Professional Documents
Culture Documents
الفصل الثاني
الفصل الثاني
تمهيد:
تواجه كثير من الدول على اختالف إيديولوجياتها ودرجات تقدمها االقتصادي ظاهرة انحراف
بعض أنشطتها االقتصادية عن مساراتها الصحيحة نحو قنوات غير ظاهرة لإلدارة االقتصادية فيما عرف
بظاهرة االقتصاد الخفي أو االقتصاد الموازي أو االقتصاد الظلي ،وبالرغم من اتفاق غالبية االقتصاديين
على وجود هذه الظاهرة إال أنهم يختلفون في تقديراتهم لحجمها وتحليالتهم ألسبابها ونتائجها.فالنشاط
االقتصادي الخفي هو حقيقة واقعية في العالم،فال يكاد يخلو االقتصاد القومي في أية دولة من وجود بعض
صور لألنشطة االقتصادية الخفية،وهناك مؤشرات قوية على أن هذه الحقيقة في تزايد مستمر وإ ن كانت
اغلب المجتمعات تحاول السيطرة والتحكم في هذه األنشطة من خالل العديد من اإلجراءات والعقوبات
التأديبية أو من خالل التعليم والتثقيف.
اآلن يوجد شبه اتفاق بين االقتصاديين على أن أنشطة االقتصاد الخفي ليست منفصلة عن المجتمع وإ نما
تتعايش وتتشابك مع أنشطة االقتصاد الرسمي في إطار المجتمع.وتتمثل في شبكة متسعة ومتنامية من
عالقات اإلنتاج والتبادل والتوزيع والتي تشكل نسبة كبيرة من الناتج المحلي اإلجمالي في معظم الدول.ومن
الصعب جمع معلومات دقيقة عن النشاط اإلقتصادي الخفي نظرا ألن من يشترك في مثل هذا النشاط ال
يرغب في كشف النقاب عن نفسه،كما أن الحصول على إحصائيات دقيقة عن حجم اإلقتصاد الرسمي وحجم
اإلقتصاد الخفي هي من المسائل الضرورية في صناعة القرارات اإلقتصادية والسياسية الفاعلة إال أن قياسه
يواجه صعوبات كثيرة تبدأ من مشكلة تعريفه وذلك ألن لديه الكثير من
المصطلحات(الخفي،المغمور،األرضي،السري،تحت ضوء القمر،غير الرسمي ،الموازي،التحتي)...
وتقريبا هذه المصطلحات تؤدي نفس المعنى إلى جانب صعوبة قياسه وتحديد حجمه.
26
الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي
نظرا التعدد التعريفات والمفاهيم المتعلقة باالقتصاد الخفي وتعدد المسميات التي أطلقت على هذه الظاهرة
يمكن تقسيم المصطلحات التي استخدمت لتسمية الظاهرة إلى ثالث مجموعات بيانها على النحو التالي
المجموعة األولى :تشير إلى مفهوم السرية.
أطلق على هذه الظاهرة العديد من المصطلحات للداللة على سريتها ومن أبرزها:
اإلقتصاد تحت األرض،اإلقتصاد التحتي،اإلقتصاد األسود واإلقتصاد السري وأخيرا اإلقتصاد
الخفي.وتعطي هذه المسميات إنطباعا بأن أنشطة الظاهرة تعتبر غير مشروعة ،كما تشير
للطبيعة السرية لها،لكن ال يمكن الجزم بأن كافة مرادفات الظاهرة بمثابة أعمال غير مشروعة،ويرجع ذلك
إلى وجود بعض األنشطة المشروعة بيد أنها غير معلنة وال تدخل ضمن دائرة التدفقات المالية في مصفوفة
الحسابات اإلجتماعية القومية،ومؤدى ذلك أنه ال ينبغي أن نأخذ السرية هنا على إطالقها إذ أن بعض
عبد الناصر طرشي« ،االقتصاد الموازي ـ السوق السوداء»( ،مذكرة ليسانس ،كلية العلوم االقتصادية والتسيير ،جامعة فرحات عباس، 1
27
الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي
عناصر الظاهرة غير خفية ،كما أن السرية تنصرف هنا إلى آليات الظاهرة كالتمويل،وحجمها وعلى وجه
التحديد ،وليست إلى كينونة الظاهرة.
المجموعة الثانية :تشير إلى مفهومـ الالنظامية
من أبرز المصطلحات التي أستخدمت لتسمية الظاهرة طبقا لمفهوم الالنظامية :اإلقتصاد غير
الرسمي،اإلقتصاد الالنظامي،اإلقتصاد غير المرسود واإلقتصاد غير المنظم وتستخدم هذه المسميات للداللة
على القطاع غير المنظم في اإلقتصاد القومي ذلك القطاع الذي يتضمن قطاع الصناعات الصغيرة والقطاع
الحرفي ومن ثم فهو مفهوم ضيق ال يأخذ في إعتباره األنشطة غير المشروعة التي تمثل مكون أساسي
للظاهرة.
المجموعة الثالثة :تشير إلى العالقة باإلقتصاد القومي
من أبرز المفاهيم التي استخدمت لتحديد الظاهرة مفهوما اإلقتصاد الظلي واإلقتصاد الموازي ويعبر
هذان المفهومان عن عالقة اإلقتصاد الرسمي بتلك الظاهرة،باعتبار أن معظم عناصر الظاهرة هي نتيجة رد
فعل للسياسات المعلنة في اإلقتصاد الرسمي فضال عن عناصر تلك الظاهرة،ليست بالضرورة أنشطة غير
مشروعة،إذ أن هناك أنشطة مشروعة ال تدخل في دائرة التجريم اإلقتصادي كالدروس الخصوصية وأعمال
موظفي الحكومة يعتد به من تلك الظاهرة.1
وبناءا على ما تقدم فإنه يمكن تعريف اإلقتصاد الخفي بأنه":مجموع األنشطة اإلقتصادية التي يمارسها
األشخاص الطبيعيون واإلعتباريون وال يعلن عنها وال تدرج دخولها في حسابات الناتج القومي سواء كانت
األنشطة مشروعة أو غير مشروعة من الناحية القانونية وإ ن كانت في جملتها غير مشروعة من الناحية
اإلقتصادية بالنظر إلى نتائجها وآثارها اإلقتصادية
2
الخيرة وتأثيرها على السياسات اإلقتصادية والنقدية والمالية للدولة"
وعليه في اإلقتصاد الخفي اليقتصر على نظام اقتصاد ي معين إذ ال يوجد في اإلقتصاد الرأسمالي شأن
وجوده في اإلقتصاد االشتراكي ،وكذلك في الدول النامية والمتقدمة على حد سواء،وإ ن كان يبدوأكثر
تزايدا في مكوناته في الدول النامية التي تعاني العديد من المشاكل والتداعيات
ً خطورة وأهمية في الحجم
اإلقتصادية المتشابكة.
1عاطف وليم أندراوس ،االقتصاد الظلي ،دار مؤسسة شباب الجامعة ،االسكندرية ،مصر ،2005 ،ص.12،13
سوزي عدلي ناشد ،االتجار في البشر بين االقتصاد الخفي واالقتصاد الرسمي،اإلسكندرية ،مصر ،ص5 2
28
الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي
ويشمل األنشطة التي تتم بالمخالفة لقوانين ولوائح ونظم الدولة وتنقسم إلى:
-أنشطة الجريمة :وتشمل عمليات إنتاج وتهريب وتوزيع المخدرات وعمليات التهريب للسلع غير
المشروعة كالخمور واألسلحة وعمليات الرشوة والقمار...
-أنشطة مخالفة للوائح التي تضعها الدولة لتحقيق أهدافها ولكن يترتب على ممارستها إنتاج سلع وخدمات
مشروعة ومن أمثلتها تهريب السلع المشروعة والتي قد يحظر إسترادها تحقيقا ألهداف إقتصادية كحماية
المنتج المحلي وترشيد إستخدام الموارد النادرة للصرف األجنبي ،وأنشطة اإلتجار في السوق السوداء
للصرف األجنبي.
