You are on page 1of 646

1

2
‫تصميم ‪-:‬‬
‫داخلي ‪ :‬ريم إكرامي ‪.‬‬
‫غالف ‪ :‬غادة نعمان ‪.‬‬
‫رفع ‪ :‬حنان الشربيني ‪.‬‬
‫فريق عمل جروب‬
‫قصص وروايات هدي زايد"دودي" (للبنات‬
‫فقط)‬

‫‪3‬‬
‫المقدمه‬

‫أيها الظالم الكاحل لما ال تكف عن أحزاني‬

‫لقد ارهقت قلبي‪ ....‬أنا ال أشعر بأنفاسي الضائعة‬

‫يكفي ما حدث حتى اآلن‪...‬يكفي انكسارات‬

‫اترك لقلبي فرصة للحب‪...‬وأجعل عيني تكفي عن‬


‫العنان‬

‫متى سـ ينير نهاري‪ ....‬متى سـ أشعر بأني حرة‬


‫بدون اآلم‬

‫‪4‬‬
‫أرجوك أن تعطي لقلبي البراءة ليعيش ما تبقى من‬
‫عمره‪!!!...‬‬

‫اميرة انور‬

‫‪5‬‬
‫الفصل األول‬

‫اعتادت على الجلوس بمفردها‪ ،‬بعيداً عن الجميع‪،‬‬


‫أدمنت الوحدة‪ ،‬حين تنتهي الثقة بالبشر يصبح‬
‫اإلنسان يبغض الجميع‪ ،‬البحر أقرب صديق لها‬
‫برغم من أمواجه الهائجة‪ ،‬هو فقط من يعرف السر‬
‫وراء حزنها هذا‪ ،‬تطايرت خصالت شعرها مع‬
‫الهواء‪ ،‬مما جعلها تغضب بشدة‪ ،‬هي ال تريد أن‬
‫يتمرد عليها أحد حتى خصالتها !‪ ،‬عقدت شعرها‬
‫بقوة‪ ،‬بتلك اللحظة وضع أحدهم يده على كتفها ثم‬
‫قال بمدح‪-:‬‬

‫_الجميل قاعد لوحده ليه؟ تعالي نقعد سواء وأهو أنا‬


‫وحيد زيك خلينا نبقى صحاب حتى‬

‫‪6‬‬
‫رفعت عينيها المتحدتين نحوه‪ ،‬أمسكت يده التي‬
‫لمستها‪ ،‬لوتها بشدة ثم سألته بانفعال‪-:‬‬

‫_إنتي مين اللي سمح لك تدخل في خصوصياتي‬


‫وتقف تتكلم معايا أصالً‬

‫انتظرت رده حتى تكمل ضربها له‪ ،‬أصبحت ال‬


‫تخشى وال تخاف من أحد‪ ،‬ما حدث لها جعلها‬
‫تتحول كثيراً‬

‫تنحنح قائالً بصو ٍ‬


‫ت مهتز‪-:‬‬

‫_آه أنا مكنش قصدي حاجة‪ ،‬كل الحكاية لقيتك‬


‫حزينة فـ قولت لنفسي يمكن أكون صاحب وافي‬
‫ليكي أسمعك بس‬

‫‪7‬‬
‫الحت على وجهها السخرية الشديدة‪ ،‬عن أي‬
‫صداقة‪ ،‬هل مازالت تلك الكلمة متواجدة‪ ،‬حتى‬
‫وإن كان هناك صداقة قوية بين أحد فـ هي ال تثق‬
‫بصداقة الجنس الذكوري‪ ،‬من هم‪ ،‬هم‬
‫المتوحشين‪ ،‬كالليل الظالم‪ ،‬يشبهونه في سكونه‪،‬‬
‫وتفضيل الجميع له‪ ،‬قلوبهم موحشة بالظالم‪،‬‬
‫سهل أن يقتلك به أحد‪...‬‬

‫رفعت سبابتها بتحذير شديد‪ ،‬مانعاه من التدخل في‬


‫حياتها مرة أخرى‪-:‬‬

‫‪8‬‬
‫_إنت لو رجعت تاني وحاولت تتعامل معايا مش‬
‫هلوي دراعك ال أنا هموتك وأخليك عبرة‬
‫إلسكندرية بكل حتة فيها تمام‬

‫برغم جمالها وأنوثتها إال إنها قوية‪ ،‬جحظ بها‬


‫بنظرات مذهولة‪ ،‬نعم بشرتها الناعمة الخمرية‪ ،‬و‬
‫قصر قامتها كل هذا ال يظهر توحشها‬

‫أسرع من أمامها بعد أن تمتم ببعض الكلمات‬


‫الموجعة لها‪-:‬‬

‫_الواحد كان فاكرك أنثى لكن طلعتي زي الرجالة‬


‫من حقك ما تقعديش مع الرجالة هتتحولي روحي‬
‫اتعلمي األنوثة‬

‫‪9‬‬
‫الحديث الموجع أصبح ال يهمها‪ ،‬كانت تعلم بأن‬
‫النية التي بداخل قلبه ليست خير لها‪ ،‬وبدليل هذا‬
‫الكالم الذي قاله‪ ،‬جاء يرسم الوجه المالئكي‪،‬‬
‫وحين سدته أخرج حقارته‬

‫ركضت إلى البيت بعض أن أخرجت تلك الشحنة‬


‫الغاضبة التي كانت بداخلها‪..‬‬

‫فتحت باب منزلها لتجد أمها وخالتها معاً‪ ،‬تيقنت‬


‫بأن النميمة التي تحدث بينهم ليس إال عليها هي‪،‬‬
‫رفعت حاجبها بتعجب ثم قالت بترحيب مصطنع‪-:‬‬

‫_أوه خالتي هنا هاي يا حبيبتي!؟‬

‫‪10‬‬
‫ثم اتجهت نحو غرفتها ولكن نظرات خالتها لها‬
‫وطريقتها بالحديث أوقفتها‪-:‬‬

‫_لحد أمتى هتتعام ِل معانا كدا أنا عاوزة أفهم إيه‬


‫اللي غيرك ‪ 180‬درجة كدا إنتي لما كنتي بتشوفيني‬
‫مكنتش بتروحي أوضتك بقيتي باردة ليه؟!‬

‫صمتت قليالً‪ ،‬ثم حدقت بشقيقتها بغضب و تابعت‬


‫بحنق‪-:‬‬

‫_أنا مش بأمن بالكالم دا بس اللي فيه بنتك دا عمل‬


‫ما فيش غير كدا كانت زهرة مفتحة وتغيرت‬
‫رافضة الجواز الصداقة ورافضانة كأهل ليها‬

‫فتحت عيناها بقوة‪ ،‬جذت على أنيابها‪ ،‬كورت‬


‫يدها وصرخت‪-:‬‬

‫‪11‬‬
‫_آه دي النميمة الجديدة بتاعتكم المرة دي "مليكة"‬
‫ملبوسة خالص كدا هو دا الجديد‪ ،‬أنا زهقت منكم‬

‫قربت أمها منها ثم رفعت يدها لتنزل بصفعة قوية‬


‫على وجهها‪ ،‬و صرخت بعلو‪-:‬‬

‫_أظن أنا ماربتكيش إنك تتكلمي كدا مع خالتك أو‬


‫مع أي حد كدا إيه اللي فيكي ها إنطقي‬

‫أمسكت كتفيها بكلتا يديها‪ ،‬وظلت تنهرها بشدة‪ ،‬ال‬


‫تستطيع أن ترأها هكذا‪ ،‬تتألم كثيراً يجب أن تفوق‬
‫من أوهمها‪-:‬‬

‫_يا بنتي يا حبيبتي قوليلي مين زعلك؟ بسببك نقلنا‬


‫كلنا اسكندرية وسبنا بتنا وحياتنا هناك!!‬

‫‪12‬‬
‫حدقت بيد أمها التي تلمسها ثم ابتعدت عنها وقالت‬
‫بكل برود‪-:‬‬

‫_أنا ما قولتش ليكم تيجوا‪ ،‬ما طلبتش من حد يمثل‬


‫حبه دا أنا قادرة أعيش لوحدي‬

‫ضربت خالتها يدها ببعضهما بعدم تصديق‪ ،‬ال‬


‫تستطيع أن تصدق ما يحدث البنة شقيقتها‪ ،‬نظرت‬
‫ألختها وقالت بهدوء‪-:‬‬

‫_"مرڤت " من فضلك ممكن تسبيني مع بنتك شوية‬


‫عاوزاها في كلمتين‬

‫تأففت "مليكة" حيث فقدت شغفها في استماع‬


‫النصائح من كبار العائلة‪ ،‬تنهدت بقوةٍ‪ ،‬كادت أن‬
‫ترحل ولكن أمسكتها أمها وقالت برجاء‪-:‬‬

‫_خالتك "كريمة" عاوزاكي شوفي هي عاوزة إيه‬


‫عشان خاطري جربي‬

‫‪13‬‬
‫جلست بعد اقتناع‪ ،‬لم يفيدها أي شيء من الحديث‪،‬‬
‫تعلم ذلك‪ ،‬لذا هزت رأسها بملل ثم أمسكت هاتفها‬
‫وهتفت بعبوس‪-:‬‬

‫_اتفضلي يا خالتي قولي اللي إنتي عاوزة تقوليه‬


‫وبعد إذنك خلصي‬

‫حاولت "كريمة" أن تضبط انفعالها‪ ،‬حتى ال تنهال‬


‫على ابنة شقيقتها بالصفعات المتتالية‪ ،‬حدقت بها‬
‫بثبات ثم قالت بحنو‪-:‬‬

‫_يا بنتي آلخر مرة هسألك في حد في حياتك بتحبيه‬


‫عشان كدا مش عاوزة تتجوزي عادي نستناه‬

‫لم تجيبها‪ ،‬لعبت بـ هاتفها ولم تبالي لحديث‬


‫"كريمة" التي شعرت بأنها تتكلم مع شخصية‬

‫‪14‬‬
‫متوفية‪ ،‬نعم ماتت مشاعرها وجميع ارتباطاتها‪،‬‬
‫تنهدت "كريمة" بقوة‪ ،‬غيرت سؤالها بواحد آخر‬
‫وقالت‪-:‬‬

‫_طب حبيتي وكسرك عشان كدا رافضة فكرة‬


‫الجواز يا حبيبتي قوليلي بس وهنقعد ونحلها سوء‬
‫عشان خاطري‬

‫لقد نفذ صبرها‪ ،‬حديث خالتها ال يعجبها قط‪،‬‬


‫قامت من مكانها‪ ،‬وبصمت شديد اتجهت نحو‬
‫الغرفة ولكن صرخات "كريمة" جعلتها تلتفت‪-:‬‬

‫_يا بنتي هو أنا هواء بكلم معاكي ردي على سؤالي‬


‫بتتعاملي ببرود ليه خايفة تردي على سؤالين وفي‬
‫قلب كل واحد فينا الف سؤال عن حالتك‪!!!....‬‬

‫‪15‬‬
‫بعلو شديد وعصبية ليس لها نهاية ردت عليها‬
‫"مليكة"‪-:‬‬

‫_أنا نفسي أعرف إنتي بتدخلي في حياتي ليه وعلى‬


‫العموم هريحك وال في حد في حياتي وال في حد‬
‫خرج أنا بس بصفي حساباتي مع نفسي وخالص‬
‫بقيت حابة العيشة وأنا كدا‬

‫ب‪ ،‬أمسكت يدها‬


‫اقتربت منها" كريمة" بح ٍ‬
‫وابتسمت لها بحنو ثم تابعت حديثها‪-:‬‬

‫_أقولك على حاجة باباكي نفسه يشوفك بفستانك‬


‫األبيض وأمك نفسها تطمن عليكي أما أنا جبتلك‬
‫حتة عريس قمر وعسل أوي ومعايا صوره‬

‫هذا الموضوع ال ينتهي بقاموسهم‪ ،‬حب‪ ،‬زواج‪،‬‬


‫مسؤولية‪ ،‬واجبات‪ ،‬كل تلك األشياء بالنسبة لها‬

‫‪16‬‬
‫كذبة أوقعتها بيئتها بها‪ ،‬منذ قدوم المرأة للحياة‪،‬‬
‫يتمنون الجميع حياةٍ طيبة لها حتى إنهم يتخيلونها‬
‫بالفستان برغم من إنها طفلة حديثة الوالدة‪ ،‬فتصبح‬
‫المرأة دائما ً تفكر بقلبها‪ ،‬ليس بالدراسة أو المال أو‬
‫الشهرة فقط تريد ما يفرضه المجتمع من حب‬
‫وزواج‪ ،‬تبغض العادات‪ ،‬تبغض التقاليد‪ ،‬التي‬
‫تجعل العائلة‪ ،‬واألصدقاء‪ ،‬والجيران يتحكمون بها‪،‬‬
‫وبمالبسها‪ ،‬أي شرع يقول أن فقط من يقوم‬
‫بالتحرش بالنظرات أو الكالم أو بالمس للمتبرجة‬
‫فقط‪ ،‬فقط مجتمعنا يفضل الرجل لذا فـ دائما ً يبرر‬
‫موقفه‪ ،‬دائما الخطية تقع على النساء‪ ،‬لذلك فـ‬
‫يجب دائما المحافظة على النفس‪..‬‬

‫ظلت تفكر مع نفسها وتردد تلك الكلمات‪ ،‬بهدوء‬


‫شديد ردت على "كريمة"‪-:‬‬

‫‪17‬‬
‫_أنا مش هتجوز إلني دايما عاوزة أكون مختلفة‬
‫عن الكل البنات بتتجوز أنا ال وبعدين أنا مش‬
‫هتجوز عن طريق الصالونات‬

‫وقبل أن تقول" كريمة" شيءٍ آخر‪ ،‬أسرعت إلى‬


‫غرفتها‪ ،‬أحكمت أغلقها‪ ،‬لتنطلق دموعها التي‬
‫قيدتها منذ أن لمسها ذلك المصطنع التي قامت‬
‫بضربه عند شاطئ البحر‪ ،‬حتى كالم أمها وخالتها‬
‫التي أجبرت على سماعه وتسمعه كل ليلة‪ ،‬حفظته‬
‫وكـ إنه مادة سـ تقوم بتقديم امتحانها‪ ،‬تشعر بأنها‬
‫سـ تجتازه وسـ تحصل على الدرجات النهائية بها‪.‬‬

‫أغمض عينها بقوة تمنت أن يصيبها مكروه‪ ،‬تفكر‬


‫لما ال يأتي ملك الموت لها ولكن ال تجد إجابه‪ ،‬فـ‬
‫تلك اإلجابة ال يعلمها إال للا‬

‫******‬

‫‪18‬‬
‫استيقظ بمفرده بدون أي منبه في تمام العاشرة‪،‬‬
‫بهلع‪ ،‬كيف هرولت الساعة هكذا‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫نظر للساعة‬
‫اجتماعه الذي كان في تمام الثامنة والذي كان بمثابة‬
‫نقلة أخرى لشركته‪ ،‬كيف سـ يحل هذا المأزق الذي‬
‫وضع فيه‪ ،‬حدق بزوجته الغافلة بجانبه وكأنه لم‬
‫ينبه عليها أن تضبط المنبه‪ ،‬كاد أن يقتلها‪ ،‬حدق‬
‫بالوسادة كثيراً وكأنه يتمنى هذا الشيء‪ ،‬رن هاتفه‬
‫بتلك اللحظة‪ ،‬نظر للمتصل فوجده أخيه‪ ،‬ابتلع ما‬
‫في حلقه بخوف شديد‪ ،‬أخوه ال يعرف إال النظام‪،‬‬
‫كاد أن يتجاهله ولكن لم يستطيع فعل هذا‪ ،‬سـ‬
‫يغضب أكثر‬

‫رد بخفوت‪-:‬‬

‫_أيوا يا "إياس"‪ ...‬أنا راحت عليا نومة‪ ...‬لما‬


‫أجيلك‪...‬‬

‫‪19‬‬
‫قفل معه الهاتف وحدق بها مرة آخر‪ ،‬كيف أوقع‬
‫حاله بتلك الفتاة عديمة المسؤولية‪ ،‬بعصبية شديدة‬
‫صرخ بها‪-:‬‬

‫_يا هانم ياللي المفروض مسؤولة عن بيت وراجل‬

‫ال تستيقظ معه‪ ،‬هي أكبر ذنب بحياته‪ ،‬يتمنى أن‬


‫يعود الزمن مرة أخرى‪ ،‬لن يتزوجها‪ ،‬يبغضها‬
‫بشدة‪ ،‬ظل يملس على كتفها حتى تستيقظ قائالً‬
‫بانفعال‪-:‬‬

‫_مش بقولك أصحي؟!‬

‫فتحت عيناها بتثاقل وهتفت بهدوء‪-:‬‬

‫_" إياد" باهلل عليك اطفي النور وسبني في حالي‬


‫عاوزة أنام‬

‫‪20‬‬
‫تأفف بشدة ليقول بسخرية‪-:‬‬

‫_حاسس إني متجوز ستي وللا وستي كانت أحلى‬

‫جذب انتباه اهمالها بنفسها وتجاهلها له‪ ،‬ضربها‬


‫على جسدها برفق حتى تنتبه له قائالً بحنق‪-:‬‬

‫_المفروض أعمل إيه أنا؟!‬

‫قامت من مكانها وهتفت من بين نواجذها بضيق‪-:‬‬

‫_هو في إيه ها؟ عاوز إيه يا "إياد" أنا تعبانة طول‬


‫الليل مع ابنك وبالنهار في البيت‬

‫رد عليها بمالمح جادة ونظرات حائرة من‬


‫أسلوبها‪-:‬‬

‫‪21‬‬
‫_"خلود" هو إنتي متخيلة اللي بتقوليه إنتي عايشة‬
‫مع ابن "الصياد" اللي شعب مصر كله يمتنى يبص‬
‫له‬

‫لوت فمها بتهكم‪ ،‬عادت تلك النبرة مرة أخرى‪،‬‬


‫عبوس جم غطا قسمات‬
‫ٍ‬ ‫دائما ما يمدح بنفسه‪،‬‬
‫وجهها‪ ،‬هتفت بامتعاض‪-:‬‬

‫_ارحمني بقى كل شوية أنا ابن الصياد عيشتنا بقت‬


‫وحشة أنا كمان بنت عيلة وأظن إنت خدني عشان‬
‫أعجبت بيا بس أنا بجد تعبانة وبعدين كون متحضر‬
‫بقى ولو لمرة‬

‫تابعت حديثها بسخرية‪- :‬‬

‫‪22‬‬
‫_أنا نفسيتي بقت زفت بسببك كنت بقف وبتجمل‬
‫بس كنت بتعمل إيه كنت برضو بتسهر مع ستات‬
‫وتتعرف على دي وتمشي مع دي‬

‫خرج من غرفة النوم مبرط ًما ببعض الكلمات‬


‫المنزعجة من حديث زوجته‪ ،‬بينما هي فـ بكت‬
‫بشدة‪ ،‬قامت ووقفت أمام المرآة‪ ،‬حزنت على‬
‫نفسها‪ ،‬توقفت عن تزين نفسها من أجله‪ ،‬مساحيق‬
‫الجمال لم تضعها على وجهها منذ شهران‪ ،‬آخر‬
‫مرة تعطرت بها لم تفتكر متى أهملت في نفسها‪،‬‬
‫ومن آجل من‪ ...‬بتلك اللحظة دلفت والدتها السيدة‬
‫"صفاء" والتي كانت تسمع ما يحدث بين ابنتها‬
‫وزوجها‬

‫شهقت من تصرفات ابنتها التي ال تنتهي قط‪،‬‬


‫تمتمت بعتاب‪-:‬‬

‫‪23‬‬
‫_يا بنتي الراجل هيطفش منك ارحمي نفسك‬
‫وارحميه هو بيحبك لو مش بيحبك مش هيعتبك‬

‫حذرتها بصوتها الخفيض وبوجهها الغاضب‪-:‬‬

‫_ماما بالش تدخلي نفسك في مواضيعي أنا و‬


‫"إياد" إنتي جاية تقعدي يومين فـ باهلل عليكي ما‬
‫تدخلي في حياتي‬

‫حدقت بها والدتها بـ انزعاج هل تشعر بحديثها‪،‬‬


‫هي أكثر واحدة سـ تشعر بها‪ ،‬هزت رأسها ولوحت‬
‫بيدها بعتاب‪-:‬‬

‫‪24‬‬
‫_ال يا بنتي وعلى إيه كل واحد حر إنتي حرة‬
‫وجوزك حر‬

‫أنا حتى مليش ابيت عندكم يومين خلي أهله بقى‬


‫يحسوا باللي بتعمليه‬

‫تحركت "خلود" من مكانها بأسف شديد‪ ،‬اقتربت‬


‫منها ثم وبدموع قالت‪-:‬‬

‫_متخيلة يا ماما إني عارفة إنه خاين ومستحملة‬


‫عشان خاطر "يحيى"‬

‫تنهدت "صفاء" فـ حال ابنتها ال يعجبها أبداً‪ ،‬ترأ‬


‫بأنها محقة ولكن من أجل حفيدها يحب أن تنصحها‪،‬‬
‫ردت على ابنتها بنبرة جادة‪-:‬‬

‫‪25‬‬
‫_اجذبيه ليكي شوفيهم بيلبسوا إيه والبسيه له‬
‫الراجل يا بنتي بيهرب من النكد لو بتنكدي بدلي‬
‫العادة دي ساعتها هيحب بيته‬

