You are on page 1of 15

‫المبحث األول ‪:‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬تحديد ماهية المصنف واجب الحماية وشروط حمايته‬


‫مل تنص ق وانني حق املؤلف واالتفاقي ات الدولية اخلاصة حبق املؤلف على تعريف للمص نف‪ ،‬كما أهنا مل‬
‫تضع معياراً ثابتاً لتحديد معناه‪ ،‬مكتفية باإلشارة إىل أن مجيع أعمال اإلبداع الفكري بصورها األدبية والعلمية‬
‫والفنية تعترب مص نفات فكرية‪ .‬ولكن من خالل اس تقراء ق وانني حق املؤلف واالتفاقي ات الدولية اخلاصة حبق‬
‫املؤل ف‪ ،‬ميكن أن نس تخلص جمموعة من الش روط اليت جيب توافرها يف املص نف حىت يتمتع باحلماية املق ررة حبق‬
‫املؤلف‪ .‬ومن أهم ه ذه الش روط هو أن يك ون املص نف مبتك راً بغض النظر عن نوعيت ه‪ ،‬أو طريقة التعبري عنه‬
‫وغرضه أو الغاية منه أو قيمت ه‪ ،‬إال أن مفه وم االبتك ار خيتلف من بلد آلخ ر‪ ،‬وغالب اً ما حيدده االجته اد‪ ،‬ولكن‬
‫بص وره عامة ف ان البل دان اليت تتبع " النظ ام الق انوين االجنلوسكس وين" ال تش رتط الكثري من الش روط حىت يعترب‬
‫املص نف " مبتك را"‪ ،‬بل تكتفي ب أن ال يك ون املص نف نس خة عن مص نف آخر‪ .‬أما البل دان اليت تتبع " النظ ام‬
‫الق انوين املدين " مثل فرنسا فإهنا غالب اً ما تش رتط الكثري من العناصر اليت جيب أن تت وافر يف املص نفات حىت‬
‫تكون مبتكرة‪ ،‬إذ جيب مثالً أن حيمل املصنف ما يدل على شخصية مؤلفه‪.‬‬
‫واجلدير بالذكر أن هنالك بعض القواعد األساس ية املتعلقة حبق املؤلف اليت ال بد من اإلش ارة إليها قبل التع رض‬
‫تفص يالً إىل أن واع احلق وق اليت يش ملها حق املؤلف وكيفية محايتها‪.‬أن حق املؤلف حيمي املص نفات أي التعبري‬
‫عن الفكرة وليس الفكرة يف حد ذاهتا فإذا تصورت مثالً أن املؤلف ابتكر حبكة ما‪ ،‬فإن هذه احلبكة حبد ذاهتا‬
‫لن تك ون حممي ة‪ ،‬ولكن إذا ع ربت عنها من خالل س يناريو معني‪ ،‬أو قصة ص غرية ف إن ه ذا الس يناريو وه ذه‬
‫القصة يكون ان حمم يني مبوجب حق املؤلف‪ .‬ولكن ال ش يء مينع األدب اء اآلخ رين من اس تعمال حبكة مش اهبة‬
‫البتكار مصنفات أخرى‪.‬‬
‫وباإلضافة إىل ذلك‪ ،‬فان القاعدة العامة تفيد بأنه البد هلذه املصنفات حىت تتمتع باحلماية أن خترج‬
‫إىل ح يز الوج ود بش كل م ادي حمس وس‪ ،‬فال تعترب املص نفات اليت ال زالت أفك اراً يف ذهن مؤلفها أو اليت ال‬
‫زالت قيد النظر والتنقيح والتغيري والتع ديل حممية‪ .‬وذلك ألن الفك رة ال تس تحق احلماية طاملا ظلت يف خلد‬
‫صاحبها‪ ،‬أما إذا برزت إىل عامل الوجود بالتعبري عنها – أياً كان مظهره– أسبغت احلماية عليها‪.‬‬
‫وعلى الرغم من ذلك فإن هنالك بعض املصنفات اليت يتم محايتها دون أن خترج إىل حيز الوجود بشكل‬
‫مادي حمسوس‪ ،‬أي دون أن يتم اختاذ إج راءات شكلية حلمايتها‪ ،‬ونرى أن مثل هذا االجتاه موجود على وجه‬
‫اخلصوص يف الدول املوقعة على اتفاقية( برن)‪ ،‬و من أهم مميزات هذه االتفاقية‬

‫‪3‬‬
‫هو أهنا تقوم على مبدأ غياب الشكليات إذ أن جمرد االبتكار يؤهل املؤلف للتمتع باحلماية‪.‬‬
‫وهنا تربز أهم الفروقات بني الدول اليت تتبع" النظام القانوين االجنلوسكسوين" والدول اليت تتبع النظام القانوين‬
‫املدين"‪ ،‬حيث أن معظم دول العامل اليت تطبق "النظام القانوين االجنلوسكسوين" تطلب تثبيت العمل أي كتابته‬
‫أو تس جيله‪ ،‬أما يف ال دول اليت تطبق "النظ ام الق انوين املدين" ف أن املص نف يتمتع باحلماية منذ حلظة ابتك اره‪،‬‬
‫حبيث يؤدي ذلك إىل بروز مسألة الدليل من أجل إثبات االبتكار أمام القضاء‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬المصنفات التي تشملها الحماية‬
‫تضمنت كالً من القوانني الوطنية حلق املؤلف واالتفاقيات الدولية اخلاصة به نصوصاً خاصة بأنواع‬
‫املصنفات األدبية والعلمية والفنية اليت تتمتع باحلماية‪ ،‬إال أن هذه املصنفات مل ترد على سبيل‬
‫احلصر وإمنا على سبيل املثال مما ساعد اخلرباء واملتخصصني يف جمال امللكية الفكرية على‬
‫حتديد الطبيعة القانونية للمصنفات اجلديدة اليت ظهرت يف النصف األخري من القرن املنصرم‪.‬‬
‫وجيدر التنويه هنا بأن املصنفات املشمولة حبماية حق املؤلف ال خترج عن نوعني رئيسني مها‪-:‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬مصنفات أصلية‪:‬‬


