You are on page 1of 663

1

www.riwaya.ga ‫مكتبة رواية‬


‫سجن العمر‬
‫‪ -‬كاتلني نيلز ‪-‬‬
‫العدد رقم ‪24‬‬
‫كنوز احالم‬

‫‪2‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫لتحميل مزيد من الرواايت احلصرية‬
‫زوروا موقع مكتبة رواية‬
‫‪www.riwaya.ga‬‬

‫‪3‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫امللخص‬
‫فردت كولني جناحيها وطارت بعيدا عن‬
‫سجن ابيها الذي سرق منها فرح‬
‫طفولتها ومراهقتها‪ ,‬وحطت رحاهلا يف‬
‫املكسيك‬
‫لكن بالد احلرية والشمس مل تكن‬
‫ابلنسبة لكولني سوى سجن آخر‪,‬‬

‫‪4‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫فجوليانو انريكو يعتربها ملومة لتصرف‬
‫شقيقها‬
‫الذي ختلى عن قريبته ليلة الزفاف‬
‫وهرب‪.‬‬
‫كولني اليت وجدت نفسها تدفع مثن‬
‫اخطاء مل ترتكبها ‪ ,‬اعتربت ان هذا أسوأ‬
‫ماميكن ان حيدث هلا‬

‫‪5‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫لكنها مل تكن تعلم وهي عدمية اخلربة‪,‬‬
‫اهنا ستصبح اسرية لسجن آخر‪ ,‬لن‬
‫تستطيع االفالت منه‪ ,‬سجن‬
‫يسمونه احلب‪ .‬سجانه ال يرحم ‪ ,‬فقلبه‬
‫اذا كان له قلب ‪ ,‬ال يسكنه إال حب‬
‫االنتقام‪.‬‬

‫‪6‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫الفصل االول‬
‫رحلة اىل احلرية‬
‫كان امام كولني شادو أكثر من ساعتني‬
‫من االنتظار‪ .‬مل تكن ابتعدت عن موطنها‬
‫من قبل‪ ,‬ومل تكن معتادة على الشعور‬
‫ابالاثرة‬
‫اليت بدأت تغمرها منذ اللحظة االوىل‬
‫اليت سافرت فيها‪.‬‬
‫‪7‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وابلطبع كان هناك حتدي كبري أمامها ‪:‬‬
‫والدها‪..‬فبيرت شادو كان قد حتكم هبا‬
‫وبشقيقها راين بيد من حديد‬
‫‪ ,‬وبرغم من بلوغها االن الثالثة‬
‫والعشرين‪ ,‬فقد كانت ايئسة من‬
‫االفالت من قبضة يده‪ ,‬رمبا كان هناك‬
‫نقص فيها منذ البداية‪ ,‬فهي على عكس‬
‫راين مل يسمح هلا ابلذهاب اىل اجلامعة‪,‬‬
‫او ان ختتلط مبن هم يف‬
‫‪8‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫مثل سنها‪ ,‬وعندما قال هلا راين " اتركي‬
‫الرجل العجوز وتعايل معي" فالربغم من‬
‫اهنا شاركته احلماس إال أهنا مل تستطع ان‬
‫تفعل‪.‬‬
‫وفاجأهتا نوبة سعال مما دفع السيدة‬
‫املسافرة معها عرب األطلسي إىل ان‬
‫تلتفت إليها متسائلة‪:‬‬
‫‪ -‬هل انت خبري ايعزيزيت؟‬

‫‪9‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ومسحت كولني الدمع الذي سببه‬
‫السعال عن عينيها وردت‪:‬‬
‫‪ -‬خبري متاما شكرا لك‪.‬‬
‫ومل تستطع كولني حقا ان جتد كلمات‬
‫مناسبة للرد على لطف السيدة لسؤاهلا ‪.‬‬
‫واحست ابحلرج‪,‬‬
‫ففتحت حقيبة يدها واخرجت رسالة‬
‫حفظتها عن ظهر قلب ‪.‬‬

‫‪10‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫هذة الرسالة وصلتها من راين يف‬
‫املكسيك منذ شهرين ‪ ,‬يف وقت كانت‬
‫مصابة به ابالنفلونزا مما جعلها طرحية‬
‫الفراش ليومني‪ ,‬وتركها هذا تعبة وفاترة‬
‫اهلمة ‪ ,‬مع سعال أخذ يهامجها من وقت‬
‫آلخر‪ ,‬مما دفع والدها اىل تناول طعامه‬
‫يف اخلارج‪ .‬وخالل هذه املدة التقى أرملة‬
‫تدعى آغي ابركر‪ ,‬وتصادق معها‪,‬‬
‫وكانت أصغر منه خبمس سنوات‪.‬‬
‫‪11‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وتذكرت كولني ذلك اليوم الذي أحضر‬
‫فيه والدها السيدة ابركر إىل املنزل‪.‬‬
‫وقال هلا حبدة بعد أن رأها حتمل صينية‬
‫وهي منحية الكتفني ‪:‬‬
‫‪ -‬ال تتكاسلي اي كولني‪.‬‬
‫وقالت هلا السيدة ابركر وهي تبتسم هلا‪:‬‬
‫‪ -‬لقد قال والدك إنك مصابة ابلرشح‪.‬‬
‫‪ -‬أان أفضل حاال اآلن‪.‬‬

‫‪12‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫مث بدأت تسعل ‪ ,‬فاندلق الشاي من‬
‫الفنجان الذي كانت تقدمه للسيدة‬
‫ابركر‪ ,‬فسألتها وهي ترتاجع قليال‬
‫وكأهنا خائفة من التقاط العدوى‪:‬‬
‫‪ -‬وهل أتخذين أي دواء للسعال؟‬
‫وأجاب والدها‪:‬‬
‫‪ -‬يقول الطبيب إن سعاهلا سيزول عندما‬
‫تبدأ الشمس إبرسال دفئها‪.‬‬

‫‪13‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ونظر حنو النافذة إىل املطر املنهمر يف‬
‫اخلارج وأضاف ‪:‬‬
‫‪ -‬أنظري اي آغي ‪ ..‬حنن يف شهر أاير‬
‫ومل يظهر بعد أي دليل على قدوم‬
‫الصيف !‬
‫وعاد تفكريها إىل الرسالة اليت تلقتها من‬
‫شقيقها ‪ .‬وإىل حرارة الشمس اليت تتوقع‬
‫أن تالقيها ‪ ,‬كان‬

‫‪14‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫لطفا منه أن يدعوها حلفلة زفافه ‪ .‬كان‬
‫يبدو من رسالته وكأنه قد استقر يف‬
‫املكسيك ‪ ,‬وأنه قد‬
‫حصل على وظيفة جيدة ‪ ,‬مما مكنه من‬
‫دعوهتا كي تبقى معه قدر ما تشاء وقال‬
‫يف رسالته‪:‬‬
‫‪ -‬املال ليس عائقا ‪ ..‬احزمي ثيابك‬
‫فقط وتعايل ‪ .‬فلدي منزل كبري ابنتظار‬
‫أن أنتقل إليه مع‬
‫‪15‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫إيزبيال ‪ ..‬وميكن أن منضي فيه أايما دون‬
‫أن نراك‪.‬‬
‫وابتسمت كولني الفكارها ‪ ,‬من الرائع‬
‫أن تسافر لرتى شقيقها الوحيد يتزوج ‪,‬‬
‫وإذا أقامت معه‬
‫ومع عروسه ‪ ,‬فستبتعد ابلتأكيد عن‬
‫طريقهما ‪ ,‬ولكنها مل تستطع أن تدبر‬
‫سوى بطاقة ذهاب فقط ‪,‬‬

‫‪16‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ومبا أن راين يعرف وضعها املايل ‪,‬‬
‫فسوف يدفع هلا ابلتأكيد مثن تذكرة‬
‫العودة‪.‬‬
‫قبل موعد زواج شقيقها ابسبوعني ‪,‬‬
‫كانت تعمل يف املطبخ ‪ ,‬وكان والدها‬
‫يزور آغي ابركر يف منزهلا ‪.‬‬
‫مث مسعت صوت مفتاح والدها يف قفل‬
‫الباب ‪ .‬ودخل املطبخ ‪ ,‬وهذا أمر اندر‬
‫أن يفعله‪.‬‬
‫‪17‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ودون أن تنظر إليه أخذت حترك احلساء‬
‫الذي كانت حتضره لوجبة العشاء‪.‬‬
‫وقالت له‪:‬‬
‫‪ -‬لقد كنت أفكر ‪ ...‬كم أحب أن‬
‫أسافر ألحضر زفاف راين‪.‬‬
‫ونظرت إىل والدها بعد أن قالت هذا ‪,‬‬
‫وكما توقعت ‪ ,‬بدا غاضبا ولكن ألهنا‬
‫سبقته يف الكالم ‪ .‬فقد‬

‫‪18‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫بدا غاضبا ‪ ,‬ولكن ذلك الغضب ‪ ,‬كما‬
‫علمت فيما بعد كان ألهنا سبقته يف‬
‫الكالم ‪ .‬فقد كان‬
‫لديه أخبار يود أن يقوهلا هلا‪ ,‬ومل تعجبه‬
‫فكرة أهنا جترأت على الكالم أبكثر مما‬
‫كان يتوقع منها‪.‬‬
‫وجتاهل ما قالته وقال‪:‬‬

‫‪19‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬السيدة ابركر ستأيت الليلة للعشاء‬
‫عندان ‪ ,‬وستصبح والدتك اجلديدة ‪,‬‬
‫فتأكدي أن حتضري طعاما يكفي لثالثة‪.‬‬
‫وخرج من املطبخ اتركا كولني واقفة‬
‫مشدوهة ومفتوحة الفم ‪.‬‬
‫ومع أهنا مل حتب آغي ابركر كثريا ‪ ,‬إال‬
‫أهنا شعرت ابالمتنان هلا هذه األمسية‪.‬‬

‫‪20‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫كان واضحا ‪ ,‬عندما جلسوا حول‬
‫املائدة ‪ ,‬أن والدها قد حتدث مع عروسه‬
‫املقبلة عن رغبتها يف السفر‬
‫إىل املكسيك ‪ ,‬والتفتت إىل والدها‬
‫قائلة‪:‬‬
‫‪ -‬مل تسنح يل الفرصة ألهنئك اي‬
‫والدي‪.‬‬
‫وقالت للسيدة ابركر ‪:‬‬

‫‪21‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أان مسرورة جدا سيدة ابركر ‪ ..‬وأان‬
‫واثقة أنك‪...‬‬
‫وقاطعتها آغي غري مكرتثة ابلتهنئة اليت‬
‫قدمتها ‪:‬‬
‫‪ -‬لقد أخربين بيرت عن رغبتك ابلسفر‬
‫حلضور زفاف شقيقك بعد أسبوعني ‪.‬‬
‫وأجفلت كولني ‪ ,‬وصوبت عينيها‬
‫الزرقاوين حنو والدها ‪ .‬وكان يتابع تناول‬
‫طعامه‬
‫‪22‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫قانعا برتك احلديث للسيدة ابركر ‪,‬‬
‫وردت عليها هبدوء‪:‬‬
‫‪ -‬أجل ‪ ..‬هذا صحيح ‪ ..‬إنه شقيقي‬
‫الوحيد و‪...‬‬
‫وقاطعتها السيدة ابركر مرة أخرى وكأن‬
‫كل شئ قد سوي أمره‪:‬‬
‫‪ -‬وتعتقدين أن عليك الذهاب ‪...‬‬
‫والدك سيبيع هذا املنزل وينتقل للسكن‬
‫معي ‪ .‬ومنزيل ال يتسع لثالثتنا‪.‬‬
‫‪23‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫فيما بعد ‪ ,‬ويف غرفتها أخذت كولني‬
‫تفكر ‪ :‬كم أان سعيدة هلذا ‪ ,‬كم أان‬
‫حمظوظة للخالص‬
‫من أن يكون مصريي خادمة لوالدي‬
‫وزوجته‪.‬‬
‫وعلمت يف اليوم التايل أن السيدة ابركر‬
‫قد متكنت من أن جتعل والدها مطيعا هلا‬
‫قليال ‪ .‬فلم يعد كرميا معها كما‬

‫‪24‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫كان ‪ ,‬حىت وقد أصبح قادرا على ذلك‬
‫من خالل بيعه ملنزله ‪ .‬وقال هلا‪:‬‬
‫‪ -‬سأدفع مثن تذكرتك‪ ..‬ذهااب فقط‪.‬‬
‫‪ -‬ولكن ‪ ..‬أتعين أنك ال تريدين أن‬
‫أعود؟‬
‫كانت املرة االوىل اليت تتحداه فيها ‪,‬‬
‫ودهشت عندما اكتشفت أنه كان عليها‬
‫أن تفعل هذا من قبل‪ ,‬فقد كان جباان‪.‬‬

‫‪25‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬مل أقل هذا ‪ ..‬لقد قال شقيقك إنه‬
‫سيدفع أجرة عودتك ‪ ,‬ألن يفعل؟ معه‬
‫مال أكثر مين ‪ ..‬فليدفع!‬
‫ومل تتقبل الفكرة ‪ .‬ولكن مبا أهنا مل تكن‬
‫قد حصلت بعد على املال منه ‪ ،‬حىت‬
‫لتذكرة الذهاب فقط ‪،‬‬
‫فلم جترؤ على مناقشته ‪ ,‬فهي تعرف أبنه‬
‫قد يرتاجع عن كلمته‪.‬‬

‫‪26‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬وهل هناك جمال أن أحصل على‬
‫بعض املال ألشرتي بعض الثياب ؟‬
‫وضاع رده بعد أن انتابتها نوبة سعال ‪..‬‬
‫ومع أهنا علمت أن ما فعله مل يكن‬
‫بدافع الشفقة عليها ‪ ،‬فقد‬
‫أعطاها شيكا يغطي مثن التذكرة ويكفي‬
‫لشراء بعض املالبس ويبقى معها القليل‬
‫لتصرفه‪.‬‬

‫‪27‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وأقبل موظف ودود ومجع املسافرين‬
‫الذين سيتابعون الرحلة إىل املكسيك ‪.‬‬
‫بعد أن حطت الطائرة ‪ ،‬هل‬
‫سيقابلها رااين يف مطار مدينة مكسيكو؟‬
‫كم هي بشوق لرؤيته‪.‬‬
‫الرحلة من مطار ميامي اىل مدينة‬
‫مكسيكو كانت مرحية ‪ .‬فطائرة "الدي‬
‫سي ا" كانت مالئمة للسفر‬

‫‪28‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫أكثر من اجلامبو اليت أوصلتها إىل ميامي‬
‫‪ .‬واستغرقت الرحلة ساعتني وأربعني‬
‫دقيقة قبل أن تالمس الطائرة‬
‫أرض املكسيك‪ ,‬واختفى كل التعب‬
‫الذي كانت تشعر به‪ ،‬عندما فكرت أبهنا‬
‫بعد أن متر عرب اجلمارك‬
‫سوف ترى شقيقها الذي حتبه كثريا‪.‬‬

‫‪29‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫البد أنه تلقى رسالتها ‪ ..‬وجالت عيناها‬
‫يف املستقبلني ‪ ،‬مث اثنية حماولة رؤية رااين‬
‫‪ .‬ولكن خيبة األمل صدمتها ‪ ،‬إذ مل‬
‫يكن موجودا للقائها ‪ .‬ومع ذلك تقبلت‬
‫األمر ‪ ،‬ف ـ "كواريتارو" تبعد مئة وعشرين‬
‫ميال عن العاصمة ‪ ،‬ورمبا يكون مشغوالً‬
‫ورمبا كان مضطرا للسهر مع خطيبته ‪،‬‬
‫وعاودها الشعور ابلتعب ‪ .‬حسنا‪ ..‬لن‬

‫‪30‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫تستطيع الوصول إىل "كواريتارو" وهي‬
‫واقفة‬
‫هكذا‪ ...‬وتذكرت أن راين قال هلا يف‬
‫إحدى رسائله إنه يوجد رحالت منظمة‬
‫إىل هناك ‪ ،‬فتحركت لتستقل سيارة أجرة‬
‫توصلها إىل احملطة ‪.‬‬
‫كتاب تعليم اللغة املكسيكية ‪ ،‬أفادها‬
‫كثريا ‪ ،‬ورافقها املوظف يف احملطة إىل‬
‫ابص أكد هلا ‪ ،‬أنه سيوصله‬
‫‪31‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫إىل "كواريتارو" ‪ ،‬ووجدت مقعدا هلا ‪،‬‬
‫وتنهدت ابرتياح لنجاحها حىت اآلن‪.‬‬
‫وخاطبها رجل مكسيكي قوي البنية ‪،‬‬
‫وهو حيمل طفلني ووراءه زوجته ومعها‬
‫ولدين آخرين ‪.‬‬
‫‪ -‬بردون سنيوريتا‪.‬‬
‫وابتسمت له ‪ ،‬وأشار إليها أنه يرغب يف‬
‫تبادل املقاعد لتستطيع العائلة أن جتلس‬
‫على مقعد واحد‪ .‬فقالت‪:‬‬
‫‪32‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬دي اندا ‪ (..‬أي على الرحب والسعة‬
‫) ‪..‬‬
‫‪ -‬موتشا غراتياس (شكرا جزيال)‪.‬‬
‫استغرقت الرحلة إىل كواريتارو ‪ ،‬ثالث‬
‫ساعات ‪ ،‬شعرت خالهلا كولني ابلتعب‬
‫الشديد ‪ ،‬فقد كانت ختاف‬
‫أن تغمض عينيها فتنام ومير الباص يف‬
‫البلدة اليت تقصدها ‪ ،‬دون أن تنتبه‪.‬‬

‫‪33‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫واستلمت حقائبها من خمزن الباص‬
‫اجلانيب‪ ،‬ودخلت إىل احملطة وهي قلقة ‪،‬‬
‫وكادت تنفجر ابلبكاء عندما مل تشاهد‬
‫أي أثر لرااين هناك ‪ .‬ومسعت صوات‬
‫خياطبها ابألنكليزية ‪:‬‬
‫‪ -‬يبدو عليك أنك ضائعة ‪ .‬أمامنا عمر‬
‫كامل لننتظر وصول وسيلة سفران ‪ .‬هل‬
‫حتتاجني ألية مساعدة؟‬

‫‪34‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وأحست أبهنا مل تعد وحيدة لرؤيتها‬
‫شاب وصديقته مهتمان هبا‪.‬‬
‫وشرحت هلما أبهنا كانت أتمل أن يكون‬
‫شقيقها هنا الستقباهلا ‪ ،‬وأنه سيتزوج يف‬
‫الغد‪ ،‬وأكملت ‪:‬‬
‫‪ -‬البد أنه مشغول جدا‪.‬‬
‫فضحك الشاب وقال‪:‬‬

‫‪35‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أو أنه يسلي نفسه يف مكان ما يف‬
‫آخر ليلة حرية له ‪ ،‬هل تعلمني أين‬
‫يقيم؟‬
‫وأخرجت كولني رسالة وعليها عنوان‬
‫شقيقها ‪ ،‬وأخربها الشاب أن العنوان‬
‫بعيد ‪ ،‬وعرض عليها أن يرافقاها‬
‫يف التاكسي ليشرحا لصاحب امللك أبهنا‬
‫شقيقة املستأجر عنده ‪ ،‬ألهنما يعرفان‬

‫‪36‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫اللغة ‪ ،‬كي يسمح هلا ابلدخول إىل شقة‬
‫شقيقها‪.‬‬
‫خيبة األمل كانت تنتظرها أيضا يف‬
‫العنوان الذي أوصلها التاكسي إليه‬
‫برفقة الشابني ‪ ،‬فقد اكتشفت إبنه ترك‬
‫الشقة هذا الصباح‪.‬‬
‫وفكرت أن تذكر أسم خطيبته إيزبيال‬
‫لعل األسم يعطي فكرة للمالك ‪،‬‬
‫وانطلق هذا يتكلم مع الشاب الذي‬
‫‪37‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫رافقها توم‪ ،‬وكل مافهمت منه كلمات‬
‫متقطعة ابألسبانية منه " خطيبته" و‬
‫"السنيور ديلفاغيو" ‪ ...‬وظهرت ابتسامة‬
‫على وجه توم وهو يشكر املالك‬
‫موضحة إبنه يعرف مكان وجود رااين‪.‬‬
‫‪ -‬من الواضح أن شقيقك مرتبط‬
‫ابخلطبة مع ابنة أحد أهم الرجال يف‬
‫املدينة‪.‬‬

‫‪38‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫فالسنيور ديلفاغيو له أعمال هندسية يف‬
‫كل املنطقة ‪ ،‬واجلميع يعرف اين يقيم‪.‬‬
‫وكتب هلا العنوان على ورقة ‪ ،‬فقالت‪:‬‬
‫‪ -‬وهل تظن أن ال مانع من ذهايب إىل‬
‫هناك ؟‬
‫‪ -‬ليس من طريقة أخرى ‪ ،‬فهناك فرصة‬
‫كبرية أن يكون أخوك هناك ‪ ،‬أو سيكون‬
‫إبمكاهنم إعطائك عنوانه اجلديد‪.‬‬

‫‪39‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫و أسفت كولني الفرتاقها عن الزوجني‬
‫الشابني ‪ ،‬اللذين أظهرا هلا كل الود ‪.‬‬
‫وبعد رحلة يف التاكسي‬
‫طويلة جدا ‪ ،‬وجه السائق السيارة إىل‬
‫طريق مرصوفة على جانبيها صف من‬
‫األشجار ‪ ،‬كانت مضاءة جيداً‬
‫وتوقف أمام أسوار املنزل ‪ ،‬ونزلت‬
‫كولني من السيارة أمام ابب حديدي‬
‫ضخم مزدوج مرتفع ‪ ،‬املكان بدا‬
‫‪40‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫هادائ جدا ‪ ،‬وساورها انطباع أبن أحدا‬
‫لن يسمعها تدق جرس الباب‪.‬‬
‫وضغطت على اجلرس اثنية دون أية‬
‫نتيجة ‪ ...‬أميكن أن عائلة ديلفاغيو‬
‫ليست يف املنزل أيضا؟‬
‫ومتلكها الذعر ‪ ،‬إذ ليس إبمكاهنا أن‬
‫تدق على أي ابب آخر إذا مل يرد عليها‬
‫أحد هنا‪.‬‬

‫‪41‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وفجأة مسعت نباح كلب ‪ ،‬مث وقع‬
‫خطوات ‪ .‬وحاولت أن تتذكر القليل مما‬
‫تعلمته ابألسبانية ‪،‬‬
‫وقالت بعد أن فُتحت كوة يف الباب ‪:‬‬
‫‪ -‬ابردون ‪ ...‬سنيور شادو هنا؟‬
‫ونظرت إليها الفتاة اليت فتحت الباب‬
‫نظرة جامدة ‪ ،‬مث ولدهشتها ‪ ،‬صفقت‬
‫الباب بوجهها‪.‬‬

‫‪42‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ماذا‪..‬؟ ووقفت متحرية ‪ ،‬مث أدركت أن‬
‫الفتاة ال بد قد ذهبت لتبعد الكلب‬
‫الشرس الذي كان معها ‪.‬‬
‫ومسعت وقع أقدام رجولية اثبتة قرب‬
‫الباب ‪ ،‬ال بد أن الفتاة فهمت ما قالته‬
‫وأرسلت من يستدعي رااين‪.‬‬
‫وتوقف وقع األقدام ‪ ،‬مث فتح الباب ‪،‬‬
‫واتسعت ابتسامتها ‪ ،‬وحاولت التقدم‬
‫خطوة إىل األمام ‪ ،‬وهي مستعدة لعناق‬
‫‪43‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫رااين‪ ،‬مستعدة لرؤية الدهشة على‬
‫وجهه‪.‬‬
‫وتالشت إبتسامتها فجأة ‪ .‬فالذي ظهر‬
‫أمامها مل يكن رااين ‪ ،‬بل رجل أكرب من‬
‫شقيقها بعشر سنوات تقريبا‪.‬‬
‫طويل ‪ ،‬عريض الكتفني مثله ‪ ،‬ولكن مل‬
‫يبدو مسرورا لرؤيتها ‪ ،‬وأحست كولني‬
‫ابلربد ‪.‬‬
‫وقال هلا ابألنكليزية ‪:‬‬
‫‪44‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬اخلادمة قالت إنك تسألني عن السيد‬
‫شادو‪.‬‬
‫‪ -‬أجل ‪ ..‬فأان‪..‬‬
‫‪ -‬هل أنت واحدة آخرى من نسائه؟‬
‫‪ -‬ماذا؟‬
‫وصدمتها بشدة مامسعته ‪ ..‬ال بد أن‬
‫هناك خطأ !وهذا واضح إذا كان هذا‬
‫الرجل هو السنيور ديلفاغيو‪،‬‬

‫‪45‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وال بد أنه تزوج ابكرا ليصبح أاب اليزابيال‬
‫ولكنه يتكلم عن رااين ونساء آخرايت !‬
‫وقالت له بربود‪:‬‬
‫‪ -‬أمسي كولني شادو ‪ .‬ورااين شقيقي ‪.‬‬
‫لقد وصلت لتوي من انكلرتا ‪ .‬لقد‬
‫أتيت حلضور زفافه غدا‪.‬‬
‫وأخذ الرجل يتفرس هبا فرتة طويلة ‪،‬‬
‫ولكنها صممت مقابل عدائيته أن‬
‫التسمح له أبن يالحظ تعبها ‪.‬‬
‫‪46‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وصممت أكثر أن ال ختطو خطوة قبل‬
‫أن تفهم ما جيري ‪ ،‬وماذا قصد بقوله "‬
‫واحدة من نسائه"‪.‬‬
‫وأهنى الرجل تفرسه هبا ‪ ،‬مث تكلم وصوته‬
‫ال ينم عن الرتحيب كثريا‪:‬‬
‫‪ -‬األفضل أن تدخلي ‪.‬‬
‫‪ -‬وهل رااين هنا؟‬

‫‪47‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وكان من األفضل هلا أن توفر كالمها ‪،‬‬
‫فقد جتاهلها ‪ ،‬وأدخل حقائبها عرب‬
‫الباب الضخم ‪ ،‬وحلقت به‪.‬‬
‫مث أقفل الباب وراءها ‪ ،‬عندها أحست‬
‫أبهنا مل حتبه‪.‬‬
‫وتبعته رغما عنها ‪ ،‬وهو يتقدمها حنو‬
‫غرفة جلوس تشع ابألنوار‪.‬‬

‫‪48‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وأشار إليها ابجللوس قبل أن جيلس ‪.‬‬
‫وجلست‪ ،‬فقد كانت معتادة أن تفعل ما‬
‫يطلب منها ‪.‬‬
‫وهنا متكنت من أن ترى الرجل بوضوح‬
‫أكثر ‪ ،‬ودهشت ألنه مل يكن يبدو‬
‫كمكسيكي ‪.‬‬
‫فشعره كان أشقرا أكثر من شعر رااين ‪،‬‬
‫وله أنف ارستقراطي كان حيدق هبا من‬
‫طرفه‪.‬‬
‫‪49‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫الطريقة املتعجرفة اليت كان ينظر هبا إليها‬
‫كانت مألوفة لديها ‪ ،‬وهي مل أتيت كل‬
‫هذه املسافة لتلحق تلك النظرة هبا أو‬
‫تستمر مبراقبتها ‪ .‬وسألته ‪:‬‬
‫‪ -‬هل أنت السنيور ديلفاغيو؟‬
‫‪ -‬ربورتو ديلفاغيو هو ابن عميت ‪ ،‬ولقد‬
‫أتيت من مزرعيت يف "دورانغو" اليوم‬
‫متوقعا أن أكون ضيفا يف عرس ايزابيال‬
‫غدا‪.‬‬
‫‪50‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬متوقعا‪...‬؟‬
‫الطريقة اليت قال هبا الكلمة ‪ ,‬كانت‬
‫تقرر إبنه لن يكون هناك حفل زفاف‪،‬‬
‫ولكن هذا سخيف‪.‬‬
‫فالرتتيبات قد متت منذ أشهر على األقل‬
‫‪.‬‬
‫‪ -‬هل يل أن أرى ايزابيال أو أحد أفراد‬
‫عائلتها؟‬

‫‪51‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أمل تفهمي ‪ ...‬لقد قلت لك إنين من‬
‫العائلة!‬
‫‪ -‬أعين عضو أقرب‪.‬‬
‫وضاقت عيناه مما جعلها تدرك أهنا‬
‫أقرتبت كثريا من إهانته‪.‬‬
‫‪ -‬ال أعلم الكثري عن بلدكم ‪ ..‬ولكننا‬
‫يف املكسيك ‪ ،‬عندما حتدث مشاكل‬
‫لفرد من العائلة نتحد مجيعنا ‪ ،‬مهما‬
‫كانت قرابتنا بعيدة ‪.‬‬
‫‪52‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬مشاكل؟ أي مشاكل ؟‬
‫‪ -‬امسي جوليانو انريكو غاتورادي ‪..‬‬
‫ولقد طلب مين ابن عميت روبرتو أن‬
‫أتعامل معك ‪ .‬فهو وزوجته ‪ ،‬وايزابيال ‪،‬‬
‫حصلوا من عائلة شادو على مايكفيهم‬
‫لفرتة طويلة‪.‬‬
‫ومتلكها القلق ‪:‬‬
‫‪ -‬يكفيهم مماذا؟‪...‬‬

‫‪53‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ومل تستطع فهم شيء مما يقول ‪ ...‬هذا‬
‫الرجل البارد طُلب منه أن يتعامل معها!‬
‫ومبا أنه ال يعطيها أي جواب ‪ ،‬فكل ما‬
‫تستطيع أن أتمله هو أن ترى رااين يف‬
‫أسرع وقت ممكن ‪.‬‬
‫‪ -‬إذا سنيور ريكو‪..‬‬
‫‪ -‬إنريكو‪...‬‬
‫‪ -‬إذا رمبا ايسنيور ‪ ،‬مبا أنين سأتعامل‬
‫معك ‪ ،‬ستدلين على عنوان منزل شقيقي‬
‫‪54‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ .‬وعندها لن أعود أزعجك ‪ .‬لقد ذهبت‬
‫إىل شقته وقيل يل إنه تركها ‪ ،‬ويف آخر‬
‫رسالة له قال يل إنه اشرتى منزال له‬
‫واليز‪...‬‬
‫فقاطعها بعنف‪:‬‬
‫‪ -‬هو مل يشرت شيئا ‪ ..‬املنزل الذي كان‬
‫مقررا أن يصبح منزل إيزابيال ‪ ،‬اشرتاه‬
‫هلما والدها‪ .‬ومل يساهم شقيقك ببيزوس‬
‫واحد من مثنه‪.‬‬
‫‪55‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وشهقت ‪ ،‬فهي واثقة أن شقيقها قال إنه‬
‫هو الذي اشرتى املنزل‪ ،‬واتبع جوليانو‬
‫انريكو كالمه‪:‬‬
‫‪ -‬شقيقك ايسنيوريتا شادو ‪ ،‬كان مهتما‬
‫بشيء واحد فقط من خطيبته وامحر‬
‫وجه كولني ‪ ،‬ولكن جوليانو انريكو نظر‬
‫إليها ساخرا واتبع‪:‬‬
‫‪ -‬ليس كما ظننت ‪ .‬فقد كان يتلقى‬
‫هذا من مصدر آخر ‪ .‬أما ابلنسبة‬
‫‪56‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫اليزابيال فكل ماكان يهتم ابحلصول عليه‬
‫منها هو املال الذي ظن أهنا سرتثه يوما ‪.‬‬
‫ولكن طفلتنا ‪ ،‬وجبهل ‪ ،‬أو حبكمة كما‬
‫أراها ‪ ،‬أخربته يوم أمس أن املزرعة اليت‬
‫كان يظن أن والدها ميلكها ختصين أان‪.‬‬
‫وأن روبرتو ال ميلك ماال سوى ما ادفعه‬
‫له إلدارة أعمايل‪.‬‬
‫‪ -‬ولكن رااين ‪ ..‬رااين مل يكن يهتم‬
‫ابملال ‪ ...‬مل يكن يهتم أبدا ‪ ..‬وأان ال‪...‬‬
‫‪57‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬ال تصدقني ؟ إذا صدقي هذا سنيوريتا‬
‫‪ .‬فهذا الصباح ‪ ،‬وقبل الزواج بيوم واحد‬
‫‪ ،‬وجد شقيقك من املناسب أن يهجر‬
‫خطيبته‪.‬‬
‫‪ -‬يهجرها!‬
‫وحاول عقلها أن يستوعب ما تسمع ‪،‬‬
‫ولكن واقع أهنا مل تنم منذ ما يقارب‬
‫األربع وعشرين ساعة مل يساعدها على‬
‫التفكري ‪ .‬واتبع‪:‬‬
‫‪58‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬هو مل يتخلى عنها فقط بعد أن‬
‫اكتشف أن توقعاته أبن يصبح ثراي هي‬
‫بدون أساس ‪ ،‬بل كان مالديه من‬
‫الوقاحة ليزيد األهانة إىل هجرانه ‪ ،‬أبن‬
‫أخذ معه إمرأة كان على عالقة معها يف‬
‫نفس الوقت الذي كان يزوران فيه‪.‬‬
‫ووقفت كولني صارخة‪:‬‬
‫‪ -‬ال!‪..‬ال!‬

‫‪59‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وبدا أن طاقتها قد بدأت تتالشى ‪،‬‬
‫وحدقت به ابرتباك ‪ ،‬حماولة إغالق‬
‫رأسها أمام أي خرب مزعج قد يقوله بعد‪:‬‬
‫‪ -‬وإذا كنت قد أتيت إىل هنا كي‬
‫حتصلي على نصيبك من هذه الصفقة‬
‫‪...‬‬
‫ومل يعد مبقدورها حتمل املزيد ‪ .‬وحاولت‬
‫أن ختطو ‪ ،‬إىل أين ‪ ،‬مل تكن تدري ‪،‬‬

‫‪60‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫مث أكتشفت أن ساقيها قد بدأات تنثنيان‬
‫حتتها ‪ ،‬وأن كل قواها قد ختلت عنها ‪,‬‬
‫وهكذا حتركت احلركة الوحيدة املمكنة ‪،‬‬
‫إىل األسفل حنو السجادة ‪ .‬وكانت ال‬
‫تزال تنظر يف وجهه املخيف عندما غشي‬
‫بصرها ‪ .‬وظنت أبهنا حملت بعض‬
‫األهتمام ‪ ،‬وهذا أمر غريب‬
‫أمام التعبري السابق ‪ .‬مث مل تعد تفكر‬
‫بشيء مطلقا وقد انثنت ركبتاها‪ ..‬وآخر‬
‫‪61‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ما وعته ‪ ،‬أن ذراعان قويتان ‪ ،‬أمسكتا‬
‫هبا فجأة ‪...‬‬

‫‪62‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫الفصل الثاين‬
‫السجان اجلديد‬

‫عندما استعادت كولني وعيها كانت يف‬


‫نفس الغرفة اليت فقدت الوعي فيها ‪.‬‬
‫ولكن الذراعان القويتان مل تعودا حتيطان‬
‫هبا‪.‬‬
‫وتساءلت إذا كانت قد ختيلت ما حدث‬
‫‪ ،‬ووجدت جوليانو انريكو واقفا بقرهبا ‪.‬‬
‫‪63‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫رمبا مل يكن هو ‪ ،‬بل شخصا آخرا هو‬
‫الذي وضعها على أريكة ‪ ،‬وليس على‬
‫األرض ‪.‬‬
‫ومتلكها التعب ‪ ،‬ورغبت يف إغماض‬
‫عينيها اثنية ‪ .‬مث تذكرت األشياء الفظيعة‬
‫اليت قاهلا هلا هذا الرجل األطول من‬
‫املكسيكني العاديني ‪ ،‬وجاهدت كي‬
‫جتلس ‪ ،‬حماولة االحتفاظ أبكثر ما ميكن‬
‫من كرامتها ‪.‬‬
‫‪64‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ومسعته يقول ‪:‬‬
‫‪ -‬هل تشعرين بشكل أفضل سنيوريتا؟‬
‫وتذكرت أبنه اهتمها أبهنا أتت إىل‬
‫املكسيك لرتى ما تستطيع أن تلتقطه‬
‫هنا من ثروة !‬
‫‪ -‬أان خبري متاما‪.‬‬
‫وأدركت ‪ ،‬من دون أي شك ‪ ،‬أبنه مل‬
‫يصدق أبهنا غابت عن الوعي ‪ .‬ومحدت‬
‫هللا على كربايئها الذي استطاع دفعها إىل‬
‫‪65‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫الوقوف ‪ ،‬دون أن يبدو عليها ما يشري‬
‫إىل مدى ارجتاف ساقيها ‪.‬‬
‫وكان الرجل الذي بدأت تكرهه أكثر من‬
‫أي شيء آخر يف الدنيا ‪ .‬واقفا ايضا ‪.‬‬
‫ولكن جتاهلت يده املمدودة بقصد‬
‫مساعدهتا‪:‬‬
‫‪ -‬أعتذر إلغمائي هكذا ‪ ...‬فهذا أمر‬
‫ال حيدث يل عادة ‪ ..‬لقد مضى وقت‬
‫طويل مل أمن فيه‪.‬‬
‫‪66‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬امسحي يل إذا ايسنيوريتا ‪ ،‬أن‬
‫أعوضك عن هذا ‪.‬‬
‫ونظرت إليه‪ ،‬وأخذ عقلها يفكر بوضوح‬
‫أكثر ‪ ،‬الوضع الذي هي فيه ال حتسد‬
‫عليه ‪ .‬فليس لديها أية فكرة عن مكان‬
‫وجود شقيقها وال أحد آخر قد يعرف ‪.‬‬
‫وليس لديها مال كثري ‪ ،‬ولن يوصلها هذا‬
‫إىل أي مكان‪.‬‬
‫‪ -‬هل تقرتح علي أن أانم هنا ؟‬
‫‪67‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬هذا صعب ‪ .‬فعائليت قد عانت ما‬
‫يكفي على يد عائلتك ‪ .‬وال ميكن‬
‫التفكري أبن تستيقظ إيزابيال صبيحة‬
‫اليوم الذي كان يفرتض أن يكون يوم‬
‫زفافها لتجد شقيقة من خاهنا تنام حتت‬
‫سقف واحد معها‪.‬‬
‫‪ -‬رااين ال يفعل ‪...‬‬
‫وقاطعها بثبات ‪:‬‬

‫‪68‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬سآخذك إىل فندق ‪ ..‬وسنخرج اآلن‬
‫‪.‬‬
‫إذا فهو ال يريدها يف املنزل وال دقيقة‬
‫بعد‪ .‬إبمكاهنا أن تتفهم هذا‪.‬‬
‫فال بد أن ايزابيال حباجة لعناية طبية‬
‫لتهدئتها ‪ .‬ومع ذلك فلم تستطع‬
‫تصديق أن رااين قد فعل هذا‪.‬‬
‫‪ -‬هل أنت جاهزة للذهاب ؟‬

‫‪69‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ودون أن ترد التقطت حقيبة الكتف اليت‬
‫أدخلتها معها ‪ ،‬وحتركت حنو الباب‬
‫حيث كان جوليانو إنريكو ينتظرها‬
‫ورافقها عرب الرتاس والتقط حقائبها مث‬
‫أجته معها إىل سيارة واقفة خارج املنزل ‪،‬‬
‫فجلست فيها آملة أن خيتار فندقا‬
‫صغريا رخيصا‪.‬‬
‫وغاص قلبها عندما الحظت أنه أوقف‬
‫السيارة أمام فندق كبري فخم وحديث ‪،‬‬
‫‪70‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫فهذا سيكلفها الكثري ‪ ،‬وهي تعرف هذا‬
‫‪.‬‬
‫وقالت له ‪ ،‬راجية أن يظن أبهنا تفضل‬
‫الفنادق الصغرية وال شيء أكثر ‪.‬‬
‫‪ -‬أفضل فندقا أضغر من هذا ‪.‬‬
‫‪ -‬ما تفضلينه ليس مهما اآلن ‪ ،‬فالوقت‬
‫متأخر وال أنوي قضاء الليل يف البحث‬
‫عن مكان يالئم ذوقك‪.‬‬

‫‪71‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ونزل من السيارة وفتح هلا الباب ‪ ،‬مث‬
‫محل حقيبة يف كل يد ‪ ،‬ووقف على‬
‫الرصيف ‪ ،‬ومن الواضح أنه كان يتوقع‬
‫أن ال تناقشه ‪ ،‬ولكنها مل تتحرك خطوة ‪.‬‬
‫وأحست بكراهية له أكثر ‪ ،‬ليس فقط‬
‫ألنه قال هلا أبهنا أتت إىل هنا حبثا عن‬
‫الثروة ‪ ،‬بل أيضا ألهنا ستضطر أن ختربه‬
‫عن وضعها املايل ‪ .‬وواجهته قائلة‪:‬‬

‫‪72‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬ما معي من مال ال يتناسب مع هذا‬
‫النوع من الفنادق ‪.‬‬
‫‪ -‬أتعنني أنك هنا دون مال ؟‬
‫ومل تعجبها رنة الرضى يف صوته اليت‬
‫تثبت ريبته فيها ‪ .‬ودون أن تنظر إليه ‪،‬‬
‫دفعها كربايؤها اثنية وسارت متجهة إىل‬
‫مدخل الفندق ‪.‬‬

‫‪73‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫إقامتها هنا سوف تدمرها ماليا ‪ ،‬وهي‬
‫تعرف هذا ‪ ،‬ولكنها لن تفكر هبذا قبل‬
‫أن حتصل على بعض النوم‪.‬‬
‫ووقفت جانبا ‪ ،‬بينما كان يتحدث مع‬
‫موظف االستقبال ‪ ،‬مث شاهدت صبيا‬
‫حيمل حقائبها وأيخذ املفتاح ‪ ،‬ونظرت‬
‫بثبات إىل جوليانو إنريكو غاتورادي دون‬
‫أن تفوهتا مالحظة التوقد يف عينيه ‪ ،‬مث‬
‫استدارت لتلحق ابلصيب حنو املصعد ‪.‬‬
‫‪74‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫***‬
‫كانت الشمس تشع عرب النافذة عندما‬
‫استيقظت ‪ .‬ونظرت إىل ساعتها ‪ ..‬لقد‬
‫كانت تظن أهنا ستنام لشدة تعبها عدة‬
‫أايم ‪ ،‬ومع ذلك فالساعة تشري إىل‬
‫الثامنة إال عشر دقائق‪.‬‬
‫وتذكرت اإلرهاق الذي هامجها بعد‬
‫خروج الصيب من غرفتها ‪ ،‬ومل يدهشها‬

‫‪75‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫أبدا أن النوم غلبها فور أن وضعت‬
‫رأسها على الوسادة ‪.‬‬
‫ودامهتها نوبة سعال مفاجئة ‪ ،‬حىت‬
‫دمعت عيناها ‪ ،‬إهنا هنا والشمس مشرقة‬
‫اآلن ‪ ،‬فلماذا ال يتوقف سعاهلا ؟‬
‫على كل األحوال ليس لديها وقت اآلن‬
‫لالستغراق يف هذه األفكار ‪ ،‬فهناك‬
‫أفكار أخرى تتجمع يف رأسها ‪.‬‬

‫‪76‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫كانت خارجة من احلمام ‪ ،‬ترتدي ثواب‬
‫قطنيا قدميا ‪ ،‬عندما شاهدت مذكرة‬
‫الفندق تقول إن الغرف جيب أن ختلى‬
‫قبل الساعة الثانية ‪.‬‬
‫وهذا يعين أن أمامها وقت حىت الثانية‬
‫لتقرر ماذا ستفعل ‪.‬‬
‫يف البداية ‪ ،‬سوف تذهب لتقابل مالك‬
‫شقة شقيقها الذي قابلته ليلة أمس ‪،‬‬
‫فالبد أن شقيقها ‪ ،‬إذا كان هرب مع‬
‫‪77‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫إمرأة أخرى ‪ ،‬حىت ولو مل تصدق هذا ‪،‬‬
‫قد ترك دليال على مكان وجوده ؟‬
‫ووجدت حرارة الشمس مقبولة يف‬
‫البداية ‪ ،‬ولكن بعد عشر دقائق من‬
‫السري ‪ ،‬أدركت أن من املستحيل السري‬
‫بشكل متواصل ‪ ،‬وأحست ابلراحة‬
‫بعدما جلست مخس دقائق على مقعد‬
‫يف إحدى الساحات العديدة للمدينة‪.‬‬

‫‪78‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وبعد نصف ساعة من السري ‪ ،‬قضتها‬
‫ابلسؤال بواسطة اإلشارات وكتاب تعليم‬
‫األسبانية ‪ ،‬والرسالة اليت حتتوي على‬
‫عنوان رااين ‪ ،‬متكنت من الوصول أخريا‬
‫إىل حيث تقصد‪.‬‬
‫وكان عليها أن تعرتف ابهلزمية بعد أن‬
‫رنت جرس الباب ‪ ،‬مث ضربت على‬
‫الباب بقوة دون أن تتلقى أي رد ‪.‬‬

‫‪79‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وخرجت من املبىن ‪ ،‬دون أن تعلم أين‬
‫ستذهب ‪ ،‬عليها أن تعود فيما بعد ‪،‬‬
‫ولكن املشكلة اجلديدة كانت تغزو كل‬
‫تفكريها ‪ ...‬إذا وجدت عنوان شقيقها‬
‫فمن السهل أن تصل إليه ‪ ..‬أين‬
‫ستقضي هذه الليلة؟‬
‫كانت تشعر ابحلرارة ‪ ،‬واالنزعاج ‪،‬‬
‫ولكن دون خوف ‪ ،‬ووجدت نفسها يف‬
‫شارع ماديرو ‪ ..‬واغتنمت الفرصة‬
‫‪80‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫لتهرب من الشمس ‪ ،‬فدخلت إىل أحد‬
‫حمالت بيع الكتب ‪.‬‬
‫ومل تكن تنوي شراء شيء ‪ ،‬ولكن املكان‬
‫هنا أبرد وامضت عدة دقائق يف تفحص‬
‫بطاقات الربيد وتفكريها مشغول فيما‬
‫ستفعله اآلن ؟‬
‫وخرجت من احملل ‪ ،‬واجتهت إىل حديقة‬
‫عامة فيها انفورة ماء تتدفق ‪ ،‬يقصدها‬
‫العديد من الناس اهلاربني من حرارة‬
‫‪81‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫الشمس لالسرتخاء على املقاعد اخلشبية‬
‫املوضوعة هناك‪.‬‬
‫ولكنها مل تستطع األستقرار ‪ ،‬فوقفت‬
‫اثنية ‪ ،‬وأخذت تتمشى على مهل ‪.‬‬
‫كواريتارو ‪ ،‬كما علمت ‪ ،‬بلدة ذات‬
‫أمهية اترخيية ‪ .‬فهنا أُعدم اإلمرباطور‬
‫ماكسيميليان ‪ ،‬وهنا عاشت جوزفني‬
‫اورتيزدو دومينغيز بطلة االستقالل ‪،‬‬
‫وإىل هنا أُعيدت بقاايها بعد موهتا ‪.‬‬
‫‪82‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ومتنت وهي متر قرب التمثال املقام هلا‬
‫يف الساحة لو أهنا متلك جزءا يسريا من‬
‫شجاعتها ‪.‬‬
‫وبلغت الساعة الثانية عشر ‪ ،‬وهي ما‬
‫تزال تسري على مهل وعلى غري هدى ‪.‬‬
‫ووصلت إىل كنيسة "سانتاروزا" ودخلتها‬
‫لتخرج بعد قليل وهي تشعر ابهلدوء‬
‫أكثر ‪ ،‬مع أهنا ظلت قلقة ‪ ،‬وسارت حنو‬
‫احلديقة املقابلة لتجلس هناك ‪ ،‬وتذكرت‬
‫‪83‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫أن عليها العودة إىل الفندق قبل الثانية ‪،‬‬
‫ولكنها مل تكن متلهفة ألن حتمل حقيبتني‬
‫وتسري يف الشوارع ‪ ،‬وخطرت يف ابهلا‬
‫فكرة البحث عن عمل يقيم أبودها حىت‬
‫تستطيع أن جتمع ما يكفي لثمن بطاقة‬
‫العودة ‪.‬‬
‫ولكنها ال تدري أي نوع من الرتاخيص‬
‫هي حباجة إليه للعمل يف املكسيك ‪ ،‬وما‬
‫هو نوع هذا العمل ؟‬
‫‪84‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫فكل ما كانت جتيده هو إدارة املنزل ‪،‬‬
‫وأي إمرأة إبمكاهنا أن تفعل هذا ‪.‬‬
‫ومل تكن أذنيها مستعداتن ‪ ،‬وهي‬
‫مستغرقة ابلتفكري ‪ ،‬أن تسمعا الصوت‬
‫الذي ظنت أبهنا لن تسمعه اثنية ‪.‬‬
‫‪ -‬أين كنت طوال هذا الوقت ؟‬
‫وأجفلت لرؤية جوليانو انريكو يقف‬
‫أمامها ‪ ،‬فرتاجعت خبوف‪.‬‬

‫‪85‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وبقيت جامدة ‪ ،‬والعبوس على وجهها ‪.‬‬
‫وقالت له بربود ‪:‬‬
‫‪ -‬معرفتك التامة ابللغة اإلنكليزية‬
‫تدهشين ‪ .‬أان أعرف أين كنت ‪ ،‬لقد‬
‫ذهبت ألقابل صاحب منزل شقيقي ‪.‬‬
‫‪ -‬وملاذا ؟‬
‫وكانت على وشك أن تطلب منه أن‬
‫يهتم بشؤونه عندما تقدم ليشاركها‬

‫‪86‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫اجللوس على املقعد اخلشيب املدهون‬
‫ابللون األبيض ‪.‬‬
‫فقالت قلقة‪:‬‬
‫‪ -‬لقد ذهبت ألسأل عن عنوانه اجلديد‬
‫‪.‬‬
‫‪ -‬كان إبمكاين توفري املشقة عليك ‪.‬‬
‫وادارت رأسها بقوة ‪:‬‬

‫‪87‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أتعلم أين هو ؟ صاحب امللك مل يكن‬
‫موجودا ‪ ،‬وفكرت أن أعود الحقا عندما‬
‫يعود من عمله ‪.‬‬
‫‪ -‬ال ‪ ..‬ال أعرف مكانه ‪ ،‬وكم كنت أود‬
‫لو أعرف ‪ .‬وال يعرف صاحب امللك أين‬
‫هو كذلك ‪.‬‬
‫ووقفت ‪ ،‬ولكنها مل ختطو سوى خطوتني‬
‫‪ ،‬عندما أمسك بذراعها ليوقفها ‪:‬‬
‫‪ -‬وأين تظنني نفسك ذاهبة اآلن ؟‬
‫‪88‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وحاولت أن تتخلص من القبضة‬
‫احلديدية اليت أمسكت بذراعها ‪ ،‬ولكنها‬
‫مل تنجح ‪ ،‬وأوشكت على البكاء ‪،‬‬
‫ولكنها منعت نفسها جبهد حىت ال متنحه‬
‫فرصة الرضى اثنية ملشاهدهتا وهي تبكي‬
‫‪.‬‬
‫‪ -‬أان ذاهبة إىل الفندق آلخذ حقائيب‬
‫وأسدد حسايب ‪.‬‬