‫لوت شفتيها بسخرية‪ ،‬تشعر بأن والدتها ال تفهما‬


‫أبداً‪ ،‬أغمضت عيناها باستياء ثم قالت بنفاذ صبر‪-:‬‬

‫_يا أمي تقدري تعيشي مع راجل خاين معندهوش‬


‫دم أنا عملت كتير أوي عشانه بس خالص هعيش‬
‫لنفسي ما يطلبش مني أي واجبات أعملها‬

‫أمسكت "صفاء" يدها بحب‪ ،‬اتجهت معها نحو‬


‫الفراش‪ ،‬ملست على وجهها وقالت‪-:‬‬

‫‪26‬‬
‫_خالص عيشي عشان نفسك بس أوعي تبعدي عنه‬
‫إنتي شايفة عشته وفلوسه الترفيهية اللي مرفهولك‬
‫إنتي وابنك ماحدش هيقدر لو اطلقتي يعيشك كدا‬

‫ابتسمت بسخرية‪ ،‬أومأت برأسها‪ ،‬اآلن تمكنت من‬


‫معرفة السبب وراء ارشاد والدتها لها‪ ،‬السلع إن‬
‫نفذت لن ترفه‪ ،‬هي تبحث عن متعتها فقط‪ ،‬عن‬
‫المبلغ الذي يضعه "أياد" في حسابها كل شهر‪،‬‬
‫كل هذا سـ يتوقف إن أخذت ابنها وابتعدت عنه‪.‬‬

‫باقتضاب شديد قالت‪-:‬‬

‫_روحي يا ماما أوضتك أنا هكمل نومي‬

‫أسرعت "صفاء" حتى ترد ولكن أوقفتها "خلود"‬


‫بحزم وقالت بمقاطعة‪-:‬‬

‫‪27‬‬
‫_بعد إذنك يا ماما لو سمحت عاوزة أقعد لوحدي‬
‫شوية أنا تعبانة‬

‫بالفعل قامت "صفاء" وخرجت‪ ،‬أسرعت "خلود"‬


‫نحو الباب وأغلقته عليها‪ ،‬اتجهت نحو مضطجع‬
‫صغيرها ومن ثم أردفت بحب‪-:‬‬

‫_حبيبي إنت!!‬

‫تنظر لعين طفلها وترأ األمان‪ ،‬تشعر بأنه سندها‬


‫الوحيد‪ ،‬تطمئن عندما تأخذه بأحضانها‪ ،‬صغيرها‬
‫الوحيد‪ ،‬همست بأسف‪-:‬‬

‫_سامحني يا بني كان نفسي أجبلك أخ تشاركه في‬


‫كل حاجة بس مش هازيد في حملي أبوك مش‬
‫مسؤول‬

‫‪28‬‬
‫انهت كالمها ثم اتجهت نحو المرآة‪ ،‬حدقت بنفسها‬
‫بشفقة‪ ،‬نعم هي أهملت في نفسها‪ ،‬اتجهت نحو‬
‫فستان أسود وبعد ذلك‬
‫ٍ‬ ‫دوالب المالبس‪ ،‬أخرجت‬
‫دخلت المرحاض حتى تعود كما كانت‪ ،‬سـ تثبت‬
‫لزوجها بأنها أجمل من النساء التي تستنشق كل ليلة‬
‫رائحتهم من قميصه‪..‬‬

‫بعد مرور وقت طويل‪ ،‬خرجت من الحمام‪،‬‬


‫واتجهت مرة أخرى نحو تسريحتها‪ ،‬بدأت في‬
‫وضع مساحيق الجمال‪ ،‬عادت "خلود" التي‬
‫يعرفونها الجميع‪ ،‬عقدت شعرها كذيل الحصان ثم‬
‫هتفت بخبث‪-:‬‬

‫_هنشوف بقى أنا وال إنت وبرضه مش هريحك يا‬


‫"إياد" بيه‬

‫سمعت بكاء ابنها‪ ،‬اتجهت له وأمسكته بحب‪،‬‬


‫غيرت له مالبسه‪ ،‬ثم طعمته وقالت بيقين‪-:‬‬

‫‪29‬‬
‫_أنا هخليه أبوك يلف حولين نفسه بس أقف إنت‬
‫معايا‬

‫ابتسم "يحيى" بقوة‪ ،‬مما جعل قلبها ينشرح‪،‬‬


‫ضحكته تعطيها طاقة كبيرة‪...‬‬

‫استعدت للنزول‪ ،‬فتحت باب الغرفة‪ ،‬وأخذت‬


‫حقيبتها ثم وبعلو قالت‪-:‬‬

‫_ماما أنا هنزل ماشي‬

‫ألحقتها "صفاء" من الداخل‪ ،‬نظرت لها باستغراب‬


‫قبل أن تعقب متسائلةٍ‪-:‬‬

‫_راحة فين كدا يا بنتي؟‬

‫ظلت تدور حولها‪ ،‬مصدومة من شكلها الذي تغير‪،‬‬


‫ال تعلم هل تفرح أم تشك بها‪ ،‬ما السر في تغيرها‬

‫‪30‬‬
‫هكذا‪ ،‬هناك شيء ما تخطط له‪ ،‬ظلت تفكر وتنتظر‬
‫من ابنتها إجابة سؤالها‪ ،‬هزت رأسها وعادت‬
‫تسألها‪-:‬‬

‫_ها يا بنتي قول لي راحة فين؟!‬

‫مازالت "خلود" صامتة وال تتحدث‪ ،‬غيرت‬


‫"صفاء" سؤالها بـ‪-:‬‬

‫_طب يا بنتي قولتي لجوزك‬

‫ارتفع حاجباها لألعلى بتحدي‪ ،‬هزت رأسها بال ثم‬


‫هتفت‪-:‬‬

‫_ال مش هقول له أنا حرة في نفسي وقراري هو‬


‫خالص مبقاش يعني لي‬

‫‪31‬‬
‫توقفت عن الحديث لتأخذ أنفاسها ثم تابعت‬
‫بغضب‪-:‬‬

‫_وإنتي بالش تدخلي فاللي ما يعنيش ليكي بعد إذنك‬


‫يا ماما أنا هحل أوموري‬

‫مطت "صفاء" شفتيها لألمام بعدم اقتناع‪ ،‬ردت‬


‫عليها ببرود‪-:‬‬

‫_يا ستي مش هدخل بس شايفاكي متذوقة بعد ما‬


‫كنتي رافضة دا‬

‫حدقت بها بعد اكتراث ثم تركتها ورحلت‪ ،‬و دفعت‬


‫الباب خلفها بقوة‪.....‬‬

‫*******‬

‫‪32‬‬
‫ً‬
‫مهمال لذلك الحد‪ ،‬ظلت‬ ‫صرخ به بعلو‪ ،‬كيف يكون‬
‫عيناه الثاقبة عليه‪ ،‬أمسك مستند الصفقة الهامة ثم‬
‫ألقها على األرض‪ ،‬مما جعل "إياد" يشعر‬
‫بالصدمة‪ ،‬بفتور شديد رد على أخيه‪-:‬‬

‫_أنا آسف يا "إياس" وللا كنت راجع تعبان‬


‫وطلبت من "خلود" تصحيني بس هي وال صحتني‬
‫وال ظبطت المنبه‬

‫تأفف "إياس" بشدة‪ ،‬شقيقه ال يستطيع أن يتحكم‬


‫بأموره‬

‫لم يرد عليه قط‪ ،‬قام من مكانه‪ ،‬ليظهر عرض‬


‫منكبيه‪ ،‬وطول‪ ،‬قامته‪" ،‬إياد" يشبه كثيراً‪،‬‬
‫وهذا ما يجعلهم بنظر الجميع أفضل أخوات‪ ،‬في‬
‫كل شيء‪" ،‬إياس" ال يستطيع أن يرأ شقيقه‬
‫حزين‪ ،‬ينهشه قلبه‪ ،‬يحارب تعاسته‬

‫‪33‬‬
‫رد عليه بحنق‪-:‬‬

‫_باهلل عليك يا "إياد" بالش تضيع اللي بنعملوا إحنا‬


‫ما صدقتنا إن شركتنا تقف على رجلها‬

‫هز رأسه بالموافقة‪ ،‬يشعر بالذنب لما فعله في أخيه‪،‬‬


‫اتجه نحوه ليحضتنه بحب قائالً بفخر‪-:‬‬

‫_ربنا يخليك ليا يا "إياس" وتكون دايما سند ليا‬

‫هدر "إياس" في تهكم ساخط‪-:‬‬

‫_يا سالم على البكاش خلص وتعالى ورايا عندنا‬


‫شغل‬

‫‪34‬‬
‫ولكن وقبل أن يخرج‪ ،‬دلفت السكرتيرة الخاص‬
‫بمكتب "إياس"‪ ،‬رسمت بسمة ناعمة قائل ٍة بنبرة‬
‫جادة‪-:‬‬

‫_في واحدة برا رافضة تقول اسمها عاوزة‬


‫حضرتك يا" إياس" بيه‬

‫سمح لها أن تدخلها‪ ،‬من الممكن أن تكون شخصية‬


‫هامة‪ ،‬وبالفعل دلفت الفتاة للداخل ولكنها انتفضت‬
‫مذعورة حين وجدت "إياد" يقف بجانب أخيه‪ ،‬كيف‬
‫سـ تعرض على "إياس" مشكلتها‬

‫ارتبك "إياد" من دخولها‪ ،‬ابتلع ما في حلقه‪ ،‬عبست‬


‫مالمحه حين رأى تلك الفتاة‪ ،‬علق بتوتر‪-:‬‬

‫_"إياس" بابا عاوزنا في حاجة مهمة ياال دلوقتي‬


‫وهي تحكي للسكرتيرة المشكلة‬

‫‪35‬‬
‫استغرب "إياس" أخيه لما تغيرت مالمحه هكذا‪،‬‬
‫رمقه بخوف وأضاف بقلق‪-:‬‬

‫_مال وشك انقلب ليه‪...‬؟‬

‫يبدو أنه أوقع نفسه في مأزق‪ ،‬ارتبك قليالً ولكن‬


‫سرعان ما عادت له الثقة‪ ،‬اصطنع ابتسامته ورد‬
‫بنبرة جادة‪-:‬‬

‫_قلقان على "خلود" و "يحيى" مش بترد عليا بس‬

‫أومأ برأسه بخوف‪ ،‬سرعان ما حدق بالفتاة ومن ثم‬


‫قال باعتذار‪-:‬‬

‫_هنمشي دلوقتي وخدي معاد مع السكرتيرة ولو‬


‫مستعجلة أوي ممكن تحكي ليها‪...‬‬

‫‪36‬‬
‫رمقته بنظرات حادة وهي ترد عليه بغضب‪-:‬‬

‫_أخوك مراته وابنه كويسين المشكلة فيه هو اسال‬


‫نفسك ليه مالمحه اتغيرت بالشكل دا لما أنا دخلت؟!‬

‫مط شفتيه لألمام بعدم اكتراث لما تقول‪ ،‬هو يثق‬


‫بأخيه ثقة عمياء لذا فهو لن يسأل نفسه عن ما‬
‫يحدث ألخيه يعلم أنه صادق بحديثه ولم يكذب قط‬

‫رد عليها "إياس" بتهكم‪-:‬‬

‫_ال مش هسأل أخويا إلني واثق في كالمه "إياد"‬


‫الصياد لما يقول حاجه يبقى أكيد صادق فيها‬

‫‪37‬‬
‫تعالت صوت ضحكاتها مما جعلهم يستغربون‪،‬‬
‫حسمت أمرها لن تدع "إياد" يهرب من حديثها‪،‬‬
‫سـ تكسر ثقة أخيه به‪...‬‬

‫تكلم بنبرة جادة‪-:‬‬

‫_أنا مصدق أخويا أكيد هو صح وبعدين إيه دخل‬


‫"إياد" بالموضوع اللي إنتي جاية له‬

‫ردت عليه بتهكم‪-:‬‬

‫_أخوك كل يوم مع واحدة شكل خرب حياة بنات‬


‫كتير للدرجة إنه خرب حياة أقرب واحدة له حبيبته‬
‫ودلوقتي من أسبوع ضحك على أختي وهي حامل‬
‫منه وجيت عشان تشوف لي حل‬

‫‪38‬‬
‫اتسعت ابتسامة "إياس" غير مصدقًا لم تقوله تلك‬
‫ب‪،‬‬
‫الفتاة‪ ،‬حدق بأخيه الذي كان يرمقها بغض ٍ‬
‫صرخ بها بعنف‪-:‬‬

‫_إنتي مين بعتك تتبالي عليا ها انطقي قولي؟‬

‫أوقفه "إياس" بحركة من يده‪ ،‬تالشت بسمته ثم‬


‫تابع بجدية‪-:‬‬

‫_استنى يا "إياد" إنت بصي يا أستاذة أنا معرفش‬


‫مين بعتك بس أنا واثق جداً فوق مما تتصوري في‬
‫أخويا ومش بس كدا ال أنا واثق في تربية عيلة‬
‫"الصياد"‬

‫ردت عليه بتوسل أن يقف بجانبها ويسمعها‪-:‬‬

‫‪39‬‬
‫_باهلل عليك يا أستاذ "إياس" تسمعني أو تشوف‬
‫الحقيقة من قبل الطرفين‪!...‬‬

‫وضع أنامله أسفل دقنه بتفكير‪ ،‬كان "إياد"‬


‫يتابعه‪ ،‬يخشى أن يوافق على اقتراحها‪ ،‬ولكن رد‬
‫عليها رداً قطعياً‪-:‬‬

‫_معلش بتنفيذ اقتراحك هكون ظالم أخويا وبخرب‬


‫بيته‬

‫توسلت إليه مرة أخرى ‪-:‬‬

‫_باهلل عليك شوف اي حل أنا اختي ادمرت‬

‫ضا مساعدتها‪ ،‬اكتفت هي‬


‫أعطى لها ظهره‪ ،‬راف ً‬
‫بالنظرات إليهم وقالت بقوة ظهرت بصوتها‪-:‬‬

‫‪40‬‬
‫_ماشي بكرا هتعرف إن أخوك دا اللي بدافع عنه‬
‫فعالً كل يوم ما بنت شكل بكرا هتعرف‬

‫_أنا مش عارف يا "إياس" الناس مستكترة عليا‬


‫الفرحة مع ابني ومراتي أنا نفسي أفهم هما عاوزين‬
‫إيه مني بس‬

‫بعبوس مصطنع‪ ،‬دس "إياس يده في‬


‫ٍ‬ ‫قالها "إياد"‬
‫جيب بنطاله‪ ،‬أخرج أوراق المناديل له وقال‬
‫بسخرية‪-:‬‬

‫_خد امسح دموعك اللي ما نزلتش!!‬

‫صرخ "إياد" بالسكرتيرة بحد‪-:‬‬

‫‪41‬‬
‫_أوعي تدخلي حد تاني مش عارفة اسمه وال‬
‫هويته‬

‫أشار "إياس" للسكرتيرة وسمح لها بالخروج‪ ،‬ثم‬


‫جلس بجانب أخيه‪ ،‬سأله بنبرة حنونة‪-:‬‬
‫_أنا واثق فيك يا حبيبي بس قول لي إنت فعالً‬
‫بتعمل كدا‬

‫جحظ "إياد‪ ،‬بعيناه بأخيه‪ ،‬رد بعدم تصديق‪-:‬‬

‫_إنت ازاي تشك في أخوك بالطريقة دي أنا مش‬


‫قادر أصدق وللا‬

‫هم بالوقوف‪ ،‬واتجه نحو الباب بغضب‪ ،‬كاد أن‬


‫يخرج ولكن أوقفه "إياس" بلهفة‪-:‬‬

‫‪42‬‬
‫_استنى يا "إياد" أنا مش بقول كدا عشان شاكك‬
‫فيك أنا بقول كدا إلني بتأكد منك أنا واثق فيك يا‬
‫أخويا‬

‫التفت له ثم قال بنبرة متحمسة‪-:‬‬

‫_طب إذا كان كدا بقى فـ إيه رأيك نروح نتغداء برا‬
‫بعد ما نخلص شغل‬

‫ابتسم "إياس" ووافق على اقترحه ثم قال بحب‪-:‬‬

‫_ياال بقى نروح االجتماع‪!....‬‬

‫حدق "إياد" بأخيه‪ ،‬ال يستطيع أن يخسره‪ ،‬يجب أن‬


‫يأخذ الحذر‪ ،‬أخيه صاحب الطبع الصارم‪ ،‬اذا‬
‫‪43‬‬
‫اكتشف بأن الكالم الذي يقال عنه صحيح سيقطع‬
‫عالقته به‪ ،‬عقد العزم على عقاب تلك الفتاة‬
‫وشقيقتها‪ ،‬اليوم قدر من حب أخيه أن ينفد لكن غداً‬
‫ال أحد يعلم ما سـ يحدث‪!!!....‬‬

‫ابتلع ما في حلقه حين شعر بأن الموضوع إذا‬


‫وصل لـ "حاتم" الصياد أبيه سـ ينتهي تما ًما‪....‬‬

‫صدم بالحائط من كثرة التفكير‪ ،‬حدق به أخيه وقال‬


‫بقلق‪-:‬‬

‫_مش باصص قدام ليه في حد بيفكر وهو ماشي‬


‫خالص انسى اللي حصل؟!‬

‫هز رأسه ولكن لم يرد عليه‪ ،‬لم يجد ما يقوله‪ ،‬تنهد‬


‫بقوة فـ عاد "إياس" يتحدث‪-:‬‬

‫‪44‬‬
‫_بقولك إيه روح ارتاح وأنا هعدي عليك بليل‬
‫نخرج مع بعض‬

‫رفض بشدة وتحجج بـ‪-:‬‬

‫_ال يا حبيبي مش الموضوع دا اللي هيشغل بالي‬


‫أنا هعرف أوقف كل دول عند حد‪.....‬‬

‫وقبل أن يكمل حديثه‪ ،‬وصلت له رسالة من زوجته‪،‬‬


‫فتحها فوجدها تقول‪-:‬‬

‫_أنا قاعدة مع طنط و "حور" عاوزة أقولك إنهم‬


‫بيسألوا عنك وهل بتنزل تخرج بليل وال الء بس أنا‬
‫لسه ما ردتش بس هرد أهو‬

‫‪45‬‬
‫ضا‪ ،‬استغرب "إياس" من‬
‫أسرع للخارج راك ً‬
‫تصرفه‪ ،‬أسرع خلفه وبالفعل لحقه‪ ،‬لهث أنفاسه ثم‬
‫بهلع‪-:‬‬
‫ٍ‬ ‫سأله‬

‫_إيه اللي بيحصلك ها انطق في إيه خالك تجري‬


‫كدا "يحيي" ومراتك كويسين‬

‫ابتلع "إياد" ما في حلقه بتوتر ثم أجابه بذعر‪-:‬‬

‫_تعبان بس متقلقش عليا ياال روح انت االجتماع‬

‫دلف المصعد الكهربي‪ ،‬وترك أخيه يفكر كثيراً‪،‬‬


‫شك "إياس" بأمر أخيه‪ ،‬هل يعقل بأن حديث تلك‬
‫الفتاة صحيح وهو ظلمها‪....‬‬

‫********‬

‫‪46‬‬
‫ظلت على جهاز الحاسوب‪ ،‬تتابع آخر أعمال‬
‫"الصياد" يجب أن تبحث عن عمل‪ ،‬بتلك اللحظة‬
‫دلف أمها ووجهها حزين‪ ،‬حدقت بها بحنو ثم‬
‫قالت‪-:‬‬

‫_أنا عارفة إنك زعالنة مني إلني بفضفض مع‬


‫خالتك في كل حاجة بس وللا أنا زعالنة عليكي‬

‫قامت من فراشها‪ ،‬هي تندم على ما تفعله بوالديها‪،‬‬


‫أمسكت يد والدتها ثم قالت بحب‪-:‬‬

‫_ماما أنا آسفة وللا بس أنا نفسيتي تعبانة شوية!!‬

‫نظرت لها أمها بمحبة‪ ،‬هي ال تستطيع أن تزعل‬


‫منها كثيراً‪ ،‬احضنتها بيدها ثم تابعت بحب‪-:‬‬

‫‪47‬‬
‫_ربنا يخليكي ليا يا "مليكة" ويبعد عنك والد‬
‫الحرام‬

‫شردت "مليكة" في دعوة أمها‪ ،‬شعرت بأن هناك‬


‫تثاقل على صدرها‪ ،‬حدقت بها أمها باستغراب‪ ،‬ما‬
‫أصابها فجأة‪ ،‬أصبحت ترأ ابنتها غاضبة وشاردة‬
‫فقط‪ ،‬وجعها قلبها على حالتها‪ ،‬أمسكت كتفها برفق‬
‫ثم قالت بهدوء جاد‪-:‬‬

