You are on page 1of 8

‫‪¢‬‬

‫احلمد هلل الواحد األحد‪ ،‬الفرد الصمد‪ ،‬والصالة والسالم‬


‫ِّ‬
‫على نبين�ا محمد وعلى آله وصحبه األماجد‪ ،‬اللهم صل‬
‫ً‬ ‫تسليما ً‬
‫ً‬
‫كثريا مزيدا‪.‬‬ ‫وسلم عليه وعلى آله وصحبه‬
‫أما بعد‪...‬‬
‫ففي محاضرات النسائم اإليماني�ة والقيم األخالقية‬
‫وعقيدة عظيمة‬
‫ٍ‬ ‫أقف معكم اليوم وقفة مع قاعدة مهمة‬
‫ومبدأ إيماين جليل؛ أال وهي معرفة هللا ‪ ،‬وأن تكون معه‬
‫سبحانه وتعاىل‪ ،‬وأن تكون على شرعه حىت يكون هو معك؛‬
‫نور عظيم جيلي‬ ‫فإنه من عرف هللا ‪ ‬كانت هذه املعرفة ٌ‬
‫الظلم‪ ،‬وينكشف بها جميع الغم واحلزن‪.‬‬
‫أحبه ورجاه‪ ،‬ومن أحبه‬ ‫من عرف هللا حق معرفته ّ‬
‫انقشعت عن قلبه سحائب الظلمات‪ ،‬وانكشفت عن قلبه‬
‫الهموم والغموم واألحزان‪ ،‬بل وعوضه هللا سبحانه وتعاىل‬
‫قلبا‬‫عمارة القلب بالسرور واألفراح‪ ،‬وأصبح هذا القلب ً‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫راضيا بقضاء هللا وقدره‪.‬‬ ‫سعيدا مطمئن�ا ساكنا‬
‫وتأملوا معي ‪-‬حفظكم هللا‪ -‬آية حنفظها جميعنا؛ يقول‬
‫هللا سبحانه وتعاىل يف هجرة النيب @ مع صاحبه أيب بكر‬
‫> لما دخلوا الغار‪ ،‬قال‪K :‬ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ‪J‬‬
‫َّ‬
‫[الت َ‬
‫وبة ‪.]٤٠:‬‬

‫هنا أحبيت البد أن نقف وقفة مهمة مع مسألة معية هللا‬


‫سبحانه وتعاىل خللقه؛ ‪K‬ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ‪J‬‬
‫َّ‬
‫[الت َ‬
‫وبة ‪.]٤٠:‬‬

‫‪77‬معية هللا ‪ ‬يف القرآن‪:‬‬


‫معية خاصة‪.‬ومعية عامة‪.‬المعية العامة تشمل جميع‬
‫اخللق؛ مؤمن‪ ،‬وكافر‪ ،‬وبر‪ ،‬وفاجر‪.‬‬
‫ً‬
‫ومعناها‪ :‬إحاطة هللا سبحانه وتعاىل خبلقه علما‪ ،‬فال‬
‫خيفى سبحانه وتعاىل عليه يشء؛ من أقوالنا‪ ،‬من وال أفعالنا‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫وال من تصرفاتن�ا‪ ،‬وال من ني�اتن�ا‪ ،‬كل ذلك هللا يعلمه‪.‬‬
‫يقول هللا سبحانه وتعاىل‪K :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ‬
‫ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ‪[ J‬املجادلة‪.]٧:‬‬
‫النجوى‪ :‬الكالم بصوت منخفض يف السر‪.‬‬
‫‪K‬ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ‬
‫ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ‬
‫ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ‪ J‬الحظ ما بعد اآلية‪:‬‬
‫َ‬ ‫‪ K‬ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ‪ُ J‬‬
‫[الم َجادلة‪.]7  :‬‬

‫‪K‬ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ‪ J‬جبميع أعمالهم‪K ،‬ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬


‫ﮁ ﮂ‪ُ J‬‬
‫[الم َج َادلة‪.]7 :‬‬
‫وقال هللا سبحانه وتعاىل‪K :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ‬
‫ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬
‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ‬
‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ‪َ J‬‬
‫[احل ِديد‪.]٧ :‬‬
‫َ‬
‫هذه املعية العامة ال بد أن تورث يف قلب اإلنسان مراقبة‬
‫هللا سبحانه وتعاىل؛ فرياقب اإلنسان َّربه يف جميع تصرفاته‪،‬‬
‫ومن كان كذلك سيكون بإذن هللا سبحانه وتعاىل يف حفظ‬
‫هللا وعونه كما سيأيت يف مسألة املعية اخلاصة‪.‬‬
‫إذا راقب اإلنسان َّربه‪ ،‬وعمل بشرع هللا سبحانه وتعاىل‪،‬‬
‫وكان حيث أراده هللا سبحانه وتعاىل‪ ،‬ال يراه هللا سبحانه‬
‫وتعاىل إال على عمل خري‪ ،‬على قول طيب‪ ،‬ويبتعد عن كل‬
‫سوء ومعصية وشر سيورث ذلك يف قلبه حياة‪ ،‬فإن ً‬
‫أناسا‬
‫َ ُ َ‬
‫لم يكن يف قلبهم معرفة هللا أو مراقبة هللا خفت ذلك يف‬
‫قلوبهم‪ ،‬فأورث ذلك لهم اخلسارة يف الدني�ا واآلخرة‪.‬‬
‫قال هللا سبحانه عن هؤالء الذين جيادلون وخيتانون‬
‫أنفسهم؛ يعين خيونونها باملعايص يف السر‪ ،‬قال هللا سبحانه‬
‫وتعاىل‪K :‬ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‬
‫ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ‬
‫‪3‬‬
‫ِّ‬
‫ﭿ‪[ J‬الن َساء ‪.]١٠٨:‬‬

‫تأملوا حفظكم هللا؛ ‪K‬ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ‬


‫ﭯ ﭰ‪ J‬هم خيتانون أنفسهم‪ ،‬خيونونها باملعايص حيث أن‬
‫مراقبة هللا سبحانه وتعاىل يف قلوبهم قد ضعفت‪ ،‬وهللا‬
‫سبحانه وتعاىل قال‪K :‬ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ  ‪J‬‬
‫[احلج‪.]٣٨  :‬‬

‫‪K‬ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬
‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‪ J‬الحظ تكملة اآلية‪K:‬ﭻ ﭼ‬
‫ِّ‬
‫[الن َساء ‪.]١٠٨:‬‬ ‫ﭽﭾﭿ‪J‬‬
‫ً‬
‫هناك بعض الناس فعل هو خيون نفسه قبل أن خيون‬
‫غريه‪ ،‬هو خيون نفسه باملعايص‪ ،‬أضر نفسه باملعايص‪ ،‬إذا‬
‫خال بمحارم هللا انتهكها‪ ،‬إذا أغىش الليل عليه ستوره لم‬
‫يراع هللا‪ ،‬وكان هللا سبحانه وتعاىل أهون الناظرين إليه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ووقع فيما وقع فيه من املعايص‪.‬‬
‫وهذا أصل سبب�ه‪ :‬عدم مراقبة هللا سبحانه وتعاىل‪.‬‬
‫ً‬
‫أيضا أخرب هللا سبحانه وتعاىل عن قوم يسترتون‬
‫باملعايص‪ ،‬كانوا يسترتون باملعايص لظنهم أن هللا سبحانه‬
‫كثريا مما خيفون‪K ،‬ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ‬ ‫وتعاىل ال يعلم ً‬
‫ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‪ J‬الحظ اآلية‪:‬‬
‫‪ K‬ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ‪[ُ J‬ف ِّص َلت ‪]2٢:‬؛ هذا‬
‫كثريا مما يعملون أرداهم‪ ،‬فقال هللا‬ ‫الظن أن هللا ال يعلم ً‬
‫سبحانه وتعاىل‪K :‬ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ‬
‫ﮀ ﮁ ﮂ‪[ُ J‬ف ِّص َلت ‪.]2٣:‬إذا قام اإلنسان بشرع‬
‫هللا ودين�ه وعمل بطاعته‪ ،‬قد ينتقل من املعية العامة إىل‬
‫املعية اخلاصة‪.‬‬
‫واملعية خاصة معية مقيدة بالوصف أو مقيدة بشخص‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ ،‬قوله سبحانه وتعاىل‪K :‬ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ‬
‫َّ‬
‫[النحل ‪K .]122 :‬ﯰ ﯱ ﯲ‬ ‫ﰄ ﰅ ﰆ‪J‬‬
‫‪4‬‬
‫[الب َق َرة‪.]122 :‬‬
‫ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ‪َ J‬‬

