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵﱸ‬

‫من مظاهر قدرة هللا تعالى ‪:‬‬

‫جاء ذلك يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﳧ ﳨ ﳩ ﳪﱸ خلق الضحك والبكاء‪ ،‬وقيل‪:‬‬


‫خلق الفرح واحلزن‪ ،‬وقيل‪ :‬أضحك املؤمنني يف اآلخرة باملواهب‪ ،‬وأبكاهم يف الدنيا بالنوائب‪.‬‬
‫ﱹﳬ ﳭ ﳮ ﳯﱸ قيل‪ :‬أمات اآلباء وأحيا األبناء‪ ،‬أو أمات بالكفر وأحيا باإليامن‪،‬‬
‫أو أمات هنا وأحيا هناك‪.‬‬

‫ﱹﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅﱸ الصنفني ﱹ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊﱸ إذا تُدفق‬


‫يف الرحم‪ .‬ﱹﱌ ﱍ ﱎ ﱏﱸ اإلحياء بعد املوت ﱹﱑ ﱒ ﱓ ﱔﱸ أي‪:‬‬
‫وأعطى ِ‬
‫القنْ َي َة‪ ،‬وهي‪ :‬املال الذي عزمت أن ال خترجه من يدك ﱹﱖ ﱗ ﱘ ﱙﱸ هو‬
‫فأعلم اهلل أنَّه رب معبودهم‬
‫َ‬ ‫كوكب يطلع بعد اجلوزاء يف شدة احلر وكانت خزاعة تعبدها‪،‬‬
‫هذا ﱹ ﱛ ﱜ ﱝﱞ ﱸ هم قوم هود‪ ،‬وعاد األخرى إِ َر ْم‪ .‬ﱹ ﱠ ﱡ ﱢ ﱸ‬
‫ﱹﱤ ﱥﱸ أي‪ :‬وأهلك قوم نوح ﱹﱦ ﱧﱸ من قبل عاد وثمود ﱹﱩ ﱪ ﱫ‬
‫ﱬ ﱭﱸ من عاد وثمود؛ ألهنم كانوا يرضبونه حتى ال يكون به َح َراك‪ ،‬وينفرون عنه‬
‫حتى كانوا حيذرون صبياهنم أن يسمعوا منه‪ .‬ﱹﱯﱸ قرى قوم لوط التي ائتفكت‬
‫بأهلها‪ ،‬أي‪ :‬انقلبت ﱹﱰﱸ أي‪ :‬رفعها إىل السامء عىل جناح جربيل ثم أهواها إىل األرض‪،‬‬
‫أي‪ :‬أسقطها‪ ،‬ﱹﱯﱸ منصوبة بأهوى عىل أنَّـها مفعول به ﱹ ﱲﱸ ألبسها‬
‫ِ‬
‫ب عليها من العذاب‪.‬‬ ‫ﱹﱳ ﱴﱸ ما غ َّطى‪ ،‬وهو هتويل وتعظيم َلا ُص َّ‬
‫‪41‬‬
‫ﱹﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ‬
‫ﲂﲃﲄﲅﲆﲇﲈﲉﲊﲋﲌﲍ‬
‫ﲎﲏﲐﲑﲒﲓﲔﲕﲖﲗ‬
‫ﲘﲙﲚ ﲛ ﲜ ﲝﱸ‬

‫االتعاظ بالقرآن‪:‬‬

‫ﱹ ﱶ ﱷ ﱸﱸ أهيا املخاطب ﱹ ﱹﱸ تتشكك بام أوالك من النعم‪ ،‬أو‬


‫بام كفاك من النقم ﱹﱻ ﱼﱸ أي‪ :‬حممد ‪ ‬منذر ﱹ ﱽ ﱾ ﱿﱸ من املنذرين‬
‫األولني‪ ،‬وقال ﱹﱿﱸ أي‪ :‬إنذار من جنس اإلنذارات األوىل التي أنذر هبا من قبلكم‬
‫ﱹﲁ ﲂﱸ قربت القيامة املوصوفة بالقرب يف قوله تعاىل ﱹﲞ ﲟﱸ (سورة‬
‫القمر‪ .‬اآلية ‪ )1 :‬ﱹﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉﱸ؛ أي‪ :‬ليس هلا نفس كاشفة‪ ،‬أي‪:‬‬
‫مبينة متى تقوم‪ ،‬أو ليس هلا نفس كاشفة‪ ،‬أي‪ :‬قادرة عىل كشفها إذا وقعت إال اهلل تعاىل غري‬
‫إنكارا ﱹﲐﱸ‬
‫ً‬ ‫أنَّه ال يكشفها ﱹﲋ ﲌ ﲍﱸ أي‪ :‬القرآن ﱹﲎﱸ‬
‫استهزا ًء ﱹﲑ ﲒﱸ خشو ًعا‪.‬‬

‫ﱹﲔ ﲕﱸ غافلون‪ ،‬أو الَ ُهون العبون ﱹﲗ ﲘﲙﲚ ﲛ ﲜﱸ أي‪:‬‬


‫فاسجدوا هلل ‪ ،‬واعبدوه ‪ ،‬وال تعبدوا اآلهلة املزعومة‪ ،‬كاألصنام‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫من األسرار البالغية‪:‬‬

‫يف قوله تعاىل ‪:‬ﱹﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰﱸ إهبام‬


‫املوحى به؛ للتعظيم والتهويل‪.‬‬

‫يف قوله تعاىل ‪ :‬ﱹﱸ ﱹ ﱺ ﱻﱸ يف استخدام‬


‫حرف اجلر (عىل) بدالً من استخدام حرف اجلر ( يف )‪،‬‬
‫داللة عىل أن هذا األمر معطى من اهلل‪ ،‬هبة لنبينا صىل اهلل‬
‫عليه وسلم‪ ،‬فهذه األشياء التي يراها كجربيل وكالوحي ال‬
‫تؤخذ بعلم‪ ،‬بل هي فضل من اهلل‪.‬‬

‫يف قوله تعاىل ‪ :‬ﱹﲥ ﲦ ﲧ ﲨﱸ استفهام توبيخي‪.‬‬

‫يف قوله تعاىل ‪ :‬ﱹ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎﱸ استفهام إنكاري‪.‬‬

‫بني (ضل) و (اهتدى) ‪ :‬طباق‪.‬‬

‫يف قوله تعايل ‪ :‬ﱹ ﲱ ﲲ ﲳﱸ استعارة ترصحيية‬


‫‪ ،‬فقد استعار اإلدبار واإلعراض لعدم الدخول يف اإليامن‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫من األسرار البالغية‪:‬‬

‫يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﲵ ﲶ ﲷﱸ استعارة‬


‫شبه من يعطى قلي ً‬
‫ال ثم يمسك عن العطاء بمن‬ ‫ترصحيية‪َّ ،‬‬
‫يمسك عن احلفر بعد أن حيل دونه بصالبة كالصخرة‪.‬‬

‫يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﱲ ﱳ ﱴﱸ اإلهبام للتعظيم‬


‫والتهويل‪.‬‬

‫يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﳩ ﳪﱸ‪،‬و ﱹﳮ ﳯﱸ‪،‬‬


‫و َ(أ ْع َطى) و َ(أ ْكدَ ى)‪ ،‬و ﱹﱄ ﱅﱸ طباق إيـجاب‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫بعض ما يستفاد من السورة الكريمة‪:‬‬

‫النبي ‪ ‬معصوم يف أفعاله وأقواله‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫االبتعاد عن الظن‪ ،‬والوهم‪ ،‬واهلوى‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫إثبات رؤية النبي ‪ ‬جلربيل عىل صورته املَ َ‬
‫لكية مرتني‪.‬‬ ‫‪3‬‬
‫تسفيه عقول املرشكني؛ لعبادهتم أسامء ال مسميات هلا يف الواقع‪.‬‬ ‫‪4‬‬
‫جمازاة كل من املحسن وامليسء بعمله‪.‬‬ ‫‪5‬‬
‫النهي عن تزكية املرء نفسه‪.‬‬ ‫‪6‬‬
‫قرب قيام الساعة وخفاؤها عن كل خلق اهلل‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪45‬‬
‫األسئلة‬
‫بم أقسم اهلل تعاىل يف مطلع هذه السورة؟ واين جواب القسم؟ وما‬
‫س‪1‬‬
‫معنى ﱹﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔﱸ؟‬

‫ِلَ ْن الضمري يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﱖﱸ؟ وما معنى ﱹﱗ‬ ‫س‪2‬‬


‫ﱘﱸ؟ وما مظاهر قوته؟ وما معنى ﱹﱜﱸ؟‬

‫وفيم ْن نزل قوله تعاىل‪:‬‬


‫ما املراد بالكبائر‪ ،‬والفواحش‪ ،‬واللمم؟ َ‬ ‫س‪3‬‬
‫ﱹﲱ ﲲ ﲳﱸ؟‬

‫ِّ‬
‫وضح الرس البالغي فيام يأيت‪ :‬‬ ‫س‪4‬‬
‫ )أ(قوله تعاىل ‪ :‬ﱹﱸ ﱹ ﱺ ﱻﱸ ‪.‬‬
‫ )ب(قوله تعاىل ‪ :‬ﱹﳋ ﳌ ﳍ ﳎﱸ‪.‬‬
‫ )ج(قوله تعاىل ‪ :‬ﱹﲵ ﲶ ﲷﱸ‪.‬‬
‫ )د(قوله تعاىل ‪ :‬ﱹﱲ ﱳ ﱴﱸ‪.‬‬

‫ملاذا عرب عن النبي ‪ ‬بلفظ ( صاحبكم )؟‬ ‫س‪5‬‬


‫بني مظاهر العدل اإلهلي يف السورة الكريمة؟‬ ‫س‪6‬‬
‫كيف دلت السورة الكريمة عىل بعض مظاهر قدرته ؟‪  ‬‬ ‫س‪7‬‬
‫اذكر ما يستفاد من السورة الكريمة ؟‬ ‫س‪8‬‬

‫‪46‬‬
‫سورة القمر‬
‫(مكية وهي‪ :‬خمس وخمسون آية)‬

‫ •قرب وقوع الساعة‬


‫ •االتعاظ بهالك المكذبين من األمم السابقة‬
‫ •توبيخ مشركى مكة على عدم االعتبار بهالك السابقين‬
‫ •جزاء المجرمين والمتقين‬

‫‪47‬‬
‫ﱹﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ‬
‫ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ‬
‫ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺﱸ‬

‫قرب وقوع الساعة‪:‬‬

‫ﱹﲞ ﲟﱸ قربت القيامة‪ .‬ﱹﲠ ﲡﱸ نصفني‪ ،‬قال ابن مسعود ‪ :‬رأيت‬


‫ينشق يوم القيامة‪.‬‬
‫حراء بني فلقتي القمر وقيل‪ :‬معناه ُّ‬

‫املروي يف الصحيحني‪ ،‬وال ُيقال‪ :‬لو انشق مل َا َخ ِف َي عىل أهل‬


‫ُّ‬ ‫واجلمهور عىل األول‪ :‬وهو‬
‫ألن ال ِّطباع ُجبِ َل ْت عىل نرش العجائب؛ ألنَّه جيوز أن‬
‫متواترا؛ َّ‬
‫ً‬ ‫األقطار‪ ،‬ولو ظهر عندهم لنقلوه‬
‫حيجبه اهلل عنهم بِ َغ ْي ٍم‪.‬‬

‫ﱹﲣ ﲤﱸ يعني‪ :‬أهل مكة ﱹﲥﱸ تدل عىل صدق حممد ‪ ‬ﱹﲦﱸ عن اإليامن به‪.‬‬
‫حمكم قوي‪ ،‬أو دائم ُم َّط ِرد‪ ،‬أو ٌّ‬
‫مار ذاهب يزول وال يبقي‪.‬ﱹﲫﱸ‬ ‫ٌ‬ ‫ﱹ ﲧ ﲨ ﲩﱸ‬
‫النبي ‪ ‬ﱹﲬ ﲭﱸ وما ز َّين هلم الشيطان ِم ْن َد ْف ِع احلق بعد ظهوره‪.‬ﱹﲯ ﲰﱸ‬
‫كل ما ُقدِّ ر واقع‪ .‬ﱹﲳ ﲴﱸ يعني‪ :‬أهل‬ ‫وعدهم اهلل ﱹﲱﱸ كائن يف وقته‪ ،‬وقيل‪ُّ :‬‬
‫مكة ﱹﲵ ﲶﱸ من القرآن املودع فيه أنباء القرون اخلالية‪ ،‬أو أنباء اآلخرة وما وصف من‬
‫عذاب الكفار ﱹﲷ ﲸ ﲹﱸ ازدجار عن الكفر‪ ،‬تقول‪ :‬زجرته وأزجرته‪ ،‬أي‪ :‬منعته‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫ﱹﲻ ﲼﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ‬
‫ﳊﳋﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉ‬
‫ﱊ ﱋ ﱌﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱸ‬

‫وأصله‪ :‬مزجتر‪ ،‬ولك َّن التاء إذا وقعت بعد زاي ساكنة ُأبدلت ً‬
‫دال؛ َّ‬
‫ألن التاء حرف‬
‫الزاي يف اجلهر‪ .‬ﱹﲻﱸ بدل‬ ‫والزاي حرف جمهور‪ُ ،‬فأبدل من التاء ً‬
‫دال لتوافق َّ‬ ‫مهموس ّ‬
‫مرفوع من ﱹﲷﱸ‪ ،‬أو خرب مبتدأ حمذوف تقديره‪ :‬هو حكمة‪.‬ﱹﲼﱸ هناية الصواب‪ ،‬أو‬
‫بالغة من اهلل إليهم‪.‬‬

‫ﱹﲾ ﲿ ﳀﱸ ﱹﲷﱸ نافية‪ ،‬والنذر مجع نذير‪ ،‬وهم الرسل أو املنذر به‪ ،‬أو النذر‬
‫أن اإلنذار ال يغني فيهم ﱹﳅ ﳆ ﳇﱸ‬ ‫مصدر بمعنى اإلنذار‪ .‬ﱹ ﳂ ﳃﱸ لعلمك َّ‬
‫ألنا‬ ‫ِ‬
‫نُصب ﱹﳅﱸ بيخرجون‪ ،‬أو بإضامر اذكر‪ .‬ﱹﳊﱸ منكر فظيع تنكره النفوس؛ َّ‬
‫مل تعهد بمثله‪ ،‬وهو هول يوم القيامة‪ .‬ﱹﱁﱸ حال من اخلارجني‪ ،‬وهو فعل لألبصار‪ ،‬كام‬
‫يقول‪ :‬خيشع أبصارهم‪ ،‬وجيوز أن يكون يف ﱹﱁ ﱂﱸ ضمري (هم)‪ ،‬وتقع أبصارهم‬
‫ً‬
‫بدل عنه‪ ،‬وخشوع األبصار كناية عن الذلة؛ َّ‬
‫ألن ذلة الذليل وعزة العزيز تظهران يف عيوهنام‪.‬‬
‫ﱹﱃ ﱄ ﱅ ﱸ من القبور ﱹﱆ ﱇ ﱈﱸ يف كثرهتم وتفرقهم يف كل‬
‫والتموج‪ ،‬يقال‪ :‬يف اجليش الكثري املائج بعضه يف بعض‪ :‬جاءوا‬
‫ّ‬ ‫جهة‪ ،‬واجلراد َم َث ٌل يف الكثرة‬
‫كاجلراد‪ .‬ﱹﱊ ﱋ ﱌﱍﱸ مرسعني َما ِّدي أعناقهم إليه ﱹﱎ ﱏ ﱐ ﱑ‬
‫ﱒﱸ صعب شديد‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫ﱹ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝﱞ ﱟ‬
‫ﱠ ﱡ ﱢ ﱣﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ‬
‫ﱬﱭﱮﱯﱰﱱﱲﱳﱴﱵﱶﱷﱸ‬
‫ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁﱸ‬

‫االتعاظ بهالك المكذبين من األمم السابقة‪:‬‬

‫ﱹﱕ ﱖﱸ قبل أهل مكة ﱹﱗ ﱘ ﱙ ﱚﱸ ً‬


‫نوحا ‪.‬‬
‫كذبوه تكذي ًبا عىل عقب تكذيب‪ ،‬كلام مىض منهم قرن‬ ‫ألنم َّ‬‫وتكرار التكذيب؛ َّ‬
‫كذب تبعه قرن مكذب‪ ،‬أو َّ‬
‫كذبت قوم نوح الرسل فكذبوا عبدنا؛ ألنَّه من مجلة الرسل‪.‬‬ ‫ُم ِّ‬
‫ﱹ ﱛ ﱜﱸ أي‪ :‬هو جمنون ﱹﱝﱸ أي‪ُ :‬زجر عن أداء الرسالة بالشتم ُ‬
‫وهدِّ د بالقتل‪،‬‬
‫بأن ﱹﱢ ﱸ غلبني قومي‪ ،‬فلم‬ ‫أو ختبطته اجلن وذهبت بعقله‪ .‬ﱹ ﱟ ﱠ ﱡ ﱸ أي‪ِّ :‬‬
‫ﱸ فانتقم يل منهم بعذاب تبعثه عليهم‪.‬‬ ‫يسمعوا منى‪ ،‬واستحكم اليأس من إجابتهم يل ﱹ‬
‫نصب يف كثرة وتتابع مل ينقطع ﱹﱫ ﱬ ﱭ‬ ‫ﱹﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩﱸ ُم ٍّ‬
‫ﱮ ﱯﱸ أي‪ :‬مياه السامء واألرض ﱹﱰ ﱱ ﱲ ﱳﱸ عىل حال قدَّ رها اهلل كيف‬
‫شاء‪ ،‬أو عىل أمر قد قدِّ ر يف اللوح املحفوظ‪ ،‬وهو هالك قوم نوح بالطوفان‪ .‬ﱹﱵ ﱶ‬
‫ﱷ ﱸ ﱹ ﱸ أراد السفينة‪ ،‬وهي من الصفات التي تقوم مقام املوصوفات فتنوب‬
‫مناهبا وت َُؤ ِّدي ُمؤ َّداها‪ ،‬بحيث ال يفصل بينها‪-‬أي‪ :‬الصفات‪ -‬وبينها‪ -،‬أي‪:‬املوصوفات‪-‬‬
‫رس‪ :‬مجع ِد َسار‪ ،‬وهو املسامر؛ ألنَّه ُيدرس به منفذه‪.‬‬‫وهذا من فصيح الكالم وبديعه ‪ .‬والدُّ ُ‬
‫(‪)1‬‬

‫ﱹﱻ ﱼﱸ بمرأى منَّا‪ ،‬أو بحفظنا‪ ،‬وﱹﱼﱸحال من الضمري يف جتري‪ ،‬أي‪ :‬حمفوظة بنا‪.‬‬
‫مكفورا؛‬
‫ً‬ ‫ﱹﱽﱸ مفعول له‪ ،‬أي‪ :‬فعلنا ذلك جزا ًء ﱹﱾ ﱿ ﲀﱸ هو نوح ‪ ،‬وجعله‬
‫ألَ َّن النبي نعمة من اهلل ورمحة قال اهلل تعاىل‪ :‬ﱹ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﱸ‬
‫نوحا نعمة ومكفورة‪.‬‬ ‫(سورة األنبياء‪ .‬اآلية‪َّ )107 :‬‬
‫فكأن ً‬
‫(‪ )1‬وذلك وفق قوهلم (إذا اشتهرت الصفة ابملوصوف حذف املوصوف وحلت الصفة حمله))‪ ،‬ويف ذلك إجياز‪ ،‬والبالغة اإلجياز‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫ﱹﲂﲃﲄﲅﲆﲇﲈﲉﲊﲋﲌﲍ‬
‫ﲎﲏﲐﲑﲒﲓﲔﲕﲖﲗﲘﲙﲚ‬
‫ﲛﲜﲝﲞﲟﲠﲡﲢﲣﲤﲥﲦﲧ‬
‫ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭﱸ‬

‫ﱹﲂ ﲃﱸ أي‪ :‬السفينة‪ ،‬أو الفعلة‪ ،‬أي‪ :‬جعلناها ﱹﲄﱸ يعترب هبا‪ .‬ﱹﲅ ﲆ‬
‫ﲇﱸ متعظ يتعظ ويعترب‪ ،‬وأصله مذتكر بالذال والتاء‪ُ ،‬فأبدلت التاء ً‬
‫دال‪ ،‬فصارت‬
‫(مذدكر)‪ ،‬والذال والدال من موضع قريب‪ُ ،‬فأدغمت الذال يف الدال‪ .‬ﱹﲉ ﲊ ﲋ‬
‫ﲌﱸ مجع نذير‪ :‬وهو اإلنذار ﱹﲎ ﲏ ﲐ ﲑﱸ َّ‬
‫سهلناه لال ِّدكار واالتعاظ‬
‫ﱹﲒ ﲓ ﲔﱸ متذكر ومتعظ‪ ،‬وقيل‪ :‬ولقد َّ‬
‫سهلناه للحفظ‪ ،‬وأعنَّا عليه َم ْن أراد حفظه‪،‬‬
‫فهل من طالب حلفظه ل ُيعان عليه؟‬

‫ﱹﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛﱸ أي‪ :‬إنذارايت هلم بالعذاب قبل نزوله‪.‬‬


‫ﱹﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡﱸ بار ًدا‪ ،‬أو شديدة الصوت‪.‬‬

‫ﱹﲢ ﲣ ﲤﱸ شؤم ﱹﲥﱸ دائم الرش استمر عليهم حتى أهلكهم‪.‬‬


‫ﱹﲧ ﲨ ﱸ تقلعهم عن أماكنهم‪ ،‬وكانوا َي ْص َط ُّفون ً‬
‫آخذا بعضهم بأيدي بعض ويتداخلون‬
‫يف الشعاب‪ ،‬وحيفرون احلفر فيندسون فيها فتنزعهم وتكبهم وتدق رقاهبم‪ .‬ﱹﲩ ﲪ‬
‫ﲫ ﲬﱸ أصول نخل منقلع عن مغارسه‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫ﱹﲮﲯﲰﲱﲲﲳﲴﲵﲶﲷﲸﲹ‬
‫ﲺﲻﲼﲽﲾﲿﳀﳁﳂﳃﳄﳅﳆ‬
‫ﳇﳈﳉﳊﳋﳌﳍﳎﳏﳐﳑﳒﳓﳔ‬
‫ﳕﳖﳗﳘﳙﳚﳛﳜﳝﳞﳟ‬
‫ﳠ ﳡﱸ‬

