Professional Documents
Culture Documents
دانتيل محروق
نوفيال
مروة جمال
2
تصميم الغالف
Princess mony
قالب داخلي
مروة جمال
3
املقدمة
7
خليط من الغضب والرفض والفضول
والسخرية اجتمعا داخلها ،لم تكن هناك أية
معلومات عنه كـ راسل ،صورته رمزية وحسابه
مغلق لغير األصدقاء .حتى أنها في البداية
تجاهلت الرسالة وبعد ثالثة أيام تابع برسالة
آخرى أثارت غيظها .
"عرفت أنك ستتهربين من الرد "
هل تعرفني؟
ربما !
8
عرف عن نفسك !
اذا كنت تعرفني ِّ
9
عبارات مستهلكة خاصة العوض وخالفه.
كتبت بعد لحظات من الصمت .
هذا أسوء
ً
حقا !
10
ً
كان يجادلها وكانت حقا مغتاظة ،تشعر
بنفسها رخيصة ال تعلم َ
لم ،،امرأة باتت
مباحة .موجة من مشاعر الحزن فجأة عصفت
بها وامتد الصمت بعدها لدقائق حتى وصلت
منه رسالة صوتية .توترت وترددت ..الحكايات
التي تسمعها عن الكالم الفاحش مرت كلها بـ
ً
عقلها ولهذا ضغطت على الرسالة سريعا كي
تستمتع لها وتنهي األمر .يكون أو ال يكون ..إال
ً
أنها تفاجئت بنبرة خشنة أنيقة جدا ،لغة
سليمة وكياسة لم تتوقعها ..
11
ال تقلقي ،أنا ال أعرف زوجك السابق وال
12
هذا ال يجيب عن سؤالي ..كيف علمت
14
ال تقلقي جميع الرجال تفعل هذا..
16
حينها لم ترد ،مررت صمت واثق في انتظار
رسالته التالية ،قال أم لم يقل ال فارق .علمت
أن األمر مدخل للحوار وكفى ،وإن نالت منها
ً
الرسالة التالية… نالت من ضعفها رغما عنها،
احتياجها لكلمة جيدة من رجل ،رجل يمرر لها
كلمات اإلعجاب واالنبهار ربما ال يطلقها بعدما
طلبت منه بدقائق معدودة ألن سعادته في
ً
استكمال خياناته .ألنها باتت عبئا يهدد سالمه
القذر !
17
ً
ى ق
ألنك جميلة جدا ،فو مستو ما
18
ُ
تشرق املرأة مع رجل يكذب ..
أمام املرآة تمشط شعرها األسود الذي يصل
ملنتصف خصرها ،تتأمل مالمحها بشكل
جديد ،تتأملها من خالل عينيه .
سبع محادثات وثالث مكاملات صوتية ..
هذا رصيدها معه وبعدها اتخذت قرار اللقاء.
ً
اكتشفت أنه رجل ال يشبه ما عرفته يوما،
وسامته هادئة ..له عينان عسليتان بهما رواق
مهيب ،من الصور التي أرسلها لها تستطيع أن
19
ً
تجزم أنه يفوقها في الطول بعشرين سنتيمترا
ً
تقريبا وهذا يعني أنه طوله معتدل .كانت
ترتدي أحد الغالالت الجديدة التي ابتاعتها قبل
طالقها بفترة وجيزة ،تتأمل جسدها في طاقة
أنثوية محبوسة .مع وجوده في حياتها أصبحت
ً ً
سريعا جدا في راحة نفسية غريبة جدا حتى أنها
توقفت عن التلصص على حساب زوجها
السابق وزوجته الجديدة التي كان يخونها معها.
كل تلك الترهات على أن الرجل ال يتزوج من
دفتر خياناته هراء .يفعلها الكثير من الرجال في
20
ً
نوع من اللهاث ربما ،التمرد أحيانا ..أو ربما هو
عقاب إلهي ال تعلم ،ولكنها تعرف أن هذا الذي
ً
كان زوجها كتب عقدا بينه وبين املرأة التي
خلعت مالبسها كاملة له أمام كاميرا .
هل ستفعليها؟
ماذا !
ً
في تلك املحادثة تجاوز ..صمتت قليال وقد دق
بقلبها بعنف غاضب ،شعرت بقشعريرة غريبة،
21
ليست جيدة ولكن مزعجة ،وكأن غريب ما
ينتهكها بكلمة ،ينتهكها بخياله ربما وعدة مرات.
ندمت أنها ثرثرت ،تسربت حروفها بغضب وهي
تقص ما حدث دون أن تدرك حميمية
التفاصيل التي تسردها .رغم كل ش يء قالت بـ
جدية مغلفة بالكبرياء والثبات :
مستحيل
22
ً
قانون الحب ليس واحدا على الجميع
23
في املصاريف .وسط كل هذا العبث طل عبث
ألطف ..