-2مكون األنشطة المشروعة:
وهي أنشطة مشروعة ال تخالف قوانين الدولة ولكنها غير معلنة إذ أنها غير معلومة للدولة ومن ثم
تخضع دخولها للضرائب وال تدخل في إطار القياس الفعلي للدخل القومي ويمكن تقسيمه إلى جزئين:
-أنشطة غير نقدية:إما أن تستهلك منتجاتها ذاتيا عن طريق الوحدات المنتجة كأنشطة تربية الطيور
ومنتجات األلبان وإ نتاج الحلويات والفطائر وغيرها من األنشطة التي تقوم بها األسرة وقد يتم تبادل تلك
األنشطة بالمقايضة مقابل سلع وخدمات أخرى.
-أنشطة يتولد منها دخوال نقدية ولكن ال تكون معلومة على وجه التحديد للدولة ومن أمثلتها :أنشطة قطاع
الصناعات الصغيرة والقطاع الحرفي.
أنشطة القطاع المهني كاألطباء،المهندسون،المحامون...
أنشطة الوساطة والسمسرة.
أنشطة الباعة المتجولون.
_ أنشطة يتولد عنها دخول نقدية.
_ الباعة الجائلون.
األنشطة غير
_ المؤسسات الصغيرة غير الخاضعة الرسمية المشروعة
للضرائب اجتماعيا
_ الحرف
األنشطة غير
_ أنشطة غير نقدية.
الرسمية
األنشطة غير
_ التهريب المرفوضةاألنشطة غير الرسمية
الرسميةشكل ـ1ـ
_ االتجار في السلع المسروقة اجتماعيا
_ القمار
_ المخدرات
_ الفساد _ الرشوة
_ الدعارة
29
_ الكسب غير المشروع (السرقة،
اعتداء...الخ
الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي
30
الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي
المصدر :إبراهيم تهامي وآخرون« ،العولمة واالقتصاد غير الرسمي» ( مطبوعة للطلبة ،مخبر اإلنسان
والمدينة جامعة منتوري ،قسنطينة ،الجزائر) ،ص101
سوزي عدلي ناشد ،االتجار في البشر بين االقتصاد الخفي واالقتصاد الرسمي ،اإلسكندرية ،مصر،ص5 1
2
مصطفى الشرقاوي ،التهرب الضريبي واالقتصاد األسود ،ص 18ـ19
3
ماجدة تامر« ،اقتصاد الظل ظاهرة من ظواهر التخلف في البلدان النامية» ،الحوار المتمدن ،العدد ،1195من األنترنت.
31
الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي
من الصعب تقدير حجم اإلقتصاد الخفي فالذين يشتغلون باألنشطة الخفية يبذلون قصار جهدهم للتستر
يحتاجون إلى معلومات عن عدد عليها ،غير أن صانعي السياسات واإلداريين في الدوائر الحكومية
األفراد الذين يزاولون أنشطة في ظل القطاع اإلقتصادي الخفي وعن مدى توافر هذه األنشطة الخفية
وحجمها ،لكي يمكنهم اتخاذ القرارات المناسبة بشأن تخصيص الموارد ،ومن هنا أجرى اإلقتصاديون
2
واإلحصائيون في الجهات الرسمية مجموعة من الحسابات لقياس مدى ضخامة اإلقتصاد الخفي.
فهناك دراسة أجراها الصندوق النقد الدولي تفيد بأن اإلقتصاد الخفي تزداد معدالته في الدول النامية
والشرقية بشكل خاص مثل جمهوريات اإلتحاد السوفياتي سابقا.حيث أن أظهرت أن نتائج المسح
اإلحصائي الذي أجري خالل الفترة من 1988وحتى 2000أظهرت أن االقتصاد الخفي كنسبة من الناتج
المحلي اإلجمالي في المتوسط كان في الدول يتراوح ما بين %35إلى %44وفي الدول الشرقية يتراوح
مابين %21إلى %30وفي دول منظمة التعاون االقتصادي والتنمية يتراوح ما بين %14إلى .%16
ولقد أظهرت نتائج الدراسات التي تمت في الفترة 1998إلى 2000على دول متنوعة من العالم أن حجم
االقتصاد الخفي كنسبة من الناتج المحلي اإلجمالي كان مرتفعا في بعض الدول مثل نيجيريا وتايلندا
وبوليفيا وروسيا ويوغسالفيا واليونان وإ يطاليا والدول اإلسكندنافية والشيلي ،وكان منخفضا في دول
3
أخرى مثل سويسرا وأوزباكستان ،النمسا والو.م.أ وسلوفاكيا وجنوب إفريقيا وهونكونغ.
فحجم اإلقتصاد الخفي بصورة مضطردة في معظم بلدان التحول اإلقتصادي وجميع بلدان منظمة التعاون
والتنمية اإلقتصادية ،أما الدول النامية فال يمكن الحكم بدقة على اإلتجاه العام فيها نظرا لقصور البيانات
وعدم دقتها ،كما نما اإلقتصاد الخفي بمعدل أسرع بين عامي 1998_1990في دول اإلتحاد السوفياتي
السابق ،حيث إرتفعت نسبته من حوالي
الـربع إلى أكثر من الثلث وإ ن كان ظل ثابتا أويكاد عند مستوى خمس إجمالي الناتج
1
القومي في دول أوروبا الوسطى والشرقية.
ولو رجعنا إلى بلدان منظمة التعاون والتنمية اإلقتصادية نجد أن اإلقتصاد الخفي فيها في حالة نمو طوال
السنوات الثالثين الماضية حيث تضاعف أقل من %10من إجمالي الناتج القومي في معظم هذه البلدان.
ففي 1970تضاعف إلى %20أو أكثر من إجمالي الناتج القومي بحلول 2001في بلجيكا والدانمارك
وإ يطاليا والنرويج وإ سبانيا والسويد .كذلك حدث نمو في البلدان التي يعد اإلقتصاد الخفي فيها أقل حجما
ففي و.م.أ.على سبيل المثال تضاعف االقتصاد الخفي من %4من إجمالي الناتج القومي في 1970إلى
%9في .2000في حين سجل االقتصاد الخفي أسرع معدالت النمو في هذه البلدان في التسعينات ففي
بلدان المجموعة ككل ارتفعت نسبة االقتصاد الخفي من %13في الفترة 1993_1990إلى %17في
الفترة من 2000 _1999ومن نهاية هذا العقد مازال االقتصاد الخفي في حالة نمو في معظم بلدان
المجموعة.
ماجدة تامر ،مرجع سبق ذكره. 1
32
الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي
كما أن سوق العمل في اإلقتصاد الخفي في تزايد مستمر ويشمل جميع الحاالت التي يعتمد فيها أصحاب
العمل أو العاملون او كالهما إلى إبقاء أوضاعهم في الخفاء من حيث اإلنتاج والسوق في صرف النظر
عما إذا كانت هذه األوضاع مسجلة أو غير مسجلة.
ويلجأ بعض المشتغلين في اإلقتصاد الخفي إلى القيام بأعمال إضافية بعد ساعات العمل الرسمية بل وأحيانا
خالل ساعات العمل الرسمي ،بينما هناك طائفة أخرى يشتغلون في اإلقتصاد الخفي فقط إما ألنهم يجدونهم
أكثر إدرارا للربح أو ألنهم ممنوعون من العمل في االقتصاد الرسمي كما هو الحال بالنسبة للمهاجرين
1
غير الشرعيين على سبيل المثال.
ثانيا:أسباب الظاهرة ونموها
غالبا ما يكون حجم اإلقتصاد الخفي أصغر في البلدان التي تكون معدالتها الضريبية منخفضة نسبيا
وعدد قوانينها ولوائحها التنظيمية محدودا،وحكم القانون فيها راسخا وتشير الدراسات القائمة على بيانات
عدة بلدان إلى أن القوة الدافعة الرئيسية وراء نمو حجم اإلقتصاد الخفي تكمن في أسباب إجتماعية
2
وسياسية إلى جانب اإلقتصادية ومن أهم هذه األسباب ما يلي:
.1األنظمة الضريبية غير العادلة والتي تدفع األفراد والمنشآت إلى البحث عن الحيل والطرق التي
تمكنهم من الضرائب وتزوير الحسابات أي أنها تقودهم إلى اإلقتصاد الخفي بصورة مبشرة أوغير
مباشرة حيث أن النظام الضريبي يجب أن يتسم بمبادئ العدالة والشمول والمساواة وإ ن فقدان أي من
هذه المبادئ قد يقود بالفعل إلى ظهور مثل هذا النوع من اإلقتصاد المرفوض والمدمر.