‫ﱹ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﱸ‪.‬‬

‫ﱹﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂﱸ انتصب ( َب َ ً‬
‫شا) بفعل يفرسه‬
‫برشا منَّا واحدً ا‪.‬‬
‫ﱹﳃﱸ‪ ،‬تقديره‪ :‬أنتبع ً‬

‫ﱹﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈﱸ كان صالح ‪ ‬يقول‪ :‬إن مل تتبعوين كنتم يف ضالل عن احلق‪،‬‬


‫فعكسوا عليه‪ ،‬فقالوا‪ :‬إن اتبعانك كنا كام تقول‪.‬‬

‫والس ُع ُر‪ :‬اجلنون‪،‬‬


‫ﱹﳈﱸ‪ :‬نريان مجع سعري‪ ،‬وقيل‪ :‬الضالل‪ :‬اخلطأ والبعد عن الصواب‪ُّ ،‬‬
‫إنكارا ألن يتبعوا مثلهم يف اجلنسية‪ ،‬وطلبوا أن يكون من املالئكة‪ ،‬وقالوا‪:‬‬
‫ً‬ ‫وقوهلم‪ :‬ﱹﳒﱸ‬
‫إنكارا ألن تتبع األمة ً‬
‫رجل‬ ‫ً‬ ‫ﱹ ﳁﱸ؛ ألنَّه إذا كان منهم كانت املامثلة أقوى‪ .‬وقالوا‪ :‬ﱹﳂﱸ‬
‫واحدً ا‪ ،‬أو أرادوا واحدً ا ال ُيعرف أصله‪ ،‬ليس من أرشفهم وأفضلهم‪ ،‬ويدل عليه قوله تعاىل‪:‬‬
‫ﱹﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎﱸ أي‪ :‬أأنزل عليه الوحي بيننا‪ ،‬وفينا َم ْن هو َأ َح ُّق منه باالختيار‬
‫للنبوة‪ .‬ﱹﳏ ﳐ ﳑ ﳒﱸ َبطِر متكرب‪ ،‬محله َب َط ُره وطلبه التعظم علينا عىل ا ِّدعاء ذلك‪.‬‬
‫ﱹﳔ ﳕﱸ عند نزول العذاب هبم أو يوم القيامة ﱹﳖ ﳗ ﳘﱸ أصالح أم‬
‫َم ْن ك ََّذبه‪ .‬ﱹﳚ ﳛ ﳜﱸ باعثوها وخمرجوها من اهلضبة كام سألوا ﱹﳝ ﳞﱸ‬
‫امتحانًا هلم وابتالء‪ ،‬وهو مفعول له أو حال‪ .‬ﱹﳟﱸ فانتظرهم وتبرص ما هم صانعون‬
‫ﱹﳠﱸ عىل أذاهم‪ ،‬وال تعجل حتى يأتيك أمري‪.‬‬
‫‪52‬‬
‫ﱹﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ‬
‫ﱏﱐﱑﱒﱓﱔﱕﱖﱗﱘﱙﱚﱛ‬
‫ﱜ ﱝ ﱞﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ‬
‫ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸﱹ‬
‫ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄﱸ‬

‫ﱅﱸ‬
‫ش ُب يوم‪ ،‬وهلم رشب يوم‪ ،‬وقال‪ :‬ﱹ ﱆ‬‫ِ‬
‫ﱅﱸ مقسوم بينهم هلا ْ‬
‫ﱹﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱆ‬
‫تغلي ًبا للعقالء‪ .‬ﱹﱇ ﱈ ﱉﱸ حمضور‪ ،‬حيرض القوم الرشب يو ًما‪ ،‬وحترض الناقة يو ًما‪،‬‬
‫ﱹﱋ ﱌﱸ أشقاهم ﱹﱍﱸ فاجرتأ عىل تعاطي األمر العظيم غري مكرتث له‪.‬‬
‫ﱹﱎﱸ الناقة أو فتعاطى الناقة فعقرها أو فتعاطى السيف‪ ،‬وإنام قال ﱹ ﱾ ﱿﱸ‬
‫(سورة األعراف‪ .‬اآلية‪ )77 :‬يف آية أخرى؛ لرضاهم به‪ ،‬أو ألنَّه عقر بمعونتهم‪ .‬ﱹﱕ ﱖ‬
‫ﱗﱸ يف اليوم الرابع من عقرها ﱹﱘ ﱙﱸ صاح هبم جربيل ‪ ‬ﱹﱚ ﱛ‬
‫ِّ‬
‫املتهشم املتكرس‪ ،‬واملحتظر‪ :‬الذى يعمل اخلطرية‪ ،‬وما‬ ‫ﱜﱸ واهلشيم‪ :‬الشجر اليابس‬
‫حيتظر به ييبس بطول الزمان وتطؤه البهائم‪ ،‬فيتحطم ويتهشم ﱹ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ‬
‫ﱤ ﱸ‪ .‬ﱹﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭﱸ يعني‪ :‬عىل قوم لوط ﱹﱮ ﱸ‬
‫حيا ترميهم باحلصباء‪ ،‬وهي صغار احلجارة‪.‬‬
‫ر ً‬

‫ﱹﱯ ﱰ ﱱﱸ ابنتيه َو َم ْن آمن معه ﱹﱳ ﱴﱸ من األسحار‪ ،‬وهو ما بني آخر‬


‫الليل وطلوع الفجر حيث خيتلط سواد الليل ببياض النهار‪.‬‬

‫ﱹﱶﱸ مفعول له‪ ،‬أي‪ :‬إنعا ًما ﱹﱷ ﱸﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽﱸ نعمة اهلل بإيامنه‬


‫وطاعته‪.‬ﱹﱿ ﲀﱸ لوط ‪ ‬ﱹﲁﱸ أخذتنا بالعذاب ﱹﲂ ﲃﱸ فكذبوا‬
‫بالنذر ُمتَشاكِّني‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪53‬‬
‫ﱹﲅﲆﲇﲈﲉﲊﲋﲌﲍﲎﲏ‬
‫ﲐﲑﲒﲓﲔﲕﲖﲗﲘﲙﲚﲛ‬
‫ﲜﲝﲞﲟﲠﲡﲢﲣﲤﲥﲦﲧﲨﲩ‬
‫ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮﱸ‬

‫ﱹﲅ ﲆ ﲇ ﲈﱸ طلبوا الفاحشة من أضيافه ﱹﲉ ﲊﱸ‬


‫فقلت هلم‬
‫ُ‬ ‫أعميناهم‪ ،‬وقيل‪ :‬مسحناها وجعلناها كسائر الوجه ال يرى له شق ﱹﲋﱸ‬
‫ذوقوا عىل ألسنة املالئكة ﱹﲌ ﲍﱸ‪.‬‬

‫ﱹﲏ ﲐ ﲑ ﱸ أول النهار ﱹﲒ ﲓﱸ ثابت قد استقر عليهم إىل‬


‫أن يفيض هبم إىل عذاب اآلخرة‪ ،‬وفائدة تكرير ﱹﲕ ﲖ ﲗﱸ أن ُيدِّ دوا عند‬
‫تنبها واستيقا ًظا إذا سمعوا‬
‫كارا واتعا ًظا‪ ،‬وأن يستأنفوا ً‬
‫استامع كل نبأ من أنباء األولني ا ِّد ً‬
‫احلث عىل ذلك والبعث عليه ﱹﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟﱸ‪.‬ﱹﲡ ﲢ‬
‫ﲣ ﲤ ﲥﱸ موسى وهارون وغريمها من األنبياء‪ ،‬أو هو مجع نذير‪ :‬وهو اإلنذار‬
‫والسنون‪ ،‬والطمسة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ﱹﲧ ﲨ ﲩﱸ باآليات التسع‪ ،‬وهي‪ :‬العصا‪ ،‬واليد‪،‬‬
‫والقمل والضفادع‪ ،‬والدم ﱹﲪ ﲫ ﲬ ﱸ ال ُي َغا َلب‬
‫ّ‬ ‫والطوفان‪ ،‬واجلراد‪،‬‬
‫ﱹﲭﱸ ال يعجزه يشء‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫ﱹﲯﲰﲱﲲﲳﲴﲵﲶﲷﲸﲹﲺﲻﲼ‬
‫ﲽﲾﲿﳀﳁﳂﳃﳄﳅﳆﳇ‬
‫ﳈﳉﳊﳋﳌﳍﳎﳏﳐﳑﳒﳓﳔﳕ‬
‫ﳖ ﳗ ﳘ ﳙ ﳚ ﳛ ﳜ ﳝ ﳞ ﳟ ﳠﱸ‬

‫توبيخ مشركى مكة على عدم االعتبار بهالك السابقين‪:‬‬

‫ﱹﲯ ﱸ يا أهل مكة ﱹﲰ ﲱ ﲲﱸ الكفار املعدودين‪ :‬قوم نوح‪ ،‬وهود‪،‬‬


‫خري قو ًة ومكان ًة يف الدنيا‪ ،‬أو أقل ً‬
‫كفرا وعنا ًدا؟‬ ‫وصالح‪ ،‬ولوط‪ ،‬وآل فرعون‪ ،‬أي‪ :‬أهم ٌ‬
‫ﱹﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷﱸ أم ُأن ِْز َل ْت عليكم يا أهل مكة براء ٌة يف الكتب املتقدمة‪َّ ،‬‬
‫أن َم ْن‬
‫وكذب الرسل كان آمنًا من عذاب اهلل‪ ،‬فأمنتم بتلك الرباءة ﱹﲹ ﲺ ﲻ‬
‫كفر منكم َّ‬
‫ﲼ ﱸ مجاعة أمرنا جمتمع ﱹﲽﱸ ممتنع‪ ،‬ال نرام وال نضام ﱹﲿ ﳀﱸ مجع أهل‬
‫مكة ﱹﳁ ﳂﱸ أي‪ :‬األدبار‪ ،‬واملعنى‪ :‬ينرصفون منهزمني يوم بدر‪ ،‬وهذه من عالمات‬
‫النبوة‪ .‬ﱹﳄ ﳅ ﳆﱸ موعد عذاهبم بعد بدر ﱹﳇ ﳈﱸ أشدُّ من موقف‬
‫بدر‪ ،‬والداهية‪ :‬األمر املنكر الذي ال هيتدي لدائه ﱹﳉﱸ مذا ًقا من عذاب الدنيا وأشدّ ‪.‬‬

‫جزاء المجرمين والمتقين‪:‬‬

‫ﱹﳋ ﳌ ﳍ ﳎﱸ عن احلق يف الدنيا ﱹﳏﱸ ونريان يف اآلخرة‪ ،‬أو‬


‫يف هالك ونريان‪ .‬ﱹﳑ ﳒ ﳓ ﳔﱸ جيرون فيها ﱹﳕ ﳖﱸ ويقال هلم‪:‬‬
‫ﱹﳗ ﳘ ﳙ ﱸ أي‪ُ :‬يقال هلم‪ :‬ذوقوا آالم سقر‪ ،‬وﱹﳙ ﱸ علم جلهنم ﱹﳛ ﳜ‬
‫ﳝ ﳞ ﳟﱸ ﱹﳜﱸ منصوب بفعل مضمر تقديره‪ :‬خلقنا‪ ،‬وذلك يدل عىل العموم‬
‫واشتامل اخللق عىل مجيع األشياء‪ ،‬وال جيوز أن يكون خلقنا صفة ليشء؛ َّ‬
‫ألن الصفة ال تعمل‬
‫فيام قبل املوصوف‪.‬‬
‫‪55‬‬
‫ﱹﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ‬
‫ﱋﱌﱍﱎﱏﱐﱑﱒﱓﱔﱕﱖ‬
‫ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡﱢ‬
‫ﱣ ﱤ ﱥ ﱦﱸ‬

‫ﱹﱁ ﱂ ﱃ ﱄﱸ إال كلمة واحدة‪ ،‬أي‪ :‬وما أمرنا ليشء نريد تكوينه إال أن نقول له‬
‫كن فيكون‪ .‬ﱹﱅ ﱆﱸ عىل قدر ما يلمح أحدكم ببرصه‪ ،‬وقيل‪ :‬املراد بأمرنا‪ :‬أمر‬
‫القيامة‪ ،‬كقوله‪ :‬ﱹﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥﱸ (سورة النحل‪ .‬اآلية‪.)77 :‬‬

‫ﱹﱈ ﱉ ﱊﱸ أشباهكم يف الكفر من األمم ﱹﱋ ﱌ ﱍﱸ‬


‫متعظ ﱹﱏ ﱐ ﱑﱸ أي‪ :‬أولئك الكفار‪ ،‬أي‪ :‬ﱹﱏ ﱐﱸ مفعول هلم ثابت‬
‫ﱹﱒ ﱓﱸ يف دواوين احلفظة‪ ،‬و ﱹﱑﱸ يف موضوع جر نعت ليشء‪ ،‬و ﱹﱒ ﱓﱸ‬
‫خرب لكل‪ .‬ﱹﱕ ﱖ ﱗﱸ من األعامل ومن كل ما هو كائن ﱹﱘﱸ‬
‫ﱸ وأهنار اكتفى باسم اجلنس‬ ‫مسطور يف ال َّلوح‪ .‬ﱹ‬
‫ﱹ ﱠ ﱡ ﱢﱸ يف مكان مريض‪.‬‬

‫ﱹﱣ ﱤﱸ عندية منزلة وكرامة ﱹﱥﱸ قادر‪ ،‬وفائدة التنكري فيهام أن ُيعلم أنَّه ما‬
‫من يشء إال هو حتت ملكه وقدرته‪ ،‬وهو عىل كل يشء قدير‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫من األسرار البالغية‪:‬‬

‫ألن خشوع األبصار‬ ‫يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﱁ ﱂﱸ كناية؛ َّ‬


‫كناية عن الذلة‪ ،‬وذلك َّ‬
‫ألن ذلة الذليل‪ ،‬وعزة العزيز إ َّنام‬
‫تظهران يف عيوهنام‪.‬‬

‫يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ‬


‫شبههم باجلراد‬
‫ﱈﱸ تشبيه مرسل مفصل؛ حيث َّ‬
‫املنترش‪ ،‬يف الكثرة والتموج واالنتشار يف األقطار‪.‬‬

‫يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩﱸ‬


‫شبه تدفق املطر من السحاب بانصباب‬
‫استعارة متثيلية‪َّ ،‬‬
‫أهنا ٍر انفتحت هبا أبواب السامء‪.‬‬

‫يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹﱸ كناية عن‬


‫موصوف وهو السفينة‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫من األسرار البالغية‪:‬‬

‫يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﲉ ﲊ ﲋ ﲌﱸ استفهام‬


‫تعظيم وتعجب‪.‬‬

‫يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﲩ ﲪ ﲫ ﲬﱸ تشبيه مرسل‬


‫حيث ُش ِّبهوا بأعجاز النخل‪ ،‬وهي أصوهلا بال فروع؛ ألن‬
‫الريح كانت تقلع رؤوسهم قتبقي أجسا ًدا وجث ًثا بال رؤوس‪،‬‬
‫وزاد التشبيه حسنًا‪ ،‬أهنم كانوا ذوي جثث عظام طوال‪.‬‬

‫يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﱚ ﱛ ﱜﱸ تشبيه مرسل؛‬


‫شبههم بالشجر اليابس الذي جيمعه صاحب‬
‫حيث َّ‬
‫احلظرية ملاشيته‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫بعض ما يستفاد من السورة الكريمة‪:‬‬

‫اإلخبار بقرب جميء الساعة‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫عدم جدوى ال ُّنذر ِل ْن يتبع هواه‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫توبيخ املرشكني عىل ما هم فيه من الغفلة وعدم االعتبار هبالك السابقني‪.‬‬ ‫‪3‬‬
‫فضل اهلل عىل هذه األمة بتسهيل القرآن للحفظ والتذكر‪.‬‬ ‫‪4‬‬
‫تقرير ربوبية اهلل تعاىل وألوهيته بإرسال الرسل‪ ،‬واألخذ للظلمة الكافرين‬
‫بأشد أنواع العقوبات‪.‬‬ ‫‪5‬‬
‫كل ما يف الوجود بقدرة اهلل وإرادته ويسري وفق قضائه وقدره‪.‬‬ ‫‪6‬‬
‫كل أعامل املرء يف كتاب قد خطه الكرام الكاتبون‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪59‬‬
‫األسئلة‬
‫ما الـمراد بقوله تعاىل‪ :‬ﱹﲞ ﲟﱸ؟ وما معنى ﱹﲠ ﲡﱸ؟‬ ‫س‪1‬‬
‫وما إعراب‪ :‬ﱹﲻﱸ؟ وما معنى ﱹﲼ ﲽﱸ؟‬

‫ما معنى ﱹﱩﱸ؟ وما الـمراد باملاء؟ وما معنى ﱹﱹﲀﱸ؟ و َم ْن‬ ‫س‪2‬‬
‫مكفورا؟‬
‫ً‬ ‫املكفور؟ ولـمـاذا جعل‬

‫َم ْن الـمراد بآل لوط؟ وما إعراب نعمة؟ وما فائدة تكرير قوله تعاىل‪:‬‬ ‫س‪3‬‬
‫ﱹﲋ ﲌ ﲍﱸ؟ و َم ْن املراد باجلمع يف قوله تعاىل‪:‬‬
‫ﱹﲿ ﳀﱸ؟‬

‫ِّ‬
‫وضح الرس البالغي فيمـا يأيت‪:‬‬ ‫س‪4‬‬
‫ )أ(قوله تعاىل‪ :‬ﱹﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈﱸ‪٠‬‬

‫ )ب(قوله تعاىل‪ :‬ﱹﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩﱸ‪٠‬‬

‫ )ج(قوله تعاىل‪:‬ﱹﲩ ﲪ ﲫ ﲬﱸ‪٠‬‬

‫ )د(قوله تعاىل‪:‬ﱹﱚ ﱛ ﱜﱸ‪٠‬‬

‫ما احلكمة من ذكر هالك املرشكني السابقني؟‬ ‫س‪5‬‬


‫اذكر ما يستفاد من السورة الكريمة‪.‬‬ ‫س‪6‬‬

‫‪60‬‬
‫سورة الرحمن‬
‫(مدنية وهي‪ :‬ثمان وسبعون آية)‬

‫ •من نعم الله على خلقه‬


‫ •من دالئل قدرته تعالى‬
‫ •أهوال يوم القيامة‬
‫ •فضل الخائفين من الله وجزاؤهم‬

‫‪61‬‬
‫ﱹﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱﱸ‬

‫من ِن َع ِم هللا على َخلْقه‪:‬‬


‫ْ‬

‫ﱹﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱﱸ أي‪ :‬اجلنس‪ ،‬أو آدم‪،‬‬


‫أو حممدً ا‪ ،‬عليهام الصالة والسالم‪.‬‬

‫أسبق آالئه ِقدَ ًما‪ ،‬وهي نِعم ُة‬ ‫ﱹﱯ ﱰﱸ عدّ د اهلل عز وجل آال َءه‪ ،‬فقدَّ م يف ِّ‬
‫الذكْر َ‬
‫الدِّ ين‪ ،‬وقدَّ م من نِعمة الدَّ ين ما هو يف أعىل مراتبها‪ ،‬وهو إنعامه عىل اخلَ ْل ِق بالقرآن‪ ،‬وتنزيله‪،‬‬
‫ِ‬
‫وحي اهلل رتب ًة‪ ،‬وأعاله منزل ًة‪ ،‬وهو سنا ُم ال ُكتُب َّ‬
‫السامو َّية‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫أعظم‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫القرآن‬ ‫وتعليمه؛ َّ‬
‫ألن‬
‫ِ‬
‫ومصدا ُقها‪ ،‬واملـــ َ‬
‫ُــهيم ُن عليها‪.‬‬

‫وأخر ِذك َْر َخ ْل ِق اإلنسان عن ِذك ِْر القرآن فقال‪ :‬ﱹﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮﱸ؛‬ ‫َّ‬
‫ُ‬
‫اإلنسان عن سائر‬ ‫وح َي اهلل وكتبه‪ُ .‬ث َّم َذك ََر ما َت َ َّيز به‬ ‫ِ‬
‫اإلنسان أنَّه ُخلق للدِّ ين‪ ،‬فيتع َّل َم ْ‬
‫ُ‬ ‫لِ َيع َلم‬
‫الضمري‪.‬‬ ‫احليوان وهو نعمة ال َب َيان‪ ،‬ومعناه‪ :‬ا َْلنْطِق الفصيح املــُ ْع ِر ُب َع َّم يف َّ‬

‫و ﱹﱧﱸ مبتد ٌأ‪ ،‬وهذه األفعال املذكورة يف قوله ﱹﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ‬


‫أخبار مرتادف ٌة هلذا املبتدأ‪ ،‬وجمي ُئها من غري حرف ال َع ْطف؛ لِورودها‬ ‫ٌ‬ ‫ﱯ ﱰﱸ مع ضامئرها‬
‫فقر‪َ ،‬أ َّ‬
‫عز َك بعد ُذ ٍّل‪َ ،‬ك َّث َر َك بعد‬ ‫عىل ن ِ‬
‫َمط التَّعديد ‪ -‬كأنَّك ُت َعدِّ ُد شيئا ‪ -‬كام تقول‪ :‬زيدٌ أغناك بعد ٍ‬
‫أح ٍد‪ ،‬فام ُتن ِْك ُر من إحسانه؟!‬ ‫ِق َّل ٍة‪َ ،‬ف َع َل بك ما مل ْ‬
‫يفعل أحدٌ بِ َ‬

‫‪62‬‬
‫ﱹﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱸ‬

‫ناز ِلام‪،‬‬
‫روجهام و َم ِ‬‫وتقدير س ٍو ٍّي جيريان يف ُب ِ‬
‫ٍ َ‬ ‫ٍ‬
‫بحساب معلو ٍم‪،‬‬ ‫ﱹﱲ ﱳ ﱴﱸ‬
‫ِ‬
‫نج ُم ‪ -‬أي‪:‬‬ ‫السنني واحلساب ﱹﱶﱸ النَّبات الذي َي ُ‬ ‫منافع للنّاس‪ ،‬منها ع ْل ُم ِّ‬
‫ُ‬ ‫ويف ذلك‬
‫ساق‪ ،‬وقيل‪ :‬الن َّْج ُم‪ :‬نجو ُم‬ ‫َينْ ُب ُت ‪ -‬من األرض ال ساق له؛ كال ُب ُقول ﱹﱷﱸ الذي له ٌ‬
‫اج ِد من املــُك َّلفني يف‬
‫تشبيها بالس ِ‬
‫َّ‬ ‫ً‬ ‫السامء ﱹﱸﱸ ينقادان هلل تعاىل فيها ُخ ِل َقا من أجله‪،‬‬
‫انقياده هلل تعاىل‪.‬‬

