You are on page 1of 609

‫أصابع القمر‬

‫لتحميل مزيد من الرواايت‬


‫احلصرية و املميزة‬
‫زوروا‬
‫موقع مكتبة رواية‬
‫‪www.riwaya.ga‬‬
‫نسخة مكتوبة حصرية مهداة إىل مشرتكي‬
‫قناة رواايت عبري على تيليجرام‬
‫رابط قناة رواايت عبري‬
‫‪https://t.me/aabiirr‬‬
‫هتتم قناة رواايت عبري مبشاركة روابط‬
‫رواايت عبري و أحالم و خمتلف الرواايت‬
‫الرومانسية احلصرية و املميزة‬
‫‪https://t.me/aabiirr‬‬

‫‪ -‬ريبيكا سرتاتون –‬
‫عبري القدمية‬

‫امللخص ‪:‬‬
‫كاترين حتملت يف شباهبا ما مل تتحمله اي‬
‫فتاة اخرى‬
‫والدها عاش بعيدا وتوفيت والدهتا ابكرا‬
‫اال اهنا احبت زوجة ابيها الثانية ماراي‬
‫وبعد وفاهتا قامت برعاية اخويها غري‬
‫الشقيقي‬
‫كأم وأب ومربية يف وقت واحد‬
‫املفاجأة بعد غرق والدها على شاطئ‬
‫اليوانن ان اشقاء‬
‫ماراي زوجة ابيها الثانية ارسلو يطلبون‬
‫رعاية الصغريين بول والكسندر وكان على‬
‫كاترين ان‬
‫اتخذمها اىل جزيرة داكوليس وهناك‬
‫ظهرت يف وجهها صعوابت من نوع اخر‬
‫فأعجبها الشاب الوسيم نيكوالس لرباعته‬
‫يف الغزل‬
‫اال ان شقيقه البكر ستيفان وقف يف‬
‫وجهه مذكرا اايه خبطيبته اثينا‬
‫ووجدت كاترين نفسها يف مأزق ال تعرف‬
‫ملن تتجه‬
‫خفقات قلبها حىت المستها ذات ليلة‬
‫أصابع القمر‪....‬‬
‫‪ -1‬اجلولة االوىل‬

‫القت كاترين غراجنر نظرة اخرية على‬


‫الشقة اليت كانت تشغلها مع‬
‫اخويهاالصغريين طوال السنوات الثالث‬
‫والنصف الفائتة واثناء هذه املدة مل يروا‬
‫والدهم مطلقا بل تعود جورج غراجنر ان‬
‫يقضي معظم الوقت يف اخلارج ومهما‬
‫حدث ألسرته من أزمات كان يتالىف‬
‫وجوده حللها ويلقي محله كله على عاتق‬
‫أسرته لتتصرف وحتل مشاكلها بنفسها‬
‫كان يزعم دائما انه وطين غيور لكنه‬
‫عاش معظم حياته يف بالد اخرى غري‬
‫وطنه متتاز مبناخ أدفأ من انكلرتا بعيدا عن‬
‫أسرته اليت كان يقول انه حيبها كثريا مع‬
‫انه كان ميضي وقتا قصريا معها مث ينصرف‬
‫عنها غري مبال أبعبائها‬
‫ومنذ عشرة اعوام كان جورج يف بلد ما‬
‫شرق اورواب عندما علم بوفاة زوجته والدة‬
‫كاترين فاضطر ان يعود ملدة قصرية كي‬
‫ينهي اعماال مل تقسو كاترين ذات العشرة‬
‫اعوام على القيام هبا لكنه سرعان‬
‫مااختفى مرة اخرى اتركا كاترين يف‬
‫مدرسة داخلية كانت تكرهها كل الكره‬
‫وتتمىن ان تعود اىل حياة االسرة اثنية‬
‫وبعد عامي فقط عاد اىل انكلرتا من‬
‫جديد بصحبة زوجة يواننية شابة امسها‬
‫ماراي اليت كانت سيدة لطيفة رقيقة وتركت‬
‫كاترين مدرستها الداخلية وعادت اىل‬
‫دراستها القدمية واقامت مع زوجة ابيها‬
‫احتضنتها ماراي وتعاونتا سواي على‬
‫احتمال غياب جورج غراجنر الطويل‬
‫منتقال من بلد اىل اخر وراء اعماله‬
‫العديدة‬
‫وكانت ماراي تتقن االنكليزية فلم تشكل‬
‫هلا هذه اللغة اي عائق ولكن كاترين‬
‫ادركت بعد فرتة قصرية ان مكان ماراي‬
‫جيب ان يكون وسط اهلها يف اليوانن‬
‫بدال من وجودها يف بلد غريب ال تعرف‬
‫احدا فيه بينما زوجها يتغيب معظم وقته‬
‫يف اخلارج مل تكن ماراي ترى زوجها اال‬
‫اندرا او اكثر قليال مما تراه زوجته االوىل‬
‫ويف خالل مخسة اعوام ونصف من هذا‬
‫الزواج اجنبت ماراي جلورج غراجنر ولدين‬
‫كانت كاترين حتبهما وترى فيهما عزاءها‬
‫عن تغيب والدها وحتطم قلب كاترين‬
‫عندما توفيت ماراي اثناء والدة االبن‬
‫االصغر وال شك اهنا افتقدت زوجة ابيها‬
‫الشابة وحزنت لوفاهتا اكثر كثريا من حزن‬
‫ابيها نفسه‬
‫ومرة اثنية عاد جورج غراجنر لدفن زوجته‬
‫الثانية ومؤاساة ابنته احلزينة أبسلوبه الذي‬
‫ال ينم عن اي عاطفة مث تركها مرة اخرى‬
‫بعد اسابيع قليلة بل كان اهتمامه هبا اقل‬
‫هذه املرة كانت قد بلغت الثمانة عشرة‬
‫من عمرها وأظهرت الرغبة واملقدرة على‬
‫ان تتوىل العناية أبخويها الصغريين‬
‫وقبل سفر جورج اعد هلم مسكنا مرحيا‬
‫مع سيدة تشرف على شؤوهنم مث غادر‬
‫اىل جزيرة داكوليس مسقط رأس زوجته‬
‫الثانية حيث كانت له أعمال ونصيب يف‬
‫شركة مالحة وتصدير متلكها أسرة ماراي‬
‫تدر عليه رحبا جيعله يف سعة من العيشومل‬
‫تر كاترين او اخواهنا الصغريان والدهم‬
‫بعدئذ ومل يدهش ذلك كاترين برغم من‬
‫اهنا كانت تنتظر ان يهتم بولديه الصغريين‬
‫ومنذ ثالثة اسابيع فوجئت بربقية موقعة‬
‫ابسم ستيفان ميدو بوليس ختربها ان‬
‫والدها قد مات غرقا يف حادث وهو‬
‫يبحر من شاطئ اليوانن‬
‫ماكذبت كاترين وال ادعت احلزن على‬
‫والدها اذ كانت تراه اندرا اثناء حياته‬
‫وهو غريب ابلنسبة هلا اما ابناه فلم يعرفا‬
‫حىت شكله وصممت كاترين على املضي‬
‫يف العناية أبخويها والعتماد على نفسها‬
‫ملواجهة املستقبل‬
‫ومل حتضر جنازة والدها بل اسرعو يف‬
‫تشييعه بدون ان يرتكوا هلا وقتا كي ترتك‬
‫اخويها يف عهدة احد او تقوم ابجراءات‬
‫السفر الىي اليوانن يف الوقت املناسب‬
‫مث وصلتها رسالة تعزية قصرية ذات صيغة‬
‫رمسية ارسلها ستيفان ميدوبوليس أيسف‬
‫فيها لسرعة تشييع اجلنازة ويبلغها تعازيه‬
‫وكأنه يعرف مدى تقصري غراجنر حنو‬
‫اسرته‬
‫كان ستيفان اكرب اشقاء ماراي ولكن ما‬
‫ادهش كاترين ان ماراي كانت ال تتحدث‬
‫كثريا عن اهلها او وطنها رمبا كان ذلك‬
‫لفرط اشتياقها هلم وبعد وفاة ماراي بفرتة‬
‫قصرية علمت كاترين من احدى رسائل‬
‫والدها القصرية والنادرة ان ستيفان أيمل‬
‫يف ضم اخويها الصغريين اىل رعايته اذ‬
‫كان راس العائلة ومن واجبه العناية‬
‫بطفلي شقيقته اليتيمي وكان جورج‬
‫غراجنر قد رفض هذه الدعوة حينئذ ورمبا‬
‫لئال يبدو انه ختلى عن مسؤولياته اراتحت‬
‫كاترين كثريا هلذا القرار فقد كانت ال تريد‬
‫فقد الصغريين لفرط تعلقها هبما وحمبتها‬
‫هلما فهما يف منزلة ابنيها لكنه يبدو انه‬
‫اعاد النظر يف مسألة ترك الطفلي مع‬
‫اختهما غري الشقيقة ففي يدها االن‬
‫رسالة قرأهتا للمرة املائة من حمامي ستيفان‬
‫ميدوبوليس خيربها فيها ان والدها قد‬
‫وافق على ان يكون ستيفان وليا‬
‫ألمرمهاوسبب هذا اخلرب صدمة قاسية‬
‫لكاترين الهنا اعتنت أبخويها بعد وفاة‬
‫والدهتما واالن سوف ينتزعان من‬
‫حضانتها األمر الذي لن تتحمله ابدا ولن‬
‫جتد لفقدمها عزاء هلا‬
‫ومل جتد لديها الشجاعة ان خترب الصبيان‬
‫ابهنما سوف يرحالن لالقامة يف بلد‬
‫غريب مع خال مل يرايه من قبل ورمبا لن‬
‫يقع نظرمها عليها بعد ذلك ابدا االمر‬
‫الذي لن تتحمله ابدا فقد عاشت هلما‬
‫وحدمها وليس ألحد ان ينتزعهما منها‬
‫وكان عليها ان تصحبهما اىل نيقوسيا‬
‫وتسلمهما اىل خاهلما ويف الوقت نفسه ال‬
‫بد ان جتد طريقة لتخربمها بذلك املصري‬
‫الذي سوف يصعب على بول الصغري‬
‫فهمه وحيطم قلبه جمرد علمه أبنه لن يرى‬
‫حبيبته كاترين اثنية ويعيش بعيدا عنها بي‬
‫اانس ال يعرفهم‬
‫كانت كاترين االم الوحيدة عرفها وكان ال‬
‫يزال يعتمد عليها يف كل شئ ابلرغم من‬
‫انه بلغ السنة الثالثة والنصف من عمره‬
‫وحىت اخوه الذي بلغ اخلامسة مازال‬
‫يعتمد عليها كثريا مث تساءلت كيف يكون‬
‫احلال عند علمهما أبهنا سوف ترجع اىل‬
‫انكلرتا وحدها وترتكهما حماطي ايقرابئهما‬
‫الغرابء‬
‫تركت كاترين كي شئ يف عهدة السيدة‬
‫هاريسون مشرفة املنزل وكانت هذه‬
‫السيدة الطيبة قد أتثرت مبصريهم‬
‫فمسحت دمعتها لدى وداع الطفلي‬
‫ونظرت اىل كاترين وهزت رأسها يف حزن‬
‫فهي ماتزال يف نظرها طفلة صغرية ايضا‬
‫برغم تلك املسؤوليات اليت محلتها وهي‬
‫ايفعة‬
‫وكان الطفالن يف قمة سعادهتما وفرط‬
‫محاسهما هلذا السفر املاجئ وجلست‬
‫كاترين بي احلقائب تنتظر السيارة‬
‫لتنقلهم اىل املطار وحتاول اخفاء شعورها‬
‫عن الطفلي وترتكهما ينعمان ببهجة‬
‫السفر والتطل للذهاب اىل بلد جديد‬
‫وكانت كاترين رقيقة املالمح مييل وجهها‬
‫اىل الشحوب ذات شعر لونه حناسي‬
‫غامق وعيني واسعتي خشراوين وانف‬
‫دقيق وفم واسع كثري االبتسام وكانت‬
‫تلفت االنظار اليها دائما لكنها مل تشجع‬
‫املعجبي هبا ابدا لتفانيها يف العناية‬
‫أبخويها الصغريين اذ كرست حياهتا هلما‬
‫وصممت ان متضي بقية العمر معهما‬
‫وكان اجلو دافئا يف ذلك اليوم فارتدت‬
‫ثواب اخضر اللون قصريا رائعا بدت فيه‬
‫كصبية صغرية مجيلة وملا جاء بول الصغري‬
‫ليتكئ اليها ابتسمت له فلمعت عيناه‬
‫السوداوان ابحلب والشقاوة مما ذكرها‬
‫بوالدته فقد كان يشبهها كثريا واراتحت‬
‫كاترين لذلك ألنه سوف يندمج مع‬
‫عائلته اليواننية اليت مل يسمع عنها ابدا‬
‫اما الكسندر فكان اقل مسرة من اخيه‬
‫ولكنه يتمتع ابلعيني السوداوين الواسعتي‬
‫وكانت كاترين أتمل ان يكون ويل امرمها‬
‫املقبل اكثر عطفا وحنوا بعكس ماتوحي‬
‫به رسالته‬
‫وبدأ بول ميطرها ابسئلته عن هذه الرحلة‬
‫لكنها اراتحت عندما مسعت جرس الباب‬
‫يقرع معلنا وصول السيارة اليت ستنقلهم‬
‫للمطار ابلرغم من اهنا كانت تتمىن معجزة‬
‫جتعل ستيفان ميدو بوليس يغري رأيه ويرتك‬
‫الطفلي يف رعايتها ومل تصدق كاترين اهنم‬
‫غادرو مطار هيثرو منذ اقل من مخس‬
‫ساعات فهم االن حيلقون فوق مطار‬
‫نيقوسيا اليت بدت هلا كبلد غريب‬
‫ودنيا ختتلف عن دنياها جبماهلا الرائع‬
‫اخلالب مما رفع من معنوايهتا على الرغم‬
‫من السبب الذي يكمن وراء هذه الرحلة‬
‫فكرت ان تتمتع بعطلة تقضيها يف ربوع‬
‫تلك البالد قبل عودهتا اىل الوطن وتكون‬
‫ذريعة جتعلها قريبة من الطفلي لفرتة اطول‬
‫وبدا هلا هذا التفاؤل سخيفا يف هذه‬
‫الظروف ولكن عندما رأت مجال البالد‬
‫صممت على البقاء لفرتة معهما‬
‫كانت االمسية دافئة وبدت هلا الشمس‬
‫قبل غروهبا ساطعة براقة مل تر هلا مثيال من‬
‫قبل ومتنت ان تصحب الولدين‬
‫لتستكشف اجلزيرة لكنهما كاان قد انل‬
‫منهما التعب وماال اىل النوم بعد رحلتهما‬
‫الطويلة‬
‫االنسة غراجنر؟‬
‫مسعت كاترين هذا الصوت الرقيق يناديها‬
‫فضمت الطفلي اليها حبركة ال شعورية‬
‫وأومأت ابالجياب بعينيها اخلضراوين‬
‫فوجدت شااب طويال امسر ذكرها يف تلك‬
‫اللحظة مباراي فعرفت شخصيته قبل ان‬
‫يعرفها بنفسه وقال وهو يبتسم وميد هلا‬
‫يده‪:‬اان غريغوري ميدوبوليس‬
‫وكانت كاترين تعلم ان هناك اكثر من اخ‬
‫ملاراي لكنها كانت تتوقع ان ينتظرهم يف‬
‫املطار ستيفان ميدو بوليس االخ االكرب‬
‫كان واضحا ان كان واضحا ان هذا احد‬
‫اخوة ستيفان اذ وجدت كاترين امامها‬
‫شااب وسيما للغاية يبتسم هلا مرحبا بعكس‬
‫ما كانت تتوقع من هلجة الرسائل اليت‬
‫وصلتها‬
‫‪:‬يسعدين لقاؤك اي سيد ميدوبوليس‬
‫قالت كاترين هذا مث نظرت اىل اليكس‬
‫وبول اللذين راحا يتفحصانه بنظرة‬
‫متشككة قامتة ويقبضان على يديها بشدة‬
‫هذان مها الكسندر وبول ايها الصبيان‬
‫هذا هو خالكما‬
‫احنىن غريغوري عليهما ليتقرب منهما‬
‫واخذ ايديهما يف يديه وضغط على يد‬
‫بول ابلذات النه الحظ ان شفة الطفل‬
‫السفلى بدأت ترتعش وبدا يف عينيه‬
‫التعب‬
‫‪:‬سوف تروق لكما هذه البالد لدي‬
‫اطفال مثلكما بنتان وسرتاين اماكن كثرية‬
‫تتمتعان فيها بصحبتهما‬
‫سأل بول‪:‬وهل ستكون كاترين معنا‬
‫شعرت كاترين خبيبة امل عندما نظر اليها‬
‫غريغوري يف تساؤل فردت عليه هبدوء‬
‫قائلة ‪:‬مل يتعودا ان يكوان وحدمها‬
‫وشعرت اهنا ستنهار وتستسلم للبكاء اذا‬
‫طالت وقفتهم وكثرت اسئلة الطفلي‬
‫لكنها وجدت يف عينيه السوداوين اللتي‬
‫تشبهان عيين ماراي عطفا ومودة وشعرت‬
‫اهنا ستواجه صعااب اكثر مما توقعت وودت‬
‫لو كان الفراق يف انكلرتا وليس هنا‬
‫فكلما طال الوقت صعب عليها تفسري‬
‫الوقف هلما وقالت وهي‬
‫تتلعثم‪:‬اان‪..‬مل‪ .....‬تتح يل فرصة‬
‫وهزت رأسها فأخذ غريغوري ذراعها برفق‬
‫قائال‪:‬سيكون االمر اسهل بعد اايم قليلة‬
‫واالن سنطري توا اىل داكوليس هيا بنا‬
‫وأشار بيده اىل الطائرة خاصة تلمع يف‬
‫الضوء وتقبع يف ركن من املطار ااثر‬
‫منظرها كاترين فانتعشت قليال لكنها‬
‫توقعت حدوث متاعب اثنية اذا ابتت‬
‫معهما ولو لليلة واحدة يف بيتهما اجلديد‬
‫ولذا قالت لغريغوري‪:‬ال استطيع الذهاب‬
‫معك‬
‫وامتألت عيناها ابلدموع وضغطت على‬
‫اليدين الصغريتي اللتي تشبثتا أبصابعها‬
‫يف شدة ورفضتا تركها مهما حاولت مث‬
‫قالت‪:‬ليس يل احلق يف اجملئ معكم‬
‫ابتسم غريغوري قائال‪:‬كل شئ حاضر اي‬
‫انسة غراجنر سوف تقيمي يف املنزل اىل‬
‫ان يتعودا على حياهتما اجلديدة فهذا ما‬
‫امر ستيفان به‬
‫هذا ما امر به ستيفان! كان هذا القول‬
‫يعكس متاما شخصية ذلك الرجل الذي‬
‫ارسل هلا تلك الرسائل اجلافة وبطريقة ال‬
‫شعورية رفضت ان تكون حتت اي ضغط‬
‫فهي مل تنس ابدا انه سبب كل ماتعاين‬
‫االن من مشاعر مؤملة لفراق الطفلي ومل‬
‫تتعود ان ميلي اي شخص ارادته عليها‬
‫طول حياهتا وجنحت يف ان تدير جمرى‬
‫حياهتا من غري تدخل اي رجل فلم‬
‫يعجبها ان جيربها ستيفان على البقاء مع‬
‫الطفلي اىل ان يتعودا احلياة هنا رغم اهنا‬
‫بدا هلا شيئا بديهيا‬
‫فقالت واالنفعال يكاد خينقها ‪:‬هذا كرم‬
‫من السيد ستيفان ميدوبوليس الواقع انين‬
‫مل اكن انوي احلضور معهما وعضت‬
‫شفتيها لكنها رات يف عينيه مرة اخرى‬
‫نظرة حانية خاطفة واجاب هبدوء‪:‬من‬
‫الطبيعي ان يكون ذلك صعبا عليك‬
‫ولذلك فكر ستيفان يف ‪....‬‬
‫مث هز كتفيه العريضتي كانه يعين شيئا‬
‫واستطرد يقول‪:‬انه ليس شخصا قاسيا‬
‫انسة غراجنر ولو انه يبدو كذلك احياان‬
‫فأرجو اجملئ معنا‬
‫نظرت كاترين اىل اخويها لرتى اللهفة‬
‫والدموع يف عيوهنما كأهنما يفهمان ما‬
‫يدور حوهلما من حديث وشعرت بضغط‬
‫اصابعهما الصغرية على يديها فهمست‬
‫اىل غريغوري قائلة‪:‬اشكرك‬
‫فابتسم يف رضى وامتنان‬
‫واثبت غريغوراينه طيار ماهر كما جتدد‬
‫محاس الطفلي لصعودمها يف هذه الطائرة‬
‫اخلفيفة بسبب اختالفها عن الطائرة‬
‫الضخمة اليت اقلتهما وامكنهما رؤية‬
‫املناظر بسهولة والصق كل منهما وجهه‬
‫بنافذة الطائرة عندما اقلعت من نيقوسيا‬
‫لتحلق فوق البحر فلم يسبق ان مرا بكل‬
‫هذه املناظر اخلالبة اليت هبرهتما وانلت كل‬
‫اهتمامهما‬
‫كان لون السماء ذهبيا براقا تتخلله بعض‬
‫السحب الصغرية وكاهنا قطع حرير ذهيب‬
‫تسبح فوق البحر الذي بدا بنفسجيا يف‬
‫ضوء الغسق وكان البحر هادائ انعما‬
‫وكأنه قطعة كبرية من العقيق تعكس ضوء‬
‫الشمس وتتألأل انشرة شعاعا خالاب‬
‫‪:‬كم يبدو هذا املنظر مجيال‬
‫قالتها كاترين هامسة وكأهنا تتحدث مع‬
‫نفسها فالتفت اليها غريغوري مبتسما‬
‫وسأهلا ‪:‬امل تزوري اليوانن من قبل ؟‬
‫ال ابدا مل اسافر اىل اخلارج قبل اليوم‬
‫والدي كان يسافر كثريا ويرتكنا يف املنزل‬
‫واندرا ما يزوران انه جيوب االقطار وينتقل‬
‫بي البلدان‬
‫وبدت يف عينيه تساؤالت كثرية فهو‬
‫كيوانين يقدس الرابطة االسرية ويعتربها‬
‫من صميم التقاليد ومل يفهم سلوك والدهم‬
‫ابدا حىت انه سأهلا‪:‬هل كنت تعرفي‬
‫والدك معرفة جيدة؟‬
‫هزت رأسها ابلنفي قائلة ‪:‬مل اعرفه جيدا‬
‫اذ مل نكن نراه اال قليال حىت ان بول مل‬
‫يره اال عندما كان عمره بضعة اسابيع‬

‫والتفتت اىل اخويها الصغريين فوجدهتما‬


‫يتابعان املناظر ‪:‬جيب ان يرى كل والد‬
‫اوالده وهم يكربون حىت يكون فخورا هبم‬
‫والدك خسر الكثري لعدم رؤيتكم دائما‬
‫وترككم تواجهون مصريكم وحدكم‬
‫قال ذلك وهو يهز رأسه اسفا النه مل‬
‫يتصور ان ااب يرتك اوالده خمتارا وخصوصا‬
‫ولدين ممتازين كاخويها‬
‫ووافقت كاترين قائلة‪:‬نعم اهنما ولدان‬
‫ممتازان‬
‫التفت اليهما وبدت كاترين كاهنا تقرا‬
‫افكاره انه اب لبنتي وطبيعي ان حيسد‬
‫زوج شقيقته الراحلة الجناب صبيي‬
‫وسالته كاترين‪:‬قلت ان لك اسرة اي سيد‬
‫ميدوبوليس؟‬
‫عندي بنتان ولألسف مل اجنب صبيا اىل‬
‫االن‬
‫وبدا قوله هذا غريبا يف نظر كاترين‬
‫فالرغبة يف اجاب الصبية ليست من‬
‫العدل يف شئ وودت لو صارحته بذلك‬
‫رغم اهنا مل تعرفه من قبل وما رأته سوى‬
‫اليوم وسألته‪:‬هل خيتلف عندك اجناب‬
‫البني عن البنات؟اليسو كلهم يف حاجة‬
‫اىل احلنان واحلب؟‬
‫وبدت الدهشة يف عيين الرجل الداكنتي‬
‫مث ابتسم هلا وقال ‪:‬انك ال تفهمي نظرتنا‬
‫اىل هذا االمر حنن نعترب اجناب الصبية‬
‫شيئا يفتخر املرء به لكننا حنب بناتنا ايضا‬
‫وال بد ان ماراي اخربتك بذلك‬
‫وهزت كاترين رأسها ببطء وسرحت حلظة‬
‫مث قالت ببساطة ‪:‬كنت احب ماراي كثريا‬
‫وبدا احلزن على غريغوري وقال‪:‬وحنن‬
‫ايضا كنا حنبها لذلك يريد اخي ستيفان‬
‫ضم طفليها اليه‬
‫كان الغسق ما زال منتشرا عندما انزل‬
‫غريغوري طائرته الصغرية مبهارة فائقة مث‬
‫ساعد الصغريين اللذين ماال اىل النوم تعبا‬
‫ومد اليها يده ملساعدهتا فاغتبطت كاترين‬
‫الهنا ملست فيه فروسية اجليل املاضي اليت‬
‫ندر وجودها يف عصران هذا‬
‫واالن امامنا مسافة قصرية جنتازها يف‬
‫السارة اىل منزلنا‬
‫قال ذلك وهو حيمل بول بي ذراعيه‬
‫وجيتاز احلقل االخضر حيث حطت‬
‫الطائرة ‪:‬الصبيان سوف يستغرقان يف‬
‫النوم فور ذهاهبما اىل الفراش‬
‫ولكن كاترين مل تشعر ابلتعب بل شعرت‬
‫ابنتعاش ومرح‬
‫كأهنا تلميذة صغرية وهي متسك بيد‬
‫اليكس وتتبع خاله اىل السارة الكبرية‬
‫الالمعة اليت قادها بنفسه‬
‫اجلس غريغوري بول برقة يف املقعد يف‬
‫املقعد اخللفي واخذ الكساندر اىل جانبه‬
‫وهو يبتسم هلما ويهز رأسه متعجبا‬
‫وقال‪:‬الولدان يشبهان ماراي اىل حد انه‬
‫شئ ال يصدق ‪....‬كنا خنشى‪...‬‬
‫مث سكت فجأة ونظر اىل كاترين معتذرا‬
‫وهو يتخذ مكانه اىل جانبها يف السارة‬
‫واكملت عي عبارته‪:‬ان يشبها والدي؟ اان‬
‫سعيدة الهنما يبدوان كاليواننيي وليس‬
‫كاالنكليز وخصوصا يف الظروف الراهنة‬
‫حيث سيصبحان من اليوانن ويعيشان بي‬
‫اهلها واعتذر غريغوري قائال‪:‬مل اقصد اي‬
‫اساءة‬
‫فابتسمت كاترين وهي تفكر ان الرجال‬
‫من عائلة ميدوبوليس ال يعتذرون عادة‬
‫عن اي شئ يقولونه او يفعلونه وابلرغم‬
‫من جاذبية غريغوري وسلوكه الذي ال‬
‫غبار عليه هناك بعض القسوة فيه جعلتها‬
‫ختشى اقامتها لدى اخيه ستيفان والبقاء‬
‫حتت سيطرته اذ لعله يكون يف مثل قسوته‬
‫وبدون جاذبيته‬
‫وكانت عائلة ميدوبوليس واسعة الثراء‬
‫فهي متلك جزيرة داكوليس وجزيرة اخرى‬
‫جتاورها اصغر حجما وهلم شركات‬
‫للمالحة واسعة تدر عليهم رحبا وفريا فاذا‬
‫كان ستيفان ميدوبوليس على رأس هذه‬
‫االمرباطورية ال حيتمل ان يكون اقل‬
‫غطرسة وصلفا من اخيه غريغوري ومن‬
‫االرجح انه سيكون اكثر غطرسة خاصة‬
‫بعد تلك الرسائل القصرية اجلافة اليت‬
‫تبادهلا معها واليت دلت على مدى جربوته‬
‫وسيطرته حىت على االغراب‬
‫وكان الطريق الذي سلكاه يف السيارة‬
‫وعرا صخراي لكن املناظر احمليطة به‬
‫تكشف البحر وهي مناظر خالبة ابلرغم‬
‫من صعوبة الرؤية مع حلول الظالم وكان‬
‫الشاطئ صخراي متعرجا تتخلله خلجان‬
‫رملية صغرية تدخل فيها مياه البحر‬
‫الزرقاء هبدوء اما االشجار فكانت كثرية‬
‫متعددة االنواع عرفت كاترين منها النخيل‬
‫والربتقال والتي وكاد عبريها ومجاهلا‬
‫ينسياهنا السبب احملزن الذي جاءت من‬
‫اجله‬
‫هذه املناظر مجيلة جدا‬
‫قالت هامسة وهم ينزلون من التل‬
‫ويلتفون حول منعطف اخر يف الطريق‬
‫املتعرج ‪:‬تبدو كاخليال‬
‫‪:‬سرتوق لك االقامة هنا‬
‫قاهلا غريغوري جبدية فالتفتت اليه ويف‬
‫نفسها ريبة غامضة الهنا ال تنوي البقاء يف‬
‫هذه اجلزيرة فردت بصوت هامس حىت ال‬
‫يسمعها الطفالن اللذان يغلب عليهما‬
‫النعاس يف مقعد السيارة اخللفي‪:‬سرتوق‬
‫يل حتما لو كنت مقيمة هنا‬
‫ورد غريغوري عليها ابلصوت اهلامس‬
‫نفسه‪:‬ولكنك سوف تقيمي هنا لفرتة أبي‬
‫حال‬
‫وبدأت ابلرد عليه ولكنه اسكتها حبركة‬
‫من يده بدا فيها التسلط‪:‬ميكنك‬
‫االحتجاج لدى ستيفان اي انسة غراجنر‬
‫فهو رأس العائلة وبذلك ميكنه ان يوضح‬
‫لك رغباته‬
‫رغباته ‪...‬وضغى عليها شعور عارم‬
‫ابملهانة جملرد ان ميلي شخص عليها رغباته‬
‫مث التفت السيارة حول منحىن اثن‬
‫ودخلت بي صفي من اشجار السرو‬
‫العالية وامكنها رؤية مالمح املنزل من‬
‫خالل اوراق االشجار كانت كافية‬
‫لتجعلها جتزم أبهنا مل تر يف حياهتا شيئا‬
‫امجل منه‪....‬‬
‫وكان املنزل مبنيا على الطرف الضيق من‬
‫اجلزيرة مياه البحر حتيطه وتظهر من كل‬
‫نوافذه احلدائق الواسعة أبشجارها الكثيفة‬
‫وزهورها املتعددة متتد حىت الشاطئ‬
‫وتظلل جوانب املنزل ويطوق ذلك كله‬
‫شاطئ رملي متعرج وكان املنزل كبريا مل تر‬
‫كاترين له مثيال من قبل فجعلها حتملق‬
‫فيه بنظرات ال تصدق ماترى‬
‫اوقف غريغوري السيارة وترجل مث دار‬
‫حوهلا ليساعد كاترين يف النزول كانت‬
‫تصرفاته ال غبار عليها وقد راقت لكاترين‬
‫كثريا واراتحت هلا واذا كان منظر املنزل‬
‫اخلارجي مهيبا فداخله يفوق ذلك كثريا‬
‫حىت ان كاترين ودت لو اهنا مل توافق على‬
‫احلضور ولو كان السبب بقائها مع‬
‫الولدين فرتة اطول‬
‫مث امسكت ابيديهما وقادهتما عرب البهو‬
‫الفخم وكانت عيوهنما مثقلة ابلنوم بول‬
‫على وشك البكاء ترجتف شفته السفلى‬
‫لغرابة ما حييط به من مناظر ورغم هلفة‬
‫غريغوري على تسليم الطفلي الخيه احنىن‬
‫عليه وربت على وجهه احلزين وهو ينظر‬
‫اليه حبنو عينيه بعينيه الداكنتي ويقول ‪:‬لن‬
‫يطول الوقت حىت تشعر انك يف بيتك‬
‫ايصغريي انك حباجة اىل النوم‬
‫فرد الصيب قائال وهو خيفي وجهه يف ثوب‬
‫كاترين‪:‬انين جمهد واريد العودة اىل منزيل‬
‫رفعته كاترين بي ذراعيها قائلة ودموعها‬
‫تكاد تتساقط وهي ترى فمه‬
‫يرجتف‪:‬ايحبييب ستشعر ان هذا املنزل‬
‫صار مثل منزلك متاما‬
‫وضع الطفل رأسه على كتفها واغمض‬
‫عينيه وودت لو استقبلهم صاحب املنزل‬
‫قبل ان يستغرق الطفل يف النوم ومل تكن‬
‫تبدو يف امجل مظهر وهي حتمل طفال‬
‫صغريا انئما على كتفها بينما االخر‬
‫يتشبث بطرف ثوهبا وقد اتسعت عيناه‬
‫الداكنتان املتسائلتان وصممتا على عدم‬
‫البكاء‬
‫وكأن هللا استجاب صالهتا فانفتح احد‬
‫االبواب املوصلة اىل البهو الضخم فجأة‬
‫وخرج منه رجل متهل قليال قليال عند‬
‫رؤيتهم وغشت مالحمه نظرة تعجب غريبة‬
‫ما لبثت ان زالت توا اعقبتها نظرة قاسية‬
‫صارمة جعلت قلب كاترين يغوص يف‬
‫صدرها ال بد انه ستيفان صاحب تلك‬
‫الرسالة اجلافة اليت مازالت يف حقيبة يدها‬
‫واليت تعكس شخصيته وتدل على مدى‬
‫كربايئه وصلفه‪:‬انسة غراجنر؟‬
‫ومد يده وهو يقرتب منها لكن وجهه‬
‫كان خاليا من اي ابتسامة مرحبة كاليت‬
‫رأهتا على وجه اخيه يف املطار وكانت‬
‫مالمح وجهه اقل وسامة من وجه اخيه‬
‫ويبدو اكرب سنا منه بكثري وقدرت ان‬
‫يكون يف اواخر الثالثي من عمره كان‬
‫هناك شئ مألوف يف مظهره ولو انه من‬
‫غري املمكن ان تكون رأته من قبل ولو‬
‫صح ذلك ال ميكن حتما ان تنساه‬
‫كان ستيفان اطول قامة من غريغوري‬
‫كتفاه عريضتان وله مسة الرايضيي‬
‫ومالمح الصقر شعره اسود وعيناه‬
‫سوداوين نظرته القاسية مل تقنع كاترين أبنه‬
‫سيكون وليا صاحلا ألمر اخويها الصغريين‬
‫اما وجهه الداكن فكان صارما ومل يكن‬
‫كاخيه عندما نظر اىل الطفلي مث قال‬
‫بربود بعدما تبادل مع كاترين حتية خمتصرة‬
‫رمسية صارمة ‪:‬البد ان أيوى الطفالن اىل‬
‫فراشهما توا فالبد اهنما يشعران ابلتعب‬
‫ويف احلال ظهرت امرأة مسراء من ابب‬
‫خلفي خفي بعض الشئ واقرتبت منهم‬
‫بينما احتجت كاترين قائلة ‪:‬ولكين دائما‬
‫‪...‬‬
‫ومل تكمل عبارهتا بل اسكتتها اشارة من‬
‫يده وساء كاترين ان تطيعه وتكف عن‬
‫الكالم ومل يكن يف وسعها اال الطاعة يف‬
‫هذه االثناء كان اليكس ينظر اىل السيدة‬
‫يف رعب مث خبأ وجهه يف ثوب كاترين‬
‫وأطبق بشدة عليه اما بول فكان مستغرقا‬
‫يف سبات عميق على كتفها مما جعلها‬
‫تقول‪:‬يستحسن ان اذهب معهما فقد‬
‫تعودت ان اصحبهما اىل الفراش‬
‫وكانت مصممة هذه املرة اال ختضع‬
‫الوامر احد‬
‫ال داعي لذلك كاسيا قديرة ان تضعهما‬
‫يف الفراش تدربت على ذلك كثريا‬
‫وهكذا رد ستيفان بلهجة آمرة‬
‫وكانت كاسيا اقل قسوة مما بدت هلا‬
‫نظرت اىل كاترين نظرة توحي ابلتفاهم‬
‫واحلنو مث احننت وملست ذراع اليكس‬
‫برفق ومهست له ببعض كلمات يواننية‬
‫فنظر اليها الطفل متعجبا هلذه اللغة‬
‫الغربية لكنه بدا متشبثا بثوب كاترين وهز‬
‫رأسه حمتجا ‪...‬ومرة اخرى حتدثت السيدة‬
‫ابليواننية وبعد حلظة رفع اليكس وجهه‬
‫اىل كاترين وقال‪:‬ال اريد الذهاب معهما‬
‫تعايل انت ايضا اي كاترين‬
‫وارتعشت شفتاه فنظرت كاترين اىل وجه‬
‫ستيفان الصارم وتساءلت هل سيمارس‬
‫سلطته كويل امر للطفلي اآلن فورا ام انه‬
‫سوف جيعلها تعودمها على طاعته‬
‫ابلتدريج‬
‫ورأت يف مالحمه وعينيه السوداوين نفاذ‬
‫الصرب واطبق على فمه املستقيم بصرامة‬
‫مما افقدها االمل ولكنها قالت راجية وقد‬
‫اتسعت عينيها ‪:‬لن حيدث ضرر لتكن‬
‫هذه املرة االخرية اي سيد ميدوبوليس‬
‫ورد عليها قائال‪:‬لكن ليس لدينا وقت‬
‫قبل العشاء حىت ميكنك االستحمام‬
‫وتغيري املالبس دعي كاسيا أتخذمها اي‬
‫انسة غراجنر‬
‫وشعرت بيد اليكس تقبض على يدها‬
‫بشدة اما بول فاستغرق يف النوم على‬
‫كتفها وقفت كاترين مرتددة الن الطفلي‬
‫اصبحا االن يف كنف خاهلما‬
‫ولكن بعد ذلك اليوم الطويل اجملهد لن‬
‫يضري احد ان تصحبهما هذه املرة اىل‬
‫الفراش كعادهتا دائما وأوحت اليها غريزهتا‬
‫ان تتوسل اليه بدال من ان تتحداه‪:‬ارجوك‬
‫لن أأتخر وسيكون ذلك يف صاحل اجلميع‬

‫ومل ترق لستيفان توسالهتا كما رأت نظرة‬


‫تعجب على وجه كاسيا جملرد حماولتها‬
‫تغيري رأيه كان هذا غري وارد على‬
‫االطالق ولذلك دهشت عندما هز رأسه‬
‫موافقا وقال‪:‬اهنا ليلتهما االوىل هنا وجيب‬
‫مراعاة شعورمها ابلغربة والتعب اذهيب‬
‫معهما بصحبة كاسيا ولكن ال تضيعي‬
‫وقتا طويال ألين اريد مناقشتك يف بعض‬
‫االمور بعد العشاء اي انسة غراجنر‬
‫مث استدار وعاد من حيث اتى وكان‬
‫واضحا انه مل حيب ضعفه واخلضوع هلا‬
‫بينما وقفت كاترين تنظر وراءه وتتعجب‬
‫من الشعور الذي ينتاهبا أبهنا رأته من قبل‬
‫فوجهه مألوف لديها رغم اهنا ال ميكن ان‬
‫تكون رأته ونسيته‬
‫وامتدت يد غريغوري تنبهها برفق وابتسم‬
‫هلا مشجعا وقال ‪:‬سنتقابل اثنية على‬
‫العشاء‬
‫وضغط على اصابع يدها برفق وتبع اخاه‬
‫عرب البهو‬
‫وبدا على وجه كاسيا التعجب والدهشة‬
‫فهذه هي املرة االوىل ترى فيها من‬
‫يتحدى سيدها‪....‬‬
‫مث سارت كاترين وراء كاسيا حاملة بول‬
‫وساحبة اليكس القابض على يدها بشدة‬
‫وابتسمت الهنا كسبت اجلولة االوىل مع‬
‫ستيفان فهذا شئ خطري ابلنسبة لرجل‬
‫مثله‬

‫‪ -2‬قمر و ليل‬
‫كل شيء يبدو هلا فخما علي حنو ال‬
‫يصدق ‪ .‬ابلرغم من تعودها رغد العيش‬
‫كانت ثروة عائلة ميدوبوليس الواسعة‬
‫فوق كل تصور و اكرب من اية ثروة عرفها‬
‫ابوها نفسه ‪ ،‬و كانو يتغمسون يف كل‬
‫ترف حتققه هلم تلك الثروة ‪ .‬اعدو‬
‫للطفلي جناحا خاصا ‪ ،‬وال شك ان‬
‫حياهتما اجلديدة مبا فيها من ااثرة و غرابة‬
‫انستهما وجودمها يف مكان غريب ‪ ،‬فلم‬
‫يتأثرو كما توقعت كاترين بل بدا كل‬
‫منهما كأنه يف حميط مألوف لديه ‪.‬‬
‫مث قابلتها خادمة مسراء ابتسمت هلا و‬
‫قادهتا ايل غرفتها ‪ ،‬حيث امضت كاترين‬
‫وقتا سعيدا تنظر حوهلا وهي تستحم‬
‫وترتدي مالبسها ‪ ،‬و ابلرغم من ان‬
‫ستيفان افهمها بشكل او أبخر ان تسرع‬
‫‪ ،‬اال اهنا امضت وقتا لتلمس إبعجاب‬
‫رخام احلمام اجلميل و اقمشة احلرير و‬
‫القطيفة مما اضفي علي الغرفة ملسة الثراء‬
‫الشرقي الذي اعتربته قمة الفخامة و‬
‫الذوق السليم ‪.‬‬

‫و اكتشفت ان حقائبها سبقتها ايل الغرفة‬


‫‪ ،‬وان مالبسها رتبت يف اخلزائن الواسعة‬
‫فبدت هزيلة قليلة يف تلك اخلزائن املعدة‬
‫ملا يفوق مالبسها اانقة ‪.‬‬
‫واختارت كاترين ثواب اصفر ابكمام واسعة‬
‫و فتحة عريضة تكشف عنقها املرمري و‬
‫كتفيها العاجتي فبدت حسناء مجيلة ‪.‬‬
‫وملا غادرت غرفتها واستعدت لنزول‬
‫شعرت حبرج شديد مرة اخري ‪ .‬مل تكن‬
‫تدري عدد افراد االسرة و اذا كانو‬
‫يستضفون احدا ‪ .‬ومتنت لو وجدت من‬
‫يصطحبها و أيخد بيدها ولو شكليا ايل‬
‫مضيفها و عائلته ‪.‬‬
‫وكان السلم واسعا فخما من املرمر املطعم‬
‫ابلذهب ‪ ،‬فخيل اليها اهنا تدخل ايل‬
‫مسرح ‪ ،‬ام البهو فبدا كاملعبد خاليا و‬
‫ساكنا ‪ .‬لكنها مسعت مههمة فشعرت‬
‫ابالرتباك ‪ .‬ومل تقو علي اكمال النزول اذ‬
‫مل تدر ما تفعل عندما تصل ايل النهاية‬
‫السلم واين تذهب فاالبواب كلها‬
‫موصدة امامها‬
‫وكان شعر كاترين االمحر يلمع كالنحاس‬
‫حتت االنوار اليت تضيء البهو ‪ ،‬وعيناها‬
‫اخلضروان فيها نظرة شاردة تنساب بي‬
‫اهداهبا الكثيفة ‪ .‬لكنها شعرت كأهنا‬
‫سبب هلا النزول عن ذلك السلم الفخم‬
‫‪،‬وسألت نفسها ملاذا ينتاهبا هذا الشعور ‪.‬‬
‫مث مسعت كلمة ترحيب ترن يف اذهنا و‬
‫كان الصوت انعما و عميقا قطع عليها‬
‫تيار افكارها ‪ .‬فتلتفتت بسرعة و ارتباك ‪.‬‬
‫مل تدر مي اين جاء ‪ ...‬كان شااب صغري‬
‫السن ال يكربها اال بسنة او سنتي ودلت‬
‫قسماته علي انه احد افراد ميدوبوليس ‪،‬‬
‫لعله االخ الثالث ‪ ،‬كانت له قامة نفسها‬
‫‪ .‬طويل معتدل مثل غريغوري ‪ ،‬وستيفان‬
‫‪ ،‬و العينان السوداوان ‪ .‬وابتسم هلا‬
‫ابتسامة كشفت اسنانه البيضاء املتساوية‬
‫اليت تضيء وجهه االمسر الوسيم ‪،‬‬
‫ابتسامة تدل علي شقواة كامنة و اعجاب‬
‫ظاهر هبا ‪.‬‬
‫وتقدم بسرعة و قابلها عند هناية السلم و‬
‫اخذ يدها ليلثمها و كلمها بصوت‬
‫خفيض فيه بعض النربات مغرية ‪ .‬مث قال‬
‫وهو حياول التأثري عليها ‪.‬‬
‫اان نيكوالس ميدوبوليس وانت كاترين‬
‫غراجنر ‪ ،‬اليس كذلك ؟‬
‫فردت عليه قائلة وقد أتكدت ظنها أبنه‬
‫اصغر االشقاء ‪.‬‬
‫‪ -‬نعم اان كاترين ‪..‬‬
‫وفجاة زال عنها اخلوف و شعرت انه‬
‫اخذ بيدها كما متنت فعال و أتكدت‬
‫ايضا انه ال يتأثر بسلطة اخيه االكرب‬
‫فارحتت له و قالت وهي تبتسم ابرتياح ‪:‬‬
‫‪ -‬يسعدين لقاوئك اي سيد ميدويوليس ‪.‬‬
‫مث نظر اليها ابعجاب من خالل عينيه‬
‫السوادوين ‪ ،‬وطافت نظراته بكل قسماهتا‬
‫وتسلطت علي فمها وهو مازال ممسكا‬
‫بيدها مث قال برقة ‪:‬‬
‫‪ -‬ستجدين نفسك يف ختبط اذا انديت‬
‫كل واحد منا ‪ ،‬اي سيد ميدوبوليس لذلك‬
‫جيب ان تناديين نيكوالس ‪ ،‬ايهما ختتارين‬
‫‪.‬‬
‫قال ذلك وهو يدعي اجلدية اليت مل تبد‬
‫علي نظراته‬
‫فارحتت كاترين له وشعرت ان عبئا ثقيال‬
‫انزاح عن قلبها اذ وجدت الشخص‬
‫الذي ميكنه التحدث اليه وتفتح قلبها له‬
‫‪:‬‬
‫‪ -‬اشكرك اي سيد نيكوالس ‪.‬‬
‫مث لثم اصابعها اثنية قائال ‪-:‬‬
‫كم كنت اود ان احضر ملقابلتلك و‬
‫اقلك ابلطائرة ايل جزيرتنا ‪.‬‬
‫بدا كأنه ال يتعجل النضمام ايل ابقي‬
‫العائلة مث اكمل حديثه قائال ‪-:‬‬
‫ولكن ستيفان رفض ومنعين من ان احظي‬
‫بذلك الشرف ‪.‬‬
‫وشعرت كاترين ان ال حق هلا يف الوقوف‬
‫يف البهو و التحدث ايل نيكوالس ‪،‬‬
‫السيما ان ستيفان اكد عليها سرعة‬
‫النزول للعشاء مع االسرة ‪ .‬لكنها‬
‫اراتحت ايل نيكوالس بعفويتها اذ كان‬
‫شهما لطيفا يبشر بلقاؤه بقضاء وقت‬
‫سعيد معا ينعمان بصحبة طيبة ‪ ،‬ومن‬
‫انحية اخري مل تكن يف عجلة للقاء اخيه‬
‫البكر مرة اخري ‪.‬‬
‫مث استطرد يقول وهو يتصنع اجلدية و‬
‫عينياه تنمنان عن عكس ذلك ‪ -:‬اان‬
‫نقمة علي كل من يف االرض ومن يف‬
‫السماء ‪ ،‬هذا ما يقوله ستيفان دائما ‪.‬‬
‫وقد هناين عن قيادة الطائرة حيت اتعلم‬
‫املزيد من ضبط النفس ‪.‬‬
‫قال ذلك وهو يشري بيديهما مبا يدل‬
‫عليه كالمه ‪.‬‬
‫فابتسمت كاترين مؤاسية له ‪ ،‬كانت‬
‫تستطيع ان تتخيل السبب الرئيسي هلذه‬
‫احملاضرة اليت القاها عليه اخوه ‪ ،‬لكنها‬
‫تساءلت اذا كان خيضع نيكوالس ألخيه‬
‫االكرب مثل غريغوري ؟ ان ستيفان‬
‫ميدوبوليس لن يرتدد فقط يف القبض علي‬
‫مقبض السوط بل لن يرتددايضا يف‬
‫استعماهلو الضرب به اذا لزم االمر ‪.‬‬
‫وسألته كاترين تلقائيا ‪-:‬‬
‫هل تطيع االوامر دائما ؟‬
‫لكنها عجبت كيف جترأت و القت هذا‬
‫السؤال الشخصي عليه وهو شخص‬
‫غريب مل تره من قبل ومل تقابلع اال يف‬
‫هذه الليلة ‪.‬‬
‫اما نيكوالس فلم يهتم لذلك بل هز‬
‫كتفيه العرضيت بال اكرتاث وقال ‪ -:‬من‬
‫االوفق اطاعة اوامر ستيفان كما ستتعلمي‬
‫يف املستقبل ‪.‬‬
‫فقطبت حاجبيها واجابت ‪ -:‬ليس لدي‬
‫النية ان اتعلم مثل ذلك ‪.‬‬
‫قالتها حبدة ‪ ،‬فاقرتاحه هذا فاجأها وكان‬
‫صدمة قاسية هلا جعلتها تتساءل ‪ ،‬ملاذا‬
‫يتصرف اجلميع كأهنا جاءت ايل هذه‬
‫اجلزيرة للبقاء ؟‬
‫ونظر ايل شعرها النحاسي الالمع وضحك‬
‫ضحكة هادئة وقال برقة ‪-:‬‬
‫انت شعلة انر ورمبا امكنك السيطرة علي‬
‫ستيفان ولكن ليس هذا سهال فهو رأس‬
‫العائلة وسيد اجلزيرة ‪ ،‬ولن جيرؤ احد ان‬
‫يتحداه حيت انت ايتها املتمردة احلسناء ‪.‬‬
‫مث افاقا ايل نفسيهما عند مساع صوت‬
‫الباب يفتح و خيرج منه ستيفان الذي‬
‫وقف برهة عابسا عندما رآمها معا ‪ ،‬مما‬
‫جعل نبض كاترين يسرع خوفا ‪ ،‬األمر‬
‫الذي اعتربته شيئا ابلغ الغرابة مث قال‬
‫غاضبا ‪-:‬‬
‫اننا ننتظركما للعشاء ‪ .‬وانت تعرف هذا‬
‫جيدا اي نيكوالس ‪.‬‬
‫فرد نيكوالس بلهجة التحدي قائال و‬
‫عيناه تربقان خببث ايل كاترينا ‪ -:‬نقوم‬
‫ابجراء التعارف ومل نقصد أتجيل العشاء ‪.‬‬
‫ورد عليه ستيفان ‪ -:‬اذا مت هذا التعارف‬
‫فاحلقا بنا اود ان اقدم االنسة غراجنر ايل‬
‫ابقي العائلة قبل الطعام ‪.‬‬
‫اجابت كاترين معتذرة قائلة ‪-:‬‬
‫اسفة ألنين جعلتكم تنتظرون ‪.‬‬
‫ولكن ساءها ان تعتذر له بلهجة اخلضوع‬
‫‪ ،‬ذلك ألن هذا الرجل ميلي علي غريه‬
‫طاعته فيطاع ‪ .‬وعندما التقي نظرها بنظر‬
‫نيكوالس تذكرت اهنا تعهدت اال ختضع‬
‫ألوامر هذا الرجل كاآلخرين ‪.‬‬
‫‪ -‬هيا ‪..‬‬
‫قال ستيفان و تقدمهماايل القاعة كانت‬
‫هذه الكلمة كافية ألن جتعل كاترين تتبعه‬
‫وخلفهما نيكوالس وحي تفتح الباب‬
‫حملت كاترين السيدات الثالث يف مالبس‬
‫سهرة الطويلة ‪ ،‬يتحلي أبغلي اجملوهرات‬
‫وهن يف قمة االانقة ‪.‬‬
‫وادهشها منظر الغرفة كما دهشت ملنظر‬
‫البهو من قبل ‪ ،‬فالغرفة مستطيله و‬
‫شقفها عال و تنريها مصابيح كبرية‬
‫مشغولة من الذهب املتموج ‪ .‬مما يضفي‬
‫عليها تلك اللمسة الشرقية اليت وجدهتا‬
‫يف غرفة نومها من قبل و حازت اعجاهبا‬
‫‪.‬‬
‫شعرت كاترين كأهنا ال تنتمي ايل كل هذه‬
‫الفخامة ‪ ،‬فاالاثث الثمي ومالبس النساء‬
‫الرمسية جعلتها تبدو بثوهبا االصفر‬
‫البسيط كأهنا عصفور كنار يف مكان مليء‬
‫ابلطواويس ‪.‬‬
‫نظرت السيدات اليا ابهتمام وهي تتبع‬
‫ستفيان فودت من كل قلبها لو اهنا‬
‫ارتدت ثواب رمسيا مناسب ‪ ،‬وبدا ستيفان‬
‫نفسه مهيبا مبالبس السهرة السوداء و‬
‫القميص االبيض املزكرش و كان بنطلونه‬
‫االسود انيقا اظهر عضالت ساقيه‬
‫الطويلتي بقوة و تناسق ‪.‬‬
‫ووقف ستيفان يقدم كاترين ايل والدته ‪.‬‬
‫كانت كاترين قد مسعت من ماراي ان‬
‫السيدة ميدوبوليس تركية االصل‬
‫والحظت اهنا مسراء يفوق لوهنا مسرة‬
‫اوالدها ما عدا ستيفان الذي ورث عن‬
‫والدته تلك السمات الشرقية والحظت‬
‫كاترين ان شيئا ما يف السيدة ميدوبوليس‬
‫يذكرها مباراي ‪ .‬وان عينيها السوداوين‬
‫النفاذتي تكسر فيهما نظرة عطف هادئة‬
‫اراتحت كاترين كثريا ‪ .‬وكانت تتمتع‬
‫هبدوء البال و لطمأنينة خبالف بية افراد‬
‫اسرهتا الذين يتصفون ابلعصبية وحدة‬
‫الطباع ‪.‬‬
‫احنت السيدة رأسها لكاترين مرحبة‬
‫وامسكت بيدها لفرتة بينما راحت‬
‫تتفحصها مث قالت ‪ -:‬اشكر لك‬
‫اصطحاب حفيديي ‪.‬‬
‫قالت ذلك بصوت حاد ولكنة اجنبية‬
‫واضحة‪.‬‬
‫وعضت كاترين شفتيها فاالول مرة‬
‫تصدمها حقيقة قلدها بول و اليكس و‬
‫سالت نفسها هل ميكنها يف التفكري يف‬
‫تركهما بدون ان تذرف الدموع وردت‬
‫قائلة ‪ -:‬امتين ان يكوان سعيدين هنا كما‬
‫كاان معي اي سيدة ميدوبوليس ‪.‬‬