.2األنظمة السياسية غير العادلة والتي بدورها تخلق أنظمة إقتصادية وإ جتماعية غير عادلة أيضا.
.3إن إرتفاع نسبة مساهمة األفراد في الضمان والتأمينات اإلجتماعية ومعاشات التقاعد قد يدفع
معظمهم إلى البحث عن وظائف أخرى خفية أو غير رسمية،وقد تمت مالحظة أن بعض العاملين
في األنشطة اإلقتصادية الخفية وخصوصا في الدول النامية يفضلون هذه األنشطة ويرتاحون
إليها إلى درجة أنهم قد يرفضون بالفعل فرص العمل الرسمية عندما يجدونها وقد يكون مكسبهم
من الوظائف المستترة يفوق مكسبهم من الوظائف الرسمية بالنسبة لمن لديهم تلك الوظائف.
.4إن مستويات األجور المادية والمعنوية المتدنية والتي ال تتناسب مع مستوى المعيشة وأنظمة
الحوافز والترقيات التي تفتقر إلى العدالة قد تشجع األفراد الذين يقع عليهم الظلم على اإلنحراف
وتدفعهم للتهرب إلى الوظائف الخفية وكل ذلك يؤدي إلى تشتيت قدرات األفراد وتبديد طاقاتهم
وبالتالي عدم إخالصهم للعمل أو إتقانهم له ما يؤثر سلبا على المجتمع والدولة من جميع
النواحي.
33
الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي
.5إن تعقد اإلجراءات اإلدارية والتنظيمية وإ رتفاع الرسوم في أسواق العمل ال شك قد تدفع األفراد
إلى البحث عن فرص العمل المستترة األخرى.
.6تدفع اإلجراءات اإلدارية والتنظيمية والقضائية واألمنية في مختلف المؤسسات والهيئات الحكومية
التي تدفع األفراد إلى إتباع الحيل والسبل الكفيلة بتجاوزها.
.7الفجوة الكبيرة بين مخرجات المؤسسات التعليمية ومدخالتها أي عرض العمل من ناحية والطلب
على العمل من ناحية أخرى حيث يؤدي ذلك بدوره إلى خلق جيش من البطالة ثم تدفعها ظروف
المعيشة إلى البحث عن فرص العمل غير الرسمية وبالتالي تدفع بهم إلى التشتت والضياع
وتكريس ظاهرة ما يسمي باالقتصاد الخفي.
.8إن ظهور الفساد اإلداري والمالي ال شك يؤدي إلى إزدياد وتفاقم مشكالت اإلقتصاد بكافة أشكاله
وبالتالي استبداله باقتصاد خفي جديد.
.9يؤدي وجود البطالة المقنعة كذلك إلى ظهور مثل هذا النوع من اإلقتصاد حيث أن وجودها يخلق
لدى العاملين شعورا بضعف طاقاتهم وإ نتاجيتهم فيدفعهم ذلك إلى البحث عن فرص أخرى للعمل
اإلضافي يجدون بها ذواتهم ويستفيدون منها ماديا ومعنويا.
أما أسباب الظاهرة من المنظور اإلسالمي فيلخصها الدكتور"حسين شحاتة" فيما يلي:
-1الفساد الديني(العقائدي)
-2الفساد األخالقي وانتشار الخيانة والسرقة والكذب والنصب والجهل وأكل أموال الناس بالباطل
والتعامل في الحرام الخبيث.
-3الفساد السلوكي ومن أبرزه األنانية والذاتية وتطبيق مبدأ الغاية تبرر الوسيلة والكراهية والحقد.
1
-4الفساد السياسي والتسرب من الالقيم والألخالق والالوطنية لهم إلى المناصب األساسية للدولة.
المطلب الثالث :أساليب قياس االقتصاد الخفي
2
هناك العديد من األساليب الشائعة في تقدير حجم االقتصاد الخفي.
أوال :المناهج المباشرة
-1المسح بالعينة :يتم تقدير االقتصاد الخفي من واقع بيانات المسح وبمعنى آخر إستخدام أبحاث شاملة
وعينات تقوم على ردود أو إجابات تطوعية والميزة األساسية لهذه الطريقة تكمن في المعلومات التفصيلية
التي يمكن الحصول عليها بخصوص هيكل وتركيب اإلقتصاد ،لكن النتائج التي يتم الحصول عليها من هذه
الدراسات تتجاوب مع الطريقة التي تصاغ بها قائمة اإلستبيان ودقة النتائج تتوقف على مدى إستعداد ورغبة
? 1
ماجدة تامر ،مرجع سبق ذكره.
2
مصطفى الشرقاوي ،التهرب الضريبي واإلقتصاد األسود ،ص 54ـ .85
34
الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي
المتجاوبين مع قوائم اإلستبيان للتعاون في إطار الدراسة القائمة،ويعاب على هذه الطريقة تردد أغلب الذين يتم
مقابلتهم في اإلعتراف بسلوكهم الذي ينم عن الغش والخداع كما ال يمكن الوثوق بإجاباتهم تماما مما يجعل من
الصعب تقدير حجم العمل غير المعلن عنه.
-2تدقيق الحسابات الضريبية :يتم تقدير حجم االقتصاد الخفي من واقع قياس الدخل غير المبلغ عنه
الخاضع للضريبة والدخل المقاس بطرق انتقائية وفي هذا الصدد كانت برامج المراجعة المالية ذات تأثير
وفعالية غلى نحو خاص،وألن هذه البرامج قد صممت خصيصا لقياس مقدار الدخل المفروض عليه
ضريبة وغير المعلن.
ويستخدم هذا المدخل عن طريق قيام السلطات الضريبية بالكشف عن الدخول التي ال يتم التبليغ عنها
وذلك من خالل المراجعة الضريبية والتدقيق المكثف لعينة من الممولين الذين إلتزموا بتقديم اإلقرارات
الضريبية وذلك وصوال إلى مدى صحة هذه اإلقرارات والواضح أن هذه الطريقة تعتمد على أن يقوم كل
ممول بمحض إختياره بتوضيح مركزه المالي والكشف عن مصادر دخله وذلك كله عن طريق إختيار
عينة عشوائية من دافع الضرائب ثم إخضاع إقرارات هؤالء األشخاص للفحص الدقيق والمراجعة من
أجل الوصول إلى نسبة التهرب الضريبي ومن ثم إلى حجم اإلقتصاد الخفي بعد تعميم هذه النتائج على
المستوى القومي وقد كان هذه المدخل دقيقا إلى حد ما.
ثانيا :المناهج غير المباشرة
-1إحصاءات الحسابات القومية :يتم تقدير االقتصاد الخفي على أساس التفاوت بين إحصاءات الدخل
واإلنفاق في الحسابات القومية ففي مجال المحاسبة القومية يجب أن يتعادل مقياس دخل الناتج القومي مع
مقياس إنفاق هذه الناتج ،وبالتالي فإن الفجوة بين هذين المقياسين يمكن إستخدامها كمؤشر على حجم اإلقتصاد
الخفي.إذن هذا المنهج يقوم على فرض مؤداه أن األفراد يحصلون على دخول من مصادر مختلفة وأن هناك
جانبا من هذه الدخول ال يتم اإلفصاح عنها أو على األقل إخفاء جانبا منها ،إال أن هذه الدخول المخفاة سوف
تتحول إلىإنفاق فهذا األسلوب لتقدير حجم اإلقتصاد الخفي يقوم على أساس أن معامالت اإلقتصاد الخفي لن
تظهر في صورة دخل ولكنها ستظهر في صورة إنفاق ،فإذا ما كان هذك صحيحا فإن هذه الفروق بين الدخول
المسجلة واإلنفاق تعطينا معلومات حول اإلقتصاد الخفي إضافة إلى ذلك أن التغيرات السنوية في حجم هذه
الفروق بين الدخل واإلنفاق تشير إلى االتجاه العام لإلقتصاد الخفي.
