You are on page 1of 25

‫الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫تواجه كثير من الدول على اختالف إيديولوجياتها ودرجات تقدمها االقتصادي ظاهرة انحراف‬
‫بعض أنشطتها االقتصادية عن مساراتها الصحيحة نحو قنوات غير ظاهرة لإلدارة االقتصادية فيما عرف‬
‫بظاهرة االقتصاد الخفي أو االقتصاد الموازي أو االقتصاد الظلي‪ ،‬وبالرغم من اتفاق غالبية االقتصاديين‬
‫على وجود هذه الظاهرة إال أنهم يختلفون في تقديراتهم لحجمها وتحليالتهم ألسبابها ونتائجها‪.‬فالنشاط‬
‫االقتصادي الخفي هو حقيقة واقعية في العالم‪،‬فال يكاد يخلو االقتصاد القومي في أية دولة من وجود بعض‬
‫صور لألنشطة االقتصادية الخفية‪،‬وهناك مؤشرات قوية على أن هذه الحقيقة في تزايد مستمر وإ ن كانت‬
‫اغلب المجتمعات تحاول السيطرة والتحكم في هذه األنشطة من خالل العديد من اإلجراءات والعقوبات‬
‫التأديبية أو من خالل التعليم والتثقيف‪.‬‬
‫اآلن يوجد شبه اتفاق بين االقتصاديين على أن أنشطة االقتصاد الخفي ليست منفصلة عن المجتمع وإ نما‬
‫تتعايش وتتشابك مع أنشطة االقتصاد الرسمي في إطار المجتمع‪.‬وتتمثل في شبكة متسعة ومتنامية من‬
‫عالقات اإلنتاج والتبادل والتوزيع والتي تشكل نسبة كبيرة من الناتج المحلي اإلجمالي في معظم الدول‪.‬ومن‬
‫الصعب جمع معلومات دقيقة عن النشاط اإلقتصادي الخفي نظرا ألن من يشترك في مثل هذا النشاط ال‬
‫يرغب في كشف النقاب عن نفسه‪،‬كما أن الحصول على إحصائيات دقيقة عن حجم اإلقتصاد الرسمي وحجم‬
‫اإلقتصاد الخفي هي من المسائل الضرورية في صناعة القرارات اإلقتصادية والسياسية الفاعلة إال أن قياسه‬
‫يواجه صعوبات كثيرة تبدأ من مشكلة تعريفه وذلك ألن لديه الكثير من‬
‫المصطلحات(الخفي‪،‬المغمور‪،‬األرضي‪،‬السري‪،‬تحت ضوء القمر‪،‬غير الرسمي‪ ،‬الموازي‪،‬التحتي‪)...‬‬
‫وتقريبا هذه المصطلحات تؤدي نفس المعنى إلى جانب صعوبة قياسه وتحديد حجمه‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي‬

‫المبحث األول‪ :‬مفاهيم عامة حول االقتصاد الخفي‪.‬‬


‫االقتصاد الخفي أو االقتصاد غير الرسمي ظهر بمجمله كمفهوم سنة ‪ 1970‬وهو يحتوي عدة‬
‫مجاالت من األنشطة والقطاعات منذ القديم فهو ليس ظاهرة جديدة ولكن كمفهوم فقط‪ .‬فقد جلب الكثير من‬
‫االقتصاديين والمحللين االجتماعيين لدراستها واالتفاق على أهم أسبابها وأشكالها وحجمها وكيفية قياسها‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم اإلقتصاد الخفي وعناصره‪.‬‬
‫أوال‪ :‬مفهومه‪ :‬هناك عدة تعاريف لالقتصاد الخفي نحاول أن نستعرض أهمها‪:‬‬
‫بجامعة في كندا قام األستاذ " ‪ "Bernard forten‬بدراسة ألف على إثرها كتاب تحت عنوان "االقتصاد‬
‫التحتي" في كندا بين الحقيقة والخيال" عرف فيه االقتصاد الخفي على أنه " مجموعة‬
‫النشاطات غير المصرح بها في مصلحة الضرائب سواء كانت هذه النشاطات شرعية أم غير‬
‫شرعية"‪.‬وعرفها أيضا إما أن تكون تهريب أو تهرب ضريبي‪.‬‬
‫واالقتصاد الخفي له ساحة واسعة وسهلة في المناطق الحضرية عكس المناطق الريفية ألن مستوى التعامل‬
‫بين األفراد أكبر في هذه المناطق وأن األفراد األكثر فاعلية في السوق السوداء هم الشبان‪ ،‬األشخاص الذين‬
‫يقطنون مع آبائهم‪ ،‬العزاب‪ ،‬للعلم أن هذه العينة تمتلك مستوى ثقافي عالي‪.‬ومن هذه استخلص هذا الباحث‬
‫‪1‬‬
‫أنه ال عالقة بين المستوى الثقافي والعمل في اإلقتصاد الخفي‪.‬‬
‫كما يعرفه آخرون على أنه‪":‬األنشطة الشرعية التي ينتج عنها معامالت مالية بين األفراد والتي تتم في مأمن‬
‫بعيدا عن السلطات وخاصة الضريبية وذلك بغرض التهرب من دفع الضرائب المباشرة وغير المباشرة‬
‫المستحقة على تلك األنشطة‪،‬أو بغرض البعد عن أعين القانون نظرا لعدم مشروعيتها مثل تجارة المخدرات‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫نظرا التعدد التعريفات والمفاهيم المتعلقة باالقتصاد الخفي وتعدد المسميات التي أطلقت على هذه الظاهرة‬
‫يمكن تقسيم المصطلحات التي استخدمت لتسمية الظاهرة إلى ثالث مجموعات بيانها على النحو التالي‬
‫المجموعة األولى‪ :‬تشير إلى مفهوم السرية‪.‬‬
‫أطلق على هذه الظاهرة العديد من المصطلحات للداللة على سريتها ومن أبرزها‪:‬‬
‫اإلقتصاد تحت األرض‪،‬اإلقتصاد التحتي‪،‬اإلقتصاد األسود واإلقتصاد السري وأخيرا اإلقتصاد‬
‫الخفي‪.‬وتعطي هذه المسميات إنطباعا بأن أنشطة الظاهرة تعتبر غير مشروعة‪ ،‬كما تشير‬
‫للطبيعة السرية لها‪،‬لكن ال يمكن الجزم بأن كافة مرادفات الظاهرة بمثابة أعمال غير مشروعة‪،‬ويرجع ذلك‬
‫إلى وجود بعض األنشطة المشروعة بيد أنها غير معلنة وال تدخل ضمن دائرة التدفقات المالية في مصفوفة‬
‫الحسابات اإلجتماعية القومية‪،‬ومؤدى ذلك أنه ال ينبغي أن نأخذ السرية هنا على إطالقها إذ أن بعض‬

‫عبد الناصر طرشي‪« ،‬االقتصاد الموازي ـ السوق السوداء»‪( ،‬مذكرة ليسانس‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية والتسيير‪ ،‬جامعة فرحات عباس‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫سطيف‪ ،)2002 ،‬ص‪25‬‬


‫‪2‬‬
‫عبد الحكيم مصطفى الشرقاوي‪ ،‬التهرب الضريبي واالقتصاد األسود‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬ص‪14‬‬

‫‪27‬‬
‫الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي‬

‫عناصر الظاهرة غير خفية‪ ،‬كما أن السرية تنصرف هنا إلى آليات الظاهرة كالتمويل‪،‬وحجمها وعلى وجه‬
‫التحديد‪ ،‬وليست إلى كينونة الظاهرة‪.‬‬
‫المجموعة الثانية‪ :‬تشير إلى مفهومـ الالنظامية‬
‫من أبرز المصطلحات التي أستخدمت لتسمية الظاهرة طبقا لمفهوم الالنظامية‪ :‬اإلقتصاد غير‬
‫الرسمي‪،‬اإلقتصاد الالنظامي‪،‬اإلقتصاد غير المرسود واإلقتصاد غير المنظم وتستخدم هذه المسميات للداللة‬
‫على القطاع غير المنظم في اإلقتصاد القومي ذلك القطاع الذي يتضمن قطاع الصناعات الصغيرة والقطاع‬
‫الحرفي ومن ثم فهو مفهوم ضيق ال يأخذ في إعتباره األنشطة غير المشروعة التي تمثل مكون أساسي‬
‫للظاهرة‪.‬‬
‫المجموعة الثالثة‪ :‬تشير إلى العالقة باإلقتصاد القومي‬
‫من أبرز المفاهيم التي استخدمت لتحديد الظاهرة مفهوما اإلقتصاد الظلي واإلقتصاد الموازي ويعبر‬
‫هذان المفهومان عن عالقة اإلقتصاد الرسمي بتلك الظاهرة‪،‬باعتبار أن معظم عناصر الظاهرة هي نتيجة رد‬
‫فعل للسياسات المعلنة في اإلقتصاد الرسمي فضال عن عناصر تلك الظاهرة‪،‬ليست بالضرورة أنشطة غير‬
‫مشروعة‪،‬إذ أن هناك أنشطة مشروعة ال تدخل في دائرة التجريم اإلقتصادي كالدروس الخصوصية وأعمال‬
‫موظفي الحكومة يعتد به من تلك الظاهرة‪.1‬‬
‫وبناءا على ما تقدم فإنه يمكن تعريف اإلقتصاد الخفي بأنه‪":‬مجموع األنشطة اإلقتصادية التي يمارسها‬
‫األشخاص الطبيعيون واإلعتباريون وال يعلن عنها وال تدرج دخولها في حسابات الناتج القومي سواء كانت‬
‫األنشطة مشروعة أو غير مشروعة من الناحية القانونية وإ ن كانت في جملتها غير مشروعة من الناحية‬
‫اإلقتصادية بالنظر إلى نتائجها وآثارها اإلقتصادية‬
‫‪2‬‬
‫الخيرة وتأثيرها على السياسات اإلقتصادية والنقدية والمالية للدولة"‬
‫وعليه في اإلقتصاد الخفي اليقتصر على نظام اقتصاد ي معين إذ ال يوجد في اإلقتصاد الرأسمالي شأن‬
‫وجوده في اإلقتصاد االشتراكي‪ ،‬وكذلك في الدول النامية والمتقدمة على حد سواء‪،‬وإ ن كان يبدوأكثر‬
‫تزايدا في مكوناته في الدول النامية التي تعاني العديد من المشاكل والتداعيات‬
‫ً‬ ‫خطورة وأهمية في الحجم‬
‫اإلقتصادية المتشابكة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬هيكل اإلقتصاد الخفي(العناصر)‬


‫يمكن تحديد هيكل اإلقتصاد الخفي بتقسيمه إلى مكونين‪:3‬‬
‫‪ -1‬مكون األنشطة غير المشروعة‪:‬‬

‫‪ 1‬عاطف وليم أندراوس‪ ،‬االقتصاد الظلي‪ ،‬دار مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،2005 ،‬ص‪.12،13‬‬
‫سوزي عدلي ناشد‪ ،‬االتجار في البشر بين االقتصاد الخفي واالقتصاد الرسمي‪،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬ص‪5‬‬ ‫‪2‬‬

‫وليم أندراوس‪ ،‬االقتصاد الظلي‪ ،‬ص‪.23،24‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪28‬‬
‫الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي‬