‫وهي تلك اليت يضعها املؤلف بصورة مباشره دون اقتباسها من مصنفات سابقة‪ ،‬حبيث تتميز بطابع‬
‫اإلبداع واألصالة‪ .‬وميكن تقسيمها إىل ثالثة فئات‪:‬‬
‫الفئة األولى‪ :‬المصنفات األدبية والعلمية‬
‫تعترب املصنفات األدبية والعلمية من أهم املصنفات املشمولة باحلماية املقررة مبوجب تشريعات‬
‫حق املؤلف وأوسعها انتشاراً‪ .‬وتضم هذه الفئة من املصنفات مجيع صور اإلبداع الفكري الذي تربز‬
‫فيه شخصية املؤلف يف ميادين األدب والعلوم‪ ،‬أياً كانت شكل التعبري الذي تتخذه سواء كان كتابة أو‬
‫شفاهة‪ ،‬أو بالكلمات‪ ،‬أو األرقام أو باستخدام أية رموز لفظية أو رقمية‪ ،‬بغض النظر عن الطبيعة‬
‫املادية للعمل حبد ذاته‪.‬‬
‫ومثال على هذه املصنفات الكتب والكتيبات والرسائل ومما مياثلها من مصنفات مكتوبة‪ ،‬باالضافه‬
‫إىل املصنفات الشفوية اليت ميكن ان تشمل‪ :‬اخلطب واحملاضرات واملواعظ واملرافعات‪.‬‬
‫الفئة الثانية‪ :‬المصنفات الفنية‪-:‬‬
‫يعرف املصنف الفين بأنه ابتكار فكري الغرض منه استهواء احلس اجلمايل للشخص الذي حيس به‪،‬‬ ‫َ‬
‫وبذلك فان املصنفات الفنية غالباً ما يتجه تأثريها إىل احلس والشعور‪ ،‬وهي بذلك ختتلف عن‬
‫‪4‬‬
‫املصنفات األدبية والعلمية اليت يكون تأثريها يف الغالب واقعاً على العقل والتفكري‪.‬‬
‫ومن أهم هذه املصنفات الفنية اليت نصت عليها القوانني الوطنية حلق املؤلف واالتفاقيات الدولية‪:‬‬
‫مصنفات الرسم‪ ،‬والنحت والعمارة واحلفر واخلرائط اجلغرافية والصور التوضيحية‪ ،‬باإلضافة إىل‬
‫العديد من املصنفات اليت يتم التعبري عنها باخلطوط واأللوان‪.‬‬
‫الفئة الثالثة‪ :‬المصنفات الحديثة‬
‫إن التطور الذي شهده النصف األخري من القرن العشرين يف جمال االتصال رافقه تطور يف وسائل‬
‫نقل اإلنتاج الفكري على اختالف صوره من علوم وفنون آداب‪ ،‬مما أوجد مصنفات جديدة جديرة‬
‫حبماية حق املؤلف كانت حمل اهتمام ودراسة من قبل املختصني يف جمال امللكية الفكرية‪ .‬وقد كان‬
‫من أهم هذه املصنفات املصنفات اخلاصة بربامج احلاسبات االلكرتونية‪ ،‬وقواعد البيانات اليت كانت‬
‫طبيعتها التقنية ختتلف عن املصنفات التقليدية‪ ،‬األمر الذي تطلب متابعتها باستمرار ووضع قواعد‬
‫قانونية حمددة وثابتة حلمايتها‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مصنفات مشتقة من مصنفات سابقة‬
‫املصنف املشتق هو مصنف يتم ابتكاره استناداً إىل مصنف آخر سابق له ‪ ،‬حبيث يتمتع املصنف‬
‫املشتق من مصنف سابق له باحلماية املقررة حلق املؤلف نظراً ألن إبداعه يتطلب قدراً معيناً من‬
‫املعرفة اخلاصة واجلهود اخلالّقة‪ .‬وتتطلب املصنفات املشتقة القيام بإعادة صياغة أو اقتباس أو‬
‫حتويل للمصنف املوجود من قبل‪.‬‬
‫ويرتتب على مشول املصنف املشتق حبماية حق املؤلف عدم اإلخالل باحلقوق اليت يتمتع هبا مؤلف‬
‫املصنف األصلي ‪ ،‬وهذا يعين عملياً إن على من يستخدم مصنفاً مشتقاً أن يطلب ترخيصاً من مؤلف‬
‫املصنف األصلي ومن مؤلف املصنف املشتق على السواء‪ ،‬إال إذا كان هذا األخري قد حصل من‬
‫مؤلف املصنف األصلي على ترخيص تعاقدي خيوله بالتصرف جتاه الغري يف احلقوق املرتبطة‬
‫باملصنف املشتق‪.‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬المصنفات التي ال تشملها حماية حق المؤلف‬
‫يعترب عدم مشول بعض املصنفات باحلماية املقررة حلق املؤلف استثناءاً على القاعدة العامة اليت‬
‫تقضي بتطبيق محاية حق املؤلف على املصنفات األدبية والعلمية والفنية لصاحل مؤلفيها‪ .‬إال إن عدم‬
‫متتع بعض املصنفات باحلماية يرجع يف الغالب ألسباب تتعلق باملصلحة العامة‪ ،‬إذ أن مصلحة‬