-2إحصاءات القوى العاملة :من خاللها يتم تقدير النمو في اإلقتصاد الخفي على أساس اإلنخفاض في
مشاركة العمالة في اإلقتصاد الرسمي على إفتراض أن القوى العاملة تشارك بنسبة ثابتة عموما وبالتالي
إن إنخفاض حجم مشاركة القوى العاملة في اإلقتصاد الرسمي يمكن إعتباره مؤشرا على تزايد نشاط
اإلقتصاد الخفي.وذلك مع إفتراض ثبات المشاركة في قوة العمل الرسمية والعوامل األخرى وتقوم هذه
الطريقة على محاولة الحساب بطريقة اإلحصاء:عدد العمال المنخرطين في اإلقتصاد الخفي أو العدد الكلي
لساعات العمل بضرب ساعات العمل في متوسط اإلنتاجية للعاملين في هذا القطاع والناتج يتم تحويله إلى
35
الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي
رقم نقدي .يواجه هذا المنهج صعوبات كثيرة تكمن في كيفية الوصول إلى عدد العاملين المشتغلين في
اإلقتصاد الخفي وكذلك كيف يمكن معرفة المدة التي يقضونها في العمل ،وأخيرا كبف نتمكن من حساب
متوسط اإلنتاجية لهؤالء العمال؟
-3المعامالت:حيث يتم إستخدام البيانات الخاصة بالحجم الكلي للمعامالت في اإلقتصاد من أجل حساب
إجمالي الناتج القومي(الرسمي ،غير الرسمي)تم تقدير حجم اإلقتصاد الخفي بطرح إجمالي الناتج القومي
الرسمي من إجمالي الناتج القومي اإلسمي ،ويقوم هذا المنهج على إفتراض مؤداه أن جميع المعامالت التي
تتم في القطاع اإلقتصادي الرسمي أو القطاع اإلقتصادي غير الرسمي ال بد وأن تكن معامالت نقدية ومن
ثم تستبعد المعامالت التي تتم في صورة مقايضة ،كما أن هذا المنهج يفترض أن العالقة بين النقود
والمعامالت عالقة ثابتة ،فإذا كان من المستطاع قياس الحجم الكلي للنقود سواء السائلة منها أو الودائع
تحت الطلب فإن باإلمكان الوصول إلى حجم الناتج اإلجمالي باستخدام الطرق النقدية ثم خصم حجم الناتج
القومي اإلجمالي لإلقتصاد الرسمي من هذا اإلجمالي لنصل إلى تحديد حجم اإلقتصاد الخفي.
-4الطلب على النقود :حيث يتم تقدير حجم اإلقتصاد الخفي من واقع الطلب على النقود على إفتراض أن
معامالت اإلقتصاد الخفي تتم نقدا،وأن الزيادة في اإلقتصاد الخفي سوف تزيد من الطلي على النقود
ويفترض منهجه أن الصفقات السرية يتم عقدها في شكل مدفوعات نقدية حتى ال تترك أي آثار لها أمام
الجهات الضريبية،وأن الزيادة في اإلقتصاد الخفي تزيد بالطلب على النقود وبالتالي فإن تغيير معدل
الضريبة في النموذج ال بد وأن يعطي نقديرا بكمية النقود السائلة المرتبطة بوجود اإلقتصاد الخفي وبالتالي
يمكن إستخدام هذا الرقم في تقديرحجم الناتج القومي اإلجمالي في اإلقتصاد الخفي بافتراض تساوي
سرعات التداول في اإلقتصاد الرسمي واإلقتصاد الخفي.
-5المدخالت المادية:حيث يتم تقدير النمو في اإلقتصاد الخفي من واقع إستهالك الكهرباء على إفتراض
أن إستهالك الكهرباء هو أفضل مؤشر مادي للنشاط اإلقتصادي ككل ،ثم طرح معدل نمو إجمالي الناتج
المحلي الرسمي من معدل نمو إستهالك الكهرباء الكلي وإ رجاع الفرق بينهما إلى نمو اإلقتصاد الخفي فهذا
األسلوب يعتمد على إستخدام مؤشر إستهالك الكهرباء الناتج المحلي في إقليم أو منطقة معينة ومقارنة هذا
اإلستهالك بالمعدل المفترض أن يكون مطلوبا لحجم اإلنتاج الرسمي في ذلك اإلقليم أو تلك المنطقة ،فإذا
كان اإلستهالك الكلي للكهرباء من الكمية المطلوبة فإن ذلك مؤشرا على وجود إنتاج غير رسمي.ولقد انتقد
المنهج بما يلي:
-أن أنشطة اإلقتصاد الخفي ال تأخذ مكانها فقط في القطاع المنزلي.
-ال يمكن الجزم بأن جميع أنشطة اإلقتصاد الخفي تتطلب قدرا كبيرا من الكهرباء وأن مصادر أخرى
للطاقة يمكن استخدامها.
-أن معدل نفقات الرعاية اإلجتماعية يمكن أن يعتريه الشك عند إستخدامهكعامل إستكشافي في قياس
اإلقتصاد الخفي عن طريق المنهج السابق.
36
الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي
ثالثا :النماذج
منهج المتغير الكامن :من خالله يمكن تقدير حجم اإلقتصاد الخفي كدالة للمتغيرات المشاهدة التي يفترض
تأثيرها على اإلقتصاد الخفي كالعبء الضريبي وعبء القواعد التنظيمية الحكومية والمتغيرات التي تتأثر
بأنشطة اإلقتصاد الخفي كالسيولة وساعات العمل الرسمية والبطالة وما إلى ذلك.وتتميز هذه الطريقة عن
غيرها لكونها تنظر في العديد من األسباب واآلثار في آن واحد.فكل الطرق التي تم تقديمها حتى اآلن
لتقدير حجم ونمو اإلقتصاد الخفي تراعي مؤشر واحد فقط،أن هذه الطريقة تقوم على نظرية إحصائية
للمتغيرات الكامنة(غير الملحوظة) والتي تراعي العديد من األسباب والمؤثرات على الظاهرة محل
الدراسة.
37
الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي
ويرى الدكتور"محمد رياض عطية" أن أفضل وسيلة لمكافحة التهرب هي أن ال يكون سعر الضريبة
مرتفعا هو الذي يدفع إلى التهرب والتعرض للعقوبات المنصوص عليها للمكافحة ،ومن ثم فال تعتبر على
الجريمة ضريبة فتلك المخالفة الضريبية التي ال جزاء عليها سوى زيادة الضريبة وال تترتب مسؤولية
مدنية أو الضريبة على أساس التقدير الجزائي ألن هذه الجزاء ال يعتبر عقوبة جنائية.
-2األعمال غير القانونية :ونقصد بها كل األعمال القانونية والتي تمس بالمجتمع في إطار االقتصاد
الخفي ويمكن حصرها في عدة نقاط من أهمها ترويج المخدرات وتهريبها وكذلك شبكات الدعارة إلى
جانب األعمال التي يقوم بها بعض الباعة على أرصفة الطرقات إلى جانب أنه قد تعد بعض هذه األعمال
ربط بين الداخل والخارج وقد حجزت 288كغ من المخدرات سنة 2001مصالح حرس الحدود على
المستوى الغربي للجزائر وهذا ما يحمل الدولة خسارة كبيرة لما تسبب من أمراض وانحرافات خطيرة
بالنسبة للشباب ومستعمليها إلى جانب هذه األموال الطائلة التي تنجر عن بيع هذه السموم وخسارة الدولة
في عدم اقتطاع ضرائب الخزينة العامة ومن هذه األموال الطائلة.