ً
باقة ورد ضخمة اعتذارا منه لها
وقبلت اعتذاره .
**
اقترب النادل ،حيته بابتسامة مترددة وحاولت
العبث بأطراف قدح القهوة خاصتها وهي في
ً
انتظاره ،أزعجها نوعا ما تأخره إال أن رسالة
24
ذكية منه بددت هذا الغضب " ..املفاجآة
خاصتك هي من عطلتني "
فكرة املهاداة نفسها أنعشت قلبها الذي كان
فقد قدرته على االندماج بالعواطف ،تذكرت
ً
املكاملة األخيرة بينها وبينه ،كان رائقا ..الساعة
ً
تخطت الثانية صباحا بينما هو في املطبخ
خاصته يعد قهوة ..
قالت له حينها ضاحكة :
أنت مجنون
25
أنا أحاول
الكامل
كانت فلسفته تجذبها بجنون ،شعرت أنها أمام
سقراط بينما كانت هي متزوجة كانت من رجل
عقله فراغ كامل وكل إنجازاته مغامرات
رخيصة مع نساء تشبهه .نبرة صوته كانت
تذيبها ،تمتلكها بسالسة سحرية.
26
يمنحها مع كل حرف معنى مختلف ويمنح
أنوثتها كمال مختلف .
ً
أنت جميلة جدا
ِّ
27
أنت
رجل أحمق .هذا يحدث ..ولكن ِّ
جميلة ..جميلة وكفى
هل تحادثني ألنني جميلة
نعم
الطمع
ضحكت ..ضحكت في املحادثة وضحكت وهي
تجلس وحدها في انتظاره .أيقنت بعدها
28
بابتسامة شبحية أنها تختلس لحظاتها معه،
ُ
تخفيه عن الجميع ليس بإرادة منها ولكنه كان
ً
واضحا هو رجل يحب السرية ،في البداية ظنت
ً
أنه متزوجا ولكن حين فتشت عنه تأكدت أنه
أعزب ،األربعيني الوسيم كما تقول الكتب .من
صوره التي يشاركها على صفحته الشخصية
الحظت أنه ً
دقيقا في اختيار مالبسه بشكل
يثير االعجاب .كالسيكي الطلة مع أناقة خاصة
به ،يبتاع على ما يبدو الساعات الباهظة
واألحذية مرتفعة الثمن ويسافر لعدة بلدان
29
ولكن وحده .دون امرأة ..دون حتى صداقات
خفيفة يتفاخر بها البعض .نظرته في أغلب
األحيان غامضة مجردة من أي معنى واضح.
شكل ابتسامته ،جمود فكيه ..كلها رواية
غامضة وجدت نفسها تريد استكشافها .ولهذا
وافقت ..وافقت بسالسة تامة حين طلب منها
اللقاء .لم تتمنع حتى ..ها هي تجلس وحيدة في
مقهى تنتظر يائسة رجل تأخر عليها أكثر من
نصف ساعة وتعترف لنفسها ببساطة تامة أنه
ُيعجبها .
30
لحظة تناسب مقال ساخر لكاتبة نسوية لديها
الكثير من التعقيدات .وبدأت تشك بقوة أنها
لن يأتي ..
**
ظهر ..
ظهر وفضحها ابتهاجها ..هكذا قال لها ببساطة
وصراحة مباشرة وهو يتخذ مكانه في املقعد
ً
املقابل لها .غضبت من نفسها جدا في تلك
اللحظة ،قلبها دق ..وجنتاها غرقا في توهج،،
31
هي املرأة القوية التي طلبت الطالق دون تردد
ً
من أول لحظة خيانة ونالته دون تردد أيضا
تصطبغ بالحمرة املراهقة أمام رجل .
فقدت التعبير الفصيح ،الكارثة أنها تلعثمت..
كل الحروف التي كانت تقولها بسالسة في
محادثاتهم الصوتية تبخرت .كانت له نظرة
قادرة على تمزيق ثبات جيش كامل من النساء.
رجل طلته ُملهمة ألديبة ،أو لـ فنانة تدم
األلوان مع مالمح الوجوه .كانت عيناه
32
مسلطتان عليها في سلوك خالي من الرحمة،
حتى حين فرقع بأصابعه للنادل وطلب قهوة
سوداء دون حليب كانت نظرته كلها معها،
ً
يحمل في يده حقيبة هدايا حمراء مثيرة جدا
لإلنتباه وضعها جوار مقعده ويرتدي سترة
زرقاء داكنة فوق قميص كالسيكي يبدو باهظ
ً
الثمن وبنطال من الجينز القاس ي بدا مناسبا
ً ً ً
لشكل جسده ،كان مظهره جيدا ..جيدا جدا
بشكل واضح ،يفوق محاوالتها هي رغم أنها
امرأة تنتمي لفئة تجيد التنسيق بين قطع
33
املالبس .اختارت هي في هذا اليوم حلة
ً
محتشمة نوعا ما ،رمادية مع قميص حريري
أبيض ووشاح بلون وردي داكن جعل لون
ً
بشرتها متوهجا ،وهكذا قال ببساطة مباشرة
لجمتها :
ً
لون بشرتك خطيرا !