‫وصح إعراهبام خربان عن املبتدأ‪ ،‬وهو قوله‬


‫َّ‬ ‫واتصلت هاتان اجلملتان بـ ﱹﱧﱸ‪،‬‬
‫الرابط ا َّللفظي بني املبتدأ واخلرب‪ ،‬وذلك لوجود َ‬
‫الو ْصل‬ ‫الرغم من عدم وجود َّ‬ ‫ﱹﱧﱸ‪ ،‬عىل َّ‬
‫والسجو َد ال يكون َّإل له‪ ،‬كأنَّه قيل‪ :‬ﱹﱲ ﱳﱸ‬ ‫حل ْس َبان ُح ْس َبانُه‪ُّ ،‬‬ ‫املعنوي؛ َلِا ُع ِل َم َّ‬
‫أن ا ُ‬
‫بحس َبانِه ﱹﱶ ﱷ ﱸﱸ له‪ ،‬وبذلك تعدد اخلرب للمبتدأ «الرمحن»‪.‬‬ ‫ُ‬

‫جل َم َل األُ َول‬ ‫جل َمل الثالثة األُ َول‪ُ ،‬ث َّم ُذ ِك َر به بعد ذلك؛ َّ‬
‫ألن ا ُ‬ ‫حرف العطف يف ا ُ‬ ‫ُ‬ ‫ومل ُي ْذكر‬
‫َو َر َد ْت عىل سبيل التَّعديد تبكيتًا لِ ْن َأنْكر نعم اهلل‪.‬‬

‫وص ُل ُه؛ رعاية للتَّناسب‬


‫فو َص َل ما جيب ْ‬ ‫ثم جاء الكال ُم بعد هذا التَّبكيت بحرف العطف‪َ ،‬‬
‫الشمس والقمر‬ ‫والش َجر َأ ْر ِض َّيان‪ُ ،‬ث َّم َّ‬
‫إن َّ‬ ‫َّجم َّ‬ ‫من حيث التَّقابل‪َّ ،‬‬
‫فالشمس والقمر سامو َّيان‪ ،‬والن ُ‬
‫ناسب لسجود النَّجم َّ‬
‫والشجر‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ُمنْقادان يف جرهيام بحسبان ألمر اهلل‪ ،‬وهذا ُم‬

‫‪63‬‬
‫ﱹﱺﱻﱼﱽﱾﱿﲀﲁﲂﲃﲄﲅ‬
‫ﲆﲇﲈﲉﲊﲋﲌﲍﲎﲏﲐ‬
‫ﲑﲒﲓﲔﱸ‬

‫صدر قضاياه‪ ،‬و َم ْسك َن‬


‫ْشأ أحكامه‪ ،‬و َم َ‬ ‫ﱹﱺ ﱻﱸ خلقها مرفوع ًة‪ ،‬وجعلها َمن َ‬
‫وسل َطانه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بالوحي عىل أنبيائه‪ ،‬ون َّبه بذلك عىل كربياء شأنه‪ ،‬و ُملكه‪ُ ،‬‬
‫ِّ‬ ‫مالئكته الذين هيبطون‬

‫ٍ‬
‫ومكيال‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫ميزان‪،‬‬ ‫مقاديرها‪ ،‬من‬ ‫ﱹﱼ ﱽﱸ وهو‪ :‬ك ُُّل ما تُوزن به األشياء‪ ،‬و ُت ْع َر ُ‬
‫ف‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫ومقياس‪ ،‬أي‪َ :‬خ َل َقه موضو ًعا عىل األرض؛ حيث ع َّلق به أحكام عباده من التَّسوية‪ ،‬والتَّعديل‬
‫وإعطائهم ﱹﱿ ﲀ ﲁ ﲂﱸ أي لـ ﱹﱿ ﲀﱸ فهي مجلة تعليلية لقوله‬ ‫ِ‬ ‫يف َأ ْخ ِذهم‬
‫ﱹﱼ ﱽﱸ أو‪ :‬هي َأ ْن املـــُ َف ِّسة‪ ،‬بمعنى‪ :‬أي‪.‬‬

‫ﱹﲄ ﲅ ﲆﱸ َق ِّو ُموا َوزنَكم بالعدل ﱹﲇ ﲈ ﲉﱸ وال‬


‫ُتنْقصوه‪َ ،‬أ َم َر بالتَّسوية وهنى عن ال ُطغيان الذي هو اعتدا ٌء وزيادةٌ‪ ،‬وهنى عن اخلُ ْ َ‬
‫سان الذي هو‬
‫ِّ‬
‫واحلث عليه‪.‬‬ ‫وكرر لفظ امليزان؛ تشديدً ا للتَّوصية به‪ ،‬وتقوي ًة لألمر باستعامله‬
‫فيف و ُن ْق َصان‪َّ ،‬‬
‫َت ْط ٌ‬

‫للخ ْل ِق‪ ،‬وهو ك ُُّل ما عىل ظهر‬


‫ﱹﲋ ﲌﱸ َخ َف َضها مبسوط ًة مستوية ﱹﲍﱸ َ‬
‫اإلنس واجل ُّن‪ ،‬فهي كالبِساط هلم َّ‬
‫يترصفون فو َقها‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫األرض من دا َّبة‪ ،‬وعن احلسن رمحه اهلل‪:‬‬

‫وب ِمَّا ُي َت َفكَّه بِه‪ ،‬ﱹﲑ ﲒ ﲓﱸ هي أوعية الت َّْمر‪،‬‬ ‫ﱹﲏ ﲐﱸ ُض ٌ‬


‫مفردها‪ِ :‬ك ٌّم بِكرس الكاف‪ ،‬أو‪ :‬هو ك ُُّل ما َيك ُُّم‪ ،‬أي‪ُ :‬يغطي ِمن لِ ِيفه‪َ ،‬و َسعفه وغري ذلك‪ ،‬و ُك ُّله‬
‫نتفع به كام ُينت َف ُع با َملك ُْموم ِم ْن ثمره‪ ،‬وجذوعه‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬
‫ُم ٌ‬

‫‪64‬‬
‫ﱹﲕﲖﲗﲘﲙﲚﲛﲜﲝﲞﱸ‬

‫الزر ِع أو ال ِّت ْب ُن الذي ُيقدَّ م َع َل ًفا للامشية‪ .‬ﱹﲘﱸ‬ ‫ﱹﲕ ﲖ ﲗﱸ هو ورق َّ‬
‫َّلذ ِذ والتَّغذي‬
‫أن األرض فيها ما ُيت َل َّذ ُذ به من الفواكه‪ ،‬وفيها اجلامع بني الت ُّ‬ ‫الرزق وهو ا ُّل ُّ‬
‫لب‪ ،‬أراد َّ‬ ‫ِّ‬
‫ب‪.‬‬
‫حل ُّ‬
‫َغذى به فقط وهو ا َ‬ ‫وهو ثمر الن َّْخل‪ ،‬وفيها ما ُيت َّ‬

‫ف‬‫باجلر‪ ،‬أي‪ :‬ﱹﲕ ﲖ ﲗﱸ الذي هو َع َل ُ‬ ‫ِّ‬ ‫وقرأ محزة والكسائي ﱹﲘﱸ‬


‫اصم‬ ‫األنعام ﱹﲘﱸ الذي هو م ْطعم األنَام‪ .‬وقرأ ابن كثري‪ ،‬ونَافِع‪ ،‬و َأبو َعمرو‪ ،‬و َع ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫فح ِذف ا ُملضاف ذو و ُأ ِقيم املضاف إليه‬ ‫َّ ۡ َ‬
‫بالرفع عىل تقدير ذو أي‪ :‬ﱹوﱸ ذو ﱹٱلريحانُﱸ ُ‬ ‫َّ‬
‫َّ ۡ َ‬ ‫َّ ۡ َ‬
‫أيضا معناه‪ :‬ﱹوﱸ فيها ﱹٱلريحانُﱸ الذي ُي ُّ‬
‫شم‪.‬‬ ‫الرفع ً‬ ‫ﱹٱلريحانُﱸ مقامه‪ ،‬وقيل‪ :‬عىل قراءة َّ‬
‫وإل ﱹﲜ ﲝﱸ اخلطاب‬ ‫ﱹﲚ ﲛﱸ أي‪ :‬النِّ َعم ِمَّا عدَّ َد ِم ْن َّأول السورة‪ ،‬مجع َأ ْل‪ْ ،‬‬
‫لل َّثقلني اإلنس واجل ّن‪ ،‬بداللة األنَام عليهام‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫ﱹﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ‬
‫ﲬﲭﲮﲯﲰﲱﲲﲳﲴﲵﲶ‬
‫ﲷﲸﲹﲺﱸ‬

‫من دالئل قدرته تعالى‪:‬‬

‫ٍ‬
‫يابس له َص ْل َصلة ﱹﲣﱸ أي‪ :‬ال ِّطني املطبوخ‬ ‫ﱹﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﱸ ٍ‬
‫طني‬
‫بالنَّار‪ ،‬وهو اخلَ َزف‪ ،‬وال تعارض بني هذا وبني قوله‪ :‬ﱹﲢ ﲣ ﲤﱸ (سورة احلجر‪.‬‬
‫اآلية‪ ،) 26 :‬وقوله ﱹﲅ ﲆ ﲇﱸ (سورة الصافات‪ .‬اآلية‪ ،)11 :‬وقوله ﱹﲟ ﲠﱸ‬
‫(سورة آل عمران‪ .‬اآلية‪ )59 :‬ال تفاقها مجي ًعا يف املعنى؛ ألنَّه ُيفيد‪ :‬أنَّه خلقه من ٍ‬
‫تراب‪ُ ،‬ث َّم جعله‬
‫ً‬
‫صلصال‪ ،‬فال تعارض بينها‪.‬‬ ‫طينًا‪ُ ،‬ث َّم ً‬
‫محأ مسنونًا‪ُ ،‬ث َّم‬

‫ﱹﲥ ﲦﱸ أبا اجل ِّن ﱹﲧ ﲨﱸ هو ا َّللهب الصايف الذي ال ُد َخ َ‬


‫ان فيه‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫ُختلط بسواد النَّار‪ِ ،‬م ْن َم َر َج اليش ُء‪ :‬إذا اضطرب واختلط ﱹﲩ ﲪﱸ هو بيان‬
‫ا َّللهب املـــ ِ‬

‫اف ﱹﲩ ﲪﱸ خمصوصة كقوله‪ :‬ﱹﯮ ﯯ ﯰﱸ‬ ‫لـ ﱹﲨﱸ كأنَّه قيل‪ِ :‬من ص ٍ‬
‫ْ َ‬
‫(سورة الليل‪ .‬اآلية‪ )14 :‬ﱹﲬ ﲭ ﲮ ﲯﱸ‪.‬‬

‫ﱹﲱ ﲲ ﲳ ﲴﱸ أراد مرشقي َّ‬


‫الشمس يف الصيف والشتاء‪ ،‬ومغريب‬
‫الشمس فيهام(‪ )1‬ﱹﲬ ﲭ ﲮ ﲯﱸ‪.‬‬
‫َّ‬

‫(‪ )1‬وقيل‪ :‬مشرقي يف الشمس والقمر ومغريبهما‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫ﱹﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊﱋﱌﱍ‬
‫ﱎﱏﱐﱑﱒﱓﱔﱕﱖﱗﱘﱸ‬

‫متجاورين مت ِ‬
‫َالق َي ْي‪،‬‬ ‫َِْ ُ‬ ‫ﱹﱁ ﱂ ﱃﱸ أي‪ :‬أرسل البحر املــِ ْل َح والبحر ال َع ْذ َب‬
‫حاجز من قدرة اهلل تعاىل ﱹﱇ ﱈﱸ‬
‫ٌ‬ ‫ال َف ْص َل بني املاءين يف مرأى العني ﱹﱅ ﱆﱸ‬
‫ال يبغي أحدُ مها عىل اآلخر باملــ َُمزجة‪ ،‬وال يتجاوز َحدَّ ه ﱹﲬ ﲭ ﲮ ﲯﱸ‬
‫ﱹﱏ ﱐ ﱑﱸ ِكبار الدُّ ِّر ﱹﱒﱸ ِصغاره‪ ،‬وإنَّام قال ﱹﱐﱸ واللؤلؤ واملرجان‬
‫ِ‬
‫إنّام َيرجان من امل ْلح فقط؛ َّ‬
‫ألنام ملــَّا التقيا وصارا كاليشء الواحد جاز ْ‬
‫أن ُيقال‪ :‬خيرجان منهام‪،‬‬
‫كام ُيقال‪ :‬خيرجان من البحر‪ ،‬وال خيرجان من مجيع البحر ولك ْن ِم ْن بعضه‪ ،‬وتقول‪ :‬خرجت من‬
‫البلد‪ ،‬وإنام خرجت من مكان فيها ﱹﲬ ﲭ ﲮ ﲯﱸ‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫ﱹ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ‬
‫ﱦﱧﱨﱩﱪﱫﱬﱭﱮﱯﱰﱱﱲﱳ‬
‫ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁﱸ‬

‫الشع‪.‬‬
‫املرفوعات ُّ َّ‬
‫ُ‬ ‫الس ُفن‪،‬مجع‪ :‬جارية ﱹﱛﱸ‬ ‫ﱹﱙﱸ وللَّ ﱹﱚﱸ ُّ‬
‫الشوع‪ ،‬أو الاليت‬
‫افعات ُّ‬ ‫الر‬ ‫ِ‬
‫(املنشئات) بكرس ِّ‬
‫ُ‬ ‫الشني أي‪َّ :‬‬ ‫ﱸ وقرأ محزة‬ ‫ﱹ‬
‫ﱸ مجع َع َلم‪ ،‬وهو اجلبل الطويلﱹﲬ ﲭ‬ ‫األمواج بجرهين ﱹ‬
‫َ‬ ‫ُين ِْش ْئ َن‬
‫ﲮ ﲯﱸ‪.‬‬

‫ﱹﱥ ﱦ ﱧﱸ عىل األرض ﱹﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬﱸ ذاتُه ﱹﱭ ﱮﱸ ذو‬


‫العظمة والسلطان‪ ،‬و ﱹﱭ ﱮﱸ صفة الوجه ﱹﱯﱸ بالتجاوز واإلحسان‪ ،‬وهذه‬
‫الصفة من عظيم صفات اهلل‪ ،‬ويف احلديث قال النبي ‪� :‬ألِ ُّظوا بـ (يا ذا اجلالل واإلكرام) �(‪،)1‬‬
‫ومعنى � َألِ ُّظوا� أي‪ :‬الزموا هذه الدَّ عوة وداوموا عليها‪.‬‬

‫ُجيب‬
‫است َ‬ ‫مر برجل وهو يصيل‪ ،‬ويقول‪ :‬يا ذا اجلالل واإلكرام‪ ،‬فقال‪� :‬قد ْ‬ ‫وروى أنَّه ‪َّ ‬‬
‫لك�(‪ )2‬ﱹﲬ ﲭ ﲮ ﲯﱸ‪ ،‬والنِّعمة يف الفناء باعتبار َّ‬
‫أن املؤمنني َي ِصلون به‬
‫املوت فهو الذي يقرب احلبيب إىل احلبيب‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫إىل النَّعيم الدَّ ائم يف اجلنَّة‪ ،‬قال حييي بن معاذ‪ :‬ح َّب َذا‬
‫ﱹﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺﱻ ﱸك ُُّل أهل الساموات واألرض ُمفتقرون إليه‪ ،‬فيسأله أهل‬
‫الساموات ما يتعلق بدينهم‪ ،‬ويسأله أهل األرض ما يتعلق بدينهم ودنياهم‪.‬‬

‫ث‬‫ي ِد ُ‬ ‫ٍ‬
‫وحني ُ ْ‬
‫دل عليه قوله‪ :‬ﱹﱾ ﱿ ﲀﱸ أي‪ :‬ك َُّل ٍ‬
‫وقت‬ ‫ب ﱹﱼ ﱽﱸ ظر ًفا ملا َّ‬ ‫و ُين َْص ُ‬
‫أهوال‪ ،‬كام روي أ َّنه ﷺ ت ََلها‪ ،‬فقيل له‪ :‬وما ذلك الشأن؟ فقال‪ِ :‬‬
‫�م ْن َشأنه ْ‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ويدِّ ُد‬
‫مورا‪َ ُ ،‬‬ ‫ُأ ً‬
‫ويرفع قو ًما‪ ،‬ويضع آخرين�(‪. )3‬‬ ‫َ‬ ‫يغفر ذن ًبا‪ ،‬وي َف ِّر َج ك َْر ًبا‪،‬‬
‫(‪ ) 1‬رواه الرتمذي بسند صحيح‪.‬‬
‫(‪ )2‬رواه أمحد وغريه بسند حسن‪.‬‬
‫(‪ )3‬رواه ابن ماجه وغريه بسند حسن‪.‬‬
‫‪68‬‬
‫ﱹﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ‬
‫ﲎﲏﲐﲑﲒﲓﲔﲕﲖﲗﲘﲙ‬
‫ﲚ ﲛ ﲜﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﱸ‬

‫مستعار من قول الرجل ملن َيت ََهدَّ َده‪:‬‬


‫ٌ‬ ‫ﱹﲂ ﲃ ﲄ ﲅﱸ ﱹﲇ ﲈﱸ‬
‫سأفرغ لك‪ ،‬يريد‪ :‬سأترك لإليقاع بك كل ما َيشغلني عنك‪ ،‬واملراد‪ :‬التَّفرغ للنَكاية به‪،‬‬
‫ُ‬
‫واالنتقام منه‪.‬‬

‫وجيوز أن ُيراد‪ :‬ستنتهي الدنيا وتبلغ آخرها‪ ،‬وتنتهي عند ذلك شؤون اخلَ ْلق التي أرادها‬
‫بقوله‪ :‬ﱹﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀﱸ‪ ،‬فال يبقى إال ٌ‬
‫شأن واحدٌ وهو جزاؤكم‪ ،‬فجعل ذلك فرا ًغا هلم‬
‫عىل طريق املــَــ َثل‪.‬‬

‫ألنام َث َّقال األرض ﱹﲂ ﲃ‬


‫ﱹﲉ ﲊﱸ اإلنس واجل ُّن ُس ِّميا بذلك؛ َّ‬
‫ﲄ ﲅﱸ‪.‬‬

‫كالتمجة لقوله ﱹﲉ ﲊﱸ ﱹﲔ ﲕ ﲖ‬ ‫ﱹﲑ ﲒ ﲓﱸ هو َّ‬


‫أن خترجوا من جوانب‬ ‫ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜﲝﱸ أي‪ :‬إِ ْن قدرتم ْ‬
‫الساموات واألرض هر ًبا من قضائي فاخرجوا‪ُ ،‬ث َّم قال‪ :‬ﱹﲞ ﲟﱸ ال ت ْق ِدرون عىل النُّ ُفوذ‬
‫ٍ‬
‫وغلبة‪ ،‬وأنَّى لكم ذلك؟‬ ‫ٍ‬
‫وقهر‪،‬‬ ‫ﱹﲠ ﲡﱸ ٍ‬
‫بقوة‪،‬‬

‫وقيل‪َ :‬د َّلم عىل العجز عن َّ‬


‫قوهتم للحساب غدً ا بالعجز عن نُفوذ األقطار اليوم‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫ﱹﲣﲤﲥﲦﲧﲨﲩﲪﲫﲬﲭﲮ‬
‫ﲯﲰﲱﲲﲳﲴﲵﱸ‬

‫وقيل‪ُ :‬يقال هلم هذا يوم القيامة حني تنظر إليهم املالئكة‪ ،‬فإذا رآهم اجل ُّن واإلن ُْس هربوا‪،‬‬
‫وجها َّإل وجدوا املالئكة أحاطت به ﱹﲣ ﲤ ﲥ ﲦﱸ‪.‬‬
‫فال يأتون ً‬

‫ﱹﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬﱸ ا ّللهب اخلالص ﱹﲭﱸ أي‪ :‬دخان‪ ،‬واملعنى‪:‬‬


‫ِ‬
‫ليسو َقكم إىل املحرش‬ ‫ٌ‬
‫ودخان ُ‬ ‫ص من النَّار‪،‬‬ ‫رس ُل عليكام َل ٌ‬
‫ب خال ٌ‬ ‫إذا حرجتم من قبوركم ُي َ‬
‫ﱹﲮ ﲯﱸ فال ُتْنعان منهام ﱹﲱ ﲲ ﲳ ﲴﱸ‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫ﱹﲶﲷﲸﲹﲺﲻﲼﲽﲾﲿ‬
‫ﳀﳁﳂﳃﳄﳅﳆ ﳇﳈﳉﳊﳋﳌ‬
‫ﳍﳎﳏﳐﳑﳒﳓﳔﳕﳖ‬
‫ﱁﱂﱃﱄﱅﱸ‬

‫أهوال يوم القيامة‪:‬‬

‫الساعة ﱹﲹ ﲺﱸ‬ ‫ْفك بعضها من بعض لقيام َّ‬ ‫ﱹﲶ ﲷ ﲸﱸ ان َّ‬


‫فصارت َك َلون الورد األمحر‪ ،‬وقيل‪ :‬أصل لون السامء احلمرة ولكن ِمن ب ِ‬
‫عدها تُرى زرقاء‬ ‫ْ ْ ُ‬ ‫ُْ‬
‫ِ‬ ‫ﱹﲻﱸ ك َِدهن َّ‬
‫ديم األمحر ﱹﲽ ﲾ‬ ‫مجع د ْهن‪ ،‬وقيل‪( :‬الدِّ هان) األَ ُ‬
‫الزيت‪ ،‬وهو ُ‬
‫ﲿ ﳀﱸ‪.‬‬

‫السامء ﱹﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉﱸ أي‪ :‬وال‬ ‫َنشق َّ‬