أما فيما يخص عمليات تهريب النساء والرقيق األبيض من دول ذات اقتصاد متدهور إلى بلدان ذات
مستوى مقبول ومثل هذه الممارسات كالفضيحة التي كانت قد شهدتها النمسا التي كشفت عن شبكات تقوم
بتهريب الفتيات من شرق أوروبا تحت ستار العمل نادالت أو مربيات ثم يتم إجبارهن على العمل في
الدعارة ،حيث تحاصر أغلبية هؤالء النساء بين األوضاع االقتصادية واالجتماعية السيئة في بالدهن في
شرق أوروبا مثال وبين القيود القانونية الغربية التي تمنعهن من الهجرة والعمل بشكل شرعي.
ثانيا :السوق الموازية الخارجية.
على غرار السوق الموازية الداخلية هناك سوق موازية خارجية أو دولية وتكون إما من طرفين أي
من دولتين أومن عدة أطراف أي عدة دول ،وتعتبر السوق الموازية الخارجية مزود رئيسي للسوق
الموازية الداخلية وهذا عن طريق واحد هو التهريب.
-1التهريب الجمركي:األصل في أن الجريمة االقتصادية جريمة قضائية وشأنها شأن أي جريمة أخرى فهي
تخضع لألحكام العامة الواردة في قانون العقوبات خاصة تلك المتعلقة بالتهريب الجمركي فأصل جريمة
التهريب الجمركي أنها تقع على الحدود الجمركية للدولة فإذا اجتازت البضائع الحدود فإنه ال تصلح أن تكون
محال للتهريب الجمركي الذي يعرف بأنه كل بضاعة ال يسمح باستيرادها وتصديرها وأن هذه البضائع ال
تستوفي الشروط الجمركية لذلك أي أنه ينقسم إلى نوعين:
نوع يرد على الضريبة الجمركية المفروضة على البضاعة بقصد التخلص من أدائها.
ونوع يرد على بعض السلع التي ال يجوز استيرادها وتصديرها وذلك بقصد خرق الخطر المطلق ،ويطبق
القانون على كل من قام بفعل التهريب سواء تمت العملية أو أنها أبطلت وفي غالب األحيان تتم عملية التهريب
بإحدى الطريقتين:
38
الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي
-األولى إعطاء وثائق أو كاشفات مرور أو تجنب المسالك الجمركية،فاألولى القصد منها كما ذكرنا هو
التهرب من الضرائب الجمركية فيجب أن تكون البضاعة المهربة خاضعة إلحدى الضرائب التي نص عليها
قانون الجمارك فإن كانت معفاة من هذه الضرائب بحسب األصل أو لصفة خاصة في البضائع أو العتبارات
شخصية فإنها ال تصلح أن تكون موضوعا لتهريب جمركي وعلى حسب هذا فإن الضرائب عدة أنواع من
أهمها ما يلي :الضرائب الجمركية األصلية،الضرائب اإلضافية ،الضرائب التعويضية ،الرسوم والعوائد
الجمركية.أما الثانية فهي جريمة إدخال سلعة بطرق غير شرعية سواء كانت هذه السلع تخضع لضريبة أم ال،
فهو إذن تهريب ضريبي ويعتمد على عدم مشروعية إدخال أو إخراج ومن أهم السلع التي تهرب من هذا الباب
تهريب السجائر والخمور.
-2التهريب النقدي :منذ أول القرن العشرين وبتطور استعمال أوراق النقد المصرفية واستعمال الذهب
كغطاء لضمان هذه األوراق وتوسع البنوك في خلق االئتمان.بدأت تظهر أهمية الدور الذي يمكن أن يقوم
به سعر الخصم الذي يحدده البنك المركزي ومدى تأثيره على حجم التداول النقدي وبدا مفهوم نظرية
كمية النقود يتغير إال أن الذي يهمنا في هذا المجال هو المحافظة على توازن في عالقات الدولة بالخارج
وأصبحت أمرا هاما لضمان سالمة النقد فيها وظهرت أهمية الرقابة على النقد في تحقيق هذا التوازن.
ولضرورة العمل على تسهيل التجارة الدولية وتطورها خصوصا بعدما أظهرت التجربة
1939_1929أضرار التسويات والرقابة الجامدة على النقد تم عقد نوعين من االتفاقيات
الجماعية:
-1يشمل إتفاقيات "بريتن"و"وودز" التي كان هدفها صيانة اإلقتصاد العالمي وأدت إلى إنشاء هيئتين:
-صندوق النقد الدولي ومن أهدافه زيادة التعاون النقدي في المحيط الدولي وتشجيع التجارة والمحافظة
على سعر الصرف للعمالت مع العمل في الوقت نفسه على تخفيف حدة االختالل في ميزان المدفوعات
للدول األعضاء.
-البنك الدولي ومن أهدافه تشجيع اإلستثمار في الدول األعضاء وتشجيع انتقال رؤوس األموال
والعمل على زيادة اإلنتاج في الدول المختلفة.
-2اتفاقيات تمت بين دول أوروبا ونتج عنها مؤخرا قيام اإلتحاد األوروبي الذي يهدف إلى عدم خلق
منطقة مغلقة في أوروبا وتسهيل االنتقال إلى جانب توحيد العملة والتوحيد السياسي الذي من الممكن أن
يتجسد.
والنقود تشمل كل عملة قابلة للتداول في أي بلد فهي تشمل النقود السلعية مثل النقود الذهبية أو الفضية أو
النحاسية التي تخضع أسعارها لتقلبات السوق كما تشمل أيضا العمليات الورقية.ومن المختصين من يعتبر
أنها ال تشمل فقط هذا المجال بل إنها تشمل وسائل الدفع األخرى التي أصبحت في العصر الحديث تجري
مجرى النقود وتمثل جانبا رئيسيا وهاما في حجم المعامالت بين الناس مثل األدوات التجارية وهي
صكوك مكتوبة وفقا ألوضاع قانونية محددة وتتضمن التزاما بالدفع النقدي بمجرد اإلطالع أو بعد مدة
39
الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي
معينة من اإلطالع وتنتقل الحقوق الثابتة فيها بطريق التظهير أو المداولة وتستخدم كوسيلة لتسوية الديون
وهي الشيكات والكمبياالت والسندات اإلذنية.وفي العموم هناك من جرائم النقد التي تلعب السوق
الموازية النقدية دورا هاما فيها:
-التعامل في أوراق النقد األجنبي.
-التعامل غير المقيمين ووكالئهم بالنقد الوطني.
40
الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي
في مدى الرضا عن مستوى النمو المحقق والذي يعتبر غير كاف إلنعاش وإ نشاء مناصب العمل،
ومساهمة هذا القطاع تزداد ضآلة في القيمة المضافة الشاملة (حوالي %9في سنة 2002مقابل %8في
سنة )2003وكانت هذه النسبة %8في .1996
إضافة إلى ذلك فإن االقتصاد الجزائري الصناعي يتميز بـ:
ـ غياب سياسة صناعية قائمة على رؤية متوسطة وبعيدة المدى.
ـ مستوى استثمار ضئيل جدا في القطاع العمومي مقارنة بالتجديدات الحتمية والعصرنة وتأهيل
التجهيزات والمنشآت.
ـ مواجهة المؤسسة الجزائرية عائقا حادا يحول دون تمكنها من التحول قصد مجابهة االستحقاقات القريبة
فيما يتعلق باالنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة مع االتحاد األوروبي وتصطدم قطاعات أخرى بنفس
الضغوط الهيكلية إضافة إلى زيادة اإلشكاليات المتعلقة بالسكن وبالمنشآت العمومية وآثارها على الحياة
االجتماعية واالقتصادية للبالد حيث تأخذ العديد من أنواع التأخير المتراكمة في هذه الميادين وتبقى
التساؤالت مركزة أساسا على التأطير على صعيد السياسات وتتابع وتعدد البرامج التي اعتمدها القطاعان
وتعاقب البرامج اإلجمالية دون أن ترسم بنية متجانسة ال في مجال استعمال العقار واألشكال الحضرية
وال في مجال تهيئة اإلقليم والبيئة .وفي قطاع الفالحة فعدم االستعمال العقالني للموارد والوسائل المعبأة
خاصة في ميدان السوق وتنظيم التجارة وقدرات تحويل المنتجات الزراعية والخدمات المقدمة للمزارعين
مازالت تعيق مسار التكامل.
