You are on page 1of 110

1

‫دانتيل محروق‬
‫نوفيال‬
‫مروة جمال‬

‫شخابيط وردية للنشر األلكتروني‬

‫‪2‬‬
‫تصميم الغالف‬
‫‪Princess mony‬‬

‫قالب داخلي‬
‫مروة جمال‬

‫‪3‬‬
‫املقدمة‬

‫سيتكرر املشهد أمامك‪ ..‬بعد عام‪ ..‬ثالثة‪ ..‬في‬


‫رواية قديمة أو حديثة‪ ،‬أو فقرة من سرد‬
‫واقعي على لسان امرأة مطحونة‬
‫النساء في بعذ الحكايا مستهلكات‪ ،‬مثل ماكينة‬
‫حياكة قديمة‬
‫مستهلكات بقرارهن‪ ،‬أو بقرار املجتمع‬
‫ال فارق‬
‫‪4‬‬
‫ً‬
‫املرأة قطعة من الدانتيل الباهظ جدا‪ ،‬وارد أن‬
‫يحرقه أحدهم!‬
‫ووارد أن تناوله هي الكبريت!‬
‫‪........‬‬
‫ً‬
‫أمنيتها لقاء به في مقهى‪ ،‬تناول الفطور معا‬
‫واحتساء القهوة وياحبذا لو أمطرت‪ .‬أما هو‬
‫فكانت أمنيته أن يأخذها لـ منزله ‪.‬‬
‫تعارفت به في أحد مواقع التواصل‪ ،‬منشوراتها‬
‫واضحة ممتلئة بحروف الخذالن واليأس‪،‬‬
‫‪5‬‬
‫ً‬
‫خمسة وثالثون عاما وتحمل لقب مطلقة دون‬
‫أطفال بعدما اكتشفت خيانات الزوج املتعددة‪.‬‬
‫في لحظات امللل وتناوب النصائح عليها من كل‬
‫أطراف العائلة كانت تهرب لتلك املجموعة‪،‬‬
‫ُ‬
‫تقرأ االعترافات وتشارك وتدعم وترفض‪ .‬تغلق‬
‫خاصية استقبال طلبات الصداقة بسبب‬
‫تهافت الذباب عليها وتتجاهل كل الرسائل‬
‫املكتوبة بتابوهات محفوظة‪ .‬حتى جاءت‬
‫رسالته هو‪ .‬كانت مثل شرارة مثيرة للربية أو‬
‫ربما أرادت هذا ‪..‬‬
‫‪6‬‬
‫"أعلم َ‬
‫لم خانك "‬
‫لم تكن قد صرحت بأي شكل من األشكال عن‬
‫تجربة الخيانة في تلك املجموعة‪ ،‬أبجديتها في‬
‫التعامل مع الجميع كانت ما قل ودل‪ ..‬تضع‬
‫صورتها الشخصية في نوع من االستقاللية‬
‫ً‬
‫ر‬
‫والكياسة بعيدا عن صو النساء الحزينة أو‬
‫القاسية التي يستخدمها بعضهن تبع حاالتهن‬
‫ً ً‬
‫النفسية‪ .‬كانت متزنة ظاهريا نوعا ما وداخلها ال‬
‫يعلمه أحد‪ ..‬حتى جاءتها تلك الرسالة ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫خليط من الغضب والرفض والفضول‬
‫والسخرية اجتمعا داخلها‪ ،‬لم تكن هناك أية‬
‫معلومات عنه كـ راسل‪ ،‬صورته رمزية وحسابه‬
‫مغلق لغير األصدقاء‪ .‬حتى أنها في البداية‬
‫تجاهلت الرسالة وبعد ثالثة أيام تابع برسالة‬
‫آخرى أثارت غيظها ‪.‬‬
‫"عرفت أنك ستتهربين من الرد "‬
‫هل تعرفني؟‬ ‫‪‬‬

‫ربما !‬ ‫‪‬‬

‫‪8‬‬
‫عرف عن نفسك !‬
‫اذا كنت تعرفني ِّ‬ ‫‪‬‬

‫ربما أنا صديق له‪ ..‬متلصص مثال‬ ‫‪‬‬

‫حوار سريع مر دون وعي منها‪ .‬وكأنما انزلقت له‪.‬‬


‫شعرت بالغضب والقرف وأرادت أن تغلق‬
‫صفحة املحادثة وتقوم بحظره وتنتهي ولكن‬
‫ش يء ما منعها‪ ،‬ال تعرف ما هو ربما فضول‪..‬‬
‫ربما اغتياظ من وحدتها بينما زوجها السابق‬
‫يتباهى بصوره هو وعروسه الجديدة وقد كتب‬

‫‪9‬‬
‫عبارات مستهلكة خاصة العوض وخالفه‪.‬‬
‫كتبت بعد لحظات من الصمت ‪.‬‬
‫هذا أسوء‬ ‫‪‬‬

‫ً‬
‫حقا !‬ ‫‪‬‬

‫ش يء مقرف أن ينظر الرجل لزوجة‬ ‫‪‬‬

‫صديقه بعد طالقها‬


‫هذا شرعي‪ ،‬الدين ال يمنع‬ ‫‪‬‬

‫‪10‬‬
‫ً‬
‫كان يجادلها وكانت حقا مغتاظة‪ ،‬تشعر‬
‫بنفسها رخيصة ال تعلم َ‬
‫لم‪ ،،‬امرأة باتت‬
‫مباحة‪ .‬موجة من مشاعر الحزن فجأة عصفت‬
‫بها وامتد الصمت بعدها لدقائق حتى وصلت‬
‫منه رسالة صوتية‪ .‬توترت وترددت‪ ..‬الحكايات‬
‫التي تسمعها عن الكالم الفاحش مرت كلها بـ‬
‫ً‬
‫عقلها ولهذا ضغطت على الرسالة سريعا كي‬
‫تستمتع لها وتنهي األمر‪ .‬يكون أو ال يكون‪ ..‬إال‬
‫ً‬
‫أنها تفاجئت بنبرة خشنة أنيقة جدا‪ ،‬لغة‬
‫سليمة وكياسة لم تتوقعها ‪..‬‬
‫‪11‬‬
‫ال تقلقي‪ ،‬أنا ال أعرف زوجك السابق وال‬ ‫‪‬‬

‫أعرفك من قبل‪ ..‬فقط لفتت نظري‬


‫ردودك على املنشورات ‪.‬‬
‫دون إرادة منها وجدت نفسها ترسل رسالة‬
‫ً‬
‫صوتية بدورها‪ ،‬أرادت أن تكون حازمة جدا‬
‫ً‬
‫وإن ال يساعدها صوتها في هذا بتاتا‪ ..‬صوتها‬
‫ً‬
‫ناعم رقيق مثير دوما ما أخبرها زوجها أنه أحد‬
‫مزاياها الوهمية ‪..‬‬

‫‪12‬‬
‫هذا ال يجيب عن سؤالي‪ ..‬كيف علمت‬ ‫‪‬‬

‫بأمر خيانة زوجي؟‬


‫صوتك‪ ..‬يا الهي صوتك !‬ ‫‪‬‬

‫قالها بحشرجة أخافتها‪ ،‬أرادت أن تغلق‬


‫املحادثة على الفور ولكنه سرعان ما استكمل‬
‫ً‬
‫معتذرا ‪:‬‬
‫ً‬
‫آسف ولكنك حتما تعلمين تأثير هذا‬ ‫‪‬‬

‫السحر على الرجال‬


‫قالت بحزم مباشر ‪:‬‬
‫‪13‬‬
‫لم تخبرني كيف علمت؟‬ ‫‪‬‬

‫األمر بسيط‪ ،‬منشوراتك تعبر عنك‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫ردودك في املجموعة ومع بحث بسيط‬


‫علمت الحقيقة‬
‫ً‬
‫بدا األمر لها مثيرا للريبة‪ ..‬بحث!‪ ،‬هل بحث‬
‫عنها‪ ،‬راقبها لفترة‪ ..‬األمر أزعجها ولكن ال تراجع‬
‫اآلن‪ ..‬هي تريد أن تعرف من هذا الرجل ‪.‬‬
‫ً‬
‫تابع ضاحكا وقد فهم هواجسها ‪:‬‬

‫‪14‬‬
‫ال تقلقي جميع الرجال تفعل هذا‪..‬‬ ‫‪‬‬

‫يتعاملون مع النساء كـ نوع من الصيد‬


‫صراحته الفجة أزعجتها‪ ،‬حتى أنها ردها جاء‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫جامدا ساخرا ‪:‬‬
‫خاصة املطلقات‬ ‫‪‬‬

‫فريسة أسهل‬ ‫‪‬‬

‫بدت نبرته المكترثة وهو يقولها‪ ..‬يمرر األمر‬


‫العادي املكتوب في قانون ذكر‪ ،‬أو فيلسوف‬
‫كل اطروحاته على فراش امرأة تعاني من‬
‫‪15‬‬
‫الحرمان‪ .‬تفكير الرجال واحد‪ ،‬هكذا كان‬
‫زوجها وهكذا هذا الذي ال تعرفه‪ .‬وقد يكون‬
‫ً‬
‫حتى حاصال على نوبل في الكياسة وتفكيره لن‬
‫يختلف‪.‬‬
‫قالت بنبرة مهينة ‪:‬‬
‫انتهيت؟‬ ‫‪‬‬