‫‪89‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ووجدت نفسها جمربة على العودة إىل‬
‫مقعدها ‪ ،‬هذا إذا كانت تريد أن تتجنب‬
‫صراعا معه أمام أنظار الناس ‪.‬‬
‫‪ -‬فاتورة الفندق مدفوعة ‪.‬‬
‫‪ -‬وهل دفعتها أنت ؟ قل يل من فضلك‬
‫كم دفعت ‪...‬‬
‫‪ -‬ال تكوين سخيفة!‬
‫والحظت أنه قد غضب ألهنا حتاول أمام‬
‫الناس أن تدفع له ماال‪.‬‬
‫‪90‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أان لست سخيفة ‪ ..‬ولكن إذا كنت‬
‫تظن أن كرامتك كرجل جرحت بسبب‬
‫‪...‬‬
‫وأسكتتها النظرة على وجهه ‪ ..‬فقد بدا‬
‫مستعدا لضرهبا !‬
‫والحظت ضغطه على فكيه ‪ ،‬مث أدركت‬
‫أهنا كانت خمطئة مبا ظنته حول كرامته ‪.‬‬
‫فقد أخربها ‪ ,‬دون اكرتاث برأي أحد به‬
‫‪ ،‬كم كلفت اإلقامة لليلة واحدة يف‬
‫‪91‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫الفندق ‪ ،‬وحاولت أن ال تقفز من مكاهنا‬
‫عجبا لضخامة املبلغ ‪ ،‬بينما مد يده‬
‫إليها كي تدفع له ‪ ،‬وراقبها بعينني‬
‫حادتني وهي تفرغ ما يف حقيبة يدها ‪،‬‬
‫وعندما رأى ما متلك قال ‪:‬‬
‫‪ -‬أقبل أن تدفعي شيكات سياحية إذا‬
‫كان هذا كل ما متلكينه من مال نقدي‪.‬‬
‫مال نقدي !‪ ..‬هذه القطع النقدية هي‬
‫كل ثروهتا ‪ .‬فتمتمت‪:‬‬
‫‪92‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬ال أملك شيكات سياحية ‪.‬‬
‫‪ -‬وهل هذه النقود يف يدك كل ما‬
‫متلكني؟‬
‫‪ -‬إهنا تكفي لتغطية فاتورة الفندق ‪.‬‬
‫وشعرت ابلغضب ألنه مل حياول أن أيخذ‬
‫املال الذي كانت تقدمه له ‪ ،‬وفهمت أن‬
‫السبب الوحيد ملطالبته هلا ابملال هو أن‬
‫يعرف ما حبوزهتا من نقود ‪.‬‬

‫‪93‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ومتنت لو إهنا مل تقل له إهنا ال متلك‬
‫شيكات سياحية ‪ ،‬وبدت غبية وهي‬
‫جالسة هكذا متد له يدها ابملال ‪ ،‬وهو‬
‫يتجاهله ‪ .‬مث سأهلا‪:‬‬
‫‪ -‬إىل مىت كنت تنوين البقاء هنا ؟‬
‫‪ -‬لقد كنت أتوقع أن أقابل شقيقي‪.‬‬
‫‪ -‬وهل كنت تتوقعني أن يدفع لك‬
‫مصاريف إقامتك ؟‬
‫‪ -‬أان‪ ..‬لقد‪ ..‬دعاين حلظور ‪ .‬وقال ‪...‬‬
‫‪94‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫أوه ‪ ...‬ملا هي مهتمة هكذا ! وعاودها‬
‫كربايؤها ‪ ،‬فقالت ‪:‬‬
‫‪ -‬أستطيع العودة إىل بلدي بسهولة ‪.‬‬
‫‪ -‬وهل حجزت لطائرة العودة ؟‬
‫كان سؤاله حادا‪ ..‬بشكل دفع كولني ‪،‬‬
‫اليت مل تكن معتادة على الكذب ‪ ،‬أن‬
‫ترد قبل أن تفكر ‪:‬‬
‫‪ -‬ال‪...‬‬
‫‪ -‬ولكن معك تذكرة العودة ؟‬
‫‪95‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫امحرار وجهها الفجائي أجاب عنها ‪،‬‬
‫وعلمت أنه عرف الرد ‪.‬‬
‫‪ -‬أستطيع أن أجد وظيفة ‪ ..‬عمل‪..‬‬
‫أان‪..‬‬
‫‪ -‬وهل كنت تتوقعني أن يدفع لك‬
‫شقيقك مثن تذكرة العودة ؟‬
‫‪ -‬من ماله اخلاص وليس من مال إيز‪...‬‬
‫خطيبته السابقة‪.‬‬

‫‪96‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬يبدو يل ‪ ،‬سنيوريتا شادو‪ ،‬أنك يف‬
‫مأزق‪.‬‬
‫‪ -‬أنت ذكي حىت تستطيع استنتاج هذا‬
‫!‬
‫‪ -‬ال أعتقد أن من احلكمة أن تتكلمي‬
‫معي هبذه اللهجة سنيوريتا ‪.‬‬
‫‪ -‬وما السبب ؟‬
‫‪ -‬السبب ‪ ،‬اي كولني شادو ‪ ،‬هو أنين‬
‫أستطيع أن أضمن لك أن ال يوظفك‬
‫‪97‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫أحد هنا ويف نفس الوقت هناك فرصة‬
‫أبن أفكر أان بتوظيفك‪.‬‬
‫وأجفلت ‪ ،‬ونظرت إليه لرتى إذا كان‬
‫جادا ‪ ،‬وأحست بكراهيتها لنفسها ‪،‬‬
‫فهذا الرجل هو آخر شخص قد تفكر‬
‫ابلعمل له ‪ ،‬ومع ذلك فهي فعال يف‬
‫مأزق وحتتاج إىل املال ‪ ,‬فعليها إذن أن‬
‫تتنازل عن كربايئها لتفهم منه املزيد ‪:‬‬
‫‪ -‬وما نوع هذا العمل ؟‬
‫‪98‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬ما نوع العمل الذي كنت متارسينه يف‬
‫إنكلرتا؟‬
‫تدبري املنزل ‪ ،‬عمل إعتادته بشكل‬
‫طبيعي ‪ ،‬إذ مل يكن لديها خيار آخر ‪.‬‬
‫فما من مدبرة منزل استخدمها والدها يف‬
‫السنوات األوىل بعد وفاة والدهتا‬
‫استطاعت أن تتعايش مع طريقة حياته‬
‫ملدة طويلة ‪.‬‬

‫‪99‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وهكذا اضطرت ملمارسة هذا العمل‬
‫بشكل طبيعي ‪.‬‬
‫‪ -‬مل أكن أعمل ‪..‬‬
‫‪ -‬وهل كنت تفضلني العيش بكسل ؟‬
‫وما نوع العمل الذي تفكرين به لكسب‬
‫املال ألجل تذكرة عودتك إىل إنكلرتا ؟‬
‫‪ -‬مدبرة منزل ‪ ..‬يف الفندق‪ ..‬أي‬
‫شيء‪ .‬فاملركز ليس مهما‪.‬‬

‫‪100‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وساد صمت ‪ ،‬بدا خالله مستغرقا يف‬
‫التفكري ‪ .‬مث وكأنه اختذ قراره ‪ ،‬قال وهو‬
‫يلقي األوامر عليها ‪ ،‬بطريقة متعالية‪:‬‬
‫‪ -‬ارجعي مالك إىل جيبك ‪ ,‬ستحتاجني‬
‫إليه وإىل الكثري غريه‪ ،‬سنتناول الغداء‬
‫أوال‪ ..‬مث سأصحبك معي إىل "دورانغو"‪.‬‬
‫‪ -‬دورانغو ؟‬

‫‪101‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬حيث أعيش ‪ ..‬لقد قلت لك هذا‬
‫من قبل ‪ .‬لقد قلت إنك راغبة يف العمل‬
‫كمدبرة منزل ‪ ،‬ولدي العمل املناسب ‪.‬‬
‫‪ -‬العمل املنزيل ؟‬
‫شعرت ابالمشئزاز منه ‪ ،‬ولكنها كانت‬
‫مستعدة للتمسك أبي شي مع أن قليال‬
‫من احلذر منعها من الذهاب معه دون‬
‫أن تعرف املزيد‪.‬‬

‫‪102‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬وهل كنت أتملني بعمل أقل حقارة‬
‫من هذا رمبا ؟‬
‫وهكذا مل يتخلى عن سخريته لوقت‬
‫طويل ‪ ،‬وإذا كان كربايؤها قد أزعجه ‪،‬‬
‫فهاهو يستعيد كربايءه وهو ينظر إليها‬
‫من طرف أنفه ويقول ‪:‬‬
‫‪ -‬رمبا فكرت أبن عملك يف الفندق ‪،‬‬
‫قد يتيح لك مقابلة شخص ثري كما‬
‫فكر شقيقك أن يفعل ؟ هل ختشني أن‬
‫‪103‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ال تكسيب يف النهاية أكثر من أجرة‬
‫سفرك عائدة إىل بالدك ؟‬
‫وردت حبدة وبرود‪:‬‬
‫‪ -‬أان ال أخشى العمل الشاق ‪ .‬وكل ما‬
‫أطلبه أن أعرف املزيد من املعلومات عن‬
‫العمل الذي سأقوم به ‪ .‬فأان ال أعرف‬
‫عنك الكثري سنيور ‪ .‬وأظن أنك توافق‬
‫معي أن من الطبيعي أن أرغب يف ‪...‬‬

‫‪104‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أتظنني أنين سآخذك إىل منزيل ‪. .‬‬
‫لتنفيذ هدف آخر معك ؟ امسحي يل أن‬
‫أقول لك ابلنسبة لذوقي يف النساء ‪،‬‬
‫أحبهن مع حلم أكثر على أجسادهن‪.‬‬
‫وكانت مضطرة لتجاهل إهانته حول‬
‫جسدها النحيل ‪ ،‬حىت ولو كانت تظن‬
‫أن جسدها ليس سيئا هلذه الدرجة ‪،‬‬
‫وقالت له‪:‬‬

‫‪105‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬مل يتبادر إىل ذهين للحظة أن أفكارك‬
‫ستتجه هذا اإلجتاه ‪ ،‬وإذا كنت قد قلت‬
‫شيئا ‪ ,‬فألنين أريد أن أفهم ملاذا تريدين‬
‫مدبرة ملنزلك ‪ ،‬بينما حنن ال حنب بعضنا‬
‫كما هو واضح ‪ .‬ولكن ما يهمين أكثر‬
‫هو‪ ..‬هل ستوافق زوجتك على أن‪..‬‬
‫‪ -‬ليس لدي زوجة ‪.‬‬

‫‪106‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫تصرحيه الفظ جعلها تنظر إىل عينيه‬
‫الزرقاوين غري العاديتني‪ .‬ومن نظرته ‪،‬‬
‫بدا سعيدا ألنه أعزب ‪.‬‬
‫‪ -‬وهل سأعيش معك يف املنزل ؟‬
‫ومتنت من كل قلبها أن ال يقول نعم ‪،‬‬
‫وأن ال تكون مضطرة للسكن معه‬
‫لوحدمها‪ .‬فهو يكرهها ملا فعله رااين‬
‫لعائلته ‪ ،‬ويكرهها القتناعه أهنا أتت إىل‬

‫‪107‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫املكسيك لرتى ما إذا استطاعت‬
‫احلصول على شيء ‪،‬‬
‫وتعلم أبهنما سيتشاجران كلما فكر‬
‫ابملوضوع ‪ ،‬وألهنا امتلكت حريتها حديثا‬
‫‪ ،‬فليست مستعدة أن تنتقل من ظلم‬
‫والدها واستبداده ‪ ،‬إىل حتت حكم هذا‬
‫املستبد اجلديد ‪ ،‬وقال هلا ‪:‬‬
‫‪ -‬ستعيشني معي حتت سقف واحد ‪،‬‬
‫ولكن سيكون معك من يرافقك ‪ ،‬إن‬
‫‪108‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫كان هذا ما يقلقك ‪ ،‬فمدبرة منزيل‬
‫تعيش هناك مع زوجها ‪ ..‬وطاملا لن‬
‫أنسى أن األرنب السمني أفضل من‬
‫النحيل ‪ ..‬ميكنك أن تنامي وانت‬
‫مراتحة ‪ ،‬سنيوريتا ‪ .‬وستكون تينا ‪،‬‬
‫وزوجها امادو منزعجني كثريا إذا حدث‬
‫شيء شرير يف املنزل‪.‬‬
‫املزيد من اإلهاانت ! واملزيد من‬
‫التأكيدات أبهنا آخر إمرأة يف الدنيا قد‬
‫‪109‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫يفكر هبا ‪ .‬إهنا تعرف القليل عن‬
‫الرجال‪ ،‬ولكنها ليست غبية كي ال متيز‬
‫نظرة اإلعجاب عندما تراها ‪ .‬ولكن ما‬
‫يزعجها أن جوليانو حياول تدمري ثقتها‬
‫بنفسها‪ .‬ولن تقول له إن كربايؤها انبع‬
‫من خجلها الطبيعي ‪ ،‬وأهنا ألكثر من‬
‫مرة أرادت أن تكون ودودة مع الناس ‪،‬‬
‫وأن عفويتها تنبع من حتفظها ‪ .‬وأهنا فقط‬
‫هنا يف املكسيك ويف الباص الذي أتى‬
‫‪110‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫هبا إىل هنا بدأت خترج من عزلتها ‪ ،‬وبقي‬
‫صامتا ليرتك هلا جماال للتفكري ‪ ،‬مث قالت‬
‫‪:‬‬
‫‪ -‬وهل أفهم من هذا أن علي أن أقوم‬
‫ابألعمال الصعبة يف منزلك ؟‬
‫‪ -‬ستعملني هناك وتنامني هناك‪ ..‬أجل‪.‬‬
‫وابتسم ‪ ،‬فأشاحت بنظرها بعيدا فهناك‬
‫معىن عميق يف هذه االبتسامة الساخرة ‪.‬‬
‫إن ما من أحد ميكنه أن يزعجه وينجو‬
‫‪111‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫بفعلته ‪ ،‬وإنه ستكون له الكلمة األخرية‬
‫يف الدين الذي على أخيها لعائلته‪ ،‬فهو‬
‫يظنها سيدة كسولة ال تعرف طرف‬
‫الفرشاة من قبضتها ‪،‬‬
‫وسيكون مسرورا جدا لرؤيتها جاثية على‬
‫ركبتيها تنظف األرض‪..‬‬
‫وقال هلا‪:‬‬
‫‪ -‬العمل الذي عندي لك ايكولني‬
‫شادو ‪ ،‬هو تنظيف كامل للمنزل الذي‬
‫‪112‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫سيسكنه املراقب اجلديد الذي أتوقع‬
‫قدومه بعد وقت قصري ‪.‬‬
‫وابتسمت له كولني ‪ ،‬فالعمل املنزيل‬
‫وهي صديقان منذ زمن بعيد ‪.‬‬
‫‪ -‬ولكنين ال أتوقع أن أيخذ هذا مين‬
‫وقتا طويال ‪ ،‬وأان لن أستطيع احلصول‬
‫على أجرة سفري منك لقاء عمل أقل‬
‫من أسبوع ‪.‬‬

‫‪113‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وجاء دوره يف االبتسام ‪ ،‬وتالشت‬
‫ابتسامتها أمامه ‪:‬‬
‫‪ -‬إذا حدث وأنتهى هذا العمل وكنت‬
‫راضيا عنه ‪ ،‬قبل أن تكسيب ما يكفيك ‪،‬‬
‫فما من شك أبنين سأوفر لك عمال‬
‫مماثال ‪.‬‬
‫وتكونت لدى كولني فكرة أبهنا سوف‬
‫تتجول يف كل بناء مقام على أرض‬
‫مزرعته ‪ ،‬قبل أن تقلع طائرهتا يف النهاية‬
‫‪114‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫إىل إنكلرتا وهي اليت كانت تظن أبن‬
‫والدها مستبد‪!...‬‬

‫‪115‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫الفصل الثالث‬
‫عمل‪ ...‬عمل‪...‬‬

‫تقع "دورانغو" على سفوح تالل "سيريا‬


‫مادري" ‪ .‬وهناك كلمة واحدة فقط ميكن‬
‫أن تصف املنطقة ‪ ،‬حيث ميتلك جوليانو‬
‫إنريكو مزرعته ‪ ،‬وهذه الكلمة هي ‪:‬‬
‫مجيلة !‬

‫‪116‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ووصال إىل "كواريتارو" يف طائرة خاصة‬
‫‪ ،‬مث استقال سيارة حلوايل ساعة ونصف‬
‫بعد أن وصال إىل عاصمة املقاطعة ‪.‬‬
‫يف الصباح التايل ‪ ،‬مل يكن لديها أي‬
‫مزاج للتفرج على مجال املنطقة ‪ ،‬وهو‬
‫يقود السيارة ابجتاه منزل املدير اجلديد‬
‫للمزرعة ‪ ،‬أو لتكون ممتنة للظروف اليت‬
‫أاتحت هلا أن ترى هذا اجلمال الرائع‪،‬‬

‫‪117‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫فكل ما كانت ترغب به ‪ ،‬أن خترج من‬
‫هنا ‪ ،‬أبسرع وقت ممكن ‪.‬‬
‫رب عملها ‪ ،‬كما تنظر إليه اآلن اجلالس‬
‫إىل جانبها بدا وكأن ليس لديه ما يقوله‬
‫هلا ‪ .‬و ابلكاد كان لطيفا معها منذ أن‬
‫وافقت على العمل عنده ‪.‬‬
‫ونظرا هلذه الظروف فضلت أن تبقى‬
‫ابردة معه‪ ..‬فاألشياء اليت قاهلا عن رااين‬
‫ال تزال تؤملها ‪ ،‬واألشياء اليت قاهلا وفكر‬
‫‪118‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫هبا عنها ليست مشجعة كي تتخلى عن‬
‫حتفظها الذي منا معها‪.‬‬
‫وتذكرت حلظة وصوهلما يوم أمس ‪ ،‬كيف‬
‫التفتت لتحضر حقائبها ولكنه قال هلا ‪:‬‬
‫‪ -‬اتركيها فسوف يوصلها أمادو إىل‬
‫غرفتك‪.‬‬
‫مث دخل إىل منزله ‪ ،‬اتركا إايها تتبعه‬
‫بسرعة ‪ ،‬خوفا من أن تضيع بعد دخلت‬

‫‪119‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ممرا يقود إىل العديد من االجتاهات ‪.‬‬
‫واندى‪:‬‬
‫‪ -‬تينا!‬
‫وظهرت إمرأة فوق اخلمسني بسنوات ‪،‬‬
‫لون بشرهتا بين فاتح ‪ ،‬كانت كولني قد‬
‫قرأت أنه يتولد من امتزاج الدم اهلندي‬
‫األمحر واألسباين ‪ ،‬وهو خيتلف عن بشرة‬
‫جوليانو انريكو ‪ ،‬الذي كان بلون‬
‫برونزي‪.‬‬
‫‪120‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وختلى رب عملها عن خشونته وهو‬
‫يتحدث مع تينا ابألسبانية ‪ ،‬والتقطت‬
‫كولني كلمة "سنيوريتا" وأتكدت أنه‬
‫يتحدث عنها ‪ ،‬مث التفت ليقدمهما‬
‫لبعضهما وبعد أن تصافحتا أكد هلا ما‬
‫كانت تظنه من أنه يتحدث عنها ‪:‬‬
‫‪ -‬تينا لديها غرفة جاهزة لك ‪.‬‬
‫وستأخذك إليها ‪ ،‬حنن سنتناول العشاء‬
‫بعد نصف ساعة ‪.‬‬
‫‪121‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وكانت على وشك اللحاق بتينا ‪ ،‬عندما‬
‫استوقفتها كلمة "حنن" ومل تعجبها الكلمة‬
‫‪ ،‬فسألته‪:‬‬
‫‪ -‬وهل سأتعشى مع ابقي املوظفني ؟‬
‫فنظر إليها هبذا التكرب الذي تكرهه‬
‫متاما‪:‬‬
‫‪ -‬سوف تتناولني وجباتك معي ‪.‬‬
‫‪ -‬ولكن‪...‬‬

‫‪122‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬وجودك يف املطبخ مع تينا سوف‬
‫حيرجها‪.‬‬
‫وأدركت أن عليها أن تتعلم الكثري بعد‬
‫عن العادات املكسيكية ‪ ،‬مبا أهنا خادمة‬
‫هنا فلماذا سيحرج وجودها يف املطبخ‬
‫أي أحد ‪.‬‬
‫شيء واحد تعرفه اآلن ‪ ..‬لقد أكتفت‬
‫متاما من تصرفات هذا املستبد ليوم‬
‫واحد ! أن جتلس عرب الطاولة يف‬
‫‪123‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫مواجهته فهذا أمر غري مستعدة لتحمله‬
‫‪ ،‬فقالت ‪:‬‬
‫‪ -‬أرجو أن تعذرين سنيور‪ ..‬ولكنين‬
‫لست جائعة‪.‬‬
‫‪ -‬ولكنك أكلت القليل عند الغداء‪.‬‬
‫‪ -‬شهييت دائما ضعيفة ‪.‬‬
‫وتفرس هبا من فوق لتحت ‪ ،‬وانتظرت‬
‫تعليقا ساخرا حول حنافتها ‪ .‬ولكنه أثبت‬

‫‪124‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫أنه سيد املفاجآت فقد فاجأها بقوله‬
‫بربود ‪:‬‬
‫‪ -‬اذهيب مع تينا ‪ ،‬إهنا ال تعرف‬
‫اإلنكليزية ‪ ،‬وإذا احتجت لشيء فتعايل‬
‫إيل ‪.‬‬
‫واستدارت كولني مبتعدة عنه ‪ ،‬سوف‬
‫تستطيع تدبري أمرها دون اال ضطرار‬
‫للجوء إليه ‪ ،‬ولكن إذا كان ال يطيق‬

‫‪125‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫حىت النظر إليها ‪ ،‬فلماذا يقرتح عليها أن‬
‫تراجعه ؟‬
‫الغرفة اليت اصطحبتها إليها تينا ‪ ،‬كانت‬
‫بيضاء ‪ ،‬ابردة ‪ ،‬واهلواء الناعم يتدفق من‬
‫النافذة املفتوحة ‪ ،‬وفيها سرير كبري على‬
‫الطريقة املكسيكية ‪ ،‬ومل متكث معها تينا‬
‫أكثر من ثواين ‪ ،‬وتلقت منها الشكر‬
‫دون أن تبتسم "غراتسيا تينا" وأجابتها‬
‫أبدب ابالسبانية ‪" :‬عن إذنك" وتركتها ‪.‬‬
‫‪126‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫بعد خروج تينا ‪ ،‬تفحصت احلمام‬
‫امللحق ابلغرفة ‪ ،‬ومل تستطع إال أن تفكر‬
‫أبن هذه الشقة فخمة جدا ابلنسبة‬
‫خلادمة للسنيور‪.‬‬
‫ولكن اي إهلهي كم هي تعبة ! لقد أرهقها‬
‫التعب عند وصوهلا إىل أرض املكسيك ‪،‬‬
‫وفكرت أن محاما سينعشها فدخلت إىل‬
‫احلمام وأغلقت الباب وراءها‪.‬‬

‫‪127‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫بعد خروجها من احلمام الذي أنعشها ‪،‬‬
‫الحظت أن حقائبها قد أدخلت إىل‬
‫غرفتها ‪ .‬وعندما أهنت فتح احلقائب‬
‫وتفريغها أحست ابلتعب اثنية ‪ ،‬وقررت‬
‫أن تنام ‪ .‬ولكنها اكتشفت أن مفاجآت‬
‫هذا اليوم مل تنته بعد‪.‬‬
‫فقبل أن تصل إىل السرير ‪ ،‬مسعت قرعا‬
‫على الباب ‪ ،‬ففتحته لتواجه وجه تينا‬
‫اجلامد وهي حتمل صينية ‪ ،‬ال بد أن‬
‫‪128‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫جوليانو إنريكو قد أرسل هلا العشاء‬
‫بقصد أن جيعلها تسمن ‪ ،‬فأخذت‬
‫الصينية ‪.‬‬
‫اهتمامه قد يعود إىل أنه يريد منها أن‬
‫تنفذ عمل يوم غد أكثر من رغبته يف‬
‫رؤية املزيد من اللحم عليها‪.‬‬
‫أوصلتهما رحلتهما ابلسيارة إىل منزل بدا‬
‫مهجورا ‪ ،‬وكأمنا مل يسكنه أحد منذ‬
‫سنوات ‪ .‬وخرجت من السيارة وتبعته ‪.‬‬
‫‪129‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وقال هلا ابختصار عندما تركته لتدخل‬
‫إىل املنزل ‪:‬‬
‫‪ -‬خذي هذا ‪.‬‬
‫فاستدارت كولني ‪" .‬هذا" كان صندوق‬
‫كرتون ‪ ،‬وأخذته منه ‪ ،‬مث وقفت تنتظر‬
‫بينما كان خيرج صندوقا أكرب وأثقل ‪،‬‬
‫وسلة طعام للنزهات‪ ،‬مث تناول مكنسة‬
‫طويلة اليد مل تالحظ وجودها من قبل ‪،‬‬
‫وقال هلا ‪:‬‬
‫‪130‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أظن أن لديك هنا كل أدوات‬
‫التنظيف اليت ستحتاجينها‪.‬‬
‫ونزع القفل اخلارجي عن ابب املنزل‬
‫الذي يعلم هللا وحده ما جياوره ‪ ،‬فهي مل‬
‫تستطع أن ترى منزال آخر على مدى‬
‫النظر ‪.‬‬
‫نظرهتا األوىل إىل داخل املنزل جعلت‬
‫معنوايهتا هتبط ‪ .‬فاملكان قذر جدا! وهي‬
‫اليت كانت تظن أن ابإلمكان تنظيفه يف‬
‫‪131‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫أقل من أسبوع! واستمرت تفكر بينما‬
‫كان جوليانو يتجول هبا من غرفة إىل‬
‫غرفة دون أن ينبس بكلمة واحدة ‪،‬‬
‫ستكون حمظوظة إذا استطاعت اهناء‬
‫عملها فيه ‪ ،‬كما تريد ‪ ،‬قبل شهر!‬
‫وقالت معلقة ‪:‬‬
‫‪ -‬مما رأيته من البيت يبدو أنين‬
‫سأكسب مثن تذكرة سفري مبشقة ‪.‬‬

‫‪132‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وكاان قد وصال إىل املطبخ حيث‬
‫الحظت الشحوم واألتربة على الطباخ‬
‫الذي بدا أنه حباجة ألايم لينظف ‪.‬‬
‫وظنت أهنا رأت االمشئزاز يف عينيه ‪،‬‬
‫ولكنها مل تستطع معرفة ما إذا كان هذا‬
‫بسبب حالة املكان أم بسببها ‪ .‬مع أهنا‬
‫الحظت نوعا من االعتذار يف كالمه‬
‫عندما قال ‪:‬‬

‫‪133‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬لقد أستخدم اللصوص هذا املنزل‬
‫كمقر هلم لعدة أسابيع بعد هروب‬
‫ساكنيه منه ‪ ...‬سآيت آلخذك عند‬
‫الساعة الرابعة ‪ .‬أبدأي العمل ‪.‬‬
‫وأين ستبدأ ؟ املكان كله قذر ‪ .‬وعادت‬
‫جتوب الغرف اثنية ‪ ،‬األوساخ منتشرة يف‬
‫كل مكان ‪ ،‬املفروشات فيه واليت عرفت‬
‫يف املاضي يدا حنونة تعتين هبا ‪،‬‬

‫‪134‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫أصبحت اآلن ابهتة ‪ ،‬ال حياة فيها ‪،‬‬
‫قذرة وملطخة ابلبقع ‪...‬‬
‫وبدأت كولني ‪..‬‬
‫اإلرهاق كان رفيقها بعد أن أهنت‬
‫الكنس من فوق إىل أسفل ‪ ،‬وهامجتها‬
‫نوبة سعال اضطرهتا للتوقف ‪.‬‬
‫ذكرى ما قاله املستبد "هل أنت خائفة‬
‫من تلويث يديك " كان حيفز يف أعقاهبا‬

‫‪135‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وجيعلها تتحرك لتعمل يف وقت كانت‬
‫أبمس احلاجة للجلوس‪.‬‬
‫ومللمت األوساخ اليت كنستها ‪ ،‬مث‬
‫فتحت الباب اخللفي ‪.‬‬
‫واستقبلتها أشعة الشمس الرباقة ‪،‬‬
‫فرتكت األوساخ يف اخلارج وجتولت قليال‬
‫حىت وصلت إىل انحية بدا هلا أن الغسيل‬
‫األسبوعي جيري فيها ‪ .‬كان هناك‬

‫‪136‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫مغسلتان كبرياتن وعميقتان ‪ .‬ولكن ال‬
‫يوجد مياه ساخنة ‪،‬‬
‫وقاومت شعورها ابلتعب ‪ ،‬وصعدت إىل‬
‫الغرف العليا وأنزلت الستائر من مكاهنا‬
‫ومحلتها إىل هناك لتضعها يف املاء ‪.‬‬
‫بعد أن أهنت غسيل الستائر ‪ ،‬وخالل‬
‫بضع ساعات ‪ ،‬شعرت أبهنا على وشك‬
‫االهنيار ‪ ،‬وأصبحت حركاهتا ثقيلة ‪.‬‬

‫‪137‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وأعادت إقفال الباب اخللفي ‪ ،‬ونظرت‬
‫إىل ساعتها ‪ ،‬مث جلست ‪.‬‬
‫ومتسكت بذراعي املقعد اخلشيب حتتها‬
‫وأخذت الدنيا تدور هبا ‪ ،‬وفكرت أبهنا‬
‫قد تشعر حبال أفضل لو أحضرت‬
‫الطعام من السلة لتأكله ‪ ،‬ولكن الفكرة‬
‫جعلتها تشعر ابلغثيان ‪.‬‬
‫كان جيب أن تسرتيح لبعض الوقت ‪،‬‬
‫فرفعت قدميها على املقعد ‪ ،‬الطابق‬
‫‪138‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫العلوي بدأ أيخذ شكال حمددا ‪ ،‬وسوف‬
‫تركز على العمل هناك هذا األسبوع ‪.‬‬
‫وهذا ابلطبع يعين ‪ ،‬عندما حيضر‬
‫جوليانو بوجهه املتجهم عند الساعة‬
‫الرابعة سيظن أبهنا مل تفعل شيئا طوال‬
‫اليوم سوى الكنس يف الغرف السفلى ‪،‬‬
‫ولكنها تعرف أن شكوكه سوف تدفعه‬
‫لتفحص املكان ‪ ،‬وسيعرف عندها أهنا مل‬
‫تتوقف حىت لتناول الغذاء‪.‬‬
‫‪139‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وأجفلت ‪ ،‬بعد أن أدركت أهنا ال بد قد‬
‫غفت لثوان ‪ ،‬وفتحت عينيها ‪ .‬وعال‬
‫الدم إىل وجهها ‪ ،‬ونظرت إىل ساعتها‬
‫بسرعة ‪ ،‬مث إىل الوجه املتجهم للرجل‬
‫الذي دخل بصمت بينما كانت تغفو!‬
‫فشهقت قائلة ‪:‬‬
‫‪ -‬أان‪ ..‬إهنا الثالثة والنصف فقط!‬
‫‪ -‬وأنت أيتها الكسولة املثالية ‪ ،‬مل‬
‫تكوين تتوقعني قدومي قبل الرابعة ‪.‬‬
‫‪140‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬ولكن ‪ ..‬أان‪..‬‬
‫والحظت أنه غري مهتم بتفسرياهتا ‪ ،‬وغري‬
‫مهتم ابلبحث عن أثر مما تراه عيناه‬
‫حوله‪ ،‬وقال حبدة‪:‬‬
‫‪ -‬تعايل‪..‬‬
‫وبدا أنه سيجذهبا من مكاهنا ابلقوة إذا مل‬
‫تقف ‪ .‬وقال ساخرا‪:‬‬

‫‪141‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬إذا كنت ستعملني بنفس السرعة اليت‬
‫عملت هبا اليوم فلن تكسيب مثن‬
‫تذكرتك أبداً اي كولني شادو‪.‬‬
‫عندما وصال إىل املنزل كان غضبها قد‬
‫اخنفض قليال ‪ .‬وصممت أن تعمل يف‬
‫الغد إىل أن تنهار ‪ ،‬كي تستطيع مغادرة‬
‫هذا املكان املعادي يف أقرب فرصة ‪.‬‬
‫ودخلت املنزل من ابب املطبخ لتضع‬
‫سلة الطعام ‪ .‬والتفتت فتاة يف مثل سنها‬
‫‪142‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫من غسل الصحون ‪ ،‬وكانت طفلة‬
‫سوداء الشعر تتعلق هبا فدفنت الطفلة‬
‫وجهها يف تنورة الفتاة على الفور ‪.‬‬
‫وتوقف جوليانو ‪ ،‬فاضطرت للوقوف‬
‫أيضا ‪ .‬ومسعت ذكر اسم تينا وهو‬
‫يتحدث إىل الفتاة وكلمة "سيستا"‬
‫ومخنت أبنه يسأل ما إذا كانت تينا‬
‫تراتح ‪ .‬وأجابته الفتاة ‪:‬‬
‫‪ -‬سي سينور‪.‬‬
‫‪143‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬بونيو‪.‬‬
‫و انتبه عندها فقط أن كولني معه‬
‫فقدمها للفتاة ‪ ،‬اميا وطفلتها بيال ‪،‬‬
‫وابتسمت اميا على الفور وهي تصافح‬
‫كولني ‪ ،‬وشعرت حبرارة مصافحتها ‪،‬‬
‫وازدادت حرارة ابتسامة كولني عندما‬
‫مدت الطفلة يدها هلا ‪ ،‬حسب تعليمات‬
‫أمها ‪ ،‬فاالبتسامات تتخطى حواجز‬
‫اللغة ‪ ،‬وكررت الفتاة وراء أمها ‪ :‬موتشو‬
‫‪144‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫غويستو سنيوريتا ( مسرورة كثريا‬
‫ايسنيوريتا ) ‪.‬‬
‫وكانت كولني تستقيم يف وقفتها بعد‬
‫احنناءها ملصافحة اليد الصغرية ‪ ،‬عندما‬
‫التقت بعيين جوليانو إنريكو حيدق هبا ‪،‬‬
‫فقد فهمت تفكريه أبنه جيد صعوبة يف‬
‫الرابط بني الفتاة الكسولة اليت وجدها‬
‫انئمة أثناء عملها وبني الفتاة اليت بدت‬
‫مسرورة لقضاء وقتها مع ابنة اخلادمة‬
‫‪145‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ ...‬واعتذرت من الفتاة ‪ ،‬مث غادرت‬
‫املطبخ ‪.‬‬
‫وساعدها احلظ فقط ‪ ،‬وليس احلكم‬
‫السليم لكي جتد طريقها إىل السلم مث إىل‬
‫غرفتها ‪ ،‬فهي مل تعتد بعد على املنزل‪.‬‬
‫والحظت فجأة أنه هنا ‪ ،‬وإىل جانبها‪.‬‬
‫وتوقفت ‪ ،‬فهو ليس ذاهبا إىل غرفته ‪،‬‬
‫فقد توقف أيضا ‪ ،‬وأحست ابلقلق ‪،‬‬
‫وحاولت أن تسيطر على الغضب الذي‬
‫‪146‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫جيتاحها فقد توقعت أن تسمع منه تعليقا‬
‫ال يرضيها وفكرت أبنه لو قال كلمة‬
‫واحدة عن العمل الضئيل الذي يظن‬
‫أبهنا قامت به اليوم ‪ ،‬فسوف تصفعه‪.‬‬
‫وأخذ الغضب يتصاعد أكثر وأكثر يف‬
‫نفسها بينما كان يتفرس هبا ‪ .‬مث قال‬
‫بشكل فاجأها وهو رجل املفاجآت‪:‬‬
‫‪ -‬يبدو عليك التعب ‪ .‬هل أقرتح عليك‬
‫أن تفعلي مثل تينا وتراتحي قليال ؟‬
‫‪147‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وذهلت هلذا التحول ‪ ،‬حىت كادت أن‬
‫تقتنع أبن توافق معه ‪ ،‬ولكنها مل تستطع‬
‫أن تنسى بسرعة أنه دعاها "ابلكسولة‬
‫املثالية"‪ ،‬وهذا ما زال حيز يف نفسها حىت‬
‫أهنا مل تشكره على اقرتاحه‪ .‬بل قالت‬
‫متسائلة بربود‪:‬‬
‫‪ -‬وهل هناك شيئا آخر؟‬
‫وشاهدت الربودة تعود إىل عينيه ‪ ،‬ومع‬
‫ذلك مل تندهش عندما أضاف‪:‬‬
‫‪148‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬العشاء عند الثامنة‪.‬‬
‫‪ -‬مع معرفيت أنين أكرر نفسي‪ ..‬أان‬
‫لست جائعة‪.‬‬
‫وظنت عندها أن كربايؤها أاثره بقدر ما‬
‫أاثرها كربايؤه‪ .‬والوميض السريع يف عينيه‬
‫أثبت أهنا ليست خمطئة ‪ .‬كذلك الطريقة‬
‫اليت أشتدت هبا قبضته اليمىن ‪ ،‬وعرفت‬
‫أبنه أيضا يود لو يصفعها ‪ .‬ورد عليها‬
‫بصوت ابرد‪:‬‬
‫‪149‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬إذا‪ ..‬انمي دون عشاء ‪ .‬لقد تناولت‬
‫وجبة جيدة اليوم ‪ ،‬وال أنوي الطلب من‬
‫تينا أن حتضر لك الطعام وحتمله إليك ‪.‬‬
‫وابتعد عنها ‪ ،‬قبل أن تتمكن من الرد‬
‫عليه‪.‬‬
‫ويف الصباح التايل ‪ ،‬عملت حىت بللها‬
‫العرق ‪ ،‬وفكرت أبن عليها أن تكون‬
‫ممتنة ألن جتد كل يوم مشمس مثل اليوم‬
‫الذي سبق‪.‬‬
‫‪150‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ولكنها أحست ابحلر الشديد ‪ ،‬وهي‬
‫مترر املكواة جيئة وذهااب فوق الستائر ‪،‬‬
‫اليت غسلتها يف اليوم السابق ‪ .‬وعاودها‬
‫اإلرهاق الذي أصبح اآلن مألوفا هلا ‪،‬‬
‫بعدما انتهت من الكوي ‪ ،‬واجتهت حنو‬
‫السلم لتنزل إىل املطبخ وحتضر ما تبقى‬
‫من الستائر املنشورة على احلبال ‪.‬‬
‫خطواهتا كانت تعبة وبليدة ‪ ،‬وصامتة ‪،‬‬
‫وغري قادرة على األستعجال ‪ ،‬وعندما‬
‫‪151‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وصلت إىل الردهة السفلى أحست‬
‫ابلصدمة ‪.‬‬
‫فالرجل الواقف هناك وظهره إليها هو‬
‫جوليانو إنريكو ‪ ،‬ومل تكن تعرف كم هي‬
‫الساعة اآلن ‪ ،‬وملاذا مل تسمع صوت‬
‫سيارته ‪ ،‬وملاذا مل تسمعه يدخل املنزل ‪.‬‬
‫وبدأ يستدير فنصبت كولني قامتها ‪،‬‬
‫ورفعت كتفيها عاليا ‪ ،‬ومل يفتها أنه كان‬
‫يتفحص ما فعلته اليوم ‪ ،‬أو ما مل تفعله‬
‫‪152‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫بعد ‪ ،‬ألهنا كانت قد قررت أن ترتك‬
‫العمل يف املطبخ إىل النهاية‪.‬‬
‫‪ -‬لقد عدت للعمل جبهد اثنية ‪ ،‬كما‬
‫أرى‪.‬‬
‫‪ -‬حنن الكسوالت املثاليات معروف أننا‬
‫ال نتحرك بسرعة الربق!‬
‫‪ -‬هل أزعجتك تلك املالحظة ؟‬
‫وتفحصت عيناه الزرقاوان شكلها‬
‫املشعث ‪ ،‬يبدو أنه يظن أبهنا كانت‬
‫‪153‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫انئمة يف الطابق العلوي ‪ .‬وأهنا جاءت‬
‫عندما مسعت صوت وصوله‪ ،‬فتابع‬
‫ساخرا‪:‬‬
‫‪ -‬من املؤسف أهنا مل تزعجك مبا فيه‬
‫الكفاية كي خترجك من كسلك‪.‬‬
‫‪ -‬هل لكل املكسيكيني هذه الشخصية‬
‫اللطيفة ‪ ،‬أم أن سحرك ال مثيل له؟‬
‫كم حتب أن ترى وجهه عندما يشاهد ما‬
‫فعلته يف الغرف العلوية ‪ .‬وتنمت لو إنه‬
‫‪154‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫يفعل ‪ ،‬ولكن أمنيتها ذهبت أدراج‬
‫الرايح‪..‬‬
‫وقال هلا حبدة وهو حيمل سلة الطعام‬
‫اليت مل تلمسها ‪:‬‬
‫‪ -‬غدا أتوقع أن أرى بعض التقدم‪.‬‬
‫‪ -‬وأية عقوبة سأتوقع إذا مل حيدث هذا؟‬
‫وكان جوليانو يسري ابجتاه الباب اخلارجي‬
‫‪ ،‬ولكن لدى مساع كلماهتا ‪ ،‬استدار‬
‫ونظر إليها ‪ .‬وعلمت عندها أنه نوع من‬
‫‪155‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫الرجال من احلكمة االبتعاد عن الصدام‬
‫معه‪.‬‬
‫‪ -‬لقد تغاضيت عن كسلك ألنين ظننت‬
‫أنك حتتاجني إىل يوم أو اثنني لتعتادي‬
‫على الطقس ‪ ،‬وقد مضى عليك اآلن ما‬
‫يكفي يف بالدي ‪ .‬وأان ال أرغب‬
‫ابألحتفاظ بك لتزيني هذا املكان ‪..‬‬
‫وغدا سنيوريتا شادو ‪ ،‬سوف تبدأين‬

‫‪156‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫العمل الفعلي ‪ ..‬حىت لو اضطررت‬
‫للبقاء هنا لإلشرف على عملك‪.‬‬
‫‪ -‬وماذا فعلت يف حيايت ألستحقك؟‬
‫وجتاهلها وتقدم حنو الباب وفتحه ‪ ،‬مث‬
‫قال ‪:‬‬
‫‪ -‬وهل أان حباجة ألن أقول لك إنك من‬
‫جلبت هذا لنفسك ألنك جشعة مثل‬
‫أخيك ؟‬

‫‪157‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ونظرت إليه نظرة جارحة ‪ ،‬وهو يقفل‬
‫الباب‪ ..‬اي إهلهي كم تكرهه! وبصمت‬
‫جلست إىل جانبه ‪ ،‬وأدار السيارة‬
‫وقادها بصمت‪ .‬وكاان على وشك‬
‫الوصول إىل املنزل عندما نظرت إىل‬
‫معصمها بشكل آيل لتعرف الوقت ‪،‬‬
‫فصاحت ‪:‬‬
‫‪ -‬ساعيت ‪ !.‬لقد تركتها يف الطابق‬
‫العلوي هناك‪.‬‬
‫‪158‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وألهنا مل ترد أن مين عليها بعودته جللبها‬
‫‪ ،‬أضافت بسرعة ‪:‬‬
‫‪ -‬ال يهم ‪ ..‬سآخذها يف الغد‪.‬‬
‫‪ -‬وهل ظننت أنين سأعود ألحضرها‬
‫لك؟‬
‫‪ -‬ما أظنه بك سنيور قد حيول اهلواء إىل‬
‫اللون األزرق ‪ ،‬لو مسعه أحد ‪.‬‬

‫‪159‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وأحست ابلغضب عندما أدركت أنه‬
‫بدال من أن ينزعج من كالمها استقبله‬
‫بشيء من السرور‪.‬‬
‫‪ -‬ال بد أنين أثرت فيك اي سنيوريتا ‪،‬‬
‫مهما كان نوع تفكريك يب‪.‬‬
‫وخرجت من السيارة بسرعة ‪ ،‬وأدركت‬
‫بعد أن فاجأهتا حلظة دوار ‪ ،‬أهنا مل ترد‬
‫عليه بعد ‪ ،‬وأمسكت مبقبض الباب ‪،‬‬
‫وحققت ما تريده بقوهلا ‪:‬‬
‫‪160‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬وأان ال أريد تناول العشاء معك الليلة‬
‫أيضا ‪ ،‬فأرجوك ال تطلب مين هذا‪.‬‬
‫‪ -‬مل أكن أنوي أن أطلب‪.‬‬
‫وسيطرت على أعصاهبا ‪ ،‬ولكن عندما‬
‫أصبحت داخل غرفتها اهنمرت الدموع‬
‫من عينيها ‪ ،‬وكل ما استطاعت عمله ‪،‬‬
‫أن جرت نفسها إىل الفراش واستلقت ‪.‬‬
‫مل تكن قد شعرت مبثل هذا التعب يف‬

‫‪161‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫حياهتا ‪ .‬وتركتها مالحظاته اجلارحة يف‬
‫حالة من االهنيار اجلسدي واملعنوي‪.‬‬
‫وسيطر عليها النعاس الشديد ‪ ،‬وكانت‬
‫تعبة لدرجة أهنا مل ختلع نعليها ‪.‬‬
‫فدفعتهما واحدة واحدة ‪ ،‬وتركتهما‬
‫يقعان على األرض ‪.‬‬
‫وبدا هلا أهنا مل تنم سوى دقيقة واحدة‬
‫عندما مسعت صوات يف غرفتها ‪ .‬وأرادت‬

‫‪162‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫أن ال تفتح عينيها ‪ ،‬وأن تستمر يف النوم‬
‫‪.‬‬
‫ولكن عقلها عارضها وجعلها تفتح‬
‫عينيها لرتى جوليانو إنريكو يقف انظرا‬
‫إليها ‪:‬‬
‫‪ -‬ال عجب أنك تعبة اي كولني ‪ .‬لقد‬
‫أتت اميا ملقابليت ‪..‬‬
‫‪ -‬اميا؟‬

‫‪163‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬لقد كانت قلقة ‪ ،‬فعندما أفرغت‬
‫حمتوايت سلة الطعام ‪ ،‬وجدت أنك مل‬
‫تتناويل سوى القليل من العصري وبعض‬
‫الدجاج ‪ ،‬وهذا كل ما دخل معدتك‬
‫اليوم‪.‬‬
‫‪ -‬مل‪ ...‬أكن جائعة ‪.‬‬
‫مث أخذ عقلها يعمل‪ ..‬إهنا تبدو خاضعة‬
‫ومعتدلة أكثر من اللزوم و لو استمرت‬
‫على هذه احلال ‪ ،‬فسوف تعود إىل‬
‫‪164‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫االستسالم دون جدال ‪ .‬متاما كما كانت‬
‫ترتاجع عن املواجهة مع والدها ‪..‬‬
‫فبدأت تستجمع قواها وتضيف بعض‬
‫احليوية إىل الشخصية اجلديدة اليت حتب‬
‫أن تكوهنا ‪.‬‬
‫مث أضافت حبدة ‪:‬‬
‫‪ -‬على كل األحوال أان لست جمربة على‬
‫تناول طعامك إذا مل أكن أرغب به‪.‬‬

‫‪165‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أهلذا السبب مل أتكلي شيئا يوم أمس‬
‫أيضا؟‬
‫وبدا اآلن يعتقد أن فقدان شهيتها‬
‫متعمدا ‪ .‬وقال إن اميا أخربته أبهنا مل‬
‫أتكل شيئا يوم أمس أيضا ‪ ،‬واتبع ‪:‬‬
‫‪ -‬حسنا‪ ..‬دعيين أقول لك شيئا‬
‫سنيوريتا ‪ .‬لقد أتيت بك إىل هنا لتعملي‬
‫‪ ...‬ولكي تعريف أنك لن حتصلي على‬

‫‪166‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫شيء دون مقابل ولكي تتعلمي الربح‬
‫عن طريق العمل الشريف ‪.‬‬
‫‪ -‬بكلمات أخرى من أجل ‪ ..‬فائدة‬
‫نفسي ‪.‬‬
‫‪ -‬سوف تلوثني يديك ‪ ،‬وال تكوين‬
‫خمطئة حول هذا األمر ‪ ،‬لذا إذا كنت‬
‫تفكرين بتجويع نفسك كي تكسيب‬
‫العطف عندما تنهارين من نقص التغذية‬
‫‪ ،‬ففكري ابألمر اثنية ‪ ،‬ستأكلني ولو‬
‫‪167‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫اضطررت إىل إطعامك بنفسي‪ ..‬أفهمت‬
‫هذا؟ أنت تعرفني موعد تناويل العشاء‪.‬‬
‫ونظر إىل معصمها الفارغ ‪ ،‬وخلع ساعته‬
‫ورماها على السرير‪ ،‬وبقي شيء واحد‬
‫لريميه يف وجهها‪ .‬فصاح‪:‬‬
‫‪ -‬وكوين هناك!‬

‫‪168‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫الفصل الرابع‬
‫ال تكن قاسيا!‬

‫ظلت كولني جالسة يف مكاهنا فرتة طويلة‬


‫‪ ،‬بعد أن خرج جوليانو‪ .‬ونظرت إىل‬
‫الساعة اليت رماها هلا‪ .‬كانت ساعة مثينة‬
‫‪ ،‬كما الحظت دون كثري من األهتمام‪،‬‬
‫ولكنها كانت تقول هلا إن أمامها أقل من‬

‫‪169‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ساعة لتقرر إذا كانت ستنضم إليه على‬
‫املائدة هذه الليلة ‪.‬‬
‫كانت تعلم ملاذا يريد أن جيربها على‬
‫تناول الطعام ‪ ،‬فلن يكون لديها الطاقة‬
‫الالزمة كي ختترب "العمل الشريف"‪ ..‬إهنا‬
‫ال تشعر ابجلوع فعال ‪ ،‬وليس لديها‬
‫شهية ‪ ،‬وهذا واقع واضح ‪ .‬ولكن هذا‬
‫املستبد املكسيكي املتغطرس لن يتقبل‬
‫هذا‪.‬‬
‫‪170‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وتذكرت نظرته إليها عندما كانت‬
‫تستيقظ ‪ ،‬ولكنها مل ترغب يف أن تتذكر‬
‫أنه مل يكن هناك قسوة يف عينيه ‪ ،‬بل‬
‫شيء قريب من الدفء‪ .‬الدفء!‬
‫وضحكت ‪ ..‬هذا مستحيل ‪.‬‬
‫ومع ذلك فقد كانت هناك فكرة تقول‬
‫هلا إنه يستطيع أن حيادثها دون أن حياول‬
‫إهانتها ‪.‬‬

‫‪171‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وكأمنا استيقظت فعال اآلن ‪ ...‬فنزلت‬
‫عن السرير وذهبت لتنظر خارج النافذة‬
‫‪ .‬وأتملت طويال شجرة اخلوخ اليت تنمو‬
‫خارج غرفتها متاما‪ .‬مث حتركت حنو‬
‫خزانتها ‪ ،‬وهي تشعر بكراهية أكثر له ‪،‬‬
‫سوف تتناول العشاء معه ‪ ،‬إذ يبدو أهنا‬
‫جمربة ‪ .‬إذا كان يظن أبنه سيتنعم طويال‬
‫مفكرا أنه هزمها ‪ ،‬فعليه أن يفكر اثنية!‬

‫‪172‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫عند الثامنة متاما ‪ ،‬حسب ساعة جوليانو‬
‫اليت يف معصمها ‪ ،‬تركت الغرفة ‪ .‬واثقة‬
‫أن فستاهنا الطويل دون أكمام يناسبها‬
‫متاما ‪ ،‬فقد أخربهتا املرآة هبذا‪.‬‬
‫وتوقعت أن تشاهد رفيقها ال يزال‬
‫غاضبا كما رأته آخر مرة ‪ ،‬ولكنها‬
‫أخفت دهشتها عندما حياها إبجيابية‬
‫أكرب ‪.‬‬

