Professional Documents
Culture Documents
الرحلات الجزائرية نحو المشرق أثناء العهد العثماني
الرحلات الجزائرية نحو المشرق أثناء العهد العثماني
ﻋﻧوان اﻟ ﺣث:
إﻋداد اﻟطﺎﻟب:
ﺧطﺔ اﻟﺑﺣث
ﻣﻘدﻣﺔ
ﺧﺎﺗﻣﺔ
1
ﻣﻘدﻣﺔ :
ﺗﻌﺗﺑر اﻟرﺣﻼت اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻣﺻدرا ﻣﮭﻣﺎ ﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ واﻟﺑﯾﺋﺎت اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻣﺷرﻗﺎ وﻣﻐرﺑﺎ ﻓﻔﯾﮭﺎ ذﻛر ﻷھم اﻟﻣراﻛز اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ وﻣﺟﺎﻟس
اﻟدرس واﻟﺗﺣﺻﯾل ﺑل إﻧﮭﺎ ﺻورة ﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻟﺷﮭود اﻟﻌﯾﺎن ﻋن اﻷﺣوال اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ وﺟﻐراﻓﯾﺔ ﻟﻠﺑﻠدان ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ
اﻟﻰ ھذا ﺗﻣﺛل زادا وﻓﯾرا ﻟﺗراﺟم اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟذﯾن ﻏﻔﻠت ﻛﺗب اﻟﺗراﺟم ﻋﻧﮭم.
ﻛﻣﺎ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ اﻟﻘول ان ﻋﻠﻣﺎء اﻟﺟزاﺋر ﻗد ﻣﺛﻠوا ذﻟك اﻟﻘطب اﻟذي ﺷد ﺑﻌﻠﻣﮫ وﺟرأﺗﮫ اﻧﺗﺑﺎه اﻟﻣﺷرق اﻟﻌرﺑﻲ ﺑﻔﺿل ﺗﺻوراﺗﮫ اﻟﻔﻛرﯾﺔ
وﺗراﺛﮫ اﻟﻔﻘﮭﻲ واﻟﻌﻘدي ﻛﻣﺎ أﻧﮫ ﯾﻣﺛل ﺣﻠﻘﺔ اﻟوﺻل ﺑﯾن ﺣواﺿر اﻟﻣﺷرق واﻟﻣﻐرب اﻟﻌرﺑﯾﯾن ﻓﻲ ﺷﻔﮫ اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ واﻟﻔﻛري .
ﺗﻧوﻋت رﺣﻼت اﻟﻣﻐﺎرﺑﺔ ﻧﺣو اﻟﻣﺷرق ﺑﺗﻧوع أھداﻓﮭﺎ وﻣﻘﺎﺻدھﺎ ،وﺗﻌددت أﺳﺑﺎﺑﮭﺎ وﺣواﻓزھﺎ ،ﻣﻣﺎ أدى اﻟﻰ إﻧﺷﺎء راﺑط ﻗوي وﻣﺗﯾن
ﺑﯾن ﺛﻘﺎﻓﺔ وﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣﻐرب واﻟﻣﺷرق وﻟﮭذا ﺗﻛﻣن أھﻣﯾﺔ اﻟرﺣﻼت ﻓﻲ ﻛوﻧﮭﺎ ﺗﻣﺛل ﻣظﮭرا ﻣن ﻣظﺎھر اﻟﺣﺿﺎرة اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻻﺳﻼﻣﯾﺔ ﻓﻧﺟدھﺎ ﻗد
ﻓﺗﺣت اﻵﻓﺎق واﺳﺗﻘﺻت اﻟﻌﺎدات اﻟﺑﺷرﯾﺔ واﺣﺗﺿﻧت اﻟﻘواﻓل اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ ودوﻧت ﻓﻧون اﻟﻣﺟﺎﻟس اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ واﻗﺗﺣﻣت اﻟﺣدود اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ وطرﻗت
أﺑواب اﻟطرق اﻟدﯾﻧﯾﺔ ورﺳﻣت ﺣدود اﻟﺧراﺋط اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ ﻟﻣﺧﺗﻠف اﻷﻗطﺎر اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ .
وﻣن ھﻧﺎ ﻧﺟد أن اﻟرﺣﻠﺔ ﺷﻛﻠت اﻟﻠﺣظﺔ اﻷﻛﺛر اﻧﻔﺗﺎﺣﺎ واﻧطﻼﻗﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﻌرﻓﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻷﻧﮭﺎ اﺗﺧذت ﻣن اﻟﺗﺟرﺑﺔ واﻟﻣﺷﺎھدة
أﺳﺎﺳﺎ ﻟﺗدوﯾﻧﮭﺎ ووﺻﻔﮭﺎ ﻟﻸﺣداث ،وﻗد ﻛﺎن ﻟﻠﻌﻠﻣﺎء اﻟﺟزاﺋرﯾﯾن ﻧﺻﯾب ﻣن اﻟﺣظ ﻓﻲ إﺛراء ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟرﺣﻼت وﺗﻌزﯾز ﻟﻐﺔ اﻟﺗواﺻل ﺑﯾن اﻟﻣﺷرق
واﻟﻣﻐرب وﻧﻘل اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ ﻧﺣو ﺑﻠدان اﻟﻣﺷرق وﺧﺎﺻﺔ ﺑﻼد اﻟﺷﺎم وﻣﺻر واﻟﺣﺟﺎز ﻓﻌرﻓت ھذه اﻟرﺣﻼت ﺑﺎﻟﺣﺟﯾﺔ او اﻟﺣﺟﺎزﯾﺔ وﻣن ھذا
اﻟﻣﻧطﻠﻖ وادراﻛﺎ ﻣﻧﺎ ﻷھﻣﯾﺔ ھذا اﻟﺟﺎﻧب ﻓﻲ ﻓﮭم ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺟزاﺋر ﺧﻼل اﻟﻌﮭد اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﻲ ﺟﺎء ھذا اﻟﺑﺣث اﻟﻣﺗواﺿﻊ ﻣﺗﻧﺎوﻻ ﺑﻌض ﻣن ﺗﻠك
اﻟرﺣﻼت.
2
اﻟﻣﺑﺣث اﻷول :ﻣﺎھﯾﺔ اﻟرﺣﻠﺔ
ﻟﻘد اﺟﺗﮭد اﻟدارﺳون ﻓﻲ ﺗﻌرﯾف اﻟرﺣﻠﺔ وذھﺑوا ﻓﻲ ذﻟك ﻣذاھب ﺷﺗﻰ ،ﻛل ﻧظر إﻟﯾﮭﺎ ﻣن زاوﯾﺔ ﻧظر ﻣﺣددة ،ﻛل ﻣن ﺧﻼل ﻣﻧظور
ﺣﻘﻠﮫ اﻟدراﺳﻲ ،ﻓﺎﻟﻣؤرخ رﻛز ﻋﻠﻰ ﻛل ﻣﺎ ﻟﮫ ﺻﻠﺔ ﺑﺎﻟﺟﺎﻧب اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ ﻓﯾﮭﺎ ،واﻟﺟﻐراﻓﻲ ﻟم ﯾر ﻓﯾﮭﺎ إﻻ ﻣﺎ ﻟﮫ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﻌﻠم اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ ،ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻧظر
اﻟﯾﮭﺎ دارﺳوا اﻷدب و ﻧﻘﺎده ﻧظرة ﻓﻧﯾﺔ ،ﻓرﻛزوا ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﺗﺟﻠﻰ ﻓﯾﮭﺎ ﻣن ﺟواﻧب ﻓﻧﯾﺔ وأدﺑﯾﺔ ،ﻣن ﺧﻼل ﻣﺎ ﺗﺣﻣﻠﮫ ﻣن ﻧﺻوص ﺷﻌرﯾﺔ وﻧﺛرﯾﺔ،
وﻣﺎ ﺗﻘدﻣﮫ ﻣن أﺧﺑﺎر ،ﯾرون أﻧﮭﺎ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻷن ﺗﺻﻧف ﺿﻣن داﺋرة اﻷدب ،ﻓﺎﺧﺗﻠﻔت ﺑذﻟك وﺟﮭﺎت ﻧظرھم ﻓﯾﮭﺎ ،وﺗﻌددت ﺗﻌرﯾﻔﺎﺗﮭم ﻟﮭﺎ ،إﻻ أن
ﺑﻧﯾﺗﮭﺎ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﺑﻘﯾت اﻟﻘﺎﺳم اﻟﻣﺷﺗرك ﺑﯾﻧﮭم ،وﻧﻌﻧﻲ ﺑذﻟك ﺑﻧﯾﺔ اﻟﺳﻔر.
واﻟرﺣﻠﺔ ﻓﻲ أﺑﺳط ﻣﻔﮭوم ﻟﮭﺎ ،ھﻲ ذﻟك اﻻﻧﺗﻘﺎل اﻟذي ﯾﻘوم ﺑﮫ اﻟرﺣﺎﻟﺔ ﻣن ﻣﻛﺎن إﻟﻰ ﻣﻛﺎن آﺧر ،ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﮭواﯾﺔ أو اﻻﺣﺗراف،
ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎن اﻟداﻓﻊ وﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﻐرض وﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎن اﻟزﻣﺎن وﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﻣﻛﺎن ،وﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻟﻣﺳﺎﻓﺔ ،ﻓﺎﻟرﺣﻠﺔ ﺟزء أﺻﯾل ﻣن ﺣرﻛﺔ اﻟﺣﯾﺎة ﻋﻠﻰ
اﻷرض ،ﻗد ﻻ ﺗﺗﺟﺎوز ﻣﺳﺎﻓﺔ ﻗﺻﯾرة ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﺣﯾﺎن ،وﻗد ﺗﻣﺗد وﺗطول ﺣﺗﻰ ﺗﻐطﻲ أطول اﻟﻣﺳﺎﻓﺎت ﺑﯾن اﻟﻣﻛﺎن واﻟﻣﻛﺎن اﻵﺧر ﻓﻲ أﺣﯾﺎن
أﺧرى ،وﺑﻧظرة أﻋﻣﻖ ،ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ أن ﻧﻌرف اﻟرﺣﻠﺔ ﺑﺄﻧﮭﺎ اﻧﺗﻘﺎل ﺿﻣن اﻟﻔﺿﺎء اﻟﺟﻐراﻓﻲ واﻟزﻣن اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ ،وھﻲ اﻧﺗﻘﺎل أﯾﺿﺎ ﺿﻣن ﻧظﺎم
اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ وﺛﻘﺎﻓﻲ ،ھذا ﯾﻌﻧﻲ أن اﻟﺣرﻛﺔ ﺗﺻﺑﺢ ﻣن أﺑرز اﻷﺳس اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟرﺣﻠﺔ ،اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺟﻌل ﺑﻧﯾﺔ اﻟﺳﻔر ھﻲ اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻷﻛﺛر ﺗﺟدرا
وھﯾﻣﻧﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻌل ﻓﯾﮭﺎ .1
اﻟﻌرب ﻛﻐﯾرھم ﻣن اﻟﺑﺷر ،ﻣن ﻣﺧﺗﻠف اﻷﺟﻧﺎس ﻋﻠﻰ وﺟﮫ ھذه اﻟﺑﺳﯾطﺔ ،طﺑﻌوا ﻋﻠﻰ اﻟﺣرﻛﺔ واﻻﻧﺗﻘﺎل ،ﻓﺎھﺗﻣوا ﺑﺎﻟﺳﻔر ،وﻣﺎرﺳوا
اﻻرﺗﺣﺎل ﺑرا وﺑﺣرا ،ﻣﺟﺑرﯾن أو ﻣﺧﺗﺎرﯾن ﺳواء داﺧل ﻣوطﻧﮭم اﻷﺻﻠﻲ ،أو ﻣﻧﮭﺎ إﻟﻰ أوطﺎن ﻏﯾرھم ﻣﻣن ﺗواﺻﻠوا ﻣﻌﮭم ﻋن طرﯾﻖ اﻟﺗﺟﺎرة
ﺗﺎرة ،واﻟﺣروب ﺗﺎرة أﺧرى ،ﯾﺷﮭد ﻋﻠﻰ ذﻟك رﺣﻼﺗﮭم اﻟﺗﻲ اﺷﺗﮭروا ﺑﮭﺎ ﻋﺑر ﻣﺧﺗﻠف ﻓﺗرات ﺗﺎرﯾﺧﮭم واﻟﺗﺎرﯾﺦ ﯾﺷﮭد أﻧﮫ ﻛﺎﻧت ﻟﻠﻌرب رﺣﻼت
ﺗﺟﺎرﯾﺔ ﻣزدھرة ،ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ اﻟﻌراق واﻟﺷﺎم واﻟﯾﻣن ،وإن ﻟم ﺗدون أﺧﺑﺎر ھذه اﻟرﺣﻼت ﺗدوﯾﻧﺎ ﺧﺎﺻﺎ وﺷﺎﻣﻼ أو ﺟﺎﻣﻌﺎ ،اﻟﻠﮭم إﻻ ﻣﺎ ورد ﻣﺗﻧﺎﺛرا
ﻓﻲ ﻗﺻﺎﺋد اﻟﺷﻌر ،وﯾﻛﻔﻲ أن اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم روى أﺣداث ﺑﻌﺿﮭﺎ ،وأﺷﺎر إﻟﻰ ﺑﻌﺿﮭﺎ اﻵﺧر ،وﻣن أﺷﮭر ﻣﺎ أﺷﺎر إﻟﯾﮫ اﻟﻘرآن ﻣن ھذه اﻟرﺣﻼت،
ْف ¤ﻓَ ْﻠﯾَ ْﻌﺑُدُوا ِﯾﻼﻓِ ِﮭ ْم ِرﺣْ ﻠﺔَ اﻟﺷﺗ َ ِ
ﺎء َواﻟﺻﯾ ِ ف ﻗُ َرﯾ ٍ
ْش ¤ا َ رﺣﻠﺔ اﻟﺷﺗﺎء و اﻟﺻﯾف ،اﻟﺗﻲ أﺷﺎر إﻟﯾﮭﺎ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم ،ﺑﻘوﻟﮫ ﺳﺑﺣﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰِ ِ﴿ :ﻹ َ
ﯾﻼ ِ
ت ¤اﻟذِي أ َ ْط َﻌ َﻣ ُﮭ ْم ِﻣ ْن ُﺟ ٍ
وع َوآ َﻣﻧَ ُﮭ ْم ِﻣ ْن َﺧ ْو ٍ
ف﴾ . َرب َھذَا ا ْﻟ َﺑ ْﯾ ِ
1اﻟرﺣﻠﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﮭد اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﻲ :ﺑﻧﺎؤھﺎ اﻟﻔﻧﻲ وأﻧواﻋﮭﺎ وﺧﺻﺎﺋﺻﮭﺎ ،أطروﺣﺔ ﻟﻧﯾل درﺟﺔ دﻛﺗوراه اﻟﻌﻠوم ﻓﻲ اﻷدب اﻟﻌرﺑﻲ ،ص ،13اﻟطﺎھر ﺣﺳﯾﻧﻲ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻗﺎﺻدي ﻣرﺑﺎح،
ﻛﻠﯾﺔ اﻵداب واﻟﻠﻐﺎت ،ورﻗﻠﺔ 2014/2013 ،
3
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ :دواﻓﻊ اﻟرﺣﻠﺔ
ﻗد ﻻ ﻧﻌﺗﻘد إطﻼﻗﺎ أن ﻣن اﻟﺳﮭل ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺗﻛوﯾﻧﮫ اﻟﻌﻘﻠﻲ ،واﻟﻧﻔﺳﻲ واﻟوﺟداﻧﻲ أن ﯾﻐﺎدر ﻣﻛﺎﻧﺎ ﻋﺎش ﻓﯾﮫ وأﻟﻔﮫ ،أو ﯾﻔﺎرق ﻗوﻣﺎ
ﻧﺷﺄ ﺑﯾﻧﮭم واطﻣﺄن إﻟﯾﮭم ،دون داﻓﻊ ﺑﯾّن ﯾدﻓﻌﮫ إﻟﻰ ذﻟك ،أو ھدف واﺿﺢ ﯾرﯾد اﻟوﺻول إﻟﯾﮫ ،ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن إذا ﻻ ﯾﻣﺎرس اﻟرﺣﻠﺔ إﻻ ﺑدواﻓﻊ ﻗد
ﺗﻛون ذاﺗﯾﺔ ،وﻗد ﺗﻛون ﻋﺎﻣﺔ أو ﺗﻛﻠﯾﻔﯾﺔ ،وﻣن أﺟل ﻏﺎﯾﺎت ﻗد ﺗﻛون ﺳﺎﻣﯾﺔ ،وﻗد ﺗﻛون وﺿﯾﻌﺔ ،وﻗد ﯾرﺿﻰ وﯾﻘﺗﻧﻊ ﺑﮭﺎ ﻗوم ﻓﯾﺳﺗﺣﺳﻧوھﺎ
وﯾﺷﻣﺋز ﻣﻧﮭﺎ آﺧرون ﻓﯾﺳﺗﮭﺟﻧوھﺎ.