‫قـال هللا سـبحانه وتعـاىل‪K:‬ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‪J‬‬


‫[الع َنك ُبـوت  ‪. ]٦٩:‬وقـال سـبحانه وتعـاىل‪K:‬ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ‬
‫َ‬

‫‪]١٩٤‬‬
‫ََ‬
‫ ‬
‫[البق َـرة‪:‬‬‫ﮞ‪J‬‬
‫هذه املعية تقتيض النصر‪ ،‬والتأيي�د‪ ،‬واحلفظ‪ ،‬والعناية‪،‬‬
‫والكالءة‪ ،‬والرعاية‪ ،‬واملحبة‪ ،‬والتوفيق‪ ،‬والكفاية‪ ،‬والسداد‪،‬‬
‫والهداية من هللا سبحانه وتعاىل ملن قام بتلك األوصاف؛‬
‫من التقوى‪ ،‬والصرب‪ ،‬واإلحسان‪ ،‬وغري ذلك من األعمال‬
‫الصاحلة‪.‬‬
‫وقد ضرب هللا سبحانه وتعاىل لنا القصص ملن كان ً‬
‫متقيا‬
‫ً‬
‫هلل‪ ،‬حافظا لشرع هللا؛ كيف كان هللا سبحانه وتعاىل معه؟‬
‫وهذه هي املعية املقيدة لشخص معني‪.‬‬
‫نرجع إىل آيتن�ا األوىل‪K :‬ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ‪J‬‬
‫َّ‬
‫[الت َ‬
‫وبة  ‪.]٤٠:‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫الغار‬ ‫راع لنا‪ ،‬وقد كان‬
‫ٍ‬ ‫وحافظنا‪،‬‬ ‫ناصرنا‪،‬‬ ‫هللا‬ ‫إن‬ ‫أي‬
‫ً‬
‫ضيقا‪ ،‬كما قال أبو بكر >‪« :‬لو نظر أحدهم أسفل قدميه‬
‫ألبصرنا»‪ ،‬لكن احلافظ هو هللا سبحانه وتعاىل‪.‬‬
‫ويف قصة موىس لما قال هللا سبحانه وتعاىل‪K:‬ﯡ‬
‫ﯢ ﯣ ﯤ‪[ J‬طه ‪.]46:‬‬
‫الحظ هذه املعية اخلاصة؛ هللا سبحانه وتعاىل معهما؛‬
‫مع موىس وهارون‪ ،‬يسمع ويرى؛ فهو معهم ويسمع‬
‫كالمهم‪ ،‬ويرى ما يفعلون‪ ،‬فهو حافظ ومؤيد وناصر لهم‬
‫‪K‬ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬
‫ﮯ ‪[ J‬طه‪.]44-43  :‬الحظ‪K :‬ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬
‫ﯚ ﯛ ‪[ J‬طه‪ ،]٤٥  :‬جبار سيعذبهم ويفرط وويطغى عليهم‪.‬‬
‫قـال هللا سـبحانه وتعـاىل‪K :‬ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬
‫ﯤ‪[ J‬طـه ‪ ،]46:‬اقـرن هـذه مـع قولـه‪K :‬ﯘ ﯙ‪J‬‬
‫َّ‬
‫[الت َوبـة  ‪ .]٤٠:‬فسـينتج ذلـك يف قلبـك أنـك ال ختـف؛ إذا كنت مع‬
‫‪5‬‬