‫_بنتي لو فيه حاجة تعباكي قوليلي أنا أمك صاحبتك‬


‫لو مش عاوزة تتجوزي اشتغلي عيشي شبابك لكن‬
‫ما تقلقنيش عليكي‬

‫‪48‬‬
‫هزت رأسها‪ ،‬أمها محقة تماما‪ ،‬بقوة استمدها من‬
‫والدتها بتلك اللحظة قالت‪-:‬‬

‫_ماما أنا قدمت على شغل في شركة "الصياد" اللي‬


‫في القاهرة هنرجع بتنا تاني زي ما إنتي كنتي‬
‫عاوزة‬

‫انتاب "مرڤت" الفرحة العارمة‪ ،‬سـ يعودوا لحياتهم‪،‬‬


‫ابنتها ترجع لحياتها‪ ،‬صرخت بفرحة شديدة‪-:‬‬

‫_يا "مراد" يا حبيبي بنتنا بترجع لحياتها الحمدهلل‬


‫وهتبدأ تشتغل هنرجع القاهرة تاني‬

‫‪49‬‬
‫ابتسمت لفرحة أمها التي ترأها‪ ،‬جاء أبيها من‬
‫الداخل‪ ،‬لقد تنازل عن صرامته‪ ،‬ارتسم على‬
‫مالمحه الحنو‪ ،‬اتجه نحوها‪ ،‬ثم أردف بحب‪-:‬‬

‫_بجد يا "مليكة"!!!‬

‫هزت رأسها‪ ،‬ليشعر بأن الشمس أشرقت على‬


‫منزلهم من جديد‪ ،‬وضع يده على رأسها‪ ،‬قرب منها‬
‫ثم قبلها بحب‬

‫رمقها بقوة متسائالً بابتسامة صغيرة‪-:‬‬

‫_قوليلي يا حبيبتي في حاجة في دماغك عاوزة‬


‫تعمليها؟!‬

‫‪50‬‬
‫هزت رأسها وأجابته بنبرة جادة‪-:‬‬

‫_أنا عارفة إني يا بابا هعطل مصلحك تاني لما‬


‫قررت أجي هنا بقيت رايح جاي على سلسلة‬
‫مطاعمنا هناك ولما فتحت سلسلة هنا هتكون برضه‬
‫رايح جاية هنا أنا آسفة يا بابا‬

‫انكمش حاجبي أبيها باستغراب لما تقوله ابنته‪ ،‬هز‬


‫ضا أن يسمع حديثها‪ ،‬اتجهت نحو الفراش‬
‫رأسه راف ً‬
‫ثم هتف‪-:‬‬

‫_تعالي يا بنتي اقعدي عاوز اتكلم معاكي بقالي‬


‫كتير ما تكلمتش معاكي‬

‫‪51‬‬
‫نظرت له بغرابة‪ ،‬هل أبيها هنا على فراشها ويريد‬
‫التحدث معها‪ ،‬منذ أن اصبحت حالتها النفسية سيئة‬
‫وأبيها منع نفسه من الدخول لغرفتها‪ ،‬ال يستطيع‬
‫أن يراها تتجاوز حدود الحزن‪...‬‬

‫جلست بجانبه بحب‪ ،‬ثم قالت بسعادة‪-:‬‬

‫_وحشتني القاعدة معاكي وللا يا بابا‬

‫زفر" مراد" أنفاسه براحة‪ ،‬ولكن مازال الحزن‬


‫متعلق بداخل قلبه‪ ،‬كيف له أن يسرد لها مدى‬
‫ضعفه‪ ،‬نعم كان يشعر بوجعها‪ ،‬كسرتها كسرت‬
‫قلبه قبل قلبها‪ ،‬دموعها نزلت على خده قبل أن‬
‫تتساقط من عينياها‪ ،‬صدر لها أمها لتجلس معها‬
‫وتعرف ما يحزنها ولكن حتى اآلن ال أحد يعلم ما‬
‫السبب وراء تحويلها من وردة متفتحة لوردة منغلقة‬
‫تما ًما‪...‬‬

‫‪52‬‬
‫وضع يده على كتفها ورد عليها بفتور‪-:‬‬

‫_كنت عارف إني لو كنت قاعد معاكي وإنتي شبه‬


‫ميتة كنت هموت ميت موتة‬

‫دموعها انزلقت من عيناها بعد كالمه‪ ،‬بحزن شديد‬


‫ردت عليه‪-:‬‬

‫_بس يا بابا أنا كنت محتاجك أوي كنت محتاجة‬


‫حضنك ليا كنت محتاجة تقولي مالك‬

‫بثقة رد عليها‪-:‬‬

‫_كنت عارف إن في سبب بس كنت متأكد إنك‬


‫معملتيش حاجه غلط أنا بثق فيكي يا بنتي أكتر ما‬
‫بثق في أي حد تاني‬

‫فتح يده وقال ببسمة بها يقين بـ "مليكة"‪-:‬‬

‫‪53‬‬
‫_كنت واثق في تربية ايدي لبنتي فـ بسؤالي ليكي‬
‫إنتي ليه رافضة حياتك هل عملتي حاجة غلط يبقى‬
‫أنا بشك في التربية دي‬

‫ابتلعت ما في حلقها بحزن‪ ،‬تابعت بنظراتها أمها‬


‫والتي ظلت صامتة تبتسم فقط‪ ،‬بتلك اللحظة أمرها‬
‫"مراد" بـ‪-:‬‬

‫_ ياال يا "مرڤت" خلينا نجهز للسفر‬

‫تركوها بمفردها‪،‬اصابتها الصاعقة من حديث ابيها‪،‬‬


‫وقفت أمام النافذة‪ ،‬تتنهد بشدة‪ ،‬دموعها ال تتوقف‬
‫عن النزول‪ ،‬تتمنى أن تقول ما حدث لها‪ ،‬ولكن ال‬
‫تعلم العواقب‬

‫‪54‬‬
‫ماذا إن قالت ألبيها ما حدث معها هل سـ يظل‬
‫موجوع عليها‪ ،‬بداخلها انكسار ال يعلمه إال هي‪...‬‬

‫اتجهت نحو دوالب مالبسها‪ ،‬ارتدت بدلة‬


‫كالسيكية‪ ،‬عقدت شعرها كذيل الحصان‪ ،‬وعادت‬
‫تجلس على الحاسوب‬

‫فتحت صورة "إياس الصياد" وقالت بحقد‪-:‬‬

‫_"إياس" الشخصية الجادة اللي يا حرام بيخوف‬


‫بيها "إياد" واللي في نفس الوقت نقطة الضعف‬
‫اللي حياته يمكن اغلى من "يحيى" ابنه‬

‫تقوس فمها ببسمة انتصارية ثم أردفت بخفوتِ‪-:‬‬

‫_االنتقام هيكون من أخوك يا "إياد"‬

‫ثم أكملت بكسرة‪-:‬‬

‫‪55‬‬
‫_مش هقدر أقول لعيلتي اللي حصل بس هقدر انتقم‬
‫على اللي عملته يا "إياد" أنا كنت زي أي واحدة‬
‫نفسها تبقى بفستانها حبيتك يا "إياد" بس إنت‬
‫دمرتني‬

‫أغمضت عيناها بقوة‪ ،‬تتذكر كل لحظة عاملت بها‬


‫أهلها بوقحة بسبب ما حدث لها‪ ،‬فرت هاربة من‬
‫حياتها كانت تستعد لتتحول من ضعفها إلى القوة‬
‫التي حصلت عليها‪.‬‬

‫بـ أوقات معين تكون الدموع قوة‪ ،‬تنزلق وتنزلق‬


‫إلى أن تجف فـ يجف الضعف معها‪...‬‬

‫تمتمت بخفوت‪-:‬‬

‫‪56‬‬
‫_لسه الليلة اللي فقد فيها نفسي وحياتي متصورة لي‬
‫ولسه كالمك ليا وبعدك ليا معشش جوايا وليلة‬
‫فرحك اللي كسرتني محفورة في قلبي‬

‫مازالت كلمته في آخر لقاء لهم تتردد بقوة‪-:‬‬

‫_أنا ما تجوزش أبداً واحدة سلمتلي نفسها حتى لو‬


‫هموت في التراب اللي بتمشي عليه‪...‬‬

‫جذت على أنيابها بقوة قائل ٍة بكره‪-:‬‬

‫_عمري ما هنساه اللي قولته عمري ما هنساه انك‬


‫ضحكت عليا باسم الحب وأنا زي الهبلة صدقت‬
‫عمري ما هنساه إني كنت بجحه مع أهلي عشان‬
‫أبين إني ماغلطتش‬

‫‪57‬‬
‫بتلك اللحظة دلفت أمها وسألتها بفزع‪-:‬‬

‫_إنتي بتكلمي نفسك يا "مليكة" في حاجة‬


‫مضايقكي يا قلب ماما‬

‫توترت بشدة‪ ،‬شعرت أن أمها سمعت حديثها‪،‬‬


‫أصابها الذعر‪ ،‬تنحنحت بحرج وقالت‪-:‬‬

‫_اااا‪ ....‬اااماما أنا كنت بظبط نفسي للشغل بس‬

‫ابتسمت والدتها بحب ثم مدت يدها بقالدة ذهب‪،‬‬


‫استغربت "مليكة" وقالت بدهشة‪-:‬‬

‫_إيه يا ماما دا؟!‬

‫‪58‬‬
‫تنهدت "مرڤت" بحزن وأجابتها‪-:‬‬

‫_أما جيت اتجوز ماما ادتني السلسة دي فرحت‬


‫بيها أوي كانت جايبة لي واحدة ولخالتك واحدة‬
‫وقالت لنا لما تخلفوا ادوها لبناتكم أو مراتات‬
‫والدكم‪...‬‬

‫فتحت "مليكة" فاهها‪ ،‬مرة أخرى تتحدث أمها عن‬


‫الزواج‪ ،‬هي ال تعلم بأن قلبها يؤلمها من تلك‬
‫السيرة‪...‬‬

‫كادت أن ترد ولكن إكمال أمها لحديثها جعلها‬


‫تصمت‪-:‬‬

‫_أنا عارفة إنك رافضة الفكرة وأنا مش عارفة‬


‫هموت أمتى هل هشوفك بفستان الفرح وال مش‬
‫هشوفك فـ أنا بدهلك وبتمنى أفرح بيكي‪!!!....‬‬

‫‪59‬‬
‫ازداد وجعها ليس عليها ولكن على أمها‪ ،‬لقد‬
‫فستان بفرحة‬
‫ٍ‬ ‫كسرت أحالم أمها‪ ،‬كيف ترتدي‬
‫زائفة‪ ،‬هل مجتمعها سـ يقبلها بعد فعلتها‪ ،‬الرجال‬
‫جميعهم يمتلكون نفس التفكير‪ ،‬حبيبها ومن فعل بها‬
‫هكذا لم يرضى بها‪ ،‬والحجة هي إنها لن تحافظ‬
‫على بيته‪ ،‬برغم من كونه الرجل الوحيد الذي كان‬
‫بحياتها‪ ،‬هل سـ يوجد رجل يقبل باقية غيره‪....‬‬
‫سـ يقبل فعلتها‪....‬‬

‫‪60‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫انطلق بتهور نحو الطريق دون التفكير في بحركة‬


‫المرور السريعة‪ ،‬يجب أن يصل قبل أن تحكي‬
‫زوجته" شيء‪ ،‬كاد أن ينصدم بإحدى السيارات‪،‬‬
‫ولكن قدر أن يتفادها‪ ،‬وأخيراً وصل إلى منزل‬
‫العائلة‪ ،‬أوقف سيارته فجأة ليحتك األسفلت‬
‫بعجالتها‪ ،‬ارتعدوا جميع العائلة من الصوت‪ ،‬بكى‬
‫ابنه الذي كان نائ ًم‪ ،‬رفعت أمه حاجبها باستغراب‪،‬‬
‫قامت من مكانها لتستقبله قائالً بتساؤل‪-:‬‬

‫_في إيه يا حبيبي إيه اللي جابك على مال وشك‬


‫كدا!!‬

‫‪61‬‬
‫لم يرد عليها بل نظر لزوجته التي تغيرت‪ ،‬نعم‬
‫ليست هي التي تهمل في نفسها وتعاقبه بسبب‬
‫أفعاله‪ ،‬فتح فمه بدهشة‪ ،‬هل تفعل هكذا حتى تبين‬
‫لهم أنها تفعل كل شيء من أجله وباآلخر يخونها‪،‬‬
‫رمقته "خلود" بخبث قائل ٍة له بدالل‪-:‬‬

‫_أخص عليك يا "إياد" كدا تصحي الواد وتخضه‬


‫يا حبيبي براحة وإنت بتوقف عربيتك بعد الشر‬
‫عليك ممكن يحصلك حاجة‪!!!...‬‬

‫ابتلعت امه ما في حلقها بخوف‪ ،‬نعم "خلود" لديها‬


‫كل الحق بكالمها‪ ،‬صرخت به بشدة‪-:‬‬

‫_يا بني مالك رد‪ ،‬مصدوم ليه‪ ،‬وكمان جاي من‬


‫شغلك في إيه؟!‬

‫‪62‬‬
‫فكر فيما سـ يرد على أمه‪ ،‬حدق بها ثم قال‬
‫بجدية‪-:‬‬

‫_ما فيش يا حبيبتي بس كنت حاسس إني قلقان على‬


‫"سلوى الصياد" وال ما ينفعش أقلق على أمي وما‬
‫أطمنش عليها‬

‫ابتسمت السيد "سلوى" بحب‪ ،‬تفتخر دائما‬


‫بأوالدها‪ ،‬نعمة التربية‪ ،‬دائما يطمأن عليها وعلى‬
‫أبيه‬

‫قبل يدها بحب وأردف مكمالً لحديثه‪-:‬‬

‫_ربنا يخليكي يا ماما‬

‫ملست على شعره بحنو‪ ،‬مازالت متعجبة ألمره‪،‬‬


‫سألته مرة أخرى باهتمام‪-:‬‬

‫‪63‬‬
‫_قول لي بقى مالك يا حبيبي؟!‬

‫رد عليها بإجابة مستقرة‪ ،‬اقناعتها‪-:‬‬

‫_تعبان يا ماما وجيت ارتاح لما عرفت إن "خلود"‬


‫هنا‬

‫أومأت برأسها‪ ،‬ابتسمت بوجهه بحب قائل ٍة بحنو‪-:‬‬

‫_طب يا حبيبي اطلع أوضتك ارتاح‬

‫هو يريد هذا بالفعل‪ ،‬دقات قلبه التي تتسارع عليه‬


‫بالراحة لتستقر‪ ،‬يجب أن يتوازن ويعود كما كان‪،‬‬
‫حتى ال يكتشف أحد أمره‪ ،‬كاد أن يدخل ولكن‬
‫أوقفته "خلود" بنبرة جادة‪-:‬‬

‫‪64‬‬
‫_استنى!!‬

‫توقف بخوف اآلن سـ ينتهي كل شيء مع العائلة‪،‬‬


‫أغمض عينه ثم التفت لها‪ ،‬لتكمل هي حديثها بحب‬
‫مصطنع‪-:‬‬

‫_هطلع معاك يا روح قلبي يمكن تعوز حاجة‬

‫ثم نظرت لشقيقة زوجها ومدت يدها بـ "يحيى"‬


‫وقالت برجاءٍ ‪-:‬‬

‫_بعد إذنك يا "حور" تشيلي "يويو" عشان هطلع‬


‫معاه‬

‫‪65‬‬
‫ب ثم أخذت منها الصغير‪،‬‬
‫هزت "حور" رأسها بح ٍ‬
‫ابتسمت له بتحدي ثم قربت منه‪ ،‬تأبطت يدها بيده‬
‫وهتفت بحب‪-:‬‬

‫_ياال يا روح قلبي نتطلع‪!!...‬‬

‫إن كيدهن عظيم‪ ،‬استطاعت أن تجعله يخاف بشدة‪،‬‬


‫الحت بسمة السخرية على وجهها‪ ،‬تنظر له‬
‫بانتصار‪ ،‬لقد أخافت رجل الثالثون‪..‬‬

‫تأكد من أبعدهم عن الجميع فـ أمسكها بيدها بقوة‬


‫وقال بغضب‪-:‬‬

‫_إيه اللي إنتي عملتيه دا بتخوفيني أنا يا "خلود"‬

‫قربت من أذنيه‪ ،‬وتعلقت برقبته وقالت باستفزاز‪-:‬‬

‫‪66‬‬
‫_براحة عشان ما تفضحش نفسك أنا مش هريحك‬
‫وأقول لهم دلوقتي تو تو عارف أمتى‬

‫حملق بها واستمع لها جيداً ثم رد عليها بتوتر‬


‫وقال‪-:‬‬

‫_امتى‪!!...‬‬

‫ابتعدت عنه قليالً ثم ردت بغضب‪-:‬‬

‫_لما أشوفك مذلول ليا ميت مرة!‬

‫رفعت سبابته بوجهه وأكملت‪-:‬‬

‫_ فـ خلي بالك‪!!..‬‬

‫دلفت معه للغرفة‪ ،‬جلست على الفراش‪ ،‬كاد أن‬


‫يجلس ولكنها صرخت به وهتفت‪-:‬‬

‫‪67‬‬
‫_إنت رايح تقعد ال أنا عاوزة أشرب ياال‬

‫كور يده بعصبية‪ ،‬رفع يده بوجهها بتحذير ثم قال‪-:‬‬

‫_إنتي عبيطة إيه ما تخديش على أسلوبك مش‬


‫هتعرفي أبداً تقوليلهم بطلي يا روح قلبي وعدي‬
‫ليلتك‬

‫ضحكت بعلو‪ ،‬ثم قامت تقف أمامه وتقول ببرود‪-:‬‬

‫_وفكرك إني مش عاملة حسابي ومعايا اللي يظبط‬


‫ويقولهم لو عملت لي حاجة وللا طلعت ما بتفهمش‬
‫وال مقطع السمكة وديلها وال نيلة‬

‫بهلع‪-:‬‬
‫ٍ‬ ‫ازدرد ريقه قائالً‬

‫_إيه اللي معاكي واثقة فيه أوي كدا قولي؟‬

‫‪68‬‬
‫غمزت له وقالت بشامتة لحالته‪-:‬‬

‫_أوعى بس تفكر إني هقولك حاجه فـ ريح نفسك‬


‫عشان متزعلش‪!!!...‬‬

‫ً‬
‫مجامال لها وكأنه يقربها منه‪-:‬‬ ‫رد‬

‫_ال خالص أنا مش عاوز أعرف وحتى لو قولتي‬


‫مش مشكلة يا روح قلبي أنا مهما أعمل مش هيكون‬
‫في زيك في قلبي‬

‫رفعت حاجبها ببرود‪ ،‬ضحكت بقوة‪ ،‬نبرته هذه‬


‫أصبحت ال تقتنع بها‪ ،‬تابعت بهيام مصطنع‪-:‬‬

‫_يا حبيبي ربنا يخليك أنا عارفة كدا كويس‬

‫‪69‬‬
‫ثم حولت نبرة صوتها للجدية‪-:‬‬

‫_هو إنت فاكرني عيلة في سنة أولى ابتدائي أنا‬


‫بقيت عارفة اللعيبك فكرك هدوب بكالمك دا ونبي‬
‫بالش‬

‫جذ على أنيابه‪ ،‬كيف يقنعها‪ ،‬ظل يعاتب نفسه على‬


‫أخطائه وأكثر لوم المه لنفسه إنه تزوج تلك الفتاة‪،‬‬
‫وضع يده على وجنتيه بضيق لقد شعر بالصداع‬
‫الشديد يفتق بجمجمته‬

‫تكلم بجمود‪-:‬‬

‫_أنا خارج مش طايق األوضة‬

‫‪70‬‬
‫اقتربت منه وداعبته بيدها‪ ،‬غازلته بتصنع‪ ،‬حلت‬
‫الصدمة على تعابير وجهه ال يعلم لما تتعامل معه‬
‫هكذا‬