إن ھذه اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﺗﻔرض ﻋﻠﯾﻧﺎ أن ﻧﻘف وﻗﻔﺔ ﻣن ﺧﻼﻟﮭﺎ ﻧﺑﺣث ﻋن اﻟدواﻓﻊ اﻟﺗﻲ دﻓﻌت اﻟﺟزاﺋرﯾﯾن ﺧﻼل اﻟﻌﮭد اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﻲ ﻟﻠﻘﯾﺎم
ﺑرﺣﻼت ،وھﻲ رﺣﻼت ﻋدﯾدة ﺳﻧﺄﺗﻲ ﻋﻠﻰ ذﻛر أﺑرزھﺎ ﻻﺣﻘﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن ﺑﺣﺛﻲ ھذا ،ﻧذﻛر ﺣﺎﻟﯾﺎ اﻟدواﻓﻊ اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ ﻟﻠرﺣﻼت
اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ ﻧﺣو اﻟﻣﺷرق
ﻟﻌل أھم ﻏرض ﻟﻠﺳﻔر ﯾﺷﺗرك ﻓﯾﮫ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ أﻗطﺎر اﻷرض وﻋﺑر ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻌﺻور ھو اﻟﺳﻔر إﻟﻰ اﻟﺑﻘﺎع اﻟﻣﻘدﺳﺔ
وزﯾﺎرة ﺑﯾت ﷲ اﻟﺣرام ﺣﺟﺎ أو ﻋﻣرة ،ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر اﻟﺣﺞ أﺣد ﺷﻌﺎﺋر اﻹﺳﻼم وأﺣد أرﻛﺎﻧﮫ اﻟﺧﻣﺳﺔ ،ﻏﯾر ن اﻟﺳﻔر ﻟم ﯾﻛن ﯾﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ ﻣﻛﺔ اﻟﻣﻛرﻣﺔ
ﻓﻘط ﺑل ﻛﺎن ﯾﺗﻌداه إﻟﻰ ﻣﻧﺎطﻖ ﻣﻘدﺳﺔ أﺧرى ﻛزﯾﺎرة اﻟﻣدﯾﻧﺔ اﻟﻣﻧورة وﻣﺎ ﻓﯾﮭﺎ ﻣن آﺛﺎر ،وزﯾﺎرة ﻗﺑر اﻟرﺳول ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم واﻟﺻﻼة ﻓﻲ
ﻣﺳﺟده وزﯾﺎرة اﻟﺑﻘﯾﻊ وﻏﯾرھﺎ ،وﻛذﻟك زﯾﺎرة اﻟﻘدس اﻟﺷرﯾف واﻟﺻﻼة ﻓﯾﮫ اﺑﺗﻐﺎء اﻷﺟر واﻟﻣﺛوﺑﺔ ،وﯾﻣﻛن ﺗﻠﺧﯾص اﻷﻏراض اﻟدﯾﻧﯾﺔ ﻟﻠرﺣﺎﻟﺔ
اﻟﻣﻐﺎرﺑﺔ إﻟﻰ اﻟﺑﻘﺎع اﻟﻣﻘدﺳﺔ ﻓﻲ ﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻟﻌﻧﺎﺻر أھﻣﮭﺎ :
-طﻠب اﻟﻌﻠﻣﻲ اﻟﺷرﻋﻲ -زﯾﺎرة ﺑﻌض اﻟﻣﺂﺛر اﻟﻣﻘدﺳﺔ -ﻣﺟﺎورة اﻟﺣرم -ﺗﺄدﯾﺔ ﺷﻌﺎﺋر اﻟﺣﺞ أو اﻟﻌﻣرة
وﻛﺎن اﻟﻛﺛﯾر ﻣﻧﮭم ﻻ ﯾﻛﺗﻔﻲ ﺑزﯾﺎرة واﺣدة ﺑل ﯾﻛررھﺎ ﻟﻣرات ﻋدﯾدة .
اﻟداﻓﻊ اﻟدﯾﻧﻲ ﻣن أﺑرز اﻟدواﻓﻊ اﻟﺗﻲ ﺣﻔزت اﻟﺟزاﺋرﯾﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯾﺎم ﺑرﺣﻼت ﻋدﯾدة ،ﻧظﻣوھﺎ ﺷﻌرا وﻛﺗﺑوھﺎ ﻧﺛرا وﺑﺳﺑب اﺷﺗﮭﺎر ھذا
اﻟﻧوع ﻣن أﻧواع اﻟرﺣﻠﺔ ظﮭر ﻣﺻطﻠﺢ “اﻟرﺣﻠﺔ اﻟﺣﺟﺎزﯾﺔ” اﻟﺗﻲ ﯾﻘﺻد ﺑﮭﺎ اﻟرﺣﻠﺔ إﻟﻰ ﻣﻛﺔ اﻟﻣﻛرﻣﺔ.2
ﯾوﻟد اﻹﻧﺳﺎن ،ﯾﻧﻣو و ﯾﻛﺑر ،ﻓﯾﺟد ﻧﻔﺳﮫ أﻣﺎم طرﯾﻘﯾن ،طرﯾﻖ اﻟﻌﻠم وطرﯾﻖ اﻟﺟﮭل وﻟﻘد ﻛﺎن وﻣﺎ زال إﻟﻰ اﻟﯾوم طﻠب اﻟﻌﻠم رﻏﺑﺔ ھذا
اﻹﻧﺳﺎن ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻷرض ،ﯾﺳﻌﻰ إﻟﯾﮫ ﺟﺎھدا ﻻ ﯾﺑﺎﻟﻲ ﺑﺎﻟﺻﻌﺎب ،وﻻ ﯾﻔﺷل أﻣﺎم اﻟﻌراﻗﯾل ،وﻻ ﯾﻌﺗرف ﻣﻌﮫ ﺑﺎﻟﻣﺳﺗﺣﯾل ،ﯾﻧﻔﻖ ﻣن أﺟﻠﮫ اﻷﻣوال
و ﯾﮭﺟر اﻷھل واﻷوﻻد ،وطﻠب اﻟﻌﻠم -ﺑﺷرطﮫ اﻟوﺣﯾد أن ﯾﻛون ﻧﺎﻓﻌﺎ -ﻛﻣﺎ ھو ﻣﻌروف ﻋﻧدﻧﺎ ﻧﺣن ﻣﻌﺷر اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ،ﻓرض أوﺟﺑﮫ اﻟدﯾن،
وأﻗرﺗﮫ اﻟﺷراﺋﻊ اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟدارﺳﯾن اﻟﻣﮭﻣﯾن ﺑﺎﻟﺗﺄرﯾﺦ ﻷدب اﻟرﺣﻼت ،ﻓﻛراﺗﺷﻛوﻓﺳﻛﻲ ﯾرى أن طﺎﺑﻊ اﻟرﺣﻠﺔ ﻓﻲ طﻠب اﻟﻌﻠم طﻐﻰ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻋداه
ﻣن أﻧواع اﻟرﺣﻼت ﻓﻲ اﻟﻣﻐرب ﻣﻧذ اﻟﻘرن اﻟﺳﺎﺑﻊ اﻟﮭﺟري ،وﻗد اﺗﺳﻊ ﻧطﺎق اﻧﺗﺷﺎره ﻋﻠﻰ ﻣدى اﻟﻘرون ،ﺣﺗﻰ ﺑﻠﻎ اﻷوج ﺑوﺟﮫ ﺧﺎص ﻓﻲ اﻟﻌﮭد
اﻟﺗرﻛﻲ واﻟﻣﻌﻠوم أن اﻟﻌﻠوم اﻟﺗﻲ ﺳﯾطرت ﻋﻠﻲ اﻟرﺣﻼت اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﮭد اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﻲ ،ھﻲ اﻟﻌﻠوم اﻟدﯾﻧﯾﺔ و اﻟﻠﻐوﯾﺔ ﺑﺎﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ،أﻣﺎ ﺑﺎﻗﻲ
اﻟﻌﻠوم اﻷﺧرى ﻛﺎﻟﻔﻠك واﻟرﯾﺎﺿﯾﺎت واﻟطب وﻏﯾرھﺎ ،ﻓﻘد ﻛﺎن اﻻھﺗﻣﺎم ﺑﮭﺎ أﻗل ،وﻟم ﻧﺟد ﻟﮭﺎ ﺻورة واﺿﺣﺔ إﻻ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻹﺷﺎرات ﻓﻲ رﺣﻠﺔ
اﺑن ﺣﻣﺎدوش اﻟﺟزاﺋري .3
2ﻣﻘﺎل :اﻟرﺣﻠﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ وﺗﺄﺛﯾرھﺎ ﻋﻠﻰ اﻟوﺿﻊ اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر ﻓﻲ ﻋﮭد اﻟداﯾﺎت “رﺣﻠﺔ اﻟﺣﺳﯾن اﻟورﺛﻼﻧﻲ أﻧﻣوذﺟﺎ” ،ص ،50أ /ﻋﺎﺋﺷﺔ دﺑﺎح اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻟﻸﺳﺎﺗذة -ﺑوزرﯾﻌﺔ،
ﻣﺟﻠﺔ ﻗﺿﺎﯾﺎ ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ،اﻟﻌدد .2017 ،8
3اﻟرﺣﻠﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﮭد اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑﻖ ،ص .87
4
ت .اﻟداﻓﻊ اﻟﺟﮭﺎدي اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ:
إن اﻟﺣدﯾث ﻋن اﻟداﻓﻊ اﻟدﯾﻧﻲ واﻟﻌﻠﻣﻲ ،ﻻ ﯾﺟب أن ﯾﺣﺟب ﻋن أﻋﯾﻧﻧﺎ اﻟﻌﺎﻣل اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ،اﻟذي ﻓرﺿﺗﮫ طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ
اﻟﻣﺿطرﺑﺔ داﺧﻠﯾﺎ ،واﻟﻣﺗدھورة ﺧﺎرﺟﯾﺎ ﻣﻊ ﺑﻌض اﻟدول اﻟﻐرﺑﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ اﺳﺑﺎﻧﯾﺎ ،اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت اﻛﺑر اﻟﻣﺗرﺑﺻﯾن ﺑﺎﻟﺟﮭﺔ اﻟﻐرﺑﯾﺔ ﻟﻠوطن ووھران
ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻟﺧﺻوص ،ﻟﻘد ﻛﺎﻧت ھذه اﻷوﺿﺎع ﻣن اﻟﻌواﻣل اﻟﺗﻲ ﺣﺗﻣت ﻋﻠﻰ اﻟﺑﻌض اﻟﻘﯾﺎم ﺑرﺣﻼت ﻣن ﻧوع ﺧﺎص ،ﻧﻌﻧﻲ ﺑﮭﺎ ﺗﻠك اﻟرﺣﻼت
اﻟرﺳﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻗﺎم ﺑﮭﺎ ﺑﻌض اﻟﺣﻛﺎم ﺑدواﻓﻊ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،ﺗﺄدﯾﺑﯾﺔ ﺗﺎرة ،وﺟﮭﺎدﯾﺔ ﺗﺎرة أﺧرى وھﻲ اﻟرﺣﻼت اﻟﺗﻲ دون أﺣداﺛﮭﺎ ﻣراﻓﻘون ﻟﮭم،
ﯾﺧﺗﺎروﻧﮭم ﺣﯾﻧﺎ وﯾﻘوﻣون ﺑذﻟك ﺑﻣﺣض إرادﺗﮭم أﺣﯾﺎﻧﺎ أﺧرى .4
ﻓﺈن اﻟواﻗﻊ ﯾﻔرض ﻋﻠﯾﻧﺎ ان ﻻ ﻧﻐﻔل اﻟﺣدﯾث ﻋن اﻟدواﻓﻊ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟذاﺗﯾﺔ واﻟﺻﺣﯾﺔ ﺣﺗﻰ اﻟﺳﯾﺎﺣﯾﺔ )واﻟﺗﻲ ﻟم ﺗﻛن
ذات ﺻﯾت آﻧذاك( اﻟﺗﻲ وإن ﻟم ﺗﻛن دواﻓﻊ ﻣﺑﺎﺷرة ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺑﻼ ﺷك ﺗﻠﻘﻲ ﺑظﻼﻟﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟرﺣﺎﻟﯾن ،وﻗد ﻛﺎﻧت ﻓﻌﻼ ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﺣﯾﺎن ﻣن اﻟﻌواﻣل
اﻟﻣؤﺛرة واﻟﺗﻲ دﻓﻌت اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺟزاﺋرﯾﯾن إﻟﻰ اﻟرﺣﻠﺔ .5
4اﻟﺣﺟﺎز ﻣن ﺧﻼل ﻣؤﻟﻔﺎت اﻟرﺣﺎﻟﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﯾن ﺧﻼل اﻟﻘرﻧﯾن 17و 18م ،ص ،13ﻣذﻛرة ﺗﺧرج ﻟﻠﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﺷﮭﺎدة ﻣﺎﺳﺗر ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﺗﺧﺻص :ﺗﺎرﯾﺦ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾﺔ ،ﺑﺷراﯾر
ﻣرﯾم ،اﻟﻌﯾﺎﺷﻲ ﺳﺎﻣﯾﺔ ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﻗﺳم اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﯾﺣﯾﻰ ﻓﺎرس ﺑﺎﻟﻣدﯾﺔ2018/2019 ،
5اﻟﺣﺟﺎز ﻣن ﺧﻼل ﻣؤﻟﻔﺎت اﻟرﺣﺎﻟﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﯾن ﺧﻼل اﻟﻘرﻧﯾن 17و 18م ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﮫ ،ص.14
5
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻟث :ﻓواﺋد اﻟرﺣﻠﺔ
أن ﻟﻠرﺣﻠﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻓواﺋد ﺟﻠﯾﻠﺔ ﻛﺎن اﻟطﻠﺑﺔ واﻟﻣرﺗﺣﻠون ﯾﺳﻌون ﻟﻠﺣﺻول ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻧذﻛر ﻣﻧﮭﺎ:
أﺧذ اﻟﻌﻠم ﻣﺑﺎﺷرة ﻋن اﻟﺷﯾﺦ واﻟﺟﻠوس ﺑﯾن ﯾدﯾﮫ أھﻣﯾﺔ ﻛﺑرى ﻓﻲ اﻟﺗﻌﻠﯾم ﻓﺎﻟطﺎﻟب ﻻ ﯾﻛﺗﻔﻲ ﺑﻘراءة ﻣﺻﻧﻔﺎت اﻷﺳﺗﺎذ .