‫ويشمل األنشطة التي تتم بالمخالفة لقوانين ولوائح ونظم الدولة وتنقسم إلى‪:‬‬
‫‪-‬أنشطة الجريمة‪ :‬وتشمل عمليات إنتاج وتهريب وتوزيع المخدرات وعمليات التهريب للسلع غير‬
‫المشروعة كالخمور واألسلحة وعمليات الرشوة والقمار‪...‬‬
‫‪-‬أنشطة مخالفة للوائح التي تضعها الدولة لتحقيق أهدافها ولكن يترتب على ممارستها إنتاج سلع وخدمات‬
‫مشروعة ومن أمثلتها تهريب السلع المشروعة والتي قد يحظر إسترادها تحقيقا ألهداف إقتصادية كحماية‬
‫المنتج المحلي وترشيد إستخدام الموارد النادرة للصرف األجنبي‪ ،‬وأنشطة اإلتجار في السوق السوداء‬
‫للصرف األجنبي‪.‬‬
‫‪ -2‬مكون األنشطة المشروعة‪:‬‬
‫وهي أنشطة مشروعة ال تخالف قوانين الدولة ولكنها غير معلنة إذ أنها غير معلومة للدولة ومن ثم‬
‫تخضع دخولها للضرائب وال تدخل في إطار القياس الفعلي للدخل القومي ويمكن تقسيمه إلى جزئين‪:‬‬
‫‪ -‬أنشطة غير نقدية‪:‬إما أن تستهلك منتجاتها ذاتيا عن طريق الوحدات المنتجة كأنشطة تربية الطيور‬
‫ومنتجات األلبان وإ نتاج الحلويات والفطائر وغيرها من األنشطة التي تقوم بها األسرة وقد يتم تبادل تلك‬
‫األنشطة بالمقايضة مقابل سلع وخدمات أخرى‪.‬‬
‫‪ -‬أنشطة يتولد منها دخوال نقدية ولكن ال تكون معلومة على وجه التحديد للدولة ومن أمثلتها‪ :‬أنشطة قطاع‬
‫الصناعات الصغيرة والقطاع الحرفي‪.‬‬
‫أنشطة القطاع المهني كاألطباء‪،‬المهندسون‪،‬المحامون‪...‬‬
‫أنشطة الوساطة والسمسرة‪.‬‬
‫أنشطة الباعة المتجولون‪.‬‬
‫_ أنشطة يتولد عنها دخول نقدية‪.‬‬
‫_ الباعة الجائلون‪.‬‬
‫األنشطة غير‬
‫_ المؤسسات الصغيرة غير الخاضعة‬ ‫الرسمية المشروعة‬
‫للضرائب‬ ‫اجتماعيا‬
‫_ الحرف‬
‫األنشطة غير‬
‫_ أنشطة غير نقدية‪.‬‬
‫الرسمية‬

‫األنشطة غير‬
‫_ التهريب‬ ‫المرفوضةاألنشطة غير الرسمية‬
‫الرسميةشكل ـ‪1‬ـ‬
‫_ االتجار في السلع المسروقة‬ ‫اجتماعيا‬
‫_ القمار‬
‫_ المخدرات‬
‫_ الفساد _ الرشوة‬
‫_ الدعارة‬
‫‪29‬‬
‫_ الكسب غير المشروع (السرقة‪،‬‬
‫اعتداء‪...‬الخ‬
‫الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي‬

‫‪30‬‬
‫الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي‬

‫المصدر‪ :‬إبراهيم تهامي وآخرون‪« ،‬العولمة واالقتصاد غير الرسمي» ( مطبوعة للطلبة‪ ،‬مخبر اإلنسان‬
‫والمدينة جامعة منتوري‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬الجزائر)‪ ،‬ص‪101‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬حجمه وأسباب نموه‬


‫يقسم االقتصاد إلى جزئين اقتصاد رسمي وهو الذي يمثل كافة األنشطة اإلقتصادية الظاهرة التي‬
‫تدرج إيراداتها في حسابات الناتج القومي اإلجمالي‪ .‬وإ قتصاد غير رسمي خفي والذي يمثل األنشطة‬
‫اإلقتصادية التي يمارسها األفراد والتي تحقق لهم دخوال وإ يرادات لكن ال يتم إدراجها كليا أو جزئيا في‬
‫حسابات الناتج القومي اإلجمالي وبالتالي يصعب الوصول إلى أرقام حقيقية عن حجمها‪ .‬كما أنه من‬
‫‪1‬‬
‫الصعب تحديد أسباب الظاهرة بدقة وذلك لتعددها وتشابكها‪.‬‬
‫أوال‪:‬حجم اإلقتصاد الخفي‬

‫سوزي عدلي ناشد‪ ،‬االتجار في البشر بين االقتصاد الخفي واالقتصاد الرسمي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪،‬ص‪5‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫مصطفى الشرقاوي‪ ،‬التهرب الضريبي واالقتصاد األسود‪ ،‬ص ‪18‬ـ‪19‬‬
‫‪3‬‬
‫ماجدة تامر‪« ،‬اقتصاد الظل ظاهرة من ظواهر التخلف في البلدان النامية»‪ ،‬الحوار المتمدن‪ ،‬العدد ‪ ،1195‬من األنترنت‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي‬

‫من الصعب تقدير حجم اإلقتصاد الخفي فالذين يشتغلون باألنشطة الخفية يبذلون قصار جهدهم للتستر‬
‫يحتاجون إلى معلومات عن عدد‬ ‫عليها‪ ،‬غير أن صانعي السياسات واإلداريين في الدوائر الحكومية‬
‫األفراد الذين يزاولون أنشطة في ظل القطاع اإلقتصادي الخفي وعن مدى توافر هذه األنشطة الخفية‬
‫وحجمها‪ ،‬لكي يمكنهم اتخاذ القرارات المناسبة بشأن تخصيص الموارد‪ ،‬ومن هنا أجرى اإلقتصاديون‬
‫‪2‬‬
‫واإلحصائيون في الجهات الرسمية مجموعة من الحسابات لقياس مدى ضخامة اإلقتصاد الخفي‪.‬‬
‫فهناك دراسة أجراها الصندوق النقد الدولي تفيد بأن اإلقتصاد الخفي تزداد معدالته في الدول النامية‬
‫والشرقية بشكل خاص مثل جمهوريات اإلتحاد السوفياتي سابقا‪.‬حيث أن أظهرت أن نتائج المسح‬
‫اإلحصائي الذي أجري خالل الفترة من‪ 1988‬وحتى ‪ 2000‬أظهرت أن االقتصاد الخفي كنسبة من الناتج‬
‫المحلي اإلجمالي في المتوسط كان في الدول يتراوح ما بين ‪ %35‬إلى ‪ %44‬وفي الدول الشرقية يتراوح‬
‫مابين ‪ %21‬إلى ‪ %30‬وفي دول منظمة التعاون االقتصادي والتنمية يتراوح ما بين ‪ %14‬إلى ‪.%16‬‬
‫ولقد أظهرت نتائج الدراسات التي تمت في الفترة ‪ 1998‬إلى ‪ 2000‬على دول متنوعة من العالم أن حجم‬
‫االقتصاد الخفي كنسبة من الناتج المحلي اإلجمالي كان مرتفعا في بعض الدول مثل نيجيريا وتايلندا‬
‫وبوليفيا وروسيا ويوغسالفيا واليونان وإ يطاليا والدول اإلسكندنافية والشيلي‪ ،‬وكان منخفضا في دول‬
‫‪3‬‬
‫أخرى مثل سويسرا وأوزباكستان‪ ،‬النمسا والو‪.‬م‪.‬أ وسلوفاكيا وجنوب إفريقيا وهونكونغ‪.‬‬
‫فحجم اإلقتصاد الخفي بصورة مضطردة في معظم بلدان التحول اإلقتصادي وجميع بلدان منظمة التعاون‬
‫والتنمية اإلقتصادية‪ ،‬أما الدول النامية فال يمكن الحكم بدقة على اإلتجاه العام فيها نظرا لقصور البيانات‬
‫وعدم دقتها‪ ،‬كما نما اإلقتصاد الخفي بمعدل أسرع بين عامي‪ 1998_1990‬في دول اإلتحاد السوفياتي‬
‫السابق‪ ،‬حيث إرتفعت نسبته من حوالي‬
‫الـربع إلى أكثر من الثلث وإ ن كان ظل ثابتا أويكاد عند مستوى خمس إجمالي الناتج‬
‫‪1‬‬
‫القومي في دول أوروبا الوسطى والشرقية‪.‬‬
‫ولو رجعنا إلى بلدان منظمة التعاون والتنمية اإلقتصادية نجد أن اإلقتصاد الخفي فيها في حالة نمو طوال‬
‫السنوات الثالثين الماضية حيث تضاعف أقل من ‪ %10‬من إجمالي الناتج القومي في معظم هذه البلدان‪.‬‬
‫ففي ‪ 1970‬تضاعف إلى ‪ %20‬أو أكثر من إجمالي الناتج القومي بحلول ‪ 2001‬في بلجيكا والدانمارك‬
‫وإ يطاليا والنرويج وإ سبانيا والسويد‪ .‬كذلك حدث نمو في البلدان التي يعد اإلقتصاد الخفي فيها أقل حجما‬
‫ففي و‪.‬م‪.‬أ‪.‬على سبيل المثال تضاعف االقتصاد الخفي من ‪ %4‬من إجمالي الناتج القومي في ‪ 1970‬إلى‬
‫‪ %9‬في ‪ .2000‬في حين سجل االقتصاد الخفي أسرع معدالت النمو في هذه البلدان في التسعينات ففي‬
‫بلدان المجموعة ككل ارتفعت نسبة االقتصاد الخفي من ‪ %13‬في الفترة ‪ 1993_1990‬إلى ‪ %17‬في‬
‫الفترة من ‪ 2000 _1999‬ومن نهاية هذا العقد مازال االقتصاد الخفي في حالة نمو في معظم بلدان‬
‫المجموعة‪.‬‬
‫ماجدة تامر‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪32‬‬
‫الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي‬

‫كما أن سوق العمل في اإلقتصاد الخفي في تزايد مستمر ويشمل جميع الحاالت التي يعتمد فيها أصحاب‬
‫العمل أو العاملون او كالهما إلى إبقاء أوضاعهم في الخفاء من حيث اإلنتاج والسوق في صرف النظر‬
‫عما إذا كانت هذه األوضاع مسجلة أو غير مسجلة‪.‬‬
‫ويلجأ بعض المشتغلين في اإلقتصاد الخفي إلى القيام بأعمال إضافية بعد ساعات العمل الرسمية بل وأحيانا‬
‫خالل ساعات العمل الرسمي‪ ،‬بينما هناك طائفة أخرى يشتغلون في اإلقتصاد الخفي فقط إما ألنهم يجدونهم‬
‫أكثر إدرارا للربح أو ألنهم ممنوعون من العمل في االقتصاد الرسمي كما هو الحال بالنسبة للمهاجرين‬
‫‪1‬‬
‫غير الشرعيين على سبيل المثال‪.‬‬
‫ثانيا‪:‬أسباب الظاهرة ونموها‬
‫غالبا ما يكون حجم اإلقتصاد الخفي أصغر في البلدان التي تكون معدالتها الضريبية منخفضة نسبيا‬
‫وعدد قوانينها ولوائحها التنظيمية محدودا‪،‬وحكم القانون فيها راسخا وتشير الدراسات القائمة على بيانات‬
‫عدة بلدان إلى أن القوة الدافعة الرئيسية وراء نمو حجم اإلقتصاد الخفي تكمن في أسباب إجتماعية‬
‫‪2‬‬
‫وسياسية إلى جانب اإلقتصادية ومن أهم هذه األسباب ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬األنظمة الضريبية غير العادلة والتي تدفع األفراد والمنشآت إلى البحث عن الحيل والطرق التي‬
‫تمكنهم من الضرائب وتزوير الحسابات أي أنها تقودهم إلى اإلقتصاد الخفي بصورة مبشرة أوغير‬
‫مباشرة حيث أن النظام الضريبي يجب أن يتسم بمبادئ العدالة والشمول والمساواة وإ ن فقدان أي من‬
‫هذه المبادئ قد يقود بالفعل إلى ظهور مثل هذا النوع من اإلقتصاد المرفوض والمدمر‪.‬‬
‫‪ .2‬األنظمة السياسية غير العادلة والتي بدورها تخلق أنظمة إقتصادية وإ جتماعية غير عادلة أيضا‪.‬‬
‫‪ .3‬إن إرتفاع نسبة مساهمة األفراد في الضمان والتأمينات اإلجتماعية ومعاشات التقاعد قد يدفع‬
‫معظمهم إلى البحث عن وظائف أخرى خفية أو غير رسمية‪،‬وقد تمت مالحظة أن بعض العاملين‬
‫في األنشطة اإلقتصادية الخفية وخصوصا في الدول النامية يفضلون هذه األنشطة ويرتاحون‬
‫إليها إلى درجة أنهم قد يرفضون بالفعل فرص العمل الرسمية عندما يجدونها وقد يكون مكسبهم‬
‫من الوظائف المستترة يفوق مكسبهم من الوظائف الرسمية بالنسبة لمن لديهم تلك الوظائف‪.‬‬
‫‪ .4‬إن مستويات األجور المادية والمعنوية المتدنية والتي ال تتناسب مع مستوى المعيشة وأنظمة‬
‫الحوافز والترقيات التي تفتقر إلى العدالة قد تشجع األفراد الذين يقع عليهم الظلم على اإلنحراف‬
‫وتدفعهم للتهرب إلى الوظائف الخفية وكل ذلك يؤدي إلى تشتيت قدرات األفراد وتبديد طاقاتهم‬
‫وبالتالي عدم إخالصهم للعمل أو إتقانهم له ما يؤثر سلبا على المجتمع والدولة من جميع‬
‫النواحي‪.‬‬

