‫ﺑﻌﺪ ﺳﻨﺔ و ﻧﺼﻒ ﻫﺬا اﻟﻮداع اﻟﺨﺎﻣﺲ‪ ،‬و اﻟﻮداع اﻷﺧﻴﺮ‬

‫ﻧﻌﻢ إﻧﻪ اﻟﻮداع اﻟﺨﺎﻣﺲ‪ ،‬إﻧﻨﻲ أﺗﺬﻛﺮﻫﻢ واﺣﺪا ﺗﻠﻮ اﻵﺧﺮ‪ ،‬إﻧﻨﻲ أﻛﺘﺐ ﻟﻚ اﻵن ﺑﻌﺪ ﻟﻴﻠﺘﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﻨﻮم اﻟﻤﺘﻘﻄﻊ و دﻗﺎت اﻟﻘﻠﺐ‬
‫اﻟﻐﻴﺮ ﻣﻨﺘﻈﻤﺔ‪ ،‬و ﻏﺼﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﻠﻖ ﺗﺸﺒﻪ ﺷﻌﻮر اﺑﺘﻼع اﻟﻜﺮة اﻷرﺿﻴﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ‪ .‬ﻫﺬه ﻫﻲ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻷﺧﻴﺮة‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺻﺪﻗﻴﻨﻲ أﻧﻨﻲ‬
‫ﻻ أﻋﻠﻢ ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﻘﻮﻟﻪ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ رﺳﺎﺋﻠﻬﻢ اﻷﺧﻴﺮة ﺣﻴﻦ ﻳﻮدﻋﻮن ﻗﺼﺺ اﻟﺤﺐ اﻟﺼﺎدﻗﺔ‪ ،‬أﺷﺨﺎﺻﻬﻢ اﻟﻤﻔﻀﻠﻴﻦ‪ ،‬ﻣﻨﺎﻃﻘﻬﻢ‬
‫اﻷﻛﺜﺮ أﻣﺎﻧﺎ‪ ،‬و اﻟﻮﺟﻮه اﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﻮﻫﺎ ﻣﺼﺪرا ﻟﻠﺴﻌﺎدة اﻟﺪاﺋﻤﺔ؟ ﺻﺪﻗﻴﻨﻲ أﻧﻨﻲ ﻻ أﻋﺮف ﻛﻴﻒ؟‬

‫ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺷﻲء أرﻳﺪ أوﻻ أن أﻋﺘﺮف أﻧﻨﻲ أواﺻﻞ ﻣﺘﺎﺑﻌﺘﻚ ﻓﻲ ﻓﺘﺮات ﻣﺘﻘﻄﻌﺔ و ﻣﺘﺒﺎﻋﺪة‪ ،‬و أﻧﻨﻲ ﺣﺬﻓﺖ و أﻧﺎ ﻓﻲ ﻛﺎﻣﻞ‬
‫اﻟﻴﺄس و اﻟﺤﺰن ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺼﻮر اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺠﻤﻌﻨﻲ ﺑﻚ‪ ،‬و ﺣﺬﻓﺖ ﺟﻤﻴﻊ أﺻﺪﻗﺎﺋﻚ و ﻗﻄﻌﺖ ﻋﻼﻗﺘﻲ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻟﻪ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﻚ‪،‬‬
‫و أﻧﻨﻲ أواﺻﻞ اﻟﺼﻼة ﻣﺴﺘﺮﺳﻼ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻨﺴﻴﺎن ‪ ..‬ﻟﻘﺪ ﺑﻠﻎ اﻟﺤﺰن ﻣﺒﻠﻐﻪ و زاد ﻋﻦ ﺣﺪه ﻛﺜﻴﺮا أﻗﺴﻢ أﻧﻪ ﺟﻌﻠﻨﻲ ﻣﻬﺘﺮءا‬
‫ﺿﻌﻴﻔﺎ و ﺻﺮت ﻣﺘﻴﻘﻨﺎ ﺗﻤﺎم اﻟﻴﻘﻴﻦ أن اﻟﺤﺰن ﻟﻦ ﻳﻨﺘﻬﻲ ‪ ..‬ﻟﻢ ﻳﺘﺒﻘﻰ ﻣﻦ ذﻛﺮﻳﺎﺗﻨﺎ ﺷﻲء اﻻ ﻣﺎﻫﻮ ﻣﺤﻔﻮر ﻓﻲ ذاﻛﺮﺗﻲ و أرﻳﺪ‬
‫أن أﺧﺒﺮك أﻧﻨﻲ اﻧﺘﻀﺮﺗﻚ ﺣﺘﻰ أﻓﺴﺪ اﻻﻧﺘﻈﺎر ﻛﻞ ﺷﻲء ‪.‬‬