اﻟﺗﻌرف ﻋﻠﻰ ﻣﻧﺎھﺞ اﻟﺗﻌﻠﯾم واﻟﻣﺳﺗﺟدات اﻟطﺎرﺋﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺧﺻﺻﺎت اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ واﻟﺗﺣﻛم ﻓﯾﮭﺎ
اﻟﺗﻌرف ﻋﻠﻰ اﻟﺑﻠدان واﻟﺷﻌوب وﺛﻘﺎﻓﺗﮭم وﺗﻘﺎﻟﯾدھم وإﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗﺑﺎدل اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ﺑﯾن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن
اﺧذ اﻹﺟﺎزات ﻣن ﺷﯾوخ ﻣﺗﻌددﯾن وﻓﻲ ﺗﺧﺻﺻﺎت ﻋﻠﻣﯾﺔ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ھذا ﻣﺎ ﯾدﻋم اﻟﻣﺻداﻗﯾﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠطﺎﻟب
وھذا وﻛﺎن اﻟﺷﯾﺦ اﺑن ﺧﻠدون ﻣﺣﻣد ﺑن اﺑراھﯾم اﻵﺑﻠﻲ او اﺑو اﻟرﺣﺎﻟﺔ اﻟﻌرب ﻛﻣﺎ أﺣب أن اﺻطﻠﺢ ﻋﻠﯾﮫ ﻗد اﺷﺎد ﺑﻔﺿل اﻟرﺣﻠﺔ
واﻋﺗﺑرھﺎ أﺻل اﻟﻌﻠم وﺑﮭذا ﺗﺗرﺳﺦ اﻟﻣﻌﺎرف أﻛﺛر ﻓﻲ ذھن اﻟطﺎﻟب وﺗﺳﺎھم ﺑﻘدر ﻛﺑﯾر ﻓﻲ ﻧﺿوج ﻓﻛره وﻛﻠﻣﺎ زاد ﻋدد اﻟﺷﯾوخ اﻟذﯾن ﯾﻠﺗﻘﻲ ﺑﮭم
اﻟطﺎﻟب ﻛﻠﻣﺎ ﻋظﻣت ﻓﺎﺋدة اﻟرﺣﻠﺔ .6
6اﻟرﺣﻠﺔ ودورھﺎ ﻓﻲ اﻟﺗواﺻل اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ﺑﯾن اﻟﺟزاﺋر واﻟﻣﺷرق اﻟﻌرﺑﻲ ﺧﻼل اﻟﻘرن 11ھـ17/ﻣـ رﺣﻠﺔ ﯾﺣﻲ اﻟﺷﺎوي اﻟﻣﻠﯾﺎﻧﻲ 1096ھـ1685/ﻣـ ﻧﻣوﺟﺎ ،د .ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر رﺑوح ،ﻣﺟﻠﺔ
اﻟﺑﺣوث واﻟدراﺳﺎت ،اﻟﻣﺟﻠد 15اﻟﻌدد ،1ص .2018 ،300
6
اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ :أﻣﺛﻠﺔ ﻋن اﻟرﺣﻼت اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ ﻧﺣو اﻟﻣﺷرق
اﻟرﺣﻠﺔ اﻟورﺛﯾﻼﻧﯾﺔ او رﺣﻠﺔ ﻣﺣﻣد اﻟﺳﻌﯾد اﻟورﺛﯾﻼﻧﻲ ،ھو اﻟﺣﺳﯾن ﺑن ﻣﺣﻣد اﻟﺳﻌﯾد اﻟورﺗﯾﻼﻧﻲ ،وﻟد ﻓﻲ ﺑﻧﻲ ورﺗﯾﻼن ﺳﻧﺔ 1125
ھﺟرﯾﺔ اﻟﻣواﻓﻘﺔ ﻟـ 1713وﺗوﻓﻲ ﺳﻧﺔ 1193ھﺟرﯾﺔ اﻟﻣواﻓﻘﺔ ﻟـ 1780ﻣﯾﻼدﯾﺔ ﻣن أﺳرة ﺟزاﺋرﯾﺔ ﺷرﯾﻔﺔ ﻣﻌروﻓﺔ ﺑﺎﻟﻌﻠم ،ﻓﺄﺑوه وﺟده ﻛﺎﻧﺎ
ﻋﺎ ِﻟﻣﯾن ﻛﺑﯾرﯾن ﻓﻲ اﻟﻣﻧطﻘﺔ .ﺣﻔظ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم وھو ﺻﻐﯾر اﻟﺳن وﻛﺎن ﯾﺗردّد ﻋﻠﻰ اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻘرآﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺷرف ﻋﻠﯾﮭﺎ واﻟده وﻋﻠﻰ اﻟزواﯾﺎ
أﯾن ﺗﺿﻠﱠﻊ ﻓﻲ اﻷﻣور اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ وﻋﻠوم اﻟﺗوﺣﯾد ،وإﻟﻰ ﺟﺎﻧب اھﺗﻣﺎﻣﮫ ﺑدُﻧﯾﺎ اﻟﺗﺻوفّ ،
ﺗﻔرغ ﻟدراﺳﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ واﻟﺗﺑ ﱡﺣر ﻓﻲ آداﺑﮭﺎ واﻟﻧﺣو
ودراﺳﺔ اﻟﺗﺎرﯾﺦ ،ﺣﯾث أﻛد اﻟورﺗﻼﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﻓﺿل اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﻛﻌﻠم وﻋﻠﻰ ﻣﻛﺎﻧﺗﮫ واﺗﺻﺎﻟﮫ ﺑﺎﻟﻌﻠوم اﻷﺧرى واﻋﺗﺑر ﻋﻠم اﻟﺳﯾرة ﻓرﻋًﺎ ﻣﻧﮫ ،وأن
ﻣﻧزﻟﺔ اﻟﻌﺎﻟم إﻧﻣﺎ ﺗﻘﺎس ﺑﻣدى إﻟﻣﺎﻣﮫ ﺑﺎﻟﺗﺎرﯾﺦ وأﺧﺑﺎر اﻷﻣم واﻟﺣﺿﺎرات.
ﻟﻣﺎ أﺻﺑﺢ ﺷﺎﺑﺎ ً ﺗزوج ﻣن ﻓﺗﺎة ﺗدﻋﻰ ﻋوﯾﺷﺔ ﺗﻧﺳب إﻟﻰ ﻋﺎﺋﻠﺔ اﻟﻣﺳﻌود ﺑن ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن ،وﺗﻔرغ ﻟﻠﻌﻠم واﻟﺗﺻوف ﻋﻠﻰ اﻟطرﯾﻘﺔ
اﻟﺷﺎذﻟﯾﺔ واﻟﺗدرﯾس ﻓﻲ ﺑﻧﻲ ورﺗﻼن وﻣﻧﺎطﻖ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻣن اﻟﺟزاﺋر ،وﻛﺛﯾرا ً ﻣﺎ ﻛﺎن ﯾطول ﺑﮫ اﻟﻣﻘﺎم ﻓﻲ ﺑﺟﺎﯾﺔ ﺣﯾث ﺗﺗﻠﻣذ ﻋﻠﻰ ﯾده اﻟﻛﺛﯾر ﻣن
أﺑﻧﺎء اﻟﻣﻧطﻘﺔ ﻣﻣن أﺻﺑﺣوا ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد أﺳﻣﺎء ھﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟوظﺎﺋف اﻟدﯾﻧﯾﺔ .وﻗد ﺣﺎرب ﺑﻘوة اﻟﺑدع اﻟﻣﻧﺗﺷرة اﻟﺗﻲ ﻧﺳﺑت إﻟﻰ اﻟدﯾن ودﻋﺎ إﻟﻰ ﺗﻌﺎﻟﯾم
وﻣﺑﺎدئ اﻹﺳﻼم اﻟﺻﺣﯾﺣﺔ .