‫‪5‬‬
‫البشرية تقتضي اإلفادة من اإلبداع الفكري واألديب والفين‪ ،‬ففي إطّالعهم على هذا اإلبداع ما يسهم‬
‫يف ثرائها وتقدمها ورفعة شأهنا‪.‬‬
‫وترتيباً على ذلك كان من الطبيعي أن تورد تشريعات محاية حق املؤلف قيوداً على ما يتمتع به‬
‫املؤلف من حقوق على مصنفاته‪،‬كذلك كان هو احلال يف االتفاقيات الدولية اليت نظمت حق املؤلف‪.‬‬
‫وميكن تصنيف املصنفات اليت ال تشملها احلماية إىل نوعني‬
‫الفرع األول‪ :‬يتمثل في االستعمال الحر والمشروع للمصنفات المحمية‬
‫ويقصد باالستعمال احلر للمصنفات‪ -‬الذي يعترب استثناءاً على احلماية – إمكانية استعمال املصنف‬
‫احملمي جماناً ودون أي تصريح من املؤلف يف بعض احلاالت اخلاصة‪ ،‬ومع مراعاة الشروط‬
‫اخلاصة بكيفية االستعمال ومداه واحلفاظ على احلقوق املعنوية للمؤلف‪ .‬وغالباً ما يكون الباعث‬
‫األساسي لالستعمال احلر للمصنف احملمي هو حتقيق أغراض معينة مثل‪ :‬النقد والتعليق‪ ،‬أو عرض‬
‫األحداث اجلارية‪ ،‬أو التدريس وغري ذلك من األغراض اليت يتم حتديدها على ضوء بعض املعايري‬
‫ملعرفة ما إذا كان إلستعمال املصنف احملمي طابعاً جتارياً ‪ ،‬أي حتقيق ربح‪ ،‬أو أن الغرض من‬
‫االستعمال تربوي أو إعالمي‪ ،‬وكذلك ملعرفة حجم اجلزء املستعمل بالنسبة إىل املصنف احملمي‪.‬‬
‫ومن املفاهيم اخلاطئة والشائعة يف املؤسسات التعليمية أن االستعمال إذا كان ألهداف تعليمية فان‬
‫ذلك يعين تلقائيا أن هذا االستعمال يدخل ضمن مفهوم االستعمال احلر وال حاجة ألخذ تصريح من‬
‫املؤلف على هذا االستعمال‪.‬‬
‫وتشمل أمثلة االنتفاع احلر باملصنفات‪ ،‬املقتطفات املأخوذة من مصنف حممي‪ ،‬حبيث يشرتط يف‬
‫ذلك اإلشارة بوضوح إىل املصدر وذكر اسم املؤلف على أن يتوافق هذا االستخدام مع حسن‬
‫االستعمال‪.‬‬
‫وإضافة إىل االنتفاع احلر باملصنفات تنص قوانني بعض البلدان على مفهوم (االنتفاع املشروع )‬
‫الذي يعين السماح باستعمال مصنف ما دون موافقة صاحب احلقوق ولكن مع األخذ بعني االعتبار‬
‫العوامل التالية‪:‬‬
‫• طبيعة وغاية االستعمال‪ ،‬سواء كان االستعمال ألغراض جتارية أو ألغراض تعليمية غري‬
‫رحبية‪.‬‬
‫• طبيعة املصنف املنتفع به‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫• حجم اجلزء املستعمل من املصنف بالنسبة جململ املصنف املنتفع به‪.‬‬
‫• اآلثار املرتتبة جراء هذا االنتفاع على قيمة املصنف أو على السوق احملتمل للمصنف‪.‬‬
‫وميكن القول بان مفهوم (االنتفاع احلر)هو من املفاهيم األقل استقرارا يف القانون حيث أن مرونة‬
‫هذا املفهوم جتعل تعريفه من األمور غري اليسرية‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تراخيص الترجمة واالستنساخ باعتبارها تقييداً على حق المؤلف‬
‫يعترب الرتخيص الذي مينحه املؤلف أو صاحب حق املؤلف للمستفيد من املصنف من أجل إستعماله‬
‫بالطريقة وتبع اً للشروط املتفق عليها بينهما من االستثناءات اهلامة على محاية حق املؤلف‪ ،‬ويقصد بالرتخيص‪-‬‬
‫يف جمال حق املؤل ف‪-‬التص ريح ال ذي مينحه املؤلف أو ص احب حق املؤلف للمس تفيد من املص نف وذلك من‬
‫أجل إستعماله بالطريقة وتبعا للشروط املتفق عليها بينهما يف العقد الذي يسمى عادة (إتفاق الرتخيص)‪،‬حبيث‬
‫يتم إبرامه ع ادة نتيجة تف اوض بني املنتفعني باملص نفات وأص حاب احلق وق عليه ا‪،‬ومث ال على ه ذه ال رتاخيص‬
‫ت راخيص اإلستنس اخ اليت تعطي احلق لكل م واطن من مواطين ال دول النامية أن يطلب من الس لطة املختصة يف‬
‫البلد املنتج فيها املصنف‬
‫املطلوب استنساخه ترخيصاً باستنساخ نسخة معينة من هذا املصنف ونشره يف شكل مطبوع‬
‫بعد انقضاء مهلة معينة تقررها التشريعات الوطنية الواجبة التطبيق يف هذا اجملال‪.‬‬

‫حقوق المؤلف‬
‫قبل البدء بعرض احلقوق األساسية للمؤلف ال بد من بيان املقصود باملؤلف ذاته‪ :‬فاملؤلف هو آل‬
‫شخص يقوم بإنتاج فكري مبتكر سواء كان هذا اإلنتاج أدبيا أو فنياً وأياً كانت طريقة التعبري عنه‬
‫سواء بالكتابة أو الرسم أو التصوير أو إىل غري ذلك من الطرق األخرى‪ .‬ويستدل على أن هذا‬
‫الشخص هو املؤلف من خالل وضع امسه على املصنف‪ ،‬ولكن ليس معىن ذلك أن ظهور اسم‬
‫الشخص على املصنف دليل قاطع على انه املؤلف‪ ،‬فقد ينشر املصنف حتت اسم شخص آخر إذا‬
‫رغب املؤلف يف أن يظل مسترتاً‪ ،‬ويف هذه احلالة يظهر املصنف حتت اسم مستعار أو جمهول‪.‬‬
‫تنقسم حقوق املؤلف بشكل أساسي إىل حقوق أدبية وحقوق مالية آما هو مفصل تالياً‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الحقوق األدبية للمؤلف‬