‫ومدت السيدة يديها فجأة بيديها و‬


‫قبضت علي يدي كاترين جبنان و قالت‬
‫‪ -:‬ال داعي للشعور ابحلزن جملرد تغيري‬
‫وطنك اي طفليت الصغرية ‪.‬اان متأكدة انك‬
‫سوف تشعرين ابلسعادة هنا ‪.‬‬
‫واعقب ذلك صمت كاد يكون ملموسا‬
‫نظرت كاترين بعده ايل ستيفان فلمحته‬
‫يهز رأسه لوالدته وقد بدت عليه االسي‬
‫ال الغضب مث عادت تنظر ايل الوالدة‬
‫فوجدهتا غضت نظرها وقالت كاترين ‪-:‬‬
‫سيديت ال اظن انك ‪...‬‬
‫ولكن ستيفان قال هلا لكي يغري جمري‬
‫احلديث ‪.‬‬
‫‪ -‬تفضلي‬
‫وامسك بذراعها يقودها بعيدا عن امه‬
‫لكن كاترينا قاومته للحظة ونظرت اليه‬
‫عاسة مث قالت ‪ -:‬ال افهم ذلك ‪...‬‬
‫لكنه قاطعها قائال بربود ‪ -:‬لقد اخربتك‬
‫من قبل ان هناك اشياء جيب مناقشتها‬
‫معك ‪ .‬واآلن تعايل ألعرفك بباقي افراد‬
‫االسرة و لنرتك املناقشة حلينها ‪.‬‬
‫ومل يكن بوسعها عمل اي شيء امام هذا‬
‫االصرار ‪ ،‬فهي ال تريد ان تسب اشكاال‬
‫‪ .‬وفجأة رأت نفسها تواجه امراة مجيلة‬
‫طويلة القامة مسراء هلا عينيان سوداوين‬
‫حزينتان ابلرغم من االبتسامة اليت تداعب‬
‫شفتيها و مسعت ستيفان يقول ‪ -:‬هيلي‬
‫! اهنا االنسة كاترين غراجنر ‪ ،‬وهيلي‬
‫زوجة اخي غريغوري ‪ ،‬كانت تعرف والدك‬
‫‪.‬‬
‫شعرت كاترين ان هناك معين وراء تلك‬
‫العبارة االخرية ‪ ،‬فردت عليه كاترين وهي‬
‫ترثي حلال هيلي ‪ -:‬ظنتت اكم مجيعا‬
‫كنتم تعرفون والدي ‪.‬‬
‫وشعرت ابلعطف علي تلك املراة لسبب‬
‫ال تعرفه ‪ ،‬فهي مجيلة و غنية و متزوجة‬
‫بذلك الشاب الشهم اللطيف ‪ ،‬غريغوري‬
‫‪ .‬ومل يكن هناك ما يدعوها ألن تعطف‬
‫عليها اال اهنا زوجة اخ ستيفان‬
‫ميدوبوليس الذي قال ‪-:‬‬
‫نعم كنا نعرفه مجيعا ‪.‬‬
‫وابعدها عم زوجة اخيه ابلقوة اليت ابعدها‬
‫هبا عن امه ‪ .‬يد ستيفان اليت كانت تقود‬
‫كاترين ايل افراد العائلة للتعرف عليهم‬
‫اقلقتها وودت لو ابعدهتا عنها ووضعت‬
‫صاحبها عند حده لكن القول و الشيء‬
‫و الفعل شيء اخر عند التعامل مع‬
‫شخص مثل ستيفان ‪.‬‬
‫وجاء دور غريغوري فابتسمت له مث‬
‫واجهت املرأة اليت كانت جتاوره فوجدهتا‬
‫حتمل كأسا نصفها ممتليء ابملشروب‬
‫الوطين و تربق عيناها كلما نظرت ايل‬
‫ستيفان وبدت لكاتي متوترة تعسة ايل‬
‫حد ما و تنم قسماهتا عن معاانة جعلت‬
‫كاترين ترثي حلاهلا ‪.‬‬
‫وقدمها ستيفان بصوت ابرد ورنة رمسية‬
‫قائال ‪ -:‬ابنة عمنا ‪ ..‬الينا اندرايس‬
‫ورجعت ذاكرة كاترين ايل الوراء عند‬
‫مساعها ذلك االسم فتذكرت ان ماراي‬
‫اخربهتا مرة أبن احد ابناء عمومتهم كان‬
‫يطمع ان يري ابنته زوجة لستيفان ‪،‬‬
‫وذلك ابلرغم من ان ماراي كانت ال تطلع‬
‫احدا علي اخبار اسرهتا لكن يبدو ان‬
‫تلطعات والد الينا مل تتحقق‪ ,‬فلم جتد يف‬
‫اصبعها خامت الزواج والحظت الينا‬
‫افرطت يف الشراب الشيء الذي دهشها‬
‫‪ .‬فهي تدرك صرامة تقاليد ابلنسبة ايل‬
‫العائالت اليواننية حنو نسائها ‪ .‬والحظت‬
‫كاترين ان نظراهتا كانت تتجه دائما ايل‬
‫ستيفان و ان اليد اليت اخدت يد كاترين‬
‫كانت ترتعش‬
‫كان علي كاترين ان هتي هذا التعارف‬
‫بسرعو و مرة اثنية كانت يد ستيفان‬
‫توجهها حنو الباب وهي تتبع بقية افراد‬
‫االسرة و عندما جاء دور نيكوالس‬
‫استوقفه ستيفان قائال ‪ -:‬نيكوالس‬
‫اصطحب كاترين معك وارجو ان تتذكر‬
‫اهنا ضيفة علينا ‪.‬‬
‫فرد نيكوالس وقد بدا وميض ضحكة يف‬
‫عينيه ‪ -:‬بكل أتكيد ‪.‬‬
‫وابتسم نيكوالس هلا مث غمز ومد ذراعه‬
‫فتأبطته وهو يقول هامسا ‪ -:‬هل ندخل‬
‫ايل العشاء ؟‬
‫ولوال وجود نيكوالس جبانبها ملا امنكنها‬
‫احتمال فرتة الطعام فقد ارهقها كل ما‬
‫كان حييط هبا من فخامة و ترف حيت اهنا‬
‫تنفست الصعداء عند انتهاء الطعام‬
‫ابلفاكهة الطازجة اللذيذة ‪.‬‬
‫وبينما كانت تبتلع مثرة الفاكهة االخرية‬
‫شعرت كاترين بيد نيكوالس السمراء‬
‫تضغط علي يدها ووجهه يقرتب من‬
‫وجهها و يبتسم هلا ابتسامة غامضة تنم‬
‫عن شقاوة كامنة ورح حمببة ايل النفس‬
‫وهو يقول هلا هامسا يف اذهنا ‪ -:‬هل‬
‫تتنزهي معي يف احلديقة بعد العشاء ؟‬
‫وحبركة ال شعورية نظرت ايل اخيه البكر‬
‫الذي سبق ان حذره ااهنا ضيفة عندهم ‪.‬‬
‫ولكن نيكوالس مل يكن متحفظا مثل‬
‫ستيفان ومل حياول اخفاء املعاين الكامنة‬
‫وراء اقواله فدعوته هلا تفصح عما يكنه‬
‫هلا من اعجاب فقال هلا ‪ -:‬ضوء القمر‬
‫مجيل جدا يف اخلارج ‪.‬‬
‫لكنها ردت عليه قائلة ‪ -:‬بكل أتكيد‬
‫ولكين لن اذهب جملرد النزهة ‪ ،‬ستيفان‬
‫قال ان هناك اشياء يود مناقشتها معي‬
‫بعد العشاء ‪.‬‬
‫هز نيكوالس كتفيه حبركة تدل علي عدم‬
‫االهتمام ابخيه الصارم وقال ‪ -:‬ال هتتمي‬
‫بستيفان فهو يعرف اين جيدك عندما يريد‬
‫ذلك ؟‬
‫غادر اجلميع املائدة ووقفو يتحدثون‬
‫بلغتهم اليواننية اتركي كاترين لينكوالس‬
‫فابتسمت له قائلة ‪ -:‬رمبا امكنين اخلروج‬
‫معك قليال ايل احلديقة و التنزه بضوء‬
‫القمر ‪.‬‬
‫كانت ابتسامته دليال علي انه كان يتوقع‬
‫منها ذلك اذ تعود ان ميلي ارادته علي‬
‫اجلنس االخر فيطاع ‪.‬‬
‫أتبط ذراعها وقرب وجهه االمسر من‬
‫وجهها ‪ ،‬كلما مال عليها ليكلمها برقة ‪.‬‬
‫ومل تر كاترين مجاال مثل مجال تلك الليلة‬
‫‪ .‬توسط السماء قمر اصفر كبري يطل‬
‫علي حبر لونه بنفسجي غامق وبدت‬
‫االشجار الداكنة وكأهنا دانتيل تشف‬
‫السماء املضيئة من ورائها وكان عبري‬
‫اليامسي وغريه من الزهور يعبق يف اجلو‬
‫الساكن كل ذلك جعل اجلو مشحوان‬
‫ابخلطورة يف صحبة ذلك الشاب الساحر‬
‫نيكوالس ميدوبوليس ‪ .‬وسارا خالل‬
‫االشجار الكثيفة حيث سادت الظلمة ‪.‬‬
‫وكان القمر يطل عليهما من كل ثغرة بي‬
‫االغصان املتشابكة ‪ .‬البحر حييط هبا و‬
‫تتنهد امواجه اهلادئة عند ملسها الشاطيء‬
‫الذي كان يصل ايل حافة االشجار ‪.‬‬
‫وكان مجال احلديقة رائعا جعل كاترين‬
‫ترغب يف البكاء لكن مل يكن وحده‬
‫السبب اذ كانت تشعر ابلتعب و‬
‫ابلعواطف املتابينة بعد كل ما مرت به من‬
‫خالل ذلك اليوم الطويل املشحون ابلتغري‬
‫الشامل ‪.‬‬
‫وكانت فرصو وجودها يف هذا املكان‬
‫اجلميل وبصحبة ذلك الشاب اجلذاب‬
‫شيئا متنت له ‪ ،‬لكن يف الوقت نفسه كان‬
‫تسيم اخويها اليكس و بول ايل ويل مرمها‬
‫اجلديد شيئا لن تقوي علي احتماله ‪-:‬‬
‫هل انت حزينة ؟ ‪.‬‬
‫سأهلا نيكوالس هامسا فهزت رأسها انفية‬
‫مع انه كان يعلم مدي أتملها لالفرتاق عن‬
‫اخويها مث قالت وهي تبتسم ‪ -:‬كيف‬
‫اكون حزينة و اان حماطة بكل هذا اجلمال‬
‫الذي مل احلم مبثله ‪.‬‬
‫فابتسم وملعت اسنانه البيضاء وقال‬
‫يطمئنها ‪ -:‬ستطيب لك احلياة هنا ‪.‬‬
‫عبست كاترين لسماعها هلجة التاكيد‬
‫هذه ‪ ،‬كأنه اعترب بقاءها معهم مثل‬
‫الطفلي قضية مسلما هبا فقالت ‪ -:‬ال‬
‫افهم ملاذا تفكر انت و السيدة‬
‫ميدوبوليس انين سوف ابقي هنا ؟‬
‫ونطرت ايل و شعرت بتوتر ذراعه اليت‬
‫كانت تسندها‬
‫‪ -‬نيكوالس ‪.‬‬
‫ومسعت كاترين صوات معروفا جعل قلبها‬
‫خيفق خوفا لوصول صاحبه فجأة فالتفت‬
‫نيكوالس و قد بدا منزعجا ألنه ادرك ان‬
‫احتكاره هلا وصل ايل النهاية مث قال وهو‬
‫يضحك ! ‪ -:‬ارايت سبق ان قلت لك‬
‫انه سوف جيدك عندما يريد ذلك ‪.‬‬
‫‪ -‬اغرب يف حمادثة االنسة غراجنر علي‬
‫انفراد ‪.‬‬
‫قال ستيفان من غري ان يري مربرا ملشاورة‬
‫كاترين يف االمر ‪ ،‬فضغط نيكوالس علي‬
‫ذراعها و ابتسم و قال هلا ‪ -:‬سوف اراك‬
‫اثنية اي كاترين ‪.‬‬
‫نظرت كاترين اليه وهو أيخذ طريقه عائدا‬
‫ايل املنزل ‪ ،‬وشعرت ابالسف ليس فقط‬
‫ألهنا حرمت من صحبته اللطيفة ولكن‬
‫ألهنا ايضا كانت ختاف ستيفان و البقاء‬
‫معه مبفردها ‪ ،‬ومل تفكر حلظة انه قد‬
‫يتقرب منها كما كان يفعل نيكوالس لكنه‬
‫كان يشعرها ابلضالة وعدم االرتياح معه‬
‫و كانت عواطفها هذه تقلقها و مسعته‬
‫يسأهلا هبدوء ‪ -:‬هل تفضلي الرجوع ايل‬
‫املنزل للتحدث هناك ؟ ‪.‬‬
‫و استغربت كاترين ان يشاورها يف االمر‬
‫فردت عليه وقدبست انفاسها وهي ال‬
‫تصدق اذنيها !‬
‫‪ -‬ال ال هذا شي ال يهم اطالقا‪.‬‬
‫وظل حلظة ينظر اليها بعينه السوداوين‬
‫الالمعتي يف الضوء االصفر مث سأهلا يف‬
‫صوت هادئ ‪ -:‬هل تعدي اخي حدود‬
‫اللياقة معك ؟‬
‫فهزت كاترين رأسها نفي قائلة ‪ -:‬طبعا‬
‫ال ‪ ،‬ال ‪.‬ارتسمت علي فمه الواسع‬
‫املستقيم وكأنه وجد ردها السريع‬
‫مضحكا مث قال ‪ -:‬ألنك ال تعرفي‬
‫نيكوالس جيدا واال ما نفيت هذا االهتام‬
‫بشدة ‪.‬‬
‫ونظرت كاترين ايل اجلهة االخري و بدا‬
‫شعرها يف ضوء القمر غامقا كشعره و‬
‫قالت برقة ‪-:‬‬
‫نيكوالس يروق يل ‪ ،‬فهو رقيق معي دائما‬
‫‪.‬‬
‫ورد هبدوء ‪ -:‬نعم ‪ ...‬ألنك امرأة شابة‬
‫ومجيلة جدا واآلن لتبدأ يف مناقشة‬
‫املاسئل اليت جيب البث فيها ! ‪.‬‬
‫و استدرات كاترين ونظرت اليه مرة‬
‫اخري وهي أتمل لو متاسكت ومل تبك‬
‫لبقاء الطفلي يف كنف ذلك الرجل مث‬
‫قالت ‪ -:‬ليس هناك ما تناقشه اي سيد‬
‫ميدوبوليس‬
‫‪ -‬بل اظن العكس ‪.‬‬
‫مث ادارها حيت تواجه البحر الذي راح‬
‫يهمس ايل الشاطيء أبمواجه املتدفقة‬
‫هبدوء علي الرمال ‪ .‬وغشتها حلظة شعرت‬
‫فيها بسحر املكان الذي هدأ من نفسها‬
‫ولكنه ااثرها يف الوقت نفسه مث قالت له‬
‫‪ -:‬اذن نبقي هنا ‪ .‬اذا كان هذا ال‬
‫يضايقك و اذا شعرت ‪...‬‬
‫الواقع ان التعب الذي انهلا وفكرة تسليم‬
‫الولدين هلذا الغريب القاسي كان اقوي مما‬
‫تتحمله ‪ .‬فعضت علي شفتيها و غطت‬
‫نظرها سحابة من الدموع فسأهلا ستيفان‬
‫‪ -:‬مباذا شعرت انسة غراجنر ؟‬
‫ومل يبد يف صوته نفاذ الصرب الذي كانت‬
‫تتوقعه فمسحت كاترين عينيها و رافعت‬
‫رأسها ‪ .‬كانت قد اقسمت اال تبدي اي‬
‫أتثري عندما حيي الوقت لتسليم الصبيي ‪.‬‬
‫وكان يف وسعها ان حتفظ ذلك القسم لوال‬
‫اصرار ستيفان علي مناقشة املوضوع‬
‫ابسهاب وبكل تفاصيله ‪.‬‬
‫‪ -‬هل تبكي انسة غراجنر ؟ ‪.‬‬
‫سأهلا ستيفان هذا السؤال بصوت هامس‬
‫و نظر يف عينيها و رأي الدموع متألمها و‬
‫شعرت أبنفاسه احلارة تلهب خديها و‬
‫فقالت له ‪ -:‬اقسمت اال ابكي ابدا ‪.‬‬
‫وحيسن ان احزم حقائيب و ارحل دون ان‬
‫انظر خلفي ‪.‬‬
‫فرد عليها هبدوء قائال ‪ -:‬كل هذا ال‬
‫ضرورة له ‪.‬‬
‫نظرت اليه كاترين بسرعة ووجدت‬
‫قسماته اكثر قسوة يف ضوء القمر‬
‫االصفر الكبري و عينيه السوداوين‬
‫العمقيتي بال قاع كالليل نفسه فهو رجل‬
‫لن يفهم عواطفها ‪ .‬وحتما سوف حيتقرها‬
‫اذا ضعفت و بكت و اظهرت اي نوع‬
‫من العواطف ‪.‬‬
‫مث قالت له بصوت ضعيف ينم عن مدي‬
‫أتثرها وفرط انفعاهلا ‪ -:‬اين احب اليكس‬
‫و بول و ليس كأخوين فقط بل ألنين‬
‫ربيتهما خالل السنوات االخرية و اشعر‬
‫اهنما طفالي ‪ .‬اهنما قطعة من نفسي وال‬
‫ميكنين االنفصال عنهما ‪.‬‬
‫‪ -‬اذن ملاذا تفكرين يف تركهما ؟‬
‫وطرقت عينا كاترين حلظة و تساءلت ‪..‬‬
‫تري هل حتلم او اهنا مل تسمع كلماته‬
‫جيدا فهو حتما ال يعين ما قاله هلا ! و‬
‫قالت بصوت خمتلج ‪ -:‬ال افهم شيئا ‪.‬‬
‫‪ -‬اظن ان عائليت اوضحت لك ذلك مبا‬
‫فيه الكفاية ‪.‬‬
‫وشعرت ان صربه ينفذ ‪ ،‬مث ابتعد عنها و‬
‫استند علي احدي اشجار السرو النحيلة‬
‫اليت بدت داكنة حتت مساء الليل ‪ .‬وقال‬
‫‪ :‬قررت ان تبقي ايضا معهما هنا حيت ‪-‬‬
‫حيت يتعودا علي احلياة ‪.‬‬
‫وكانت كاترين تعلم يف قرارة نفسها انه‬
‫يعين شيئا اخر ولكنها مل جترؤ علي اجلهر‬
‫به ‪ .‬فخفق قلبها ومل تدر تفسري لذلك ‪.‬‬
‫هل هو امل ام توتر او خماوف من اشياء‬
‫اخري و مسعته يقول بططريقة واقعيه‬
‫هادئة ‪ -:‬اعلم انك وحيدة يف احلياة ال‬
‫اهل لك ‪ ،‬وانت صغرية ال يليق بك ان‬
‫تعيشي مبفردك يف العامل ولذلك سوف‬
‫تعيشي هنا مع اخويك ‪.‬‬
‫وهزت كاترين راسها وملعت عيناها‬
‫اخلضروان الوسعتان وهي تنظر اليه وتقول‬
‫يف صوت هامس ‪ -:‬ولكن هل تقصد ان‬
‫تكون ويل امري ايضا ! هذا ال معين له ‪.‬‬
‫و بعد حلظة وافق قائال ‪ -:‬طبعا هذا ال‬
‫معين له ‪ .‬ولكنك حتاجتي ايل منزل يؤويك‬
‫وعلي حد قولك انك مثل االم ألخويك‬
‫‪ .‬فان ابسط حل هو ان تبقي معهما‬
‫وسوف تعين بك مما جيعل الطفلي‬
‫يسعدان ‪ ،‬رتبت االمر ألحضار ابقي‬
‫امتعتك ‪ ،‬وسوف جتدين احلياة هنا طبية‬
‫كحياتك يف لندن ورمبا اسعد منها ‪.‬‬
‫فنظرت اليه كاترين وهي ال تقوي عي‬
‫تصور مدي التغري الذي سيطرأ علي‬
‫حياهتا اذا عاشت بي افراد عائلة‬
‫ميدوبوليس ‪ ،‬وملاذا فكر ستيفان ااهنا‬
‫حباجة ايل من يعتين ها كأهنا طفلة صغرية‬
‫مثل الصبي ‪ ،‬مث هزت رأسها وقالت ‪-:‬‬
‫لست متأكدة من قبول هذا الوضع ‪.‬‬
‫فقطب حاجبيه و قال ‪ -:‬ال اري اية‬
‫مشكلة يف ذلك‬
‫وسارت قليال علي الشاطيء و تسرب‬
‫الرمل الناعم ايل حذائها املفتوح نعم‬
‫سوف تواجه مشاكل كثرية اوهلا نيكوالس‬
‫اذ سبق ان حذره ستيفان و نصحه‬
‫ابالحرتام يف معاملتها ‪ ،‬وكان واضحا انه‬
‫لن يسمح أبي تطور يف عالقتهما ‪ .‬االمر‬
‫الذي يكاد يكون مستحيال اذا بقيت‬
‫معهم ‪.‬‬
‫مث التفتت اليه مرة اخري وهو ما زال‬
‫مرتكزا علي شجرة السرو و بقامته‬
‫الطويلة النحيلة ‪ ،‬فبدا متزان متنبها مثريا‬
‫هناك يف ضوء القمر كتمثال امسر عمالق‬
‫‪ .‬مما جعلها تظن انه هو التخر سوف‬
‫يكون سببا مينعها من البقاء معهم و‬
‫العيش يف كنفهم مث قالت وهي تتنهد‬
‫وترفع يديها ايل وجهها ‪ -:‬يسعدين ان‬
‫ابقي هنا مع الصبي ‪.‬‬
‫والحظت ابتسامة خاطفة علي وجهه‬
‫كشفت عن اسنانه البيضاء عند اعرتافها‬
‫هبذا التسليم و قال هلا ‪ -:‬اذن ليس‬
‫هناك ما نناقشه بعد ذلك ‪.‬‬
‫مث ترك الشجرة ووقف منتصبا و قد بدا‬
‫اطول بكثري يف الظالل املتحركة ‪ ،‬و عيناه‬
‫تربقان كالفحم يف ضوء القمر ‪ ،‬وكانت‬
‫تفرتض ان ينتظرها لرتافقه ايل املنزل ‪،‬‬
‫ولكنها شعرت فجأة يف تلك اللحظة‬
‫بذلك االحساس الغريب أبهنا قد سبق هلا‬
‫رؤيته من قبل فسألته ‪ -:‬اين رأيتك قبل‬
‫اليوم ؟ ‪.‬‬
‫قالت ذلك بصوت هامس حائر وهي‬
‫مرتقبة رده فلم يرد لتوه بل وضع يده يف‬
‫جيبه واخرج سيكارخ اخذ يشعلها بتمهل‬
‫مث رد عليها قائال ‪ -:‬مل اتوقع انك سوف‬
‫تتذكرينين ‪ ،‬ففي العام الفائت كنت يف‬
‫صحبة بعض الزائرين ملتحف االاثر‬
‫االغريقية يف برمنغهام ‪ .‬اليس كذلك ؟‬
‫‪ -‬نعم بكل أتكيد ‪.‬‬
‫وفجأة اجنلت هلا احلقيقة ولكن عجبت‬
‫كيف ظل يذكرها ايل اآلن ‪.‬ذهبت مع‬
‫صديقة يل ايل املتحف اتركة اخوي يف‬
‫رعاية والدهتما ‪.‬‬
‫‪ -‬كنت قد اعرت املتحغ بعضا من قطعي‬
‫الفنية و اذكر ان قدمك زلت و كدت‬
‫تسقطي علي السلم ‪.‬‬
‫واومات كاترين براسها و تذكرت تلك‬
‫السواعد القوية اليت اسرعت و منعتها من‬
‫السقوط علي سلم املتحف الرخامي و‬
‫تلك السمات السمراء القوية للرجل‬
‫الذي ميسك هبا ايل ان استعادت توازهنا‬
‫و تذكرت مداعبة صديقيتها هلا أبهنا مل‬
‫تستغل تلك الفرصة و نظرت كاترين اليه‬
‫و تضاربت مئات االحاسيس املختلفة يف‬
‫رأسها مث قالت ‪ -:‬مل اكن اعرفك وقتئذ ‪.‬‬
‫وقال برقة ‪ -:‬وال اان ‪.‬‬
‫وخفق قلب كاترين وهي تتذكر نظرة‬
‫الرتدد و التساؤل اليت استقبلها هبا يف‬
‫اول لقاء هلما يف هبو منزله مث جازفت‬
‫بسؤاله ‪ -:‬هل تذكرتين عند وصويل ؟ ‪.‬‬
‫وأومأ ققائال ‪ -:‬يل ذاكرة قوية لكل‬
‫الوجوه اليت رااها ‪ .‬كما ان لون شعرك‬
‫شيء مييزك ذائما ‪.‬‬
‫فابتسمت و قالت ‪ -:‬انكلرتا مليئة‬
‫ابعداد هائلة من ذوات الشعر االمحر ‪.‬‬
‫‪ -‬رمبا كان ذلك صحيحا ‪.‬‬
‫مث امسك بذراعها ليصطحبها ايل املنزل‬
‫خمرتقا االشجار الكثيفة وشعرت أبطراف‬
‫اصابعه تلمس جلدها برقة و استطرد ‪-:‬‬
‫ولكن ليس شعرك االمحر فقط هو الذي‬
‫مييزك اي انسة غراجنر ‪.‬‬
‫لكن كاترين مل حتاول الوصول ايل ما يعنيه‬
‫فلمسة اصابعه علي ذراعها كانت اكث‬
‫ااثرة من ضغط نيكوالس ‪ ،‬ولذلك سألت‬
‫نفسها مرة اخري هل من احلكمة البقاء‬
‫معهم دائما ‪.‬‬
‫‪ -3‬اجلواد العرب‬

‫وجدت كاترين ان احلياة يف منزل عائلة‬


‫ميدوبوليس مثرية للغاية ابلرغم من بعض‬
‫املتاعب املرتقبة اليت مل حتسب هلا اي‬
‫حساب ومن الواضح ان يطرأ علي حياهتا‬
‫تغري شاكل يف كل ما اعتادت عليه من‬
‫قبل ‪ ،‬كانت مثل الولدين منطلقة شغوفة‬
‫حبياهتا اجلديدة و شعرت كأهنا متضي‬
‫عطلة تروح فيها عن نفسها و تشارك‬
‫الطفلي سعادهتما و فرحهما و كاان‬
‫الصغريان يضحكان و يثرثران بال انقطاع‬
‫ومها سعدين مبنزهلما اجلديد و حياهتما‬
‫اجلديدة ‪.‬‬
‫وشعرت كاترين ان كاسيا ظنت ان‬
‫مساعدة هلا يف العناية ابلطفلي قد يكون‬
‫فيها بعض احلرج ‪ .‬لكنها مل تتخل عن‬
‫واجبها املعتااد حنومها ‪ .‬فهما حيتاجان‬
‫اليها االن اكثر من اي وقت حيت يشعرا‬
‫اهنما يف بيتهما واهنا ال تنوي التخلي‬
‫عنهما ابدا ‪.‬‬
‫‪ -‬ستقابالن جدتكما هذا الصباح ‪.‬‬
‫اخربت كاترين الولدين بذلك وهي متشك‬
‫شعر ول الذي التفت اليها وقد بدا القلق‬
‫يف عينيه الكربتي السوداوين و قال وهو‬
‫يقطب حاجبيه ‪ -:‬هل هي لطيفة ! ‪.‬‬
‫قال ذلك جبرأة و صراحة و القت كاترين‬
‫نظرة سريعة ايل املرأة اليواننية كاسيا لرتي‬
‫اذا فهمت السؤال ‪ ،‬لكن مل تظهر اي‬
‫اشارة من كاسيا تدل علي اهنا تعرف‬
‫االنكليزية ‪ .‬بل كل ما مسعته كان بضع‬
‫كلمات ابليواننية ‪ ،‬لكنها كانت دائمة‬
‫االبتسام سعيدة مبسؤوليتها اجلديدة‬
‫فخورة ابلطفلي ‪ .‬مما جعلها يطمئنان اليها‬
‫بعدما كاان ينفران و يبتعدان عنها و‬
‫يصران علي التعلق بكاترين و رأن كاترين‬
‫ان هذه عالقة طيبه ااتحت هلا ‪.‬‬
‫فردت كاترين عليه قائلة وهي حتاول ان‬
‫تطمئن بول ‪ -:‬اهنا لطيفة جدا ‪ ،‬فقد‬
‫قابلتها ليلة امس ووجدهتا سيدة رائعو‬
‫وسوف حتباهنا ‪.‬‬

‫‪ -‬وهل هي الطف من جدتنا سيمونز ؟‬


‫ومل تستطيع كاترين ان ختفي تقطيبه‬
‫االسف اليت بدت علي وجهها ‪ ،‬اذ كانت‬
‫اجلدة سيمونز جدهتا لوالدهتا وهي‬
‫الوحيدة اليت عرفها الطفالن ‪ .‬وكانت‬
‫ساخطة علي والد كاترين لزواجه الثاين‬
‫حيت اهنا كرهت طفليه ايضا لذلك‬
‫السبب فردت كرتين وهي تبتسم و تطمن‬
‫الطفلي الصغريين ‪ -:‬اهنا الطف بكثري‬
‫من اجلدة سيمونز ‪.‬‬
‫فسأهلا اليكس بينما كانت كاسيا متشط‬
‫شعره بشدة ‪ -:‬وهل ستحبنا ؟‬
‫هذه املرة ردت كاسيا بصوت رقيق فيه‬
‫لكنه قوية ذكرت كاترين بلكنة السيدة‬
‫ميدوبوليس اليت كانوا بتحدثون عنها‬
‫‪,‬وقالت تبتسم وتعد الطفلي مبحبة‬
‫جدهتما‪:‬‬
‫"جدتكما ستحبكما كثري"‬
‫مث أضافت كاسيا قائلة ‪:‬‬
‫"عاشت سنوات طويلة تتمين حفيدا هلا‬
‫‪"....‬‬
‫فابتسمت كاترين وهي تشعر ببعض‬
‫التقارب جتاه هذه املراة مث قالت ‪- :‬‬
‫واآلن جاء هلا حفيدان مرة واحدة ‪ ،‬و‬
‫عليكما ان تكوان مؤدبي جدا عند مقابلة‬
‫جدتكما ‪.‬‬
‫فأشارا برأسيهما مل يراتحا ‪ ،‬و خاصة‬
‫اليكس ‪ ،‬ملقابلة اليكس عدد من‬
‫االشخاص اجلدد دفعة واحدة و متنت‬
‫كاترين اال ترهق الطفلي بذلك كما‬
‫فكرت لن يوافق علي بقائها قرهبا دائما و‬
‫اخفاء واجهيهما يف ثوهبا مرة اثنية ‪ ،‬مث‬
‫شعرت كاترين ابلتفاؤل وهي تنظر طويال‬
‫اليهما و تتفحصهما لرتي مثرة عنايتها و‬
‫عناية كاسيا هبما و مث اخذت كاترين‬
‫يديهما يف يديها و قالت ‪ -:‬هل ننزل‬
‫اآلن لتناول االفطار ‪.‬‬
‫وللمرة الثانية اشارا ابال طاعة ووقفت‬
‫تراقبهما وهي فخورة هبما ‪ ،‬وكانت تتمتم‬
‫ببعض العبارات بلغتها اليواننية ‪ .‬فودت‬
‫كاترين لو كسبت كاسيا ايل جانبها‬
‫لتسهل هلا االمور و متهد هلا الطريق اذ‬
‫كانت واثقة ان هذه املراة هلا مكانة عند‬
‫ستيفان ‪ .‬ويف وسعها مساعدة الطفلي‬
‫كثريا يف العبور ايل حياهتما اجلديدة‬
‫بسهولة ‪ .‬فقد اقلقتها فكرة ‪ ،‬وعندما‬
‫أوت ايل فراشها السابح يف ضوء القمر‬
‫كانت تفكر وهي ال تصدق يف اقرتاح‬
‫ستيفان ان تبقي يف اجلزيرة ‪ ،‬اذ مل تعتربه‬
‫اقرتاحا بل تكلم عن املوضوع وكانه رسم‬
‫خطة و نفذها ‪ ، ..‬و قال ان امتعتها يف‬
‫طريقها من انكلرتا ذهلت عندئذ فلم تقو‬
‫علي االحتجاج !‬
‫وهناك الكثري جيب البث فيه عندما‬
‫تتمالك شعورها و تستطيع ان تعي معين‬
‫وجودها حتت سقف و محاية ستيفان و‬
‫العيش يف كنفه ‪ .‬يف أي حال ميكنها ان‬
‫تعترب بقاءها معهم فرتة ترويح عن النفس‬
‫تقضيها مث تذهب حلاهلا ‪ ،‬مهما تعارض‬
‫ذلك مع ما يدور يف خلد ستيفان ‪.‬‬
‫وكان الطعام االفطار معدا علي مائدة‬
‫تظللها اغصان حمملة بزهور بنفسجية‬
‫اللون ‪ .‬وجدت اربعة من افراد االسرة‬
‫سبقوها للجلوس هناك مما جعلها تتنفس‬
‫صعداء و تراتح لعدو وجوده ‪,‬‬
‫تصادف دخوهلا و اخويها مع دخول احد‬
‫اخلدم حيمل صينية خبز ساخن و زبد و‬
‫قهوة فاحت رائحتها الشهية فتنبهت‬
‫كاترين ملدى جوعها ‪.‬‬
‫وهب غرجيوري و نيكوالس واقفي مث‬
‫اسرع نيكوالس يضع مقعدا هلا جبانبهوهو‬
‫ينظر بعينه السوداوين ايل ثوهبا االصفر‬
‫الفاتح و يقول ابعجاب ‪ -:‬صباح اخلري‬
‫اي كاتي ‪ ،‬انك تبدين هذا الصباح مجيلة‬
‫ومن العجب انه مل يهتم ابليكس او بول‬
‫فهو مل ينظر اليهما و مل يتحدث معهما ‪.‬‬
‫والحظت كاترين ان نيكوالس يهتم فقط‬
‫ابلذين يهمه امرهم ‪ .‬فهما جمرد صغريين‬
‫ال يهمانه يف شيء و لذمل امهل وجودمهما‬
‫و جتاهل حضورمها ‪.‬‬
‫و يبدو ان غريغري راقه منظرها برغم ان‬
‫اعجابه كان اكثر حتفظا من اعجاب اخيه‬
‫‪ ،‬اان هيلي زوجته فحيتها ابمياءة صامتة‬
‫من رأسها و نظرت اليها بفضول ولكن‬
‫سرعان ما اشاحت بصرها ‪.‬‬
‫ومل اتبه كاترين بدعوة نيكوالس للجلوس‬
‫ايل جانبه و قادت الولدين ايل حيث‬
‫جلست جدهتما يف طرف املائدة و‬
‫تفحصت اجلدة الولدين لكنها وجهت‬
‫اوال احلديث ايل كاترين كما حيتم االدب‬
‫ذلك قائلة ‪ -:‬هل كان نومك هنيئا اي‬
‫انسة غراجنر ؟ ‪.‬‬
‫قالت كاترين وهي تبتسم ‪ -:‬نعم و‬
‫اشكرك اي سيدة ميدوبوليس ‪ ،‬فان غرفيت‬
‫مجيلة و مرحية ‪.‬‬
‫اان سعيدة بذلك ‪.‬‬
‫و اعربت السيدة العجوز عن سرورها و‬
‫قالت مؤكدة مرة اخري ‪ -:‬يسرين انك‬
‫جتدينها مرحية ‪.‬‬
‫مث التفتت ايل الولدين فقدمتهما كاترين‬
‫قائلة وهي حتثها علي االقرتاب من‬
‫جدهتما ‪.‬‬
‫هذا هو الكساندر اي سيديت ‪ .‬اليكس‬
‫‪ ...‬جدتك السيدة ميدوبوليس ‪.‬‬
‫متتم اليكس ابلتحية ووضع يده يف اليد‬
‫اليت امتدت االيه لكنه قاوم رغبتها يف‬
‫جذبه ايل جانبها و بسرعة قدمت كاترين‬
‫بول ايل جدته و كان بول اكثر جراة عند‬
‫مقابلة الغرابء فأخذت يده هتزها حمببه مث‬
‫جذبته بقرهبا فأحاطته بذراعيها ‪ .‬وكانت‬
‫حلظة مؤثرة ابلنسبة ايل جدهتم ‪ ،‬الحظت‬
‫كاترين ان الدموع متأل عينيها السودواين‬
‫بينما وقف الولدان جبانبها ‪ ،‬ألول مرة‬
‫يسمعاهنا هتمس بكلمات يف لغتها‬
‫االصلية ‪ .‬وبعد برهة احاط بول جدته‬
‫بذراه و راح ينصت ايل تلك الغة الغريبة‬
‫ابهتمام ‪ ،‬بينما تنهدت كاترين ارتياحا ‪،‬‬
‫واذا كان بول مستعدا لتقبل عائلته‬
‫اجلديدة فسرعان ما حيذو اليكس حذوه‬
‫كعادته دائما ‪.‬‬
‫وكان نيكوالس يتوقع ان يستمتع بصحبة‬
‫كاترين ابقي النهار لكنه صدم عندما‬
‫ابلغته اهنا تنوي التجول يف اجلزيرة مع‬
‫الولدين الستكشافها ‪ ،‬فخاب امله و‬
‫صمم علي البحث عن تسلية اخري بدال‬
‫من مرافقتهم ‪ ،‬مما ااثر حزن كاترين ‪ ،‬فهي‬
‫تراه شااب جذااب جذا ‪ ،‬و كانت تتمين ان‬
‫تكمل ما بداه الليلة املاضية من صحبة‬
‫مرحة ووقت مجيل ‪,‬‬
‫اخذت كاترين و الصبيان الطريق الذي‬
‫يبدأ من خلف الفيال ميدوبوليس مث يتعرج‬
‫بعد ذلك ‪ .‬و كان ثوهبا االصفر القصري‬
‫يعد ثقيال يف اشعة الشمس احلارة ‪،‬‬
‫وودت لو احضرت معها قبعة ‪ ،‬اما‬
‫الصبيان فكاان سعيدين جيراين و ميرحان‬
‫ومها يشعران اهنما يف بيتهما وكان من‬
‫الواضح اهنما أتقلما بسهولة مل تتوقعها ‪.‬‬
‫كانت جزيرة داكوليس مطوقة ابملياه طبعا‬
‫لكن هناك بعض املواقع ختيل ان فيها‬
‫البخر يبعد مسافة اميال و قد أتكدت‬
‫لكاترين ذلك ‪.‬‬
‫ووصلو فجاة ايل مكان مشكوف بي‬
‫االحراش و االشجار الكثيفة كانت‬
‫االشجار بزهورها اجلميلة و رائحتها‬
‫الذكية منها النخيل و الربتقال و الليمون‬
‫‪ ،‬كاالشجار املزرعة علي جانيب طريق‬
‫املطار و كان املكان بزهوره و الوانه و‬
‫رائحته املختلفة يوحي اليها اهنا يف اجلنة‬
‫غريبة تنسيها املان و املكان ‪.‬‬
‫مث افاقت كاترين و نظرت ايل ساتعا‬
‫بتعجب انه ميكن ألي انسان ان يتوه يف‬
‫جزيرة صغرية كهذه بسهولة ‪.‬‬
‫مل تكن داكوليس جزيرة صغرية كما ختيلت‬
‫‪ ,‬مما جعلها تفكر يف حجم ثروة ال‬
‫ميدوبوليس اخليالية ‪ ,‬فهم ميلكون جزيرة‬
‫اخري غري هذه اجلزيرة اجلميلة و اندت‬
‫علي الصبي ‪ ،‬وكانت مصممة علي‬
‫الرجوع قبل ان تتوغل يف اجلزيرة فتضل‬
‫الطريق ‪ ،‬ولكنها احلا يف البقاء‬
‫الستكشاف االشجار اليت حتيط بتلك‬
‫الرقعة املكشوفة ‪ .‬وكعادهتا مل ترفض هلم‬
‫ذلك الطلب و جلست علي االرض‬
‫الناعمة الدافئة تنتظرمها ‪.‬‬
‫مل حتضر كاترين نظارة كما مل حتضر قبعة‬
‫تقيها اشعة الشمس و لذلك اغمضت‬
‫عينيها لتتالف االضوء الشديد و‬
‫استندت علي يديها و القت برأسها ايل‬
‫الوراء فانساب شعرها االمحر النحاسي‬
‫علي كتفيها ‪ .‬وكان املكان هادائ يتخلله‬
‫حفيف االشجار و اصوات مبهمة من‬
‫النبااتت احمليطة هبا ‪.‬‬
‫كان املكان رائع اجلمال وال مشاكل‬
‫تقلقها هنا ‪ ،‬كما ان الطفلي سعيدان يف‬
‫مكاهنما اجلديد ولول مرة ودت البقاء‬
‫الدائم هنا ‪.‬‬
‫مث فتحت عينيها فجاة و تنبهت ايل ان‬
‫اصوات الوليدن مل تعد جزءا من‬
‫االصوات احمليطة هبا فهبت واقفة و‬
‫نظرت حوهلا و قلبها خيفق بال سبب ال‬
‫تظن ان هناك أي خطر عليهما يف هذه‬
‫اجلنة اهلادئة مع ذلك اندت ‪ -:‬اليكس‬
‫‪ ! ...‬بوول !! ‪.‬‬
‫كان صوهتها ضعيفا يف ذلك الوقت ‪ ،‬و‬
‫خفت هنائيا عند حافة االشجار فاذا كان‬
‫الصبيان ابتعدا مسافة كبرية لن ميكنها‬
‫متلكها اخلوف حلظة فالبحر قريب و‬
‫االطفال عادة يتهورةن عند تركهم علي‬
‫سجيتهم ‪.‬‬
‫مل تغفل كاترين سوى برهة لكنها كانت‬
‫كافية ليخرتقا االشجار ايل الطريق و من‬
‫هناك ايل البحر ابغرائه‬