‫‪173‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬هل ترغبني يف شراب قبل الطعام اي‬
‫كولني ؟‬
‫إذا‪ ..‬لقد عادت "كولني" اثنية ‪،‬‬
‫وخلعت الساعة وأعطتها له ‪:‬‬
‫‪ -‬ال‪ ..‬شكرا سنيور ‪.‬‬
‫‪ -‬امسحي يل إذا أن أرافقك إىل غرفة‬
‫الطعام ‪ .‬تينا تنتظر أن تقدم العشاء ‪.‬‬
‫كان وجه تينا دون ابتسام عندما صبت‬
‫هلا احلساء يف طبقها ‪ .‬ومل تكن كولني‬
‫‪174‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫تنتظر أن تبتسم هلا ‪ ،‬ولكن على األقل‬
‫أن تبتسم ملخدومها ‪ ،‬وهذا ما مل تفعله ‪.‬‬
‫ورغم أهنا مل تكن تشعر ابجلوع ‪ ،‬فقد‬
‫رفعت ملعقة من احلساء إىل فمها ‪ .‬وكان‬
‫احلساء لذيذا ‪ .‬وتناولت ملعقة أخرى ‪،‬‬
‫مث دخلت تينا اثنية ومعها طبق نسيت‬
‫وضعه على املائدة ‪ ،‬ومسعت جوليانو‬
‫يقول هلا شيئا ابإلسبانية ‪ ،‬وأحست أن‬
‫شهيتها قد غادرهتا بعد أن شاهدت تينا‬
‫‪175‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫تبتسم وهي ترد عليه ‪ .‬فوقعت امللعقة‬
‫من يدها‪.‬‬
‫‪ -‬أمل يعجبك احلساء ؟‬
‫إن له عينا صقر تراقباهنا! وردت عليه‬
‫أبدب‪:‬‬
‫‪ -‬احلساء لذيذ ‪.‬‬
‫‪ -‬ملاذا ال تتناولينه كله إذا ؟‬

‫‪176‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬ألن شهييت لألكل ضعيفة ‪ ،‬لقد قلت‬
‫لك هذا ‪ .‬أظن أن علي ترك جمال ملا‬
‫سيتبع احلساء ‪.‬‬
‫ما تبعه كان أشهى حلم مشوي "ستيك"‬
‫عرفته‪ ،‬قدمت معه السلطة ‪ .‬فقالت قبل‬
‫أن تستطيع الرتاجع ‪:‬‬
‫‪ -‬لقد كنت أظن أن الطعام املكسيكي‬
‫يقدم عادة مع الكثري من الفلفل احلار‪.‬‬

‫‪177‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬وأان ظننت أن األفضل لك أن أتكلي‬
‫الطعام الذي تعودت عليه ‪ ،‬طاملا‬
‫شهيتك حباجة لتشجيع‪.‬‬
‫‪ -‬وهل جعلت تينا حتضر وجبة إنكليزية‬
‫خاصة يل ؟‬
‫‪ -‬كانت مسرورة هلذا‪ .‬ولقد هنأهتا على‬
‫احلساء على الطريقة اإلنكليزية ‪.‬‬
‫إذا هلذا ابتسمت له تينا ‪ ،‬فكل موظف‬
‫حيب أن ميدحه رب عمله على عمله‬
‫‪178‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫اجليد ‪ .‬لكنها جيب أن تنتظر طويال قبل‬
‫أن ميدح عملها ‪.‬‬
‫ابلطبع هي ليست حباجة ملدحيه‪..‬‬
‫والحظت أنه يراقب عدم حترك السكني‬
‫والشوكة يف يديها فقطعت قطعة صغرية‬
‫من اللحم ‪ .‬لقد تعبت تينا كي حتضر‬
‫هذا الطعام اخلاص ‪ ،‬لذا ‪ ،‬ومن أجلها ‪،‬‬
‫وضعت قطعة اللحم يف فمها‪.‬‬

‫‪179‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أخربيين شيئا عن حياتك يف إنكلرتا اي‬
‫كولني ‪.‬‬
‫كانت تتوقع وجبة طعام دون كالم ‪،‬‬
‫فأدهشها سؤاله ولكنها أجابت أبدب ‪:‬‬
‫‪ -‬ليس هناك الكثري ألقول لك سينور‪.‬‬
‫‪ -‬إذا أخربيين عن القليل املوجود‪،‬‬
‫وانديين جوليانو ابملناسبة ‪.‬‬
‫لقد قلت إنك مل تكوين تعملني يف‬
‫إنكلرتا؟‬
‫‪180‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬آه‪ ..‬ال‪..‬‬
‫كانت ال تزال مستغربة لتنازله من عليائه‬
‫وطلبه منها أن تناديه ابمسه األول ‪،‬‬
‫وخاصة أن ابقي عماله يدعونه‬
‫"السنيور"‪.‬‬
‫‪ -‬حسنا‪ ..‬أان‪..‬‬
‫وسعلت ‪ .‬ومتلكها الرعب من أهنا سوف‬
‫تستغرق يف إحدى نوابهتا حىت تدمع‬

‫‪181‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫عيناها وتنقطع أنفاسها ‪ .‬ولكن هذا مل‬
‫حيدث ‪ ،‬وابتسمت له ابرتياح‪:‬‬
‫‪ -‬لقد عشت يف منزل كبري للغاية مع‬
‫والدي ‪.‬‬
‫ومل تعد تبتسم ‪ ،‬إذ أهنا مل تتذكر فقط كم‬
‫كان والدها مثريا للمشاكل معها ‪ .‬بل‬
‫أيضا كيف أهنا وهي يف الثالثة والعشرين‬
‫قد اختصرت كل حياهتا هبذه الكلمات‬
‫القليلة ‪.‬‬
‫‪182‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫لقد عاشت يف ذلك املنزل الذي يشبه‬
‫القرب الضخم مع والدها ‪ ،‬وهذا كان كل‬
‫حياهتا ووجودها وأخرجها سؤال جوليانو‬
‫التايل من أفكارها البائسة ‪:‬‬
‫‪ -‬أمل يكن لديك أم ؟‬
‫‪ -‬ال‪ ..‬لقد توفيت وأان يف السابعة‪.‬‬
‫‪ -‬وهل سيكون والدك وحيدا دونك ؟‬
‫بوجود آغي ابركر أو بدوهنا ‪ ،‬فهو لن‬
‫يشعر أبدا ابلوحدة ‪ .‬ولن يكون أكثر‬
‫‪183‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫سعادة لو علم أهنا أختفت عن وجه‬
‫األرض‪ .‬لن يفتقدها أحد‪.‬‬
‫‪ -‬سوف يتزوج اثنية عن قريب‪.‬‬
‫‪ -‬أوه ‪ ..‬هلذا إذا قررت ترك إنكلرتا ‪..‬‬
‫فأنت مل حتيب زوجته املستقبلية ‪ ..‬أنت‬
‫تغارين منها‪.‬‬
‫أغار منها! كم هو خمطئ ‪ ،‬فوصول آغي‬
‫ابركر أاتح هلا فرصة اخلالص ‪ .‬إهنا ال‬
‫حتبها ‪ ،‬ولكن ليس بدافع الغرية ‪،‬‬
‫‪184‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وستكون دائما ممتنة هلا ‪ ،‬فبسببها‬
‫حصلت على حريتها ‪ ...‬وتطلعت‬
‫ابلرجل الذي كان يتفرس هبا ومنعت‬
‫ضحكة هستريية من األنطالق ‪ ...‬أية‬
‫حرية هذه! فعندما تكون تذيب أصابعها‬
‫حىت العظام يف العمل هلذا املستبد ‪،‬‬
‫فهي ما زالت عبدة له كما كانت لوالدها‬
‫‪.‬‬

‫‪185‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬ظننت أبنك اختذت قرارا حول سبب‬
‫مغادريت إنكلرتا ‪ ،‬وال تقل يل إنك غريت‬
‫رأيك واقتنعت اآلن أنين مل أجئ إىل هنا‬
‫ألنشب خماليب فيما قد أستطيع احلصول‬
‫عليه؟‬
‫وأحست فجأة أبهنا اكتفت ‪ ،‬وغادرهتا‬
‫شهيتها ‪ ،‬فوقفت ‪.‬‬
‫‪ -‬ولكنك مل ِ‬
‫تنه طعامك بعد‪.‬‬

‫‪186‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ووقف بدوره ‪ .‬وطوله الفارع يغطي عليها‬
‫وهو مينعها من اخلروج ‪ ،‬القسوة يف عينيه‬
‫ذكرهتا ابيزابيال وكيف هجرها شقيقها‬
‫املخادع ‪ ،‬ونظر إىل قطعة اللحم اليت مل‬
‫تنهها بعد مث عاود النظر إليها ‪ ،‬فقالت‬
‫بعناد ‪:‬‬
‫‪ -‬لقد أكلت كل ما أستطيعه‪.‬‬
‫وعلمت أبنه سيجرها لتعاود اجللوس إذا‬
‫مل تفعل بنفسها ‪.‬‬
‫‪187‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬إذا تناولت املزيد سوف أحس‬
‫ابلغثيان ‪.‬‬
‫واختفت قسوته فورا‪ .‬ومد يده ليمسك‬
‫بذراعها ويسندها قائال ‪:‬‬
‫‪ -‬وهل أنت مريضة ؟ لقد فكرت من‬
‫قبل بشحوبك‪...‬‬
‫وردت عليه جبفاء‪:‬‬
‫‪ -‬مل أشعر أبنين أفضل حاال يف حيايت ‪.‬‬
‫ولكنين سأشعر أفضل بعشر مرات لو‬
‫‪188‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫تركت ذراعي ومسحت يل ابلذهاب إىل‬
‫غرفيت ‪.‬‬
‫وهي تتكلم كانت تفكر أن ليس هناك‬
‫أمل أبن يفعل ما طلبت منه لذا ‪،‬‬
‫وعندما ترك ذراعها ‪ ،‬وقفت دون حراك‬
‫‪ .‬بينما أخذت عيناه الزرقاوان تتفحصان‬
‫شحوب وجهها‪.‬‬
‫‪ -‬ال يبدو عليك ‪...‬‬
‫‪ -‬ليلة سعيدة اي سنيور‪.‬‬
‫‪189‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ومل ترغب يف البقاء حلظة أخرى لتسمع‬
‫ما سيقول حىت ال يغري رأيه ‪ .‬وجتاوزته‬
‫لتخرج ‪ ،‬فناداها‪:‬‬
‫‪ -‬كولني!‬
‫وتوقفت عند السلم ‪ ،‬وأبقت ظهرها إليه‬
‫حىت ال يرى عينيها املبللتني ابلدموع‪،‬‬
‫فتابع‪:‬‬
‫‪ -‬سنخرج يف وقت متأخر غدا صباحا‪.‬‬

‫‪190‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وأخذت تفكر وهي مستلقية يف الفراش‬
‫‪ ،‬من أين ستجد القوة الالزمة لتعلق‬
‫الستائر يف الغد‪.‬‬
‫وأيقظتها نوبة سعال يف الليل ‪ ،‬وتركتها‬
‫مقطوعة النفس تشهق ‪ ،‬جيب أن يكون‬
‫سعاهلا قد تالشى اآلن ولكن مبا أهنا‬
‫منزوية لوحدها داخل ذلك املنزل فهي مل‬
‫تتعرض كثريا للشمس اليت أمرها الطبيب‬
‫أن تعرض نفسها هلا‪.‬‬
‫‪191‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وأرهقها السعال ‪ ،‬فاستلقت اثنية ‪،‬‬
‫وبدأت على الفور ابلسعال من جديد‬
‫وأحست ابلتعب ‪ ،‬فجلست يف الفراش‬
‫وهي مبللة ابلعرق‪.‬‬
‫فرفعت األغطية عنها ‪ ،‬وقد شعرت‬
‫حباجة ملحة لبعض عصري الليمون‬
‫الساخن ‪ ،‬فهذا أوقف السعال من قبل‬
‫‪ ،‬سوف تنظف كل شيء من ورائها ولن‬
‫حتس تينا أبهنا كانت يف املطبخ ‪.‬‬
‫‪192‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫واستندت إىل ابب غرفتها حماولة إيقاف‬
‫السعال قبل أن تفتحه‪.‬‬
‫وغطت فمها بيدها ‪ ،‬وذهبت إىل املطبخ‬
‫حيث أضاءت النور وأغلقت الباب ‪،‬‬
‫ولكن قبل أن تبحث عن الليمون‬
‫جلست قليالً وأحست ابلتعب‬
‫واإلرهاق‪ ،‬وابلسرور ألن أحدا ال يراها‬
‫وهي على هذا احلال‪ .‬كرامتها تطالبها‬
‫أبن ال يعرف جوليانو أي شيء عن هذا‬
‫‪193‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ ،‬فسيقول أبهنا تسببت به لنفسها ألهنا‬
‫ال أتكل جيدا ‪ ،‬وشعرت برأسها يدور‪.‬‬
‫وأجربت نفسها على ترك الكرسي ‪،‬‬
‫فهي حباجة إىل قدر ما تستطيع من النوم‬
‫كي تكون مستعدة لعمل الغد ‪ ،‬ولكنها‬
‫مل تبتعد سوى خطوات عندما فتح الباب‬
‫وراءها فالتفتت بسرعة ‪.‬‬
‫ومن خالل نظرها الغائم رأت الرجل‬
‫الذي مل ترد أن يعرف ما حيدث هلا ليال ‪،‬‬
‫‪194‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ولكن كلمة "اي إهلهي" اليت خرجت منه‬
‫بعد أن رآها أعطتها فكرة أبنه مل يكن‬
‫سعيدا مبا رآه‪.‬‬
‫وبدأت ترتنح ‪ ،‬ووجدت راحة كبرية‬
‫عندما ‪ ،‬وخبطوة واسعة ‪ ،‬وصل إليها‬
‫وأمسك هبا ‪ ،‬وتعلقت به بضعف ‪،‬‬
‫وأسندت جسدها عليه إىل أن أحست‬
‫أن الدنيا من حوهلا تعود لطبيعتها‬
‫وعلمت أبهنا مل تعد مهددة ابإلغماء‬
‫‪195‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫فحاولت التحرك ‪ ،‬ولكنها مل تستطع ‪،‬‬
‫فبقيت متعلقة به ونسيت أهنا ال تريده‬
‫أن يعرف حالتها‪.‬‬
‫‪ -‬لقد ‪ ..‬أتيت إىل هنا ‪ ..‬ألحصل على‬
‫‪ ...‬بعض الليموانضة ‪ ...‬الساخنة ‪..‬‬
‫السعال ال يتوقف ‪...‬‬
‫وتعلثمت آبخر كلمة قالتها ‪ ،‬واهنارت‬
‫اثنية‪ ،‬وعادت تسعل السعال القاسي‬
‫اجلاف ‪ ..‬وكان جسدها مليئا ابلعرق ‪،‬‬
‫‪196‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫حىت أن مالبسها أصبحت مبللة ‪ ،‬مث‬
‫حترك الكتف الذي عادت لالتكاء عليه‬
‫‪ ،‬وأبعدها قليال لينظر إىل وجهها اجملهد‬
‫‪ ،‬وفيما هي تقول له ‪:‬‬
‫"أان أسفة" الحظت أن ال قساوة يف‬
‫وجهه‬
‫وظنت كولني أهنا هتذي عندما شاهدت‬
‫فمه يتحرك وكأنه يبتسم ‪ ..‬هل يبتسم‬

‫‪197‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫هلا ؟ مث بدأت يداه القويتان حتركاهنا حنو‬
‫الكرسي ‪ ،‬وقال هلا‪:‬‬
‫‪ -‬اجلسي هنا قليال اي كولني‪.‬‬
‫كان صوته انعما ‪ ،‬رقيقا لطيفا جدا حىت‬
‫أهنا ظنت أبهنا حتلم ‪ ،‬فهو مل يكلمها أبدا‬
‫مبثل هذه الطريقة من قبل ‪ .‬وجلست‬
‫حيث قال‪.‬‬
‫ألهنا بكل بساطة مل تكن متلك القوة‬
‫الكافية لفعل شيء آخر ‪.‬‬
‫‪198‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫و راقبت الطريقة الفعالة اليت تعامل هبا‬
‫مع الليمون والسكر واملاء ‪ ،‬مث وضعها‬
‫يف وعاء فوق النار‪ ،‬ومع أهنا كانت حتس‬
‫ابلدوار فقد كانت أكيدة أهنا ال تتخيل‬
‫أن هذا املستبد حيضر هلا شراب الليمون‬
‫الساخن الذي حتتاجه‪ .‬وقال هلا مبتسما‬
‫‪:‬‬
‫‪ -‬لن أأتخر عليك‪.‬‬

‫‪199‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وتركها وخرج ‪ ،‬ومل يتأخر ‪ ،‬ولكن عندما‬
‫عاد كان السعال قد متلكها اثنية ‪ ،‬و مل‬
‫يضع أي وقت يف فحص حرارة حمتوايت‬
‫الوعاء على النار‪ ،‬أو يف صبه يف كوب‬
‫وإعطاءه هلا‪:‬‬
‫‪ -‬أشربيه على مهل ‪.‬‬
‫و أحست ابلراحة فورا ‪ .‬و كان مرحيا‬
‫جدا حلنجرهتا اجملروحة ‪ ،‬فهمست ‪:‬‬

‫‪200‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬شكرا لك ‪ ..‬أان خبري اآلن ‪ ،‬ولكن‬
‫هل يل أن آخذ بعضا من الشراب معي‬
‫إىل الغرفة ؟‬
‫‪ -‬سأضعه لك يف ابريق‪.‬‬
‫‪ -‬ال داعي لذلك‪.‬‬
‫وكل ما حصلت عليه من رد كان‬
‫ابتسامة ‪ ،‬وظنت أنه لن حيضر االبريق‬
‫هلا فحاولت صب كوب آخر لتأخذه‬
‫معها ‪ ،‬فقال هلا بسرعة‪:‬‬
‫‪201‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬اتركيه اي كولني ‪ ..‬سوف أجلبه إىل‬
‫غرفتك‪.‬‬
‫وكانت حباجة لكل قواها كي تصعد‬
‫السلم ‪ ،‬فوقفت وساقاها ضعيفتان ‪،‬‬
‫فقال‪:‬‬
‫‪ -‬هل أنت مستعدة للعودة إىل فراشك‬
‫؟‬
‫‪ -‬نعم ‪ ..‬شكرا لك اي جوليانو‪.‬‬

‫‪202‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫و لكنها ما إن خطت خطوتني على‬
‫السلم حىت شعرت أبن ذراعيه أصبحا‬
‫حوهلا ‪ ،‬ومل تدرك إال وقد محلها إىل‬
‫فراشها ‪ ،‬وقال هلا بلهجة انعمة ‪:‬‬
‫‪ -‬أعتقد أن هذه الطريقة أسرع ‪.‬‬
‫وأحست ابالرتباك ‪ ،‬رمبا املرض يظهر‬
‫أفضل ما لدى الرجل ‪.‬‬
‫مع أهنا ليست مريضة‪ ،‬بل تشعر‬
‫ابالنزعاج من السعال الذي يستغرق‬
‫‪203‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وقتا طويال ليرتكها ‪ ،‬وكانت تشعر‬
‫ابلدوار وهو يفتح الباب ‪ ،‬ورأسها مراتح‬
‫إىل صدره ووضعها بكل لطف يف فراشها‬
‫وسأهلا ‪:‬‬
‫‪ -‬هل تستطيعني تدبري أمرك لوحدك ؟‬
‫‪ -‬أوه ‪ ..‬أجل ‪ ..‬أان أفضل بكثري اآلن‬
‫‪.‬‬
‫وألنه أصبح جوليانو إنريكو جديد‬
‫أمامها ‪ ،‬شخص يبتسم هلا ‪ ،‬فقد ذاب‬
‫‪204‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫كل حتفظها التقليدي ‪ .‬وابتسمت له‬
‫بدورها‪.‬‬
‫‪ -‬سأذهب اآلن ألحضر لك الليموانضة‬
‫‪.‬‬
‫كانت تفكر أبهنا ستنتظر عودته ‪ ،‬مث‬
‫خروجه من جديد ‪ ،‬كي تغري ثوب نومها‬
‫املبلل آبخر جاف ‪ ،‬عندما شاهدت‬
‫أنوار سيارة تصل وتنعكس على انفذهتا‬
‫‪ ،‬وتساءلت من يكون هذا الزائر الليلي‬
‫‪205‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫اي ترى ؟ أم أهنا تتخيل هذا كما ختيلت‬
‫سرور جوليانو عندما اندته ابمسه األول ؟‬
‫وعندما عاد جوليانو ويف يده كوب‬
‫الليمون ‪ ،‬مل يكن لوحده ‪ ،‬وأوضح هلا‬
‫قائال ‪:‬‬
‫‪ -‬هذا صديقي الدكتور بريغادينو‪.‬‬
‫‪ -‬دكتور ؟ ولكنين ال ‪...‬‬
‫‪ -‬لست حباجة لدكتور‪ ..‬لقد اكتشفت‬
‫فيك اي كولني شادو ‪ ،‬التصميم على‬
‫‪206‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫عدم االستسالم ‪ .‬وامسحي يل ‪ ،‬مبا أنين‬
‫الرجل الذي سيكون مسؤوال عنك‬
‫خالل إقامتك يف بالدي ‪ ،‬أن أعرف ما‬
‫هو األفضل لك ‪.‬‬
‫ومل يكن هناك جمال للجدال مع هلجته‬
‫هذه ‪ .‬وتقدم الدكتور من فراشها‬
‫ليفحصها ‪ ،‬ولكن جوليانو اسرتعى‬
‫انتباهها عندما قال ‪:‬‬
‫‪ -‬سأحضر تينا ‪.‬‬
‫‪207‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وصرخت "ال‪ ، "!..‬وتركز انتباه الرجلني‬
‫عليها ‪.‬‬
‫‪ -‬ولكن راؤول سيفحصك ‪.‬‬
‫‪ -‬لقد سببت ما يكفي من إزعاج ‪ ،‬أوال‬
‫أخرجتك من فراشك ‪ ،‬مث يف منتصف‬
‫الليل الدكتور بريغادينو ‪ .‬ولن أقبل أن‬
‫أزعج نوم تينا ‪.‬‬

‫‪208‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬ال خيار لك يف األمر ‪ ،‬إال إذا قبلت‬
‫أن أبقى كي أساعدك يف خلع مالبسك‬
‫‪.‬‬
‫فصرخت حبدة وقد أجفلت للفكرة‬
‫"ال!" وعادت النظرة الناعمة إليه وهو‬
‫يبتسم وغادر الغرفة إليقاظ تينا ‪.‬‬
‫وجلس الطبيب إىل جانب السرير ‪،‬‬
‫وسأهلا إبنكليزية جيدة حول كل‬
‫املعلومات اليت يريد أن يعرفها عن‬
‫‪209‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫مرضها ‪ ،‬ودخلت تينا مسرعة إىل‬
‫الغرفة‪.‬‬
‫وبدت كل هذه اجللبة على شيء ال‬
‫يذكر ‪ .‬ففي غضون دقائق كان الطبيب‬
‫قد فحصها ‪ ،‬وساعدهتا تينا يف تغيري‬
‫مالبسها ‪ ..‬كل ما هبا سعال ال يريد أن‬
‫ينتهي ‪ .‬ومتنت لو يرتكوهنا بسالم ‪ ،‬فهي‬
‫تعبة وميكن هلا أن تنام لفرتة طويلة‪.‬‬

‫‪210‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫و ما إن غادر الدكتور وتينا الغرفة حىت‬
‫غرقت ابلنوم ‪ .‬ومل تعلم أبن جوليانو‬
‫أمضى دقائق طويلة يتحدث إىل الطبيب‬
‫‪ ،‬و مل تعلم أيضا أنه عاد للدخول إىل‬
‫غرفتها ووقف يتأمل بوجهها الشاحب ‪،‬‬
‫وشعرها األشقر املتموج املنتشر على‬
‫الوسادة ‪ ،‬مث أطفأ املصباح الصغري‬
‫جبانب السرير ‪ ،‬وخرج ‪.‬‬

‫‪211‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وبدا هلا كل شيء كاحللم عندما‬
‫استيقظت يف الصباح التايل ‪.‬‬
‫و مل تكن متأكدة أن ما حدث ليس‬
‫حلما ‪ .‬إىل أن نظرت إىل ما كانت ترتديه‬
‫مرميا على األرض ‪ ،‬وشاهدت ابريق‬
‫الليموانضة ‪ .‬فهل حقا اندت جوليانو‬
‫إنريكو ابمسه األول ؟‬
‫حتت ماء الدوش متنت لو أهنا تعرف كم‬
‫الساعة اآلن ‪ .‬وأحست ابالنزعاج ألنه‬
‫‪212‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫سيشرف اليوم على عملها ‪ .‬وتذكرت‬
‫الطريقة القاسية اليت نظر هبا إليها عندما‬
‫رفضت ازعاج تينا من نومها ‪ .‬البد أنه‬
‫سيكون غاضبا جدا إذا مل تسرع يف‬
‫التحرك يف عملها ‪.‬‬
‫عندما خرجت من احلمام وجدت‬
‫جوليانو يف غرفتها ‪ .‬كان يقف مستندا‬
‫إىل طاولة الزينة ‪ ،‬وعيناه تراقباهنا ‪.‬‬

‫‪213‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫فقالت قبل أن يقول هلا أية كلمة قد ال‬
‫حتب مساعها ‪:‬‬
‫‪ -‬لقد أتخرت ‪ ..‬أعرف هذا ‪ ..‬وأنت‬
‫تعلم أن ساعيت ‪...‬‬
‫‪ -‬وماذا تريدين أن تفعلي حبق اجلحيم ؟‬
‫‪ -‬أان مستعدة للذهاب إىل العمل ‪ ..‬مل‬
‫تكن حباجة ألن حتضر لتأخذين ‪ ..‬كنت‬
‫على وشك ‪...‬‬
‫‪ -‬وهل أان ظامل إىل هذا احلد ؟‬
‫‪214‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫و تذكرت ليلة أمس ‪ ،‬لطفه ‪ ،‬الطريقة‬
‫اليت محلها هبا إىل غرفتها ‪ ،‬والطريقة‬
‫اللطيفة اليت وضعها هبا يف الفراش ‪.‬‬
‫وشعرت ابلضعف ‪ ،‬ولكن ال ميكن أن‬
‫تسمح لنفسها أن تضعف أمامه ‪.‬‬
‫‪ -‬يف احلقيقة أجل ‪ ..‬أنت ظامل ‪ ..‬وإذا‬
‫مسحت أخرج من الغرفة ألستعد‬
‫للذهاب ‪...‬‬

‫‪215‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬املكان الوحيد الذي ستذهبني إليه اي‬
‫كولني الصغرية هو إىل الفراش‪.‬‬
‫كم تبدو هذه الفكرة رائعة! وأرادت‬
‫بكل أيس أن تستسلم هلا مث فكرت أبهنا‬
‫لن تتمكن هبذه الطريقة من اهلرب من‬
‫حتت سقف منزل هذا الرجل ‪..‬‬
‫فصاحت ‪:‬‬

‫‪216‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬ماذا‪ ...‬وأعطيك الفرصة لتقول أبنين‬
‫ادعيت املرض بقصد أن أبقى هنا ؟ ال‪..‬‬
‫هذا مستحيل!‬
‫‪ -‬مل أكن أعلم عندها أنك مريضة ‪.‬‬
‫ملاذا مل تقويل يل ؟‬
‫‪ -‬اي إهلهي‪ ..‬إهنا جمرد انفلونزا‪.‬‬
‫‪ -‬ولكنك التقطت جرثومة قوية بشكل‬
‫خاص ‪ ...‬وهذا ما عرفه راؤول بريغادينو‬

‫‪217‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫من وصفي له لطريقة سعالك ‪ ،‬ومما قلتيه‬
‫له‪.‬‬
‫‪ -‬ال شيء يف صحيت ال ميكن لقليل من‬
‫الشمس شفاؤه ‪ ،‬طبييب يف إنكلرتا قال‬
‫يل ‪ ..‬ولذلك ‪...‬‬
‫‪ -‬وهكذا لقد أتيت إىل املكان املناسب‬
‫دون شك ‪ .‬ومبا أن قدميك ترجتفان ‪،‬‬
‫فمن األفضل أن أضعك يف الفراش ‪.‬‬
‫‪ -‬لن أفعل هذا ‪...‬‬
‫‪218‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وأحست أهنا على وشك األهنيار ‪،‬‬
‫فتقدم منها وكأنه حياول إقناعها ولكنه‬
‫أمسك بذراعها ‪ ،‬وكأمنا يريد أن يهزها‬
‫بعنف فقالت ‪:‬‬
‫‪ -‬ال تكن قاسيا معي!‬
‫كانت تشعر أبهنا على وشك البكاء‬
‫اثنية ‪ ،‬وخافت أن ال تستطيع منع‬
‫دموعها فيما لو هزمها ‪ ،‬وأجاهبا بصوت‬
‫هادئ ‪:‬‬
‫‪219‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أان ال أنوي أن أكون قاسيا معك ‪.‬‬
‫مث جذهبا لتجلس على السرير ‪ ،‬وجلس‬
‫بقرهبا مضيفا ‪:‬‬
‫‪ -‬راؤول قال يل إنك حباجة لراحة اتمة‬
‫‪ ...‬فاستسلمي اي كولني ‪ ،‬أنت تعرفني‬
‫جيدا أنك ال تصلحني للعمل ‪.‬‬
‫وأرادت أن جتادله ‪ ،‬وأدرك أهنا لن‬
‫تعرتف ابهلزمية ‪ .‬مث رأت االبتسامة على‬
‫وجهه من جديد ‪ ،‬وقال ‪:‬‬
‫‪220‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬استسلمي ‪ ،‬أنت تعرفني أنين لن‬
‫أصطحبك إىل ذلك املنزل اثنية ‪ ..‬هل‬
‫ستجعليين أعرتف أبنين كنت قذرا معك‬
‫ألنك مل تنجزي العمل الذي أردت أن‬
‫أراه ‪ ،‬يف وقت كنت فيه مريضة أمس‬
‫وقبل األمس ‪.‬‬
‫‪ -‬ولكنين لست ‪...‬‬
‫‪ -‬ألست مريضة اي كولني ؟‬
‫‪ -‬بلى ‪...‬‬
‫‪221‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وابتلعت ريقها ‪ ،‬وقد سحرهتا فتنته ‪.‬‬
‫عندها ‪ ،‬وبكل لطف ‪ ،‬أخذها بني‬
‫ذراعيه معانقا ‪ ،‬فاستسلمت ‪ ،‬دون أن‬
‫يكون يف ذهنها أي تفكري ابلرتاجع ‪.‬‬
‫و ارتفعت حرارة جسدها حىت ظنت أبهنا‬
‫ستحرتق ‪ ،‬وتعاىل اللون األمحر إىل‬
‫وجهها حبيث أنه ال ميكن أن يراه حىت‬
‫ولو كان قصري النظر ‪.‬‬

‫‪222‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وعاودهتا كراهيتها له ‪ ،‬وهي تسمعه‬
‫يضحك للمرة األوىل ‪ .‬مث توقف عن‬
‫ضحكه وقال مداعبا ‪:‬‬
‫‪ -‬كولني شادو‪ ...‬لقد متلكك اخلجل!‬
‫ملاذا ؟ أعتقد أنين أول رجل خارج مهنة‬
‫الطب يالمس جسدك!‬
‫و ازداد لوهنا امحرارا من اخلجل ‪ ،‬مضافا‬
‫إليه شعور أبنه يعتقد أهنا من الطراز‬

‫‪223‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫القدمي ‪ ،‬مث قال وكأنه يؤكد ظنه أبهنا مل‬
‫تكتمل أنوثتها ‪:‬‬
‫‪ -‬هيا اآلن اي طفليت ‪ ..‬استلقي يف‬
‫الفراش ‪ ..‬تينا تنتظر لتحضر لك البيض‬
‫املسلوق واخلبز احملمص على الطريقة‬
‫اإلنكليزية‪.‬‬

‫‪224‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫الفصل اخلامس‬
‫لن تستطعي الرحيل!‬

‫انمت كولني معظم النهار‪ ...‬كان يقطع‬


‫نومها حلظات صحو‪ ..‬حتاول فيها إعادة‬
‫مجع شتات أفكارها ‪ ،‬وتعود تتذكر ذلك‬
‫العناق الذي تشاركت فيه مع جوليانو‬
‫إنريكو ‪ ،‬كان عناق رجل إلمرأة ‪ ،‬بغض‬
‫النظر عن أنه عاملها فيما بعد كطفلة‪.‬‬
‫‪225‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫مل يكن عندها وقت للتفكري ملاذا مل‬
‫تدفعه عنها ‪ ،‬وملاذا مل جتد عناقه مزعجا‬
‫يف وقت كانت تظن أهنا تكرهه كثريا ‪.‬‬
‫فكلما كانت تفتح عينيها وجيول هذا‬
‫اخلاطر يف ذهنها كانت جتد إما تينا أو‬
‫اميا تنتظر صحوها‪.‬‬
‫وعندما استيقظت متاما ‪ ،‬وشعرت أبهنا‬
‫أكتفت من النوم ‪ ،‬وأبن طاقتها قد‬
‫عادت إليها ‪ ،‬كانت الشمس قد غابت‬
‫‪226‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫يف اخلارج ‪ ،‬وألول مرة هذا اليوم مل تكن‬
‫ال تينا وال اميا يف غرفتها‪.‬‬
‫وعادت تفكر ابلعناق بينهما وأدركت‬
‫عندها ‪ ،‬والدماء تدفئ خديها ‪ ،‬أهنا لن‬
‫تستطيع مواجهته على طاولة العشاء ‪.‬‬
‫هي فقط غري مستعدة بعد لرؤيته‪.‬‬
‫واكتشفت‪ ،‬سريعا بينما كانت تسمع‬
‫وقع خطوات رجالية يف املمشى‪ ،‬أن‬

‫‪227‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫جوليانو ليس من النوع الذي ينتظر‬
‫دعوة لزايرهتا‪.‬‬
‫وفتشت بسرعة عن فرشاة الشعر ‪ ،‬ومل‬
‫جتد الوقت كي ترتب خصالت الشعر‬
‫املشعثة ‪ ،‬وال أن تسرح شعرها على‬
‫كتفيها ‪ .‬فبدون أن يزعج نفسه ابلقرع‬
‫على الباب ‪ ،‬فتحه ودخل متقدما من‬
‫سريرها ‪ ،‬وقال خبشونة وهو يرمي هلا‬
‫ساعتها على الفراش ‪:‬‬
‫‪228‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬لقد كذبت علي ‪.‬‬
‫و انتقلت عيناها من الساعة اليت كانت‬
‫قد نسيتها حيث كانت تعمل إىل وجهه‬
‫‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫‪ -‬اعتقدت أنك ستحتاجينها‪.‬‬
‫و علمت أن اللحظة غري مناسبة لشكره‬
‫‪ ،‬فقد كان غاضبا جدا!‬

‫‪229‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬ال بد أنك أرهقت نفسك كي تنجزي‬
‫ما أجنزتيه من عمل ‪ .‬وال عجب أن‬
‫أصبحت مريضة!‬
‫و كأمنا مل يتحمل النظر إليها ‪ ،‬اجته حنو‬
‫النافذة لينظر إىل اخلارج ‪ .‬وأدركت أن‬
‫عليها قول شيء ما ‪ .‬ولكنها الحظت‬
‫أنه على وشك فقدان السيطرة على‬
‫أعصابه ‪ .‬وكانت معتادة على اسرتضاء‬
‫أبيها ‪ .‬وأوشكت أن تستخدم نفس‬
‫‪230‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫األسلوب معه ‪ ،‬عندما أتتها فكرة ‪...‬‬
‫ملاذا تفعل ؟ منقسمة ما بني الشخص‬
‫الذي كانته وبني ما تريد أن تكونه ‪،‬‬
‫أدركت أهنا لن تستطيع التخلص من‬
‫آاثر املاضي لو أهنا استسلمت عند أول‬
‫صعوبة ‪ ..‬ملاذا قد تفكر ابسرتضائه بعد‬
‫كل األشياء الفظيعة اليت قاهلا هلا يف‬
‫املاضي ‪ ...‬وملاذا جيب أن ختاف من‬
‫غضبه على كل األحوال؟‬
‫‪231‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬مىت كذبت عليك ؟‬
‫‪ -‬لقد كذبت علي بصمتك ‪ ..‬كان‬
‫إبمكانك القول يل ‪ ،‬ابألمس وقبل‬
‫األمس ‪ ،‬أنك قررت تنظيف ذلك‬
‫املكان ابتداء من فوق ‪ .‬ومل تقويل كلمة‬
‫واحدة عندما دعوتك ابلكسولة املثالية ‪.‬‬
‫هذه الكلمة أزعجتك وأان أعلم هذا ‪،‬‬
‫ومع ذلك مل تقويل كلمة واحدة‪.‬‬

‫‪232‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬لقد توقعت منك أن تتجول يف املكان‬
‫لرتى بنفسك ما فعلت ‪.‬على ٍ‬
‫كل ‪ ..‬لقد‬
‫أفادك هذا ‪ ..‬وما كان جيب أن تظن ‪...‬‬
‫‪ -‬ولكنين لست أان من عاىن من التعب‬
‫‪ ،‬أيتها احلمقاء!‬
‫وهكذا أضاف لقبا جديدا مما حيتفظ به‬
‫هلا من ألقاب يف جعبته‪.‬‬

‫‪233‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أجل لقد عانيت‪ ..‬ولكنين خبري اآلن ‪.‬‬
‫لذا ال حاجة للجدال يف املوضوع ‪...‬‬
‫وأرجوك أن تغلق الباب وأنت خارج‪.‬‬
‫النار اليت ملعت يف عينيه هلذه اإلهانة‬
‫جعلتها تتمىن لو أهنا مل تقلها ‪ ،‬وبدا‬
‫وكأنه على وشك أن خينقها ‪ ،‬وصاح ‪:‬‬
‫‪ -‬أيتها الـ ـ ‪...‬‬
‫وصمت فجأة ‪ ..‬واستعدت لتصرخ ‪...‬‬
‫أان آسفة ‪ ..‬آسفة ‪ ..‬آسفة! مث شعرت‬
‫‪234‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ابلسرور ألهنا مل تفعل ‪ ..‬فبطريقة ما‬
‫استطاع أن يسيطر على أعصابه ‪ ،‬ورمبا‬
‫الحظ كيف شحب وجهها لعدوانيته‪.‬‬
‫وقال ‪:‬‬
‫‪ -‬أنت على حق ‪...‬‬
‫إذا كان مل يستخدم العقاب اجلسدي‬
‫عليها ‪ ،‬فهذا ألهنا سوف تضطر إىل‬
‫حتمل لسع لسانه ‪.‬‬

‫‪235‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬كنت خمطئا يف افرتاض أنك كسولة ‪.‬‬
‫أنت مستعدة للعمل الشاق لتحصلي‬
‫على ما تريدين ‪ ..‬أليس كذلك اي مجيليت‬
‫؟‬
‫‪ -‬أحصل على ما أريد؟‬
‫‪ -‬ألست كذلك ؟ أال تسعني للحصول‬
‫على انطباع جيد عنك ؟ أمل تعملي على‬
‫غسل وكوي الستائر وأنت على وشك‬
‫االهنيار ‪ ،‬بقصد واحد وهو الظهور‬
‫‪236‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫مبظهر البائسة عندما وجدتك منهارة ليلة‬
‫األمس؟‬
‫و تطلعت مشدوهة وشهقت قائلة ‪:‬‬
‫‪ -‬أتظن أنين ‪...‬‬
‫‪ -‬إنك أدركيت أن هناك أشياء تستطيعني‬
‫احلصول عليها أكرب مما كنت ستحصلني‬
‫عليه عن طريق شقيقك ‪ ...‬على كل ‪،‬‬
‫سأترك لك مهمة إثبات أنين على خطأ‬
‫‪ ..‬كولني شادو‪.‬‬
‫‪237‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫و تركها تغلي ابلغضب وخرج ‪.‬‬
‫استيقظت كولني ابكرا يف اليوم التايل ‪.‬‬
‫وغضبت من نفسها ألن رأي جوليانو مل‬
‫يهمها ‪ .‬ومل تكن تنوي كذلك أن تربهن‬
‫له عن شيء ‪ .‬وكل ما كان يف ذهنها‬
‫وهي تنزل إىل الطابق األرضي ‪ ،‬رغم‬
‫شعورها أبهنا ليست على ما يرام متاما ‪،‬‬
‫أهنا كلما عادت إىل العمل أسرع‪ ،‬أهنا‬
‫كلما كسبت مثن تذكرهتا بسرعة أكثر ‪،‬‬
‫‪238‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وتستطيع عندها أن تبتعد عنه وعن‬
‫انتقاداته املريرة‪.‬‬
‫وخرج جوليانو من خالل أحد األبواب‬
‫عندما وصلت إىل أسفل السلم فقال هلا‬
‫فورا ونظرة ساخرة تطل من عينيه ‪:‬‬
‫‪ -‬وما هي املالحظات الطريفة اليت جتول‬
‫يف رأسك هذا الصباح؟‬
‫‪ -‬قبل أن تعتقد أنين أتيت ألبرهن لك‬
‫شيئا ‪ ..‬أقول لك إنين سأعمل اليوم ‪.‬‬
‫‪239‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫و مرت نظرة السخط على وجهه بسرعة‬
‫‪ ،‬لكنها مل تدم طويال ‪ .‬وأصبحت نظرته‬
‫فجأة مفكرة ‪ ،‬وعاد الشيطان إىل عينيه‬
‫‪:‬‬
‫‪ -‬ظنوين حولك ثبت أهنا كانت خاطئة ‪.‬‬
‫أمل تكوين حمرجة يوم أمس؟ هل خدعتين‬
‫عيناي لرؤيتك حممرة الوجه عندما‬
‫عانقتك قبل وضعك يف الفراش؟‬
‫‪ -‬ما ‪ ..‬ماذا تعين!‬
‫‪240‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫فقال حبدة‪:‬‬
‫‪ -‬سأعطيك عشر ثواين للعودة إىل فوق‬
‫‪ .‬وإذا مل تتحركي سأمحلك إىل غرفتك ‪.‬‬
‫وسأضعك بنفسي يف فراشك‪.‬‬
‫‪ -‬لن تفعل!‬
‫‪ -‬أربعة ‪ ..‬مخسة ‪...‬‬
‫و صرخت بغضب ‪:‬‬
‫‪ -‬أيها القذر! ‪ ..‬أيها املكسيكي‬
‫القذر!‬
‫‪241‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬مثانية ‪ ..‬تسعة ‪...‬‬
‫ويف منتصف طريقها على السلم ‪ ،‬مسعت‬
‫ضحكته من خلفها ‪ ،‬ومتنت لو أن يف‬
‫يدها شيء تقذفه به‪ .‬كما مسعت ‪،‬‬
‫الرجال املكسيكيون يتوقعون من نسائهم‬
‫اخلضوع التام ‪ ،‬ولكنها ليست إمرأته ‪،‬‬
‫وال تنوي أن تكون خاضعة له‪.‬‬

‫‪242‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫لقد كانت خاضعة طوال حياهتا ‪ ...‬ومل‬
‫يقع اختيارها إال على املكسيك من بني‬
‫بلدان العامل لتحقق حريتها!‬
‫وشاهدته من انفذة غرفتها وهو خيرج ‪..‬‬
‫ليس ابلسيارة كما هي عادته ‪ ،‬بل مسعت‬
‫وقع حوافر جواد فقفزت إىل النافذة ‪،‬‬
‫ورأته يبتعد على ظهر جواد أسود رائع ‪،‬‬
‫كم متنت أن يرميه اجلواد عن ظهره‪،‬‬
‫ولكن ال أمل أبن حيدث هذا ‪ ،‬كما‬
‫‪243‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫الحظت ‪ ،‬فاجلواد وخياله كاان يسريان و‬
‫كأهنما جسم واحد ‪.‬‬
‫يبدو أنه ذهب إىل املزرعة ‪ ،‬وسيبقى‬
‫هناك طوال النهار ‪ ،‬وكانت مصممة أن‬
‫ال ختضع إلرادته ابلعودة إىل الفراش ‪،‬‬
‫فنزلت إىل املطبخ لتعرض املساعدة يف‬
‫اللحظة اليت اختفت فيها أصوات وقع‬
‫حوافر اجلواد‪.‬‬

‫‪244‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫و أخذت تشري لتينا ‪ ،‬وكأهنا تكنس‬
‫وتغسل وتنفض الغبار ‪ ،‬متمنية أن تفهم‬
‫ما تريد ‪ .‬وظنت أن تينا فهمت عليها ‪،‬‬
‫عندما أشارت إليها لتتبعها‪.‬‬
‫و لكن أملها خاب بعد أن حلقت هبا‬
‫عرب الردهة إىل الباحة املرصوفة خارج‬
‫املنزل ‪ ،‬حيث أشارت إىل كولني‬
‫ابالستلقاء حتت الشمس على كرسي نوم‬
‫وتراتح ‪ ،‬وكانت كلمة "السنيور" اليت‬
‫‪245‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫مرت من خالل تدفق الكلمات‬
‫ابإلسبانية منها ‪ ،‬كافية لتوضيح أن‬
‫السنيور أمر أبن ال متد يدها إىل شيء‬
‫هذا النهار‪.‬‬
‫ومل ترد أن تزعج تينا اليت كانت كاملالك‬
‫معها يوم أمس ‪ ،‬فتمددت على الكرسي‬
‫‪ .‬وابتسمت هلا تينا ابتسامة مفاجئة ‪،‬‬
‫وانسحبت لتكمل عملها ‪.‬‬

‫‪246‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ومتددت كولني حتت الشمس أكثر من‬
‫ساعة ‪ ،‬دون أن تفكر بشيء ‪.‬‬
‫املناظر اخلالبة من حوهلا ‪ ،‬للمزارع على‬
‫التالل العالية ‪ ،‬اخلضراء اليت حتيط هبا‬
‫السماء الزرقاء الصافية ‪ ،‬مل ترتك جماال‬
‫ألية أفكار مزعجة يف نفسها ‪ ،‬ابلقرب‬
‫منها كان بركة سباحة ‪ ،‬مياهها مغرية ‪،‬‬
‫مع أهنا مل تكن سباحة ماهرة ‪ ،‬وراء‬
‫الربكة متتد مروج خضراء ‪ ،‬وزهور ‪ ،‬ملونة‬
‫‪247‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫بكل األلوان ‪ ،‬وورود ومارغريت ‪ ،‬بينما‬
‫اهلدوء يلف املكان كله من حوهلا ‪.‬‬
‫وانتقلت عيناها عن مساكب الزهور‬
‫اجلميلة ‪ ،‬ليشد انتباهها رجل يقوم ابحلفر‬
‫‪ ،‬كان يف حوايل اخلمسني من عمره ‪،‬‬
‫وشاهدها بدوره ‪ ،‬وكان قريبا منها حبيث‬
‫أنه رآها تبتسم ‪ .‬ولكن شيئا ما يف‬
‫الطريقة اليت كان ينظر هبا إليها جعل‬
‫ابتسامتها ختتفي ‪ .‬شيء ما جعلها غري‬
‫‪248‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫مراتحة ‪ ،‬شيء جيب أن تعرف ما هو مما‬
‫جعلها تقرر أن ال جترب بركة السباحة‬
‫اليوم ‪.‬‬
‫وكانت على وشك أن تقرر أهنا مل تعد‬
‫تتمتع ابالستلقاء هنا ‪ ،‬عندما خرجت‬
‫اميا حتمل صينية قهوة ‪.‬‬
‫‪ -‬مل أعلم أبنك وصلت ‪.‬‬
‫و قابلت اميا هذه الكلمات اليت مل‬
‫تفهمها اببتسامة ‪ ،‬مث الحظت أن الفتاة‬
‫‪249‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫شاهدت البستاين ‪ ،‬وعلمت أنه مسامل‬
‫عندما اندته اميا ‪:‬‬
‫‪ -‬ماركو‪ ..‬القهوة!‬
‫و ارتشفت كولني قهوهتا ‪ ،‬ومل يعد ماركو‬
‫موجودا ‪ ،‬فعاودها الشعور ابالرتياح ‪،‬‬
‫حىت أهنا بدأت تشعر ابلسعادة عندما‬
‫ركضت الصغرية بيال إليها وقد تغلبت‬
‫على خجلها من كولني ‪ ،‬وهي تصيح‬
‫بسرور ‪ ،‬دون اهتمام إذا كانت كولني‬
‫‪250‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫تفهمها أو هي تفهم عليها مكررة كلمة‬
‫"فياستا" أي االحتفال مرات ومرات ‪،‬‬
‫وعلمت بعد أن خرجت اميا وراء‬
‫الصغرية ‪ ،‬أهنم سيقيمون هلا حفلة عيد‬
‫ميالد قريبا ‪ ،‬ورفعت اميا يدها إشارة إىل‬
‫أن الصغرية سيصبح عمرها أربع سنوات‬
‫‪.‬‬
‫وعندما بلغت الساعة الثامنة ‪ ,‬كان‬
‫شعور ابجلوع يسيطر عليها ‪ ،‬ابلرغم من‬
‫‪251‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫أهنا مل تفعل شيئا هذا اليوم ‪ ،‬فتناولت‬
‫طعاما خفيفا ‪ ،‬وكان امادو وماركو‬
‫أيكالن يف املطبخ عندما أدخلت‬
‫األطباق الفارغة ‪ ،‬وسط احتجاجات اميا‬
‫وتينا ‪ ،‬وعلمت عندها أن ماركو هو من‬
‫يقوم ابألعمال املختلفة يف املكان‪.‬‬
‫وقررت أن االستلقاء طويال حتت‬
‫الشمس أمر غري حكيم ‪ ،‬فخرجت‬
‫لتتمشى بعد الظهر ‪ ،‬وقامت جبولة على‬
‫‪252‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫العديد من املباين واالسطبالت حيث‬
‫يعمل العديد من الرجال ‪ ،‬ذوي الشعر‬
‫األسود والعينني البنيتني على عكس رب‬
‫عملهم ‪ ،‬وكلهم يرتدون قبعات القش ‪،‬‬
‫ومل تكن من طراز ( سومربيرو )‬
‫املكسيكي املشهور كما تصورت كولني ‪.‬‬
‫عند املساء ‪ ،‬ارتدت فستاهنا الطويل‬
‫الذي ارتدته يوم تعشت مع جوليانو‬

‫‪253‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫آخر مرة ‪ ،‬كانت متأكدة أن تينا قد‬
‫أخربته مبا بكل ما فعلته خالل اليوم ‪.‬‬
‫ومل ترغب يف أن أييت إليها بنفسه ليأمرها‬
‫ابلنزول ‪ ،‬فدخلت غرفة اجللوس عند‬
‫الساعة الثامنة إال ربع ‪ ،‬ووجدته هناك‬
‫يصب لنفسه كأسا من الشراب ‪...‬‬
‫وبدأت الكالم معه لتظهر له أهنا على‬
‫استعداد ألن تكون مؤدبة ‪:‬‬

‫‪254‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬يبدو أنك غري معتاد على الشراب‬
‫الوطين ‪ ..‬كما أرى؟‬
‫‪ -‬يف بعض األحيان ‪ ..‬يبدو أنك‬
‫حتسنت ‪ ..‬ماذا حتبني أن تشريب؟‬
‫‪ -‬أشرب مثلك‪.‬‬
‫وأشار إليها ابجللوس ‪ ،‬مث قدم هلا كأس‬
‫الشراب ‪ ،‬وجلس يف املقعد املقابل هلا ‪.‬‬
‫كانت مصممة على البقاء هادئه وعادية‬
‫‪ ،‬وتريده أن يبقى هادائ إىل أن جتد جوااب‬
‫‪255‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫على سؤال ظل جيول يف ذهنها طوال‬
‫اليوم ‪ ،‬وقالت اه ‪:‬‬
‫‪ -‬لون شعرك أفتح من ابقي املكسيكيني‬
‫الذين قابلتهم‪.‬‬
‫و شعرت ابلندم فسارعت للقول‪:‬‬
‫‪ -‬آسفة مل أقصد أن أكون غري مهذبة‬
‫معك؟‬
‫‪ -‬هل حيريك لون شعري؟‬