ﻓﻲ ﺳﻧﺔ 1153ھﺟرﯾﺔ اﻟﻣواﻓﻖ ﻟـ 1740ﻣﯾﻼدي وﻓﻲ رواﯾﺎت اﺧرى ﺧرج ﺳﻧﺔ 1179ھﺟرﯾﺔ اﻟﻣواﻓﻖ ﻟـ 1765ﻣﯾﻼدي ﺣﯾث
ﺧرج اﻟورﺗﻼﻧﻲ ﻗﺎﺻدا ً اﻟﺣﺞ إﻟﻰ اﻟﺑﻘﺎع اﻟﻣﻘدﺳﺔ وﻗد راﻓﻘﺗﮫ زوﺟﺗﮫ وأﺣد أﺑﻧﺎﺋﮫ واﺳﻣﮫ ﻣﺣﻣد ،وﻛﺎﻧت ﺣﺟﺗﮫ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﺳﻧﺔ 1166ھﺟري ﻣﻊ
اﺑن ﻋﻣﺎر .وﻓﻲ ﺳﻧﺔ 1179ھﺟري ﺣ ّﺞ ﻟﻠﻣرة اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ﻣﻧطﻠﻘﺎ ً ﻣن دﯾﺎره راﺟﻼً ﺣﯾث ﱠ
ﻣر ﻋﻠﻰ ﻗرﯾﺔ ﺳﯾدي ﺧﺎﻟد ووﻗف ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎم اﻟﻧﺑﻲ ﺧﺎﻟد،
وزار ﺳﯾدي ﻋﻘﺑﺔ واﻟﻣدن واﻟﻘرى ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ ﻣﯾزاب ،وﻣﻧﮭﺎ إﻟﻰ ﺗوﻧس ﻓﻠﯾﺑﯾﺎ وﻣﺻر ﻟﯾﺑﻠﻎ أﺧﯾرا ً أرض اﻟﺟزﯾرة ،وأﯾﻧﻣﺎ ﺣ ﱠل ﻛﺎن ﯾﺳﺟل
ﻣﺷﺎھداﺗﮫ ﻓﻲ اﻟطﺑﯾﻌﺔ وأﺣوال اﻟﻧﺎس وطﺑﺎﺋﻌﮭم .وﻓﻲ ﻣﻛﺔ واﻟﻣدﯾﻧﺔ ﻛﺎﻧت ﻟﮫ ﻓرﺻﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎع ﺑﻌﻠﻣﺎﺋﮭﺎ ،وﻟﻌل رﺣﻠﺗﮫ إﻟﻰ ﻣﺻر ﻗد أﺛّرت ﻓﯾﮫ
ﻛﺛﯾرا ً وﺧﻠّﻔت ﻟدﯾﮫ اﻧطﺑﺎﻋًﺎ طﯾﺑًﺎ ﺣﯾث اﻟﺗﻘﻰ ﺑزﻣرة ﻣن ﻛﺑﺎر اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻷزھرﯾﯾن اﺳﺗﻣﻊ إﻟﯾﮭم وأﺧذ ﻋﻧﮭم اﻟﻌﻠوم وھم ﻛﺛﯾرون ﻧذﻛر ﻣﻧﮭم ﻋﻠﻰ
ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ﻻ اﻟﺣﺻر :أﺑو اﻟﻘﺎﺳم اﻟرﺑﯾﻌﻲ واﻟﺻﻌﯾدي واﻟﻌﻣروﺳﻲ واﻟﺷﯾﺦ اﻟﺣﻔﻧﺎوي واﻟﺑﻠﯾدي واﻟﺟوھري واﻹﺷﺑﯾﻠﻲ وﺧﻠﯾل اﻷزھري
واﻟﮭﺎﺷﻣﻲ واﻟزﯾﺎﺗﻲ واﻟﻌﻔﯾﻔﻲ واﻟﺷﯾﺦ اﻟﻧﻔراوي واﺑن ﺷﻌﯾب اﻟﻛردي وﻋﻣر اﻟطﺣﻼوي.7
ﺗﻌﺗﺑر اﻟرﺣﻠﺔ اﻟورﺛﯾﻼﻧﯾﺔ اﻟﯾوم ﻣن أھم اﻟوﺛﺎﺋﻖ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗؤرخ ﻟﻔﺗرة اﻟﻌﮭد اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﻲ ﺣﯾث ﺗرﺳم ﺻورة اﻟﺣﯾﺎة ﻓﯾﮫ ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر
وﻓﻲ اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ وﯾﺑدو أن اﻟورﺛﯾﻼﻧﻲ ذاﺗﮫ وﻣن ﺧﻼل ﻣﺎ ﯾوﺣﻲ ﺑﮫ اﻟﻌﻧوان اﻟذي اﺧﺗﺎره ﻟﮭﺎ أرادھﺎ وﺛﯾﻘﺔ إﺧﺑﺎرﯾﺔ ﻟﻠﺧﻠف ﻋن ﺗﺟرﺑﺔ ﻣوﺳم
اﻟرﺣﻠﺔ إﻟﻰ اﻟﺣﺞ ،ﺑﻣﺎ ﺗﺣﻣﻠﮫ ﻣن ﻣﻌﺎن إﯾﻣﺎﻧﯾﺔ ﻋظﯾﻣﺔ ،وﺗﺟرﺑﺔ روﺣﯾﺔ ﻋﻣﯾﻘﺔ ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﺗﺧﻠل ھذه اﻟﮭﺟرة اﻟظرﻓﯾﺔ ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﷲ ﻣن
ﻋﺟﺎﺋب وﻣﺧﺎطر ،ذﻛرھﺎ ﺑﺎﻟﺗﻔﺻﯾل ﻓﻲ ﻧص اﻟرﺣﻠﺔ ،واﻷﻛﯾد أن اﻟرﺣﻠﺔ اﻟورﺛﯾﻼﻧﯾﺔ ﺗﻌﺗﺑر ﻣن أھم رﺣﻼت رﺣﺎﻟﻲ اﻟﻣﻐرب اﻟﻌرﺑﻲ ،ﻧظرا ﻟﻣﺎ
ﺗﺣﻣﻠﮫ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺣﺎﺗﮭﺎ اﻟﺗﻲ ﻧﺎھزت اﻟﺛﻣﺎﻧﻣﺎﺋﺔ ﻣن أﺧﺑﺎر ﻣﺗﻧوﻋﺔ ،ﺑﯾن أدﺑﯾﺔ و ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ودﯾﻧﯾﺔ واﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﺳﯾﺎﺳﯾﺔ وأوﺻﺎف دﻗﯾﻘﺔ ﻟﻠﻣدن
واﻟدﯾﺎر إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻧﺟده ﻓﯾﮭﺎ ﻣن ﺗﺣدﯾد ﻟﻠﻣﻣﺎﻟك وﺗﻌرﯾﻔﺎ ﺑﺎﻟﻣﺳﺎﻟك ،ﻧﺎھﯾك ﻋن اﻟﺗﻌرﯾف ﺑﺎﻟﺷﺧﺻﯾﺎت ،ﯾﺿﺎف إﻟﻰ ﻛل ذﻟك اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
واﻷدﺑﯾﺔ واﻟدﯾﻧﯾﺔ ﻟﺻﺎﺣﺑﮭﺎ ﺳﯾدي اﻟﺣﺳﯾن ﺑن ﻣﺣﻣد اﻟورﺛﯾﻼﻧﻲ اﻟرﺟل اﻟذي ﺗﺛﻘف ﻓﻲ وطﻧﮫ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻋﺻره ،واﺧﺗﻠف إﻟﻰ اﻟزواﯾﺎ اﻟﻣوﺟودة
ﺑﻣﻧطﻘﺗﮫ وﺟﺎﻟس أھﻠﮭﺎ ﺣﺗﻰ أﺻﺑﺢ واﺣدا ﻣﻧﮭم ،ﻟم ﯾﺟد ﺣرﺟﺎ ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮭم واﻻﻧدﻣﺎج ﻓﻲ طرﻗﮭم ﺑﺎﻟرﺣﻠﺔ اﻟورﺛﯾﻼﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻗﺎدت ﺻﺎﺣﺑﮭﺎ
ﻷداء ﻓرﯾﺿﺔ اﻟﺣﺞ ،ﺳﺎﻟﻛﺎ اﻟﻣﺳﺎر اﻟذي أﻟف اﻟﺟزاﺋرﯾون ﺳﻠوﻛﮫ :اﻟﺟزاﺋر ﺛم اﻟﺟرﯾد وﻗﺎﺑس ﺑﺗوﻧس اﻟﻰ طراﺑﻠس ﺑﻠﯾﺑﯾﺎ وﻣﻧﮫ اﻟﻰ وادي
اﻟرھﺑﺎن واﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ وﺳﯾﻧﺎء ﺑﻣﺻر وﺻوﻻ ﻟﻠﻌﻘﺑﺔ ﺑﺎﻷردن اﻟﯾوم وأﺧﯾرا ﻣﻛﺔ اﻟﻣﻛرﻣﺔ ،ﺧﻠد ﻛل ﻣﺎ ﻓﯾﮭﺎ ﻓﻲ ﻛﺗﺎب رﺣﻠﺗﮫ :ﻧزھﺔ اﻷﻧظﺎر ﻓﻲ
ﻓﺿل ﻋﻠم اﻟﺗﺎرﯾﺦ واﻷﺧﺑﺎر .8
7اﻟرﺣﻠﺔ اﻟورﺛﯾﻼﻧﯾﺔ ،اﻟﻣوﺳوﻣﺔ ﺑﻧزھﺔ اﻷﻧظﺎر ﻓﻲ ﻓﺿل ﻋﻠم اﻟﺗﺎرﯾﺦ واﻷﺧﺑﺎر ،اﻟﺣﺳﯾن ﺑن ﻣﺣﻣد اﻟورﺛﯾﻼﻧﻲ ،اﻟﻣﺟﻠد اﻷول ،ص ،8ﺗﺻﺣﯾﺢ ﻣﺣﻣد اﺑن أﺑﻲ ﺷﻧب ،ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟدﯾﻧﯾﺔ،
اﻟﻘﺎھرة ،ﻣﺻر.2008 ،
8اﻟرﺣﻠﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﮭد اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﻲ :ﺑﻧﺎؤھﺎ اﻟﻔﻧﻲ وأﻧواﻋﮭﺎ وﺧﺻﺎﺋﺻﮭﺎ ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﮫ ،ص.162
7
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻟرﺣﻠﺔ اﻟﻣﻠﯾﺎﻧﯾﺔ
اﻟرﺣﻠﺔ اﻟﻣﻠﯾﺎﻧﯾﺔ او رﺣﻠﺔ اﻟﺷﯾﺦ ﯾﺣﯾﻰ اﻟﺷﺎوي اﻟﻣﻠﯾﺎﻧﻲ ،ھو ﯾﺣﯾﻰ ﺑن ﻣﺣﻣد ﺑن ﻣﺣﻣد ﺑن ﻋﺑد ﷲ ﺑن ﻋﯾﺳﻰ أﺑو زﻛرﯾﺎء اﻟﻧﺎﺋﻠﻲ
اﻟﺷﺎوي اﻟﻣﻠﯾﺎﻧﻲ اﻟﺟزاﺋري اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ ،واﻟﻧﺎﺋﻠﻲ ﻧﺳﺑﺔ اﻟﻰ ﻗﺑﯾﻠﺔ أوﻻد ﻧﺎﺋل ﺑﺎﻟﻘطر اﻟﺟزاﺋري ،واﻟﻣﻠﯾﺎﻧﻲ اﻟﺷﺎوي ﺗﺳﻣﯾﺔ ﻻ ﻧﺳﺑﺎ ،وﻟد ﺑﻣدﯾﻧﺔ
ﻣﻠﯾﺎﻧﺔ ﻏﯾر أن اﻟﻣﺻﺎدر اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﻟم ﺗﺷر اﻟﻰ ﺗﺎرﯾﺦ ﻣﯾﻼده ﺑﺎﻟﺗﺣدﯾد ،ﻓﺄﺷﺎروا إﻟﻰ أن ﻣوﻟده ﻛﺎن ﻓﻲ أواﺋل اﻟﻘرن اﻟﺣﺎدي ﻋﺷر اﻟﮭﺟري
وھﻧﺎك ﻣن أﻛد أن ﻣوﻟده ﻛﺎن ﺳﻧﺔ 1030ھﺟرﯾﺔ اﻟﻣواﻓﻘﺔ ﻟـ 1619ﻣﯾﻼدﯾﺔ.9
ﺗﻠﻘﻰ اﻟﻣﻠﯾﺎﻧﻲ ﺗﻌﻠﯾﻣﮫ اﻷوﻟﻲ ﻓﻲ ﻣﺳﻘط راﺳﮫ ﻣﻠﯾﺎﻧﺔ وﻓﯾﮭﺎ ﺣﻔظ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم وﺑﻌض اﻟﻣﺗون ﺛم اﻧﺗﻘل اﻟﻰ زاوﯾﺔ أﺑﮭﻠول اﻟﻣﺟﺎﺟﻲ
اﻟﺗﻲ ﻛﺎن ﯾﻘﺻدھﺎ اﻟطﻼب ﻟدراﺳﺔ اﻟﺛﺎﻧوﯾﺔ ،ﻓﺗﻠﻘﻰ ﻓﯾﮭﺎ اﻟﻣﻠﯾﺎﻧﻲ ﻋدة ﻋﻠوم ﻋﻠﻰ ﯾد ﺷﯾﺦ اﻟزاوﯾﺔ ﻣﺣﻣد ﺑن ﻣﺣﻣد أﺑﮭﻠول ،ﺛم ﺗوﺟﮫ اﻟﻰ ﺗﻠﻣﺳﺎن
وأﺧذ ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻌﻠوم ﻋﻠﻰ ﯾد ﻋﻠﻣﺎﺋﮭﺎ ﺛم اﻧﺗﻘل اﻟﻰ ﻣدﯾﻧﺔ اﻟﺟزاﺋر ﺣﯾث ﻗرأ ﻋﻠﻰ ﯾد ﺷﯾوﺧﮭﺎ ﻣﺛل اﻟﺷﯾﺦ ﺳﻌﯾد ﻗدورة ﻣﻔﺗﻲ اﻟﺟزاﺋر آﻧذاك
واﻟﺷﯾﺦ ﻋﻠﻰ ﺑن ﻋﺑد اﻟواﺣد اﻷﻧﺻﺎري وﻏﯾرھم ،وروى ﻋﻧﮭم اﻟﺣدﯾث واﻟﻔﻘﮫ وﻏﯾره ﻣن اﻟﻌﻠوم وأﺟﺎزه ﺷﯾوﺧﮫ ،وﻣن ﺷﯾوﺧﮫ أﯾﺿﺎ ﻋﯾﺳﻰ
اﻟﺛﻌﺎﻟﺑﻲ ﺣﯾث ذﻛر اﻟﻣﺣﺑﻲ أن اﻟﺷﺎوي ﺳﺎر ﻣﻌﮫ ﻧﺣو ﺛﻣﺎﻧﯾﺔ ﻣراﺣل ﺣﺗﻰ أﻛﻣل ﻗراءﺗﮫ ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ ﻋﻠم اﻟﻣﻧطﻖ أﺛﻧﺎء رﺣﻠﺔ اﻟﺛﻌﺎﻟﺑﻲ ﻟﻠﻣﺷرق .