‫جاءت رسالته تكتم ابتسامة ‪:‬‬


‫لم أجيبك عن السؤال أنا أعرف َ‬
‫لم خانك‬ ‫‪‬‬

‫‪16‬‬
‫حينها لم ترد‪ ،‬مررت صمت واثق في انتظار‬
‫رسالته التالية‪ ،‬قال أم لم يقل ال فارق‪ .‬علمت‬
‫أن األمر مدخل للحوار وكفى‪ ،‬وإن نالت منها‬
‫ً‬
‫الرسالة التالية… نالت من ضعفها رغما عنها‪،‬‬
‫احتياجها لكلمة جيدة من رجل‪ ،‬رجل يمرر لها‬
‫كلمات اإلعجاب واالنبهار ربما ال يطلقها بعدما‬
‫طلبت منه بدقائق معدودة ألن سعادته في‬
‫ً‬
‫استكمال خياناته‪ .‬ألنها باتت عبئا يهدد سالمه‬
‫القذر !‬

‫‪17‬‬
‫ً‬
‫ى‬ ‫ق‬
‫ألنك جميلة جدا‪ ،‬فو مستو ما‬ ‫‪‬‬

‫يستحقه بمراحل‪ ..‬هذا النوع من الرجال‬


‫يخون كي يشعر بالرض ى عن نفسه‪ ،‬كي‬
‫يشعر بأنه أفضل من املرأة التي نالها‬
‫وكانت فوق مستوى إمكانياته ‪.‬‬
‫**‬

‫‪18‬‬
‫ُ‬
‫تشرق املرأة مع رجل يكذب ‪..‬‬
‫أمام املرآة تمشط شعرها األسود الذي يصل‬
‫ملنتصف خصرها‪ ،‬تتأمل مالمحها بشكل‬
‫جديد‪ ،‬تتأملها من خالل عينيه ‪.‬‬
‫سبع محادثات وثالث مكاملات صوتية ‪..‬‬
‫هذا رصيدها معه وبعدها اتخذت قرار اللقاء‪.‬‬
‫ً‬
‫اكتشفت أنه رجل ال يشبه ما عرفته يوما‪،‬‬
‫وسامته هادئة‪ ..‬له عينان عسليتان بهما رواق‬
‫مهيب‪ ،‬من الصور التي أرسلها لها تستطيع أن‬
‫‪19‬‬
‫ً‬
‫تجزم أنه يفوقها في الطول بعشرين سنتيمترا‬
‫ً‬
‫تقريبا وهذا يعني أنه طوله معتدل‪ .‬كانت‬
‫ترتدي أحد الغالالت الجديدة التي ابتاعتها قبل‬
‫طالقها بفترة وجيزة‪ ،‬تتأمل جسدها في طاقة‬
‫أنثوية محبوسة‪ .‬مع وجوده في حياتها أصبحت‬
‫ً ً‬
‫سريعا جدا في راحة نفسية غريبة جدا حتى أنها‬
‫توقفت عن التلصص على حساب زوجها‬
‫السابق وزوجته الجديدة التي كان يخونها معها‪.‬‬
‫كل تلك الترهات على أن الرجل ال يتزوج من‬
‫دفتر خياناته هراء‪ .‬يفعلها الكثير من الرجال في‬
‫‪20‬‬
‫ً‬
‫نوع من اللهاث ربما‪ ،‬التمرد أحيانا‪ ..‬أو ربما هو‬
‫عقاب إلهي ال تعلم‪ ،‬ولكنها تعرف أن هذا الذي‬
‫ً‬
‫كان زوجها كتب عقدا بينه وبين املرأة التي‬
‫خلعت مالبسها كاملة له أمام كاميرا ‪.‬‬
‫هل ستفعليها؟‬ ‫‪‬‬

‫ماذا !‬ ‫‪‬‬

‫تخلعين مالبسك أمام شاشة لـ رجل؟‬ ‫‪‬‬

‫ً‬
‫في تلك املحادثة تجاوز‪ ..‬صمتت قليال وقد دق‬
‫بقلبها بعنف غاضب‪ ،‬شعرت بقشعريرة غريبة‪،‬‬
‫‪21‬‬
‫ليست جيدة ولكن مزعجة‪ ،‬وكأن غريب ما‬
‫ينتهكها بكلمة‪ ،‬ينتهكها بخياله ربما وعدة مرات‪.‬‬
‫ندمت أنها ثرثرت‪ ،‬تسربت حروفها بغضب وهي‬
‫تقص ما حدث دون أن تدرك حميمية‬
‫التفاصيل التي تسردها‪ .‬رغم كل ش يء قالت بـ‬
‫جدية مغلفة بالكبرياء والثبات ‪:‬‬
‫مستحيل‬ ‫‪‬‬

‫حتى لو بسبب الحب؟‬ ‫‪‬‬

‫الحب ال يسمح بتلك األفعال الرخيصة‬ ‫‪‬‬

‫‪22‬‬
‫ً‬
‫قانون الحب ليس واحدا على الجميع‬ ‫‪‬‬

‫شعرت وكأنما صفعها بكلماته‪ ،‬وكأنه يطلب من‬


‫بين حروفه أن تفعل معه باملثل‪ ،‬الهواجس‬
‫داخلها باتت أشبه بيقين‪ .‬أغلقت يومها‬
‫املحادثة واختفت ثالثة أيام ولكن في صباح‬
‫غريب وبينما كانت تجلس جوار والدتها وخالتها‬
‫أمام التلفاز بينما خالتها تحاول جاهدة أن‬
‫تقنعها بالزواج من مدرس رياضيات مطلق‬
‫بثالثة أطفال يبحث عن مربية ألوالده تساهم‬

‫‪23‬‬
‫في املصاريف‪ .‬وسط كل هذا العبث طل عبث‬
‫ألطف ‪..‬‬
‫ً‬
‫باقة ورد ضخمة اعتذارا منه لها‬
‫وقبلت اعتذاره ‪.‬‬
‫**‬
‫اقترب النادل‪ ،‬حيته بابتسامة مترددة وحاولت‬
‫العبث بأطراف قدح القهوة خاصتها وهي في‬
‫ً‬
‫انتظاره‪ ،‬أزعجها نوعا ما تأخره إال أن رسالة‬

‫‪24‬‬
‫ذكية منه بددت هذا الغضب‪ " ..‬املفاجآة‬
‫خاصتك هي من عطلتني "‬
‫فكرة املهاداة نفسها أنعشت قلبها الذي كان‬
‫فقد قدرته على االندماج بالعواطف‪ ،‬تذكرت‬
‫ً‬
‫املكاملة األخيرة بينها وبينه‪ ،‬كان رائقا‪ ..‬الساعة‬
‫ً‬
‫تخطت الثانية صباحا بينما هو في املطبخ‬
‫خاصته يعد قهوة ‪..‬‬
‫قالت له حينها ضاحكة ‪:‬‬
‫أنت مجنون‬ ‫‪‬‬

‫‪25‬‬
‫أنا أحاول‬ ‫‪‬‬

‫هل الجنون ش يء يستدعي املحاولة‬ ‫‪‬‬

‫بالتأكيد‪ ،‬ألنه السالم العقلي الوحيد‬ ‫‪‬‬

‫الكامل‬
‫كانت فلسفته تجذبها بجنون‪ ،‬شعرت أنها أمام‬
‫سقراط بينما كانت هي متزوجة كانت من رجل‬
‫عقله فراغ كامل وكل إنجازاته مغامرات‬
‫رخيصة مع نساء تشبهه‪ .‬نبرة صوته كانت‬
‫تذيبها‪ ،‬تمتلكها بسالسة سحرية‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫يمنحها مع كل حرف معنى مختلف ويمنح‬
‫أنوثتها كمال مختلف ‪.‬‬
‫ً‬
‫أنت جميلة جدا‬
‫ِّ‬ ‫‪‬‬

‫توقف‪ ..‬تعرف أنني ال أحب تلك الكلمات‬ ‫‪‬‬

‫ولكنها الحقيقة ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ثم يتنحنح‪ ،‬يقول ببساطة منطقية ‪:‬‬


‫لن أكرر التابوهات املحفوظة من الالهثين‬ ‫‪‬‬

‫خلف النساء مثل كيف يتركك وياله من‬

‫‪27‬‬
‫أنت‬
‫رجل أحمق‪ .‬هذا يحدث‪ ..‬ولكن ِّ‬
‫جميلة‪ ..‬جميلة وكفى‬
‫هل تحادثني ألنني جميلة‬ ‫‪‬‬