وفي قطاع الري فإنه باإلضافة إلى األسباب الطبيعية فإن ندرة الماء هي نتيجة ضعف القدرات الحقيقية
لتعبئة المياه( نقص عدد السدود وآجال طويلة جدا في بناء السدود ووسائل تمويل المياه ،سوء التسيير في
توزيع المياه)...وبعد مرور سنوات عدة في وسط هذه األوضاع المزرية فإن االقتصاد الجزائري في
وامتداداته االستراتيجية ولكي تتم عصرنة االقتصاد الجزائري حاجة إلى تعزيز تماسكه اإلقليمي.
يجب التكفل بعصرنة منشآته القاعدية ووسائل االتصال ووسائل النقل حيث أن خلفيات الرهانات تتمثل
في انشغال قوي بالنسبة لمكانة الجزائر داخل العولمة .وتتطلب آفاق منطقة التبادل الحر األورو
متوسطية واالنظمام إلى المنظمة العالمية للتجارة وثورة حقيقية في منظومات اإلنتاج والتوزيع والتسيير
واإلدارة والحكم ،كما يتطلب التغيير تدخل الهيئة القانونية بطرق متعددة .والعولمة تفرض ذاتها كحتمية
ال مناص منها في حين أن قدرات االقتصاد الوطني في مجال التكيف واالنفتاح تعاني من عدة نقائص
سواء خاصة بسبب التأخير الهام المسجل في عدد كبير من القطاعات الحساسة مثل المواصالت السلكية
والالسلكية والقطاع المصرفي وسوق رؤوس األموال وقطاع النقل بجميع فروعه ،إضافة إلى إنعدام
وجود استراتيجية هجومية كانت أم دفاعية في المجال االقتصادي فاالنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة
وإ تفاق الشراكة مع اإلتحاد األوروبي والبحث عن أسواق جديدة في طياته شروط تقيد االقتصاد الوطني
وهذا األخير لم يتهيأ لمواجهتها ،فهذه النقائص والقصور لم تسمح بالحصول على الوسائل الضرورية
41
الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي
للقيام باختبارات اقتصادية استراتيجية وامتالك القدرات على برمجة وتوجيه االقتصاد ،وعليه من
الضروري إعداد مخطط في المدى المتوسط قصد تعزيز النمو وإ عادة فتح الورشات الكبرى لألشغال
العمومية واالصالحات االقتصادية إذا أردنا االحتفاظ بحركيات القطاعات التي ازدهرت بفضل مخطط
دعم اإلنعاش االقتصادي والمخطط الوطني للتنمية الفالحية.
1
ثانيا :النمو واإلصالحات االقتصادية.
أصبح معدل النمو االقتصادي غيجابيا منذ سنة 1995بعد أن كان ضعيفا أو سلبيا منذ مطلع
التسعينات فقد ارتفعت نسبة النمو االقتصادي على التوالي من( 2.2ـ %و 0.9ـ %سنتي 1993و 1994
إلى %3.8سنتي 1995و 1996وكان في 1997مقدرا بحوالي )%1.1وذلك بفضل ثبات أسعار
المحروقات واالرتفاع الملموس لسعر صرف الدوالر األمريكي مقابل العمالت األجنبية (بمعدل )%20
كما أن تحسن النتائج المسجلة منذ 1995يعود أساسا إلى عدة عوامل ال سيما إرتفاع أسعار المحروقات
ونسبة تساقط األمطار.
وبالتالي فإن النتائج الجيدة المحققة لحد اآلن يجب أن تحجب هشاشة األوضاع التي تحققت خاللها هذه
النتائج طالما أن النمو لم يرتكز على اإلنعاش االقتصادي وال على رفع المردودية في قطاعات اإلنتاج
خارج المحروقات ويبدو جليا خاصة وأن اإلنتاج الصناعي المستمر في التراجع المتزايد ،وبالتالي فإن
نسبة النمو تحققت أساسا بفضل اإلنتاج الفالحي والمحروقات بشكل خاص.
وترتب عن تطبيق برنامج االستقرار والتعديل االقتصادي على مستوى الميزانية تخفيض القيمة الحقيقية
للنفقات االجتماعية ال سيما نفقات التربية والصحة ،وإ ذا كان المسئولين يحتجون بأن االعتمادات الموجهة
للصحة والتربية قد زادت تبعا لقيمتها الجارية ،فيجب أن يعلموا أن هذه االعتمادات قد انخفضت بقيمتها
النسبية .وأدى تحرير األسعار إلى ارتفاع سريع لنسبة التضخم خاصة بعد إلغاء دعم أسعار معظم المواد
الغذائية األساسية في شهر جوان 1992وكنتيجة لتقلص الطلب بفعل سياسة االستقرار تباطأت نسبة
التضخم ثم انخفضت بحلول سنة .1996وأدى االرتفاع المتباين بين أسعار المواد االستهالكية ومداخيل
األجور منذ الشروع في تطبيق برنامج االستقرار والتعديل االقتصادي إلى تدهور شديد ومتواصل للقدرة
الشرائية .أما بالنسبة للنمو الذي جاء به برنامج إنعاش النمو االقتصادي فقد عانى من تفتيت كبير
للعمليات دون أن تكون المشاريع المهيكلة التابعة للمنشآت القاعدية والتي تستحوذ على أكثر من %40
من تخصيصات الميزانية قد أنجزت إنجازا تماما ودون أن تكون االنعكاسات على مستوى المؤسسات قد
سمحت بإحداث أثر مضاعف ،وزيادة على ذلك تجدر اإلشارة أن لزوجة بالنسبة لظروف إنجاز مخطط
دعم اإلنعاش االقتصادي تحدث إكراهات عديدة ال سيما في مجال إبرام الصفقات وفعالية النفقات
العمومية.
42
الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي
لقد تم التأكيد على ضعف أسس إقتصادنا الذي يستدعي إحداث القطيعة مع نمط التمويل المبني أساسا
على اقتصاد يقوم على المديونية وعلى اإليرادات البترولية.
ومن الغريب تزايد االدخار في حين أنه ال يجد من يستعمله بالنظر إلى التراكم الهام للموارد النقدية
واحتياطيات الصرف على مستوى األعوان االقتصاديين( مؤسسات مالية ،مؤسسات إنتاجية،
أسر)...وهذا يدل على أن المشكل األساسي هو عدم القدرة على تمويل الوفرة المالية الهامة إلى قدرات
استثمارية والعجز على إحداث حركيات في المؤسسات وفي رأس المال.
وهكذا توخت سياسة التنمية التي شرع فيها من بدايات الستينات تحقيق هدفين يتمثالن في بناء اقتصاد
يلبي حاجات المواطنين في مجال الشغل والمداخيل واالستهالك من جهة وتلبية الطلبات االجتماعية
المتعددة .خاصة بعد خوض الجزائر بين الجهاد ضد االستعمار الفرنسي ،لكن انحراف بعض السياسيين
عن المبادئ المعلنة قد رهن كل المجهودات ونخر جل الطاقات ،وبالرغم من ذلك فقد ظلت السياسة
االقتصادية واالجتماعية في المجال النظري والعملي تتمحور حول ترقية اإلنسان وازدهاره اقتصاديا
وثقافيا واجتماعيا .لكن أزمة المديونية الخارجية وتطبيق اإلصالحات مع نهاية الثمانينات قد أوقفا هذه
السياسة .بل استبدلت سياسة التقتيل الجماعي واالختفاء القسري إضافة إلى ظهور أشكال جديدة من الفقر
وعودة بعض األمراض التي يعود تاريخ انقراضها إلى بداية القرن الماضي.
المطلب الثاني :اآلثار الناجمة عن اإلقتصاد الخفي.