‫جاذبيته و رأهتما كاترين قبل ان تغمض‬


‫عيتيها جيراين و خيتفيان بي االشجار‬
‫املوجودة علي اجلانب االخر من االرقعة‬
‫املكشوفة اليت جتلس علي رماهلا ‪ ,‬ةبدون‬
‫تردد هرعت غرب االرض الناعمة و قد‬
‫بدا القلق يف عينيها و اخذ قلبها خيفق‬
‫بي ضلوعها ‪.‬‬
‫و زادت ضرابت قلبها عندما كادت‬
‫تصدم جبسم ظهر من ظالل االشجار ‪،‬‬
‫فاطلقت صيحة ال شعورية و غطت فمها‬
‫بيدها و تراجعت وهي ال تقوي علي‬
‫حفظ توازهنا ‪،‬‬
‫وكان ستيفان مهيبا بقامته الطويلة فكيف‬
‫وهو ميتطي جواده االسود العرب ‪،‬‬
‫فنطرت االيه كاترين بعني بدا فيهما شيء‬
‫اقرب ايل اخلوف وهو ميسك اللجام بقوة‬
‫‪ ،‬كانت قسماته وجهه البدائية تبدو يف‬
‫ضوء النهار اكثر صرامة و صالبة ‪،‬‬
‫وخفق قلبها اكثر لو عرف اهنا مسحت‬
‫للطفلي ابلتوغل وحدمها يف اجلزيرة ‪.‬‬
‫‪-‬كاترين !‬
‫انداها ستيفان و تساءلت كاترين عن‬
‫السبب الذي جعله يناديها ابمسها جمردا ‪،‬‬
‫هل هو مافقتها علي البقاء معهم ام ان‬
‫املفاجأة ادت ايل هذه االلفة !‬
‫وكان قوامه الطويل املستقيم وهو جالس‬
‫علي اجلواد اجلميل رائعا‪ ،‬فبدا كأنه فارس‬
‫مغوار نسيت كاترين خوفها علي اخويها‬
‫حلظة و حل حمل اخلوف شعور اقلقها‬
‫فجعل نبضها يسرع يف عروقها و الدم‬
‫يصعد ايل وجنتيها ‪.‬‬
‫و كان ستيفان يرتدي بنطلوان عاجي‬
‫اللون ضيقا و جزمة بنية ‪ ،‬اما قميصه‬
‫قكان عاجي اللون ايضا شفافا يطبق علي‬
‫جسمه و يظهر كل حكرة من حركاته‬
‫عضالته وكان ينظر ايل كاترين و قد‬
‫ظهرت تقطيبة طفيفة بي حاجبيه‬
‫الداكنتي فتذكرت بسرعة اختفاء اخويها‬
‫و قالت له ‪-:‬‬
‫‪ -‬يدو انين فقدت الولدين ؟‬
‫‪ -‬ماذا ! هل فقدت الولدين ! ‪.‬‬
‫وأومات كاترين و قد بدا عليها احلزن‬
‫فازداد وجهه عبوسا و استطرد قائال ‪-:‬‬
‫البد ان جندمها يف احلال ‪ ،‬كانت محاقة‬
‫منك ان ترتكيهما يبتعدان عنك ‪.‬‬
‫و ترجل برشاقة عن اجلواد ونظر اليها‬
‫بصرامة ‪ ,‬فقد كاان عليها مرااقبة الولدين‬
‫خصوصا يف ذلك املكان الغريب ‪ ،‬وهي‬
‫تالم اشد اللوم اذا اصيبا أبي مكروه‬
‫لكنها مل تستسغ ذلك االسلوب الذي‬
‫اختذه للومها و ظهر االمتعاض علي‬
‫وجهها ‪.‬‬
‫‪ -‬اال تعرفي ان الشاطيء علي هذا‬
‫اجلانب من اجلزيرة صخري خطري ال‬
‫يقوي عليه اي سباح ماهر وال فرصة‬
‫لنجاة طفلي صغريين اذا فكرا يف‬
‫الذهاب قريبا من البحر ! ‪.‬‬
‫اعرتفت كاترين ‪ -:‬مل اكن اتصور اننا‬
‫قرب البحر ‪ ،‬خيل ايل اننا نبعد عنه‬
‫بضعة اميال ‪.‬‬
‫قال ستيفان و قد بدا انه حيتقر قلة‬
‫معلوماهتا ‪-:‬‬
‫املرء يكون دائما قريبا من البحر يف جزيرة‬
‫هبذه احلجم ‪ ،‬تعايل نبحث عنهما يف‬
‫اجلانب اجلنوب اوال ‪.‬‬
‫‪ -‬اذهب انت يف انحية و اان اختذ الناحية‬
‫االخري ‪.‬‬
‫اقرتحت عليه كاترين ذلك حيت ال تكون‬
‫يف صحبة رجل كان واضحا انه يعتربها‬
‫بلهاء مهملة ‪ .‬ومرة اخري ادانت العينان‬
‫السوداوان قلة معرفتها و قال ستيفان ‪-:‬‬
‫ال فائدة من ذلك اتيت توا من اجلهة‬
‫الشمالية مارا بكل الشاطيء فلم ار هلما‬
‫اثرا ‪ .‬تعايل فاننا نضيع الوقت ‪.‬‬
‫واعرتضت كاترين قائلة ‪-:‬‬
‫اان متأكدة اهنما مل يبتعدا كثريا فقد‬
‫اغمضت عيين لربهة قصرية فقط ‪.‬‬
‫نظر اليها ستيفان بينهما شق طريقهما‬
‫داخل االشجار و قال ‪ -:‬هكذا ! هل‬
‫كنت تنامي يف الشمس و ترتكي اخويك‬
‫بدون مراقبة ؟ ‪.‬‬
‫وزم فمه الواسع املستقيم و استطرد قائال‬
‫‪ -:‬من الطبيعي اال امسح لك ابخلروج‬
‫معهما بعد اليوم ألنك مل تتعهديهما‬
‫بعنايتك ‪.‬‬
‫فلمعت عيناها غضبا وهي حتث خطاها‬
‫لتلحق به و تتنفس بصعوبة و اعرتضت‬
‫حبدة ‪ -:‬ليس لك احلق ان تتهمين‬
‫ابالمهال ‪ ،‬اعتنيت هبما اكثر من ثالث‬
‫سنوات و لن ميكنك منعي من اخذمها‬
‫معي اذا اردت ذلك ‪.‬‬
‫واترفع حاجب االسود و ادار رأسه لينظر‬
‫اليها و قد زم فمه بصرامة و قال سرتين‬
‫انه ميكنين منعك ‪ ،‬فاان الوصي الشرعي‬
‫عليهما ‪ .‬واذا قلت انك لن خترجي‬
‫معهما بعد اليوم فهذا ما سيحصل ‪-‬هل‬
‫تفهمي ؟‬
‫وردت كاترين بسرعة و قد بدا الغضب‬
‫يف عينيها اخلضراوين ‪ -:‬لكنك لست‬
‫الوصي علي اان ‪ ،‬ز اذا اردت ان احتداك‬
‫لن تستطيع ان تفعل شيئا ‪.‬‬
‫توقف عن السري فجأة و التفت اليها‬
‫ينظر بغضب مما جعلها تشعر برجفة يف‬
‫ظهرها ورعشة غريبة يف اطرافها و قال‬
‫هبدوء خطر ‪-:‬‬
‫استطيع ان افعل الكثري اي كاترين كما‬
‫سوف ترين وذلك اذا نفذ صربي ‪ ،‬ليس‬
‫هناك من يتحداين و يهرب من عقاب ‪،‬‬
‫واان احذرك حيت تسري االمور بسهولة و‬
‫يسر ‪.‬‬
‫لن جتربين علي البقاء علي جزيرتك‬
‫امللعونة ‪.‬‬
‫زبدا حتديهما صبيانيا حيت يف نظرها‬
‫وشعرت ابخلجل عندما الحظت ابتسامة‬
‫خفيفة ظهرت علي ركن فمه عندما شعر‬
‫اهنا تتحداه ‪.‬‬
‫مث قال هلا هبدوء وهو خيطو بي االشجار‬
‫‪ -:‬انت غري جمربة علي البقاء هنا ابلطبع‬
‫‪ ،‬ميكنك العودة ايل انكلرتا ميت شئت‬
‫لكنين اعتقد انه يصعب عليك تفسري‬
‫سفرك املفاجيء ايل اخويك ‪ ،‬فهما لن‬
‫جيدا لذلك سببا ‪ ،‬وال انت ايضا ‪.‬‬
‫مل جتب كاترين ولو اهنا كانت تود ان تقول‬
‫الكثري لكنها لزمت الصمت الذي كان‬
‫يدل علي حتديها له و استيائه من اسلوبه‬
‫‪ ،‬وكانت حتاول ان تلحق به وهو يف‬
‫طريقه بي االشجار ليخرج ايل الطريق ‪،‬‬
‫فلم يكن الزمان وال املكان مناسبي‬
‫للدخول يف امور شخصية ‪.‬‬
‫وكان املكان مجيال فالوان الزهور ور‬
‫ائحتها الزكية و التفاف االشجار جعلت‬
‫عراكهما اشبه جبرمية ال تغتفر ‪ ،‬كل هذا‬
‫اجلمال ميلكه هذا الرجل الذي ميشي‬
‫امامها بقامته الطويلة القوية ‪ ،‬وجسمه‬
‫القوي يبدو بدائيامنطلقا كالنبااتت‬
‫حوهلما ‪.‬‬
‫و فجأة ظهر الطريق امامها ومن ورائه‬
‫مياه البحر االزرق الرباقة ومل يكن البحر‬
‫يف تلك البقعة ينساب هبدوء مثل انسيابه‬
‫جبانب املنزل ‪ ،‬بل كان يهدر متأللئا عند‬
‫اصطدامه ابلصخور الرمادية اليت تكون‬
‫الشاطئ يف هذا املكان ‪ .‬وجتمد الدم يف‬
‫عروق كاترين عندما رأت اخلطورة املكان‬
‫علي االطفال امثال اليكس و بول الذي‬
‫مل يتعودا هذه اجلهات و ادركت ان‬
‫ستيفاان كان علي حق عندما روعه امهاهلا‬
‫يف ترك الطفلي يبعدان عن نظرها ‪.‬‬
‫وصاح ستيفان يقول ‪ -:‬ارامها !!‬
‫وكانت كلماته قليلة و خمتصرة لكنها‬
‫جعلت كاترين تتنفس صعداء عندما‬
‫مسعت اصواهتما وودت ولو هرعت اليهما‬
‫ومهت تناديهما لوال يده اليت امتدت و‬
‫امسكت بذراعها بعنف فأسكتت‬
‫صيحتها وشلت حركتها نظرت اليه‬
‫متسائلة فرد عليها قائال بلهجة صامتة‬
‫‪ -:‬انتظري هنا ‪ ،‬سأذهب الحضارمها ‪.‬‬
‫‪ -‬ولكن ‪...‬‬
‫‪ -‬انتظري هنا ‪.‬‬
‫وكان هذا المر كافيا المتثاهلا ‪ ،‬لكنها‬
‫كانت متيل ايل حتديه او علي االقل ايل‬
‫ان تتبعه وهو ميشي مرعا حنو الشاطيء‬
‫الصخري ايل حيث يوجد الطفالن وكاان‬
‫يتسلقان الصخور اخلطرة اليت تبعد عن‬
‫كاترين و ستيفان بنحو مخسي قدما‬
‫بدون ان يالحظا قدوم كاترين او ستيفان‬
‫‪.‬‬
‫وبعد برهة رأي الطفالن ستيفان و عرفاه‬
‫فتسمرا يف مكاهنما عندما الحظا غضبه و‬
‫شعرا ان هذا الغضب منصب عليهما ‪.‬ومل‬
‫يكوان قد عرفا بعد مدي سلطته عليهما ‪،‬‬
‫ولكن كاترين اعتقدت اهنا سرعان ما‬
‫سيعرفان ذلك ‪.‬‬
‫ومل تسمع كاترين ما قاله ستيفان هلما لبعد‬
‫املسافة لكنها رأهتما يتسلقان الصخور و‬
‫يهبطان من القمة ايل حيث وقف ستيفان‬
‫ليساعدمها ‪.‬‬
‫ورأته ينحين و يكلم كل طفل علي حدة‬
‫و رأت الطفلي حيثان راسهما طاعة له ‪،‬‬
‫مث امتد نظرمها فرقع علي كاترين ‪.‬‬
‫واسرع بول اليها ووجه ينبء أبن لديه ما‬
‫يريد اخبارها به ‪ ،‬فتحت ذراعيها و‬
‫ابتسمت له ‪ ،‬لكنه كف فجأة عن اجلري‬
‫عندما مسع الصوت العميق االمر الذي‬
‫يتوقفه ‪.‬‬
‫توقف بول فجأة و التفت ايل ستيفان‬
‫بتعجب و خوف من ذلك االمر القاسي‬
‫‪ ،‬و فهمت كاترين نظرته املتسائلة و‬
‫التعجب الذي طرأ عليه وهو يلقيها من‬
‫عينيه السوداوين علي الرجل الذي اهناه‬
‫عن الركض اليها ‪ ،‬مل يتعودا بول منذ‬
‫حداثته ان يكلمه احد هبذه اللخجة‬
‫احلادة‪ ،‬وعضت كاترين شفتها وهي‬
‫تراقبهما ‪ .‬واعرتفت أبهنا ال تعرف شيئا‬
‫عن افكار وصيهما حول الطاعة و حسن‬
‫السلوط ‪ ،‬و اعرتاها اخلوف عندما‬
‫تصورته قاسيا جافا كما تتم قسماته ‪،‬‬
‫وصممت علي الدفاع عنهما مهما كلفها‬
‫المر ‪ ،‬وبصرف النظر عن اوامره اليها‬
‫بعدم التحرك اسرعت كاترين حنومها ومها‬
‫يتقدمان حنوها من جهة الشاطيء‬
‫الصخري ‪.‬‬
‫وابلرغم من تلم املسافة استطاعت كاترين‬
‫رؤية نظرة االسي اليت بدت علي‬
‫وجهيهما الصغرين ومها يسريان جبانب‬
‫ويل امرمها الصارم فتسألت كارين كيف‬
‫ميكنها الرجوع ايل وطنها و تركهما حتت‬
‫رمحته و قسوته اليت مل يتعودا مثلها من‬
‫قبل ‪.‬‬
‫و كان بول هو الذي ابتسم هلا اوال‬
‫ابستامة حذرة و عينناه الواسعتان‬
‫تناجياهنا ‪ ،‬ووجدت كاترين صعوبة يف‬
‫ضبط شعورها و قال هلا ‪ -:‬جرينا بعيدا‬
‫وحنن اسفان ‪.‬‬
‫مث نظر ايل الرجاللطويل الصارم جبواره‬
‫وردداليكس االعتذار نفسه و كأنه يردد‬
‫درسا ‪ -:‬حنن اسفان ‪.‬‬
‫واستنتجت كاترين اهنما تلقيا تعليمات‬
‫كي يعتذرا هلا ‪ ،‬ويبدو انه كان لكل واحد‬
‫نصيب من اللوم ‪ ،‬فقد القي ستيفان‬
‫حماضرة عن االخطاء للثالثة معا ‪.‬‬
‫‪ -‬اي احبائي ‪...‬‬
‫بدأت كاترين كالمها ومهت أبن أتخذمها‬
‫بي ذراعيها فشعورهاابحلمد لرؤيتهما‬
‫ساملي كان قواي ‪ ،‬لكنها رأت يدين‬
‫تقبضان علي ايديهما و تبعدانه عنها و‬
‫تتحكمان يف قيادمها ‪ ,‬و سار اجلميع يف‬
‫الطريق ايل املنزل بصمت و اسف لكن‬
‫كاترين الحظت ان الطفلي كاان يشعران‬
‫ابلفضول و التعاسة معا ‪،‬فيد الرجل‬
‫القوية املتحكمة كانت جتربة جديدة‬
‫عليهما ومل يكن شعورمها واضح جتاهها‬
‫لكنهما مل يقابال ذمل ابالعرتاض التام ‪.‬‬
‫مث قال ستيفان وهو يف طريقه عرب‬
‫االحراش متجها ايل الرقعة املشكوفة ‪-:‬‬
‫لن تذهبا الستكشاف اجلزيرة مرة اثنية اال‬
‫اذا كان معكما من يقدر علي مراقبتكما‬
‫مراقبة دقيقة و مستمرة ‪ .‬هل تفهماين ؟ ‪.‬‬
‫‪ -‬نعم اي سيد مد ‪ ..‬موب ‪..‬‬
‫وفشلت كل حماوالت اليكس يف نظق‬
‫االسم صحيحا ‪ .‬اما بول فلم حياول ذلك‬
‫‪.‬‬
‫‪ -‬اان خالكما ‪.‬‬
‫قال هلما ستيفان ذلك وهو ممسك هبما و‬
‫ينحين عليهما حيت ميكنهما فهمه ‪.‬‬
‫‪ -‬وجيب ان تنادايين خايل ىستيفان ‪ .‬هل‬
‫ميكنكما ذلك ؟ ‪.‬‬
‫واستغربت كاترين هلجته و سلوكه حنومها ‪،‬‬
‫اذ شعرت أبن هناك بعض االنسجام بينه‬
‫و بي الطفلي جعلها حتس بعيدة عنهما ‪.‬‬
‫وسبب ذلك هلا شعورا ابلوحدة و حاولت‬
‫اخفاء هذا الشعور بتناوهلا زهرة محراء‬
‫كبرية قطفتها من غصنها وابتت تنقلها‬
‫حول اصابعها ‪.‬‬
‫وكان اجلواد العرب املهيب يدق االرض‬
‫حبافره قلقا ‪ ،‬وااثر مظهره كثريا من االاثرة‬
‫و االعجاب ‪ .‬وكانت كاترين تشعر ابلعبد‬
‫عنهم برغم حماولة بول ضمها اليهم ‪،‬‬
‫فابتسمت ومل جترؤ علي ملس اجلواد‬
‫االسود احلريري خشية رجوعه ايل الوراء‬
‫ألقل حركة و صاحت قائلة بصورة تلقائية‬
‫‪ -:‬ال تقرتاب من اجلواد ‪.‬‬
‫عذرت كاترين الولدين فالتفت اليها‬
‫سيتفان و عبس يف وجهها و قال ‪-:‬‬
‫ليس هناك ما خيشي من اجلياد اذا كانت‬
‫حمكمة القيادة ‪.‬‬
‫قال هلا ذلك وقد نفذ صربه ‪.‬‬
‫‪ -‬لكنها مل يعتادا اخليل ‪.‬‬
‫وكانت كاترين ننخذ هلجة الدفاع دائما‬
‫االمر الذي مل يرق لستيفان ‪ -:‬كنت‬
‫اخشي ذلك ‪ ،‬فهل افهم ان احدا منهما‬
‫ال ميكنه الركوب ‪.‬‬
‫وكان سؤاله هذا صيغة التأيب فربقت‬
‫عيناها غضبا و ازاحت خصل شعرها‬
‫االمحر عن جبهتها و قالت وهي تنظر ليه‬
‫بغضب ‪.‬‬
‫‪ -‬مازاال صغريين !!‬
‫ورد عليها ابقتضاب ‪ -:‬بل مها اكرب مين‬
‫سنا عندما بدأت تعلم الركوب و سوف‬
‫اعمل علي تقليهما ركوب اخليل فورا ‪ ،‬مث‬
‫راح يتفحصها بعينيه الداكنتي العمقتي‬
‫من رأسها ايل قدميها و سأهلا ‪ -:‬هل‬
‫تركبي اخليل ؟ ‪.‬‬
‫فهزت رأسها انفية ذلك و كان قلبها‬
‫خيفق بشدة و راعها كل ما احاط هبا من‬
‫اشياء ااثرت اهتمامها و ردت قائلة ‪-:‬‬
‫مل اتعلم ركوب اخليل ابدا ‪.‬‬
‫‪ -‬حسنا‬
‫ادهشها رده هذا و نظرت اليه برهة‬
‫متسائلة فقال هلا ‪ -:‬اكره النساء اللوايت‬
‫يركنب اخليل اهنا رايضة ال متت بصلة ايل‬
‫االنوثة ‪ ،‬فكرت كاترين اهنا مل تقابل رجال‬
‫قبل ليوم اكثر منه صالبة و مما ال شك‬
‫فيه انه يعتقد ان كل ارائه صائبة و قال‬
‫الولدان ‪-:‬‬
‫هل ميكننا تعلم ركوب اخليل حقا اي خايل‬
‫‪ -‬اي خايل ستيفان ‪.‬‬
‫و الغريب ان اليكس هو الذي سأل هذا‬
‫السؤال فنظر اليه ستيفان وهو يبتسم‬
‫ابتسامة خفيفة ‪ -:‬طبعا سوف تتعلمان ‪،‬‬
‫فاالمر خيتلف مع الصبية ‪.‬‬
‫ومل تدر كاترين اي شيطان دفعها ان‬
‫ختالفه و تتحداه فرفعت راسها و نظرت‬
‫اليه من خالل اهداهبا الكثيفة و قالت‬
‫‪ -:‬اود ان اتعلم اان ايضا ‪.‬‬
‫فاستدار ستيفان و نظر اليها فرأت‬
‫قسماته و قد كستها نظرة قاسية و ظل‬
‫ينظر اليها برهة رأت كاترين خالهلا عرقا‬
‫ينبض يف اجلانب االمين من جبهته و قال‬
‫هبدوء ‪-:‬‬
‫هل تقولي ذلك جملرد التحدي ؟‬
‫وشعرت كاترين ان وجهها كسته االمحرار‬
‫ألنه كشف حقيقة نواايها بدقة مث استطرد‬
‫قائال قبل ان تستطيع الرد ابلنفي او‬
‫ابالجياب ‪-:‬‬
‫لن تتعلمي الركوب وانت علي هذه‬
‫اجلزيرة ‪.‬‬
‫‪ -‬تقصد مملكتك ! ‪.‬‬
‫وكان ردها تلقائيا و كانت تعلم جيدا انه‬
‫سوف ال يقلبه ولكن لدهشتها رأت فمه‬
‫الواسع ينفرج عن بسمة أتلقت ايضا من‬
‫عينيه ووافق علي قوهلا برقة ‪-:‬‬
‫مملكيت ! هكذا يصفها نيكوالس ‪،‬‬
‫ولذلك استنتج انك قررت رؤييت من‬
‫خالل عينيه ‪.‬‬
‫ولكن كاترين هوت رأسها بسرعة تنفي‬
‫هذا االهتام برغم اهنا واثقة من أتثرها برأي‬
‫نيكوالس عاجال ام اجال اذا بقيت معهم‬
‫يف جزيرة داكوليس ‪.‬‬
‫‪ -‬اان دائما اكون رأيي بنفسي ‪.‬‬
‫قالت ذلك بقوة وهي مصممة اال هتزم ‪.‬‬
‫فضحك ستيفان ساخرا و قال ‪ -:‬عندما‬
‫اختذت القرار لضمك ايل عائليت مل اكون‬
‫عنك اية فكرة طيبة او سيئة ‪ ،‬فارجو ان‬
‫تفعلي مثلي بدال من تكوين راي خاطيئ‬
‫مبين علي فكرة نيكوالس عين ‪.‬‬
‫‪ -‬ولكين لست متاثرة رأي اخيك فيك ‪.‬‬
‫قالت ذلك احتجاجا فهز كتفيه العرضي‬
‫و استدار انحية الخري قائال بربود ‪-:‬‬
‫النساء يف بالدي ال يناقشن االمور وال‬
‫يتدخلن يف جدال ‪.‬‬
‫مث قاد اجلواد االسود ايل مسافة قريبة و‬
‫امتطاه برشاقة و يسر و نظر اليها من‬
‫فوقه من خالل عينيه السوداوين و بقامته‬
‫الطويلة و جشده االمسر يظهر من خالل‬
‫قميصه الشفاف و قال هلا ‪-:‬‬
‫هناك اشياء كثرية كان جيب ان تتعليمنها‬
‫اي كاترين ولكنك مازلت صغرية و امامنا‬
‫الوقت الكايف لذلك ‪.‬‬
‫ومل ينطق بكلمة اخري هلا او للصبينب‪.‬‬
‫ووقف التالتة ينظرون اليه وهو يبتعد‬
‫عنهم جبوداه وكان نبض كاترين يتالحق‬
‫بسرعة وهي تري ظهره املستقيم وقامته‬
‫الطويلة و ساقيه و يديه السمراوين اللتي‬
‫تقودان اجلواد مبهارة ‪ .‬ولذلك مل تكن‬
‫واثقة من ان يكون الغضب وحده هو كل‬
‫سبب هذا القلق ‪ .‬وكان كل من الرجل و‬
‫اجلواد مستبدا قواي بطريقته ‪ ،‬يشعر بثقته‬
‫يف قوته ويف ااثرة االعجاب به و يكوانن‬
‫معا ثنائيا رائعا ‪.‬‬
‫احلياة يف جزيرة داكوليس لن تسري يف‬
‫هدوء هذا ما شعرت به كاترين ‪ ،‬لكنها‬
‫فجأة شعرت أبهنا مستعدة لقبول اي حتد‬
‫يسببه هلا ستيفاانو جزيرته ‪ ،‬بدا هلا يف‬
‫تلك اللحظة انه علي حق عندما قال ان‬
‫هناك اشياء كثرية البد ان تتعلمها واول‬
‫هذا االشياء اال تتأثر بطغيان رجولة‬
‫مضيفها ‪.‬‬
‫‪-4‬األسهـ ــم‪.‬‬

‫مضي اآلن حنو ثالثة أسابيع علي وصول‬


‫كاترين إيل اجلزيرة ‪,‬وقد اعتادت رؤية‬
‫أخويها أقل مما كانت تفعل ومل يكن ذلك‬
‫إلنصرافهما عنها كليا ‪,‬إذ كاان يقصان‬
‫عليها دائما أحداث يومهما كما تعودا ‪,‬‬
‫ولكن كان هناك الكثري من الطرائف‬
‫اجلديدة املثرية اليت تشغلهما وجتعلهما‬
‫ينسيان أهنما أمهالها‪.‬‬
‫وفكرت كاترين أهنا الطريقة املثلي اليت‬
‫متكنها من االنفصال عنهما بسهولة‬
‫‪,‬لكنها كانت تشعر مبرارة أحياان عندما‬
‫ترامها مقبلي علي الذهاب مع كاسيا‬
‫وابنيت خاهلما إيل الشاطئ ‪,‬أو السري يف‬
‫اجلزيرة الستكشاف درهبما أخذت كاسيا‬
‫األطفال األربعة يف زايرة اثنية إيل الشاطئ‬
‫قريب وبقيت كاترين وحدها يف صحبة‬
‫هيلي ميدوبوليس اليت مل تكن تراتح إليها‬
‫كثريا‪.‬‬

‫ومل يكن هناك أي سبب لتكره هيلي‬


‫كاترين لكن بعدما قدم ستيفان كاترين إيل‬
‫هيلي ليلة وصوهلا شعرت كاترين أن‬
‫العالقة بينهما يشوهبا شئ من اجلفاء‬
‫‪,‬ولكن هذا الشعور كان بعيدا كل البعد‬
‫عن الغرية بسبب إعجاب غريغوري‬
‫الظاهر هبا‪.‬‬
‫كان يبدو علي هيلي جو من التعاسة‬
‫يصعب تفسريه وقد يرجع إيل معاملة‬
‫غريغوري الفاترة هلا ‪,‬فلم يكن يبدو عليه‬
‫أنه متيم بزوجته أبدا ‪,‬ولكنهما يعيشان يف‬
‫سالم معا ال تقلقهما ابلطبع املشاكل‬
‫املالية ‪.‬وبسبب عدم شعورها ابالرتياح يف‬
‫صحبة هيلي اختارت كاترين عن عمد‬
‫موضوعا للحديث شعرت أنه ال ميكن أن‬
‫يثري جدال من أي نوع فتحدثت عن‬
‫اجلزيرة واختالفها عن البيئة األويل اليت‬
‫نشأت فيها ‪,‬و لكن حيت هذا احلديث‬
‫العابر مل يكن يثري أي اهتمام أو محاس‬
‫لدي هيلي وعندما بدأت كاترين تقارن‬
‫بي املناخي قالت هيلي بصوهتا العميق ‪:‬‬
‫"مل أذهب إيل انكلرت أبدا ولذلك ال‬
‫ميكنين املقارنة "‬
‫فسألتها كاترين وهي حتاول أن ترسم‬
‫عالمة احلسد علي وجهها ‪:‬‬
‫"وهل عشت هنا طول حياتك؟ أان‬
‫أحسدك علي ذلك ‪.‬إنك حمظوظة!"‬
‫ولوت هيلي فمها الواسع مبرارة ‪,‬وعندما‬
‫ضحكت أطلقت صوات قصريا جافا ال‬
‫يبدو فيه املرح مث قالت ‪:‬‬
‫"كنت أود أن أجوب أقطار الدنيا وأري‬
‫بالدا أخري ‪"...‬‬
‫وهزت كتفيها ‪,‬ومرة أخري لوت فمها‬
‫مبرارة وقالت ‪:‬‬
‫"وهل تظني أن هذه اجلزيرة هي اجلنة‬
‫بعينها اي كاترين ! إنك ال تعرفي القضبان‬
‫اخلفية اليت حتيط هبذه اجلنة ‪ ,‬كادميوليس‬
‫هي اجلزيرة اليت جئت منها وتشبه هذه‬
‫متاما وتشكل مثلها سجنا يل‪".‬‬
‫"آسفة‪".‬‬
‫كان صعب الرد علي هذه املرارة وهذا‬
‫االستياء ‪,‬وشعرت كاترين ابلعطف علي‬
‫هيلي لتعاستها الظاهرة ‪,‬لكن يف الوقت‬
‫نفسه تساءلت كيف متضي هيلي حياهتا‬
‫بدون أن تفعل شيئا ابلرغم من وجود كل‬
‫هذه اإلمكانيات النادرة حولت هيلي‬
‫حياهتا إيل جحيم مقيم وكان يف استطاعتها‬
‫أن تسعد هبا ‪.‬‬
‫مث نظرت إيل كاترين بعينيها السوداوين‬
‫اللتي يكمن فيهما الكره وقالت ردا علي‬
‫اعتذارها ‪:‬‬
‫"ملاذا أتسفي فأنت لست والدك "‬
‫كان الشك واضحا يف صوهتا وردت‬
‫كاترين بسرعة ‪:‬‬
‫"والدي!"‬
‫ونظرت إليها كاترين ابستغراب وريبة‬
‫‪,‬فذكر والدها آخر ما فكرت فيه كاترين‬
‫مما أفقدها اتزاهنا برهة ولكنها تذكرت‬
‫كلمات ستيفان ليلة وصوهلا عندما قال‬
‫عن هيلي ‪:‬‬
‫"كانت تعرف والدك‪".‬‬
‫و يومها كان هناك شعور أبن هذه العبارة‬
‫ختص هيلي شخصيا‪ ,‬وترمي إيل معين‬
‫خاص هبيلي ‪,‬ولكن ال صلة هلا بكاترين‬
‫علي اإلطالق ‪.‬‬
‫وقبل أن تتمكن من سؤال هيلي عما‬
‫تقصده رأت نيكوالس مقبال فأشارت إليه‬
‫بيدها جميبة ‪,‬ومل تغب هذه اإلشارة عن‬
‫نظر هيلي اليت ضحكت ضحكة قصرية‬
‫وهي تري شقيق زوجها قادما وقالت‬
‫بصراحة ‪:‬‬
‫"ال أتملي الكثري من وراء نيكوالس ابنة‬
‫‪,‬فمصري مرسوم كمصري غريغوري‬
‫ومصريي ‪,‬ولن جيرؤ أحد علي خمالفة ما‬
‫رمسه ستيفان تزوجين غريغوري وسوف‬
‫يتزوج نيكوالس ابنة يودوبوليس عندما‬
‫حيي الوقت املناسب أما ستيفان فمن‬
‫يدري ماذا أعد لنفسه إذا أختار ألينا‬
‫اندرايس فستكون بال شك بلهاء إذا‬
‫فكرت أهنا سوف حتتفظ به‪",‬‬
‫قالت ذلك وهي تضحك ضحكة جافة ‪,‬‬
‫والحظت كاترين أن نيكوالس مسع مجلتها‬
‫األخرية املريرة ولذلك قطب جبينه ‪,‬ومل‬
‫يناقش هيلي يف ذلك ‪,‬وسرعان ما احنين‬
‫علي يد كاترين يلثمها بينما جتاهل هيلي‬
‫متاما وقالت لكاترين ‪:‬‬
‫"وجدتك أخريا‪".‬‬
‫فابتسمت كاترين واراتحت لقدومه‬
‫وقالت له ‪:‬‬
‫"مل أكن أعرف أنك تبحث عين ‪".‬‬
‫وكان الفضول قد متكن من كاترين لكنها‬
‫كانت ختشي أن تصارحها هيلي بشئ‬
‫خيص والدها فيشكل هلا بعض االرتباك‬
‫برغم أهنا مل تستطع أن جتد لذلك سببا‪.‬‬
‫وبدا نيكوالس وسيما بوجهه األمسر‬
‫وعينيه الالمعتي ‪,‬وقال هلا وهو يهز كتفيه‬
‫أسفا ومعتذرا ألنه البد أن يرضخ لرغبات‬
‫أخيه ‪:‬‬
‫"أان رسول أخي إليك ‪,‬وددت أن خترجي‬
‫معي يف السيارة إيل اجلانب الشمايل من‬
‫اجلزيرة لنسبح يف البحر ولكن ستيفان‬
‫يرغب يف رؤيتك حاال يف مكتبه ‪".‬‬
‫"وهل تطيعه دائما؟"‬
‫مل تقو كاترين علي منع نفسها من توجيه‬
‫هذا السؤال ولذا رأت يف عينيه نذير‬
‫االحتجاج ‪.‬وقال‪:‬‬
‫"لن يكسب أحد شيئا من خمالفة ستيفان‬
‫‪,‬وسوف ترين بنفسك هذا اي كاترين "‬
‫قال هذا وهو أيخذ يدها ويضغط علي‬
‫أصابعها بقوة وكأنه يؤنبها ‪,‬وشعرت ابلندم‬
‫فورا وحاولت االعتذار فضغط علي‬
‫أصابعها مرة أخري ولكن برقة هذه املرة‬
‫‪.‬مث اعتذرت له هامسة وقالت ‪:‬‬
‫"آسفة اي نيكوالس "‬
‫ولكنها الحظت أن هيلي تراقبهما بشئ‬
‫من االزدراء ‪,‬وتسألت كاترين ملاذا تتعمد‬
‫هيلي االبتعاد عنها وعدم التقرب إليها‬
‫‪.‬وقال نيكوالس وهو يلثم يدها‪:‬‬
‫"أساحمك ‪.‬واآلن اذهيب إيل ستيفان قبل‬
‫أن يظن أنين أمهلت تبليغ الرسالة "‬
‫وأومأت كاترين وخفق قلبها ونظرت إيل‬
‫نيكوالس وقد بدا القلق يف عينيها وسألته‬
‫‪:‬‬
‫"هل لديك أي علم عن سبب رغبته يف‬
‫مقابليت؟"‬
‫فهز كتفيه وابتسم قائال‪:‬‬
‫"إنه ال يصرح يل أي شيء ‪,‬ولكن جيب‬
‫أال يبدو عليك اخلوف وكأنك سوف‬
‫تواجهي قاضيا حيكم عليك ‪,‬فهو ال حييي‬
‫أو مييت ‪,‬اذهيب إليه ابطمئنان اي عزيزيت‬
‫‪".‬‬
‫وطمأنته كاترين بسرعة قائلة ‪:‬‬
‫"أشعر ابلفضول فقط "‬
‫وابتسم نيكوالس هلا مرة أخري وأعطاها‬
‫ذراعه فتأبطتها ودخال املنزل معا بعدما‬
‫حيت هيلي اببتسامة قصرية من فوق‬
‫كتفيها ‪.‬كان نيكوالس يضغط برقة علي‬
‫ذراعها وأاثرت ملساته مشاعرها ‪.‬كان يف‬
‫استطاعته أن يطري عقلها إذا أراد ذلك!‬
‫"من غري شك سوف يتحدث إليك‬
‫ستيفان يف أمور عقيمة ختتص ابلعمل ‪".‬‬
‫وملعت عيناه مث قال ‪:‬‬
‫"ستيفان وحده ال يدرك ضياع الوقت يف‬
‫مثل هذه األمور ‪".‬‬
‫مث وعدها برقة قائال‪:‬‬
‫"سأنتظرك إيل أن خترجي من عنده ‪".‬‬
‫وصاحت كاترين ‪:‬‬
‫"نيكوالس ‪"....‬‬
‫ولكنها غريت رأيها وذهبت للبحث عن‬
‫مكتب ستيفان ‪,‬وضاعت الفرصة للسؤال‬
‫عن عالقة والدها هبيلي‪ .‬رمبا أمكنها بعد‬
‫ذلك سؤال نيكوالس عن سر تعاسة إذا‬
‫واتتها الفرصة‪,‬وملاذا ترتبط هذه التعاسة‬
‫بوالدها ‪.‬‬
‫ولكن مكتب ستيفان يقع يف اجلانب‬
‫اخللفي من املنزل ‪.‬تفتح نوافذه علي‬
‫مناظر األشجار األخاذة اليت تكاد تشغل‬
‫من يف املكتب عن عمله ‪,‬ومن عنده يبدأ‬
‫الطريق الذي سلكته كاترين والطفالن يوم‬
‫ذهبوا الستكشاف اجلزيرة أول مرة وضل‬
‫الطفالن طريقهما ‪.‬وكان منظر أشجار‬
‫النخيل والليمون والربتقال من خالل‬
‫النوافذ املرتفعة يسلب اللب‬
‫‪.....‬وتسألت كاترين كيف يستطيع أي‬
‫إنسان العمل يف مثل هذه املناظر اخلالبة‬
‫‪.‬وكان جو الغرفة يوحي أبهنا ختص‬
‫رجال‪,‬مبقاعدها اجللدية الداكنة اللون‬
‫ومكتبها العريض ‪,‬ولكنها ال تعطي أي‬
‫عالمة لوطن هذا الرجل ‪.‬فقد تكون هذه‬
‫الغرفة يف أي مكان من العامل ‪,‬أما جدراهنا‬
‫فكانت بيضاء وسجادهتا محراء منقوشة‬
‫برسوم ذهبية رجحت كاترين أهنا تركية‬
‫الصنع كمعظم حتف املنزل ‪.‬وكانت أشعة‬
‫الشمس تدخل متخللة خشب النوافذ‬
‫األخضر ‪,‬ماعدا ذلك كان ميكن أن‬
‫تدخل متخللة خشب النوافذ األخضر‬
‫‪,‬ماعدا ذلك كان ميكن أن جتد هذه‬
‫الغرفة يف منزل أو مكتب أي رجل أعمال‬
‫إنكليزي ‪.‬‬
‫وعند دخوهلا إيل املكتب وجدت ستيفان‬
‫واقفا جبانب أحد النوافذ وظهره إيل‬
‫الغرفة يعقد يديه وراء ظهره ويرتدي‬
‫بنطلوان رماداي وقميصا أبيض ‪.‬‬
‫ووقفت كاترين يف الباب تشعر بضآلة‬
‫حجمها يف ذلك الثوب األبيض القصري‬
‫الذي يكشف عن امتالء جسمها الفيت‬
‫والذي ينساب عليها برشاقة ‪,‬وصندهلا‬
‫الذي كان بال كعب وودت لو كانت علي‬
‫علم هبذه املقابلة حيت ميكنها أن ترتدي‬
‫زاي مناسبا ال يظهرها كالتلميذة اليت تقابل‬
‫انظر مدرستها يف مكتبه واستدار ستيفان‬
‫فجأة وارتسمت علي وجهه األمسر‬
‫ابتسامة خفيفة أضاءت تقاطيع وجهه‬
‫الذي يشبه الصقر‪,‬مث قال هلا مشجعا‬
‫ومشريا إيل أحد املقاعد أمام مكتبه‬
‫مباشرة ‪.‬‬
‫"أجلسي اي كاترين ‪".‬‬
‫جلست مث جلس وأخذ يتفحصها من‬
‫خالل عينيه السوداوين حيت أهنا ارتبكت‬
‫وقطعت الصمت الذي ساد بينهما‬
‫وقالت بدون أن تدري ‪:‬‬
‫"نيكوالس أخربين أنك تريد مقابليت ‪.‬ال‬
‫اعرف لذلك سببا سوي أن ‪".....‬‬
‫"سوي أن ماذا!"‬
‫وهزت رأسها متسائلة ‪:‬‬
‫"ملاذا أردت مقابليت اي سيد ميدوبوليس‬
‫؟"‬
‫وشعرت كاترين ابرتباك مل تشعر به من‬
‫قبل يف حضوره ‪.‬‬
‫"وماهو يف نظرك سبب استدعائي لك!"‬
‫سأهلا ذلك وهو مصمم علي أن جتيبه‬
‫بنفسها ‪.‬‬
‫وحاولت أن حتتفظ برابطة جأشها وقالت‬
‫‪:‬‬
‫"رمبا عقدت العزم أن جتعلين أغادر‬
‫اجلزيرة وارجع اثنية إيل إنكلرتا ‪".‬‬
‫لكنها كانت يف قرارة نفسها تظن أن هذا‬
‫ليس السبب يف استدعائها فرد عليها‬
‫قائال‪:‬‬
‫"أفهمتك من قبل بوضوح أن رغبيت يف‬
‫بقاؤك كفرد من أفراد عائليت ‪,‬ملاذا تظني‬
‫أنين قد أغري رأيي فجأة وهبذه السهولة !"‬
‫وهزت كاترين كتفيها وحركت يديها بيأس‬
‫وقالت ‪:‬‬
‫"ال أدري شيئا يف الواقع ليس يف أمكاين‬
‫ختمي السبب الذي طلبتين من أجله "‬
‫ودهشت ألهنا شعرت ابالرتياح عندان‬
‫عرفت أن السبب ليس طردها من اجلزيرة‬
‫وعادت لتقول ‪:‬‬
‫"ال أري أي سبب أخر يدعوك إيل رؤييت‬
‫‪".‬‬
‫وتصورت أنه ابتسم ولكنها مل جتازف‬
‫وترفع رأسها لتتحقق من ذلك ‪.‬‬
‫"يف احلقيقة طلبتك ألانقش معك مرياث‬
‫والدك يف شركة ميدوبوليس للمالحة ‪".‬‬
‫كان صوته هادائ رقيقا وهو يقول ذلك‬
‫وسألته ‪:‬‬
‫"شركتك للمالحة!"‬