‫نعم‬ ‫‪‬‬

‫وماذا عن الروح؟‬ ‫‪‬‬

‫الرجال تريد كل ش يء نحن سكان كوكب‬ ‫‪‬‬

‫الطمع‬
‫ضحكت‪ ..‬ضحكت في املحادثة وضحكت وهي‬
‫تجلس وحدها في انتظاره‪ .‬أيقنت بعدها‬
‫‪28‬‬
‫بابتسامة شبحية أنها تختلس لحظاتها معه‪،‬‬
‫ُ‬
‫تخفيه عن الجميع ليس بإرادة منها ولكنه كان‬
‫ً‬
‫واضحا هو رجل يحب السرية‪ ،‬في البداية ظنت‬
‫ً‬
‫أنه متزوجا ولكن حين فتشت عنه تأكدت أنه‬
‫أعزب‪ ،‬األربعيني الوسيم كما تقول الكتب‪ .‬من‬
‫صوره التي يشاركها على صفحته الشخصية‬
‫الحظت أنه ً‬
‫دقيقا في اختيار مالبسه بشكل‬
‫يثير االعجاب‪ .‬كالسيكي الطلة مع أناقة خاصة‬
‫به‪ ،‬يبتاع على ما يبدو الساعات الباهظة‬
‫واألحذية مرتفعة الثمن ويسافر لعدة بلدان‬
‫‪29‬‬
‫ولكن وحده‪ .‬دون امرأة‪ ..‬دون حتى صداقات‬
‫خفيفة يتفاخر بها البعض‪ .‬نظرته في أغلب‬
‫األحيان غامضة مجردة من أي معنى واضح‪.‬‬
‫شكل ابتسامته‪ ،‬جمود فكيه‪ ..‬كلها رواية‬
‫غامضة وجدت نفسها تريد استكشافها‪ .‬ولهذا‬
‫وافقت‪ ..‬وافقت بسالسة تامة حين طلب منها‬
‫اللقاء‪ .‬لم تتمنع حتى‪ ..‬ها هي تجلس وحيدة في‬
‫مقهى تنتظر يائسة رجل تأخر عليها أكثر من‬
‫نصف ساعة وتعترف لنفسها ببساطة تامة أنه‬
‫ُيعجبها ‪.‬‬
‫‪30‬‬
‫لحظة تناسب مقال ساخر لكاتبة نسوية لديها‬
‫الكثير من التعقيدات‪ .‬وبدأت تشك بقوة أنها‬
‫لن يأتي ‪..‬‬
‫**‬
‫ظهر ‪..‬‬
‫ظهر وفضحها ابتهاجها‪ ..‬هكذا قال لها ببساطة‬
‫وصراحة مباشرة وهو يتخذ مكانه في املقعد‬
‫ً‬
‫املقابل لها‪ .‬غضبت من نفسها جدا في تلك‬
‫اللحظة‪ ،‬قلبها دق‪ ..‬وجنتاها غرقا في توهج‪،،‬‬
‫‪31‬‬
‫هي املرأة القوية التي طلبت الطالق دون تردد‬
‫ً‬
‫من أول لحظة خيانة ونالته دون تردد أيضا‬
‫تصطبغ بالحمرة املراهقة أمام رجل ‪.‬‬
‫فقدت التعبير الفصيح‪ ،‬الكارثة أنها تلعثمت‪..‬‬
‫كل الحروف التي كانت تقولها بسالسة في‬
‫محادثاتهم الصوتية تبخرت‪ .‬كانت له نظرة‬
‫قادرة على تمزيق ثبات جيش كامل من النساء‪.‬‬
‫رجل طلته ُملهمة ألديبة‪ ،‬أو لـ فنانة تدم‬
‫األلوان مع مالمح الوجوه‪ .‬كانت عيناه‬

‫‪32‬‬
‫مسلطتان عليها في سلوك خالي من الرحمة‪،‬‬
‫حتى حين فرقع بأصابعه للنادل وطلب قهوة‬
‫سوداء دون حليب كانت نظرته كلها معها‪،‬‬
‫ً‬
‫يحمل في يده حقيبة هدايا حمراء مثيرة جدا‬
‫لإلنتباه وضعها جوار مقعده ويرتدي سترة‬
‫زرقاء داكنة فوق قميص كالسيكي يبدو باهظ‬
‫ً‬
‫الثمن وبنطال من الجينز القاس ي بدا مناسبا‬
‫ً ً‬ ‫ً‬
‫لشكل جسده‪ ،‬كان مظهره جيدا‪ ..‬جيدا جدا‬
‫بشكل واضح‪ ،‬يفوق محاوالتها هي رغم أنها‬
‫امرأة تنتمي لفئة تجيد التنسيق بين قطع‬
‫‪33‬‬
‫املالبس‪ .‬اختارت هي في هذا اليوم حلة‬
‫ً‬
‫محتشمة نوعا ما‪ ،‬رمادية مع قميص حريري‬
‫أبيض ووشاح بلون وردي داكن جعل لون‬
‫ً‬
‫بشرتها متوهجا‪ ،‬وهكذا قال ببساطة مباشرة‬
‫لجمتها ‪:‬‬
‫ً‬
‫لون بشرتك خطيرا !‬ ‫‪‬‬

‫تنحنحت وقد سيطرت على ضعفها الذي ظهر‬


‫في البداية أخيرا واستعارت جدية صارمة من‬
‫كبرياءها ‪:‬‬

‫‪34‬‬
‫ال أحب تلك الكلمات‬ ‫‪‬‬

‫هل تلومين صراحتي؟‬ ‫‪‬‬

‫قالت بمالمح عابسة كي يتوقف عن االسترسال‬


‫بكلمات من هذا النوع ‪:‬‬
‫نعم ‪..‬‬ ‫‪‬‬

‫ً‬
‫كانت متوترة جدا‪ ،‬تعرف أنها منجذبة له ولكنها‬
‫تخاف‪ ،‬تخاف من هذا الدور الذي قد يصيبها‬
‫وتصبح مجرد رقم في دفتر عالقات غير‬

‫‪35‬‬
‫مشروعة لرجل يتبع نفس سياسة زوجها ولكن‬
‫بكتاب صفحاته مختلفة ‪.‬‬
‫شعور اللهفة والسعادة جاوره شعور بعدم‬
‫االرتياح من نظراته‪ ،‬اليوم واللحظة واملكان‬
‫والزمان يمرر نظرة مباشرة ال جدال فيها‪ ،‬نظرة‬
‫جسدية بحتة !‬
‫نظرة تعجبها!‪ ،‬وترفضها‪ ،‬تريدها‪ ..‬وتهرب منها‪..‬‬
‫تفهمها وتدعي عدم الفهم ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫جاءت قهوته فارتشف منها البعض على الفور‬
‫دون أن يضيف لها السكر‪ ،‬قالت متسائلة‬
‫ً‬
‫ورغبة أيضا في دفة حوار عادية ‪:‬‬
‫تحبها ُمرة؟‬ ‫‪‬‬

‫كي أفهم املذاق‬ ‫‪‬‬

‫تسكعت فوق شفتيه ابتسامة خبيثة وهو‬


‫يجيب‪ ،‬أدركت أنه يتالعب بالكلمات‪ ،‬يرسم‬
‫صورة متوقعة للقاء رجل وامرأة تعارفا على‬
‫موقع تواصل أشبه ببحيرة صيد‪.‬‬
‫‪37‬‬
‫كانت كلماته هي هي ال تتغير‪ ،‬تتسلل كما العادة‬
‫ً‬
‫في محادثاتهم السابقة ولكن ربما ألنها تراه وجها‬
‫لوجه توترها مضاعف‪ .‬أو ألنها مصرة أن ترسم‬
‫ً‬
‫شكال آخر للحديث بينهما وهو اآلن يدمره بال‬
‫رحمة ‪.‬‬
‫ضحك فجأة فشتت أفكارها وسألته بانزعاج ‪:‬‬
‫ما بك؟‬ ‫‪‬‬

‫تبدين مثل دجاجة مذعورة‬ ‫‪‬‬

‫‪38‬‬
‫قالها بسخرية هادئة‪ ،‬اضجع وهو يتأملها‬
‫بخبث ثم تابع ‪:‬‬
‫عامة أن أحب مذاق الدجاج‬ ‫‪‬‬

‫تنفست بسرعة‪ ،‬صوت أمها‪ ..‬خالتها‪ ..‬املرأة التي‬


‫خلعت زوجها على نفس املجموعة وتدور في كل‬
‫املنشورات ‪..‬‬
‫"الرجل يفكر بنصفه السفلي مهما ادعى غير‬
‫ذلك "‬

‫‪39‬‬
‫رجفة قاسية تمكنت منها‪ ،‬كانت نظراته اآلن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫تخترق ثيابها‪ ،‬يمرر تعبيرا صادما مفاجئا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫متأججا متعجال !‬
‫ما رأيك لو أكملنا الحديث بسيارتي؟‬ ‫‪‬‬

‫سيارتك !‬ ‫‪‬‬

‫ال أعلم ربما اعتدت معك على الخلوة !‬ ‫‪‬‬

‫ً‬
‫كان التعبير قاسيا بشكل لم تفهمه من قبل‪،‬‬
‫لطاملا استمرت محادثاتهم لساعات‪ ،‬ليست‬
‫كثيرة ولكنها طويلة‪ ،‬خلوة؟! هل هذا ما حدث‬
‫‪40‬‬
‫ً‬
‫حقا‪ ،‬اختلى بها في محادثة إلكترونية واآلن من‬
‫املفترض أن يختلي بها في محادثة مباشرة‪ .‬ما‬
‫الفارق؟‬
‫نطق بعدها بمكر ‪:‬‬
‫أزعجك التعبير؟‬ ‫‪‬‬

‫ً‬
‫ردت بعنف نوعا ما ‪:‬‬
‫وكيف تعرف أنه أزعجني‬ ‫‪‬‬

‫مالمحك كتاب مفتوح‪ ،‬وجهك ينبض‬ ‫‪‬‬

‫ً‬
‫موازيا لدقات قلبك‪ ،‬عيناك تهرب مني‪..‬‬
‫‪41‬‬
‫ً‬
‫شفتاك ترتجفان نوعا ما وآسف ملا‬
‫سأقوله ولكن أنا رجل صريح‬
‫نظرت نحوه بتوجس ‪:‬‬
‫ماذا تريد أن تقول؟‬ ‫‪‬‬

‫صمت للحظة ثم تابع وعيناه تحتجزانها‬


‫بصرامة ‪:‬‬
‫أريد أن أقبل شفتيك‪ ،‬هذا كل ما أفكر‬ ‫‪‬‬

‫فيه من وقت ما رأيتك ‪.‬‬


‫***‬
‫‪42‬‬
‫ال تعلم كيف بقيت جالسة‪ ،‬كلمة قالها‬
‫وارتشفت بعدها الكثير من قهوتها التي بردت‬
‫مثل الثلج‪ ،‬تفرست في وجهه صامتة‪ ،‬تنفست‬
‫بهدوء‪ ،‬وضعت ساق فوق ساق في حرب كبرياء‬
‫ثم قالت وهي تلوي تلك الشفتين التي انتهكهما‬
‫بكلماته ساخرة ‪:‬‬
‫لم كان عليك تقديم كل تلك املقدمات‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫هل هي قوانين صيد ‪..‬؟‬