34
ال أحب تلك الكلمات
ً
كانت متوترة جدا ،تعرف أنها منجذبة له ولكنها
تخاف ،تخاف من هذا الدور الذي قد يصيبها
وتصبح مجرد رقم في دفتر عالقات غير
35
مشروعة لرجل يتبع نفس سياسة زوجها ولكن
بكتاب صفحاته مختلفة .
شعور اللهفة والسعادة جاوره شعور بعدم
االرتياح من نظراته ،اليوم واللحظة واملكان
والزمان يمرر نظرة مباشرة ال جدال فيها ،نظرة
جسدية بحتة !
نظرة تعجبها! ،وترفضها ،تريدها ..وتهرب منها..
تفهمها وتدعي عدم الفهم .
36
جاءت قهوته فارتشف منها البعض على الفور
دون أن يضيف لها السكر ،قالت متسائلة
ً
ورغبة أيضا في دفة حوار عادية :
تحبها ُمرة؟
38
قالها بسخرية هادئة ،اضجع وهو يتأملها
بخبث ثم تابع :
عامة أن أحب مذاق الدجاج
39
رجفة قاسية تمكنت منها ،كانت نظراته اآلن
ً ً ً
تخترق ثيابها ،يمرر تعبيرا صادما مفاجئا
ً ً
متأججا متعجال !
ما رأيك لو أكملنا الحديث بسيارتي؟
سيارتك !
ً
كان التعبير قاسيا بشكل لم تفهمه من قبل،
لطاملا استمرت محادثاتهم لساعات ،ليست
كثيرة ولكنها طويلة ،خلوة؟! هل هذا ما حدث
40
ً
حقا ،اختلى بها في محادثة إلكترونية واآلن من
املفترض أن يختلي بها في محادثة مباشرة .ما
الفارق؟
نطق بعدها بمكر :
أزعجك التعبير؟
ً
ردت بعنف نوعا ما :
وكيف تعرف أنه أزعجني
ً
موازيا لدقات قلبك ،عيناك تهرب مني..
41
ً
شفتاك ترتجفان نوعا ما وآسف ملا
سأقوله ولكن أنا رجل صريح
نظرت نحوه بتوجس :
ماذا تريد أن تقول؟
43
أواجه هذا االتهام ألنني صرحت بحقيقة
مشاعري؟
قالت بصرامة مناقضة للمرأة التي كانت عليها
ً
منذ ساعة تقريبا ،امرأة تشبثت بحلم رومانس ي
ملدة مقابلة واحدة وهشم هو الحلم برغبة
أيروتيكية :
هل أنا ظاملة اآلن؟
ً
نعم ..وقاسية جدا يا ريم ..
44
ً
اآلن ينطق اسمها مجردا ،عادة هو ال يستعمله
ً
كثيرا ،كان يتحدث معها بشكل مباشر وكفى
ً
وهي أيضا ،اآلن ماذا يريد ..أن تناديه باسمه
ً
مجردا ،لن تفعل ..مالمحها عادت للثبات بعد
اللحظات الخائبة في البداية ..
أستاذ طارق
ً
قاطعها مازحا :
ً
اسمي يبدو رائعا في النطق الرسمي أعلم
45
بدت مالمحها في تلك اللحظة كمن تنتوي
إعطاءه موعظة صارمة .صفعه بعدة كلمات
قاسية وفي نفس اللحظة صفع نفسها .ماذا
تفعل؟ بل ماذا فعلت ..تباسطت في عدة
محادثات مع رجل غريب تحت عباءة االحتياج
وهاهي في مقابلة نموذجية مع الرجال أمثاله،
تلميحات سافلة ..تحرش لفظي رخيص،
وسيناريو عملي سريع بعد قليل في سيارته .ال
لش يء سوى ألنها امرأة وضعتها الظروف في بؤرة
احتياج نفس ي ،امرأة وضعها حظها العثر مع
46
زوج آذاها مرتين ..مرة بزواجه بها ومرة بتركه
لها ..
ريم ..
47
الكمال الذي تحتاجه .مر بعقلها مشهد كئيب
بشع لهذا الذي أمامها ينتهكها في فراش..