‫ﱹﳂﱸ أي‪ :‬فيو َم ت ُّ‬
‫موضع ِ‬
‫اجل ِّن؛ كام يقال‪ :‬هاشم‪ ،‬ويراد ولده‪ ،‬والتقدير‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫اجلآن الذي هو أبو اجل ِّن‬ ‫ِج ٌّن‪ ،‬فوضع‬
‫اجلان عن ذنبه‪ ،‬والتَّوفيق بني هذه اآلية وبني قوله‪ :‬ﱹﱆ ﱇ‬
‫ُّ‬ ‫إنس وال‬
‫ال ُيسأل ٌ‬
‫ﱈﱸ (سورة احلجر‪ .‬اآلية‪ ) 92 :‬وقوله‪ :‬ﱹﳕﳖ ﳗ ﳘﱸ (سورة الصافات‪.‬‬
‫اآلية‪َّ )24 :‬‬
‫أن يوم القيامة يو ٌم طويل وفيه مواطن كثرية‪ ،‬ف ُيسألون يف موطن وال ُيسألون يف‬
‫آخر‪ ،‬وقال َقتَادة‪ :‬قد كانت هناك مسأل ٌة‪ُ ،‬ث َّم ُختم عىل أفواه القوم‪ ،‬و َت َك َّلمت أيدهيم وأرجلهم‬
‫سؤال توبيخ‬ ‫َ‬ ‫سؤال ِع ْل ٍم‪ ،‬ولكن ُي ْسأل‬
‫َ‬ ‫بام كانوا يعملون‪ .‬وقيل‪ :‬ﱹﳃ ﳄ ﳅ ﳆﱸ‬
‫وز ْر َق ِة‬
‫جوه ِهم‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫بسواد و ِ‬ ‫ﱹﲽ ﲾ ﲿ ﳀﱸ ﱹﳐ ﳑ ﳒﱸ‬
‫يونم ﱹﳓ ﳔ ﳕﱸ أي‪ :‬يؤخذ تار ًة بالنوايص وهي ُمقدِّ مة الرؤوس‪ ،‬وتار ًة‬ ‫ُع ِ‬

‫باألقدام ﱹﲽ ﲾ ﲿ ﳀﱸ‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫ﱹﱆﱇﱈﱉﱊﱋﱌﱍﱎﱏﱐﱑ‬
‫ﱒﱓﱔﱕﱖﱗﱸ‬

‫ﱹﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑﱸ ما ٌء ٌّ‬
‫حار‬
‫حل ِميم ﱹﲽ ﲾ ﲿ‬ ‫شب ا َ‬
‫عاقب عليهم بني التَّصلية بالنَّار‪ ،‬وبني ُ ْ‬
‫قد انتهى َح ُّره‪ ،‬أي ُي ُ‬
‫ﳀﱸ والنَّعمة يف هذا‪ :‬نجاة النَّاجي من هذا العذاب بفضله ورمحته‪ ،‬وتنبيهه عىل عدم‬
‫فعل ما يؤ ِّدي إليه‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫ﱹﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡﱢ ﱣ‬
‫ﱤﱥﱦﱧﱨﱩﱪﱫﱬﱭﱮﱯﱰ‬
‫ﱱﱲﱳﱴﱵﱶﱷﱸﱹﱺﱻﱼﱽﱾ‬
‫ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﱸ‬

‫فضل الخائفين من هللا وجزاؤهم‪:‬‬

‫ﱹﱘ ﱙ ﱚ ﱛﱸ ِ‬
‫موق َفه الذي َيقف فيه العباد للحساب يوم القيامة‪َ ،‬‬
‫فتك‬
‫الذئب‪،‬‬‫يت عنه مقا َم ِّ‬‫املعايص‪ ،‬أو‪ :‬أ َّدى الفرائض‪ ،‬وقيل‪ :‬املعنى‪ :‬خاف ر َّبه‪ ،‬كام يقال‪َ :‬ن ْف ُ‬
‫ألن اخلطاب لل َّثقلني‪ ،‬وكأنّه‬‫وجنَّ ُة اجل ِّن؛ َّ‬
‫الذئب ﱹﱜﱸ َجنَّ ُة اإلنس َ‬
‫واملراد‪َ :‬ن ْف َي ُت عنه ِّ‬
‫اإلنيس‪ ،‬وجنَّ ٌة للخائف اجلنِّي ﱹﱦ ﱧ‬ ‫ِّ‬ ‫قيل‪ :‬لكل خائف منكام جنَّتان‪ ،‬جنَّ ٌة للخائف‬
‫ألنا هي التي ت ِ‬
‫ُور ُق‬ ‫ص األفنان؛ َّ‬ ‫ﱨ ﱩﱸ ﱹ ﱣ ﱤﱸ أغصان‪ ،‬مجع َفنَن‪َ ،‬‬
‫وخ َّ‬
‫و ُت ْث ِمر‪ ،‬فمنها َتتدُّ ال ِّظالل‪ ،‬ومنها ُ ْتتنى ال ِّثامر‪ ،‬وقيل‪ :‬ﱹﱤﱸ أي‪ :‬ألوان‪ ،‬مجع َف ّن‪ ،‬أي‪ :‬له‬
‫وتلذ األعني ﱹﱦ ﱧ ﱨ ﱩﱸ ﱹﱫﱸ يف اجلنتني‬ ‫فيها ما تشتهي األ ْن ُفس ُّ‬
‫الزالل‪:‬‬ ‫ﱹﱬ ﱭﱸ حيث شاءوا يف األعايل واألسافل‪ ،‬وعن ا َ‬
‫حلسن جتريان باملاء ُّ‬
‫الس ْل َسبيل ﱹﱯ ﱰ ﱱ ﱲﱸ ﱹﱴ ﱵ ﱶ ﱷ‬ ‫إحدامها التَّسنيم واألخرى َ‬
‫غريب عنهم ﱹﱺ ﱻ ﱼ ﱽﱸ‬ ‫نف‬ ‫معروف هلم‪ِ ،‬‬
‫وص ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ﱸﱸ ِصنفان‪ِ ،‬ص ٌ‬
‫نف‬
‫ٌ‬
‫ألن ﱹﱘ ﱙﱸ يف معنى اجلمع‬ ‫ﱹﱿﱸ ن ُِصب عىل املدح للخائفني‪ ،‬أو‪ :‬حال منهم؛ َّ‬
‫ِ‬
‫ﱹﲀ ﲁﱸ مجع‪ :‬فراشﱹﲂﱸ مجع‪ :‬بِطانة ﱹﲃ ﲄﲅﱸ ديباج َثخني‪ ،‬وهو ُم َّ‬
‫عرب‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫ﱹ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ‬
‫ﲕﲖﲗﲘﲙﲚﲛﲜﲝﲞﲟﲠ‬
‫ﲡﲢﲣﲤﲥﲦﲧﲨﲩﲪﲫﲬﲭ‬
‫ﲮ ﲯ ﲰ ﲱﱸ‬

‫قيل‪ :‬ظاهر ال ِّثياب من ُسنْدُ ٍ‬


‫س‪ ،‬وقيل‪ :‬ال يعلمها إال اهلل ﱹﲆ ﲇ ﲈﱸ و َث ُ‬
‫مرها‬
‫القائم‪ ،‬والقاعد‪ ،‬واملـُـتكئ ﱹﲊ ﲋ ﲌ ﲍﱸ ﱹﲏﱸ يف‬ ‫ُ‬ ‫قريب يناله‬
‫ٌ‬
‫اجلنَّتني؛ الشتامهلام عىل أماكن وقصور وجمالس‪ ،‬أو‪ :‬يف هذه اآلالء املعدودة من اجلنَّتني‪،‬‬
‫أبصاره َّن عىل‬
‫ُ‬ ‫ص َن‬
‫جلن ُْي ﱹﲐ ﲑﱸ نساء َق َ ْ‬ ‫والعينني‪ ،‬والفاكهة‪ ،‬وال ُف ُرش‪ ،‬وا َ‬
‫اجل َمع بالتَّدْ ِم َية ﱹﲔ ﲕ ﲖ‬ ‫مث‪ِ :‬‬
‫أزواج ُه َّن‪ ،‬ال َينْ ُظ ْرن إىل غريهم ﱹﲒ ﲓﱸ ال َّط ُ‬
‫َ‬
‫أن اجل َّن َي ْط ِم ُثون كام َي ْط ِم ُث اإلنس ﱹﲙ ﲚ ﲛ ﲜﱸ‬ ‫ﲗﱸ وهذا ٌ‬
‫دليل عىل َّ‬
‫بياضا‪ ،‬فهو أبيض من اللؤلؤ ﱹﲢ ﲣ ﲤ‬ ‫ﱹﲞ ﲟﱸ صفا ًء ﱹﲠﱸ ً‬
‫ﲥﱸ ﱹﲧ ﲨ ﲩﱸ يف العمل ﱹﲪ ﲫﱸ يف الثواب‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬ما جزاء َم ْن قال‪ :‬ال إله إال اهلل إال اجلنَّة‪ ،‬وعن إبراهيم اخلَ َّواص قال فيه‪ :‬هل جزاء‬
‫اإلسالم َّإل دار َّ‬
‫السالم ﱹﲭ ﲮ ﲯ ﲰﱸ‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫ﱹﲲﲳﲴﲵﲶﲷﲸﲹﲺﲻ‬
‫ﲼﲽﲾﲿﳀﳁﳂﳃﳄﳅﳆ‬
‫ﳇﳈﳉﳊﳋﳌﳍﳎﳏﳐﳑﳒ‬
‫ﳓﳔﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉ‬
‫ﱊﱋﱌﱍﱎﱏﱐﱑﱒﱓﱔ‬
‫ﱕ ﱖ ﱗ ﱘﱙﱚﱸ‬

‫للم َق َّربني ﱹﲴﱸ لِ ْن دوهنم‬ ‫ِ‬


‫ﱹﲲ ﲳﱸ وم ْن دون تلك اجلنَّتني املوعودتني ُ‬
‫ِم ْن أصحاب اليمني ﱹﲶ ﲷ ﲸ ﲹﱸ ﱹﲻﱸ سوداوان من شدَّ ة‬
‫السواد ﱹﲽ ﲾ ﲿ ﳀﱸ ﱹﳂ ﳃ‬ ‫اخلُ ْضة‪ ،‬قال اخلليل‪ :‬الدُّ مهة‪َّ :‬‬
‫فوارتَان باملاء ال تنقطعان ﱹﲽ ﲾ ﲿ ﳀﱸ ﱹﳋ ﳌﱸ‬
‫ﳄﱸ ّ‬
‫والر َّم ُ‬
‫ان والت َّْم ُر ليسا من الفواكه عند أيب حنيفة رمحه اهلل ملجيء‬ ‫أنواع الفواكه ﱹﳍ ﳎﱸ ُ‬
‫والر َّمان فاكه ٌة ودوا ٌء‪ ،‬فليسا لل َّت َفكُّه وحده‪ ،‬وقيل‪:‬‬ ‫وألن التَّمر فاكه ٌة وغذا ٌء‪ُ ،‬‬
‫َّ‬ ‫حرف العطف؛‬
‫كأنام جنسان آخران لِا هلام ِم ْن املـ َِز َّية‪.‬‬ ‫ِ‬
‫إنَّام ُعطفا عىل الفاكهة؛ لفضلهام َّ‬

‫ﱹﳐ ﳑ ﳒ ﳓﱸ ﱹﱁ ﱂ ﱃﱸ أي‪َ :‬خ ِّي ٌ‬


‫ات َف ُخ ِّف َفت‪،‬‬
‫ان اخلَ ْل ِق ﱹﱅ ﱆ ﱇ ﱈﱸ‬ ‫اضالت األخالق‪ِ ،‬ح َس ُ‬‫ُ‬ ‫واملعنى‪َ :‬ف‬
‫ف‬‫الزم َة َتع ُّف ٍ‬
‫الز َمات للب ُيوت ُم َ‬ ‫رات ‪ُ -‬م ِ‬ ‫ﱹﱊ ﱋ ﱌ ﱍﱸ أي‪ُ :‬م َدَّ ٌ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬
‫ُجوف‬ ‫وص َيانة‪ ،‬يقال‪ :‬امرأ ٌة قصري ٌة و َم ْقصورةٌ‪ ،‬أي‪ُ :‬مدَّ رة‪ ،‬وقيل‪ :‬اخليا ُم م ْن الدُّ ِر املـ َّ‬
‫ﱹﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗﱸ قبل أصحاب اجلنَّتني‪،‬‬
‫و َد َّل عليهم ِذك ُْر اجلنَّتني ﱹﱘﱙﱸ‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫ﱹ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞﱟﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ‬
‫ﱥ ﱦ ﱧ ﱨﱩﱪﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ‬
‫ﱱﱲﱸ‬

‫ب عىل االختصاص ﱹ ﱡ ﱢﱸ وهو‬ ‫ِ‬


‫ﱹﱛ ﱜ ﱝ ﱞﱸ نُص َ‬
‫ب عريض‪ ،‬وقيل‪ :‬الوسائد ﱹ ﱣﱤ ﱥﱸ ديباج‪ ،‬أو َطنَافِس مجع‬ ‫ك ُُّل َث ْو ٍ‬
‫صفات هاتني اجلنَّتني‬
‫ُ‬ ‫ُطنْ ُفسة‪ ،‬وهي البِ َساط ﱹﱧ ﱨﱩﱪﱸ وإنَّام كانت‬
‫دون صفات اجلنَّتني األُ َول َي ْي‪ ،‬حتى قيل‪ :‬ﱹﲲ ﲳﱸ؛ َّ‬
‫ألن ﱹﲻﱸ دون‬
‫ﱹﱣ ﱤﱸ‪ ،‬و ﱹﳄﱸ دون ﱹﱭﱸ‪ ،‬و ﱹﳌﱸ دون ﱹﱶ ﱷﱸ‪،‬‬
‫حلور واملـُتَّكأ‪.‬‬
‫وكذلك صفة ا ُ‬

‫ﱹﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰﱸ ذي العظمة‪ ،‬وهو صفة لـ ﱹﱮﱸ‪ ،‬وقرأ اب ُن عامر‪:‬‬


‫بالرفع عىل أنَّه صف ٌة لالسم ﱹ ﱱﱸ ألوليائه باإلنعام‪.‬‬
‫(ذو اجلالل) َّ‬

‫(الرمحن) عىل أصحابه‬ ‫عن جابر بن عبد اهلل ‪ ،‬قال‪ :‬ملــَّا قرأ رسول اهلل ‪ ‬سورة َّ‬
‫حتى َف َرغ قال‪َ � :‬ما ِل َأ َراك ُْم ُسكُوتًا؟ َل ْل ِج ُّن كَانُو ْا َأ ْح َس َن ِمنْك ُْم َر ًّدا‪َ ،‬ما َق َر ْأ ُت َع َل ْي ِه ْم ِم ْن َم َّر ٍة‬
‫ﱹ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈﱸ َّإل َقا ُلو ْا‪ «:‬و َل بِ َ ٍ ِ ِ ِ‬
‫ال ْمدُ »(‪.)1‬‬ ‫شء م ْن ن ْع َمت َك َر َّبنَا ُنك َِّذ ُب َف َل َك ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫‪.‬‬

‫(‪ )1‬رواه احلاكم بسند صحيح‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫من األسرار البالغية‪:‬‬

‫الرأي‬‫يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﱶ ﱷ ﱸﱸ عىل َّ‬


‫السامء‪ ،‬يكون هناك استعار ٌة‬
‫مراد به نجوم َّ‬ ‫القائل َّ‬
‫بأن ال َّنجم ٌ‬
‫والشجر يف انقيادمها ألمر اهلل‪،‬‬ ‫ترصحيي ٌة‪ ،‬حيث َّ‬
‫شبه ال َّنجم َّ‬ ‫ّ‬
‫بالساجد الذي ينقاد ألمر ربه‪.‬‬
‫َّ‬

‫كرر لفظ ﱹﱽﱸ تشديدً ا لل َّتوصية به‪ ،‬وتأكيدً ا لرضورة‬


‫َّ‬
‫استعامله‪.‬‬

‫يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞﱸ‬


‫الس ُفن وهي َت ُش ُّق أمواج البحر باجلبال‬
‫شبه ُّ‬‫تشبيه‪ ،‬فقد َّ‬
‫ٌ‬
‫الضخمة َّ‬
‫الطويلة‪.‬‬ ‫َّ‬

‫يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﲇ ﲈ ﲉ ﲊﱸ استعار ٌة من‬


‫قول الر ُجلِ ملن يتهدَّ ده‪َ :‬‬
‫سأ ْف ُر ُغ لك‪ ،‬أي‪ :‬سأترك كل ما‬ ‫َّ‬
‫َيشْ غ ُلني عن اإليقاع بك‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫بعض ما يستفاد من السورة الكريمة‪:‬‬

‫عظيمة‪ ،‬ال ُتعدُّ وال ُتىص‪.‬‬


‫ٌ‬ ‫نِ َع ُم اهلل عىل َخلقه‬ ‫‪1‬‬
‫من أعظم نِ َع ِم اهلل عىل اإلنسان نِ ْعمة الدِّ ين‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫العدْ ل يف األرض‪.‬‬
‫من الواجب عىل املسلم إقامة َ‬ ‫‪3‬‬
‫وربوبيته‪.‬‬
‫َّ‬ ‫بوحدانيته‬
‫َّ‬ ‫دالئل قدرة اهلل يف الكون‪ُ ،‬تل ِز ُمنَا باإلقرار‬ ‫‪4‬‬
‫ال يستطيع أحدٌ من َ‬
‫اخل ْلق أن َي ْن ُف َذ من قبضة اخلالق سبحانه‪.‬‬ ‫‪5‬‬
‫تتغي هبا طبيعة الكون‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫أهوال َّ‬ ‫ليوم القيامة‬ ‫‪6‬‬
‫الك ْفر عذا ًبا فيه ِذ َّل ٌة وهوان‪.‬‬
‫أهل ُ‬ ‫ُي َّ‬
‫عذ ُب ُ‬
‫‪7‬‬
‫أعدَّ اهلل ِل ْن ح َّقق مقام اخلوف منه ما تشتهي ُ‬
‫نفسه‪ُّ ،‬‬
‫وتلذ عينُه‪.‬‬ ‫‪8‬‬
‫‪78‬‬
‫األسئلة‬

‫ما املراد بقوله تعاىل‪ :‬ﱹﱬ ﱭﱸ؟ وما معنى ﱹﱰﱸ؟ وما إعراب‬
‫س‪1‬‬
‫اجلمل‪ :‬ﱹﱩ ﱪﱸ ‪ -‬ﱹﱬ ﱭﱸ ‪-‬ﱹﱯ ﱰﱸ؟ وملاذا‬ ‫هذه ُ‬
‫جاءت بدون حرف العطف؟‬

‫تعارض بني قوله‪:‬ﱹﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣﱸ وقوله‪:‬‬


‫ٌ‬ ‫هل هناك‬ ‫س‪2‬‬
‫ﱹﲷ ﲸ ﲹﱸ (سورة احلجر‪ .‬اآلية‪ )28 :‬وغريها من اآليات التي‬
‫كرر لفظﱹﱽﱸ؟‬ ‫تتحدث عن خلق اإلنسان؟ ِّ‬
‫وضح ذلك؟ وملاذا َّ‬

‫كيف تو ِّفق بني قوله تعاىل‪ :‬ﱹﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ‬ ‫س‪3‬‬


‫ﳉﱸ وبني قوله‪ :‬ﱹﳕﳖ ﳗ ﳘﱸ؟ وما إعراب ﱹﱿ‬
‫ﲀ ﲁﱸ؟ وما معنى ﱹﲆ ﲇ ﲈﱸ؟‬

‫ملاذا تكرر قوله تعاىل‪ :‬ﱹﱅ ﱆ ﱇ ﱈﱸ ومن املخاطب‬ ‫س‪4‬‬


‫هبذا القول الكريم؟‬

‫ِّ‬
‫وضح الرس البالغي فيام يأيت‪:‬‬
‫س‪5‬‬
‫ )أ(قوله تعاىل‪ :‬ﱹﱶ ﱷ ﱸﱸ‪.‬‬

‫ )ب(قوله تعاىل‪ :‬ﱹﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞﱸ‪.‬‬

‫ )ج(قوله تعاىل‪ :‬ﱹﲇ ﲈ ﲉ ﲊﱸ‪.‬‬

‫اذكر ما يستفاد من السورة الكريمة‪.‬‬ ‫س‪6‬‬

‫‪79‬‬
‫سورة الواقعة‬
‫(مدنية وهي‪ :‬سبع وتسعون آية)‬

‫ •أصحاب الشمال وجزاؤهم‬ ‫ •أصناف الناس يوم القيامة‬


‫ •براهين البعث‬ ‫ •السابقون صفاتهم وجزاؤهم‬
‫ •صدق القرآن‬ ‫ •أصحاب اليمين وجزاؤهم‬

‫‪80‬‬
‫ﱹﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ‬
‫ﲀﲁﲂﲃﲄﲅﲆﲇﲈﲉﲊﲋﲌ‬
‫ﲍﲎﲏﲐﲑﲒﲓﲔﲕﲖﲗ‬
‫ﲘ ﲙ ﲚﱸ‬