‫‪7‬‬
‫احلقوق األدبية هي حقوق لصيقة بالشخصية ال جيوز التصرف هبا وال يلحقها التقادم بل وال يوجد ما‬
‫يلزم بتوقيت مدة محايتها بفرتة زمنية حمدودة بعد وفاة املؤلف‪.‬‬
‫و تتفرع احلقوق األدبية مجيعاً – إذا جاز القول – عن احلق يف األبوة مبعناه الواسع فكلها تشري اىل‬
‫أبوة املؤلف ملصنفه‪ ،‬فله وحده احلق يف نسبة املصنف إليه واحلق يف أن حيرتم مصنفه فال يعدل او‬
‫حيور إال مبوافقته‪ ،‬وليس خللفه من بعده إال جمرد احلق يف منع التعديل او التحوير‪ ،‬وله احلق يف‬
‫تقرير نشر مصنفه وقتما شاء ويضاف إىل ذلك حق املؤلف يف سحب مصنفه بعد نشره‪.‬‬
‫وأخرياً وليس آخرا جيب ذكر امسه املؤلف عندما يتم استنساخ هذا املصنف‪ ،‬إذ حيق له إذا كتب‬
‫كتاباً أن يذكر امسه املؤلف هلذا الكتاب‪ ،‬كما ان من حقه أن يذكر امسه عندما يستعمل هذا املؤلف‬
‫وذلك ضمن حدود املعقول‪ .‬فمثال‪ ،‬من غري املعقول أن تطلب من مشغل االسطوانات يف صالة‬
‫حفالت أن يذكر اسم املؤلف وملحن آل أغنية يبثها فحق األبوة ال يذهب إىل هذه احلدود‪ ،‬ولكنه مثال‬
‫ويف احلفالت املوسيقية فان من حق الفنان أن يذكر امسه على برنامج احلفل مثال‪.‬‬
‫‪ )1‬من اتفاقية( برن)‪ ،‬فنصت صراحة على انه "بغض ‪ /2/‬وقد نصت على هذه احلقوق املادة( ‪6‬‬
‫النظر عن احلقوق املالية للمؤلف‪ ،‬بل وحىت بعد انتقال هذه احلقوق‪ ،‬فإن املؤلف حيتفظ باحلق يف‬
‫املطالبة بنسبة املصنف إليه‪ ،‬وباالعرتاض على كل حتريف أو تشويه أو أي تعديل آخر هلذا‬
‫املصنف أو كل مساس آخر بذات املصنف يكون ضاراً بشرفه وبسمعته"‪.‬‬
‫وفي ما يلي األنواع المختلفة للحقوق األدبية للمؤلف‪:‬‬
‫أ ‪ -‬حق المؤلف في نسبة مصنفه إليه‪-:‬‬
‫وذلك يعين حقه يف املطالبة باالعرتاف بأن املصنف الذي أبدعه هو من إنتاجه‪ ،‬وإيصال هذا‬
‫املصنف إىل اجلمهور مقروناً بامسه ولقبه ومؤهالته العلمية وذلك بشكل بارز على آل نسخة من‬
‫نسخ املصنف الذي ينشره بنفسه أو بواسطة غريه‪ ،‬آما يعين حقه يف إن يعلن امسه يف حالة األداء‬
‫العلين أو اإلذاعة للمصنف أو يف حالة االقتباس من املصنف‪ ،‬وحقه يف أن ينشر مصنفه حتت اسم‬
‫مستعار أو بدون اسم‪ ،‬ويف أن حيظر على الغري القيام بنشر مصنفاته حتت اسم آخر‪ ،‬أي حتريف‬
‫امسه‪.‬‬
‫ويعترب حق املؤلف يف نسبة مصنفه إليه من احلقوق األبدية وغري القابلة للتنازل عنها أو التقادم‪،‬‬
‫واليت تطبق على مجيع املصنفات ومجيع املؤلفني على اختالف فئاهتم‪ ،‬سواء كانوا كتاباً أو فنانني أو‬

‫‪8‬‬
‫موسيقيني أو غريهم‪ .‬آما تطبق هذه احلماية على املؤلفات املشرتاة بني عدة أشخاص إذ ينبغي أال‬
‫يغفل أياً من أمسائهم‪.‬‬
‫ب ‪ -‬حق المؤلف في تقرير نشر مصنفه‪-:‬‬
‫يعترب هذا احلق من أهم االمتيازات اليت ترتتب على احلق األديب للمؤلف‪ ،‬وذلك ألن هذا احلق مينح‬
‫املؤلف السلطة يف تقرير ما إذا كان يرغب بنشر مصنفه أم ال‪ ،‬وان حيدد اللحظة والطريقة‬
‫والظروف اليت يتم فيها نشر مصنفه للمرة األوىل‪.‬‬
‫ومفاد ذلك أن هذا احلق هو حق لصيق بالشخصية يتعني مباشرته من املؤلف نفسه أو من قبل من‬
‫ميثله قانونياً أو اتفاقياً ويتم ذلك برتخيص املؤلف بالنشر األول ملصنفه‪ .‬وإذا تويف املؤلف باشر‬
‫اخللف العام للمؤلف مبمارسة هذا احلق ما مل يقم املؤلف بالنهي عن ذلك صراحة يف وصيته‪.‬‬
‫ويعترب قرار املؤلف يف نشر مصنفه وظهور املصنف إىل العامل اخلارجي بشكل مادي حمسوس‬
‫مبثابة شهادة والدة للمصنف اليت يكتسب مبوجبها مبتكر اإلنتاج الفكري صفة املؤلف‪ ،‬ويكتسب ذات‬
‫اإلنتاج الفكري صفة املصنف‪ ،‬ويكون جديراً بإسباغ احلماية القانونية عليه‪ ،‬إذ يصعب قبل ذلك إقامة‬
‫الدليل على وجوده يف ذهن املؤلف‪.‬‬
‫ج ‪ -‬حق المؤلف في السحب‪-:‬‬
‫يقصد باحلق يف السحب حق املؤلف يف سحب مصنفه من التداول ندماً على رأي أبداه أو تعبري‬
‫أورده فيه أو حىت شكل اختذه املصنف ما دام املؤلف يرى يف ما تقدم مساسا به ومبكانته ومسعته‪.‬‬
‫ونالحظ من خالل استقراء ما نصت عليه قوانني حق املؤلف وما استقر عليه غالبية الفقه من‬
‫االعرتاف هبذا املبدأ‪ ،‬أن هنالك شروط معينة ال بد من توافرها لتمتع املؤلف هبذا احلق وممارسته‬
‫له‪ ،‬وهذه الشروط هي‪-:‬‬
‫أ – حدوث أسباب خطرية بعد نشر املصنف تدعو املؤلف إىل سحب مصنفه من التداول‪ ،‬ومثال على‬
‫ذلك ان يكون املؤلف قد وضع مصنفه متأثراً برأي يسيطر عليه مث تبني بعد البحث واالطالع انه‬
‫جانب الصواب يف رأيه‪.‬‬
‫ب_ ان يكون املصنف قيد التداول عند سحبه‪.‬‬
‫ج – تعويض – احملال له حق االنتفاع املايل باملصنف – تعويضاً عادالً‪.‬‬
‫د ‪ -‬الحق في احترام المصنف وعدم االعتداء عليه‪-:‬‬