وﺑﻌد ﺗﺣﺻﯾﻠﮫ ﻟﻣﺧﺗﻠف اﻟﻌﻠوم ﺻﺎر ﯾﺣﯾﻰ اﻟﺷﺎوي اﻟﻣﻠﯾﺎﻧﻲ ﺷﺧﺻﯾﺔ ﻋﻠﻣﯾﺔ ﺑﺎرزة ﻓﻲ ﻣدﯾﻧﺔ اﻟﺟزاﺋر ﻓﻲ ﻓﺗرة ﻣﺎ ﺑﯾن 1064اﻟﻰ
1074ھﺟرﯾﺔ اﻟﻣواﻓﻘﺔ ﻟـ 1654اﻟﻰ 1663ﻣﯾﻼدﯾﺔ ﻓﺗﺻدر ﻟﻠﺗدرﯾس وﻋﻘد ﻣﺟﺎﻟس ﻟﻠﺣدﯾث واﻟﻘراءة وﺷرح اﻟﻛﺗب اﻟﺳﺗﺔ واﺷﺗﮭرت ﻣﺟﺎﻟﺳﮫ
واﻧﺗﻔﻊ ﺑﮫ ﺧﻠﻖ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟطﻠﺑﺔ ﻓﻲ ﻣدﯾﻧﺔ اﻟﺟزاﺋر .10
ﻗرر اﻟﺷﺎوي ﻣﻐﺎدرة اﻟﺟزاﺋر ﻧﺣو اﻟﻣﺷرق ﻟﻼﺳﺗزادة وطﻠب اﻟﻌﻠم ﻓرﺣل ﻋن اﻟﺟزاﺋر ﺳﻧﺔ 1074ھﺟرﯾﺔ اﻟﻣواﻓﻖ ﻟـ 1663ﻣﯾﻼدﯾﺔ
ﻗﺎﺻدا ﺑﯾت ﷲ اﻟﺣرام ﻓﺄدى ﻓرﯾﺿﺔ اﻟﺣﺞ وﻟﻣﺎ ﻗﺿﻰ ﺣﺟﮫ رﺟﻊ اﻟﻰ اﻟﻘﺎھرة واﺳﺗوطن ﺑﮭﺎ ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﺳﻧﺔ واﺟﺗﻣﻊ ﻓﻲ اﻟﻘﺎھرة ﺑﻔﺿﻼﺋﮭﺎ
وﻋﻠﻣﺎﺋﮭﺎ وروى ﻋن ﻋﻠﻣﺎﺋﮭﺎ ﻛﺎﻟﺷﯾﺦ ﺳﻠطﺎن اﻟﻣزاﺣﻲ واﻟﺷﻣس اﻟﺑﺎﺑﻠﻲ واﻟﻧور اﻟﺷﺑراﻣﻠﺳﻲ وأﺟﺎزه ﺑﻣروﯾﺎﺗﮭم ﻛﻣﺎ أﺧذ اﻟﺷﺎوي ﻋن اﻟﺷﯾﺦ
ﺧﯾر اﻟدﯾن اﻟرﻣﻠﻲ وأﺟﺎزه ﺣﯾث اﺗﺻل ﺑﮫ اﻟﺷﺎوي ﻋﻧدﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﺗوﺟﮫ اﻟﻰ اﻟروم )ﯾﻘﺻد ﺑﮭﺎ اﻟﻘﺳطﻧطﯾﻧﯾﺔ( .
وﻓﻲ اﻟﻘﺎھرة ﺟﻠس ﻟﻠﺗدرﯾس ﺑﺎﻷزھر اﻟﺷرﯾف واﺳﺗﻣر ﻋﻠﻰ اﻟﺗدرﯾس ﻣدة ﻓدرس ﻣﺧﺗﺻر ﺧﻠﯾل وﺷرح اﻷﻟﻔﯾﺔ ﻟﻠﻣرادي وﻋﻘﺎﺋد
اﻟﺷﯾﺦ اﻟﺳﻧوﺳﻲ وﺷروﺣﮫ وﺷرح اﻟﺟﻣل ﻟﻠﺧوﻧﺟﻲ ﻻﺑن ﻋرﻓﺔ ﻓﻲ ﻣﻧطﻖ ﺛم ﺑﻌد ﻣدة ﺗوﻟﻰ ﺑﻣﺻر اﻟﺗدرﯾس ﺑﺎﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺷرﻓﯾﺔ واﻟﺳﻠﯾﻣﺎﻧﯾﺔ
واﻟﺻرﻏﺗﻣﺷﯾﺔ ﻛﻣﺎ ﺗوﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ ﺑﻣﺻر وﺗﻘﻠد إﻣﺎرة رﻛب اﻟﺣﺞ اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﻣرﺗﯾن .
وﻣن ﻣﺻر زار اﻟﺷﺎوي ﺑﻼد اﻟﺷﺎم ﻣرﺗﯾن ﻓﻲ طرﯾﻘﮫ اﻟﻰ اﻟﺑﺎب اﻟﻌﺎﻟﻲ وﻛﺎﻧت اﻟزﯾﺎرة اﻷوﻟﻰ ﺳﻧﺔ 1081ھﺟرﯾﺔ اﻟﻣواﻓﻘﺔ ﻟـ 1670
ﻣﯾﻼدﯾﺔ واﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﺳﻧﺔ 1089ھﺟرﯾﺔ اﻟﻣواﻓﻘﺔ ﻟـ 1678ﻣﯾﻼدﯾﺔ وأﻣﺎ ﺳﺑب زﯾﺎرﺗﮫ اﻷوﻟﻰ ﻓﯾذﻛرھﺎ ﻣﻘدﯾش أن اﻟﺳﻠطﺎن اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﻲ ﻗد وﻻه
ﻣﺷﯾﺧﺔ ﺟﺎﻣﻊ اﻷزھر ﻓﻛﺎن ﻛذﻟك اﻟﻰ وﻓﺎﺗﮫ إﻻ أن ھذه اﻟرواﯾﺔ ﺿﻌﻔﺗﮭﺎ اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻣﺻﺎدر اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ وﺧﻼل ھذه اﻟزﯾﺎرات ﺣﺿﻲ اﻟﺷﯾﺦ ﯾﺣﻲ
اﻟﺷﺎوي اﻟﻣﻠﯾﺎﻧﻲ ﺑﺗﻘدﯾر أھل اﻟﺳﻠطﺔ ﻓﻲ إﺳﻼﻣﺑول ﻓﻘرﺑﮫ اﻟﻣﻔﺗﻲ وﺷﯾﺦ اﻻﺳﻼم ﯾﺣﯾﻰ اﻟﻣﻧﻘﺎري واﻟﺻدر اﻷﻋظم ﻛﻣﺎ ﺣﺿر ﻣﺟﻠس درس
اﻟﺳﻠطﺎن اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﻲ وﻧﺎل إﻛراﻣﮫ .
9اﻟرﺣﻠﺔ ودورھﺎ ﻓﻲ اﻟﺗواﺻل اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ﺑﯾن اﻟﺟزاﺋر واﻟﻣﺷرق اﻟﻌرﺑﻲ ﺧﻼل اﻟﻘرن 11ھـ17/ﻣـ رﺣﻠﺔ ﯾﺣﻲ اﻟﺷﺎوي اﻟﻣﻠﯾﺎﻧﻲ 1096ھـ1685/ﻣـ ﻧﻣوﺟﺎ ،د .ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر رﺑوح ،ﻣﺟﻠﺔ
اﻟﺑﺣوث واﻟدراﺳﺎت ،اﻟﻣﺟﻠد 15اﻟﻌدد ،1ص .2018 ،309
10د .ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر رﺑوح ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﮫ ،ص.310
8
ﯾظﮭر أن اﻟﺷﯾﺦ ﯾﺣﯾﻰ اﻟﺷﺎوي ﻗد ﻓﻘد ﻓﻲ اﻟﺳﻧوات اﻷﺧﯾرة ﻣن إﻗﺎﻣﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﻣﺷرق اﻟﺣظوة اﻟﺗﻲ ﻧﺎﻟﮭﺎ ﺣﯾث اﻧﻘﻠب ﻋﻠﯾﮫ أھل ﻣﺻر
ﻛﻣﺎ اﻧﻘﻠب ﻋﻠﯾﮫ رﺟﺎل اﻟدوﻟﺔ اﻟذﯾن ﻗرﺑوه أول اﻷﻣر وﻛﺎن ذﻟك ﺣواﻟﻲ ﺳﻧﺔ 1090ھﺟرﯾﺔ اﻟﻣواﻓﻘﺔ ﻟـ 1677ﻣﯾﻼدﯾﺔ ،ﻓرﻓﻌت ﻋﻧﮫ وﺿﺎﺋف
وﻣﻧﮭﺎ اﻟﺗدرﯾس وھذا ﯾﻌود ﻟﻌدة أﺳﺑﺎب ﻣﻧﮭﺎ اﻛﺗﺳﺎﺑﮫ ﻟﻌداوة ﺑﻌض اﻟﻌﻠﻣﺎء وأﺧذه ﻟوظﺎﺋف ﺑﻌﺿﮭم اﻵﺧر وﻛذﻟك اﻧﺗﻘﺎده ﻟﻠﻣﺗﺻوﻓﺔ واﻟﻔﻼﺳﻔﺔ
ودﺧوﻟﮫ ﻣﻌﮭم ﻓﻲ اﻟﺟدال واﻟﻣﮭﺎﺗرات وﻗد ذﻛرھﺎ ﻓﻲ ﺑﻌض إﺟﺎزاﺗﮫ.11
وﻓﻲ آﺧر اﯾﺎﻣﮫ ﺣﺞ ﻋﺑر اﻟﺑﺣر اﻷﺣﻣر ﻓﻣﺎت وھو ﻓﻲ اﻟﺳﻔﯾﻧﺔ ﯾوم اﻟﺛﻼﺛﺎء 10ﻣن رﺑﯾﻊ اﻷول 1096ھﺟرﯾﺔ اﻟﻣواﻓﻖ ﻟـ ﻓﯾﻔري
1685ﻣﯾﻼدﯾﺔ وذﻛرت اﻟﻣﺻﺎدر أن اﻟﻣﻼﺣﯾن أرادوا إﻟﻘﺎﺋﮫ ﻓﻲ اﻟﺑﺣر ﻟﺑﻌد اﻟﺑر ﻋﻧﮭم ﻓﮭﺑت ﻋﻠﯾﮭم رﯾﺢ ﺷدﯾدة ﻗطﻌت ﺷراع اﻟﺳﻔﯾﻧﺔ اﻟرﺋﯾﺳﻲ
ﻓﻘﺻدوا اﻟﺑر ودﻓﻧوه ھﻧﺎك وﻟﻣﺎ وﺻل اﻟﺧﯾر ﻻﺑﻧﮫ ﻋﯾﺳﻰ اﻧﺗﻘل اﻟﻰ اﻟﻣﻛﺎن وﻧﻘﻠﮫ ﻟﻣﻘﺑرة اﻟﻘراﻓﺔ اﻟﻛﺑرى ﺑﺗرﺑﺔ اﻟﺳﺎدة اﻟﻣﺎﻟﻛﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎن ﻗد
رﻣﻣﮭﺎ ﻗﺑل ذﻟك وﻟم ﯾﻠﺑث اﺑﻧﮫ ﻋﯾﺳﻰ ان ﺗوﻓﻲ ﺑﻌد ﺑﺣواﻟﻲ ﺳﺗﺔ أﺷﮭر ودﻓن ﺑﻣﻘﺑرة اﻟﻘراﻓﺔ اﻟﻛﺑرى ﺑﺎﻟﻘﺎھرة.
11د .ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر رﺑوح ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﮫ ،ص .310
9
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻟث :رﺣﻠﺔ أﺑو راس اﻟﻧﺎﺻر اﻟﻣﺳﻣﺎة رﺣﻠﺗﻲ ﻟﻠﻣﺷرق واﻟﻣﻐرب
ﻣوﻟوده وﻧﺷﺄﺗﮫ أ.
وﻟد أﺑو راس ﻣﺣﻣد ﺑن أﺣﻣد ﺑن اﻟﻧﺎﺻر اﻟراﺷدي ،ﻋﺎم 1150ھﺟرﯾﺔ اﻟﻣواﻓﻘﺔ 1737ﻣﯾﻼدﯾﺔ ،ﺑﻘﻠﻌﺔ ﺑﻧﻲ راﺷد ﻗرب ﻣدﯾﻧﺔ ﻣﻌﺳﻛر
ﺑﺎﻟﻐرب اﻟﺟزاﺋري ،ﺑﯾن ﺟﺑل ﻛرﺳوط وھوﻧت ،ﻓﻲ ﻣﻧﺗﺻف اﻟﻘرن اﻟﺛﻧﻲ ﻋﺷر ﻟﻠﮭﺟرة ،وﻷﺑﻲ راس أﺧوﯾن وأﺧت ،ﻓﺎﻷﺧوﯾن ھﻣﺎ :اﻟﺳﯾد ﻋﺑد
اﻟﻘﺎدر ،واﻟﺳﯾد ﺑن ﻋﻣر ،وھو اﻷخ اﻷﻛﺑر ﻷﺑﻲ راس ،وأﺧت اﺳﻣﮭﺎ ﺣﻠﯾﻣﺔ ،ﺗوﺟﮫ ﺑﮫ واﻟده إﻟﻰ ﺳﮭل ﻣﺗﯾﺟﺔ ﻗرب ﻋﺎﺻﻣﺔ اﻟﺟزاﺋر ،وھﻧﺎك
ﺗوﻓﯾت واﻟدﺗﮫ وھو ﺻﻐﯾر ،ﻗﺎم أﺑوه ﺑﺗﻌﻠﯾم اﻟرﺟﺎل واﻟﺻﺑﯾﺎن اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم ،ﺗزوج ﻋدة ﻧﺳﺎء إﻟﻰ أن ﻣﺎت رﺣﻣﮫ ﷲ ،أﻣﺎ ﺟده اﻟﺷﯾﺦ ﻋﺑد
اﻟﻘﺎدر ﻛﺎن أﻋﺟوﺑﺔ اﻟزﻣﺎن ﻓﻲ اﻟوﻻﯾﺔ واﻟﺻﻼح واﻟﻔﺿل واﻟﻔﺿﯾل ﺷﺑﮭﮫ ﺑﺎﺑن ﻋﯾﺎض اﻟﻔﺿﯾل.12
أﻣﺎ ﻧﺳﺑﮫ ﻓﯾﻘول أﺑﻲ راس" :ﻓﺄﻧﺎ ﻋﺑد رﺑّﻲ ﻣﺣﻣد أﺑو اﻟراس ﺑن أﺣﻣد ﺑن ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﺑن ﻣﺣﻣد ﺑن أﺣﻣد ﺑن اﻟﻧﺎﺻر ﺑن ﻋﻠﻲ ﺑن ﻋﺑد
اﻟﻌظﯾم ﺑن ﻣﻌروف ﺑن ﻋﺑد ﷲ ،ﺑن ﻋﺑد اﻟﺟﻠﯾل" وأن ھذا اﻟﻧﺳب ﻣﺗﺻل إﻟﻰ ﻋﻣرو ﺑن إدرﯾس ﺑن ﻋﺑد ﷲ اﻟﻛﺎﻣل ،ﺑن اﻟﺣﺳن اﻟﻣﺛﻧﻲ ﺑن
اﻟرﺳول ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم.13
اﻟﺣﺳن اﻟﺳﺑط ﺑن ﻋﻠﻲ اﺑن أﺑﻲ طﺎﻟب وﻓﺎطﻣﺔ ﺑﻧت ّ
اﻣﺎ ﻧﺷﺄﺗﮫ ﻓﻧﺷﺄ أﺑو راس ﻓﻲ ﺑﯾﺋﺔ ﻓﻘﯾرة ﻗﺎﺳﯾﺔ ،ﻓﻘد ﻋرف ﻣن ﺧﻼﻟﮭﺎ اﻟﻔﻘر واﻟﯾﺗم ﻣﻧذ ﺻﺑﺎه ﺣﯾث ﻣﺎﺗت واﻟدﺗﮫ ﻓﻲ ﻣﺗﯾﺟﺔ ،ودﻓﻧت
ھﻧﺎك ﻓرﺣل واﻟده اﻟﺷﯾﺦ أﺣﻣد إﻟﻰ ﻣﻧطﻘﺔ ﻣﺟﺎﺟﺔ ﺑﺎﻟﺷّﻠف وﺑﻌد ذﻟك ﺗزوج وﻧﺷط ﻓﻲ اﻟﻌﻠم وﻗراءة اﻟﻘرآن اﻟﻌظﯾم إﻟﻰ أن ﻣﺎت ودﻓن ﺑﻣﻘﺑرة
اﻟﺷﯾﺦ أﺣﻣد ﺑن ﻋﺑد ﷲ ﺑﺄم اﻟدروع وﻋﻠﻰ اﺛر وﻓﺎة واﻟده ﻗﺎم أﺧوه اﻷﻛﺑر اﺑن ﻋﻣر ،اﻟذي أﺧد ﻣﻘﺎم أﺑﯾﮫ ﺑﺎﻟﺗﻛﻔل ﺑﺄﺑﻲ راس وأﺧﯾﮫ ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر
ﻟﯾرﺣل ﺑﮭﻣﺎ إﻟﻰ اﻟﺟﮭﺔ اﻟﻐرﺑﯾﺔ ﻣن اﻟﺟزاﺋر ،ﺛم إﺻطﺣﺑﮭﻣﺎ إﻟﻰ اﻟﻣﻐرب اﻷﻗﺻﻰ وﻛﺎن أﺑو راس ﻻ ﯾﻘدر ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷﻲ ﻓﺣﻣﻠﮫ أﺧوه ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﮫ
ﻟﺻﻐر ﺳﻧﮭﺎ اﺑن ﺣﻔظ اﻟﻘرآن وأﺗﻘن أﺣﻛﺎﻣﮫ ﻓﮭﻣﺎ واﺳﺗﯾﻌﺎﺑﺎ.