‫تضاعف اندهاشه منها فـ قال‪-:‬‬

‫_فيه إيه تاني؟‬

‫بصوت رقيق ردت عليه‪-:‬‬

‫_كنت عاوزة أقولك لو طلعت دلوقتي مامتك هتشك‬


‫وأنا عاملة عليك‬

‫ثم أضافت ببسمة خبثة‪-:‬‬

‫_إيه مش عاوز تقعد معايا وال إيه جرب حتى‬


‫الحالل؟!‬

‫‪71‬‬
‫أجابها برجاء مصطنع‪-:‬‬

‫_باهلل عليكي يا "خلود" اديني فرصة يا حبيبتي‬


‫على األقل عشان "يحيى" ابننا تعالى نبدأ من جديد‬
‫من غير غش وال خيانة‬

‫الحت بسمة السخرية على وجهها‪ ،‬هو ال يصدق‬


‫بأنه قتل كل شيء بداخل قلبها‪ ،‬همست بصرامة‪-:‬‬

‫_بعينك يا "إياد"!!!‬

‫أومأ برأسه موافقًا على كالمها‪ ،‬هي بدأت بتلك‬


‫الحرب التي لن تنتهي إال منه هو‪ ،‬إذا قالت شيء‬

‫‪72‬‬
‫سـ يجعلها تندم على حياتها بأكملها ولن يكتفي بهذا‪،‬‬
‫رفع حاجبه ثم قال بغموض‪-:‬‬

‫_طب خلينا متفقين إنك لو بس حاولتي تقولي لحد‬


‫مش هيحصلك كويس‬

‫ردت مبتسمة لغموضه هذا‪ ،‬ولطريقة تهديده‬


‫المختلفة‪-:‬‬

‫_ونبي بالش تتعامل وكأن اللي واقفة قدامك لسة‬


‫الساذجة بتاعت زمان‬

‫لم يرد عليها مرة أخرى‪ ،‬جلس على األريكة‪،‬‬


‫أخرج علبة سجائر ثم أخرج واحدة وبدأ يلهث‬

‫‪73‬‬
‫أنفاسه منها بشراهة‪ ،‬واحدة تلوها األخرى وهي‬
‫تنظر له‪ ،‬وألول مرة يشعر بالهزيمة‪..‬‬

‫سألته ببرود‪-:‬‬

‫_إنت خارج النهاردة؟‬

‫رد عليها بإيماءة يؤكد به حديثها‪ ،‬ثم قال بمكر‪-:‬‬

‫_آه بس لو عاوزاني أقعد معاكي عيني‬

‫هزت رأسها بال‪ ،‬تعودت على عدم وجوده‪-:‬‬

‫_ال يا حبيبي أنا كنت هقولك لو مش هتخرج ألزم‬


‫تخرج‬

‫أجابها بحنق وهو يرسم ابتسامته‪-:‬‬

‫‪74‬‬
‫_ونبي يا روحي ما تصطنعي البرود على العموم‬
‫أنا خارج مع "إياس"‬

‫رفعت رأسها ونظرت بمقلتيه بسخرية ثم قالت –‬

‫_وللا تخرج مع بنات مع "إياس" مش هتفرق إن‬


‫شاء للا تخرج مع العفريت‬

‫هز رأسه بعصبية من استفزازها ثم علق على‬


‫تغيرها بـ‪-:‬‬

‫_هو إنتي لما اتغيرتي ولبستي وحطيتي روچ‬


‫عملتي كل دا بتثبتي إيه‬

‫ُ‬
‫حيث قالت‪-:‬‬ ‫أغاظته بردها‬

‫‪75‬‬
‫_اللي في دماغي بثبت لكل الناس إني مش مقصرة‬
‫مع "إياد الصياد" فـ ليه كل ليلة بيرجع لي وقميصه‬
‫مليان بريحة برفن حريمي‪...‬‬

‫لم يرد عليها‪ ،‬ظل يفكر فقط في كل األشياء التي‬


‫انقلبت عليه‪ ،‬أغمض عينه بتعب شديد‪ ،‬و غفل‪ ،‬كان‬
‫يجب أن يتوقف عن التفكير‪ ،‬بينما هي فـ جلست‬
‫بفرحة عارمة‪ ،‬أخذت حقها وحق ابنها‪ ،‬وحق الليلي‬
‫التي جعلهم يجلسونها بمفردهم من آجل أن يتمتع‬
‫هو ويفرح‬

‫ال يهمه هل يحب من يتعامل معهم أو يبغضهم‬


‫األهم أن يجد من يهتم برغباته على حسابها‬
‫وحساب الجميع‬

‫******‬
‫‪76‬‬
‫بفجر اليوم اآلخر‪ ،‬استعد الجميع لالنتقال مرة‬
‫أخرى إلى القاهرة‪ ،‬جهزت الحقائب في سرعة‪،‬‬
‫تحدث "كريمة" بعتاب‪-:‬‬

‫_مش كنتوا استنيتوا شوية لحد ما تخلصوا أموركوا‬


‫هنا بدل ما كل شوية رايحين جاين تخلصوا في‬
‫حاجات؟!‬

‫ردت عليها "مرڤت" ببسمة صغيرة‪-:‬‬

‫_ال عشان "مليكة" عندها شغل وقدمت عليه على‬


‫النت‬

‫مصمصت "كريمة" بشفتيها ثم قالت بصوت غير‬


‫مسموع‪-:‬‬

‫‪77‬‬
‫_اقطع دراعي إن البت دي مخبية حاجة كبيرة بس‬
‫هسكت شوية هروح القاهرة وشوية اسكندرية‬
‫ويعيني عليهم دايخين معاها ومش قايلين حاجة‪...‬‬

‫أومأت برأسها بعد أن انتبهت لنظرات الجميع لها ثم‬


‫قالت بهدوء‪-:‬‬

‫_ربنا معاها وربنا يكتب لكم بكل خطوة سالمة‬

‫مدت "مرڤت" يدها لشقيقتها حتى تعطي لها مفاتيح‬


‫الشقة ثم قالت بحب‪- :‬‬

‫_خلي المفاتيح معاكي يا حبيبتي‬

‫أومأت "كريمة" رأسها ثم أخذتها قائل ٍة لها بحنو‪- :‬‬

‫‪78‬‬
‫_خلوا بالكم من نفسك وبنتك وجوزك وطمنيني‬
‫عليكوا لما توصلوا‬

‫هزت رأسها توافقها على ما تقول‪ ،‬حضنتها بقوة ثم‬


‫صعدت السيارة لينطلق "مراد" بأقصى سرعة إلى‬
‫القاهرة‬

‫غفلت "مرڤت" بالطريق بينما "مليكة" فـ ظلت‬


‫مستيقظة‪ ،‬تفكر بقوةٍ‪ ،‬اليوم عبرت هذا الطريق‬
‫مرة أخرى منذ سنتان مرت منه ولكن بحالة من‬
‫الضعف والخوف‪ ،‬والبكاء الشديد‪ ،‬ولكن تعبره‬
‫اليوم وقوتها ازدادت مئات المرات‪ ،‬وكأنها تثبت‬
‫للجميع بأنها لن تسكت ولن تتنازل عن حقها يحب‬
‫أن يتعاقب ذلك البغيض على جميع جرائمه ‪..‬‬

‫أخذت على نفسها وعد‪ ،‬أن يعود حقها ووقتها سـ‬


‫تخبر عائلتها بالحقيقة ولهم حينها حق االختيار فـي‬

‫‪79‬‬
‫انتقامهم منها‪ ،‬لن تحزن بل بالعكس سـ تشكرهم‪،‬‬
‫حاولت أن تعاقب نفسها ولكن ال تستطيع‪ ،‬كلما‬
‫منعت نفسها عن الطعام شعرت بأن هذا العقاب‬
‫ليس لها بل كان ألهلها‪ ،‬كلما كانت تضرب نفسها‬
‫كان هذا أيضا ً يؤلمهم‪ ،‬ولكن ماذا عن الحقيقة‬
‫تشعر بأنها سـ تقتلهم ببطء حين تخبرهم‪...‬‬

‫انتبهت لصوت ابيها وهو يقول باستغراب‪-:‬‬

‫_مالك يا "مليكة" بنادي عليكي من بدري ومش‬


‫بتردي‬

‫أغمضت عينها ثم تصنعت البسمة وقالت‪-:‬‬

‫_سوري يا بابا بس حاسة إني تعبانة شوية‪!!..‬‬

‫‪80‬‬
‫ق عليها رد‪-:‬‬
‫بقل ٍ‬
‫_أجيب لك عالج طيب‪ ،‬أصحي لك أمك؟‬

‫هزت رأسها بال‪ ،‬وعادت تنظر للنافذة‪ ،‬ظلت هكذا‬


‫ساعة واألخرى إال أن انتهى الطريق‪ ،‬توقف أبيها‬
‫أمام باب المنزل ثم قال بحب‪-:‬‬

‫_ياال أنزلوا وارتاحوا شوية‬

‫تنحنحت "مليكة" بهدوء ثم قالت برجاء‪-:‬‬

‫وهروح النهاردة‬ ‫_بابا معلش عندي ‪meeting‬‬


‫فـ بعد إذنك طبعا ً‬

‫كاد أن يرفض ولكن لحقته "مرڤت" وردت هي‪-:‬‬

‫_روحي يا حبيبتي‬
‫‪81‬‬
‫وقبل أن تغادر أضافت‪-:‬‬

‫_متغبيش يابنتي و خدي عربية أبوكي معاكي أكيد‬


‫عربيتك اللي هنا ناقصها بنزين‬

‫هزت رأسها بالموافقة ثم أخذت بالفعل المفاتيح‪،‬‬


‫اشعلت محرك السيارة ثم انطلقت من أمامهم‬

‫حدق "مراد" بزوجته بحد قائالً لها‪-:‬‬

‫_ليه خلتيها تمشي كان ألزم تقعد معانا وترتاح‬

‫هزت رأسها ثم اقتربت منه بحب وقالت‪-:‬‬

‫_أكبر غلط إننا نسبها وما نوافقش على نجاحها‬

‫‪82‬‬
‫نعم هي كالمها صحيح يجب أن تعود للحياة‪ ،‬فتح‬
‫منزله‪ ،‬عادت ذكرياتهم‪ ،‬أوجاع ابنتها‪ ،‬وتحويل‬
‫نفسيتها إلى الحزن‪ ،‬جلس "مراد" يفكر في تفكير‬
‫ابنته وما الذي تريده من حياتها‬

‫زفر بشدة مما جعل زوجته تستغربه وتسأله‪-:‬‬

‫_مالك يا "مراد" بتفكر في إيه؟!‬

‫بعبوس‪-:‬‬
‫ٍ‬ ‫تنهد بقوة ثم أجابها‬

‫_خايف يا "مرڤت" !!‬

‫انكمش حاجبها باستغراب‪ ،‬ما الذي يخيفه‪ ،‬هل يفكر‬


‫في أمر ابنتهم‪ ،‬جلست بجانبه ثم أمسكت يده قائالً‬
‫بحب‪-:‬‬

‫‪83‬‬
‫_متخافش عليها هي هتكون كويسة‬

‫ُ‬
‫حيث لم يقتنع بما يحدث‪،‬‬ ‫ازدرد ما في حلقه بتوتر‬
‫رد عليها بنبرة جادة‪-:‬‬

‫_افهميني يا "مرڤت" بنتك راجعة هنا لسبب معينة‬


‫وكمان مخبيه‬

‫بضيق شديد ردت عليه‪-:‬‬

‫_انت بتشك فيها؟‬

‫ال تفهم مقصده‪ ،‬هز رأسه بضيق‪ ،‬زوجته ال تريد‬


‫إال أن تبتسم ابنتها وتظهر لها بأنها في حالة أفضل‬
‫فقط‪ ،‬ال تريد أن تعرف ما السبب وراء أوجاع قلبها‬

‫‪84‬‬
‫تنهد بقوة ثم عاتب عليها بنبرة هادئة‪-:‬‬

‫_يا حبيبتي أنا مش بشك في بنتي بدليل إني قولتلها‬


‫دا أنا بس عاوز أعرف السبب وراء حالتها من‬
‫حقي أعرف‪..‬؟‬

‫قامت من مكانها واتجهت تفتح الغرف بعد أن قالت‬


‫‪-:‬‬

‫_عارفة قصدك خلينا دلوقتي نقوم ونرتاح وبعد كدا‬


‫نبقى نشوف هنعمل إيه؟‬

‫لم يرد عليها فضل الصمت‪ ،‬ظل يفكر إال أن تعبته‬


‫جمجمته‪ ،‬قرر أن يدلف لغرفتها‪ ،‬يشعر أن اللغز‬
‫بداخلها‪ ،‬دخلها كثيراً ولم يجد شيءٍ ولكنه متيقن‬
‫بأن كل ما يبحث عنه بها‬

‫‪85‬‬
‫دلف كـ المجنون يبحث عن ما تعب ابنتها‪ ،‬سـ يأخذ‬
‫لها حقها من أي شيء يحزنها‪...‬‬

‫فتح حاسوبها القديم‪ ،‬ولحسن الحظ كان حساب‬


‫ابنته مفتوح عليه‪ ،‬دلف يتفحصه ولكنه ال يفهم في‬
‫التكنولوجيا‪ ،‬بعلو هتف وهو يدقق بعينه في‬
‫الصفحة الخاصة بابنته‪-:‬‬

‫_"مرڤت" يا "مرڤت" ؟!‬

‫ردت عليه "مرڤت" بنبرة منهمكة من ترتيب‬


‫المنزل‪-:‬‬

‫_نعم يا "مراد" عاوز إيه؟!‬

‫سألها بلهفة‪-:‬‬

‫‪86‬‬
‫_بتفهمي في التكنولوجيا‬

‫وقبل أن ترد هاتفتهم "مليكة" تسألهم بحد‪-:‬‬

‫_هو فيه حد فاتح الكمبيوتر بتاعي‬

‫ردت عليها "مرڤت" التي ابتلعت ريقها بخوف‬


‫وردت عليها بهلع‪-:‬‬

‫_ال ال يا حبيبتي مقفول‬

‫قفلت الهاتف مع ابنتها‪ ،‬ومازال زوجها عند رأيه‪،‬‬


‫يجب أن يجد ما يرح قلبه‪ ،‬فتح خزانتها‪ ،‬يبحث‬
‫في الهدايا الخاص بها وفي أشيائها‪ ،‬لم يجد إال‬
‫رماد‪ ،‬يبدو أنها أشعلت النيران بشيء ما‬

‫رمق زوجته بغضب ثم قال‪-:‬‬

‫‪87‬‬
‫_بنتك حارقة حاجات في األوضة دا معناه إيه كل‬
‫دا ما شوفتهوش‪....‬‬

‫حدقت به وردت عليه برجاء‪-:‬‬

‫_باهلل عليك بالش تقلب في حاجاتها إنت قولت لها‬


‫أنا واثق فيكي وبعدين الكالم دا كان من سنتين‬

‫بدأ يشك في ابنته‪ ،‬أغمض مقلتيه ثم قال بحزن‪-:‬‬

‫_كنت واثق لكن دلوقتي ال أنا لما مادورتش كان‬


‫ألزم إنتي ترويقي وراها وتشوفي مش نمشي‬
‫ونسمع كالمها أنا ما كنتش قادر اقف في وش اللي‬
‫تعبها لكن إنتي إيه ها‬

‫‪88‬‬
‫هو محق تماماً‪ ،‬الحقائق تظهر اآلن‪ ،‬بتوتر شديد‬
‫ردت عليه‪-:‬‬

‫_هيكون إيه أكيد كانت متنرفزة وحرقتهم إنت بس‬


‫مشغول بالك‬

‫وسوس الشيطان في مخيلته‪ ،‬واقتنع بحديثه‪ ،‬ما‬


‫الشيء التي تخفيه ويجعلها تهاتفهم وتصرخ حتى‬
‫يغلقوا حسابها‪...‬‬

‫لما تحرق أشيائها الهامة‪ ،‬هل كانت غاضبة‪ ،‬لما لم‬


‫تحرق الغرفة بإكمالها والبيت معها‬

‫أمر زوجته بضيق‪-:‬‬

‫_روحي أعملي لي قهوة‬

‫‪89‬‬
‫اتجهت نحو المطبخ أما هو فـ ظل بالغرفة‪ ،‬عاتب‬
‫نفسه بقوة‪-:‬‬

‫_جاي تدور على إيه دلوقتي؟‬

‫أضاف بتمني‪-:‬‬

‫_يارب يا بنتي ما يكون حد وجعلك قلبك وموقفة‬


‫حياتك عشانه‬

‫******‬

‫وصلت أمام شركة "الصياد"‪ ،‬ازدادت دقات قلبها‬


‫بشدة‪ ،‬شعرت بالخوف لبرهة‪ ،‬هل سـ تحن لـ"‬
‫إياد"‪ ،‬ال لن يحصل هذا‪ ،‬هي قوية‪ ،‬عاشت عامين‬
‫تكره فيهم نفسها حتى تكرهه‪ ،‬دلفت من باب‬

‫‪90‬‬
‫الشركة‪ ،‬بنظرات ثاقبة‪ ،‬صوت كعب حذائها كان‬
‫يدل على أن تلك الفتاة تختلف عن الجميع‪..‬‬

‫وقفت أمام مكتب االستقبال ثم سألت بنبرة جادة‪-:‬‬

‫_فين مكتب "إياس" بيه‪...‬؟!‬

‫رد الموظف عليها بجدية‪-:‬‬

‫_فوق في الدور الرابع‬

‫هزت رأسها وشكرته ثم صعدت للغرفة‪ ،‬جلست‬


‫أمام السكرتيرة‪ ،‬تنتظر معادها مع "إياس" بتلك‬
‫اللحظة سمحت لها السكرتيرة أن تدخل‪-:‬‬

‫_اتفضلي يا "مليكة"‬

‫‪91‬‬
‫قامت بثبات ثم دلفت‪ ،‬وجدته يعطيها ظهره‪،‬‬
‫رفعت رأسها ثم قالت بنبرة جادة‪-:‬‬

‫_ "إياس" بيه!!!‬

‫لقد اعتاد "إياس" لسماع هذا الصوت األنوثي‬


‫الرقيق‪ ،‬يمزجه الطفولة‪ ،‬لقد اشتاق على سماعه‪،‬‬
‫مر أسبوع ولم يسمع صوتها‪ ،‬شعر أن العالم توقف‪،‬‬
‫التفت في سرعة فوجد الفتاة التي تحتفظ بجمالها‪،‬‬
‫يرأ أن وجهها يشبه المالئكة‪ ،‬ابتسم بهدوء وأمرها‬
‫بـ‪-:‬‬

‫_تعالي أقعدي اتفضلي‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫تقدمت نحو المقعد بكل رقة وثقة‪ ،‬لقد اعتمدت على‬
‫فعل هذا الشيء‪ ،‬وكأنها تتوقع انجذابه لها‪ ،‬سألها‬
‫بجدية‪-:‬‬

‫_ليه يا باش مهندسة ما جربتيش تشتغلي قبل كدا‬

‫ببسمة جعلتها تزداد جماالً على جمالها ردت عليه‪-:‬‬

‫_ ألني كنت حابة ارتاح من الدراسة مش أكتر‬

‫بصرامة مصطنعة قال‪-:‬‬

‫_طب قومي يا أستاذة على شغلك أنا شايف‬


‫الصراحة إن شهاداتك واجابتك في االنترفيوا اللي‬
‫اتعملك في مكالمة الفيديو مع استاذ "مصطفى"‬
‫يخليني أقبلك‬

‫‪93‬‬
‫حدقت به بشكر ليس ألنه تقبلها بشركته هي حتى ال‬
‫يهمها العمل معه‪ ،‬ولكن ألنه قربها من الشيء التي‬
‫تريده‪ ،‬قامت من مكانها بعد أن قالت بهدوء‪-:‬‬

‫_شكرا يا فنـ‪....‬‬

‫قاطع كالمها دخول "إياد" الذي كان يتحدث‬


‫بضيق‪-:‬‬

‫_هو وإنت مضيت ورق الصفقة اللي مع شركة ‪uk‬‬

‫تجمدت بمكانها‪ ،‬سمعت صوته من جديد‪ ،‬قشعر‬


‫بدنها‪ ،‬شعرت بالقرف من نفسها ومن هذا الذي‬
‫يقف خلفها‬

‫عادت للماضي وهو يقول لها بهمس مزيف‪-:‬‬

‫‪94‬‬
‫_يا حبيبتي احنا مش بنعمل حاجة غلط احنا كدا كدا‬
‫هنتجوز‬

‫استسلمت له بعد كلمته برغم التردد الذي كان‬


‫ينتابها‬

‫فتحت عيناها لتعود على صوت "إياس" وهو‬


‫يسألها بدهشة‪-:‬‬

‫_مالك روحتي فين؟ ليه ما روحتيش مكتبك‬

‫ابتلعت ما في حلقها‪ ،‬شعرت أنها تريد بعض الماء‪،‬‬


‫األكسجين انسحب من جسدها‪ ،‬ردت بهدوء‪-:‬‬

‫_ال يا فندم بس حسيت إني دخت شوية‬

‫‪95‬‬
‫بمزح رد "إياس" عليها‪-:‬‬

‫_ال مش من اولها!!‬

‫فتح "إياد" فاهه بصدمة‪ ،‬هل بالفعل سمع صوتها‬


‫أم إنها مجرد تشابه في األصوات‪ ،‬هز رأسه بعدم‬
‫استعياب‪ ،‬ال يريد أن يحدث مشكلة له بعودتها‪،‬‬
‫ُ‬
‫حيث كانت تعطي له‬ ‫اقترب حتى يرأ وجهها‬
‫ظهرها‪...‬‬