‫اضجع بهدوء ‪:‬‬

‫‪43‬‬
‫أواجه هذا االتهام ألنني صرحت بحقيقة‬ ‫‪‬‬

‫مشاعري؟‬
‫قالت بصرامة مناقضة للمرأة التي كانت عليها‬
‫ً‬
‫منذ ساعة تقريبا‪ ،‬امرأة تشبثت بحلم رومانس ي‬
‫ملدة مقابلة واحدة وهشم هو الحلم برغبة‬
‫أيروتيكية ‪:‬‬
‫هل أنا ظاملة اآلن؟‬ ‫‪‬‬

‫ً‬
‫نعم‪ ..‬وقاسية جدا يا ريم ‪..‬‬ ‫‪‬‬

‫‪44‬‬
‫ً‬
‫اآلن ينطق اسمها مجردا‪ ،‬عادة هو ال يستعمله‬
‫ً‬
‫كثيرا‪ ،‬كان يتحدث معها بشكل مباشر وكفى‬
‫ً‬
‫وهي أيضا‪ ،‬اآلن ماذا يريد‪ ..‬أن تناديه باسمه‬
‫ً‬
‫مجردا‪ ،‬لن تفعل‪ ..‬مالمحها عادت للثبات بعد‬
‫اللحظات الخائبة في البداية ‪..‬‬
‫أستاذ طارق‬ ‫‪‬‬

‫ً‬
‫قاطعها مازحا ‪:‬‬
‫ً‬
‫اسمي يبدو رائعا في النطق الرسمي أعلم‬ ‫‪‬‬

‫‪45‬‬
‫بدت مالمحها في تلك اللحظة كمن تنتوي‬
‫إعطاءه موعظة صارمة‪ .‬صفعه بعدة كلمات‬
‫قاسية وفي نفس اللحظة صفع نفسها‪ .‬ماذا‬
‫تفعل؟ بل ماذا فعلت‪ ..‬تباسطت في عدة‬
‫محادثات مع رجل غريب تحت عباءة االحتياج‬
‫وهاهي في مقابلة نموذجية مع الرجال أمثاله‪،‬‬
‫تلميحات سافلة‪ ..‬تحرش لفظي رخيص‪،‬‬
‫وسيناريو عملي سريع بعد قليل في سيارته‪ .‬ال‬
‫لش يء سوى ألنها امرأة وضعتها الظروف في بؤرة‬
‫احتياج نفس ي‪ ،‬امرأة وضعها حظها العثر مع‬
‫‪46‬‬
‫زوج آذاها مرتين‪ ..‬مرة بزواجه بها ومرة بتركه‬
‫لها ‪..‬‬
‫ريم ‪..‬‬ ‫‪‬‬

‫همسه تلك املرة آذاها‪ ،‬حتى صوته الذي كانت‬


‫تفضله في املحادثات بدا اآلن مثل جلدات‬
‫قاتمة سريعة تجرحها‪ .‬ظلت ثابتة‪ ..‬شامخة‪..‬‬
‫لوقت طويل‪ ،‬ربما من اللحظة التي طلبت فيها‬
‫الطالق من النصف التي ظنته السند وتاهت‬
‫بعدها باحثة عن أي نصف يعطي أنوثتها‬

‫‪47‬‬
‫الكمال الذي تحتاجه‪ .‬مر بعقلها مشهد كئيب‬
‫بشع لهذا الذي أمامها ينتهكها في فراش‪..‬‬
‫السيناريو األخير بعد عدة بدايات مهما‬
‫ً‬
‫اختلفت‪ .‬نظرت له نظرة واضحة جدا ثم‬
‫للحقيبة األنيقة جواره التي بدأت تشك اآلن في‬
‫محتواها‪ .‬ال تعرف هل يجب عليها أن تشكره‬
‫ألنه وصل ملبتغاه بتلك السرعة أم تصرخ به‬
‫طالبة عدة مقابالت خادعة مثل العقار‬
‫املهديء‪ .‬مشاعرها اآلن في وسادة وكل الرجال‬
‫يرتدون قفازات املالكمة !‬
‫‪48‬‬
‫هل تجدي؟‬ ‫‪‬‬

‫تساءلت في تيه‪ ،‬لم تكن تنظر نحوه‪ ..‬بل تنظر‬


‫نحو طاولة آخرى بها رجل وامرأة تبدو حالتهم‬
‫مثلهما بشكل ما‪ ،‬امرأة متوسطة املظهر‬
‫متواضعة املالبس ورجل يمسك يدها بـ عنف‪،‬‬
‫يضغط عليهما قبل أن يخرج من جيب سترته‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مبلغا نقديا يبدو ضخما وبعدها تقوم راضخة‬
‫معه !‬
‫قاطعها باستغراب ‪:‬‬

‫‪49‬‬
‫ماذا؟ ال أفهم ‪..‬‬ ‫‪‬‬

‫صقلت ابتسامة ساخرة فوق شفتيها ثم تابعت ‪:‬‬


‫هل تجدي تلك الطريقة املباشرة مع‬ ‫‪‬‬

‫النساء؟‬
‫ً‬
‫صمت قليال بتفكر هاديء ثم قال بثبات واثق ‪:‬‬
‫أنا عادة أقوم باملصارحة برغباتي بعد رابع‬ ‫‪‬‬

‫مقابلة‬
‫صدمة هازئة ارتسمت على مالمحها ‪:‬‬

‫‪50‬‬
‫ً‬
‫اذا معي تعجلت؟‬ ‫‪‬‬

‫ومع هذا ‪ ..‬أنا لم أصارحك بكل رغباتي‬ ‫‪‬‬

‫بعد !‬
‫نقطة‬
‫كتاب جديد بصفحات مختلفة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫املغازلة هنا تتبع نهجا خبيثا‬
‫ضربة رأس من العب كرة قدم محترف تصيب‬
‫أو تخيب ومعه عادة كانت تصيب‬

‫‪51‬‬
‫يصطاد النساء أمثالها على مهل‪ ..‬امرأة تعاني‬
‫من الهجر‪ ..‬من الوحدة‪ ..‬من االمتهان من رجل‬
‫كان في حياتها كـ زوج وصفع أنوثتها بطرق‬
‫مختلفة ما بين الترك أو الخيانة وفي أحيان‬
‫ً‬
‫ى‬
‫كثيرة جدا الزواج بآخر تأخذ كل شهوته‬
‫واهتمامه ويترك ألمثاله هو طريدة سهلة‪ .‬كان‬
‫هو يختار طرائده بقانون ثابت‪ ..‬الجمال لم‬
‫يكن من أولوياته فلحظة الشهوة ينصرها‬
‫الجسد وأجساد النساء في العادة واحد!‪،‬‬
‫املطلقات بعد خيانة أو املتزوجات مع الهجر‬
‫‪52‬‬
‫عادة يكون اإليقاع بهن أسهل‪ ،‬يفهم ما تحتاجه‬
‫كل امرأة ويقدمه بذكاء وحساب‪ ..‬يدس مخدره‬
‫باحترافية ويحولها من شخص ال تعرفه‬
‫لشخص يفكر به كل يوم كل ساعة ‪.‬‬
‫بال شعارات‬
‫أو أوهام أدبية زائفة‬
‫قانون الواقع واحد‬
‫املرأة تنتش ي برغبة الرجل بها ‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫رغبة يجب أن تشعرها أنها الوحيدة‪ ،‬واملتميزة‪،‬‬
‫واملختلفة !‬
‫ومع هذا أنا لم أصارحك بكل رغباتي بعد !‬ ‫‪‬‬

‫عبارة خبيثة سيكون لها أثرها حتى ولو لم‬


‫تصدقها‪ .‬تعجل وبدل قوانينه من أجلها‪ ،‬وضع‬
‫ُ‬
‫قائمة رغبات مجهولة في عقلها كي تنعش‬
‫ً‬
‫الخيال‪ ،‬ولحق بها راكضا بعدما استقامت‬
‫رافضة وهاربة منه في النهاية مع كلمات مبعثرة‬
‫صارمة عن وقاحته اشترت بها كرامتها‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫أعطاها الحقيبة عنوة واضطرت لالمساك بها‬
‫كي ال تلفت نظر املارة لهم أكثر ‪..‬‬
‫فقط خذيها‪ ،‬انظري ملحتواها مرة واحدة‬ ‫‪‬‬

‫ثم ارميها حتى‬


‫أستاذ طارق أنت حقير‬ ‫‪‬‬

‫أستاذ طارق فقط اتزانه‬ ‫‪‬‬

‫ً‬
‫بحة صوته بدت صادقة جدا رغم أنه كاذب‬
‫ً ً‬
‫جدا جدا‪ ..‬ولكن قدم للمرأة ما تحتاجه‪ ،‬ما‬
‫تريد سماعه حتى لو لم تكن تدرك هذا بعد‪..‬‬
‫‪55‬‬
‫تاه مركبها وليس عليه أن يكون قارب إنقاذ‪ ..‬بل‬
‫املحيط !‬
‫ً‬
‫ل‬
‫قذفت بنفسها بعيدا عنه في أو سيارة أجرة‬
‫وقد ارتجف جسدها بالكامل‪ ،‬هي األنثى القوية‬
‫أو التي تظن أنها قوية تجلس بعد مقابلة مهينة‬
‫مربكة مع رجل غريب في سيارة أجرة ومعها‬
‫هدية من الواضح أن محتواها غاللة تترجم‬
‫رغبته نحوها ‪.‬‬
‫هل تريد تلك الرغبة‬