‫هللا سـبحانه وتعـاىل ‪،‬و إذا كان هللا معـك فمعـك كل يشء‪.‬‬
‫لكن اخليب�ة واخلسارة إذا لم يكن هللا سبحانه وتعاىل‬
‫معك‪ ،‬فيسكون ضدك كل يشء‪ ،‬وسيكون اإلنسان من‬
‫أضعف ما يكون‪ ،‬وهللا سبحانه وتعاىل أيد موىس وهارون‬
‫من طغيان فرعون مع قوة فرعون وضعفهما لكن من كان‬
‫مع القوي فهو قوي وال أقوى من هللا‪ ،‬الحظ نربط بأول قصة‬
‫موىس لما رمته أمه يف البحر وقال هللا سبحانه وتعاىل‪K :‬ﭫ‬
‫َ‬
‫[الق َصص ‪ ]7:‬تأيي�د من هللا سبحانه وتعاىل‪،‬‬ ‫ﭬ ﭭ ﭮ‪J‬‬
‫وهنا يقول هللا سبحانه وتعاىل‪K :‬ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ‬
‫ﯣ ﯤ‪[ J‬طه ‪ ،]46:‬ولما حلق فرعون موىس وظن أنه‬
‫مدرك فأصبح البحر أمامه وفرعون من خلفه‪ ،‬فقال القوم‪:‬‬
‫[الش َع َراء ‪ ،]61:‬ماذا قال موىس؟ ‪K‬ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ‬ ‫ُّ‬
‫‪K‬ﭗ ﭘ‪J‬‬
‫ُّ‬
‫[الش َع َراء ‪.]62:‬‬ ‫ﭠ‪J‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫فاملعية هنا حفظ من هللا سبحانه وتعاىل وتأيي�د ونصرة‪،‬‬
‫وهو يثق بوعد هللا سبحانه وتعاىل؛ أنه سبحانه وتعاىل‬
‫َُ‬ ‫َّ‬
‫معهما‪ ،‬وهو كذلك جل يف عاله؛ ال ي ِّي ُب ظن عباده فيه‪،‬‬
‫فهو معهم سبحانه وتعاىل؛ ففلق هللا سبحانه وتعاىل ملوىس‬
‫البحر‪.‬‬
‫فال حتزن‪ ،‬وال ختف‪ ،‬وال تي�أس‪ ،‬وال تقنط إذا كان هللا‬
‫سبحانه وتعاىل معك‪.‬‬
‫لكن السؤال املهم‪:‬‬
‫معية هللا سبحانه وتعاىل حبيث‬ ‫كيف ُي ِّصل اإلنسان ّ‬
‫يكون هللا سبحانه وتعاىل معه؟‬
‫باختصار‪ :‬أن يكون يف املكان الذي يرضاه هللا‪ ،‬أن يكون من‬
‫املحسنني‪K :‬ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ‪J‬‬
‫َّ‬
‫[النحل ‪.]128:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫فعلى اإلنسان أن يكون‪ً :‬‬
‫متقيا هلل‪ ،‬فاعل للطاعات‪ ،‬تاركا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫للمحرمات‪ ،‬محسنا يف عبادته هلل‪ ،‬محسنا مع خلق هللا‬