‫‪ 1‬مصطفى الشرقاوي‪ ،‬التهرب الضريبي واالقتصاد األسود‪ ،‬ص‪25‬ـ‪26‬‬


‫ماجدة تامر‪« ،‬اقتصاد الظل ظاهرة من ظواهر التخلف في البلدان النامية»‬ ‫‪2‬‬

‫‪33‬‬
‫الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي‬

‫‪ .5‬إن تعقد اإلجراءات اإلدارية والتنظيمية وإ رتفاع الرسوم في أسواق العمل ال شك قد تدفع األفراد‬
‫إلى البحث عن فرص العمل المستترة األخرى‪.‬‬
‫‪ .6‬تدفع اإلجراءات اإلدارية والتنظيمية والقضائية واألمنية في مختلف المؤسسات والهيئات الحكومية‬
‫التي تدفع األفراد إلى إتباع الحيل والسبل الكفيلة بتجاوزها‪.‬‬
‫‪ .7‬الفجوة الكبيرة بين مخرجات المؤسسات التعليمية ومدخالتها أي عرض العمل من ناحية والطلب‬
‫على العمل من ناحية أخرى حيث يؤدي ذلك بدوره إلى خلق جيش من البطالة ثم تدفعها ظروف‬
‫المعيشة إلى البحث عن فرص العمل غير الرسمية وبالتالي تدفع بهم إلى التشتت والضياع‬
‫وتكريس ظاهرة ما يسمي باالقتصاد الخفي‪.‬‬
‫‪ .8‬إن ظهور الفساد اإلداري والمالي ال شك يؤدي إلى إزدياد وتفاقم مشكالت اإلقتصاد بكافة أشكاله‬
‫وبالتالي استبداله باقتصاد خفي جديد‪.‬‬
‫‪ .9‬يؤدي وجود البطالة المقنعة كذلك إلى ظهور مثل هذا النوع من اإلقتصاد حيث أن وجودها يخلق‬
‫لدى العاملين شعورا بضعف طاقاتهم وإ نتاجيتهم فيدفعهم ذلك إلى البحث عن فرص أخرى للعمل‬
‫اإلضافي يجدون بها ذواتهم ويستفيدون منها ماديا ومعنويا‪.‬‬

‫أما أسباب الظاهرة من المنظور اإلسالمي فيلخصها الدكتور"حسين شحاتة" فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬الفساد الديني(العقائدي)‬
‫‪ -2‬الفساد األخالقي وانتشار الخيانة والسرقة والكذب والنصب والجهل وأكل أموال الناس بالباطل‬
‫والتعامل في الحرام الخبيث‪.‬‬
‫‪ -3‬الفساد السلوكي ومن أبرزه األنانية والذاتية وتطبيق مبدأ الغاية تبرر الوسيلة والكراهية والحقد‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -4‬الفساد السياسي والتسرب من الالقيم والألخالق والالوطنية لهم إلى المناصب األساسية للدولة‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬أساليب قياس االقتصاد الخفي‬
‫‪2‬‬
‫هناك العديد من األساليب الشائعة في تقدير حجم االقتصاد الخفي‪.‬‬
‫أوال‪ :‬المناهج المباشرة‬
‫‪ -1‬المسح بالعينة‪ :‬يتم تقدير االقتصاد الخفي من واقع بيانات المسح وبمعنى آخر إستخدام أبحاث شاملة‬
‫وعينات تقوم على ردود أو إجابات تطوعية والميزة األساسية لهذه الطريقة تكمن في المعلومات التفصيلية‬
‫التي يمكن الحصول عليها بخصوص هيكل وتركيب اإلقتصاد‪ ،‬لكن النتائج التي يتم الحصول عليها من هذه‬
‫الدراسات تتجاوب مع الطريقة التي تصاغ بها قائمة اإلستبيان ودقة النتائج تتوقف على مدى إستعداد ورغبة‬
‫‪? 1‬‬
‫ماجدة تامر‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫مصطفى الشرقاوي‪ ،‬التهرب الضريبي واإلقتصاد األسود‪ ،‬ص ‪54‬ـ ‪.85‬‬

‫‪34‬‬
‫الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي‬

‫المتجاوبين مع قوائم اإلستبيان للتعاون في إطار الدراسة القائمة‪،‬ويعاب على هذه الطريقة تردد أغلب الذين يتم‬
‫مقابلتهم في اإلعتراف بسلوكهم الذي ينم عن الغش والخداع كما ال يمكن الوثوق بإجاباتهم تماما مما يجعل من‬
‫الصعب تقدير حجم العمل غير المعلن عنه‪.‬‬
‫‪ -2‬تدقيق الحسابات الضريبية‪ :‬يتم تقدير حجم االقتصاد الخفي من واقع قياس الدخل غير المبلغ عنه‬
‫الخاضع للضريبة والدخل المقاس بطرق انتقائية وفي هذا الصدد كانت برامج المراجعة المالية ذات تأثير‬
‫وفعالية غلى نحو خاص‪،‬وألن هذه البرامج قد صممت خصيصا لقياس مقدار الدخل المفروض عليه‬
‫ضريبة وغير المعلن‪.‬‬
‫ويستخدم هذا المدخل عن طريق قيام السلطات الضريبية بالكشف عن الدخول التي ال يتم التبليغ عنها‬
‫وذلك من خالل المراجعة الضريبية والتدقيق المكثف لعينة من الممولين الذين إلتزموا بتقديم اإلقرارات‬
‫الضريبية وذلك وصوال إلى مدى صحة هذه اإلقرارات والواضح أن هذه الطريقة تعتمد على أن يقوم كل‬
‫ممول بمحض إختياره بتوضيح مركزه المالي والكشف عن مصادر دخله وذلك كله عن طريق إختيار‬
‫عينة عشوائية من دافع الضرائب ثم إخضاع إقرارات هؤالء األشخاص للفحص الدقيق والمراجعة من‬
‫أجل الوصول إلى نسبة التهرب الضريبي ومن ثم إلى حجم اإلقتصاد الخفي بعد تعميم هذه النتائج على‬
‫المستوى القومي وقد كان هذه المدخل دقيقا إلى حد ما‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬المناهج غير المباشرة‬
‫‪ -1‬إحصاءات الحسابات القومية‪ :‬يتم تقدير االقتصاد الخفي على أساس التفاوت بين إحصاءات الدخل‬
‫واإلنفاق في الحسابات القومية ففي مجال المحاسبة القومية يجب أن يتعادل مقياس دخل الناتج القومي مع‬
‫مقياس إنفاق هذه الناتج‪ ،‬وبالتالي فإن الفجوة بين هذين المقياسين يمكن إستخدامها كمؤشر على حجم اإلقتصاد‬
‫الخفي‪.‬إذن هذا المنهج يقوم على فرض مؤداه أن األفراد يحصلون على دخول من مصادر مختلفة وأن هناك‬
‫جانبا من هذه الدخول ال يتم اإلفصاح عنها أو على األقل إخفاء جانبا منها‪ ،‬إال أن هذه الدخول المخفاة سوف‬
‫تتحول إلىإنفاق فهذا األسلوب لتقدير حجم اإلقتصاد الخفي يقوم على أساس أن معامالت اإلقتصاد الخفي لن‬
‫تظهر في صورة دخل ولكنها ستظهر في صورة إنفاق‪ ،‬فإذا ما كان هذك صحيحا فإن هذه الفروق بين الدخول‬
‫المسجلة واإلنفاق تعطينا معلومات حول اإلقتصاد الخفي إضافة إلى ذلك أن التغيرات السنوية في حجم هذه‬
‫الفروق بين الدخل واإلنفاق تشير إلى االتجاه العام لإلقتصاد الخفي‪.‬‬
‫‪ -2‬إحصاءات القوى العاملة‪ :‬من خاللها يتم تقدير النمو في اإلقتصاد الخفي على أساس اإلنخفاض في‬
‫مشاركة العمالة في اإلقتصاد الرسمي على إفتراض أن القوى العاملة تشارك بنسبة ثابتة عموما وبالتالي‬
‫إن إنخفاض حجم مشاركة القوى العاملة في اإلقتصاد الرسمي يمكن إعتباره مؤشرا على تزايد نشاط‬
‫اإلقتصاد الخفي‪.‬وذلك مع إفتراض ثبات المشاركة في قوة العمل الرسمية والعوامل األخرى وتقوم هذه‬
‫الطريقة على محاولة الحساب بطريقة اإلحصاء‪:‬عدد العمال المنخرطين في اإلقتصاد الخفي أو العدد الكلي‬
‫لساعات العمل بضرب ساعات العمل في متوسط اإلنتاجية للعاملين في هذا القطاع والناتج يتم تحويله إلى‬