‫‪56‬‬
‫أم تقزز منها ‪..‬‬
‫كالهما !‬
‫وها هي بعد ساعات تقف أمام املرآة‪ ..‬ترتدي‬
‫تلك الغاللة الفاضحة التي أهداها لها وتبكي‪.‬‬
‫تفتح املحادثة بينها وبينه كي تقوم بحظره وتنهي‬
‫األمر من قبل أن يبدأ‪ ،‬تلملم ما تبقى من‬
‫كبرياءها وتصارح نفسها بأنها امرأة ضعيفة‬
‫ً‬
‫جدا ادعت القوة ‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫ً‬
‫امرأة تتعرض لإلغواء بطريقة مستهلكة جدا‬
‫وكادت تستجيب‬
‫والبائس أنها بعدما قامت بحظره كان بطل‬
‫أحالم يقظتها وهي ترتدي له الغاللة !‬
‫***‬

‫‪58‬‬
‫ً‬
‫ازرع فكرة‪ ..‬واجلس منتظرا النتائ‬
‫األمر ليس بالصعوبة التي يتصورها الجميع ‪..‬‬
‫املرأة كائن معقد سهل السيطرة على أفكاره‬
‫بالطبع ليست كل النساء ضعيفات بهذا القدر‬
‫ولكنه رجل علمته الخبرة أن يجيد االختيار‪ ،‬ال‬
‫يلهث خلف الفرص املتتالية بل يختار فرصته‬
‫بعناية ‪.‬‬
‫الحكاية مملة؟‬
‫بالتأكيد‬
‫‪59‬‬
‫سرد تعيس مكرر‬
‫بين استغالل واحتياج‬
‫ولكن في كل املنابر‪ ،‬املواقف‪ ،‬الغرف املغلقة أو‬
‫حتى املفتوحة‬
‫تنتصر الغريزة !‬
‫مثل صياد خبير ألقى الطعم واختفى‬
‫حتى حين حظرته من حسابها لم يتخذ ردة‬
‫فعل‪ ..‬لم يحاول محادثتها من حساب آخر‬
‫حتى ‪..‬‬
‫‪60‬‬
‫تجاهلها تماما وكان يعلم أنها تراقبه من حساب‬
‫وهمي آخر ‪.‬‬
‫ليس لغرور أو ثقة ذكورية‬
‫بل خبرة !‬
‫كان يريدها بتعجل ال ينكر‪ ،‬هي جميلة‪ ..‬فتنتها‬
‫لفتت نظره بشكل ما‪ ،‬وجهها باعث لالسترخاء‬
‫أمام شاطيء بحر‪ .‬متحفظة بكياسة ليست‬
‫ثائرة الرغبات كعادة النساء الالتي يلتقطهن‪،‬‬
‫ً‬
‫كان كاذبا لم يتعجل معها كما ادعى بل أراد‬
‫‪61‬‬
‫ً ً‬
‫إعطائها انطباعا كاذبا بلهفته‪ ،‬هو في العادة‬
‫ً‬
‫يتجاوز جدا مع نوعية النساء تلك في املحادثات‬
‫وتكون املقابالت وضع النقاط على حروفه‬
‫اإليروتيكية‪ .‬معها هي األمر اختلف‪ ،‬كانت‬
‫ً‬
‫مثقفة نوعا ما‪ ،‬امرأة تقدر عقلها وأتعبها‬
‫عقلها‪ ..‬كانت تنتش ي من تدليله الراقي لها‬
‫بالكلمات وتنزعج لو حاول التجاوز بشكل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫رخيص بحت‪ .‬رغم كل هذا بدت صيدا سهال‬
‫ألنها ببساطة وحيدة‪ ،‬لم يبدو أن لها أصدقاء‬
‫مقربين أو عائلة تحتوي حالتها التائهة‪.‬‬
‫‪62‬‬
‫جامدة في مكانها بينما هذا الزوج أو الطليق‬
‫تابع حياته وكأنها قطعة أثاث استبدلها‪ .‬تتسلل‬
‫من بين حروفها نبرة حسرة تحاول أن تخفيها‬
‫وتسيطر عليها وتوجه كل طاقتها للتشبث به‬
‫كحبل نجاة‪ ،‬رجل يمثل لها العوض بشكل ما‪..‬‬
‫العوض ألنوثتها‪ ..‬لكبرياءها‪ ..‬العوض لصدمتها‬
‫العاطفية ‪.‬‬
‫ً‬
‫مر أسبوع ونصف تقريبا وكانت تلك هي املدة‬
‫التي أجزم أنها بعدها ستظهر‪ ،‬تعود بعبارة‬

‫‪63‬‬
‫فظة‪ ..‬لوم ربما‪ ..‬تجذب أي خيط كي تعود‬
‫وكفى‪ .‬كانت هي على الجانب اآلخر تعيش أسوء‬
‫فترات حياتها‪ ،‬ظهرت خالتها من جديد وقد‬
‫قررت أن تأخذ دور النصح القاس ي فبدأت‬
‫تعدد لها عيوبها وكل انتقاص ممكن كي تقبل‬
‫باملدرس والثالث أطفال التي يجب أن تصبح‬
‫أمهم‪ .‬شعرت وكأنها باتت دمية واجب تشكيل‬
‫مالمحها من جديد‪ ،‬أمها تمسك بالدبوس‬
‫والخالة بالخيط وعليها أن ترضخ ألنها تحتاج‬
‫أن تتنازل‪ .‬يومها ال تعلم ما أصابها خرجت‬
‫‪64‬‬
‫تركض‪ ،‬بكت ملنتصف املسافة ولم تحادثها‬
‫أمها حتى لالطمئنان عليها‪ ،‬كانت تعلم أن أمها‬
‫غاضبة منها بسبب طالقها‪ ،‬بسبب أنها لم‬
‫تحتوي خيانات زوجها وأن النهاية ستكون‬
‫زواجها بخائن آخر أو متزوج وهي الدرجة‬
‫الثانية‪ .‬لم تحادثها ألنها ترى أن املدرس أفضل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فرصة ممكنة حتى لو كان ممال طامعا في وقتها‬
‫ً‬
‫وراتبها‪ .‬هذا هو ما حدث تماما‪ ،‬بطالقها انتقلت‬
‫من الدور األول للبدروم وعليها أن تقبل‬
‫بأنصاف الفرص‪ .‬رجل يريد استغاللها تحت‬
‫‪65‬‬
‫مسمى املودة والرحمة أو عابث يريد استعراض‬
‫ذكورته فوق جسدها ‪.‬‬
‫مثل امرأة يائسة‪ ..‬منومة‪ ..‬غاضبة منهارة‬
‫ً‬
‫وحيدة ضعيفة جدا حادثت العابث !‬
‫**‬

‫‪66‬‬
‫نعم نعم‬
‫زيجة سهلة‪ ..‬حالل حالل‬
‫قال لها أريدك وانتشت‬
‫لن يتغير‪ ،‬وهو ليس شخصية مسممة تستدعي‬
‫االصالح ‪.‬‬
‫ً ً‬
‫هو واقعي جدا جدا وهي منومة‪ ،‬مستسلمة‬
‫للحظة سعيدة وكفى‬
‫أنك تشبهين الدانتيل؟‬
‫هل أخبرتك ِّ‬ ‫‪‬‬

‫‪67‬‬
‫ماذا !‬ ‫‪‬‬

‫ً‬
‫لذيذة وهشة جدا‬ ‫‪‬‬

‫قانون مغازلة وضع كلمته‪ ..‬وعرض‪ ..‬قبول‬


‫وقبول !‬
‫نعيش في سعادة ملدة شهر‪ ..‬عام من يعلم‬ ‫‪‬‬

‫قالها وهو يزين األحرف األخيرة من عرضه‪،‬‬


‫زواج شرعي ألن من مثلها لن يقبل غيره ولكن‬
‫دون مهر‪ ..‬دون مؤخر صداق‪ ،‬ودون مسكن‪..‬‬
‫شقة بقانون إيجار حديث سيقتسم كالهما‬
‫‪68‬‬
‫ً‬
‫إيجارها‪ .‬لم يكن يملك شيئا إلعطائها إياه سوى‬
‫ً‬
‫اللهفة وكانت تحتاجها جدا ‪.‬‬
‫وافقت أمها على مضض‪ ،‬حيث لم يبدو لها‬
‫هذا الطارق مؤسس عائلة‪ ،‬حذرتها بلهجة‬
‫ً‬
‫شديدة أال تتطلق مجددا وفكرت هي أنها بعد‬
‫الطالق قد تستقل بمسكن وحدها‪ ،‬ما دامت‬
‫دفعت للنصف مرة تستطيع أن تدفع الكل في‬
‫مسكن أصغر‪ ،‬أو تعمل بوظيفتين‪ .،‬ثالث‪..‬‬
‫تعيش حياتها بشكل مختلف‪ .‬ال يبدو الطالق‬