‫‪6‬‬
‫سبحانه وتعاىل‪.‬‬
‫ً‬
‫صابرا حىت يكون هللا معه‪،‬‬ ‫كذلك على العبد أن يكون‬
‫قال هللا سبحانه وتعاىل‪K :‬ﭚﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ‪J‬‬
‫َ‬
‫[األ َنفال‪. ]46 :‬‬
‫ً‬
‫أيضا من املقامات العظيمة اليت حتقق لنا معية هللا حتقيق‬
‫توحيد هللا ‪.‬‬
‫وتأملوا يف قصة ذا النون قال هللا سبحانه وتعاىل‪:‬‬
‫‪ K‬ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ‬
‫ﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣ‬
‫َ‬
‫[األ ِنب َي�اء ‪.]٨٧:‬‬ ‫ﮤ‪J‬‬
‫انظر هنا التأيي�د والنصر واحلفظ والكالءة من هللا‬
‫سبحانه وتعاىل ليونس عليه السالم وهو يف بطن احلوت‬
‫يف تلك الظلمة‪ ،‬يف سجن مخوف مع ذلك لما كان يف قلبه‬
‫حتقيق توحيد هللا سبحانه وتعاىل واعرتافه بتقصريه‪ ،‬قال‬
‫هللا سبحانه وتعاىل‪K :‬ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ‬
‫َ‬
‫[األ ِنب َي�اء‪.]٨٨:‬‬ ‫ﮬﮭﮮ‪J‬‬
‫أود أن أختم معكم هنا مسألة املعية حبديث عظيم؛‬
‫ََ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ ٌ‬
‫قال رسول هللا @‪M :‬ثلث َم ْن ف َعل ُه َّن فقد َط ِع َم َط ْع َم‬
‫ََ َ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ َ ْ َ ُ َ َّ ُ َ َ َ َّ ُ َ‬ ‫ْ‬
‫هللا‪َ ،‬وأ ْع َطى زكاة‬ ‫ال َيم ِان‪ :‬من عبد هللا وحده‪ ،‬ف ِإنه ل ِإله ِإ ل‬ ‫ِ‬
‫ََ َ ٌ‬ ‫ٌ َْ‬ ‫َ َّ‬ ‫ً َْ‬
‫َما ِل ِه َط ِّي َب�ة ِب َها نف ُس ُه ‪َ ،...‬وزكى َع ْبد نف َس ُه‪ L‬فقال َر ُجل‪َ :‬و َما‬
‫َْ َُ َْ ْ َْ َ ُ َ َُ َ‬
‫هللا؟‬ ‫تز ِكية المر ِء نفسه يا رسول ِ‬
‫سؤال مهم‪:‬‬
‫كيف يزكي اإلنسان نفسه؟‬
‫الحظ العبارة املختصرة والكلمة اجلامعة من رسول هللا‬
‫ُ َ َ‬ ‫ال‪َ M :‬ي ْع َل ُم َأ َّن َ‬
‫هللا َم َع ُه َح ْيث كان‪.(((L‬‬
‫َ َ‬
‫@ق‬
‫إذا أردت زكاة نفسك‪ ،‬إذا أردت صالح قلبك‪ ،‬إذا أردت‬
‫صالح أعمالك وأقوالك؛ اعلم أن هللا معك حيث تكون‪،‬‬
‫((( أخرجه البيهقي يف شعب اإليمان (‪.)3026‬‬
‫‪7‬‬
‫وهذا من أعظم ما يقوي الطمأنين�ة يف القلب‪ ،‬ويقوي‬
‫مراقبة هللا سبحانه وتعاىل‪.‬‬
‫فمىت حظي العبد بمعية هللا اخلاصة؛ تأمل مىت حظي‬
‫العبد بمعية هللا اخلاصة هانت عليه جميع املشاق وجميع‬
‫ً‬
‫املتاعب‪ ،‬وانقلب اخلوف يف حقه أمنا‪ ،‬فاهلل ُيهون عليه كل‬
‫ويزيل‬‫ويقرب منه كل بعيد‪ُ ،‬‬ ‫سهل عليه كل عسر‪ُ ،‬‬ ‫وي ّ‬‫صعب‪ُ ،‬‬
‫ويجلي عنه كل حزن وغم‪.‬‬ ‫سبحانه وتعاىل عنه كل هم‪َ ،‬‬
‫فاملقام أحبيت عظيم‪ ،‬وحنن يف احلقيقة محتاجون له غاية‬
‫ُ‬
‫احلاجة؛ من منا ال يمر به يف يومه وليله يشء يزنه ومتاعب‬
‫تضايقه‪ ،‬وهموم أو غموم أو يشء من املحن اليت هي موجودة‬
‫يف الدني�ا‪ ،‬ال يكاد اإلنسان ينفك منها‪.‬‬
‫إنما احلزن كل احلزن ملن فاته هللا سبحانه وتعاىل‪ ،‬فمن‬
‫حصل هللا وكان هللا معه فلن حيزن على أي يشء فات‪.‬‬ ‫َّ‬
‫فاحلزن احلقيقي أال يكون هللا سبحانه وتعاىل مع العبد‪،‬‬
‫واحلرمان احلقيقي أال يكون اإلنسان معه هللا ‪ ،‬من كان‬
‫َّ‬
‫معه هللا فمعه كل أحد‪ ،‬ومن لم يكن معه هللا تسلط عليه‬
‫كل أحد‪.‬‬
‫نسأل هللا سبحانه وتعاىل أن حيفظنا حبفظه‪ ،‬وأن يسدد‬
‫خطانا وخطاكم‪ ،‬وأن يب�ارك يف أعمالنا وأعمالكم‪.‬‬
‫وأسأله سبحانه وتعاىل أن حيفظ بالدنا‪ ،‬ومجتمعاتن�ا‬
‫وأهلين�ا وأسرنا‪ ،‬وأبن�ائن�ا‪ ،‬وأسأل هللا سبحانه وتعالىأن‬
‫ُيعجل برفع هذا الوباء عن البالد‪.‬‬
‫وصلى هللا على نبين�ا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‬
‫تسليما ً‬
‫كثريا‪.‬‬ ‫ً‬

‫‪8‬‬

You might also like