‫‪9‬‬
‫ويقصد باحلق يف احرتام املصنف‪ ،‬حق املؤلف يف ان حيرتم مصنفه احرتاماً كامالً‪ ،‬فليس ألحد أن‬
‫يعدل أو حيور فيه بغري إذن كتايب مسبق منه ويعترب هذا احلق من احلقوق الدائمة اليت ال يقبل‬
‫َ‬
‫التصرف فيها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الحقوق المالية للمؤلف‪-:‬‬
‫ويقصد باحلق املايل للمؤلف إعطاء آل صاحب إنتاج فكري حق االحتكار‪ ،‬واستغالل هذا اإلنتاج مبا‬
‫يعود عليه من منفعة أو ربح مايل‪ ،‬وذلك خالل مدة معينة‪ .‬ويتميز احلق املايل للمؤلف خباصيتني‬
‫أساسيتني مها‪ :‬انه حق استئثاري وبأنه حق مؤقت‪.‬‬
‫يترتب على كون الحق المالي استئثارياً للمؤلف‪ :‬أن حق استغالل املصنف مالياً هو للمؤلف وحده‪،‬‬
‫وال جيوز لغريه مباشرة هذا احلق دون إذن مسبق منه أو ممن خيلفه‪ ،‬وأن له وحده أن ينقل إىل الغري‬
‫احلق من مباشرة حقوق االستغالل املقررة له آهلا او بعضها‪ ،‬وأن حيدد يف هذه احلالة مدة استغالل‬
‫الغري ملصنفه‪.‬‬

‫كما يترتب على كون الحق المالي مؤقتاً‪ -:‬أن هذا احلق ينقضي بفوات مدة معينة حيددها القانون‪،‬‬
‫حبيث ال يصبح استغالل املصنف مالياً بعد فوات هذه املدة احتكاراً لشخص معني‪ ،‬وإمنا يعترب‬
‫املصنف بعد انتهاء هذه املدة من الرتاث الفكري العام حيث يؤول إىل امللك العام‪.‬‬
‫وقد حددت قوانني حق املؤلف املختلفة الوسائل اليت ميكن للمؤلف من خالهلا استغالل املصنف‬
‫مالياً‪ ،‬وهي وسائل مل ترد على سبيل احلصر وإمنا وردت على سبيل املثال‪ ،‬وذلك ألنه ال يوجد ما‬
‫مينع من ظهور وسائل أخرى الستغالل املصنفات يف املستقبل قد يقتضيها التطور يف جماالت‬
‫االتصال ووسائل نشر اإلنتاج الفكري‪.‬‬
‫ومن استقراء قوانني حق املؤلف واالتفاقيات الدولية اخلاصة حبق املؤلف ميكن استخالص ثالث‬
‫صور رئيسية الستغالل املصنف مالياً وهي‪:‬‬
‫أ‪ -‬حق النشر‪-:‬‬
‫عرفت الكثري من قوانني حق املؤلف الوطنية عقد النشر وحددت شروط صحته وبينت التزامات‬
‫طرفيه(املؤلف والناشر)‪ ،‬وميكن تعريف النشر‪ -‬بشكل عام يف جمال حق املؤلف‪ -‬على انه وضع‬
‫مصنف يف متناول اجلمهور ألول مرة وأعداده يف عدد آالف من النسخ امللموسة‪.‬‬
‫آما تضمنت بعض قوانني حق املؤلف مناذج موحدة لعقود نشر بعض املصنفات يلتزم هبا املؤلفون‬
‫‪10‬‬
‫والناشرون على حد سواء بعد موافقة منظمات وهيئات املؤلفني املختصة مبوجب القانون‪ ،‬باعتبار‬
‫ان هذه املنظمات تؤدي دوراً عاماً يف التخفيف من املصاعب اليت يواجهها املؤلفون يف التفاوض‬
‫بشأن حقوقهم مع املتخصصني‪ .‬وأجازت هذه القوانني لطريف العقد (املؤلف والناشر) اخلروج عن‬
‫شروط العقد النموذجي املوجود يف بعض احلاالت شريطة عدم االنتقاص من املزايا اليت يكفلها‬
‫القانون أو العقود النموذجية املوحدة للمؤلف‪.‬‬
‫ويقوم عقد النشر على اتفاق بني املؤلف والناشر يتعهد األول مبقتضاه بأن يقدم للثاين إنتاجه الفكري‬
‫ويلتزم الثاين بطبع هذا اإلنتاج على نفقته وبتوزيعه على مسؤوليته‪.‬‬
‫ويتميز عقد النشر مبجموعة من اخلصائص تتمثل فيما يلي‪-:‬‬
‫‪– 1‬أنه عقد تباديل‪ :‬يتم باالتفاق بني املؤلف والناشر بعد حتديد االلتزامات املرتتبة بينهم‪.‬‬
‫‪ – 2‬أنه عقد خمتلط‪ :‬وذلك ألنه يعترب عقداً مدنياً بالنسبة للمؤلف وعقداً جتارياً بالنسبة إىل الناشر‪.‬‬
‫‪ – 3‬أنه عقد حمدد‪ :‬فعقد النشر يتضمن حتديداً اللتزامات طرفيه‪ ،‬وحتديداً للمقابل املادي الذي‬
‫يتقاضاه املؤلف عن حقوق النشر‪.‬‬
‫‪ – 4‬أنه عقد شكلي‪ :‬اذ تشرتط معظم قوانني حق املؤلف اليت تضمنت أحكاما خاصة بعقود النشر‬
‫ان تكون مكتوبة كشرط لصحة التصرف‪.‬‬
‫‪ – 5‬ان أحكامه ختضع لقانون محاية حق املؤلف‪ ،‬حبيث حتدد هذه األحكام تفصيالً اللتزامات‬
‫املؤلف والناشر‪.‬‬
‫حبيث يلتزم املؤلف مبا يلي‪:‬‬
‫• تسليم املصنف للناشر‪__.‬‬
‫• أن يقوم بتصحيح جتارب املصنف وان يعيدها إىل الناشر بعد تصحيحها خالل مدة معقولة‪.‬‬
‫• يلتزم املؤلف باالمتناع عن استغالل املصنف مبا يضر حبقوق الناشر‪.‬‬
‫• أن يضمن عدم وجود حقوق على املصنف لطرف ثالث‪.‬‬
‫أما االلتزامات اليت ترتتب على الناشر فإهنا تتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫• التزام الناشر بأن ينشر املصنف يف امليعاد احملدد له‪.‬‬
‫• التزام الناشر بعدم إجراء أي تعديل على املصنف‪.‬‬
‫• التزام الناشر بعدد نسخ املصنف اليت يتفق مع املؤلف على طباعتها يف العقد‪.‬‬
‫• التزام الناشر بعدم استخدام املصنف لغري الغرض املتعاقد عليه‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫• التزام الناشر بالتوقف عن النشر عند انتهاء املدة املتفق عليها يف العقد‪.‬‬
‫• التزام الناشر بعدم التنازل عن نشر املصنف لناشر آخر إال يف حاالت استثنائية معينة‪.‬‬
‫• التزام الناشر بالتعريف باملصنف حمل عقد النشر من خالل وسائل اإلعالن وتوزيعه‪.‬‬
‫• التزام الناشر بالسعر احملدد للنسخة الواحدة من املصنف املتفق على نشره‪.‬‬
‫• التزام الناشر بدفع التعويض املتفق عليه يف العقد للمؤلف‪.‬‬
‫• التزام الناشر بتقدمي مجيع اإلثباتات اليت تكفل إقرار صحة حساباته اخلاصة مببيعات نسخ‬
‫املصنف‪.‬‬
‫ب‪ -‬حق األداء العلني أو التوصيل العلني أو النقل إلى الجمهور‪-:‬‬
‫يعترب حق األداء العلين وسيلة حلصول املؤلف على استحقاقه املايل مقابل نقل مصنفه للجمهور‬
‫بطريقة مباشرة‪ ،‬آما يف حالة وقوف املؤدي أو املوسيقي أمام اجلمهور للعزف‪ ،‬حبيث تعترب عالنية‬
‫األداء هي الشرط األساسي حلق األداء العلين‪ ،‬إذا ال يكفي ان يكون هنالك أداء للمصنف بل جيب أن‬
‫يكون هذا األداء علنياً‪ ،‬أي أن يتم أداء املصنف او عرضه يف مكان عام يستطيع اجلمهور دخوله ولو‬
‫لقاء أجر معني‪.‬‬
‫ج‪ -‬حق التتبع‪-:‬‬
‫يقوم أساس هذا احلق على متكني املؤلف من احلصول على نسبة من مثن بيع النسخ األصلية من‬
‫مصنفاته الفنية يف آل مرة يتغري فيها مالك املصنف‪ ،‬وذلك من خالل تتبع املؤلف لعمليات البيوع‬
‫العامة هلذه املصنفات سواء متت عن طريق املزاد العلين أو بواسطة تاجر‪ ،‬وأخذ نسبة من مثن‬
‫البيع حسبما هو معني يف القانون الواجب التطبيق‪.‬‬
‫ويستند حق التتبع إىل اعتبارات العدالة إزاء مؤلفي مصنفات الفنون الشخصية‪ ،‬إذ غالباً ما يبيع‬
‫الرسام أو النحات اللوحة اليت رمسها أو العمل املنحوت بثمن خبس حتت ضغط احلاجة والرغبة يف‬
‫احلصول على موارد عاجلة‪ ،‬مث يصبح هذا املصنف الفين ذا قيمة كبرية بعد مرور فرتة من الزمن‪،‬‬
‫ولذا فإنه يبدو أمرا عادالً أن تتاح للمؤلف االستفادة من الثروة اليت حققها مصنفه‪.‬‬
‫ومن خالل استقراء نصوص قوانني حق املؤلف اليت اعرتفت حبق التتبع‪ ،‬نالحظ أن هنالك جمموعة‬
‫من الضوابط والشروط اليت حتكم تطبيقه‪ .‬ويتم ممارسة املؤلف هلذا احلق يف إطارها‪ ،‬وهي‪__:‬‬
‫أ ‪ -‬يقتصر تطبيق حق التتبع على مؤلفي املصنفات األصلية‪ ،‬وهي يف الغالب املصنفات اليت‬