‫‪69‬‬
‫فكرة بشعة اآلن‪ .‬كانت تنظر ملالمحها الهادئة‬
‫في املرآة البيضاوية‪ ،‬ترتدي الغاللة التي أهداها‬
‫لها في أول مقابلة والتي أصر عليها أن ترتديها له‬
‫في لهاث‪ .‬تستقبل غزوته الذكورية مثل املنومة‪،‬‬
‫متعة منقوصة على عكس ما توقعت‪ .‬ربما هو‬
‫بعد نفس ي غريب لم تتصور وجوده بسبب أنها‬
‫زيجة مؤقته ورجل ال ينوي استكمال حياته‬
‫معها ‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫ً‬
‫أما هو فـ مل سريعا‪ ،‬كانت امرأة بمتعة باردة في‬
‫الفراش‪ ،‬تتعامل معه بال انفعال حين يحملها‬
‫لغرفة النوم‪ ،‬ال تبدو منبهرة بما يفعله والرجل‬
‫في العادة يحب املرأة التي تدعي النشوة‪ .‬ولكنها‬
‫ً‬
‫كانت هادئة جدا‪ ،‬كانت تنتظر اللحظة التي‬
‫سيأتي فيها ويخبرها أنها سيتركها‪ .‬لم تنزعج حين‬
‫علمت أنه خانها مع ضحية جديدة من نفس‬
‫املجموعة‪ .‬انزعجت فقط حين أخبرها‬
‫ً ً‬
‫بالعكس‪ .‬قالها بشكل مباشر قاتم جدا جدا‪..‬‬
‫غريب صادم ‪..‬‬
‫‪71‬‬
‫ُ‬
‫أريد أن انجب منك !‬ ‫‪‬‬

‫***‬
‫الزجاجة ممتلئة حتى آخرها‪ ..‬وهشمها أحدهم ‪.‬‬
‫كانت تجلس على حافة الفراش‪ ،‬تشعر‬
‫بالتعاسة وامللل والتعب‪ .‬ترمقه بنظرة محبطة‬
‫ً‬
‫ل‬
‫ودقات قلبها سريعة جدا كمن تناو دلو قهوة‬
‫ُم َّرة‪ .‬راقبته وهو يضغط بيده مفتاح النور بعد‬
‫أن قال كلماته في الظالم‪ ،‬يبدل مالبسه ثم‬
‫يحرك بأصابعه الهاتف في ملل ويستعد للنوم‬
‫‪72‬‬
‫دون عشاء كعادته‪ .‬باغتها بنظرة مباشرة‬
‫واضحة حين استقر جوارها ثم قال ببساطة‬
‫باردة ‪:‬‬
‫ها‪ ..‬ما رأيك؟ هل نبدأ اليوم‬ ‫‪‬‬

‫ماذا؟‬ ‫‪‬‬

‫من اليوم سأتوقف عن استخدام الواقي !‬ ‫‪‬‬

‫ال تعلم لم صفعتها الكلمة‪ ،‬شعرت بمهانة‬


‫حارقة‪ ..‬مهانة أيام مرت‪ ..‬تفكر‪ ،‬تفكر بعقالنية‬
‫وفلسفة في خمس دقائق ورجل سيتعرى‬
‫‪73‬‬
‫جوارها في الفراش كزوج طبيعي تلك املرة ينوي‬
‫تكوين عائلة‪ .‬األمر اآلن بعيد عن الغريزة‬
‫املباشرة‪ ،‬بل حياة ستبدأ ‪.‬‬
‫والسابق‪ ..‬كان قانون متعة‪ ..‬بمسمى خادع‬
‫قبلت به‬
‫ً‬
‫كان مهينا واآلن تستوعبه !‬
‫استدارت نحوه بمالمح بها خليط من الحزن‬
‫والحسرة والتساؤل ‪:‬‬
‫ملاذا؟‬ ‫‪‬‬

‫‪74‬‬
‫رد بتململ ‪:‬‬
‫ملاذا ماذا !‬ ‫‪‬‬

‫ملاذا قررت تبديل االتفاق؟‬ ‫‪‬‬

‫غريبة! أال يعجبك األمر أال تريدين‬ ‫‪‬‬

‫االستقرار معي؟‬
‫بدا وكأن الكلمات جاهزة على طرف لسانه‪،‬‬
‫حضرها من قبل‪ ..‬رغم كل غروره وثقته يساوره‬
‫ً‬
‫شك أنها سترفضه أبا ألبناءها ويرفض هذا‬

‫‪75‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫رفضا حاسما‪ .‬الرجل ال يقبل أن ترفضه امرأة‬
‫خاصة امرأة نالها بالفعل وفي زيجة سهلة ‪.‬‬
‫ً‬
‫مط شفتيه بعدها بالمباالة مكمال ‪:‬‬
‫أظن أنني أفضل فرصة لديك يا ريم‬ ‫‪‬‬

‫بللت شفتيها بلسانها بارتعاش ‪:‬‬


‫لم تجب عن سؤالي لم بدلت االتفاق؟‬ ‫‪‬‬

‫ً‬
‫أسند رأسه متهندا في انزعاج ‪:‬‬
‫ً‬
‫لك؟‬‫هذا االتفاق كان مهينا ِّ‬‫‪‬‬

‫‪76‬‬
‫ً‬
‫اذا ملاذا تقرر االستقرار مع امرأة أهانت‬ ‫‪‬‬

‫نفسها !‬
‫احتدت بعنف‪ ،‬ثأر كبرياء تقليدي توقعه‪ ..‬لقد‬
‫رضخت الحتياجها‪ ،‬شهوتها وشهوته‪ ..‬هي نفسها‬
‫ً‬
‫تلوم نفسها يوميا في الفراش معه‪ ،‬تتحول لجثة‬
‫باردة‪ ..‬تخاف أن تكون بحريتها وقد قتلتها عقدة‬
‫ً‬
‫الذنب‪ .‬لقد فهمها متأخرا بعد ستة أشهر‪ ،‬هي‬
‫لم تكن امرأة مناسبة لهذا النوع من الزيجات‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫رد ببساطة وإن بدت شفتاه الناطقة بالكلمات‬
‫كشفرتي مقصلة ‪..‬‬
‫أنت ال يليق بك هذا النوع من الزيجات‬
‫ِّ‬ ‫‪‬‬

‫كانت مالمحه حيادية‪ ،‬لم تفهم هل ما يتفوه به‬


‫مدح أم ذم!‪ ،‬طبيعة الرجال عامة بالنسبة لها‬
‫غير مفهومة‪ ،‬هل يسعد باستلقاءه جوار عذراء‬
‫عقل بال خبرة أم نسخة إباحية متحركة‪ .‬زوجها‬
‫كان يفضل النوع الثاني وتركها وجعل اآلخرى‬
‫سيدة حياته‪ ،‬وهو‪ ..‬هو يقولها ببساطة‪ ،‬هي‬

‫‪78‬‬
‫النسخة العديمة الخبرة التي يليق بها أكثر دور‬
‫ُ‬
‫الزوجة املخانة‪ .‬اختياراتها سهلة‪ ..‬محدودة !‬
‫ما الذي سيتغير؟‬ ‫‪‬‬

‫سألته بجدية تامة‪ ،‬دون سعادة بلهاء كما أراد‪..‬‬


‫بدأ يفكر‪ ..‬هل أزاح الترباس الصديء ليتفاجيء‬
‫منها بنسخة أسوء! عقد حاجبيه باستعالء ‪:‬‬
‫هل ترفضين؟‬ ‫‪‬‬

‫‪79‬‬
‫حين أجابت لم تنظر له بشكل مباشر‪ ،‬بل‬
‫نظرت للجدار‪َّ ..‬‬
‫حدقت فيه بجمود تام وكأنما‬
‫ترسم عليه حياتها‪ ..‬ماض ي حاضر مستقبل !‬
‫أليس من حقي الرفض! لقد كان اتفاقنا‬ ‫‪‬‬

‫َّ‬ ‫ً‬
‫واضحا وعقلي تكيف على ترتيب ما بعد‬
‫االبتعاد عنك‪ .‬كيف علي أن أوافق‬
‫ببساطة على تبديل عالمي كله ‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫احتد‪ ..‬ثار‪ ..‬ملحت منه سلوك غاضب لم تكن‬
‫تعرفه من قبل‪ ..‬تطايرت الكلمات من فمه مثل‬
‫طلقات الرصاص ‪:‬‬
‫ً‬
‫هل يعجبك األمر اآلن! أنا حقا ال أفهمك‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫ال تبدين من هذا النوع الرخيص الباحث‬


‫ً‬
‫أنك رخيصة حقا وأنا‬
‫عن شهوته‪ ،‬أم ِّ‬
‫ُ‬
‫خدعت !‬
‫موقف بائس ينتحل شخصية موقف عبثي !‬
‫ميلودراما ُمرهقة في نص مسرحي نصف مقبول‬
‫‪81‬‬
‫بطل من عفن !‬
‫ً‬
‫هذا الرجل قريبا سيأخذ جائزة نوبل في‬
‫النذالة ‪.‬‬
‫ووسط كل هذا عليها أن تكون سعيدة ألنه‬
‫اختارها أم أبناءه‪ ،‬عاد للمنزل مع عاهرة‬
‫واكتشف أنها مظلومة فقرر أن يتزوجها‪ ،‬خرج‬
‫ً‬
‫من الحكاية بدور فاضل رغم أنه ال يفرق كثيرا‬
‫عن النساء لالتي يتزوجهن وال يكن لهن من‬
‫داخله أي احترام !‬

‫‪82‬‬
‫ويبدو أن مالمحها أزعجته‪ ،‬برودها في استقبال‬
‫عنف كلماته أثار حنقه‪ ،‬رفضها له من األساس‬
‫كزوج طبيعي في حياة سوية مشتركة أزعج‬
‫ذكورته‪ .‬اقترب‪ ..‬هرس ذراعها بقبضته في غيظ ‪..‬‬
‫يجب أن تكوني ممتنة ملا يحدث‬ ‫‪‬‬