‫أصناف الناس يوم القيامة‪:‬‬

‫ﱹﱳ ﱴ ﱵﱸ أي‪ :‬قامت القيامة‪ .‬وقيل‪ُ :‬و ِص َف ْت بالوقوع؛ ألهنا تقع ال حمالة‪.‬‬
‫ون ُِص َب ْت ﱹﱳﱸ بإضامر اذكر ﱹﱷ ﱸ ﱹﱸ نفس ﱹﱹﱸ أي‪ :‬ال تكون‬
‫حني تقع نفس تكذب عىل اهلل‪ ،‬وتكذب يف نكذيب الغيب؛ ألن كل نفس حينئذ مؤمنة صادقة‬
‫مصدقة‪ ،‬وأكثر النفوس اليوم كواذب مكذبات ﱹﱻ ﱼﱸ أي‪ :‬هي ﱹﱻ‬
‫ﱼﱸ ترفع أقوا ًما وتضع آخرين ﱹﱾ ﱿ ﲀ ﲁﱸ أي‪ :‬حركت حتريكًا شديدً ا‬
‫حتى ينهدم كل يشء فوقها من جبل وبناء‪ ،‬وهو بدل من ﱹﱳ ﱴﱸ‪ ،‬وجيوز أن ينتصب‬
‫وبس اجلبال ﱹﲃ ﲄ‬ ‫رج األرض ِّ‬ ‫بـ ﱹﱻ ﱼﱸ أي‪ :‬ختفض وترفع وقت ِّ‬
‫ِ‬
‫بس الغنم‪ :‬إذا ساقها كقوله تعاىل‪:‬‬ ‫كالس ِويق‪ ،‬أو‪ :‬سيقت م ْن َّ‬
‫ﲅﱸ أي‪ :‬وفتِّتت حتى تعود َّ‬
‫غبارا ﱹﲉﱸ متفر ًقا‬ ‫ﱹﲔ ﲕﱸ (سورة النباء‪ :‬اآلية‪ )20 :‬ﱹﲇ ﲈﱸ ً‬
‫فس األزواج‬ ‫ﱹﲋ ﲌﱸ أصنا ًفا ﱹﲍﱸ صنفان يف اجلنة‪ ،‬وصنف يف النار‪ .‬ثم ّ‬
‫فقال‪ :‬ﱹﲏ ﲐﱸ مبتدأ‪ ،‬وهم الذين يؤتون صحائفهم بأيامهنم ﱹﲑ ﲒ‬
‫ﲓﱸ مبتدأ وخرب‪ ،‬ومها خرب املبتدأ األول‪ ،‬وهو تعجب من حاهلم يف السعادة‪ ،‬وتعظيم‬
‫لشأهنم‪ ،‬كأنه قال‪ :‬ما هم؟ وأي يشء هم؟ ﱹﲕ ﲖﱸ أي‪ :‬الذين يؤتون‬
‫السنِ َّية‪ ،‬وأصحاب املنزلة الدَّ نِ ِّية اخلسيسة‪ ،‬من قولك‪:‬‬
‫صحائفهم بشامئلهم‪ ،‬أو‪ :‬أصحاب املنزلة َّ‬
‫فالن مني باليمني‪ ،‬وفالن مني بالشامل‪ :‬إذا وصفتهام بالرفعة عندك والضعة‪ .‬وذلك لتيمنهم‬
‫بامليامن وتشاؤمهم بالشامئل‪ .‬وقيل‪ :‬يؤخذ بأهل اجلنة ذات اليمني وبأهل النار ذات الشامل‬
‫أي يشء هم؟ وهو تعجيب من حاهلم يف الشقاء‪.‬‬ ‫ﱹﲗ ﲘ ﲙﱸ أي‪ُّ :‬‬

‫‪81‬‬
‫ﱹﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ‬
‫ﲥﲦﲧﲨﲩﲪﲫﲬﲭﲮﲯﲰ‬
‫ﲱﲲﲳﲴﱁﱂﱃﱄﱅﱆ‬
‫ﱇﱈﱉﱊﱋﱸ‬

‫السابقون صفاتهم وجزاؤهم‪:‬‬

‫ﱹﲛﱸ مبتدأ ﱹﲜﱸ خربه‪ ،‬تقديره‪ :‬السابقون إىل اخلريات السابقون إىل‬
‫اجلنات‪ ،‬وقيل‪ :‬الثاين تأكيد لألول‪ ،‬واخلرب ﱹﲞ ﲟﱸ‪ ،‬واألول ْأو َجه ﱹﲡ ﲢ‬
‫ﲣﱸ أي‪ :‬هم يف جنات النعيم ﱹﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫﱸ أي‪ :‬هم‬
‫ﱹﲥﱸ‪ ،‬والثلة‪ :‬األُ َّمة من الناس الكثرية‪ ،‬واملعنى‪ :‬أن السابقني كثري ﱹﲦ ﲧﱸ وهم‬
‫األمم من لدن آدم إىل نبينا حممد عليهام الصالة والسالم ﱹﲩ ﲪ ﲫﱸ‪ .‬وهم‪ :‬أمة‬
‫ِ‬
‫ُثب ﱹﲯﱸ أي‪ :‬منسوجة بالذهب‪،‬‬ ‫حممد ‪ ‬ﱹﲭ ﲮﱸ مجع رسير‪َ ،‬ككَثيب وك ُ‬
‫مشبكة بالدر والياقوت ﱹﲱﱸ حال من الضمري يف ﱹﲭﱸ وهو العامل فيها‪ ،‬أي‪:‬‬
‫استقروا عليها ﱹﲱﱸ ﱹﲲ ﲳﱸ أي‪ :‬ينظر بعضهم يف وجوه بعض‪ ،‬وال‬
‫ينظر بعضهم يف أفقاء بعض‪ُ .‬وصفوا بحسن العرشة‪ ،‬وهتذيب األخالق‪ ،‬وصفاء املودة‪،‬‬
‫أيضا ﱹﱁ ﱂﱸ خيدمهم ﱹﱃﱸ أي‪ :‬غلامن‪ .‬مجع‪ :‬وليد‬ ‫و ﱹﲳﱸ حال ً‬
‫ﱹﱄﱸ باقون أبدً ا عىل شكل الولدان‪ ،‬ال يتحولون عنه‪ .‬وقيل‪ُ :‬م َق َّر ُطون‪ .‬واخلَ َلدَ ة‪ :‬ال ُق ْرط‬
‫ﱹﱆﱸ مجع‪ :‬كوب‪ ،‬وهي آنية ال ُع ْروة َلا‪ ،‬وال خرطوم ﱹﱇﱸ مجع‪ :‬إبريق‪ ،‬وهو‬
‫ماله خرطوم وعروة ﱹﱈﱸ أي‪ :‬و َقدَ ح فيه رشاب‪ ،‬وإن مل يكن فيه رشاب فليس بكأس‬
‫ﱹﱉ ﱊﱸ من مخر جتري من العيون‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫ﱹﱌﱍﱎﱏﱐﱑﱒﱓﱔﱕﱖﱗ‬
‫ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ‬
‫ﱥﱦﱧﱨﱩﱪﱫﱬﱭﱮﱯﱰﱱﱲﱸ‬

‫ﱹﱌ ﱍ ﱎﱸ أي‪ :‬بسببها‪ ،‬وحقيقته‪ :‬ال يصدر صداعهم عنها‪ ،‬أو‪ :‬ال ُي َف َّر ُقون‬
‫عنها ﱹﱏ ﱐﱸ وال يسكرون‪ ،‬ن ُِزف الرجل‪ :‬ذهب عقله بالسكر‪ .‬وقرأ عاصم ومحزة‬
‫والكسائي وخلف ﱹﱏ ﱐﱸ أي‪ :‬ال ينفد رشاهبم‪ ،‬يقال‪ :‬أنزف القوم‪ :‬إذا فني رشاهبم‬
‫ﱹﱒ ﱓ ﱔﱸ أي‪ :‬يأخذون خريه وأفضله ﱹﱖ ﱗ ﱘ ﱙﱸ‬
‫يتمنون ﱹﱛﱸ مجع‪َ :‬ح ْوراء ﱹﱜﱸ مجع‪َ :‬ع ْيناء‪ .‬أي‪ :‬وفيها حور عني‪ ،‬أو‪ :‬وهلم حور‬
‫ور) باجلر‪ ،‬يزيد ومحزة والكسائي‬ ‫(و ُح ٍ‬
‫عني‪ ،‬وجيوز أن يكون عط ًفا عىل ﱹﱃﱸ‪ ،‬وقرأ َ‬
‫وحور ﱹﱞ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وفاكهة وحل ٍم‬ ‫ِ‬
‫جنات النعي ِم‬ ‫عطف ًا عىل ﱹﲢ ﲣﱸ‪ ،‬كأنه قال‪ :‬هم يف‬
‫ﱟﱸ يف الصفاء‪ ،‬والنقاء ﱹ ﱠﱸ املصون ﱹ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥﱸ ﱹ ﱢ ﱸ‬
‫مفعول له‪ ،‬أي‪ :‬يفعل هبم ذلك ك ّله جلزاء أعامهلم‪ ،‬أو‪ :‬مصدر (مفعول مطلق)‪ .‬أي‪ :‬جيزون‬
‫ﱹ ﱢ ﱸ ﱹ ﱧ ﱨ ﱩﱸ يف اجلنة ﱹﱪﱸ أي‪ً :‬‬
‫باطل ﱹﱫ ﱬﱸ أي‪ :‬هذيانًا‬
‫ﱹﱮ ﱯ ﱰ ﱱﱸ أي‪ :‬إال ً‬
‫قول ذا سالمة‪ ،‬واالستثناء منقطع‪ ،‬وﱹﱰﱸ بدل من‬
‫ﱹﱯﱸ‪ ،‬أو‪ :‬مفعول به لـ ﱹﱯﱸ أي‪ :‬ال َي ْسمعون فيها إال أن يقولوا سال ًما سال ًما‪،‬‬
‫واملعنى‪ :‬أهنم يفشون السالم بينهم‪ ،‬فيسلمون سال ًما بعد سالم‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫ﱹﱳﱷﱵﱶﱷﱸﱹﱺﱻﱼﱽﱾﱿ‬
‫ﲀﲁﲂﲃﲄﲅﲆﲇﲈﲉﲊﲋﲌﲍ‬
‫ﲎﲏﲐﲑﲒﲓﲔﲕﲖﲗﲘﲙﲚ‬
‫ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥﱸ‬

‫أصحاب اليمين وجزاؤهم‪:‬‬

‫ﱹﱳ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻﱸ السدر‪ :‬شجر النبق واملخضود‪ :‬الذي ال‬


‫شوك له‪ ،‬كأنام ن ُِزع شوكه ﱹﱽ ﱾﱸ الطلح‪ :‬شجر املوز‪ ،‬واملنضود‪ :‬الذي بعضه فوق بعض‬
‫من أسفله إىل أعاله؛ فليست له ساق بارزة ﱹﲀ ﲁﱸ أي‪ :‬ممتد منبسط كظل ما بني طلوع‬
‫الفجر وطلوع الشمس ﱹﲃ ﲄﱸ أي‪ٍ :‬‬
‫جار بال حدٍّ وال خدٍّ ‪ ،‬أي‪ :‬جترى عىل األرض يف‬
‫شق ﱹﲆ ﲇﱸ أي‪ :‬كثرية األجناس ﱹﲉ ﲊﱸ أي‪ :‬ال تنقطع يف بعض األوقات‬
‫غري ٍّ‬
‫كفواكه الدنيا‪ ،‬بل هي دائمة ﱹﲋ ﲌﱸ أي‪ :‬ال متنع عن متناوهلا بوجه ﱹﲎ ﲏﱸ أي‪:‬‬
‫ِ‬
‫رفيعة القدر‪ ،‬أو ُجعل بعضها فوق بعض حتى ارتفعت‪ ،‬أو‪ :‬مرفوعة عىل األَ َّ‬
‫سة‪ .‬وقيل‪ :‬هي النساء؛‬
‫ألن املرأة يكنى عنها بالفراش‪ ،‬و ﱹﲏﱸ أي‪ :‬عىل األرائك؛ قال اهلل تعاىل ﱹﱉ ﱊ‬
‫ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏﱸ (سورة يس‪ .‬اآلية‪ )56 :‬ويدل عليه قوله تعاىل‪ :‬ﱹﲑ‬
‫ﲒ ﲓﱸ أي‪ :‬ابتدأنا خلقهن ابتداء من غري والدة‪ ،‬فإ ّما أن يراد الاليت ابتدئ إنشاؤهن‪،‬‬
‫أبكارا‬
‫ً‬ ‫أو الاليت أعيد إنشاؤهن ﱹﲕ ﲖﱸ أي‪َ :‬ع َذارى كلام أتاهن أزواجهن وجدوهن‬
‫ﱹﲘﱸ مجع‪َ :‬ع ُروب‪ ،‬وهي‪ :‬املتحببة إىل زوجها احلسنة التبعل ﱹﲙﱸ أي‪ :‬مستويات يف السن‬
‫َ َۡ‬
‫بنات ثالث وثالثني‪ ،‬وأزواجهن كذلك‪ ،‬والالم يف ﱹﲛ ﲜﱸ ِم ْن ِص َلة ﱹأنشأنـــاﱸ‪،‬‬
‫ﱹﲞﱸ أي‪ :‬أصحاب اليمني ثلة ﱹﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤﱸ فإن قلت‪َ :‬‬
‫كيف قال‬
‫ثم قال هنا ﱹﲢ ﲣ ﲤﱸ؟ قلت‪ :‬ذاك يف السابقني‪ ،‬وهذا يف‬
‫قبل هذا ﱹﲣ ﲤﱸ َّ‬
‫األصحاب اليمني‪ ،‬وأهنم يتكاثرون من األولني واآلخرين مجي ًعا‪ ،‬وعن احلسن‪ :‬سابقو األمم أكثر من‬
‫سابقي أمتنا وتابعو أألُمم مثل تابعي هذه األمة‪.‬‬
‫‪84‬‬
‫ﱹﲦﲧﲨﲩﲪﲫﲬﲭﲮﲯﲰﲱ‬
‫ﲲﲳﲴﲵﲶﲷﲸﲹﲺﲻﲼﲽﲾ‬
‫ﲿﳀﳁﳂﳃﳄﳅﳆﳇﳈﳉﳊ‬
‫ﳋﳌﳍﳎﱸ‬

‫أصحاب الشمال وجزاؤهم‪:‬‬

‫ﱹﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪﱸ الشامل واملشأمة واحد ﱹﲬ ﲭﱸ أي‪ :‬يف‬


‫حر نار ينفذ يف املسام ﱹﲮﱸ أي‪ :‬وماء حار متناهي احلرارة ﱹﲰ ﲱ ﲲﱸ‬
‫أي‪ :‬من دخان أسود ﱹﲴ ﲵ ﲶ ﲷﱸ نفي لصفتي الظل عنه؛ يريد أنه ظل‪ ،‬ولكن‬
‫وحه َون ْفعه َم ْن يأوي إليه ِم ْن أذى احلر‪ -‬وذلك‬ ‫ال كسائر الظالل‪ ،‬سامه ًّ‬
‫ظل ثم نفي برد الظل َو َر َ‬
‫ك ََر ُمه ‪ -‬ل ُي ْبطِل ما يف مدلول الظل من االسرتواح إليه‪ .‬واملعنى‪ :‬أنه ظل حار ضار ﱹﲹ ﲺ‬
‫ﲻ ﲼﱸ أي‪ :‬يف الدنيا ﱹﲽﱸ ُمنَ َّع ِمني؛ فمنعهم ذلك من االنزجار وشغلهم عن‬
‫االعتبار ﱹﲿ ﳀﱸ يداومون ﱹﳁ ﳂ ﳃﱸ أي‪ :‬عىل الذنب العظيم‪ ،‬أو‬
‫واحلنث‪ :‬نقض العهد املؤكد باليمني‪ ،‬أو‪ :‬الكفر بالبعث‪،‬‬ ‫عىل الرشك؛ ألنه نقض عهد امليثاق‪ِ ،‬‬

‫بدليل قوله تعاىل‪ :‬ﱹﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛﲜﱸ (سورة‬


‫النحل‪ .‬اآلية‪ ) 38 :‬ﱹﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍﱸ تقديره‪:‬‬
‫أنبعث إذا متنا‪ ،‬وهو العامل يف الظرف‪ ،‬وجاز حذفه؛ إذ ﱹﳍﱸ يدل عليه‪ ،‬وال يعمل‬
‫فيه ﱹﳍﱸ؛ ألن ﱹﳓﱸ واالستفهام يمنعان أن يعمل ما بعدمها فيمـا قبلهمـا‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫ﱹﳏﳐﳑﳒﳓﳔﳕﳖﳗﳘﳙ‬
‫ﳚﳛﳜﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊﱋﱌ‬
‫ﱍﱎﱏﱐﱑﱒﱓﱔﱕﱖﱗﱘﱙ‬
‫ﱚ ﱛ ﱜ ﱝﱞ ﱸ‬

‫ﱹﳏ ﳐﱸ دخلت مهزة االستفهام عىل حرف العطف‪ ،‬وحسن العطف عىل‬
‫املضمر يف ﱹﳍﱸ من غري توكيد بنحن؛ للفاصل الذي هو اهلمزة‪ ،‬كام حسن يف قوله‪:‬‬
‫ﱹﱕ ﱖ ﱗ ﱘﱸ (سورة األنعام‪ .‬اآلية‪ )148 :‬لفصل (ال) املؤكدة للنفي‬
‫ﱹﳒ ﳓ ﳔ ﳕ ﳖ ﳗ ﳘ ﳙ ﳚ ﳛﱸ أي‪ :‬إىل ما وقتت به‬
‫الدنيا من يوم معلوم‪ ،‬واإلضافة بمعنى‪ :‬من‪ ،‬كخاتم فضة‪ .‬وامليقات‪ :‬ما ُو ِّق َت به اليشء‪ ،‬أي‪:‬‬
‫حد‪ ،‬ومنه مواقيت اإلحرام‪ .‬وهي‪ :‬احلدود التي ال جياوزها من يريد دخول مكة إال ُم ِر ًما‬
‫ﱹﱁ ﱂ ﱃ ﱄﱸ عن اهلدى ﱹﱅﱸ بالبعث‪ ،‬وهم أهل مكة ومن يف مثل حاهلم‬
‫ﱹﱇ ﱈ ﱉ ﱸ ﱹﱊﱸ‪ :‬البتداء الغاية ﱹﱊ ﱋﱸ ﱹﱊﱸ‪ :‬لبيان الشجر ﱹﱍ‬
‫ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔﱸ أنث ضمري الشجر عىل املعنى ىف (منها)‪ ،‬و َذك ََّره عىل‬
‫وه ْيامء‪،‬‬
‫يم َ‬ ‫ُروى‪ .‬مجع‪َ :‬أ ْه َ‬
‫اللفظ يف ﱹﱒﱸ ﱹﱖ ﱗ ﱘﱸ هي‪ :‬إبل عطاش ال ت َ‬
‫واملعنى‪ :‬أنه يسلط عليهم من اجلوع ما يضطرهم إىل أكل الزقوم الذي هو كاملــ ُْهل‪ ،‬فإذا مألوا‬
‫منه البطون‪ ،‬سلط عليهم من العطش ما يضطرهم إىل رشب احلميم‪ ،‬الذي يقطع أمعاءهم‪،‬‬
‫فيرشبونه رشب اهليم‪ ،‬وإنام صح عطف الشاربني عىل الشاربني ‪ -‬ومها لذوات متّفقة وصفتني‬
‫متفقتني‪-‬؛ ألن كوهنم شاربني للحميم عىل ما هو عليه من تناهي احلرارة‪ ،‬وقطع األمعاء أمر‬
‫أيضا؛ فكانتا صفتني خمتلفتني‪.‬‬
‫عجيب‪ ،‬ورشهبم له عىل ذلك كام يرشب اهليم املاء أمر عجيب ً‬
‫ﱹﱚ ﱛﱸ الن ُُزل‪ :‬هو الرزق الذي ُي َعدُّ للنازل تكرمة له ﱹﱜ ﱝﱸ‪ .‬يوم اجلزاء‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫ﱹ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ‬
‫ﱪﱫﱬﱭﱮﱯﱰﱱﱲﱳﱴﱵﱶﱷ‬
‫ﱸﱹﱺﱻﱼﱽﱾﱿﲀﲁﲂﲃ‬
‫ﲄﲅﲆﱸ‬

‫براهين البعث‪:‬‬

‫ﱹﱟ ﱠ ﱡﱸ ّ‬
‫فهل ﱹ ﱢﱸ حتضيض عىل التصديق إما باخللق؛ ألهنم‬
‫وإن كانوا مصدقني به إال أنه ملـــَّا كان مذهبهم خالف ما يقتضيه التصديق‪ ،‬فكأهنم مكذبون‬
‫أول مل يمتنع عليه أن خيلق ثان ًيا ﱹﱤ ﱥ ﱦﱸ ما متنونه؛‬‫به‪ ،‬وإما بالبعث؛ ألن من خلق ً‬
‫ُّطف ﱹﱨ ﱩﱸ تقدّ رونه‪ ،‬وتصورونه‪ ،‬وجتعلونه ً‬
‫برشا‬ ‫أي‪ :‬تقذفونه يف األرحام ِمن الن َ‬
‫تقديرا‪ ،‬وقسمناه عليكم قسمة‬
‫ً‬ ‫سو ًيا ﱹﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱﱸ‬
‫ٍ‬
‫وتفاوت‪ ،‬كام تقتضيه مشيئتنا‪ ،‬فاختلفت أعامركم من قصري وطويل‬ ‫ٍ‬
‫االختالف‪.‬‬ ‫األرزاق عىل‬
‫ومتوسط‪ ،‬ﱹﱲ ﱳ ﱴﱸ سبقته باليشء‪ :‬إذا أعجزته عنه‪ ،‬وغلبته عليه‪ ،‬فمعنى قوله‪:‬‬
‫ﱹﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹﱸ إنا قادرون عىل ذلك ال تغلبوننا عليه‪ ،‬و‬
‫ﱹﱹﱸ مجع‪ِ :‬م ْثل‪ .‬أي‪ :‬عىل أن نبدل منكم ومكانكم أشباهكم من اخللق ﱹﱺ‬
‫ﱻ ﱼ ﱽ ﱾﱸ وعىل أن ننشئكم يف خلق ال تعلموهنا‪ ،‬وما عهدتم بمثلها‪ ،‬يعني‪ :‬أنا نقدر‬
‫عىل األمرين مجي ًعا‪ ،‬عىل خلق ما يامثلكم‪ ،‬وما ال يامثلكم‪ ،‬فكيف نعجز عن إعادتكم؟ ويـجوز‬
‫أن يكون ﱹﱹﱸ مجع‪َ :‬م َثل‪ .‬أي‪ :‬عىل أن نبدل ونغري صفاتكم التي أنتم عليها يف خلقكم‬
‫وأخالقكم‪ ،‬وننشئكم يف صفات ال تعلموهنا ﱹﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅﱸ‬
‫أن من قدر عىل يشء مرة مل يمتنع عليه ثان ًيا‪ ،‬وفيه دليل صحة القياس؛ حيث َج َّه َل ُه ْم يف ترك‬
‫قياس النشأة األخرى عىل األوىل‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫ﱹﲇﲈﲉﲊﲋﲌﲍﲎﲏﲐﲑﲒ‬
‫ﲓﲔﲕﲖﲗﲘﲙﲚﲛﲜ‬
‫ﲝ ﲞﱸ‬