السيناريو األخير بعد عدة بدايات مهما
ً
اختلفت .نظرت له نظرة واضحة جدا ثم
للحقيبة األنيقة جواره التي بدأت تشك اآلن في
محتواها .ال تعرف هل يجب عليها أن تشكره
ألنه وصل ملبتغاه بتلك السرعة أم تصرخ به
طالبة عدة مقابالت خادعة مثل العقار
املهديء .مشاعرها اآلن في وسادة وكل الرجال
يرتدون قفازات املالكمة !
48
هل تجدي؟
49
ماذا؟ ال أفهم ..
النساء؟
ً
صمت قليال بتفكر هاديء ثم قال بثبات واثق :
أنا عادة أقوم باملصارحة برغباتي بعد رابع
مقابلة
صدمة هازئة ارتسمت على مالمحها :
50
ً
اذا معي تعجلت؟
بعد !
نقطة
كتاب جديد بصفحات مختلفة
ً ً
املغازلة هنا تتبع نهجا خبيثا
ضربة رأس من العب كرة قدم محترف تصيب
أو تخيب ومعه عادة كانت تصيب
51
يصطاد النساء أمثالها على مهل ..امرأة تعاني
من الهجر ..من الوحدة ..من االمتهان من رجل
كان في حياتها كـ زوج وصفع أنوثتها بطرق
مختلفة ما بين الترك أو الخيانة وفي أحيان
ً
ى
كثيرة جدا الزواج بآخر تأخذ كل شهوته
واهتمامه ويترك ألمثاله هو طريدة سهلة .كان
هو يختار طرائده بقانون ثابت ..الجمال لم
يكن من أولوياته فلحظة الشهوة ينصرها
الجسد وأجساد النساء في العادة واحد!،
املطلقات بعد خيانة أو املتزوجات مع الهجر
52
عادة يكون اإليقاع بهن أسهل ،يفهم ما تحتاجه
كل امرأة ويقدمه بذكاء وحساب ..يدس مخدره
باحترافية ويحولها من شخص ال تعرفه
لشخص يفكر به كل يوم كل ساعة .
بال شعارات
أو أوهام أدبية زائفة
قانون الواقع واحد
املرأة تنتش ي برغبة الرجل بها .
53
رغبة يجب أن تشعرها أنها الوحيدة ،واملتميزة،
واملختلفة !
ومع هذا أنا لم أصارحك بكل رغباتي بعد !
54
أعطاها الحقيبة عنوة واضطرت لالمساك بها
كي ال تلفت نظر املارة لهم أكثر ..
فقط خذيها ،انظري ملحتواها مرة واحدة
ً
بحة صوته بدت صادقة جدا رغم أنه كاذب
ً ً
جدا جدا ..ولكن قدم للمرأة ما تحتاجه ،ما
تريد سماعه حتى لو لم تكن تدرك هذا بعد..
55
تاه مركبها وليس عليه أن يكون قارب إنقاذ ..بل
املحيط !
ً
ل
قذفت بنفسها بعيدا عنه في أو سيارة أجرة
وقد ارتجف جسدها بالكامل ،هي األنثى القوية
أو التي تظن أنها قوية تجلس بعد مقابلة مهينة
مربكة مع رجل غريب في سيارة أجرة ومعها
هدية من الواضح أن محتواها غاللة تترجم
رغبته نحوها .
هل تريد تلك الرغبة
56
أم تقزز منها ..
كالهما !
وها هي بعد ساعات تقف أمام املرآة ..ترتدي
تلك الغاللة الفاضحة التي أهداها لها وتبكي.
تفتح املحادثة بينها وبينه كي تقوم بحظره وتنهي
األمر من قبل أن يبدأ ،تلملم ما تبقى من
كبرياءها وتصارح نفسها بأنها امرأة ضعيفة
ً
جدا ادعت القوة .
57
ً
امرأة تتعرض لإلغواء بطريقة مستهلكة جدا
وكادت تستجيب
والبائس أنها بعدما قامت بحظره كان بطل
أحالم يقظتها وهي ترتدي له الغاللة !
***
58
ً
ازرع فكرة ..واجلس منتظرا النتائ
األمر ليس بالصعوبة التي يتصورها الجميع ..
املرأة كائن معقد سهل السيطرة على أفكاره
بالطبع ليست كل النساء ضعيفات بهذا القدر
ولكنه رجل علمته الخبرة أن يجيد االختيار ،ال
يلهث خلف الفرص املتتالية بل يختار فرصته
بعناية .
الحكاية مملة؟
بالتأكيد
59
سرد تعيس مكرر
بين استغالل واحتياج
ولكن في كل املنابر ،املواقف ،الغرف املغلقة أو
حتى املفتوحة
تنتصر الغريزة !
مثل صياد خبير ألقى الطعم واختفى
حتى حين حظرته من حسابها لم يتخذ ردة
فعل ..لم يحاول محادثتها من حساب آخر
حتى ..
60
تجاهلها تماما وكان يعلم أنها تراقبه من حساب
وهمي آخر .