‫‪35‬‬
‫الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي‬

‫رقم نقدي‪ .‬يواجه هذا المنهج صعوبات كثيرة تكمن في كيفية الوصول إلى عدد العاملين المشتغلين في‬
‫اإلقتصاد الخفي وكذلك كيف يمكن معرفة المدة التي يقضونها في العمل‪ ،‬وأخيرا كبف نتمكن من حساب‬
‫متوسط اإلنتاجية لهؤالء العمال؟‬
‫‪ -3‬المعامالت‪:‬حيث يتم إستخدام البيانات الخاصة بالحجم الكلي للمعامالت في اإلقتصاد من أجل حساب‬
‫إجمالي الناتج القومي(الرسمي‪ ،‬غير الرسمي)تم تقدير حجم اإلقتصاد الخفي بطرح إجمالي الناتج القومي‬
‫الرسمي من إجمالي الناتج القومي اإلسمي‪ ،‬ويقوم هذا المنهج على إفتراض مؤداه أن جميع المعامالت التي‬
‫تتم في القطاع اإلقتصادي الرسمي أو القطاع اإلقتصادي غير الرسمي ال بد وأن تكن معامالت نقدية ومن‬
‫ثم تستبعد المعامالت التي تتم في صورة مقايضة‪ ،‬كما أن هذا المنهج يفترض أن العالقة بين النقود‬
‫والمعامالت عالقة ثابتة‪ ،‬فإذا كان من المستطاع قياس الحجم الكلي للنقود سواء السائلة منها أو الودائع‬
‫تحت الطلب فإن باإلمكان الوصول إلى حجم الناتج اإلجمالي باستخدام الطرق النقدية ثم خصم حجم الناتج‬
‫القومي اإلجمالي لإلقتصاد الرسمي من هذا اإلجمالي لنصل إلى تحديد حجم اإلقتصاد الخفي‪.‬‬
‫‪ -4‬الطلب على النقود‪ :‬حيث يتم تقدير حجم اإلقتصاد الخفي من واقع الطلب على النقود على إفتراض أن‬
‫معامالت اإلقتصاد الخفي تتم نقدا‪،‬وأن الزيادة في اإلقتصاد الخفي سوف تزيد من الطلي على النقود‬
‫ويفترض منهجه أن الصفقات السرية يتم عقدها في شكل مدفوعات نقدية حتى ال تترك أي آثار لها أمام‬
‫الجهات الضريبية‪،‬وأن الزيادة في اإلقتصاد الخفي تزيد بالطلب على النقود وبالتالي فإن تغيير معدل‬
‫الضريبة في النموذج ال بد وأن يعطي نقديرا بكمية النقود السائلة المرتبطة بوجود اإلقتصاد الخفي وبالتالي‬
‫يمكن إستخدام هذا الرقم في تقديرحجم الناتج القومي اإلجمالي في اإلقتصاد الخفي بافتراض تساوي‬
‫سرعات التداول في اإلقتصاد الرسمي واإلقتصاد الخفي‪.‬‬
‫‪ -5‬المدخالت المادية‪:‬حيث يتم تقدير النمو في اإلقتصاد الخفي من واقع إستهالك الكهرباء على إفتراض‬
‫أن إستهالك الكهرباء هو أفضل مؤشر مادي للنشاط اإلقتصادي ككل‪ ،‬ثم طرح معدل نمو إجمالي الناتج‬
‫المحلي الرسمي من معدل نمو إستهالك الكهرباء الكلي وإ رجاع الفرق بينهما إلى نمو اإلقتصاد الخفي فهذا‬
‫األسلوب يعتمد على إستخدام مؤشر إستهالك الكهرباء الناتج المحلي في إقليم أو منطقة معينة ومقارنة هذا‬
‫اإلستهالك بالمعدل المفترض أن يكون مطلوبا لحجم اإلنتاج الرسمي في ذلك اإلقليم أو تلك المنطقة‪ ،‬فإذا‬
‫كان اإلستهالك الكلي للكهرباء من الكمية المطلوبة فإن ذلك مؤشرا على وجود إنتاج غير رسمي‪.‬ولقد انتقد‬
‫المنهج بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬أن أنشطة اإلقتصاد الخفي ال تأخذ مكانها فقط في القطاع المنزلي‪.‬‬
‫‪ -‬ال يمكن الجزم بأن جميع أنشطة اإلقتصاد الخفي تتطلب قدرا كبيرا من الكهرباء وأن مصادر أخرى‬
‫للطاقة يمكن استخدامها‪.‬‬
‫‪ -‬أن معدل نفقات الرعاية اإلجتماعية يمكن أن يعتريه الشك عند إستخدامهكعامل إستكشافي في قياس‬
‫اإلقتصاد الخفي عن طريق المنهج السابق‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي‬

‫ثالثا‪ :‬النماذج‬
‫منهج المتغير الكامن‪ :‬من خالله يمكن تقدير حجم اإلقتصاد الخفي كدالة للمتغيرات المشاهدة التي يفترض‬
‫تأثيرها على اإلقتصاد الخفي كالعبء الضريبي وعبء القواعد التنظيمية الحكومية والمتغيرات التي تتأثر‬
‫بأنشطة اإلقتصاد الخفي كالسيولة وساعات العمل الرسمية والبطالة وما إلى ذلك‪.‬وتتميز هذه الطريقة عن‬
‫غيرها لكونها تنظر في العديد من األسباب واآلثار في آن واحد‪.‬فكل الطرق التي تم تقديمها حتى اآلن‬
‫لتقدير حجم ونمو اإلقتصاد الخفي تراعي مؤشر واحد فقط‪،‬أن هذه الطريقة تقوم على نظرية إحصائية‬
‫للمتغيرات الكامنة(غير الملحوظة) والتي تراعي العديد من األسباب والمؤثرات على الظاهرة محل‬
‫الدراسة‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬األشكال الرئيسية لالقتصاد الخفي‬


‫‪1‬‬
‫إن اإلقتصاد الخفي كغيره من أنواع اإلقتصاد ينقسم إلى قسمين من حيث الشكل‪:‬‬
‫‪ -1‬إقتصاد خفي داخلي ويمارس في األسواق الموازية الداخلية‪.‬‬
‫‪ -2‬إقتصاد خفي خارجي ويمارس في األسواق الموازية الخارجية‪.‬‬
‫وللتوضيح أكثر سنتطرق إلى كل من السوق الموازية الداخلية والخارجية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬السوق الموازية الداخلية‪.‬‬
‫وهي عبارة عن أسواق نشأت من ضعف اإلقتصاد الوطني للدولة وهذا عند عدم تلبية األسواق‬
‫العادية لحاجيات ومتطلبات المستهلك لذا تسمح فرصة عدم التوازن بين العرض والطلب لخلق األسواق‬
‫والمساهمة في إنتشارها كظاهرة ويمكن تقسيم اإلقتصاد الخفي في السوق الداخلية إلى قسمين‪:‬‬
‫‪ -1‬التهرب الضريبي‪ :‬يقول البعض أن الضريبة وسيلة لتوزيع األعباء العامة بين األفراد توزيعا قانونيا‬
‫وسنويا طبقا لقدراتهم التكليفية كما عرفها الدكتور" محمد رياض عطية" على أنها"مبلغ من النقود يلزم‬
‫األفراد ألدائه السلطات العامة بصفة نهائية"‪.‬‬
‫والضريبة ليست شيئا مستحدثا بتاريخ اإلنسان أو المجتمع فلقد عرفها منذ وجد وقامت عليه الدولة وتكفلت‬
‫بقيام الخدمات العامة وإ شباع الحاجات العامة األساسية لكيان المجتمع وبقائه مما استدعى توفير موارد‬
‫عامة ألداء هذه الخدمات والحاجات العامة وتجريم مخالفة تشريعات الضرائب ليس أمرا غريبا والنص‬
‫على عقوبته الحبس والغرامة والتعويض أخذت به جميع التشريعات الحديثة‪ ،‬فتصل عقوبة الحبس في‬
‫التشريع األمريكي إلى خمس سنوات وتكافح هذه التشريعات التهرب الضريبي باتخاذ إجراءات وقائية‬
‫وتقرير عقوبات جنائية ومن هذه اإلجراءات إلزام المدين باإليراد الخاضع للضريبة بتقديم إقرار غير الذي‬
‫يقدمه الممول وتقرير حق اإلطالع على الدفاتر والوثائق الخاصة بالممول وتحويل هذا الحق لموظفي‬
‫مصلحة الضرائب‪.‬‬

‫طرشي‪ ،‬االقتصاد الموازي ـ السوق الموازي ـ ص ‪34‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪37‬‬
‫الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي‬

‫ويرى الدكتور"محمد رياض عطية" أن أفضل وسيلة لمكافحة التهرب هي أن ال يكون سعر الضريبة‬
‫مرتفعا هو الذي يدفع إلى التهرب والتعرض للعقوبات المنصوص عليها للمكافحة‪ ،‬ومن ثم فال تعتبر على‬
‫الجريمة ضريبة فتلك المخالفة الضريبية التي ال جزاء عليها سوى زيادة الضريبة وال تترتب مسؤولية‬
‫مدنية أو الضريبة على أساس التقدير الجزائي ألن هذه الجزاء ال يعتبر عقوبة جنائية‪.‬‬
‫‪ -2‬األعمال غير القانونية‪ :‬ونقصد بها كل األعمال القانونية والتي تمس بالمجتمع في إطار االقتصاد‬
‫الخفي ويمكن حصرها في عدة نقاط من أهمها ترويج المخدرات وتهريبها وكذلك شبكات الدعارة إلى‬
‫جانب األعمال التي يقوم بها بعض الباعة على أرصفة الطرقات إلى جانب أنه قد تعد بعض هذه األعمال‬
‫ربط بين الداخل والخارج وقد حجزت ‪ 288‬كغ من المخدرات سنة ‪ 2001‬مصالح حرس الحدود على‬
‫المستوى الغربي للجزائر وهذا ما يحمل الدولة خسارة كبيرة لما تسبب من أمراض وانحرافات خطيرة‬
‫بالنسبة للشباب ومستعمليها إلى جانب هذه األموال الطائلة التي تنجر عن بيع هذه السموم وخسارة الدولة‬
‫في عدم اقتطاع ضرائب الخزينة العامة ومن هذه األموال الطائلة‪.‬‬
‫أما فيما يخص عمليات تهريب النساء والرقيق األبيض من دول ذات اقتصاد متدهور إلى بلدان ذات‬
‫مستوى مقبول ومثل هذه الممارسات كالفضيحة التي كانت قد شهدتها النمسا التي كشفت عن شبكات تقوم‬
‫بتهريب الفتيات من شرق أوروبا تحت ستار العمل نادالت أو مربيات ثم يتم إجبارهن على العمل في‬
‫الدعارة‪ ،‬حيث تحاصر أغلبية هؤالء النساء بين األوضاع االقتصادية واالجتماعية السيئة في بالدهن في‬
‫شرق أوروبا مثال وبين القيود القانونية الغربية التي تمنعهن من الهجرة والعمل بشكل شرعي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬السوق الموازية الخارجية‪.‬‬
‫على غرار السوق الموازية الداخلية هناك سوق موازية خارجية أو دولية وتكون إما من طرفين أي‬
‫من دولتين أومن عدة أطراف أي عدة دول‪ ،‬وتعتبر السوق الموازية الخارجية مزود رئيسي للسوق‬
‫الموازية الداخلية وهذا عن طريق واحد هو التهريب‪.‬‬
‫‪ -1‬التهريب الجمركي‪:‬األصل في أن الجريمة االقتصادية جريمة قضائية وشأنها شأن أي جريمة أخرى فهي‬
‫تخضع لألحكام العامة الواردة في قانون العقوبات خاصة تلك المتعلقة بالتهريب الجمركي فأصل جريمة‬
‫التهريب الجمركي أنها تقع على الحدود الجمركية للدولة فإذا اجتازت البضائع الحدود فإنه ال تصلح أن تكون‬
‫محال للتهريب الجمركي الذي يعرف بأنه كل بضاعة ال يسمح باستيرادها وتصديرها وأن هذه البضائع ال‬
‫تستوفي الشروط الجمركية لذلك أي أنه ينقسم إلى نوعين‪:‬‬
‫نوع يرد على الضريبة الجمركية المفروضة على البضاعة بقصد التخلص من أدائها‪.‬‬
‫ونوع يرد على بعض السلع التي ال يجوز استيرادها وتصديرها وذلك بقصد خرق الخطر المطلق‪ ،‬ويطبق‬
‫القانون على كل من قام بفعل التهريب سواء تمت العملية أو أنها أبطلت وفي غالب األحيان تتم عملية التهريب‬
‫بإحدى الطريقتين‪:‬‬