ﺑﻌد ﻋودﺗﮫ ﻣن اﻟﻣﻐرب اﻷﻗﺻﻰ ،اﺗﺟﮫ أﺑو راس إﻟﻰ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﻘﯾطﻧﺔ ﺑﻣﻌﺳﻛر اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﻣﺛل ﻣرﻛز إﺷﻌﺎع ﻋﻠﻣﻲ ﻟدراﺳﺔ اﻟﻌﻠوم
اﻟﺷرﻋﯾﺔ ،ﻟﯾﺗوﺟﮫ إﻟﻰ ﻣدﯾﻧﺔ ﻣﺎزوﻧﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت اﻷﺧرى ﻣرﻛز إﺷﻌﺎع ﺛﻘﺎﻓﻲ ،ﺣﯾث ﺗﻠﻘﻰ ﻓﯾﮭﺎ اﻟﻌﻠوم اﻟدﯾﻧﯾﺔ واﻟﻠﻐوﯾﺔ ﻟﻣدة ﺛﻼث ﺳﻧوات ،ﻟﯾﻌود
أﺑو راس إﻟﻰ ﻗرﯾﺔ اﻟﻘﯾطﻧﺔ ﻣرة أﺧرى وﯾﻠﻘﻰ اﻟﻌﻠوم اﻟﺷرﻋﯾﺔ واﻟﻠﻐوﯾﺔ واﻷدﺑﯾﺔ وﻏﯾرھﺎ ﻋﻠﻰ ﯾد أﺣد ﺷﯾوﺧﮭﺎ اﻟﺑﺎرزﯾن وھو اﻟﻌﺎﻟم ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر
اﻟﻣﺷرﻓﻲ اﻟذي ﻻزﻣﮫ ﺣﺗﻰ وﻓﺎﺗﮫ.
وﺑذﻟك ﻓﺣﯾﺎة أﺑو راس ﻛﺎن ﯾﻣﻼھﺎ اﻟﺑؤس واﻟﯾﺗم ﻓﻲ ﺑداﯾﺗﮭﺎ ﺣﯾث ذاق ﻣرارة اﻟﺟوع واﻷﻟم ﺣﺗﻰ أﻧﮫ ﻣﺷﻰ ﺣﺎﻓﯾﺎ وھو ﻓﻲ ﺳن
اﻟطﻔوﻟﺔ ﻋﺎري اﻟﺑدن ،وﻗﺎم ﺑﻐﺳل ﺛﯾﺎب ﻏﯾره.14
12اﻟﺣﺟﺎز ﻣن ﺧﻼل ﻣؤﻟﻔﺎت اﻟرﺣﺎﻟﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﯾن ﺧﻼل اﻟﻘرﻧﯾن 17و ،18ص ،29ﻣذﻛرة ﺗﺧرج ﻟﻠﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﺷﮭﺎدة ﻣﺎﺳﺗر ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﺗﺧﺻص :ﺗﺎرﯾﺦ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾﺔ ،ﺑﺷراﯾر
ﻣرﯾم واﻟﻌﯾﺎﺷﻲ ﺳﺎﻣﯾﺔ ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﻗﺳم اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﯾﺣﯾﻰ ﻓﺎرس ﺑﺎﻟﻣدﯾﺔ.2019 - 2018 ،
13اﻟﺣﺟﺎز ﻣن ﺧﻼل ﻣؤﻟﻔﺎت اﻟرﺣﺎﻟﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﯾن ﺧﻼل اﻟﻘرﻧﯾن 17و ،18ص ،30اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﮫ.
14ﻓﺗﺢ اﻹﻟﮫ وﻣﻧﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﺗﺣدث ﺑﻔﺿل رﺑﻲ وﻧﻌﻣﺗﮫ ،أﺑو راس ﻣﺣﻣد ﺑن أﺣﻣد ﺑن اﻟﻧﺎﺻر اﻟراﺷدي ،ص ،53اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ ﻟﻠﻛﺗﺎب ،اﻟﺟزاﺋر.1982 ،
10
ب .ﺣﯾﺎﺗﮫ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اھﺗم اﻟﻧّﺎﺻري ﺑﺟﺎﻧب اﻟﻌﻠم واﻟﻌﻠﻣﺎء ،ﻓﺄﺧذ اﻟﻌﻠم ﻋﻠﻰ ﯾد ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺷﯾوخ اﻷﺟﻼء واﻟﻔﻘﮭﺎء اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟذﯾن ﻛﺎن ﻟﮭم اﻟﻘﺳط اﻷﻛﺑر
ﻓﻲ ﺗﻛوﯾن ﺷﺧﺻﯾﺗﮫ اﻟﻔﻛرﯾﺔ واﻟﻣﻌرﻓﯾﺔ ،ﻓﺄﺟﯾزوا وأﺟﺎزوا ،وﻣن أﺑرز ھؤﻻء اﻟﺷﯾوخ واﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟذﯾن ﻗدﻣوا ﻛل ﺟﮭودھم ﻣن أﺟل ﺗﻌﻠﯾﻣﮫ ﻧﺟد
واﻟده اﻟﺷﯾﺦ أﺣﻣد ﺑن أﺣﻣد ،ﻓﮭو أول ﺷﯾوﺧﮫ وأول ﻣﺎ ﻋﻠﻣﮫ ﻗراءة ﺳورة اﻻﻧﻔطﺎر واﻟﺷﯾﺦ ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر اﻟﻣﺷرﻓﻲ اﻟذي ﻛﺎن ﯾدﻋو ﺑﺷﯾﺦ
اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ وإﻣﺎم اﻟراﺷدﯾﺔ ،واﻟﺷﯾﺦ أﺣﻣد ﺑن ﻋﻣﺎر واﻟﺷﯾﺦ ﻣﺣﻣد اﻷﻣﯾر واﻟﺷﯾﺦ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﺑد اﻟرﺣﻣﺎن اﻟﺗﻠﻣﺳﺎﻧﻲ وھﻧﺎك ﺷﯾوخ آﺧرﯾن ﺑﻠﻎ
ﻋددھم ﻣﺎ ﯾﻘﺎرب ﺧﻣﺳﯾن ﺷﯾﺧﺎ وﻋﺎﻟﻣﺎ .15
ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ أن ﻧﻘﺳم رﺣﻠﺔ أﺑو راس إﻟﻰ ﻗﺳﻣﯾن ،رﺣﻼت ﻋﻠﻣﯾﺔ داﺧل اﻟﺟزاﺋر ،وأﺧرى ﺧﺎرﺟﮭﺎ ،ﻓﻣن رﺣﻼﺗﮫ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ داﺧل اﻟﺟزاﺋر،
ﺣﺎﺿرة ﻣﻌﺳﻛر ،ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ اﻟﺳﯾرة اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻷوﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﯾد ﻋﺎﻟﻣﮭﺎ اﻟﺟﻠﯾل آﻧذاك ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر اﻟﻣﺷرﻓﻲ ،ﺛم اﻧﺗﻘل ﺑﻌدھﺎ إﻟﻰ اﻟﻘﯾطﻧﺔ ﻟﻣزاوﻟﺔ
ﺗﻌﻠﯾﻣﮫ ،ﺛم إﻟﻰ اﻟﺑرج وﺑﻌدھﺎ إﻟﻰ ﻏﻠﯾزان ،ﺛم اﻧﺻرف إﻟﻰ ﻣﺎزوﻧﺔ وﻣﻛث ﻓﯾﮭﺎ ﺣواﻟﻲ ﺛﻼﺛﺔ ﺳﻧوات ،ﺣﯾث وﺻﻠﮭﺎ أول ﺻوﻣﮫ ﻓﻘﺎل :ﺛم ﺳﺎﻓرت
أول ﺻوﻣﻲ )ﺑﻣﺎزوﻧﺔ( ،......ﻓﻠﻘﯾت ﻋﻠﻰ ﺻﻐري ﻣﺷﻘﺔ اﻟﻣﺷﻲ ﻟﻛن ذﻟك أھل اﻟﺷرف ﻓﻲ اﻟﻌﻠم ،ﻟﯾرﺟﻊ ﺑﻌدھﺎ إﻟﻰ ﻣﻌﺳﻛر وﯾﺷﻣر ﻋن ﺳﺎﻋدﯾﮫ
ﻟﻠﺗدرﯾس ،ﺛم طﺎﺑت ﻧﻔﺳﮫ ﻟﻠرﺣﯾل إﻟﻰ اﻟﺟزاﺋر اﻟﻌﺎﺻﻣﺔ ﺳﻧﺔ 1789ﺗﻌرف ﺧﻼﻟﮭﺎ ﺑﻌدة ﻋﻠﻣﺎء وﺷﻌراء وﻛﺗﺎب .16
أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠرﺣﻠﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﺧﺎرج اﻟﺟزاﺋر وھﻲ ﻣوﺿوع ﺑﺣﺛﻲ ھذا ،ﻓﮭﻲ ﺗﻛﺗﺳﻲ ﺑﺎﻟﺗﻧوع واﻷھﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﻛوﯾن أﺑﻲ راس ﻓﻛﺎﻧت
اﻟﺑداﯾﺔ ﻣن ﻓﺎس ،وھﻲ رﺣﻼت ﻣﺗواﺻﻠﺔ ﻟطﻠب اﻟﻌﻠم واﻟﻣﻌرﻓﺔ ،وﻛﺎن ذﻟك ﻋﺎم 1801ﻣﯾﻼدﯾﺔ ،وﻟﻘد ﺣﺞ ﻣرﺗﯾن أوﻟﮭﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻓﻲ ﺳﻧﺔ 1790
وﺗﻌد أﻛﺑر رﺣﻠﺔ ﻗﺎم ﺑﮭﺎ اﻟﺗﻘﻰ ﺧﻼﻟﮭﺎ ﺑﺷﻌراء وﻛﺗﺎب وﻋﻠﻣﺎء أﻓﺎدوه ﻛﺛﯾرا ،واﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻛﺎﻧت ﺳﻧﺔ ،1872وﻣﻣﺎ ﻻ ﺷك ﻓﯾﮫ أن ھذه اﻟﺣﺟﺔ ﻗد
ﻋﺎدت ﻋﻠﯾﮫ ﺑﺎﻟﻔﺎﺋدة اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟﻛﺑﯾرة ﺑﻌد أن أﻓﻧﻰ ﻣن ﻋﻣره ﺑﻌﯾدا ﻋن اﻻﺗﺻﺎل ﺑﺎﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟﻣﺷﺎرﻗﺔ ﺑﻣﺎ ﻓﯾﮭم ﻋﻠﻣﺎء ﺗوﻧس وﻣﺻر.