‫ونظرت إليه كاترين بتعجب وفضول‬


‫ودهشت أن يستثريها هذا األمر‪,‬لقد‬
‫دخل والدها بنصيب يف شركة ميدوبوليس‬
‫للمالحة عند زواجه من ماراي فكان من‬
‫املنطق أن تعود األسهم اليت كان ميلكها‬
‫إيل أليكس وبول ‪,‬ومل تفهم سر استشارته‬
‫هلا علما أبنه أصبح اآلن الوصي علي‬
‫الولدين ‪.‬‬
‫الحت ابتسامة فاترة علي الفم الواسع‬
‫وهز رأسه وصححها هبدوء قائال‪:‬‬
‫"خط املالحة ال خيصين وحدي بل متلكه‬
‫األسرة كلها اي كاترين ‪".‬‬
‫ونظرت كاترين إليه من بي أهداهبا‬
‫الكثيفة ‪,‬وكانت تشك يف أن األسرة‬
‫تشرتك يف تسيري خد املالحة فمهما كان‬
‫عدد األسهم اليت ميتلكها أفراد األسرة‬
‫فهي متأكدة أن ستيفان وحده هو احلاكم‬
‫أبسرة له احلق يف إصدار كل القرارات‬
‫‪.‬فقالت بشيء من السخرية ‪:‬‬
‫"ولكنك أنت احلاكم أبمرك ‪".‬‬
‫فأطبق فمه بشدة وكأنه استاء من هذه‬
‫النربة املاكرة وقال هلا يف هدوء ‪:‬‬
‫"أمتلك معظم األسهم ولذلك يكون يل‬
‫احلق األخري الختاذ القرارات اهلامة ولكن‬
‫الشركة ختص العائلة برغم ذلك‪".‬‬
‫وأطال النظر إليها وأخريا قال بصوت‬
‫خفيض ‪:‬‬
‫"تعتقدين أنين جبار متسلط أليس كذلك‬
‫اي كاترين ؟"‬
‫ومل تشعر كاترين حبرج مثلما شعرت اآلن‬
‫‪,‬وتسارعت دقات قلبها وشعرت برجولته‬
‫‪,‬فهااتن اليدان الداكنتان وعنقه اليت‬
‫لفحتها الشمس تطل من قميصه األبيض‬
‫وكل ما فيه أاثر كاترين وجعلها تعتقد انه‬
‫أكثر نضجا وخطورة من أخيه نيكوالس ‪,‬‬
‫قد يكون جبارا كما قال وقد يكون هذا‬
‫صحيحا ولكنه كان رجال جذااب جدا يؤثر‬
‫وجوده فيها أتثريا كبريا وكان هذا هو‬
‫األمر األهم ابلنسبة إليها يف تلك‬
‫اللحظة‪.‬‬
‫وعادت تقول يف حتد‪:‬‬
‫"ألست جبارا حقا؟"‬
‫وحاولت كاترين هذه املرة أال تتأثر بقوة‬
‫شخصيته أو بقوة جاذبيته‪ ,‬وظل لفرتة‬
‫طويلة ال يتكلم لكنه هز كتفيه العريضتي‬
‫خبفة وبدأت حملة من املرح يف عينيه‬
‫السوداوين وقال ‪:‬‬
‫"كلمة جبار معناها ابليواننية السيد‬
‫‪,‬وأظن أنين سيد هذه اجلزيرة علي األقل‬
‫‪".‬‬
‫وذكرته قائلة‪:‬‬
‫"مملكتك!"‬
‫وهز رأسه موافقا وقال‪:‬‬
‫"نعم مملكيت إذا كنت تشاركي أفكار‬
‫نيكوالس ‪".‬‬
‫ووجدت كاترين يف هدوئه إاثرة وجاذبية‬
‫أكثر فحاولت أن تستعيد حالتها الطبيعية‬
‫وتعود إيل املوضوع الذي جاءت ألجله‬
‫فسألته‪:‬‬
‫"ال أفهم ملاذا تريد أن تناقش معي‬
‫موضوع نصيب والدي يف األسهم إهنا‬
‫ختص الولدين اآلن ابلتأكيد وأنت الوصي‬
‫عليهما‪".‬‬
‫واعتدل ستيفان يف جلسته ومال إليها ومل‬
‫يعد يفصله عنها سوي مكتبه‪ ,‬فأمكنها‬
‫رؤية التجاعيد الرفيعة اليت تشع من جانيب‬
‫عينيه و الشعريات البيضاء القليلة اليت‬
‫بدت يف صدغيه بي سواد شعره احلالك‪.‬‬
‫مث قال وهو يتفحصها بنظراته الثابتة‬
‫القوية ‪:‬‬
‫"أبوك ترك األسهم كلها لك وليس‬
‫للولدين اي كاترين‪".‬‬
‫يل أان؟"‬
‫ونظرت إليه عدة حلظات وهي ال تصدق‬
‫ذلك‪ .‬ففي السنوات األخرية كانت كل‬
‫أعمال والدها يف يد حمام عائلة‬
‫ميدوبوليس ومن الطبيعي أن يعرف‬
‫ستيفان كل شيء عنها‪ ,‬وقد يكون كذلك‬
‫أحد املنفذين إذا كان مثل هذا الشيء‬
‫قائما يف اليوانن إذ كانت كاترين جتهله كل‬
‫اجلهل حىت يف إنكلرتا‪.‬‬
‫وسأهلا ستيفان ‪:‬‬
‫"أمل تعلمي أنه كان ينوي ترك األسهم‬
‫لك؟"‬
‫وهزت كاترين رأسها ببطء وقالت بصوت‬
‫مبحوح وهي ال تكاد تصدق ما مسعته‪:‬‬
‫"مل أر والدي ملدة ثالث سنوات ونصف‬
‫قبل أن ميوت ومل نرتاسل كثريا أثناءها‪".‬‬
‫أومأ ستيفان وهو واثق أن ما قالته‬
‫صحيح وذلك ألن ستيفان وعائلته كانوا‬
‫يرون جورج غراجنر كثريا يف السنوات‬
‫األخرية من عمره بعكس زوجته وأوالده‬
‫رد ستيفان عليها يقول هبدوء حماوال أن‬
‫يعرب عن شعوره ابلعطف بال كالم ‪:‬‬
‫"أان واثق من ذلك ‪".‬‬
‫وأتثرت كاترين بعطفه سواء كان ذلك‬
‫بكلمات أو بدون كلمات ‪,‬وقالت بسرعة‬
‫وهي تواجه احلقيقة ألول مرة‪:‬‬
‫"ال اعرف حىت مدي ثروة والدي ‪".‬‬
‫والواقع أن كاترين مل تكن تعرف شيئا عن‬
‫الثروة اليت تركها هلم والدها وما خيصها‬
‫هي ابلذات ‪,‬وخاصة إن الوالدين أصبحا‬
‫حتت رعاية ستيفان اآلن ‪.‬‬
‫وسادت حلظة صمت ونظر إليها ستيفان‬
‫وهو جالس أمام مكتبه مث قال هلا ببطء‬
‫وهو يتفرس يف وجهها‪:‬‬
‫"مل يكن والدك رجال غنيا ولكنه كان يف‬
‫سعة من العيش يضاف إيل ذلك امتالكه‬
‫األسهم ‪".‬‬
‫وكان واضحا أنه حياول أن ينتقي كلماته‬
‫حبرص ‪,‬وبدأت كاترين تدرك معين ذلك‬
‫فسألته ‪:‬‬
‫"هل جتعلين هذه األسهم مسامهة يف شركة‬
‫مالحة ميدوبوليس؟"‬
‫فهز هلا ستيفان برأسه موافقا ‪,‬ولكنها‬
‫أتكدت من العبوس الذي غطي وجهه‬
‫فهذا األمر ال يروق له ‪,‬مث قال هلا‪:‬‬
‫"أبوك دخل جملس إدارة الشركة بصفته‬
‫زوج شقيقيت ماراي ‪,‬أما ماراي نفسها فلم‬
‫متلك سهما‪".‬‬
‫وأخريا تبينت كاترين السبب الذي من‬
‫أجله دعاها ستيفان ملقابلته ‪,‬و طابت‬
‫نفسها المكاهنا التفوق علي ستيفان ولن‬
‫تضيع هذه الفرصة ‪.‬ونظرت إليه من ظل‬
‫أهداهبا الطويلة بعينيها اخلضراوين اللتي‬
‫تلمعان كاجلوهرة الثمينة ‪,‬وبدت علي‬
‫فمها ابتسامة صغرية ولكن راضية مث‬
‫قالت له ‪:‬‬
‫"ماراي كانت امرأة ابلطبع ‪.‬وليس يف‬
‫دنياكم اي سيد ميدوبوليس من النساء من‬
‫متلك أسهما‪".‬‬
‫ورأي يف عيين كاترين نظرة انتصاره فهذا‬
‫ستيفان رافضا يف حركة سريعة ومرنة‬
‫جعلت كاترين تعتدل يف جلستها ‪,‬ومرة‬
‫أخري توجه إيل النافذة ووقف وظهره إيل‬
‫الغرفة ‪,‬ويداه معقوفتان وراء ظهره متاما‬
‫كما رأته عند دخوهلا وشعرت كأنه‬
‫يتحداها مبظهره ‪.‬‬
‫"يبدو انك أتخذين األمر ببساطة‪".‬‬
‫قال ذلك من غري أن يدير رأسه حنوها‬
‫‪.‬وكانت هلجته ابردة جافة وكأنه حياول أن‬
‫يكبح غضبه بصعوبة ومض يقول ‪:‬‬
‫"أحاول أن أعاجل مسألة أسهم والدك مبا‬
‫يرضي كل األطراف املعنية ولكن يبدو‬
‫انك أتخذين األمر كوسيلة لكسب‬
‫انتصار أنثوي مضحك‪".‬‬
‫ومل تصدق كاترين أهنا يف موقع ميكنها أن‬
‫تسيطر علي رجل مثل ستيفان‪,‬ويعطيها‬
‫شعورا ابلقوة ولو إيل حي ‪,‬وكان يبدو أنه‬
‫يرغب يف االستيالء علي هذه األسهم‬
‫ويعرف جيدا أهنا سوف تتمسك هبا ولو‬
‫أهنا مل تسرح له بذلك ‪,‬و تسألت تري‬
‫ملاذا يفعل إذا متسكت هبا ومل تفرط فيها‬
‫وسألته وهي تتظاهر ابخلضوع له وينم‬
‫صوهتا علي االمتثال‪:‬‬
‫"كيف تتهمين بذلك وأنت مل تصرح يل‬
‫بعد مبقرتحاتك!"‬
‫فهزت رأسها موافقة وقالت ‪:‬‬
‫"طبعا‪.‬اي سيد ميدوبوليس ‪".‬‬
‫"أنك تناديين ابمسي كامال فها تستعملي‬
‫هذه الطريقة الرمسية مع أخويت كذلك!"‬
‫وكان خروج ستيفان عن موضوع املناقشة‬
‫فجأة قد أدهش كاترين ‪,‬وجعلها تعجب‬
‫من اهتمامه هبذا األمر التافه خصوصا يف‬
‫ذلك الوقت وأدركت فجأة أنه يعرتض‬
‫علي أهنا ختاطبه ابمسه الكامل ولقبه وأخريا‬
‫قالت‪:‬‬
‫"ال أدري كيف أانديك‪".‬‬
‫"تعرفي امسي‪".‬‬
‫وهزت رأسها موافقة وخفضت عينيها‬
‫ووسوس شيطاهنا أن تداعبه كما داعبته‬
‫من قبل عندما أظهرت رغبتها يف تعلم‬
‫ركوب اخليل ومل تقاوم رغبيها فقالت‪:‬‬
‫" نيكوالس واآلخرون يسمونك ستيفان‬
‫والطفالن يدعوانك خبايل سيفان ولست‬
‫أدري ألي فريق منهم أنتمي ‪".‬‬
‫كان صوهتا رقيقا ‪.‬وهي تنظر إليه بعينيها‬
‫اخلضراوين ‪,‬فتمتم ستيفان ابليواننية كالما‬
‫البد أن يكون قوال قاسيا وغضت نظرها‬
‫مرة أخري ‪,‬وخلق قلبها ابخلوف فجأة‬
‫وبدال من صفعها كما كانت كاترين تتوقع‬
‫أغلق يديه القويتي بشدة ‪,‬فتكورات وراح‬
‫يغالب بصعوبة الغضب الذي اعرتاه مث رد‬
‫عليها بقسوة وبرود جعلها تشعر برعشة‬
‫يف ظهرها وأطرافها‪:‬‬
‫"لك أن ختتاري ما تريدين ‪,‬ولكن مبا أنك‬
‫تتصرفي كاألطفال فاألرفق أن تناديين اي‬
‫خايل مثل أخويك‪".‬‬
‫قال ذلك بصوت ابرد أجش ‪,‬ولكن‬
‫كاترين مل يكن يف نيتها إطالقا أن تفعل‬
‫ذلك ‪,‬رفضت هذا االقرتاح ونظرت إليه‬
‫بسرعة ومهت ابلكالم ولكن نظرته‬
‫القاسية أسكتتها ‪,‬فشعرت بضآلتها‬
‫وجلست وقد وضعت يديها يف حضنها‬
‫وأخريا قالت متلعثمة‪:‬‬
‫"إين –إين آسفة‪".‬‬
‫وردت كاترين لو تدخل أحد وأزاح ذلك‬
‫الصمت الرهيب الذي خيم عليهما‬
‫‪,‬وسادا الغرفة ولكن يبدو أن ستيفان مل‬
‫يكن يف نيته عمل شيء سوي الوقوف‬
‫أمامها صامتا ولذلك اضطرت أن تكون‬
‫هي البادئة ابلكالم‪.‬‬
‫بدت يداه اآلن أقل توترا ‪,‬واسرتخت‬
‫أصابعه الطويلة لكنها بدت وكأهنا ستمتد‬
‫وتصفع كاترين يف أي حلظة ‪ ,‬و‬
‫الحظت أيضا أن توتر خف من جسمه‬
‫الطويل النحيل ‪,‬فتشجعت ونظرت إيل‬
‫وجهه الذي الن قليال برغم أن فمه صلبا‬
‫صارما حتت ذلك األنف الرتكي املتغطرس‬
‫‪,‬وأخريا جازفت وقالت‪:‬‬
‫"آسفة اي سيد ميدوبوليس‪".‬‬
‫"ستيفان!"‬
‫"اي ستيفان‪".‬‬
‫رددت كاترين امسه بطاعة فرات قسماته‬
‫الصارمة تلي وامتدت يده والمست‬
‫أصابعه عنقها برقة ‪,‬مث قبضت بشدة علي‬
‫خصلة شعرها األمحر النحاسي مما أاثر‬
‫اخلوف يف نفسها وقال‪:‬‬
‫"أظن أن هذا الشعر الوهاج جيعلك‬
‫متمردة تصعب السيطرة عليك‪".‬‬
‫قال هذا هامسا وبصوت عميق جعل‬
‫قلبها خيفق بي ضلوعها حيت خيل إليها‬
‫أنه يسمعه ولكنها قالت بصوت انعم‬
‫كادت ال تعرف أنه صوهتا ‪:‬‬
‫"مل أتعود أن يسيطر علي أحد ألهنا طريقة‬
‫عقيمة ال تفيد يف كسب ثقة الناس كما‬
‫أعرف‪".‬‬
‫"وهل تعلمينين طرق السلوك يف احلياة‬
‫وكسب ثقة الناس ؟"‬
‫وضغط إبهبامه علي شفتيها مارا خبديها‬
‫‪,‬مث استدار وجلس علي مقعد مكتبه‬
‫وقال هبدوء وكأنه حيدث نفسه سوف‬
‫تتعلمي وبعد حلظة صمت استطرد قائال‬
‫هبدوء ‪:‬‬
‫"اآلن هل تناقش مسألة األسهم اخلاصة‬
‫بك؟"‬
‫"نعم بكل أتكيد‪".‬‬
‫سبب هذا االنتقال املفاجئ إيل العمل‬
‫اجلاد لكاترين شيئا من خيبة األمل‬
‫‪,‬ابلرغم من أن مناقشة مسألة األسهم‬
‫كان السبب الرئيسي يف دعوته هلا‬
‫ابحلضور والبد من االنتهاء منه عاجال أم‬
‫أجال‪.‬‬
‫اتكأ ستيفان ونظر إليها بعيني متفرستي ‪,‬‬
‫أخريا قال يف صوت يتسم ابلربود‬
‫والواقعية ‪:‬‬
‫"أرغب يف شراء هذه األسهم منك‪".‬‬
‫فكرت كاترين مليا وأصبح واضحا ابلطبع‬
‫أنه دعاها إيل البقاء يف اجلزيرة هلذا‬
‫السبب أساسا ‪,‬ومل تصدق اهتمامه‬
‫بوحدهتا يف احلياة بل كان ما كان يشغله‬
‫يف بساطة أهنا متتلك أسهما يف شركة‬
‫املالحة اخلاصة هبم ‪,‬وهو يريد السيطرة‬
‫علي األسهم ‪.‬‬
‫من يدري لعله كان ينتظر أن تشكر له‬
‫كاترين أنه اعتربها عضوا يف عائلته‬
‫‪,‬وتسلمه األسهم مقابل ذلك بدون تفكري‬
‫وال اعرتاض ‪,‬وساءها يف كل ذلك خيبة‬
‫األمل املريرة اليت شعرت هبا ‪،‬ومن هنا‬
‫قررت التمسك أكثر ابألسهم ‪,‬فلن‬
‫تسلمها إيل أي خملوق حيت ولو كان‬
‫مدوبوليس نفسه وردت عليه قائلة‪:‬‬
‫"ال أريد بيع األسهم‪".‬‬
‫قالت ذلك هبدوء وسرعان ما رأت وجهه‬
‫يكسوه الغضب وقطب حاجبيه مث أضاف‬
‫‪:‬‬
‫"ملاذا ؟إنك ال تفهمي املسائل املالية‬
‫‪,‬وجبانب ذلك أنت لست عضوا يف عائلة‬
‫ميدوبوليس "([هو مش قال من قبل انو‬
‫تعترب نفسها فرد من أفراد العيلة وال‬
‫عشان مصاري بطلت هالء من‬
‫العيلة)قال ستيفان ذلك بصوت صارم‬
‫ابرد ‪,‬و تسألت ما إذا كانت قد متادت‬
‫أكثر مما جيب فردت عليه قائلة‪:‬‬
‫"ومل يكن والدي عضوا يف العائلة أيضا‪".‬‬
‫وللمرة الثانية هب واقفا جبانبها ‪,‬واقرتب‬
‫منها فجأة ‪,‬وكأن جمرد حضوره سوف يؤثر‬
‫عليها وجيعلها تغري من رأيها ’وقال هلا‬
‫مذكرا إايها ‪:‬‬
‫"كان والدك يعترب واحدا منا بزواجه من‬
‫شقيقيت‪".‬‬
‫فأجابت‪:‬‬
‫"وكان رجال طيبا ‪".‬‬
‫وشعرت أن مقاومتها هلجومه عليها كادت‬
‫تنهار ‪:‬‬
‫فغضب واظهر غضبه بتلك الكلمات‬
‫اليواننية اليت أطلقها ‪,‬والبد أهنا كانت‬
‫تدين عنادها وأقرتب منها أكثر فشعرت‬
‫بقوته وشخصيته تنساب إليها مما جعلها‬
‫ترجتف وقال هلا ‪:‬‬
‫"إنك عنيدة ‪,‬ولكن سوف أتسفي إذا‬
‫متاديت يف هذا العناد اي كاترين وسوف‬
‫ترين أان أعدك بذلك ‪".‬‬
‫كانت كلماته قصرية عنيفة وودت كاترين‬
‫لو أمكنها القيام من مقعدها ‪,‬لكن قربه‬
‫هلا مل ميكنها من ذلك ‪,‬فبقيت جالسة‬
‫وشعرت بعجزها وضآلتها أمام غضبه‬
‫وجربوته وهو يقف بقامته الطويلة إيل‬
‫جوارها وجازفت قائلة‪:‬‬
‫"ليس لك احلق يف هتديدي‪".....‬‬
‫ومل تكمل حديثها إذ امتدت يده حتت‬
‫ذقنها فجأة وأجربهتا علي النظر إليه‬
‫ليقول هلا برقة‪:‬‬
‫"يل احلق يف عمل كل شيء أريده هنا‬
‫‪,‬فهذه مملكيت أال تتذكرين !"‬
‫اعرتي كاترين اخلوف عندما تقلصت‬
‫شفتاه وضغطت يداه علي ذقنها بشدة‬
‫وقالت ‪:‬‬
‫"إذن دعين أغادر اجلزيرة ‪".‬‬
‫وقال برقة ‪:‬‬
‫"وترتكي أخويك حتت رمحيت؟ الأظنك‬
‫فاعلة هذا ايكاترين‪".‬‬
‫ورأت كاترين أمامها الطريق مسدودا‬
‫‪,‬ولكنها مل تكن تريد اخلضوع له بعد‬
‫عنادها ومتسكها حبقها ‪,‬وكانت حتس‬
‫بشعور غامض أهنا إذا خضعت له سوف‬
‫يشعر خبيبة أمل فيها‪.‬‬
‫"طبعا أفضل البقاء معهما هنا ولكن إذا‬
‫طلبت مين إن ابقي معهما جملرد إرغامي‬
‫علي التخلي عن تلك األسهم فأنك‬
‫تكون خمطئا اي ستيفان‪".‬‬
‫كانت يف العيني السوداوين نظرة عتيقة‬
‫براقة ولكنها حملت ابتسامة علي فمه‬
‫الواسع مل تستطيع فهم مغزاها وقال هلا يف‬
‫هدوء‪:‬‬
‫"هل تعتقدين ذلك؟"‬
‫أشاحت كاترين بوجهها بسرعة واعرتفت‬
‫قائلة ‪:‬‬
‫"لست أدري"‬
‫"أنك تظلمينين إذا اعتقدت ذلك‪".‬‬
‫ورفعت عينيها اثنية وبدت فيهما نظرة‬
‫رقيقة وهي تقبل ما قاله شاكرة ‪,‬بل‬
‫اعتذرت ابلصوت اهلادي ء نفسه وقالت‪:‬‬
‫"آسفة إذا كنت أخطأت يف احلكم عليك‬
‫‪,‬ولكن لن يغري هذا من األمر شيئا اي‬
‫ستيفان فلن أبيع لك األسهم ‪".‬‬
‫وكان قلبها خيفق بشدة لدرجة أهنا كانت‬
‫تسمع دقاته بوضوح وخشيت أن يسمعها‬
‫هو أيضا‪.‬‬
‫وترك ذقنها بعد ذلك يف عينيه بريقا‬
‫عميقا مل تر مثله من قبل وقال بنعومة‪:‬‬
‫"حسنا‪,‬سوف نري‪".‬‬
‫"ستيفان ‪"-‬‬
‫أقلقتها كلماته ورضاه اهلادي ء فنظرت‬
‫إليه بعيني واسعتي لكن ابتسامته املفاجئة‬
‫اليت كشفت عن أسنانه البيضاء املتساوية‬
‫أضفت عليه تعبريا خمتلفا ‪,‬مل تعرفه من‬
‫قبل وجعلت نبضها يسرع مرة أخري‬
‫بطريقة ال تستطيع السيطرة عليه‬
‫وأحاطت يداه الكبرياتن بوجهها برفق‬
‫‪,‬وأحست كاترين بدفء راحتيه وهو يرفع‬
‫وجهها وقال برقة ‪:‬‬
‫"القدر له طريقة يف تطوير مثل هذه‬
‫األمور ‪,‬وأنت لن تغادري هذه اجلزيرة‬
‫‪....‬وأان اعرف هذا‪".‬‬
‫وبسرعة وعلي حنو ال يصدق احنين رأس‬
‫األسود وعانقها وقال مرة أخري ابلصوت‬
‫الناعم نفسه‪:‬‬
‫"سوف نري ‪"...‬‬

‫‪ -5‬عناق ‪ ،‬عناقان ‪ ،‬ثالثة ‪...‬‬


‫اخذ نيكوالس ينظر إيل كاترين بفضول و‬
‫كانت كاترين تلوم نفسها ألهنا صرحت له‬
‫بكل شيء ‪ ،‬فمنذ أايم فكرت إن ختربه‬
‫ملاذا دعاها ستيفان إيل مكتبه و ساومها‬
‫لتبيع األسهم ‪،‬و اليوم أفضت ابخلرب كله‬
‫إيل نيكوالس و قصت عليه ما حدث ‪.‬‬
‫ومل تعرف علي وجه الدقة ا كان غريغوري‬
‫أو سيدة ميدوبوليس علما إهنا رفضت‬
‫بيع أسهمها اخلاصة يف الشركة ‪ ،‬لكنها مل‬
‫تالحظ أن أحدا منها أشار بذلك أو‬
‫أبدى أي احتجاج ‪ ،‬بل كانو لطفاء و‬
‫مؤدبي معها يعاملوهنا بكل ما تقتضيه‬
‫آداب الضيافة من اهتمام و احرتام ‪.‬‬
‫أما ستيفان فكان مؤداب بقدر ما يقتضيه‬
‫األدب و األخالق ‪ ،‬لكنه مل يتقرب إليها‬
‫و مل يبذل أي حماولة ليكون اكرت ودا بل‬
‫عاملها معظم الوقت بشيء من الربود و‬
‫كان هذا واضحا ‪ ،‬أما سلوكه مع الطفلي‬
‫فقد الن قليال و هذا ما كان منتظرا من‬
‫أي شخص حىت من ستيفان نفسه ‪.‬‬
‫كان نيكوالس فضوليا يود معرفة ما دار‬
‫قي مقابلتها مع ستيفان لكنه مل يسأهلا‬
‫حىت بعد أن قابلها لدى خروجها من عند‬
‫ستيفان ‪.‬‬
‫ولكن مبا أن نيكوالس فضوليا ال هتمه‬
‫املائل الكئيبة لزم الصمت و مل يفاحتها يف‬
‫املوضوع اثنية ‪ ،‬وكان من الصعب علي‬
‫كاترين الرجوع عن قرارها بعدما صممت‬
‫علي التمسك برأيها و االحتفاظ ابألسهم‬
‫اليت تركها والدها مع ذلك المت نفسها‬
‫أحياان و متنت لو غريت رأيها و صارت‬
‫اقل عنادا و تركت ستيفان يشرتي‬
‫أسهمها كما كان يريد سأهلا نيكوالس ‪-:‬‬
‫امل تشعري أن ستيفان كان يتوقع منك أن‬
‫تدعيه يسرتد األسهم اليت متلكينها ‪.‬‬
‫كان نيكوالس متمددا يف تراخ حتت مشس‬
‫الشاطئ و كأمنا ال جيب ااثرة ذلك‬
‫املوضوع مطلقا و كان واضحا انه يعتربها‬
‫خمطئة أو متفائلة أكثر مما جيب علي األقل‬
‫إذا توقعت أن يتصرف أخوه أبي طريقة‬
‫غري اليت اتبعها معها ‪.‬‬
‫‪ -‬مل يكن يل العلم بوجود هذه األسهم‬
‫ابمسي ‪ ،‬إيل أن اخربين ستيفان بذلك ‪ ،‬ومل‬
‫افهم سبب ترك والدي هذه األسهم‬
‫ابمسي ‪ ،‬لكنين مل أتوقع من ستيفان أن‬
‫يطلب شرائها ‪.‬‬
‫كان يبدو علي كاترين إهنا غري مراتحة‬
‫ملوافقته الواضحة علي اقرتاح ستيفان‬
‫ابسرتداد األسهم و نظرت إليه يف عتاب‬
‫و قالت ‪ -:‬كنت أمتين إن ينبهين احد ملا‬
‫يدور يف خلد ستيفان قبل أن يقابله يف‬
‫مكتبه ‪.‬‬
‫وضحك نيكوالس هبدوء و مد يده و‬
‫ملس ذراعها مداعبا و قال ‪-:‬‬
‫إذا كنت تقصدينين اي مجيليت فلم أكن‬
‫اعرف سبب استدعاء ستيفان لك ‪ .‬قلت‬
‫لك ذلك يف حينه لو عرفت ‪..‬‬
‫وهز كتفيه ففهمت كاترين أن هذا ما‬
‫كانت تنتظر من عدم االهتمام أبمورها ‪،‬‬
‫فلم يكن ليخطر علي ابل نيكوالس أن‬
‫هناك أي شيء غري معقول ابلنسبة إيل‬
‫رغبة ستيفان يف ضم اسهمتها إيل أسهم‬
‫العائلة ‪ ،‬فالربغم من لطفه و استعداده‬
‫لعمل كل ما وسعه ليسعدها لكنه يتفق‬
‫مع ستيفان يف رأيه و سلكوه حنو اجلنس‬
‫األخر وال شك انه كان يعتقد أن متسكها‬
‫ابألسهم ليس فق غري منطقي بل غري‬
‫الئق أيضا ‪ ،‬لكنه مل يكن سيغضب كما‬
‫غضب أخوه ‪ ،‬وكان عليها أن تعرف متاما‬
‫انه لن يقدم إليها أي مساعدة لكنها‬
‫كانت يف حاجة إيل شخص تثق به لتبوح‬
‫له أبسرارها ‪ ،‬ومبا أهنا كانت تقضي مع‬
‫نيكوالس معظم وقتها اعتربته جديرا‬
‫بذلك و سأهلا ‪ -:‬امل تعريف أن والدك‬
‫ميتلك أسهما يف شركة مالحة ميدوبوليس‬
‫!‬
‫وأومأت كاترين و قالت ‪-:‬‬
‫بكل أتكيد لكن مبا أن الولدين مها ولدا‬
‫ماري كنت انتظر أن يراث األسهم و لذلك‬
‫فوجئت عندما علمت من ستيفان أن‬
‫والدي ترك األسهم يل ‪.‬‬
‫فقهقه نيكوالس عميقا و قد بدا يف عينيه‬
‫السودوين انه سعيد مبوقف أخيه احلرج م‬
‫قال ‪-:‬‬
‫وال شك أن ستيفان فوجئ أكثر عندما‬
‫اخربه احملامي بذلك ‪ ،‬فمركزه كوصي علي‬
‫الطفلي كان ميكنه من وضع يده علي‬
‫األسهم بطريقة آلية ‪.‬‬
‫وأدارت كاترين رأسها و نظرت إليه برهة‬
‫وهي تقلب األمر يف ذهنها قالت ‪-:‬‬
‫هل كان سبب غضبه عندما رفضت بيع‬
‫األسهم له ! وهل هو يف حاجة إيل‬
‫امتالك مزيد من األسهم ؟ ‪.‬‬
‫فهز نيكوالس رأسه ابلنفي و ضحك‬
‫ضحكة صفراء و رد قائال ‪-:‬‬
‫ال ال ال انه صاحب النصيب األكرب من‬
‫األسهم فهو يف غري حاجة إيل املزيد و ال‬
‫يريد مساعدة اآلخرين ‪ ،‬ال اي مجيليت ما‬
‫اغضب ستيفان هو انه اضطر إيل التعامل‬
‫معك أيتها الكرة النارية الصغرية احللوة ‪.‬‬
‫و ضحك مرة أخري و متطي مثل قط‬
‫ماكر خطري ‪.‬‬
‫وددت لو رأيت وجهه عندما رفضت‬
‫طلبه ‪ ،‬فالنساء ال يرفضن ألخي البكر‬
‫شيئا بل حيني رؤوسهن طاعة و يعرتفن‬
‫أبنه علي حق دائما‬
‫‪ -‬ولكنين لست منهم ‪ .‬قالت كاترين‬
‫هذا و رفعت ذقنها و امحر وجهها وهي‬
‫تتخيل مدى الغضب ستيفان عندما‬
‫رفضت طلبه ‪.‬‬
‫مث أردفت تقول حبسم ‪-:‬‬
‫أان جادة فيما أقول اي نيكوالس ‪ ،‬هذا‬
‫أمر ال يستهان به وال يثري الضحك !‬
‫و نظرت كاترين إيل اجلسم الربونزي‬
‫املتمدد جبانيها علي الرمال ‪ ،‬وكانت عينا‬
‫نيكوالس مغمضتي و يداه معقودتي وراء‬
‫رأسه األسود و يرتدي سرواال قصريا‬
‫ابيض اللون ‪.‬‬
‫كان الشاطئ مكاان مثاليا للسباحة ‪ ،‬يبعد‬
‫عدة أميال عن املنزل و يقع يف طرف‬
‫اجلزيرة ‪ ،‬ومن يستلقي هناك يتصور انه‬
‫وحده علي اجلزيرة ‪ ،‬وعلي شاطئها الرمل‬
‫الناعم الذي حييط به األحراش و أنواع‬
‫األشجار اليت تغطي معظم ارض اجلزيرة ‪.‬‬
‫وكانت مياه البحر زرقا و النسيم يلطف‬
‫حرارة الشمس و جيعلها حمتملة و الواقع‬
‫إن كاترين كانت محقاء مبناقشة أمور مثل‬
‫بيع األسهم و خالفها مع ستيفان يف‬
‫ذلك املكان اهلادئ اجلميل الذي يوجد‬
‫فيه كل ما ميكن أن تتمتع به ‪ ،‬كما يوجد‬
‫فيه نيكوالس لتتمتع معه ‪ ،‬كان ابلتأكيد‬
‫واد من أكثر الشبان الذين عرفتهم يف‬
‫حياهتا جاذبية و ظرفا ‪ .‬وكانت واثقة متاما‬
‫انه لن مير وقت طويل قبل أن تتصور إهنا‬
‫غارقة يف حبه مهما أوحي إليها عقلها ابن‬
‫هذا الشيء ابعد ما يكون عن احلكمة ‪.‬‬
‫وكان نيكوالس كان يقرأ أفكارها فتح‬
‫عينيه و أابتسم هلا و مد يده و جذبت‬
‫إليه بينما راحت عيناه الداكنتان تداعباهنا‬
‫عبوسها و جديتها و قال هلا هامسا ‪-:‬‬
‫ال تكوين جادة عابسة ‪ ،‬ملاذا ال تبتسمي‬
‫يل اي مجيليت ؟ ‪.‬‬
‫فنهرته كاترين قائلة ‪ -:‬نيكوالس ‪..‬‬
‫وعضت علي شفتيها فمنذ أخربهتا هيلي‬
‫أن نيكوالس ينتظر أن يتزوج فتاة من‬
‫عائلة بيدوبولوس عندما حيي الوقت‬
‫املناسب و كاترين ال تشعر ابالرتياح‬
‫عندان يغازهلا نيكوالس ‪ .‬وكانت تتذكر‬
‫جيدا أن نيكوالس ال يتورع عن اللهو و‬
‫العبث و خيانة خطيبته و كان عليها أن‬
‫تتذكر إن هذا الزواج مبعرفة ستيفان الذي‬
‫يكره أن تفشل مشاريعه و خصوصا إذا‬
‫تسبب أي غريب يف ذلك ‪.‬‬
‫مث شعرت بيده تلمس فمها خبفة لتسكتها‬
‫عن االحتجاج بينما أمسكت يده‬
‫االخري هبا و جذبتها إليه ‪ ،‬وكانت يده‬
‫قوية ال تقاوم و عينياه نصف مغلقتي‬
‫تنظران بفتور إيل جسمها املنسق يف رداء‬
‫البحر الداكن ‪.‬‬
‫وقال هامسا وهو جيذهبا بشدة حىت قربت‬
‫منه و شعرت أبنفاسه ‪-:‬‬
‫انك مجيلة جدا ‪ ،‬وليس لك أن تكوين‬
‫جادة ‪.‬‬
‫فردت عليه تقول ‪ -:‬بل ال بد أن أكون‬
‫جادة اي نيكوالس يف هذا املوضوع ‪.‬‬

‫‪ -‬ليس معي ‪.‬‬


‫وبدأت تضعف كان لينكوالس أتثري عليها‬
‫‪ ،‬ولكنها تذكرت تلك الفتاة املخطوبة له‬
‫فوضعت يديها علي صدره لتقعد بعيدا‬
‫عنها و تقاوم جذبه هلا و لكنه مهس يف‬
‫صوت رقيق ‪:‬‬
‫‪ -‬كاترينا ‪ ...‬انسي األسهم و انسي‬
‫ستيفان اي مجيليت ‪.‬‬
‫مث عانقها خبفة و قال ‪ -:‬من اجلي ‪...‬‬
‫أرجوك ‪.‬‬
‫‪ -‬نيكوالس ‪.‬‬
‫فتمتم ببضع كلمات يواننية جعلت كاترين‬
‫ترجتف أتثريا مث اقرتبوا كان انه طعم وقع‬
‫كلماته اليواننية عليها ‪.‬‬
‫وكانت كاترين أول من رأي ظال يقع‬
‫عليهما و حيول بي جسميهما و بي أشعة‬
‫الشمس الالفحة ‪ .‬فعرفت توا صاحب‬
‫هذا الظل حىت قبل أن تفيق و تفتح‬
‫عينيها لرتاه أو تسمع صوته البارد‬
‫املعروف الذي خياطب نيكوالس بلهجة‬
‫جافة ‪-:‬‬
‫جاءك ضيوف اي نيكوالس ‪.‬‬
‫ارتبك نيكوالس لظهور أخيه فجأة و‬
‫لكنه حاول إخفاء ذلك بشجاعة طبيعية‬
‫تساعده يف مثل هده املواقف و استدار و‬
‫نظر إيل ستيفان من خالل عيني مثقلتي‬
‫ابلسرور و تظاهر بعدم املباالة و قال ‪:‬‬
‫‪ -‬حقا ؟ و من ؟ ‪.‬‬
‫فرد عليه ستيفان ابقتضاب قائال ‪-:‬‬
‫ليون بيدوبولوس و أثينا ‪.‬‬
‫‪ -‬أوه ‪...‬‬
‫امتعضي نيكوالس و قام وهو يساعد‬
‫كاترين علي القيام و يزيل عن جسمه مث‬
‫أضاف قائال ‪:‬‬
‫‪ -‬املفروض مين يف تلك احلالة أن‬
‫استقبلهما وأرحب هبما ‪.‬‬
‫فرد عليه ستيفان بسرعة و قال ‪-:‬‬
‫ابلطبع ‪.‬‬
‫مث قال مشريا لوجود مها معا ‪ -:‬أحسنت‬
‫ابجمليء إليك بنفسي و مل أرسل دميرتي‬
‫لك ‪.‬‬
‫ولكن نيكوالس جتاهل اإلشارة و ابتسم‬
‫لكاثرين و يسخط علي زائريه قائال ‪-:‬‬
‫أسرعي و ارتدي مالبسك اي كاترين‬
‫لنذهب إيل املنزل ‪ ،‬أان أسف ألنين‬
‫أفسدت عليكي يومنا هذا اي مجيليت ‪.‬‬
‫رد عليه ستيفان قائال ابلصوت البارد‬
‫نفسه الذي يعرب عن االستياء !‬
‫‪ -‬بل تذهب وحدك فهما ال يعرفان انك‬
‫مع كاترين و أان حريص أال يعرفا لذلك‬
‫جئت بنفسي إلبالغك بوجودمها ‪ .‬ارتد‬
‫مالبسك و اذهب وحدك ملقابلة آل‬
‫بيدوبولوس و سأحضر كاترين ابلسيارة‬
‫بعد دقائق ‪.‬‬
‫حاوال نيكوالس أن حيتج لكنه عندما رأي‬
‫بريق الصلب يف عيين أخيه غري رأيه ومل‬
‫يتعرض علي شيء بل هز كتفيه يف‬
‫استسالم و ارتدى مالبسه ومل يستغرق‬
‫ارتداء املالبس فرتة طويلة ‪ ،‬ومل تتحرك‬
‫كاترين لكنها وقفت جبوار ستيفان راحت‬
‫تزيل الرمل عن جسمها و حتاول أن ختفي‬
‫رعشة يديها ‪ ،‬و أدهشها هذا السلوك‬
‫املستبد لكنها مل تشعر ابلغضب بقدر ما‬
‫أحست ابلسعادة إلصراره علي مرافقتها‬
‫‪.‬‬

‫وارتدي نيكوالس قميصا و بنطلوان لبيض‬


‫اللون و لبس حذائه و مشط شعره بيديه‬
‫و استدار قائال ‪-:‬‬
‫سأراك اثنية اي مجيليت ! ‪.‬‬
‫وبدا يف عينيه انه يضيق بسيطرة أخيه‬
‫عليه ‪.‬‬
‫ورد ستيفان حامسا قبل أن ترد عليه‬
‫كاترين اببتسامة ‪:‬‬
‫‪ -‬بل تستضيف خطيبتك و إايها ‪،‬‬
‫وسوف اعمل علي أن تعود كاترين إيل‬
‫املنزل خبري ‪.‬‬
‫وكانت عيناه السوداوان تقيساهنا و‬
‫تنظران إيل قوامها الرشيق وهي ترتدي‬
‫مالبس البحر مث قال ‪:‬‬
‫‪ -‬سوف اعمل علي أال تشعر كاترين‬
‫ابمللل بعد أن حترم من صحبتك ‪.‬‬
‫ول يرد نيكوالس علي أخيه بل وضع‬
‫نظارتيه و استدار و ذهب يل حيث‬
‫وقفت سيارته مث ركب نيكوالس السيارة‬
‫بسرعة فائقة أو هكذا اعتقدت كاترين‬
‫ابلرغم من تعرج الطريق و ضيقه ‪ ،‬وكان‬
‫واضحا انه ابلرغم من غضبه و تربمه‬
‫يطيع ستيفان طاعة عمياء ‪ ،‬ومرة أخرى‬
‫دهشت كاترين علي االستبداد التام الذي‬
‫يطبقه ستيفان علي أسرته ‪.‬‬
‫وبعدما غابت السيارة نيكوالس خلف‬
‫أول منحين من الطريق نظرت إليه كاترين‬
‫‪ ،‬بعني براقتي ميألمها التحدي لتثبت أن‬
‫سلطانه و جربوته ال يسراين عليها ‪ .‬كان‬
‫رأسها يرتفع عاليا وهي تنظر ايل ستيفان‬
‫و تتفرس يف قسماته السمراء القاسية و‬
‫مرت حلظة بدون ان تتكلم مث احننت و‬
‫التقطت صندهلا و ارتدته قائلة ‪:‬‬
‫‪ -‬ميكنين العودة سريا علي األقدام‬
‫وحدي قال هتتم ابنتظاري ‪ ،‬أشكرك ‪.‬‬
‫وايت الرد ‪ -:‬لن تفعلي هذا ‪.‬‬
‫كان صوته هادائ ابردا و لكنه كان‬
‫مسيطرا أمرا ‪ ،‬و رفعت كاترين ذقنها و‬
‫قالت بلهجة حامسة واضحة ‪:‬‬
‫‪ -‬لست خائفة منك مثل نيكوالس اي‬
‫ستيفان ولن افعل ما أتمرين به و سأعود‬
‫إيل املنزل سريا علي األقدام وحدي ‪.‬‬
‫كانت القوة واضحة يف هاتي الكتفي‬
‫العرضي و بدت صالبة جسمه ساطعة يف‬
‫قوهتا حىت شعرت كاترين برجفة خوف‬
‫عندما واجهت الغضب املتوهج يف عينيه‬
‫السوداويي و قال هلا حبسم ‪:‬‬
‫‪ -‬بل ستعودين يف السيارة معي ‪،‬كان يف‬
‫وسعي أن أرسل احد اخلدم للعثور عليك‬
‫أنت و نيكوالس ولكين ال أريد إطالع‬
‫اخلدم علي أسراران ‪،‬مل أتعود أن أجوب‬
‫اجلزيرة لعثر علي املكان الذي أخذك‬
‫نيكوالس إليه ‪ ،‬فعندما وصل بيدوبولوسو‬
‫ابنته فجأة استقبلهما غريغوري بينما‬
‫جئت للبحث عن نيكوالس و قال‬
‫غريغوري هلما إن نيكوالس يسبح وحده‬
‫بينما تتنزهي أنت معي يف السيارة ‪.‬‬
‫‪ -‬وبدا كل شيء واضحا أمام كاترين‬
‫اآلن و أتكدت أن ستيفان ال يريد فشل‬
‫مشروع زواج نيكوالس وقد بذل ما يف‬
‫وسعه ليمنع أثينا من اكتشاف وجود‬
‫خطيبها مع امرأة أخري ‪.‬‬
‫ومل تكن الشهامة وحدها اليت جعلته يصر‬
‫علي مرافقتها إيل املنزل ‪ ،‬بل كان بود أن‬
‫يؤكد قصته آلل بيدوبولوس و متتمت‬
‫كاترين قائلة ‪ -:‬فهمت ‪.‬‬
‫ورد ستيفان بربود ‪ -:‬ال اعتقد انك‬
‫فهمت علي اإلطالق ‪ ،‬أثينا بيدوبولوس‬
‫فتاة عادية و ليس هلا مجلك ابلتأكيد‬
‫لكنها مغرمة جدا بنكوالس و لذلك مل‬
‫أشأ أن اتركها تغضب عندما تراه راجعا‬
‫مع فتاة مثلك ‪.‬‬
‫‪ -‬مثلي أان !!‬
‫قالتها كاترين حبدة فقد ظنتها إهانة‬
‫مسترتة هلا ولكن الدهشة بدت علي وجه‬
‫ستيفان لسؤاهلا هذا و رفع حاجبيه‬
‫الداكني وقال هبدوء ‪ -:‬إذا كنت فتاة‬
‫اقل مجاال هل كنت حتبي رؤية خطيبك‬
‫بصحبة فتاة مجيلة هلا شعر امحر ؟ ‪.‬‬
‫ومن العجب إن هذه اجملاملة برغم انه‬
‫قدمها يف برود وهدوء لكنها أاثرت‬
‫كاترين و اخذ قلبها خيفق أسرع من‬
‫املعتاد و نبضها يسرع يف عروقها بينما‬
‫وقفت كاترين جبواره هناك علي الرمل‬
‫األبيض مث تلفتت تبحث عن مالبسها و‬
‫قالت وهي تكاد تلهث أتثريا ‪ -:‬جيب أن‬
‫ارتدي مالبسي‬
‫ولكنه قال ‪ -:‬ال داعي للعجلة فالوقت‬
‫أمامنا واسع ‪.‬‬
‫ومرة أخري مسعت قلبها خيفق بسرعة‬
‫عندما مسعته يقول أمامنا بال كلفة فنظرت‬
‫إليه و الفضول يف عينيها و احلمرة تكسو‬
‫وجهها وعندما واجهت الوهج العميق من‬
‫هاتي العيني السوداويي قالت متسائلة ‪:‬‬
‫‪ -‬انك تود أن حتكم اللعبة إيل أخر‬
‫أبعادها ‪ ،‬وبكل تفاصيلها فاملفروض أن‬
‫أكون معك و لذلك جيب أن ارجع إيل‬
‫املنزل معك ‪.‬‬

‫‪ -‬هذا يبدو شيئا معقوال يف رأيي ‪...‬‬


‫فهزت كاترين رأسها و كان الفضول ال‬
‫يزال يف عينيها و قالت ‪:‬‬
‫‪ -‬أال تتعب أبدا من التدخل يف حياة‬
‫الغري و إدارة شؤوهنم بدال منهم ؟ ‪.‬‬
‫‪ -‬ولعجبها مل يفقد ستيفان أعصابه كما‬
‫توقعت بل ضم شفتيه قليال و رفع حاجبه‬
‫متسائال ‪:‬‬
‫‪ -‬هل هذا ما تعتقدين ؟‬
‫فنظرت إليه كاترين برهة مث قالت ‪-:‬‬
‫تعرف جيدا انك تفعل ذلك ‪.‬‬
‫واعرتف هبدوء قائال ‪ -:‬علي مسؤوليات‬
‫معينة وجيب أن أبت القرارات اليت أراها‬
‫مناسبة لعائليت ‪.‬‬
‫‪ -‬حين القرارات اخلاصة ابلزواج ؟ ومن‬
‫جيب أن يتزوجوا ‪ ..‬سواء وافقوا او مل‬
‫يوافقوا ‪.‬‬
‫وودت كاترين لو قطعت لساهنا و مل تقول‬
‫تلك العبارات فقد طغي الغضب علي‬
‫وجهه و اكفهرت قسماته رأت كاترين‬
‫ستيفان غاضبا عندما رفضت بيع أسهمها‬
‫له يف شركة ميدوبوليس لكنها اآلن وهي‬
‫تنتقد سلوكه مع عائلته شعرت إهنا‬
‫جتاوزت كل حدود اللياقة ‪ ،‬فوقف صامتا‬
‫ال يتحرك ملدة طويلة ‪ .‬متنت كاترين فيها‬
‫أن تغرب عن وجهه ‪ ،‬لكنها كانت ال‬
‫تزال مبالبس البحر مث أين تفر فاجلزيرة‬
‫كلها ملكه وهي مملكته و أخريا أدركت‬
‫معين كلمات هيلي عندما أشارت إيل إن‬
‫للجزيرة قضبان خفية تطبق علي من فيها‬
‫و جتعلها سجنا ‪.‬‬
‫توهجت عيناه الداكنتان الربقتان وكأهنما‬
‫قطعتان من العقيق الثمي وها حتدقان‬
‫فيها ‪ ..‬كان فمه مستقيما مزموما تبدو‬
‫عليه القسوة كما تبدو يف اليدين‬
‫الكبريتي اللتي تكورات يف قبضتي قويتي‬
‫و تركهما إيل جانبه ‪ ،‬وقال يف صوت‬
‫صارم ابرد ‪:‬‬
‫‪ -‬امحدي هللا انك لست من أفراد عائليت‬
‫‪ .‬فتدخلك يف األمور اليت ال تعنيك أمر‬
‫ال يغتفر ولن احتمله ‪ .‬مع ذلك ‪...‬‬
‫هز كتفيه العريضي مث أردف قائال ‪:‬‬
‫‪ -‬مبا انك لست من عشريتنا وال تفهمي‬
‫أسلوبنا يف احلياة فيجب أن اغفر لك‬
‫بعض أخطائك ولن افعل شيئا هذه املرة ‪.‬‬
‫وشعرت كاترين ابرجتاف أطرافها و‬
‫جسمها كله وهي تواجهه و تساءلت هل‬
‫ميكن أن يكون هذا املشهد حقيقا أم إهنا‬
‫حتلم ‪ ،‬ولكن هذا املارد الكريه الواقف‬
‫أمامها حقيقي و غضبه حقيقي ‪ ،‬وشعرا‬
‫فجأة أال حول هلا وال قوة برغم تصميمها‬
‫أن تبقي خارج سيطرته ‪.‬‬
‫وبدأت تقول ‪ -:‬لن تقدر ‪...‬‬
‫لكنه احنين و التقط ثوهبا ااالخضر و‬
‫قدمه إليها قائال ‪ -:‬ارتدي مالبسك ‪.‬‬
‫وبعد برهة ترجج تناولت الثوب فلم يكن‬
‫بوسعها إال طاعته فارتدت الثوب لكنها مل‬
‫تتمكن من قفله إذ كانت فتحته من‬
‫اخللف ولك يكن يف وسعها الوصول إليها‬
‫‪ ،‬ومل يكن يف نيتها اللجوء إليه ليساعدها‬
‫فقد شعرت بضيق شديد من معاملته ‪.‬‬
‫ومل تستعمل كاترين صباغا لوجهها ومل هتتم‬
‫بتمشيط شعرها ‪ ،‬مث استدارت و سارت‬
‫حنو الطريق املنحدر و مسعته يناديها‬
‫فالتفتت إليه و كان وجهها ابردا ال يبشر‬
‫ابلود‬
‫‪ -‬كاترين ‪ ،‬أظن انك ال تقصدين الرجوع‬
‫إيل املنزل هكذا ‪.‬‬
‫وشار إيل الثوب فهزت كاترين كتفيها‬
‫وهي تتعمد عدم االكرتاث و قالت ‪ -:‬ال‬
‫حيلة يف ذلك فليس يف وسعي إقفاله ‪.‬‬
‫وسأهلا ‪ -:‬ماذا كنت ستفعلي لو كان‬
‫نيكوالس معك ؟‬
‫وشعرت كاترين إن الدم صعد إيل وجهها‬
‫و نظرت إيل اجلهة االخري وبدون أن‬
‫ينطق كلمة أخري أدار ستيفان كاترين‬
‫فارجتفت وتالحقت خفقان قلبها وهو‬
‫يقفل ثوهبا و كان قلبها خيفق بشدة عندما‬
‫شعرت أبصابعه و سالت نفسها هل‬
‫مهارته ترجع إيل مترسه يف هذه األمور‬
‫وهو شيء مل خيطر يف ابهلا أبدا ‪ ،‬ولكنها‬
‫أبعدت هذا اخلاطر من ذهنها بسرعة ألهنا‬
‫شعرت انه سبب هلا قلقا ال مربر له ‪،‬‬
‫فمن احملتمل أن يكون تصرف ستيفان‬
‫كتصرف أي رجل أخر يف موقفه ‪ ،‬خاصة‬
‫إهنا مسعت قصصا كثرية عن مغامرات‬
‫الرجال ففي اجلزر اليواننية ‪ ،‬فالتفكري‬
‫هبذه الصورة كان يثري قلقها وودت لو‬
‫فكرت يف ستيفان كمجرد وصي علي‬
‫الطفلي و مضيفها‬
‫وعندما رفع ستيفان شعرها عن عنقها كي‬
‫يكمل إقفال الثوب المست أصابعه‬
‫جلدها الناعم برقة مما جعلها ترجتف‬
‫وتعض شفتها بشدة ‪.‬‬
‫مث قالت يف صوت ينم علي مدى أتثرها‬
‫به و شعورها بقربه ‪ -:‬شكرا لك ‪.‬‬
‫ولكنه ظل صامتا فرتة و يداه علي كتفيها‬
‫و ظلت ترجتف و تتطلع إيل ما سوف‬
‫حيدث و شعرت بيديه علي كتفيها و‬
‫دفء كفيه و قوهتما ومها تتقلصان يف‬
‫قبضة اراتحت هلا ومل تؤملها مث قال برقة ‪:‬‬
‫‪ -‬لن تقويل انك كنت مع نيكوالس ‪.‬‬
‫ومل يكن هذا السؤال بقدر ما كان أمرا ‪،‬‬
‫وكان صوته عميقا و ملهما كصوت‬
‫نيكوالس ولكنها استجابت له بصورة‬
‫اقوي و أعمق ‪.‬‬
‫وشعرت كاترين بضعف و حتثها رغبة‬
‫عارمة أبن تغمض عينيها و تستند إليه مث‬
‫قالت له ‪ - :‬لن ‪..‬‬
‫مل تكن تعرف ما تقول و قد منعتها يداه‬
‫القويتان من القيام أبي حركة كانت‬
‫أصابعه ال تتظاهر ابلرقة اآلن عندما‬
‫ضغط بشدة علي كتفيها و قال بصوت‬
‫هامس حيذرها ‪:‬‬
‫‪ -‬ال تتسبيب يف غضيب اي كاترين مرة‬
‫أخري و أطيعي أوامري من فضلك ‪.‬‬
‫وعندما مل ترد أدارها ببطء لتواجهه و‬
‫بدون أن تشعر استندت كاترين إليه و‬
‫ألقت شعرها األمحر إيل اخللف فكشف‬
‫عن عنقها العاجي الناعم و ملعت عينياه‬
‫حلظة مث احنين و عانقها قائال ‪ -:‬كاترين‬
‫‪...‬‬
‫وكان صوته عمقا و قبضت أصابعه علي‬
‫ذراعيها بشدة وهو جيذهبا إليه و شعرت‬
‫بتوتر عضالته كأنه حياول املقاومة ‪ ،‬مث‬
‫ألقت ذراعيها حول عنقه و أغمضت‬
‫عينيها و ضمها إليه ولكنه سرعان ما‬
‫أطلقها فجأة و راح ينظر إليها بنظرات‬
‫براقة مما جعلها ترجتف مث تساءلت قائلة‬
‫‪ -:‬ستيفان ‪.‬‬
‫وظنت حلظة انه سيرتكها و يغادر املكان‬
‫عندا أدرا هلا ظهره ولكنه تقدم ببضع‬
‫خطاة مث استدار اثنية و راح ينظر إليها‬
‫بثبات إيل أن غضت بنظرها قم قال هلا‬
‫هبدوء ‪ -:‬أسف‬
‫وطرفت عينا كاترين ألهنا مل توقع ذلك و‬
‫قالت بسرعة ‪ -:‬وملاذا أتسف ؟‬
‫أدهشها هدا االعتذار فلم تكن تتوقعه ‪،‬‬
‫كان أخر شيء تود أن تسمعه منه مث قال‬
‫بصوت هادئ ابرد النربات ‪:‬‬
‫‪ -‬جيب علي أن اعتذر فلم يكن من‬
‫الصواب أن انتهز الفرص هكذا‬
‫‪ -‬ولكنك مل تفعل ذلك ‪.‬‬
‫هكذا تفت كاترين بسرعة و هتوره و‬
‫نظرت إيل وجهه األمسر املتعجرف ذي‬
‫القسمات القوية بشيء من التحدي و‬
‫شعرت كأنه يعاملها كفتاة صغرية مل يقبلها‬
‫احد من قبل ‪ ،‬ومل تكن هذه احلقيقة‬
‫فحياهتا مل ختل من املغامرات و القبالت‬
‫لكنها مل تصادف هذه الطريقة املثرية من‬
‫قبل و لذلك قالت ‪:‬‬
‫‪ -‬نيكوالس ال يعتذر إذا عانقين ‪.‬‬
‫قالت ذلك وهي تنظر إليه من خالل‬
‫أهداهبا الكثيفة وتتساءل ملاذا تندفع و‬
‫تتهور هكذا ؟‬
‫فقطب ستيفان جبينه و حتول بريق عينيه‬
‫إيل غضب لكنها مل تقصد اإلساءة إليه‬
‫فرد حبدة قائال ‪:‬‬
‫‪ -‬ال شك انك تتكلمي من صميم‬
‫جتاربك وواقع مغامراتك وأان لست‬
‫نيكوالس و ال أمارس ألعاب األطفال اي‬
‫كاترين ‪.‬‬
‫‪ -‬وهل تعتقد إنين أمارسها ؟ ‪.‬‬
‫هناك شيء ال تستطيع مقاومته يدفعها إيل‬
‫الكالم وكانت تعرف إهنا تنتقم منه بطريقة‬
‫صبيانية وكان يبدو علي ستيفان انه يعلم‬
‫ذلك أيضا و قال ‪:‬‬
‫‪ -‬ال ادري أي نوع من ألعاب هذا و‬
‫ليس من حقي إن اعلم ‪.‬‬
‫مث قال برقة غري متوقعه ومد أحدى يديه‬
‫و ملس خدها خبفة مؤثرة ‪.‬‬
‫‪ -‬ولكن اي ستيفان إنين ‪...‬‬
‫وكانت كاترين تريد أن ختربه أهنا ال تعرتض‬
‫و انه ال حاجة إيل االعتذار ولكنه مل‬
‫يكف كن ليستمع إليها بل وضع إصبعه‬
‫غي شفتيها و هز رأسه و قال برقة‬
‫متوسال ‪:‬‬
‫‪ -‬انسي األمر كله اي كاترين ‪ ،‬انك ال‬
‫تدرين مدى أتثريك علي وابلرغم من رأيك‬
‫يف فأنين ال اخذ ما أريده عندما أريد وال‬
‫انتهز الفرص أبدا ‪.‬‬
‫وجذهبا من يدها وهو يقول ‪ ...‬هيا ‪...‬‬
‫سنعود اآلن إيل املنزل ‪.‬‬
‫‪ - 6‬دقائق االمور ‪.‬‬