ليس لغرور أو ثقة ذكورية
بل خبرة !
كان يريدها بتعجل ال ينكر ،هي جميلة ..فتنتها
لفتت نظره بشكل ما ،وجهها باعث لالسترخاء
أمام شاطيء بحر .متحفظة بكياسة ليست
ثائرة الرغبات كعادة النساء الالتي يلتقطهن،
ً
كان كاذبا لم يتعجل معها كما ادعى بل أراد
61
ً ً
إعطائها انطباعا كاذبا بلهفته ،هو في العادة
ً
يتجاوز جدا مع نوعية النساء تلك في املحادثات
وتكون املقابالت وضع النقاط على حروفه
اإليروتيكية .معها هي األمر اختلف ،كانت
ً
مثقفة نوعا ما ،امرأة تقدر عقلها وأتعبها
عقلها ..كانت تنتش ي من تدليله الراقي لها
بالكلمات وتنزعج لو حاول التجاوز بشكل
ً ً
رخيص بحت .رغم كل هذا بدت صيدا سهال
ألنها ببساطة وحيدة ،لم يبدو أن لها أصدقاء
مقربين أو عائلة تحتوي حالتها التائهة.
62
جامدة في مكانها بينما هذا الزوج أو الطليق
تابع حياته وكأنها قطعة أثاث استبدلها .تتسلل
من بين حروفها نبرة حسرة تحاول أن تخفيها
وتسيطر عليها وتوجه كل طاقتها للتشبث به
كحبل نجاة ،رجل يمثل لها العوض بشكل ما..
العوض ألنوثتها ..لكبرياءها ..العوض لصدمتها
العاطفية .
ً
مر أسبوع ونصف تقريبا وكانت تلك هي املدة
التي أجزم أنها بعدها ستظهر ،تعود بعبارة
63
فظة ..لوم ربما ..تجذب أي خيط كي تعود
وكفى .كانت هي على الجانب اآلخر تعيش أسوء
فترات حياتها ،ظهرت خالتها من جديد وقد
قررت أن تأخذ دور النصح القاس ي فبدأت
تعدد لها عيوبها وكل انتقاص ممكن كي تقبل
باملدرس والثالث أطفال التي يجب أن تصبح
أمهم .شعرت وكأنها باتت دمية واجب تشكيل
مالمحها من جديد ،أمها تمسك بالدبوس
والخالة بالخيط وعليها أن ترضخ ألنها تحتاج
أن تتنازل .يومها ال تعلم ما أصابها خرجت
64
تركض ،بكت ملنتصف املسافة ولم تحادثها
أمها حتى لالطمئنان عليها ،كانت تعلم أن أمها
غاضبة منها بسبب طالقها ،بسبب أنها لم
تحتوي خيانات زوجها وأن النهاية ستكون
زواجها بخائن آخر أو متزوج وهي الدرجة
الثانية .لم تحادثها ألنها ترى أن املدرس أفضل
ً ً
فرصة ممكنة حتى لو كان ممال طامعا في وقتها
ً
وراتبها .هذا هو ما حدث تماما ،بطالقها انتقلت
من الدور األول للبدروم وعليها أن تقبل
بأنصاف الفرص .رجل يريد استغاللها تحت
65
مسمى املودة والرحمة أو عابث يريد استعراض
ذكورته فوق جسدها .
مثل امرأة يائسة ..منومة ..غاضبة منهارة
ً
وحيدة ضعيفة جدا حادثت العابث !
**
66
نعم نعم
زيجة سهلة ..حالل حالل
قال لها أريدك وانتشت
لن يتغير ،وهو ليس شخصية مسممة تستدعي
االصالح .
ً ً
هو واقعي جدا جدا وهي منومة ،مستسلمة
للحظة سعيدة وكفى
أنك تشبهين الدانتيل؟
هل أخبرتك ِّ
67
ماذا !
ً
لذيذة وهشة جدا
69
فكرة بشعة اآلن .كانت تنظر ملالمحها الهادئة
في املرآة البيضاوية ،ترتدي الغاللة التي أهداها
لها في أول مقابلة والتي أصر عليها أن ترتديها له
في لهاث .تستقبل غزوته الذكورية مثل املنومة،
متعة منقوصة على عكس ما توقعت .ربما هو
بعد نفس ي غريب لم تتصور وجوده بسبب أنها
زيجة مؤقته ورجل ال ينوي استكمال حياته
معها .
70
ً
أما هو فـ مل سريعا ،كانت امرأة بمتعة باردة في
الفراش ،تتعامل معه بال انفعال حين يحملها
لغرفة النوم ،ال تبدو منبهرة بما يفعله والرجل
في العادة يحب املرأة التي تدعي النشوة .ولكنها
ً
كانت هادئة جدا ،كانت تنتظر اللحظة التي
سيأتي فيها ويخبرها أنها سيتركها .لم تنزعج حين
علمت أنه خانها مع ضحية جديدة من نفس
املجموعة .انزعجت فقط حين أخبرها
ً ً
بالعكس .قالها بشكل مباشر قاتم جدا جدا..