‫أﻛﺘﺐ رﺳﺎﻟﺘﻲ ﻫﺬه ﺑﻌﺪ أن ﻧﻔﺬت اﻟﻤﺤﺎوﻻت و ﺟﻔﺖ اﻟﻜﻠﻤﺎت و اﺳﺘﺴﻠﻤﺖ ﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أﻧﻨﺎ ﺳﻘﻄﻨﺎ ‪ ..‬ﻟﻜﻨﻨﻲ و ﺑﻜﻞ دﻫﺸﺔ ﻣﺎزال‬
‫اﻟﺴﺆال ﻳﺮاود ﻣﻔﻜﺮﺗﻲ وﻳﺘﺴﻠﻞ إﻟﻰ داﺧﻠﻲ ﻫﻞ ﺣﻘﺎ اﻧﺘﻬﻴﻨﺎ ؟ أﻗﻮﻟﻬﺎ ﺑﻜﻞ أﺳﻰ و ﺣﺰن ﻋﻤﻴﻖ "ﻧﻌﻢ اﻧﺘﻬﻴﻨﺎ" و إﻧﻨﻲ أﺳﻤﻊ‬
‫ﺑﻮﺿﻮح ﺟﻠﻲ أﺻﻮات اﻟﺤﻄﺎم ‪ ..‬ﺣﻄﺎم ﻗﻠﺒﻲ‪ .‬أﺗﻤﻨﻰ أن ﺗﻌﺮﻓﻲ ﺷﻌﻮر إدراك اﻷﻟﻢ و ﻫﻮ ﻳﺴﺘﺸﺮي ﻣﺠﺪدا ﺟﺴﺪي‪ ،‬إﻧﻪ ﻳﺒﺪأ‬
‫ﻣﻦ ﻗﻠﺒﻲ و ﻣﻦ ﺛﻢ ﻟﻜﻞ ﻣﻜﺎن ﻫﻜﺬا و ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺘﺠﺪدة ﻻ ﺗﺘﻮﻗﻒ وﻻ ﺗﻬﺪأ ‪ ..‬ﺳﺄﺳﺘﺠﻤﻊ ﻗﻮاي و أﻛﺘﺒﻬﺎ ﻟﻜﻲ ﺑﻜﻞ ﺟﺮأة و ﻛﻢ‬
‫ﺗﻤﻨﻴﺖ أن ﺗﺴﻤﻌﻬﺎ ﺟﻮارﺣﻚ "أﺣﺒﺒﺘﻚ‪ ،‬أﺣﺒﻚ" ‪ ..‬ﻟﻜﻨﻨﻲ ﺑﺤﺰن ﻋﻤﻴﻖ أﻛﺘﺒﻬﺎ ﻟﻠﻤﺮة اﻷﺧﻴﺮة‪ ،‬ﺑﺬات اﻟﺸﻌﻮر اﻟﺬي ﻛﺘﺒﺘﻬﺎ ﺑﻪ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻤﺮة اﻷوﻟﻰ‪ ،‬ﻟﻜﻦ اﻵن اﻟﺤﺰن أﻛﺒﺮ ‪ ..‬أﺷﻌﺮ اﻵن ﺑﺄﻧﻨﻲ أﺳﻘﻂ دون أن أﺻﻞ إﻟﻰ اﻟﻘﺎع ﺳﻘﻮط داﺋﻢ ﺣﺎد و ﻣﺆذي ‪ ..‬ﺻﺪﻗﻴﻨﻲ‬
‫اﻷﻣﺮ ﻣﺆﻟﻢ و ﺻﻌﺐ ﺟﺪا ﻋﻠﻰ ﺷﺨﺺ ﻣﺜﻠﻲ‪ ،‬ﺗﺆﻟﻤﻪ ﻛﺜﻴﺮا ﻟﺤﻈﺎت اﻟﻔﺮاق ﻟﻜﻦ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺎ ﻗﺮرت أن أرﺣﻞ و أن أذﻫﺐ ﺑﻌﻴﺪا‪..‬‬
‫أن ﺗﺘﺠﺎوز ﺷﺨﺼﺎ ﺟﻤﻌﺘﻚ ﺑﻪ أﺷﻜﺎل اﻷﻳﺎم و اﻟﻤﺤﺎدﺛﺎت‪ ،‬ﺑﻴﻦ ﻓﺮح و ﺣﺰن‪ ،‬ﺣﻴﺮة و اﻧﻜﺴﺎر وأﻟﻢ‪ ،‬أﺳﺮار و ﺣﻜﺎﻳﺎت ‪ ..‬أن‬
‫ﺗﺮﺣﻞ و أﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﻳﻘﻴﻦ ﺑﺄﻧﻚ ﺗﺮﻛﺖ ﻫﻨﺎ أﺷﻴﺎء ﻟﻦ ﺗﻨﺴﻰ و ذﻛﺮﻳﺎت ﻟﻦ ﺗﻤﺤﻰ ‪ ..‬أﺟﺰم أن اﻷﻣﺮ ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﺳﻬﻼ أﺑﺪا‪ ،‬ﻟﻜﻨﻬﺎ‬
‫أﺣﻜﺎم اﻟﺤﻴﺎة ﺑﻌﺪ أن ﻛﻨﺘﻲ ﻛﻞ اﻟﺤﻴﺎة‪..‬‬

‫ﻛﻮﻧﻲ ﺑﺨﻴﺮ‪ ،‬إﻟﻰ اﻟﻠﻘﺎء‪.‬‬