‫ولكن صرامة أخيه معه جعلتها يقف بانتباه‪-:‬‬

‫_مالك يا "إياد" واقف كدا ليه؟!‬

‫بتوتر شديد قال‪-:‬‬

‫‪96‬‬
‫_طب جاوبني عشان امشي‬

‫لم تمهله "مليكة" فرصة حتى يرد "إياس" عليه‪،‬‬


‫وكأنها تثبت بأنه لن يجيبه بعد اليوم على شيءٍ ‪-:‬‬

‫_عن اذنك استاذ "إياس"‬

‫هز "إياس" رأسه‪ ،‬وراقبها حتى تخرج و ينفرد‬


‫بأخيه بعد رحيلها‬

‫التفتت رافعة حاجبها‪ ،‬والقوة هي الشيء الوحيد‬


‫المرافق لها‪ ،‬تشعر ببعض الدقات السريعة ولكن‬
‫تلك الدقات لن تؤثر على انتقامها‪...‬‬

‫تقابلت أعيونهم ببعض‪ ،‬هناك كالم كثير بداخله‪،‬‬


‫هي حبيبته وبرغم من عدم تقبله لها إال أنه ال‬

‫‪97‬‬
‫يستطيع أن يعتبرها شيءٍ غير حبيبته‪ ،‬جميع‬
‫النساء أمام كافتها يخسرن‪ ،‬زوجته‪ ،‬أم ابنه أمامها‬
‫تحت األرض وهي تظل في السماء العالية‬

‫لما جاءت وبعد سنتين‪ ،‬حذرها أال تأتي لعائلته‪،‬‬


‫قال أنهم لن يصدقوها‪ ،‬وبعدت بالفعل ولكن‬
‫وصولها بهذا الوقت‪ ،‬يعني أنها لن تقول شيءٍ‬

‫اقتربت "مليكة" منه بدون حديث ليردف بغير‬


‫وعي‪-:‬‬

‫_"مليكة"!!!!‬

‫استغرب "إياس" من معرفة "إياد" بـ "مليكة"‬


‫يبدو أنه يعرفها من نظراته لها‪ ،‬يرأ أن أخيه‬
‫متوتر‪ ،‬هز رأسه بعدم استعياب وسأله‪-:‬‬

‫‪98‬‬
‫_إنت تعرف "مليكة" يا "إياد"‬

‫ُ‬
‫حيث ردت "مليكة" وعيناها متعلقة بـ‬ ‫لم يرد عليه‪،‬‬
‫"إياد"‪-:‬‬

‫_معتقدش إني أعرفه بس ممكن يكون شاف الفيديو‬


‫اللي كان مع استاذ" مصطفى" أو يسمع عن مطاعم‬
‫بابا واللي صورتي محطوطة في كل مطعم‬
‫لينا‪!!!...‬‬

‫اقتنع "إياس" بحديثها‪ ،‬رد عليها ببسمة بسيطة‪-:‬‬

‫_يبقى أكيد شافك في الصور ألنه مش بيحب‬


‫يشوف فيديوهات المقابالت اللي بتحصل وال حتى‬
‫بيحب االنترفيوا برغم إن أنا صارم عنه إال أنه مش‬
‫بيمسك نفسه في حاجة زي كدا‬

‫‪99‬‬
‫رمقته "مليكة" بنظرات اعجابيه مزيفة قائل ٍة‬
‫بفخر‪-:‬‬

‫_باين إنك متمكن يا "إياس" بيه‬

‫ثم استأذنت بهدوء حتى تخرج‪-:‬‬

‫_عن اذنكم هروح أبدأ شغل‬

‫تنفس براحة يجب أال يعلم أخيه بأنه يعرفها ولكن‬


‫استفزازها الشديد يغضبه بشدة‪ ،‬لما تقلل منه أمام‬
‫أخيه‪ ،‬لما جاءت‪ ،‬هل جاءت من أجل أن تحصل‬
‫على المال‪ ،‬ال هي ال يهمها النقود ‪!!!...‬‬

‫بعد أن خرجت قال "إياد" بضيق‪-:‬‬

‫‪100‬‬
‫_الصراحة أنا مش مرتاح لها في مهندسين كتار يا‬
‫برنس‬

‫_وإنت عرفت منين انها مهندسة؟؟؟‬

‫قالها "إياس" باستغراب‪ ،‬الذي شعر أن أخيه يخفيه‬


‫عليه شيءٍ ما‪...‬‬

‫ارتبك "إياد"‪ ،‬فكر في اجابة سؤاله‪ ،‬بعد فترة من‬


‫الوقت رد عليه‪-:‬‬

‫_في مطاعم أبوها بيتكلموا كتير عن المهندسة"‬


‫مليكة" وبعدين ما فيش مكان فاضي عندنا‬
‫لمهندسين الديكور عندنا تالتة في الشركة‬

‫هز رأسه بعدم اكتراث فـ عاد "إياد" وسأله‪-:‬‬

‫‪101‬‬
‫_إنت نزلت أمتى إنك محتاج مهندسين ديكور؟؟‬

‫ابتسم له ثم قال بهدوء‪-:‬‬

‫_ال هي صاحبتي مش مجرد مهندسة وبس‬

‫_وإنت من أمتى عندك أصدقاء بنات معرفهمش‬

‫تعجب من أسئلته الكثيرة رد عليه بغضب‪-:‬‬

‫_هو في إيه مش هنخلص من موضوع "مليكة" يا‬


‫بني هي بنت زي أي بنت عرفتها عن طريقة حادثة‬
‫وبعدين شغلها زي أي شغل واحدة واشتغلت‬

‫حاول أال يجعل الشكوك تتسرب لقلب أخيه فـ قال‪-:‬‬

‫_تمام‬

‫ابتسم له ثم سأله بحنو‪-:‬‬

‫‪102‬‬
‫_عامل إيه النهاردة؟؟‬

‫رد عليه بحب‪-:‬‬

‫_الحمدهلل النهاردة أفضل أنا هروح للدكتور لو لقت‬


‫نفسي مصدع تاني‬

‫رفع "إياس" حاجبه بهلع‪ ،‬أي صداع هذا الذي‬


‫يقتحم رأس أخيه‪-:‬‬

‫_ طب يا بني مستني إيه روح أعمل تحليل ليك‬


‫ولمراتك وابنك‬

‫أومأ برأسه بضيق‪ ،‬هو ال يريد أن يطمئن على‬


‫زوجته بل يريد أن يقرأ عليها الفاتحة‪..‬‬

‫‪103‬‬
‫ابتسم له ثم قال بحب‪-:‬‬

‫_طيب هروح أنا عشان اشتغل ألزم أكمل شغلي‬


‫بدل ما أبوك يزعق لي‬

‫رفع حاجبه وسمح له بالخروج‪-:‬‬

‫_ماشي روح إنت؟!‬

‫خرج "إياد" من المكتب‪ ،‬يتسأل مع نفسه‪ ،‬كيف‬


‫جاءت "مليكة" لمكتب أخيه‪ ،‬كيف تعرفت عليه‪،‬‬
‫أصابه الفضول الشديد‪ ،‬يريد أن يعرف كل شيءٍ ‪،‬‬
‫تأفف بشدة‪ ،‬هل أفعاله سـ تنقلب ضده‪ ،‬اتجه إلى‬
‫مكتب المهندسة الجديدة‪ ،‬يجب أن يتحدث معها‪،‬‬
‫يجب أن يعرف لما جاءت‪ ،‬هل تريد تعويضا ً عما‬
‫فعل‪ ،‬ال يعتقد ذلك‪ ،‬حالتها االجتماعية تشبه‬

‫‪104‬‬
‫حالتهم‪ ،‬هل جاءت حتى تحرمه من أخيه وأعز ما‬
‫يملك‪ ،‬نعم هو كان يقول لها بأن "إياس" بالنسبة‬
‫له ماله وحياته‪ ،‬مكانته بقلبه أعلى من مكانة أمه‬
‫وأبيه‬

‫متصلب بمكانه‪ ،‬هل يمكنها‬


‫ً‬ ‫هي تعلم هذا‪ ،‬وقف‬
‫فعل هذا‪ ،‬ال لم تفعلها‪ ،‬هي طيبة القلب‪ ،‬ولكن ما‬
‫خسرته بكل برود منه كان أعز من ممتلكاتها‪،‬‬
‫فقدت حياتها من أجل الحب‪ ،‬يعلم أنها أحبته أكثر‬
‫من كل شيء بحياتها‪ ،‬كان يعلم بأنها لن تخونه‪،‬‬
‫وإن استسالمها من أجله فقط ولن تستسلم لغيره‪،‬‬
‫عاد يسير لطريق مكتبها‪ ،‬دق على باب المكتب‬
‫وانتظر أن تسمح له بالدخول‬

‫‪105‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫ابتسمت فور سماعها لصوت دقات الباب‪ ،‬تعلم من‬


‫الطارق‪ ،‬سمحت له بالدخول‪ ،‬متيقنة الحديث الذي‬
‫سـ يقال‪ ،‬دخل وعيناه مليئة بالتساؤل وبذات الوقت‬
‫مشتاق لها‪ ،‬هو ال يستطيع أن ينكر بأنه بدونها‬
‫ضائع‪ ،‬بحث عنها بكل شارع في القاهرة‪ ،‬كان‬
‫يريد أن يظلوا أحباء فقط‪ ،‬تكلم بضيق ‪-:‬‬

‫_إيه اللي جابك؟!‬

‫لم تنظر له قط‪ ،‬مازالت تركز باألوراق‬


‫الموضوعة أمامها‪،‬‬

‫قرب من مكتبها ثم جذ على أنيابه وقال بحد‪-:‬‬

‫‪106‬‬
‫_لما أكلمك تبصي لي يا "مليكة" فاهمة وال الء‬
‫إنتي عارفة إني مش بحب أكون بكلم حد وما‬
‫ينتبهش ليا أنا ما تغيرتش على فكرة‬

‫رفعت رأسها بكل برود وقالت بهدوء يسبق‬


‫العاصفة التي تحمل براكين بداخل قلبها‪-:‬‬

‫_بس أنا اتغيرت واتغيرت كتير وعشان تيجي‬


‫وتقف قدامي تعملي مليون حساب ليا‬

‫رفع حاجبه بضيق‪ ،‬حدق بالباب‪ ،‬خائف أن يسمع‬


‫أحد حديثهم‪ ،‬لذا فـ قال بنفاذ صبر‪-:‬‬

‫_ينفع نتقابل برا في أي مطعم أو كافيه لو سمحت‬

‫رفعت حاجبها ومازالت تتحدث بنفس نبرة البرود‪-:‬‬

‫‪107‬‬
‫_بصفتك إيه!!! أنا شايفة إنك حد معرفهوش فما‬
‫دتيش لنفسك الحق إنك تتعامل معايا بعشم أوي كدا‬

‫صدم من حديثها‪ ،‬أصابها الجفاف‪ ،‬تلك التي‬


‫تتحدث فتاة ال يعرفها‪ ،‬رد عليها بلهفة‪-:‬‬

‫_حبيبك اللي حبتيه اللي كنتي تتمني الموت لو‬


‫حصله مكروه وتعب‬

‫هزت رأسها ثم وبسخرية قالت‪-:‬‬

‫_لما بنتعب من حاجة من علجها عشان ما نفضلش‬


‫نتوجع وأنا اتعلجت من وجودك في حياتي‬

‫أضافت ونظراتها متعلقة بالباب‪-:‬‬

‫‪108‬‬
‫_ضيعت من وقتي كتير وأنا عندي شغل يا أستاذ‬
‫"إياد" اتفضل روح شوف شغلك‬

‫فتح فاهه باندهاش‪ ،‬تأمره في شركته‪ ،‬من هو‬


‫صاحب العمل‪ ،‬هو أم هي‪ ،‬اشتاط من الغضب‪،‬‬
‫صرخ بها بحد‪-:‬‬

‫_"مليكة" إيه اللي إنتي بتعمليه دا دي أصالً شركتي‬


‫افتكري دا كويس‬

‫بثقة شديد قالت‪-:‬‬

‫_ماحدش عارف شركتك هتفضل شركتك وال إيه‬

‫بعدم فهم رد على ما تقوله‪-:‬‬

‫‪109‬‬
‫_قصدك إيه ها؟! جاوبيني ومتخليش دماغي تروح‬
‫وتيجي كتير‬

‫ابتسمت ببرود ثم أجابته‪-:‬‬

‫_مش مهم يا "إياد" بيه األهم باللي هيحصل‬

‫تأكد بأن عودتها تحمل الكثير لحياته‪ ،‬التي سـ تنقلب‬


‫رأسا ً على عقب بسببها‬

‫حاول أن يجعلها تثق به مرة أخرى‪ ،‬جلس أمامها‬


‫ب لعل الحنين يعود‪-:‬‬
‫وقال بح ٍ‬
‫_إنتي متعرفيش أنا دورت عليكي قد إيه؟!‬

‫قهقهت بشدة‪ ،‬هي ال تسطيع أن تمنع ضحكتها حتى‬


‫من العلو‪ ،‬بحث عنها‪ ،‬أي بحث هذا الذي يتحدث‬

‫‪110‬‬
‫عنه‪ ،‬استغرب من حالتها‪ ،‬ما أصابها ال يعلم‪،‬‬
‫سألها بفضول‪-:‬‬

‫_مالك إيه اللي ضحكک بالطريقة دي!!!‬

‫ُ‬
‫حيث ال تستطيع أن تتوقف عن‬ ‫ردت عليه بتقطع‬
‫ضحكتها‪-:‬‬

‫_أصلك‪ ....‬واثق‪ ...‬أوي من نفسك‬

‫شعر بالغضب الشديد منها ومن أسلوبها المستفز‪،‬‬


‫صرخ بها بعلو‪-:‬‬

‫_بطلي تضحكي عليا بالش أسلوبك دا ما‬


‫تعصبنيش‬

‫‪111‬‬
‫توقفت عن الضحك‪ ،‬واعتدلت في جلستها‪ ،‬عادت‬
‫مالمحها إلى الجدية‪ ،‬أمسكت أوراق المناديل‪،‬‬
‫مسحت دموعها ثم قالت‪-:‬‬

‫_سوري وللا بس ضحكتني حب إيه يا "إياد"‬


‫ونبي ما ضحكني‬

‫أمسك يدها وأردف بحب‪-:‬‬

‫_حبنـ‪....‬‬

‫سحبت يدها بشدة وحذرته بسبابتها‪-:‬‬

‫_أوعى تاني مرة تمسك ايدي أنا مش حبيبتك وال‬


‫من اللي عاوزين يبقوا معاك وفي حياتك‬

‫‪112‬‬
‫هز رأسه بندم ورد عليها بهدوء‪-:‬‬

‫_حقك تزعلي وللا بس آسف‬

‫ابتسمت بسخرية قائلة بوجع حاولت أن تخفيه‪-:‬‬

‫_هو إنت ليه محسسني إنك أخد مني كيس شبس‬


‫كان نفسي آكله إنت سحبت مني حياتي‬

‫رد عليها بنبرة صادقة‪-:‬‬

‫_بس بحبک وللا بحبک‬

‫_مشكلتك إنك فاهم الحب غلط اللي بيحب بيحمي‬


‫حبيبه حتى من نفسه وإنت أول واحد دوست على‬
‫اللي بتحبه‬

‫‪113‬‬
‫انهت كالمها ولم يرد عليها يفكر في الحديث الذي‬
‫سـ يجابها عليه‪ ،‬أما هي فـ نظرت له بغضب‬
‫وتابعت حديثها بنبرة أكثر قوة‪-:‬‬

‫_اطلع برا يا "إياد وياريت ما تجيش هنا تاني وال‬


‫تحاول تقرب لمكتبي ساعتها مش هيحصلك كويس‬
‫قوم ياال‬

‫بلهفة شديدة قال‪-:‬‬

‫_أنا وللا لسة بحبك ومستعد اتجوزك وأصلح اللي‬


‫حصل بنا‬

‫‪114‬‬
‫هزت رأسها بلهفة مصطنعة‪ ،‬هل عاشقها الذي‬
‫خانها يتحمل غلطته بعد عامين من فعلته‪ ،‬ال‬
‫تستطيع أن تصدق‪ ،‬سألته بفضول‪-:‬‬

‫_وللا وهتقول للعيلة إيه ومراتك وابنك إيه؟!‬


‫وعيلتي أنا هتوافق بواحد متجوز ومخلف‬

‫بتلعثم شديد أجابها‪-:‬‬

‫_ال ما هو إحنا هنتجوز عرفي هو مش عرفي أوي‬


‫يعني عيلتك يعرفوا وعيلتي أنا ال عشان العيلة‬
‫متزعلش مني‬

‫رفعت حاجبها بصدمة‪ ،‬ألهذا الحد هي رخيصة‪،‬‬


‫تنهدت بقوة ثم قالت بحد‪-:‬‬

‫‪115‬‬
‫_لسه مجرد واحدة رخيصة ماتصلحش إن أهلك‬
‫يشوفها اطلع برا وإال أقسم برب العباد لهطلعك من‬
‫هنا على نقالة‬

‫نظر لها بتحدي‪ ،‬لقد أغضبته‪ ،‬يحيلها وال تتقبل‪،‬‬


‫رفع رأسه ثم هتف بثقة‪-:‬‬

‫_على فكرة طالما بقيتي مغرورة يبقى ألزم تعرفي‬


‫إني هطلعك من هنا بأي طريقة ثانيا ً إنتي هتفضلي‬
‫ليا لوحدي ومش لحد تاني‬

‫صرخت به بعصبية‪-:‬‬

‫_أخرج برا بقولك‬

‫‪116‬‬
‫ظلت تبحث عن شيءٍ ما حتى تضربه به ولكن لم‬
‫تجد‪ ،‬بتلك اللحظة تفاجئت بدخول" إلياس" الذي‬
‫قال بذعر‪-:‬‬

‫_كنت معدي من عند مكتبك وسمعت صوتك عالي‬

‫انتبه إلى أخيه الذي توتر‪ ،‬انكمش حاجبه باندهاش‪،‬‬


‫يرأ أن الغموض مرسوم على وجههم بشدة‪ ،‬ابتلع‬
‫"إياد" ما في حلقه ثم ابتسم بسمة يمألها الخوف‬
‫ومن ثم قال‪-:‬‬

‫_طيب هقوم أنا!! عاوزة حاجة يا أستاذة "مليكة"‬

‫‪117‬‬
‫كاد أن يخرج ولكن أمسك "إياس" يده بقوة ثم‬
‫تحدث بتساؤل‪-:‬‬

‫_في إيه كنت متنرفز "مليكة" ليه‬

‫استغلت "مليكة" ما يحدث فـ قالت‪-:‬‬

‫_أستاذ "إياس" أنا هقدم استقالتي‬

‫همت بالوقف‪ ،‬لملمت أشيائها‪ ،‬ارتدت حقيبتها‬


‫واتجهت باتجاه الباب وقالت بكل كبرياء‪-:‬‬

‫_بعد إذنك عديني أنا ميت شركة تستقبلني مش بس‬


‫شركة الصياد أنا لما جيت هنا يا "إياس" مش جيت‬
‫بسبب وسطتك بالعكس أنا جيت عشان قدرت شغلي‬
‫وإن شركتكم محظوظة بشغلي فيها‬

‫‪118‬‬
‫شك أن أخيه أزعجها‪ ،‬نظر له بحد وقال‪-:‬‬

‫_"إياد" إنت قولتلها إيه خلتها تنزعج كدا‬

‫رمقها "إياد" بضيق ماذا تفعل‪ ،‬هل خطتها هي أن‬


‫تكسر عالقته مع أخيه‪ ،‬ابتسم بسخرية أخيه لن‬
‫يفعلها ولن يتركها تكسر ما بينهم‬

‫هز رأسه وقال‪-:‬‬

‫_معملتش حاجة أنا دردشت شوية معها مش أكتر‬

‫حدقت به والدموع الزائفة بعينها ثم قالت بهدوء‪-:‬‬

‫_أنا احترامي لنفسي يخليني ما قولش اللي عمله أنا‬


‫مقدرش أزعل اتنين أخوات من بعض وال أخرب‬
‫العالقة بنهم أبداً‬

‫‪119‬‬
‫نظر لها بذهول‪ ،‬هو لم يفعل معها شيء‪ ،‬هو تكلم‬
‫في عالقتهم القديمة فقط‪..‬‬

‫هز رأسه ينفي ما تقول‪-:‬‬

‫_وللا أبداً معملتش حاجة‬

‫لم تنتظر لتبرر أكثر من ذلك‪ ،‬خرجت من مكتبها‬


‫وبسمة االنتصار تعلو وجهها‪ ،‬بينما "إياس" فـ ظل‬
‫ينظر لطيفها‪ ،‬حدق بأخيه وقال‪-:‬‬