‫اخرب نيكوالس كاترين ان زايرات اثينا‬


‫بيدوبولوس ووالدها املتكررة ايل اجلزيرة‬
‫شيء غري عادي و شعرت كاترين‬
‫ابالرتياح و تساءلت اذا كان السبب‬
‫وجودها يف املنزل ‪.‬‬
‫وكان ستيفان يبارك هذا الزواج بقلبه‬
‫وليون بيدوبولوس يتمين ان يري ابنته‬
‫زوجة ألحد افراد عائلة ميدوبوليس‬
‫الواسعة الثراء ‪ ،‬ولذلك حرص اجلميع‬
‫علي ان يتم هذا الزواج و ان يتالفوا‬
‫فشله بكل الطرق ‪.‬‬
‫ومن يدري رما كان السبب تعدد هذه‬
‫الزايرات اقرتاح ستيفان نفسه ‪ .‬الذي كان‬
‫يود اال ينسي اخوه االصغر نيكوالس‬
‫واجباته حيال خطيبته ‪ ،‬وااي كان املسؤول‬
‫عن ذلك فإن نيكوالس مل يكن يستيغ‬
‫هذا االمر اطالقا ‪ ،‬فمنذ فاجأ ستيفان‬
‫نيكوالس وكاترين علي الشاطيء زارت‬
‫اثينا ووالدها اجلزيرة مرتي يف مدة تزيد‬
‫قليال علي االسبوع ‪ ،‬و هذا ليس كثريا‬
‫علي شخص حيب خطيبته و يسعد‬
‫لرؤيتها ولكن نيكوالس مل يكن كذلك ‪.‬‬

‫و اشتاقت كاترين ايل صحبة نيكوالس‬


‫الذي كانت تقضي معه معظم وقتها ‪،‬‬
‫ومن دونه شعرت ابلضياع خصوصا ان‬
‫الولدين اصبحت يف رعاية كاسيا معظم‬
‫الوقت و مل تلق كاترين اي تشجيع من‬
‫هيلي لتكون قريبة منها ‪.‬‬
‫اما غريغوري فكان ميضي وقته مثل‬
‫ستيفان طائرا من جزيرة ايل اخري مشرفا‬
‫علي مكاتبهم العديدة ‪.‬‬
‫حملت كاترين يف طريقها ايل غرفتها بعد‬
‫الظهر السيدة ميدوبوليس ‪،‬‬
‫فالتفتت اليها اببتسامة و كانت كاترين قد‬
‫احبت هذه السيدة العجوز لطيبتها و‬
‫رقتها ‪ ،‬لكنها دهشت عندما وجدهتا‬
‫تشري اليها ابالقرتاب و مسعت وقع‬
‫خطوهتا علي ارضية البهو الكبري عندما‬
‫استدارت و اجتهت حنوها حيت بعد مضي‬
‫مخس اسابيع قضتها يف اجلزيرة ‪ ،‬كان‬
‫البهو يوحي ابنه متحف يوانين وكان بيث‬
‫يف نفسها شعورا ابلرهبة و تقدمت ايل‬
‫السيدة العجوز قائلة ‪-:‬سيديت ‪.‬‬
‫قالت كاترين هذه الكلمة وهي تنظر‬
‫اليسدة متسائلة فتفرست فيها السيدة‬
‫ميدوبوليس و ابتسمت قائلة ‪:‬‬
‫‪ -‬هل تسمحي يل ان اخذ من وقتك‬
‫قليال اي كاترينا ! ؟‬
‫وكانت مدام ميدوبوليسكأبنها نيكوالس‬
‫ينطقان امسها ابللغة اليواننية و تساءلت‬
‫كاتي اذا كان هذا اسهل هلا ام ألهنا ال‬
‫تتكلم االنكليزية بطالقة عكس اوالدها‬
‫فردت كاترين قائلة ‪:‬‬
‫‪ -‬بكل أتكيد اي سيديت ‪.‬‬
‫ودشت كاترين لكنها تبعت السيدة ايل‬
‫غرفة جلوسها اخلاصة اليت كان دخوهلا‬
‫وقفا علي الصفوة من افراد العائلة كما‬
‫اخربها نيكوالس مرة و شعرت ابالرتباك‬
‫و خفق قلبها ريعا بال سبب واضح ‪.‬‬
‫كانت الغرفة اصغر من اي غرفة رأهتا‬
‫كاترين يف املنزل ‪ ،‬هلا طابع تركي صرف ‪،‬‬
‫وكانت ارضية الغرفة مغطاة أبفخر‬
‫السجاد و املساند مصنوعة من االقمشة‬
‫الفاخرة و رائحة الزهور متألها و نكهة‬
‫القهوة الرتكية تعطيهاطابعا غريبا ‪.‬‬
‫وتدل النجف الربونزي الفخم من السقف‬
‫ومل يكن يتسرب ايل الغرفة شوى قليل من‬
‫اشعة الشمس من خالل نوافذ اخلشبية‬
‫املغلقة و كان اجلو ساخنا خانقا لكنه رائع‬
‫‪ ،‬و راحت كاترين تنظر ايل حمتوايت‬
‫الغرفة بعيني بدا فيهما الفضول ‪.‬‬
‫‪ -‬هل راقت لك غفيت ؟‬
‫سألتها السيدة ميدوبوليس برقة وهي‬
‫تبتسم كأهنا تعرف اجلواب مقدما فأومأت‬
‫كاترين و عادت السيدة العجور تسأهلا‬
‫‪ -:‬هل تشربي القهوة معي ؟ ‪.‬‬
‫فهزت كاترين رأسها بسرعة انفية ألهنا مل‬
‫تستيغ طعم القهوة الرتكية ابدا بل ما‬
‫اردات ان تشعر السيدة ميدوبوليس‬
‫بذلك فقالت بسرعة ‪:‬‬
‫‪ -‬ال شكرا اي سيدة ‪ ،‬ولكين اجد غرفتك‬
‫رائعة و اشعر بفخر لدعوتك ‪.‬‬
‫ظهر شبح ابستامة يف عيين السيدة‬
‫السوداوين و قالت هلا ‪:‬‬
‫‪ -‬اوالديال يتعربون وجودهم فخرا فيها اي‬
‫ابنيت ! كانو أيتون اليها لينالو حظهم من‬
‫التأنيب ! ‪.‬‬
‫وكانت الغرفة حتتوي علي عددا من‬
‫املقاعد لكن كاترين خحذت حذو‬
‫مضيفتها فرتبعت علي املساند املتنفخة و‬
‫ثنت قدميها حتثها وقالت وهي تبتسم ‪:‬‬
‫‪ -‬امتين اال اانل اان ايضا حظا من التأنيب‬
‫‪.‬‬
‫يف الغرفة املعتمة اكتسي وجه املرأة بشيء‬
‫من اجلديةرغم ابتسامتها العذبة فشعرت‬
‫كاترين ابخلوف و التقلص يف معدهتا ‪،‬‬
‫كانت تتصور اهنا اختطفت ووضعت مع‬
‫احلرمي برغم ان هذه الفكرة بدت‬
‫مضحكة ‪ ،‬فردت السيدة ميدوبوليس‬
‫بصوت خفيض و لكننها االجنبية القوية‬
‫‪:‬‬
‫‪ -‬رمبا ال تنالي عقااب ابلرغم منك انك‬
‫فتاة بلهاء اي صغرييت ‪ ،‬الست كذلك ؟‬
‫فنظرت اليها كاترين بقلق فوجودها يف‬
‫اجلزيرة منذ اكثر من شهر علمها ان تتقبل‬
‫كل ما تتوقعه وماال تتوقعه ‪ ،‬لكنها‬
‫شعرت يف تلك اللحظة ابلقلق جلهلها‬
‫سبب استدعاء من قبل السيدة‬
‫ميدوبوليس مث قالت ‪-:‬‬
‫ال افهم ما تقولي اي سيديت ‪.‬‬
‫فنظرت اليها مدام ميدوبوليس و كانت‬
‫نظرهتا اثبتة ذكرهتا بنظرات ستيفان مث‬
‫قالت برقة ‪ -:‬اظن انك تفهمي كل‬
‫شيء اي كاترينا ‪.‬‬
‫و تضاربت االفكار يف رأس كاترين هل‬
‫هو نيكوالس و اهتمامه هبا ؟ هل‬
‫الحظت السيدة العجوز ذلك وكان جيب‬
‫اال تشجعه ابدا اذا ارادت ان تربئ‬
‫نفسها و تؤكد للسيدة اهنا ال تنوي ايقاعه‬
‫‪ ..‬فبادرت ابلقول ‪:‬‬
‫‪ -‬اذا كنت تقصدين نيكوالس ‪.‬اي سيديت‬
‫‪ ..‬يف وسعي ان ‪...‬‬
‫قاطعتها السيدة العجز وهي هتز رأسها‬
‫هبدوء قائلة ‪ -:‬ال اتكلم عن نيكوالس‬
‫بل عن ستيفان ‪.‬‬
‫‪ -‬ستيفان ؟‬
‫مل يكن احد غريها هي و ستيفان يعرف‬
‫شيئا عما دار بينهما علي الشاطيء منذ‬
‫اسبوع ومع ذلك امحر وجه كاترين عندما‬
‫تذكرت ما حدث يومها مما جعل السيدة‬
‫ميدوبوليس تدقق النظر فيها و تتعجب‬
‫لذلك فسألتها مدام ميدوبوليس هبدوء ‪:‬‬
‫اال تعرفي ماذا اعين ؟‬
‫فأشاحت كاترين عينيها و مل تقو علي‬
‫النظر ايل السيدة و قالت ‪ -:‬ال اي سيديت‬
‫‪.‬‬
‫ومرت حلظة صمت سادت الغرفة‬
‫الساخنة اخلانقة و متنت كاترين من كل‬
‫قلبها لو اهنا تذرعت أبي سبب ومل تطع‬
‫املرأة و حتضر معها ايل هذه احلجرة ‪،‬‬
‫لكن مدام ميدوبوليس ‪ ،‬كانت عازمة علي‬
‫معرفة سبب اضطراب كاترين مما جعل‬
‫الدم يصعد ايل وجنتيها كالتلميذه الغرية‬
‫عندما تذكرت هذا ‪ ،‬و اخريا قالت هلا‬
‫برقة ‪:‬‬
‫اخلجل يبدو عليك اي كاترينا و يضفي‬
‫عليك جاذبية ‪ ،‬اان ال ادري لذلك سببا‬
‫عندما اذكر اسم ولدي امامك ‪.‬‬
‫اعرتضت كاترين قائلة ‪:‬‬
‫‪ -‬سيديت انك تبالغي يف االمر ‪ ،‬ال اشعر‬
‫ابخلجل بل اجد ان جو الغرفة حارا جدا‬
‫هذا كل مايف االمر ‪.‬‬
‫‪ -‬فهمت اآلن ‪.‬‬
‫وراحت يداها تنسقان زهور امليمورا يف‬
‫انية الفخار الكبرية ايل جانبها مث‬
‫استطردت تقول ‪:‬‬
‫‪ -‬البد ان نيكوالس هو الذي جيذبك‬
‫اليس كذلك ؟ ‪.‬‬
‫وقالت كاترين حبذر ‪ -:‬اين اعجب‬
‫بنيكوالس و لكنه مرتبط ابآلنسة‬
‫ميدوبوليس فهو خطيبها ابلطبع ‪.‬‬
‫و كررت السيدة العجوز كلمتها االخرية‬
‫و قالت ‪ -:‬طبعا و اثينا فتاة لطيفة مع‬
‫ان نيكوالس مل يقتنع بعد هبذه احلقيقة ‪.‬‬
‫‪ -‬اذا كان ‪...‬‬
‫و عضت كاترين شفتها بسرعة و مل تكمل‬
‫كالمها فلن جترؤ علي انتقاد اسلوب‬
‫زواجهم اما السيدة ميدوبوليس فهي ال‬
‫بد ان تؤيد ستيفان و كفاها ما بدر عنه‬
‫عندما انتقدت ذلك االسلوب و سألتها‬
‫السيدة ميدوبوليس برقة و عيناها‬
‫الداكنتان تربقان عندما رأت ما مخنتخ‬
‫صحيح ‪.‬‬
‫‪ -‬اال تؤمني بتقالدينا يف الزواج ؟ ولكين‬
‫اري اهنا الطريقة االفضل اي كاترينا ‪.‬‬
‫واجابت كاترين ‪ -:‬رمبا كانت الطريقة‬
‫املثلي للذين اعتادوها ‪.‬‬
‫و طمأنتها السيدة العجوز برقة قائلة ‪-:‬‬
‫اان متأكدة شخصيا اهنا جتلب السعادة ايل‬
‫اجلميع ‪.‬‬
‫و دخلت الريبة قلب كاترينا فجأة تقلقها‬
‫و نظرت ايل السيدة العجوز خبوف و‬
‫حذر و قالت هلا ‪ -:‬امتين اال حياول‬
‫ستيفان التدخل يف تدبري امر زواجي اان‬
‫ايضا ‪.‬‬
‫و مرة اخرة ظهرت يف عيين املرأة نظرة‬
‫فاحصة فأرادت ان تطمئنها فقالت هلا‬
‫‪ -:‬ال اظن انه سيفعل ذلك برغم انه قد‬
‫يؤثر علي اختيارك ‪.‬‬
‫و اجابت كاترين حبسم ‪ :‬مستحيل ‪.‬‬
‫مث نظرت ايل السيدة العجوز بقلق‬
‫فابتسمت السيدة كاترين كالمها ‪ :‬ولكن‬
‫ليس هذا ما اردت التحدث معي عنه‬
‫اليس كذلك سيدة ميدوبوليس ؟ ‪.‬‬
‫فجأة خفق قلبها وصممت ان هترب من‬
‫اجلزيرة أبي طريقة اذا اصر ستيفان علي‬
‫خيتار هلا زوجا بنفسه ‪.‬‬
‫‪ -‬ال اي صغرييت ‪ ،‬هذا بيس ما اردت‬
‫التحدث معك عنه ‪.‬‬
‫فسألتها كاترين ‪ :‬ملاذا اذن اي سيديت ؟ ‪.‬‬
‫وبتعلي مسات املرأة صرامة ذكرهتا بستيفان‬
‫فنظرت بقلق و اكنت قسماهتا داكنة اليت‬
‫تشبه الصقر جتعلها تشعر بضالة وهو‬
‫االحساس الذي اعتادته وهي مع ستيفان‬
‫مث قالت السيدة بتمهل ‪:‬‬
‫‪ -‬انك متلكي بعض االسهم يف شركة‬
‫ميدوبوليس ‪.‬‬
‫فشعرت كاترين ابلدم يصعد وجهها‬
‫وكانت تشعر ابلغضب هذه املرة و قالت‬
‫موافقا ‪ :‬نعم ‪.‬‬
‫وابتت يف عينيها اخلضراوين نظرة حتد‬
‫الحظتها السيدة علي الفور ‪.‬‬
‫ال تعتزمي بيعها ايل ستيفان ‪.‬‬
‫و اقرت كاترين بعناد ‪ -:‬لن ابيعها ‪.‬‬
‫وفكرت كاترين ان تدوس علي كرامتها و‬
‫تبيع االسهم ايل ستيفان و لكنه سأل‬
‫والدته املساعدة و حاول السيطرة عليها‬
‫بطرق ملتوية لذلك لن تلي او تطاوعه ‪.‬‬
‫ومدت املرأة يديها و اخذت يدي كاترين‬
‫بينهما ‪ .‬كانت اليدين صغريتي جافتي‬
‫برغم ذلك حامستان يف قبضتيهما ‪.‬‬
‫وقالت هلا وجهها اجملعد بقسماته الرتكية‬
‫تقرتب من كاترين يف حماولة ألقناعها و‬
‫التأثري عليها ‪.‬‬
‫االسهم لن تفيدك بشيء فلن ميكنك‬
‫حضور اجتماعات جملس االدارة كما كان‬
‫يفعل والدك ‪.‬‬
‫وقالت كاترين جتادهلا ‪ -:‬ال اري ما مينعين‬
‫من ذلك ‪.‬‬
‫فهزت السيدة رأسها و ارتسمت ابتسامة‬
‫صغرية ساخرة علي شفتيها و قالت ‪-:‬‬
‫انك ال تتكلمي اليواننية او تفهمينها اي‬
‫صغرييت ‪ ،‬فكيف ميكنك متابعة ما يدور‬
‫يف اجمللس ؟ ‪.‬‬
‫وضغطت ابصابعها النحيلة علي يديها يف‬
‫حماولة القناعها و استطردت قائلة ‪-:‬‬
‫وافقي اي صغرييت و دعي ستيفان يتويل‬
‫هذه االمور بنفسه ‪.‬‬
‫‪ -‬تقصدين بدال مين ؟‬
‫ومل ختطر هذه الفكرة هلا من قبل ووجدت‬
‫كاترين الطريقة مثلي للخروج من هذا‬
‫املأزق فهي حتفظ كرامتها و كرماة سيتفان‬
‫يف الوقت نفسه ‪.‬‬
‫وقالت السيدة ‪ :‬هل ستوافقي اذا كان‬
‫هذا هو احلل الوحيد ؟ ‪.‬‬
‫نظرت كاترين اليها بثبات و سألت نفسها‬
‫يف دهشة كيف يقبل سيتفان هذا احلل‬
‫الوسط و سألت السيدة ‪ -:‬وهل يقبل‬
‫ستيفان هذا احلل و يوافق علي الشروط‬
‫‪.‬‬
‫ابتسمت السيدة ميدوبوليس فبدت علي‬
‫وجهها االف التجاعيد و برقت عيناها‬
‫السوداوان و قالت ‪ -:‬اهنا خطوة علي‬
‫الطريق السوي ‪.‬‬
‫ومرة اخري جاءت اثينا بيدوبولوس‬
‫ووالدها اتناول العشاء مع االسرو و مرة‬
‫اخري اتيحت لكاترين فرصة لرؤية الفتاة‬
‫اليت سوف يتخذها نيكوالس زوجة له و‬
‫اليت اختارها ستيفان له ‪.‬‬
‫كانت اينا فتاة عادية كما قال سايفان مع‬
‫ان كلمة عادية وصف ظامل هلا اذ كانت‬
‫تتمتع بلطف جيعلها حمببة ايل النفس و‬
‫كانت متوسطة الطول مييل قوامها ايل‬
‫االمتالء ‪ ،‬عينيها سودواين مجيلتي ‪.‬‬
‫كان ستيفان علي حق عندما قال اهنا‬
‫حتب نيكوالس بل كانت يف الواقعتعشقه‬
‫و شعرت كاترين ابلعطف عليها ألهنا‬
‫تعرف نيكوالس جيدا و فهمت ملاذا قال‬
‫ستيفان ذلك اليوم علي الشاطيء انه ال‬
‫يريدها ان تعود ايل املنزل مع نيكوالس‬
‫حيت ال ترمها اثينا معا فينتاهبا القلق ‪،‬‬
‫ولكن اذا تزوجت اثينا فال بد ان تعرف‬
‫ان يتجذب ايل اجلنس االخر و لن يكون‬
‫امامها اال ان تستسلم هلذه احلقيقة ‪.‬‬
‫و كان من العادة اذا جاء ضيوف‬
‫لتناواللعشاء اان يتغري مظام جلوسهم‬
‫حول املائدة فلم جتلس كاترين جبانب‬
‫نيكوالس كاملعتاد لكنها وجدت نفسها‬
‫جالسة بي غريغوري و السيد بيدوبولوس‬
‫‪ ،‬اما نيكوالس فجلس يف مواجهتها‬
‫جبانب اثينا االمر الذي مل يكن يراتح له ‪.‬‬
‫وكان من العادة اذا جائهم ضيف ان‬
‫يرتدي اجلميع مالبس رمسية فبدا ستيفان‬
‫ببدلته السوداء و قميصه االبيض قوي‬
‫البنيان مل تر له كاثرين مثيال وال حيت يف‬
‫نيكوالس نفسه ‪ .‬وكانت مالبسه تضفي‬
‫عليه مسحة من الرومانسية برغم غطرسته‬
‫او رمبا بسبب غطرسته ‪ ،‬وبدا كعمالق‬
‫شرقي مهيب فـاثرت كاترين هبيته كثريا ‪.‬‬
‫وكان السيد بيدوبولوس ال يكلمها اال‬
‫قليال يف املرات السابقة عندما تالقيا ‪.‬‬
‫وذلك بسبب انشغاله يف احلديث مع‬
‫مضيفه الذي جاوره علي رأس املائدة ‪.‬‬
‫ومع ذلك انتبه نيكولساس اكثر من مرة‬
‫حياول لفت نظر كاترين اليه ‪ .‬االمر الذي‬
‫اعتربته كاترين متهورا ‪ .‬بينما كانت هي‬
‫تعمل كل ما يف وسعها لتتصرف حبكمة‬
‫وال تشجعه علي التحديق هبا ‪.‬‬
‫جو غرفة املائدة ازداد فخامة يف وجود‬
‫الضيوف ‪ ،‬فقماش املائدة انصعة البياض‬
‫و االواين الفضية تعكس الضوء و‬
‫الزهرايت متألها الزهور ذات الرحية الزكية‬
‫‪.‬‬
‫وحيت بعد هذه االسابيع العديدة اليت‬
‫قضتها يف اجلزيرة كانت تشعر اهنا يف جو‬
‫خيايل حامل ‪ .‬الطعام خليط من املآكل‬
‫اليواننية و الرتكية قدم بكميات وافرة و‬
‫ختلله مشهيات مثل الفيتا وهي جنب‬
‫قريش هلا طعم مييل ايل احلموضة قليال و‬
‫حمشو ورق عنب و الضوملا وهي جمموعة‬
‫من اخلضروات احملشوة ابالرز و اللحم و‬
‫املسقعة و الكفته و كرات اللحم املتبل‬
‫اليت احبتها كاترين كثريا ‪.‬‬
‫و اعقب ذلك كله احللوي من الفطائر و‬
‫امللنب الرتكي و الفاكهة الطازجة جبميع‬
‫انواعها ‪ ،‬اان القهوة الرتكية القوية‬
‫فرفضتها كاترين عندما قدمت هلا ألهنا ال‬
‫تستيغ طعهما ‪.‬‬
‫وعلي عكس اليوم االول من وصوهلا ايل‬
‫اجلزيرة حي كانت ترتدي ثواب بسيطا‬
‫شعرت ابحلرج ألرتدائه و كانت كاترين‬
‫ترتدي الليلة ثواب طويال ذا اكمام واسعة‬
‫اخضر اللون كلون الزمرد مظرزا أبسالك‬
‫ذهبية انسب بشرهتا و شعرها االمحر ‪.‬‬
‫ذلك الثوب اهداء نيكوالس هلا بعد‬
‫حادى زايراته ايل قربص ألشرافه علي‬
‫مكاتبهم هناك ‪ ،‬وترددت يف قبول اهلدية‬
‫لكن اغراء الثوب كان اقوي من ترددها و‬
‫ارتدت كاترين الثوب ألول مرة وهي‬
‫تشعر انه مل يكن من احلكمة اهنا ارتدته‬
‫فنيكوالس مل يكف عن النظر اليها طوال‬
‫السهرة و من الظاهر انه استشف معين‬
‫خاصا من وراء ارتدائها الثوب الذي‬
‫اهداه هلا ‪.‬‬
‫كذلك مل تفت كاترين نظرة ستيفان ‪..‬‬
‫كانت نظرة خاطفة تدل علي اعجاب‬
‫واضح ال ميكن ان ختطئها ‪ ،‬وذلك عندما‬
‫نزلت لتنضم ايل بقية افراد االسرة لتناول‬
‫املشروابت قبل العشاء و الواقع ان‬
‫النظرات الفاحصة املتيمة من هاتي‬
‫العيني السوداوين جعلت نبضها يسرع‬
‫علي حنو ااثرها و اخافها يف الوقت نفسه‬
‫رمبا كان ذلك راجعا ايل أتثري الثوب‬
‫اجلميل‬
‫اجلديد ‪ ،‬ولكن البد ان تعرتف ابهنا‬
‫احست ابالرتباك و السعادة عندما‬
‫وجدت ستيفان حيملق مرة او مرتي اثناء‬
‫لعشاء ‪ .‬ومن املؤكد ان نظراته اليت كانت‬
‫تتم عن الفضول من انحية وعن عدم‬
‫التشجيع من انحية اخري بعثت يف‬
‫نفسها شعورا عميقا ابلفرح ومسعت ليون‬
‫بيدوبولوس يقول هلا فجأة ‪ -:‬هل تروق‬
‫لك بالدان اي انسة غراجنر ؟ ‪.‬‬
‫فظلت برهة حتدق فيه بغموض قبل ان‬
‫جتيبه وهي تبتسم قائلة ‪ -:‬مل ار شيء يف‬
‫اليوانن نفسها بعد اي سيد بيدوبولوس ‪.‬‬
‫كل ما هناك اين هبطت من الطائرة يف‬
‫نيقوسيا و من يومها مل اغادر داكوليس‬
‫ابدا ‪.‬‬
‫وخيل اليها ان ستيفان مل يبد مراتحا ايل‬
‫قوهلا هذا وكأهناعتربه انتقادا موجها لكرمه‬
‫و ضيافته ‪ .‬اما هيلي فنظرت اليها و‬
‫كأهنا تقول هلا حذرتك سابقا من القضبان‬
‫اخلفية اليت حتيط ابجلزيرة و جتعلها سجنا ‪،‬‬
‫لكنها مل تكن نقصد وجيه اي انتقاد و‬
‫نظرت ايل ستيفان و تساءلت اذا كانت‬
‫تستطيع اقناعه بذلك ‪.‬وقال ستيفان‬
‫بصوت البارد اهلادئ ‪ -:‬مل ادري انك‬
‫تودين السفر خارج اجلزيرة ‪ .‬و اذا اردت‬
‫الذهاب الينيقوسيا جملرد التغري و الرتويح‬
‫عن النفس فليس هناك ما مينعك من‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫ابتسمت كاترين له و االمل ميألها و ملت‬
‫عينيها اخلضراوان حلماسها و خفق قلبها‬
‫مرة اخري عندما طالت نظرته اليها و‬
‫التقت عينامها و مل يؤثر علي ذلك اي‬
‫احساس يكون قد انتاهبا ابلسخرية من‬
‫نفسها و رمبا كانت جمرد فتاة محقاء ‪...‬‬
‫لكن أتثري هاتي العيني السوداويي‬
‫عليهها كان يثري ارتباكها ‪ ،‬ومل خيطر يف‬
‫ابهلا حلظة واحدة اهنا شخص حر يستطيع‬
‫مغادرة اجلزيرة يف اي وقت وقالت له ‪:‬‬
‫‪ -‬اووه ‪ ...‬كم اود الذهاب اي ستيفان‬
‫اذا امكن ترتيب ذلك ‪.‬‬
‫وبدأ نيكوالس يقول ‪ -:‬ميكنين ان ‪...‬‬

‫ولك يكمل حديثه بالسكتته نظرة خاطفة‬


‫ماهرة من اخيه الذي قال لكاترين ‪-:‬‬
‫لدي بعض االوراق حتتاج ايل توقيعك ‪،‬‬
‫فاذا استطعت االستعداد لسفر غدا وقت‬
‫ذهاب ايل قربص ميكنك ان أتيت معي و‬
‫هكذا ‪...‬‬
‫هز كتفيه العريضتي وهو يتذكر املثل‬
‫القائل ‪ -:‬تضرب عصفورين حبجر واحد‬
‫‪.‬‬
‫و نظرت كاترين اليه بتعجب و قالت ‪-:‬‬
‫اي اوراق ؟ ‪.‬‬
‫ورفع ستيفان حاجبيه و رد عليها هبدوء‬
‫‪ -:‬بعض التنازالت خبصوص االسهم ‪..‬‬
‫علي ما اعتقد ‪.‬‬
‫‪ -‬اوه ‪ -‬نعم بكل أتكيد ‪.‬‬
‫وكانت قد نسيت متاما مقابلتها مع مدام‬
‫ميدوبوليس منذ يومي و النتيجة اليت‬
‫توصلنا اليها ‪ ،‬لكن يبدو ان ستيفان يريد‬
‫اعطاء االتفاق صيغة رمسية هنائية أبسرع‬
‫وقت و سأهلا و عيناه السوداوان‬
‫تتحدايهنا ان تغري رأيها ‪ -:‬مل تغريي رأيك‬
‫؟‪.‬‬
‫وبسرعة هزت كاترين رأسها ابلنفي و‬
‫نظرت ايل السيدة ميدوبوليس فرأت‬
‫نظرات العجوز هادئة مساملة ‪ ،‬لكن‬
‫كاترين اضطربت بال سبب واضح ‪.‬‬
‫وكان ليون بيدوبولوس يتابع املناقشة‬
‫بفضول و اهتمام قم التقت ايل كاترين‬
‫وعلي وجهه ابتسامة خاطفة مهذبة و‬
‫سأهلا ‪-:‬‬
‫‪ -‬هل متلكي اسهما يف شركة ميدوبوليس‬
‫للمالحة اي انسة غراجنر ؟ ‪.‬‬
‫والحظت كاترين ان هذا السؤال قد ساء‬
‫ستيفان الذي قطب حاجبيه بسرعة‬
‫فردت كاترين قائلة وهي تتعلثم ‪ -:‬نعم‬
‫ترك والدي بعض االسهم ‪.‬‬
‫‪ -‬نعم ‪ -‬طبعا والدك تركها لك و هذا‬
‫خيالف العرف فالنساء هنا ال هتتم بتلك‬
‫املائل اي مس غراجنر ‪.‬‬
‫قال ذلك هبدوء وهو ينظر ايل ستيفان‬
‫نظرة متسائلة ‪.‬‬
‫ضحكت السيدة ميدوبوليس برقة وهي‬
‫تلمس كاترين بيدها النحيلة و تقول‬
‫بلكنها االجنبية القوية ‪:‬‬
‫‪ -‬كل شيء يتغري يف هذه الدنيا اي ليون و‬
‫كاترين فتاة عاقلة ‪.‬‬
‫‪ -‬يبدو ذلك ‪.‬‬
‫قاهلا ستيفان مستندا رأي والدته غامضة‬
‫و مرة اخري التقت نظراهتا فشعرت‬
‫كاترين برجفة مث اردف يقول ‪ -:‬ارجو ان‬
‫تكوين مستعدة صباح غد ‪ ..‬اي كاترين ‪..‬‬
‫و اكدت كاترين بسرعة ‪ -:‬نعم سوف‬
‫اكون مستعدة ‪ .‬ميت ننطلق ؟ ‪.‬‬
‫مث لتقت نظراهتما اثنية وقال ‪ -:‬بعد‬
‫العاشرة بقليل و انصحك ان ترتدي ثواب‬
‫خفيفا فاجلو يكون عادة حار يف املدنية‬
‫هذا الوقت من لسنة ‪.‬‬
‫‪ -‬نعم ابلطبع ‪.‬‬
‫كانت فرحتها كبرية جملرد فكرة ذهاهبت‬
‫ايل قربص مع ستيفان و عبثا حاولت تقنع‬
‫نفسها ان سبب فرحتها هو جمرد التطلع‬
‫ايل رؤية مكان جديد بل كان يسعدها‬
‫فعال ان متضي ولو بضع ساعات يف‬
‫صحبة ستيفان ‪ ،‬ومل حتاول اخفاء هذه‬
‫احلقيقة عن نفسها ‪.‬‬
‫لك نيكوالس مل خيف غضبه لعدم متكنه‬
‫من اصطحاهبا يف تلك الرحلة و عندما‬
‫غادر بدوبولوس و ابنته اجلزيرة بعد‬
‫العشاء خرج ليبحث عنها يف احلدائق‬
‫وهي تسري بي اشجار السرو الرابضة‬
‫علي جوانب البحر قبض علي ذراعها‬
‫بشدة و قرب وجهه االسود من رأسها‬
‫كانت انفاسة الدافئة تلفح اذهنا عندما‬
‫حتدث و متنت كاترين اال يقرتب منها‬
‫علي هذا النحو ومل ميض علي مغادرة‬
‫خطيبته اجلزيرة سوي بضع دقائق فقط ‪..‬‬
‫شعرت ابلذنب عندما تذكرت اثينا ومدي‬
‫حبها العميق خلطيبها ‪.‬‬
‫‪ -‬قويل يل اي كاترينا انك تفضلي الذهاب‬
‫معي ايل قربص ‪.‬‬

‫قال ذلك و عيناه تربقان يف ضوء القمر‬


‫فردت عليه كاترين قائلة ‪:‬‬
‫‪ -‬ولكن ال يضايقين الذهاب مع ستيفان‬
‫وهي يف اية حال رحلة عمل اي نيكوالس‬
‫‪ ،‬رغم انين سوف اروح عن نفسي كذلك‬
‫‪.‬‬
‫وضحكت برقة عندما قرأت يف عينيه‬
‫نظرة عتاب وود و قد بدا العبوس واضحا‬
‫علي وجهه ‪ -:‬مع ستيفان ! ال بد ان‬
‫احذرك من اخي البكر فهو خيتلف عين‬
‫كثريا اي كاترينا ‪.‬‬
‫‪ -‬ولكنه اكثر منك جدية ابلتأكيد ‪.‬‬
‫ولكن كاترين مل تفهم املعين املسترت وراء‬
‫قوله فحذرها مرة اخري قائال ‪ -:‬هو‬
‫ايضا ال يهتم ابلفتيات الصغريات مثلك ‪.‬‬
‫وملعت عينياه يف ضوء القمر و شعرت‬
‫كاترين انه يريد مصارحتها بشيء ومتنت‬
‫اال تشعر أبي ذرة من القلق لذلك و‬
‫سألته ‪ -:‬لست صرحيا معي ؟ وكالمك ال‬
‫يعين يل شيئا ‪.‬‬
‫مث خرجت من ظالل االشجار ايل ضوء‬
‫القمر الكبري الذي كان يسبح يف مساء‬
‫بنفسجية اللون ‪ .‬وتقلصت اصابع‬
‫نيكوالس علي ذراع كاترين و قبضت‬
‫عليها بشدة مث قال هلا برقة ‪:‬‬
‫‪ -‬اتظني انين مل االحظ تلك النظرات‬
‫اليت كنت تلقينها ايل ستيفان عندما ظنت‬
‫ان احدا ال يراك اي مجيليت ؟ ‪.‬‬
‫كان قريبا منها و احست كاترين ابلدم‬
‫يتدفق ايل وجنتيها وهي تبتعد عنه بسعة‬
‫و ختلص ذراعها من قبضته و قالت له‬
‫بصوت خافت الهثة ‪:‬‬
‫‪ -‬البد ان لك خيال واسع اي نيكوالس ‪،‬‬
‫فلم انظرايل ستيفان نظرات ذات معين‬
‫خاص ‪ ،‬ملاذا تعتقد انين كنت افعل ذلك‬
‫؟‪.‬‬
‫فهز نيكوالس كتفيه العرضاين و قال ‪-:‬‬
‫النساء جتدنه جذاب اان اعرف هذا ‪ .‬وكلن‬
‫ليس نوعك من النساء اي كاترين فأنت‬
‫لست من دنياه ‪.‬‬
‫وهل تعين اين من دنياك ؟ هل هذا ما‬
‫تقصد !‪.‬‬
‫وكان يف صوهتا رنة عدم التأكد عندما‬
‫ادركت ان ما قاله كان صحيحا مث قال هلا‬
‫‪:‬‬
‫وكان يف صوهتا رنة عدم التأكيد عندما‬
‫أدركت إن ما اله كان صحيحا مث قال هلا‬
‫‪ -:‬بكل أتكيد اي مجيليت ‪.‬‬
‫و سألته وهي تعرف إهنا تقسو عليه و‬
‫لكنها كانت تشعر بذلك يف تلك اللحظة‬
‫حىت لو أتملت خطيبتك من النظرات اليت‬
‫كنت تصوهبا إيل ‪ ،‬فأنت لست عادال يف‬
‫معاملتك ألثينا اي نيكوالس ‪ ،‬لست عادال‬
‫علي اإلطالق ‪.‬‬
‫ومرة أخري بدت علي وجه نيكوالس‬
‫الوسيم إمارات الغضب و ضغط تكرارا‬
‫علي ذراعها قوة ومها يسريان علي ذلك‬
‫الشاطئ اجلميل و قال هلا ‪ -:‬إهنا من‬
‫اختيار ستيفان دعي ستيفان يتزوجها ‪.‬‬
‫أاثر رده السريع القاسي الشكوك يف ذهن‬
‫كاترين فلم تلتفت إيل املناظر اخلالبة‬
‫احمليطة هبما ‪ ،‬بل راحت تركل الرمال‬
‫البيضاء بقدمها و قالت هبدوء ‪ -:‬ظننت‬
‫انه سيتزوج إلينا اندرايس ‪ ،‬هكذا أخربتين‬
‫ماراي بعد كل شيء ايلينا موجودة هنا ‪.‬‬
‫فرد عليها ابقتضاب قائال ‪:‬‬
‫ولكن أاي منهما ال جترؤ علي التفوه‬
‫بكلمة واحدة يف وجوده ‪ ،‬فستيفان ينظم‬
‫حياة غريه وال يسمح ألحد ابلتدخل يف‬
‫خططه اخلاصة ‪.‬‬
‫مل جتد كاترين أي سبب منطقي ملا شعرت‬
‫به يف تلك اللحظة ‪ ،‬لكن قلبها بدأ خيفق‬
‫بشدة و نظرت فجأة إيل القمر‬
‫االصفرالكبري يف السماء و شعرت‬
‫ابلفرحة تغمرها مث قالت له ‪:‬‬
‫وهل يعين هذا إن ستيفان لن يتزوج‬
‫اآلنسة اندرايس ؟ ‪.‬‬
‫فقال نيكوالس وهو يهز كتفيه و الكآبة‬
‫علي وجهه ‪:‬‬
‫‪ -‬من يدري ما الذي يدور يف خلد‬
‫ستيفان أحياان أمتين أن يتزوج حىت ال جيد‬
‫الوقت الكايف للتدخل يف حياة الغري و‬
‫أحالتها إيل اجلحيم ‪.‬‬
‫وتذكرت كاترين اثنيا هيلي و املرارة اليت‬
‫تشعر هبا حنو ستيفان و كان واضحا إهنا مل‬
‫تكن ترغب يف الزواج من غريغوري الذي‬
‫كان يف نظر كاترين أكثر األشقاء طيبة و‬
‫نبال بي الثالثة مث سألت نيكوالس ‪:‬‬
‫هل تعتقد إن هيلي سعيدة ؟ أان ال‬
‫أجدها سعيدة دائما ‪.‬‬
‫قالت ذلك بلهجة حذرة فقط كانت‬
‫كاترين غري متأكدة من ردة فعل‬
‫نيكوالس اختاذها حياة هيلي و غريغوري‬
‫كمثل فنظر إليها نيكوالس بعيني داكنتي‬
‫ومل يقل شيئا ‪ ،‬وتساءلت فعال إذا تضايق‬
‫من هذه اإلشارة ‪ .‬مث وضع ذراعا حول‬
‫كتفيها و ضمها هامسا ‪.‬‬
‫امل تعريف شيئا عن هيلي ‪.‬‬
‫ومرة أخرى تذكرت كاترين ليلة وصوهلا‬
‫إيل اجلزيرة و تلميح ستيفان عن شيء بي‬
‫والدها و ستيفان وسلوك هيلي بعد ذلك‬
‫معها و جازفت بقوهلا ‪:‬‬
‫‪ -‬اعتقد إن هناك شيئا لدي هيلي جيعلها‬
‫تبدو تعيسة وال ادري ماهو لكين‬
‫اعتقدت انه يتعلق بوالدي ‪.‬‬
‫وأخريا ابحت كاترين مبا أرادت ويف وسع‬
‫نيكوالس أن يبخرها بكل شيء اآلن أو‬
‫يقول هلا إهنا خمطئة و ينتهي الشك الذي‬
‫يساورها ‪ .‬وبدا علي نيكوالس التفكري‬
‫العميق برهة علي حنو مل تعهده من قبل مث‬
‫ظل صامتا و خافت كاترين أن تبدد ذلك‬
‫الصمت إيل أن قال أخريا هبدوء ‪:‬‬
‫‪ -‬ال ادري كيف علمت وال أظن أن‬
‫هيلي أخربتك بشيء و أان متأكد أن‬
‫ستيفان مل يبح لك كذلك ابلسر ‪.‬‬
‫فقالت له بصوت هامس ‪:‬‬

‫الحظت أشياء كثرية ‪.‬‬


‫فابتسم و أسنانه البيضاء تضيء وجهه‬
‫األمسر الوسيم مهننا كاترين علي فطنتها‬
‫قائال ‪:‬‬
‫إذن فأنت علي حق اي مجيليت فقد كانت‬
‫هيلي علي عالقة بوالدك ‪.‬‬
‫ومل تكن تصدق أو تتوقع رد نيكوالس‬
‫الذي مل يراع شعرها فنظرت إليه و سألته‬
‫بعد حلظة ‪:‬‬
‫عالقة بينهما ؟‬
‫هالك هذا اخلرب اي كاترينا ‪ ،‬لكنك مل‬
‫تعريف والدك جيدا ‪.‬‬
‫اعرتفت كاترين بذلك قائلة ‪ -:‬أكاد ال‬
‫اعرفه ابملرة إال قليال ‪.‬‬
‫ولكن البد انك تعلمي انه كان ميضي‬
‫معظم أوقاته يف اليوانن ؟ ‪.‬‬
‫وارمات كاترين قائلة ‪ - :‬نعم اعلم ذلك‬
‫إذا كان حيب البلد و أهله ‪.‬‬
‫مث حكي نيكوالس هلل هذه القصة ‪:‬‬
‫قابل غريغوري والدك يف منزل احد‬
‫األصدقاء ‪ ،‬ويف أحدى األمسيات دعاه‬
‫غريغوري لتناول العشاء يف اجلزيرة ‪،‬‬
‫وكانت هيلي ابعتبارها خطيبة لغريغوري‬
‫وقتئذ ‪ ،‬ومن أول حلظة وقعت يف حبه مما‬
‫جعله يتيه هبذا احلب ‪.‬‬
‫و ابتسم نيكوالس ابتسامة تدل علي‬
‫األسف وهو يشري إيل نقائص والدها ‪:‬‬
‫‪ -‬كانت هيلي مجيلة ومل تتجاوز الثانية و‬
‫لعشرين من عمرها بعد ‪ ،‬ولكنها كانت‬
‫جادة يف حبها أكثر من والدك ‪.‬‬
‫فقالت كاترين بصوت خافت ‪ -:‬كان‬
‫اصغر من والدي يف ذلك الوقت حبوايل‬
‫عشر سنوات ‪.‬‬
‫فأومآ نيكوالس و قال ‪ -:‬البد انه أحس‬
‫بفخر لوقوع تلك الفتاة اجلميلة الصغرية‬
‫يف غرامه ‪.‬‬
‫و قالت كاترين بلهجة تنم عن اآلسي ‪-:‬‬
‫مسكينة هيلي ‪.‬‬
‫ووافق نيكوالس علي كالمها و استطرد‬
‫قائال ‪ -:‬فعال ‪ ...‬مسكينة هيلي ولكن‬
‫كان جيب عليها أن تعرف إهنا اخلاسرة‬
‫ألهنا كانت خمطوبة لغريغوري وكان ال‬
‫يسمح ألحد ابلتدخل لفك هذا االرتباط‬
‫‪.‬‬
‫وردت كاترين ‪ :‬تقصد مشاريع ستيفان ؟‬
‫اآلن فهمت ملاذا تتحدث مبرارة شديدة ‪.‬‬
‫قال نيكوالس وقد بدا عليه الوالء ألخيه‬
‫علي غري توقع ‪:‬‬
‫ليست مشاريع ستيفان فقط بل كانت‬
‫العادة أن يبدأ ليون بيدوبولوس ابخلطوة‬
‫األويل مث ينفذ ستيفان الباقي ‪ ،‬أما هيلي‬
‫و غريغوري فلم يعرتضا علي هذا الزواج‬
‫يف ابدئ األمر وأال ما كان ستيفان يوافق‬
‫عليه ‪.‬‬
‫وتذكرت كاترين زوجة أبيها الشابة اجلميلة‬
‫احلزينة و قالت ‪ -:‬ولكن ماراي ؟ كيف‬
‫تزوج والدي من ماراي ؟‬
‫فهز نيكوالس كتفيه و سرح قليال كأنه‬
‫يستعرض أيضا ذكرايته مع شقيقته مث قال‬
‫ببساطة ‪ -:‬أحبته ماراي و اعتقد إن جورج‬
‫أحبها ولكن علي طريقته اخلاصة ‪.‬‬
‫وألول مرة يف حياهتا شعرت كاترين ابملرارة‬
‫احلقيقية يف قلبها لسلوك والدها مث‬
‫أردفت تقول ‪:‬‬
‫وطبعا آلت إليه األسهم يف شركة املالحة‬
‫أيضا ‪.‬‬
‫وهز نيكوالس رأسه موافقا ‪:‬‬
‫من العرف أن هتدي العروس زوجها بيتا‬
‫كجزء من هدية العرس ولكن مبا إن ماراي‬
‫عاشت بعيدا عن وطنها أعطته األسهم‬
‫بدال من البيت ‪.‬‬
‫اي اهلي !! ‪.‬‬
‫وأغمضت كاترين عينيها مثقلتي ابلدموع‬
‫وبكت علي مصري زوجة أبيها احلبيبة اليت‬
‫تركت وطنها و قالت ‪:‬‬
‫الوضع ‪ ..‬الوضع ليس أفضل كثريا من‬
‫وضع العبيد ‪ .‬أليس كذلك ؟‬
‫ونظر إليها نيكوالس يف فضول و راحت‬
‫عينياه الداكنتان تتفرسان يف مالحمها اليت‬
‫بدت صغرية شاحبة يف ضوء ذلك القمر‬
‫الكبري ‪ ،‬وكانت عيناها ال تزاالن ممتلئتي‬
‫ابلدموع ووضع نيكوالس يده برقة علي‬
‫خدها وقرب وجهها منه و كانت ذراعه ال‬
‫تزال حتيد بكتفيها و قال بصوت هامس ‪:‬‬
‫انك تتأثرين كثريا مبثل هذه األمور اي‬
‫مجيليت ‪ .‬ماراي يف أي حال تزوجت الرجل‬
‫الذي أحبته رغم إهنا مل تكن تراه كثريا بعد‬
‫الزواج ‪ ..‬وكان زواجها مبن حتب أكثر مما‬
‫ميكن أن تفعله فتيات كثريات ‪.‬‬
‫نيكوالس ‪.‬‬
‫قالت كاترين وهي تتطلع إليه بعينيها‬
‫اخلضراوين اللتي بدا فيهما القلق واضحا‬
‫يف ضوء القمر‬
‫انه ‪ ...‬اقصد ستيفان لن يفعل أي شيء‬
‫مماثل ابلنسبة إيل !‬
‫تقصدين يتدخل يف زواجك ؟‬
‫زبدا نيكوالس كأنه يفكر مليا يف األمر مث‬
‫قرهبا منه و ضمها بي ذراعيه و أخذت‬
‫أنفاسه الدافئة تلفحها مث قال بصوت‬
‫هامس ‪:‬‬
‫إذا حاول ذلك اي مجيليت فسوف هنرب‬
‫معا و نتحداه ‪ ..‬إنين اقسم لك علي‬
‫ذلك ! ‪.‬‬