غريب صادم ..
71
ُ
أريد أن انجب منك !
***
الزجاجة ممتلئة حتى آخرها ..وهشمها أحدهم .
كانت تجلس على حافة الفراش ،تشعر
بالتعاسة وامللل والتعب .ترمقه بنظرة محبطة
ً
ل
ودقات قلبها سريعة جدا كمن تناو دلو قهوة
ُم َّرة .راقبته وهو يضغط بيده مفتاح النور بعد
أن قال كلماته في الظالم ،يبدل مالبسه ثم
يحرك بأصابعه الهاتف في ملل ويستعد للنوم
72
دون عشاء كعادته .باغتها بنظرة مباشرة
واضحة حين استقر جوارها ثم قال ببساطة
باردة :
ها ..ما رأيك؟ هل نبدأ اليوم
ماذا؟
74
رد بتململ :
ملاذا ماذا !
االستقرار معي؟
بدا وكأن الكلمات جاهزة على طرف لسانه،
حضرها من قبل ..رغم كل غروره وثقته يساوره
ً
شك أنها سترفضه أبا ألبناءها ويرفض هذا
75
ً ً
رفضا حاسما .الرجل ال يقبل أن ترفضه امرأة
خاصة امرأة نالها بالفعل وفي زيجة سهلة .
ً
مط شفتيه بعدها بالمباالة مكمال :
أظن أنني أفضل فرصة لديك يا ريم
ً
أسند رأسه متهندا في انزعاج :
ً
لك؟هذا االتفاق كان مهينا ِّ
76
ً
اذا ملاذا تقرر االستقرار مع امرأة أهانت
نفسها !
احتدت بعنف ،ثأر كبرياء تقليدي توقعه ..لقد
رضخت الحتياجها ،شهوتها وشهوته ..هي نفسها
ً
تلوم نفسها يوميا في الفراش معه ،تتحول لجثة
باردة ..تخاف أن تكون بحريتها وقد قتلتها عقدة
ً
الذنب .لقد فهمها متأخرا بعد ستة أشهر ،هي
لم تكن امرأة مناسبة لهذا النوع من الزيجات.
77
رد ببساطة وإن بدت شفتاه الناطقة بالكلمات
كشفرتي مقصلة ..
أنت ال يليق بك هذا النوع من الزيجات
ِّ
78
النسخة العديمة الخبرة التي يليق بها أكثر دور
ُ
الزوجة املخانة .اختياراتها سهلة ..محدودة !
ما الذي سيتغير؟
79
حين أجابت لم تنظر له بشكل مباشر ،بل
نظرت للجدارَّ ..
حدقت فيه بجمود تام وكأنما
ترسم عليه حياتها ..ماض ي حاضر مستقبل !
أليس من حقي الرفض! لقد كان اتفاقنا
َّ ً
واضحا وعقلي تكيف على ترتيب ما بعد
االبتعاد عنك .كيف علي أن أوافق
ببساطة على تبديل عالمي كله .
80
احتد ..ثار ..ملحت منه سلوك غاضب لم تكن
تعرفه من قبل ..تطايرت الكلمات من فمه مثل
طلقات الرصاص :
ً
هل يعجبك األمر اآلن! أنا حقا ال أفهمك،
82
ويبدو أن مالمحها أزعجته ،برودها في استقبال
عنف كلماته أثار حنقه ،رفضها له من األساس
كزوج طبيعي في حياة سوية مشتركة أزعج
ذكورته .اقترب ..هرس ذراعها بقبضته في غيظ ..
يجب أن تكوني ممتنة ملا يحدث
الطالق !
أترين ..ها نحن قد تخطينا كل هذا العبث !
85
استرخت مالمحها في استسالم متعب :
ماذا لو مللت؟
ً
طفال ..ألتصق بك وتلتصقين بي لألبد
أي فكرة هي الحديثة لديك ،االنجاب أم
86
أنت ..عاجال أم آجال كنت سأختار
منك ِّ
87
ينثر قبالته ببطء في سلوك اعتيادي في بداياته
ً ً
في مثل تلك املواقف معها .كان ديناميكيا جدا
ً
تلك املرة ،باردا مثلها كل همه أن يزرع حصاده،
يعلم أنه سيحاول عدة مرات حيث هي خرجت
من زيجتها السابقة بال أطفال مما يعني أنها
امرأة غير وافرة الخصوبة ولكن ال مانع
سيجرب !