في هذا العنصر تهمنا اآلثار السلبية لهذا اإلقتصاد والتي يعبر عنها الدكتور "حسين شحاتة"
قائال":يحقق اإلقتصاد الخفي إيرادات ومكاسب كبيرة لفئة من الناس ،ولكن على حساب الدخل القومي كما
أنه يؤدي إلى آثار إجتماعية سيئة جدا ومن أبرزها:زيادة الغني غنا وزيادة الفقير فقرا ،كما يسبب سوء
توزيع الموارد بين الناس وهذا هو عين الظلم اإلجتماعي واالقتصادي الذي حرمه اإلسالم ،كما تتدخل
أحيانا مافيا اإلقتصاد الخفي في دواليب النظم الحاكمة حتى يتمكن من تسهيل أعمالهم الخفية بطرق غير
شرعية وتجنيد بعض العاملين لحسابهم من خالل الرشوة واإلكراميات وما في حكم ذلك وهذا ما يحدث
1
فسادا سياسيا كبيرا
ومن بين اآلثار التي تهمنا أكثر من غيرها هي اآلثار السلبية اإلقتصادية والتي يمكن حصرها في أقسام
رئيسية ومن أهمها ما يلي:
2
أوال :اآلثار السلبية.
-1على فعالية السياسة الضريبية :السياسة الضريبية هي أسلوب تستعمله الدولة وفق ما تمليه أوضاعها
اإلقتصادية واإلجتماعية ويكون ذلك في إطار سياستها اإلقتصادية في كيفية تدبير وتنظيم التحصيل الضريبي
وهذه السياسة تعتمد كوسيلة لتحقيق أهدافها.
2
ماجدة تامر « ،اقتصاد الظل ظاهرة من ظواهر التخلف في البلدان النامية»
43
الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي
بحيث أنها تساهم بفعالية في ضبط النشاط اإلقتصادي وذلك بواسطة فرض معدالت جديدة وإ عطاء فرص
إعفاءات للنشاطات التي تراها أكثر أهمية في توجيه النشاط اإلقتصادي ،كما أن للضريبة أهمية ومكانة هامة
وخاصة في علم المالية العامة وليس باعتبارها أهم اإليرادات العامة فحسب وإ نما لمدى أهمية الدور الذي
تؤديه لتحقيق أهداف السياسة العامة ونظرا لما لها من أهمية فإن التهرب الضريبي يمثل أكبر مشكل تواجهه
السياسة الضريبية في تطبيقها.
-2على مستوى الموازنة العامة :ظلت الدول النامية تبحث عن مورد مالي يتميز بالدوام واإلستقرار
لسد حاجاتها ونفقاتها التي تشكل قضية قائمة بذاتها تطرح في سياق البحث عن اإلنطالقة التنموية وأحسن
طريقة هي الطريقة التي تعتمد على اإلمكانيات الذاتية والضريبة تعتبر مورد لخدمة أهداف التنمية لكونها
أساسية حيث ترتفع بارتفاع المداخيل وتنخفض بانخفاض المداخيل والمبادالت ،ولقد استخدمت الضريبة
كوسيلة
لممارسة مراقبة الدولة على األنشطة اإلقتصادية في غياب تدخل مباشر ويهذا أصبح تدخل الدولة عن
طريق الضرائب يشكل أحد مظاهر العدالة ،حيث أصبحت تمارس عن طريق الضريبة من خالل الدخول
العالية لمعدالت كبيرة مع إعفاء او تخفيض معدالت إخضاع الدخول المنخفضة.
وبصورة عامة فإن كل إختراق أو تعدي على القانون الضريبي والذي يعرف بالتهرب الضريبي أو
التهريب سيؤدي إلى إنخفاضات في إيرادات الدولة وهذا اإلنخفاض في اإليرادات والتزايد في النفقات
يكونان التكلفة للميزانية.
-3على المتغيرات اإلقتصادية:إن األهمية التي توليها أي دولة لظاهرة التهرب الضريبي تختلف باختالف
الظروف السياسية ،ففي فترات الركود أين تكون ظاهرة التهرب الشغل الشاغل الهتمامات السلطات العامة
نظرا لما يخلفه من آثار وخيمة على اإلقتصاد فالجزائر في وقت ما أصبحت فيه الوضعية اإلقتصادية والمالية
متأزمة أضحى هاجس التهرب الضريبي خطيرا لما تشهده مداخيل الدولة من إنخفاض حاد إضافة إلى ما
تالقيه من إحتياجات إجتماعية متزايدة وذلك إما لمعدل النمو الضعيف ونسبة التضخم المرتفعة وإ نخفاض في
القدرة الشرائية زيادة على التسريح الجماعي للعمال ،كل هذه المؤشرات تجعل ظاهرة التهرب والتهريب من
بين إنشغاالت الساعة.فالنقص المسجل سنويا في إيرادات الدولة بسبب ظاهرة التهرب ال يسمح بالدرجة
األولى بتكوين إدخار عام إذ يحد من مقدرتها على إقامة المشاريع اإلستثمارية التي تقتضيها أساسيات التنمية
كما أن إنخفاض معدالت اإلدخار يجعل الدولة تلجأ إلى التقليل في النفقات العامة خاصة تلك المتعلقة باإلعانات
واإلعانات الممنوحة في إطار ترقية اإلستثمار من خالل تحفيز األعوان اإلقتصاديين على إقامة مشاريعهم
بتكلفة منخفضة لتكون نتيجة ذلك ركودا إقتصاديا متميزا بارتفاع معدالت التضخم والبطالة ،ومن جهة أخرى
فإن الظاهرة تكبح أهم محفز إقتصادي والذي يتمثل في روح المنافسة،حيث تجد المؤسسات المتهربة نفسها في
درجة إمتياز على تلك المؤسسات أو التجار الذين يؤدون واجباتهم ،وبذلك نكون لهم إمكانيات تمويلية هائلة
هذا ما يسمح لهم بتقوية مكانتهم في السوق ،كما أن ظاهرة التهرب تساهم في توجيه اإلقتصاد وجهة غير
44
الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي
طبيعية ال تخدم الصالح العام وذلك بإسهامها في إرساء اإلقتصاد الخفي وهذا ما ذكرناه سابقا بأنه يخلق مشاكل
جمة.
-4على سلوك المستهلك:إن التوزيع العادل لألعباء الضريبية يقتضي بالضرورة تحديدا عادال للعبء الذي
يجب أن يتحمله كل مكلف تبعا لمقدرته التكليفية ،بمعنى أن مقدار مساهمة كل مكلف في األعباء العامة يكون
حسب مقدار مداخله وثروته لذا فالتهرب الضريبي أو التهريب يقضي على العدالة الضريبية حيث يتحمل
المكلفون النزهاء عبء الضرائب مقارنة مع المكلفين المتهربين من دفع الضرائب بمعنى أن فرص التهرب أو
التهريب تتغير بحسب طبيعة المكلفين واإلمكانيات المتاحة لهم إذ أن البعض من المكلفين يستطيعون اإلخالل
بواجباتهم بكل سهولة(التجار ،أصحاب المهن الحرة ،المهربين) في حين أن البعض يصعب عليهم التهرب
نظرا لطبيعة مداخيلهم أو أعمالهم وهذا ما يؤدي بالمكلفين النزهاء إلى سلوك نفس الطريق بتجنب العبء الذي
على عاتقهم.
فمظاهر عدم االنضباط الجبائي التي تسود أفراد المجتمع وتعطي صورة غير الئقة إذ يحاولون بقدر اإلمكان
التعدي على التشريعات الجبائية وهذا ما يؤدي إلى حالة من الفوضى وذلك في غياب العقوبة الصارمة لمثل
هذه السلوكات والتي تؤدي إلى تقهقر مصداقية وأمانة المعامالت المالية والتجارية ألنه يمكنه من حيازة وثائق
وبيانات مزورة ألجل غايات التهرب من دفع الضرائب ،العمل سرا والتهريب ,وفي األخير يمكن القول أن
ظاهرة التهريب تسبب نوع من فقدان الثقة لبن المتعاملين أثناء إبرام الصفقات والعقود وما إلى ذلك من
مخالفات و ممارسات غير قانونية.