‫‪12‬‬
‫ينصرف إليها اصطالح " املصنف الفين" يف جمال تطبيق هذا احلق‪ ،‬واليت يتم بيعها باملزاد‬
‫العلين أو عن طريق أي تاجر مرخص له‪.‬‬
‫ب ‪ -‬يقتضي حق التتبع حتديد النسبة املئوية من الثمن الذي بيع به املصنف الفين باملزاد العلين‬
‫لصاحل املؤلف الذي أنتجه‪ ،‬وختتلف قوانني حق املؤلف يف حتديد مقدار النسبة املئوية وكيفية‬
‫احتساهبا‪ ،‬فبعض القوانني احتسبت القيمة على أساس الثمن الكلي إلعادة بيع املصنف الفين‪،‬‬
‫والبعض اآلخر حيتسبه على أساس زيادة القيمة فقط يف مثنه عن البيع السابق مباشرة للمصنف‪.‬‬
‫مدة حماية حق المؤلف‪-:‬‬
‫إن اهلدف من تقرير احلماية القانونية حلقوق املؤلف املالية واألدبية هو تشجيع اإلنتاج الفكري‬
‫باعتبار أن اطمئنان املؤلفني إىل أن مصنفاهتم ستتمتع باحلماية القانونية خالل فرتة معينة من الزمن‪،‬‬
‫سيشجعهم على إنتاج املزيد من املصنفات مما يؤدي بالتايل إىل إثراء اإلنتاج الفكري يف بالدهم‪.‬‬
‫ومن هنا كان االجتاه الغالب يف قوانني حق املؤلف واالتفاقيات الدولية اخلاصة حبق املؤلف كفالة‬
‫استئثار املؤلفني بثمار جهودهم خالل حياهتم ولورثتهم وخلفائهم بعد وفاهتم‪.‬‬
‫فاألصل أن مدة احلماية املقررة للمؤلف تقتصر على احلقوق املالية باعتبار أن هذه احلقوق مؤقتة‬
‫وليست حقوق أبدية‪ ،‬على عكس احلقوق األدبية اليت تعترب حقوقاً دائمة‪.‬‬
‫ومن هنا تعرتف غالبية قوانني حق املؤلف بأن حقوق املؤلف املالية تتمتع باحلماية طيلة حياة‬
‫املؤلف وملدة معينة بعد وفاته‪ ،‬باعتبار أن هذا املبدأ يكفل التوفيق بني مصاحل املؤلفني وورثتهم و‬
‫خلفائهم من جهة‪ ،‬ومصاحل اجلماعة اليت تنتفع مبصنفاهتم املشمولة باحلماية من جهة أخرى‪.‬‬
‫إال إن هذه القوانني واالتفاقيات الدولية مل تتفق على مده احلماية املقررة حبق املؤلف فبعض القوانني‬
‫متيل إىل إطالة مده احلماية لتكون مدة حياة املؤلف و ‪ 70‬سنة بعد وفاته‪ ،‬ومثال على ذلك دول‬
‫االحتاد األورويب‪ .‬إال أن بعض القوانني قد أخذت مبدة اقل من هذا احلد‪ ،‬حيث نصت على أن احلد‬
‫األعلى للحماية هو ‪ 50‬عاماً‪ .‬ويرجع السبب يف االختالف بني قوانني حق املؤلف املختلفة حول‬
‫طول وقصر أمد احلماية إىل وجود اجتاهني يف هذا اجملال احدمها يرى أن حقوق املؤلف جيب أن‬
‫تكون مؤقتة وان للمؤلف حق استئثاري يف استغالل مصنفه مالياً ملده حيددها القانون‪ ،‬وإما االجتاه‬
‫اآلخر فريى أن حقوق املؤلف جيب أن تكون أبدية وليست مؤقتة‪ ،‬وذلك نظراً لكوهنا حقوقاً طبيعية‪،‬‬
‫وان التقييد الزمين هلذه احلقوق جيب أال يتم إال ألسباب عملية أو ثقافية‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫كيفية احتساب مدة الحماية في بعض المصنفات‪-:‬‬
‫القاعدة األساسية املأخوذ هبا يف معظم قوانني حق املؤلف واالتفاقيات الدولية اخلاصة حبق املؤلف‬
‫يف احتساب مده احلماية هي‪ :‬إن مدة احلماية تبدأ اعتباراً من أول يناير من السنة اليت تويف فيها‬
‫املؤلف أو اليت حدثت خالهلا الواقعة او احلدث ( وضع املصنف يف متناول اجلمهور أو اجناز‬
‫املصنف) وتستمر يف مجيع األحوال إىل هناية السنة اليت ينقضي خالهلا األجل املقرر للحماية‪__.‬‬
‫ويالحظ أن احتساب مدة احلماية من تاريخ وفاة املؤلف أآثر سهولة يف التطبيق العملي من احتساهبا‬
‫من تاريخ وضع املصنف يف متناول اجلمهور أو نشره‪ ،‬اال انه يوجد هنالك عدة استثناءات على هذه‬
‫القاعدة تتعلق يف حاالت تكون فيها عملية احتساب املدة غري ممكنة من الناحية العملية‪ ،‬اما بسبب‬
‫كثرة عدد املؤلفني للمصنف املعين أو الن املصنف ال حيمل اسم مؤلفه أو حيمل اسم مستعار‪ .‬ففي‬
‫احلالة األوىل مثالً فان القاعدة املعمول هبا يف معظم قوانني حق املؤلف بالنسبة الحتساب مدة‬
‫احلماية اخلاصة باملصنفات املشرتآة تقضي بأن يكون تاريخ وفاة آخر األحياء من املؤلفني‬
‫املشرتين يف املصنف هو تاريخ بدء احتساب مدة محاية حق املؤلف‪.‬‬
‫أما يف احلالة الثانية فان االسم احلقيقي للمؤلف يكون جمهوالً‪ ،‬وبالتايل فإنه ال ميكن تطبيق املدة‬
‫العامة للحماية الالحقة على وفاة املؤلف‪ ،‬فقد نصت معظم قوانني حق املؤلف على احتساب املدة من‬
‫تاريخ نشر املصنف اذا مل يكشف املؤلف عن شخصيته خالل مدة احلماية وذلك الن الناشر يقوم‬
‫عادة مبمارسة احلقوق املتعلقة هبذه املصنفات باعتباره مفوضاً من قبل املؤلف يف ممارستها واما‬
‫اذا كشف املؤلف عن شخصيته تطبق املدة العامة املقررة للحماية‪.‬‬
‫صور االعتداء على حق المؤلف‪-:‬‬
‫حرصت قوانني حق املؤلف املقارنة واالتفاقيات الدولية اخلاصة حبق املؤلف على كفالة احلماية‬
‫القانونية املناسبة حلقوق املؤلف املالية واألدبية من االعتداء عليها‪ ،‬وذلك هبدف ضمان سالمة‬
‫املصنفات احملمية من التحريف او التشويه وآل ما من شأنه اإلضرار هبا‪ ،‬وختتلف وسائل احلماية‬
‫اليت قررهتا قوانني حق املؤلف حبسب طبيعة املصنف الذي يقع عليه االعتداء ونوع االعتداء‪.‬‬
‫إال أن الوسائل القانونية اليت مينحها القانون للمؤلف تتمثل يف نوعني رئيسيني‪-:‬‬
‫أوهلما‪ :‬ينصب على املصنف الذي يتم االعتداء عليه باعتباره النتيجة احلتمية لالعتداء الواقع على‬
‫حق املؤلف‪ ،‬فيقرر القانون وسائل وقائية للحماية‪ .‬ومثال على ذلك التدابري املؤقتة اليت هتدف أوالً‬