ً
بدا مرتاحا أكثر ..بنصف طاقة مستحقة لها
حيث الطاقة الكاملة سيوفرها المرأة آخرى
88
تناسب معارك الفراش ،.حدث ما حدث،
واستلقت على ظهرها في استسالم مرة واثنان
وعشرة ..راقبت موعد دورتها الشهرية وقالت
لنفسها أن قدوم الطفل سيكون عالمة ..أكون
أو ال أكون ..تلتصق به كما وصف أم ينتهي
ً
األمر ويخرج من حياتها كما ظنت .ال تفهم أبدا
سر هذا الخضوع اللي أصابها ،ثارت على زوجها
ُ
السابق في لحظة حرة وها هي تقبل بفتات
ً
أسوء من الحالي .هل حقا املرأة في الطالق هي
89
الخاسرة الوحيدة ،هي ضحية طاولة اللعب.
عاشت متمردة عاشت مطيعة النتيجة واحدة !
بعد تسعة أشهر كانت ترقد على الفراش في
مشفى ،جوارها كائن وردي لطيف وأمها
تجاورها بفخر .اختار هو اسم ابنته نادية على
اسم أمه ،نوع من التقدير الغريب الصديء
ً
كما قالت أمها حيث كان سيكون المعا لو
التصق بها اسمها هي ..ثريا .
90
كانت مشكلة بال معنى ،ال تفهم سبب وجودها
ً ً
من األساس ،وكان هو هادئا عاديا ،لم يغير
ً
شيئا من روتينه ..حتى عالقاته بالنساء
ً
اآلخريات زادت بعدما باتت أكثر برودا على حد
قوله بعد اإلنجاب .
تذمر من زيادة املصاريف ،لم يضع هذا في
الحسبان وحين طلبت منه حقوق ابنته في
الغذاء والكسوة اتهمها بأنها لحوح طامعة .اآلن
تتضح حقائق كانت غائبة عنها ،الحضور كـ
91
نصف رجل في كل ش يء ،الهدية الوحيدة التي
ابتاعها لها كانت الغاللة التي مرر من خاللها
رسالة غواية .كان يتعامل معها كامرأة رخيصة،
ً
ليس باملعنى الدارج ولكن بمعنى حرفي تماما..
زوجة مطيعة مهذبة تشارك في املصاريف وتربي
أبناءه !
***
92
طارق ..أريد الطالق
93
بين العائلة ونساءه كما كان يحب أن يدعوهن..
أنت
إسطوانته مملة مكررة على شاكلة اخترتك ِّ
أو أعود إليك في النهاية! ،واذا احتدم العراك أو
وصل لذروته كان يحطمها بعباراته الشهيرة ..
ُ
أنت وافقتي على هذا الوضع "
"لم اجبركِّ ..
بعدها ُيسكنها بطريقتها ،يمارس اللهفة حين
يريد ،يمزق الدانتيل ويعيد ترقيعه .يتصدر
املشهد على الفراش ملعبه الوحيد .ينتهي
ً
ويتركها ممررا مسكناته على جسدها كاملعتاد،
94
تتوه ثم تستفيق على الواقع ،على الدوامة التي
تبتلعها بين العمل وطلبات األبناء .مستهلكة
كسيارة فيات في عصر االنفتاح !
دانتيل !
ً
عفوا ..الدانتيل احترق
***
95
هي امرأة محظوظة !
تزوجها الرجل الذي كانت كل نيته عبث مؤقت
معها !
هكذا ببساطة ،سواء نحن في مجتمع ذكوري أو
أنثوي النتيجة واحدة .املرأة يجب أن تكون
سعيدة ألن الرجل اختارها للزواج .سعيدة
وممتنة !
ً
وسط تجمع عائلي رفيع جدا ،فقط هي وأمها..
اعتراف وصدمة ثم ذبح !
96
يجب عليكي أن تكوني ممتنة ألنه أكمل
الزيجة !
قالتها األم بغضب وحسرة ،صدمة كان من
املفترض أن توازي ذبحة صدرية ولكن الحمد
هلل .ابنتها التي ربتها على املباديء والخجل تتزوج
رجل من أجل متعة فراش مؤقتة! وعلى ما يبدو
لم تجيده
97
احمدي ربك ..في عادة زيجات كـ تلك كان
ً
سيتركك وكأنه لم يعرفك يوما ،حتى
محادثة الهاتف لن يجيبها .
ثم جزت فوق أسنانها بـ حسرة مؤقتة ..