‫_مالك بيها قولتلها أوعى تزعلها أنا حاسس إنك من‬


‫ساعة ما جيت وإنت مش طايق وجودها نفسي‬
‫أعرف هي عملت لك إيه؟‬

‫‪120‬‬
‫بضيق شديد رد على أخيه‪-:‬‬

‫_هي عاملة لك إيه؟! بدافع عنها أوي ليه؟ أنا من‬


‫ساعة ما البنت دي دخلت شركتنا وأنا حاسس إنها‬
‫هتاخدك مني‬

‫صرخ به بحد‪-:‬‬

‫_إنت مكبر الموضوع أوي هي مجرد صديقة‬


‫وواحدة اشتغلت عندنا وبعدين أنا بكرا اتجوز هل‬
‫لما اتجوز هبعد عنك‬

‫رد عليه بحزم‪-:‬‬

‫_في فرق كبير بين إنك تتجوز وإنك تدخل واحدة‬


‫في حياتنا وأنا مش مرتاح لها‬

‫‪121‬‬
‫استيقظت من النوم وكـ عادتها لم تجد زوجها‬
‫بجانبها‪ ،‬بتلك اللحظة سمعت "يحيى" يسعل بشدة‪،‬‬
‫مما جعل قلبها يؤلمها‪ ،‬أسرعت نحو الفراش في‬
‫سرعة‪ ،‬وضعت أناملها على مقدمة جبينه تتفقد‬
‫حرارته ‪ ،‬فـ وجدتها عالية جداً‪ ،‬مما جعلها تهرول‬
‫نحو المطبخ في سرعة‪ ،‬تبحث عن خافض للحرارة‬
‫ثم أخرجت من الثالجة الكثير من الماء البارد حتى‬
‫تقوم بعمل كمادات له‪ ،‬ابنها يحتاجها بشدة‪ ،‬اآلن‬
‫هي بالبيت بمفردها‪ ،‬أمها عادت لبيتها وهي وبرغم‬
‫من ترجي السيدة "سلوى" حتى تنام بمنزل العائلة‬
‫إال إنها رفضت‪ ،‬تمنت أن يعود بها الزمن لكانت‬
‫وافقت على الفور‪ ،‬ال تجد أي فائدة من خافض‬
‫الحرارة والكمادات التي تفعلها‪ ،‬أسرعت نحو‬
‫الهاتف حتى تكلم زوجها‪ ،‬يجب أن تذهب‬

‫‪122‬‬
‫بصغيرها إلى المشفى‪ ،‬حملت ابنها الذي يصرخ‬
‫من شدة األلم وهي ال تعلم ما يؤلمه‪.‬‬

‫فتحت هاتفها‪ ،‬بحثت عن رقم زوجها ثم ضغطت‬


‫على ذر االتصال ولكنه ال يرد‪ ،‬ال تعلم كيف له أن‬
‫ً‬
‫مهمال إلى هذا الحد‪...‬‬ ‫يكون‬

‫ألقت بالهاتف باتجاه الفراش وصرخت بعصبية‪-:‬‬

‫_هتفضل مهمل على طول يا "إياد"؟‬

‫سـ تعتمد على نفسها يجب أن تحمي ابنها من‬


‫المرض‪ ،‬لن تتحدث مع أي شخص‪ ،‬أسرعت و‬
‫ارتدت أول شيء قابلها في دوالبها‪ ،‬غيرت البنها‬
‫مالبسه ثم اتجهت للخارج‪ ،‬صعدت سيارتها ثم‬
‫أمرت السائق بـ‪-:‬‬

‫‪123‬‬
‫_عم "محمود" وصلنا ألقرب مستشفى "يحيى"‬
‫تعبان أوي وبيموت مني‬

‫بهلع‪ ،‬يرأ الصغير فـ وجد‬


‫ٍ‬ ‫التفت العم "محمود"‬
‫حالته صعبة للغاية‪ ،‬شفق على حالته‪ ،‬تكلم بهدوء‬
‫لعله يطمئنوها‪-:‬‬

‫_إن شاء للا يا هانم البيه الصغير هيكون كويس‬


‫وربنا هيشفهولك بأذن للا‬

‫تتمنى أن للا يستجيب للدعاء‪ ،‬مسحت دموعها التي‬


‫تنزل بغزارة‪ ،‬انطلق "محمود" بأقصى سرعة‪،‬‬

‫‪124‬‬
‫بعد مرور نصف ساعة فقط وقف بها أمام مشفى‬
‫مصر الجديدة القريبة من منزلها‪...‬‬

‫وبهلع شديد قالت‪-:‬‬


‫ٍ‬ ‫اتجهت نحو االستقبال‬

‫_ابني بيموت مني‬

‫أخذت الممرضة ابنها وطلبت موظفة االستقبال‬


‫مبلغ مالي‪-:‬‬

‫_عاوزين يا فندم مبلغ تحت الحساب‬

‫ابتلعت ريقها لقد نسيت أشيائها في المنزل ولم‬


‫تجلب أي شيء هام‪ ،‬وال حتى هويتها‪ ،‬ردت عليها‬
‫بلهفة‪-:‬‬

‫_أنا مرات "إياد الصياد"‬

‫‪125‬‬
‫يجب أن تدخل على الفور‪ ،‬بعد سماع هذا االسم‪،‬‬
‫إدارة المشفى متأكدة بأن المبلغ سـ يسدد‬

‫بهدوء وباحترام قالت موظفة االستقبال لها‪-:‬‬

‫_اتفضلي يا فندم‬

‫اتجهت و جلست أمام غرفة الفحص‪ ،‬دموعها‬


‫المنهمر لم تتوقف‪ ،‬نظرت لموظفة االستقبال فـ‬
‫وجدتها تتأكد من كنياتها من منزل عائلة "الصياد"‪،‬‬
‫ابتسمت بسخرية‪ ،‬لطالما كرهت هذا االسم من‬
‫أفعال زوجها‪ ،‬واليوم وبرغم من إنها ال تشعر بأنها‬
‫متزوجة استعملت تلك الكنية‪ ،‬غضبت من نفسها‬

‫‪126‬‬
‫بشدة‪ ،‬لما لم تنزل بالمال‪ ،‬وقتها لم يكن لها أن تلجأ‬
‫لهذا االسم‬

‫وقفت وبدأت تذهب لألمام وللخلف بتوتر‪ ،‬بتلك‬


‫اللحظة تقدم السائق منها وقال لها بنبرة تحمل‬
‫الحنان‪-:‬‬

‫_يا بنتي وللا العظيم هيخف وهيكون كويس‬

‫بنبرة ضعيفة ردت عليه‪-:‬‬

‫_شايف أبوه يا عم "محمود" مردش عليا مش‬


‫بيحس بابنه‬

‫‪127‬‬
‫هز "محمود" رأسه ينفي ما تقوله ثم أردف بنبرة‬
‫واثقة‪-:‬‬

‫_ال يا بنتي جوزك بيحبك وبيحب ابنك أوي هو‬


‫أكيد مشغول في الشغل‬

‫حب أي حب هذا‪ ،‬يتحدث عن المشاغل‪ ،‬هل‬


‫يقنعها أنه يخاف عليهم‪ ،‬وعمله فقط من يشغله‪،‬‬
‫تتأكد أنه لم يعير شغله أي انتباه فقط يفكر بالنساء‪.‬‬

‫جلست على المقعد‪ ،‬تفكر في "يحيى" بتلك اللحظة‬


‫سمعت صوت السيد "سلوى" التي كانت متلهفة‬
‫حتى ترأ حفيدها‪ ،‬قامت من مكانها واتجهت لها‪،‬‬
‫دخلت بأحضانها وبكت بشدة‪-:‬‬

‫‪128‬‬
‫_"يحيى" يا طنط تعبان جداً واأللم اللي حاسس بيه‬
‫واجعني أوي تعبانة ومش قادرة أشوفه بحالته دي‬

‫ملست "سلوى" على ظهرها‪ ،‬ثم حدقت بالسائق‪،‬‬


‫تبحث عن "إياد" ولم تجده‪ ،‬سألتها بجدية‪-:‬‬

‫_ أومال فين جوزك وليه ما اتصلتيش بيه‬


‫المفروض كان أول واحد عرف تعب ابنه مش‬
‫تيجي إنتي والسواق بس؟‬

‫تنهدت بقوة ثم قالت بحزن‪-:‬‬

‫_وتفتكري يا طنط إني ما حاولتش أقوله أنا‬


‫اتصلت ومردش و االستقبال اتصلوا بحضرتك‬
‫عشان يتأكدوا إني من عيلة "الصياد"‬

‫‪129‬‬
‫ملست" سلوى" على يدها بحنو‪ ،‬تنهدت بقوة‪،‬‬
‫تصرفات ابنها تلك الفترة ال تعجبها قط‪ ،‬أغمضت‬
‫عيناها بشدة‪ ،‬تفكر في حالة حفيدها‪ ،‬تتمنى أن‬
‫يكون بخير‬

‫بتلك اللحظة خرج الطبيب من غرفة الفحص‪،‬‬


‫أسرعت إليها "خلود" قائل ٍة بهلع‪-:‬‬

‫_ابني ماله يا دكتور‬

‫بصوت يمأله الحزن رد عليها الطبيب‪-:‬‬

‫_لألسف إحنا شاكين بشيء خطير بالراتين هنعمل‬


‫اشاعة رنين‬

‫‪130‬‬
‫جلست بصدمة كبير‪ ،‬روح قلبها يعاني بشدة‪،‬‬
‫نظرت إلى "سلوى" التي تبكي بشدة ثم صرخت‬
‫بقوة‪-:‬‬

‫_خلي ابنك ينبسط ويفرح قوليله ابنك تعبان يمكن‬


‫يفوق‬

‫ملست السيد "سلوى" على ظهرها وهي ال تفهم‬


‫مقصد زوجة ابنها من الحديث‪ ،‬تنهدت بقوة ثم‬
‫قالت‪-:‬‬

‫_حبيبتي هو أكيد مشغول في الشغل وأنا هكلم‬


‫السكرتيرة بتاعته تقوله يكلمك‬

‫مسحت دموعها بقهر ثم قالت بنبرة جادة‪-:‬‬

‫‪131‬‬
‫_ما فيش أي مشكلة يا طنط أنا هنا جنب ابني خليه‬
‫في شغله‬

‫تركتها ورحلت بعد كالمها‪ ،‬وقفت تنظر البنها‬


‫خلف زجاج الرعاية الذي دخلها‪ ...‬ظلت هكذا إلى‬
‫أن اقتربت منها "حور" التي جاءت بعد اتصال‬
‫والدتها لها‪-:‬‬

‫_إن شاء للا هيكون كويس يا حبيبتي هو طفل‬


‫واألطفال بيتعبوا‬

‫انهمرت دموعها بشدة ثم قالت بضيق‪-:‬‬

‫_الدكتور قال ممكن يكون حاجة وحشة يا "حور"‬


‫إنتي متخيلة دا أنا قلبي وجعني أوي يا بنتي وللا‪!...‬‬

‫‪132‬‬
‫بحثت "حور" أن الطبيب‪ ،‬حتى تستفسر منه عن‬
‫حالة ابن أخيها‪ ،‬تركتها وذهبت للمكتب الخاص‬
‫به‪ ،‬دقت على باب الغرفة‪ ،‬فـ سمح لها الطبيب‬
‫بالدخول‪-:‬‬

‫_ادخل‪!!..‬‬

‫فتحت باب المكتب‪ ،‬رسمت على وجهه بسمة‬


‫صغيرة ولكن سرعان ما اتسعت تلك البسمة حين‬
‫رأت الطبيب‪ ،‬صديق طفولتها‪-:‬‬

‫_"أدهم" إنت هنا؟!‬

‫هز رأسه وقام يرحب بها‪-:‬‬

‫_أيوون رجعت من باريس واشتغلت هنا‬

‫‪133‬‬
‫أومأت برأسها بهدوء‪ ،‬كادت أن تسأله عن أخيه‬
‫البغيض ولكن تذكرت ابن أخيها فـ قالت‪-:‬‬

‫_بقولك كنت عايزة أسال عن حالة الطفل "يحيى‬


‫الصياد"‬

‫انكمش حاجبه وقال‪-:‬‬

‫_مش أنا اللي ماسك حالته دا دكتور تاني‬

‫تجمعت الدموع في مقلتيها وأردفت برجاء‪-:‬‬

‫_"أدهم" أنا عاوزك تقوم تكشف عليه عاوزة‬


‫أعرف حالته عاوزة حد يديني أمل إنه كويس‬

‫‪134‬‬
‫قام على الفور‪ ،‬هز رأسه وقال بجدية‪-:‬‬

‫_طب ياال هقوم معاكي!‬

‫وقبل أن يخرج دخل عليه أخيه "أكرم" الذي‬


‫ع ما‪،‬‬
‫يتصف بروحه المرحة‪ ،‬قامته طويله نو ً‬
‫حدقت به "حور" بضيق ثم قالت‪-:‬‬

‫_حاسة إن يومي هيتقفل ألحق أروح بقى!!!‬

‫نظر لها بسخرية ثم رد عليها بحنق‪-:‬‬

‫_وليه تروحي دا حتى الدبان بيتلم على العسل‬

‫‪135‬‬
‫خرجت من المكتب حتى ال تقتله وحتى ترأ حالة‬
‫"يحيى"‪ ،‬أشارت إلى "أدهم" الذي يضحك عليهم‬
‫ثم قالت‪-:‬‬

‫_ياال يا "دومي" عشان مش عاوزة أقتل حد‬

‫برغم من استفزازها إلى إن "أكرم" شعر بحالة‬


‫الذعر التي تمتلكها‪ ،‬ذهب خلفها حتى يعرف ما‬
‫يحدث فـ وجد السيدة "سلوى" صديقة أمه ومعها‬
‫زوجة ابنها‪ ،‬انتبه بتلك اللحظة إلى صوت "حور"‬
‫التي قالت بهدوء‪-:‬‬

‫‪136‬‬
‫_ماما "أدهم" ابن طنط "نيلي" رجع مصر وإنتي‬
‫عارفة إنه دكتور متمكن هيشوف حالة "يحيى"‬
‫ونشوف إيه اللي هيحصل‬

‫ما أن سمعت "خلود" أن "أدهم" متواجد عاد لها‬


‫ُ‬
‫حيث يربطها معه صداقة قوية‪،‬‬ ‫بصيص األمل‪،‬‬
‫اتجهت نحوه والحزن يكسو وجهها قائل ٍة له بلهفة‪-:‬‬

‫_"أدهم" شوف لي حل قول لي إنه هيكون كويس‬

‫اشفق "أدهم" على حال "خلود"‪ ،‬ليست هي‬


‫الجميلة التي يعرفها‪ ،‬منذ زواجها ولم يراها‪ ،‬يتذكر‬
‫وجهها والضحكة التي ال تختفي من عليه ولكن‬
‫اختفت‪..‬‬

‫‪137‬‬
‫اتجه للرعاية‪ ،‬فحص الصغير‪ ،‬بعد مرور بعض‬
‫الوقت‪ ،‬خرج لهم ومالمحه ال تدل على الخير‪،‬‬
‫تكلم بحزن‪-:‬‬

‫_حالته متأخرة ودا بأن من اإلشاعات اللي اتعملت‬


‫نشوف التحليل ونشخص حالة "يحيى" ونبدأ‬
‫بالمعالجة‬

‫ركبت سيارتها والبسمة ال تفارق وجهها‪ ،‬انتصرت‬


‫عليه بقوة‪ ،‬تشعر بالسعادة‪ ،‬طريقته بالحديث وذله‬
‫المصطنع‬

‫جعل قلبها يرفرف كـ عصفور وجد ما يفرحه‪ ،‬رن‬


‫ُ‬
‫حيث وجدت أن المتصل ما‬ ‫هاتفها‪ ،‬أوقفت سيارتها‬

‫‪138‬‬
‫هو إال "إياس" تعلم جيداً ماذا يريد‪ ،‬اتسعت‬
‫بسمتها ثم ردت على الهاتف بنبرة عابسة‪-:‬‬

‫_الو‪ ...‬أيوا يا أستاذ "إياس"‪ ...‬ال اللي بيعمله أستاذ‬


‫"إياد" يزعل وأنا استحالة أقعد في مكان حد فيه‬
‫مش عاوزني‪ ...‬أنا واقفة قريب من مطعم بابي اللي‬
‫في مدينة نصر‬

‫قفلت للهاتف‪ ،‬وجلست تنتظره كما قال لها‪ ،‬هي‬


‫اآلن قريبة من شركته‪ ،‬عالمات االنتصار رسمت‬
‫على وجهها‪ ،‬أشعلت موسيقى بالسيارة وأغمضت‬
‫عينها‪ ،‬ظلت هكذا حتى وجدت من يطرق بعض‬
‫الطرقات من نافذة السيارة‪ ،‬حدقت بالطارق فـ‬
‫وجدته "إياس" الذي ابتسم وقال‪-:‬‬

‫‪139‬‬
‫_تعالي أعزمك على حاجة ونكمل شغلنا بعيد عن‬
‫دوشة العربيات‬

‫فتحت السيارة حتى يصعد بها ثم هزت رأسها‬


‫توافقه على ما يريد‪-:‬‬

‫_تعالى في كافيه حلو جداً هعزمك على قهوة‬

‫ابتسم لها وقال ببسمة صغيرة‪-:‬‬

‫_تمام ياال لما نشوف الكافيه اللي هتوديهوني‬

‫ابتسمت له ثم أردفت بمرح‪-:‬‬

‫_ال متخافش متخافش ما فيش حاجة هتعجبني مش‬


‫هتعجبك‬

‫‪140‬‬
‫شرد في كالمها وعيونها التي تجذبه كلما نظر‬
‫إليها‪ ،‬ال يعلم ما الذي يحدث معه منذ أن رأها‪،‬‬
‫هل هو ذاته كاره الزواج‪ ،‬والمسؤوليات‪ ،‬منذ أن‬
‫سافرت حبيبته وتركته وهو يبغض النساء ولكنه‬
‫يشعر أن "مليكة" غير الجميع‪.‬‬

‫أشارت له حتى ينتبه لها وبالفعل فاق من شروده‬


‫وسألها‪-:‬‬

‫_ممكن أسألك سؤال؟!‬

‫ابتسمت له ثم قالت بمرح‪-:‬‬

‫‪141‬‬
‫_هو المفروض أنا اللي أسألك كنت سرحان في إيه‬
‫بس عادي خليها علينا!!‬

‫بدون سابق انذار قال بفضول‪-:‬‬

‫_هو إنتي و "إياد" تعرفوا بعض؟!‬

‫رجف قلبها من سؤاله‪ ،‬هل شك بهم‪ ،‬حدقت به ثم‬


‫وبكذب أجابته‪-:‬‬

‫_أنا بحمد ربنا اني معرفهوش أبداً إنسان بجد يا‬


‫"إياس" مش بيحترم نفسه سوري ليك طبعا ً‬

‫هز رأسه متأففا ً على تعامل أخيه معها ثم رد عليها‬


‫بهدوء‪-:‬‬

‫‪142‬‬
‫_هو وللا حنين وطيب وما بيعرفش يزعل حد بس‬
‫لسانه دبش شوية‬

‫السخرية انتابتها‪ ،‬من هو الحنون ذو القلب الطيب‪،‬‬


‫أخيه ال يسمى إال بالمتوحش‬

‫ردت عليه بخبث‪-:‬‬

‫_أنا مش عاوزة أقولك إيه اللي حصل عشان ممكن‬


‫ما تصدقنيش أو تزعل مع أخوك‬

‫حدق بها باندهاش‪ ،‬ما الذي فعله أخيه‪ ،‬لن يكذبها‬


‫هو يعلم بان "مليكة" ال تكذب‪ ،‬لذا فسألها‪-:‬‬

‫‪143‬‬
‫_عملك إيه متخافيش لو حسيت إن "إياد" غلطان‬
‫هحاسبه‪..‬؟!‬

‫ً‬
‫حزن مصطنع ردت عليه‪-:‬‬ ‫بنبرة تحمل‬

‫_دخل يزعق لي جامد ومش طايقني أنا مش عارفة‬


‫إيه السبب وراء زعله دا بس شكله مش عاوزني‬
‫في الشركة هو نفسه قال كدا‬

‫يعلم أن وجودها غير محبب لـ "إياد" تحديداً‪ ،‬ال‬


‫يعلم السبب ولكن أخيه يشعر بالغيرة عليه من‬
‫الجميع‪ ،‬ابتسم بحب ثم قال بصوت ال يسمعه‬
‫غيره‪-:‬‬