‫‪14‬‬
‫إىل احليلولة دون حدوث تعدي على أي حق من احلقوق ال سيما منع السلع املتعدية مبا فيها السلع‬
‫املستوردة فور ختليصها مجركياً من دخوهلا القنوات اجلمركية‪ ،‬وثانياً‪ :‬لصون األدلة ذات الصلة فيما‬
‫يتعلق بالتعدي املزعوم‪ .‬وثانيهما ينصب على الشخص املعتدي باعتباره مرتكب للمخالفة اليت مست‬
‫حبقوق املؤلف‪ ،‬فيعرض عليه القانون اجلزاءات املناسبة اليت تظهر يف الغالب يف صورتني‪ :‬أوهلا‪:‬‬
‫اإلجراء المدني الذي يهدف اىل تعويض صاحب احلقوق تعويضاً ماليا على الضرر املادي احلاصل‬
‫بفعل التعدي واىل ردع أعمال التعدي من خالل إصدار األوامر بإتالف السلع واملعدات اليت تستخدم‬
‫يف صنع السلعة املتعدية‪ ،‬ويف حال وجود خطر باستمرار التعدي‪ ،‬ميكن للمحاكم ان تصدر أوامر‬
‫مبنع بعض األعمال و يف حال خمالفة هذه األوامر للمحاكم أن تأمر بدفع غرامات معينة‪ ،‬وثانيهما‪:‬‬
‫اإلجراء الجزائي الذي يهدف إىل معاقبة األشخاص الذين يقومون عمداً وعلى نطاق جتاري بأعمال‬
‫القرصنة على حق املؤلف واحلقوق اجملاورة‪ ،‬واىل ردع آل تعدي حمتمل‪ ،‬وتشمل هذه اإلجراءات‬
‫اجلنائية الغرامات املالية واحلبس مبا يتناسب مع مستوى العقوبات املطبقة فيما يتعلق باجلرائم ذات‬
‫اخلطورة املماثلة وال سيما يف حالة التكرار‪.‬‬
‫وبعد أن تعرضنا لإلجراءات اليت يفرضها القانون على من يتعدى على حقوق املؤلف املختلفة‪،‬‬
‫نعرض فيما يلي ألهم صور االعتداء على املصنفات املشمولة حبماية حق املؤلف‪:‬‬
‫أ ‪ -‬االعتداء على المصنفات األدبية والعلمية ‪:‬‬
‫تتعدد وتتنوع صور االعتداء على املصنفات األدبية والعلمية واليت يكون حملها يف الغالب الكتاب‪.‬‬
‫فقد يأخذ االعتداء على حق املؤلف على الكتاب صورة االقتباس أو االجتزاء غري املشروع‪ ،‬أو‬
‫الرتمجة غري املرخصة‪ ،‬أو إقدام بعض الناشرين على إعادة طبع بعض الكتب دون إذن مؤلفيها أو‬
‫أصحاب احلقوق عليها‪ ،‬أو اعتداء على عنوان املصنف‪.‬‬
‫ب‪ -‬االعتداء على المصنفات الفنية‪-:‬‬
‫تتمثل أهم صور االعتداء على املصنفات الفنية يف االعتداء على مصنفات الرسم والنحت‬
‫واحلفر والعمارة والزخرفة و االعتداء على املصنفات السينمائية‪.‬‬
‫ج ‪ -‬االعتداء على المصنفات الحديثة‪-:‬‬
‫تتمثل أهم صور االعتداء على مصنفات الفنون الشعبية والتسجيالت الصوتية والسمعية‬
‫والبصرية واملصنفات اليت تؤول إىل امللك العام بسبب انقضاء مده محايتها‪ ،‬وبرامج احلاسبات‬