‫‪256‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أجل ‪ ..‬أان مل أشاهد مكسيكيا لون‬
‫عينيه أزرق أيضا‪.‬‬
‫‪ -‬هناك الكثري هكذا يف الشمال‪ ..‬ومن‬
‫املعروف أننا أخذان هذه األلوان من‬
‫أسالف فرنسيني وليس من أسالف‬
‫اسبانيني‪.‬‬
‫مث بدأ يروي هلا كيف تلقى االمرباطور‬
‫مكسيمليان الدعم من الفرنسيني ‪،‬‬
‫وكيف أن البعض منهم بقي يف البالد‬
‫‪257‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وتزوج من فتيات حمليات‪ .‬عذوبة حديثه‬
‫جعلت تفكريها يبتعد عن السؤال الذي‬
‫كانت ترغب حقا يف طرحه عليه ‪،‬‬
‫ووجدت نفسها تسأله عما إذا كان قد‬
‫تعلم الفرنسية عن طريق أسالفه ‪.‬‬
‫فأجاب ابلفرنسية "وي" ‪ ،‬وابتسمت‬
‫مرغمة ‪ ،‬ألنه تلفظ هبذه الكلمة بطريقة‬
‫مضحكة‪.‬‬

‫‪258‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫خالل هذا عيناه بقيتا مثبتتان عليها ‪ ،‬ومل‬
‫تفهم ملاذا ‪ ،‬مث قال ‪:‬‬
‫‪ -‬تصبحني أمجل عندما تبتسمني اي‬
‫كولني ‪ ،‬جيب أن تبتسمي دائما ‪.‬‬
‫وأزعجها هذا التعليق الذي جيب أن‬
‫يكون إطراء ‪ ،‬فهو قد جعله يبدو وكأنه‬
‫تقرير أمر واقع ‪ ،‬فرمبا مل يكن يقصد به‬
‫اإلطراء ‪ .‬وقالت له ‪:‬‬
‫‪ -‬أنت تتكلم اإلنكليزية بطالقة أيضا ‪.‬‬
‫‪259‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬لقد تلقيت تعليمي لسنوات يف أمريكا‬
‫‪ ...‬أرى أنك أهنيت شرابك ‪ ،‬فهل‬
‫ترغبني يف املزيد أم نذهب لتناول العشاء‬
‫‪.‬‬
‫‪ -‬أفضل العشاء‪.‬‬
‫و قال هلا بعد أن رآها تبتسم ‪:‬‬
‫‪ -‬أعتقد أن فكرة ما أضحكتك ؟‬
‫‪ -‬كنت ‪ ..‬أفكر فقط بشيء ما ‪.‬‬

‫‪260‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وانتظرت كولني إىل هناية العشاء لتسأل‬
‫السؤال الذي كان يلح على اخلروج من‬
‫لساهنا‪:‬‬
‫‪ -‬جوليانو ‪ ...‬كنت أتساءل ‪...‬‬
‫‪ -‬أان مصغ إليك ‪.‬‬
‫‪ -‬حسنا ‪ ...‬ال يبدو أنين أعمل بشكل‬
‫جيد لكسب مثن تذكرة سفري‪.‬‬
‫‪ -‬غريب ‪ ..‬و لكن من رأيي أنك قمت‬
‫بعمل أكثر من جيد فيما طلبته منك ‪.‬‬
‫‪261‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬ولكنين ال أظن هذا ‪ .‬لذا كنت‬
‫أتساءل ‪ ..‬إذا ‪...‬‬
‫ونظرت إليه ‪ ،‬وانزعجت ألن تعبرياته مل‬
‫تتغري ‪ ،‬وانزعجت أكثر ألنه قنع‬
‫ابجللوس وتركها جتمع شتات تفكريها ملا‬
‫ستقوله ‪:‬‬
‫‪ -‬هل تستطيع أن تقرضين مثن تلك‬
‫التذكرة ؟‬

‫‪262‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وهكذا خرج السؤال منها ‪ ،‬وانتظرت‬
‫رده مقطوعة األنفاس ‪ .‬ورفعت رأسها‬
‫عاليا ابنتظار رفضه‪ .‬وسأهلا بعد توقف‬
‫بدا هلا طويال ‪:‬‬
‫‪ -‬أقرضك ؟‬
‫ووجدت بعض التشجيع ألنه مل جياهبها‬
‫برفض قاطع ‪ .‬وبدا أن كربايؤها قد‬
‫فارقها وهي تقول له ‪:‬‬

‫‪263‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬سأعيد لك ‪ ،‬كل قرش منها ‪ ..‬وأعلم‬
‫أنك لن تتضايق من دفعها ‪..‬‬
‫‪ -‬هكذا إذا ‪ ...‬لقد كنت تتجولني‬
‫بفضول اليوم لتعريف مدى ثرائي ‪.‬‬
‫‪ -‬ال ‪ ..‬ليس األمر هكذا‪ .‬لقد خرجت‬
‫ألمتشى ‪ ،‬صحيح ‪ ،‬و لكن ليس‬
‫ألجتسس ‪ ،‬كما تسمي األمر‪.‬‬
‫اللعنة عليه ‪ ،‬لقد فهم بشكل خاطئ ‪،‬‬
‫وابتعد كثريا عن حماولة فهم وجهة نظرها‬
‫‪264‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ .‬وكل ما جنحت به هو أهنا أكدت له‬
‫أبهنا تسعى وراء املال متاما كأخيها‪.‬‬
‫ومل يكن عندها أدىن فكرة عن كيفية‬
‫إقناعه كم هي خملصة ‪ ،‬ولكن مهما يكن‬
‫‪ ،‬عليها أن حتاول ‪ .‬وعليها أن جتلس‬
‫وتتحمل كل ما سيتهمها به ‪ ،‬فهي لن‬
‫تتمكن من الصراخ يف وجهه كما ترغب‬
‫‪.‬‬

‫‪265‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫فعليها أن خترج من هنا ‪ ,‬وعن طريقه هو‬
‫فقط ميكن حتقيق هذا ‪.‬‬
‫ولكن قبل أن تتمكن من ترتيب الكالم‬
‫الذي ستقوله ‪ ،‬كان يسخر منها قائال ‪:‬‬
‫‪ -‬يبدو عليك أنك متشوقة للذهاب‬
‫‪ ...‬هل هذا يعين أنك ال حتبني هذا‬
‫املكان ؟‬
‫‪ -‬منزلك يف منطقة مجيلة جدا ‪ ...‬ولو‬
‫‪ ..‬أن الظروف كانت خمتلفة ‪ ،‬فأظن‬
‫‪266‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫أبنين سأكون مسرورة جدا هلذه‬
‫الفرصة‪ ..‬لقضاء بعض الوقت هنا ‪..‬‬
‫ولكن ‪...‬‬
‫‪ -‬ولكنك أدركت أنين لست فريسة‬
‫سهلة لعينيك؟‬
‫وازداد غضبها ‪ ،‬فصاحت وقد آملها‬
‫اهتامها اثنية أبهنا صائدة فرص‪.‬‬
‫‪ -‬اللعنة عليك!‬

‫‪267‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وكان رده مع ابتسامة ابردة ألنه جنح يف‬
‫حتطيم برودها ‪.‬‬
‫‪ -‬تقولني أبنك سرتدين املبلغ يل ‪ ..‬فهل‬
‫جيب أن أقبل بطلبك؟‬
‫وهكذا هبدوء ‪ ،‬أطفأ انر غضبها ابلعودة‬
‫إىل املوضوع املهم ‪ ،‬وبدال من أن ترميه‬
‫بكوب املاء تنفست الصعداء ‪ ،‬وبدا هلا‬
‫أنه على استعداد لبحث األمر‪.‬‬

‫‪268‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أجل ابلطبع‪ .‬سيكون هذا جمرد قرض‬
‫‪.‬‬
‫‪ -‬وهل يل أن أسأل كيف تنوين أن‬
‫تدفعيه؟ مما فهمته منك ‪ ،‬فوالدك هو‬
‫معدم مثلك متاما ‪ ،‬وإال لكنت أبرقت له‬
‫لتطليب املبلغ عندما كنت يف الفندق يف‬
‫( كواريتارو ) ‪.‬‬
‫‪ -‬والدي ال يفتقر إىل املال!‬

‫‪269‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬ولكنه ال مييل إلرسال أي مبلغ من‬
‫ماله لك ؟‬
‫‪ -‬لقد دفع مثن تذكرة سفري إىل هنا ‪.‬‬
‫‪ -‬ابلنسبة لرجل خبيل هكذا ‪ ،‬يبدو أنه‬
‫كان مستعدا للدفع جملرد اخلالص منك‬
‫‪ .‬هل كان سعيدا للخالص منك؟‬
‫وآملها السؤال ‪ ،‬مما أجربها أن تدافع عن‬
‫والدها ‪ ،‬فقالت هبدوء ‪:‬‬

‫‪270‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬مل يكن يف منزله اجلديد مع زوجته‬
‫مكان يل‪.‬‬
‫‪ -‬أمل يكن والدك حيبك ؟‬
‫وجاء دورها للسخرية‪ ،‬فلم ترغب يف أن‬
‫يالحظ أن الرد على سؤاله يؤملها أيضا ‪:‬‬
‫‪ -‬مل يقل يل هذا ابدا‪.‬‬
‫‪ -‬عندما يكون احلب موجودا فال حاجة‬
‫للكالم فيه ‪ ،‬فمعرفته غريزية ‪.‬‬
‫وعادت إليها كراهيته اثنية وهي جتيبه‪:‬‬
‫‪271‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬إذا ‪ ..‬قد أفهم من هذا أن والدي مل‬
‫يكن حيبين ‪.‬‬
‫وشعرت ابلغضب من هذا احلديث ‪،‬‬
‫واستمر جوليانو ابلنظر إليها دون أن يرد‬
‫‪ ،‬فتابعت‪:‬‬
‫‪ -‬وأفضل أن ال نتكلم عن والدي أو‬
‫عن نقص عاطفته يل ‪ ،‬لو مسحت ‪.‬‬

‫‪272‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬حسن جدا ‪ ...‬ولنعد إىل ما تقرتحينه‬
‫لرد القرض الذي قد أفكر أبن أعطيه‬
‫لك ‪.‬‬
‫‪ -‬سأحصل على وظيفة ‪ ..‬عندما أعود‬
‫إىل بريطانيا‪.‬‬
‫‪ -‬وماذا ستعملني ؟ إذا كنت قلت يل‬
‫احلقيقة ‪ ،‬فإنك مل تعملي من قبل ‪.‬‬

‫‪273‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أعرتف أبنين مل أعمل من قبل لقاء‬
‫أجر ‪ ،‬ولكنين كنت مدبرة منزل والدي‬
‫وكنت أنظفه أيضا ‪.‬‬
‫وعرف جوليانو أهنا ال ختاف من العمل‬
‫أبدا ‪.‬‬
‫‪ -‬ال شك يف هذا ‪.‬‬
‫وبدا صادقا ‪ ،‬وعلمت أنه تذكر ما‬
‫قامت به يف منزل املدير ‪.‬‬

‫‪274‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬مل أكن أريد أن أطلب منك ‪ ،‬ولكن‬
‫مبا أنين مل أجد رااين ‪ ...‬فأان ‪...‬‬
‫ها قد أفسدت األمر ‪ .‬وأدركت هذا‬
‫عندما ذكرت أسم رااين فكل ما‬
‫سيتذكره اآلن هو ايذاء شقيقها لفرد من‬
‫أفراد أسرته‪ ،‬واستنتجت هذا من تصلب‬
‫فكه الفجائي ‪ .‬يبدو أن كراهيته لرااين‬
‫وكل ما فعله أكرب من أن ينساها ‪ ،‬ودفع‬
‫بكرسيه إىل اخللف ووقف‪:‬‬
‫‪275‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أرى أن شهيتك قد حتسنت ‪ ،‬ولكن‬
‫مبا أن الوجبة قد انتهت فأرجو أن‬
‫تعذريين ‪ ..‬فلدي أوراق جيب أن‬
‫أدرسها‪.‬‬
‫‪ -‬ولكن ‪ ..‬ماذا عن تكاليف سفري ؟‬
‫ووقفت بسرعة ‪ ،‬وتقدمت حنو الباب‬
‫لتصل إليه يف نفس الوقت الذي وصله‪.‬‬
‫فهي مل جتلس هنا طوال السهرة حىت‬

‫‪276‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫خيرج يف النهاية ويصفق الباب يف وجه‬
‫آماهلا‪.‬‬
‫‪ -‬تكاليف سفرك؟ لقد اقرتحت بنفسك‬
‫أن تعملي الكتساهبا‪ .‬وهكذا ستفعلني ‪،‬‬
‫ولكن ليس يف بالدك‪.‬‬
‫‪ -‬وهل سأبقى ‪ ..‬هنا؟‬
‫‪ -‬لبعض الوقت كما أظن ‪ ...‬هذا إال‬
‫إذا كنت تنوين ان تتبعي مثال ما فعله‬
‫شقيقك‪.‬‬
‫‪277‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫إذا‪ ..‬فتفكريه ال يزال مركزا على رااين ‪،‬‬
‫وأجابته‪:‬‬
‫‪ -‬أان ‪ ..‬مل أفهم عليك‪.‬‬
‫‪ -‬مل تفهمي؟ ‪ ..‬شقيقك ظن أنه وجد‬
‫لنفسه إمرأة ثرية ‪ ،‬أمل يفعل هذا؟‬
‫‪ -‬وهل تعتقد ‪ ...‬هل تظن أنين قد أمثل‬
‫عليك كي أحصل على تكاليف سفري‬
‫دون أن أعمل ابملقابل؟‬

‫‪278‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬ال أذكر أنك عارضتيين يوم أمس‬
‫عندما عانقتك ‪.‬‬
‫ومل تدري ما الذي يزعجها أكثر ‪ ،‬أهي‬
‫عجرفته اليت ال تطاق ‪ ،‬أم اخلجل الذي‬
‫غمرها ألنه كان يقول احلقيقة‪ ،‬ولكن‬
‫يدها اليمىن اليت تلهفت أكثر من مرة‬
‫للوصول إليه ‪ ،‬مل يعد ابستطاعتها‬
‫إسكاهتا ‪ ،‬وقبل أن تفكر ‪ ،‬اختارت يدها‬
‫اللحظة املناسبة لتنطلق يف اهلواء ‪.‬‬
‫‪279‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وصفعته على وجهه متاما ‪ ،‬وهي ابلكاد‬
‫تعرف ماذا تفعل ‪ ،‬فيدها كانت تتصرف‬
‫ابندفاع ذايت عنيف ‪ .‬وقالت بعد‬
‫الصمت الذي تال ‪:‬‬
‫‪ -‬مبا أننا ال زلنا يف جمال التذكر ‪ ،‬أتذكر‬
‫أنين نسيت أن أعطيك هذا ابألمس ‪.‬‬
‫االبتسامة اليت ظهرت على وجهه مل‬
‫تعجبها أبدا ‪ .‬وقال بنعومة ‪:‬‬

‫‪280‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أان أشعر ابلفعل اي كولني شادو ‪ ،‬أن‬
‫هذه العقوبة أكرب من اجلرمية ‪ .‬لذا‬
‫امسحي يل اي عزيزيت كولني أن أصحح‬
‫هذا التوازن‪.‬‬
‫ومل يكن لديها أية فكرة عما سيفعل ‪،‬‬
‫مع أنه قد خطر يف ابهلا أكثر من مرة‬
‫أبنه يرغب يف ضرهبا ولكنها مل تكن تظن‬
‫أبنه سريد على التحية اليت قدمتها له‬
‫لتوها‪.‬‬
‫‪281‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫مع ذلك ‪ ،‬فقد أسرعت ابلرتاجع ‪،‬‬
‫واكتشفت أنه أسرع منها يف احلركة ‪،‬‬
‫ولكن ليس ليضرهبا ‪ ..‬ويف حلظات مل‬
‫تدري بنفسها إال وهي ما بني ذراعيه ‪.‬‬
‫وجسده الذي المسها يوم أمس قد عاد‬
‫ليالمسها اثنية‪.‬‬
‫ولكن هذه املرة ال تقارن ابملرة السابقة ‪،‬‬
‫وقاومت كي تتخلص ‪ ،‬فهي ال تريد أن‬
‫تبقى بني ذراعيه ‪ ..‬ولكن اي للسماء‪..‬‬
‫‪282‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫مالذي حيدث هلا ؟ إهنا تشعر ابلسالمة‬
‫واألمان بني ذراعيه ‪ ،‬ومع ذلك فال جيب‬
‫أن تشعر هكذا‪ .‬وشهقت ‪:‬‬
‫‪ -‬ال تفعل هذا!‬
‫واستطاعت أن تبعد نفسها قليال عنه ‪،‬‬
‫ولكنه عاد ليحكم ذراعيه من حوهلا ‪،‬‬
‫وحاولت التخلص بقوة ‪ ،‬وأن جتذب‬
‫جسدها بعيدا عنه ‪ ،‬ولكنه استمر يف‬
‫الضغط عليها بشدة ‪ ،‬مث ذهلت‬
‫‪283‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫لشعورها أبن اخلوف قد بدأ خيتفي من‬
‫داخلها ليخلي الطريق أمام مشاعر‬
‫جديدة ‪.‬‬
‫ومل تعد تقاوم بل أحست ابلدوار ‪،‬‬
‫وعندما تركها ‪ ،‬وجدت أهنا حتدق بغباء‬
‫يف عينيه اللتان بدات وكأهنما تكشفان كل‬
‫ما يدور يف أعماقها ‪.‬‬
‫‪ -‬أمل تكوين تتوقعني وجود هذه املشاعر‬
‫يف داخلك ؟‬
‫‪284‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وأحست بغضب شديد ألنه يسخر من‬
‫سذاجتها ‪ .‬وأخذت تفكر مباذا سرتمي‬
‫يف وجهه‪ ،‬مث قفزت إىل ذهنها فكرة قد‬
‫تكون احلل لكل مشاكلها ‪.‬‬
‫‪ -‬إبمكانك األحتفاظ مبالك ‪ ...‬فأان‬
‫لست حباجة إليك! أول شيء سأفعله يف‬
‫الغد أن أذهب إىل القنصلية الربيطانية ‪.‬‬
‫فهم موجودون هنا حلل مشاكل مثل‬

‫‪285‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫مشكليت ‪ ،‬وملساعدة الربيطانيني‬
‫املقطوعني هنا ‪.‬‬
‫ومتنت أن تكون حمقة‪ ...‬ولكن غضبها مل‬
‫يؤثر به أبدا‪ ..‬والحظت على الفور أن‬
‫ما جيري وراء عينيه الذكيتني لن يعجبها‬
‫أبدا ‪.‬‬
‫‪ -‬بعيدا عن أن ليس هناك قنصلية‬
‫بريطانية يف "دورانغو" فعائلتك مدينة‬
‫لعائليت سنيوريتا ‪.‬‬
‫‪286‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وأخذ حيدق هبا ‪ ،‬واجلليد يف عينيه على‬
‫عكس املظهر الالمبايل الذي كان يتقنع‬
‫به ‪ .‬جيب عليها إذن أن تدفع الدين قبل‬
‫أن يوافق على ذهاهبا ‪ .‬لكنها ستحاول‬
‫إجياد قنصلية بريطانية يف مكان ما ولو‬
‫كلفها هذا املال القليل الذي متلكه ‪،‬‬
‫ولكنه قال هلا ‪:‬‬
‫‪ -‬لو حاولت اخلطو خطوة واحدة خارج‬
‫أمالكي ‪ ،‬أيتها اآلنسة الشاخمة األنف ‪،‬‬
‫‪287‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫فسوف أضع شقيقك يف السجن قبل أن‬
‫حتصلي على مقعد يف أية طائرة ‪.‬‬
‫‪ -‬السجن ؟ ال تستطيع ‪ ،‬فأنت ال‬
‫تعرف مكانه ‪.‬‬
‫‪ -‬لدي اتصااليت ‪ ،‬وأستطيع معرفة أين‬
‫ذهب ‪ .‬ولن يكون صعبا على البوليس‬
‫أن يلقي القبض على رجل إنكليزي ‪.‬‬

‫‪288‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ومتنت كولني أن يبقى شقيقها خمتفيا ‪،‬‬
‫ابلرغم من رغبتها يف أن جتده ‪ .‬وأخفت‬
‫خوفها مث قالت متحدية ‪:‬‬
‫‪ -‬ال متلك شيئا ضده ‪ ...‬ومل يرتكب‬
‫أي خطأ!‬
‫‪ -‬لنتخلى عن اجلدال األخالقي ‪ ،‬مبا‬
‫أنك ملوثة مثله ‪ ..‬ويكفي أن أقول ‪،‬‬
‫إنين أستطيع التفكري بشيء سيبقيه يف‬
‫قبضة البوليس إىل أن يقدم للمحاكمة ‪.‬‬
‫‪289‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬ولكن ‪ ..‬إبمكان حمام ابرع أن يظهر‬
‫أبنه اهتم زورا‪.‬‬
‫‪ -‬رمبا ‪ ..‬ولكن ليس قبل أن خيترب احلياة‬
‫يف سجن مكسيكي ‪.‬‬
‫وبينما كانت حتاول فهم ما يقصده ‪،‬‬
‫تركها وتوجه حنو الباب ‪ ،‬وفتحه منتظرا‬
‫أن خترج منه واتبع ‪:‬‬
‫‪ -‬قوانينا خمتلفة عن قوانني بلدكم ‪ ،‬فهنا‬
‫نعترب املسجون مذنبا حىت تثبت براءته ‪.‬‬
‫‪290‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وحتركت كولني وكأهنا إنسان آيل ‪،‬‬
‫مذهولة ‪ ،‬ال تستطيع التصديق أبن هذا‬
‫الرجل الذي عانقها بكل لطف ميكن أن‬
‫ينقلب إىل رجل ابرد جيري الثلج يف‬
‫عروقه ‪ .‬ونظر إليها وقد الحظ كم أثرت‬
‫كلماته هبا ‪.‬‬
‫‪ -‬وهل ذكرت لك أن جدول حماكمنا‬
‫مشغول جدا ؟ وأن على شقيقك‬
‫مواجهة وقت طويل يف السجن قبل ‪...‬‬
‫‪291‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وتركته إىل غرفتها قبل أن يكمل كالمه‪..‬‬
‫لقد هزمها ‪ ،‬وهو يعرف هذا ‪ .‬وليس‬
‫أمامها أية فرصة سوى أن تطيعه يف كل‬
‫شيء إذا كانت تريد ان ال خيترب رااين‬
‫شكل السجن يف املكسيك من الداخل‬
‫‪.‬‬

‫‪292‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫الفصل السادس‬
‫بدون خربة‬

‫خالل ثالثة أايم ظل قلب كولني مليئا‬


‫ابملرارة على جوليانو إنريكو‪ .‬وعند وقت‬
‫تناول الطعام مل تكن تتكلم معه إذا‬
‫استطاعت جتنبه ‪ ،‬وتشعر بفرح قليب‬
‫عندما يظهر االنزعاج منها ‪ .‬وكم كانت‬

‫‪293‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫تفضل أن تتناول طعامها يف املطبخ مع‬
‫اآلخرين ‪.‬‬
‫ومل تكن األمور بينهما تتحسن حىت على‬
‫تتبع تعليمات الطبيب حرفيا ‪ ،‬وتراتح ‪.‬‬
‫وبعد هذه األايم الثالثة أصبحت كولني‬
‫متلهفة لعمل أي شيء ‪.‬‬
‫يف اليوم الرابع جلست يف الفناء اخلارجي‬
‫ترتشف قهوهتا الصباحية ‪ ،‬يبدو أن‬
‫هناك بعض الفوائد من تكاسلها‬
‫‪294‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫اإلجباري ‪ .‬وإحدى هذه الفوائد هو‬
‫تعرفها ابملوجودين يف املنزل أكثر ‪.‬‬
‫وتوقف تفكري كولني عندما خرجت بيلال‬
‫الصغرية ‪ ،‬كعادهتا كل صباح ‪ ،‬لرؤيتها ‪.‬‬
‫وتذكرت أن الطفلة احلبيبة قد أمتت‬
‫الرابعة يف هذا اليوم ‪ .‬ومدت كولني يدها‬
‫إىل حقيبتها وأعطتها قطعة شيكوالتة‬
‫ابحلليب من النوع الذي يفضله شقيقها‬
‫رااين ‪ ،‬والذي جلبته معها ظنا منها أنه‬
‫‪295‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫غري متوفر يف املكسيك ‪ .‬وكان هذا كل‬
‫ما تستطيع أن تعطيها إايه ‪ .‬وأخذهتا‬
‫بيلال بسعادة وأمسكت هبا بيديها وهي‬
‫تركض إىل الداخل وتصرخ "مامي" ‪.‬‬
‫وكان ماركو يف املطبخ عندما دخلت‬
‫كولني لتعيد صينية القهوة ‪ ،‬واحجت‬
‫تينا كالعادة ‪ ،‬وتقدمت اميا لتشكرها‬
‫على الشيكوالتة اليت أعطتها لبيلال‬
‫وحاولت كولني أن تفهم ما كانت تقول‬
‫‪296‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫اميا ابإلسبانية عن االحتفال ‪ .‬فقال‬
‫ماركو وابتسامة على وجهه تربز أسنانه‬
‫الصفراء ‪:‬‬
‫‪ -‬اميا تسألك عن احلفلة ‪.‬‬
‫لقد برهن اثنية على أنه مفيد ‪.‬‬
‫وإذا كانت قد فهمت بشكل صحيح ‪،‬‬
‫فهي مدعوة حلفلة عيد ميالد بيلال بعد‬
‫ظهر هذا اليوم ‪ .‬ومبساعدة ماركو ‪،‬‬
‫وإشارات من اميا أتكدت أهنا فهمت‬
‫‪297‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫بشكل صحيح ‪ .‬وبعد قبوهلا الدعوة‬
‫اببتهاج ‪ ،‬تركت املطبخ ‪ ،‬على األقل‬
‫سيكون هناك نوع من التغيري يف‬
‫حضورها االحتفال ‪.‬‬
‫يبدو أن ساعات عمل اميا كانت مرنة‬
‫ومبا أهنا مل تكن تعمل بعد الظهر ‪ ،‬فقد‬
‫مت االتفاق على أن يرافق ماركو كولني‬
‫إىل الكوخ الذي تسكنه اميا مع زوجها ‪.‬‬
‫وعند الثالثة صعدت إىل "فان" قدمي بدا‬
‫‪298‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫بدهانه الباهت ‪ ,‬وحمركه ‪ ،‬صاحل لتسلق‬
‫اهلضاب أكثر من السري يف البلد ‪.‬‬
‫وخففت العربة من سرعتها بينما بدت‬
‫جمموعة األكواخ على مرمى النظر ‪ ،‬ومد‬
‫ماركو يده ليغري سرعة السيارة ‪،‬‬
‫فالمست يده الضخمة ركبة كولني ‪،‬‬
‫ويبدو أن األمر كان عفواي ‪ ،‬وكان‬
‫تفكريها مشغوال أبشياء أخرى ‪ ،‬فالتفتت‬

‫‪299‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫إليه مبتسمة ‪ ،‬ونسيت األمر ‪ ،‬وعاد‬
‫تفكريها اثنية إىل احلفلة ‪.‬‬
‫‪ -‬سأعود آلخذك سيديت ‪.‬‬
‫قال ماركو هذا خبليط من اإلسبانية‬
‫واإلنكليزية ‪ ،‬وكلنت كولني تفكر مبا قاله‬
‫حىت أهنا مل تالحظ الطريقة اليت كان يلعق‬
‫هبا شفتيه‪.‬‬
‫‪ -‬موتشا غراتسيس ماركو ‪.‬‬

‫‪300‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وتوجهت حنو الكوخ الذي أشار إليه‬
‫حيث تعيش اميا ‪ ،‬وزوجها وفوجئت‬
‫عندما دخلت الكوخ الصغري الساحر ‪.‬‬
‫فقد كان هناك جيش من النساء‪ ..‬ال بد‬
‫أن عيد ميالد طفل يف املكسيك حدث‬
‫كبري ‪ ،‬وأدركت كولني هذا قبل أن يقع‬
‫نظرها على قالب احللوى ذو الثالث‬
‫طبقات ‪ .‬مل تكن قد حصلت على عيد‬
‫ميالد هلا طوال حياهتا ‪ .‬ولكنها حفلة‬
‫‪301‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫قبل وفاة والدهتا ‪ ،‬وقالب الكاتو يف‬
‫تلك احلفلة ‪ ،‬كما تتذكر مل يكن مشاهبا‬
‫أبي حال هلذا القالب الضخم اجلميل ‪.‬‬
‫وابتسمت اميا مرحبة هبا حبرارة ‪ ،‬وشعرت‬
‫أبهنا ضيفة مميزة ‪ .‬مث خرجت من املطبخ‬
‫إىل احلديقة حيث الطاوالت والكراسي ‪،‬‬
‫والبعض منها مستعار من اجلريان ‪ ،‬كما‬
‫الحظت كولني ‪ ،‬واألطفال ثياهبم امللونة‬
‫يلعبون وميرحون ‪.‬‬
‫‪302‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫كانت احلفلة قد بدأت عندما حضر‬
‫الرجال من عملهم ابكرا ‪ .‬وقدمت اميا‬
‫زوجها لكولني ‪ ،‬مث جتمع األوالد من‬
‫حوله وأعطوه قناعا من كرتون ميثل مهرج‬
‫السريك صائحني "بيناات‪ ..‬بيناات!"‪ .‬فربط‬
‫القناع على وجهه ومحل الدمية على‬
‫عصا ‪ ،‬وأخذ يدور هبا ‪ ،‬واجلميع‬
‫يرقصون ويغنون ويدورون حوله ‪ ،‬وهم‬
‫يضربون الدمية ابلعصي ‪.‬‬
‫‪303‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ذروة هذا احلفل كان بعد أن قطعت أول‬
‫ساق للمهرج الورقي الذي كان يدور به‬
‫زوج اميا ‪ ،‬مث إحدى ذراعيه ‪ ،‬وقام‬
‫األوالد بضرب الدمية بقوة ‪ ،‬وتساقط‬
‫كل أنواع السكاكر واحللوايت من رأس‬
‫الدمية ‪ .‬ونتج عن هذا جتمع مضحك‬
‫لألوالد على األرض ليحصلوا على ما‬
‫وقع على األرض ‪ .‬وتكوم األوالد على‬
‫األرض ليجمعوا ما يقدرون عليه حىت أن‬
‫‪304‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ابتسامة كولني اتسعت مث انفجرت‬
‫ابلضحك ‪.‬‬
‫وأمسك أحدهم بذراعها فأدركت ‪ ،‬بعد‬
‫أن خفت ضحكتها وال زالت االبتسامة‬
‫عريضة على وجهها ‪ ،‬أن شخص ما قد‬
‫وصل وأهنا تسد عليه الطريق ‪ .‬فالتفتت‬
‫‪ ،‬الواصل املتأخر كان جوليانو إنريكو ‪،‬‬
‫والحظت أن نظرته مثبته على فمها‬
‫الضاحك ‪ ،‬الذي ابلكاد كانت تفتحه‬
‫‪305‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫للحديث يف رفقته خالل األايم القليلة‬
‫املاضية ‪ .‬واختفت االبتسامة ‪.‬‬
‫‪ -‬هل تتمتعني ابالحتفال ؟‬
‫لقد كنت أمتتع ‪ ...‬فلماذا جاء إىل هنا؟‬
‫وبرز حتفظها البارد بكامل قوته ‪ .‬فقالت‬
‫بربود ‪:‬‬
‫‪ -‬أجل ‪ ..‬كثريا‪.‬‬

‫‪306‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ولكنها مل تعد كذلك ‪ .‬فهي اآلن راغبة‬
‫برتك احلفلة‪ ،‬فوجوده قد أفسد سعادهتا‬
‫‪ ،‬وقالت خبشونة ولكن أبدب ‪:‬‬
‫‪ -‬اعذرين ‪...‬‬
‫وحاولت االبتعاد عنه ‪ .‬سوف تودع‬
‫اجلميع ‪ ،‬مث تبدأ ابلعودة إىل املنزل ‪ ،‬وقد‬
‫تلتقي مباركو يف الطريق ‪.‬‬
‫ولكن نيتها يف االبتعاد عن جوليانو مل‬
‫تصل إىل نتيجة ‪ .‬فعندما وصلت إىل‬
‫‪307‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫حيث والدا الطفلة الفخورين‪ ،‬كان‬
‫جوليانو إىل جانبها ‪ .‬ومتتم هلما ببعض‬
‫الكلمات ‪ ،‬مث وجدت نفسها تسري معه‬
‫ويده متسك ذراعها حبزم ‪ ،‬بينما كان‬
‫يتبادل التحيات مع احلاضرين ‪.‬‬
‫ماذا يظن أنه يفعل ‪ ..‬ميسك بذراعها‬
‫حبزم ‪ ،‬بينما كان يتبادل التحيات مع‬
‫احلاضرين ‪.‬‬

‫‪308‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ماذا يظن أنه يفعل‪ ..‬ميسك بذراعها‬
‫هكذا ‪ ،‬وأمام اجلميع يظهر أبنه مرافقها‬
‫؟ وغضبت ‪ ...‬ومل ترتدد عندما أصبحا‬
‫خارج املنزل يف أن جتذب ذراعها من‬
‫يده ‪ ،‬وهي تستعد لتوديعه بربود ‪.‬‬
‫وقالت ‪:‬‬
‫على األرجح سأراك وقت العشاء‪.‬‬

‫‪309‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وكانت هذه إشارة صرف له ‪ ،‬و لكنها‬
‫أدركت من نظرته الغاضبة أنه مل يعجبه ما‬
‫قالته‪.‬‬
‫‪ -‬سأصطحبك بنفسي إىل املنزل ‪.‬‬
‫‪ -‬ال ‪ ..‬سيأيت ماركو ملرافقيت ‪..‬‬
‫وسأذهب اآلن ما ‪...‬‬
‫‪ -‬ماركو لن أييت ليأخذك ‪ .‬وأنت لن‬
‫متشي إىل أي مكان يف هذا احلر ‪.‬‬
‫‪ -‬لقد اتفقت مع ماركو أن ‪...‬‬
‫‪310‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬وأان قلت له أن يتابع عمله‪.‬‬
‫وفكرت كولني بغضب ‪ ..‬اي إهلهي كم‬
‫تكرهه ! واضطرت ‪ ،‬قبل أن يقوم جبرها‬
‫ابلقوة ‪ ،‬أن تتجه إىل سيارته ‪ .‬ولكنها مل‬
‫تنظر إليه وهي جالسة بقربه ‪ .‬ومل يقم‬
‫بتشغيل احملرك على الفور ‪ ،‬مما دفعها‬
‫للنظر إىل وجهه املتجهم ‪.‬‬
‫‪ -‬يف املستقبل ال خترجي إىل أي مكان‬
‫مع ماركو ‪ ..‬هل هذا مفهوم ؟‬
‫‪311‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ومل تكن تنوي أبدا الذهاب مع ماركو إىل‬
‫أي مكان ‪ .‬ولكن هذا مل مينعها من‬
‫إجابته على الفور ‪:‬‬
‫‪ -‬من تظن نفسك‪.‬‬
‫‪ -‬أان الرجل الذي سيدفع أجرة سفرك ‪.‬‬
‫فردت عليه حبدة ‪:‬‬
‫‪ -‬أنت حتب أن تكرر هذا دائما!‬
‫وضرب بيده بقوة على املقود ‪ .‬لقد‬
‫أاثرته أكثر مما حيتمل ‪ .‬وقال راعدا ‪:‬‬
‫‪312‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬ابتعدي عنه !‬
‫وأدار السيارة بعنف‪.‬‬
‫واستغرقت رحلة العودة نصف الوقت‬
‫الذي استغرقته مع ماركو ‪ ،‬وبصمت‬
‫ثقيل جيثم كالقلعة ما بينهما‪.‬‬
‫توقعها أن تشاهد جوليانو عند العشاء‬
‫كان خاطئا ‪ .‬وشاهدت النور من حتت‬
‫ابب مكتبته ‪ ،‬ال بد أنه أمضى عدة‬
‫ساعات هناك ‪ .‬ورمبا سيتناول عشاءه‬
‫‪313‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وهو يعمل ‪ ..‬وهذا أفضل هلا فبقاؤه‬
‫داخل مكتبته‪ ،‬سيوفر عليها ضرورة‬
‫حتمله أكثر مما تستطيع‪.‬‬
‫واكتشفت مستغربة أن ال شهية هلا على‬
‫الطعام ‪ ،‬و ال ميكن أن يكون السبب ما‬
‫تناولته يف احلفلة ‪ ،‬ألهنا مل أتكل الكثري‬
‫هناك‪.‬‬
‫يف اليوم التايل كانت مشاعر الثورة تغلي‬
‫يف داخلها‪ .‬فقد سئمت وتعبت من‬
‫‪314‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫فرض جوليانو لقوانينه اخلاصة عليها ‪.‬‬
‫وها هو يوم آخر من الكسل وعدم‬
‫احلركة يواجهها ‪.‬‬
‫عند الساعة احلادية عشر من هذا‬
‫الصباح ‪ ،‬أحست ابلقلق وهي تقاوم‬
‫أوامر جوليانو أبن تراتح ‪ ،‬وفكرت أبن‬
‫تنظيف منزل مدير املزرعة أفضل هلا من‬
‫أن ال تعمل شيءا ‪ ،‬وكانت يف الباحة‬
‫اخلارجية عندما برز ماركو من جانب‬
‫‪315‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫املنزل ‪ .‬وفكرت أن تعتذر له ألنه تلقى‬
‫أتنيبا من جوليانو ابألمس ‪ .‬وسارت حنو‬
‫املرجة لتفعل هذا‪.‬‬
‫وبعد االعتذار ‪ ،‬رأت من ابتسامته اليت‬
‫تربز أسنانه الصفراء أنه ال حيمل أية‬
‫ضغينة ‪ ،‬وقال هلا ابإلنكليزية املكسرة ‪:‬‬
‫‪ -‬نزهة يف السيارة ؟‬
‫واعتقدت أنه يعين أبنه ذاهب إىل البلدة‬
‫لعمل ما ‪ ،‬وأنه يعرض عليها أن أيخذها‬
‫‪316‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫معه ‪ .‬وكان حيمل قطعة خشب يف يده ‪،‬‬
‫فرمبا هو حباجة ملسامري أو أي شيء هلذه‬
‫اخلشبة ‪.‬‬
‫وأبسف هزت رأسها ابلنفي ‪ .‬فهي لن‬
‫تستطيع بسهولة أن تنسى ما يستطيع‬
‫جوليانو فعله لشقيقها لو أهنا خطت‬
‫خطوة خارج حدود أمالكه ‪ .‬ولكن‬
‫التمرد يف داخلها ‪ ,‬وعرض ماركو أخذها‬

‫‪317‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫إىل البلدة أعطاها فكرة أخرى ‪ .‬فقالت‬
‫‪:‬‬
‫‪ -‬أنت‪ ..‬أتخذين إىل الكاسا اخلاص‬
‫ابملشرف؟‬
‫فقال هلا ماركو على الفور ‪:‬‬
‫‪ -‬سي‪ ..‬سي ‪.‬‬
‫وفكرت كولني ‪ ،‬كم هو لطيف ألنه مل‬
‫حيمل ضغينة ضدها لتسببها أبن يلذعه‬
‫جوليانو يوم أمس بلسانه ‪ .‬فقالت ‪:‬‬
‫‪318‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬مومنتو‪ ..‬دقيقة واحدة‪.‬‬
‫وبشعور مبهج ألهنا سرتد الكيل جلوليانو‬
‫إنريكو العظيم التبجيل ‪ ،‬أخذت تفتش‬
‫يف املكتبة حيث كانت قد شاهدت رزمة‬
‫مفاتيح ‪ ،‬ومل أتخذ وقتا طويال لتتعرف‬
‫إىل مفتاح منزل املشرف ‪ .‬فأخذته‬
‫وأسرعت إىل حيث يوقف ماركو عادة‬
‫سيارته ‪.‬‬

‫‪319‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وكان من عادهتا أن خترج من املنزل من‬
‫ابب املطبخ حنو الفناء اخلارجي ‪،‬‬
‫ونظرت إليها تينا ابستغراب فقالت هلا‬
‫كولني ‪:‬‬
‫‪ -‬منزل املشرف ‪ ...‬ماركو سيأخذين إىل‬
‫هناك ‪.‬‬
‫وعندما استمرت تينا تنظر إليها‬
‫ابستغراب أبرزت املفاتيح ‪ ،‬وكان رد فعل‬

‫‪320‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫تينا عندها مهتاجا وصاخبا ‪ ،‬فقالت‬
‫صائحة ‪:‬‬
‫‪ -‬ال ‪ ..‬ال ‪..‬‬
‫فضحكت كولني وأجابت ‪:‬‬
‫‪ -‬سي ! ‪ ..‬سي ‪ ..‬بلى‪.‬‬
‫واجتهت حنو الباب ‪ ..‬فلتقل جلوليانو ‪,‬‬
‫فلماذا ستهتم به ! سوف تعلق الستائر‬
‫اليوم ‪ ..‬وجلست إىل جانب ماركو يف‬
‫السيارة ‪ ،‬وانطلق هبا ‪ ،‬متجاهال خروج‬
‫‪321‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫تينا وهي تصيح به مبلء فمها ابإلسبانية‬
‫‪.‬‬
‫مرة أخرى خالل قيادته للسيارة ‪ ،‬ملست‬
‫يده ركبة كولني ‪ .‬ولكن االبتسامة على‬
‫وجهها عندما استدارت لتنظر إليه‬
‫تالشت فجأة ‪ ،‬حىت ولو ظنت أبهنا‬
‫ختيلت تلك النظرة على وجهه ‪.‬‬
‫وفكرت ‪ ..‬ال بد أنين خمطئة ‪ ،‬وبدأ‬
‫السرور يتالشى ‪ ،‬وحتركت حنو الباب‬
‫‪322‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫أكثر ‪ ،‬حىت وهي تظن أبهنا ختيلت تلك‬
‫النظرة يف عينيه ‪ ،‬ودفعها الشعور ابلقلق‬
‫للقفز فورا من "الفان" عندما أوقفها‬
‫ماركو قرب املنزل ‪ .‬وقالت ‪:‬‬
‫‪ -‬غراتسياس ماركو ‪.‬‬
‫واكتشفت أهنا اختارت املفتاح الصحيح‬
‫‪ ،‬إذ فتح ابب منزل املشرف ودخلت ‪،‬‬
‫الطابق األرضي كان كما تركته ‪ ،‬وشعرت‬
‫بطاقتها الكاملة ‪ ،‬فتوقفت يف املطبخ‬
‫‪323‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫حيث كانت تعليقات الستائر ‪ ،‬ومحلتها‬
‫مث صعدت إىل الطابق العلوي وهي‬
‫تتشوق لتعليقها‪.‬‬
‫وكانت تقوم بتثبيت العالقات على‬
‫الستائر عندما استدارت لسماع صوت‬
‫‪.‬‬
‫‪ -‬لنمرح‪ ..‬ايه سنيوريتا ؟‬
‫وقبل أن يستوعب عقلها ما قاله ‪ ،‬وماذا‬
‫يفعل هناك ‪ ،‬بدأت يداه الغليظتان‬
‫‪324‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫تفكان أزرار قميصه ‪ ..‬وتصاعد الذعر‬
‫فيها ‪ ،‬وشعرت ابلغثيان ‪ ،‬وجف فمها ‪..‬‬
‫اي إهلهي ‪ ..‬ميكن أن تصرخ حىت ينفجر‬
‫رأسها هنا ولن يسمعها أحد ‪ ،‬و قالت ‪،‬‬
‫حماولة أن جتعل صوهتا حازما ‪:‬‬
‫‪ -‬ال ‪ ..‬ماركو ‪ .‬لقد فهمت كل شيء‬
‫بشكل خاطئ ‪.‬‬

‫‪325‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وبدا أنه مل يسمعها أبدا ‪ ،‬وضحك ‪،‬‬
‫وعيناه جتوالن فوق جسدها وكأهنما‬
‫تعرايهنا ‪ ،‬واقرتب منها ‪.‬‬
‫وحتركت بسرعة بينما كان يفك حزامه ‪،‬‬
‫وقفزت من فوق السرير إىل اجلانب‬
‫اآلخر ‪ ،‬والتفتت إىل النافذة ‪ ،‬وتذكرت‬
‫أن هذه النافذة ابلذات مل تنفتح معها‬
‫املرة املاضية ‪ .‬فقالت ‪:‬‬
‫‪ -‬ال‪ ..‬ال مرح‪.‬‬
‫‪326‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وهو ابلتأكيد أقوى منها ‪ ،‬ولكن جيب‬
‫أن تبقى بعيدة عنه ‪ ،‬فلو تقدم منها‬
‫وأمسكها فلن تستطيع املقاومة ضد‬
‫جسده الضخم ‪ .‬وقال ‪:‬‬
‫‪ -‬سي ‪ ...‬فياستا ‪..‬‬
‫إذا فهو يريد أن حيتفل ‪ .‬ومل تتحرك‬
‫عيناها عنه ‪ ،‬والتقطت قضيب الستارة ‪.‬‬
‫قد ال يكون سالحا فعاال ضده ‪ ،‬ولكن‬
‫هذا كل ما استطاعت أن جتده‪.‬‬
‫‪327‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وشاهدته ينظر إىل القضيب يف يدها ‪،‬‬
‫وبدأ يضحك ‪ ،‬مث فجأة ‪ ،‬بعد أن ماتت‬
‫ضحكته ‪ ،‬ظنت أهنا مسعت يف الصمت‬
‫الذي تال صوت حمرك سيارة ‪ .‬وانبعث‬
‫األمل فيها ‪ ،‬ولكنها كانت خائفة من أن‬
‫تذهب إىل النافذة لتنظر إىل اخلارج ‪.‬‬
‫فيتمكن ماركو عندها من اإلمساك هبا ‪.‬‬
‫فهو مل يسمع شيئا ‪ ،‬كما الحظت ‪ ،‬فقد‬

‫‪328‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫أخذ يقرتب منها ابلتدريج وشاهدت‬
‫النظرة النهمة يف عينيه ‪.‬‬
‫مث توقف فجأة ‪ ،‬فقد مسع بدوره هدير‬
‫صيحة ‪:‬‬
‫‪ -‬كولني!‬
‫وتبع الصيحة وقع أقدام تصعد السلم‬
‫احلجري ‪.‬‬
‫وخفق قلبها بشكل أعنف ‪ ،‬وهذه املرة‬
‫من االرتياح ‪ ،‬واهنمرت الدموع من‬
‫‪329‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫عينيها بعد أن دخل جوليانو الغرفة ‪،‬‬
‫ونظرة غضب شيطاين على وجهه وقد‬
‫شاهدها تدافع عن نفسها بقضيب ستارة‬
‫رفيع ‪ .‬مث نظر إىل ماركو الذي انفجر‬
‫ابلثرثرة‪.‬‬
‫ما كان يقوله ماركو ‪ ،‬مل تفهم كولني منه‬
‫شيئا‪ .‬رمبا يقول أبهنا هي من أتت به إىل‬
‫هنا ‪ .‬ولكن جوليانو مل يهتم بتفسرياته‪،‬‬
‫إذ أخذ يزأر وكأنه الثور الربي ‪ ،‬وجر‬
‫‪330‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ماركو إىل خارج الغرفة بعيدا عن نظرها ‪.‬‬
‫ومن أصوات الضرب واللكم والصراخ‬
‫متكنت أن حتزر ما حدث ‪.‬‬
‫ومل يكن هناك شك يف ذهنها ‪ ،‬على‬
‫الرغم من ضخامة جسد ماركو ‪ ،‬أنه‬
‫سيحصل على أسوأ عقاب من جوليانو‬
‫‪ ،‬وشعرت ابألمتنان والدفء ملخدومها‬
‫الذي أسرع لنجدهتا ‪ ،‬وأتى من حيث ال‬
‫تدري إلنقاذها ‪.‬‬
‫‪331‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ومل تكن كولني معتادة على االستسالم‬
‫للبكاء ‪ ،‬ولكن خالصها من الرعب‬
‫الذي متلكها ‪ ،‬عرب عن نفسه بنحيب‬
‫عنيف أخذ يهز جسدها هزا ‪ ،‬ومل‬
‫تستطع إيقافه ‪.‬‬
‫وكانت الدموع ال تزال تنهمر على‬
‫وجهها عندما عاد جوليانو بعد دقائق ‪.‬‬
‫ومسعت صوت حمرك سيارة ماركو ‪،‬‬
‫وعلمت أن جوليانو مل يقتله ‪ .‬ومل تستطع‬
‫‪332‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫السيطرة على نفسها ألن دموعها ظلت‬
‫تنهمر ‪.‬‬
‫وجتاهلت نظرة الغضب يف عينيه وأخذت‬
‫تصيح ابنفعال ‪:‬‬
‫‪ -‬جوليانو‪ ..‬أوه جوليانو! إهنا غلطيت ‪..‬‬
‫أان ‪ ..‬أان مل أفهم ‪ ..‬كان علي أن أعرف‬
‫‪...‬‬
‫ومن خالل دموعها الحظت أن الغضب‬
‫زال عن وجهه ‪ ،‬وخبطوات سريعة أخذها‬
‫‪333‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫بني ذراعيه القويتني املرحيتني ‪ ،‬وأخذ‬
‫يربت بيده على ظهرها ليهدئها ‪ ،‬مث‬
‫قادها حنو السرير ليجلس معها هناك ‪،‬‬
‫ومهس بنعومة ‪:‬‬
‫‪ -‬وكيف ميكن أن تعريف هذا وأنت‬
‫تفتقرين إىل اخلربة ؟‬
‫ومد يده ليضع رأسها على كتفه ‪.‬‬
‫فبكت قائلة ‪:‬‬

‫‪334‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬كان علي أن أعرف ما هي نوعيته ‪..‬‬
‫لقد شككت أنت فيه ‪ ..‬لذا قلت يل أن‬
‫ال أذهب معه إىل أي مكان ‪ .‬أليس‬
‫كذلك ؟‬
‫وأسكتها بسرعة حماوال هتدئتها ‪:‬‬
‫‪ -‬لقد طردته‪ ..‬انتهى أمره اآلن ‪ ..‬ال‬
‫تفكري به ‪.‬‬
‫‪ -‬أان ‪ ..‬آسفة ‪..‬‬

‫‪335‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ولكن املشاعر اليت بقيت لسنوات طويلة‬
‫مكبوتة خرجت من قوقعتها العادية ومل‬
‫تعد تستطيع أن تسيطر عليها أبي شكل‬
‫كان ‪.‬‬
‫وأصبح حتفظها من املاضي ‪ ،‬فقد كانت‬
‫عطشى إىل كل ذرة من الراحة واألمان‬
‫اللذان توفرانه هلا ذراعه امللتفة من حوهلا‬
‫‪ ،‬وضمت نفسها إليه ‪ ،‬والتفت ذراعاها‬
‫حول وسطه وهي تتمسك به بلهفة ‪.‬‬
‫‪336‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ورفع يده عن شعرها ووضعها حتت‬
‫ذقنها لريفع رأسها كي ينظر إىل عينيها ‪.‬‬
‫كم يبدو غريبا أن شخص تكرهه كثريا‬
‫ميكن أن تشعر مبثل هذه الراحة بني‬
‫ذراعيه ‪ .‬وكل ما خطر بباهلا حتت نظرته‬
‫املتفحصة‪ ،‬كم أهنا تبدو سيئة املنظر له ‪:‬‬
‫‪ -‬ال بد أنين أبدو مريعة ‪.‬‬