‫مالمحها لم تمرر أي وجع رغم أن قبضته كانت‬


‫تحرقها من األلم‪ ،‬ردت ببرود قدر استطاعتها ‪:‬‬
‫يجب أن أفهم سبب قرارك‬ ‫‪‬‬

‫لهث بغضب مكتوم ‪:‬‬


‫‪83‬‬
‫األمر بسيط‪ ،‬يليق بك دور الزوجة‬ ‫‪‬‬

‫التقليدية أكثر‪ ،‬ربما لو رأيتك في ظروف‬


‫آخرى لتزوجتك بطريقة طبيعية‬
‫وتمارس حياتك اآلخرى‪ ،‬وأكتشف وأطلب‬ ‫‪‬‬

‫الطالق !‬
‫أترين‪ ..‬ها نحن قد تخطينا كل هذا العبث !‬ ‫‪‬‬

‫ابتهجت مالمحه مع آخر عبارة‪ ،‬قبضته تركت‬


‫ً‬
‫غامضا في عالقة زواج‬ ‫ذ اعها‪ ،‬هو ال يريد ً‬
‫بالونا‬ ‫ر‬
‫مرهقة تقوم على الكذب‪ .‬هي مثالية‪ ..‬تعرف‬
‫‪84‬‬
‫سلوكه وسترض ى حيث أنه ببساطة أعطاها‬
‫فرصة‪ ،‬نقلها من القبو للغرفة العلوية وعليها‬
‫أن تكون ممتنة !‬
‫هدأ‪ ..‬قال بانسيابية غير صادقة وكانت تعلم‬
‫ً‬
‫أن يكذب في مغازلته كما اعتاد أن يفعل دوما‬
‫فقط لينال ما يريد ‪:‬‬
‫أريدك يا حبيبتي معي‪ ،‬الدانتيل الباهظ في‬ ‫‪‬‬

‫لست مثلهن ولن‬


‫أنت ِّ‬‫مكانه املستحق‪ِّ ..‬‬
‫ً‬
‫تكوني أبدا‬

‫‪85‬‬
‫استرخت مالمحها في استسالم متعب ‪:‬‬
‫ماذا لو مللت؟‬ ‫‪‬‬

‫انتفض هو واقترب منها يكمل خيوطه حولها‬


‫ً‬
‫كما يفعل دوما ‪:‬‬
‫لن يحدث‪ ،‬أخبرك اآلن‪ ..‬لنفعلها‪ ،‬ننجب‬ ‫‪‬‬

‫ً‬
‫طفال‪ ..‬ألتصق بك وتلتصقين بي لألبد‬
‫أي فكرة هي الحديثة لديك‪ ،‬االنجاب أم‬ ‫‪‬‬

‫االنجاب مني أنا؟‬

‫‪86‬‬
‫أنت‪ ..‬عاجال أم آجال كنت سأختار‬
‫منك ِّ‬ ‫‪‬‬

‫امرأة لتكوين العائلة‬


‫تلك الحكاية غريبة‪ ،‬تبدو من اإلطار رومانسية‬
‫جميلة بتحول العالقة لزواج وعائلة ولكن‬
‫بحشو واقعي كئيب‪ .‬حيث العشق هنا ال يحتل‬
‫الصورة‪ ،‬هي مثال مضمون بعد دراسة‪ .‬زيجة‬
‫متوسطة التكاليف‪ ،‬وامرأة ال تستحق إثقال‬
‫رأسه باملطالب‪ .‬كل هذا كان حديث عقلها وهو‬
‫يقترب بينما هي كالتمثال‪ ،‬يزيح عنها مالبسها‪،،‬‬

‫‪87‬‬
‫ينثر قبالته ببطء في سلوك اعتيادي في بداياته‬
‫ً ً‬
‫في مثل تلك املواقف معها‪ .‬كان ديناميكيا جدا‬
‫ً‬
‫تلك املرة‪ ،‬باردا مثلها كل همه أن يزرع حصاده‪،‬‬
‫يعلم أنه سيحاول عدة مرات حيث هي خرجت‬
‫من زيجتها السابقة بال أطفال مما يعني أنها‬
‫امرأة غير وافرة الخصوبة ولكن ال مانع‬
‫سيجرب !‬
‫ً‬
‫بدا مرتاحا أكثر‪ ..‬بنصف طاقة مستحقة لها‬
‫حيث الطاقة الكاملة سيوفرها المرأة آخرى‬

‫‪88‬‬
‫تناسب معارك الفراش‪ ،.‬حدث ما حدث‪،‬‬
‫واستلقت على ظهرها في استسالم مرة واثنان‬
‫وعشرة‪ ..‬راقبت موعد دورتها الشهرية وقالت‬
‫لنفسها أن قدوم الطفل سيكون عالمة‪ ..‬أكون‬
‫أو ال أكون‪ ..‬تلتصق به كما وصف أم ينتهي‬
‫ً‬
‫األمر ويخرج من حياتها كما ظنت‪ .‬ال تفهم أبدا‬
‫سر هذا الخضوع اللي أصابها‪ ،‬ثارت على زوجها‬
‫ُ‬
‫السابق في لحظة حرة وها هي تقبل بفتات‬
‫ً‬
‫أسوء من الحالي‪ .‬هل حقا املرأة في الطالق هي‬

‫‪89‬‬
‫الخاسرة الوحيدة‪ ،‬هي ضحية طاولة اللعب‪.‬‬
‫عاشت متمردة عاشت مطيعة النتيجة واحدة !‬
‫بعد تسعة أشهر كانت ترقد على الفراش في‬
‫مشفى‪ ،‬جوارها كائن وردي لطيف وأمها‬
‫تجاورها بفخر‪ .‬اختار هو اسم ابنته نادية على‬
‫اسم أمه‪ ،‬نوع من التقدير الغريب الصديء‬
‫ً‬
‫كما قالت أمها حيث كان سيكون المعا لو‬
‫التصق بها اسمها هي‪ ..‬ثريا ‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫كانت مشكلة بال معنى‪ ،‬ال تفهم سبب وجودها‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫من األساس‪ ،‬وكان هو هادئا عاديا‪ ،‬لم يغير‬
‫ً‬
‫شيئا من روتينه‪ ..‬حتى عالقاته بالنساء‬
‫ً‬
‫اآلخريات زادت بعدما باتت أكثر برودا على حد‬
‫قوله بعد اإلنجاب ‪.‬‬
‫تذمر من زيادة املصاريف‪ ،‬لم يضع هذا في‬
‫الحسبان وحين طلبت منه حقوق ابنته في‬
‫الغذاء والكسوة اتهمها بأنها لحوح طامعة‪ .‬اآلن‬
‫تتضح حقائق كانت غائبة عنها‪ ،‬الحضور كـ‬

‫‪91‬‬
‫نصف رجل في كل ش يء‪ ،‬الهدية الوحيدة التي‬
‫ابتاعها لها كانت الغاللة التي مرر من خاللها‬
‫رسالة غواية‪ .‬كان يتعامل معها كامرأة رخيصة‪،‬‬
‫ً‬
‫ليس باملعنى الدارج ولكن بمعنى حرفي تماما‪..‬‬
‫زوجة مطيعة مهذبة تشارك في املصاريف وتربي‬
‫أبناءه !‬
‫***‬

‫‪92‬‬
‫طارق‪ ..‬أريد الطالق‬ ‫‪‬‬

‫قرار تلك املرة استغرق أربعة أعوام ونصف‬


‫وثالث أطفال!‪ ،‬قرار معتوه كما وصفه أو كما‬
‫قال أن هرموناتها تنفجر في وجهه منذ إنجاب‬
‫التوأم‪ .‬امرأة بثالث فتيات ومجهود نفس ي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مضاعف‪ ،‬كان هو مثاال صارما على أن الرجل‬
‫ال يتغير بسبب الزواج‪ ،‬حافظ على هيئته‪،‬‬
‫جاذبيته‪ ،‬نظامه الغذائي‪ ،‬وعدد النساء في‬
‫ً‬
‫حياته‪ ،‬كان راتبه ضخما ولكنه كان يقتسمه‬

‫‪93‬‬
‫بين العائلة ونساءه كما كان يحب أن يدعوهن‪..‬‬
‫أنت‬
‫إسطوانته مملة مكررة على شاكلة اخترتك ِّ‬
‫أو أعود إليك في النهاية!‪ ،‬واذا احتدم العراك أو‬
‫وصل لذروته كان يحطمها بعباراته الشهيرة ‪..‬‬
‫ُ‬
‫أنت وافقتي على هذا الوضع "‬
‫"لم اجبرك‪ِّ ..‬‬
‫بعدها ُيسكنها بطريقتها‪ ،‬يمارس اللهفة حين‬
‫يريد‪ ،‬يمزق الدانتيل ويعيد ترقيعه‪ .‬يتصدر‬
‫املشهد على الفراش ملعبه الوحيد‪ .‬ينتهي‬
‫ً‬
‫ويتركها ممررا مسكناته على جسدها كاملعتاد‪،‬‬

‫‪94‬‬
‫تتوه ثم تستفيق على الواقع‪ ،‬على الدوامة التي‬
‫تبتلعها بين العمل وطلبات األبناء‪ .‬مستهلكة‬
‫كسيارة فيات في عصر االنفتاح !‬
‫دانتيل !‬
‫ً‬
‫عفوا‪ ..‬الدانتيل احترق‬

‫طارق‪ ..‬أريد الطالق !‬ ‫‪‬‬

‫***‬

‫‪95‬‬
‫هي امرأة محظوظة !‬
‫تزوجها الرجل الذي كانت كل نيته عبث مؤقت‬
‫معها !‬
‫هكذا ببساطة‪ ،‬سواء نحن في مجتمع ذكوري أو‬
‫أنثوي النتيجة واحدة‪ .‬املرأة يجب أن تكون‬
‫سعيدة ألن الرجل اختارها للزواج‪ .‬سعيدة‬
‫وممتنة !‬
‫ً‬
‫وسط تجمع عائلي رفيع جدا‪ ،‬فقط هي وأمها‪..‬‬
‫اعتراف وصدمة ثم ذبح !‬
‫‪96‬‬
‫يجب عليكي أن تكوني ممتنة ألنه أكمل‬ ‫‪‬‬