ثانيا :اآلثار االيجابية.
تركز معظم الدراسات التي تمت على االقتصاد الخفي أساسا على الجوانب السلبية التي يحملها وجود هذا
االقتصاد سواء على مستوى التحليل االقتصادي الكلي أو الجزئي إال أن ذلك ال يعني أنه ال توجد آثار إيجابية إذ
أن هناك من االقتصاديين الذين يشيرون إلى أن هناك بعض الفوائد المرتبطة بوجود هذا االقتصاد ومثال ذلك
المساعدة على حل أزمة البطالة وتخفيف األعباء االجتماعية للعديد من طبقات الشعب التي تطبق مبدأ اإلكتفاء
الذاتي فتنتج هذه الطبقات ما تستهلكه ،مثال الفالح صاحب األرض الزراعية صغيرة المساحة ،فهو بذلك
يستهلك جزءا من المحصول الذي يزرعه على مدار العام ،ويحلب الماشية التي يملكها ويربي الطيور فيأكل
منها ويبيع ما فاض عن احتياجاته من دون تسجيل مبيعاته في دفاتر محاسبية ،ويرجع عدم تسجيل هذا الفالح
لمبيعاته في الدفاتر المحاسبية إما ألنه ال يعرف كيفية التسجيل أو ألن مبيعاته ال تستدعي ذلك لصغر قيمتها ،ثم
يشتري بعد ذلك حاجاته األخرى من حصيلة مبيعاته .ومثال الخياط الذي يمارس عمله في بيته فيفصل ما
يلزمه من مالبس ثم يبيع ما يفيض من منتجاته إلى الغير وبذلك يساعد االقتصاد الخفي في تخفيض معدالت
البطالة كما يؤدي إلى تخفيض الواردات من الخارج ومن ثم المساعدة في خفض العجز في ميزان المدفوعات
للدول كما يؤدي إلى زيادة حجم دخول أفراد المجتمع الحقيقية مما يؤدي إلى زيادة الدخل القومي للدول.
45
الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي
-3إختيارالسياسة البديلة:
? 1
مصطفى الشرقاوي ،التهرب الضريبي واالقتصاد األسود ،ص98ـ 222
46
الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي
إن عملية خفض الضرائب على أساس تهدئة عملية التنفيذ من المحتمل أن تكون درجة صغيرة ومع
ذلك هناك خيار واحد لم يتم فحصه حتى اآلن وهو تخفيض أو خفض معدالت الضرائب على الدخل ،وكم
هو فاعل ومؤثر هذا الخيار في خفض أو تقليل التهرب ،وبالطبع فإن تغير المعدالت الضريبية ليست
عادة حكرا على مصلحة الضرائب فاإلدارة الضريبية عادة تضطر ألن تقبل معدالت ضريبية فرضها
الوزراء في الحكومة ومن مهامها رفع أو زيادة المعدالت الضريبية كأداة في إحباط تشجيع التهرب.وفي
الواقع فإن إحدى القوى الدافعة وراء معدالت الخفض الحديثة التي تمت في المعدالت الحدية الضريبية
في اإلقتصاديات الصناعية هي مالحظة أن المعدالت الضريبية المرتفعة نادرا ما يتم سدادها بالفعل فهي
إما تجنب أو يتم تالشيها ومعدالت الضرائب على الدخل عادة مايتم وضعها طبقا العتبارات محددة مثال
ذلك إعادة توزيع الدخول ،المعروض من العمال ،اإلدخار ،تحمل المخاطر ...وهذا يعني ان التقييم
الكامل للدور الذي تلعبه معدالت ضريبة الدخل في خفض التهرب ال يجب أن يتجاهل هذه المسائل
األخرى.
ولسوء الحظ فإن المجال ال يسمح بمناقشة ذلك ،وتشير هذه األدلة والبراهين إلى مناقشة ضرائب الدخل
المثلى ،يتعين أن تتضمن الوعي الكامل لمدى تأثير المعدالت الضريبية على درجة التهرب الضريبي
ومن ثم على مسائل المساواة والكفاية.
وفي األخير إن تصميم السياسات بتنظيم مدى التهرب الضريبي وحدوده يتطلب شرح وتوضيح
وتحديد أهداف المجتمع ،وأنه ليس بالضرورة أن يكون التهرب هو الشر كله الذي قد توضحه المناقشة
المفصلة ،وأنه باستثناء المواقف المخلة فإن الكشف عن المتهربين ومنع حدوث التهرب الضريبي يتطلبان
إستخدام الموارد النادرة التي لها إستخداماتها البديلة وبشكل حتمي فإن القرارات السياسية يجب أن تحدث
توازنا بين التكاليف والمزايا والنتيجة هي أنه في الواقع من المرغوب فيه السماح بحدوث بعض التهرب
كما أن بعض الكتاب يرون أن النظام الضريبي األمثل يقدم حوافز ودوافع للغش وأن مثل هذا النظام هو
األكثر كفاءة من النظام الذي يفشل في تقديم أو عرض مثل هذا الخيار .ومن الواضح أيضا أن رجال
اإلقتصاد قد كرسوا قدرا كبيرا من جهدهم في تصميم اإلستراجيات المثلى ألجهزة تنفيذ القانون
الضريبي.
المطلب الرابع :تأثير االقتصاد الخفي على التنمية المستدامة.
إن لالقتصاد الخفي تأثيرات عديدة على االقتصاد ومن أهمها تأثيره على مسار التنمية وخاصة التنمية
المستدامة وذلك لوجود ذلك التعارض أو التناقض بين األهداف التي تصبو إليها التنمية المستدامة واآلثار التي
يخلفها االقتصاد الخفي وبالتالي هذه األخيرة تكون معرقال كبيرا لتحقيق تلك األهداف المستدامة اقتصاديا
واجتماعيا...إلخ.
47
الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي
1
www.moqatel.com
48
الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي
المنظمات المحلية والدولية مثل منظمة األمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) من ندوات
والتأكيدات على حقوق اإلنسان في التعليم للكبار واألطفال واإلرتفاع بمستوى مناهج التعليم والمساهمة في
نشر العلوم وتشجيع البحث العلمي.
وأكبر تأثير يتركه االقتصاد الخفي على التنمية المستدامة يتجلى في أن التنمية المستدامة تسعى في تحقيق
أهدافها ومحتواها من خالل تخطيط وتنفيذ سياسات تنموية تقوم برسمها .إال أن هذه األخيرة تتأثر بشكل كبير
بحجم االقتصاد الخفي فهو يؤدي إلى عدم صحة البيانات والمعلومات التي على أساسها تعد اإلحصاءات
القومية( معدالت البطالة ،نسبة التضخم ،الدخل القومي )...وتتخذ القرارات وتوضع السياسات
االقتصادية( السياسات الضريبية ،موازين المدفوعات )...ومن ثم تخرج قرارات خاطئة بناءا على هذه
المعلومات غير الصحيحة ،فإذا أعدت اإلحصاءات الخاصة بمعدالت البطالة مثال دون أخذ العاملين في
االقتصاد الخفي في عين االعتبار فإن ذلك سيؤدي إلى بناء السياسات االقتصادية على معلومات مضللة
وحساب معدالت بطالة خاطئة وبذلك تكون المؤشرات المستخلصة غير مناسبة لوضع السياسات
االستراتيجية االقتصادية.
49
الفصل الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ االقتصاد الخفي
إن انتشار األنشطة االقتصادية غير الرسمية التي أصبحت منذ بداية السبعينات محل جدل ونقاش باعتبارها
ظاهرة معبرة عن اإلختالالت االقتصادية وعدم نجاح القطاع الرسمي في القيام بدوره اإلنتاجي واالستيعابي،
بيد أن التحوالت الراهنة تؤكد نمو وتكاثر هذه األنشطة في البلدان المتقدمة ،األمر الذي يدفع بعض
المتخصصين إلى إثارة مسألة تدويل وعولمة االقتصاد غير الرسمي ،وسنحاول أن نقدم بعض الحلول
المقترحة أو التوصيات للحد أو التخفيض من هذه الظاهرة.
50