‫‪337‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وكان هذا كل ما استطاعت قوله ‪،‬‬
‫وأصابعه الرقيقة متسح املوع عن وجهها‬
‫املبلل ‪ .‬وقال بنعومة ‪:‬‬
‫‪ -‬أنت تبدين مجيلة ‪.‬‬
‫ومن حيث ال تدري ‪ ،‬استطاعت أن‬
‫ترسم ابتسامة على شفتيها ‪ ،‬ألنه قال هلا‬
‫مرة أهنا تبدو مجيلة عنما تبتسم ‪.‬‬
‫وساد اهلدوء الغرفة ‪ ،‬ومل تعد كولني‬
‫تبكي ‪ ،‬ومل تعد تشعر برغبة يف البكاء ‪.‬‬
‫‪338‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫كانت ملتصقة به ‪ ،‬ألن شيئا ما كان‬
‫حيدث هلا ومل تكن واثقة ما هو ‪ .‬وكل ما‬
‫أصبحت أكيدة منه أهنا قطعا ال تكرهه‬
‫أبدا ‪ .‬ألن التصاقها به هكذا مل يكن‬
‫يبدو هلا أمر خاطئ ‪ .‬وقال جوليانو‪:‬‬
‫‪ -‬أعتقد ‪ ..‬أن علينا الذهاب اآلن ‪.‬‬
‫‪ -‬أجل ‪..‬‬

‫‪339‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ولكنها مل تبعد ذراعيها عنه ‪ ،‬كما مل يبعد‬
‫هو أيضا ذراعيه عنها ‪ .‬وقال وهو ينظر‬
‫إىل عينيها ‪:‬‬
‫‪ -‬أان ‪..‬‬
‫مث صمت اثنية ومد ذراعه األخرى ليلفها‬
‫من حوهلا يف عناق انعم طويل ‪ .‬ومهس‬
‫يف أذهنا ‪:‬‬
‫‪ -‬ال ختايف ‪..‬‬

‫‪340‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وأرادت أن تقول له أبهنا ليست خائفة ‪،‬‬
‫ولكنها مل تكن متأكدة من هذا ‪ ،‬فلم‬
‫تقل شيئا ‪ ،‬بل مهست بصوت مرجتف‬
‫"جوليانو" فقال بنعومة ‪:‬‬
‫‪ -‬هل ضايقتك ؟‬
‫وردت عليه هامسة "أوه‪ ..‬ال" ‪.‬‬
‫وامحر وجهها ملا قالته ‪ ،‬وابتسم عندما‬
‫شهد امحرارها ‪ .‬ومهس هلا ‪:‬‬
‫‪ -‬يت كويرو ‪.‬‬
‫‪341‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬وماذا يعين هذا ؟‬
‫فابتسم حبنان ‪:‬‬
‫‪ -‬أريدك ‪ ...‬يت آمو ‪.‬‬
‫وعانقها من جديد ‪ ،‬وأحست بشيء يف‬
‫حنجرهتا حاولت أن هتدئه فلم تستطع‬
‫‪ ...‬كانت على وشك االنفجار بنوبة‬
‫سعال حاد مؤمل ‪ .‬وانتاهبا الذعر هلذا ‪،‬‬
‫فدفعته بصدره ليبتعد عنها ‪ ،‬وتركها على‬
‫الفور لتجلس مراتحة ‪.‬‬
‫‪342‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫نوبة السعال مل حتدث ‪ .‬ولكنها علمت‬
‫أهنا أفسدت كل ما كان جيري بينهما ‪.‬‬
‫وكانت على وشك أن تقول إهنا آسفة ‪،‬‬
‫ولكن العبوس الذي شاهدته على وجهه‬
‫منعها ‪ ،‬مث عاودها حتفظها من جديد ‪.‬‬
‫وقال هلا خبشونة ‪:‬‬
‫‪ -‬أنت دائما ختتارين اللحظة املناسبة اي‬
‫كولني شادو ‪ ،‬لتذكري الرجل أبنك‬
‫مريضة مؤخرا ‪ ..‬وحتتاجني للراحة!‬
‫‪343‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫كيف تستطيع أن تقول له أهنا خبري ؟‬
‫منذ دقائق كان إبمكاهنا أن تقول هذا‬
‫ولكن هذا قبل أن يعود حتفظها إليها ‪،‬‬
‫فالفتاة اليت عادت لتكوهنا اآلن لن حتلم‬
‫أبدا ابلقول له أي شيء قد يفسره وكأنه‬
‫دعوة له ‪ .‬وسألته وهي حباجة ألن تبعد‬
‫تفكريها عما حدث للتو ‪ ،‬أو عما‬
‫أرادت هي أن حيدث ‪:‬‬
‫‪ -‬وكيف عرفت أبنين هنا ؟‬
‫‪344‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وابتسم هلا ابتسامة أخربهتا أبنه أصبح‬
‫يعرفها معرفة أكثر مما تفضل أن يعرفها ‪،‬‬
‫وأجاهبا بقسوة ‪:‬‬
‫‪ -‬لقد عدت إىل املنزل ألجري مكاملة‬
‫هاتفية حول حفلة عشاء عمل هذة‬
‫الليلة ‪ ..‬ولكن قبل أن أقرتب من مكتيب‬
‫‪ ،‬ركضت تينا إيل وأخربتين أنك خرجت‬
‫للتو مع ماركو ‪ ..‬لقد استطعت أن تري‬

‫‪345‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫بنفسك ماذا حيدث عندما ال تطيعني‬
‫أوامري اي كولني ؟‬
‫ومتنت كولني لو أهنا تستطيع أن تكون‬
‫قاسية مثله ‪ ،‬لو أهنا تستطيع أن تكون‬
‫جتد ذلك التمرد السابق يف نفسها لتقول‬
‫له إهنا ليست أنثى مطيعة ‪ ،‬حىت ولو أن‬
‫أوامره أبن تبقى بعيدة عن ماركو ثبت‬
‫أبهنا مصيبة ‪ .‬ولكنها كانت قد مرت‬

‫‪346‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫برعب حقيقي ‪ ،‬مل يرتك يف نفسها ذرة‬
‫مترد ‪ .‬وقالت له ‪:‬‬
‫‪ -‬لقد قلت إنين آسفة!‬
‫وأملت أن يرتك احلديث يف املوضوع ‪،‬‬
‫ولكنه مل يفعل بل سأهلا ‪:‬‬
‫‪ -‬ملاذا أتيت إىل هذا املنزل ؟ لقد‬
‫ظننت أن منزيل مريح أكثر ‪.‬‬
‫‪ -‬املكان يعجبين ‪.‬‬
‫‪ -‬أتقولني أبن منزيل ال يعجبك ؟‬
‫‪347‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬ليس األمر هكذا ‪.‬‬
‫‪ -‬وما هو إذا؟‬
‫‪ -‬أردت ‪ ..‬ان أعمل شيئا ‪ .‬فأان أشعر‬
‫خبري اآلن ‪ ،‬ومليئة ابحليوية ‪ .‬مل أسعل‬
‫منذ أايم ‪.‬‬
‫وامحر وجهها عندما تذكرت الوخز الذي‬
‫شعرت به يف حنجرهتا يف حلظة غري‬
‫مناسبة أبدا ‪ .‬وبشكل ال يصدق وجدته‬
‫وقد عاودته روحه املرحة عندما تذكر‬
‫‪348‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫بدوره تلك السعلة الصغرية اليت مل تكن‬
‫يف وقتها املناسب ‪ ،‬وأخذ يضحك وهو‬
‫يقول ‪:‬‬
‫‪ -‬جيب أن تفعلي شيئا حول هذا‬
‫السعال املثري لألعصاب ‪.‬‬
‫وترك هلا أن تستنتج كل ما تريد من وراء‬
‫مالحظته ‪ .‬وعادت بسرعة إىل املوضوع‬
‫الذي كاان يتحداثن به ‪:‬‬

‫‪349‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أان‪ ..‬لست معتادة على الكسل ‪.‬‬
‫وأردت أن أقوم بعمل ما ‪.‬‬
‫وحلسن احلظ جنحت يف دفع تفكريه إىل‬
‫إجتاه آخر ‪ ،‬وأختفت ابتسامته ‪ ،‬ولكن‬
‫قسوته مل تعد ‪ ،‬وقال عابسا ‪:‬‬
‫‪ -‬لن تعودي إىل هنا اثنية ‪.‬‬
‫ومل تعرف كيف ستعده هبذا ‪ ،‬فقلة احلركة‬
‫قد أثرت على أعصاهبا ‪ ،‬ومبا أن هناك‬
‫الكثري من العمل هنا ‪ ،‬وماركو مطرود ‪،‬‬
‫‪350‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫فهي لن تستطيع أن تعده أبن ال تعود‬
‫إىل هنا لتكمل عملها ‪ ،‬ولكن عليها أن‬
‫جتد وسيلة أخرى إذا مل يقبل جوليانو أبن‬
‫يوصلها إىل هنا ‪ ...‬ومسعته يقول ‪:‬‬
‫‪ -‬هل مسعتين اي كولني ؟‬
‫‪ -‬ال أستطيع‪ ..‬أن أعدك‪.‬‬
‫ورفعت إليه عينيها العنيدتني ‪ ،‬والحظت‬
‫أنه ال يهتم بعناد املرأة‪.‬‬

‫‪351‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ولكن األمر اآلن يف قبضة يدها ولن تدع‬
‫هذه الفرصة تفلت ‪ .‬وقال هلا ‪:‬‬
‫‪ -‬حسن جدا ‪ ...‬تعايل إىل هنا إذا‬
‫أحببت‪.‬‬
‫وظنت أن احلديث انتهى ‪ ،‬فوقفت ‪،‬‬
‫ولكنه مل يكن قد أهنى كالمه ‪:‬‬
‫‪ -‬مع أنين جيب أن أحذرك ‪ ،‬حىت لو‬
‫طردت ماركو خارج أمالكي ‪ ،‬إال أن‬
‫األمالك واسعة جدا وال أستطيع ضمان‬
‫‪352‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫أن ال يتسلل إليك يف ليلة مظلمة ‪ .‬لقد‬
‫قلت من قبل إن هذا املنزل كان حمتال ‪،‬‬
‫أمل أقل لك هذا؟‬
‫هل هو خيدعها أم أنه جاد ؟ وهل يعتقد‬
‫حقا أن ماركو قد يعود ‪ ،‬أم أنه قال هذا‬
‫كي خييفها ويتأكد من أهنا لن تقرتب من‬
‫هذا املكان اثنية ؟ واعتقدت أن الفكرة‬
‫األخرية هي الراجحة ‪ .‬ولكن حىت ولو‬
‫كانت راجحة ‪ ،‬فهي لن ختاطر ‪ .‬وظهر‬
‫‪353‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫على وجهها ذلك الوعد الذي أراده‬
‫جوليانو أبن ال تقرتب مرة أخرى من هذا‬
‫املنزل ‪ .‬لكن روح التمرد عاودهتا أخريا‪:‬‬
‫‪ -‬أنت كذاب قذر‪.‬‬
‫وبدأ يضحك ‪:‬‬
‫‪ -‬هذا ليس لطيفا منك أبدا اي سنيوريتا‬
‫‪ .‬بعد كل ما فعلته ألجلك!‬
‫***‬

‫‪354‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫و تناولت كولني عشاءها وحيدة ‪،‬‬
‫وعادت إىل غرفتها ‪ ،‬وهي منزعجة ألن‬
‫رفيقها الوحيد على العشاء كان مرتبطا‬
‫مبوعد عشاء عمل يف اخلارج ‪ ،‬أو رمبا‬
‫هو يتناول العشاء مع إمرأة ‪ ،‬ال ينتاهبا‬
‫سعال عصيب يف اللحظة غري املناسبة ‪.‬‬
‫عندما استلقت يف فراشها عاودهتا ذكرى‬
‫ما قاله ساخرا "بعد كل ما فعلته‬

‫‪355‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ألجلك!" و مل تستطع أن جتد سبيال إىل‬
‫النوم ‪.‬‬
‫ابلنسبة هلا ‪ ،‬ما فعله كان أكثر من‬
‫إنقاذها من ورطتها يف (كواريتارو)‪ .‬فهذا‬
‫الصباح أيقظها من طفولتها وأدخلها إىل‬
‫مرحلة األاثرة والعاطفة ‪.‬‬
‫عند منتصف الليل ‪ ،‬مسعته يعود ‪،‬‬
‫عندها استطاعت أن تنام ‪.‬‬

‫‪356‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ولكنها استيقظت عند الواحدة ‪،‬‬
‫وشعرت أبهنا لن تستطيع النوم اثنية‬
‫فأضاءت املصباح الصغري قرب السرير‬
‫وجلست ‪.‬‬
‫وعاد التفكري يف جوليانو يشغل ذهنها‬
‫اثنية ‪ .‬وأسرتعى انتباهها دخول حشرة‬
‫طائرة ضخمة تبلغ الثالث انشات طوال‬
‫‪ ،‬عرب النافذة لتقف على الطاولة‬
‫الصغرية قرب السرير‪.‬‬
‫‪357‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وبقفزة واحدة خرجت من سريرها‬
‫واجتهت حنو الباب ‪ ،‬وفكرت بذعر أن‬
‫لسعة هذه احلشرة قد تكون سامة ‪،‬‬
‫وحتركت كولني بسرعة أكثر ‪ ،‬ومل ترتدد‬
‫سوى حلظة قبل أن تفتح الباب وخترج ‪،‬‬
‫مث اجتهت إىل الغرفة اليت أشارت إليها‬
‫اميا مرة على اهنا غرفة جوليانو ‪،‬‬
‫وصاحت ‪:‬‬
‫‪ -‬جوليانو‪ ..‬جوليانو!‬
‫‪358‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وحاولت أن تسيطر على رعبها ‪ ،‬مع أهنا‬
‫أقفلت الباب على تلك احلشرة اخلضراء‬
‫املخيفة ‪ .‬وعندما فتح الباب وهو يلف‬
‫الروب من حوله أكملت ‪:‬‬
‫‪ -‬هناك ‪ ..‬شيء ‪ ..‬شيء يف غرفيت!‬
‫‪ -‬شيء ؟‬
‫ال بد أنه كان ال يزال نصف انئم ‪،‬‬
‫ولكن عندما شاهد ذعرها استيقظ متاما‬
‫‪:‬‬
‫‪359‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬ما هذا الشيء ‪ ...‬ابقي هنا‪.‬‬
‫وأزاحها جانبا وسار ابجتاه غرفتها ‪،‬‬
‫ولكنها مل تستطع تركه يدخل دون أن‬
‫تنذره ‪.‬‬
‫‪ -‬أهنا حشرة خضراء كبرية ‪ ،‬ولست‬
‫أدري إذا كانت سامة أم ال ‪.‬‬
‫ودون تردد فتح جوليانو الباب ‪،‬‬
‫ودخلت كولني معه وقلبها خيفق رعبا ‪.‬‬
‫رأت‪ ،‬كما رأى هو ‪ ،‬أن احلشرة مل‬
‫‪360‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫تتحرك من مكاهنا ‪ ،‬فهمست وهي‬
‫خائفة أن تبعد عينيها عن احلشرة ‪.‬‬
‫‪ -‬ما هذه ؟ هل هي خطرة ؟‬
‫‪ -‬عادة ‪ ..‬مثل هذه الوحوش ‪ ،‬جتد هلا‬
‫مسكنا يف شجرة اخلوخ ‪.‬‬
‫‪ -‬أعلم هذا ‪ .‬فهناك شجرة خوخ‬
‫خارج غرفيت ‪.‬‬

‫‪361‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬جيب أن نتخلص منها اي كولني ‪..‬‬
‫وعليك أن تكوين شجاعة جدا ‪ ...‬فهل‬
‫أنت شجاعة اي كولني؟‬
‫كانت تعلم أهنا ليست شجاعة أبدا ‪.‬‬
‫فلو كانت مصنوعة من معدن البطالت‬
‫لكان عليها أن ترتك والدها عندما طلب‬
‫منها شقيقها ذلك ‪ ،‬وقالت كاذبة ‪:‬‬
‫‪ -‬أجل ‪ ..‬ماذا تريدين أن أفعل ؟‬
‫‪ -‬أعطيين يدك‪.‬‬
‫‪362‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ووضعت يدها على الفور يف يده ‪ ،‬وهي‬
‫تتمىن أن ال يشعر ابرجتافها ‪ .‬و تقدم‬
‫جوليانو حنو طاولة السرير ‪ ،‬فأخذ العرق‬
‫البارد يتصبب على جسدها ‪ ،‬وهو يرفع‬
‫يده األخرى وميدها ‪ ،‬وراقبته حابسة‬
‫أنفاسها ‪ ،‬وهي ترغب يف اهلرب ‪ ،‬كلما‬
‫اقرتبت يده أكثر من ذلك الشيء ‪.‬‬
‫وشجعت نفسها كي تطبق أي تعليمات‬
‫يصدرها ابحلرف الواحد‪.‬‬
‫‪363‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫مث ‪ ،‬وبعد أن بلغت أعصاهبا درجة‬
‫االهنيار ‪ ،‬أطبق جوليانو يده على احلشرة‬
‫بسرعة وأمسك هبا ‪ ،‬واستدار حنو كولني‬
‫وابتسامة متأل وجهه من األذن حىت‬
‫األذن ‪ ..‬وقال‪:‬‬
‫‪ -‬أيتها احلشرة الربيئة غري املؤذية ‪ ،‬لقد‬
‫أخفت كولني حىت املوت!‬

‫‪364‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وبينما كانت كولني تقف مشدوهة وفمها‬
‫مفتوح ‪ ،‬ترك يدها وتقدم حنو النافذة‬
‫حيث أطلق احلشرة‪.‬‬
‫حشرة خضار غري مؤذية ! وحتول خوف‬
‫كولني الفظيع إىل غضب شديد مل تعرفه‬
‫من قبل فأخذت تصرخ ‪:‬‬
‫‪ -‬أنت خنزير! أنت شيطان كذاب قذر‬
‫! لقد أرعبتين!‬

‫‪365‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫غضبها كان أكرب من أن حتتويه الكلمات‬
‫‪ ،‬وكالوحش الكاسر تقدمت منه‬
‫وأخذت تضربه بقبضتيها ‪ ,‬وأمسك‬
‫مبعصميها وقال ضاحكا ‪:‬‬
‫‪ -‬أوه اي كولني! لقد كذبت أنت أيضا‬
‫‪ .‬ومل أستطع أن أقاوم هذا املزاح ‪ ،‬ليس‬
‫بعد أن قلت يل كم أنت شجاعة ‪.‬‬
‫‪ -‬هذا ليس عذرا!‬

‫‪366‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وأخذت ترفسه بقدميها العاريتني ‪ ،‬وهي‬
‫تتلوى كي ختلص نفسها ‪ ،‬وكان ال يزال‬
‫يضحك عندما مسعها تقول "أيها اهلمجي‬
‫املكسيكي" فرد عليها ‪:‬‬
‫‪ -‬لقد ظننت أنك عاطفية هذا الصباح‬
‫أيتها القطة املتوحشة ‪ ،‬ولكن‪...‬‬
‫‪ -‬أترك ما حدث هذا الصباح خارج‬
‫هذا املوضوع!‬

‫‪367‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ومل تالحظ أن مقاومتها قد تسببت يف‬
‫الوقوع كرسي على طاولة الزينة وأن‬
‫حلية مكسيكية أثرية وقعت على‬
‫األرض‪.‬‬
‫وزادها الفشل غضبا ‪ ،‬ألن حماوالهتا‬
‫لإلفالت منه كانت دون جدوى ‪.‬‬
‫وعادت ترفسه اثنية ‪ .‬ولكن هذا أكد هلا‬
‫أكثر ‪ ،‬وأبمل‪ ،‬أهنا حىت لو خرجت عن‬

‫‪368‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫طورها ‪ ،‬فجوليانو يعرف متاما كيف‬
‫يسيطر عليها ‪.‬‬
‫فبدون أي جهد ‪ ،‬التقط ركبتها من‬
‫خلف بقدمه ‪ ،‬وقبل أن يسقطا إىل‬
‫األرض لوحها كي يسقطا معا فوق‬
‫السرير ‪ .‬وما اسرتدت أنفاسها حىت‬
‫أحست ابلفراش الثابت من حتتها وجسد‬
‫جوليانو القاسي من فوقها ‪ .‬وعندها‬
‫فقط ذهب عنها غضبها ‪ ،‬بعد أن‬
‫‪369‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫اجتاحتها أحاسيس خمتلفة متاما ‪ .‬وقالت‬
‫‪" :‬جوليانو" ووجدت نفسها عاجزة عن‬
‫قول املزيد فقال هلا وهو ينظر يف عينيها‬
‫‪:‬‬
‫‪ -‬ال أبس عليك‪ ..‬سأتركك حاال ‪،‬‬
‫ولكن دعيين أراتح بقربك للحظات‬
‫ألمتكن من األعتذار عما فعلته ‪.‬‬
‫ما فعله كان يتالشى من ذهنها أكثر‬
‫فأكثر‪ ،‬وكل ما كانت تفكر به اآلن أهنا‬
‫‪370‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ال تريده أن يذهب ‪ .‬أرادت بقاءه ‪،‬‬
‫وهي تعلم أنه يريد أن يبقى ‪ ،‬وقال هلا ‪:‬‬
‫‪ -‬جيب أن ال نتعانق ‪ ..‬هل إبمكانك‬
‫مساحميت على ختويفك هكذا؟‬
‫‪ -‬وملاذا ‪ ..‬فعلت؟‬
‫‪ -‬أكثر من مرة نظرت إيل نظرة ازدراء ‪.‬‬
‫وعندما أتيت بك إىل املنزل اليوم مل تكن‬
‫هذه املرة األوىل اليت تنظرين إيل فيها‬
‫ابزدراء‪ .‬وكنت أخشى أن ال استطيع‬
‫‪371‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫مقاومة مشاعري عندما تصبحني دافئة‬
‫أكثر معي ‪.‬‬
‫رده أدهشها وجعلها تتحرك ‪ ،‬وأحست‬
‫به يتوتر ‪ ،‬ومسعته يقول ابنفعال‪:‬‬
‫‪ -‬ابقي جامدة ‪ ..‬اي كولني ‪ ..‬حبق هللا‪.‬‬
‫‪ -‬أظن ‪ ..‬أظن أن عليك الذهاب ‪.‬‬
‫االبتسامة يف عينيه أعلمتها أبنه يعرف‬
‫أهنا تكذب ‪ ،‬ولكنه جتاوز عن كذبتها ‪،‬‬

‫‪372‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫رمبا ليعوض عنها اخلوف الذي أصاهبا‬
‫وقال وهو يبتعد عنها ‪:‬‬
‫‪ -‬أظن أنك على صواب ‪.‬‬
‫ولكن قبل أن يتحرك أكثر ‪ ،‬مسعا صوات‬
‫عند الباب ‪ ،‬وأدركت كولني عندها أنه‬
‫إذا مل يكن قرعها على ابب جوليانو‪،‬‬
‫وصراخها له أبعلى صوهتا قد أوقظ‬
‫أحدا ‪ ،‬فإن صوت الكرسي يقع واحللية‬

‫‪373‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫املكسيكية تصطدم ابألرض كافيان‬
‫إليقاظ كل من يف املنزل ‪.‬‬
‫ولكنها حلظتها كانت مرعوبة ومل تفكر‬
‫بكل هذا ‪ .‬ونظرت بسرعة إىل الباب‬
‫ورأت تينا مل تكن لوحدها بل أن أمادو‬
‫معها يقفان أمام الباب ‪.‬‬
‫ومل يكن هناك أي شك من التعبري الذي‬
‫برز على وجه تينا ما قد ظنته حول ما‬
‫كان يفعله السنيور يف غرفة نومها ‪.‬‬
‫‪374‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وقبل أن تصدر كولني أي صوت ‪،‬‬
‫وكذلك جوليانو ‪ ،‬الذي مل يقم أبي‬
‫جمهود ليشرح هلما عن موضوع احلشرة ‪،‬‬
‫ودون أن يصدر عن تينا وأمادو أية‬
‫كلمة ‪ ،‬ابتعدا عن الباب واختفيا عن‬
‫النظر ‪.‬‬
‫‪ -‬ملاذا مل تقل شيئا؟‬
‫‪ -‬وماذا كان علي أن أقول ؟‬

‫‪375‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬لقد ظنا ‪ ..‬ظنا أننا كنا ‪ ..‬كنا انئمني‬
‫معا‪.‬‬
‫‪ -‬أومل نكن هكذا؟‬
‫ورفع حاجبه بطريقة ساخرة كانت آخر‬
‫قشة تقصم ظهر البعري ‪ ،‬فقالت ‪:‬‬
‫‪ -‬ليس ابلطريقة اليت ظناها‪.‬‬
‫‪ -‬وهل يقلقك ما تظنه تينا وزوجها‬
‫الطيب ؟‬

‫‪376‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وتذكرت وجه تينا غري املبتسم ‪،‬‬
‫واالبتسامتني الوحيدتني اللتان رمتها هبما‬
‫‪ ،‬وعلمت متاما أي منها تفضل ‪ .‬فقال‪:‬‬
‫‪ -‬نعم ‪ ..‬نعم يهمين ‪.‬‬
‫وأدركت عندها من النظرة يف عينيه أن‬
‫ما سيقوله هلا ‪ ،‬إما أن جيعلها تضربه أو‬
‫يسكتها‪ ..‬مث قال وهو يهز كتفيه دون‬
‫اكرتاث ‪:‬‬

‫‪377‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬حسن جدا ‪ ...‬إذا كان رأي تينا‬
‫وزوجها يقلقك هلذه الدرجة ‪...‬‬
‫فسأتزوجك‪.‬‬

‫‪378‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫الفصل السابع‬
‫اخلطوبة‬

‫عندما استيقظت كولني لتواجه يوما‬


‫مشرقا جديدا ‪ ،‬تذكرت ما حدث ليلة‬
‫أمس ‪ ،‬وكيف أهنا ردت على جوليانو‬
‫أبهنا "ليست قلقة هلذه الدرجة" على‬
‫قوله هلا دون اكرتاث "سأتزوجك"‪ ..‬ومل‬
‫يتأثر أبدا برفضها له ‪ ،‬وتوقف إلعادة‬
‫‪379‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫الكرسي مكاهنا قبل أن خيرج هبدوء من‬
‫الغرفة ‪.‬‬
‫وتركت فراشها ‪ ،‬يف وقت ما من هذا‬
‫النهار ستواجه مدبرة املنزل وجها لوجه ‪.‬‬
‫وكما توقعت ‪ ،‬النظرات القامتة كانت‬
‫سيدة هذا اليوم ‪ .‬وحىت اميا ‪ ،‬اليت كانت‬
‫دائما مرحة ومتألقة ‪ ،‬بدت متأثرة‬
‫بتصرفات تينا احلادة وغري املبتسمة ‪.‬‬

‫‪380‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وعندما غادرت اميا إىل منزهلا ‪ ،‬صعدت‬
‫كولني إىل غرفتها لتغسل شعرها خالل‬
‫الوقت الباقي ‪ ،‬ومتنت لو أن هناك‬
‫وسيلة سحرية تنقلها على الفور إىل‬
‫إنكلرتا ‪ ،‬فوجه تينا كان داكنا مثل الرعد‬
‫طول اليوم ‪ ،‬وحىت أمادو جنح يف أن‬
‫يبقى صامتا ‪.‬‬
‫هل هكذا سيدوم احلال إىل أن تكسب‬
‫ما يكفي لثمن تذكرهتا ؟‬
‫‪381‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وكيف ستكسبها إذا كان جوليانو مصرا‬
‫على أن يعاملها وكأهنا نصف معاقة وال‬
‫يسمح هلا أبن تفعل شيئا ؟‬
‫كان شعرها يشع ابلنظافة واحليوية عندما‬
‫ارتدت فستاهنا الطويل الوحيد ‪ ،‬الذي مت‬
‫غسله اآلن عدة مرات مع كل ما حتتويه‬
‫خزانة ثياهبا ‪ ،‬وهكذا أصبحت مستعدة‬
‫لالنضمام إىل جوليانو لتناول العشاء‪.‬‬

‫‪382‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ومل يكن جوليانو على موعد عشاء يف‬
‫اخلارج ‪ ،‬وال يف مكتبته ‪ ،‬بل شاهدته‬
‫وهو على وشك الصعود على السلم‬
‫عندما بدأت هي تنزل ‪ .‬وأحست أبنه‬
‫يراقب كل خطوة ختطوها وهو واقف‬
‫عند أسفل السلم وعيناه مثبتتان على‬
‫شعرها األشقر اللماع ‪ ،‬دون ذكر‬
‫االمحرار الفجائي الذي لون خديها‬

‫‪383‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫لذكرى حرارة جسده ابلقرب منها ليلة‬
‫األمس ‪.‬‬
‫ومل يكن لديها أي شيء تقوله إىل أن‬
‫وصلت إليه ‪ ،‬فقال واالبتسامة يف عينيه‬
‫وقد الحظ ازدايد االمحرار الذي غطى‬
‫وجهها ‪:‬‬
‫‪ -‬كنت على وشك الصعود ألصطحبك‬
‫‪.‬‬
‫‪ -‬أوه ‪...‬‬
‫‪384‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وتساءلت يف نفسها ملاذا ال تستطيع أن‬
‫تتعامل مع ما حدث ليلة أمس بينهما‬
‫بطريقة عفوية كما تفعل ابقي الفتيات ‪.‬‬
‫ودون ذلك اخلفقان يف قلبها ‪ ،‬الذي بدأ‬
‫منذ أن شاهدته ‪ .‬ومجعت كل برودها‬
‫لتتابع قوهلا ‪:‬‬
‫‪ -‬ستتناول العشاء يف املنزل الليلة إذا ؟‬
‫وتالشت االبتسامة عن وجهه على الفور‬
‫هلذا التصرف املتعجرف ‪ .‬فصاح هبا ‪:‬‬
‫‪385‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬توقفي عن هذا اي كويل!‬
‫وفهمت ما يقصده ‪ ،‬ولكنها تظاهرت‬
‫أهنا مل تفهم حماولة احلفاظ على موقفها ‪:‬‬
‫‪ -‬أتوقف ؟‬
‫وحاولت جتاوزه واملرور أمامه ورأسها‬
‫مرفوع عاليا ‪ ،‬ولكنه أوقفها وأمسكها‬
‫بيده القوية حبزم ومنعها من أن تتقدم‬
‫خطوة واحدة ‪.‬‬

‫‪386‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ونظرت ابزدراء إىل يده على ذراعها ‪ ،‬مث‬
‫إىل عينيه الزرقاوين‪.‬‬
‫ولكنه سيطر على الغضب الذي أاثرته‬
‫فيه أبعصاب فوالذية ‪:‬‬
‫‪ -‬هذا االمحرار على وجهك يقول يل إن‬
‫كولني شادو الطبيعية دافئة‪ .‬إمرأة بدم‬
‫أنثوي كامل احتويتها بضع مرات بني‬
‫ذراعي‪ ..‬لذا تنازيل عن كربايئك اي كولني‬
‫شادو ‪.‬‬
‫‪387‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وعادت االبتسامة إىل وجهه اثنية ‪ ،‬ورفع‬
‫حاجبه وهو يقول ممازحا‪:‬‬
‫‪ -‬إال إذا أحببت أن أفعل شيئا ألخرج‬
‫املرأة الكاملة فيك ‪ ،‬من خمبئها ؟‬
‫وهتاوت عجرفتها املصطنعة ‪ ،‬فقالت‬
‫وكأهنا تعتذر ‪ ،‬فهي تعرف متاما أنه ال‬
‫ميزح ‪ ،‬فقد فعل هذا من قبل ‪:‬‬

‫‪388‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أان‪ ..‬متحفظة بطبعي‪ ..‬و‪ ..‬ال تظن‬
‫أنين أتعمد العجرفة‪ ...‬فمرتني بني‬
‫ذراعيك تكفياين‪...‬‬
‫‪ -‬أنت لست ابرعة يف العد‪.‬‬
‫وبدا أنه تفهم أن حتفظها أمر طبيعي فيها‬
‫‪ ،‬فأنزل يده عن ذراعها وأشار بنفس‬
‫اليد أن تدخل غرفة الطعام ‪ .‬قائال بربود‬
‫‪:‬‬

‫‪389‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬العشاء يبدو أفضل من هذا احلديث‬
‫‪.‬‬
‫ومع عودة جوليانو لربوده ‪ ،‬وغضب‬
‫كولني املختفي وراء حتفظها ‪ ،‬كان جو‬
‫العشاء غري مريح‪.‬‬
‫وزاد األمر سوءا بدخول تينا لتقدم‬
‫الطعام ‪ ،‬ومل تبتسم ألي منهما ‪ ،‬وأخذت‬
‫كولني حترك اللحم واخلضار دون شهية ‪،‬‬
‫فقال هلا ‪:‬‬
‫‪390‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬ماذا دهاك حبق الشيطان ؟‬
‫‪ -‬ال شيء ‪.‬‬
‫وجعله جواهبا على حافة االنفجار ‪.‬‬
‫فصاح ‪:‬‬
‫‪ -‬بل هناك شيء وحق اجلحيم! مل أتكلي‬
‫ما يكفي لقوت عصفور ‪ ،‬وجتنبيت النظر‬
‫إىل تينا يف كل مرة دخلت فيها إىل هنا‬
‫‪ ...‬فهل أنت ضعيفة الشخصية لدرجة‬
‫أن ال تتقبلي فكرة نسيان تربيتك الباردة‬
‫‪391‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫حىت ولو يف بعض األحيان ؟ هل هذه‬
‫هي مشكلتك ؟‬
‫‪ -‬أان لست ضعيفة الشخصية ‪...‬‬
‫رمبا كانت تظن هذا بنفسها ‪ ،‬ولكنها‬
‫علمت العكس بعدما غادرت إنكلرتا ‪،‬‬
‫ولكنه أطلق غضبا يف داخلها ‪ ،‬مل تكن‬
‫تعرتف أبهنا متتلكه ‪ ،‬وأكملت كالمها ‪:‬‬

‫‪392‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬وإذا كانت شهييت ضعيفة ‪ ،‬فماذا‬
‫تتوقع غري هذا وتينا تبدو وكأهنا أتمل أن‬
‫أختنق بكل ما آكله ‪.‬‬
‫وصمتت فجأة ‪ ،‬مرتعبة مما قالته ‪ ،‬فقد‬
‫جلس يستمع إليها مطبق الشفتني ‪.‬‬
‫وغادره غضبه ‪ ،‬وانتاهبا شعور رهيب أبن‬
‫كل ما فعلته هو أهنا سببت املشاكل‬
‫لتينا ‪ ،‬وقال ‪:‬‬
‫‪ -‬تينا ؟ وما دخلها بكل هذا ؟‬
‫‪393‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وأحنت كولني رأسها وقالت ‪:‬‬
‫‪ -‬إهنا‪ ..‬ليست غلطة تينا‪ ..‬فكالان‬
‫نعرف أهنا إمرأة تقية متدينة ‪ ،‬وعندها‬
‫مبادئ أخالقية عالية‪ ..‬والبد أهنا‬
‫صدمت ملا‪ ...‬ملا شاهدته‪ ..‬أو ملا ظنته‬
‫ليلة أمس ‪.‬‬
‫‪ -‬آه‪ ..‬فهمت ‪.‬‬
‫والحظت يف عينيه تلك النظرة اليقظة‬
‫اليت تشري إىل أن عقله يعمل ‪:‬‬
‫‪394‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬تينا تعاملك بربود كعادهتا‪ ..‬أليس‬
‫كذلك ؟‬
‫فقالت بسرعة "اليهم" مث أدركت أن‬
‫ليس هناك من سبب لتنزعج من أجل‬
‫تينا فكلتامها خادمتان عنده ‪ .‬وحاولت‬
‫االبتعاد عن املوضوع فقد أرادت أن‬
‫تذكره بعملها ‪ ،‬وأهنا كلما بدأت العمل‬
‫سريعا كلما استطاعت مغادرة منزله يف‬

‫‪395‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وقت أسرع ‪ ،‬ولكن جولينو كان البادئ‬
‫بتغيري املوضوع ‪.‬‬
‫‪ -‬أخربيين املزيد اي كولني عن حياتك يف‬
‫إنكلرتا ‪.‬‬
‫‪ -‬أظن أنين أخربتك كل ما ميكن أن‬
‫يقال ‪.‬‬
‫‪ -‬لقد قلت يل إنك كنت تدبرين أمر‬
‫منزل والدك‪ ..‬ولكن ال بد أن هناك‬
‫أكثر من هذا ‪.‬‬
‫‪396‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬لقد كانت‪ ..‬حياة‪ ...‬غري مهمة ‪.‬‬
‫‪ -‬أمل يكن لديك أصدقاء شبان ؟‬
‫ومتنت أن تقول له نعم ‪ ،‬وتذكرت ذلك‬
‫الولد الذي كان يسكن قرهبم والذي‬
‫عانقها يوما وارجتفت لعدم إعجاهبا هبذه‬
‫التجربة ‪ ،‬ولكنها وجدت نفسها تقول ‪:‬‬
‫‪ -‬مل تكن أول رجل عانقين ‪.‬‬
‫‪ -‬ولكنك مل تتلقي الكثري من التدريب ؟‬

‫‪397‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أان ‪ ..‬مل أصل إىل مرحلة البطولة بعد‬
‫‪.‬‬
‫ومل تدرك إىل أين يقود حديثه عندما‬
‫سأل‪:‬‬
‫‪ -‬ولكن ليس لديك شاب خاص‪ ..‬يف‬
‫إنكلرتا ؟‬
‫وفتح الباب وعادت تينا الغاضبة إىل‬
‫الغرفة ‪ ،‬فأجابت "ال" ولكنها الحظت‬
‫أن ردها مل يثر اهتمامه‪ .‬وتوجهت‬
‫‪398‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ابتسامته إىل تينا وهو يتحدث إليها‬
‫ابإلسبانية‪.‬‬
‫والتفتت تينا إليها ‪ ،‬فأدركت أنه قد‬
‫تكلم معها يف موضوع نظراهتا املستنكرة‬
‫هلا ‪ .‬فقد ابتسمت تينا فجأة أبعرض‬
‫ابتسامة وجهتها إليها ‪ ،‬وليس ذلك فقط‬
‫‪ ،‬بل استدارت حول الطاولة وتقدمت‬
‫منها لتصافحها ‪ ،‬والكلمات تتدفق من‬

‫‪399‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫فمها ‪ ،‬ولكن بعض الكلمات بدت‬
‫مألوفة ‪ ،‬فذهلت كولني وسألته ‪:‬‬
‫‪ -‬ماذا‪ ..‬لقد قالت تينا شيئا عن ‪..‬‬
‫نوفيا والسنيور! أنت مل تقل هلا ‪ ..‬أنت مل‬
‫تقل إنين خطيبتك أليس كذلك ؟‬
‫ورد عليها مسرورا ‪:‬‬
‫‪ -‬لقد ظننت أن هذا يسعدك ‪.‬‬
‫‪ -‬ولكن‪ ..‬ولكنين قلت لك الليلة‬
‫املاضية إنين لن أتزوجك ‪.‬‬
‫‪400‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬األمر كان خمتلفا ليلة أمس‪ ...‬وأان‬
‫أعرتف أنين قد استعجلت يف اقرتاح أن‬
‫نتزوج‪ ..‬فلم أكن أدري ماذا سأفعل لو‬
‫وافقت‪ .‬ولكنين مل أقل شيئا اليوم عن‬
‫الزواج منك ‪.‬‬
‫‪ -‬ولكنك‪ ..‬قلت لتينا ‪ ،‬إننا خمطوابن ؟‬
‫‪ -‬سي‪ ..‬ولكنك تعرفني جيدا ‪ ،‬كما‬
‫أعرف ‪ ،‬أن اخلطوبة ميكن أن تفسخ‬
‫بسهولة ‪.‬‬
‫‪401‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ومجدت يف مكاهنا ‪ ،‬فقد أدركت أنه‬
‫تذكر معاملة شقيقها إليزابيال ‪ ،‬وأنه مل‬
‫ينس وال للحظة ‪ ،‬العار الذي حلق‬
‫بعائلته على يد أحد أفراد عائلتها ‪.‬‬
‫وهذا سبب عودة اجلفاء إىل صوته عندما‬
‫قال ‪:‬‬
‫‪ -‬وسأقدر لك أن توافقي على اتفاقية‬
‫ودية عندما نفسخ اخلطوبة بيننا بدل أن‬

‫‪402‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫أمسع هبا مثل إيزابيال ويعرف اجلميع‬
‫أبنك ختليت عين ‪.‬‬
‫وكانت تريد أن ختربه أهنا ال تنوي‬
‫املشاركة أبية خطبة زائفة ‪ ،‬ولكن ما قاله‬
‫أسكتها ‪ ،‬فقد فات األوان إلنكار‬
‫اخلطوبة إذا كانت ال تريد اإلساءة إىل‬
‫عائلته مرة اثنية ‪ .‬فقد أسرعت تينا‬
‫خارج الغرفة لتخرب زوجها أمادو ‪ ،‬والبد‬

‫‪403‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫أهنا اآلن تستخدم اهلاتف وأن نصف‬
‫سكان "دورانغو" قد علموا ابألمر‪.‬‬
‫وصاحت كولني بوجهه‪:‬‬
‫‪ -‬اللعنة عليك اي جوليانو إنريكو ‪.‬‬
‫فتساءل بكل براءة ‪:‬‬
‫‪ -‬وماذا فعلت ؟‬
‫‪ -‬تعلم جيدا ماذا فعلت! أنت تعرف‬
‫أنين ال استطيع نكران اخلطوبة ‪ .‬دون‬
‫أن‪..‬‬
‫‪404‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وتوقفت عن الكالم فقد أدركت أهنا‬
‫ألزمت نفسها هبذا ‪ .‬وعلمت أنه أدرك‬
‫ذلك أيضا ‪ ،‬عندها غادرته القسوة‬
‫وانفرجت شفتاه ‪ ،‬وتراجع قليال على‬
‫كرسيه وقال بنعومة‪:‬‬
‫‪ -‬لقد فعلت ذلك حلمايتك اي كولني‬
‫احللوة ‪.‬‬
‫***‬

‫‪405‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫يف الصباح التايل ‪ ،‬انتظرت كعادهتا منذ‬
‫أن وصفها جوليانو ابملريضة ‪ ،‬إىل أن‬
‫خرج من املنزل ‪ ،‬ونزلت إىل الطابق‬
‫األرضي‪.‬‬
‫يبدو أن ال جدوى من املناقشة والغضب‬
‫حول الوضع اجلديد الذي وجدت‬
‫نفسها فيه ‪.‬‬
‫هل هذا يعين أهنا ستصدق ما قاله‬
‫جوليانو عن رااين ؟ وقطبت غري قادرة‬
‫‪406‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫على تصديق أن رااين الذي تعرفه ‪،‬‬
‫ميكن له أن يتقدم خلطبة فتاة مث يهجرها‬
‫بعد أن يعلم أبهنا ليست الوريثة اليت كان‬
‫يظنها‪...‬‬
‫يف الطابق األرضي ‪ ،‬كان اللقاء الذي‬
‫استقبلت به يوم أمس ال يقارن أبدا مبا‬
‫لقيته اليوم ‪ .‬فقد استقبلتها تينا ابالبتسام‬
‫واميا ابلسعادة والفرح فمن الواضح أهنا‬

‫‪407‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫قد علمت خبطبة السنيور هلا ‪ .‬وتقدمت‬
‫لتصافحها حبرارة ‪.‬‬
‫وابلتدريج بدأ جو املنزل السعيد يؤثر هبا‬
‫‪ ،‬وحان وقت الغداء ‪ ،‬مث مضى ‪،‬‬
‫وبدأت حتس ابلراحة ‪ .‬وعند منتصف‬
‫وقت بعد الظهر ‪ ،‬وتينا تراتح ‪ ،‬وبيلال‬
‫انئمة ‪ ،‬واميا تقوم بكوي الثياب كانت‬
‫كولني تقطع الردهة حاملة بعض ثياهبا‬
‫لتكويها يف غرفتها فاعرتضتها اميا رافضة‬
‫‪408‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫تركها تقوم ابلعمل بنفسها‪ ..‬عندها‬
‫التفتت وجها لوجه مع جوليانو ‪.‬‬
‫وأجفلت ‪ ،‬وحاولت أن تقول أبهنا مل‬
‫تكن تتوقع رؤيته قبل العشاء ‪ ،‬ولكنها‬
‫فوجئت به يتقدم منها ويقبلها على‬
‫خدها حمداث صوات عاليا ‪ ،‬ومل تستطع أن‬
‫تبعده لوجود الثياب بني يديها ‪،‬‬
‫وحاولت الرتاجع ‪ ،‬والرد عليه حبدة ‪،‬‬

‫‪409‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ولكنه منعها بنظرة شيطانية وقال هامسا‬
‫‪:‬‬
‫‪ -‬جيب علينا أن حنافظ على املظاهر اي‬
‫كولني ‪.‬‬
‫‪ -‬آه‪ ..‬ابلطبع ‪.‬‬
‫فضحك وقال معلقا ‪:‬‬
‫‪ -‬توقفي عن اجلدية اي عزيزيت الصغرية‪..‬‬
‫مل تكن قبلة ابملعىن الكامل‪.‬‬
‫‪ -‬وهل هكذا تراين‪ ..‬طفلة؟‬
‫‪410‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫فابتسم ‪ ،‬والنظرة الشريرة ال تزال يف‬
‫عينيه وقال ‪:‬‬
‫‪ -‬قد تكونني حمافظة ‪ ،‬وغري جمربة اي‬
‫صغرييت كولني ‪ ،‬ولكن ابلرغم من هذا‬
‫جيب أن تعلمي أنين عرفتك إمرأة‬
‫انضجة عندما احتويتك بني ذراعي ‪..‬‬
‫وأن املرأة الناضجة قد أثبتت نفسها يف‬
‫جتاوبك معي ‪.‬‬

‫‪411‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وإذا كان يبحث عن طريقة ملنعها من‬
‫اجلدل ‪ ،‬وإذا كان هدفه السعي كي حتمر‬
‫خجال ‪ ،‬فإن كولني مل ختيب أمله ‪ ،‬يف أي‬
‫من املسألتني ‪ ،‬وقالت ‪:‬‬
‫‪ -‬سأراك عند العشاء ‪.‬‬
‫‪ -‬ولكنين أتيت إىل املنزل ألراك‪.‬‬
‫‪ -‬لرتاين؟‬
‫ملاذا خفق قلبها لكلماته ؟ ومل جتد‬
‫اجلواب رغم الرتكيز الذي بذلته ‪ ،‬إىل أن‬
‫‪412‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ظنت أبنه يريد أن يتحدث معها حول‬
‫األسئلة اليت تقلقها ‪ ،‬فقالت ‪:‬‬
‫‪ -‬أوه‪ ..‬ابلطبع‪ ..‬حنن مل نتوصل التفاق‬
‫حول موعد إعالننا أننا لن نتزوج‪ ..‬أليس‬
‫كذلك ؟‬
‫وهجرته روحه املرحة يف احلال ‪ ،‬وقال هلا‬
‫جبفاء ‪:‬‬
‫‪ -‬سنتكلم يف غرفة اجللوس‪.‬‬
‫‪ -‬سآخذ غسيلي إىل‪...‬‬
‫‪413‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وفوجئت بغضبه ‪ ،‬وأمسك بثياهبا املكوية‬
‫ورماها على السلم ‪ .‬وأخذها من ذراعها‬
‫وهو يقول ‪:‬‬
‫‪ -‬سنتكلم اآلن‪..‬‬
‫وجرها حنو غرفة اجللوس الكبرية ‪ ،‬وبدا‬
‫عليه أنه جياهد كي يتغلب على الغضب‬
‫الذي أاثرته فيه ‪ ،‬وقال هلا ‪:‬‬
‫‪ -‬هذه أول فرصة يل ألعطيك هذا ‪.‬‬

‫‪414‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ووضع يده يف جيبه ‪ ،‬وأخرج منها علبة‬
‫خامت ‪ .‬وفتحها ليظهر فيها أهبى خامت‬
‫سوليتري املاس رأته يف حياهتا ‪ ،‬وحدقت‬
‫غري قادرة على إبعاد نظرها عن ما يلمع‬
‫ويشع يف يده ‪ ،‬مث قالت وقد خنقتها‬
‫الدموع ‪:‬‬
‫‪ -‬هذا‪ ..‬ليس ضروراي ل ـ ‪...‬‬

‫‪415‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬بل ضروري جدا ‪ .‬وأول ما ستنظر‬
‫إليه تينا الليلة هو اخلامت املاسي الذي‬
‫يعطيه املكسيكي لألسباسا املستقبلية ‪.‬‬
‫زوجة املستقبل ؟ ولكنها لن تصبح‬
‫زوجته! لقد متادى كثريا ‪ ،‬ولن تضع‬
‫خامته ‪ ،‬ولكن جوليانو أمسك بيدها‬
‫ودفع اخلامت يف اصبعها ‪ ،‬وقبل أن تدري‬
‫ما ستقول ‪ ،‬وجدت نفسها تصيح من‬
‫الفرح ‪.‬‬
‫‪416‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أوه ‪ ،‬جوليانو‪ ..‬إنه خامت مجيل جدا!‬
‫وبدا أن كالمها أسعده ‪ .‬أو رمبا كان‬
‫ذلك جمرد رضى ألنه تغلب على رفضها‬
‫‪ ،‬ومل تتحرك النتزاعه من يدها ‪ .‬فقال‬
‫متوددا ‪:‬‬
‫‪ -‬احللية املناسبة ألمجل يد ‪.‬‬
‫ولكن كولني كانت قد استعادت تعقلها‬
‫‪ ،‬فجذبت يدها من يده ‪ ،‬ومل يتمسك‬
‫جوليانو هبا ‪ ،‬وأنزل يده إىل جانبه‬
‫‪417‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫مستعدا لتلقي املعارضة ‪ .‬ولكن‬
‫معارضتها جاءت هزيلة جدا ‪.‬‬
‫‪ -‬هل ستتوقع تينا أن ترى خامت االملاس‬
‫يف اصبعي عند العشاء حقا؟‬
‫‪ -‬ليس هذا فقط ‪ ،‬بل هي تتوقع أن‬
‫أطري أبسرع وقت إىل إنكلرتا ألطلب‬
‫يدك من والدك ‪.‬‬
‫‪ -‬ال تستطيع أن تفعل هذا!‬

‫‪418‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وتلقى جوليانو هذا بتكرب املكسيكي‬
‫املفاخر ‪ ،‬وهو يقول خبشونة ‪:‬‬
‫‪ -‬وهل سيعارض والدك ؟‬
‫واخفضت كولني عينيها ‪ ،‬فهي تشك يف‬
‫أن يكون والدها مهتما ابألمر كثريا ‪ .‬مع‬
‫أن أي والد يف الدنيا ال يتمىن صهرا‬
‫أفضل من هذا املكسيكي الطويل‬
‫الوسيم الثري ‪ .‬وما من أب يعارض يف‬
‫تسليم ابنته إىل يد حتميها بشكل أفضل‬
‫‪419‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫منه ‪ .‬ورفعت عينيها لرتى الفخر‬
‫والكربايء يف نظرته وهو ينتظر ردها ‪.‬‬
‫فقالت هبدوء ‪:‬‬
‫‪ -‬ما من أب قد يعرتض عليك ‪..‬‬
‫وابلتأكيد لن يكون أيب‪ ..‬هل هذه عادة‬
‫يف بلدكم أن يسعى العريس لرضى والد‬
‫العروس ؟‬