‫‪-7‬مل حين الوقت بعد‬


‫علي الرغم من شكوكها حنو ستيفان‬
‫وحديثها مع نيكوالس عنه الليلة الفائتة‬
‫شعرت كاترين بفرحة وهي تستعد لزايرة‬
‫نيقوسيا ‪.‬‬
‫نظر إليها الولدان سعيدين عندما أخربهتما‬
‫أهنا ستطري إيل قربص وطلبها منها‬
‫مرافقتها ‪,‬وكانت تتمين أن تليب طلبهما‬
‫فورا لو أهنا ذاهبة مع أي شخص آخر‬
‫غري ستيفان‪ ,‬أما معه فلم يكن يف وسعها‬
‫أن تليب طلبهما ‪,‬وبدأ محاسها خيف‬
‫فقالت وهي تنظر إيل عيوهنما الواسعة‬
‫السوداء القلقة ‪:‬‬
‫"أهنا جمرد رحلة عمل البد أن أوقع أوراقا‬
‫لصاحل خالكما مث أعود ‪".‬‬
‫فقال هلا أليكس وأخوه يشجعه إبمياءة من‬
‫رأسه‪:‬‬
‫"حنن حنب الطريان ‪,‬أال تستطيعي أن‬
‫تطليب من اخلال ستيفان أن يسمح لنا‬
‫ابلذهاب أيضا اي كاترين ؟"‬
‫ترددت كاترين وتصارعت فيها عاطفة‬
‫الوالء ‪,‬وشعرت ابلقلق ألهنا كانت متطلعة‬
‫حقا هلذه الرحلة مع أهنا رحلة عمل‬
‫‪,‬ووجدت نفسها غري مستعدة ألن‬
‫يشاركها أحد حيت الطفالن ‪,‬يف صحبة‬
‫ستيفان ويف الوقت ذاته شعرت لترتك‬
‫الطفلي بينما تذهب هي للرتويح عن‬
‫نفسها لذلك قالت هلما بسرعة وهي‬
‫تعدمها كي تريح ضمريها ألهنا كانت‬
‫متأكدة أنه سريفض اصطحاهبما ‪:‬‬
‫"سأخرب خالكما بتلك الرغبة ‪".‬‬
‫وارتدت كاترين مالبسها بعناية وهي‬
‫ترتدي ثواب خفيفا ‪,‬وكان الثوب الذي‬
‫اختارته قصريا لكنه حمتشم يالئم اجلانب‬
‫العملي من الرحلة ‪,‬ولكن من النيل البين‬
‫املنسجم مع بشرهتا الشقراء‪ ,‬أضاء لون‬
‫بشرهتا ذهبيا ‪,‬وكان احلذاء متالئما مع‬
‫الثوب أيضا ومناسبا للمدينة أو الريف‬
‫‪,‬وبعد ارتدائها ملالبسها ألقت علي نفسها‬
‫نظرة راضية يف املرآة وذهبت لزايرة‬
‫الطفلي اثنية ‪.‬‬
‫كانت كاسيا معهما فأخربهتا كاترين أهنا‬
‫سوف تطلب من ستيفان مرافقة الطفلي‬
‫‪,‬فنظرت إليها كاسيا بدهشة وقالت هلا‬
‫ابنكليزيتها املتعثرة ‪:‬‬
‫" ال أظن أن السيد ميدوبوليس يوافق "‬
‫تنهدت كاترين قائلة ‪:‬‬
‫"أنك علي حق اي كاسيا ولكن سأحاول‬
‫وال ضرر يف ذلك"‬
‫أخذت كاترين الطفلي ونزلت معهما‬
‫وكاان يتكلمان ويضحكان وأصواهتما ترن‬
‫يف البهو وعند وصوهلم غلي هناية السلم‬
‫خرج ستيفان ووقف ينظر إيل الثالثة مث‬
‫عرب البهو وصوب نظرة طويلة إيل كاترين‪.‬‬
‫وكان يرتدي مالبس عادية ال متت إيل‬
‫العمل بصلة وشعرت كاترين أنه ال ينوي‬
‫قضاء يومه يف املكتب ويرتكها وحدها‬
‫‪,‬األمر الذي جعلها تفكر يف وقت سعيد‬
‫معه ‪,‬انه يرتدي بنطلوان عاجي اللون‬
‫وسرتة متناسقة مع جسمه النحيل‬
‫وقميصا بنيا بال ربطة عنق ‪,‬كان زيه‬
‫يوحي ابلتحرر من الرمسيات ‪,‬لكن‬
‫قسمات وجهه الصارمة اليت تشبه الصقر‬
‫تناقصت مع هذا الشعور ولذلك تبخر‬
‫محاس ‪,‬كاترين وتطلعها إيل الرحلة ‪,‬مث‬
‫قال هلا بدون مقدمات ‪:‬‬
‫"ما الذي تتوقعي مين فعله ؟"‬
‫ونظر إليها طويال ‪,‬فنظرت كاترين إليه‬
‫حلظة قبل أن تشيح بوجهها وجتازف قائلة‬
‫‪:‬‬
‫"هل ميكننا اصطحاب أليكس وبول ؟"‬
‫كان تعلم أنه سوف يرفض الطلب حيت‬
‫قبل أن تعرضه ‪,‬فنظر ستيفان إيل الولدين‬
‫وهز رأسه وقال موجها كالمه أليهما ‪:‬‬
‫"آسف ‪,‬فلن ميكننا اصطحابكما هذه‬
‫املرة ‪,‬ورمبا أمكننا ذلك املرة املقبلة‪".‬‬
‫وكانت رقته مع الطفلي تدهشها ‪,‬كما‬
‫عرفت أهنما صارا مغرمي جدا خباهلما‬
‫وخصوصا بول‪ ,‬الذي مل حياول إخفاء حبه‬
‫خلاله اجلديد‪ ,‬وقد انسجم مع بيئته‬
‫اجلديدة ومرح هلا كثريا ‪,‬وكان بول ابلطبع‬
‫هو الذي أتثر أكثر من أخيه لعدم‬
‫الذهاب ‪,‬وعندما نظر إيل ستيفان بعينيه‬
‫الواسعتي اللتي تفيضان عتااب وجدت‬
‫كاترين الشبه كبريا بينه وبي نيكوالس ‪.‬‬
‫"أريد الذهاب أيضا أان و أليكس ‪"..‬‬
‫قال ستيفان وصوته ينم عن صرامة ‪,‬ويف‬
‫الوقت نفسه كلمه هبدوء‪:‬‬
‫"ال ميكنك الذهاب‪ ,‬كما قلت لك‬
‫اآلن‪".‬‬
‫لكن بول نظر إليه ومازال األمل يداعبه‪,‬‬
‫لكنه سرعان ما اكتشف يف ستيفان‬
‫خصما عنيدا ال يستهان به‪ ,‬فتحول إيل‬
‫كاترين وقال بصوته الرقيق متوسال ‪:‬‬
‫"كاترين ‪,‬أال ميكننا الذهاب ؟"‬
‫ومل تشعر كاترين ابلندم يف حياهتا مثل‬
‫ذلك اليوم‪ ,‬كانت مستعدة أن تزكي‬
‫طلبهما إيل شخص آخر غري ستيفان‬
‫الذي راح حيذق فيها بنظرات غاضبة‬
‫وينتظر ردها علي أخويها ‪,‬ومل يكن أمامها‬
‫إال أن تركع جبانب بول وحتيطه بذراعيها‬
‫مث قالت له‪:‬‬
‫"آسفة اي حبييب فذهابكما هذه املرة‬
‫مستحيل ‪".‬‬
‫عظ بول شفتيه وبرقت عينياه وسأهلا‬
‫بصوت يرتعش علي حنو يدير األسى‬
‫"لكن ملاذا ال ميكننا الذهاب؟"‬
‫حاولت كاترين أن ترد عليه ولكنها نظرت‬
‫إيل ستيفان وقد أعيتها احليلة وتركته يقول‬
‫‪:‬‬
‫"ألين قلت إن هذا مستحيل ‪".‬‬
‫فنظرت إيل ستيفان ورأت يف عينيه نفاذ‬
‫الصرب مث هز رأسه بسرعة كأنه ندم علي‬
‫هلجته العنيفة واحنين عليهما وقال وهو‬
‫يضع يدا علي كل صيب ‪:‬‬
‫"عندما اذهب إيل نيقوسيا سأشرع يف‬
‫شراء مهرين لكما ‪".‬‬
‫كان صوته أرق بكثري ورأت كاترين وجهه‬
‫األمسر وقد آلن وكسته ابتسامة رقيقة‬
‫‪,‬واستطرد قائال‪:‬‬
‫"هل يروق ذلك لكما ؟"‬
‫فرد بول قائال وقد اتسعت عيناه دهشة‬
‫وفرحا‪:‬‬
‫"مهران حقيقيان يل وألليكس؟"‬
‫"نعم جوادان حقيقيان لك‬
‫وألليكساندر‪".‬‬
‫والحظت كاترين أنه يفضل خماطبة‬
‫أليكس ابمسه كامال ألكساندر مث نظر‬
‫ستيفان إيل أخيه الصامت ‪.‬صحيح أن‬
‫أليكس يكرب بول بسنة ونصف لكنه يرتك‬
‫أخاه يتكلم بدال منه ‪,‬ونظر الطفل إيل‬
‫كاترين مرة أخري مستسلما للبقاء يف‬
‫اجلزيرة بعدما عرف الغرض من الرحلة‬
‫وقال‪:‬‬
‫"وهل كاترين هي اليت ستختار اجلوادين‬
‫؟"‬
‫فضحك ستيفان وهز رأسه ورفع بول بي‬
‫ذراعيه حيت أصبح يف مستوي نظره بينما‬
‫كانت أسنانه تلمع يف وجهه األمسر ‪.‬وقال‬
‫‪:‬‬
‫"اختيار اجلياد من صميم عمل الرجل‬
‫وحنن ال نرتك أعمالنا للنساء اي صغريي ‪".‬‬
‫وشعرت كاترين ابلدم يتدفق إيل وجهها‬
‫‪,‬وغالبت بصعوبة الرغبة يف الرد علي هذا‬
‫االفرتاء الذي اعتربته جمرد غطرسة رجال‬
‫‪,‬ولكن سعادة بول منعتها فقد صاح قائال‬
‫بينما أعاده ستيفان إيل الوقوف مرة‬
‫أخري ‪:‬‬
‫"جياد سيكون عندان جياد اي أليكس !"‬
‫وفكرت كاترين أن أليكس أكثر حتفظا يف‬
‫محاسه وأرق يف معامالته فلم يكن لديه‬
‫هذا احلماس العارم لكل شيء جديد مثل‬
‫بول ‪,‬الذي يشابه خاليه نيكوالس‬
‫وستيفان ‪,‬بينما ورث أليكس رقة أمه ماراي‬
‫وكان سكوته قد أدهش ستيفان فنظر إليه‬
‫بتقطيبة صغرية وقال‪:‬‬
‫"ألست متحمسا المتالك مهر اي‬
‫ألكساندر؟"‬
‫ورمق أليكس كاترين بنظرة أوال قبل أن‬
‫يومئ برأسه ويقول ‪:‬‬
‫"نعم اي خايل ستيفان ‪".‬‬
‫وظل ستيفان صامتا حلظة مث هز رأسه‬
‫وبدا عليه نفاذ الصرب مرة أخري وقال‪:‬‬
‫"ولكنك تفتقر إيل احلماس أخيك‬
‫وشجاعته ‪.‬أليس كذلك؟"‬
‫وشعرت كاترين بضرورة االعرتاض علي‬
‫رأيه هذا وقالت‪:‬‬
‫"ال‪,‬ال‪ ,‬اي ستيفان ‪".‬‬
‫مث نظرت كاترين إيل وجه أليكس اجلاد‬
‫وودت لو ركعت جبانبه لتواسيه وتعوضه‬
‫عن هذا احلكم الصارم ‪,‬ولكن راعها أنه‬
‫قابل نظرة ستيفان احلالكة يتحد وثبات‬
‫ورد يف صوت حاسم اثبت‪:‬‬
‫"سأركب مهري أيضا اي خايل ستيفان ‪".‬‬
‫وامتدت يد ستيفان الكبرية لرتبت علي‬
‫راس الصيب حلظة ومتتم ببعض كلمات‬
‫اليواننية وهو يبتسم له‪.‬و تسألت كاترين‬
‫عن مدي التفاهم الذي سوف يقون بي‬
‫ستيفان و أليكس مث التفت إيل كاترين‬
‫وأتملها بعينيه الداكنتي وقال‪:‬‬
‫"هيا ‪,‬إذا كنت مستعدة اي كاترين‪".‬‬
‫كانت كاترين تود أن تتحدث مع ستيفان‬
‫يف كثري من األمور ومها يعربان البحر‬
‫األزرق ابلطائرة ‪,‬ولكن شغلتها عن ذلك‬
‫املناظر اخلالبة احمليطة هبما ‪ ,‬فلم تتمكن‬
‫من عتابه علي قسوته علي أليكس أو‬
‫هتكمه علي بنات جنسها أمام بول ‪,‬وبدال‬
‫من ذلك نظرت إيل تعرج الشاطئ‬
‫واملناظر اليت غمرهتا الشمس يف قربص‬
‫وعربت عن سعادهتا بكل ما تري ‪.‬‬
‫"سوف أجعلك من سكان اجلزر‬
‫اليواننية‪",‬‬
‫قال هلا ذلك وهو يبتسم ويستعد للنزول‬
‫ابلطائرة يف نيقوسيا وكانت مهارته يف‬
‫اهلبوط ابلطائرة تضاف إيل ابقي مهاراته‬
‫‪,‬فهو دائما يتفوق يف كل عمل يقوم به مما‬
‫جعلها حتس ابلشعور مركب النقص‬
‫والحظت انه معروف يف املطار كذلك مأل‬
‫كاترين ابلزهو عندما الحظت نظرات‬
‫بعض النساء ترتكز علي قامته املرنة‬
‫وقسماته املتغطرسة السمراء اليت تشبه‬
‫الصقر ‪,‬وقد زادهتا احللة البيضاء مسرة‬
‫‪,‬لرجل مثل ستيفان ال تقاومه النساء‬
‫ولكنه رمبا قابل إعجاهبن بشيء من الربود‬
‫والصد‪.‬‬
‫وشعرت كاترين ابحلرية عندما هبطت يف‬
‫املدينة نيقوسيا برغم أهنا مل تفعل شيئا‬
‫سوي االنتقال من جزيرة إيل أخري وكان‬
‫سجاهنا إذا صح التعبري مازال معها ولكن‬
‫جزيرة قربص كانت أكرب كثري من‬
‫داكوليس ومييزها أن ستيفان ميدوبوليس‬
‫ال حيكمها‪.‬‬
‫ووجدت كاترين يف اجلزيرة أشجار اللوز‬
‫والتفاح حمملة ابلفاكهة الناضجة ورائحة‬
‫اجلو معبأة أبريج الزهور ورائحة الطيب‬
‫هي أول انطباعات كاترين وأعمقها يف‬
‫نيقوسيا ’وطافت السيارة يف شوارع‬
‫‪,‬بعضها واسع وبعضها ضيق ‪,‬ومنها ما‬
‫يغمرها الشمس ومنها الظليلة ‪,‬أما املنازل‬
‫البيضاء ‪,‬فلها شرفات حديدية تطل علي‬
‫الشوارع املكتظة ابحلركة ‪,‬ونوافذ فتحت‬
‫مصاريعها تستقبل اهلواء والشمس ‪,‬وكان‬
‫بعض الناس جيالسون علي مقاعد‬
‫مستقيمة علي األرصفة وهم يطالعون‬
‫الصحف أو يتحدثون وكان كله جديدا‬
‫خيتلف عما اعتادته ويثري إعجاهبا‬
‫وحاولت أال يفوهتا وهي جالسة يف‬
‫السيارة جبانب ستيفان يف طريقيهما إيل‬
‫مكتبه ‪,‬وكان تعجبها من كل ما تراه قد‬
‫راق ستيفان فنظر إليها وهو يبتسم هلا‬
‫ابتسامة جعلت نبض كاترين يسرع ليضع‬
‫دقائق ‪,‬كان مكتب ستيفان نفسه اقل‬
‫فخامة مما توقعت لكنه كان يبدو مرحيا‬
‫ورطبا إذا قيس حبرارة اجلو خارجه‬
‫وساعدت املروحة الكهرابئية علي تلطيف‬
‫اجلو كما أن النوافذ اليت تطل علي‬
‫الشارع كانت مفتوحة كلها ‪.‬‬
‫وكان أاثث املكتب قدميا وقيما ومجيال‬
‫كأاثث منزل جزيرة داكوليس ‪,‬جلس‬
‫ستيفان خلف مكتبه الذي مياثل متاما‬
‫مكتبه يف اجلزيرة وكانت كاترين قد قابلت‬
‫عند دخوهلا موظفا نظر إليها إبعجاب‬
‫وحتفظ وحياها اببتسامة أضاءت وجهه‬
‫الوسيم األمسر ‪.‬‬
‫"سوف نوقع األوراق أوال‬
‫مث ضغط ستيفان علي جرس فجاء‬
‫الكاتب الشاب الذي كانت كاترين قد‬
‫رأته وهي داخلة إيل املكتب ‪,‬وأعطاه‬
‫ستيفان بعض التعليمات السريعة ابللغة‬
‫اليواننية مث ظهر بعد عدة ثوان بتأبط‬
‫حزمة أوراق وضعها بعناية أمام ستيفان‬
‫‪,‬ويبدو أن كل شيء كان معدا هلذه زايرة‬
‫ومل تدهش كاترين من ذلك فستيفان ال‬
‫يتصرف أبدا بتسرع وخصوصا فيما يتعلق‬
‫ابملعامالت الرمسية ‪,‬وشعرت كاترين أن‬
‫أسهمها سوف تكون يف أيد أمينة أبشراف‬
‫شخص له ضمري حي مثل ستيفان ‪.‬‬
‫وبقي الكاتب معهما حسب تعليمات‬
‫ستيفان الذي قام من وراء مكتبه وأشار‬
‫إيل كاترين أن حتل حمله وجتلس علي‬
‫مقعده ‪,‬وبدت األوراق اليت أمامها‬
‫كاأللغاز ال تفهمها أبدا إذ كتبت ابللغة‬
‫اليواننية ‪,‬ومل يفت ستيفان نظرهتا السريعة‬
‫املتسائلة ‪,‬فقال هلا وقد بدت يف صوته‬
‫حملة نفاذ الصرب املعتادة‪:‬‬
‫"أعرف أنك ال تقرأين اليواننية ولكن‬
‫ضيق الوقت حال دون ترمجة األوراق إيل‬
‫اإلنكليزية ‪,‬وسوف نعمل علي ترمجة‬
‫املستندات يف أقرب وقت ممكن حيت‬
‫ميكنك استالمها"‪.‬‬
‫" شكرا لك "‬
‫كان االمتنان يبدو عليها وهي تشكره‬
‫لكنها كانت سعيدة ألنه أدرك ما دار‬
‫خبلدها ‪,‬فهي ال تريد أن يظنها ساذجة‬
‫متاما وجاهلة يف هذه األمور‪.‬‬
‫ومرة أخري متتم ستيفان بعض كلمات إيل‬
‫املوظف الشاب الذي خرج وعاد بصحبة‬
‫كاتب اآللة الطابعة الذي كان يف الغرفة‬
‫اخلارجية ‪,‬مث وقعت كاترين بعد تردد ال‬
‫يذكر علي الورق الذي أشار إليه ستيفان‬
‫ابلتوقيع وبعده وقع كل املوظف والكاتب‬
‫‪.‬‬

‫هكذا مت التوقيع وأصبح كل شيء له‬


‫صيغة رمسية شرعية ‪,‬واراتحت كاترين‬
‫لذلك وشكر ستيفان موظفيه ابليواننية و‬
‫صرفهما ‪,‬مث التفت إيل كاترين وهو يطوي‬
‫األوراق بعناية وقال هبدوء ‪:‬‬
‫"أان سعيد ألنك تصرفت حبكمة اي‬
‫كاترين"‪.‬‬
‫فهزت كتفيها وقالت له‪:‬‬
‫"ال يضايقين أن تقوم أنت ابجلانب الرمسي‬
‫من أعمايل كما أوضحت يل السيدة‬
‫ميدوبوليس ‪,‬إنين ال أتكلم اليواننية ولن‬
‫أمتكن من حضور اجللسات ‪,‬وهبذه‬
‫الطريقة حيصل كل واحد منا علي‬
‫غرضه"‪.‬‬
‫ووقف برهة طويلة ال يتكلم ‪,‬مث محل‬
‫األوراق وأودعها خزانة قدمية أمينة‬
‫والتفت إليها ‪,‬وشعرت كاترين ابملخاوف‬
‫جتتاحها ‪,‬مث جلس علي طرف املكتب‬
‫وترك قدما تتأرجح بال اهتمام ومال حنومها‬
‫وقال‪:‬‬
‫"هل تعرفي علي ماذا وقعت اي كاترين؟"‬
‫فنظرت إليه بريبة وقالت وهي هتز شعرها‬
‫األمحر هبدوء ‪,‬وحتاول أن تبتعد عن‬
‫نفسها املخاوف والريبة وقالت بصوت‬
‫مبحوح‪:‬‬
‫"قل يل كل شيء "‪.‬‬
‫"وقعت تنازلك عن األسهم لصاحلي"‪.‬‬
‫فنظرت إليه حلظة وعيناها اخلضراوان‬
‫تقدحان شررا لسذاجتها من انحية‬
‫وخلداعه من انحية أخري وقالت له يف‬
‫نربة تتم علي االهتام ‪:‬‬
‫"غررت ب! أنت تعرف جيدا أين ال‬
‫اعرف اليواننية ولذلك تعمدت أن تكتب‬
‫كل هذه األوراق بلغة اجهلها حىت ال‬
‫أعرف نواايك"‪.‬‬
‫وكانت حتاول أن تكبح الرغبة اجلاحمة يف‬
‫ضربه مث هبت واقفة ‪:‬‬
‫"مل أغشك بل أدرك اآلن أنك كنت‬
‫جتهلي أن توقيعك سيكون علي تنازلك‬
‫عن األسهم "‪.‬‬
‫وكانت نرباته هادئة ابردة زادت من‬
‫اشتعال ضبها ‪,‬وقالت يف صوت حاد‬
‫غاضب‪:‬‬
‫"ظننت أين أوقع بتسليم األسهم إليك‬
‫لتديرها حلساب ‪.‬وأعتقد انك كنت علي‬
‫علم اتم مبا تفعل "‪.‬‬
‫"وهل تعتقدين أين غررت بك عن عمد؟"‬
‫وظهرت علي وجهه نظرة ابردة خطرة‬
‫فمأل اخلوف قلب كاترين ‪,‬ووقف ستيفان‬
‫قريبا جدا منها حيت خافت أن ميد يده‬
‫عقااب علي اهتامها له ابخلداع والتغرير‬
‫وظلت تنظر إيل هاتي اليدين الداكنتي‬
‫القويتي خبوف وإعجاب مث قالت له‬
‫بصوت حاد‪:‬‬
‫"كيف حتاول أن تومهين أبنك مل تكن علي‬
‫علم اتم ؟أخربت السيدة ميدوبوليس‬
‫بفكريت ووافقت أن تكون أنت وكيال عين‬
‫" "وكيل !ويف شركيت ! والديت تعرفين‬
‫جيدا ولن تتخيل أين أقبل أن أكون يف‬
‫هذا املركز اي كاترين فأنت مل تفهميها‬
‫جيدا "‪.‬‬
‫وان يف عينيه الغضب ألهنا تنتظر منه أن‬
‫يقوم بدور ال يتناسب ومركزه‪,‬فتملكها‬
‫احلنق وأمحر وجهها وبرقت عيناها وزاد‬
‫ذلك من خضرة لوهنما وقالت ‪:‬‬
‫"بل مل أسيء فهمها مطلقا ‪,‬السيدة‬
‫ميدوبوليس قالت إذا كانت هذه هي‬
‫الطريقة الوحيدة اليت أوافق عليها ‪"..‬‬
‫فقاطعها قائال وقد نفذ صربه‪:‬‬
‫"ال أريد أن أمسع تقريرا عما دار بينك‬
‫وبي والديت ‪,‬من الواضح أنكما اختلفتما‬
‫علي معين فأخطأ كل منكما فهم اآلخر‬
‫‪,‬وهكذا أقدمت علي فعل شيء ضد‬
‫رغبتك"‪.‬‬
‫"واآلن أريد اسرتداد هذه األوراق"‪.‬‬
‫قاطعها بشدة هذه املرة وقد قلصت‬
‫شفتاه لغرابة طلبها وقال‪:‬‬
‫"تريدين ! إهنا موقعة اآلن والبد أن‬
‫ختضعي لألمر الواقع اي كاترين عن طيب‬
‫خاطر"‪.‬‬
‫"ليس لك احلق ‪,‬لقد خدعتين !"‬
‫فرد عليها بربود قائال‪:‬‬
‫" إن يل كل احلق ’ومل أخدعك"‪.‬‬
‫ومد يده وضغط علي رسغها وكأنه رابط‬
‫من حديد وعيناه القريبتان منها تقدحان‬
‫شرارا‪.‬‬
‫"لن أقبل منك أي اهتام اثنية – هل‬
‫تسمعي؟"‬
‫"دعين اذهب"‪.‬‬
‫وحاولت نزع يدها من يده ولكنه أطبق‬
‫أبصابعه الفوالذية فلم تتمكن من ذلك‬
‫‪,‬بل شعرت أبمل يف ذراعها من شدة ضغط‬
‫يده عليها مث قال بصوت صارم ابرد‬
‫ولكنه مستسلم خاضع وبعد حلظة أدركت‬
‫السبب‪:‬‬
‫"اسكيت ! هل تظني أين أريد موظفي‬
‫مكتيب أن يعرفوا انك تتصرفي كطفل‬
‫مدلل ألنك فقدت شيئا مل يكن لك احلق‬
‫يف امتالكه أساسا؟"‬
‫وردت قائلة ‪:‬‬
‫"وهل أنت متأكد أن السبب ليس‬
‫خوفك أن يعرفوا أنك خدعتين وأخذت‬
‫مين شيئا تركه والدي يل وصيته ؟ كنت‬
‫تعرف متاما ما تفعله اي ستيفان وال حتاول‬
‫أن تومهين أبنك مل تكن تعلم "‪.‬‬
‫وقال هلا‪:‬‬
‫" وكنت أان أيضا متأكد من أنك تعرفي‬
‫ما تفعلي "‪.‬‬
‫وكان البد هلذا الغضب أن يهدأ ‪.‬‬
‫بعد برهة شعرت أن قبضته علي يدها‬
‫أخذت ختف تدرجييا ونظراته اليت كانت‬
‫تتفحصها خيف غضبها قليال ‪,‬وراح يقول‬
‫هلا هبدوء وبنغمة كادت تصرفها ابلرغم‬
‫من اقتناعها خبطأه وإدانتها له‪:‬‬
‫"ومل أخدعك اي كاترين "‬
‫" ولكين ال أصدق ذلك "‪.‬‬
‫وابن يف أفكارها هذه أن إدانتها قد خفت‬
‫‪.‬األمر الذي فطن له ستيفان فأضاف‬
‫برقة أاثرت دهشتها ‪:‬‬
‫"ظننت انك وافقت علي التنازل يل عن‬
‫األسهم ولذلك كتبت األوراق هبذا املعين‬
‫‪.‬وكان علي أن أستشريك يف األمر بعد‬
‫ذلك بنفسي ولكين خفت أن تغريي‬
‫رأيك‪".‬‬
‫وكانت ملسة يده علي يدها ذات أتثري‬
‫أكيد علي حواسها وشعرت حبناهنا وأخذ‬
‫نبضها يسرع عندما بدأ بضغط برقة‬
‫ونظرت إليه حلظة قبل أن تقول ‪:‬‬
‫"وهل ظننت حقا أين قد أغري من رأيي‬
‫ابلنسبة إيل التنازل لك عن هذه‬
‫األسهم؟"‬
‫ورجعت كاترين بذاكرهتا إيل الوراء يوم‬
‫وافقت السيدة ميدوبوليس علي قرارها‬
‫وقالت أنه خطوة علي الطريق السوي‬
‫‪,‬وتذكرت كم من السهل اختاذ عدم إتقاهنا‬
‫للغة اإلنكليزية ذريعة هلذا االلتباس ‪.‬‬
‫ورد هبدوء‪:‬‬
‫"بال شك ‪,‬ظننت أنك قد غريت رأيك و‬
‫إال ما جعلتك توقعي علي تلك األوراق‬
‫فأنت تظلمينين اي كاترين "‪.‬‬
‫"آسفة"‪.‬‬
‫ونظرت إيل فتحة قميصه اليت تكشف‬
‫عن عنقه األمسر القوي ورأت عروقها‬
‫تنبض وشعرت إبهبامة يتحسس رسغها‬
‫فتأثرت وراحت ترجتف بشدة حيت أهنا‬
‫طنت أنه الحظ ارجتافها ‪.‬‬
‫وبدت أسنانه البيضاء يف ابتسامة رائعة‬
‫ورفع حاجبه وقال هلا هبدوء ‪:‬‬
‫"هل نذهب إيل الغداء ونرتك خالفاتنا‬
‫جانبا؟"‬
‫"ستيفان "‪.‬‬
‫وكانت تود أن تطلب منه أن يعد هلا‬
‫أوراقا أخري جديدة ‪,‬ولكن قبل أن‬
‫تكمل كالمها احنين حنوها وعانقها برقة‬
‫نسيت بعدها ما كانت تود قوله ‪.‬‬
‫وكان املطعم الذي قصداه صغريا أنيقا‬
‫اراتحت كاترين إيل جوه الذي يبعث‬
‫األلفة ‪,‬وكانت عيون رواده تنظر إليها‬
‫وتتفحصها وهي يف صحبته ‪,‬ومن الواضح‬
‫أن ستيفان كان معروفا للجميع هناك‬
‫‪,‬ولكن القلة منهم جاءت للتحدث معه‬
‫‪,‬وال شك أن عائلة ميدوبوليس كانت‬
‫معروفة يف كل اجلزيرة حييي أفرادها بكل‬
‫احرتام‪.‬‬
‫واختار ستيفان مائدة خلف سور حديدي‬
‫قصري ترتفع درجيت سلم عن ابقي املطعم‬
‫‪,‬وكان يريد أن يكون بعيدا عن ابقي رواد‬
‫وهي عادة يتبعها كلما تناول طعامه يف‬
‫اخلارج ‪.‬وكانت جدران املطعم بيضاء‬
‫كغريها من أبنية تلك اجلزيرة املشمسة‬
‫‪,‬وكانت نوافذه الصغرية تفتح علي مناظر‬
‫أشجار التي والتفاح والحت املنازل علي‬
‫بعد تليها التالل اليت تكسوها األشجار ‪.‬‬
‫وتركت كاترين اختيار طعامهما إيل‬
‫ستيفان مما ااتح له فقد كان يتضايق‬
‫عندما تتويل اختيار األصناف لنفسها ‪,‬‬
‫وعندما تركهما اخلادم إلحضار الطعام‬
‫سألت كاترين ستيفان عن األصناف اليت‬
‫طلبها فرد عليها يقول‪:‬‬
‫"مازة هل تعرفي ماهي ؟"‪.‬‬
‫فهزت رأسها ابلنفي وأاثرت ابتسامته‬
‫شكوكها فسألته‪:‬‬
‫"هل طلبت طعاما ال يروق يل اي ستيفان‬
‫؟"‬
‫فرفع حاجبه وهو يصب الشراب الذي‬
‫أحضره هلما صاحب املطعم توا مث ابتسم‬
‫وقال ‪:‬‬
‫"أالحظ دائما يف البيت انك تستسيغي‬
‫كل األطعمة اليت تقدم لك"‪.‬‬
‫والواقع أن كلمة يف البيت أعطتها شعورا‬
‫ابألمان لكنها شعرت ابالمحرار يكسو‬
‫وجهها فهو يراقبها ويالحظ شهيتها‬
‫املفتوحة وإقباهلا علي الطعام فقالت ‪:‬‬
‫"جيب أال أكل هبذا النهم ولكن األصناف‬
‫اليت تقدم عندكم لذيذة الطعم وكثرية فال‬
‫أستطيع أن أقاومها ألين أحب جتربة كل‬
‫صنف منها"‪.‬‬
‫أتملها ستيفان حلظات وقال هلا وهو‬
‫يبتسم تلك االبتسامة اهلادئة اليت تلهب‬
‫دمائها دائما ‪:‬‬
‫"ال ختشي الطعام فأنت ال تزالي رشيقة‬
‫وال أري أي تغيري يف قوامك"‪.‬‬
‫وخجلت كاترين من نظراته اليت كانت‬
‫تتفحصها لكنها قالت وهي تكور يديها‬
‫كعادهتا دائما كلما أتثرت حواسها بقربه‬
‫مث ضحكت ابرتباك‪:‬‬
‫"أن مسألة الطعام مل تشكل يل قلقا أبدا‬
‫وذلك حلسن حظي "‬
‫أجاهبا جبدية وعيناه تراقباهنا وهو حيتسي‬
‫الشراب ‪:‬‬
‫"نعم إنك حمظوظة جدا وإنك فتاة مجيلة‬
‫جدا اي كاترين "‪.‬‬
‫وظل حيدق فيها بعينيه السوداوين ‪:‬‬
‫"شكرا لك"‬
‫مل جتد ما تقوله أكثر من ذلك ومل تضحك‬
‫خبجل مثل التلميذة الصغرية أو تتجاهل‬
‫اجملاملة كأهنا إطراء زائد فكالمها ال يرضي‬
‫ستيفان عنهما ولكنه يفهم ويقدر قبوهلا‬
‫اهلاديء جملاملته وعاد يقول ‪:‬‬
‫"أنت مجيلة لدرجة اخلطورة ‪,‬أعتقد ذلك"‬
‫نظرت إليه متسائلة عما يقصده ؟وقالت‪:‬‬
‫"ستيفان إنين ‪"....‬‬
‫ولكنه رفع يده وأسكتها إبشارة منها وقال‬
‫وقد بدا جادا‪:‬‬
‫"نيكوالس جيدك جذابة جدا"‪.‬‬
‫وعجبت كاترين كيف ينتقل كالمهما من‬
‫موضوع خفيف مثل شهيتها وهنمها يف‬
‫الطعام إيل موضوع أكثر جدية ختتلف فيه‬
‫نربات ستيفان يف الكالم وتالحقت دقات‬
‫قلبها إذا سوف أيمرها ستيفان مبغادرة‬
‫اجلزيرة ألنه جيد وجودها عامال هلدم‬
‫مشروع زواج نيكوالس ولكنها اآلن لن‬
‫تتقبل أمر"‬
‫هذا ابلبساطة اليت كان ميكن أن تتقبله هبا‬
‫منذ عدة أسابيع ‪.‬فردت عليه قائلة‪:‬‬
‫"أحاول عدم تشجيعه دائما وخصوصا‬
‫عندما تكون أثينا بيدربولويس هناك‪ ,‬وال‬
‫أدري ما الذي أستطيع فعله اي ستيفان "‬
‫مل يرد عليها فورا بل راح يعبث ابلكأس يف‬
‫يده وقال هلا هبدوء ‪:‬‬
‫" رمبا أستطيع أان أن أفعل شيئا"‪.‬‬
‫وطرفت كاترين بعينها حلطة ونظرت إليه‬
‫علي غري عادته وأخريا قالت‪:‬‬
‫"أنين ال أفهمك"‪.‬‬
‫فابتسم ابتسامة هادئة انعكست يف عينيه‬
‫السوداوين عندما نظر إليها أخريا وقال‬
‫برقة‪:‬‬
‫"ستفهمي قريبا اي صغرييت ‪.‬واآلن متتعي‬
‫ابملازة"‪.‬‬
‫وكانت كاترين تود أن يغري املوضوع كله‬
‫فقالت له‪:‬‬
‫"ماهي املازة ؟" "أهنا طعام مكون من أريع‬
‫أصناف ستعجبك كثريا"‪.‬‬
‫وضحك فأضاء الضحك وجهه األمسر‬
‫عندما صف اخلادم أطباق الطعام أمامهما‬
‫وجدت كاترين املآكل حيتوي علي‬
‫أصناف من اجلنب وورق العنب احملشو‬
‫واللحوم وخصوصا حلم حلم الضأن املتبل‬
‫ابلليمون والثوم والسونالكي وهو الكباب‬
‫حسب طريقة اليواننية واستمتعت كاترين‬
‫ابلطعام فلم تستطع ان تتناول املزيد من‬
‫احللوي اللذيذة بل ختمت ابلفاكهة‬
‫الطازجة وختلل املأدبة احتساء نوع من‬
‫الشراب األبيض املصنوع حمليا يسمي‬
‫افروديت وخيل إليها أنه مل حيدث يف‬
‫حياهتا أن التهمت مثل هذه الكمية‬
‫الضخمة من الطعام ‪.‬‬
‫مث قالت كاترين‪:‬‬
‫"أخجل من نفسي ‪"...‬‬
‫وضحكت برقة عندما أخذ يهز رأسه‪:‬‬
‫"وملاذا؟ أمل يرق لك الطعام؟"‬
‫فلمست كاترين رأسها وقالت‪:‬‬
‫"كان رائعا وقد أفرطت قليال يف الشراب‬
‫فقد راق يل كباقي الطعام ‪ ,‬كل شيء كان‬
‫رائعا‪".‬‬
‫"ولكنك ال حتبي القهوة ؟"‬
‫ومل يكن يف الواقع سؤاال بقدر ما كان‬
‫ذكر حقيقة وتعجبت كاترين كيف الحظ‬
‫ستيفان أهنا ال تستسيغ القهوة الرتكية‬
‫وترفضها عند تقدميها يف منزله فقالت له‬
‫وهي تبتسم ‪:‬‬
‫"أحب القهوة أحياان ولكن ليس علي‬
‫الطريقة اليواننية "‪.‬‬
‫"الحظت ذلك ‪".‬‬
‫ونظرت إليه كاترين من بي أهداهبا‬
‫الكثيفة ووسوس هلا شيطاهنا اثنية كما‬
‫فعل من قبل أن تداعبه حيت ولو فقدت‬
‫يف سبيل هذه املداعبة هدنتها الراهنة‬
‫فقالت وهي تبتسم ‪:‬‬
‫"وهل تالحظ كل شيء ؟"‬
‫فلم يقل شيئا وظل صامتا برهة طويلة مث‬
‫رفع كأسه إيل شفتيه وراح يتفحصها وهو‬
‫ينظر إليها بعيني سوداوين عميقتي ال‬
‫قاع هلما ‪ ...‬ووضع كأسه علي املائدة‬
‫وقال هبدوء ‪:‬‬
‫"أالحظ معظم األشياء ‪,‬فلك موهبة‬
‫جيذب النظر إليك اي كاترين وجلست‬
‫علي مائديت مدة تقرب من الشهر اآلن‬
‫فكيف يفوتين مالحظة ما حتبي وما‬
‫تكرهي ؟"‬
‫وشعرت بقلبها خيفق قلبها بشدة ومتنت‬
‫لو أهنا مل تكن متهورة هكذا وخيل إليها‬
‫أن هناك شيئا يدور خبلده وهو مرتدد يف‬
‫التصريح به و تسألت ما إذا كان هذا‬
‫الشيء يتعلق هبا ونيكوالس وقد سبق أن‬
‫أحاول فتح ذلك املوضوع ابلذات ولكنه‬
‫أغفله عندما بدأ طعامهما ‪ ...‬ومل تكن‬
‫ترغب يف إاثرة املوضوع مرة أخري ‪.‬‬
‫فقالت وهي أتخذ كأسها عن املائدة ‪:‬‬
‫"أين نذهب اآلن؟"‬
‫وهز ستيفان رأسه وقال ‪:‬‬
‫"أقرتح الذهاب إيل الشاطيء حيث اجلو‬
‫منعش ‪,‬ولكن منر أوال بصديق يل يف اجلبل‬
‫لننهي مسألة حصاين بول و الكساندر‬
‫‪,‬اجلو هناك سيكون ألطف كثريا من هنا"‪.‬‬
‫ومالت كاترين برأسها وبرقت عيناها‬
‫اخلضراوان اببتسامة حلوة وشعرت أبهنا‬
‫مستعدة لنذهب معه إيل مكان ومل يكن‬
‫هذا الشعور نتيجة أفرطها بعض الشيء‬
‫يف الشراب ‪.‬‬
‫وقالت لستيفان ‪:‬‬
‫"رغبتك أمر"‪.‬‬
‫وابتسم هلا ستيفان ومرة أخري أتلقت‬
‫عيناه السوداوان العميقتان اللتان استقرات‬
‫علي فمها وقال هامسا‪:‬‬
‫"مل حين الوقت بعد اي حبيبيت ‪ ...‬مل حين‬
‫الوقت بعد‪".‬‬

‫‪ – 8‬العنيد املسيطر‬
‫وعندما تسلقت السيارة اجلبل خيل إيل‬
‫كاترين إهنا دخلت إيل دنيا اثنية راقت هلا‬
‫كثريا ‪ .‬فالشمس لساطعة احلارة و اجلبال‬
‫املكسوة ابألشجار و املناظر الساطعة‬
‫احلارة و اجلبال الصخرية املكسوة‬
‫ابألشجار و املناظر الساحرة حركت‬
‫أحاسيسها و جعلتها تشعر بسعادة غامرة‬
‫‪.‬‬
‫وكان جزء من الطريق حماطا بسور من‬
‫احلجارة البيضاء املائلة إيل الصفرة وهي‬
‫حجارة اجلبل نفسه تكسوها النبااتت‬
‫اخلضراء املورقة هنا و هناك ‪ ،‬و األرض‬
‫احلجرية جافة أاثرت سحبا من الغبار‬
‫األبيض كلما لفت السيارة يف املنحنيات‬
‫علي حي غرة ‪ .‬وكان اجلو يزداد برودة‬
‫كلما تسلقت اجلبل فأغمضت عينيها‬
‫تتمتع ابلنسيم املنعش خيفف احلرارة عم‬
‫جبتهما و صدق ستيفان عندما قال انه‬
‫سوف جيد اجلبل أكثر برودة من املدينة ‪.‬‬