‫‪38‬‬
‫الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي‬

‫‪ -‬األولى إعطاء وثائق أو كاشفات مرور أو تجنب المسالك الجمركية‪،‬فاألولى القصد منها كما ذكرنا هو‬
‫التهرب من الضرائب الجمركية فيجب أن تكون البضاعة المهربة خاضعة إلحدى الضرائب التي نص عليها‬
‫قانون الجمارك فإن كانت معفاة من هذه الضرائب بحسب األصل أو لصفة خاصة في البضائع أو العتبارات‬
‫شخصية فإنها ال تصلح أن تكون موضوعا لتهريب جمركي وعلى حسب هذا فإن الضرائب عدة أنواع من‬
‫أهمها ما يلي‪ :‬الضرائب الجمركية األصلية‪،‬الضرائب اإلضافية‪ ،‬الضرائب التعويضية‪ ،‬الرسوم والعوائد‬
‫الجمركية‪.‬أما الثانية فهي جريمة إدخال سلعة بطرق غير شرعية سواء كانت هذه السلع تخضع لضريبة أم ال‪،‬‬
‫فهو إذن تهريب ضريبي ويعتمد على عدم مشروعية إدخال أو إخراج ومن أهم السلع التي تهرب من هذا الباب‬
‫تهريب السجائر والخمور‪.‬‬
‫‪ -2‬التهريب النقدي‪ :‬منذ أول القرن العشرين وبتطور استعمال أوراق النقد المصرفية واستعمال الذهب‬
‫كغطاء لضمان هذه األوراق وتوسع البنوك في خلق االئتمان‪.‬بدأت تظهر أهمية الدور الذي يمكن أن يقوم‬
‫به سعر الخصم الذي يحدده البنك المركزي ومدى تأثيره على حجم التداول النقدي وبدا مفهوم نظرية‬
‫كمية النقود يتغير إال أن الذي يهمنا في هذا المجال هو المحافظة على توازن في عالقات الدولة بالخارج‬
‫وأصبحت أمرا هاما لضمان سالمة النقد فيها وظهرت أهمية الرقابة على النقد في تحقيق هذا التوازن‪.‬‬
‫ولضرورة العمل على تسهيل التجارة الدولية وتطورها خصوصا بعدما أظهرت التجربة‬
‫‪ 1939_1929‬أضرار التسويات والرقابة الجامدة على النقد تم عقد نوعين من االتفاقيات‬
‫الجماعية‪:‬‬
‫‪ -1‬يشمل إتفاقيات "بريتن"و"وودز" التي كان هدفها صيانة اإلقتصاد العالمي وأدت إلى إنشاء هيئتين‪:‬‬
‫‪ -‬صندوق النقد الدولي ومن أهدافه زيادة التعاون النقدي في المحيط الدولي وتشجيع التجارة والمحافظة‬
‫على سعر الصرف للعمالت مع العمل في الوقت نفسه على تخفيف حدة االختالل في ميزان المدفوعات‬
‫للدول األعضاء‪.‬‬
‫‪ -‬البنك الدولي ومن أهدافه تشجيع اإلستثمار في الدول األعضاء وتشجيع انتقال رؤوس األموال‬
‫والعمل على زيادة اإلنتاج في الدول المختلفة‪.‬‬
‫‪ -2‬اتفاقيات تمت بين دول أوروبا ونتج عنها مؤخرا قيام اإلتحاد األوروبي الذي يهدف إلى عدم خلق‬
‫منطقة مغلقة في أوروبا وتسهيل االنتقال إلى جانب توحيد العملة والتوحيد السياسي الذي من الممكن أن‬
‫يتجسد‪.‬‬
‫والنقود تشمل كل عملة قابلة للتداول في أي بلد فهي تشمل النقود السلعية مثل النقود الذهبية أو الفضية أو‬
‫النحاسية التي تخضع أسعارها لتقلبات السوق كما تشمل أيضا العمليات الورقية‪.‬ومن المختصين من يعتبر‬
‫أنها ال تشمل فقط هذا المجال بل إنها تشمل وسائل الدفع األخرى التي أصبحت في العصر الحديث تجري‬
‫مجرى النقود وتمثل جانبا رئيسيا وهاما في حجم المعامالت بين الناس مثل األدوات التجارية وهي‬
‫صكوك مكتوبة وفقا ألوضاع قانونية محددة وتتضمن التزاما بالدفع النقدي بمجرد اإلطالع أو بعد مدة‬

‫‪39‬‬
‫الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي‬

‫معينة من اإلطالع وتنتقل الحقوق الثابتة فيها بطريق التظهير أو المداولة وتستخدم كوسيلة لتسوية الديون‬
‫وهي الشيكات والكمبياالت والسندات اإلذنية‪.‬وفي العموم هناك من جرائم النقد التي تلعب السوق‬
‫الموازية النقدية دورا هاما فيها‪:‬‬
‫‪ -‬التعامل في أوراق النقد األجنبي‪.‬‬
‫‪ -‬التعامل غير المقيمين ووكالئهم بالنقد الوطني‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬االقتصاد الخفي في الجزائر‪.‬‬


‫بعد التطرق إلى مفهوم االقتصاد الخفي وحجمه وأسباب نموه وأشكاله في المبحث األول‪ ،‬سنحاول‬
‫أن نتناوله بشيء من اإللمام ومحاولة دراسته في االقتصاد الجزائري فهو ظاهرة بدأت بالتدريج بالظهور‬
‫لتتفشى وتصبح عائق وعامل أزمة للدولة في مختلف الميادين مخلفا وراءه آثارا وخيمة اجتماعية وثقافية‬
‫وسياسية ومن أبرزها االقتصادية‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫المطلب األول‪ :‬واقع االقتصاد في الجزائر‪.‬‬
‫إن التغيرات العالمية التي مست معظم الدول وإ فرازات السياسات الداخلية لدول العالم الثالث ومنها‬
‫الجزائر تجلت مظاهرها بشكل واضح وجلي في مجموعة من االختالالت التي أصابتها باألزمة ومن أهم‬
‫هذه اإلختالالت‪ :‬عجز في الموازنات العامة‪ ،‬عجز الميزان التجاري‪ ،‬انخفاض في اإلحتياطات‪ ،‬ارتفاع‬
‫نسبة البطالة‪ ،‬ارتفاع نسبة التضخم‪ ،‬انخفاض في الفعالية االقتصادية‪ ،‬اختالل في القطاع المصرفي‪ ،‬عدم‬
‫فاعلية النظام الضريبي وتخلفه‪ ،‬ارتفاع حجم الديون الخارجية وتزايد أعبائها‪...‬الخ‪.‬‬
‫أوال‪ :‬حصر أهم المشاكل‪.‬‬
‫يمر االقتصاد الجزائري بتحول بطيء حيث تحتل قطاعات المحروقات والخدمات نسبا تزداد أهمية في‬
‫حين يعتبر قطاع المحروقات في االقتصاد العالمي بفضل إنتاجه واستهالكه المواد الوسطية‪ .‬يستفيد‬
‫القطاع الصناعي من تحويالت متعددة وأشكال جديدة من الحاجات االجتماعية وحسب ما تؤكده‬
‫اإلحصائيات وتحليالت الخبراء المختصون تعرف أن مساهمات القطاعات المنتجة في تكوين الناتج الخام‬
‫انخفاضا مذهال‪.‬‬
‫إن النقص في مرونة الهياكل االقتصادية يجعل المحيط الدولي يهدد بشكل مخيف خاصة البلدان التي‬
‫تعتمد على تصدير مادة واحدة مثل الجزائر‪ ،‬والرغبة في تسوية أي مشكل باللجوء إلى الخارج نجم عنه‬
‫قتل لكل نية في البحث عن حلول بواسطة الوسائل المحلية لما في ذلك البحث من أجل التنمية بل خاصة‬
‫التهديم التدريجي لقدرات إعادة إنتاج وتجديد النسيج االقتصادي واالجتماعي‪ .‬فوضعية القطاع الصناعي‬
‫منذ عدة سنوات حدث تباينا‬
‫محمد كنفوش‪« ،‬االقتصاد الخفي وآثاره على التنمية المستدامة»‪(،‬رسالة الماجستير كلية العلوم االقتصادية والتسيير‪ ،‬جامعة سعد‬ ‫‪1‬‬

‫دحلب‪ ،‬البليدة ) ص ‪.36،37‬‬

‫‪40‬‬
‫الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي‬

‫في مدى الرضا عن مستوى النمو المحقق والذي يعتبر غير كاف إلنعاش وإ نشاء مناصب العمل‪،‬‬
‫ومساهمة هذا القطاع تزداد ضآلة في القيمة المضافة الشاملة (حوالي ‪ %9‬في سنة ‪ 2002‬مقابل ‪ %8‬في‬
‫سنة ‪ )2003‬وكانت هذه النسبة ‪ %8‬في ‪.1996‬‬
‫إضافة إلى ذلك فإن االقتصاد الجزائري الصناعي يتميز بـ‪:‬‬
‫ـ غياب سياسة صناعية قائمة على رؤية متوسطة وبعيدة المدى‪.‬‬
‫ـ مستوى استثمار ضئيل جدا في القطاع العمومي مقارنة بالتجديدات الحتمية والعصرنة وتأهيل‬
‫التجهيزات والمنشآت‪.‬‬
‫ـ مواجهة المؤسسة الجزائرية عائقا حادا يحول دون تمكنها من التحول قصد مجابهة االستحقاقات القريبة‬
‫فيما يتعلق باالنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة مع االتحاد األوروبي وتصطدم قطاعات أخرى بنفس‬
‫الضغوط الهيكلية إضافة إلى زيادة اإلشكاليات المتعلقة بالسكن وبالمنشآت العمومية وآثارها على الحياة‬
‫االجتماعية واالقتصادية للبالد حيث تأخذ العديد من أنواع التأخير المتراكمة في هذه الميادين وتبقى‬
‫التساؤالت مركزة أساسا على التأطير على صعيد السياسات وتتابع وتعدد البرامج التي اعتمدها القطاعان‬
‫وتعاقب البرامج اإلجمالية دون أن ترسم بنية متجانسة ال في مجال استعمال العقار واألشكال الحضرية‬
‫وال في مجال تهيئة اإلقليم والبيئة‪ .‬وفي قطاع الفالحة فعدم االستعمال العقالني للموارد والوسائل المعبأة‬
‫خاصة في ميدان السوق وتنظيم التجارة وقدرات تحويل المنتجات الزراعية والخدمات المقدمة للمزارعين‬
‫مازالت تعيق مسار التكامل‪.‬‬
‫وفي قطاع الري فإنه باإلضافة إلى األسباب الطبيعية فإن ندرة الماء هي نتيجة ضعف القدرات الحقيقية‬
‫لتعبئة المياه( نقص عدد السدود وآجال طويلة جدا في بناء السدود ووسائل تمويل المياه‪ ،‬سوء التسيير في‬
‫توزيع المياه‪)...‬وبعد مرور سنوات عدة في وسط هذه األوضاع المزرية فإن االقتصاد الجزائري في‬
‫وامتداداته االستراتيجية ولكي تتم عصرنة االقتصاد الجزائري‬ ‫حاجة إلى تعزيز تماسكه اإلقليمي‪.‬‬
‫يجب التكفل بعصرنة منشآته القاعدية ووسائل االتصال ووسائل النقل حيث أن خلفيات الرهانات تتمثل‬
‫في انشغال قوي بالنسبة لمكانة الجزائر داخل العولمة‪ .‬وتتطلب آفاق منطقة التبادل الحر األورو‬
‫متوسطية واالنظمام إلى المنظمة العالمية للتجارة وثورة حقيقية في منظومات اإلنتاج والتوزيع والتسيير‬
‫واإلدارة والحكم‪ ،‬كما يتطلب التغيير تدخل الهيئة القانونية بطرق متعددة‪ .‬والعولمة تفرض ذاتها كحتمية‬
‫ال مناص منها في حين أن قدرات االقتصاد الوطني في مجال التكيف واالنفتاح تعاني من عدة نقائص‬
‫سواء خاصة بسبب التأخير الهام المسجل في عدد كبير من القطاعات الحساسة مثل المواصالت السلكية‬
‫والالسلكية والقطاع المصرفي وسوق رؤوس األموال وقطاع النقل بجميع فروعه‪ ،‬إضافة إلى إنعدام‬
‫وجود استراتيجية هجومية كانت أم دفاعية في المجال االقتصادي فاالنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة‬
‫وإ تفاق الشراكة مع اإلتحاد األوروبي والبحث عن أسواق جديدة في طياته شروط تقيد االقتصاد الوطني‬
‫وهذا األخير لم يتهيأ لمواجهتها‪ ،‬فهذه النقائص والقصور لم تسمح بالحصول على الوسائل الضرورية‬