‫‪420‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وهز رأسه ابإلجياب ‪ ،‬وشعرت ابلسعادة‬
‫عندما الحظت أن التوتر املتكرب قد‬
‫غادره ‪ .‬وقال شارحا ‪:‬‬
‫‪ -‬العادة أن ال يطلب العريس بنفسه‬
‫هذا مع أنه يكون موجودا ابلطبع ‪.‬‬
‫فالعادة أن يقوم والده أو شقيقه‬
‫ابلتحدث عنه ‪.‬‬

‫‪421‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وبدت هذه العادة مجيلة ورمسية لكولني ‪.‬‬
‫وسألت سؤاال لو أهنا فكرت به ملا سألته‬
‫‪:‬‬
‫‪ -‬وهل طبق رااين هذه العادة ؟‬
‫فأجاب بربود ‪:‬‬
‫‪ -‬لقد فعل ‪ ،‬يف غياب والده ‪ ،‬لقد أثر‬
‫على كاهن ابن عميت بصدقه وجعله يقوم‬
‫هبذا الدور ‪ .‬وكالان يعرف كم كان صادقا‬

‫‪422‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫يف مشاعره إليزابيال عندما أخربته أهنا ال‬
‫تتوقع أي مال خاص هبا ‪.‬‬
‫‪ -‬شقيقي ‪...‬‬
‫‪ -‬أنه حشرة ‪ ...‬سأراك وقت العشاء ‪.‬‬
‫وتركها واقفة ‪ ،‬وكان واضحا إنه غري‬
‫مهتم بكل ماقد تقوله للدفاع عن رااين ‪.‬‬
‫مل يكن لديها ما تدافع به عنه ‪ ،‬ولكنها‬
‫كانت واثقة أنه ‪ ،‬ابلرغم من طيشه‬
‫ومحاقته أحياان ‪ ،‬مل يكن أبدا من النوع‬
‫‪423‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫الذي يستحوذ املال على عقله ‪ ،‬وال‬
‫تستطيع تقبل فكرة أنه جيري وراء املال‬
‫كوالدمها ‪.‬‬
‫***‬
‫وابتسمت تينا هلا ونسيت أن تقدم‬
‫احلساء وهي تقول بدهشة ‪:‬‬
‫‪ -‬أوه‪ ..‬بونيتا‪ ..‬كم هو مجيل!‬
‫ووقفت قرب كرسيها مبهورة ابخلامت‬
‫الرائع يف اصبعها‪.‬‬
‫‪424‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وابتسمت كولني هلا ‪ ،‬ألهنا يف احلقيقة ال‬
‫تعرف كيف ترد عليها ‪ .‬ولكن االبتسامة‬
‫تالشت حال إن غادرت تينا الغرفة ‪،‬‬
‫فقد دخل جوليانو وأخذ حيدق هبا ‪،‬‬
‫وسأهلا هبدوء ‪:‬‬
‫‪ -‬هل أزعجك شيء ما ؟‬
‫‪ -‬ومن أين تريدين أن أبدأ ؟‬
‫‪ -‬لقد كنت تبكني ‪ ..‬ملاذا اي كولني ؟‬

‫‪425‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫مل تكن تريد أن جتيب ‪ ،‬مع أهنا تعلم أهنا‬
‫ستضطر ‪ .‬وسوف يعرف ملاذا كانت‬
‫تبكي قبل أن ينتهي العشاء ‪ .‬وتنهدت‬
‫بيأس وقالت ‪:‬‬
‫‪ -‬لست واثقة من أنين أعرف ما يب ‪...‬‬
‫أنت‪ ،‬أان ‪ ،‬رااين ‪...‬‬
‫‪ -‬شقيقك؟‬
‫‪ -‬أجل ‪ ..‬يف كل مرة تسمع فيها امسه‬
‫تصبح شريرا!‬
‫‪426‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬ويل أسبايب كما أظن ‪ .‬أهذا ماجعلك‬
‫تبكني ؟ أألنين أصبح شريرا عندما أمسع‬
‫ذكر شقيقك ؟‬
‫‪ -‬أان لست مسؤولة عما فعل ‪.‬‬
‫‪ -‬أنت تعرتفني إذا أبنه مذنب ؟‬
‫‪ -‬ال ‪ ..‬أان ال أعرتف‪ .‬ومهما تكن‬
‫صفات رااين ‪ ،‬فأان أعرف أنه ال يهتم‬
‫ابملال ‪ ..‬إنه ليس كذلك ‪ ..‬وأان أعرفه‪.‬‬

‫‪427‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫جوليانو لن يصدق أبدا ما تقوله للدفاع‬
‫عن شقيقها ‪ ،‬وهي مقتنعة هبذا ‪ ،‬لذا‬
‫فقد ذهلت عندما قال هلا بعد تفكري ‪:‬‬
‫‪ -‬لقد كان علي أن أعيد النظر يف رأيي‬
‫بك اي كولني ‪ ,‬وقد يستغرقين وقت‬
‫أطول ألغري رأيي بشقيقك ‪.‬‬
‫وابتسم لذهوهلا ملا قاله‪ .‬وأضاف ‪:‬‬

‫‪428‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬هل يسعدك لو وافقت على أن ال‬
‫أكون شريرا عندما نتحدث عن شقيقك‬
‫فيما بيننا يف املرة القادمة ؟‬
‫ومل يكن أمامها جمال للتفكري مبدى أتثري‬
‫سحره عليها ‪ ،‬فقد دخلت تينا املبتسمة‬
‫لتقدم الوجبة الرئيسية ‪ .‬ووجدت نفسها‬
‫تقول بعد أن خرجت تينا ‪:‬‬
‫‪ -‬لقد ذكرت أنك قد أعدت التفكري‬
‫برأيك يب ‪.‬‬
‫‪429‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬لقد أعدت التفكري برأيي أنك قدمت‬
‫إىل هنا الصطياد الثروة ‪ ،‬اعتذاري عن‬
‫هذا قد فاته الوقت كما أخشى ‪ .‬فهل‬
‫ستساحميين اي كولني احللوة ‪ ،‬ألنين‬
‫فكرت مبثل هذه األفكار عنك ؟‬
‫‪ -‬أومل تعد تفكر أبنين‪...‬‬
‫‪ -‬ال‪ ..‬مل اعد‪.‬‬

‫‪430‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وعندما تكلم اثنية ‪ ،‬كان حديثه يف‬
‫موضوع خمتلف ‪ .‬وأدركت أن ما كان‬
‫يفكر به عنها مل يعد مهما أبدا ‪.‬‬
‫‪ -‬جيب أن نقرر بسرعة يف أي يوم‬
‫سنقيم حفلة خطوبتنا‪.‬‬
‫‪ -‬حفلة خطوبة! ولكن ال لزوم هلا‪..‬‬
‫حقا ‪.‬‬
‫ونظر إليها بعينيه احلادتني ‪ ،‬وقال‬
‫بصوت هادئ ‪:‬‬
‫‪431‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أخشى أن تكون احلفلة ضرورية ‪.‬‬
‫فقد تلقيت التهاين عدة مرات اليوم ‪،‬‬
‫وهذه املكاملة اهلاتفية قبل أن أدخل‬
‫للعشاء كانت من شخص يتمىن يل‬
‫السعادة ‪ ،‬فقد أصبح خرب خطوبتنا يف‬
‫كل مكان ‪.‬‬
‫‪ -‬ولكن من السخف إقامة حفلة‬
‫خطوبة وحنن نعرف كلينا أن اخلطوبة‬
‫ستفسخ وأنين لن أبقى هنا طويال ‪.‬‬
‫‪432‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬هل تفكرين ابلذهاب إىل مكان آخر؟‬
‫‪ -‬أنت تعرف هذا‪ .‬فور أن أكسب مثن‬
‫تذكرة السفر ‪ ،‬وهذا أمر آخر أود‬
‫احلديث فيه‪ ،‬كيف سأكسب هذا املال‬
‫يف وقت أمضي فيه هناري يف كسل دون‬
‫أن أفعل شيئا ؟‬
‫‪ -‬كنت حباجة للراحة ‪ ،‬وأنت‪...‬‬
‫‪ -‬ولكنين مل أعد أحتاج للراحة ‪ ،‬فها أان‬
‫عالقة يف بلد ليس بلدي ‪ ،‬متلهفة ألقوم‬
‫‪433‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫بعمل أكسب منه أجرة سفري ‪ ،‬ومع‬
‫ذلك فكل عرض أتقدم به للعمل يرفض‬
‫‪ .‬وكأن هذا ال يكفيين ‪ ،‬فأستيقظ ذات‬
‫صباح ألجد نفسي متورطة يف خطبة‬
‫إجبارية دون أن يكون هناك جمال‬
‫للخالص منها ‪ ،‬ألنه‪ ..‬ألنه‪..‬‬
‫‪ -‬ألن ماذا ؟‬

‫‪434‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬اللعنة عليك! كيف أستطيع نكران‬
‫اخلطبة ؟ لقد عانت عائلتك ما يكفي‬
‫من إذالل من عائليت ‪.‬‬
‫‪ -‬وهل هذا يزعجك ؟‬
‫‪ -‬ألن يزعج أي إنسان لديه ذرة شرف‬
‫و كرامة ؟‬
‫‪ -‬وهل تعرتفني أبن شقيقك يفتقر‬
‫للشرف والكرامة ؟‬

‫‪435‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ومل تبدو نظرة الشر يف عينيه ‪ ،‬كما وعد‬
‫‪ ،‬عندما ذكر اسم شقيقها ‪ ،‬ولكنها‬
‫قلقت ‪ ،‬فقد كانت هلجته حادة مع ذلك‬
‫‪.‬‬
‫فقالت له إبرتباك ‪:‬‬
‫‪ -‬هل ميكن أن نبقي شقيقي خارج‬
‫املوضوع ؟ األمر ينتهي بنا إىل اخلصام‬
‫كلما ذكران امسه‪.‬‬
‫‪ -‬أال ترغبني يف اخلصام معي ؟‬
‫‪436‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬ال‪ ..‬ال أريد ‪.‬‬
‫ومل تكن تريد حقا ‪ ،‬ولكنها يف نفس‬
‫الوقت مل تكن تريد اخلضوع ‪.‬‬
‫‪ -‬كل ما أريده‪ ..‬أن‪ ..‬أن أخرج من هنا‬
‫وأعود إىل بلدي ‪.‬‬
‫وأتخر كثريا يف الرد حىت ظنت أنه لن‬
‫يرد ‪ ،‬وكأنه ال يهتم مبا قالته ‪ .‬ولكنه‬
‫أهنى صمته ‪ ،‬وبدا يف صوته نربة سرور مل‬
‫تكن متوقعة ‪ ،‬وقال ‪:‬‬
‫‪437‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬من املستحيل علي أن أعلن يف وقت‬
‫قريب أن خطوبتنا قد انتهت ‪ ،‬ومبا أن‬
‫اجلميع اآلن يعرفون هبا فال بد أنك‬
‫تتفهمني األمر ‪.‬‬
‫‪ -‬أجل‪..‬‬
‫فهي تعلم أنه سيكون هناك الكثري من‬
‫الكالم إذا أعلنا أهنما غريا رأيهما خالل‬
‫أربع وعشرين ساعة ‪ ،‬دون ذكر املعاانة‬
‫اليت ستتحملها لعودة تينا إىل إمرأة‬
‫‪438‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫مشاكسة كما كانت ابألمس ‪ .‬وقال‬
‫جوليانو ‪:‬‬
‫‪ -‬ولكن ‪ ..‬أظن أننا سنتمكن من جتنب‬
‫إقامة احلفلة ‪ ،‬وسأذيع أبن صحتك مل‬
‫تصبح بعد مالئمة ملثل هذه اإلاثرة ‪.‬‬
‫ومل تعرتض ‪ ،‬فبالرغم من شعورها أبهنا‬
‫بقوة احلصان ‪ ،‬إال أهنا هي من بدأت‬
‫مبعارضة فكرة احلفلة ‪ .‬فتمتمت قائلة ‪:‬‬
‫‪ -‬شكرا لك ‪.‬‬
‫‪439‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬ومبا أنك متلهفة جدا للعودة إىل أرض‬
‫ميالدك‪ ..‬فأان أقرتح ‪ ،‬وهذا يتعلق‬
‫مبوافقتك ‪ ،‬أن نبقى خمطوبني لثالثة‬
‫أشهر ‪ ،‬عندها نعلن أننا أخطأان ‪ ،‬مث‬
‫أشرتي لك تذكرة سفرك إىل إنكلرتا ‪.‬‬
‫‪ -‬ثالثة أشهر ؟‬
‫‪ -‬هل أنت موافقة؟‬
‫‪ -‬أوافق‪ ..‬وهل أستطيع العودة للعمل ؟‬

‫‪440‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬ليس من املناسب خلطيبة جوليانو‬
‫إنريكو غاتورادي أن تقوم ابألعمال‬
‫املنزلية‪..‬‬
‫وعلمت من هلجة التفاخر هذه أهنا لن‬
‫تستطيع اجلدال ‪ ،‬مث ابتسم ‪ ،‬وغمرهتا‬
‫موجة من االفتتان بسحره ‪ ،‬وقال ‪:‬‬
‫‪ -‬ولكن إذا رغبت ‪ ،‬إبمكانك مساعديت‬
‫يف أعمايل املكتبية ‪.‬‬

‫‪441‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫واعتادت كولني على العمل املكتيب‬
‫بسرعة كما البطة معتادة على املاء ‪.‬‬
‫واكتشفت أن عدم معرفتها بلغته ليس‬
‫عائقا هلا ‪ .‬فمعظم أعماله كانت مع‬
‫شركات أمريكية ‪ ،‬ويف هذا اجملال تركها‬
‫تعمل ‪.‬‬
‫طباعتها على اآللة الكاتبة ‪ ،‬ابلرغم من‬
‫استخدامها الصبعني فقط ‪ ،‬أخذت‬
‫تتحسن أيضا ‪ ،‬كما الحظت بعد‬
‫‪442‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫أسبوعني ‪ ،‬وأحست بسعادة أكرب مل تكن‬
‫تتوقعها ‪.‬‬
‫وإذا كان خجلها قد بدأ يذوب أيضا‬
‫فهذا شيء أسعدها أكثر ‪ ،‬ومل تعد ترتدد‬
‫يف دخول معقل تينا ‪ ،‬املطبخ ‪ ،‬بل كانت‬
‫جتد الرتحيب هناك كما يف أي مكان‬
‫آخر‪ ..‬والحظت يف تينا حرارة أكثر‬
‫جتاهها يف هذه األايم ‪ ،‬ومتنت أن ال‬

‫‪443‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫يكون هذا بسبب خطبتها إىل السنيور‬
‫فقط ‪.‬‬
‫ومسح هلا أيضا بتذوق الطعام املكسيكي‬
‫‪ ،‬دون هبارات كثرية ‪ ،‬وطعام الغذاء كان‬
‫يتألف يف هذه األايم من نوع يدعى‬
‫"تورتيال" حيضر بعدة طرق ‪ :‬مع فاصوليا‬
‫ويدعى"فراجيولس" أو اجلبنة ويدعى‬
‫"اتكوس" والتورتيال املقلية مع اللحم‬
‫والفلفل األخضر والبندورة واخلس‬
‫‪444‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وتدعى "توستادس" ‪ ،‬وتورتيال مطوية‬
‫حمشوة ابللحم واجلبنة والصلصة وتدعى‬
‫"انشيالدس" ‪.‬‬
‫ولكن الطبق املفضل لديها إضافة إىل‬
‫القهوة بنكهة القرفة ‪ ،‬كان الفلفل‬
‫األخضر احللو احملشو ابجلبنة واملغموس‬
‫ابلبيض ‪ ،‬املطبوخ ‪.‬‬
‫وأتملت كولني نفسها يف مرآة غرفة‬
‫نومها قبل أن تنزل إىل الطابق األرضي‬
‫‪445‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫لتبدأ عملها يوم السبت ‪ .‬لقد قال هلا‬
‫جوليانو إن ال لزوم ألن تعمل اليوم ‪،‬‬
‫ولكن هناك بعض الرسائل جيب أن‬
‫تطبعها يوم االثنني ‪ ،‬األفضل أن تطبعها‬
‫اليوم ‪ ،‬وابتسمت لنفسها يف املرآة ‪،‬‬
‫وقد الحظت أهنا بدأت تكتسب اللون‬
‫األمسر ‪ ،‬وأن هذا يناسبها ‪.‬‬
‫وتركت املرآة ‪ ،‬وفكرها مشغول جبوليانو‬
‫‪ ،‬مل يكن قد ملسها منذ اليوم الذي قبلها‬
‫‪446‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وهي حتمل الغسيل حبيث مل تتمكن من‬
‫منعه ‪ .‬وتذكرت أيضا ذلك اليوم الذي‬
‫عاد فيه ابكرا ليجدها يف ثوب استحمام‬
‫قدمي من أايم املدرسة تتمشى قرب بركة‬
‫السباحة ‪ .‬وكانت قد أهنت كل ما لديها‬
‫من عمل‪ ...‬فقالت له ‪:‬‬
‫‪ -‬لقد كنت أعمل ‪.‬‬

‫‪447‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وابتسمت ‪ ،‬فقد أهنت الذي تركه هلا ‪،‬‬
‫وبدت وكأهنا تشعر ابلذنب ألنه ضبطها‬
‫وهي تراتح ‪ .‬وأجاب ضاحكا‪:‬‬
‫‪ -‬أان واثق من هذا‪ ..‬ولكن يسمح لنا‬
‫مجيعا ببعض التسلية ‪.‬‬
‫وجتولت عيناه عليها وهي يف ثوب‬
‫السباحة ‪ .‬الطريقة اليت تكلم هبا معها ‪،‬‬
‫والطريقة اليت توقف هبا أمامها واحنىن‬
‫حىت أصبح وجهه قريبا منها ‪ ،‬كلها‬
‫‪448‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫كانت تشري إىل أنه يلمح إىل أن‬
‫خطوبتهما تسمح له ببعض التسلية ‪،‬‬
‫وعندها أتكدت وقد اقرتب وجهه منها‬
‫كثريا ‪ ،‬أنه سيعانقها‪.‬‬
‫شعورها أبهنا لن متانع ‪ ،‬جعلها تنهض‬
‫بسرعة وتقول خبشونة ‪:‬‬
‫‪ -‬سأذهب‪ ..‬وأستحم ‪.‬‬
‫ودخلت املنزل ‪ ،‬والحقتها ضحكة‬
‫جوليانو ‪ ،‬وأسعدها مساع ضحكته ‪،‬‬
‫‪449‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وسألت نفسها ‪ :‬ماذا هناك يف هذا‬
‫الرجل الذي جعل مشاعرها الداخلية‬
‫تثور هبذا الطريقة ‪.‬‬
‫وغادرت كولني غرفتها ‪ ،‬وأخرجت معها‬
‫الصينية اليت كانت تينا تصر على أن‬
‫حتضرها هلا كل صباح إىل غرفتها‪..‬‬
‫واندت تينا مبرح قائلة ‪:‬‬
‫‪ -‬بونس دايس تينا‪..‬‬

‫‪450‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وردت تينا التحية وهي تبتسم ‪ ،‬مث‬
‫توجهت حنو املكتبة ‪ ،‬وغادرها مرحها‬
‫عندما فكرت ابلساعات اليت ستقضيها‬
‫قبل رؤية جوليانو عند العشاء ‪.‬‬
‫ودخلت املكتبة ‪ ،‬عندها مل يعد لديها‬
‫أي وقت للتفكري ملاذا جيب أن تنزعج‬
‫إذا مل تشاهد جوليانو قبل العشاء ‪ .‬فقد‬
‫كان هناك يف املكتبة ‪ ،‬ومل خيرج ‪.‬‬
‫والحظت أن تعابري وجهه كثرية اجلدية و‬
‫‪451‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫هو يقفل مساعة اهلاتف ‪ ،‬وعرفت أن‬
‫شيئا مريعا قد حدث ‪ .‬فسألته بسرعة ‪:‬‬
‫‪ -‬ماذا‪ ..‬حدث ؟‬
‫ومل جيب جوليانو على الفور ‪ ،‬ولكنه‬
‫ثبت نظره عليها ‪ ،‬وأحست من أتخره يف‬
‫الكالم أن ما حدث ‪ ،‬ال بد أنه يعنيها ‪،‬‬
‫فسألته ‪:‬‬
‫‪ -‬ما الذي حدث ؟ ال بد أنه حدث‬
‫شيء ما‪ ..‬أليس كذلك ؟‬
‫‪452‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وهز رأسه متجهما ‪:‬‬
‫‪ -‬شقيقك‪ ...‬لقد أصيب ‪.‬‬

‫‪453‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫الفصل الثامن‬
‫تبكي على صدره!‬

‫وأنشب الذعر خمالبه فيها ‪ .‬وظلت‬


‫مصدومة للحظات ‪ ،‬وكل ما استطاعت‬
‫أن تفعله هو التحديق جبوليانو ‪،‬‬
‫ومشاعرها تعلن أنه مهما يكن رااين قد‬
‫فعل ‪ ،‬فإنه شقيقها ‪ ،‬وهي حتبه ‪ ،‬مث‬

‫‪454‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫قادها جوليانو لتجلس ‪ ،‬وانطلق منها‬
‫سؤال ‪:‬‬
‫‪ -‬هل ‪ ..‬هل إصابته خطرية ؟‬
‫‪ -‬سيعيش ‪ ..‬هكذا قيل يل ‪.‬‬
‫ومن خالل انفعاهلا خطرت هلا فكرة أنه‬
‫ال يبدو مسرورا ألن رااين سينجو ‪.‬‬
‫فقالت ونظرة عناد على وجهها ‪:‬‬
‫‪ -‬أريد رؤيته ‪.‬‬
‫‪ -‬ابلطبع ‪ ..‬سآخذك إليه ‪.‬‬
‫‪455‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬وهل تعلم أين هو ؟ هل هو يف‬
‫دورانغو ؟‬
‫‪ -‬أنه يف مستشفى يف مدينة مكسيكو ‪.‬‬
‫األفضل أن حتضري حقيبة صغرية ‪ .‬فقد‬
‫نبقى هناك لبضعة أايم ‪.‬‬
‫العمل كثري ومضين جلوليانو‪ ..‬ومع ذلك‬
‫فها هو يعرض عليها أن يرتك عمله‬
‫لبضعة أايم ‪ ..‬ولن تستطيع تركه يفعل‬
‫هذا ‪.‬‬
‫‪456‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬لست حباجة ألن أتخذين بنفسك ‪.‬‬
‫أستطيع الذهاب لوحدي ‪.‬‬
‫وتركت كرسيها واجتهت حنو الباب ‪،‬‬
‫فقال حبدة ‪:‬‬
‫‪ -‬لقد قلت إنين سأصطحبك بنفسي ‪.‬‬
‫لقد قرر رأيه ابلنسبة هلذا ‪ .‬وكل ما‬
‫ينتظره منها اآلن أن حتزم حقيبتها كي‬
‫تبدأ رحلتهما ‪ .‬ولكنها توقفت عند‬
‫الباب ‪ ،‬وقد صدمتها خيبة األمل لفكرة‬
‫‪457‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫أنه ال يثق هبا ‪ .‬فهل كان يظن أهنا مثلها‬
‫مثل رااين ‪ ،‬سوف تتخلى عن خطبتهما‬
‫؟ وقالت واعدة ‪:‬‬
‫‪ -‬أان ‪ ...‬سأعود ‪.‬‬
‫وأجاهبا خبشونة ‪:‬‬
‫‪ -‬هذا صحيح ‪ ..‬ولكن معي ‪.‬‬
‫وكأنه كان متأكدا ‪ ،‬رغم وعدها ‪ .‬أهنا لن‬
‫تعود ‪ ،‬وسترتكه مع محل آخر من العار ‪.‬‬
‫واتبع ‪:‬‬
‫‪458‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬لدي بعض األعمال العالقة يف مدينة‬
‫مكسيكو ‪.‬‬
‫وهكذا عاد إليها حتفظها الذي كانت‬
‫أتمل أن يكون قد ودعته إىل األبد ‪.‬‬
‫وأستمر معها إىل أن حطت الطائرة هبما‬
‫يف مدينة مكسيكو ‪ .‬وقال هلا ‪:‬‬
‫‪ -‬أظن أنك ترغبني يف الذهاب فورا إىل‬
‫املستشفى ‪.‬‬
‫‪ -‬أجل‪ ..‬أرجوك ‪.‬‬
‫‪459‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ورافقها إىل خارج املطار وانتظر السيارة‬
‫اليت استأجرها ‪ ،‬مث وضع حقيبتيهما يف‬
‫صندوقها ‪ ،‬واستدار ليجلس يف مقعد‬
‫السائق ‪ .‬فقالت‪:‬‬
‫‪ -‬هل إبمكانك إخباري كيف حصل‬
‫احلادث ؟‬
‫‪ -‬حادث ؟ ومن قال إنه حادث ؟‬
‫‪ -‬أتعين أنه مل يكن حاداث ؟ وأن اصابته‬
‫مفتعلة‪ ..‬عن عمد ؟ اي إهلهي‪ ..‬ال!‬
‫‪460‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬هذا جزاءه هلربه مع إمرأة متزوجة ‪.‬‬
‫أليس هناك من هناية ملا ميكن أن يفعله‬
‫رااين ؟ وابتلعت ريقها بصعوبة ‪ ،‬وأرادت‬
‫أن تعرف املزيد ‪.‬‬
‫‪ -‬أحتاول القول يل إن صديقته ‪ ،‬اليت‬
‫ترك إيزابيال ألجلها‪ ..‬هي متزوجة ؟ وهل‬
‫تقول إن زوجها قد ضربه ؟‬

‫‪461‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬لو مل أكن أعرف زوج بوال فرانندو ‪،‬‬
‫وأعرف أن لديه العديد من األشخاص‬
‫ليقومو عنه هبذا العمل ‪ ..‬ملا تعجبت ‪.‬‬
‫‪ -‬ولكن هذا ليس عدال!‬
‫ومل يرد عليها ‪ ،‬وكانت متأكدة أبنه يعتقد‬
‫أن رااين يستحق كل ما حدث له‪،‬‬
‫وأكثر رمبا ‪.‬‬
‫وعندما وصال إىل املستشفى ‪ ،‬تركها‬
‫جوليانو يف قاعة االستعالمات ‪ ،‬مث‬
‫‪462‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ذهب كي يسأل ‪ .‬وشعرت أبهنا مدينة له‬
‫‪ ،‬وأهنا ال تستطيع مقاومة إعجاهبا به‬
‫كثريا يف هذه اللحظات ‪ .‬وعاد جوليانو‬
‫وقال هلا ‪:‬‬
‫‪ -‬سآخذك إىل غرفته ‪.‬‬
‫القسم الذي كان رااين فيه ‪ ،‬يقع يف‬
‫أعلى املبىن الضخم ‪ ،‬وعندما وصال إىل‬
‫هناك ‪ ،‬توقف عند الباب ‪ ،‬وقال ونظرة‬
‫ابردة على وجهه‪:‬‬
‫‪463‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬سأنتظرك هنا ‪.‬‬
‫النظرة اليت كانت على وجهه ‪ ،‬أخربهتا‬
‫أبنه عند أول نظرة إىل الرجل الذي هجر‬
‫إيزابيال ‪ ،‬فهو سوف ينهي ما بدأه غريه‬
‫مع رااين ‪ ،‬وفكرت أن عدم رؤيته له‬
‫ستكون أفضل ‪.‬‬
‫كان هناك ستة مرضى يف القسم الذي‬
‫يرقد فيه رااين ‪ ،‬واحد فقط منهم كان‬
‫ممددا ‪ ،‬والباقي جالسون يراقبوهنا ‪،‬‬
‫‪464‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وتقدمت من سريره ‪ ،‬شعره األشقر كان‬
‫املظهر الوحيد الذي استطاعت أن‬
‫تتعرف عليه من رأسه ‪ ...‬فصاحت ‪:‬‬
‫‪ -‬أوه‪ ..‬رااين ! ماذا فعلوا بك ؟‬
‫‪ -‬كولني ! كولني‪ ...‬من أين أتيت حبق‬
‫السماء ؟‬
‫الكالم كان مؤملا له ‪ ،‬ولكن دهشته‬
‫لرؤيتها هناك ‪ ،‬وهو يظنها يف إنكلرتا ‪،‬‬
‫جعلته يتجاهل األمل ‪ ،‬واعطته ملخصا ملا‬
‫‪465‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫حدث معها منذ وصوهلا حلضور زفافه ‪،‬‬
‫وأخربها أنه مل يستلم رسالتها ‪ ،‬وقالت له‬
‫إن جوليانو إنريكو قد عرض عليها ‪،‬‬
‫متلطفا ‪ ،‬وظيفة كي تكسب أجرة سفرها‬
‫إىل بالدها ‪ .‬وقال متعجبا ‪:‬‬
‫‪ -‬أنت تعملني جلوليانو إنريكو !‬
‫‪ -‬وهل تعرفه ؟‬
‫‪ -‬مسعت عنه ‪ ،‬ومل أكن أعتقد أبنه‬
‫سيساعد أحدا من أقاريب أبدا ‪.‬‬
‫‪466‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬لقد كان لطيفا جدا معي ‪ ،‬أكثر مما‬
‫ينبغي ‪ .‬ولكن املهم اآلن ‪ ،‬كيف تشعر ؟‬
‫‪ -‬وكيف أبدو ؟‬
‫وقالت له متصنعة املرح ‪ .‬مع أهنا أرادت‬
‫البكاء على منظر وجهه ‪:‬‬
‫‪ -‬لقد شاهدتك من قبل بشكل أفضل‬
‫‪.‬‬
‫وكان الكالم مؤملا له ‪ ،‬فلم متكث طويال‬
‫معه يف زايرهتا األوىل ‪ .‬وودعته بقبلة‬
‫‪467‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫رقيقة ‪ ،‬ومل تدر كيف استطاعت منع‬
‫دموعها من التساقط ‪ ،‬وهي تغادر‬
‫القسم ‪.‬‬
‫ولكن ما إن أغلقت الباب وراءها حىت‬
‫أعمتها الدموع ‪ ،‬ومأل رأسها وجه رااين‬
‫املسكني املعطوب ‪ ،‬مع أضالعه‬
‫املكسورة اليت أخربها عنها ‪ .‬ومل تعرف‬
‫أين هي ذاهبة وهي تسري يف املمر ‪ .‬ومن‬

‫‪468‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫خالل دموعها شاهدت جوليانو يقف‬
‫أمامها ‪.‬‬
‫كان واقفا دون أن يقول كلمة ‪ ،‬عيناه‬
‫على وجهها الذي جتاهد يف السيطرة‬
‫على تعابريه ‪ ،‬وأعطتها ذراعه اليت‬
‫أحاطها هبا شعورا ابألمان ‪ ،‬ومها يسريان‬
‫حنو املصعد مث أجلسها يف السيارة ‪،‬‬
‫وقال ‪:‬‬

‫‪469‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬سوف حنجز يف الفندق أوال ‪ ،‬مث‬
‫نتناول بعض الطعام ‪.‬‬
‫ومل تكن جائعة ‪ ،‬بل مصدومة ‪ ،‬ومل‬
‫تستطع أن ترد عليه ‪ ،‬وأوقف السيارة يف‬
‫موقف الفندق حتت األرض ‪ ،‬وصعدا‬
‫معا إىل قاعة االستقبال ليدبر غرفا هلما ‪.‬‬
‫مث استقال املصعد ‪.‬‬
‫وحجز هلما جناحا من عدة غرف ‪ .‬وظل‬
‫جبانبها إىل أن خرج احلمال من اجلناح ‪،‬‬
‫‪470‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫فأخذ يتفحص غرف النوم ‪ .‬وعاد ليضع‬
‫هلا حقيبتها يف الغرفة اليت أختارها هلا ‪ .‬مث‬
‫عاد وأمسك بذراعها ونظر يف عينيها ‪.‬‬
‫‪ -‬لقد حتدثت مع الطبيب بينما كنت يف‬
‫زايرته‪ ..‬سيكون على ما يرام اي كولني ‪،‬‬
‫خبري متاما ‪ .‬وقال الطبيب إنه سيتمكن‬
‫من اخلروج بعد بضعة أسابيع ‪ .‬ولن‬
‫يقولوا إنه سيغادر املستشفى لو أن‬
‫إصابته خطرية ‪ .‬أليس كذلك ؟‬
‫‪471‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وتنهدت بعمق وقالت وهي تبكي ‪:‬‬
‫‪ -‬أوه اي جوليانو‪ ...‬إنه‪ ..‬يبدو حبالة‬
‫رهيبة!‬
‫وجذهبا بني ذراعيه ‪ ،‬فدفنت وجهها يف‬
‫صدره وأخذت تبكي ‪ ،‬بكل صدمتها ملا‬
‫حدث لراين ‪ .‬وأخريا ‪ ،‬وهي ما تزال بني‬
‫ذراعيه ‪ ،‬جف دمعها ‪ ،‬وشعرت ابخلجل‬
‫عندما الحظت أهنا بللت قميصه‬
‫بدموعها ‪ .‬وقالت له ‪:‬‬
‫‪472‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أان ال أبكي عادة ‪ ،‬فلماذا أبكي‬
‫دائما على صدرك ؟‬
‫وتناولت املنديل الذي قدمه هلا‬
‫ومسحت عينيها به ‪ ،‬فقال مداعبا ‪:‬‬
‫‪ -‬رمبا ألنين دائما أكون يف املكان‬
‫املناسب يف اللحظة املناسبة ‪.‬‬
‫يف هذه اللحظة ‪ ،‬اكتشفت اكتشافا‬
‫مرعبا ‪ ،‬وصعقت حىت العظام الكتشافها‬
‫أن مشاعرها تتدمر كلما اقرتبت منه ‪،‬‬
‫‪473‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وكلما نظرت إىل عينيه الزرقاوين ‪.‬‬
‫وعلمت أهنا وقعت يف حبه ‪.‬‬
‫وصدمت ملعرفتها أن هذا هو سبب‬
‫خفقان قلبها يف عدة مناسبات‪...‬‬
‫مناسبات تكون فيها بني ذراعيه ‪ ،‬أو‬
‫حىت دون أن يلمسها ‪ ،‬وأخذ يسري يف‬
‫الغرفة ‪ ،‬وبدأ قلبها ابخلفقان ‪ ،‬وحدقت‬
‫به ‪ .‬فقال هلا ‪:‬‬

‫‪474‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬هل أنت خبري ؟ لقد فقدت شيئا من‬
‫لون وجهك ‪.‬‬
‫‪ -‬أان على ما يرام ‪ ..‬األمر عائد‬
‫للصدمة فقط ‪ ..‬الصدمة لرؤية رااين‬
‫هكذا ‪ ..‬أان‪ ...‬هل متانع إذا مل أذهب‬
‫معك لتناول الطعام ‪ ...‬لست جائعة‬
‫أبدا ‪.‬‬
‫‪ -‬ملاذا ال تراتحني ملدة ساعة ؟ لدي‬
‫بعض املواعيد قد متتد قرابة الساعة ‪.‬‬
‫‪475‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وحلاجتها للبقاء لوحدها ‪ ..‬فقد رأت أن‬
‫أفضل اقرتاح مسعته منذ مدة طويلة ‪.‬‬
‫وأمضيا يف مدينة مكسيكو أكثر من‬
‫بضعة أايم ‪ .‬وأملت كولني أن يكون ما‬
‫شعرت به من حب جلوليانو هو حمض‬
‫خيال ‪ ،‬لكن يف األايم اليت تلت كانت‬
‫تغوص أعمق وأعمق يف حبه ‪ ،‬واقتنعت‬
‫أن هذا األمل كان أمال فارغا ‪ ...‬بعد‬
‫أقل من شهرين ‪ ،‬سوف تفرتق عنه ‪ ،‬ومل‬
‫‪476‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫تستطع أن تفكر كيف ستتمكن من هذا‬
‫‪.‬‬
‫أايمهما هناك ‪ ،‬أصبحت روتينية خبروج‬
‫جوليانو يف الصباح ملتابعة أعماله ‪،‬‬
‫ويعود دائما ليصطحبها إىل املستشفى‬
‫لزايرة رااين ‪ ،‬ومل يعرض عليها مرة‬
‫واحدة أن يدخل لرياه ‪ .‬واحرتمت‬
‫مشاعره ‪ ،‬أمل يفعل هلا ما فيه الكفاية ‪،‬‬
‫أمل يسافر معها إىل مدينة املكسيك بعد‬
‫‪477‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ساعة من تلقيه اخلرب ؟ ومل تطلب منه‬
‫هذا أبدا‪ .‬وبعد كل مرة تزور شقيقها ‪،‬‬
‫كان يقودها يف السيارة خارج املدينة ‪،‬‬
‫إىل مكان يبعدها عن التفكري بشقيقها‬
‫وما حل به ‪.‬‬
‫يوم األحد ‪ ،‬اصطحبها جوليانو إىل بلدة‬
‫سياحية تدعى "كويراتكاكا" يقال أبهنا‬
‫أقدم منتجع يف املكسيك ‪ ،‬ومن هناك‬
‫ذهبا إىل بلدة مناجم الفضة "اتكسكو"‬
‫‪478‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫أمجل بلدة جبلية ‪ .‬ويوم األثنني ذهبا إىل‬
‫"كواات جويتو" املدينة اليت حتوي أروع‬
‫شبكة من الطرقات حتت األرض ‪ ،‬متتد‬
‫حتت املدينة متاما‪ ..‬وهناك دهلا جوليانو‬
‫على املنزل الذي عاش فيه "دايغو‬
‫ريفريا" أشهر رسام مكسيكي ‪.‬‬
‫ومن هناك أخذها إىل "سان ميغال االند"‬
‫املكان املعروف إبقامة أكرب جمموعات‬

‫‪479‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫من الفنانني فيه ‪ .‬وهناك تناوال العشاء ‪.‬‬
‫وقال هلا جوليانو ‪:‬‬
‫‪ -‬واآلن‪ ..‬ماذا نستطيع أن نفعل‬
‫لنشجع شهيتك ؟‬
‫مل تفته مالحظة عزوفها عن الطعام ‪،‬‬
‫ولكن بسبب رغبتها يف إرضائه ‪ ،‬حاولت‬
‫جاهدة التفكري بشيء فقالت ‪:‬‬
‫‪ -‬اظن أرغب يف البيتزا ‪.‬‬

‫‪480‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وقرب وجهه من وجهها ‪ ،‬وظنت أنه‬
‫سيعانقها هنا يف الساحة وأمام اجلميع ‪،‬‬
‫وأخذ قلبها خيفق ‪ ،‬وتالشت االبتسامة‬
‫عن وجهها ‪ ،‬فهي تريده أن يعانقها ‪،‬‬
‫ولكنها كانت خائفة من أن تتعلق به‬
‫أكثر من اللزوم ‪ .‬وعندها سيفضح سرها‬
‫‪.‬‬

‫‪481‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ولكن على الرغم من أن وجهه كان قريبا‬
‫منها إال أنه مل يعانقها ‪ .‬بل رفع يده‬
‫ليمرر اصبعه على وجهها قائال ‪:‬‬
‫‪ -‬إذا سنتناول البيتزا اي سيديت ‪.‬‬
‫وسار هبا من الساحة املكتظة ابلناس ‪،‬‬
‫إىل شارع جانيب منحدر وتوقف أمام‬
‫مبىن عليه الفتة كتب عليها "هاماميا"‬
‫وسأهلا ‪:‬‬
‫‪ -‬يف الداخل أم يف اخلارج ‪.‬‬
‫‪482‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬بل يف اخلارج ‪.‬‬
‫وتشاركا معا يف تناول "بيتزا" عمالقة‬
‫وضعت أمامهما على طبق كبري ‪ .‬ومها‬
‫جالسان إىل طاولة خشبية كبرية يف الفناء‬
‫اخلارجي ‪.‬‬
‫وأكلت حصتها حىت آخر قطعة ‪ .‬مث‬
‫جلست معه حتت حفيف أوراق الشجرة‬
‫اليت تتدىل من فوقهما ‪ ،‬شجرة مشمش‬
‫كما اعتقدت ‪.‬‬
‫‪483‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫يف داخلها ‪ ،‬مل تعد متأكدة من شيء ‪،‬‬
‫كل ما كانت أكيدة منه أهنا تقع يف حبه‬
‫أكثر فأكثر ‪ ،‬وحبها له قد بدأ حيرقها ‪.‬‬
‫حبلول يوم الثالاثء ‪ ،‬طرأ حتسن طفيف‬
‫على حالة رااين ‪ .‬وزال التورم عن وجهه‬
‫‪ ،‬وأصبح قادرا على السري يف القسم‬
‫قليال ‪ .‬ومبا أن األمل قد أصبح أقل اآلن‬
‫فقد ظنت أنه حان الوقت لتسمع القصة‬
‫منه ‪.‬‬
‫‪484‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ومل تكن تدري من أين تبدأ ‪ ،‬وأحست‬
‫ابلسرور عندما مل يبدو حمرجا لذكر اسم‬
‫بوال ‪ ،‬وقال بصراحة أخوية ‪:‬‬
‫‪ -‬لن أبقى هنا يوما واحدا أكثر مما جيب‬
‫‪.‬‬
‫‪ -‬ولكن الطبيب يقول ‪...‬‬
‫‪ -‬ال تقلقي اي كولني ‪ ،‬لن أقوم أبي‬
‫تصرف غيب ‪ .‬ولكن بوال تنتظرين يف‬

‫‪485‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫أكابولكو وسوف أذهب إىل هناك أبسرع‬
‫وقت ممكن ‪.‬‬
‫ولكنه ليس يف حالة تسمح له ابلذهاب‬
‫إىل أي مكان ‪ ،‬وخاصة إىل أكابولكو ‪،‬‬
‫اليت تبعد أمياال كثرية ‪ .‬وال بد أنه يدرك‬
‫هذا ‪ .‬ولكنها تعرفه جيدا ‪ ،‬وتعرف أنه‬
‫سيحاول هذا ابلتأكيد ‪ .‬لذا تركت‬
‫الكالم يف هذا ‪ ،‬وقررت أن تركز‬
‫احلديث حول بوال ‪:‬‬
‫‪486‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬األمر جدي إذا ‪ ..‬بينك وبني بوال؟‬
‫‪ -‬إبمكانك املراهنة على حياتك أبن‬
‫األمر جدي ‪ .‬اي إهلهي‪ ..‬أتظنني أبنين‬
‫كنت سأفسخ خطوبيت إليزابيال يف هذه‬
‫املرحلة املتأخرة لو مل يكن األمر جداي ؟‬
‫وبدا مستعدا للحديث بصراحة ‪ ،‬فقالت‬
‫له أول ما خطر بباهلا ‪:‬‬

‫‪487‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬إيزابيال ‪ ،‬وعائلتها ‪ ،‬يظنون أنك‬
‫ختليت عنها ألهنا قالت لك إن والدها‬
‫ليس ثراي ‪.‬‬
‫‪ -‬اي إهلهي ! كم هم مجاعة متفاخرة ‪.‬‬
‫كنت أتوقع أن يظنوا هذا بدل تصديق‬
‫القصة احلقيقية ‪ .‬أنت مل تصدقيهم‪..‬‬
‫أليس كذلك ؟‬

‫‪488‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬مل أستطع تصديقهم ‪ .‬مع أن الفتاة‬
‫املسكينة كانت مصدومة بشكل رهيب‬
‫ألنك أخربهتا متأخرا جدا بتغيري رأيك ‪.‬‬
‫‪ -‬األفضل هلا أن تنزعج اآلن من أن‬
‫نتزوج مث أتركها ألذهب مع بوال فيما بعد‬
‫‪.‬‬
‫‪ -‬وهل كانت بوال سبب فسخك‬
‫اخلطوبة ؟‬

‫‪489‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬قابلتها بعد وقت قصري من إعالن‬
‫اخلطوبة ‪ ،‬وكنت أعتقد أنين أحب‬
‫إيزابيال‪ ..‬حقا ولكن بعد دقائق من‬
‫حديثي مع بوال ‪ ،‬عرفت أهنا املرأة‬
‫الوحيدة املناسبة يل ‪ .‬ومع ذلك حاولت‬
‫أن ال انكث بوعدي إليزابيال اي كولني ‪..‬‬
‫صدقا لقد حاولت ‪ .‬ولكنين كنت أقابل‬
‫بوال صدفة إبستمرار ‪ ،‬وكانت هذه‬
‫اللقاءات تشعرين أبنين عدت إىل احلياة‬
‫‪490‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ .‬إهنا متزوجة من رجل قذر وغري سعيدة‬
‫معه ‪ ،‬والحظت الطريقة اليت يعاملها هبا‬
‫‪ ،‬ومل استطع حتمل هذا ‪.‬‬
‫‪ -‬وهكذا هربت معها ‪.‬‬
‫‪ -‬ال شيء كان ميكن أن مينعين بعد أن‬
‫عرفت أبهنا تشعر بنفس مشاعري ‪.‬‬
‫ولكنين كنت أعرف أن هناك صعوابت‬
‫ستواجهنا ‪.‬‬
‫‪ -‬وهل حبث عنك زوجها ؟‬
‫‪491‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬بكل الطرق! بوال وأان كان معنا مال‬
‫يكفينا لسنة ‪ ،‬ولكن بعد اختبائنا لبضعة‬
‫اسابيع ‪ ،‬فكرت أن نعود إىل مدينة‬
‫مكسيكو حيث ميكن أن أجد عمال ‪.‬‬
‫وكانت واثقة أن زوجها سيلحق بنا ‪ ،‬ويف‬
‫يوم حملت أحد أشقاءه ‪.‬‬
‫‪ -‬أوه‪ ..‬وملاذا مل هترب‪..‬‬

‫‪492‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أهرب ؟ أان أحب بوال وأريد الزواج‬
‫منها ‪ ،‬مل استطع اي كولني ‪ ،‬وهل أمضي‬
‫بقية حيايت هاراب ؟‬
‫‪ -‬ولكن بوال ذهبت إىل أكابولكو ‪.‬‬
‫‪ -‬ال تظين أنه كان سهال علي إقناعها‬
‫ابلذهاب ‪ .‬إهنا عنيدة جدا‪ .‬ولكنين مل‬
‫أرغب أن تكون موجودة عندما تتطاير‬
‫اللكمات‪ ..‬واكتشفت بوال أنين أعند‬
‫منها ‪.‬‬
‫‪493‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬وهل ‪ ..‬هل تعلم مبا حدث لك ؟‬
‫‪ -‬ان االخوة فرانندو ضربوين ؟‪ ..‬أبقل‬
‫تفاصيل ممكنة ‪ ،‬فأان أتصل هبا يوميا ‪.‬‬
‫‪ -‬وهي تتوقع أن تنضم إليها يف‬
‫أكابولكو ؟‬
‫ال أريدها أن تعود إىل مدينة مكسيكو‬
‫حىت أأتكد أن األخوة فرانندو قد‬
‫غادروها ‪.‬‬

‫‪494‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وأخذ يتحدث عن بوال ‪ .‬وكيف أن‬
‫كولني ستحبها إذا تقابال ‪ .‬وبدا واضحا‬
‫أن شقيقها متيم حبب بوال ‪ ،‬ومبا أهنا‬
‫غارقة يف احلب بنفسها ‪ .‬مل تستطع سوى‬
‫أن تتمىن لواحد من عائلة شادو على‬
‫األقل أن جيد السعادة يف حبه‪...‬‬
‫وقبل أن تنهي زايرهتا أخربته عن نية‬
‫والدمها الزواج من آغي ابركر وقالت ‪:‬‬
‫‪ -‬ال بد أهنما تزوجا اآلن ‪.‬‬
‫‪495‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أرجو أن يسعدها أكثر مما أسعد‬
‫والدتنا ‪.‬‬
‫وهذا ما ترك لكولني شيئا تفكر به وهي‬
‫تغادر املستشفى ‪ .‬فرااين أكرب منها‬
‫خبمس سنوات ‪ ،‬وإبمكانه أن يتذكر‬
‫كيف كانت حياة والدهتما مع والدمها ‪،‬‬
‫وإذا كانت تلك احلياة متاثل حياهتا معه‬
‫اخلالية من السعادة ‪ ،‬فال بد أنه مل يكن‬
‫هناك سعادة يف زواجهما ‪.‬‬
‫‪496‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬هل حدث شيء لرااين ؟‬
‫وتقدم جوليانو منها ‪ ،‬وكانت هذه املرة‬
‫األوىل اليت يستخدم اسم رااين فيها ‪.‬‬
‫وتبددت األفكار التعسية من ذهن كولني‬
‫على الفور ‪ ،‬كالسحر‪ ،‬جمرد مساعه يتلفظ‬
‫ابسم شقيقها دون عدائية ‪ ،‬جعل عينيها‬
‫تلمعان كالنجوم ‪ ،‬وقالت ‪:‬‬
‫‪ -‬إنه خبري‪ ...‬إنه يتحسن ‪.‬‬
‫‪ -‬ولكنك تبدين مستائة ‪.‬‬
‫‪497‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أوه ‪ ..‬لقد كنت أفكر مبا قاله يل‬
‫رااين ‪.‬‬
‫ومل يتحرك ليفتح هلا الباب كما هي‬
‫عادته ‪ ،‬بل وقف منتظرا أن تتابع كالمها‬
‫‪ ،‬وختربه ما الذي أزعجها ‪ ،‬وكأنه جيذب‬
‫الكالم منها جذاب ‪:‬‬
‫‪ -‬لقد كان‪ ..‬خيربين عن األوقات‬
‫التعيسة اليت مرت هبا أمي مع أيب قبل‬
‫أن متوت ‪.‬‬
‫‪498‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬وحياتك مل تكن فراشا من الورود‬
‫أيضا‪ ..‬أليس كذلك ؟‬
‫‪ -‬الورود هلا أشواك‪ ..‬أليس كذلك ‪.‬‬
‫وهي غري مرحية أحياان ‪ .‬رأيك أبن رااين‬
‫مل يتزوج إيزابيال ألنه اكتشف أن املزرعة‬
‫لك وليس لوالدها كان رأاي خاطئا على‬
‫فكرة ‪ ،‬فقد أحب بوال لدرجة مل يستطع‬
‫أن يفعل شيئا سوى‪...‬‬

‫‪499‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ولكنها كانت تكلم نفسها ‪ ،‬فقد تركها‬
‫جوليانو وذهب ليفتح الباب هلا ‪ .‬وألن‬
‫وجهه كان متجهما ‪ ،‬فلن يدهشها أن‬
‫أيخذها رأسا إىل الفندق ‪ .‬لذا كانت‬
‫مفاجأة هلا عندما رأته يسري عرب زحام‬
‫السري ‪ ،‬مث خيرج هبا خارج مدينة‬
‫املكسيك ‪ .‬فسألته ‪:‬‬
‫‪ -‬أين حنن ذاهبان اآلن ؟‬