‫ﱹﲇ ﲈ ﲉﱸ ما حترثونه من الطعام‪ ،‬أي‪ :‬تثريون (أرضه) وتلقون فيها البذر‬


‫ﱹﲋ ﲌﱸ تُنبِتُونه ﱹﲍ ﲎ ﲏﱸ املــُنبِتون‪ ،‬ويف احلديث‪« :‬ال َي ُقو َل َّن‬
‫متكرسا قبل إدراكه‬
‫ً‬ ‫هشيم‬
‫ً‬ ‫زرعت‪ ،‬وليقل‪ :‬حرثت»(‪ )1‬ﱹﲑ ﲒ ﲓ ﲔﱸ‬
‫ُ‬ ‫أحدكم‪:‬‬
‫ﱹﲕ ﲖﱸ َت َع َّج ُبون‪ ،‬أو‪ :‬تندمون عىل تعبكم فيه وإنفاقكم عليه‪ ،‬أو‪ :‬تندمون‬
‫عىل ما اقرتفتم من املعايص التي أصبتم بذلك من أجلها ﱹﲘﱸ أي‪ :‬تقولون ﱹﲘﱸ‬
‫ﱹﲙﱸ ملــ ِ‬
‫ُلزمون غرامة ما أنفقنا‪ ،‬أو‪ُ :‬م ْه َلكُون هلالك رزقنا‪ ،‬من‪ :‬ال َغ َرام‪ ،‬وهو‪:‬‬
‫اهلالك ﱹﲛ ﲜﱸ قوم ﱹﲝﱸ أي‪ :‬ال ّ‬
‫حظ لنا‪ ،‬وال بخت لنا‪.‬‬

‫(‪ )1‬حديث صحيح رواه ابن حبان والبزار والبيهقي‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫ﱹﲟﲠﲡﲢﲣﲤﲥﲦﲧﲨﲩ‬
‫ﲪﲫﲬﲭﲮﲯﲰﲱﲲﲳﲴ‬
‫ﲵ ﲶ ﲷﱸ‬

‫ﱹﲟ ﲠ ﲡ ﲢﱸ أي‪ :‬املاء العذب الصالح للرشب ﱹﲤ ﲥ ﲦ‬


‫ﲧﱸ السحاب األبيض‪ ،‬وهو أعذب ماء ﱹﲨ ﲩ ﲪﱸ بقدرتنا؟ ﱹﲬ ﲭ ﲮ‬
‫ملحا‪ ،‬أو‪ُ :‬م ًّرا ال ُيقدر عىل رشبه ﱹﲰ ﲱﱸ فهال تشكرون‪ ،‬ودخلت الالم‬
‫ﲯﱸ ً‬
‫عىل جواب ﱹﲬﱸ يف قوله‪ :‬ﱹﲓ ﲔﱸ ونزعت منه هنا؛ َّ‬
‫ألن ﱹﲬﱸ ملا كانت داخلة‬
‫عىل مجلتني معلقة ثانيتهام باألوىل تَع ُّلق اجلزاء بالرشط‪ ،‬ومل تكن ُم ْ َل َصة للرشط كإن‪ ،‬وال عاملة‬
‫مثلها‪ ،‬افتقرت يف جواهبا إىل ما يكون عالم ًة عىل هذا التعلق؛ فزيدت هذه الالم؛ لتكون عالم ًة‬
‫عىل ذلك‪ ،‬و ََّلا ُعلم كوهنا عالمة عىل هذا التعلق يف قوله‪:‬ﱹﲓ ﲔﱸ مل يبال بإسقاطها‬
‫يف قوله‪ :‬ﱹﲮ ﲯﱸ؛ لعلم كل أحد به وتساوى حايل حذفه وإثباته؛ ألن تقدُّ م ذكرها‬
‫واملسافة قصرية ٍ‬
‫مغن عن ذكرها ثانية؛ وألن هذه الالم تفيد معنى التأكيد ال حمالة‪ ،‬فأدخلت يف آية‬
‫املطعوم دون آية املرشوب؛ للداللة عىل أن أمر املطعوم مقدم عىل أمر املرشوب؛ وأن الوعيد بفقده‬
‫أشدُّ وأصعب‪ ،‬من قبل أن املرشوب إنام ُيتاج إليه تب ًعا للمطعوم؛ وهلذا قدمت آية املطعوم عىل آية‬
‫املرشوب ﱹﲳ ﲴ ﲵ ﲶﱸ ‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫ﱹﲸﲹﲺﲻﲼﲽﲾﲿﳀﳁ‬
‫ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉﱸ‬

‫أي‪ :‬توقدون ﱹﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽﱸ اخلالقون هلا ابتدا ًء ﱹﲿ‬


‫تذكريا بنار جهنم‪ ،‬حيث علقنا هبا أسباب املعاش‪ ،‬وعممنا‬
‫ً‬ ‫ﳀﱸ أي‪ :‬النار ﱹﳁﱸ‬
‫باحلاجة إليها البلوى؛ لتكون حارضة للناس ينظرون إليها‪ ،‬ويذكرون ما أوعدوا به ﱹﳂﱸ‬
‫ومنفعة ﱹﳃﱸ أي‪ :‬للمسافرين النازلني يف ال َق َواء‪ ،‬وهي‪ :‬اخلالء من الناس‪ ،‬أو‪ :‬للذين‬
‫خلت بطوهنم‪ ،‬أو مزاودهم من الطعام‪ ،‬من قوهلم‪َ :‬أ ْق َوت الدار إذا خلت من ساكنيها‪ ،‬وقد بدأ‬
‫بذكر خلق اإلنسان فقال‪ :‬ﱹﱤ ﱥ ﱦﱸ؛ ألن النعمة فيه سابقة عىل مجيع النعم‪ ،‬ثم بام‬
‫احلب‪ ،‬فقال‪ :‬ﱹﲇ ﲈ ﲉﱸ‪ ،‬ثم بام ُيعجن به‪ ،‬و ُيرشب عليه وهو‪ :‬املاء‪،‬‬
‫به قوامه‪ ،‬وهو‪ُّ :‬‬
‫ثم بام ُيبز به وهو‪ :‬النار‪ ،‬فحصول الطعام بمجموع الثالثة‪ ،‬وال يستغني عنه اجلسد ما دام ح ًيا‬
‫ﱹﳅ ﳆ ﳇﱸ ِّ‬
‫فنزه ر ِّبك عام ال يليق به أهيا املستمع املستدل‪ ،‬أو‪ :‬أراد باالسم الذكر‪،‬‬
‫أي‪ :‬سبح بذكر ربك ﱹﳈﱸ صفة للمضاف‪ ،‬أو للمضاف إليه‪ ،‬وقيل‪ :‬قل‪ :‬سبحان ريب‬
‫العظيم‪ ،‬وجاء مرفو ًعا‪ :‬أنه ملا نزلت هذه اآلية قال ‪« :‬اجعلوها يف ركوعكم»(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬حديث حسن رواه أمحد وغريه‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫ﱹﳊﳋﳌﳍﳎﳏﳐﳑﳒﳓﳔﳕ‬
‫ﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊﱋﱌﱍ‬
‫ﱎﱏﱐﱑﱒﱓﱔﱕﱖﱗﱸ‬

‫صدق القرآن‪:‬‬

‫ﱹﳋ ﳌﱸ أي‪ :‬فأقسم‪ ،‬وﱹﱽﱸ مزيدة مؤكدة‪ ،‬مثلها يف قوله‪ :‬ﱹﲴ ﲵ ﲶ‬


‫ﲷﱸ (سورة احلديد‪ .‬اآلية‪ ) 29 :‬وال يصح أن تكون الالم الم القسم؛ ألن حقها أن‬
‫تقرن هبا النون املؤكدة ﱹﳍ ﳎﱸ بمساقطها ومغارهبا‪ ،‬ولعل هلل تعاىل يف آخر الليل‬
‫إذا انحطت النجوم إىل املغرب ً‬
‫أفعال خمصوصة عظيمة‪ ،‬أو‪ :‬للمالئكة عبادات موصوفة‪ ،‬أو‪ :‬ألنه‬
‫وقت قيام املتهجدين‪ ،‬ونزول الرمحة والرضوان عليهم؛ فلذلك أقسم بمواقعها واستعظم ذلك‬
‫بقوله‪ :‬ﱹﳐ ﳑ ﳒ ﳓﱸ وهو اعرتاض يف اعرتاض؛ ألنه اعرتض به بني القسم‬
‫والـمـ ْقسم عليه‪ ،‬وهو قوله‪ :‬ﱹﱁ ﱂ ﱃﱸ أي‪ :‬حسن مريض‪ ،‬أو‪ :‬ن ّفاع ّ‬
‫جم املنافع‪ ،‬أو‪:‬‬ ‫ُ‬
‫كريم عىل اهلل‪ ،‬واعرتض بـ ﱹﳒ ﳓﱸ بني املوصوف وصفته ﱹﱅ ﱆﱸ أي‪ :‬اللوح‬
‫املحفوظ ﱹﱇﱸ مصون عن أن يأتيه الباطل‪ ،‬أو‪ :‬من غري املقربني من املالئكة ال يطلع‬
‫عليه َمن سواهم‪ ،‬ﱹﱉ ﱊ ﱋ ﱌﱸ ِم ْن مجيع األدناس‪ ،‬أدناس الذنوب وغريها‬
‫إن َج َع ْل َت اجلمل َة صف ًة لـ ﱹﱆ ﱇﱸ‪ ،‬وهو اللوح‪ ،‬وإن جعلتها صفة للقرآن فاملعنى‪:‬‬
‫مس املكتوب منه ﱹﱎﱸ صفة‬
‫يمسه إال َم ْن هو عىل الطهارة من الناس‪ ،‬واملراد‪ّ :‬‬
‫ال ينبغي أن َّ‬
‫رابعة للقرآن‪ ،‬أي‪ُ :‬من ََّز ٌل ﱹﱏ ﱐ ﱑﱸ أو‪ :‬وصف باملصدر؛ ألنه نزل نجو ًما من بني‬
‫سائر كتب اهلل‪ ،‬فكأنه يف نفسه تنزيل‪ ،‬ولذلك جرى جمرى بعض أسامئه‪ ،‬فقيل‪ :‬جاء يف التنزيل‬
‫كذا‪ ،‬ونطق به التنزيل‪ ،‬أو‪ :‬هو ﱹﱎﱸ عىل حذف املبتدأ ﱹﱓ ﱔﱸ أي‪ :‬القرآن‬
‫ﱹﱕ ﱖﱸ متهاونون به‪ ،‬كمن ُيدْ هن يف بعض األمر‪ ،‬أي‪ :‬يلني جانبه‪ ،‬وال يتصلب فيه‬
‫هتاونًا به‪.‬‬
‫‪91‬‬
‫ﱹ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠﱡ ﱢ ﱣ‬
‫ﱤﱥﱦﱧ ﱨﱩﱪﱫﱬﱭﱮﱯﱰﱱ‬
‫ﱲ ﱳﱴﱵﱶﱷﱸﱸ‬

‫ﱹﱘ ﱙ ﱚ ﱛﱸ أي‪ :‬جتعلون شكر رزقكم التكذيب‪ ،‬أي‪ :‬وضعتم‬


‫التكذيب موضع الشكر‪ ،‬وقيل‪ :‬نزلت يف األنواء‪ ،‬ونسبتهم السقيا إليها (رواه مسلم) والرزق‪:‬‬
‫املطر‪ ،‬أي‪ :‬وجتعلون الشكر ما يرزقكم اهلل من الغيث أنَّكم تكذبون بكونه من اهلل حيث تنسبونه‬
‫إىل النجوم ﱹ ﱝ ﱞ ﱟﱸ النفس‪ ،‬أي‪ :‬الروح عند املوت ﱹ ﱠﱸ ممر الطعام‬
‫امليت تلك الساعة ﱹﱦ ﱧ‬
‫والرشاب ﱹ ﱢ ﱣ ﱤ ﱸ اخلطاب ملن حرض َ‬
‫ﱨﱸ إىل املحترض ﱹﱩ ﱪ ﱫ ﱬﱸ ال تعقلون وال تعلمون ﱹﱮ ﱯ ﱰ‬
‫ﱱ ﱲ ﱸ مربوبني من‪ :‬دان السلطان الرعية‪ :‬إذا ساسهم ﱹﱴﱸ تردون النفس‪،‬‬
‫وهي الروح إىل اجلسد بعد بلوغ احللقوم ﱹﱵ ﱶ ﱷﱸ أنكم غري مربوبني مقهورين‬
‫ﱹﱝﱸ يف اآليتني للتخضيض يستدعي ً‬
‫فعل‪ ،‬وهو قوله‪ :‬ﱹﱴﱸ واكتفى بذكره مرة‪،‬‬
‫وترتيب اآلية‪ :‬ﱹﱝﱸ ترجعوهنا ﱹﱞﱟﱠﱸ إن كنتم غري مدينني‪ ،‬وﱹﱝﱸ‬
‫الثانية مكررة للتأكيد ﱹﱦ ﱧ ﱨ ﱩﱸ يا أهل امليت بقدرتنا وعلمنا‪ ،‬أو‪ :‬بمالئكة‬
‫معجزا قلتم‪:‬‬
‫ً‬ ‫املوت‪ ،‬واملعنى‪ :‬أنكم يف جحودكم آيات اهلل يف كل يشء‪ :‬إن أنزل عليكم كتابا‬
‫ً‬
‫رسول صاد ًقا قلتم‪ :‬ساحر كذاب‪ ،‬وإن رزقكم مطرا حيييكم‬ ‫سحر وافرتاء‪ ،‬وإن أرسل إليكم‬
‫به قلتم‪َ :‬صدَ َق ن َْو ُء ك ََذا‪ ،‬عىل مذهب يؤدي إىل اإلمهال والتعطيل‪ ،‬فام لكم ال ترجعون الروح إىل‬
‫البدن بعد بلوغه احللقوم إن مل يكن َث َّمة قابض‪ ،‬وكنتم صادقني يف تعطيلكم وكفر كم باملحيي‬
‫املميت املبدئ املعيد؟!‬

‫‪92‬‬
‫ﱹﱹﱺﱻﱼﱽ ﱾﱿﲀﲁﲂﲃﲄﲅﲆ‬
‫ﲇﲈ ﲉﲊﲋﲌﲍﲎﲏﲐﲑﲒﲓﲔ‬
‫ﲕﲖﲗﲘﲙﲚﲛﲜﲝ ﲞﲟﲠﲡ‬
‫ﲢﲣﲤﲥﲦﲧﲨﲩﱸ‬

‫َّ‬
‫املتوف ﱹﱼ ﱽﱸ من السابقني ﱹﱿﱸ فله اسرتاحة‬ ‫ﱹﱹ ﱺ ﱻﱸ‬
‫ﱹﲀﱸ ورزق ﱹﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ‬
‫ﲌ ﲍ ﲎ ﲏﱸ أي‪ :‬فسالم لك يا صاحب اليمني من إخوانك أصحاب‬
‫اليمني‪ :‬أي يسلمون عليك‪ ،‬كقوله‪ :‬ﱹﱮ ﱯ ﱰ ﱱﱸ (سورة الواقعة‪ .‬اآلية‪)26 :‬‬
‫ﱹﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖﱸ هم الصنف الثالث من األزواج الثالثة‪ ،‬وهم‬
‫الذين قيل هلم يف هذه السورة‪ :‬ﱹﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅﱸ (سورة الواقعة‪ .‬اآلية‪)51:‬‬
‫ﱹﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝﱸ أي‪ :‬إدخال فيه‪ ،‬ويف هذه اآليات إشارة إىل‬
‫أن الكفر كله ملة واحدة‪ ،‬وأن أصحاب الكبائر من أصحاب اليمني؛ ألهنم غري مكذبني‬
‫ﱹﲟ ﲠﱸ الذي ُأنزل يف هذه السورة ﱹﲡ ﲢ ﲣﱸ أي‪ :‬احلق الثابت من اليقني‬
‫ﱹﲥ ﲦ ﲧ ﲨﱸ‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫من األسرار البالغية‪:‬‬

‫الطباقبنيﱹﲓﱸ‪،‬وﱹﲖﱸ‪،‬وبنيﱹﲧﱸ‬
‫وﱹﲫﱸ‪ ،‬وبني ﱹﱻﱸ‪ ،‬وﱹﱼﱸ‪.‬‬

‫يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﱻ ﱼﱸ إسناد اخلفض والرفع‬


‫إىل القيامة جماز عقيل؛ ألن اخلافض والرافع عىل احلقيقة هو‬
‫اهلل وحده‪ ،‬يرفع أولياءه وخيفض أعداءه‪ ،‬ونسب إىل القيامة‬
‫ً‬
‫مـجازا‪،‬كقوهلم‪« :‬هناره صائم»‪.‬‬

‫يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠﱸ‬


‫تشبيه مرسل جممل‪ ،‬أي‪ :‬كأمثال اللؤلؤ يف بياضه وصفائه‪،‬‬
‫حذف منه وجه الشبة‪ ،‬فهو مرسل جممل‪.‬‬

‫يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﱳ ﱵ ﱶ ﱷﱸ تفخيم‬


‫تفخيمـا‪.‬‬
‫ً‬ ‫كرره بطريق االستفهام‬
‫وتعظيم؛ حيث َّ‬

‫يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ‬


‫ﱯ ﱰ ﱱﱸ تأكيد للمدح بمـا يشبه الذم؛ ألن‬
‫السالم ليس من جنس اللغو والتأثيم‪ ،‬فهو مدح هلم بإِفشاء‬
‫السالم‪ ،‬وهذا كقول القائل‪« :‬ال ذنب يل إال حمب ُتك»‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫من األسرار البالغية‪:‬‬

‫يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﱚ ﱛ ﱜ ﱝﱸ ُّ‬


‫هتكم واستهزاء‪،‬‬
‫أي‪ :‬هذا العذاب أول ضيافتهم يوم القيامة‪ ،‬ففيه سخرية‬
‫وهتكم هبم؛ َّ‬
‫ألن الن ُُزل هو أول ما يقدم للضيف من الكرامة‪.‬‬

‫يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﱚ ﱛ ﱜ ﱝﱸ التفات من‬


‫اخلطاب إىل الغيبة‪ ،‬وذلك للتحقري من شأهنم‪ ،‬واألصل‪:‬‬
‫هذا ُن ُز ُل ُك ْم‪.‬‬

‫يف قوله‪:‬ﱹﳐ ﳑ ﳒ ﳓ ﳔﱸ اعرتاض‬


‫يف اعرتاض؛ ألنه اعرتض باآلية الكريمة بني القسم ﱹﳋ‬
‫ﳌ ﳍ ﳎﱸ واملقسم عليه‪ ،‬وهو قوله‪:‬‬
‫ﱹﱁ ﱂ ﱃﱸ؛ للفت األنظار إىل أمهية القسم‪.‬‬
‫واعرتض بـ ﱹﳒ ﳓﱸ بني املوصوف ﱹﳑﱸ‬
‫وصفته ﱹﳔﱸ للتهويل من شأن القسم‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫لطيفة‪:‬‬

‫الـمناسبة بني الـمــُـ ْق َسم به وهو‪ :‬النجوم‪ ،‬وبني املقسم عليه وهو‪ :‬القرآن يف قوله‪:‬‬
‫ﱹﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﳓ ﳔ ﳕ ﱁ‬
‫ﱂ ﱃﱸ‪َّ :‬‬
‫أن النجوم جعلها اهلل ليهتدي هبا الناس يف ظلامت الرب والبحر‪،‬‬
‫وآيات القرآن ُيتدى هبا يف ظلامت اجلهل والضاللة‪ ،‬وتلك ظلمـات حسية‪ ،‬وهذه‬
‫ظلمـات معنوية‪ ،‬فالقسم جاء جام ًعا بني الـهدايتني‪ :‬الـحسية للنجوم‪ ،‬والـمعنوية‬
‫للقرآن‪ ،‬فهذا وجه الـمناسبة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫بعض ما يستفاد من السورة الكريمة‪:‬‬

‫ثابت ال ريب فيه‪ ،‬ال يستطيع أحد تكذيبه عند‬ ‫وقوع القيامة ٌ‬
‫حق ٌ‬
‫حدوثه كام كان حيصل يف الدنيا‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫القيامة ترفع أقوا ًما وهم أولياء اهلل إىل اجلنة‪ ،‬وختفض آخرين وهم‬
‫أعداء اهلل إىل النار‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫أصناف الناس يوم القيامة ثالثة‪ :‬أصحاب اليمني‪ ،‬وأصحاب‬
‫الشامل‪ ،‬والسابقون‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪4‬‬
‫السابقون املقربون هم مجاعة من األمم املاضية‪ ،‬وقليل مم َّْن آمن‬
‫بمحمد ‪ ،‬ألن األنبياء املتقدمني كثريون‪ ،‬فكثر السابقون إىل‬
‫اإليامن منهم‪ ،‬فزادوا عىل عدد من سبق إىل التصديق من أمتنا‪.‬‬

‫جه َل ُهم يف ترك قياس النشأة األخرى‬


‫تقرير صحة القياس؛ حيث َّ‬
‫عىل األوىل يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ‬
‫ﲅﱸ‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫أصناف الناس عند االحتضار ثم الوفاة ثالثة‪ :‬املقربون السابقون‪،‬‬
‫وأهل اليمني‪ ،‬وأهل الشامل‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫الكفر كله ملة واحدة‪ ،‬وأصحاب الكبائر من أهل اليمني؛ ألهنم‬
‫غري مكذبني‪.‬‬ ‫‪7‬‬
‫‪97‬‬
‫األسئلة‬
‫األسئلة‬
‫ما معنى ﱹﱴ ﱵﱸ؟ ومل نصبت ﱹﱳﱸ؟ وما معنى ﱹﱻ‬
‫س‪1‬‬
‫ﱼﱸ؟ وما املراد من قوله تعاىل‪ :‬ﱹﱾ ﱿ ﲀ ﲁﱸ؟‬

‫ما إعراب ﱹﲛ ﲜﱸ؟ وما معناه؟ وما ال ُث َّلة؟ وما معنى املراد‬
‫س‪2‬‬
‫من قوله تعاىل‪ :‬ﱹﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫﱸ؟ وما معنى‬
‫ﱹﲯﱸ؟ وما إعراب ﱹﲱﱸ؟‬

‫ما السدر؟ وما معنى ﱹﱻﱸ؟ وما الطلح؟ وما معنى ﱹﱾﱸ؟ وما‬
‫س‪3‬‬
‫معنى ﱹﲁﱸ؟ وما معنى ﱹﲄﱸ؟ وما املراد بالفرش املرفوعة؟‬
‫وما معنى ﱹ ﲒﱸ؟‬

‫ملاذا أقسم اهلل عىل جالل القرآن وأنه من اللوح املحفوظ وتنزيل رب العاملني؟‬ ‫س‪4‬‬
‫ِّ‬
‫وضح الرس البالغي فيام يأيت‪:‬‬ ‫س‪5‬‬
‫ )أ(قوله تعاىل‪ :‬ﱹﱻ ﱼﱸ‪.‬‬