‫‪41‬‬
‫الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي‬

‫للقيام باختبارات اقتصادية استراتيجية وامتالك القدرات على برمجة وتوجيه االقتصاد‪ ،‬وعليه من‬
‫الضروري إعداد مخطط في المدى المتوسط قصد تعزيز النمو وإ عادة فتح الورشات الكبرى لألشغال‬
‫العمومية واالصالحات االقتصادية إذا أردنا االحتفاظ بحركيات القطاعات التي ازدهرت بفضل مخطط‬
‫دعم اإلنعاش االقتصادي والمخطط الوطني للتنمية الفالحية‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ثانيا‪ :‬النمو واإلصالحات االقتصادية‪.‬‬
‫أصبح معدل النمو االقتصادي غيجابيا منذ سنة ‪ 1995‬بعد أن كان ضعيفا أو سلبيا منذ مطلع‬
‫التسعينات فقد ارتفعت نسبة النمو االقتصادي على التوالي من( ‪2.2‬ـ‪ %‬و ‪0.9‬ـ‪ %‬سنتي ‪1993‬و ‪1994‬‬
‫إلى ‪ %3.8‬سنتي ‪1995‬و‪ 1996‬وكان في ‪ 1997‬مقدرا بحوالي ‪ )%1.1‬وذلك بفضل ثبات أسعار‬
‫المحروقات واالرتفاع الملموس لسعر صرف الدوالر األمريكي مقابل العمالت األجنبية (بمعدل ‪)%20‬‬
‫كما أن تحسن النتائج المسجلة منذ ‪ 1995‬يعود أساسا إلى عدة عوامل ال سيما إرتفاع أسعار المحروقات‬
‫ونسبة تساقط األمطار‪.‬‬
‫وبالتالي فإن النتائج الجيدة المحققة لحد اآلن يجب أن تحجب هشاشة األوضاع التي تحققت خاللها هذه‬
‫النتائج طالما أن النمو لم يرتكز على اإلنعاش االقتصادي وال على رفع المردودية في قطاعات اإلنتاج‬
‫خارج المحروقات ويبدو جليا خاصة وأن اإلنتاج الصناعي المستمر في التراجع المتزايد‪ ،‬وبالتالي فإن‬
‫نسبة النمو تحققت أساسا بفضل اإلنتاج الفالحي والمحروقات بشكل خاص‪.‬‬
‫وترتب عن تطبيق برنامج االستقرار والتعديل االقتصادي على مستوى الميزانية تخفيض القيمة الحقيقية‬
‫للنفقات االجتماعية ال سيما نفقات التربية والصحة‪ ،‬وإ ذا كان المسئولين يحتجون بأن االعتمادات الموجهة‬
‫للصحة والتربية قد زادت تبعا لقيمتها الجارية‪ ،‬فيجب أن يعلموا أن هذه االعتمادات قد انخفضت بقيمتها‬
‫النسبية‪ .‬وأدى تحرير األسعار إلى ارتفاع سريع لنسبة التضخم خاصة بعد إلغاء دعم أسعار معظم المواد‬
‫الغذائية األساسية في شهر جوان ‪ 1992‬وكنتيجة لتقلص الطلب بفعل سياسة االستقرار تباطأت نسبة‬
‫التضخم ثم انخفضت بحلول سنة ‪ .1996‬وأدى االرتفاع المتباين بين أسعار المواد االستهالكية ومداخيل‬
‫األجور منذ الشروع في تطبيق برنامج االستقرار والتعديل االقتصادي إلى تدهور شديد ومتواصل للقدرة‬
‫الشرائية‪ .‬أما بالنسبة للنمو الذي جاء به برنامج إنعاش النمو االقتصادي فقد عانى من تفتيت كبير‬
‫للعمليات دون أن تكون المشاريع المهيكلة التابعة للمنشآت القاعدية والتي تستحوذ على أكثر من ‪%40‬‬
‫من تخصيصات الميزانية قد أنجزت إنجازا تماما ودون أن تكون االنعكاسات على مستوى المؤسسات قد‬
‫سمحت بإحداث أثر مضاعف‪ ،‬وزيادة على ذلك تجدر اإلشارة أن لزوجة بالنسبة لظروف إنجاز مخطط‬
‫دعم اإلنعاش االقتصادي تحدث إكراهات عديدة ال سيما في مجال إبرام الصفقات وفعالية النفقات‬
‫العمومية‪.‬‬

‫كنفوش‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪38‬ـ‪39‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪42‬‬
‫الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي‬

‫لقد تم التأكيد على ضعف أسس إقتصادنا الذي يستدعي إحداث القطيعة مع نمط التمويل المبني أساسا‬
‫على اقتصاد يقوم على المديونية وعلى اإليرادات البترولية‪.‬‬
‫ومن الغريب تزايد االدخار في حين أنه ال يجد من يستعمله بالنظر إلى التراكم الهام للموارد النقدية‬
‫واحتياطيات الصرف على مستوى األعوان االقتصاديين( مؤسسات مالية‪ ،‬مؤسسات إنتاجية‪،‬‬
‫أسر‪)...‬وهذا يدل على أن المشكل األساسي هو عدم القدرة على تمويل الوفرة المالية الهامة إلى قدرات‬
‫استثمارية والعجز على إحداث حركيات في المؤسسات وفي رأس المال‪.‬‬
‫وهكذا توخت سياسة التنمية التي شرع فيها من بدايات الستينات تحقيق هدفين يتمثالن في بناء اقتصاد‬
‫يلبي حاجات المواطنين في مجال الشغل والمداخيل واالستهالك من جهة وتلبية الطلبات االجتماعية‬
‫المتعددة‪ .‬خاصة بعد خوض الجزائر بين الجهاد ضد االستعمار الفرنسي‪ ،‬لكن انحراف بعض السياسيين‬
‫عن المبادئ المعلنة قد رهن كل المجهودات ونخر جل الطاقات‪ ،‬وبالرغم من ذلك فقد ظلت السياسة‬
‫االقتصادية واالجتماعية في المجال النظري والعملي تتمحور حول ترقية اإلنسان وازدهاره اقتصاديا‬
‫وثقافيا واجتماعيا‪ .‬لكن أزمة المديونية الخارجية وتطبيق اإلصالحات مع نهاية الثمانينات قد أوقفا هذه‬
‫السياسة‪ .‬بل استبدلت سياسة التقتيل الجماعي واالختفاء القسري إضافة إلى ظهور أشكال جديدة من الفقر‬
‫وعودة بعض األمراض التي يعود تاريخ انقراضها إلى بداية القرن الماضي‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬اآلثار الناجمة عن اإلقتصاد الخفي‪.‬‬
‫في هذا العنصر تهمنا اآلثار السلبية لهذا اإلقتصاد والتي يعبر عنها الدكتور "حسين شحاتة"‬
‫قائال‪":‬يحقق اإلقتصاد الخفي إيرادات ومكاسب كبيرة لفئة من الناس‪ ،‬ولكن على حساب الدخل القومي كما‬
‫أنه يؤدي إلى آثار إجتماعية سيئة جدا ومن أبرزها‪:‬زيادة الغني غنا وزيادة الفقير فقرا‪ ،‬كما يسبب سوء‬
‫توزيع الموارد بين الناس وهذا هو عين الظلم اإلجتماعي واالقتصادي الذي حرمه اإلسالم‪ ،‬كما تتدخل‬
‫أحيانا مافيا اإلقتصاد الخفي في دواليب النظم الحاكمة حتى يتمكن من تسهيل أعمالهم الخفية بطرق غير‬
‫شرعية وتجنيد بعض العاملين لحسابهم من خالل الرشوة واإلكراميات وما في حكم ذلك وهذا ما يحدث‬
‫‪1‬‬
‫فسادا سياسيا كبيرا‬
‫ومن بين اآلثار التي تهمنا أكثر من غيرها هي اآلثار السلبية اإلقتصادية والتي يمكن حصرها في أقسام‬
‫رئيسية ومن أهمها ما يلي‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫أوال‪ :‬اآلثار السلبية‪.‬‬
‫‪ -1‬على فعالية السياسة الضريبية‪ :‬السياسة الضريبية هي أسلوب تستعمله الدولة وفق ما تمليه أوضاعها‬
‫اإلقتصادية واإلجتماعية ويكون ذلك في إطار سياستها اإلقتصادية في كيفية تدبير وتنظيم التحصيل الضريبي‬
‫وهذه السياسة تعتمد كوسيلة لتحقيق أهدافها‪.‬‬

‫طرشي‪ ،‬االقتصاد الموازي ـ السوق السوداء ـ ص ‪44‬ـ ‪47‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫ماجدة تامر ‪« ،‬اقتصاد الظل ظاهرة من ظواهر التخلف في البلدان النامية»‬