‫‪500‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وعندما مل يرد ‪ ،‬اعتقدت أن مزاجه‬
‫متكدر وال يرغب يف الكالم معها ‪.‬‬
‫وأدارت وجهها عنه وقد مألت الدموع‬
‫عينيها ‪ ،‬وارتفع رأسها بكربايء وهي‬
‫حتدق خارج النافذة ‪ ،‬مث جفت دموعها‬
‫بنفس السرعة اليت تدفقت هبا ‪ .‬فقد بدا‬
‫أن جوليانو قد قام مبجهود خارق‬
‫للسيطرة على أعصابه ‪ ،‬وسأهلا ‪:‬‬
‫‪ -‬هل حتبني رؤية االهرامات القدمية ؟‬
‫‪501‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أنستطيع ذلك وأين ؟ هل هناك منها‬
‫يف مكان قريب ؟‬
‫‪ -‬يف "تيو تيهواكان"‪..‬‬
‫ووجدت كولني "تيوتيهواكان" مكاان‬
‫شديد الروعة ‪ .‬فاملوقع الرائع حيتوي‬
‫على هرمني ضخمني جدا ‪ ،‬األصغر رغم‬
‫ضخامته ‪ ،‬كان هرم القمر ‪ ،‬واألكرب هرم‬
‫الشمس ‪ .‬وكان هناك مبان أخرى اترخيية‬
‫‪ ،‬مثل معبد "كوتزا لكوتل" ‪ ،‬وكلها‬
‫‪502‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫موجودة على طول شارع عريض امسه‬
‫"شارع املوت" ‪.‬‬
‫ولكن قبل أن تسري إىل أي مكان ‪ ،‬أصر‬
‫جوليانو على أن يتوقفا يف أحد األكواخ‬
‫العديدة القريبة حيث يباع كل شيء‬
‫ابتداء من سجاد اجلدار املكسيكي ‪ ،‬إىل‬
‫قطع الشطرنج املصنوعة من االينوكس ‪،‬‬
‫واشرتى هلا قبعة قش ‪ ،‬وبطريقة احتفالية‬

‫‪503‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ ،‬وضعها على رأسه ‪ ،‬مث تراجع ليبدي‬
‫إعجابه هبا ‪:‬‬
‫‪ -‬ظريفة جدا‪.‬‬
‫وضحكت كولني ‪ ،‬وصممت أن ال تفكر‬
‫مبا سيحدث بعد شهرين من اآلن ‪.‬‬
‫ووجدته دليال سياحيا رائعا ‪ ،‬قادر على‬
‫اإلجابة على أي سؤال ‪ :‬هل عاش‬
‫األزنكيون هنا ؟ ومن هو كواتزلكوت ؟‬
‫والعديد من األسئلة األخرى‪ ..‬ومل حياول‬
‫‪504‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫استعجاهلا ‪ ،‬وتسلق معها اهلرم درجة‬
‫درجة ‪ ،‬وبدا مستعدا للوقوف حتت‬
‫حرارة الشمس قدر ما تريده ‪ ،‬كي تتأمل‬
‫مناظر الريف احمليطة هبما‪ ..‬إىل أن‬
‫تذكرت كولني أهنا ترتدي قبعة بينما‬
‫جوليانو عاري الرأس ‪.‬‬
‫وبدءا ينزالن درجات اهلرم ‪ ،‬ومبا أهنا مل‬
‫تكن متعودة على املرتفعات ‪ ،‬كانت‬

‫‪505‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ترتدد يف وضع أي رجل قبل األخرى‬
‫والحظ جوليانو هذا وقال هلا ‪:‬‬
‫‪ -‬متسكي يب‪...‬‬
‫وقدم هلا ذراعه القوية الثابتة لتمسك هبا‬
‫‪ ،‬وعندما وصال أسفل اهلرم ‪ ،‬شعرت‬
‫ابالرتياح وشكرته ‪ ،‬فقال مداعبا ‪:‬‬
‫‪ -‬أنت أردت أن تتسلقي ‪.‬‬
‫‪ -‬أردت أن ال يفوتين هذا ‪.‬‬

‫‪506‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وضحكت ‪ ،‬فقد أحست وكأهنا ستنفجر‬
‫من السعادة بعد أن عاد ملداعبتها ‪.‬‬
‫تلك الليلة ‪ ،‬مل يكن النوم مشكلة هلا ‪.‬‬
‫ومبا أهنما يتشاركان نفس احلمام ‪،‬‬
‫وجوليانو يبقى مستيقظا ليقرأ أو يعمل ‪،‬‬
‫فإنه مل يستطع جتنب رؤيتها وهي متر‬
‫أمامه بثياب النوم ‪.‬‬
‫يوم األربعاء ‪ ،‬بدا أن رااين قد خطا‬
‫خطوات واسعة حنو الشفاء ‪ .‬واراتحت‬
‫‪507‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫كولني ألنه مل يذكر أبنه سيغادر‬
‫املستشفى عندما يشعر أبنه على ما يرام‬
‫‪ .‬وخرجت من املستشفى ويف رأسها‬
‫فكرة أن جتد الشجاعة الكافية لتطلب‬
‫من جوليانو أن يتحدث إىل الطبيب‬
‫ألجلها ‪.‬‬
‫بعد الظهر اصطحبها إىل احلدائق العائمة‬
‫يف "كوشيملكو" ‪ ،‬ونسيت كل شيء‬

‫‪508‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫فيما يتعلق برااين ‪ ،‬بعد أن استحوذ‬
‫عليها ذلك املوقع الرومانسي ‪.‬‬
‫وجلسا يف قارب مزين أبوراق األزهار ‪،‬‬
‫سار هبما فوق املاء ‪ ،‬مارين ببائعي زهور‬
‫على مراكب صغرية ‪ ،‬وآخرون يبيعون‬
‫الطعام ‪.‬‬
‫ولكن سعادة كولني مل تعد تعرف حدودا‬
‫عندما تقدمت فرقة عازفني‬
‫‪"،‬مرياشريي"‪ ،‬معتمرين قبعات عريضة‬
‫‪509‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫للرعاة املكسيكيني ‪ ،‬وتوقف جوليانو‬
‫ودفع هلم أجرهم ‪ ،‬وبدأوا ابلعزف ‪.‬‬
‫وبعد أن انتهت رحلتهما يف املركب‬
‫قالت له وهو يساعدها على النزول إىل‬
‫الشاطئ ‪:‬‬
‫‪ -‬كانت نزهة رائعة ‪.‬‬
‫‪ -‬كنت أعتقد أبهنا ستعجبك ‪.‬‬

‫‪510‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬ال جيب عليك أن أتخذين إىل مثل‬
‫هذه النزهات ‪ ،‬أعين إذا كانت تضجرك‬
‫‪.‬‬
‫‪ -‬وهل قلت إنين ضجرت ؟‬
‫‪ -‬حسنا‪ ..‬ال ‪ ،‬ولكن‪..‬‬
‫‪ -‬إذا مل حتسين التصرف‪ ..‬لن آخذك‬
‫إىل حفلة الفلكلور الراقصة هذه الليلة ‪.‬‬
‫‪ -‬الليلة؟‬

‫‪511‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬عادة يقيمون مثل هذه احلفالت يوم‬
‫األربعاء ويوم األحد‪.‬‬
‫‪ -‬أوه‪ ..‬ولكنك تريد العودة إىل دورانغو‬
‫يوم األحد ‪.‬‬
‫‪ -‬سوف أنتهي من أعمايل عندما أييت‬
‫يوم األحد ‪.‬‬
‫‪ -‬أجل‪ ..‬أجل‪ ..‬ابلطبع ستنتهي ‪.‬‬
‫وقابلتهم عاصفة رعدية يف مدينة‬
‫مكسيكو ‪ .‬وألهنا حتب التفرج على‬
‫‪512‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫العواصف ‪ ،‬مل تستطع مقاومة رغبتها يف‬
‫اخلروج ملشاهدهتا يف الشارع ‪ ،‬على‬
‫الرغم من وجود طريق مسقوف من‬
‫املرآب إىل الفندق وشق السماء برق‬
‫عنيف ‪ ،‬ولكنها مل ختف ‪ ،‬بل أجفلت‬
‫عندما أمسكتها يد قاسية لتجذهبا ويقول‬
‫هلا جوليانو ‪:‬‬
‫‪ -‬أليس عندك عقل ؟‬
‫مث جرها وراؤه إىل الفندق ‪.‬‬
‫‪513‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وكان ال يزال غاضبا عندما وصال إىل‬
‫جناحهما ‪ ،‬وعيناه الغاضبتان تنظران إىل‬
‫املطر يف اخلارج الذي مل تشاهد مثله من‬
‫قبل ‪.‬‬
‫مث ودون أن خيطو خطوة ‪ ،‬بدا وكأن‬
‫شخصا آخرا يسيطر عليه ‪ ،‬فارتفعت‬
‫يده ببطء ‪ ،‬وبدا يتحسس خدها ‪.‬‬
‫وارتفع اللون األمحر إىل وجهها ‪ ،‬كانت‬

‫‪514‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫تريد أن يلمسها ‪ ،‬حباجة إىل هذه اللمسة‬
‫‪ ،‬ولكنه أشاح بوجهه عنها حبزم ‪.‬‬
‫وراقبت كولني ‪ ،‬وكأهنا تراقب فيلما‬
‫ابلسرعة البطيئة ‪ ،‬اللون يغزو بشرته ‪،‬‬
‫بعد أن أدرك ما كان سيفعله ‪ .‬مث أصبح‬
‫صوته خشنا ‪ ،‬خشنا لدرجة مل تسمعها‬
‫منه طوال هذا اليوم‪.‬‬
‫‪ -‬ألجل هللا‪ ..‬اذهيب وغريي مالبسك‪.‬‬

‫‪515‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وذهبت كولني بسرعة ‪ ،‬ولكنها مسعته‬
‫يتمتم ‪:‬‬
‫‪ -‬اي إهلهي‪..‬‬
‫مث قال شيئا عرفت من معلوماهتا القليلة‬
‫ابإلسبانية أنه يعين ‪:‬‬
‫‪ -‬أان حباجة لشراب قوي كي أهدأ ‪.‬‬

‫‪516‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫الفصل التاسع‬
‫حرة ‪ ،‬ولكن‪...‬‬

‫وغادرته روحه املرحة وبدا أهنا لن تعود‬


‫عندما انضمت إليه لتناول عشاء ابكر‬
‫قبل ذهاهبما إىل احلفلة الراقصة ‪،‬‬
‫وأوشكت أن تقول له أن ينسى أمر‬
‫احلفلة ‪ .‬ولكنها علمت أن احلصول على‬

‫‪517‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫التذاكر مل يكن سهال ‪ ،‬فآثرت الصمت‬
‫‪.‬‬
‫ومع ذلك فقد ظل لطيفا معها كما كان‬
‫دائما ‪ ،‬ولكن كان ينقص تلك اللمسات‬
‫‪ ،‬وتلك اليد اليت تقودها ‪ ،‬ومها يتجهان‬
‫لدخول "قصر الفنون" ‪ .‬وكانت واثقة يف‬
‫قرارة نفسها أنه سئم من اصطحاهبا إىل‬
‫أماكن ال بد أنه زارها العديد من املرات‬
‫‪ .‬وصممت على أهنا يف الغد ‪ ،‬عندما‬
‫‪518‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫يلتقيها يف املستشفى ‪ ،‬سوف تدعي‬
‫صداعا وتعود إىل غرفتها ‪.‬‬
‫روحها املعنوية كانت منخفضة لدرجة أهنا‬
‫ظنت أن من املستحيل أن تتمتع ابحلفلة‬
‫اليت كانت على وشك أن تبدأ ‪ ،‬ولكن‬
‫ما إن بدأت أول رقصة ‪ ،‬اليت تصف‬
‫بدء العامل ‪ ،‬االزتيكي ‪ ،‬وتبعتها رقصات‬
‫أكثر هبجة وألواان ‪ ،‬مث املغين واملمثلني ‪،‬‬

‫‪519‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫مث رقصة القبعات املكسيكية الشهرية ‪،‬‬
‫حىت غمرهتا السعادة ونسيت أفكارها ‪.‬‬
‫وبدت هبجتها واضحة على وجهها ‪،‬‬
‫ومها يغادران مقعديهما ‪ ،‬وغري قادرة‬
‫على شكر جوليانو مبا يكفي ‪ ،‬وقالت له‬
‫وعيناها تعكسان مدى سعادهتا إهنا مل‬
‫تكن تعتقد أن احلفلة ستكون مجيلة جدا‬
‫هكذا ‪.‬‬

‫‪520‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وظنت أنه سيبتسم ‪ ،‬ولكنه عاد إىل‬
‫عبوسه ‪ .‬فهي كالبلهاء خرجت لتقف‬
‫حتت املطر‪ ..‬فلماذا فعلت هذا ؟ أمل‬
‫يكن األفضل هلا أن تبقي هذه الرغبات‬
‫العفوية مدفونة فيها ؟ فلو مل خترج حتت‬
‫املطر ملا شعر ابلرغبة يف معاملتها كطفلة‬
‫‪ ،‬وهذا أمر أزعجها أكثر ‪ ،‬ألهنا كانت‬
‫تريد أن ينظر إليها كامرأة ‪ ،‬وال تريده أن‬
‫يعاملها مثل‪ ...‬مثل شقيقة صغرية له ‪.‬‬
‫‪521‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫عندما بلغا جناحهما ‪ ،‬أخربهتا نظرة إىل‬
‫وجهه أن أفضل خدمة قد تؤديها له هي‬
‫أن تتمىن له ليلة سعيدة وتذهب إىل‬
‫فراشها ‪ ،‬ولكنه أوقفها ابلطريقة اليت‬
‫دائما يدهشها هبا من قبل أن تتمكن من‬
‫إلقاء حتية املساء عليه ‪.‬‬
‫‪ -‬هل ترغبني يف شيء‪ ..‬أتكلينه أو‬
‫شراب من أي نوع ؟‬
‫‪ -‬ال شكرا لك ‪.‬‬
‫‪522‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫كانت تشعر أهنا على وشك البكاء ‪،‬‬
‫وأرادت أن تكون لوحدها ‪ ،‬وتقدمت‬
‫خطوة حنو الباب ‪ ،‬ومرة أخرى مل تتح هلا‬
‫فرصة قول "تصبح على خري" إذ قال ‪:‬‬
‫‪ -‬هل‪ ..‬صحة أخيك تتحسن ؟‬
‫وكأمنا خرج منه السؤال رغما عن إرادته‬
‫‪ .‬وعاد الكربايء إىل نفسها اثنية ‪ ،‬كلما‬
‫أسرعت يف إراحته من واجب العناية هبا‬

‫‪523‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫كان أفضل ‪ .‬ونطقت ابسم أخيها‬
‫متعمدة ‪:‬‬
‫‪ -‬رااين ؟ إنه يتحسن بشكل غري عادي‬
‫‪ .‬ولن يطول به األمر حىت يصبح قادرا‬
‫على مغادرة املستشفى ‪.‬‬
‫‪ -‬أان مسرور لسماع هذا‪ ...‬فلن يكون‬
‫عندك أي اعرتاض إذا ‪ ،‬إذا عدان إىل‬
‫دايران مساء الغد ؟‬

‫‪524‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫الداير‪ ..‬أرادت أن تبكي عندما مسعت‬
‫هذه الكلمة ‪ ،‬ولكن كربايؤها منعها ‪.‬‬
‫هي ترغب يف العودة إىل الداير معه ‪ ،‬إىل‬
‫دورانغو ‪ ،‬ولكن ابلطريقة اليت قاهلا‬
‫علمت أنه سيسر كثريا إذا استطاع أن‬
‫يتخلص منها ‪ .‬فقالت وهي تعض شفتها‬
‫‪:‬‬
‫‪ -‬أان‪ ...‬أظن أن رااين يستطيع العناية‬
‫يب اآلن ‪.‬‬
‫‪525‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫اي إهلهي‪ ..‬جيب أن يكون جوليانو سعيد‬
‫هبذا القول ‪ ،‬ولكن بدال عن ذلك قطب‬
‫جبينه وبدا وكأنه الرعد األسود ‪ .‬واتبعت‬
‫كالمها ‪:‬‬
‫‪ -‬لن أعود ‪...‬‬
‫وكان هذا كل ما استطاعت قوله ‪ ،‬إذ‬
‫تقدم منها خبطوة واحدة ‪ ،‬وأمسك يدها‬
‫اليسرى ‪ ،‬ورفعها أمام عينيها ‪:‬‬

‫‪526‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬وهل نسيت هذا ؟ أنسيت أنك‬
‫تضعني خامتي ؟‬
‫‪ -‬ال‪ ..‬ال ‪ .‬ولكنك كنت‪ ..‬كنت‪..‬‬
‫حسنا‪ ..‬لقد ظننت ‪ ،‬مبا أنك ضجرت‬
‫من‪ ..‬هذا الوضع‪ ..‬فقد تكون هذه‬
‫اللحظة املناسبة لفسخ‪...‬‬
‫‪ -‬سأعلمك عندما يصبح الوقت مالئما‬
‫لفسخ اخلطوبة‪ ..‬فقد اتفقنا على أن‬

‫‪527‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫تكون اخلطبة لثالثة أشهر ‪ ،‬أتذكرين هذا‬
‫؟‬
‫وادركت كولني أهنا مهما حاولت‬
‫التمسك بكربايئها ‪ ،‬فلن تستطيع‬
‫املزايدة عليه يف هذا اجملال ‪ .‬وقال وهو‬
‫يصر على أسنانه ‪:‬‬
‫‪ -‬عندما أعود غدا إىل دورانغو ستأتني‬
‫معي ‪ ..‬مفهوم ؟‬

‫‪528‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫لقد حاولت ‪ ،‬ابلرغم من معارضة قلبها‬
‫‪ ،‬فقد حاولت ‪ ،‬وتذكرت األايم املاضية‬
‫اليت ظلت فيها معه ‪ ،‬وهذه النزهات‬
‫اليت رافقته فيها ‪ ،‬بينما كان يستطيع‬
‫بكل سهولة أن يرتكها لوحدها ‪،‬‬
‫فأحست بلني مشاعرها ‪ ،‬وأحست أيضا‬
‫أهنا ستبقى دائما مدينة له‪ ..‬فقالت‬
‫هبدوء ‪:‬‬
‫‪ -‬لقد فهمت ‪.‬‬
‫‪529‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وختلى عن عبوسه ‪ ،‬وتقبل موافقتها‬
‫اببتسامة ‪ .‬وفوجئت كولني نفسها‬
‫بتصرفها العفوي ‪.‬‬
‫فدون أن تدري متاما ماذا تفعل ‪،‬‬
‫تقدمت منه وطبعت قبلة على خده ‪.‬‬
‫وارتفعت يداه إىل ذراعيها ‪ ،‬وظنت أنه‬
‫سيجذهبا إىل ما بني ذراعيه ‪ ،‬ولكن‬
‫احلركة التالية اليت قام هبا ‪ ،‬كانت أن‬
‫دفعها عنه وقال بصوت أجش ‪:‬‬
‫‪530‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬ملاذا فعلت هذا ؟‬
‫‪ -‬ألنين شاكرة لك ‪ ..‬لكل ما فعلته‬
‫ألجلي ‪ ..‬وللوقت الذي قضيته معي‬
‫خارج مزرعتك ‪...‬‬
‫‪ -‬عندما أريد عرفانك ابجلميل ‪،‬‬
‫سأطلبه!‬
‫مث أضاف ساخرا وهو يدخل غرفة نومه‬
‫‪:‬‬

‫‪531‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬وهل غاب عن ابلك أنين كنت أعمل‬
‫منذ وصلنا إىل هنا ؟‬
‫وهكذا ‪ ،‬وبوضوح ‪ ،‬أخربها عن السبب‬
‫الرئيسي لقدومه إىل مدينة املكسيك وأن‬
‫هذا مل يكن بسببها ‪ .‬وقد أزعجه شكرها‬
‫له‪ .‬رمبا يضايقه جدا أن يساعد فردا من‬
‫عائلة شادو ‪.‬‬
‫كانت متأكدة أن وقتا طويال سيمضي‬
‫قبل أن تستطيع النوم ‪.‬‬
‫‪532‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫فارتدت ثياب نومها ووضعت كل شيء‬
‫آخر يف احلقيبة ما عدا ما سرتتديه غدا ‪.‬‬
‫ليس أمامها خيار سوى أن تعود معه إىل‬
‫دورانغو ‪ ،‬والطريقة اللطيفة اليت عاملها‬
‫هبا قد انتهت اآلن ‪ ،‬وأتملت أن ميضي‬
‫ما تبقى من الشهرين بسالم ‪.‬‬
‫يف الصباح التايل ‪ ،‬كانت ثقتها بنفسها‬
‫أكرب ‪ ،‬وعاد إليها حتفظها بقوته الكاملة‬
‫‪ ،‬وعندما أنضمت إليه يف غرفة اجللوس‬
‫‪533‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ .‬وكانت قد مسعت وصول اإلفطار قبل‬
‫دقيقتني ‪ .‬ولكنها فقدت شهيتها عندما‬
‫حياها حتية الصباح بطريقة جافة ‪.‬‬
‫وأعطاها هذا فكرة عما ستكون عليه‬
‫األمور من اآلن وصاعدا ‪ ،‬وهي تصب‬
‫فنجان قهوهتا ‪ ،‬وقال هلا ‪:‬‬
‫‪ -‬أمامي يوم مليء ابلعمل ‪ .‬وقد ال‬
‫أعود إال قبل موعد سفران بوقت قصري ‪.‬‬

‫‪534‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وماكان يريد أن يقوله يف الواقع ‪ ،‬أهنا إذا‬
‫كانت تتوقع أن يصطحبها يف نزهة بعد‬
‫زايرة شقيقها ‪ ،‬فاألفضل أن تنسى األمر‬
‫‪.‬‬
‫ولكنها بدأت حتس ابلصداع على كل‬
‫األحوال ‪ ،‬لذا فال لزوم ألن يزعج نفسه‬
‫‪ .‬ودون أن ترد عليه حاولت صب‬
‫فنجان آخر من القهوة له ‪ ..‬فأوقفها‬
‫قائال ‪:‬‬
‫‪535‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬ال تزعجي نفسك ‪ ،‬فلدي موعد بعد‬
‫مخسة عشر دقيقة ‪ ..‬وحضري نفسك‬
‫لتكون جاهزة عند السابعة ‪.‬‬
‫‪ -‬حسن جدا ‪.‬‬
‫وفكرت أن تعرض عليه حزم حقيبته ‪.‬‬
‫ولكنها مل تفعل ‪ ،‬فاليوم ال يبدو أهنما‬
‫أصدقاء‪ ..‬هذا إذا كاان قد أصبحا‬
‫أصدقاء أبدا‪..‬‬

‫‪536‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وقبل أن خيرج ‪ ،‬مد يده إىل حمفظته ‪ ،‬مث‬
‫أعطاها بربود بعض املال ‪ .‬فقالت حبدة‬
‫‪:‬‬
‫‪ -‬ال أريد مالك!‬
‫‪ -‬ستحتاجينه للتاكسي ذهااب وإاياب من‬
‫املستشفى ‪.‬‬
‫‪ -‬لدي ما يكفيين ‪.‬‬
‫ولكن الكلمة األخرية كانت له ‪ ،‬فقد‬
‫ترك املال على الطاولة بقرهبا وخرج ‪.‬‬
‫‪537‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وصممت أن ال تلمس بنسا واحدا‬
‫منها‪ ...‬فما معها يكفيها ألكثر من‬
‫نصف دزينة من التاكسيات‪ ...‬أمامها‬
‫أكثر من شهرين بعد لتتحمله ‪ .‬وسوف‬
‫تعيد له املال يف أول مناسبة ‪.‬‬
‫ووصلت إىل املستشفى أبكر من املعتاد‬
‫‪ .‬وكان هذا لصاحلها‪ ..‬فلو أهنا التزمت‬
‫بنفس موعد زايرهتا املعتادة ‪ ،‬ملا كان‬
‫شاهدت رااين أبدا ‪ ،‬فعندما دخلت‬
‫‪538‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫القسم ‪ ،‬مل تشاهده خارج السرير فقط ‪،‬‬
‫بل كان مرتداي ثيابه ‪ .‬وصاح مرحبا ‪:‬‬
‫‪ -‬كولني! لقد حاولت األتصال بك يف‬
‫الفندق منذ وقت قصري ‪ ،‬و لكن‬
‫جناحك مل جياوب ‪.‬‬
‫وكان هناك سؤال يف صوته ‪ ...‬سؤال‬
‫كان يقول إنه قد سأل عنها ابمسها ‪،‬‬
‫وعندما مل حيصل على رد سأل عن‬
‫جوليانو إنريكو ‪ ،‬وعرف أبهنا تشاركه‬
‫‪539‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫اجلناح ‪ .‬ولكن ‪ ،‬ابلنسبة هلا ‪ ،‬الشرح‬
‫سيكون طويال ويتضمن أمور ال تريد‬
‫قوهلا له ‪.‬‬
‫فتجاهلت نظرته املتسائلة ‪ ،‬وحاولت‬
‫معرفة ما يريد أن يفعل ‪ ،‬وأين يظن أبنه‬
‫ذاهب ‪ .‬وأخربها أنه سيسافر إىل‬
‫أكابولكو‪ ..‬فشهقت قائلة ‪:‬‬
‫‪ -‬ولكنك ال تستطيع ‪ ...‬لست حبالة‬
‫جيدة‪ ..‬انظر إىل نفسك ! ‪ ..‬أنت ‪..‬‬
‫‪540‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬وفري كالمك اي كولني‪ ..‬لقد مسعت‬
‫كل ما ستقولينه من املوظفني هنا ‪ ...‬مع‬
‫أنين ‪ ،‬ولسبب وجيه ‪ ،‬مل أخربهم أين‬
‫سأذهب ‪.‬‬
‫‪ -‬وهل قالوا لك أن من الغباء أن خترج‬
‫من املستشفى ؟‬
‫‪ -‬لقد اختذت قراري‪ ..‬وسأستقل الباص‬
‫بعد ساعة ‪.‬‬

‫‪541‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬الباص ؟ ولكن ستستغرق الرحلة وقتا‬
‫طويال ‪ ،‬وأنت لست مؤهال ‪...‬‬
‫‪ -‬مل أستطع احلصول على تذكرة طائرة ‪،‬‬
‫فاألماكن كلها حمجوزة ‪ ،‬وأريد أن أرى‬
‫بوال اليوم ‪.‬‬
‫وكان يرتنح على قدميه تقريبا ‪ ،‬ولكن‬
‫التصميم الذي رأته يف عينيه ‪ ،‬أعلمها‬
‫أهنا تضيع وقتها يف اقناعه بعدم‬
‫الذهاب‪ ..‬وقال هلا ‪:‬‬
‫‪542‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬سأذهب اي كولني ‪.‬‬
‫وعندما علمت أن رحلة الباص‬
‫ستستغرق مابني الست والسبع ساعات‬
‫‪ ،‬ازداد قلقها عليه ‪ .‬ال ميكن أن ترتكه‬
‫يذهب لوحده ‪ ،‬وقالت له بعناد مياثل‬
‫عناده ‪:‬‬
‫‪ -‬سأذهب معك إذا ‪ ،‬هذا إذا أردتين‬
‫معك ‪.‬‬

‫‪543‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وسألت نفسها هل كان سيحاول‬
‫االتصال هبا اثنية يف الفندق لو مل أتت ‪،‬‬
‫أم أنه كان ينوي االختفاء دون ترك أي‬
‫أثر مرة أخرى ‪ ،‬ويرتكها دون أية فكرة‬
‫عما إذا كان سيلتقيان اثنية ‪ ،‬ورد عليها‬
‫على الفور ‪:‬‬
‫‪ -‬ابلطبع أريدك معي ‪ .‬أريد أن تلتقي‬
‫بوال بك ‪ .‬خذي هذا‪..‬‬
‫والتقط مغلفا وأعطاه هلا ‪.‬‬
‫‪544‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬لقد كتبت لك رسالة عندما مل أستطع‬
‫االتصال بك يف الفندق ‪ .‬وكنت‬
‫سأعطيها إلحدى املمرضات لتسلمك‬
‫إايها ‪ .‬وذكرت فيها أين ميكن أن جتديين‬
‫خالل الشهر القادم ‪ ..‬وعلى فكرة‬
‫وضعت لك فيها مثن تذكرة عودتك إىل‬
‫إنكلرتا يف حال سئمت العمل جلوليانو‬
‫إنريكو ‪ ،‬وأردت العودة ‪.‬‬

‫‪545‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫عندما ذكر اسم جوليانو ‪ ،‬عاد التساؤل‬
‫إىل هلجته ‪ ،‬ولكن مرة أخرى اختارت‬
‫كولني أن تتجاهله‪ ..‬وعليها اآلن تعود‬
‫إىل الفندق وترتك جلوليانو رسالة تشرح‬
‫فيها أهنا ال تستطيع ترك رااين يسافر‬
‫لوحده يف احلالة اليت هو فيها ‪ .‬فقالت ‪:‬‬
‫‪ -‬علي أن أعود بسرعة إىل الفندق‪.‬‬
‫ودفعت املغلف إىل أخيها فقال هلا ‪:‬‬

‫‪546‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬احتفظي به اي حبيبيت ‪ .‬لقد وعدتك‬
‫بدفع أجرة سفرك إذا أتيت إىل هنا ‪ .‬أمل‬
‫أفعل هذا ؟‬
‫‪ -‬ولكن‪...‬‬
‫‪ -‬دون ولكن‪ ...‬اي شقيقيت الصغرية ‪.‬‬
‫ارجعي إىل الفندق وافعلي ما عليك أن‬
‫تفعليه ‪ ،‬بينما أتصل مبحطة الباص‬
‫ألحصل على مقعد ‪ .‬سألتقيك يف احملطة‬

‫‪547‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫بعد ثالثة أرابع الساعة‪ ..‬أميكنك أن‬
‫تلحقي يب ؟‬
‫‪ -‬أجل‪...‬‬
‫وهي يف طريقها إىل الفندق داخل‬
‫التاكسي ‪ ،‬فكرت ماذا ستكتب جلوليانو‬
‫‪ ،‬ولكن ما إن دخلت غرفتها وشاهدت‬
‫حقيبتها جاهزة حىت واتتها فكرة ‪ ..‬ملاذا‬
‫تزعج نفسها ابلكتابة ؟ فجوليانو ال يهتم‬
‫البتة مبا ستفعله هي أو رااين‪ ...‬أليس‬
‫‪548‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫من األفضل هلا أن ترتكه اآلن ؟ إذا‬
‫عادت معه إىل دورانغو فيكون أمامها‬
‫شهرين طويلني قاسيني لتعاين فيهما ‪.‬‬
‫شهرين هللا وحده يعرف ما سيحدث‬
‫خالهلما ‪.‬‬
‫جوليانو سيكون شخصا ابردا ودون‬
‫مشاعر ‪ .‬فهل تستطيع حتمل شهرين من‬
‫هذه املعاملة ؟ أمل هترب من والدها لتجد‬
‫لنفسها حياة جديدة ؟‬
‫‪549‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وركبت كولني اتكسي آخر ‪ ،‬ودون أن‬
‫تكتب رسالتها ‪ ،‬وحقيبتها إىل جانبها‬
‫على املقعد ‪ .‬بعد فوات األوان ‪ ،‬ندمت‬
‫ألهنا مل تكتب كلمة تشرح فيها كل شيء‬
‫جلوليانو ‪ .‬هي تعلم اآلن أهنا لن تعود‬
‫إليه ‪ ،‬ولكن كان عليها أن تكتب بضع‬
‫كلمات تشكره فيها ‪ .‬وغضبت من‬
‫نفسها‪ ..‬ملاذا؟ لقد حاولت إظهار‬
‫عرفاهنا ابجلميل له الليلة املاضية ‪ ،‬ورمى‬
‫‪550‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫هلا هذا العرفان ابجلميل يف وجهها‪...‬‬
‫وبكل وضوح مل يرغب يف أن تشكره ‪.‬‬
‫الرحلة الطويلة إىل أكابولكو ‪ ،‬كانت‬
‫مرحية ابملناظر اخلالبة اليت مل تفكر كولني‬
‫أبهنا سرتاها يوما ‪ .‬غاابت بعد جبال ‪،‬‬
‫غاابت من األشجار متر هبا ‪ ،‬تنتصب‬
‫عالية يتخللها نبات الصبري ‪ ،‬هنا وهناك‬
‫‪.‬‬

‫‪551‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وحاولت كولني أن تركز تفكريها على‬
‫املناظر أمامها ‪ :‬طفل يركب محارا صغريا‬
‫‪ ،‬الذرة اليت تنمو يف كل مكان ميكن أن‬
‫تزرع فيه ‪ ،‬ولكن عندما أخذت بقرة‬
‫تسري اهلويناء على الطريق ‪ ،‬عادت‬
‫أفكارها إىل دورانغو وإىل مزرعة جوليانو‬
‫‪ .‬وتذكرت املرات العديدة اليت ابتسم هلا‬
‫‪ ،‬أو ضحك هلا أو حىت عليها‪ ...‬ال فرق‬
‫‪ .‬وهذا ما جعلها تتساءل ماذا تفعل‬
‫‪552‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وهي ذاهبة إىل أكابولكو ‪ ،‬يف وقت كل‬
‫ما ترغب فيه حقا هو أن تكون معه ‪.‬‬
‫مث تذكرت منظر وجهه املتجهم هذا‬
‫الصباح ‪.‬‬
‫وحررها من أفكارها املمزقة ‪ ،‬صوت‬
‫رااين ‪ ،‬الذي كانت تظن أبنه انئم إىل‬
‫يسارها ‪ ،‬إذ حدق فجأة ابخلامت املاسي‬
‫يف اصبعها وصاح ‪:‬‬
‫‪ -‬هاي‪ ...‬ما هذا ؟‬
‫‪553‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫اي إهلهي ‪ ...‬لقد نسيته يف غمرة انشغاهلا‬
‫ابلقرار حول الرسالة‪ ..‬اي إله السموات‪..‬‬
‫جوليانو مل يصدقها عندما قالت له إن‬
‫رااين مل يكن مهتما أبي كسب مايل قد‬
‫حيصل عليه من الزواج إبيزابيال‪ ..‬واخلامت‬
‫يساوي ثروة‪ ...‬وسيعتقد اآلن‪ ...‬وقال‬
‫هلا رااين مقاطعا أفكارها ‪:‬‬
‫‪ -‬أظن أنه حان الوقت لتقويل ألخيك‬
‫األكرب كل شيء ‪ .‬أليس كذلك ؟‬
‫‪554‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬لقد نسيت أن أعيده ‪.‬‬
‫‪ -‬جلوليانو إنريكو ؟ منذ مىت وأنت‬
‫خمطوبة له ؟‬
‫‪ -‬منذ شهرين تقريبا ‪.‬‬
‫‪ -‬عمل سريع ‪.‬‬
‫‪ -‬وكم استغرقك من وقت لتقع يف حب‬
‫بوال ؟‬
‫‪ -‬لقد غلبتيين ‪ ،‬ولكن ماذا تفعلني هنا‬
‫معي وأنت حتبينه ؟‬
‫‪555‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أان‪ ..‬حنن‪ ..‬لقد تكلمنا مع بعضنا‬
‫قليال ‪ .‬وتشاجران ‪.‬‬
‫‪ -‬سيتوضح لك كل شيء عن قريب ‪.‬‬
‫وهل تستسلمني أوال وتتصلي به الليلة ؟‬
‫‪ -‬ال‪ ..‬أعتقد هذا ‪.‬‬
‫فضحك وقال ‪:‬‬
‫‪ -‬وتتهميين أبنين عنيد!‬
‫وعاد إىل النوم ‪.‬‬

‫‪556‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫الفتاة السوداء الشعر اليت قابلتهما يف‬
‫أكابولكو مل تكن مجيلة كما وصفها رااين‬
‫‪ ،‬أو كما تصورت كولني أن تكون ‪.‬‬
‫ولكن ما كان ينقصها من مجال كانت‬
‫تعوضه أبن تتصرف على سجيتها ‪ .‬ومل‬
‫ميض وقت طويل حىت أدركت ملاذا هرب‬
‫رااين معها دون أن يرتك أثرا ‪.‬‬
‫الدفء يف ابتسامة بوال ‪ ،‬واحلنان الذي‬
‫صاحت به عندما رأت وجه رااين الذي‬
‫‪557‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫كان ما يزال حيمل آاثر الكدمات ‪،‬‬
‫والطريقة اليت تعانقا هبا ‪ ،‬كل هذا أخرب‬
‫كولني أهنا أمام حب حقيقي‪ ...‬لو أن‬
‫جوليانو فقط‪...‬‬
‫وأوقفت أفكارها عند هذا احلد ‪.‬‬
‫فجوليانو لن حيبها أبدا ‪ .‬و ال بد أنه يف‬
‫هذه اللحظة ابلذات يكره حىت التفكري‬
‫هبا‪ ...‬أوه‪ ...‬ملاذا مل تتذكر أن ترتك‬
‫اخلامت له ؟‬
‫‪558‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وخالل يومني ‪ ..‬مرحت كولني كثريا يف‬
‫أكابولكو ‪ .‬وسبحت كما ابقي السواح‬
‫يف ثوب السباحة‪ ،‬وواجهت األمواج اليت‬
‫كانت ترتفع مث تضرب الشاطئ‪..‬‬
‫والحظت أن رااين وبوال ليسا حباجة‬
‫لشخص اثلث ليكمال سعادهتما‬
‫إبجتماعهما اثنية ‪ .‬فبقيت بعيدة عنهما‬
‫قدر استطاعتها ‪.‬‬

‫‪559‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ويف صباح أحد األايم ذهبت يف نزهة يف‬
‫قارب أرضه من زجاج ‪ .‬وعلمت متاما‪.‬‬
‫بعد أن توقف القارب وأخذ بعض‬
‫البحارة يغطسون من حتته ‪ ،‬ملاذا مل تشعر‬
‫ابإلاثرة‪ ...‬إذ مل يكن جوليانو معها ‪.‬‬
‫شاطئ أكابولكو كان له منظر رائع من‬
‫الصخور والتالل ‪ ،‬وكانت واثقة أهنا‬
‫كانت سرتاه مذهال ‪ ،‬يف ظروف أخرى ‪،‬‬
‫ولكن جوليانو كان يلتهم كل أفكارها ‪.‬‬
‫‪560‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وكانت تتذكر كل مرة كان يكشف فيها‬
‫عن رأيه فيها أبهنا "صائدة ثروة" وكانت‬
‫تعرف أبنه ال بد أن يكون اآلن يلعن‬
‫نفسه ألنه تركها ختدعه ‪.‬‬
‫عليها أن تعيد اخلامت له ‪ ،‬ابلطبع ‪ .‬ولكن‬
‫كيف ؟ ووقفت يف ظل شجرة لوز‬
‫تتساءل هل تستطيع أن تؤمن على اخلامت‬
‫إلرساله يف الربيد ؟ ولكن ماذا إذا ضاع‬
‫؟‬
‫‪561‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫يف الليل ‪ ،‬عندما أصر عليها رااين وبوال‬
‫أن تذهب معهما ملشاهدة القافزين من‬
‫األمكنة املرتفعة يف "الكويربادا" قالت‬
‫هلما إهنا تفضل أن تنام ابكرا ‪ ،‬فاعرتض‬
‫رااين ‪:‬‬
‫‪ -‬ولكنك منت ابكرا ليلة أمس ‪ .‬وكثرة‬
‫النوم ليست صحية اي فتاة ! وهل قمت‬
‫بتلك املخابرة بعد ؟‬
‫‪ -‬إذا سآيت معكم لرؤية القافزين ‪.‬‬
‫‪562‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وأدركت أن شقيقها ال بد أنه أخرب بوال‬
‫أبهنا خمطوبة جلوليانو ‪ ،‬وأهنما تشاجرا ‪.‬‬
‫ووقفت كولني برهبة بينما كان القافز‬
‫الشاب يتسلق الصخرة العالية ‪ ،‬ويقف‬
‫فوق منصة القفز ‪ .‬وبنظرها تسلق تلك‬
‫الصخرة أمر خطر مياثل القفز إىل املاء‬
‫يف األسفل ‪ .‬وكانت قد مسعت أن‬
‫القافزين يعدون األمواج قبل القفز ‪،‬‬
‫وعند رقم حمدد يقفزون ‪.‬‬
‫‪563‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وأغمضت عينيها خوفا على حياة القافز‬
‫عندما رمى بنفسه ‪ .‬وجعلها التصفيق‬
‫واهلتاف تفتح عينيها ‪ .‬لتنظر إىل املاء ‪.‬‬
‫من وجهة نظرها التصفيق هذا سابق‬
‫ألوانه ‪ ،‬فاألفضل أن ينتظر اجلميع حىت‬
‫يظهر القافز فوق املاء ليحيوا شجاعته ‪.‬‬
‫يف طريق عودهتم إىل الفندق ‪ ،‬خطرت‬
‫هلا فكرة أن تطلب من رااين إرجاع اخلامت‬
‫جلوليانو عنها ‪ .‬رااين كان يتحسن يوميا‬
‫‪564‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ ،‬فرمبا الطقس احلار يف أكابولكو قد‬
‫أفاده ‪ ،‬أو رمبا القوة اليت اكتسبها من‬
‫رؤيته لبوال اثنية ‪ ،‬لذا يستطيع أن يطري‬
‫إىل دورانغو ‪ ،‬ولن تكون الرحلة شاقة‬
‫كما كانت رحلة القدوم إىل هنا ‪.‬‬
‫بعد أن نزلوا من التاكسي ‪ ،‬وساروا حنو‬
‫الفندق اندته "رااين" فالتفت إليها ‪،‬‬
‫والحظت شحواب خفيفا يف وجهه ‪ ،‬من‬
‫آاثر ما مر به ‪ ،‬فتالشى اهتمامها حول‬
‫‪565‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫اخلامت ‪ ،‬و اتبعت بصوت ضعيف ‪" :‬ال‬
‫شيء" فقال هلا بعد أن دخلوا املصعد‬
‫"اتصلي به"‪...‬‬
‫ووصلت كولني قبل رااين وبوال إىل بركة‬
‫السباحة ‪ ،‬يف الصباح التايل ‪ ،‬حيث‬
‫اتفقوا على اللقاء ‪ ،‬وهي متشوقة لرؤية‬
‫أخيها ‪.‬‬
‫ترددها كان قد أشرف على هنايته ‪.‬‬
‫فهناك أمر واحد ميكنها أن تفعله ‪،‬‬
‫‪566‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ودهشت من نفسها ألهنا مل تكتشفه من‬
‫قبل ‪ .‬قد يستلزم منها الكثري من‬
‫الشجاعة ‪ ،‬وهي تعرف هذا ‪ .‬ولكنها مل‬
‫تدر ظهرها حلياهتا القدمية لتصبح جبانة‬
‫و غري قادرة على الوقوف يف وجه‬
‫الصعاب ‪.‬‬
‫والحظ رااين هذا عندما شاهدها ‪،‬‬
‫وعلم أن ساعات ترددها قد ولت فقال‬
‫هلا بعد أن أجلس بوال على مقعد مريح ‪:‬‬
‫‪567‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬وهل ستتصلني به اآلن ؟‬
‫فردت عليه كولني هبدوء ‪:‬‬
‫‪ -‬لقد قررت العودة لرؤيته ‪.‬‬
‫واكتشفت عندها كم هو رائع شقيقها ‪.‬‬
‫فقال هلا جبدية ‪:‬‬
‫‪ -‬كما يبدو عليك ‪ ،‬فأنت ترغبني يف‬
‫ركوب أول طائرة للعودة ‪.‬‬

‫‪568‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫مث التفت إىل بوال ليقول هلا إنه ذاهب‬
‫مع كولني ليحجز هلا تذكرة طائرة و‬
‫سيعود قريبا ‪.‬‬
‫حب رااين لبوال ‪ ،‬خلق يف نفسه حسا‬
‫ابملسؤلية ‪ ،‬وهذا واضح من الطريقة اليت‬
‫منع هبا كولني أن تدفع أجرة سفرها ‪ ،‬مع‬
‫أهنا اعرتضت أبهنا ال تزال متلك املال‬
‫الذي أعطاه هلا ‪ .‬وقال هامسا ‪:‬‬

‫‪569‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أان متأكد أنك لن حتتاجي للمال‬
‫لشراء تذكرة السفر إىل إنكلرتا‪ ..‬لذا‬
‫اشرتي لنفسك هدية زواج مين ومن بوال‬
‫‪.‬‬
‫كانت تعلم أهنا ستعقد األمور أكثر إذا‬
‫قالت له إن الزواج لن يتم ‪ .‬فرفعت‬
‫نفسها إليه وقبلته شاكرة ‪.‬‬
‫وذهب رااين وبوال معها إىل املطار ‪،‬‬
‫وأظهرت بوال حمبتها هلا من خالل العناق‬
‫‪570‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫احلار الذي مت بينهما بعد عناق شقيقها‬
‫هلا ‪ .‬مث قال رااين ‪:‬‬
‫‪ -‬أان أعرف كرهك الستخدام اهلاتف ‪،‬‬
‫ولكن اتصلي يب خالل الثالثة أسابيع‬
‫القادمة ألطمئن عليك ألننا بعد ذلك‬
‫سننتقل من عنواننا احلايل ‪.‬‬
‫***‬
‫حىت دون أن يكون لديها أية فكرة عما‬
‫قاله جوليانو لتينا وأمادو عندما عاد إىل‬
‫‪571‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫منزله من دوهنا ‪ ،‬فقد كانت واثقة ‪ ،‬بعد‬
‫أن حطت الطائرة هبا يف دورانغو أنه ال‬
‫يريد منها األقرتاب من منزله ‪.‬‬
‫وهكذا حجزت غرفة يف فندق متوسط ‪،‬‬
‫بعد أن أدركت أن الوقت متأخر وكانت‬
‫على وشك االتصال به وإهناء األمر ‪.‬‬
‫إال أن التفكري السليم أشار إليها أبن من‬
‫األفضل االنتظار إىل الصباح ‪ ،‬فقد‬
‫يكون جوليانو قد خرج لتناول عشاءه‬
‫‪572‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫خارج املنزل ‪ .‬ومع ذلك فقد التقطت‬
‫اهلاتف عند التاسعة و طلبت رقم منزله ‪،‬‬
‫وإذا كان يف اخلارج ‪ ،‬فهي تكون قد‬
‫حاولت على كل األحوال ‪ ،‬وعلمت أهنا‬
‫ستواجه أوقاات قاسية ‪ ،‬فعلى األقل‬
‫ستعود لسماع رنة صوته اليت تتشوق‬
‫لسماعها ‪.‬‬
‫وبدا االنتظار وكأنه لن ينتهي ‪ .‬وأحست‬
‫ابلتوتر حىت أهنا كادت تضع السماعة‬
‫‪573‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫من يدها ‪ .‬مث مسعت صوات‪ ..‬صوت‬
‫جوليانو ‪ ،‬يتحدث بلغته املكسيكية ‪،‬‬
‫وتعلقت ابلسماعة وكأهنا جزء منها ‪،‬‬
‫ومسعت التململ يف صوته عندما مل يرد‬
‫عليه أحد ‪ ،‬وتعلم جيدا أن ضيقه‬
‫سينقلب بعد حلظات إىل غضب ‪،‬‬
‫وسيوجه هذا الغضب إليها مباشرة ‪.‬‬
‫فقالت ‪:‬‬
‫‪ -‬جو‪ ..‬جوليانو ‪.‬‬
‫‪574‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ومل تسمع سوى الصمت املطبق ‪ ،‬إىل أن‬
‫جاءها صوته ‪ ،‬وقد تعرف على صوهتا ‪،‬‬
‫ابإلنكليزية هذه املرة وبرابطة جأش ‪،‬‬
‫وهدوء ‪ ،‬حىت أهنا عرفت أنه كان جياهد‬
‫للسيطرة على نفسه كي ال ينفجر صارخا‬
‫فيها ‪ ،‬كما تستحق متاما ‪ ،‬وقال متسائال‬
‫‪:‬‬
‫‪ -‬كولني ؟ كولني أهذه أنت ؟‬

‫‪575‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وكأنه ال يصدق ‪ ،‬ال يستطيع التصديق‬
‫بعد أن هربت منه ومعها تلك املاسة‬
‫الثمينة ‪ ،‬أن عندها اجلرأة لكي تتصل به‬
‫اثنية ‪.‬‬

‫‪576‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫الفصل العاشر‬
‫حب يقهر الكربايء‬

‫مسحت كولني عينيها بظهر يدها وهي‬


‫ترد هامسة ‪:‬‬
‫‪ -‬أجل‪ ..‬هذا‪ ..‬هذا أان‪ ...‬لقد كنت‬
‫يف‪ ..‬أكا‪ ...‬أكابولكو ‪.‬‬
‫‪ -‬وماذا حبق ‪...‬‬

‫‪577‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وغادرته طريقة كالمه اهلادئة ‪ ،‬حىت أن‬
‫كولني سارعت ‪ ،‬وقد تنبأت ابنفجار‬
‫غضبه ‪ ،‬ملقاطعته قائلة ‪:‬‬
‫‪ -‬لقد ذهبت مع رااين ‪.‬‬
‫فرد عليها بوحشية ‪:‬‬
‫‪ -‬أعلم هذا‪..‬‬
‫ال بد أنه قد جن عندما علم برحيلها ‪،‬‬
‫ورحيل خامته االملاسي معها ‪ ،‬ومع ذلك‬
‫فأول رد فعل له اإلسراع إىل املستشفى‬
‫‪578‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ .‬ومل يعطها فرصة للتفكري أكثر ‪ ،‬مع أنه‬
‫بدا أنه حياول املستحيل للسيطرة على‬
‫نفسه ‪:‬‬
‫‪ -‬أين يف أكابولكو ؟‪ ..‬يف أي فندق‬
‫أنت ؟‬
‫‪ -‬أان ‪ ..‬لست ‪ ..‬يف أكابولكو اآلن ‪.‬‬
‫ومل يستطع ان يسيطر على غضبه أكثر ‪،‬‬
‫فانفجر مزجمرا يف أذهنا‪:‬‬
‫‪ -‬إذا أين أنت حبق اجلحيم ؟‬
‫‪579‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وأرادت أبي طريقة أن ترضيه وهتدئه‬
‫فأعطته على الفور اسم الفندق ‪:‬‬
‫‪ -‬إنه هنا‪ ..‬هنا يف دورانغو ‪.‬‬
‫‪ -‬أنت يف دورانغو ؟‬
‫وبدا هلا وكأنه قد اضطرب جلرأهتا يف‬
‫اجمليء إىل هنا ‪ .‬فسارعت للتفسري له ‪:‬‬
‫‪ -‬لقد نسيت أنين أرتدي خامتك عندما‬
‫ذهبت ‪.‬‬