‫ )ب(قوله تعاىل‪ :‬ﱹﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠﱸ‪.‬‬

‫ )ج(قوله تعاىل‪ :‬ﱹﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ‬


‫ﱰ ﱱﱸ‪.‬‬

‫ )د(قوله تعاىل‪ :‬ﱹﳐ ﳑ ﳒ ﳓ ﳔﱸ‪.‬‬

‫بني وجه التناسب بني أول السورة وآخرها‪.‬‬ ‫س‪6‬‬


‫اذكر ما يستفاد من السورة الكريمة‪.‬‬ ‫س‪7‬‬

‫‪98‬‬
‫سورة الحديد‬
‫(مكية وهي‪ :‬تسع وعشرون آية)‬

‫ •حقارة الدنيا وتعظيم أمر اآلخرة‬ ‫ •تسبيح الله وتنزيهه‬


‫ •اإليمان بالقضاء والقدر‬ ‫ •الحث على اإليمان واإلنفاق‬
‫ •الغاية من بعثه الرسول‬ ‫ •حال المنافقين يوم القيامة‬
‫ •بعض ما يستفاد من السورة الكريمة‬ ‫ •تحذير المؤمنين من الغفلة عما نزل‬
‫من القرآن‬
‫‪99‬‬
‫ﱹﲪﲫﲬﲭﲮﲯ ﲰﲱﲲﲳﲴﲵﲶﲷ‬
‫ﲸﲺﲻ ﲼﲽﲾﲿﳀﳁﳂﳃﳄﳅﳆ‬
‫ﲹ‬
‫ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍﱸ‬

‫تسبيح هللا وتنزيهه‪:‬‬

‫ﱹﲪ ﲫﱸ جاء يف بعض فواتح السور ﱹﲪﱸ بلفظ املايض‪ ،‬ويف بعضها ( ُي َس ِّب ُ‬
‫ــح)‬
‫بلفظ املضارع‪ ،‬ويف سورة بني إرسائيل (اإلرساء) بلفظ املصدر ﱹﱁﱸ (سورة اإلرساء‪.‬‬
‫اآلية‪ ،)1 :‬ويف األعىل بلفظ األمر ﱹﲪﱸ استيعا ًبا هلذه الكلمة من مجيع جهاهتا األربع‪ :‬املصدر‬
‫واملايض واملضارع واألمر؛ لإلشعار َّ‬
‫بأن التسبيح ال يكون إال هلل‪.‬‬

‫ﱹﲬ ﲭ ﲮ ﲯﱸ أي‪ :‬ما يتأتى منه التسبيح ويصح ﱹﲱ ﲲ ﱸ املنتقم من‬


‫م َك َّل ٍ‬
‫ف مل ُيس ِّبــح له عنا ًدا ﱹﲳﱸ يف جمازاة َم ْن س َّبح له انقيا ًدا‪.‬‬ ‫ُ‬

‫ﱹﲵ ﲶ ﲷ ﲸﲹﱸ ال لغريه ﱹﲺﱸ يف حمل رفع أي‪ :‬هو حييي املوتى‬
‫وميتًا ﱹﲽ ﲾ ﲿ‬
‫ﱹﲻﱸ األحياء‪ ،‬أو نصب أي‪ :‬له ملك السموات واألرض ُمي ًيا ُ‬
‫ﳀ ﳁﱸ‪.‬‬

‫كل يشء ﱹﳅﱸ الذي يبقى بعد هالك ِّ‬


‫كل‬ ‫ﱹﳃ ﳄﱸ هو القديم الذي كان قبل ِّ‬
‫يشء ﱹﳆﱸ باألدلة الدالة عليه ﱹﳇ ﳈ ﱸ؛ لكونه غري مدرك باحلواس‪ ،‬وإن كان‬
‫مرئ ًيا‪ ،‬وقيل‪ :‬الظاهر العايل عىل كل يشء الغالب له‪ ،‬من ظهر عليه إذا عاله وغلبه‪ ،‬والباطن‬
‫الذي بطن كل يشء‪ ،‬أي‪ :‬علم باطنه ﱹﳉ ﳊ ﳋ ﳌﱸ‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫ﱹﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊ ﱋ‬
‫ﱌ ﱍﱎﱏﱐﱑﱒﱓﱔﱕﱖﱗﱘﱙﱚﱛ‬
‫ﱜ ﱝﱞ ﱟ ﱠ ﱡﱢﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ‬
‫ﱬﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ‬
‫ﱭ‬
‫ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀﱸ‬

‫ﱹﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈﱸ عن احلسن‪ :‬من أيام الدنيا‪ ،‬ولو أراد‬


‫أن جيعلها يف طرفة عني لفعل‪ ،‬ولكن جعل الستة ً‬
‫أصل لتعليم العباد التأين والتثبت يف األمور‬
‫ﱹﱉ ﱊﱸ استوىل(‪ )1‬ﱹﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒﱸ ما يدخل يف األرض‬
‫من البذر والقطر والكنوز واملوتى ﱹﱓ ﱔ ﱕﱸ من النبات وغريه ﱹﱖ ﱗ ﱘ ﱙﱸ‬
‫من املالئكة واألمطار ﱹﱚ ﱛ ﱜﱸ من األعامل والدعوات ﱹ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢﱣﱸ‬
‫خصوصا ﱹﱤ ﱥ ﱦ ﱧﱸ فيجازيكم‬
‫ً‬ ‫بالعلم والقدرة عمو ًما‪ ،‬وبالفضل والرمحة‬
‫عىل حسب أعاملكم‪.‬‬

‫ﱬ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶﱸ ُيدخل‬
‫ﱭ‬ ‫ﱹﱩ ﱪ ﱫ‬
‫الليل يف النهار بأن ينقص من الليل ويزيد من النهار ﱹﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ‬
‫ﱾ ﱿﱸ‪.‬‬

‫(‪ )1‬وقيل‪ :‬استواء يليق به سبحانه وتعاىل‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫ﱹﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ‬
‫ﲌﲍﲎﲏﲐﲑﲒﲓﲔﲕﲖﲗﲘﲙ‬
‫ﲚﲛﲜﲝﲞﲟﲠﲡﲢﲣﲤﲥﲦﲧ‬
‫ﲭﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴﱸ‬
‫ﲮ‬ ‫ﲨﲩﲪﲫﲬ‬

‫الحث على اإليمان واإلنفاق‪:‬‬

‫ﱹﲁ ﲂ ﲃ ﲄﱸ حيتمل الزكاة واإلنفاق يف سبيل اهلل ﱹﲅ ﲆ‬


‫ﲇ ﲈﱸ يعني‪َّ :‬‬
‫أن األموال التي يف أيديكم إنَّام هي أموال اهلل‪ ،‬وإنَّام أعطاها لكم‬
‫لالستامع هبا‪ ،‬وجعلكم خلفاء يف الترصف فيها‪ ،‬فأنفقوا منها يف حقوق اهلل تعاىل ﱹﲊ‬
‫ﲋﱸ باهلل ورسوله ﱹﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐﱸ ‪.‬‬

‫ﱹﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖﱸ مجلة فعلية يف حمل نصب عىل احلال من معنى الفعل يف‬
‫ﱹﱏ ﲓﱸ‪ ،‬أي‪ :‬وما لكم كافرين باهلل ﱹﲗ ﲘﱸ مجلة اسمية يف حمل نصب عىل‬
‫احلال‪( ،‬والواو)‪ :‬واو احلال‪ ،‬واملعنى‪ :‬وأي عذر لكم يف ترك اإليامن والرسول يدعوكم‪ ،‬فهام‬
‫حاالن متداخلتان ﱹﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝﱸ أي‪ :‬وقبل ذلك قد أخذ اهلل ميثاقكم‬
‫بقوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﱢ ﱣﱤ ﱸ (سورة األعراف‪ .‬اآلية‪ ،)172 :‬أو بام ركَّب فيكم من‬
‫العقول‪ ،‬ومكَّنكم من النظر يف األدلة ﱹﲞ ﲟ ﲠﱸ أي‪ :‬إن كنتم تريدون اإليامن‬
‫باهلل‪ ،‬فبادروا إليه‪.‬‬

‫ﱹﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦﱸ حممد ‪ ‬ﱹﲧ ﲨﱸ يعني‪ :‬القرآن ﱹﲩﱸ‬


‫اهلل تعاىل‪ ،‬أو حممد بدعوته ﱹﲪ ﲫ ﲬ ﲭﲮﱸ من ظلامت الكفر إىل نور اإليامن‬
‫ﱹﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳﱸ الرأفة أشد الرمحة‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫ﱹﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ‬
‫ﳃﳄﳅﳆﳇﳈ ﳉﳊﳋﳌﳍﳎﳏﳐﳑ‬
‫ﳒﳓﳕﳖﳗﳘﳙﳚﳛﳜﳝﳞﳟﳠﳡ‬
‫ﳢ ﳣ ﳤ ﳥ ﳦ ﳧ ﳨ ﳩ ﳪ ﳫﱸ‬

‫ﱹﲵ ﲶ ﲷ ﲸﱸ أي‪ :‬وما لكم يف أن ال تنفقوا ﱹﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ‬


‫باق ألحد من مال وغريه‪ ،‬يعني‪ :‬وأي غرض لكم‬ ‫كل ٍ‬
‫يشء فيهام ال يبقى منه ٍ‬ ‫ﲿ ﳀﱸ يرث َّ‬
‫يف ترك اإلنفاق يف سبيل اهلل واجلهاد مع رسوله‪ ،‬واهلل مهلككم فوارث أموالكم‪.‬‬

‫ثم َّبي تفاوت بني املنفقني منهم فقال‪ :‬ﱹﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊﱸ‬


‫أي‪ :‬ال تساوى بني م ْن أنفق قبل فتح مكة‪ ،‬و َم ْن أنفق من بعد فتحها ﱹﳋﱸ الذين أنفقوا‬
‫قبل الفتح‪ ،‬وهم السابقون األولون من املهاجرين‪ ،‬واألنصار الذين قال فيهم النبي ‪:‬‬
‫ِ‬
‫أحد هم وال نصيفه» (‪.)1‬‬ ‫«لو أنفق أحدكم مثل ُأ ٍ‬
‫حد ذه ًبا ما بلغ ُمدَّ‬

‫ﱹﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﳓ ﳕﱸ أي‪ :‬كل واحد من الفريقني‬


‫ﱹﳖ ﳗ ﳘ ﳙﱸ أي‪ :‬املــَ ُثو َبة احلسنى‪ ،‬وهي اجلنة مع تفاوت الدرجات ﱹﳕﱸ‬
‫مفعول أول لـ ﱹﳖﱸ‪ ،‬وﱹﳘ ﳙﱸ مفعول ٍ‬
‫ثان‪ ،‬نزلت يف أيب بكر ‪‬؛ ألنَّه أول َم ْن‬
‫دليل عىل فضله وتقدمه ﱹﳚ ﳛ ﳜ‬ ‫أسلم‪ ،‬وأول َم ْن أنفق يف سبيل اهلل‪ ،‬وفيه ٌ‬
‫ﳝﱸ فيجازيكم عىل قدر أعاملكم‪.‬‬

‫ﱹﳟ ﳠ ﳡ ﳢ ﳣ ﳤ ﳥﱸ بطيب نفسه‪ ،‬واملراد اإلنفاق يف سبيل اهلل‪ ،‬واستعري‬


‫لفظ القرض؛ ليدل عىل التزام اجلزاء ﱹﳦ ﳧﱸ أي‪ :‬يعطيه أجره عىل إنفاقه أضعا ًفا‬
‫مضاعفة من فضله ﱹ ﳨ ﳩ ﳪﱸ أي‪ :‬وذلك األجر املضموم إليه األضعاف كريم يف نفسه‪.‬‬
‫(‪ )1‬رواه البخاري ومسلم‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫ﱹﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊ‬
‫ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ‬
‫ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟﱠ ﱡ ﱢﱣ ﱤ‬
‫ﱥﱦﱧﱨﱩﱪﱫﱬﱭﱮﱯﱰﱱ‬
‫ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶﱸ‬

‫ﱹﱁ ﱂ ﱃ ﱄﱸ ظرف لقوله‪ :‬ﱹﳨ ﳩ ﳪﱸ‪ ،‬أو منصوب بفعل‬


‫حمذوف تقديره‪ :‬اذكر‪ .‬ﱹﱅﱸ يميض ﱹﱆﱸ نور التوحيد والطاعات‪ ،‬وإنَّام قال‪:‬‬
‫ﱹﱇ ﱈ ﱉﱸ؛ َّ‬
‫ألن السعداء يؤتون صحائف أعامهلم من هاتني اجلهتني‪ ،‬كام‬
‫شعارا هلم‪،‬‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫أن األشقياء ُيؤتوهنا من شامئلهم ووراء ظهورهم‪ ،‬ف ُيجعل النور يف هاتني اجلهتني‬
‫وتقول هلم املالئكة‪ :‬ﱹﱋ ﱌ ﱍﱸ أي‪ :‬دخول جنات ﱹﱎ ﱏ ﱐ ﱑ‬
‫ﱒ ﱓﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘﱸ‪.‬‬

‫حال المنافقين يوم القيامة‪:‬‬

‫ﱹﱚ ﱛﱸ هو بدل من ﱹﱁ ﱂﱸ ﱹﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠﱸ‬


‫أي‪ :‬انتظرونا؛ ألنَّه ُيرسع هبم إىل اجلنة كالربوق اخلاطفة ﱹﱡ ﱢ ﱣ ﱸ أي‪ :‬نلحق بكم‬
‫وهتكم هبم‪ ،‬أي‪ :‬تقول‬
‫ٌ‬ ‫فنستنري بنوركم ﱹﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨﱸ طر ٌد هلم‬
‫هلم املالئكة‪ ،‬أو املؤمنون‪ :‬ارجعوا إىل املكان الذي ُأعطينا فيه هذا النور فالتمسبوه هنالك‪ ،‬أو‬
‫نورا بتحصيل سببه‪ ،‬وهو اإليامن ﱹﱪ ﱫﱸ بني املؤمنني‬ ‫ارجعوا إىل الدنيا فالتمسوا ً‬
‫ٍ‬
‫حائل بني اجلنة والنار‪ ،‬قيل‪ :‬هو األعراف ﱹﱭﱸ لذلك السور‬ ‫ٍ‬
‫بحائط‬ ‫واملنافقني ﱹﱬﱸ‬
‫ﱹﱮﱸ ألهل اجلنة يدخلون منه‪.‬‬

‫ﱹﱯﱸ باطن السور‪ ،‬أو الباب وهو الشق الذي ييل اجلنة ﱹﱰ ﱱﱸ أي‪ :‬النور‪ ،‬أو اجلنة‬
‫ﱹﱲﱸ ما ظهر ألهل النار ﱹﱳ ﱴﱸ من عنده‪ ،‬ومن جهته ﱹﱵﱸ أي‪ :‬الظلمة والنار‪.‬‬
‫‪104‬‬
‫ﱹ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ‬
‫ﲂﲃﲄﲅﲆﲇﲈﲉﲊﲋﲌﲍ‬
‫ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕﲖ ﲗ ﲘﲙ ﲚ ﲛﲜ‬
‫ﲝ ﲞ ﲟﱸ‬

‫ﱹﱷﱸ أي‪ :‬ينادي املنافقون املؤمنني ﱹﱸ ﱹ ﱺﱻ ﱼﱸ أي‪ :‬املؤمنون ﱹﱽ‬


‫ﱾ ﱿ ﲀﱸ بالنفاق‪ ،‬وأهلكتموها ﱹﲁﱸ باملؤمنني الدوائر ﱹﲂﱸ‬
‫وشككتم يف التوحيد ﱹﲃ ﲄﱸ طول اآلمال‪ ،‬والطمع يف امتداد األعامر ﱹﲅ‬
‫ﲆ ﲇ ﲈﱸ أي‪ :‬املوت ﱹﲉ ﲊ ﲋﱸ‪َّ ،‬‬
‫وغركم الشيطان َّ‬
‫بأن اهلل عفو كريم ال‬
‫غركم بأنَّه ال بعث وال حساب‪.‬‬
‫ُيعذبكم‪ ،‬أو َّ‬

‫ﱹﲍ ﲎ ﲏ ﲐﱸ أهيا املنافقون ﱹﲑﱸ أي‪ :‬ما ُيفتدى به ﱹﲒ ﲓ ﲔ‬


‫ﲕﲖ ﲗ ﲘﲙﱸ أي‪ :‬مرجعكم ﱹﲚ ﲛﲜﱸ أي‪ :‬هي أوىل بكم ﱹﲝ‬
‫ﲞﱸ النار‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫ﱹﲠﲡﲢﲣﲤﲥﲦﲧﲨﲩﲪﲫ‬
‫ﲬﲭﲮﲯﲰﲱﲲﲳﲴﲵﲶﲷﲸ‬
‫ﲹﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅﳆ ﳇ ﳈ ﳉ‬
‫ﳊﳋﳌﳍﳎﳏﳐﳑﳒﳓﳔ‬
‫ﳕﳖﳗﳘﳙﳚﱸ‬

‫تحذير المؤمنين من الغفلة عما نزل من القرآن‪:‬‬

‫ﱹﲡ ﲢﱸ أمل يأت وقته‪ ،‬من أنى األمر يأنى إذا جاءه إناه‪ ،‬أي‪ :‬وقته‪.‬‬

‫ﱹﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭﱸ ﱹﲪﱸ اسم‬


‫جامع لألمرين للذكر‬
‫ٌ‬ ‫موصول بمعنى الذي‪ ،‬واملراد بالذكر الذي نزل من احلق‪ :‬القرآن؛ ألنَّه‬
‫نازل من السامء ﱹﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴﱸ ﱹﲯﱸ‬ ‫حق ٌ‬‫واملوعظة‪ ،‬وأنَّه ٌّ‬
‫معطوف عىل ﱹﲦﱸ‪ ،‬وجيوز أن يكون هن ًيا هلم عن مماثلة أهل الكتاب ‪ -‬اليهود والنصارى‬
‫أن بني إرسائيل كان احلق حيول بينهم وبني شهواهتم‪ ،‬وإذا سمعوا‬ ‫‪ -‬يف قسوة القلوب؛ وذلك َّ‬
‫فلم طال عليهم الزمان غلبهم اجلفاء والقسوة‬
‫التوراة واإلنجيل خشعوا هلل ورقت قلوهبم‪ّ ،‬‬
‫واختلفوا‪ ،‬وأحدثوا ما أحدثوا من التحريف وغريه ﱹﲵ ﲶ ﲷﱸ الزمن ﱹﲸ‬
‫ﲹﲺﱸ باتباع الشهوات ﱹﲻ ﲼ ﲽﱸ خارجون عن حدود دينهم‪ ،‬خمالفون‬
‫لألوامر والنواهي‪ .‬أي‪ :‬وقليل منهم مؤمنون‪ .‬ﱹﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅﳆ ﳇ‬
‫ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌﱸ قيل‪ :‬هذا ٌ‬
‫متثيل ألثر الذكر يف القلوب‪ ،‬وأنَّه ُيييها كام حييي‬
‫الغيث األرض‪ .‬ﱹﳎ ﳏ ﳐﱸ هو اسم فاعل من صدَّ ق‪ ،‬وهم الذين‬
‫صدَّ قوا اهلل ورسوله‪ ،‬يعني‪ :‬املؤمنني ﱹﳑ ﳒ ﳓ ﳔﱸ معطوف عىل معنى الفعل‬
‫اصدَّ ُقوا كأنَّه‬ ‫يف ﱹﳏﱸ؛ َّ‬
‫ألن الالم بمعنى الذين‪ ،‬واسم الفاعل بمعنى الفعل وهو‪َّ :‬‬
‫نفس وإخالص ٍ‬
‫نية‬ ‫اصدَّ ُقوا وأقرضوا‪ ،‬والقرض احلسن‪ :‬أن نتصدَّ ق عن ٍ‬
‫طيب ٍ‬ ‫قيل‪َّ :‬‬
‫إن الذين َّ‬
‫عىل املستحق للصدقة ﱹﳕ ﳖ ﳗ ﳘ ﳙﱸ ثواب مجيل‪ ،‬ورزق حسن هو اجلنة‪.‬‬
‫‪106‬‬
‫ﱹ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇﱈ ﱉ ﱊ‬
‫ﱋ ﱌ ﱍ ﱎﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ‬
‫ﱕ ﱖ ﱗﱸ‬

‫ﱹﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇﱈ ﱉ ﱊ ﱋﱸ يريد َّ‬


‫أن‬
‫الصدِّ يقني والشهداء‪ ،‬وهم الذين سبقوا إىل التصديق‬
‫املؤمنني باهلل ورسله هم عند اهلل بمنزلة ِّ‬
‫واستُشهدُ وا يف سبيل اهلل ﱹﱌ ﱍ ﱎﱏﱸ أي‪ :‬مثل أجر ِّ‬
‫الصدِّ يقني والشهداء‪ ،‬ومثل‬
‫نورهم‪ ،‬وجيوز أن يكون قوله‪ :‬ﱹﱉﱸ مبتدأ‪ ،‬وﱹﱌ ﱍﱸ خربه ﱹﱐ‬
‫ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖﱸ‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫ﱹ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞﱟ ﱠ ﱡ‬
‫ﱢ ﱣ ﱤﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ‬
‫ﱯ ﱰ ﱱﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺﱻ ﱼ‬
‫ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂﱸ‬

‫حقارة الدنيا وتعظيم أمر اآلخرة‪:‬‬

‫ﱹﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜﱸ أي‪ :‬ال فائدة فيها‪ ،‬كلعب الصبيان ﱹﱝﱸ أي‪ :‬ما‬
‫عم يعينه كلهو الفتيان ﱹ ﱞﱸ أي‪ :‬ما ُيتز َّين به‪ ،‬كاملناصب العالية‪ ،‬واملنازل‬
‫يشغل اإلنسان ّ‬
‫الرفيعة ﱹﱟ ﱠ ﱸ باأللقاب واألجماد واألنساب‪ ،‬كتفاخر األقران ﱹﱡ ﱢﱣ‬
‫ﱤ ﱸ أي‪:‬مباهاة بكثرة األموال واألوالد ﱹﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ‬ ‫ﱥ‬
‫متكرسا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ﱭ ﱮﱸ بعد خرضته ﱹﱯ ﱰ ﱱﱲﱸ متفتتًا‬