‫وكانت الفيال اليت يقصداهنا واقعة علي‬


‫جانب التل تعلوها الصخور امللوحة‬
‫ابلشمس و حتطيه أشجار الربتقال و‬
‫الليمون و أشجار السرو أبلوان اخلضرة‬
‫املتباينة ‪.‬‬
‫أما بناء الفيال نفسها فأبيض اللون علي‬
‫مستوايت متدرجة ‪ ،‬سقفها مسطح و‬
‫نوافذها مفتوحة كلها للهواء و الشمس ‪.‬‬
‫وبدت مجيلة مع مسحة خيالية يف األشعة‬
‫الساطعة البيضاء ‪.‬‬
‫ومن العجب إن يكون صاحبها إنكليزاي‬
‫يدعي أليك ماين ‪ .‬دهشت كاترين عندما‬
‫حيا ستيفان حتية تدل علي أهنما مرتبطان‬
‫بصداقة قدمية متينة ‪ .‬ونظر ماين إيل‬
‫كاترين نظرة إعجاب و تعجب عندما‬
‫قدمها ستيفان له فقال ‪:‬‬
‫مس غراجنر ؟ هل لك صلة قارية جبورج‬
‫غراجنر ؟ وردت كاترين ‪ -:‬انه والدي ‪.‬‬
‫ونظرت إيل ستيفان وهي تقول ذلك رغم‬
‫إهنا تعرف سببا لذلك فرد أليك يقول ‪-:‬‬
‫قابلته مرتي عندما كان بصحبة ‪..‬‬
‫وابن علي وجهه الودود الباش شيء من‬
‫احلرج فالتفت إيل ستيفان قال ‪ -:‬أسف‬
‫اي صديقي إنين ‪..‬‬
‫فرد عليه ستيفان يغري احلديث بلباقة و‬
‫يقول هبدوء ‪:‬‬
‫أتيت هنا ألرى املهرين الذين كلمتك‬
‫عنهما ‪.‬‬
‫ال شك أن الذي كان يصحبه والداها يف‬
‫املناسبات اليت ذكرها أليك ماين هي‬
‫هيلي ميدوبوليس و رمبا كان ستيفان‬
‫يعتقد إن ال علم لكاترين هبذه القصة‬
‫مطلقا و تساءلت هل سيخربها هبا معد‬
‫مغادرة الفيال ؟ وماذا سيقول ؟ لو عرف‬
‫أن نيكوالس أطلعها علي هذه العالقة من‬
‫قبل ‪.‬‬
‫قال ماين وهو يسلك الطريق خلف‬
‫الفيال و ينظر إيل كاترين تسري بينه و بي‬
‫ستيفان ‪.‬‬
‫نعم بكل أتكيد ‪.‬‬
‫مث قال موجها سؤاله إيل كاترين ‪ -:‬هل‬
‫ستطول إقامتك يف اليوانن اي آنسة غراجنر‬
‫؟‬
‫وجدت كاترين إن هذا السؤال صعب‬
‫الرد عليه وهي تنظر إيل ستيفان تلقائيا‬
‫قبل أن جتيب ‪:‬‬
‫لست متأكدة متاما من ذلك لست‬
‫متأكدة يف الواقع ‪.‬‬
‫مث حاولت أن تقضي علي ترددها و تفسر‬
‫معين كالمها لوال تدخل ستيفان الذي‬
‫قال هبدوء ‪:‬‬
‫كاترين مقيمة هنا مع أخويها بعدما‬
‫أصبحت أان وصيا عليهما منذ وفاة‬
‫والديهما ‪.‬‬
‫ودهش الرجل بشدة لذلك ‪ ..‬و شعرت‬
‫كاترين بنبضها يسرع عندما قبض ستيفان‬
‫بشدة علي ذراعها و قرهبا منه ‪ ،‬كأهنا‬
‫أصبحت ملكا له ‪ ،‬وشعرت من كالمه‬
‫إهنا هي االخري أصبحت حتت وصيته و‬
‫تساءلت ترى هل أدرك أن أسلوبه يف‬
‫الكالم قد أوحى بذلك فردت حبسم‬
‫قائلة ‪ -:‬ولكنك ست وصيا علي أان ‪...‬‬
‫وقبضت أصابعه علي ذراعها بشدة و‬
‫شعرت ابألمل وهو يضغط عليها و كأنه‬
‫يعاقبها علي تصحيحها كالمه مث قال ‪:‬‬
‫مل أجد عبارة س‪.‬استعملها أحسن مما‬
‫قلت اي صغرييت ‪ .‬ماهي الكلمات‬
‫االخري اليت أستطيع أن استعملها ؟ ‪.‬‬
‫ورقت عيناه وهو يتحداها و تناسي وجود‬
‫أليك ماين الذي راح ينظر اليهما بدهشة‬
‫ابلغة ‪ ،‬وبدا ستيفان أراد أن يوهم صديقه‬
‫إن له سلطة علي كاترين الذي جعل‬
‫كاترين تثور و فكرت ‪ ...‬تلك األصابع‬
‫القوية اليت تقبض علي ذراعها ‪ ...‬و‬
‫خماطبته هلا اي صغرييت ‪ ...‬كان ذلك أاثر‬
‫روح االستقالل فيها بطريقة آلية و قالت‬
‫له ‪:‬‬
‫ميكنك القول إين ضيفة ‪.‬‬
‫ونظرت إليه بعينيها اخلضرواين كأهنا‬
‫تتحداه أن يتقي ذلك مث هز ستيفان كتفيه‬
‫العريضي و قال هبدوء ‪:‬‬
‫‪ -‬استعملي أاي عبارة اي كاترين و لكنها‬
‫لن تغري من املوقف شيئا ‪.‬‬
‫يف بلد يكثر فيه وجود البغال و احلمري‬
‫اسعد كاترين وجود يف احلظرية وراء الفيال‬
‫‪ .‬وراق منظر اجلياد لكاترين و جعلها‬
‫تصيح فرحا وتنسي خالفاهتما مع ستيفان‬
‫‪ .‬ذلك أن منظر اجلياد ذكرها بوطنها‬
‫فشعرت ابحلني ابلغ ومسعت أليك يقول‬
‫وهو يشعر أبحاسيسها أكثر من ستيفان‬
‫نفسه ‪:‬‬
‫العائالت اإلنكليزية تطلب هنا اجلياد‬
‫ألوالدها و يدهين إن اجلياد تتأقلم هنا‬
‫بسرعة و تعيش فيها كما يعيش البط يف‬
‫املاء ‪.‬‬
‫فردت كاترين تقول برقة ‪ -:‬إهنا مجيلة –‬
‫تبدو إنكليزية ‪.‬‬
‫فابتسم أليك وهو يقول ‪:‬‬
‫إهنا من ويلز ولكين افهم شعورك فهي‬
‫كاليت تعودان رؤيتها أايم اآلحاد ميتطيها‬
‫األطفال و يتجولون يف الطرقات و القرى‬
‫أو يدورون هبا حول احلقول ‪.‬‬
‫كأن ستيفان ساء أن يتشارك كل من‬
‫أليك ماين و كاترين يف حلظة حني إيل‬
‫الوطن ‪ ،‬ضغط بشدة علي ذراعها و‬
‫برقت عيناه و قطب حاجبيه و قال‬
‫ألليك ‪:‬‬
‫واآلن نرجع إيل عملية الشراء و أحب أن‬
‫اذهب لرؤية اجلياد‬
‫بكل أتكيد ‪ .‬وبدت الدهشة و االرتباك‬
‫علي وجه كاترين هلذه املقاطعة فادمها‬
‫مضيفهما إيل حيث توجد اخليل فدخل‬
‫ستيفان وحده و أغلق الباب وراءه اتركا‬
‫كاترين قائال ‪:‬‬
‫لن أغيب طويال و حيسن بك أن تنتظري‬
‫هنا ‪.‬‬
‫ونظر إليها بعينيه السوداويي النفاذتي و‬
‫استطرد قائال "‪:‬‬
‫و احلني إيل الوطن شعور سخيف اتفه ‪.‬‬
‫مل جتد الوقت الكايف لالحتجاج لكن‬
‫عندما رأته خيطو بسرعة ايل حيث وقفت‬
‫اجلياد متلكها شعور قوي انه يشعر ابلغرية‬
‫من أليك ماين بسبب تلك اللحظات‬
‫القصرية اليت تشاركا فيها احلني إيل الوطن‬
‫‪ ،‬وأدهشها ذلك اخلاطر فلم تفعل شيئا‬
‫سوى أن تراقبه وهي متكئة علي السور‬
‫الذي حييط ابجلياد و عينيها تربقان كقطع‬
‫األحجار الكرمية ‪.‬‬
‫ومر يومان قبل ان يتمكن نيكوالس من‬
‫التحدث اليها علي انفراد و شعرت‬
‫كاترين ان لديه اسلئة كثرية يود معرفة‬
‫اجوبتها ‪ ،‬وذلك عندما كان ينظر اليها‬
‫بعينيه السوادوين او عندما تفاجئه وهو‬
‫ينظر اليها اثناء تناول الطعام ‪.‬‬
‫كانت كاترين قد انشغلت يومي ابلطفلي‬
‫املهرين اليهما و حتمس الطفالن للركوب‬
‫و كاان يودا لو ركبا املهرين طوال ساعات‬
‫النهار كلها ‪ .‬حيت ان ستيفان امر بفرتة‬
‫راحة وسط النهار اشفاقا علي املهرين و‬
‫ليس اشفاقا علي نفسه او علي كاترين ‪.‬‬
‫وتويل ستيفان سحب مهر اليكس من‬
‫جلامه و ساعدت كاترين يف تعليم بول‬
‫وهو حياول جاهدا اطاعة تعليمات خاله‬
‫الذي كان من رأيه ان يتعلم الطفالن‬
‫اصول الركوب وال يتمسكان ابلقشور‬
‫فقط ومتتع الولدان بدروس ركوب اخليل‬
‫كما متتعت كاترين ‪.‬‬
‫ومن الغيب ان اليكس اثبت انه احسن‬
‫الولدين و ذلك لصربه و هدوئه وميله ايل‬
‫التعلم ليس جملرد التظاهر كما هو احلال‬
‫مع بول و لذلك اعجب خباله بتقدمه‬
‫والحظت كاترين بعد يومي من صحبتهما‬
‫ان هناك شبها كبريا بي اليكس و ستيفان‬
‫مما اعجبها كثريا ‪.‬‬
‫ويف احدى االمسيات بعد رحلة ستيفان‬
‫و كاترين ايل قربص جاءت اثينا ووالدها‬
‫ايل العشاء ويف مساء اليوم التايل حتدث‬
‫ستيفان ووالدته مع كاترين عن تركيا وعن‬
‫حياة السيدة ميدوبوليس يف اليوانن ‪.‬‬
‫ووجدت كاترين احلديث شيقا فلم تالحظ‬
‫أتفف نيكوالس من الوضع وكانت كاترين‬
‫قد تصرفت حبكمة فلم تثر مسألة االسهم‬
‫اثنية او سوء فهم هذه املسألة ‪ ,‬ويف‬
‫الوقت نفسه الحظت مرة من تصرف‬
‫ستيفان انه يتوقع منها ذلك ‪.‬‬
‫ويف االمسية الثالثة اثل نيكوالس هلا‬
‫شاكيا ‪:‬‬
‫‪ -‬مل استطيع االنفراد بك حيت اآلن ‪.‬‬
‫وكانت كاترين قد خرجت ايل احلديقة بعد‬
‫العشاء و تبعها نيكوالس قائال ‪:‬‬
‫‪ -‬ستيفان يكاد يرتك اعماله حيت يظل يف‬
‫صحبتك ‪.‬‬
‫و اعرتفت بقوهلا ‪:‬‬
‫‪ -‬كنت اساعده يف دروس الركوب مع‬
‫الطفلي ‪.‬‬
‫مث سألت نفسها هل رتب سيتفان ذلك‬
‫حيت يبعدها عن نيكوالس و تذكرت ما‬
‫قاله ستيفان هلا عند تناول الطعام أبنه‬
‫سيدخل ليبعد نيكوالس عنها ‪ ،‬عندما‬
‫اعرتفت له انه ال جتد الوسيلة البعاده او‬
‫احلد من اصراره علي مالحقتها ‪.‬‬
‫وقال نيكوالس ‪:‬‬
‫‪ -‬هو دبر ذلك حيت ال اراك ‪.‬‬
‫ومط شفتيه ليعرب عن كدى استيائه ووضع‬
‫ذراعه حول كتفيها و قرهبا منه و استطرد‬
‫قائال ‪:‬‬
‫‪ -‬انه يسعي لتفريقنا اي مجيليت ولكين لن‬
‫امكنه من ذلك ‪.‬‬
‫كان تسعي ان تبعد ذراعه عن كتفها و‬
‫لكنها مل تفعل و اكتفت ابن قالت ‪:‬‬
‫نيكوالس ال حق لك يف التصرف معي‬
‫هبذا االسلوب فأنت خطيب اثينا سأهلا‬
‫نيكوالس قائال ‪:‬‬
‫‪ -‬هل كلمك ستيفان يف هذا الشأن ‪.‬‬
‫و تطلعت عليه و قد اعرتاها اخلوف حلطة‬
‫و سألته بدورها ‪.‬‬
‫‪ -‬هل كلمك ستيفان يف شأننا ‪.‬‬
‫فهز رأسه ابالجياب وابن علي وجهه‬
‫الوسيم االستياء و التحدي و دهشت‬
‫كاترين خلروجه ورائها ايل احلديقة بينما‬
‫سبق ان حذره اخوه أبن يعتدل يف‬
‫سلكوه حنوها و قال ‪:‬‬
‫‪ -‬البد انه حدثك ايضا عن وضعنا فقط‬
‫الحظت انك تتجنبي مقابليت ‪.‬‬
‫و اعرتفت قائلة ‪ - :‬ذكر املوضوع‬
‫كشيء عابر كنا نناول الغداء يف نيقوسيا‬
‫و لكين مل أجتنب مقابلتك اي نيكوالس ‪،‬‬
‫ولكن ستيفان علي حق فأنت خاطب‬
‫أثينا وسواء كانت هذه اخلطبة من تدبريك‬
‫أم من تدبري ستيفان البد أن تكون عادال‬
‫معها ‪.‬‬
‫وهزت كتفيها خبفة حتت ذراعه فرد عليها‬
‫مبرارة قائال ‪:‬‬
‫عادل معها ! هذا معناه آين أفقدك اي‬
‫كاترين ولن افعل ذلك ‪.‬‬
‫إذن امجع شجاعتك و افسخ خطوبتك ‪.‬‬
‫هكذا أحلت كاتربن إهنا أدركت أخريا‬
‫كيف سيبدو هذا تسرعا ‪ ،‬فلو حدث و‬
‫فسخ نيكوالس خطبته فان ستيفان لن‬
‫يغفر هلا ذلك أبدا ‪.‬‬
‫وقال نيكوالس ‪.‬‬
‫ال ميكنين أن افعل هذا اي كاترينا ألن هذا‬
‫التصرف خيل ابلشرف ‪.‬‬
‫ونظرت كاترين إليه حلظة وهي حتاول أن‬
‫تفهم منطق تفكريه و قالت ‪ -:‬تقول‬
‫الشرف ‪ .‬هل من الشرف ان تغازلين‬
‫وأنت مرتبط أبثينا ؟ ‪.‬‬
‫وتنهد حىت يؤثر علي كاترين و يكسب‬
‫عطفها عليه و قال ‪ -:‬انك ال تفهمي ‪.‬‬
‫وشعرت بنفاذ الصرب و أضاف قائال ‪:‬‬
‫ما الفائدة ذلك يف أية حال طاملا إن‬
‫ستيفان يرتب خططا لك أيضا ! ‪.‬‬
‫فنظرت إليه كاترين نظرة طويلة وهي ال‬
‫تدري أتصدقه أم ال ‪ ،‬مث هززت رأسها‬
‫ببطء و قالت ‪:‬‬
‫خطط يل أان ؟ ‪.‬‬
‫علي مدى يومي كاملي كانت كاترين‬
‫مالزمة لستيفان فلم يشري فيهما إيل أي‬
‫مشاريع هلا ‪ ،‬ولو انه فعل لكانت هنته‬
‫سريعا عن ذلك ‪ ،‬وهو يعرف ذلك حق‬
‫املعرفة ‪ ،‬مث قالت لنيكوالس ‪:‬‬
‫ال بد انك خمطيء اي نيكوالس ‪.‬‬
‫وراح نيكوالس يؤكد تدابري ستيفان هلا ‪،‬‬
‫ومل تروع نيكوالس الفكرة كما روعت‬
‫كاترين ‪ ،‬ولكن يف الوقت نفسه كان كرها‬
‫هلا مث قال ‪:‬‬
‫لست خمطئا ‪ ،‬قال يل إين أهي شرف‬
‫العائلة ‪ ،‬ليس فقط إبسيت إيل أثينا و لكن‬
‫بسبب سلوكي معك ألن لديه خططا‬
‫أخرى ختصك ‪.‬‬
‫وشعرت كاترين ابملهانة و احتجت قائلة ‪:‬‬
‫ولكن ليس هذا من حقه اي نيكوالس ‪..‬‬
‫ببساطة وكل وضوح ليس هذا من حقه ‪.‬‬
‫أحست كاترين ابلضعف فجأة كان‬
‫جسمها حتول إيل ماء و راحت ترجتف و‬
‫شعرت إن يدا ابردة قبضت علي قلبها و‬
‫أحست برغبة يف البكاء فلما مال‬
‫نيكوالس حتوها و أغمضت عينيها و‬
‫كورت يديها الصغريتي بقوة ووضعتهما‬
‫علي قميصه األبيض الناصع ‪ ،‬فوضع‬
‫ذراعه حوهلا و ضمها إيل حلظة و استقر‬
‫ذقنه علي شعرها األمحر و مسعها تقول ‪:‬‬
‫ال تدعه يفعل ذلك اي نيكوالس ‪.‬‬
‫نيكوالس !‬
‫كان ذلك صوت ستيفان و كان صوته‬
‫ابردا جافا واضحا فأغمضت كاترين‬
‫عينيها مرة أخرى و تشبثت بنيكوالس‬
‫بشدة و كان من طبع ستيفان إذا غضب‬
‫أن يكون من الصعب الوقوف يف وجهه و‬
‫حتديه ‪ ،‬ولكنها خافت أن تنهار و تبكي‬
‫فبظنها ستيفان بلهاء و حيتقرها لوجودها‬
‫مع أخيه يف ذلك الوضع ‪.‬‬
‫مث حاول نيكوالس أن يفك يديها عن‬
‫عنقه برقة ‪ ،‬ونظر إليها و امسك بيديها‬
‫حلظة قبل أن يبعدها عنه و نظر إليها مرة‬
‫أخرى بعينيه السوداويي حماوال أن جيعلها‬
‫تفهم ‪ ،‬لكنها كانت تعرف ابلتأكيد انه‬
‫سيفعل ما يريده ستيفان و أحست أهنا‬
‫تكره عندما تبي هلا انه سيرتكها حتما ‪.‬‬
‫مث مسعت ستيفان يقول له ‪:‬‬
‫أريد حمادثة كاترين علي انفراد ‪.‬‬

‫اخذ نيكوالس ذلك القول علي انه أمر‬


‫ابالنصراف ‪ ،‬ومدت يدها إيل نيكوالس‬
‫متوسلة ‪ ،‬لكنه هز رأسه ببطء و سار حنو‬
‫ظالل األشجار القريبة ‪.‬‬
‫فشعرت بقلبها يغوص يف صدرها وقال‬
‫ستيفان حبدة ‪:‬‬
‫وهكذا تبذلي كل ما يف وسعك لئال‬
‫تشجعيه ‪ .‬أليس كذلك ؟ ‪.‬‬
‫ونزلت كلماته املتهكمة عليها كاملاء البارد‬
‫فارجتفت ‪ ،‬وكان من الطبيعي أال يفهم‬
‫توسلها لنيكوالس كي يبقي ‪ ،‬ومل حتاول‬
‫أن تفسر له خطاه ‪ ،‬مث أرادت أن تتبع‬
‫نيكوالس إيل املنزل فلم تلتفت إيل‬
‫ستيفان وخطت بعض اخلطوات و لكنها‬
‫مسعته يقول بغضب و بشدة ‪:‬‬
‫انتظري ‪ ،‬أريد أن أحدثك ‪.‬‬
‫ولكين ال أريد الكالم معك ‪.‬‬
‫وكانت دموع الغضب حتجب عنها كل‬
‫شيء سوى منظر نيكوالس وهو يرتكها ‪،‬‬
‫كانت دموعها تعرب عن الغضب و عن‬
‫أحاسيس أخري مل تستطع أن تعرفها بعد‬
‫‪.‬‬
‫انتظري ‪.‬‬
‫قال ذلك مث قبض علي رسغها بقوة‬
‫ليمنعها من اهلرب و جنح يف وقفها ‪.‬‬

‫دعيت اذهب اي ستيفان ‪ ،‬دعيت اذهب ‪.‬‬


‫كان اخلوف يبدو واضحا يف صوهتا ‪،‬‬
‫وحاولت جهدها اإلفالت من قبضته‬
‫ومقاومة أصابعه القوية اليت التقت حول‬
‫ذراعها لكنه ‪ ،‬دارها إليه و نظر إليها‬
‫غاضبا ‪ ،‬وراح يسب ببعض كلمات‬
‫يواننية ‪ ،‬وضغط علي ذراعها بشدة أكثر‬
‫جعلتها تئن و قرهبا منه و نظر إليها بعيني‬
‫سوداويي تفيضان بغضب انري وقال هلا‬
‫‪:‬‬
‫استمعي إيل فنيكوالس لن يعود إليك ‪ ،‬ال‬
‫أتملي ذلك ‪.‬‬
‫نظرت إليه و عيناها تفيضان دموع وهي‬
‫تلقي بشعرها إيل اخللف كأهنا تتحداه و‬
‫قالت بصوت يفطر مرارة ‪:‬‬
‫ألنك أجربته علي أن يفعل ما تريده أنت‬
‫‪.‬‬
‫ولكنه مل يفعل ‪ ،‬و أال ما كان معك هنا‬
‫منذ حلظة ‪ ،‬أال انه يعلم إين علي حق‬
‫معها حاول اعرتاض ‪ ،‬وليعلم أن واجبه‬
‫حنو أثينا وحنو أسرته حيتم عليه أن يقلل‬
‫من اهتمامه بك ‪.‬‬
‫وقالت حتاول الدفاع عن موقفها ‪.‬‬
‫حاولت أن افهمه ذلك ‪.‬‬
‫دلت تعبريات وجهه انه يشك يف كالمها‬
‫و نظر إليها ابزدراء جعلها تشعر بتقلص‬
‫يف أحشائها و قال بربود ‪:‬‬
‫سبق أن قلت يل ذلك و لكين رأت اآلن‬
‫كم تثبطي من محاسه ‪.‬‬
‫وقالت ‪ -:‬ولكنك خمطيء ‪.‬‬
‫ونظرت إليه متوسلة ‪ ،‬ولكن صوته كان‬
‫ابردا قاسيا ‪ ،‬تقلصت أصابعه علي رسغها‬
‫‪ ،‬وفجأة أدركت إهنا تفعل عكس ما‬
‫اقمست أال تفعله ‪ ،‬فهي تربر موقفها له‬
‫ولن تفسر له تصرفاهتا وسوف ترتكه يظن‬
‫هبا ما يشاء ‪ ،‬فمن يدري لعله بتفكر مرة‬
‫أخرى مرتددا يف وضع اخلطط ملستقبلها ‪.‬‬
‫إذا تصور إهنا فتاة عابثة بال خلق ‪ .‬كان‬
‫صوته ابردا جافا و تقلصت أصابعه بشدة‬
‫حول رسغها و قرهبا منه حىت تشعر بقوة‬
‫جسمه العنيفة حتس ابلغضب الذي جعله‬
‫قاسيا وال يلي مث قال حبدة ‪:‬‬
‫مل أكن خمطئا عندما رأيتك بي ذراعي‬
‫نيكوالس و مسعتك تتوسلي إليه إن يبقي‬
‫ال ميكنك اإلنكار اي كاترين فقد رأيتكما‬
‫بعينيي ‪.‬‬
‫انك تبين اهتاماتك علي أوهام ‪.‬‬
‫وكفت علي التملص من يديه و نظرت‬
‫إليه بعيني المعتي و قالت وهي تضم‬
‫كفيها معا و كأهنا تصلي ‪:‬‬
‫انك ال تصدقين اي ستيفان انك ال تريد‬
‫ذلك ‪ ،‬لكن هذا املنظر مب يكن يدا علي‬
‫شيء كما تصورت أنت ‪.‬‬
‫وشعرت أن أصابعه تراخت علي رسغها‬
‫قليال لكنها مل حتاول أن تسحب يديها مث‬
‫قال هلا بربود ‪:‬‬
‫إذن فسري يل معين هذا املنظر الذي‬
‫شاهدته بنفسي ‪.‬‬
‫وكان علي كاترين أن ختربه أبهنا علي علم‬
‫مبا يديره ال من مشاريع لزواجها و أن‬
‫تواجه غضبه اجلامح عندما ختربه إن‬
‫نيكوالس حذرها من ذلك مث قالت له مرة‬
‫أخري بصوت حبة البكاء ‪.‬‬
‫هذا املنظر ال يدل علي شيء وصدقين يف‬
‫ذلك اي ستيفان ‪.‬‬
‫سوف أصدقك عندما ختربيين ملاذا كنت‬
‫بي ذراعيه عندما فاجأتكما ؟ وإذا مل‬
‫تفعلي سوف اضطر إيل تصديق ما‬
‫شاهدته بعيين ‪.‬‬
‫‪---------------------‬‬
‫‪---------------------‬‬
‫‪---------------------‬‬
‫‪-----------------‬‬
‫قال ذلك بلهجة تدل علي التصميم ‪..‬‬
‫ومرة أخرى غضبت ألهنا وجدته عنيفا‬
‫مسيطرا و صاحت قائلة ‪:‬‬
‫يظن من يسمعك أن لك احلق كل احلق‬
‫يف تقرير مصريان ليس لك احلق يف أن‬
‫تعيش حياة اآلخرين بدال منهم ‪ ،‬انك قد‬
‫رتبت زواج غريغوري و هيلي كذلك‬
‫رتبت خطبة نيكوالس و أثينا ألن‬
‫نيكوالس ليس لديه الشجاعة ليوقفك‬
‫عند حدك ‪ ،‬وكلنك ال جترؤ علي التدخل‬
‫يف مستقبلي اي ستيفان فلن اقبل الزواج‬
‫عن طريق املقايضة ‪ ،‬وعندما أتزوج اختار‬
‫بنفسي الرجل الذي أريده ‪ ،‬ولن اهتم‬
‫برأب احذ وال حىت أنت ‪.‬‬
‫وأدهشتها ضحكاته فنظرت إليه وهي ال‬
‫تصدق مث قال هلا ‪:‬‬
‫إذن هذا كل ما يقلقك ؟ ‪.‬‬
‫وبرقت عيناه يف ضوء القمر ويف حلظة‬
‫شرسة ردت كاترين إن تصفعه فقد‬
‫الحظت إن دموعها و غضبها ال تعين‬
‫شيئا ابلنسبة له بل وجدها شيئا مسليا له‬
‫‪.‬‬
‫إين ال اعترب املسألة مضحكة هلذا احلد اي‬
‫ستيفان ‪.‬‬
‫قالت ذلك بعدما ختلصت من قبضة يديه‬
‫ووقفت تنظر إليه بغضب وكان جسمها‬
‫كله يرجتف من أحاسيس خمتلفة مل تفهمها‬
‫‪ ،‬ولكل ما فكرت فيه أن ستيفان جيد‬
‫زواجها من شخص خيتاره هلا بنفسه فكرة‬
‫تضحكه و تسلية ‪.‬‬
‫ولكنه يف حلظة أصبح جادا مرة أخرى ‪.‬‬
‫كان ضحكة شيئا اندرا وقد ساءها إن‬
‫ضحكاته كانت موجها إليها وقال هلا‬
‫بصوت خافت ‪:‬‬
‫نيكوالس ال حيفظ السر ‪.‬‬
‫ونظر إليها بعينيه السوداويي وعما‬
‫تتألقان كالفحم املتوهج يف الضوء اخلافت‬
‫ومرت حلظة صمت قال بعدها ‪:‬‬
‫ولكنه مل خيربك عن الشخص الذي اخرتته‬
‫لك اي صغرييت ‪.‬‬
‫فهزت كاترين رأسها ابلنفي علي حنو‬
‫حاسم وقالت ‪:‬‬
‫ال يهم من ختتاره يل ولكين لن أتزوج إال‬
‫رجال أحبه ‪.‬‬
‫وهل حتبي نيكوالس ‪.‬‬
‫سأل ذلك بصون خفيض ونظرت إليه من‬
‫خالل أهداهبا الطويلة كي تستوعب هذا‬
‫السؤال مث قالت أخريا يف هدوء ‪:‬‬
‫وهل يغري أي شيء إذا كنت أحبه ‪.‬‬
‫وابتسم ابتسامة متمهلة هلا معين وكان هلا‬
‫التأثري األكيد علي حواسها حىت انع‬
‫حاولت أن تتفادى نظراته السامهة إليها ‪:‬‬
‫أبدا ولكين ال أريد أن أراك تتأملي اي‬
‫كاثرين ‪.‬‬
‫انك ‪...‬‬
‫وحاولنت عبثا أن جتد الكلمات اليت تعرب‬
‫هبا عن الغضب الذي اشتعل فيها مرة‬
‫أخرى و أخريا قالت ‪:‬‬
‫مل أرى يف حيايت رجال ابردا متجردا من‬
‫اإلنسانية مثلك ‪ ،‬ليس فيك ذرة إحساس‬
‫إن كل ما يهمك هو التدخل يف احلياة‬
‫الغري لتملي أرادتك عليهم ‪ ,‬أما أنت فال‬
‫تشعر أبـي شيء حنو أي شخص ‪.‬‬
‫اسكيت !!‬
‫وتكلم بصوت خافت ولكن بريق عينيه‬
‫احاهلما أيل قطعة ابردة كاحلديد وبدت‬
‫قسماته القوية السمراء يف ضوء اخلافت‬
‫و شعرت كاترين بيديها و جسمها كله‬
‫يرجتف ومل تستطع أن تعرف إذا كانت‬
‫هذه الرجفة من الغضب أو من عاطفة‬
‫أخري و عرفت فقط يف هذه اللحظة انه‬
‫تكرهه كما مل تكره شخصا أخر يف الوجود‬
‫بذلك وردت عليه قائلة و قد تقلصت‬
‫يداها بشدة ‪:‬‬
‫لن اسكت و أان لست فردا من عائلتك‬
‫وال يتعي علي أن افهم ما تريده ‪ ،‬ولست‬
‫طفلة حىت أتمرين ابلسكوت جملرد انك ال‬
‫حتب مساع ما أقول ‪.‬‬
‫كاترينا ‪.‬‬
‫واتبع امسها بكالم ابللغة اليواننية و بدا‬
‫وجهه غاضبا قامتا و أخذت تنظر إليه‬
‫مشدوهة و قد اتسعت عيناها و فجأة‬
‫شعرت ابخلوف من الغضب الذي سببته‬
‫له ‪,‬‬
‫و مد يده فجأة و جذهبا إليه و ضمها‬
‫بقوة حىت أمكنها الشعور بقلبه خيفق‬
‫بشدة حتت كفيها اللتي وضعتهما علي‬
‫صدره ‪ ،‬مث قبض علي خصلة من شعرها‬
‫األمحر و جذب رأسها إيل اخللف و قال‬
‫و أنفاسه تلهب وجهها ‪.‬‬
‫‪ -‬ابرد و متجرد من اإلنسانية ! كيف‬
‫جترئي أن حتكمي علي بذلك ؟ ‪.‬‬
‫وشعرت بقوته وهو يعانقها فراحت تقاومه‬
‫خائفة ‪ ،‬مث تبع ذلك شعور ابالستسالم‬
‫هلذه العواطف العنيفة ‪ ،‬فصدرت منها‬
‫أهات خافتة وهي ترفع ذراعيها و تطوق‬
‫عنقه و تقرتب منه ‪ ،‬احتوت رأسه الداكن‬
‫بي يديها و أغمضت عينيها لفرتة طويلة‬
‫‪ .‬واستسلمت إيل األحاسيس العميقة‬
‫املخيفة اليت أيقضها لفرتة طويلة ‪ .‬لكنها‬
‫تذكرت فجأة إلينا اندرايس ال يهمها إذا‬
‫كان هذا االرتباط قائما بينه و بي إلينا ‪،‬‬
‫وتذكرت النظرة اليت بدت يف عينيها وهي‬
‫ترمق ستيفان يف ليلة وصوهلا إيل اجلزيرة‬
‫كما تذكرت ما أخربهتا به ماراي مث هيلي‬
‫عن االرتباط بي إلينا و ستيفان و دفعته‬
‫عنها ‪ ،‬إن الوميض القامت الذي رأته يف‬
‫عينيه عندما رفع رأسه أاثر رجفة يف كياهنا‬
‫كله و لكنها نظرت إليه لفرتة طويلة مث‬
‫قالت بصوت خافت ‪:‬‬
‫ال اي ستيفان أنت ال ختتلف عن نيكوالس‬
‫‪.‬‬
‫و امسكها اآلن من ذراعيها و ضغط‬
‫أبصابعه علي جلدها األملس و سأهلا ‪:‬‬
‫‪ -‬واآلن ما هي هتميت ؟‬
‫و بدا لدهشتها اثبت األعصاب بعدما‬
‫تغلب علي الشعور اجلامح الذي اعرتاه‬
‫منذ حلظة ‪.‬‬
‫فهمست كاترين تقول ‪:‬‬
‫إلينا اندرايس ‪.‬‬
‫واعرتاها شيء من اخلوف عندما حملت‬
‫الربيق اخلاطف القامت الذي بدا يف عينيه‬
‫فنظر إليها بقسماته اليت تشبه الصقر و‬
‫قال وهو يهزها ‪.‬‬
‫ماذا تريدين قوله ! وماذا تقولي عن إلينا‬
‫اندرايس ؟ ‪.‬‬
‫انك سوف تتزوجها ‪.‬‬
‫قالت ذلك بسرعة وهي تلتقط أنفاسها مث‬
‫أردفت تقول ‪:‬‬
‫قالت يل ماراي ذلك ‪.‬‬
‫مث نظرت إيل عنقه األمسر وهو يردد برقة‬
‫اسم أخته ماراي وهز رأسه وقال هبدوء ‪:‬‬
‫أين ال ااستطيع أن أوبخ ماراي العزيزة‬
‫ولكن كان جيب إال ختربك بتلك األمور اي‬
‫كاترين ‪.‬‬
‫وردت كاترين بسرعة ‪:‬‬
‫وال حىت هيلي ‪,‬‬
‫والحظت إن فمه تقلص فجأة مث رد بعد‬
‫حلظة ‪:‬‬
‫وال هيلي كذلك ‪ ،‬أان لست مرتبطا ابلينا‬
‫‪ ،‬ومل ارتبط هبا أبدا ؟ هل هذا يرضيك ‪.‬‬
‫ومل تشعر كاترين يف حياهتا بضالتها‬
‫وضعفها كما شعرت يف تلك اللحظة‬
‫وهزت رأسها لتبعد تلك اخلواطر عن‬
‫ذهنها القلق و قالت ‪:‬‬
‫لست جمربا علي أن ترضيين اي ستيفان ‪،‬‬
‫واين آسفة لطرقي يف هذا املوضوع ‪.‬‬
‫ومل يقل شيئا لكنها شعرت انه الن قليال‬
‫وميت بضع خطوات مث اخرج سيكارة‬
‫أشعلها ‪ ،‬ويف ضوء الوالعة رأت كاترين‬
‫وجهه وقد كسته ابتسامة ابهتة فتعبت‬
‫لسرعة تغريه و السيطرة علي هذه‬
‫العاصفة من املشاعر املتابينة و اقرتب‬
‫منها ووضع يده علي ذراعها و قادها حنو‬
‫املنزل و كانت ملسة أصابعه اخلفيفة املثرية‬
‫علي ذراعها قد أشعلت تلك األحاسيس‬
‫الغريبة اليت انتاهبا فراحت ترجتف مث‬
‫نسيت وهي متشي معه حتت الظالل‬
‫سبب الشجار الذي قام بينهما ومل حتاول‬
‫أن تسأله عن ادعاءات نيكوالس أبنه يعد‬
‫هلا خططا للزواج ‪.‬‬
‫وقال ستيفان ‪ - :‬جيب أن نعود اي كاترينا‬
‫إيل املنزل و نتفادى األلسن اليت تطلق‬
‫األقاويل و اإلشاعات ‪.‬‬

‫‪ -9‬الغرق ـ ـ ـ ـ ــي‬
‫تلك الليلة املليئة ابالحداث اليت فاجأ‬
‫فيها ستيفان كاترين ونيكوالس معا يف‬
‫احلديقة و اظهر غضبه الشديد وهي‬
‫تبذل كل ما يف وسعها لتتفادي االجتماع‬
‫بنيكوالس ‪.‬ومل يكن هذا االمر اهلي اذا‬
‫كان ينتهز فرصة غياب ستيفان فيحاول‬
‫التقرب منها ‪.‬‬
‫وقد جنحت يف تفادي لقائه ‪ ،‬لكنه حملها‬
‫اليوم وهي تغادر املنزل ايل الشاطئ‬
‫لالستحمام ‪ ،‬فتبعها يف السيارة هبا يف اول‬
‫الطريق املؤدي ايل البحر و اقنعها ان‬
‫تذهب معه ايل الطرف الشمايل من‬
‫اجلزيرة ‪ ،‬مكانه املفضل للسباحة ومل يعبأ‬
‫نيكوالس مطلقا بسكوتعا و اضطرهبا حيت‬
‫ولو كان قد الحظه ‪.‬‬
‫كان الطفالن قد ذهبا ايل قربص مع‬
‫غريغوري و هيلي و البنتي الصغريتي‬
‫فوجدت كاترين نفسها وحيدة و كانت‬
‫تود تاليف صحبة نيكوالس اليت جتر عليها‬
‫املتاعب دائما ولو اهنا يف احلقيقة كانت‬
‫تفقده ‪.‬‬
‫كان نيكوالس يكره فكرة وجودها كل‬
‫صباح مع ستيفان و الولدين وهو يعلمها‬
‫ركوب املهرين و االعتناء هبما ‪ ،‬ونظر‬
‫اليها بشيء من الشك اآلن عندما‬
‫ابتسمت لنفسها لنادرة طريقة وحيدة‬
‫خطرت هلا ‪ .‬وكان صرب ستيفان مع‬
‫الولدين يدهش كاترين وهي الصفة‬
‫الوحيدة احملببة ايل النفس اليت اكتشفتها‬
‫فيه كاترين حيت اآلن ‪ ،‬كان يعاملها حبزم‬
‫اذا اخطأ عن عمد او اساءة تصرف ‪.‬‬
‫لكنه ال يفقد الصرب معهما ابدا ‪ ،‬وكان‬
‫واضحا جدا ان الولدين يعبدانه ‪.‬‬
‫ويف احلقيقة كان الولدان مدللي لكثرة‬
‫االعجاب هبما فلم تدخر هيلي وسعا يف‬
‫تدليلها ‪ .‬وظنت كاترين ان سبب حب‬
‫هيلي هلما كان يرجع ايل حبها لوالدمها ‪.‬‬
‫وهي فكرة كانت ال تعريها اي اهتمام ‪.‬‬
‫اما نيكوالس فلم يهتم هبما كثريا ورمبا‬
‫رجع ذلك ايل احتالهلا مكانه يف قلب‬
‫والدته ‪ ،‬األمر الذي مل يعجبه ‪.‬‬

‫كان طبيعيا ان شبع نيكوالس فضوله‬


‫حول احداث تلك الليلة يف احلديقة ‪.‬‬
‫ولكن كاترين مل تغفر له تركها حتت رمجة‬
‫ستيفان و الذهاب ايل املنزل ‪ ،‬ولو اهنا مل‬
‫تنتظر ان يفعل شيئا اخر ‪ ،‬شعرت ان‬
‫كرامتها اهينت عندما ختلي عنها وكانت‬
‫تود لو بقى و دافع عنها ‪.‬‬
‫ومل يصدق نيكوالس كاترين عندما اخربته‬
‫ان املوضوع الذي طرقه ستيفان معها يف‬
‫احلديقة كان موضوع لقائها به ولذلك قال‬
‫هلا ‪ -:‬اذا كان ستيفان يريد التحدث يف‬
‫هذا املوضوع فلماذا اراد رؤيتك علي‬
‫انفراد ؟ ‪.‬‬
‫و متدد نيكوالس ايل جاهبا علي الرمل‬
‫ووضع يديه وراء رأسه و اغمض عينيه‬
‫وراء نظاتره الشمسية ‪ .‬كان يبدو جذااب‬
‫يف زيه املكون من بنطلون ابيض انصع و‬
‫قميص ازرق فاتح يشف عن جسمه‬
‫الذي لفحته الشمس ‪ .‬وتذكرت كاترين‬
‫املرة السابقة اليت فاجأها فيها ستيفان‬
‫عندما كان يسبحان يف هذا املكان‬
‫ابلذات ‪.‬‬
‫وفجأة متنت كاترين ان تكون اكثر صالبة‬
‫مع نيكوالس فال تقبل دعواته بعد اليوم ‪.‬‬
‫لكنها كانت عاجزة عن مقاومة احلاحه و‬
‫أتكدت ان ستيفان سوف ينتبه اجال او‬
‫عاجال اهنما معا علي الشاطئ فيأيت‬
‫للعثور عليهما ‪.‬‬
‫كانت فكرة احتمال حضوره تثري قلقها‬
‫ومل يكن يف وسعها ان تفعل شيئا اآلن ‪.‬‬
‫وكان نيكوالس قد رأى اخاه يدخل مكتبه‬
‫للعمل و انتهز هذه الفرصة ليلحق‬
‫بكاترين علي الطريق املؤدي ايل الشاطئ‬
‫‪ ،‬وكان واثقا انه سيجدها ولن تروغ منه‬
‫يف جزيرة حبجم داكوليس الصغرية اذا اراد‬
‫فعال ان يبحث عنها و جيدها ‪.‬‬
‫وعادت كاترين تقول وهي تبتسم ‪-:‬‬
‫كان لدى ستيفان الكثري للتحدث به ‪،‬‬
‫ولكنه لسبب او آلخر مل حيدثين عن كل‬
‫ما يريد ‪.‬‬
‫فتح نيكوالس عينيه و سأهلا وهو ينظر‬
‫بفضول لربهة قائال ‪ -:‬هل تعاركتما ؟ ‪.‬‬
‫فهزت كاترين رأسها ابالجياب وردت ان‬
‫تغري احلديث كله وال تدع نيكوالس يعرف‬
‫نتائجه او ما حدث تلك الليلة مث‬
‫اعرتفت لنيكوالس قائلة ‪ -:‬قد تسميه‬
‫عراكا تبادلنا بعض الكلمات اجلافة ‪.‬‬
‫‪ -‬ولكن كنتما قد تصافيتما عند رجعوكما‬
‫ايل الفيلال ‪ ،‬واين اقسم علي ذلك ‪.‬‬
‫مث خلع نظارته وظر اليها مفكرا و قال‬
‫‪ -:‬وهل عانقك بعد ذلك و صاحلك اي‬
‫كاترينا ؟ ‪.‬‬
‫وكانت هذه احلقيقة لكنها ادارت وجهها‬
‫عنه و شغلت نفسها ابللعب يف الرمل و‬
‫قالت هبدوء ‪ :‬تصافينا ‪...‬‬
‫وقرب وجهه منها و اعاد سؤاله ابحلاح ‪:‬‬
‫وهل تبادلتما القبل ‪ .‬هل تصاحلتما ‪.‬‬
‫فقطبت كاترين و قالت له ‪:‬‬
‫‪ -‬ولكن ال خيصك اطالقا اي نيكوالس ‪.‬‬
‫مث رد عليها يقول و يضحك ضحكة‬
‫صفراء ‪ -:‬اذن لقد قبلك و انت امرأة‬
‫مثرية حقا اي كاترينا اجلميلة حيت جتعلي‬
‫اخي ينسي نفسه و يقبلك يف ضوء القمر‬
‫كأي عاشق غرير ‪.‬‬
‫وردت عليه حبده ‪:‬‬
‫‪ -‬انك تبالغ كثريا اي نيكوالس فلم يكن‬
‫يف االمر شيء ‪.‬‬
‫و التهبت وجنتاها و ارادت ان تقنع عبثا‬
‫ان سبب خجلها و التهاب وجنتيها يرجع‬
‫ايل اشعة الشمس الساخنة وحدها ولكنها‬
‫شكت يف ان نيكوالس يعتقد الشيء‬
‫نفسه ‪.‬‬
‫فرد قائال بتهكم ‪ -:‬ال مل يكن يف االمر‬
‫شيء انت ال تفهمي اي مجيليت ‪ ،‬فان‬
‫ستيفان ليس ابلرجل الذي يكتفي ابلتنزه‬
‫يف ضوء القمر و تقبيل فتاة مجيلة انه ‪..‬‬
‫و هز كتفيه مث عاد يقول وهو ينظر اليها‬
‫بعينيه الداكنتي و يبتسم ابتسامة ذات‬
‫مغرى ‪:‬‬
‫‪ -‬ذئب ! هذه الكلمة اليت كنت احبث‬
‫عنها للتعبري اي كاترينا ‪ ،‬وانت فتاة‬
‫حمظوظة اذ امكنك اهلرب منه بعد قبلة‬
‫واحدة فقط اي مجيليت ‪.‬‬
‫وردت عليه قائلة ‪ -:‬ال هتمين الكلمة‬
‫اليت تبحث عنها و مهما كان رأيك يف‬
‫اخيك فأان لست الفريسة السهلة اليت‬
‫تظنها ‪.‬‬
‫نظر اليها مبتسما ألنه استطاع ان يغضبها‬
‫وادار احلديث اثنية عن نفسه مزهوا ‪- :‬‬
‫وهل تعاركتما بسبيب ؟ ‪.‬‬
‫قال ذلك و عيناه تربقان وجهه االمسر‬
‫يبتسم ليغيظها ‪ .‬كان يهمه ان يكون حمور‬
‫حديثهما و لذلك قابلت كاترين غروره‬
‫اببتسامة غامضة مث قالت معرتفة ‪ -:‬اجلزء‬
‫االول من العراك كان بسببك ولكن‬
‫معظم العراك كان بسبب تدخله يف شؤون‬
‫حيايت و ترتيب مشروعات يل ال حق له‬
‫فيها ‪.‬‬
‫وغضب نيكوالس لقوهلا فقد تزعزع فيه‬
‫غروره و عبس لذلك ‪ ،‬مث هنض و جلس‬
‫ينظر اليها و قد مأل االهتمام وجهه ‪.‬‬
‫كان واضحا ان كالمها هذا مل يعبق‬
‫الراحة يف نفسه فوضع يديه فوق ركبتيه‬
‫وخلع نظاترته الشمسية و امسكها‬
‫ابحدى يديه ‪ - :‬ليتك مل تقويل له شيئا‬
‫عن هذا املوضوعفهو سيعرف حتما اين‬
‫مصدره ‪.‬‬
‫دهشت لذلك و نظرت ايل وجهه قائلة‬
‫‪ -:‬هذا ابلضبط ما فهمه ‪ ،‬والبد ان‬
‫تعرف اين سوف اكلمه يف هذا املوضوع‬
‫عندما اراه اي نيكوالس و كان عليك ان‬
‫تعرف اين لن ادعه يفلت بدون ان يعلم‬
‫به ‪.‬‬
‫وجلس برهة صامتا مث اضافت عيناه وهو‬
‫ينظر اليها بدهشة متسائال ‪:‬‬
‫‪ -‬وملا عرف اين اخربتك ماذا ‪ ..‬كيف ‪..‬‬
‫طبعا اهنيتما املوضوع بسالم ‪ ..‬اليس‬
‫كذلك ؟ و مرة اخرى حدق فيها‬
‫متسائال ‪.‬‬
‫ومألت كاترين كفها ابلرمل الناعم و‬
‫راحت تنتزه و تذكرت فجأة شيئا جعلها‬
‫تقطب جبينها و قالت هبدوء ‪:‬‬
‫‪ -‬ضحك عندما اخربته ابملوضوع ‪.‬‬
‫وكانت كمن يتحدث ايل نفسه ‪.‬‬
‫وبدا نيكوالس وهو غري مصدق ادنيه‬
‫وقال ‪:‬‬
‫‪-‬ضحك ! ولكا يضحك من موضوع‬
‫كهذا ؟ ‪.‬‬
‫وفكرت حلظة مث قالت ‪ -:‬ال ادري اعترب‬
‫املوضوع مضحكا ألنين كنت غاضبة جدا‬
‫وود ان يعرف ما اذا اخربتين مبن هو‬
‫الرجل الذي يفكر فيه للزواج مين ‪.‬‬
‫ونظرت اليه حلظة مث سألته ‪ -:‬انت مل‬
‫ختربين بذلك اي نيكوال هل تعرفه ؟ ‪.‬‬
‫وهز نيكوالس رأسه انفيا ولكن عينيه‬
‫برقتا وطهرت ابتسامة علي وجهه الوسيم‬
‫جعلت كاترين تشعر بقلق ‪.‬‬
‫وقال وهو يضحك ويهز رأسه ‪ -:‬لو انين‬
‫ال اعرف ستيفان جيدا ‪ ..‬لو انين ال‬
‫اعرف انه شيء ال ميكن ان يصدقه احد‬
‫فظننت انه يعين نفسه اي مجيليت ‪.‬‬
‫فنظرت اليه كاترين بوجه عابس وقالت‬
‫‪ -:‬نيكوالس !‬
‫ومرة اخرى ضحك وهو يهز رأسه هبدوء‬
‫‪ -:‬لو انين ال اعرف انه املضحك حقا‬
‫ان يطرأ علي الذهن مثل هذا الشيء ‪.‬‬
‫ومرة اخرى قالت غاضبة ‪ -:‬نيكوالس !‬
‫‪.‬‬
‫كانت حتس بغضب اكثر مما بدا يف صوهتا‬
‫ولكن هذه الفكرة نفسها طرأت علي‬
‫ذهنها فجأة و اخذت ترجتف كأوراق‬
‫االشجار يف مهب الريح كانت بعيدة‬
‫االحتمال بينما ضحك نيكوالس وهز‬
‫راسه عجبا وقال هلا ‪-:‬‬
‫اهنا جمرد دعابة اي مجيليت فهي فكرة بعيدة‬
‫االحتمال ‪.‬‬
‫وقالت كاترين هبدوء ‪ -:‬ال ‪ ..‬ال ‪...‬‬
‫بكل أتكيد فرجل مثل ستيفان ال ميكن‬
‫ان جيدين عروسا مرغواب فيها ‪ ،‬اهنا فكرة‬
‫غري وادة علي االطالق ‪.‬‬
‫وكان نيكوالس يبتسم و ينظر اليها بوجهه‬
‫الوسيم االمسر بثقة و قال بصوت رقيق‬
‫‪ -:‬قد ال يرى ستيفان انك عروس مجيلة‬
‫اما اان فأراك رائعة ‪.‬‬
‫ومد يده فأخذ يدها ورفعها ايل شفتيه‬
‫ليلثمها و استطرد قائال ‪ -:‬سوف تكوني‬
‫عروسا رائعة اجلمال اي كاترينا ‪.‬‬
‫ونظر اليها و قد أتلقت عيناه البنيتان و‬
‫خفض صوته حيت اصبح عميقا مغراي‬
‫وقال ‪ -:‬سوف تكوني عروسي جذابي‬
‫اان و انت اي كاترينا ‪ ،‬اليس كذلك ؟ ‪.‬‬
‫وابتسمت كاترين ابتسامة ال تدل علي‬
‫شيء ألهنا تعرف انه ال أيخذ االمور جبدية‬
‫وال حيت مثل هذا املشروع وقالت له وهي‬
‫هتز رأسها ‪:‬‬
‫‪ -‬اشكرك اي نيكوالس ‪ ،‬ولكن الطريقة‬
‫اليت هبا زوجتك املستقبلة جتعلين ارفض‬
‫هذا الشرف بدون اي تردد ‪.‬‬
‫وبدن كاترين غري مصدقة اقرتاح نيكوالس‬
‫ابلنسبة ايل ستيفان ولكنها مل تبد اي نية‬
‫ملناقشته ‪.‬‬
‫وضحك نيكوالس برقة فبدت اسنانه‬
‫السوية ومال حنوها وهو يقول حبدة ‪-:‬‬
‫انك خملوقة ال قلب هلا ولسوف تدفعي‬
‫الثمن غاليا لذلك اي مجيليت ‪.‬‬
‫وقبل ان تنتبه ملا يقصده ضمها اليه وهو‬
‫يقبض علي كتفيها بعنف وقالت وهي‬
‫تقاومه بشدة ‪ -:‬ال اي نيكوالس ‪ ،‬ال ‪...‬‬
‫واعرتاها اخلوف فجأة فراحت تقوامه و‬
‫تقاوم يديه اللتي اطبقتا عليها بقوة‬
‫فضحك برقة ولكنها مل تشعر يف عناقه‬
‫تلك الرغبة الضاربة اليت جعلتها ختضع‬
‫لستيفان ووجدت نفسها غري مستعدة‬
‫علي عكس ما كانت تشعر من قبل ‪.‬‬
‫وملا تركها اخريا مل تبتسم كما اعتادت ان‬
‫تفعل بل نظرت اليه وقد بدا الغضب يف‬
‫عينيها اخلضراوين املتألقتي كما ان بدا‬
‫االستياء واضحا علي وجهها االمر الذي‬
‫مل يكن نيكوالس يتوقعه ‪.‬‬
‫كان واضحا ان ردة فعلها قد اذهله و‬
‫قطب حلظة وهو ينظر اليها مث قال ‪-:‬‬
‫كاترينا ملاذا تغضبي مين ‪.‬‬
‫فدفعته كاترين بعيدا عنها بكلتا يديها مث‬
‫جلست مرة وهي هتز شعرها لتزيل عنه‬
‫الرمال و قال ‪ -:‬انت تعرف سبب‬
‫غضيب ن فأنت خطيب اثينا وقد انقشنا‬
‫ذلك املوضوع طويال ‪.‬‬
‫وقال نيكوالس يذكرها وقد بدا االستياء‬
‫علي وجهه ‪ -:‬ولكنك تعرفي شعوري‬
‫حنو اثينا فأان ال احبها ‪ ،‬ال اشعر حنوها‬
‫أبي عاطفة ‪.‬‬
‫كان واضحا انه ال حيب احدا ان يرفض‬
‫مغازالته ومل خيف ذلك وردت عليه كاترين‬
‫قائلة ‪ - :‬اذن امجع شجاعتك و صرح‬
‫بذلك مث افسخ اخلطبة قبل ان حتطم‬
‫قلبها ‪.‬‬
‫مث سكتت حلظة اضافت بعدها بصوت‬
‫رقيق ‪ -:‬اهنا حتبك كثريا اي نيكوالس ‪،‬‬
‫ولكنك سوف جتعلها تعسة جدا اذا مل‬
‫حتسن معاملتك هلا و تغري من اسلوبك‬
‫حنوها ‪.‬‬