ﺳﺎﻓر أﺑوراس إﻟﻰ اﻟﻣﺷرق ﻣرﺗﯾن ﻓزار اﻟﺷﺎم واﻟﺣﺟﺎز وﻣﺻر واﻟﺗﻘﻰ ﺑﻌﻠﻣﺎﺋﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺎھرة واﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ وﻣﻛﺔ واﻟﻣدﯾﻧﺔ ،واﻧﺗﻘل إﻟﻰ
اﻟﻣﻐرب اﻷﻗﺻﻰ وﺗوﻧس ﻓﺎﺳﺗﻘﺑﻠﮫ ﻋﻠﻣﺎء اﻟﺑﻠدﯾن ﻓﻲ ﻓﺎس وﺗوﻧس وﻏﯾرھﻣﺎ ،وﻟم ﺗﻛن رﺣﻠﺗﮫ إﻟﻰ ھذه اﻟدﯾﺎر ﻟﻠﺗﺣﺻﯾل اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻛﻣﺎ ﯾﻌﺗﻘد ﺑﻌض
اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن ﺑل ﻟﻠﻣﻧﺎظرة واﻟﺗﻔﺎوض ﺣول اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ واﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟدﯾﻧﯾﺔ ،ﻓﻠم ﺗﻛن ﻣراﻛز اﻟﻌﻠم ﻓﻲ اﻟﻣﻐرب اﻷوﺳط أﻗل ﺷﺄﻧﺎ ﻣن ﻧظﯾراﺗﮭﺎ ﻓﻲ
اﻟﻣﺷرق ،أﺳوﺗﮫ ﻓﻲ ذﻟك رﺣﻠﺔ "اﻟﺟﮭﺎﺑذة اﻟﻧﺣﺎرﯾر واﻷﺳﺎﻧﯾد اﻟﺟﻣﺎھﯾر ﻛرﺣﻠﺔ اﻹﻣﺎم اﺑن رﺷﯾد اﻟﺳﺑﺗﻲ واﻟﺧطﯾب اﺑن ﻣرزوق ورﺣﻠﺔ اﻟﺷﯾﺦ
17
أﺑﻲ ﺳﺎﻟم ﻋﺑد ﷲ ﺑن ﻣﺣﻣد اﻟﻌﯾﺎﺷﻲ" ..
ﻛﺎﻧت ﻣﮭد ﻧزوﻟﮫ وﻣﮭﺑط ﻋﻠﻣﮫ ،ﻣدﯾﻧﺔ طﯾﺑﺔ ،ﻣدﯾﻧﺔ اﻟرﺳول ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم اﻟﺗﻲ اﻟﺗﻘﻰ ﻓﯾﮭﺎ ﺑﻌﻠﻣﺎء أﺟﻼء ﻣن ﻣﺧﺗﻠف اﻷﻣﺻﺎر
واﻟﺑﻘﺎ ،ﺑﻌدھﺎ رﺣل إﻟﻰ اﻟﺷﺎم وﺗﻛﻠم ﻣﻊ ﻋﻠﻣﺎﺋﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﺳﺎﺋل ﻣﺗﻌددة ﻣﻧﮭﺎ ﻣﺳﺎﻟﺔ اﻟﺣﺑس ﻟﯾدﺧل ﺑﻌدھﺎ إﻟﻰ اﻟرﻣﻠﺔ ﻓﺎﺗﺢ أھﻠﮭﺎ وﻧﺎظرھم ﻓﻲ ﻣﺳﺎﺋل
اﻟﻌﻠم اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ.
ﻛﺎﻧت ھذه اﻟرﺣﻼت واﻷﺳﻔﺎر أﺛر ﺑﺎرز ﻓﻲ ﺗﻛوﯾن ﺷﺧﺻﯾﺔ أﺑﻲ اﻟراس ،ﻣ ّﻣﺎ ﺟﻌﻠﺗﮫ ﯾﺗﻌرف ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻣﺎء وﻓﻘﮭﺎء وﺑﺎﻟﺗّﺎﻟﻲ ﻛﺎن ﻟﮭﺎ وﻗﻊ
ﻛﺑﯾر ﻋﻠﻰ إﻧﺗﺎج أﺑﻲ راس اﻟﻣﺗﻧوع اﻟذي ﺳﻧﺄﺗﻲ ﻋﻠﻰ ذﻛره ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ.
15ﻋﺟﺎﺋب اﻷﺳﻔﺎر وﻟطﺎﺋف اﻷﺧﺑﺎر ،ﻣﺣﻣد أﺑو راس اﻟﻧﺎﺻر اﻟﻣﻌﺳﻛري ،ص ،12اﻟﻣرﻛز اﻟوطﻧﻲ ﻟﻠﺑﺣث ﻓﻲ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ -وھران ،اﻟﺟزاﺋر .2005،
16ﻋﺟﺎﺋب اﻷﺳﻔﺎر وﻟطﺎﺋف اﻷﺧﺑﺎر ،ص ،17اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﮫ.
17أﺑو راس اﻟﻧﺎﺻر :ﻣﺳﺎر ﻋﺎﻟم ﺟزاﺋري وإﻧﺗﺎﺟﮫ اﻟﻔﻛري ،اﻟﺑرﻧﺎﻣﺞ اﻟوطﻧﻲ ﻟﻠﺑﺣث ،ﻛراﺳك ص ،30-9ﺗﻘدﯾم وﺗﺣﻘﯾﻖ اﻟﺧطوط ﻣﺣﻣد ﻏﺎﻟم.2005،
11
ث .ﻣؤﻟﻔﺎﺗﮫ
ﻟﻘد ﺧﻠف أﺑو راس ﻛﺗﺑﺎ ﻛﺛﯾرة ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺗﺎرﯾﺦ وﻏﯾره ،ﺑﻌﺿﮭﺎ ﻣوﺟود وﺑﻌﺿﮭﺎ ﻣﻔﻘود ،وﻗد ذﻛر أن ﻣﺟﻣوع ﺗﺂﻟﯾﻔﮫ ﺑﻠﻐت ﻧﺣو
اﻟﺧﻣﺳﯾن ﻛﺗﺎﺑﺎ ﻓﻲ اﻟﺗﻔﺳﯾر واﻟﺗﺎرﯾﺦ واﻷدب واﻟﺗراﺟم واﻟرﺣﻼت ،وھﻧﺎك ﻣن ﻗﺎل ان ﻣﺎ أﻟﻔﮫ ﺑﻠﻎ ﻧﺣو 63ﻛﺗﺎﺑًﺎ ،وﻧﺳب اﻟﯾﮫ 137ﻣﺻﻧﻔًﺎ ﻓﻲ
ﻣﺧﺗﻠف اﻷﻏراض ،ﺑﯾن ﻛﺑﯾر وﺻﻐﯾر ،وﺑﯾن ﺗﺄﻟﯾف وﺷرح وﺗﻌﻠﯾﻖ وﺗﻠﺧﯾص ﻣﻧﮭﺎ ﻣﺎ ﻧﺷر وﻣﻧﮭﺎ ﻣﺎ زال ﻣﺣﻔوظﺎ ،وﻣﻧﮭﺎ ﻣﺎ ﯾﻌﺗﺑر ﻓﻲ ﺣﻛم
اﻟﻣﻔﻘود .
ﻛﺗب أﺑو راس أﻛﺛر ﻣن ﻏﯾره ﻣن اﻟﻛﺗﺎب اﻟﺟزاﺋرﯾﯾن ،ورﻏم أﻧﮫ أﻟف ﺗﻘرﯾﺑﺎ ﻓﻲ ﻛل ﻓرع ﻣن اﻟﻌﻠوم اﻟﻣﻌروﻓﺔ ﻓﻲ وﻗﺗﮫ ﻓﺈن اﻏﻠب
ﻛﺗﺑﮫ ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ واﻷﻧﺳﺎب واﻷﺧﺑﺎر ،وﻗد ذﻛر ھو ﻧﻔﺳﮫ ﻓﻲ رﺣﻼﺗﮫ ﺛﻼﺛﺔ وﺳﺗﯾن ﻛﺗﺎﺑﺎ ﺑﯾن ﺻﻐﯾر وﻛﺑﯾر وﻗﺳﻣﮭﺎ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﻋﺷر ﻗﺳﻣﺎ ﻣﺑﺗدﺋﺎ
ﺑﺎﻟﻘران وﻣﻧﺗﮭﯾﺎ ﺑﺎﻟﺷﻌر ،وﻧﺳب إﻟﯾﮫ ﺑﻌﺿﮭم ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ واﻷﻧﺳﺎب أﯾﺿﺎ وﻛﺛﯾر ﻣن ھذه اﻟﻛﺗب ﻗد ﺿﺎع وﻟﻛن ﺗﻣﻛﻧت ﻣن اﻟﻌﺛور ﻋﻠﻰ ﻋﻧﺎوﯾن
ﻋدد ﻣﻧﮭﺎ ﻣﺛل:
رﺣﻠﺗﮫ "ﻓﺗﺢ اﻹﻟﮫ وﻣﻧﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﺗﺣدث ﺑﻔﺿل رﺑﻲ وﻧﻌﻣﺗﮫ" اﻟﺗﻲ ﻓﯾﮭﺎ ﺗﺳﺗﺣث ﻓﻲ اﻟﻣﻐرب و"اﻟﺷﻘﺎﺋﻖ" و"اﻟﺷﻘﺎﺋﻖ اﻟﻧﻌﻣﺎﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﺷرح
اﻟروﺿﺔ اﻟﺳﻠواﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺻر" أﯾﺿﺎ "ﻋﺟﺎﺋب اﻷﺳﻔﺎر" و"ﻟﻘطﺔ اﻟﻌﺟﻼن" ،وﻣؤﻟﻔﺎت أﺑﻲ راس ﻗد ﺗرﺟﻣت وﻧﺷرت ﺑﺎﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ أﯾﺿﺎ وﻋﻠﯾﮫ
ﻓﺄﺑو راس ﺷﺧﺻﯾﺔ ﻋﻠﻣﯾﺔ ﻣﺣﺗرﻣﺔ وﯾﻌد ﻣن أﺑرز ﻋﻠﻣﺎء اﻟﺟزاﺋر اﻟﻣوﺳوﻋﯾﯾن ﻣن ﺧﻼل ﺗراﺛﮫ وإﻧﺗﺎﺟﮫ اﻟﻐزﯾر ،إذ ﻛﺎن ذا ﺳﻌﺔ ﻓﻛرﯾﺔ واﺳﻌﺔ
ﺑﺷﺗﻰ ﻣﺟﺎﻻت اﻟﺣﯾﺎة .
وﻓﻲ ﻋﻠم اﻟﺗﻔﺳﯾر وﻋﻠوم اﻟﻘرآن ﻣﺛﻼ ﻛﺗﺎب "ﻣﺟﻣﻊ اﻟﺑﺣرﯾن" ﻓﻲ ﺛﻼﺛﺔ أﺳﻔﺎر ،وﻓﻲ اﻟﺣدﯾث ﻛﺗﺎب "ﻣﻔﺎﺗﯾﺢ اﻟﺟﻧﺔ" ،وﻓﻲ ﻋﻠم
اﻷﺻول "ﺗﺷﻧﯾف اﻻﺳﻣﺎع ﻓﻲ ﻣﺳﺎﺋل اﻻﺟﻣﺎع" و"ﺣﺎﺷﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺷرح اﻟﻣﺣﻠﻰ ﻟﺟﻣﻊ اﻟﺟواﻣﻊ" ،وﻓﻲ اﻟﺗﺻوف "اﻟزھر اﻷﻛم ﻓﻲ ﺷرح اﻟﺣﻛم"
أو "ﻓﺗﺢ اﻻﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﺗوﺻل إﻟﻰ ﺷرح ﺣﻛم اﺑن ﻋطﺎء ﷲ" ،وﻟﮫ ﻓﻲ اﻷدب ﺷرﺣﺎن ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﻣﺎت اﻟﺣرﯾري ،وﻟﮫ ﻓﻲ ﻋﻠم اﻟﺑﯾﺎن ﻛﺗﺎب "اﻷﻣﺎﻧﻲ
ﻋﻠﻰ ﻣﺧﺗﺻر ﺳﻌد اﻟدﯾن اﻟﺗﻔﺗزاﻧﻲ" ،وﻓﻲ اﻟﻣﻧطﻖ ﻛﺗﺎب "اﻟﻘول اﻟﻣﺳﻠم ﻓﻲ ﺷرح اﻟﺳﻠم" ،وﻓﻲ اﻟﻌروض "ﺷرح ﻣﺷﻛﻠﺔ اﻷﻧوار اﻟﺗﻲ ﯾﻛﺎد
زﯾﺗﮭﺎ ﯾﺿﻲء وﻟوم ﻟم ﺗﻣﺳﺳﮫ ﻧﺎر" ،أﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﯾدان اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﻓﮭﻲ ﻛﺛﯾرة وﻣﺗﻧوﻋﺔ ،ﻣﻧﮭﺎ "زھر اﻟﺷﻣﺎرﯾﺦ ﻓﻲ ﻋﻠم اﻟﺗﺎرﯾﺦ" ،وﻛﺗﺎب "اﻟوﺳﺎﺋل
إﻟﻰ ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻘﺑﺎﺋل".18
ج .وﻓﺎﺗﮫ
ﺗوﻓﻲ اﻟﺷﯾﺦ اﻟﻌﻼﻣﺔ أﺑﻲ راس اﻟﻧﺎﺻر ﺑﻌد أن ﻋﺎش ﺣﯾﺎة ﺣﺎﻓﻠﺔ ﺑﺎﻟﻧﺷﺎط اﻟﻌﻠﻣﻲ ﯾوم اﻟﺧﺎﻣس ﻋﺷر ﻣن ﺷﻌﺑﺎن ﻣن ﺳﻧﺔ ﺛﻣﺎن
وﺛﻼﺛﯾن وﻣﺎﺋﺗﯾن وأﻟف ھﺟرﯾﺔ 1238ھﺟرﯾﺔ اﻟﻣواﻓﻖ ﻟـ 1823ﻣﯾﻼدﯾﺔ ﻋن ﻋﻣر ﯾﻧﺎھز اﻟﺗﺳﻌﯾن ﺳﻧﺔ ،وﻟﻘد ﺻﻠﻰ ﻋﻠﯾﮫ ﺧﻠﻖ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻧﺎس
ﯾؤﻣﮭم ﺗﻠﻣﯾذه أﺣﻣد اﻟداﯾﺞ اﻟﻣﻠﻘب ﺑﺎﻟﺧرﺷﻲ اﻟﻛﺑﯾر ﻋﻧد اﻟراﺷدﯾﺔ ،وﻗد أﺣﺻﺎھم ﺑﻌﺿﮭم ﺑـﺄﻟف وﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﻧﺳﻣﺔ ،ودﻓن ﻗرب داره ﺑﻌﻘﺑﺔ ﺑﺎﺑﺎ
ﻋﻠﻲ ﺑﻣﻌﺳﻛر أﯾن ﯾوﺟد ﺿرﯾﺣﮫ ﺣﯾث أﻗﯾﻣت ﻋﻠﯾﮫ ﺑﻧﺎﯾﺔ ﻗﺎﺋﻣﺔ إﻟﻰ اﻟﯾوم ھﻲ ﻣزار ﻟﻠﻧﺎس.19
18ﻣﺣﺎظرات :اﻟرﺣﻼت اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﮭد اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﻲ ،رﺣﻠﺔ أﺑو راس اﻟﻧﺎﺻر اﻟﻣﻌﺳﻛري ﻧﻣوذﺟﺎ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ وھران .1
19ﻣﺣﺎظرات :اﻟرﺣﻼت اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﮭد اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﮫ.