‫بنبات أنبته املطر فاستوى وقوي‪ ،‬و ُأعجب به ال ُك َّفار‬ ‫ٍ‬ ‫ش َّبه حال الدنيا يف رسعة زواهلا‬
‫واصفر‪ ،‬وصار‬ ‫َّ‬ ‫اجلاحدون لنعمة اهلل فيها رزقهم من املطر والنبات‪ ،‬فبعث عليه الريح فهاج‬
‫ألنم يكفرون البذر يف األرض‪،‬‬ ‫حطا ًما عقوب ًة هلم عىل جحودهم‪ ،‬وقيل‪ :‬ال ُك َّفار هنا ُّ‬
‫الز َّراع؛ َّ‬
‫تو َن ُه بالرتاب‪.‬‬
‫أي‪َ :‬ي ْس َ ُ‬
‫ﱹﱳ ﱴ ﱵ ﱶﱸ للكفار ﱹﱷ ﱸ ﱹ ﱺﱻﱸ للمؤمنني‪.‬‬

‫أن الدنيا وما فيها ليست إال ُأمور حقرية‪ ،‬وهي اللعب وال َّلهو والزينة والتفاخر والتكاثر‪،‬‬
‫يعني‪َّ :‬‬
‫وأ َّما اآلخرة فليس فيها إال أمور عظيمة‪ ،‬وهي العذاب الشديد واملغفرة والرضوان من اهلل احلميد‪،‬‬
‫والكاف يف قوله‪ :‬ﱹﱦ ﱧﱸ يف حمل رفع عىل أنَّه خرب بعد خرب‪ ،‬أي‪ :‬احلياة الدنيا مثل غيث‬
‫ﱹﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁﱸ َملــ ْن ركن إليها واعتمد عليها‪.‬‬

‫قال ذو النون‪ « :‬يا معرش املريدين ال تطلبوا الدنيا‪ ،‬وإن طلبتموها فال حتبوها‪ ،‬فإِ َّن الزاد منها‬
‫واملقيل يف غريها»‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫ﱹﲃﲄﲅﲆﲇﲈﲉﲊﲋﲌ‬
‫ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘﲙ ﲚ‬
‫ﲛ ﲜ ﲝ ﲞﱸ‬

‫وملــَّا ح َّقر الدنيا وص َّغر أمرها‪ ،‬وع َّظم أمر اآلخرة َّ‬
‫حث عباده عىل املسارعة إىل نيل املغفرة‬
‫املنجية من العذاب الشديد‪ ،‬والفوز بدخول اجلنة بقوله‪:‬‬

‫ﱹﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇﱸ أي‪ :‬سارعوا مسارعة املتسابقني باألعامل الصاحلة إىل ما‬


‫يوجب املغفرة لكم من ربكم ﱹﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌﱸ ذكر العرض دون‬
‫فإن عرضه أقل من طوله‪ ،‬فإذا وصف عرضه بالبسطة‬ ‫ألن َّ‬
‫كل ما له عرض وطول‪َّ ،‬‬ ‫الطول؛ َّ‬
‫أن طوله أبسط ﱹﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑﲒﱸ هذا دليل عىل َّ‬
‫أن اجلنَّة خملوقة‬ ‫ُعرف َّ‬
‫ﱹﲓﱸ املوعود من املغفرة واجلنة ﱹﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘﲙﱸ وهم املؤمنون‪ ،‬وفيه‬
‫دليل عىل أنَّه ال يدخل أحدٌ اجلنة إال بفضل اهلل ﱹﲚ ﲛ ﲜ ﲝﱸ‪.‬‬
‫ٌ‬

‫‪109‬‬
‫ﱹﲟﲠ ﲡﲢﲣﲤﲥﲦﲧﲨﲩﲪﲫ‬
‫ﲬ ﲭ ﲮﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ‬
‫ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ‬
‫ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ‬
‫ﳒ ﳓ ﳔﱸ‬

‫اإليمان بالقضاء والقدر‪:‬‬

‫كل يشء كائ ٌن بقضاء اهلل وقدره بقوله‪ :‬ﱹﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤﱸ‬


‫أن َّ‬
‫ثم َّبي َّ‬
‫من اجلدب‪ ،‬وآفات الزروع‪ ،‬والثامر‪ ،‬وقوله‪ :‬ﱹﲣ ﲤﱸ‪.‬جار وجمرور متعلق بمحذوف‪،‬‬
‫أي‪ :‬ما أصاب من مصيبة ثابتة يف األرض ﱹﲥ ﲦ ﲧﱸ من األمراض‪ ،‬وموت‬
‫األوالد ﱹﲨ ﲩ ﲪﱸ أي‪ :‬يف اللوح املحفوظ‪ ،‬وهو يف حمل نصب عىل احلال‪ ،‬أي‪ :‬إال‬
‫مكتو ًبا يف اللوح ﱹﲫ ﲬ ﲭ ﲮﲯﱸ من قبل أن نخلق األنفس ﱹ ﯡ ﯢﱸ َّ‬
‫إن تقدير‬
‫عسريا عىل العباد‪.‬‬
‫ً‬ ‫ذلك‪ ،‬وإثباته يف كتاب ﱹﲲ ﲳ ﲴﱸ وإن كان‬

‫وبي احلكمة فيه بقوله‪ :‬ﱹﲶ ﲷﱸ أي‪ :‬ال حتزنوا ﱹﲸ ﲹ‬


‫ثم ع ّلل ذلك َّ‬
‫ﲺﱸ من نعيم الدنيا ﱹﲻ ﲼﱸ فرح املختال الفخور ﱹﲽ ﲾﲿﱸ أي‪:‬‬
‫قل حزنكم عىل‬ ‫مكتوب عند اهللَ َّ‬ ‫مقدر‬ ‫كل ٍ‬
‫يشء‬ ‫أن َّ‬
‫أعطاكم من اإليتاء‪ ،‬يعني‪ :‬أنَّكم إذا علمتم َّ‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫أن ما عنده مفقود ال حمالة مل حيزن عند فقده؛ ألنَّه و َّط َن‬
‫ألن َم ْن علم َّ‬
‫الفائت‪ ،‬وفرحكم باآليت؛ َّ‬
‫أن بعض اخلري واصل إليه‪َّ ،‬‬
‫وأن ُو ُصوله ال يفوته بحال مل‬ ‫َن ْف َس ُه عىل ذلك‪ ،‬وكذلك َم ْن علم َّ‬
‫يعظم فرحه عند نيله ﱹﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅﱸ؛ َّ‬
‫ألن َم ْن فرح بحظ من الدنيا‬
‫وتكب به عىل الناس‪.‬‬
‫َّ‬ ‫وعظم يف نفسه افتخر‬

‫‪110‬‬
‫ﱹﳇ ﳈﱸ خرب مبتدأ حمذوف‪ ،‬أو بدل من ﱹﳃ ﳄ ﳅﱸ كأنّه‬
‫مال وح ًظا من‬ ‫قال‪ :‬ال حيب الذين يبخلون‪ ،‬يريد الذين ي ْفرحون الفرح املـــُ ْط ِغي إذا ُرزقوا ً‬
‫وحيضون غريهم عىل البخل وير َّغبوهنم يف‬ ‫ُّ‬ ‫الدنيا ويبخلون به ﱹﳉ ﳊ ﳋﳌﱸ‬
‫اإلمساك ﱹﳍ ﳎﱸ ُيعرض عن اإلنفاق‪ ،‬أو عن أوامر اهلل ونواهيه‪ ،‬ومل ينته ّ‬
‫عم ُني عنه‬
‫من األسى عىل الفائت والفرح باآليت ﱹﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒﱸ عن مجيع املخلوقات‬
‫فكيف عنه! ﱹﳓﱸ يف أفعاله‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫ﱹﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ‬
‫ﱉ ﱊ ﱋﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ‬
‫ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ‬
‫ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨﱩ ﱪ ﱫﱬ‬
‫ﱭ ﱮ ﱯ ﱰﱸ‬

‫الغاية من بعثة الرسل‪:‬‬

‫ﱹﱁ ﱂ ﱃﱸ يعني‪ :‬أرسلنا املالئكة إىل األنبياء‪ ،‬وأرسلنا األنبياء إىل أقوامهم‬
‫ﱹﱄﱸ باحلجج واملعجزات ﱹﱅ ﱆ ﱇﱸ أي‪ :‬الوحي‬
‫ﱹﱈ ﱉ ﱊﱸ أي‪ :‬ليتعاملوا بينهم ﱹﱋﱌﱸ بالعدل‪ ،‬وال يظلم أحدٌ‬
‫أحدً ا ﱹﱍ ﱎﱸ خلقناه ﱹﱏ ﱐ ﱑﱸ وهو القتال به ﱹﱒ ﱓﱸ‬
‫يف مصاحلهم ومعايشهم‪ ،‬وصنائعهم فام من صناعة إال واحلديد آلة فيها ﱹﱔ ﱕ ﱖ‬
‫ﱗ ﱘﱸ باستعامل السيوف والرماح وسائر السالح يف جماهدة أعداء الدين‪ ،‬وقال‬
‫الزجاج‪ :‬ليعلم اهلل َم ْن ُيقاتل مع رسوله يف سبيله ﱹﱙﱚﱸ أي‪ :‬غائ ًبا عنهم يف الدنيا ﱹﱛ‬
‫ﱜ ﱝﱸ يدفع بقوته بأس َم ْن ُيعرض عن ملته ﱹ ﱞﱸ ينرص بعزته أهل طاعته‪.‬‬

‫ألنام أبوان لألنبياء ‪‬‬


‫نوحا وإبراهيم بالذكر؛ َّ‬
‫خص ً‬‫ﱹ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣﱸ َّ‬
‫ﱹﱤ ﱥ ﱦﱸ يف أوالدمها ﱹﱧ ﱨﱩﱸ الوحي ﱹﱪﱸ فمن‬
‫الذرية‪ ،‬أو من املرسل إليهم ﱹﱫﱬ ﱭ ﱮ ﱯﱸ أي‪ :‬فمنهم َم ْن اهتدى‬
‫باتباع الرسل‪[ ،‬وكثري منهم ُف ّسق أي‪ :‬خرج عن الطاعة‪ ،‬والغلبة لل ُف َّساق ]‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫ﱹﱱﱲﱳﱴﱵﱶﱷﱸﱹﱺ‬
‫ﱻ ﱼﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄﲅ‬
‫ﲆﲇﲈﲉﲊﲋﲌﲍﲎﲏﲐ‬
‫ﲑﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ‬
‫ﲝﲞﲟﲠﲡﲢﲣﲤ ﲥﲦﲧ‬
‫ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳﱸ‬

‫ﱹﱱ ﱲ ﱳ ﱴﱸ أي‪ :‬بعثنا بعد ٍ‬


‫نوح وإبراهيم و َم ْن مىض من األنبياء‬
‫ﱹﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ‬
‫ﲂﱸ مودة ولينًا ﱹﲃﲄﱸ تعط ًفا عىل إخواهنم كام قال يف صفة أصحاب النبي ‪:‬‬
‫�‬
‫ﱹﱊ ﱋﱸ (سورة الفتح‪ .‬اآلية‪ )29 :‬ﱹﲅﱸ هي االنقطاع للعبادة عن الناس‪،‬‬
‫ٍ‬
‫حمذوف يفرسه ما بعدها تقديره‪:‬‬ ‫واختاذ الصوامع يف اجلبال وغريها‪ ،‬وهي منصوبة بفعل‬
‫وابتدعوا رهبانية ﱹﲆﱸ أي‪ :‬استحدثوها من عند أنفسهم‪ ،‬ونذروها وليست يف دينهم‬
‫ﱹﲇ ﲈ ﲉﱸ مل نفرضها نحن عليهم‪ ،‬وال أمرناهم هبا ﱹﲊ ﲋ ﲌ‬
‫ﲍﱸ استثناء منقطع أي‪ :‬ولكنَّهم ابتدعوها ابتغاء رضوان اهلل ﱹﲎ ﲏ ﲐ ﲑﲒﱸ‬
‫ي ُّل نقضه ﱹﲓ ﲔ ﲕ‬ ‫كام جيب عىل الناذر رعاية نذره؛ ألنَّه َعهدٌ مع اهلل ال َ ِ‬
‫ْ‬
‫ﲖ ﲗﲘﱸ أي‪ :‬أهل الرأفة والرمحة الذين اتبعوا عيسى ‪ ،‬أو الذين آمنوا بمحمد ‪‬‬ ‫�‬
‫ﱹﲙ ﲚ ﲛﱸ كافرون‪.‬‬

‫ﱹﲝ ﲞ ﲟﱸ اخلطاب ألهل الكتاب ‪ -‬اليهود والنصارى ‪ -‬ﱹﲠ ﲡ‬


‫ﲢ ﲣﱸ حممد ‪ ‬ﱹﲤ ﱸ اهلل ﱹﲥﱸ ن َِصي َب ْي ﱹﲦ ﲧﱸ إليامنكم‬
‫بم ْن قبله ﱹﲨ ﲩﱸ يوم القيامة ﱹﲪﱸ ﱹﲫ ﲬﱸ وهو‬ ‫بمحمد ‪ ‬وإيامنكم َ‬
‫النور املذكور يف قوله‪ :‬ﱹﱅ ﱆﱸ ﱹﲭ ﲮﲯﱸ ذنوبكم ﱹﲰ ﲱ ﲲﱸ‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫ﱹﲴﲵﲶﲷﲸﲹﲺﲻﲼﲽﲾﲿ‬
‫ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋﱸ‬

‫َ‬
‫ﱹﲴ ﲵﱸ أي‪ :‬ليعلم ﱹﲶ ﲷﱸ الذين مل ُيسلموا‪ ،‬و ﱹلﱸ هنا زائدة‬
‫ﱹﲸ ﲹﱸ يعني‪ :‬ال يقدرون ﱹﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾﱸ أي‪ :‬ال ينالون شي ًئا ممَّا‬
‫ُذكر من فضل اهلل من الكفلني والنور واملغفرة؛ َّ‬
‫ألنم مل يؤمنوا برسول اهلل ‪ ‬فلم ينفعهم‬
‫فضل قط ﱹﲿ ﳀﱸ معطوف عىل ﱹﲸ ﲹﱸ‬
‫بم ْن قبله‪ ،‬ومل ُيكسبهم ً‬
‫إيامهنم َ‬
‫ﱹﳁ ﳂﱸ أي‪ :‬يف ملكه وترصفه ﱹﳃ ﳄ ﳅﳆﱸ من عباده ﱹﳇ ﳈ ﳉ‬
‫ﳊﱸ‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫من األسرار البالغية‪:‬‬

‫بني قوله تعاىل‪ :‬ﱹﲺ ﲻ ﲼ ﱸ‪ ،‬وكذا بني ﱹﳄ‬


‫ﳅﱸ‪ ،‬وبني ﱹﳆ ﳇ ﳈ ﱸ طباق‪.‬‬

‫بني قوله تعاىل‪ :‬ﱹﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ‬


‫ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜﱸ مقابلة‪.‬‬

‫يف قوله تعاىل‪:‬ﱹﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ‬


‫ﳉ ﳊﱸ إجياز باحلذف‪ ،‬حيث َح َذف‪ :‬و َم ْن أنفق من بعد‬
‫بعدئذ‪ ،‬ولوضوحه‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫الفتح وقاتل؛ لداللة الكالم عليه‬

‫يف قوله تعاىل‪:‬ﱹﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭﲮﱸ‬


‫الظ ُل ِ‬
‫امت للكفر والضاللة‪،‬‬ ‫استعارة ترصحيية‪ ،‬حيث استعار ُّ‬
‫وال ُّنو ِر لإليامن واهلداية‪.‬‬

‫يف قوله تعاىل‪:‬ﱹﳟ ﳠ ﳡ ﳢ ﳣ ﳤ ﳥﱸ‬


‫استعارة متثيلية‪ ،‬مثَّل حال املنفق بإِخالص َ‬
‫بم ْن يقرض ربه‬
‫قرضا واجب الوفاء‪.‬‬ ‫ً‬

‫‪115‬‬
‫من األسرار البالغية‪:‬‬

‫يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﲗ ﲘﲙ ﲚ ﲛﲜﱸ ُّ‬


‫هتكم‬
‫هبم‪ ،‬أي‪ :‬ال َّ‬
‫ول لكم وال نارص إال نار جهنم‪.‬‬

‫َب ْي قوله تعاىل‪ :‬ﱹﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ‬


‫ﱵﱸ مقابلة‪.‬‬

‫يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅﳆﱸ‬


‫استعارة متثيلية؛ استعار إحياء األرض بالنبات إلحياء‬
‫القلوب القاسية بالقرآن وتالوته‪.‬‬

‫يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ‬


‫ﱬ ﱭ ﱮﱸ تشبيه متثييل؛ َّ‬
‫ألن وجه الشبه‬
‫منتزع من متعدد‪.‬‬

‫يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﲄ ﲅﱸ جماز مرسل عالقته املسببية‪،‬‬


‫أي‪ :‬إىل سبب‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫بعض ما يستفاد من السورة الكريمة‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫َّ‬
‫كل يشء يف األرض والسامء يسبح بحمد اهلل‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫ﱹﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓﲔﱸ‬
‫(سورة اإلرساء‪ .‬اآلية‪.)44 :‬‬

‫وجوب اإليامن باهلل تعاىل ورسوله ‪ ،‬وهذا يقتيض االشتغال‬


‫بطاعة اهلل تعاىل‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫اإلنفاق يف سبيل اهلل من أعظم الطاعات والقربات‪.‬‬ ‫‪3‬‬
‫امللك هلل وحده‪ ،‬والعبد ليس له يف ماله إال الترصف الذي يريض‬
‫اهلل‪ ،‬فيثيبه عىل ذلك باجلنة‪.‬‬ ‫‪4‬‬
‫أجر‬
‫للمؤمنني الذين عملوا الصاحلات‪ ،‬والذين أنفقوا يف سبيل اهلل ٌ‬
‫كبري وهو اجلنة‪.‬‬
‫ٌ‬
‫‪5‬‬

‫‪117‬‬
‫بعض ما يستفاد من السورة الكريمة‪:‬‬

‫ثواب اإلنفاق أعظم إذا كانت احلاجة إليه أشد بسبب األزمات‬
‫والظروف الصعبة‪.‬‬
‫‪6‬‬

‫‪7‬‬
‫املنافقون ال يقبل منهم يوم القيامة فدية يدفعون هبا العذاب عن‬
‫أنفسهم‪ ،‬ومقامهم ومنزهلم النار‪ ،‬هي أوىل هبم من كل منزل‪،‬‬
‫ريا‪.‬‬
‫مرجعا ومص ً‬
‫ً‬ ‫وساءت‬

‫حتقري حال الدنيا‪ ،‬وتعظيم حال اآلخرة‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪9‬‬
‫كل املصائب معلومة هلل تعاىل‪ ،‬مكتوبة يف اللوح املحفوظ قبل إجياد‬
‫هي يسري عىل اهلل تعاىل‪.‬‬
‫اخلليقة‪ ،‬وحفظ ذلك وعلمه ّ‬

‫اهلل يبغض كل متكرب بام ُأويت من الدنيا‪ ،‬فخور به عىل الناس‪ ،‬وال‬
‫يرىض عنه‪ ،‬ويعاقبه‪.‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪118‬‬
‫األسئلة‬
‫ما معنى‪ :‬األول‪ ،‬اآلخر‪ ،‬الظاهر‪ ،‬الباطن؟ وما املراد بقوله تعاىل‪:‬‬
‫ﱹﱤ ﱥ ﱦ ﱧﱸ؟‬ ‫س‪1‬‬

‫ما معنى قوله تعاىل‪ :‬ﱹﲅ ﲆ ﲇ ﲈﱸ؟ وما املراد بقوله‬


‫تعاىل‪ :‬ﱹﲦﱸ؟ وما اآليات البينات؟‬ ‫س‪2‬‬

‫خص‬ ‫ما إعراب قوله تعاىل‪ :‬ﱹﱁ ﱂﱸ؟ وما معنى ﱹﱅﱸ؟ ِ َ‬
‫ول َّ‬
‫أيدهيم وأيامهنم بالذكر؟‬ ‫س‪3‬‬

‫ِّ‬
‫وضح الرس البالغي فيام يأيت‪:‬‬
‫س‪4‬‬
‫ )أ( قولهتعاىل‪:‬ﱹﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊﱸ‪.‬‬

‫ )ب(قوله تعاىل‪ :‬ﱹﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭﲮﱸ‪.‬‬

‫ )ج(قوله تعاىل‪ :‬ﱹﳟ ﳠ ﳡ ﳢ ﳣ ﳤ ﳥﱸ‪.‬‬

‫ )د(قوله تعاىل‪ :‬ﱹﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅﳆﱸ‪.‬‬

‫بني احلكمة من اإليامن بالقضاء والقدر وأثر ذلك عىل النفس البرشية‪.‬‬ ‫س‪5‬‬
‫اذكر ما يستفاد من السورة الكريمة‪.‬‬ ‫س‪6‬‬

‫‪119‬‬
‫معاني المفردات‬

‫معاني المفردات‬ ‫الكلمة‬ ‫الرقم‬


‫النجوم‪ ،‬التي جتري عىل وجه اليرس والسهولة‪،‬‬
‫فتتزين بـها الساموات‪ ،‬وهيتدى بـها يف ظلامت الرب‬ ‫فاجلاريات‬ ‫‪1‬‬
‫والبحر‪ ،‬وينتفع باالعتبار هبا‬

‫الذين كذبوا عىل اهلل‬ ‫اخلراصون‬ ‫‪2‬‬

‫نومهم بالليل قلي ً‬


‫ال‪ ،‬وأما أكثر الليل‪ ،‬فإنـهم‬
‫قانتون لربـهم‪ ،‬ما بني صالة‪ ،‬وقراءة‪ ،‬وذكر‪،‬‬ ‫هيجعون‬ ‫‪3‬‬
‫ودعاء‪ ،‬وترضع‬

‫مرتـهن بعمله‬ ‫رهني‬ ‫‪4‬‬

‫احلار الشديد حره‬ ‫السموم‬ ‫‪5‬‬

‫املوت‬ ‫ريب املنون‬ ‫‪6‬‬

‫يوم القيامة الذي يصيبهم [فيه] من العذاب‬


‫يصعقون‬ ‫‪7‬‬
‫والنكال‪ ،‬ما ال يقادر قدره‪ ،‬وال يوصف أمره‬

‫الذنوب الصغار‬ ‫اللمم‬ ‫‪8‬‬

‫قرى قوم لوط التي‬ ‫واملؤتفكة‬ ‫‪9‬‬

‫السفينة‬ ‫ذات الواح ودرس‬ ‫‪10‬‬

‫‪120‬‬

You might also like