‫_ربنا يخلينا لبعض يا حبيب قلبي بس برضه‬


‫ماينفعش اللي بتعمله‬

‫جذ على أنيابه وقال بتوعد مصطنع‪-:‬‬

‫‪144‬‬
‫_ارجعي ولو قالك كدا تاني مش هيشوف مني غير‬
‫الوش اللي هيكرهه في نفسه‬

‫شكرته برقة بعد أن مسحت دموعها الزائفة‪-:‬‬

‫_شكراً ليك بجد يا "إياس" إنت بجد نعمة الصديق‬

‫هز رأسه ثم قال بفضول‪-:‬‬

‫_إحنا عدينا كافيهات كتير وماشية برضه‬

‫أومأت برأسها ثم ردت عليه وهمست‪-:‬‬

‫_هريحك من الدنيا بس اصبر‬

‫ما الذي تقصده‪ ،‬أي راحة تقصد‪ ،‬قبل أن يندهش‬


‫وقفت أمام مكان ال يوجد به غيره وغيرها‪ ،‬ابتسمت‬
‫له ثم هتفت‪-:‬‬

‫‪145‬‬
‫_المكان دا مفضل ليا جيتوا وأنا فرحانة وعاوزة‬
‫أخبي فرحتي أجي هنا اتنطط وما فيش حد يبص‬
‫لي في الفرحة‬

‫ثم غيرت نبرة صوتها للحزن وأكملت‪-:‬‬

‫_ولما بحس إني زعالنة برضه باجي هنا وبعيط‬


‫لوحدي‬

‫تزيد بإقناعه بأنها تختلف عن الجميع‪ ،‬تكلم بتلك‬


‫اللحظة وقال‪-:‬‬

‫_هترجعي الشغل أنا خالص اتفقت معاكي‬

‫هزت رأسها بالرفض‪ ،‬ثم قالت بكبرياء‪-:‬‬

‫‪146‬‬
‫_أنا كرامتي فوق الكل ولو حد جه على كرامتي‬
‫أمسحه من على وش الدنيا‬

‫بإصرار شديد رد عليها‪-:‬‬

‫_ال هترجعي وهو مش هيعملك حاجة‬

‫وافقت بعد إصراره لها‪ ،‬تنهدت بقوة ثم قالت‪-:‬‬

‫_خالص عشان خاطرك بس‬

‫قضى معها الوقت‪ ،‬والضحك رفيقهم‪ ،‬أول مرة‬


‫يشعر بالسعادة التي ال تنتهي قط‪ ،‬ال يستطيع أن‬
‫يقول لها أنها ومنذ أن رأها دقت طبول قلبه‪...‬‬

‫تنهد بقوة ثم حدق بساعته وقال‪-:‬‬

‫‪147‬‬
‫_الوقت أخدنا الساعة خمسة‬

‫انتفضت من مكانها تذكرت والدها‪ ،‬حاولت أن‬


‫تبدو أمامه طبيعية‪ ،‬ردت على ما قاله بـ‪-:‬‬

‫_ما حسناش بالوقت بصراحة القعدة معاك ما‬


‫يتشبعش منها‬

‫ابتسم لها وقال‪-:‬‬

‫_ربنا يخليكي القعدات جاية بنا كتير ياال بقى‬

‫اتجهت نحو السيارة‪ ،‬صعدت بها وهو ركب‬


‫بجانبها‪ ،‬تحدت بحزم‪-:‬‬

‫_هوصلك عند عربيتك تمام‬

‫‪148‬‬
‫هز رأسه بحب‪ ،‬لتنطلق بالفعل عند سيارته‪،‬‬
‫تأملها قليالً ثم قال‪-:‬‬

‫_الساعة تمانية عندنا اجتماع عاوز أشوفك أول‬


‫واحدة هناك‬

‫هزت رأسها بهدوء‪ ،‬ثم ابتسمت له وانطلقت إلى‬


‫المنزل الخاص بها‪ ،‬نزلت من السيارة بعد أن‬
‫صفتها بالحديقة‪ ،‬دخلت وجدت المنزل مشتعل من‬
‫أبيها‪ ،‬استغربت وسألتهم بخوف‪-:‬‬

‫_هو في إيه مالكم؟!‬

‫رد عليها أبيها بسؤاله؟!‬

‫‪149‬‬
‫_أنا دخلت األوضة بتاعتك لقت حاجات محروقة‬
‫ولما فتحت الكمبيوتر كان مفتوح على الصفحة‬
‫الخاصة للفيس بوك ممكن تقوليلي لما وصلتك‬
‫رسالة إننا فتحنها ليه اتنرفزتي؟!‬

‫توترت بشدة‪ ،‬كيف بحث بأشيائها‪ ،‬تعلم بأن هناك‬


‫من فتح حاسوبها‪ ،‬كان يجب أال تغضب عليهم‪،‬‬
‫ردت بنبرة هادئة‪-:‬‬

‫_ عليه شغل يا بابا اخاف يتمسح‬

‫لقد استغلت عدم معرفة أبيها في التكنولوجيا‪ ،‬لذلك‬


‫أكملت بـ‪-:‬‬

‫‪150‬‬
‫_وبعدين يا بابا انت ممكن تعمل حاجه غلط تدوس‬
‫على حاجه غلط تقبل حد ما عرفهوش اعمل ايه‬
‫بقى ساعتها ومع ذلك يا حبيبي تعال افتح الالب‬
‫توب وشوف عاوز تشوف إيه!!‬

‫تتحدث بقوه جعلته يصدقها ولكن هناك بعض‬


‫الشكوك التي تقلقه‪ ،‬هز راسه وكانه يقول لها أن‬
‫ما تقوله اقنعه رد علي بنبره هادئة قائالً‪-:‬‬

‫ت فين ورحتي فين وكل دا‬


‫_طب ممكن افهم اشتغل ِ‬
‫في الشغل‬

‫اجابته بسعادة‪-:‬‬

‫‪151‬‬
‫_ لقيت شغل يا بابا في شركة الصياد وطبعا انت‬
‫عارف الشركة دي مستواها عامل إزاي‬

‫تنهد بقوة ثم قال بحنق‪-:‬‬

‫_ كان ممكن تفتحي مكتبك الخاص بيكي‬

‫بتلك اللحظة تدخلت "مرڤت" التي كانت تحاول أن‬


‫تقطع الحديث حتى ال يشتد‪-:‬‬

‫_ األكل جاهز ادخلي على أوضتك غيري ياال‬

‫رمقها "مراد" بضيق‪ ،‬قامت "مليكة" و كادت أن‬


‫تدخل غرفتها ولكن أوقفها أبيها بسؤاله‪-:‬‬

‫_آلخر مرة هسألك إنتي حبيتي حد وخذلك؟‬

‫‪152‬‬
‫شبكت يدها بتوتر شديد ثم تنهدت وقالت باقتضاب‪-:‬‬

‫_ال يا بابا ما فيش حد عن إذنكم‬

‫الفصل الرابع‬

‫جلس بمكتبه‪ ،‬ال يريد أن يذهب‪ ،‬مازال يفكر في‬


‫"مليكة" قلبه يدق لها بقوة‪ ،‬مازال حبه لها ساكن‬
‫بفؤاده‬

‫أغمض عينه بشدة‪ ،‬يتذكر دفاع أخيه لها‪ ،‬هل‬


‫يحبها‪ ،‬ال يستطيع أن يتخيل وجودها مع أحد حتى‬
‫وإن كان شقيقه‪ ،‬وال يستطيع أن يسمح لها قط أن‬
‫تبعده عن أخيه‬

‫تنهد بقوة ثم قال بـ يائس‪-:‬‬

‫‪153‬‬
‫_حاسس إني مش هعرف أوقف نارها اللي‬
‫هتحرقنا كلنا‬

‫بتلك اللحظة رن هاتفه وكانت المتصلة "خلود"‪،‬‬


‫تأفف حين وجد اسمها على شاشة الهاتف‪ ،‬جذ على‬
‫أنيابه ومن ثم هتف من بين نواجذه‪-:‬‬

‫_مش هنخلص أبداً من الصبح مش سيباني في‬


‫حالي أبداً يعوذه باهلل عليكي ارحميني يرحمك ربنا‬
‫وللا ما هرد‬

‫‪154‬‬
‫قفل هاتفه‪ ،‬حتى ال يهاتفه أحد‪ ،‬أمه و "حور"‬
‫وزوجته‪ ،‬يعلم بأنهم يهاتفوا من أجلها‪ ،‬أصبح يعلم‬
‫مخططتها‬

‫فتح حاسوبه‪ ،‬تحديداً على الرسائل التي كانت بينه‬


‫وبين "مليكة"‪ ،‬مرحها الدائم‪ ،‬كالمها عن مستقبلهم‪،‬‬
‫ال يعلم كيف فعل هذا معها‪ ،‬كان يجب عليه أن‬
‫يحافظ عليها من شيطانه‪ ،‬تنهد بقوة ثم أردف‪-:‬‬

‫_أنا مش عارف إزاي عملت كدا بس هي سلمت‬


‫لي نفسها وأنا مقدرش اتجوز واحدة سلمت لي‬
‫نفسها قبل الجواز عمري ما هثق فيها‪!...‬‬

‫‪155‬‬
‫وكأنه لم يكن السبب وراء ذلك‪ ،‬أخرج زفيره ثم‬
‫بدأ في لم أشيائه حتى يغادر المكتب‪ ،‬بتلك اللحظة‬
‫وجد " حور"‪ ،‬تدلف المكتب بدون استئذان‪،‬‬
‫الغضب يبدو على وجهها‪ ،‬ال يعلم ما السبب وراء‬
‫هذا الجموح‪ ،‬تحدث باستغراب‪-:‬‬

‫_إيه اللي جابك هنا؟!‬

‫ثم نظر في ساعة يده وأضاف‪-:‬‬

‫_الوقت متأخر والموظفين مشيوا حتى "إياس"‬


‫مش هنا‬

‫مش معقول اتصاالتكم الكتيرة مخليكم مش قادرين‬


‫تصبروا لما أرجع‬

‫‪156‬‬
‫صرخت به بقوة‪-:‬‬

‫_آه لألسف اتصاالتنا الكتير مش مخلينا نصبر‪،‬‬


‫سكرتيرتك روحت من بدري أخوك هو كمان مش‬
‫بيرد على التليفون نوصل لحضرتك إزاي‬

‫صمتت قليالً لتغير نبرة صوتها للغضب المليء‬


‫بالنيران التي ال تتوقف قط‪-:‬‬

‫_مسألتش نفسك البني آدميين دول عاوزني ليه‬


‫مسألتش نفسك طبعا ً‬

‫أسلوبها معه نرفزه بشدة‪ ،‬رد عليها بانفعال‪-:‬‬

‫_متخلصي وقولي في إيـ‪....‬‬

‫‪157‬‬
‫ُ‬
‫حيث شعر بأنه تيقن‬ ‫توقف قليالً ولم يكمل كالمه‬
‫ما تريده‪ ،‬صرخ بها بعلو‪-:‬‬

‫_أوعي تكوني عاوزاني عشان الرحلة اللي قولتي‬


‫طلعها مع صحابك والكل بيرن عليا عشان كدا أنا‬
‫قولت ال يعني ال ياريت بقى تسمعي الكالم‬

‫رمقته بضيق إلى هذا الحد ال يشعر بابنه وزوجته‪،‬‬


‫ردت عليه بهدوء‪-:‬‬

‫_بجد للدرجة دي مش حاسس أنا جيت لك ليه‬


‫والرن دا كله ما قلقتش منه مش يمكن ماما تعبانـ‪...‬‬

‫قبل أن تنتهي كالمها قاطعها بلهفة‪-:‬‬

‫_ماما مالها ماما‬

‫‪158‬‬
‫أكملت كالمها بسخرية‪-:‬‬

‫_أو مراتك اللي قاعدة لوحدها في البيت وما حدش‬


‫معاها غير ابنك اللي لسه بيرضع‬

‫رمقها بضيق‪ ،‬أصبح ال يستطيع أن يسمع اسم‬


‫زوجته‪ ،‬يحمد ربه أن أمه بخير هذا ما يعني له‬
‫فقط‪ ،‬سألها بحنق‪-:‬‬

‫_هي "خلود" تعبانة‬

‫بنفس نبرتها لم تغيرها‪ ،‬أكملت الحديث بها‪:‬‬

‫_أو مثالً أنا أو بابا أو "إياس" أو "يحيى" ابنك‬

‫‪159‬‬
‫شعر بالضيق من كالمها‪ ،‬تأكد بأن لم يكن هناك‬
‫أحد مريض وهي تفعل هذا حتى يعلم بأنه كان يجب‬
‫عليه الرد على الهاتف‪...‬‬

‫تأفف بشدة ثم قال‪-:‬‬

‫_ما فيش حد تعبان لو مش هتتكلمي وتقولي في إيه‬


‫هسيبك وأمشي‬

‫ببكاء شديد أجابته‪-:‬‬

‫_ابنك في المستشفى من الصبح مراتك اتصلت بيك‬


‫كتير وإنت مردتش بقالها أكتر من خمس ساعات‬
‫بتحاول تكلمك‬

‫‪160‬‬
‫الصدمة انتابته‪ ،‬ابنه‪ ،‬كيف هذا "يحيى" بخطر‪،‬‬
‫أسرع للخارج فـ لحقته‪ ،‬صعد بسيارته أما هي فـ‬
‫أمرت سائقها أن يلحقهم وصعدت مع أخيها الذي‬
‫قال بلهفة‪-:‬‬

‫_مستشفى إيه؟!‬

‫ردت عليه بنبرة هادئة‪-:‬‬

‫_"مصر الجديدة "‬

‫انطلق في سرعة إلى المشفى‪ ،‬زحمة الطريقة‬


‫تغصبه‪ ،‬صرخ بقوة‪-:‬‬

‫_الطريق وسنينه أغبياء الدنيا زحمة‬

‫‪161‬‬
‫نظرت له بضيق‪ ،‬اآلن شعر بالرهبة والخوف على‬
‫ابنه‪ ،‬إين كان والجميع يحتاجوا له‪ ،‬ما يطمئنها‬
‫اآلن أن "أدهم" معهم يقف بجانب الجميع‪ ،‬يواسي‬
‫"خلود" تنهدت بقوة‪ ،‬بعد مرور بعض الوقت‬
‫وصل أمام المشفى‪ ،‬أوقف مكبح سيارته‪ ،‬نزل في‬
‫سرعة وهرول إلى الداخل‪ ،‬لحقته بعد أن أخذت‬
‫ُ‬
‫حيث تركه ولم يأخذه‪ ،‬صفت‬ ‫مفتاح السيارة‬
‫السيارة بالجراش ولحقته‬

‫اقتربت منه حين وجدته يسرع كالمجنون يبحث عن‬


‫رعاية األطفال‪ ،‬وضعت يدها على كتفه وقالت‪-:‬‬

‫_إن شاء هيكون بخير‬

‫‪162‬‬
‫هز رأسه وأسرع إال أن وصل‪ ،‬وجد أمه وأبيه‬
‫وزوجته تبكي‪ ،‬حتى أخيه وصل قبله‪ ،‬هو آخر‬
‫شخص يقف بجانب ابنه الوحيد‪ ،‬اقترب من "خلود"‬
‫ثم قال بقلق‪-:‬‬

‫_"خلود" في إيه "يحيى" ماله كان كويس؟‬

‫رمقته بضيق ثم ابتعدت عنه‪ ،‬بينما "سلوى" فـ‬


‫وقفت وصرخت به بعصبية‪-:‬‬

‫_كنت فين ابنك تعبان الكل هنا ماعدا إنت؟‬

‫اقترب منها أبيه السيد "حاتم" وقال بصرامة‪-:‬‬

‫_مش وقته يا "سلوى"‬

‫‪163‬‬
‫هزت رأسها باستياء‪ ،‬وعادت تجلس بمكانها‪ ،‬بتلك‬
‫اللحظة اقترب "إياس" من أخيه وحضنه بقوة ثم قال‬
‫بحنو‪-:‬‬

‫_ماتقلقيش يا حبيبي هيبقى كويس‬

‫يشعر بأن ربه يعاقبه بطفله الوحيد‪ ،‬قلبه يوجعه‬


‫بقوة‪ ،‬تنهد بقوة‪ ،‬ال يستطيع أن يقول شيء‪ ،‬حدق بـ‬
‫"إياس" ثم قال برجاء‪-:‬‬

‫_"إياس" عاوز أشوف ابني‬

‫حدقت به "خلود" بسخرية‪ ،‬هل الحنان انتابه فجأة‪،‬‬


‫بتلك اللحظة خرج "أدهم" والحزن واضح على‬
‫وجهه بقوة‪ ،‬اجتمعوا حوله‪ ،‬صرخ "إياد" بقوة‪-:‬‬

‫‪164‬‬
‫_"يحيى" عامل إيه؟‬

‫لم يرد عليه‪ ،‬حدق بـ "خلود" الحزينة‪ ،‬التي تعلقت‬


‫أنظارها به‪ ،‬األمل الذي يتعلق بعيناها يؤلمه‪ ،‬كيف‬
‫له أن يقول الشيء الذي سـ يحزنها‪ ،‬كيف له أن‬
‫يخرج هذا الخبر من فمه‪ ،‬بتلك اللحظة سأله "إياس"‬
‫بعصبية‪-:‬‬

‫_ها قول الولد ماله عامل إيه وحالته كويسة وال‬


‫الء؟!‬

‫تنهد بقوة ثم قال بعد أن علق أنظاره بـ "سلوى" و‬


‫"حاتم الصياد"‪-:‬‬

‫‪165‬‬
‫_عمو "حاتم" طنط "سلوى" حالة "يحيى" صعبة‬
‫واحتمال ما يكونش في أمل للعالج التحاليل كلها‬
‫بتأكد دا‬

‫بوجع‪-:‬‬
‫ٍ‬ ‫صرخت "خلود"‬

‫_الاااا إنت قولت لي إنك هتحاول‪!!!!..‬‬

‫أغمض عينه بقوة ال يستطيع أن يراها بتلك الحالة‪،‬‬


‫نظر لـ "إياد" بضيق ثم قال لها بحنو‪-:‬‬

‫_"خلود" إن شاء للا هحاول‬

‫انتبه إلى سؤال "أكرم"‪-:‬‬

‫_طب يا" أدهم" مش ممكن نسافره برأ؟!‬

‫‪166‬‬
‫وجد أنظار الجميع متعلقة به‪ ،‬ينتظرون أجابته‪،‬‬
‫وكأنهم وجدوا السفر أمل‪ ،‬رد بحزن‪-:‬‬

‫_هنا زي هناك أنا كنت شغال هناك وعارف‬


‫الرعاية عاملة إزاي وهي في حالة الطفل زيها زي‬
‫هنا‬

‫جلس "إياد" على أقرب مقعد‪ ،‬ال يستطيع أن يسمع‬


‫أكثر‪ ،‬بتلك اللحظة تقدم منه السيد "حاتم" وقال‬
‫بتمني‪-:‬‬

‫_متعملش في نفسك كدا يا ابني إن شاء للا هيكون‬


‫كويس‬

‫أمسك "إياس" يد أخيه‪ ،‬ال يتركها أبداً‪ ،‬يواسيه في‬


‫محنته‪ ،‬تقدمت السيدة "سلوى" وحور أيضا ً ليقفوا‬

‫‪167‬‬
‫بجانب "إياد"‪ ،‬تاركين "خلود" بمفردها‪ ،‬تبكي على‬
‫حالة ابنها‪ ،‬ال تجد من يحضنها بهذا الموقف‪ ،‬الحظ‬
‫"أدهم" هذا فـ نظر لشقيقه "أكرم" الذي فهم ما‬
‫يطلبه أخيه‬

‫تقدم "أدهم" من "خلود" ثم هتف بنبرة مليئة‬


‫بالحنان‪-:‬‬

‫_ربنا سبحانه وتعالى لما بيصيب اإلنسان بيكون‬


‫مستني كلمة الحمدهلل منه احمدي ربنا واطلبي منه‬
‫يقف جنبك‬

‫بينما "أكرم" فـ أمسك "حور" من يدها مما جعلها‬


‫تنظر له بحد وتقول بغضب‪-:‬‬

‫_قولتلك مليون مرة ما تمسكش ايدي كدا‬

‫‪168‬‬
‫همس في أذنها بحنق‪-:‬‬

‫_وللا ما جيت عشان جمالك روحي اقفي مع‬


‫"خلود" أخوكي معاه الكل هي أكتر منه موجوعة‬
‫ومحتاجة إن حد يكون واقف جانبها‬

‫*****‬

‫جلست في غرفتها حبيسة‪ ،‬تفكر في أبيها وحديثه‪،‬‬


‫تؤنب قلبها‬

‫لما فعلت هذا‪ ،‬الضعف كان حليفك‪ ،‬أصبحت‬


‫سلعة بيده‪ ،‬أصبحت خائف من البشر‪ ،‬أين قوتك‪،‬‬
‫أين حياتك كل هذا أين ذهب‪ ،‬يا قلبي لما دقت‬
‫طبولك وأحببت شخص ال يخاف عليك ‪...‬‬