‫وقال نيكوالس متسائال ‪ -:‬وملاذا اغري‬


‫اسلوب اذا كانت هذه املخلوقة البلهاء‬
‫حتبين كما اان ! هذا ابالضافة ايل انين ال‬
‫استطيع ان اغري اسلوب ‪.‬‬
‫كان البد لكاترين ان تلحظ نوعا من‬
‫املنطق العنيف يف كالمه ‪ ،‬فقد قال كل‬
‫شيء بصراحة و تناول احدي يديها يف‬
‫يديه وقبل اصابعها و اخذ يتطلع اليها‬
‫بعيني داكنتي ‪ ،‬مث قال ‪:‬‬
‫‪ -‬بل اان ال اتغري اال ألجلك انت فقط اي‬
‫كاترينا اجلميلة ‪ ،‬ولكن ماذا تفعلي اذا‬
‫فسخيت خطبيت ؟ هل تقبلي الزواج مين‬
‫عندئذ ؟ ‪.‬‬
‫قفز قلب كاترين هلعا وهي تتصور رد‬
‫فعل هذا القرار احلاسم علي ستيفان و‬
‫تنبهت اهنا قالت شيئا لنيكوالس اعتربه‬
‫تشجيعا له و لذلك كان جيب ان تصلح‬
‫الضرر الذي احدثه وان ترتاجع فيما قالته‬
‫‪ ،‬ومل يكن يف نيتها علي االطالق ان‬
‫يتخذ خطوة واحدة لصاحلها ‪ ،‬وكان‬
‫مصلحة اثينا هي كل ما يهمها ‪ .‬واخذ‬
‫يقبل اصابعها مرة اخرى ونظر اليها بعيني‬
‫داكنتي متسائال وهو ينتظر ردها و سأهلا‬
‫مرة اخرى ‪:‬‬
‫‪ -‬كاترينا ‪ ،‬هل افسخ خطبيت ؟ ‪.‬‬
‫وكان من العسري ان تعرف اذا كان جادا‬
‫فيما يقول ام ال ‪ ،‬رمبا كان ميزح معها كما‬
‫مزح عندما قال ان ستيفان يريد اختاذها‬
‫عروسا له ‪ ،‬ولكن جيب علي كاترين اال‬
‫جتازف بشيء فقالت ‪:‬‬
‫‪ -‬ابلطبع لن تفسخ خطبتك بسبيب ‪ ،‬آلن‬
‫هذا اخر شيء اريده نيكوالس ‪ ،‬فلن‬
‫يسمح ستيفان بذلك ‪.‬‬
‫وسحبت يدها من يده و نظرت ايل البحر‬
‫االزرق املتأليلء و امواجه اهلادئة علي‬
‫بعد اقدام قليلة منهما ‪ ،‬وعضت شفتها‬
‫يف قلق وهي تنظر اليه من خالل اهداهبا‬
‫الطويلة و برقت عيناه و اصبحا مثل‬
‫الفحم ‪ ..‬مثل عيين اخيه و قال ‪:‬‬
‫‪ -‬ستيفان ال بد ان ترضي ستيفان دائما‬
‫حيت انت اي مجيليت ! فعندما حضرت ايل‬
‫اجلزيرة كنت اثئرة اجلميلة ‪ ،‬ولكنك اآلن‬
‫تشعرين ابخلوف مما قد يقوله ستيفان لك‬
‫‪.‬‬
‫و نفت ذلك قائلة ‪ -:‬اين ال اخاف ‪.‬‬
‫ولكنها كانت تعرف اهنا ال تقول احلقيقة‬
‫‪ ،‬واضافت بصوت اهدأ بعد حلظة ‪:‬‬
‫‪ -‬انه ليس اخلوف منه ابلضبط ‪ ،‬بل ألنه‬
‫دائما يبدو واثقا من كل شيء وهو مثلي‬
‫ال حيب ان يرى اثينا تتامل ‪ ..‬قال هو‬
‫نفسه ذلك ‪.‬‬
‫‪ -‬وهل تصديقينه ‪.‬‬
‫وهزتكاترين راسها ابالجياب اذ كانت‬
‫واثقة مما تقول ‪ -:‬نعم اي نيكوالس‬
‫اصدقه ‪.‬‬
‫‪ -‬وهل تظني انه ليس يل قلب ! ‪.‬‬
‫والحظت انه يرفض تلك الفكرة و لكنها‬
‫كانت فكرة صحيحة اذا واجهت احلقائق‬
‫بصراحة ‪ ،‬نيكوالس لطيف و جذاب وله‬
‫أتثري عليها ولكن الباعث علي تصرفه هو‬
‫هدف معي يف نفسه ‪ ،‬وهي ختدع نفسها‬
‫اذا فكرت عكس ذلك ‪ ،‬مث قالت بعد‬
‫حلظة ‪:‬‬
‫‪ -‬اذا كنت تريد االستمرار يف خطبتك‬
‫ألثينا حسب الرتتيبات اليت اعدت هلا و‬
‫لك ‪ ،‬فال بد ان تراعي شعورها اكثر مما‬
‫تفعله اآلن ‪ ،‬هذا كل ما هناك ‪.‬‬
‫وقال برعة ‪ -:‬هذا كل ما هناك ‪ ،‬انت‬
‫حتدثيين وكأنك مدرسة وتلقي علي‬
‫حماضرة كما يفعل ستيفان مث تقولي يل ‪،‬‬
‫هذا كل ما هناك ! ‪.‬‬
‫‪ -‬ارجوك اي نيكوالس ‪ ،‬اان مل اقصد القاء‬
‫حماضرة بل وددت ألجلي وألجل اثينا‬
‫ايضا ان تكون اقل ‪...‬‬
‫ومل تكمل عبارهتا مأل وجهها اخلجل فلم‬
‫تنظر اليه بل راحت تعبث ابلرمال‬
‫البيضاء الفضية و جتلعها تنساب من بي‬
‫اصابعها ومتنت لو رفضت احلضور معه‬
‫هنا ايل الشاطئ ‪.‬‬
‫كان السكون حييط هبما مناظر اجلزيرة‬
‫تبهرها و نيكوالس يروق هلا ‪ ،‬ولكن معين‬
‫هذا اهنا كانت ختدع نفسها و تتصور اهنا‬
‫حتبه ‪ ،‬مل تكن عاطفتها حنوه بذلك العمق‬
‫‪ ،‬لكنها كانت جتدم ‪ ،‬مثل غريها من‬
‫النساء ‪ ،‬لطيفا جذااب كانت متاكدة انه‬
‫سيحاول يف اي حلظة اآلن ان يقنعها ‪ ،‬ان‬
‫ينسيها عدم اخالصه ايل اثينا و ينسيها‬
‫ستيفان و عدم رضائه عن سلوكها حيت‬
‫ختضع و تستسلم لسحره الذي ال يقاوم‬
‫‪ ,‬ولكن مل يكن وجه اثينا الصغري اجملرد‬
‫من اجلمال وهو الذي الح هلا اآلن ‪ ،‬بل‬
‫ختيلت وجه ستيفان القاسي الذي ال يلي‬
‫‪ ،‬فهبت واقفة فجأة وقد بدا اهنا مصممة‬
‫علي رأيها ‪ ،‬وازالت الرمال عن ساقيها و‬
‫ذراعيها العاريتي اللتي لفحتهما الشمس‬
‫و قالت له هبدوء ‪:‬‬
‫‪ -‬سأرجع ايل املنزل اي نيكوالس و ارجو‬
‫اال تتبعين ‪.‬ويف حلظة هب واقفا جبانبها ‪،‬‬
‫وقد ظهر الغضب يف وجهه و اصبح‬
‫جبينه داكنا ‪ .‬وقبض علي ذراعها بشدة‬
‫و قال بصوت حاد ‪:‬‬
‫‪ -‬لن ترتكينين اي كاترينا ‪ ،‬وال ادري سبب‬
‫معاملتك يل هبذه القسوة ولكين اشعر ان‬
‫اخي له يد يف ذذلك فهو حيذرك من‬
‫احلديث معي علي انفراد وانت خائفة من‬
‫خمالفته ‪.‬‬
‫ونظر ايل وجهها بعينيه الداكنتي يريد‬
‫جوااب ‪ ،‬وهو يرفض ان يصدق ان‬
‫معاملتها له هبذا اجلفاء ال ترجع ايل سبب‬
‫اخر غري ستيفان ‪.‬‬
‫‪ -‬كاترينا !‬
‫وجذهبا اليه وهو حياول اقناعها هامسا‬
‫ابمسها مرة اخرى رافعا وجهها اليه و يقول‬
‫‪:‬‬
‫‪ -‬كاترينا اي مجيليت ‪.‬‬
‫ورفعت رأسها تنظر ايل نيكوالس لكنها‬
‫رأت وجهاا اخر قريبا جدا ينظر اليها ‪،‬‬
‫وجه كالصقر مبالمح جادمة قوية و عيني‬
‫سوداوين تربقان وفم صارم ينتزع منها كل‬
‫مقاومة ‪ ،‬فهزت رأسها فجأة و انسابت‬
‫من بي ذراعي نيكوالس ‪.‬‬
‫ورأت نفسها جتري خوفا حنو االشجار ‪،‬‬
‫وتتجه ايل الطريق ومل حتاول ان تنظر‬
‫خلفها‪ ..‬ومسعت نيكوالس يناديها وهو‬
‫يتعحب من هروهبا املفاجيء و مسعته‬
‫يتقدم حنوها بي االحراش وهو قلق‬
‫مصمم ان يلحقها و يعثر عليها ‪ ،‬فزادت‬
‫من سرعتها مث تسلقت املرتفع ايل الطريق‬
‫‪ ،‬ويف تلك اللحظة مل تدر ملاذا اختارت‬
‫ان هترب من حماوالت نيكوالس بتلك‬
‫الصورة سوة ان هروهبا املاجيء هذا‬
‫كانت له صلة برؤيتها اخلاطفة املخيفة‬
‫لوجه ستيفان و مل جتد لذلك تفسريا ‪:‬‬
‫‪ -‬كاتريناا‪.‬‬
‫وشعرت ان نيكوالس تقدم حنوها اكثر‬
‫فمرت من امامه الهثة وهي حتاول ان‬
‫تزيد من سرعة خطواهتا ‪ ،‬كان شعرها‬
‫االمحر مشعثا و قد عبثت به اغصان‬
‫االشجار ايل ان رأت اخريا الطريق يلوح‬
‫امامها ن وفرت من الظالل ايل ضوء‬
‫الشمس الساطع الذي كان يعمي عينيها‬
‫و شعرت بساعدين قويي ميسكان هبا‬
‫لتقف يف مكاهنا وهنا ادركت انه ستيفان‬
‫الذي ميسك هبا وليس نيكوالس ‪ ،‬كانت‬
‫تنتفس بصعوب ومل تستطيع الكالم‬
‫فراحت هتز رأسها ‪.‬‬
‫ونظرت كاترين ايل وجهه فرأت خطوطا‬
‫رفيعة حول عينيه و فمه و رأت نظرة‬
‫عنيفة يف عينيه السودوين جعلتها ترجتف‬
‫خوفا ‪ ،‬ولكنها رفعت اصابعها وملست‬
‫وجنتيه بصورة تلقائية و قالت هامسة‬
‫وهي حتاول تلتقط انفاسها ‪.‬‬
‫‪ -‬ستيفان ماذا حدث ؟‬
‫فرد عليها قائال ‪ -:‬اين نيكوالس ؟ ‪.‬‬
‫كان لصوته نرية ابردة و نظر حنو‬
‫االشجار فرأي نيكوالس خيرج من بيتها‬
‫ألهثا وقد ابن الغضب يف عينيه وقال‬
‫نيكوالس بصوت عنيف متقطع قبل ان‬
‫ستطيع ستيفان الكالم ‪.‬‬
‫‪ -‬هكذا ! كان علي ان اعرف ذلك‬
‫ابلطبع ‪..‬‬
‫فهزت كاترين رأسها ومل حتاول ان تتحرك‬
‫بعيدا عن الذراع اليت احاطت كتفيها ‪.‬‬
‫كانت االصابع القوية قد امتدت لتغطي‬
‫كتفيها وبقيت جبانب ستيفان الذي قال‬
‫لنيكوالس يف صوت فاتر هادئ ارجتفت‬
‫له كاترين ‪:‬‬
‫‪ -‬اان يف حاجة اليك ‪.‬‬
‫مث اضاف حبسم عندما بدأ نيكوالس انه‬
‫يريد مناقشته ‪:‬‬
‫‪ -‬وال تناقشين اي نيكوالس شيء هام و‬
‫عاجل اريدك من اجله ‪ .‬وفسر له ما يريد‬
‫ابختصار ابللغة اليواننية بينما سار الثالثة‬
‫حنو السيارات الوقفة و رمق نيكوالس‬
‫كاترين بنظرة خاطفة قلقة ‪ ،‬وشعرت‬
‫كاترين ان هناك شيئا حيدث ‪ ،‬فقط نطق‬
‫ستيفان امسها مرات كما ان طريقة ستيفان‬
‫فوجدته اكرب سنا و اكثر حزان منه يف اي‬
‫يوم اخر كانت نظرة عينيه و صوته وكل‬
‫شيء فيه يدل علي ان شيئا فظيعا وقع‬
‫فاستحلفته ان خيربها مبا جيري وهو يقودها‬
‫حنو السيارة بينما ركب نيكوالس سيارته‬
‫بدون ان ينطق بكلمة واحدة ‪.‬‬
‫ومرة اخرى توسلت اليه كاترين وهو يدير‬
‫حمرك السيارة و قالت ‪:‬‬
‫‪ -‬ارجودك اي ستيفان اخربين مبا وقع ‪.‬‬
‫وظل صامتا حلظة و ظنت كاترين انه‬
‫غاضب عليها لوجودها مع نيكوالس مرة‬
‫اثنية لكنه وضع يده علي يدها حبنان وهو‬
‫يقود السيارة علي طوال الطريق الضيق‬
‫املتعرج ايل املنزل ‪.‬‬
‫‪ -‬كنت اود اان يتسع يل الوقت ألقول‬
‫لك برفق اكثر ولكن ال وقت يل فيجب‬
‫ان اعود ألشارك يف البحث ‪.‬‬
‫ونظر اليها حلظة و جتمدت كاترين و‬
‫اضاف قائال ‪-:‬‬
‫انيت تعلمي ان غريغوري و هيلي فكرا يف‬
‫مصاحبة االطفال يف نزهة علي ظهر‬
‫املركب ‪.‬‬
‫وأومأت برأسها و شعرت بقلبها يغوص‬
‫بي ضلوعها و استطرد قائال ‪:‬‬
‫‪ -‬وقع حادث هلم حتطم فيه املركب عثروا‬
‫حيت االن علي غريغوري و هيلي وبول‬
‫ساملي ‪.‬‬
‫خيل ايل كاترين اهنا حتولت ايل متثال من‬
‫الثلج فربدت يداها و شعرت رأسها يدق‬
‫بشدة و يكاد ينفجر وقالت يف هلفة ‪:‬‬
‫‪ -‬هل هم ‪..‬‬
‫فهز راسه و قال هلا ‪:‬‬
‫‪ -‬غريغوري فاقد الوعي و هيلي فقدت‬
‫الوعي وهم ينتشلوهنا من املاء اما بول‬
‫فلم يصب بشيء ‪.‬‬
‫فأغمضت كاترين عينيها و شكرت هللا‬
‫علي سالمة بول و بعد عدة ثوان‬
‫استوعبت متاما ما قاله ستيفان و تنبعت‬
‫انه مل يشريايل اليكس و البنتي الصغريتي‬
‫يف هدوئه وجهه الصغري اجلاد و صاحت‬
‫تقول ‪ -:‬ال ال ‪ ،‬اي ستيفان ‪ ،‬ال ‪ ،‬ال ‪...‬‬
‫ومرة اثنية امسك ستيفان يدها أبصابعه‬
‫القوية تضغط عليها و يريد ان خيفف من‬
‫حزهنا و كانت تشعر ابلرغم من لوعتها‬
‫انه يود ان يفعل الكثري ملواساهتا يود ان‬
‫أيخذها بي ذراعيه وجيعلها تدفن وجهها‬
‫يف صدره لتبكي ‪ ،‬اليكس ولكن مل يكن‬
‫هناك وقت كما قال ‪ ،‬فالبحث مازال‬
‫جاراي ولذلك جيب ان يشارك فيه مادام‬
‫هناك اي امل يف بقاء االطفال احياء فمن‬
‫واجب كل رجل قادر علي ان يبحث‬
‫عنهم ‪ ،‬مث فكرت فجأة يف هيلي وكيف‬
‫اهنا شعرت ابالاننية بعد رد الفعل االول ‪،‬‬
‫فلم متيز ان طفليت هيلي مفقوداتن ايضا‬
‫‪ ،‬فنظرت ايل وجه ستيفان اجلامد الداكن‬
‫حبنان وال بد انه اتثر كذلك فهو حيب‬
‫االطفال كلهم و خصوصا اليكس و بول‬
‫‪ ،‬ومدت يدها لتغطي يده اليت كانت‬
‫متسك بعجلة القيادة وتقود السيارة مبهارة‬
‫و سرعة زائدة فوق الطريق املتعرج مث‬
‫قالت ‪:‬‬
‫‪ -‬اسفة ستيفان ‪.‬‬
‫وادار راسه لينظر اليها و يقول برقة زائدة‬
‫‪:‬‬
‫‪ -‬ملاذا تعتذرين اي صغرييت ؟ ‪.‬‬
‫ووجدت كاترين ان رقت جعلتها متيل‬
‫اكثر ايل البكاء ‪ ،‬مل تشأ ان تعقد االمور‬
‫اكثر ببكائها فقالت ‪:‬‬
‫‪ -‬الين كنت ااننية ‪ ،‬فكرت يف اليكس‬
‫فقط و نسيت هيلي ‪ ،‬ولكن ما مدى‬
‫اصابة كل من غريغوري و هيلي ‪.‬‬
‫قالت ذلك بصوت حزين ‪ ..‬وقال ‪:‬‬
‫‪ -‬عندما علمنا ابخلرب قيل لنا ان هيلي‬
‫قد افاقت اما غريغوري فهو يف طريقه ايل‬
‫الوعي ‪ .‬وعندئذ تنبهنا ان االطفال الثالثة‬
‫مفقودون ‪ ،‬والبد اان التيار جرفهم وهم‬
‫متعلقون حبطام املركب ‪.‬‬
‫وشعرت كاترين ان ستيفان يرفض جمرد‬
‫التفكري يف غرقهم ‪ ،‬لذلك احست فجأة‬
‫اهنا عرفته افضل بكثري من قبل ‪ ،‬واهنا‬
‫اصبحت قريبة منه اكثر من قبل ‪ ،‬وقبل‬
‫ان يصال ايل الفيلال التفت مرة اخري و‬
‫نظر اليها وقال برقة ‪:‬‬
‫‪ -‬كاترينا ال يزال امل ‪..‬‬
‫فاستعذبت لفظة امسها ابليواننية حيت‬
‫ذلك يف الوقت احلالك و قالت ‪:‬‬
‫‪ -‬هل يظنون ان االطفال ميكن العثور‬
‫عليهم ؟‬
‫مل جترؤ علي ذكر اليكس الذي عليها ان‬
‫تتخيله غارقا يف البحر و شعرت لرغبة‬
‫ملحة يف البكاء وقال ستيفان بصوت‬
‫هادئ ‪:‬‬
‫‪ -‬هناك امل ولن اختيل غري ذلك ‪ ،‬لقد‬
‫خرج اجلميع ابلطبع للبحث عنهم ولكن‬
‫هؤالء الصغار الثالثة ‪..‬‬
‫مث اوقف السيارة ووصع راسه علي ذراعيه‬
‫وكانت يداه تقبضان علي عجلة القيادة‬
‫بشدة و راح يتلو صالة يواننية بصوت‬
‫هامس حزين ‪.‬‬
‫وبرقت الدموع يف عيين كاترينا وودت لو‬
‫مدت يدها وملست راسه املنحين و قبل‬
‫ان تؤاتيها الشجاعة و تفعل ذلك رفع‬
‫راسه و خرج من السيارة ‪.‬‬
‫فنزلت كاترين وارءه ومل تنتظر ان يفتح هلا‬
‫الباب ووقفت اما الفيلال تنظر اليه حبنان‬
‫و تقول متسائلة ‪:‬‬
‫‪ -‬ماذا ميكنين ان افعل ؟ ‪.‬‬
‫وكانت عيناها واسعتي وقد بدا فيها االمل‬
‫العميق و اللوعة علي االطفال الثالثة‬
‫املفقودين وامسك ستيفان بيديها حلظة مث‬
‫قال هلا برقة ‪:‬‬
‫‪ -‬صلي من اجلنا اي حبيبيت‬
‫مث ذهب‬

‫‪-10‬لغة القلب‬

‫بدا املنزل ساكنا علي غري العادة فارجتفت‬


‫كاترين رغم دفء اجلو وحرارة الشمس‬
‫اليت بدأت طريقها إيل الغروب قامت من‬
‫مقعدها يف غرفة االستقبال واجتهن إيل‬
‫النافذة العريضة ‪,‬ووقفت تتطلع إيل املنظر‬
‫الطبيعي الذي ألفته ‪,‬فاحلديقة تزخر‬
‫ابلزهور املتنوعة ‪,‬ممراهتا املتعرجة‬
‫وأشجارها الوراقة حتجب عن العيون‬
‫إسطبل خيول ستيفان ومهري الولدين‪.‬‬
‫وكانت تشعر أن السيدة ميدوبوليس‬
‫ترقبها بنظراهتا وفجأة متنت لو وجدت من‬
‫بعينها علي حتمل هذا احلزن الذي ال‬
‫حيتمل فهي حباجة إيل البكاء ولكنها مل‬
‫تكن واثقة أن السيدة ميدوبوليس بوجهها‬
‫اجلاد الذي خيفي حزهنا مستقر هذا‬
‫البكاء‪.‬‬
‫واستدارت عن النافذة مث نظرت إيل‬
‫السيدة العجوز اجلالسة علي أحد املقاعد‬
‫املزينة ذات الظهر املستقيم هادئة سكنة‬
‫يف حزهنا حيت إن كاترين تبكي ولكن‬
‫السيدة اندهتا قائلة‪:‬‬
‫" كاترينا‪".‬‬
‫ومدت إليها بدأ حنيلة صغرية فأسرعت‬
‫إليها وأمسكت بتلك اليد ورأت ألول‬
‫مرة احلزن العميق يف عينيها السوداوين‬
‫اللتي تشبهان كل الشبه عيين ستيفان ‪.‬‬
‫و ركعت كاترين جبانب السيدة العجوز‬
‫ووضعت رأسها علي ركبتيها مث وضعت‬
‫السيدة ميدوبوليس بيدها علي شعر‬
‫كاترين األمحر النحاسي وأزاحت خصالته‬
‫الرباقة عن جبينها يف ملسات رقيقة وفاح‬
‫عطرها الغريب الذي تستعمله دائما مث‬
‫اهنمرت بعد ذلك دموعها‪.‬‬
‫"هل تودين البكاء اي صغرييت ؟أبكي إذا‬
‫تردت ذلك‪".‬‬
‫"أان جبانة ي مثل هذه املواقف واسعة‬
‫ألنه تنقصين شجاعتك ‪".‬‬
‫أجابتها السيدة ميدوبوليس قائلة حبنان‪:‬‬
‫"لست شجاعة لكين أكرب منك سنا فأان‬
‫أيضا أبكي حزان علي صوفيا وملينا‬
‫وكذلك علي ألكسندر أبكي بدموع‬
‫صامتة ‪,‬أما أنت فما زلت حديثة السن‬
‫وحباجة إيل البكاء"‬
‫وامتدت اليد الرقيقة علي جبهتها فرفعت‬
‫رأسها وبدت املالمح الداكنة مفعمة‬
‫ابلعاطفة حيت أن كاترين أجهشت ابلبكاء‬
‫‪,‬فأغمضت عينيها وتشبثت بثوب املرآة‬
‫العجوز احلريري وراحت يف حماولة ايئسة‬
‫تبعد عنها طيف أليكس الصغري وهو‬
‫غارق يف البحر خائف مذعور يكاد من‬
‫صغره ال يري يف رحاب اخلضم الواسع مث‬
‫قالت ابكية ‪:‬‬
‫"أنين ال أحتمل فكرة – أن يكون أليكس‬
‫‪"...‬‬
‫"بل حتملي اي صغرييت ‪".‬‬
‫وأخذت جتفف دموع كاترين مبنديلها‬
‫األبيض وتقول‪:‬‬
‫"سبق لك حتمل املآسي اي صغرييت‬
‫‪,‬وميكنك حتملها اآلن إذا لزم األمر‬
‫‪,‬ولكنين أطلب من هللا أن مينع الشر‪".‬‬
‫"استيفان طلب مين الصالة من أجله‪".‬‬
‫قالت ذلك وهي تتخيل رأس ستيفان‬
‫منحنيا علي يديه وهي يصلي ‪:‬‬
‫"إذن جيب أن تصلي اي كاترينا‪".‬‬
‫وطرأ علي ذهن كاترين فجأة عند املآسي‬
‫اليت تعرضت هلا السيدة ميدوبوليس يف‬
‫حياهتا‪ ,‬فزوجها تويف يف ريعان شبابه‬
‫وتركها تنشئ وحدها خلمسة أطفال صغار‬
‫‪,‬مث فقدت بعد ذلك ابنتيها الشابتي‬
‫‪,‬اآلن جمرد التفكري يف فقد ثالثة من‬
‫أحفادها األعزاء يعترب شيئا ال حيتمل‬
‫‪,‬ولكنها وجدت نفسها قادرة علي‬
‫مؤاساة كاترين اليت قالت هلا بصوت‬
‫هادئ‪:‬‬
‫"كنت أحب ماراي كما أحببت أمي ‪".‬‬
‫وأومأت السيدة ميدوبوليس قائلة‪:‬‬
‫"نعم كانت ماراي ابنة مجيلة وقد افتقدهتا‬
‫كثريا‪".‬‬
‫"وأان كذلك ‪".‬‬
‫وشعرت كاترين بغصة يف حلقها عندما‬
‫تذكرت أن أليكس قد يفقد حياته هو‬
‫اآلخر وهو بعد صغري السن ‪,‬مث رجعت‬
‫تقول‪:‬‬
‫"أليكس يشبهها كثريا مما جعل املأساة‬
‫شديدة"‬
‫"كاترينا"‬
‫وراحت املرآة تدلك وجهها وجبهتها مما‬
‫جعل كاترين تبكي طويال ورأسها يف‬
‫حضن املرآة العجوز‪.‬‬
‫وكانت الشمس قد غرقت وحل املساء‬
‫عندما رن اهلاتف فقفزت كاترين بسرعة‬
‫وبدا يف عينيها احملمرتي شبه أمل ‪,‬لكنها‬
‫وقفت لفرتة طويلة تتأمل اهلاتف أما‬
‫السيدة ميدوبوليس فجلست يف مقعدها‬
‫بدون حراك كتمثال حجر ‪ ,‬وأشارت‬
‫بيدها الصغرية النحيلة إيل الذي كان يرن‬
‫ابستمرار وقالت لكاترين بصوت حزين‪:‬‬
‫"أرجوك ليس لدي الشجاعة أن أرد اي‬
‫كاترين"‬
‫ونبه هذا التصريح كاترين فأسرعت‬
‫والتقطت السماعة ويدها ترتعش وهي‬
‫تضعها علي آذهنا ‪,‬وقالت ‪:‬‬
‫"هاللو"‬
‫وشعرت كاترين ابلراحة وهي تسمع‬
‫صوت ستيفان يف اجلهة األخرى من اخلط‬
‫متفائال سعيدا ‪,‬يسر إليها أبخبار السارة‬
‫‪,‬وانسابت دموعها اثنية ‪,‬وكانت دموع‬
‫الفرح هذه املرة ‪...‬اذ أتكدت من نربة‬
‫صوته أنه حيمل أخبارا طيبة ‪.‬‬
‫"كاترينا!"‬
‫"ستيفان!" وحتشرج صوهتا ‪,‬لكنها التفتت‬
‫إيل السيدة ميدوبوليس بسرعة وابتسمت‬
‫مث قالت له‪:‬‬
‫"ماما هنا وحنن ‪...‬وحنن‪".‬‬
‫"لك أن تكفكفي دموعك اي حبيبيت فقد‬
‫جنا الصغار الثالثة وهم ابلطبع يف حالة‬
‫ذهول ورعب وهبم بعض الرضوض‬
‫ولكنهم جنوا‪".‬‬
‫فتخيلت وجهه وقد كسته ابتسامته‬
‫النادرة تضيء قسماته القوية السمراء‬
‫"ال أقوي علي كبح دموعي "‬
‫وكانت تضحك وتبكي يف آن واحد‬
‫وردت لو كان معها اآلن لعانقته فرحا‬
‫بدون تردد ‪,‬ويف احلقيقة كانت تود أن‬
‫تفعل من غري أن تسأل نفسها عن‬
‫السبب ذلك ‪,‬وتقدمت السيدة‬
‫ميدوبوليس حنوها فالحظت كاترين أهنا‬
‫هرمت فجأة وبدت صغرية احلجم‬
‫وضعيفة املظهر عما كانت عليه منذ بضع‬
‫ساعات ’وانولتها كاترين السماعة‬
‫فكلمت ابنها يف هدوء ابللغة اليواننية مث‬
‫استدارت وابتسمت لكاترين واستمعت‬
‫أليه اثنية وابتسمت اثنية لكاترين مث‬
‫وضعت السماعة بعناية‪.‬‬
‫"ستحضر هيلي ومعها بول بصحبة‬
‫ستيفان ‪,‬هذه أخبار سارة كاترين "‬
‫وأتلقت عيناها فرحا مث أضافت ‪:‬‬
‫"بل رائعة وإين ال أصدق أن الغمة‬
‫انقشعت اي ماما"‪.‬‬
‫فآخذت السيدة ميدوبوليس يدي كاترين‬
‫بي يديها ونظرت إليها بنظراهتا القوية‬
‫الطيبة وابتسمت ابتسامة صغرية وقالت‬
‫هلا ‪:‬‬
‫"بدأت اآلن اي صغرييت تناديين‬
‫"ماما"وأعتقد أن هذت أفضل‪".‬‬
‫وملعت عينا السيدة ميدوبوليس‬
‫السوداوان خببث عندما تنبهت كاترين‬
‫لذلك ‪,‬ومل تسأل كاترين السيدة‬
‫ميدوبوليس عن معين قوهلا ‪,‬لكنها مسعت‬
‫أزيز الطائرة اليت حتمل ستيفان إيل اجلزيرة‬
‫‪,‬ونسيت حلظة أن نيكوالس و هيلي و‬
‫حيت بول كانوا معه!"‬
‫ومر يومان قبل أن يسمح لغريغوري‬
‫مبغادرة املستشفي ‪,‬لكن يف اليوم التايل‬
‫للحادث اصطحب ستيفان كاترين معه يف‬
‫الطائرة وأحضرا معهما أليكس والبنتي‬
‫‪,‬وكان أليكس يلزم الصمت يف البداية‬
‫ومييل إيل التعلق بكاترين وال يفارقها لكن‬
‫خاله ستيفان جنح يف املسألة جبعله يهتم‬
‫مبهره اثنية عاد الطفل إيل حالته الطبيعية‬
‫‪.‬‬
‫أما بول مبرحه الطبيعي فقد بدا له هذا‬
‫احلادث كنزهة حبرية وأخذ يتحدث عنها‬
‫بال انقطاع مما أدهش نيكوالس وأغضبه‬
‫‪,‬فبالرغم من أنه شارك يف البحث عن أبن‬
‫أخته والبنتي ‪,‬مل يتعلق هبم أكثر من قبل‬
‫‪,‬وكان حب كاترين الطبيعي لألطفال‬
‫جيعلها ال تفهم شعور نيكوالس أبدا‪.‬‬
‫مل يبذل نيكوالس أي جمهود لرؤية كاترين‬
‫مبفردها طوال اليومي املاضيي ‪,‬ومل تعرف‬
‫إذا كان ذلك بتأثري من استيفان أم ال؟‬
‫وانتاهبا الفضول وودت لو عرفت السبب‬
‫وراء هذا التغيري املفاجئ ‪,‬فهي تشك يف‬
‫استبفان ولكنها مل تتمكن من السؤال أي‬
‫منهما‪.‬‬
‫أما عالقة كاترين ابستيفان فاعرتها تغيري‬
‫عميق ‪,‬أنه اآلن أكثر رقة واقل عبوسا من‬
‫قبل ‪,‬وشعرت أهنا أصبحت أكثر قراب منه‬
‫‪,‬وذكرها هذا ابلشعور الذي انتاهبا يف‬
‫السيارة يوم وقوع احلادث عند عودهتا من‬
‫الشاطئ ‪,‬كان من العسري عليها إدراك‬
‫أهنا اضطرت إيل االعتقاد أبن شعوره‬
‫حنوها مل يصبح أعمق كما حدث لشعورها‬
‫حنوه والواقع أن الرقة اليت أظهرها حنوها‬
‫عندما اخربها بفقد أليكس جعلتها تفهم‬
‫شخصيته علي حنو أعمق وأفضل‬
‫‪.‬وغطت هذه الرقة علي استيائها الذي‬
‫كانت تستعمله درعا أمام سحره الكبري‪.‬‬

‫ورأت نفسها تلجأ إيل طرف جيعلها دائما‬


‫يف صحبته ميت ولو كان األطفال معهما‬
‫‪,‬وكانت غرفة نومها اهلادئة املكان الوحيد‬
‫الذي تسمح لنفسها فيه ابلتصريح حببها‬
‫له ‪,‬وكانت تعلم أنه حب بال أمل فهي‬
‫تعرف أهنا ليس فتاة أحالم ستيفان‪.‬‬
‫أما الشيء الذي أسعد كاترين حقا فهو‬
‫التحسن يف عالقة هيلي وغريغوري فمنذ‬
‫احلادث تقاراب وارتبطا ‪,‬ولعل ذلك يرجع‬
‫لتلك الساعات احلالك اليت يقضيها يف‬
‫إنقاذ بنتهما وكانت هيلي هتر يوميا لزايرة‬
‫غريغوري يف املستشفي مث رحبت بعودته‬
‫إيل املنزل يف سعادة وحمبة‪.‬‬
‫وسعدت كاترين هبذا التغيري‪,‬إذ كان ينتاهبا‬
‫شعور ابلذنب لدور أبيها يف تعاسة هيلي‬
‫اليت أصبحت اآلن تقدر زوجها وحترتمه‪.‬‬
‫ومل يكن نيكوالس بل ستيفان هو الذي‬
‫تبع كاترينا إيل احلديقة ذاك املساء‪ ,‬وذلك‬
‫بعد رجوع غريغوري إيل املنزل ‪,‬ومل تنتبه‬
‫كاترين لوجوده إال بعد أن انداها ابمسها‬
‫بصوت خفيض واستدارت ووضعت يدها‬
‫علي عنقها وابن يف عينيها اخلوف فسأهلا‬
‫ستيفان قائال‪:‬‬
‫"هل أفزعتك ؟"‬
‫تبعها ستيفان وهي سائرة حنو األشجار‬
‫‪,‬وذكرها ذلك بليلتها األول يف اجلزيرة‬
‫‪,‬مال ستيفان علي أحد أشجار السرو‬
‫يرتكز عليها كما فعل من قبل مث أخرج‬
‫سيكارة من جيبه وأشعلها‪.‬‬
‫وتذكرت كاترين أن مظهره يف تلك الليلة‬
‫أاثرها وحول الدم يف عروقها‪,‬أما هذه‬
‫الليلة فلم تشعر ابخلوف منه‪ ,‬وبدال من‬
‫أن تنظر إليه بشك ابتسمت له وتذكرت‬
‫أيضا انه كانت ترتدي ثواب قصريا لونه‬
‫أصفر ‪,‬أما ثوهبا اليوم فمصنوع من قماش‬
‫انعم يلتصق جبسمها الغض فيظهر مفاتنه‬
‫مث ينساب يف اتساع عند قدميها‪.‬‬
‫وبدت ضئيلة احلجم دقيقة القد يف ثوهبا‬
‫املصنوع من الشيفون الليموين ‪ ,‬واقفة‬
‫عند حافة جمموعة من األشجار ‪,‬وأخذ‬
‫ستيفان ينظر إليها صامتا إن ضوء اهلالل‬
‫الوليد مل يتوغل يف األشجار الكثيفة فلم‬
‫تتمكن من رؤية وجهه وتعبرياته فيما عدا‬
‫بريق عينيه العميقتي ‪.‬‬
‫وخفق قلبها بي ضلوعها حيذرها منه لو‬
‫ختلف ستيفان من احلضور وضغطت علي‬
‫يديها بشدة حيت تكفا عن االرجتاف‪ ,‬مث‬
‫مشت حتت ظالل األشجار قبل أن‬
‫تستدير وتواجهه‪,‬ومسعته يقول برقة‪:‬‬
‫"هل كنت يف انتظار نيكوالس ؟"‬
‫نظرت إليه عاتبة وهي حتاول أن هتدئ من‬
‫صوهتا ‪:‬‬
‫"ال‪ ,‬البد أنك قد حذرته اثنية فأطاع هذه‬
‫املرة‪".‬‬
‫وافق استيفان علي كالمها قائال ‪:‬‬
‫"أعتقد ذلك‪".‬‬
‫مث استدارت ومشت بي األشجار املزهرة‬
‫اليت مل تتبي ألوان زهورها يف الضوء‬
‫اخلافت‪ ,‬لكن رائحتها كانت قوية نفاذة مث‬
‫خرجت إيل ضوء القمر ونظرت إيل اهلالل‬
‫الوليد فوجدته اليوم ظال ابهتا إذا قورن‬
‫بضوء البدر عند اكتماله‪.‬‬
‫وتبعها استيفان كما توقعت ‪,‬ومل جترؤ علي‬
‫النظر إليه ألنه يثري يف نفسها كل املشاعر‬
‫اليت تود أن ختفيها عن نفسها ‪,‬فرأسه‬
‫املتغطرس بشعره األسود وتلك القسمات‬
‫اليت تشبه الصقر وأنفه األشم وفمه النادر‬
‫االبتسام ‪,‬الذي إذا ابتسم جتعل نبضها‬
‫يتسارع ‪,‬كلها أصبحت حبيبة إيل نفسها‬
‫خالل األايم القليلة املاضية ‪,‬وكانت تود‬
‫من كل قلبها أن جتعله يشعر أبحاسيسها‬
‫‪.‬‬
‫ولفت نظرها شئ يلمع يف الرمال حتت‬
‫قدميها مباشرة فاحننت والتقطته وقلبته يف‬
‫يدها لتتعرف عليه‪,‬مث قالت لستيفان ‪:‬‬
‫"إهنا حلية من ثوب هيلي األزرق‬
‫‪,‬أضاعتها عندما كانت تتنزه مع غريغوري‬
‫عنا الليلة املاضية‪".‬‬
‫"إذن أعطيها هلا‪".‬‬
‫وكان كالمه طبيعيا هادائ لكن قلب‬
‫كاترين أنبأها بعكس ذلك ‪,‬فارجتفت‬
‫أصابعها وهي تقبض علي تلك احللية‬
‫الرباقة وضحكت ضحكة فيها شيء من‬
‫العصبية وقالت‪:‬‬
‫"مل أر هيلي و غريغوري قبل ذلك خيرجان‬
‫للنزهة يف ضوء القمر‪".‬‬
‫وتساءلت هل يغضبه أن تناقش أمور‬
‫عائلته هبذه الصراحة ؟؟ وكان سائرا‬
‫وراءها متاما تشعر به ‪,‬وارجتفت لقربه منها‬
‫وأحست حبرارة جسمه علي ظهرها‬
‫وكتفيها العاريتي ‪,‬وبقوة ذراعيه كلما‬
‫ملستها ‪,‬وكان هذا الشعور يسبب هلا‬
‫الرجفة مث سأهلا‪:‬‬
‫"وهل يدهشك هذا؟"‬
‫فهزت رأسها بسرعة وقالت وهي تتذكر‬
‫هيلي و غريغوري‪:‬‬
‫"ال ‪,‬ولكن هناك أين مل أرمها خيرجان معا‬
‫منذ أن أتيت إيل هنا‪".‬‬
‫فاستطرد قائال‪:‬‬
‫"أهنما عاشقان ‪".‬‬
‫وشعرت كاترين ابلسرور جملرد مساع هذه‬
‫العبارة البسيطة مث أدارت رأسها إليه وهي‬
‫تبتسم وتقول‪:‬‬
‫"إنك تتكلم بلهجة الواثق مما يقول‪".‬‬
‫فهز رأسه وقال جبدية‪:‬‬
‫"صحيح‪".‬‬
‫وكما حدث يف املرات السابقة وع يده‬
‫علي ذراعها ‪,‬وكان كفه دافئا وانعما‬
‫وأصابعه قوية‪ ,‬فخفق قلب كاترين بشدة‬
‫بي ضلوعها وهي جتوب الشاطئ الرملي‬
‫وتنظر إيل ذلك القمر الفضي ومسعته‬
‫يقول برقة‪:‬‬
‫"أرأيت كيف تنجح دائما مساعي للتوفيق‬
‫يف زواج الناس‪".‬‬
‫فنظرت إليه غري مصدقة ‪,‬كانت غارقة يف‬
‫أحاسيسها حنوه ونسيت سعيها إلجياد‬
‫زوج هلا ‪,‬وفجأة شعرت ابلربودة تسري يف‬
‫جسمها والدهشة تعقد لساهنا ‪.‬‬
‫"هل مازلت تنوي البحث يل عن زوج؟"‬
‫قالت ذلك بصوت هامس وعيناها‬
‫تدرسان وجهه الذي مل يظهر هلا واضحا‬
‫يف ضوء القمر اخلافت ‪,‬ولكن عينيه كانتا‬
‫تربقان ومل تتمكن كاترين من قراءة ما‬
‫فيهما من معان وسأهلا هبدوء ‪:‬‬
‫"أال تريدين الزواج؟" "ليس‪...‬ب ــ‪"..‬‬
‫"حيت ولو كان رجال حتبينه؟"‬
‫فصاحت كاترين تقول وهي ساخطة ‪:‬‬
‫"بودي لو رأيت وجهك ‪,‬فلست متأكدة‬
‫إذا كنت جادا أم مازحا ‪,‬ال أستطيع أن‬
‫أصدق أنك جاد‪".‬‬
‫فأكد هلا ذلك قائال‪:‬‬
‫"إنين جاد جدا‪",‬‬
‫"إذن فأنت جبار ال قلب لك ‪,‬عدمي‬
‫اإلنسانية ‪".‬‬
‫فرد عليها ذلك قائال‪:‬‬
‫"ال أحب أن أنعت هبذه الصفات ‪,‬وأحب‬
‫أن أذكرك إنين اي حبيبيت قد برهنت عن‬
‫خطأك من قبل ‪".‬‬
‫مث أوقفها وظلت يداه متسكان هبا وإهبامه‬
‫يتحسس جلدها األملس وقال‪:‬‬
‫"أال تريدين حيت أن تعريف من هو الذي‬
‫اخرتته لك اي صغرييت ؟"‬
‫فنظرت إليه كاترين حمملقة يف صمت‬
‫‪,‬وأردف يقول‪:‬‬
‫"حيت لو كان رجل حتبيه ؟"‬
‫فقالت بصوت منخفض ‪:‬‬
‫"إين ال أحب نيكوالس ‪".‬‬
‫وظهرت علي وجهه ابتسامة خاطفة وقال‬
‫هلا ‪:‬‬
‫"ولكين مل أذكر نيكوالس اي كاترينا‪".‬‬
‫"إذن من هو؟"‬
‫وحبست أنفاسها انتظارا لرده ‪.‬وكان‬
‫وجهه قريبا منها ‪.‬فرأت يف عينيه‬
‫السوداوين ما جعل نبضها يسرع جبنون‬
‫‪,‬ونظرت إليه بعيني متسائلتي وقالت‪:‬‬
‫"ستيفان!"‬
‫فامتدت ذراعاه القويتان اللتان ال تقاومان‬
‫وضمها إليه ‪,‬وشعرت حبرارته ‪ ,‬ووضعت‬
‫كفيها علي صدره لتتحسس دقات قلبه‬
‫الرتيبة القوية‪.‬‬
‫وكان بريق عينيه كافيا ألن حيرك دماءها‬
‫ويسكرها ‪,‬فرفعت ذراعيها وطوقت عنقه‪.‬‬
‫ومل حتس ابلضغط أو التحفظ يل شعرت‬
‫بشعور قوي ألنه قدرها وأحبها‪.‬‬
‫وكان عناقه حيوي كل معاين االمتالك ‪,‬‬
‫فراحت مقاومتها له تقرت وهي تتجاوب‬
‫مع شعورها القوي الذي كان يقلقها يف‬
‫األايم املاضية ‪,‬وكانت يداه القويتان‬
‫اللتان تتحسساهنا والكلمات اليت يهمس‬
‫هبا يف أذنيها بلغته اليواننية أشبه ابلسحر‬
‫الذي خضعت لتأثريه بدون إي تفكري‬
‫ومسعته يقول ‪:‬‬
‫"هل تتزوجينين؟ "‬
‫وبرقت عيناه يف الضوء اخلافت وهزت‬
‫كاترين رأسها موافقة ولكنها أدركت أته‬
‫لن يراها‪.‬‬
‫ونظرت إليه وعيناه تربقان كاجلوهرة‬
‫ووضعت إصبعها علي فمه وشعرت براحة‬
‫وسكون يف قلبها حيت خيل إليها أنه كف‬
‫عن اخلفقان ‪,‬مث قالت له برقة‪:‬‬
‫"وهل تسألين ؟"‬
‫ضمها إليه بقوة وعانقها طويال مما جعلها‬
‫تعجز عن التنفس مث قال هلا‪:‬‬
‫"ال تعبثي ب اي حبيبيت ‪,‬أريد ردك اآلن‪".‬‬
‫وكانت كاترين تغامر هبذا السؤال وتعرف‬
‫ذلك ‪,‬لكنه ضمها إليه بشدة وقال هلا‬
‫بصراحة ‪:‬‬
‫"ألين أحبك ‪,‬والبد أن أجعلك تندمي‬
‫علي طريقة معاملتك يل أليس لديك رمحة‬
‫لترتكيين يف حرية هكذا!"‬
‫فوضعت كاترين يدها علي وجهه وملست‬
‫خديه وقالت‪:‬‬
‫"ستيفان‪ ,‬أردت أن أمسع هذه الكلمة‬
‫منك فقد قال نيكوالس ‪"...‬‬
‫"الشك أن نيكوالس قال لك كالما كثريا‬
‫وكان من احلكمة أال يفعل ‪".‬‬
‫واحتوي وجهها الصغري بي يديه ونظر إيل‬
‫مالحمها وعينيها اخلضراوين الكبريتي‬
‫وابتسم تلك االبتسامة النادرة وقال هلا‪:‬‬
‫"ولكين أعرف ما يقلقك ‪ ,‬فهل تصدقي‬
‫يل صغرييت إذا قلت لك إنين مل أنظر إيل‬
‫امرأة أخري منذ حضورك إيل هنا‪ -‬هل‬
‫تصدقينين؟"‬
‫فردت هامسة ‪:‬‬
‫"أصدقك وأحبك كثريا ولن أجعل شيئا‬
‫من املاضي يثنيين عنك‪".‬‬
‫"كان يف عزمي أن أطلب منك الزواج‬
‫ليلة وجدتك مع نيكوالس هنا ‪,‬ولكنك‬
‫كنت غاضبة مين ‪,‬وكان من العسري أن‬
‫تصدقي نييت حينئذ اي حبيبيت ‪".‬‬
‫فتنهدت كاترين وأسفت علي ذلك‬
‫الوقت الذي أضاعاه ‪,‬وقالت له‪:‬‬
‫"ليتك فعلت ذلك إذ كان من السهل‬
‫عليك إقناعي تلك الليلة ‪".‬‬
‫مث طوقها بذراعيه اثنية وقرهبا منه وأحين‬
‫رأسه وشعرت أبنفاسه‪ ,‬وقال هلا‪:‬‬
‫"سوف أتذكر عندما تبدين يل العناد يف‬
‫املستقبل ‪,‬واآلن اعطين جوابك فورا‪,‬هل‬
‫تتزوجينين ؟أم يتعي علي أقنعك حيت‬
‫أحظي بردك؟"‬
‫فردت هامسة ‪:‬‬
‫"أمتين أن تفعل ‪".‬‬
‫وضحكت ضحكة انعمة أسكتها بعدها‬
‫بعناق طويل ‪.‬‬
‫لتحميل مزيد من الرواايت‬
‫احلصرية و املميزة‬
‫زوروا‬
‫موقع مكتبة رواية‬
‫‪www.riwaya.ga‬‬
‫نسخة مكتوبة حصرية مهداة إىل مشرتكي‬
‫قناة رواايت عبري على تيليجرام‬
‫رابط قناة رواايت عبري‬
‫‪https://t.me/aabiirr‬‬
‫هتتم قناة رواايت عبري مبشاركة روابط‬
‫رواايت عبري و أحالم و خمتلف الرواايت‬
‫الرومانسية احلصرية و املميزة‬
‫‪https://t.me/aabiirr‬‬

‫النهاية‬

You might also like