‫‪15‬‬
‫االلكرتونية‪.‬‬
‫وسائل حماية حق المؤلف‪-:‬‬
‫بعد أن بيًنا صور االعتداء على املصنفات املشمولة حبماية حق املؤلف نعرض للوسائل املختلفة‬
‫الكفيلة بتوفري احلماية الفعالة حلقوق املؤلف‪.‬‬
‫حبيث يتضح لنا من استقراء قوانني حق املؤلف اليت تضمنت أحكاما خاصة بوسائل محاية حق‬
‫املؤلف ومن التطبيقات العملية اخلاصة يف هذا اجملال‪ ،‬إن هنالك وسائل متعددة حلماية حقوق‬
‫املؤلف‪ ،‬وأن هذه الوسائل تساهم مجيعها يف توفري احلماية حلقوق املؤلف إال أهنا ختتلف فيما بينها‬
‫من حيث طبيعتها‪ ،‬ووسائل وإجراءات تطبيقها‪ ،‬ومدى شدهتا يف ردع املعتدين على حقوق املؤلف‪.‬‬
‫وتتمثل هذه الوسائل يف الوسائل التالية‪ :‬االيداع القانوين للمصنفات الذي يكفل محاية حقوق املؤلف‬
‫من حيث كونه وسيلة إلثبات ملكية حقوق املؤلف على املصنف الذي يتم إيداعه وفقاً إلجراءات‬
‫وشروط معينة حيددها القانون‪ .‬والوسائل الوقائية حلماية حق املؤلف اليت تستهدف وقف االعتداء‬
‫على حق املؤلف أو منعه من خالل بعض اإلجراءات مثل حظر نشر املصنف املقلّد أو منعه من‬
‫خالل بعض اإلجراءات مثل حظر نشر املصنف املقلًّد أو وقف تداوله‪ ،‬وحذف بعض أجزائه أو‬
‫إدخال بعض التعديالت عليه‪ ،‬وغري ذلك من اإلجراءات اإلدارية اخلاصة مبنع استرياد املصنفات‬
‫غري املشروعة أو وقف بيعها أو أدائها علناً‪ .‬وحجز املصنفات املقلّدة الذي يستهدف وقف نشر‬
‫املصنف املقلّد ومنع تداوله‪ ،‬ومنع املعتدي من التصرف يف نسخ املصنف املقلّدة‪ ،‬وذلك ضمن‬
‫إجراءات احلجز اليت حيددها القانون‪ ،‬واحلماية املدنية اليت تستهدف ردع املعتدي على حق املؤلف__‬
‫عن طريق اجلزاءات املدنية يف تعويض املؤلف صاحب احلق عما أصابه من ضرر مادي وأديب‪.‬‬
‫واحلماية اجلنائية اليت تستهدف تقرير عقوبات جزائية على آل من يعتدي على حق املؤلف يف شكل‬
‫غرامات مالية أو حبس‪ ،‬إذ أن من شأن هذه العقوبات اليت ترتتب على جرمية التقليد‪ ،‬ردع املعتدي‬
‫على حق املؤلف‪ ،‬وتاليف وقوع االعتداء على املصنفات احملمية‪.‬‬
‫ويف اخلتام ال يسعين إال أن أتقدم بالشكر اجلزيل لكل من ساهم يف إجناح هذه الفعالية العلمية‬
‫املتخصصة واليت تدخل يف سياق احلمالت املختلفة لزيادة التوعية لدى املهتمني يف التعريف‬
‫حبقوق امللكية الفكرية املختلفة وسبل محايتها وعلى رأسها حق املؤلف‪ ،‬واخص بالذكر جامعتنا‬
‫احلبيبة اجلامعة األردنية متمثلة برئيسها األستاذ الدكتور عبد اهلل املوسى ولكلية احلقوق متمثلة‬

‫‪16‬‬
‫بعميدها أستاذنا الفاضل الدكتور امحد الزيادات‪ ،‬وال يفوتين أن انوه باجلهود اخلرّي ة املبذولة من قبل‬
‫منظمة األمم املتحدة للرتبية والعلوم والثقافة ( اليونسكو) على ما تقدمه من دعم مشكور يف رفد هذه‬
‫املسرية اخلرّي ة بإمكانياهتا املادية أو الفنية‪ ،‬والبد من التنويه بدور دائرة املكتبة الوطنية الفعال يف‬
‫محاية حق املؤلف يف األردن متمثلة مبديرها العام السيد مأمون التلهوين وجهوده املتميزة يف الدفاع‬
‫عن حق املؤلف ومسامهته يف إزالة الكثري من السلبيات اليت تنتج عن عدم احرتام هذا احلق‪.‬‬

‫‪17‬‬

You might also like