‫‪43‬‬
‫الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي‬

‫بحيث أنها تساهم بفعالية في ضبط النشاط اإلقتصادي وذلك بواسطة فرض معدالت جديدة وإ عطاء فرص‬
‫إعفاءات للنشاطات التي تراها أكثر أهمية في توجيه النشاط اإلقتصادي‪ ،‬كما أن للضريبة أهمية ومكانة هامة‬
‫وخاصة في علم المالية العامة وليس باعتبارها أهم اإليرادات العامة فحسب وإ نما لمدى أهمية الدور الذي‬
‫تؤديه لتحقيق أهداف السياسة العامة ونظرا لما لها من أهمية فإن التهرب الضريبي يمثل أكبر مشكل تواجهه‬
‫السياسة الضريبية في تطبيقها‪.‬‬
‫‪ -2‬على مستوى الموازنة العامة‪ :‬ظلت الدول النامية تبحث عن مورد مالي يتميز بالدوام واإلستقرار‬
‫لسد حاجاتها ونفقاتها التي تشكل قضية قائمة بذاتها تطرح في سياق البحث عن اإلنطالقة التنموية وأحسن‬
‫طريقة هي الطريقة التي تعتمد على اإلمكانيات الذاتية والضريبة تعتبر مورد لخدمة أهداف التنمية لكونها‬
‫أساسية حيث ترتفع بارتفاع المداخيل وتنخفض بانخفاض المداخيل والمبادالت‪ ،‬ولقد استخدمت الضريبة‬
‫كوسيلة‬
‫لممارسة مراقبة الدولة على األنشطة اإلقتصادية في غياب تدخل مباشر ويهذا أصبح تدخل الدولة عن‬
‫طريق الضرائب يشكل أحد مظاهر العدالة‪ ،‬حيث أصبحت تمارس عن طريق الضريبة من خالل الدخول‬
‫العالية لمعدالت كبيرة مع إعفاء او تخفيض معدالت إخضاع الدخول المنخفضة‪.‬‬
‫وبصورة عامة فإن كل إختراق أو تعدي على القانون الضريبي والذي يعرف بالتهرب الضريبي أو‬
‫التهريب سيؤدي إلى إنخفاضات في إيرادات الدولة وهذا اإلنخفاض في اإليرادات والتزايد في النفقات‬
‫يكونان التكلفة للميزانية‪.‬‬
‫‪ -3‬على المتغيرات اإلقتصادية‪:‬إن األهمية التي توليها أي دولة لظاهرة التهرب الضريبي تختلف باختالف‬
‫الظروف السياسية‪ ،‬ففي فترات الركود أين تكون ظاهرة التهرب الشغل الشاغل الهتمامات السلطات العامة‬
‫نظرا لما يخلفه من آثار وخيمة على اإلقتصاد فالجزائر في وقت ما أصبحت فيه الوضعية اإلقتصادية والمالية‬
‫متأزمة أضحى هاجس التهرب الضريبي خطيرا لما تشهده مداخيل الدولة من إنخفاض حاد إضافة إلى ما‬
‫تالقيه من إحتياجات إجتماعية متزايدة وذلك إما لمعدل النمو الضعيف ونسبة التضخم المرتفعة وإ نخفاض في‬
‫القدرة الشرائية زيادة على التسريح الجماعي للعمال‪ ،‬كل هذه المؤشرات تجعل ظاهرة التهرب والتهريب من‬
‫بين إنشغاالت الساعة‪.‬فالنقص المسجل سنويا في إيرادات الدولة بسبب ظاهرة التهرب ال يسمح بالدرجة‬
‫األولى بتكوين إدخار عام إذ يحد من مقدرتها على إقامة المشاريع اإلستثمارية التي تقتضيها أساسيات التنمية‬
‫كما أن إنخفاض معدالت اإلدخار يجعل الدولة تلجأ إلى التقليل في النفقات العامة خاصة تلك المتعلقة باإلعانات‬
‫واإلعانات الممنوحة في إطار ترقية اإلستثمار من خالل تحفيز األعوان اإلقتصاديين على إقامة مشاريعهم‬
‫بتكلفة منخفضة لتكون نتيجة ذلك ركودا إقتصاديا متميزا بارتفاع معدالت التضخم والبطالة‪ ،‬ومن جهة أخرى‬
‫فإن الظاهرة تكبح أهم محفز إقتصادي والذي يتمثل في روح المنافسة‪،‬حيث تجد المؤسسات المتهربة نفسها في‬
‫درجة إمتياز على تلك المؤسسات أو التجار الذين يؤدون واجباتهم‪ ،‬وبذلك نكون لهم إمكانيات تمويلية هائلة‬
‫هذا ما يسمح لهم بتقوية مكانتهم في السوق‪ ،‬كما أن ظاهرة التهرب تساهم في توجيه اإلقتصاد وجهة غير‬

‫‪44‬‬
‫الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي‬

‫طبيعية ال تخدم الصالح العام وذلك بإسهامها في إرساء اإلقتصاد الخفي وهذا ما ذكرناه سابقا بأنه يخلق مشاكل‬
‫جمة‪.‬‬
‫‪ -4‬على سلوك المستهلك‪:‬إن التوزيع العادل لألعباء الضريبية يقتضي بالضرورة تحديدا عادال للعبء الذي‬
‫يجب أن يتحمله كل مكلف تبعا لمقدرته التكليفية‪ ،‬بمعنى أن مقدار مساهمة كل مكلف في األعباء العامة يكون‬
‫حسب مقدار مداخله وثروته لذا فالتهرب الضريبي أو التهريب يقضي على العدالة الضريبية حيث يتحمل‬
‫المكلفون النزهاء عبء الضرائب مقارنة مع المكلفين المتهربين من دفع الضرائب بمعنى أن فرص التهرب أو‬
‫التهريب تتغير بحسب طبيعة المكلفين واإلمكانيات المتاحة لهم إذ أن البعض من المكلفين يستطيعون اإلخالل‬
‫بواجباتهم بكل سهولة(التجار‪ ،‬أصحاب المهن الحرة‪ ،‬المهربين) في حين أن البعض يصعب عليهم التهرب‬
‫نظرا لطبيعة مداخيلهم أو أعمالهم وهذا ما يؤدي بالمكلفين النزهاء إلى سلوك نفس الطريق بتجنب العبء الذي‬
‫على عاتقهم‪.‬‬
‫فمظاهر عدم االنضباط الجبائي التي تسود أفراد المجتمع وتعطي صورة غير الئقة إذ يحاولون بقدر اإلمكان‬
‫التعدي على التشريعات الجبائية وهذا ما يؤدي إلى حالة من الفوضى وذلك في غياب العقوبة الصارمة لمثل‬
‫هذه السلوكات والتي تؤدي إلى تقهقر مصداقية وأمانة المعامالت المالية والتجارية ألنه يمكنه من حيازة وثائق‬
‫وبيانات مزورة ألجل غايات التهرب من دفع الضرائب‪ ،‬العمل سرا والتهريب‪ ,‬وفي األخير يمكن القول أن‬
‫ظاهرة التهريب تسبب نوع من فقدان الثقة لبن المتعاملين أثناء إبرام الصفقات والعقود وما إلى ذلك من‬
‫مخالفات و ممارسات غير قانونية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬اآلثار االيجابية‪.‬‬
‫تركز معظم الدراسات التي تمت على االقتصاد الخفي أساسا على الجوانب السلبية التي يحملها وجود هذا‬
‫االقتصاد سواء على مستوى التحليل االقتصادي الكلي أو الجزئي إال أن ذلك ال يعني أنه ال توجد آثار إيجابية إذ‬
‫أن هناك من االقتصاديين الذين يشيرون إلى أن هناك بعض الفوائد المرتبطة بوجود هذا االقتصاد ومثال ذلك‬
‫المساعدة على حل أزمة البطالة وتخفيف األعباء االجتماعية للعديد من طبقات الشعب التي تطبق مبدأ اإلكتفاء‬
‫الذاتي فتنتج هذه الطبقات ما تستهلكه‪ ،‬مثال الفالح صاحب األرض الزراعية صغيرة المساحة‪ ،‬فهو بذلك‬
‫يستهلك جزءا من المحصول الذي يزرعه على مدار العام‪ ،‬ويحلب الماشية التي يملكها ويربي الطيور فيأكل‬
‫منها ويبيع ما فاض عن احتياجاته من دون تسجيل مبيعاته في دفاتر محاسبية‪ ،‬ويرجع عدم تسجيل هذا الفالح‬
‫لمبيعاته في الدفاتر المحاسبية إما ألنه ال يعرف كيفية التسجيل أو ألن مبيعاته ال تستدعي ذلك لصغر قيمتها‪ ،‬ثم‬
‫يشتري بعد ذلك حاجاته األخرى من حصيلة مبيعاته‪ .‬ومثال الخياط الذي يمارس عمله في بيته فيفصل ما‬
‫يلزمه من مالبس ثم يبيع ما يفيض من منتجاته إلى الغير وبذلك يساعد االقتصاد الخفي في تخفيض معدالت‬
‫البطالة كما يؤدي إلى تخفيض الواردات من الخارج ومن ثم المساعدة في خفض العجز في ميزان المدفوعات‬
‫للدول كما يؤدي إلى زيادة حجم دخول أفراد المجتمع الحقيقية مما يؤدي إلى زيادة الدخل القومي للدول‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي‬

‫المطلب الثالث‪ :‬سياسات المواجهة‪.‬‬


‫ألي مشكلة أسباب ولعالج مشكلة اإلقتصاد الخفي تم دراسة أسبابه لسد كافة األبواب التي تؤدي إليه وذلك‬
‫‪1‬‬
‫من خالل مجموعة سياسات تعمل ولو على تخفيفه‪.‬‬
‫‪ -1‬تنفيذ القانون الضريبي للقواعد البسيطة‪:‬‬
‫يستخدم هذا التحليل اثنين من أسلحة السياسة هما ‪:‬احتمال الكشف عن التهرب وقسوة العقوبة وفي هذا الصدد‬
‫فإن المؤلفات التي تناولت سياسة مكافحة التهرب تتشابه كثيرا مع تلك التي تناولت الموقف اإلقتصادي تجاه‬
‫تنفيذ القانون الجبائي‪ ،‬إال أن االختالف الرئيسي بينهما يكمن في إقتصاديات الجريمة والتي كانت أكثر حرصا‬
‫على فهم وإ كتشاف التكاليف اإلجتماعية للجريمة والتحكم فيها وإ ستنتاج دالة الخسارة اإلجتماعية‪ ،‬ولم يكن‬
‫العمل في مجال تنفيذ القانون الضريبي بصفة عامة في إيجاد القيم المثلى إلحتماالت الكشف عن التهرب‬
‫الضريبي وقسوة العقاب حتى يتسنى القضاء على التهرب تماما‪.‬‬
‫كما أوضحنا سابقا أن الناس ال يعتبرون أن التهرب جريمة أساسية لذا فإن أس نظام يكشف فقط عن نسبة‬
‫صغيرة من المتهربين ويفرض عقوبات عليهم سوف يخلق ظلما أو عدم مساواة وإ ذا أبدى المرء رفضه للظلم‬
‫وعدم المساواة الالحقة فإن السياسة المثلى سوف تتحول في صالح معدل الكشف المرتفع وإ نخفاض حجم‬
‫العقوبات وبالطبع لو تلقى المتهربون قليال من اإلهتمام من خالل الرعاية اإلجتماعية فإن اإلذعان الكامل‬
‫يصبح مرة أخرى هدفا معقوال من أهداف اإلدارة الضريبية‪.‬‬
‫‪ -2‬فرض القانون الضريبي‪:‬اإلستراتيجيات األكثر تطورا‪:‬‬
‫مع اإلفتراض بأن كل ممول ضريبي يواجه نفس إحتمال مراجعة أعماله والكشف عنه ومعاقبته‬
‫فاإلستخدام الكفئ لموارد اإلدارة الضريبية قد يتطلب إحتماالت مراجعة أعمال المتهريبن‪ ،‬ويجب التأكيد‬
‫على أن هذه اإلتجاهات تتبنى وجهة نظر محدودة عن أهداف المجتمع فهي تتم بزيادة العائدات الضريبية‬
‫وتقليل أعداد المتهربين على التوالي‪.‬‬
‫كما أن المشاكل الكبيرة الناجمة عن ما يتم بالدخل أو العائد الذي تم رفعه أو زيادته أو عدم تشجيع‬
‫التهرب لم تحل‪.‬وإ ذا اهتم المرء بزيادة مقدار معين من العائد أو القضاء على التهرب فإنه من الواضح‬
‫حينئذ أن سياسة المراجعة المتميزة قد تسمو أو تتفوق على السياسة التي تطبق نفس إحتمال المراجعة‬
‫على جميع ممولي الضرائب‪.‬‬