ليتك تزوجتي املدرس على األقل ليس
ِّ
ً ً
مزواجا عابثا
قالتها وهي تجفف عرقها نتاج طنجرة الزبد
الضخمة التي تغلي فوق املوقد ،أمها امرأة
ً
تقليدية بجدارة تدفعها دفعا لتكون مثلها،
98
موجهة بوزارة التربية والتعليم بلغت منذ
خمس سنوات سن املعاش ،زوجت بناتها
ً
الثالث زيجات تفخر بها إال هي ،كانت دوما
الشوكة املتمردة في حلقها .امرأة عاملة حسب
عصر االنفتاح اعتادت أن تستيقظ من
ً ً
الخامسة فجرا لتبدأ مهامها املنزلية مبكرا قبل
أن تغرق في دوامة روتين العمل .مع تقدم
الحياة واختالفها رفضت أمها التغيير فظلت
كما هي حتى أنها ال تمتلك حساب تواصل
اجتماعي ،تعتبرها امرأة مدللة دمرت بيتها األول
99
بسبب نزوة واآلن ستدمر الثاني بسبب كبرياء
ً ً
متأخر .عليها أن تأخذ نفسا عميقا وتشمر عن
ذراعيها وتعد وجبة طعام جيدة لعائلتها ،تذهب
للسوق ..تبتاع الكرنب الطازج ..تخلع الستائر
وتنظف املنزل وتؤسس البيت كما يجب أن
يكون وهو مع الوقت سينصلح حاله .وال مانع
من إنجاب طفل رابع! ،أخفضت أمها اللهب
ونظرت لـ سمنها املقدح بـ فخر ثم تابعت :
100
ما حدث حدث ،انس ي أمر الطالق ..لن
101
والطحين وسائق سيارة األجرة الذي تحرش
بابنة عمتها بسبب مالبسها الفاضحة .شعرت
بضيق ضخم يحتل صدرها ،وحش كاسر
يلتهمها ،هربت في النهاية من اللقاء ..وصلت
ً
املنزل بمالمح رخامية فوجدته مضجعا على
األريكة يشاهد قناة اخبارية بتركيز شديد،
انتبه لها نصف انتباه،
تفرس في مالمحها في اندهاش منزعج :
نكد نكد ال طاقة
102
لم تعقب تخطته وقد وضعت التوأم في
فراشهما بينما أدخلت نادية لغرفتها وعادت
بمالبسها املنزلية املعتادة ملهام الطبيخ
والغسيل وخالفه .عادت مفقودة ..مفقودة
ً
تماما ،كان داخلها في وقت ما امرأة حرة..
متمردة ..امرأة كان لديها فرصة قوة ولكن
هشمتها مطارق الجميع .حين تخطه وهي تحاول
مللمة بعض الفوض ى حوله من األريكة قال
بقتامة جافة :
103
اذا ما زلتي مصرة على الطالق لنفعلها..
104
اضجع أكثر حين صمتت في رضوخ ،األمر ليس
معضلة ،هو ببساطة حاصرها ..وضع لها
الظروف التعجيزية كي ترضخ ،دلل نفسه..
اختار نفسه كما فعل وفكر وقرر ..ونجح!
***
بعد مرور ثالث أعوام
امرأة ..وقفت على مفترق طرق ..واختارت
أو ظنت أنها اختارت
فتحت في يوم تعيس رسالة خاطئة ،وحوصرت
105
ً
مع رجل لم تكن أبدا لتنتهي معه ..حسبتها
بالقلب وخسرت وحسبتها بالعقل وخسرت!
كانت تستقل سيارة أجرة بعد نصف يوم
عمل ،تركض نحو مدرسة أطفالها لتحضرهم
وتفكر في الطعام الذي ستعده وروتين
اإلستذكار وخالفه ،أيام تمر ..لديها عيد ميالد
ابنة اختها وتجمع عائلي في منزل أمها نهاية
األسبوع ال يحضره زوجها بالطبع وتنال هي
اللوم والنظرات والحسرة .كانت تستقل سيارة
106
أجرة بعدما أحضرت أطفالها وجوارها وقفت
سيارة حمراء حديثة تقودها امرأة متبرجة،
تضحك بصوت ملحوظ وتميل في دالل على
الرجل الجالس بجانبها والذي هو ببساطة
زوجها ..سائق األجرة ينظر نحو املتبرجة في
سخرية بينما زوجها يرفع يدها املحشوة
ً
باملجوهرات ويقبلها واإلشارة تبدو طويلة جدا
ً
ى
جدا وابنتها الكبر تناديه ..تناديه بعلو صوتها
في مشهد ختامي بائس..
107
-بابا من تلك السيدة!
***
انتهى
ً
عفوا عزيزتي القارئة
ً
أنك تبحثين عن نهاية مرضية ولكن
أعلم جيدا ِّ
أنا سحبت من رف الحبكات املزعجة نهاية
واقعية
نهاية مفتوحة ومغلقة في ذات الحين
108
نهاية بعيدة عن أحالم االستقاللية
ً ً
واملرأة التي تجد عمال مبهرا يعوضها عن نذالة
الزوج
أو فارس أحالم قاس ي رائع وسيم
ليس هنا..
ليس في هذا الدانتيل الذي أحرقه طارق
109
تمت
دانتيل محروق
مروة جمال
110