‫‪580‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وعرفت عندها أن غضبه أصبح أقوى‬
‫من أن يسيطر عليه ‪ ،‬عندما أتتها‬
‫الكلمات راعدة عرب اخلط قبل أن يقفل‬
‫السماعة ‪:‬‬
‫‪ -‬يبدو يل أنك نسيت أشياء أخرى‬
‫كثرية غري هذا !‬
‫وختدرت أحاسيسها ‪ ،‬وحدقت ابهلاتف‬
‫يف يدها ‪ ،‬قبل أن تعيد السماعة إىل‬
‫مكاهنا ‪ .‬ومل حتاول خلع مالبسها لتأوي‬
‫‪581‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫إىل الفراش ‪ ،‬بل بدأت تذرع الغرفة ‪،‬‬
‫وأفكار عديدة جتول يف رأسها ‪ ،‬مؤملة‬
‫جدا ‪ ،‬ال ميكن هلا أن تتحملها وهي‬
‫مستلقية ‪.‬‬
‫بعد نصف ساعة ‪ ،‬هدأت بشكل ما ‪،‬‬
‫ولكن اضطراهبا وقلقها كان مينعاهنا من‬
‫الراحة ‪ .‬لن تستطيع أن جتد اجلرأة اثنية‬
‫لالتصال به ‪ ،‬ليس الليلة على كل‬
‫األحوال ‪ ،‬ومتنت أن يعيد االتصال هبا ‪،‬‬
‫‪582‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫بعد أن يهدأ ‪ ،‬رمبا ليطلب منها أن ترتك‬
‫اخلامت يف إدارة الفندق كي يستلمه ‪.‬‬
‫وعندما مرت نصف ساعة أخرى ‪ ،‬ومل‬
‫يرن جرس اهلاتف ‪ ،‬أتكدت أنه لن‬
‫يتصل ‪.‬‬
‫قد يتصل غدا ‪ ،‬وحاولت التفكري يف‬
‫الوضع بشكل منطقي ‪ :‬مبا أهنا مضطرة‬
‫النتظار مكاملته ‪ ،‬فاألفضل هلا أن تبقى‬
‫هنا لتدبري ترتيبات عودهتا إىل إنكلرتا ‪.‬‬
‫‪583‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫قرع فجائي عنيف على ابهبا جعلها‬
‫تتخلى عن أفكارها لتفتح الباب ‪.‬‬
‫وشحب وجهها ‪ ،‬فجوليانو هو آخر‬
‫شخص ممكن أن تتوقع رؤيته واقفا هناك‬
‫‪ ،‬وعيناه كأهنما قطعتان من الثلج األزرق‬
‫‪ .‬ودفع الباب بكل هدوء ‪ ،‬وبنفس‬
‫اهلدوء دخل الغرفة ‪ .‬وقال ‪:‬‬
‫‪ -‬جيد‪ ..‬أرى أنك مل أتوي إىل الفراش‬
‫بعد‪ ..‬هل أغراضك جاهزة ؟‬
‫‪584‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أغراضي ؟‬
‫‪ -‬سوف تغادرين الفندق‪ ..‬ال‪ ..‬بل أنت‬
‫غادرتيه فعال ‪ ،‬لقد دفعت فاتورتك ‪.‬‬
‫‪ -‬ولكن‪ ..‬أين حنن‪ ..‬أين‪.‬‬
‫وتوقفت عن الكالم بعد أن نظر إىل‬
‫وجهها وقال معلقا ‪:‬‬
‫‪ -‬تبدين تعبة ‪.‬‬
‫مث تناول حقيبتها عن األرض ‪ ،‬وفتحها ‪،‬‬
‫وتوجه إىل اخلزانة ‪ ،‬مث إىل احلمام فجمع‬
‫‪585‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫فرشاة أسناهنا ومشطها ووضعهما يف‬
‫حقيبة زينتها ‪ ،‬ومللم األغراض القليلة‬
‫اليت أخرجتها من حقيبتها ‪ ،‬قبل أن‬
‫تدرك ماذا يفعل ‪ .‬فجعلها حتفظها تقول‬
‫له بعناد ‪:‬‬
‫‪ -‬لن أذهب إىل أي مكان معك اي‬
‫جوليانو‪ ...‬أان ‪ .‬لقد عدت فقط‬
‫ألعطيك هذا ‪.‬‬

‫‪586‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وخلعت بسرعة اخلامت االملاسي اجلميل‬
‫من اصبعها ومدت يدها به إليه ‪.‬‬
‫ولكنها مل تشعر ابخلامت يغادر يدها لفرتة‬
‫طويلة‪ ..‬فقد مد يده وأمسك بيدها ‪،‬‬
‫وأعاد اخلامت إىل مكانه ‪ .‬وقال صائحا ‪:‬‬
‫‪ -‬لقد وافقت على اخلطوبة لثالثة أشهر‬
‫سنيوريتا ‪ .‬وما من أحد حينث بكلمته‬
‫معي ‪ .‬حىت أنت! فإما أن تسريي معي‬

‫‪587‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫أو أمحلك وأخرج بك من هنا‪ ...‬فقرري‬
‫اآلن ‪.‬‬
‫وجلست كولني مشدودة األعصاب‬
‫بقربه يف سيارته ‪ ،‬وقاد جوليانو السيارة‬
‫بغضب وعنف ‪ .‬مل يكن لديها أي بديل‬
‫عن القدوم معه ‪.‬‬
‫فقد كانت تعلم أن ما من شيء مينعه من‬
‫أن ينفذ هتديده ويسري خارجا من الفندق‬

‫‪588‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وهو حيملها على كتفه بينما هي ترفس‬
‫وتصيح أمام اجلميع ‪.‬‬
‫وهو يعرف هذا متاما ‪ ،‬اللعنة عليه ‪،‬‬
‫كان يعلم أهنا ختشى أن تتعرض للسخرية‬
‫علنا ‪ ،‬وطول الطريق ‪ ،‬يف صمت ‪،‬‬
‫ابجتاه املنزل ‪ ،‬كانت تشعر ابلغضب من‬
‫تسلطه عليها ‪ .‬إذا لقد كان حريصا على‬
‫أن اليفقد كرامة وجهه أمام جمتمعه ‪ ،‬وال‬
‫بد أنه مل خيرب أحدا أن خطوبتهما قد‬
‫‪589‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫أنتهت ‪ .‬وقد يكون ذكر شيئا عن‬
‫اضطرارها للعودة إىل إنكلرتا على عجل‬
‫‪ ،‬أو أن والدها مريض‪ ..‬أو أي حجة‬
‫أخرى ‪.‬‬
‫كولني تعلم جيدا ما يكمن وراء رفضها‬
‫العودة معه ‪ ،‬كانت خائفة ‪ .‬خائفة من‬
‫أن يصر جوليانو على أن تبقى هناك‬
‫لشهرين آخرين ‪ .‬ليس بسبب أن األمر‬
‫سيكون أسوأ عندما حيني وقت سفرها ‪،‬‬
‫‪590‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫بل ‪ ،‬مبا أهنا حتبه ‪ ،‬فقد يكتشف خالل‬
‫هذين الشهرين احلقيقة ‪ .‬وكربايؤها لن‬
‫يتحمل هذا ‪.‬‬
‫وتالشت ثورهتا عند أول نظرة للبيت‬
‫العزيز املألوف هلا ‪ .‬ومل تعرف كيف‬
‫استطاعت حبس دموعها عندما توقف‬
‫جوليانو أمام املدخل ‪ .‬ولكنها‬
‫استطاعت ان حتافظ على هدوئها وهي‬

‫‪591‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫خترج من السيارة وتدخل املنزل معه ‪.‬‬
‫وقال هلا ‪:‬‬
‫‪ -‬سآخذ حقيبتك إىل غرفتك ‪ ،‬وإذا مل‬
‫تكوين ترغبني يف أي شراب منعش ‪،‬‬
‫فأقرتح عليك أن تذهيب إىل النوم فورا ‪.‬‬
‫‪ -‬ال أريد شيئا ‪.‬‬
‫وجالت عيناها مبحبة يف جدران الردهة‬
‫البيضاء ‪ .‬ومل يكن أمامها جمال للرفض‬
‫عندما تقدم جوليانو صاعدا السلم مث‬
‫‪592‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫فتح هلا الباب غرفة فوقها ‪ ،‬ووضع‬
‫حقيبتها هناك ‪ ،‬فانضمت إليه ‪.‬‬
‫ومرت من أمامه إىل الداخل دون أية‬
‫كلمة ‪ .‬مل تكن تريده أن ميد يده‬
‫ليلمسها ‪ ،‬أو يؤثر عليها ‪ ،‬وهي متر من‬
‫أمامه ‪ .‬ومبا أن هدفه يف إعادهتا إىل هنا‬
‫قد حتقق ‪ ،‬فيجب أن تكون عدوانيته قد‬
‫بدأت تتالشى اآلن ‪:‬‬

‫‪593‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬تصبحني على خري اي كولني‪ ..‬انمي‬
‫جيدا ‪.‬‬
‫وردت عليه ابختصار ‪:‬‬
‫‪ -‬تصبح على خري ‪.‬‬
‫ورفعت نظرها إليه ‪ ،‬فاكتشفت عيناها‬
‫أفكارا غري سعيدة‪ ..‬وأحست بيده ‪،‬‬
‫دافئة ‪ ،‬رقيقة ‪ ،‬تقرتب من وجهها‪..‬‬
‫وقال بنعومة ‪:‬‬

‫‪594‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬ال أتخذي األمور هبذه القسوة اي‬
‫كولني احللوة ‪.‬‬
‫وعانقها بسرعة ولطف مث تركها وخرج ‪.‬‬
‫أوه ‪ ..‬ملاذا عانقها؟ وأخذت الدموع‬
‫تنهمر من عينيها وهي تتأوه ‪ .‬لقد‬
‫حاولت جهدها أن تكون ابردة‬
‫ومتحفظة ‪ ،‬وها هو يعانقها ليفسد كل‬
‫شيء ‪.‬‬

‫‪595‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وخلعت مالبسها لرتتدي ثياب النوم ‪.‬‬
‫ومل تستطع فعل شيء للدموع اليت كانت‬
‫تنهمر كاملطر من عينيها ‪ .‬كم تغريت من‬
‫تلك الفتاة اليت كانت ‪ .‬عندما كانت‬
‫تعيش مع والدها مل تبكي أبدا‪ ..‬أبدا ‪،‬‬
‫ألهنا وبكل بساطة مل تكن حية ‪ .‬واآلن‬
‫وقد خرجت من ذلك الفراغ ‪ ،‬وهي‬
‫تشعر ‪ ،‬وتتأمل مثلها مثل ابقي الناس متاما‬

‫‪596‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ .‬واألمل أكرب ألهنا مل تكن تعرف أمل احلب‬
‫من قبل ‪.‬‬
‫واستمرت دموعها ابلتساقط ‪.‬‬
‫عندما أحست بوخز حاد يهاجم‬
‫حنجرهتا ‪ ،‬شعرت كولني أن قنوطها‬
‫أصبح بدون حدود ‪ ،‬فمنذ مدة طويلة‬
‫غادرها هذا السعال املضين ‪ .‬وها هو‬
‫يعود اآلن ‪ ،‬بسبب تعبها كما هو واضح‬
‫‪ ،‬وهي مل تنم بشكل مريح منذ مدة ‪،‬‬
‫‪597‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وهلذا فلن تستطيع الدفاع ضده وتركتها‬
‫نوبة سعال قصرية تشعر ابألرجتاف ‪.‬‬
‫بعض الليموانضة الساخنة ستفيدها‬
‫ابلتأكيد‪ ..‬ولكن ذكرى ذلك اليوم الذي‬
‫تسللت فيه عند منتصف الليل لتحضر‬
‫بعضا منه ‪ ،‬عاودهتا ‪ ،‬ولن جيعلها أي‬
‫شيء تكرر تلك التجربة ‪.‬‬
‫ومل متر كولني من قبل يف حياهتا مبثل‬
‫شعور البؤس هذا الذي أحست به وهي‬
‫‪598‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫جالسة على حافة سريرها بثوب نومها‬
‫القطين الرقيق ‪ ،‬متسح الدموع عن‬
‫وجهها ‪ ،‬اليت سببها احلزن واألمل أكثر مما‬
‫سببتها نوبة السعال ‪ ،‬واليت يبدو أهنا‬
‫توقفت اآلن ‪ ،‬وشكرا للسماء ‪ .‬وأزاحت‬
‫شعرها عن عينيها ‪ ،‬ونظرت إىل االملاسة‬
‫اللماعة ‪ ...‬مث الحظت أن ابب غرفتها‬
‫مفتوح ‪.‬‬

‫‪599‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫منذ مىت كان جوليانو واقفا هناك ينظر‬
‫إليها ؟ مل يكن لديها أية فكرة ‪.‬‬
‫رمبا منذ حلظة ‪ ،‬ورمبا أكثر ‪ ،‬فقد كانت‬
‫منشغلة جدا يف هتدئة نفسها ومشاعرها‬
‫‪ ،‬فلم تسمع الباب يفتح ‪ ،‬ومل تشعر‬
‫أبدا بوجوده ‪ ،‬إىل أن حترك وعندها رأته‬
‫‪ .‬فشهقت ‪ ،‬مث سعلت اثنية ‪.‬‬
‫كان ال يزال مرتداي ثيابه ما عدا كنزته ‪،‬‬
‫وال بد أنه كان على وشك خلع ثيابه‬
‫‪600‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫للنوم عندما مسعها تسعل ‪ .‬وتقدم منها‬
‫وأعطاها كواب ساخنا لتشرب منه ‪ .‬وقال‬
‫هلا هبدوء ‪:‬‬
‫‪ -‬لقد ختلى عنك هذا السعال يف وقت‬
‫قصري خالل إقامتك يف منزيل ‪ .‬ويبدو‬
‫أن طقس أكابولكو مل يناسبك كما‬
‫انسبك طقس دورانغو ‪.‬‬
‫ومتنت لو أن دموعها تتوقف بسهولة‬
‫كما أوقف الشراب الساخن سعاهلا ‪،‬‬
‫‪601‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ومتنت لو أن جوليانو مل يكن لطيفا‬
‫هكذا معها ‪ .‬فهذا لن يفيدها أبدا يف‬
‫املعركة اليت تدور يف نفسها اليقاف‬
‫البكاء ‪ .‬أرادته أن خيرج ‪ ،‬ولكنه مل يكن‬
‫يبدو مستعجال للعودة إىل غرفته اآلن‬
‫بعد أن توقف سعاهلا ‪ ،‬وكانت خائفة‬
‫جدا من أن يالحظ ‪ ،‬بعد أن توقف‬
‫السعال ‪ ،‬أن عيناها ال تزاالن تدمعان ‪.‬‬
‫فقالت ‪ ،‬مديرة وجهها عنه ‪:‬‬
‫‪602‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬سأكون خبري اآلن‪ ..‬شكرا‪...‬‬
‫ووضع يده حتت ذقنها ‪ ،‬ومع أهنا‬
‫حاولت أن ال تلتفت إليه فقد كانت‬
‫أصابعه مصممة على أن جتعلها تنظر إليه‬
‫‪.‬‬
‫ورفعت عينيها املبللتني إليه ‪ ،‬ولكنها مل‬
‫تستطع أن تفهم التعبري الذي على وجهه‬
‫‪ .‬وكانت يده اثبتة بلطف حتت ذقنها ‪،‬‬
‫وأملت ‪ ..‬ال ‪ ..‬مل أتمل ‪ ،‬أن يبقى لطيفا‬
‫‪603‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫هكذا معها ‪ ،‬وأحست ابالرتباك عندما‬
‫ترك ذقنها ‪ ،‬وتقدم ليجلس على حافة‬
‫السرير بقرهبا ‪ ،‬وقال هلا خبشونة لكن‬
‫دون عدائية ‪:‬‬
‫‪ -‬دموع اي كولني ؟ هل أنت تعيسة هلذه‬
‫الدرجة ابلعودة إىل منزيل ‪ ،‬حىت أن ذلك‬
‫جعلك تبكني ؟‬
‫وفكرت فورا أن تنفي هذه الفكرة ‪.‬‬
‫أليس من احلكمة أن تكون حذرة معه؟‪..‬‬
‫‪604‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫فأمامها شهرين بعد تقضيهما معه ‪،‬‬
‫وأجابت ببطء ‪:‬‬
‫‪ -‬ليس‪ ..‬ليس األمر هكذا ‪.‬‬
‫وأخرجت منديال من جيب ثوب نومها‬
‫وحاولت جاهدة أن ترتب نفسها ‪،‬‬
‫وحالفها احلظ فقد توقفت دموعها ‪.‬‬
‫وسأهلا هبدوء ‪:‬‬
‫‪ -‬وماذا إذا ؟‬
‫‪ -‬ال يهم‪...‬‬
‫‪605‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬ولكين أعتقد أن األمر يهمين ‪.‬‬
‫وأحست بقربه منها بشكل غامر ‪ .‬فقد‬
‫كانت جتلس بقربه على السرير وليس‬
‫من جمال كي تبتعد عنه ‪ .‬وأمسك بيدها‬
‫اليمىن ‪ ،‬وهذا أيضا لن يساعدها ‪،‬‬
‫وأخذ ميرر اصبعه على ظهر يدها ‪ .‬واتبع‬
‫‪:‬‬
‫‪ -‬أان أعلم أنك ال تبكني بسهولة اي‬
‫كولني ‪ .‬واألوقات القليلة اليت شاهدتك‬
‫‪606‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫تبكني فيها كان هلا ما يربرها ‪ ،‬فقد‬
‫انطلقت بشكل طبيعي من معاانة‬
‫عاطفية‪...‬‬
‫‪ -‬ال تقل هذا!‬
‫قالت كلمتها بسرعة وقد الحظت أنه‬
‫يقرتب من احلقيقة ففكرت عندها أن‬
‫هذه الكلمة قد كشفت الكثري ‪ ،‬ولكن‬
‫عندما تساءل جوليانو عن سببها ‪،‬‬

‫‪607‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫عرفت ابرتياح أنه مل يربط معاانهتا‬
‫العاطفية به‪ ..‬أو مبشاعرها حنوه ‪.‬‬
‫‪ -‬ال ختايف مشاعرك اي صغرييت ‪ .‬وال‬
‫متنعيها‪ ..‬فأان أفضل أن تعرتيف ابلتعاسة‬
‫لفراق شقيقك الذي عدت لالجتماع‬
‫معه مؤخرا ‪ ،‬على أن أعتقد أبنك تعيسة‬
‫إلعاديت لك إىل منزيل ‪.‬‬
‫وأعادت الكلمات يف ذهنها حاملة‬
‫"إعاديت لك إىل منزيل" كم بدت هذه‬
‫‪608‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫الكلمات منه طبييعية! وكأنه يؤمن أبن‬
‫منزله منزهلا ‪ ،‬وليس هلا مكان آخر ‪.‬‬
‫ومتاسكت ‪ ،‬فمهما عىن بكالمه ‪ ،‬فهو مل‬
‫يقصد ما ظنته ‪ .‬هذه جمرد طريقة يف‬
‫الكالم ‪ ،‬فاإلنكليزية ليست لغته األم ‪.‬‬
‫وجيب أن تذكر نفسها هبذا ‪ ،‬وعندما مل‬
‫ترد عليه ‪ ،‬قال مؤكدا ‪:‬‬
‫‪ -‬هل أان على حق ‪ ...‬أليست الدموع‬
‫بسبب فراقك لرااين وهلذا أنت حزينة ؟‬
‫‪609‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬سأشتاق إليه ‪.‬‬
‫‪ -‬ولكنك سرتينه اثنية ‪.‬‬
‫والحظت االبتسامة على وجهه وهو‬
‫حياول إسعادها ‪ ،‬ومبا أهنا ال تستطيع‬
‫البقاء حمبطة هكذا ‪ ،‬ليس وهو موجود‬
‫معها ‪ ،‬وليس قبل أن خيرج ‪ ،‬فسوف لن‬
‫تسمح لألفكار التعيسة أن تدخل إىل‬
‫نفسها ‪ ،‬وحاولت جهدها أن ترفع من‬

‫‪610‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫روحها املعنوية ‪ ..‬وقالت بسعادة مفتعلة‬
‫‪:‬‬
‫‪ -‬ابلطبع سأراه ‪.‬‬
‫وعندما أدارت وجهها لتقدم إليه ابتسامة‬
‫‪ ،‬وجدته يبتسم أيضا ‪ .‬وسرت ألهنا‬
‫قامت هبذا اجلهد ‪ .‬وقال هلا ببطء ‪:‬‬
‫‪ -‬لن أمانع إذا دعوتيه إىل هنا ‪.‬‬
‫وأزال الذهول بسمتها عن وجهها ‪:‬‬
‫‪ -‬وهل ستسقبله هنا ؟‬
‫‪611‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬إذا كانت هذه رغبتك ‪.‬‬
‫‪ -‬ولكن ‪...‬‬
‫وصمتت غري قادرة سوى على النظر‬
‫إليه ‪ .‬وعاودهتا الرغبة يف البكاء ‪ ،‬ألن‬
‫جوليانو الذي يكره رااين ابلتأكيد ملا‬
‫فعله مع عائلته ‪ ،‬متنعه كرامته من أن‬
‫يراها تعيسة يف منزله ‪ ،‬ألهنا ودعت‬
‫شقيقها إىل األبد ‪ ،‬فتغلب على الكراهية‬
‫يف نفسه كي تستطيع أن جتد الشهرين‬
‫‪612‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫القادمني مليئني ابلسعادة ‪ .‬وقالت هبدوء‬
‫‪:‬‬
‫‪ -‬ال أستطيع فعل هذا معك اي جوليانو‬
‫‪.‬‬
‫‪ -‬ال تستطيعني فعل ماذا ؟‬
‫‪ -‬أن أمسح لك ابلتنازل عن كرامتك‬
‫ألجل كراميت ‪.‬‬

‫‪613‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫إذا كان قد فهم ما قالته أم ال ‪ ،‬فلم‬
‫يظهر عليه أي دليل ‪ ،‬ولكن نبضات‬
‫قلبها تسارعت عندما مسعته يقول ‪:‬‬
‫‪ -‬احلب يقهر أي كربايء ‪.‬‬
‫فهل الحظ أن عندها بعض الكربايء‬
‫فيما خيتص به ؟ لقد فقدت كربايءها‬
‫عندما بدأت تبكي ألجله ‪ ،‬وعندما‬
‫شاهدها وهي تبكي ‪ ،‬وبسرعة حاولت‬
‫إبعاده عن موضوع احلب ‪ ،‬فقالت ‪:‬‬
‫‪614‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬ال أعتقد أنين سأرى رااين قبل عوديت‬
‫إىل إنكلرتا ‪ ،‬بوال ورااين سوف يبقيان يف‬
‫أكابولكو لعدة أسابيع مث سينتقالن من‬
‫هناك وسوف يكتب يل إىل إنكلرتا‬
‫ابلطبع ‪.‬‬
‫وتذكرت أن ليس عندها منزل يف إنكلرتا‬
‫‪ ،‬فتابعت ‪:‬‬
‫‪ -‬مع أنين مل أحضر ترتيبايت لإلقامة‬
‫هناك بعد ‪ ،‬وسوف يضطر للكتابة إىل‬
‫‪615‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫عنوان الربيد أو أبية طريقة أخرى إىل أن‬
‫أستقر يف منزل ‪.‬‬
‫‪ -‬أليس لك مكان لإلقامة مع والدك ؟‬
‫‪ -‬لقد قلت لك إنه سيتزوج اثنية‪ ..‬وقد‬
‫عرض املنزل للبيع عندما سافرت ‪.‬‬
‫‪ -‬وكذلك قلت إن ال مكان لك يف‬
‫منزله اجلديد ‪ .‬أتعنني أنه ال يوجد لك‬
‫غرفة يف منزله ؟‬
‫‪ -‬ال أريد الذهاب إىل هناك ‪.‬‬
‫‪616‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وأدركت أبنه قد فهم أن والدها ال‬
‫يريدها أن تعيش معه ‪ ،‬فقد عرض عليها‬
‫بربود ‪:‬‬
‫‪ -‬ميكنك اإلقامة هنا ‪ .‬إبمكانك جعل‬
‫هنا منزلك إذا رغبت ‪.‬‬
‫من املؤكد أهنا مل تسمع بشكل صحيح ‪،‬‬
‫فحدقت به اثنية ‪ .‬واخذت أفكارها‬
‫تدور حماولة أن تفهم ما يقصده حقا ‪:‬‬

‫‪617‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أتعين ‪ ...‬أن أبقى يف املكسيك ‪ ..‬أن‬
‫أبقى يف دورانغو ؟‬
‫ورد عليها بنفس الربودة ‪:‬‬
‫‪ -‬أعين ‪ ..‬أن إبمكانك البقاء هنا ‪ ..‬هنا‬
‫يف منزيل ‪.‬‬
‫‪ -‬ال ! ‪...‬‬
‫جاء ردها فوراي وعنيفا ‪ ،‬وهذا جعل‬
‫حاجبيه ينكمشان بتقطيبة سوداء ‪،‬‬
‫ولكن ابلنسبة لكولني مل يكن هناك أي‬
‫‪618‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫جواب آخر ‪ ،‬فلم يكن لديها بعد فكرة‬
‫عن كيفية متضيتها للشهرين القادمني هنا‬
‫‪ .‬ومل جترؤ على التفكري ابلبقاء مدة‬
‫أطول ‪.‬‬
‫وأن تراه كل يوم ‪ ،‬أن تتعشى معه ‪ ،‬أن‬
‫تعمل معه ‪ ...‬واسكتت أفكارها حبزم ‪،‬‬
‫وقالت اثنية بنربة أتكيد على ما تقول‬
‫"ال!" ‪.‬‬

‫‪619‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬إذا ‪ ..‬مل يكن األمر كما ظننت ‪ ،‬لقد‬
‫كان بكاءك ألنك غري سعيدة هنا ‪.‬‬
‫فصرخت ‪:‬‬
‫‪ -‬ال ‪ ..‬ال ‪ ..‬ال !‬
‫وأرادت أن تقف لتبتعد عنه ‪ ،‬ولكنها‬
‫وجدت نفسها حمشورة بينه وبني قوائم‬
‫السرير ‪ .‬جيب عليها أن هتدأ ‪ ،‬فلن‬
‫تستفيد من ثورهتا ‪.‬‬

‫‪620‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وتنفست نفسا عميقا ‪ ،‬وهي مدركة من‬
‫نظرة التجهم على وجهه أنه ال يصدقها‬
‫‪ .‬فقالت هبدوء قدر ما استطاعت ‪:‬‬
‫‪ -‬بلدي هي إنكلرتا ‪ .‬أان ‪ ..‬أحب بلدك‬
‫‪ ..‬ولكن بعد شهرين سوف أعود إىل‬
‫إنكلرتا ‪.‬‬
‫ومل يعجبه ما قالته ‪ .‬حىت اعرتافها مبحبة‬
‫بلده مل جتعل نظرته القامتة تضيء ‪.‬‬
‫وفجأة بدا كأنه ضجر منها كما حدث‬
‫‪621‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫معه يف الفندق يف مدينة املكسيك ‪.‬‬
‫فقال خبشونة ‪:‬‬
‫‪ -‬إذا اذهيب‪ ..‬اللعنة عليك! ولن أفعل‬
‫شيئا ملنعك ‪ .‬وحني تنتهي فرتة خطوبتنا‬
‫سوف أشرتي لك بنفسي تذكرة سفرك ‪.‬‬
‫وآملها كالمه ‪ ،‬فقد غرز سكينا يف قلبها‬
‫‪ ،‬وبدا فجأة أنه ال يهتم هبا ‪ ،‬ويستطيع‬
‫أن يتحول من رجل عرض عليها سقف‬

‫‪622‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫بيته ‪ ،‬إىل رجل ال يستطيع انتظار اليوم‬
‫الذي يستطيع فيه اخلالص منها ‪.‬‬
‫وتغلب كربايؤها ‪ ،‬فرفعت رأسها بكل‬
‫مشوخ وقالت ‪:‬‬
‫‪ -‬تستطيع االحتفاظ مبالك اي جوليانو‬
‫إنريكو غاتورادي ‪ ..‬فأان أستطيع دفع‬
‫مثن تذكريت بنفسي ‪.‬‬
‫‪ -‬أتستطيعني ؟ ‪ ..‬وكيف حصلت على‬
‫املال ؟ من أعطاك إايه ؟‬
‫‪623‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬رااين شقيقي ‪ .‬إذا كان ال بد أن‬
‫تعرف ‪.‬‬
‫مث الحظت على الفور توترا سيطر عليه‬
‫‪ ،‬توتر امتد إليها ‪ ،‬وبدأ يزعجها‪ ..‬شيء‬
‫ما صدمه ‪ ،‬وعرفت هذا‪ ..‬ولكن دون‬
‫أن تعرف ما هو ‪ .‬وطال الصمت بينهما‬
‫وهي تعيد تذكر ما قالته له ‪ ،‬ولكنها مل‬
‫تستطع أن تفهم ما الذي ميكن أن يوتره‬

‫‪624‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫هكذا وكأنه فخ منصوب على وشك‬
‫االنطالق ‪.‬‬
‫مث ‪ ،‬كسر الصمت ‪ ،‬وكانت كولني على‬
‫وشك اكتشاف ما استنتجه من كالمها ‪:‬‬
‫‪ -‬لقد حصلت على أجرة سفرك ‪ ،‬ومع‬
‫ذلك عدت إىل دورانغو ؟ إىل املكان‬
‫الذي يبدو أنك متلهفة جدا لتبتعدي‬
‫عنه ؟‬

‫‪625‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫هلجته كانت ابردة ‪ ،‬ولكن كان فيها‬
‫مغزى معني ‪ ...‬إشارة جعلتها تقلق ‪،‬‬
‫وذلك ألنه كان مهتما جدا جبواهبا ‪:‬‬
‫‪ -‬لقد قلت لك ملاذا عدت ‪.‬‬
‫وعليه أن يصدق ‪ ،‬حىت وهي تدرك اآلن‬
‫أهنا كانت تكذب على نفسها ‪ ،‬واتبعت‬
‫‪:‬‬

‫‪626‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬لقد نسيت إرجاع اخلامت لك ‪ ..‬لقد‬
‫أخربتك هبذا‪ ..‬واخلامت كان السبب‬
‫الوحيد يف ‪...‬‬
‫‪ -‬هل هذا صحيح اي كولني ؟‬
‫أوه‪ ..‬اي إهلهي !‪ ..‬هذا أمر رهيب‪..‬‬
‫سوف متوت من احلرج إذا استمر هكذا‬
‫‪ ،‬إذا اكتشف أهنا‪ ...‬وهزت كتفيها ‪:‬‬
‫‪ -‬اي للسماء اي جوليانو‪ ...‬ما هي‬
‫األسباب األخرى إذا ؟‪..‬أعتقد حقا أن‬
‫‪627‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫عليك أن خترج اآلن‪ ..‬انظر إىل‬
‫الساعة‪ ...‬لن نستطيع كالان أن نستيقظ‬
‫صباحا بشكل مالئم ‪.‬‬
‫فرد عليها بنعومة ‪:‬‬
‫‪ -‬تبدين مذعورة اي طفليت‪ ...‬ملاذا اي‬
‫كولني ؟ ما الذي خييفك ؟‬
‫‪ -‬ال شيء‪ ..‬ال شيء خييفين‪ ..‬أان أريدك‬
‫أن خترج ‪ ..‬كي ‪..‬أستطيع النوم ‪.‬‬

‫‪628‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ولعقت شفتاها اجلافتني مث ذكرته بسرعة‬
‫‪:‬‬
‫‪ -‬لقد قلت بنفسك إن التعب يبدو‬
‫علي ‪.‬‬
‫وأجفلت عندما جعلته هذه املالحظة‬
‫يلتفت ليحدق هبا ‪ .‬مث مل تعد تطيق‬
‫نظرته املتفحصة ‪ ،‬خوفا من أن يكتشف‬
‫ما هبا ‪ .‬واندفعت من مكاهنا بينه وبني‬

‫‪629‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫قوائم السرير ‪ ،‬وذهبت لتقف إىل جانب‬
‫مقعد مستدير عرب الغرفة ‪.‬‬
‫فوقف جوليانو ووضع يديه يف جييب‬
‫بنطلونه ‪ ،‬وقال ‪:‬‬
‫‪ -‬رمبا تكونني تعبة‪ ...‬ولكنين أشك أنك‬
‫ستستطيعني النوم يف هذه احلالة اليت‬
‫أنت فيها ‪.‬‬
‫‪ -‬وكذلك لن أستطيع النوم قبل‬
‫خروجك‪ ..‬أليس كذلك ؟‬
‫‪630‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬إذا ‪ ،‬يبدو أن حل املشكلتني بني‬
‫يديك ‪ .‬كل ما عليك أن تفعلي هو‬
‫القول يل ملاذا ‪ ،‬وكان إبمكانك عن‬
‫طريق دزينة من الطرق إعادة اخلامت يل ‪،‬‬
‫ملاذا عدت بنفسك‪ ..‬وعندها سأخرج ‪.‬‬
‫‪ -‬لقد عقدت اتفاقا معك للبقاء شهرين‬
‫هنا ‪.‬‬

‫‪631‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬ولكنك كنت مستعدة للرتاجع عن‬
‫االتفاق عندما أتيت إىل دورانغو آليت‬
‫بك إىل هنا ‪.‬‬
‫‪ -‬أان ‪ ..‬أان ‪ ..‬حسنا ‪ ..‬كنت أعيد‬
‫النظر ‪ .‬لقد كنت ‪ ..‬بدوت ‪ ..‬يف مدينة‬
‫املكسيك ‪ ..‬إنك ‪ ..‬يف النهاية ‪ ..‬مل‬
‫تكن ترغب يف بقائي معك ‪ .‬وتذكرت‬
‫هذا عندما وصلت إىل دورانغو‪..‬‬
‫ففكرت أنين ‪...‬‬
‫‪632‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أنت كاذبة ابئسة اي كولني شادو ‪..‬‬
‫هل تعرفني هذا ؟‬
‫وعندها فقط انفجرت ‪ ،‬ومل تعد تستطيع‬
‫االحتفاظ بسرها ‪ ،‬فكل جهودها ملنعه‬
‫من معرفة احلقيقة ذهبت أدراج الرايح‬
‫وهي تصيح به ‪:‬‬
‫‪ -‬اللعنة عليك اي جوليانو‪ ...‬أان أحبك!‬
‫قل عين اآلن إنين كاذبة !‬

‫‪633‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫الصمت يف الغرفة أصبح يصم اآلذان ‪.‬‬
‫فمهما كان يتوقع مساعه ‪ ،‬فال ميكن أن‬
‫يكون هذا ‪ .‬ومتنت لو تنشق األرض‬
‫وتبتلعها وهي تراه واقفا مسمرا يف مكانه‬
‫‪ ،‬ووجهه قد فقد لونه ‪.‬‬
‫ومل تعد تتحمل هذه النظرة املذهولة على‬
‫وجهه ‪ ،‬فأدارت له ظهرها بسرعة ‪،‬‬
‫حماولة أن متنع الدموع من اخلروج ‪،‬‬

‫‪634‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫متمسكة مبا تبقى هلا من كربايء ‪ ،‬وقالت‬
‫له جبفاء ‪:‬‬
‫‪ -‬أرجوك أن خترج سنيور‪ ..‬لقد أردت‬
‫االنتقام ملا فعله شقيقي مع عائلتك‪...‬‬
‫وأظن أن حبا غري متبادل هو تعويض‬
‫كاف لك ‪.‬‬
‫ومسعته يتحرك ‪ ،‬وكان جيب أن تقول له‬
‫شيئا واحدا بعد قبل أن خيرج ‪:‬‬
‫‪ -‬سأعود غدا إىل إنكلرتا ‪.‬‬
‫‪635‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫الصوت التايل الذي كانت تتوقع مساعه‬
‫‪ ،‬هو صوت فتحه للباب وهو خارج ‪.‬‬
‫لذا أصابتها الصدمة عنما أمسكت يداه‬
‫القويتان بذراعيها وأدارهتا لتواجهه ‪،‬‬
‫فرتاجعت بقوة ‪ ،‬حماولة االفالت ‪.‬‬
‫ولكنه ‪ ،‬كما اكتشفت ‪ ،‬مل يكن ينوي أن‬
‫يرتكها ‪ .‬وكان عنده بضع كلمات ليقوهلا‬
‫هلا ‪ ،‬ويفاجئها هبا ‪ ،‬حىت ولو اضطر ‪،‬‬

‫‪636‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫ألهنا مل ترفع رأسها إليه ‪ ،‬أن يقوهلا لقمة‬
‫رأسها األشقر ‪:‬‬
‫‪ -‬وماذا ‪ ،‬اي صغرييت كولني ‪ ،‬تريدينين‬
‫أن أفعل خبطوبتنا ؟‬
‫‪ -‬أال ميكنك‪ ..‬أن تفكر‪ ..‬بقصة ما ؟‬
‫أعلم أن فقدانك ملاء وجهك يقلقك‪،‬‬
‫و‪ ..‬ولكن ‪ ..‬ولكنين سأنفذ أي شيء‬
‫تريد ‪...‬‬

‫‪637‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أفقد ماء وجهي؟ ال اي عزيزيت كولني ‪.‬‬
‫ما يقوله الناس عين ال يهمين ‪.‬‬
‫وهذه أول مفاجأة هلا ‪ .‬فقالت حمتجة ‪:‬‬
‫‪ -‬ولكن ‪ ...‬هلذا السبب متت خطوبتنا‬
‫‪ ..‬أليس كذلك ؟‬
‫‪ -‬لقد أصبحنا خمطوبني إلنقاذ ماء‬
‫وجهك أنت بسبب أفكار تينا الشريرة‬
‫عنك ‪.‬‬

‫‪638‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وفكرت بتعاسة أنه غري مهتم ‪ ،‬فقالت‬
‫له ابختصار ‪:‬‬
‫‪ -‬حسنا لقد أردت االنتقام من عائليت‬
‫‪ ...‬وهذا هو السبب الوحيد إلتيانك يب‬
‫إىل هنا يف املقام األول ‪ ..‬كي ‪...‬‬
‫‪ -‬كم حتبني أن تستنتجي استنتاجات‬
‫خاطئة ‪ .‬لقد كنت حباجة لسبب كي‬
‫أحضرك معي ‪ ..‬ابلطبع ‪ ...‬كان علي أن‬

‫‪639‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫أصطحبك إىل هنا اي كولني‪ ..‬ومل أكن‬
‫أستطيع مغادرة كواريتارو من دونك ‪.‬‬
‫ذلك ألهنا كانت على وشك اإلفالس ‪..‬‬
‫اللعنة‪ .‬ولكنها فكرت حبرية ‪ .‬كان‬
‫إبمكانه تركها هناك دون اكرتاث ‪ ...‬هل‬
‫هي الفروسية يف نفسه إذا مل يكن‬
‫السبب هو يف جعلها تعمل بعد اعتقاده‬
‫أهنا مل تتعب نفسها من قبل ‪ ،‬فهل هي‬

‫‪640‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫شهامة الفروسية اليت دفعته لكي ال‬
‫يرتكها هناك معدمة ؟ وقالت جبفاء ‪:‬‬
‫‪ -‬كان إبمكاين الذهاب إىل القنصلية‬
‫الربيطانية‪ ..‬وعندما أخربهم أبنين ال‬
‫أملك املال الكايف ‪...‬‬
‫‪ -‬مل تكوين ال متلكني املال الكايف ‪ ،‬بل‬
‫كنت معدمة ‪ ..‬وهذه كانت أكرب ضربة‬
‫حظ يل ‪.‬‬
‫‪ -‬وملاذا ؟‬
‫‪641‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫فسأهلا بنعومة ‪:‬‬
‫‪ -‬أال تعرفني ملاذا ؟‬
‫وهزت رأسها ابلنفي ‪ ،‬ومل تغادره رغبته‬
‫يف مداعبتها إبزعاج ‪ ،‬وهلجته الرقيقة‬
‫هتدد إبذابتها ‪ ،‬وسأهلا متابعا ‪:‬‬
‫‪ -‬أليس لديك أية فكرة ؟‬
‫وعادت كولني تفكر ‪ ،‬ومل تستنتج شيئا ‪.‬‬
‫يبدو أهنا مل تعد تستطيع الفهم بسبب‬
‫حبها له‪ ..‬ورمبا إبمكاهنا أن تفكر جبالء‬
‫‪642‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫أكثر لو مل يكن معها يف الغرفة ‪ ..‬لو مل‬
‫يكن حيتضنها ‪ ،‬ويتحدث برقة إليها ‪.‬‬
‫‪ -‬ال شيء‪ ..‬ال فكرة أبدا ‪.‬‬
‫وفجأة أخذت تتعلق به ‪ ،‬ورأسها مرفوع‬
‫إليه ‪ ،‬وعدم التصديق ميأل عينيها ‪،‬‬
‫عندما قال هلا حبنان ‪:‬‬
‫‪ -‬أمل يكن هناك يف حياتك أي حب اي‬
‫كولني ‪ ،‬حىت ال تستطيعني أن تفهمي‪..‬‬
‫أنين مهتم بك ؟‬
‫‪643‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أنت‪ ..‬مهتم‪ ..‬يب ؟‬
‫عيناه كانتا تقوالن هلا إنه يهتم ‪ .‬وكذلك‬
‫ابتسامته الناعمة على شفتيه‪ .‬ومع ذلك‬
‫مل تكن مصدقة بعد ‪ ،‬وقال هلا هبدوء ‪:‬‬
‫‪ -‬ملاذا إذا ‪ ،‬فتحت حقيبتك ألرى ما‬
‫حتتويه حمفظتك ؟‬
‫‪ -‬وهل أردتين أن أكون مفلسة ؟‬

‫‪644‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أردتك يف بييت‪ ..‬وكونك مفلسة‬
‫أعطاين الفرصة ‪ ..‬أجل اي حيب ‪..‬‬
‫أردتك مفلسة ‪.‬‬
‫‪ -‬ولكن‪ ..‬ولكنك مل تكن حتبين يومها ‪.‬‬
‫‪ -‬كنت أكره نفسي أكثر‪ ..‬كرهت‬
‫نفسي لقوة أتثريك علي منذ أول حلظة‬
‫احتويتك هبا بني ذراعي‪.‬‬
‫‪ -‬عندما أغمي علي ‪.‬‬

‫‪645‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬لقد ظننت عندها أن السبب هو‬
‫التعب ‪ .‬ومل أكن أعلم أن السبب هو‬
‫مرضك ‪.‬‬
‫وجتهم وجهه وكأنه يكره نفسه إلجبارها‬
‫على العمل ‪ ،‬وأذاب جتهمه عدم‬
‫تصديقها ‪ .‬وأخذ قلبها خيفق ابلسعادة ‪،‬‬
‫وكانت واثقة أبنه سيسمع هذه الدقات‬
‫‪ .‬وقال هلا ‪:‬‬

‫‪646‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬لقد التقطتك بني ذراعي ‪ ،‬وعلمت‬
‫عندها أنك كل حيايت ‪.‬‬
‫فقالت له وهي ترجتف ‪ ،‬وذراعاه‬
‫القويتان تلفاهنا ‪:‬‬
‫‪ -‬أوه‪ ..‬اي جوليانو !‬
‫‪ -‬أوه اي كولني ‪..‬‬
‫وضمها إليه أكثر ‪ ،‬مث نظر إىل عمق‬
‫عينيها ‪ ،‬عميقا حىت روحها ‪:‬‬

‫‪647‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أردتك أن تكوين مفلسة ‪ ..‬اي‬
‫مالكي‪ ..‬فقد احتجت هلذه الفرصة ‪ ،‬أية‬
‫فرصة ‪ ،‬فهي كانت تعين أنين ال أستطيع‬
‫تركك تذهبني ‪.‬‬
‫‪ -‬أمل تكن تريدين أن أترك‪ ...‬املكسيك‬
‫؟‬
‫‪ -‬إال إذا كنت معك ‪.‬‬
‫وأراحت كولني رأسها على صدره ‪ ،‬وهي‬
‫تشعر ابهلدوء والسالم ‪.‬‬
‫‪648‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وألن األمر كان ال يصدق ‪ ،‬خافت أن‬
‫تقرص نفسها حىت ال تستيقظ وتكتشف‬
‫أهنا كانت حتلم ‪.‬‬
‫وخالل دقائق طويلة أبقاها جوليانو قرب‬
‫قلبه ‪ ،‬وأخذ يربت على شعرها بنعومة ‪،‬‬
‫ليظهر هلا عمق مشاعره ‪ .‬وأخذ خيربها‬
‫كيف أنه كان يريدها معه ‪ ،‬حىت قبل أن‬
‫جييء إىل الفندق ليصطحبها كان قد‬
‫اتصل بتينا لتحضر غرفة الضيوف ‪.‬‬
‫‪649‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫على أمل أن يفكر حبجة ما ليحضرها‬
‫معه ‪ .‬وقالت له كولني ‪:‬‬
‫‪ -‬صدقا؟‬
‫‪ -‬صدقا ‪ .‬أيتها املتشككة الصغرية ‪.‬‬
‫وشد عليها بذراعيه حىت كاد يسحق‬
‫ضلوعها‪.‬‬
‫‪ -‬دايوس‪ ..‬اي إهلهي كم أحبك ‪ ،‬اي‬
‫مجيليت كولني!‬

‫‪650‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أوه اي جوليانو ‪ ،‬أان أحبك كثريا‪..‬‬
‫وكنت أظن أن قليب سيتحطم!‬
‫‪ -‬يت كويرو‪ ..‬يت آمو‪...‬‬
‫‪ -‬يت آمو ؟‬
‫‪ -‬هذا يعين أان أحبك ‪.‬‬
‫‪ -‬قد قلت هذه الكلمة ‪ ..‬يف األسبوع‬
‫األول لوجودي هنا‪ ..‬ذلك اليوم يف‬
‫منزل املشرف ‪.‬‬

‫‪651‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أمل أقل لك إنين منذ البداية عرفت‬
‫أبنك حيايت ؟‬
‫‪ -‬أوه اي جوليانو ‪ ..‬كم أمتىن لو أنين‬
‫كنت أعرف هذا يومها ‪.‬‬
‫فابتسم وقال ‪:‬‬
‫‪ -‬ال أظن أبن الكلمة كانت ستعجبك‬
‫يومها ‪ .‬لقد اكتشفت أبننا شخص واحد‬
‫جسداي ‪ ،‬ولكنين مل أكن أعتقد ‪ ،‬مع‬

‫‪652‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وجود روحك الصغرية املتحفظة ‪ ،‬أنك‬
‫كنت حتبيين يومها ؟‬
‫‪ -‬رمبا ال‪ ..‬فأان مل أتعامل مع رجل من‬
‫قبل ‪ ،‬وال أعرف هذه األمور وكنت أظن‬
‫أن شيئا ما حيدث يل ‪ ،‬لروحي الصغرية‬
‫احملافظة ‪ .‬لقد اكتشفت أنين أحبك‬
‫عندما دخلنا الفندق يف مدينة‬
‫مكسيكو‪ ...‬وكانت املرة الثانية اليت‬
‫أبكي فيها بسببك ‪.‬‬
‫‪653‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫حبه كان جديدا عليها ‪ ،‬وجعلته‬
‫تقطيبتها الصغرية املتحرية يتخلى عن أية‬
‫رغبة قد تساوره ‪ ،‬وأصبح تواقا إلزالة‬
‫هذه التقطيبة عن وجهها ‪ ..‬فقال ‪:‬‬
‫‪ -‬ما بك‪ ..‬مياموري(اي حيب)؟ أخربيين‪..‬‬
‫فال شيء جيب أن يزعجك أو يؤملك بعد‬
‫اآلن ‪.‬‬
‫‪ -‬إذا كنت حتبين ‪ ،‬فلماذا كنت ابردا‬
‫معي يف هناية إقامتنا يف مدينة مكسيكو ؟‬
‫‪654‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬أحبك ؟ بل أعبدك! اي حلويت‬
‫الصغرية ‪ ،‬ولكن الربود ؟ رمبا بدوت‬
‫هكذا ‪ ،‬ولكن مل يكن هذا يعكس‬
‫مشاعري الداخلية ‪ ..‬ففي داخلي كان‬
‫هناك اتون مشتعل طوال األسبوع‪..‬‬
‫وكان أمرا خاطئا أن أستبقيك معي يف‬
‫نفس اجلناح ‪ ،‬ولكن أردتك أن تكوين‬
‫هناك ‪ .‬وطننت أنين سأحتمل هذا ‪.‬‬
‫ظننت ‪ ...‬أنين جنحت يف االبتعاد عنك‬
‫‪655‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ .‬مث يوم خرجت حتت املطر لرتقصي‪..‬‬
‫أثريت رغبيت فيك اليت هي جزء من حيب‬
‫لك ‪ ...‬هل متانعني هبذا ؟‬
‫‪ -‬أبدا‪ ..‬لقد كنت تقول ‪..‬‬
‫‪ -‬كنت أقول اي سيديت الصغرية املقطبة‬
‫‪ .‬أن رؤيتك ذلك اليوم ‪ ،‬وقد التصقت‬
‫بك مالبسك ‪ ،‬كنت على وشك أن‪...‬‬
‫والطريقة الوحيدة لتجنب أن حيدث هذا‬

‫‪656‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ ،‬هو أن أتظاهر بعكس ما أشعر ‪ .‬فأان مل‬
‫أرد أبدا أن أؤملك اي حبيبيت ‪.‬‬
‫وابتسمت له كولني لتظهر له أنه ال ميكن‬
‫أن يؤملها أبدا ‪ ،‬فحبه هلا هو كل ما‬
‫يهمها‪ ..‬مث تكلم عن يوم عاد إىل الفندق‬
‫ووجد أهنا سافرت إىل أكابولكو ‪:‬‬
‫‪ -‬مل أستطع يومها التصديق ‪ ..‬لقد‬
‫توقعت أن تكوين ابنتظاري ‪ ،‬و مل أستطع‬

‫‪657‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫التصديق حىت بعد أن وجدت أن ثيابك‬
‫وحقيبتك خمتفيتان ‪.‬‬
‫‪ -‬وهل ساحمتين ؟‬
‫‪ -‬أساحمك على أي شيء مينحين حبك‬
‫يل‪.‬‬
‫وجعلته دقة على الباب يسحب ذراعيه‬
‫من حوهلا ‪ ،‬مث يستدير حنوه ‪ ،‬وفتح‬
‫الباب ورأاي تينا تقف هناك ‪ .‬وهذه املرة‬

‫‪658‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫شاهدت االبتسامة على وجهها ‪ ،‬وهي‬
‫تنقل نظرها من الفراش إليهما ‪.‬‬
‫وتبادلت مع جوليانو عدة كلمات‬
‫ابإلسبانية ‪ ،‬مث تركتهما وابب غرفة النوم‬
‫مفتوح وهي تقول ‪":‬بيوانس نيتشاس‬
‫سنيوريتا" أي ليلة طيبة سيديت ‪ .‬وقال‬
‫جوليانو وهو جيلس على السرير وجيذب‬
‫كولني معه ‪:‬‬

‫‪659‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬هناك أوقات أفكر فيها جداي‬
‫ابالستغناء عن خدمات تينا ‪.‬‬
‫‪ -‬ال ! ‪..‬‬
‫‪ -‬وهل حتبينها ؟‪..‬‬
‫‪ -‬نعم ‪ ..‬أحبها ‪.‬‬
‫‪ -‬يف هذه احلالة سأتركها تبقى معنا ‪،‬‬
‫لقد قالت إهنا مسعتك تسعلني ورأت‬
‫ضوء غرفتك عندما أتت لتستمع إىل‬
‫سعالك ‪.‬‬
‫‪660‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬احلبيبة!‬
‫‪ -‬هذا ليس ما دعوهتا به للتو ‪ .‬ولكن‬
‫مبا أهنا ذهبت وهي تبتسم ‪ ،‬فأان أشك‬
‫يف أهنا غضبت ‪.‬‬
‫وأمسك بيدها اليسرى ورفعها إىل شفتيه‬
‫‪ ،‬وقبلها بكل حنان حيث تضع اخلامت ‪..‬‬
‫وقال هلا أبسف ‪:‬‬

‫‪661‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫‪ -‬سأتركك اآلن اي حبيبيت‪ ..‬ولكن فقط‬
‫إذا وعدتيين ابالستيقاظ ابكرا‪ ...‬فلن‬
‫أكون صبورا ابنتظار رؤيتك ‪.‬‬
‫‪ -‬ألن تعمل يف الغد ؟‬
‫‪ -‬لدي الكثري لتحضريه ‪ ،‬فمع هذا‬
‫اخلامت الذي يراتح يف اصبعك والذي‬
‫نسيت أن ترديه إيل‪ ...‬قد يكون علي‬
‫أن أضع خامتا آخر جبانبه ليسليه ؟‬

‫‪662‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬


‫وكان هذا أمجل طلب زواج مسعت عنه‬
‫كولني ‪ .‬وشع احلب من عينيها وهي‬
‫تقول هامسة ‪:‬‬
‫‪ -‬قريبا ‪ ..‬نعم قريبا ‪ ..‬أرجوك ‪ ،‬اي‬
‫جوليانو!‬
‫لتحميل مزيد من الرواايت احلصرية‬
‫زوروا موقع مكتبة رواية‬
‫‪www.riwaya.ga‬‬
‫متت‬
‫‪663‬‬

‫‪www.riwaya.ga‬‬ ‫مكتبة رواية‬

You might also like