‫‪ -3‬إختيارالسياسة البديلة‪:‬‬

‫‪? 1‬‬
‫مصطفى الشرقاوي‪ ،‬التهرب الضريبي واالقتصاد األسود‪ ،‬ص‪98‬ـ ‪222‬‬

‫‪46‬‬
‫الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي‬

‫إن عملية خفض الضرائب على أساس تهدئة عملية التنفيذ من المحتمل أن تكون درجة صغيرة ومع‬
‫ذلك هناك خيار واحد لم يتم فحصه حتى اآلن وهو تخفيض أو خفض معدالت الضرائب على الدخل‪ ،‬وكم‬
‫هو فاعل ومؤثر هذا الخيار في خفض أو تقليل التهرب‪ ،‬وبالطبع فإن تغير المعدالت الضريبية ليست‬
‫عادة حكرا على مصلحة الضرائب فاإلدارة الضريبية عادة تضطر ألن تقبل معدالت ضريبية فرضها‬
‫الوزراء في الحكومة ومن مهامها رفع أو زيادة المعدالت الضريبية كأداة في إحباط تشجيع التهرب‪.‬وفي‬
‫الواقع فإن إحدى القوى الدافعة وراء معدالت الخفض الحديثة التي تمت في المعدالت الحدية الضريبية‬
‫في اإلقتصاديات الصناعية هي مالحظة أن المعدالت الضريبية المرتفعة نادرا ما يتم سدادها بالفعل فهي‬
‫إما تجنب أو يتم تالشيها ومعدالت الضرائب على الدخل عادة مايتم وضعها طبقا العتبارات محددة مثال‬
‫ذلك إعادة توزيع الدخول‪ ،‬المعروض من العمال‪ ،‬اإلدخار‪ ،‬تحمل المخاطر‪ ...‬وهذا يعني ان التقييم‬
‫الكامل للدور الذي تلعبه معدالت ضريبة الدخل في خفض التهرب ال يجب أن يتجاهل هذه المسائل‬
‫األخرى‪.‬‬
‫ولسوء الحظ فإن المجال ال يسمح بمناقشة ذلك‪ ،‬وتشير هذه األدلة والبراهين إلى مناقشة ضرائب الدخل‬
‫المثلى‪ ،‬يتعين أن تتضمن الوعي الكامل لمدى تأثير المعدالت الضريبية على درجة التهرب الضريبي‬
‫ومن ثم على مسائل المساواة والكفاية‪.‬‬
‫وفي األخير إن تصميم السياسات بتنظيم مدى التهرب الضريبي وحدوده يتطلب شرح وتوضيح‬
‫وتحديد أهداف المجتمع‪ ،‬وأنه ليس بالضرورة أن يكون التهرب هو الشر كله الذي قد توضحه المناقشة‬
‫المفصلة‪ ،‬وأنه باستثناء المواقف المخلة فإن الكشف عن المتهربين ومنع حدوث التهرب الضريبي يتطلبان‬
‫إستخدام الموارد النادرة التي لها إستخداماتها البديلة وبشكل حتمي فإن القرارات السياسية يجب أن تحدث‬
‫توازنا بين التكاليف والمزايا والنتيجة هي أنه في الواقع من المرغوب فيه السماح بحدوث بعض التهرب‬
‫كما أن بعض الكتاب يرون أن النظام الضريبي األمثل يقدم حوافز ودوافع للغش وأن مثل هذا النظام هو‬
‫األكثر كفاءة من النظام الذي يفشل في تقديم أو عرض مثل هذا الخيار‪ .‬ومن الواضح أيضا أن رجال‬
‫اإلقتصاد قد كرسوا قدرا كبيرا من جهدهم في تصميم اإلستراجيات المثلى ألجهزة تنفيذ القانون‬
‫الضريبي‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬تأثير االقتصاد الخفي على التنمية المستدامة‪.‬‬
‫إن لالقتصاد الخفي تأثيرات عديدة على االقتصاد ومن أهمها تأثيره على مسار التنمية وخاصة التنمية‬
‫المستدامة وذلك لوجود ذلك التعارض أو التناقض بين األهداف التي تصبو إليها التنمية المستدامة واآلثار التي‬
‫يخلفها االقتصاد الخفي وبالتالي هذه األخيرة تكون معرقال كبيرا لتحقيق تلك األهداف المستدامة اقتصاديا‬
‫واجتماعيا‪...‬إلخ‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التأثير على الجانب االقتصادي‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي‬

‫من أهم أهداف التنمية المستدامة اقتصاديا‪:‬‬


‫_ تحسين حياة السكان من خالل تحقيق اقتصاد نوعي‪ ،‬في حين أن االقتصاد الخفي يقوم على عكس هذا المبدأ‬
‫" فالفئات التي تعمل في االقتصاد الرسمي تتعرض لمنافسة شديدة من طرف أصحاب االقتصاد الخفي الذين‬
‫يعملون في النشاط نفسه‪ ،‬فمثال الذين يبيعون السلع التي تنتج في السوق الرسمي ولكن بسعر أقل وجودة أقل أو‬
‫الذين يزورون العالمات التجارية أو ينسخون برامج الحاسبات اآللية دون الحصول على تصريح أو حق‬
‫‪1‬‬
‫النسخ وبالتالي فإن هذه المنتجات مقلدة وغير مطابقة لمنتجات االقتصاد الرسمي التي تكون بجودة أعلى"‪.‬‬
‫_ تحقيق عدالة اقتصادية‪ ،‬غير أن االقتصاد الخفي يعمل على عكس ذلك فمثال اصحاب الدخول الخفية‬
‫يتمتعون بالمرافق والخدمات العامة( مياه‪ ،‬كهرباء‪ ،‬تعليم‪ ،‬صحة‪ )...،‬مثلهم مثل أصحاب الدخول المعلنة‬
‫وعلى الرغم من ذلك نجد أن أصحاب هذه الدخول ال يسددون الضرائب المستحقة عليهم خالفا ألصحاب‬
‫الدخول المعلنة الذين يسددون الضرائب الواجبة الدفع أوال بأول‪ ،‬ألنها تمثل دخوال معلنة "فبائع الجرائد الذي‬
‫يستفيد من المرافق العامة نفسها التي يستفيد منها الموظف إال أنه ال يدفع الضرائب مقابل ما يحصل عليه من‬
‫الداخل وبالتالي ليس هناك عدالة في التوزيع الضريبي‪ .‬كما أن زيادة حجم االقتصاد الخفي تؤدي إلى زيادة‬
‫حجم اإلنفاق العام مع عدم ارتفاع حصيلة الضرائب إلى زيادة الموازنة العامة للدولة دون وجود مصادر كافية‬
‫لتغطية هذه الزيادة مما يؤدي إلى الضغط على أصحاب الدخول المعلنة لسد االحتياجات المالية الخاصة بهذه‬
‫الزيادة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬التأثير على الجانب االجتماعي‪.‬‬
‫ذكرنا سابقا أن التنمية المستدامة تهدف إلى تحقيق حياة نوعية أفضل للسكان وليس ذلك من خالل تحقيق‬
‫إقتصاد نوعي فقط بل من كل الجوانب االجتماعية والنفسية‪ ،‬وعلى خالف أن الحياة االقتصادية النوعية تؤثر‬
‫على الجوانب االجتماعية مثل الرفاهية واالستقرار وغيرها‪ ،‬فهناك الجانب التعليمي مثال‪ ،‬فالتنمية المستدامة‬
‫تهتم بالجانب التعليمي للسكان فهي تهتم بالبرامج التعليمية وتهدف إلى أن يكون التعليم سائدا في كل طبقات‬
‫المجتمع إال أن االقتصاد الخفي يقف حائال دون ذلك‪ ،‬إذ أن أغلب العاملين في االقتصاد الخفي يتصفون بتدني‬
‫مستوياتهم العلمية وينجذب الشباب عادة في منتصف طريقهم العلمي( في مدارس الثانوية) على العمل في‬
‫االقتصاد الخفي ويرجع ذلك إلى إحساسهم بعدم الجدوى من إكمال مراحل التعليم المتبقية والحصول على‬
‫شهادات عليا ألنهم يرون أن من لم يتم تعليمه أو األمي يحصل على معدالت دخل تتجاوز أضعاف ما يحصل‬
‫عليه المتعلم بعد تخرجه لذلك يترك الشباب تعليمهم للعمل في االقتصاد الخفي بهدف الحصول على أعلى عائد‬
‫في أقصر وقت ممكن ويؤدي ذلك إلى آثار في غاية الخطورة تتمثل في تفشي الجهل واألمية في المجتمع والتي‬
‫تكون سببا لكل المشاكل االجتماعية األخرى‪ ،‬وانخفاض مستويات األعمار التي تعمل في االقتصاد الخفي‪،‬‬
‫إضافة إلى ذلك فإن اتساع التعامالت غير الظاهرة( الخفية) يؤدي إلى تدمير ما يقوم ببنائه العديد من‬

‫‪1‬‬
‫‪www.moqatel.com‬‬

‫‪48‬‬
‫الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي‬

‫المنظمات المحلية والدولية مثل منظمة األمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) من ندوات‬
‫والتأكيدات على حقوق اإلنسان في التعليم للكبار واألطفال واإلرتفاع بمستوى مناهج التعليم والمساهمة في‬
‫نشر العلوم وتشجيع البحث العلمي‪.‬‬
‫وأكبر تأثير يتركه االقتصاد الخفي على التنمية المستدامة يتجلى في أن التنمية المستدامة تسعى في تحقيق‬
‫أهدافها ومحتواها من خالل تخطيط وتنفيذ سياسات تنموية تقوم برسمها‪ .‬إال أن هذه األخيرة تتأثر بشكل كبير‬
‫بحجم االقتصاد الخفي فهو يؤدي إلى عدم صحة البيانات والمعلومات التي على أساسها تعد اإلحصاءات‬
‫القومية( معدالت البطالة‪ ،‬نسبة التضخم‪ ،‬الدخل القومي‪ )...‬وتتخذ القرارات وتوضع السياسات‬
‫االقتصادية( السياسات الضريبية‪ ،‬موازين المدفوعات‪ )...‬ومن ثم تخرج قرارات خاطئة بناءا على هذه‬
‫المعلومات غير الصحيحة‪ ،‬فإذا أعدت اإلحصاءات الخاصة بمعدالت البطالة مثال دون أخذ العاملين في‬
‫االقتصاد الخفي في عين االعتبار فإن ذلك سيؤدي إلى بناء السياسات االقتصادية على معلومات مضللة‬
‫وحساب معدالت بطالة خاطئة وبذلك تكون المؤشرات المستخلصة غير مناسبة لوضع السياسات‬
‫االستراتيجية االقتصادية‪.‬‬

‫خالصة الفصل الثاني‪:‬‬


‫إن الدول النامية أمامها فرصة سانحة في السعي إلى تحقيق تجارة عادلة بدال من تجارة حرة‪ ،‬وذلك‬
‫بتصدير الدول الصناعية منتوجاتها إلى الدول الفقيرة حيث أن هذا األسلوب يقلص من صادرات الدول النامية‬
‫إلى أسواق الدول المتقدمة وهكذا حتى يمكن تحقيق تجارة عادلة فإن المفاوضات التجارية متعددة األطراف‬
‫يجب أن تأخذ في االعتبار عنصر الترابط بين السياسات التجارية والنقدية والمالية والتنموية والتأثر المتبادل‬
‫لهذه السياسات في إطار النظام االقتصادي المعولم‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي‬

‫إن انتشار األنشطة االقتصادية غير الرسمية التي أصبحت منذ بداية السبعينات محل جدل ونقاش باعتبارها‬
‫ظاهرة معبرة عن اإلختالالت االقتصادية وعدم نجاح القطاع الرسمي في القيام بدوره اإلنتاجي واالستيعابي‪،‬‬
‫بيد أن التحوالت الراهنة تؤكد نمو وتكاثر هذه األنشطة في البلدان المتقدمة‪ ،‬األمر الذي يدفع بعض‬
‫المتخصصين إلى إثارة مسألة تدويل وعولمة االقتصاد غير الرسمي‪ ،‬وسنحاول أن نقدم بعض الحلول‬
‫المقترحة أو التوصيات للحد أو التخفيض من هذه الظاهرة‪.‬‬

‫‪50‬‬

You might also like