‫الزيجة !‬
‫قالتها األم بغضب وحسرة‪ ،‬صدمة كان من‬
‫املفترض أن توازي ذبحة صدرية ولكن الحمد‬
‫هلل‪ .‬ابنتها التي ربتها على املباديء والخجل تتزوج‬
‫رجل من أجل متعة فراش مؤقتة! وعلى ما يبدو‬
‫لم تجيده‬

‫‪97‬‬
‫احمدي ربك‪ ..‬في عادة زيجات كـ تلك كان‬ ‫‪‬‬

‫ً‬
‫سيتركك وكأنه لم يعرفك يوما‪ ،‬حتى‬
‫محادثة الهاتف لن يجيبها ‪.‬‬
‫ثم جزت فوق أسنانها بـ حسرة مؤقتة ‪..‬‬
‫ليتك تزوجتي املدرس على األقل ليس‬
‫ِّ‬ ‫‪‬‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫مزواجا عابثا‬
‫قالتها وهي تجفف عرقها نتاج طنجرة الزبد‬
‫الضخمة التي تغلي فوق املوقد‪ ،‬أمها امرأة‬
‫ً‬
‫تقليدية بجدارة تدفعها دفعا لتكون مثلها‪،‬‬
‫‪98‬‬
‫موجهة بوزارة التربية والتعليم بلغت منذ‬
‫خمس سنوات سن املعاش‪ ،‬زوجت بناتها‬
‫ً‬
‫الثالث زيجات تفخر بها إال هي‪ ،‬كانت دوما‬
‫الشوكة املتمردة في حلقها‪ .‬امرأة عاملة حسب‬
‫عصر االنفتاح اعتادت أن تستيقظ من‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الخامسة فجرا لتبدأ مهامها املنزلية مبكرا قبل‬
‫أن تغرق في دوامة روتين العمل‪ .‬مع تقدم‬
‫الحياة واختالفها رفضت أمها التغيير فظلت‬
‫كما هي حتى أنها ال تمتلك حساب تواصل‬
‫اجتماعي‪ ،‬تعتبرها امرأة مدللة دمرت بيتها األول‬
‫‪99‬‬
‫بسبب نزوة واآلن ستدمر الثاني بسبب كبرياء‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫متأخر‪ .‬عليها أن تأخذ نفسا عميقا وتشمر عن‬
‫ذراعيها وتعد وجبة طعام جيدة لعائلتها‪ ،‬تذهب‬
‫للسوق‪ ..‬تبتاع الكرنب الطازج‪ ..‬تخلع الستائر‬
‫وتنظف املنزل وتؤسس البيت كما يجب أن‬
‫يكون وهو مع الوقت سينصلح حاله‪ .‬وال مانع‬
‫من إنجاب طفل رابع!‪ ،‬أخفضت أمها اللهب‬
‫ونظرت لـ سمنها املقدح بـ فخر ثم تابعت ‪:‬‬

‫‪100‬‬
‫ما حدث حدث‪ ،‬انس ي أمر الطالق‪ ..‬لن‬ ‫‪‬‬

‫تتطلق ابنة ثريا مرتين‬


‫قالتها بابتسامة غريبة‪ ،‬ابتسامة تترجم غضب‪..‬‬
‫بلى التعبير األكثر ضقة ضيق‪ .‬فتحت املبرد‬
‫واخرجت جبن وبيض وعسل وعصير برتقال‬
‫منزلي وأمرتها بلهجة حادة أن تهتم بإطعام‬
‫أطفالها حيث أن هزالتهم تبدو مزعجة‪ .‬تحدثت‬
‫بعدها في أشياء عبثية كثيرة إال أمر الطالق‪،‬‬
‫مثل جارتها التي تستغلها وتقترض منها األرز‬

‫‪101‬‬
‫والطحين وسائق سيارة األجرة الذي تحرش‬
‫بابنة عمتها بسبب مالبسها الفاضحة‪ .‬شعرت‬
‫بضيق ضخم يحتل صدرها‪ ،‬وحش كاسر‬
‫يلتهمها‪ ،‬هربت في النهاية من اللقاء‪ ..‬وصلت‬
‫ً‬
‫املنزل بمالمح رخامية فوجدته مضجعا على‬
‫األريكة يشاهد قناة اخبارية بتركيز شديد‪،‬‬
‫انتبه لها نصف انتباه‪،‬‬
‫تفرس في مالمحها في اندهاش منزعج ‪:‬‬
‫نكد نكد ال طاقة‬ ‫‪‬‬

‫‪102‬‬
‫لم تعقب تخطته وقد وضعت التوأم في‬
‫فراشهما بينما أدخلت نادية لغرفتها وعادت‬
‫بمالبسها املنزلية املعتادة ملهام الطبيخ‬
‫والغسيل وخالفه‪ .‬عادت مفقودة‪ ..‬مفقودة‬
‫ً‬
‫تماما‪ ،‬كان داخلها في وقت ما امرأة حرة‪..‬‬
‫متمردة‪ ..‬امرأة كان لديها فرصة قوة ولكن‬
‫هشمتها مطارق الجميع‪ .‬حين تخطه وهي تحاول‬
‫مللمة بعض الفوض ى حوله من األريكة قال‬
‫بقتامة جافة ‪:‬‬

‫‪103‬‬
‫اذا ما زلتي مصرة على الطالق لنفعلها‪..‬‬ ‫‪‬‬

‫ولكن لن أدفع إيجار تلك الشقة‪ ،‬ادفعي‬


‫أنت أو ابحثي عن مكان أرخص‬
‫ِّ‬
‫صمتت بسخرية دون انفعال‪ ،‬تأملته‪..‬‬
‫ً‬
‫احتقرته‪ ..‬احتقرته تماما‪ ،‬بل احتقرت نفسها‬
‫ألنها اختارته‪ .‬صمتت وشعرت بالدونية رغم أن‬
‫الدونية تخصه هو‪ ..‬تناسبه‪ ..‬من املمكن‬
‫بسالسة أن يعاشرا بعضهما البعض‪ .‬قال ما‬
‫قاله بتفاخر‪ ،‬وكأنه ٌ‬
‫نوع من اإلنجاز املبهر‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫اضجع أكثر حين صمتت في رضوخ‪ ،‬األمر ليس‬
‫معضلة‪ ،‬هو ببساطة حاصرها‪ ..‬وضع لها‬
‫الظروف التعجيزية كي ترضخ‪ ،‬دلل نفسه‪..‬‬
‫اختار نفسه كما فعل وفكر وقرر‪ ..‬ونجح!‬
‫***‬
‫بعد مرور ثالث أعوام‬
‫امرأة‪ ..‬وقفت على مفترق طرق‪ ..‬واختارت‬
‫أو ظنت أنها اختارت‬
‫فتحت في يوم تعيس رسالة خاطئة‪ ،‬وحوصرت‬
‫‪105‬‬
‫ً‬
‫مع رجل لم تكن أبدا لتنتهي معه‪ ..‬حسبتها‬
‫بالقلب وخسرت وحسبتها بالعقل وخسرت!‬
‫كانت تستقل سيارة أجرة بعد نصف يوم‬
‫عمل‪ ،‬تركض نحو مدرسة أطفالها لتحضرهم‬
‫وتفكر في الطعام الذي ستعده وروتين‬
‫اإلستذكار وخالفه‪ ،‬أيام تمر‪ ..‬لديها عيد ميالد‬
‫ابنة اختها وتجمع عائلي في منزل أمها نهاية‬
‫األسبوع ال يحضره زوجها بالطبع وتنال هي‬
‫اللوم والنظرات والحسرة‪ .‬كانت تستقل سيارة‬

‫‪106‬‬
‫أجرة بعدما أحضرت أطفالها وجوارها وقفت‬
‫سيارة حمراء حديثة تقودها امرأة متبرجة‪،‬‬
‫تضحك بصوت ملحوظ وتميل في دالل على‬
‫الرجل الجالس بجانبها والذي هو ببساطة‬
‫زوجها‪ ..‬سائق األجرة ينظر نحو املتبرجة في‬
‫سخرية بينما زوجها يرفع يدها املحشوة‬
‫ً‬
‫باملجوهرات ويقبلها واإلشارة تبدو طويلة جدا‬
‫ً‬
‫ى‬
‫جدا وابنتها الكبر تناديه‪ ..‬تناديه بعلو صوتها‬
‫في مشهد ختامي بائس‪..‬‬

‫‪107‬‬
‫‪ -‬بابا من تلك السيدة!‬
‫***‬
‫انتهى‬
‫ً‬
‫عفوا عزيزتي القارئة‬
‫ً‬
‫أنك تبحثين عن نهاية مرضية ولكن‬
‫أعلم جيدا ِّ‬
‫أنا سحبت من رف الحبكات املزعجة نهاية‬
‫واقعية‬
‫نهاية مفتوحة ومغلقة في ذات الحين‬

‫‪108‬‬
‫نهاية بعيدة عن أحالم االستقاللية‬
‫ً ً‬
‫واملرأة التي تجد عمال مبهرا يعوضها عن نذالة‬
‫الزوج‬
‫أو فارس أحالم قاس ي رائع وسيم‬
‫ليس هنا‪..‬‬
‫ليس في هذا الدانتيل الذي أحرقه طارق‬

‫وناولته ريم الكبريت!‬

‫‪109‬‬
‫تمت‬
‫دانتيل محروق‬
‫مروة جمال‬

‫‪110‬‬

You might also like