12
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻟث :أﻣﺛﻠﺔ ﻋن رﺣﻼت أﺧرى
ﻣؤﻟﻔﮭﺎ ھو أﺣﻣد ﺑن ﻗﺎﺳم ﺑن ﻣﺣﻣد ﺳﺎﺳﻲ اﻟﺑوﻧﻲ ،ﻋﺎش ﻓﻲ اﻟﻣﺷرق ،ﻻﺳﯾﻣﺎ ﺑﻣﺻر واﻟﺣرﻣﯾن ﻛﻣﺎ ﻋﺎش ﻣدة طوﯾﻠﺔ ﻓﻲ ﺗوﻧس
وﻗرأ ﻋﻠﻰ ﻋدد ﻣن اﻷﺳﺎﺗذة ﻓﻲ ھذه اﻷﻗطﺎر اﻟﺗﻲ زارھﺎ ،وأﺟﺎز وأﺟﯾز ،وﻗد ﺳﻣﻰ رﺣﻠﺗﮫ »اﻟروﺿﺔ اﻟﺷﮭﯾﺔ ﻓﻲ اﻟرﺣﻠﺔ اﻟﺣﺟﺎزﯾﺔ«
ﻛﺎن ﺣﺞ اﺑن ﻋﻣﺎر ﻷول ﻣرة ﺳﻧﺔ 1166ھﺟرﯾﺔ اﻟﻣواﻓﻘﺔ ﻟـ 1753ﻣﯾﻼدﯾﺔ وﻗد ﻣﻛث ﺑﺎﻟﺣرﻣﯾن ﺣواﻟﻲ اﺛﻧﺎ ﻋﺷر ﺳﻧﺔ ،وﻗد ﺗﻧﻘل ﺑﯾن
اﻟﺟزاﺋر واﻟﻣﺷرق ﻋدة ﻣرات ،ﻛﻣﺎ زار ﺗوﻧس ﺳﻧﺔ 1195ھﺟرﯾﺔ اﻟﻣواﻓﻘﺔ ﻟـ 1781ﻣﯾﻼدﯾﺔ ،وﻗد أﺟﺎز ﻣﺣﻣد ﺧﻠﯾل اﻟﻣرادي ﺳﻧﺔ 1205
ھﺟرﯾﺔ اﻟﻣواﻓﻘﺔ ﻟـ 1791ﻣﯾﻼدﯾﺔ ،أﻟف رﺣﻠﺗﮫ وﺳﻣﺎھﺎ» :ﻧﺣﻠﺔ اﻟﻠﺑﯾب ﻓﻲ أﺧﺑﺎر اﻟرﺣﻠﺔ إﻟﻰ اﻟﺣﺑﯾب«.
ھو ﻣﺣﻣد ﺑن ﻣﺳﺎﺋب اﻟﺗﻠﻣﺳﺎﻧﻲ وﻗد ﻛﺎﻧت رﺣﻠﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻋﺷر ،وﻣﺎ ﯾﻣﯾز ھذه اﻟرﺣﻠﺔ أﻧﮭﺎ ﻛﺎﻧت ﻧظﻣﺎ ﻣن اﻟﺷﻌر اﻟﻣﻠﺣون
ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻟرﺣﻼت اﻟﻣذﻛورة ﺳﺎﺑﻘﺎ واﻟﺗﻲ اﻋﺗﻣدت ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺛر ،ﻓﻘد ﻧظم ﻗﺻﯾدة ﻗص ﻓﯾﮭﺎ رﺣﻠﺗﮫ ﻣن ﺗﻠﻣﺳﺎن إﻟﻰ ﻣﻛﺔ اﻟﻣﻛرﻣﺔ ﻋﺑر ﻣدن وﻗرى
اﻟﺟزاﺋر ﻣن ﻏرﺑﮭﺎ إﻟﻰ ﺷرﻗﮭﺎ وﻗد ﺑدأ رﺣﻠﺗﮫ ﺑﮭذا اﻟطﺎﻟﻊ :ﯾﺎ اﻟورﺷﺎن أﻗﺻد طﯾﺑﺔ وﺳﻠم ﻋﻠﻰ اﻟﺳﺎﻛن ﻓﯾﮭﺎ.20
20ﻣﻘﺎل :اﻟرﺣﻠﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ وﺗﺄﺛﯾرھﺎ ﻋﻠﻰ اﻟوﺿﻊ اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر ﻓﻲ ﻋﮭد اﻟداﯾﺎت “رﺣﻠﺔ اﻟﺣﺳﯾن اﻟورﺛﻼﻧﻲ أﻧﻣوذﺟﺎ” ،ص ،52-51أ /ﻋﺎﺋﺷﺔ دﺑﺎح اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻟﻸﺳﺎﺗذة -
ﺑوزرﯾﻌﺔ ،ﻣﺟﻠﺔ ﻗﺿﺎﯾﺎ ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ،اﻟﻌدد .2017 ،8
13
ﺧﺎﺗﻣﺔ
ﻋﺎﺷت اﻟﺟزاﺋر ﻓﻲ ﻓﺗرة ﺣﻛم اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾﯾن ظروﻓﺎ ،دﻓﻌت ﺑﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻌﻠﻣﺎء إﻟﻰ اﻻﺗﺟﺎه ﺷرﻗﺎ أو ﻏرﺑﺎ ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﺗﺣﺻﯾل اﻟﻌﻠم أو ﻓﻲ
ﺳﺑﯾل ﺑذﻟﮫ ،وﻛﺛﯾرا ﻣﺎ ﻛﺎن ھذا اﻻﻧﺗﻘﺎل أو اﻟﺳﻔر ﺳﺑﺑﺎ ﻓﻲ ﺗﺄﻟﯾف ﻛﺗب أو ﻣؤﻟﻔﺎت ﺗﻌﻧﻰ ﺑوﺻف ﻣﺎ ﺷﺎھدوه أو ﻣﺎ روي ﻟﮭم أو ﻣﺎ ﻟﻘوه ﻣن
ﻋﻠﻣﺎء أو ﺷﺧﺻﯾﺎت أو أﻋﯾﺎن ،وھو ﻣﺎ ﯾﻌرف ﺑﻔن اﻟرﺣﻠﺔ اﻟذي ﻋرف ازدھﺎرا ﻛﺑﯾرا ﻓﻲ ھذه اﻟﻣرﺣﻠﺔ ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺟزاﺋر ،وﻣﻣﺎ ﻻ ﺷك ﻓﯾﮫ
أن ﺗﺄﺛﯾر اﻟرﺣﻠﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟوﺿﻊ اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر ﻛﺎن ﺑﺎرزا وواﺿﺣﺎ وھذا ﻋن طرﯾﻖ ﺗﺑﺎدل اﻟﻌﻠم ﺑﯾن اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟﺟزاﺋرﯾﯾن وﻧظراﺋﮭم
ﻣن اﻟﻣﺷرق أو ﻣن اﻟﻣﻐرب ،وﯾﺄﺗﻲ ھذا اﻟﺑﺣث ﻛﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻟﺗﺳﻠﯾط اﻟﺿوء ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟرﺣﻠﺔ ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗطرق ﻟﺑﻌض اﻟرﺣﻼت اﻟﺗﻲ
ﻗﺎم ﺑﮭﺎ رﺣﺎﻟﺔ وﺷﯾوخ ﺟزاﺋرﯾون آﻧذاك واﻟﺗﻲ ﺗﻌد ﻧﻣوذﺟﺎ وﻣﺻدرا ﺗﺎرﯾﺧﯾﺎ ﻻ ﯾﺳﺗﻐﻧﻰ ﻋﻧﮫ ﻓﻲ دراﺳﺔ ھذه اﻟﻣرﺣﻠﺔ ﻣن اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﺳواء
ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﺟزاﺋر أو ﺑﺎﻗﻲ اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ.
14
اﻟﻣﺻﺎدر واﻟﻣراﺟﻊ
اﻟرﺣﻠﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﮭد اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﻲ :ﺑﻧﺎؤھﺎ اﻟﻔﻧﻲ وأﻧواﻋﮭﺎ وﺧﺻﺎﺋﺻﮭﺎ ،أطروﺣﺔ ﻟﻧﯾل درﺟﺔ دﻛﺗوراه اﻟﻌﻠوم ﻓﻲ اﻷدب اﻟﻌرﺑﻲ،
اﻟطﺎھر ﺣﺳﯾﻧﻲ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻗﺎﺻدي ﻣرﺑﺎح ،ﻛﻠﯾﺔ اﻵداب واﻟﻠﻐﺎت ،ورﻗﻠﺔ.2014/2013 ،
اﻟﺣﺟﺎز ﻣن ﺧﻼل ﻣؤﻟﻔﺎت اﻟرﺣﺎﻟﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﯾن ﺧﻼل اﻟﻘرﻧﯾن 17و 18م ،ﻣذﻛرة ﺗﺧرج ﻟﻠﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﺷﮭﺎدة ﻣﺎﺳﺗر ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ
ﺗﺧﺻص :ﺗﺎرﯾﺦ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾﺔ ،ﺑﺷراﯾر ﻣرﯾم ،اﻟﻌﯾﺎﺷﻲ ﺳﺎﻣﯾﺔ ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﻗﺳم اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ
ﯾﺣﯾﻰ ﻓﺎرس ﺑﺎﻟﻣدﯾﺔ 2018/2019 ،
اﻟرﺣﻠﺔ ودورھﺎ ﻓﻲ اﻟﺗواﺻل اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ﺑﯾن اﻟﺟزاﺋر واﻟﻣﺷرق اﻟﻌرﺑﻲ ﺧﻼل اﻟﻘرن 11ھـ17/ﻣـ رﺣﻠﺔ ﯾﺣﻲ اﻟﺷﺎوي اﻟﻣﻠﯾﺎﻧﻲ
1096ھـ1685/ﻣـ ﻧﻣوﺟﺎ ،د .ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر رﺑوح ،ﻣﺟﻠﺔ اﻟﺑﺣوث واﻟدراﺳﺎت ،اﻟﻣﺟﻠد 15اﻟﻌدد .2018 ،1
اﻟرﺣﻠﺔ اﻟورﺛﯾﻼﻧﯾﺔ ،اﻟﻣوﺳوﻣﺔ ﺑﻧزھﺔ اﻷﻧظﺎر ﻓﻲ ﻓﺿل ﻋﻠم اﻟﺗﺎرﯾﺦ واﻷﺧﺑﺎر ،اﻟﺣﺳﯾن ﺑن ﻣﺣﻣد اﻟورﺛﯾﻼﻧﻲ ،اﻟﻣﺟﻠد اﻷول ،ﺗﺻﺣﯾﺢ
ﻣﺣﻣد اﺑن أﺑﻲ ﺷﻧب ،ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟدﯾﻧﯾﺔ ،اﻟﻘﺎھرة ،ﻣﺻر .2008 ،
ﻓﺗﺢ اﻹﻟﮫ وﻣﻧﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﺗﺣدث ﺑﻔﺿل رﺑﻲ وﻧﻌﻣﺗﮫ ،أﺑو راس ﻣﺣﻣد ﺑن أﺣﻣد ﺑن اﻟﻧﺎﺻر اﻟراﺷدي ،اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ ﻟﻠﻛﺗﺎب ،اﻟﺟزاﺋر،
.1982
ﻋﺟﺎﺋب اﻷﺳﻔﺎر وﻟطﺎﺋف اﻷﺧﺑﺎر ،ﻣﺣﻣد أﺑو راس اﻟﻧﺎﺻر اﻟﻣﻌﺳﻛري ،اﻟﻣرﻛز اﻟوطﻧﻲ ﻟﻠﺑﺣث ﻓﻲ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ
-وھران ،اﻟﺟزاﺋر .2005،
أﺑو راس اﻟﻧﺎﺻر :ﻣﺳﺎر ﻋﺎﻟم ﺟزاﺋري وإﻧﺗﺎﺟﮫ اﻟﻔﻛري ،اﻟﺑرﻧﺎﻣﺞ اﻟوطﻧﻲ ﻟﻠﺑﺣث ﻛراﺳك ،ﺗﻘدﯾم وﺗﺣﻘﯾﻖ اﻟﺧطوط ﻣﺣﻣد ﻏﺎﻟم .2005،
ﻣﺣﺎظرات :اﻟرﺣﻼت اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﮭد اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﻲ ،رﺣﻠﺔ أﺑو راس اﻟﻧﺎﺻر اﻟﻣﻌﺳﻛري ﻧﻣوذﺟﺎ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ وھران .1
ﻣﻘﺎل :اﻟرﺣﻠﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ وﺗﺄﺛﯾرھﺎ ﻋﻠﻰ اﻟوﺿﻊ اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر ﻓﻲ ﻋﮭد اﻟداﯾﺎت “رﺣﻠﺔ اﻟﺣﺳﯾن اﻟورﺛﻼﻧﻲ أﻧﻣوذﺟﺎ” ،أ /ﻋﺎﺋﺷﺔ دﺑﺎح
اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻟﻸﺳﺎﺗذة -ﺑوزرﯾﻌﺔ ،ﻣﺟﻠﺔ ﻗﺿﺎﯾﺎ ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ،اﻟﻌدد .2017 ،8
15