‫‪169‬‬
‫تنهدت بتلك اللحظة حين دلفت والدتها وبسمة‬
‫الطيبة ترسمها على وجهها‪ ،‬نظرت لها بهدوء‬
‫وسألتها باقتضاب‪-:‬‬

‫_عاوزة حاجة مني يا ماما؟!‬

‫ردت عليها "مرڤت" بحب‪-:‬‬

‫_متزعليش من أبوكي يا حبيبتي هو بس خايف‬


‫عليكي مش عاوز حد يشاور عليه ويقول معرفش‬
‫يربي إنتي عنده أغلى من الدنيا بحالها فـ قدري دا‬

‫ابتلعت "مليكة" ما في حلقها بتوتر‪ ،‬حاولت أن‬


‫تظهر لهم القوة‪ ،‬وترسم قناع الجدية‪ ،‬تعلم بأنها بهذا‬

‫‪170‬‬
‫القناعة تزداد وقاحتها بنظر نفسها‪ ،‬تحتقر نفسها‬
‫بشدة ولكن يجب‬

‫أن تتحدث بثقة دائماً‪ ،‬وبنظرات جريئة وليست‬


‫نظرات الكسرة حتى ال يشك بها أحد‬

‫انتبهت إلى أمها التي تكمل حديثها بجدية‪-:‬‬

‫_أبوكي طول عمره بيثق فيكي هو لما سألك‬


‫السؤال دا مكنش قصده غير إنه يتأكد مش أكتر‬

‫هزت رأسها بهدوء ثم قالت بنبرة منخفضة‪-:‬‬

‫_ال عادي يا ماما هو قبل ما يوجه ليا سؤاله وجه‬


‫لنفسه وقبل ما هيشك فيا هيشك في نفسه‪...‬‬

‫ملست أمها على شعرها ثم قبلتها بحب وقالت‪-:‬‬

‫‪171‬‬
‫_طب ياال إنتي ما أكلتيش تعالى نأكل‬

‫كانت تحتاج لحضن والدتها فقط‪ ،‬ال تريد الطعام‪،‬‬


‫وال الشراب‪ ،‬فقط تريد البكاء‬

‫ردت على أمها بضعف‪-:‬‬

‫_ماما ممكن تحضنيني مش محتاجة منك غير كدا‬

‫شعرت بالوجع لحال ابنتها‪ ،‬اقتربت منها ثم‬


‫حضنتها بيدها وظلت تملس على ظهرها‪ ،‬بهذا‬
‫الوقت لم تستطيع أن تكتم بكائها‪ ،‬بكت وكأنها لم‬
‫تبكي من قبل‪ ،‬بكت على خيانتها ألهلها‪ ،‬وكذبها‬
‫المستمر لهم حتى ال يشعرون بحالتها‪ ،‬بكت على‬
‫حب حياتها التي أحبته أكتر من نفسها وباآلخر‬
‫طعنها بسكين سامة‬

‫‪172‬‬
‫ال يستطيع أحد أن ينقذها منه‪ ،‬بكت على كل دمعة‬
‫نزلت من عين أمها بسببها‪ ،‬بكت لنيران قلب أبيها‬
‫الذي يبحث عن خيط للحقيقة‪...‬‬

‫نظرت بتلك اللحظة في عين أمها ثم مسحت‬


‫دموعها بأناملها وقالت بشكر‪-:‬‬

‫_شكراً يا ماما بقالي كتير ما ترمتش في حضنك أنا‬


‫كنت تعبانة وكالم بابا وجعني وكنت محتاجة ليكي‬

‫ابتسمت "مرڤت" بحنو ثم أردفت‪-:‬‬

‫_يا حبيبتي هفضل أحضنك وأكون جنبك على‬


‫طول لحد ما أموت‬

‫‪173‬‬
‫بلهفة شديدة ردت عليها‪-:‬‬

‫_بعد الشر عليكي يا ماما وأنا أعمل إيه من بعدك‬


‫عاوزاني أموت وال إيه؟!‬

‫ابتسمت في وجهها ثم قالت بغضب مصطنع‪-:‬‬

‫_طب ياال يا هانم عشان تأكلي إنتي خاسة أوي‬


‫بسبب قلة آكلك دي‬

‫برفض نهائي قالت‪-:‬‬

‫_مش جعانة يا ماما وبعدين أنا أكلت في الشغل ما‬


‫تقلقيش‬

‫هزت "مرڤت" رأسها على مضاض غير مقتنعة‬


‫لحديث صغيرتها‪ ،‬خرجت من الغرفة‪ ،‬تركتها مع‬

‫‪174‬‬
‫نفسها تعود لتفكيرها‪ ،‬قامت من مكانها واقترت من‬
‫المرآة‪ ،‬حدقت بنفسها ثم ألقت ما في حلقها على‬
‫صورتها المعكوسة وقالت بكره‪-:‬‬

‫_أنا بكره الشخصية اللي واقفة قدامي وهفضل‬


‫أكرهها طول عمري هفضل أندم نفسي على اللي‬
‫عملته‬

‫مسحت دموعها وعادت تجلس على فراشها‪ ،‬بتلك‬


‫اللحظة رن هاتفها وكان المتصل "إياس"‪ ،‬ردت‬
‫على الهاتف ببسمة مصطنعة‪-:‬‬

‫_أيوا يا" إياس"‪ ،‬إيه ودا حصل إزاي‪ ،‬الف‬


‫سالمة عليه ال ما تقلقش أنا هخلي بالي من الشغل‪،‬‬
‫ألف سالمة على "يحيى"‬

‫‪175‬‬
‫قفلت الهاتف‪ ،‬ال تعلم هل تفرح‪ ،‬للا يعاقب "إياد"‬
‫على أفعاله‪ ،‬ولكن ال تشعر إال بالخوف على هذا‬
‫الطفل‪ ،‬مازال صغير‪ ،‬ما حال أمه‪ ،‬كيف سـ‬
‫تتحمل مرض ابنها الوحيد‪ ،‬تحدثت بخفوت‪-:‬‬

‫_يارب تعب ابنه مش عقاب له دا عقاب المه‬


‫وللعيلة يارب اشفى "يحيى" ابنه‪!!..‬‬

‫ظلت تدعو له‪ ،‬إلى أن غفلت على الفراش بتعب‬


‫شديد‬

‫بصباح اليوم الثاني‪ ،‬أشرقت الشمس لتعلن عن يوم‬


‫جديد للجميع‪ ،‬مازالوا بالمشفى‪ ،‬حالتهم صعبة‪،‬‬
‫بتلك اللحظة قرر "إياد" أن يرسل طفله إلى‬
‫الواليات المتحدة األمريكيّة‪-:‬‬

‫‪176‬‬
‫_بابا بعد إذنك أنا هجهز ورق ابني عشان هنقله‬
‫ألمريكا وهنروح أنا و "خلود"‬

‫هز أبيه رأسه واقترب من "إياس" وقال‪-:‬‬

‫_جهز كل أمور السفر‬

‫تنهد "إياد" بعد أن تأكد من موافقة أخيه‪ ،‬انتبه‬


‫بتلك اللحظة إلى "خلود" التي لم تجف عيناها من‬
‫البكاء‪ ،‬ألول مرة يشفق عليها‪ ،‬اتجه نحوها ثم‬
‫أشار لشقيقته حتى تبتعد‪ ،‬بصوت هامس قال‬
‫اسمعها‪-:‬‬

‫_"خلود"!!!‬

‫‪177‬‬
‫حدقت به وكأنها ال تعرفه‪ ،‬أصبح غريب ال تطيق‬
‫سماع صوته‪ ،‬تشعر بقشعرة شديدة حين يتحدث‪،‬‬
‫انكمش حاجبها بضيق ثم نظرت له‪ ،‬ردت عليه‬
‫باقتضاب‪-:‬‬

‫_نعم‪!!!...‬‬

‫أمسك مرفقها بحنان ثم وضعها بداخل أحضانه‪،‬‬


‫شعرت ببرود مشاعرها‪ ،‬برغم أنها تحتاج لحضن‬
‫زوجها ولكن تيقن بأنه أصبح جاف‪ ،‬بتلك اللحظة‬
‫جاء "أدهم" وراهم‪ ،‬ال يعلم لما شعر بأن صديقه‬
‫يتعامل معها هكذا من أجل أن يفتخروا أهله به‪،‬‬
‫حافظ "إياد" و االنانية الذي يحملها بطبعه ‪ ،‬شعر‬
‫بالغضب‪ ،‬حاول أن يتماسك‪ ،‬قاطع نظراته دخول‬
‫‪178‬‬
‫"مليكة" التي ذهولت من منظر "إياد" مع زوجته‪،‬‬
‫لم تشعر بالكره أو بالغيرة وألول مرة تتيقن بأنها ال‬
‫تحب "إياد"‪ ،‬تحدث بقلق‪-:‬‬

‫_"يحيى" عامل إيه؟!‬

‫ابتعدت "خلود" عن زوجها ثم قالت باقتضاب‪-:‬‬

‫_هو هيكون كويس أنا متأكدة؟!‬

‫ذهل "إياد" من وصول "مليكة" للمشفى‪ ،‬من من‬


‫عرفت‪ ،‬هل جاءت حتى تكشف حقيقته للجميع‪ ،‬ال‬
‫يجد أي نظرة للشماتة بأعينها‪ ،‬انتبه إلى نظرات‬
‫"أدهم" له والذي يعلم من تكون "مليكة" ولكن ال‬

‫‪179‬‬
‫يعلم ما الذي حدث بينهم وهذا يجعله يشعر بالراحة‪،‬‬
‫اقترب منه "أدهم" ثم قال بغيظ هامس‪-:‬‬

‫_يا أخي عيب عليك مراتك اللي واقفة بتعيط‬


‫وجايب حبيبتك‬

‫رد عليه بحنق‪-:‬‬

‫_أنا معرفش مين اللي قال لها أنا أصالً قطعت كل‬
‫صلتي بيها‬

‫اقترب "إياس" من "مليكة" الذي فرح لـ رؤيتها‪،‬‬


‫تيقن بأنها تقف جنبه في أصعب األوقات‪ ،‬رد عليها‬
‫بحزن‪-:‬‬

‫‪180‬‬
‫_لسه حالته صعبة‬

‫أمسكت "مليكة" يده مما جعل النيران تشعل بعين‬


‫"إياد" الذي ركز عليها بشدة‪ ،‬انتبه إلى ما تقوله‬
‫بحنو‪-:‬‬

‫_إن شاء للا هيكون كويس ما تقلقش‬

‫عرفها "إياس" على أهله وهو مبتسم بحزن‪ ،‬كان‬


‫يريد أن يعرفهم عليها بوقت أفضل من هذا‪-:‬‬

‫_ماما دي "مليكة" صديقتي والمهندسة اللي ماسكة‬


‫شغلي‬

‫‪181‬‬
‫ابتسمت لها "سلوى" وقالت بترحيب‪-:‬‬

‫_أهالً وسهالً يا بنتي كان نفسي أعرفك في ظروف‬


‫أفضل من دي‬

‫أمسكت "مليكة" يدها ثم قالت بحزن على حالتها‪-:‬‬

‫_وأنا كمان يا طنط‬

‫ال تعلم لما نظرت إلى "خلود" هكذا‪ ،‬برغم كرهها‬


‫لها وحقدها إال أنها أشفقت على دموعها وانهيارها‪،‬‬
‫اقتربت منها ثم قالت بثقة‪-:‬‬

‫_إن شاء للا ابنك هيكون بخير ما تقلقيش ادعيله‬


‫بس وهو هيكون كويس‬

‫‪182‬‬
‫بتمني شديد قالت‪-:‬‬

‫_يارب ادعيله‬

‫أخذتها بأحضانها ثم قالت بدموع‪-:‬‬

‫_إن شاء للا يا حبيبتي‬

‫ابتعدت عنها ثم قالت لـ "إياس"‪-:‬‬

‫_طيب إنت عاوز مني أي خدمة يا"إياس"!!‬

‫هز رأسه وقال برجاء‪-:‬‬

‫_معلش تعالي عاوزك معايا‬

‫‪183‬‬
‫ابتسمت له ثم اتجهت معه للخارج‪ ،‬حدق الجميع‬
‫بهم‪ ،‬انتبه" إياد" لفرحة أمه التي تيقنت بأنها وجدت‬
‫العروس المناسبة ألخيه‪ ،‬بتلك اللحظة انتبه إلى‬
‫كالم "أدهم" الذي قال بغضب مكتوم‪-:‬‬

‫_سبها تعيش حياتها بقى زي ما إنت عشتها إنت‬


‫أناني وبعدين ركز مع ابنك ومراتك‬

‫تركه يفكر في "مليكة" و اتجه إلى "خلود" ثم قال‬


‫بحنو‪-:‬‬

‫_"خلود" ابعت "أكرم" يجبلك آكل ما ينفعش حالتك‬


‫دي أبداً‬

‫هزت رأسها بالرفض وقالت بانهيار‪-:‬‬

‫‪184‬‬
‫_ال لما "يحيى" يكون كويس هأكل وأشرب‬

‫بغضب طفيف قال‪-:‬‬

‫_يا بنتي إنتي ما أكلتيش حاجة ودا غلط عليكي‬


‫وعلى حالتك وللا العظيم وبعدين لما "يحيى" إن‬
‫شاء للا يقوم بالسالمة مش ألزم تكوني كويسة‬

‫تنهدت بتعب وقبل أن تقول شيء أغشى عليها‬


‫ليصرخ "أدهم" بالممرضة‪-:‬‬

‫_هاتوا سرير بسرعة‬

‫كاد أن يحملها ولكنه توقف حين وجد الجميع‬


‫ينظرون للهفته‪ ،‬انتظر "إياد" أن يحملها ولكنه ظل‬
‫شارد‪ ،‬يعلم بأنه مازال يفكر في "مليكة' بتلك‬

‫‪185‬‬
‫اللحظة لم ينتبه لنفسه إلى وهو يحملها‪ ،‬صرخ‬
‫بالجميع بسخرية ‪-:‬‬

‫_ حد يفوق "إياد" من كتر التفكير في مراته مش‬


‫قادرة يستوعب إن مراته وقعت على األرض‬

‫انتبه بتلك اللحظة لحديثه فـ أسرع خلفه حتى يرأ‬


‫زوجته‪ ،‬بهذا الوقت بكت "حور" على حالة أسرة‬
‫أخيها‪-:‬‬

‫_وللا العظيم أنا مش عارفة إيه اللي صابهم يا ماما‬


‫صعبوا عليا أوي حالتهم تصعب على الكل‬

‫رق قلب "أكرم" لها فـ أقترب منها وقال بحزن‪-:‬‬

‫‪186‬‬
‫_بس اهدي وإن شاء للا هيكونوا كويسين أنا‬
‫حاسس بكدا ما تقلقيش‬

‫هزت رأسها ثم أمسكت يده وقالت بتمني‪-:‬‬

‫_يارب يا " أكؤم" يارب‬

‫*******‬

‫جلس معها بالكافتيريا‪ ،‬نظراته حزينة‪ ،‬قلبه يؤلمه‬


‫بشدة فـ حالة أخيه وحالة ابنه توجعه‪ ،‬أمسكت‬
‫"مليكة" يده ثم قالت بحنو‪-:‬‬

‫_إن شاء للا هيكون كويس ادعيله بس إنت؟!‬

‫‪187‬‬
‫هز رأسه‪ ،‬تخلى عن صرامته وقسوته الدائمة‪ ،‬من‬
‫يراه اآلن ال يعرفه‪ ،‬هل هو الشخص الحاد‬
‫بالمكتب‪ ،‬ال يعتقد هذا‬

‫وضعت أناملها على يده ثم قالت بيقين‪-:‬‬

‫_إن شاء للا خير وهيكون كويس ماتقلقيش‬

‫تنهد بقوة ثم أردف بنبرة مليئة بالحزن‪-:‬‬

‫_الواحد مش قادر يستوعب إن "يحيى" حبيب‬


‫العيلة وفرحتهم يحصله كدا أنا زعالن أوي على‬
‫"إياد" أول مرة ما قدرش أساعده‬

‫من من جاءت تنتقم‪ ،‬من شخص ال يوجد بقلبه غير‬


‫االحساس باآلخرين‪ ،‬فكرت أنه يشبه أخيه‪ ،‬يحب‬

‫‪188‬‬
‫النساء ويشتري الجميع بماله‪ ،‬وقعت في من يمتلك‬
‫قلب طيب‪..‬‬
‫ً‬
‫تنهدت بقوة ثم قالت بجدية‪-:‬‬

‫_أنا ألزم أمشي هروح الشركة‬

‫وألول مرة يشعر بأنه يريد أن يجلس معه أحد‪،‬‬


‫برجاء شديد قال لها‪:‬‬

‫_خليكي قاعدة شوية معايا‬

‫كيف لها أن ترفض رجائه لها جعلها تتراجع عن‬


‫المغادرة‪ ،‬وجدته يخرج علبة السجائر الخاص به‪،‬‬
‫انكمش حاجبها بضيق ثم قالت بانفعال‪-:‬‬

‫_هو إنت أكلت عشان تشرب سجاير‬

‫‪189‬‬
‫تأفف بقوة ثم أغمض عينه بتعب شديد‪ ،‬يشعر بأن‬
‫ألم جمجمته سـ يقتله‪ ،‬رد عليه بجدية‪-:‬‬

‫_معلش يا "مليكة" أنا محتاج أنفخ التعب اللي في‬


‫رأسي في السجارة بتاعتي‬

‫هزت رأسها بعند ثم أضافت بعصبية‪-:‬‬

‫_ال مش هتشربها وبعد إذنك اسمع الكالم لو‬


‫سمحت‬

‫تنهد بشدة‪ ،‬ثم ترك السيجار الخاص به‪ ،‬ظل معها‪،‬‬


‫حاولت بكل جهد أن تخرجه من حالته هذه فـ قالت‬
‫بمرح‪-:‬‬

‫‪190‬‬
‫_شكلي مصدعاك بقعدتي معاك‬

‫هز رأسه برفض‪ ،‬بالعكس يشعر بالراحة‪ ،‬رد عليها‬


‫بهدوء‪-:‬‬

‫_ال وللا بالعكس أنا حاسس بالراحة‬

‫تأملته بشدة‪ ،‬ال تعلم لما تنظر له هكذا‪ ،‬فضلت أن‬


‫تقوم فـ قالت بعذر‪-:‬‬

‫_معلش همشي أنا وأكيد هطمن عليك كل شوية‬

‫أومأ برأسه‪ ،‬لن يضايقها ويجعلها تجلس معه أكثر‬


‫من ذلك‬

‫‪191‬‬
‫قامت من مكانها ثم التفتت لتغادر‪ ،‬تركته بمفرده‪.‬‬
‫ولكن وقبل أن ترحل تحدثت عيناها بالكثير والكثير‬

‫أيها الصديق المزيف بالنسبة لقلبي‪ ،‬أعتذر على ما‬


‫أفعله‪ ،‬ال استطيع أن اتنازل عن انتقامي وال استطيع‬
‫أن امنع قلبي من الشفقة عليك‪ ،‬ال تبقى طيب القلب‬
‫هكذا‪ ،‬ظل صلب‪ ،‬جامح‪ ،‬غاضب‪ ،‬وال تصطنع‬
‫الصالبة‪ ،‬أنا أريدك أن تكون حاد دائما بالتعامل‪...‬‬

‫وكأنه قرء لغة العيون ليرد عليها بنظراته التي‬


‫تراقب طيفه‪..‬‬

‫أعودك بأني سـ أغضب على الجميع وسـ أتي عندك‬


‫وأتعامل بحنان‬

‫*******‬

‫‪192‬‬
‫بغرفة "خلود" أمر "آدهم" الجميع بالخروج حيث‬
‫هتف بضيق‪-:‬‬

‫_معلش يا جماعة هي عاوزة الراحة التامة ألزم‬


‫تسبوها ترتاح‬

‫خرج الجميع من الغرفة وظل هو بحجة أن يطمئن‬


‫عليها‪ ،‬ال أحد يعلم بأنها خطفت أنظاره منذ أن كانت‬
‫صديقة له‪ ،‬وقتها شعر بأنها فقط نظارات أعجاب‬
‫ولكن اليوم تيقن بأنه يحبها‪ ،‬قرر بعد أن يعالج ابنها‬
‫أن يذهب للخارج مرة أخرى‪ ،‬ال يستطيع أن يخون‬
‫صديقه وال عائلته التي ترعرع معها‪....‬برغم‬
‫شعوره بأنها ليست بخير مع "إياد"‪ ،‬وبرغم خوفه‬
‫الشديد عليها بعد عودة "مليكة" إال أن أخالقه الذي‬
‫ورثها عن أبيه وأمه تمنعه أن يحبها‪.‬‬

‫‪193‬‬
‫أسف يا حبيبتي‪....‬بل يا عشقتي‪...‬بل يا دنياي لن‬
‫أبوح بحبي لك من أجل الجميع وليس آلجلك‪،‬‬
‫تمنيت أن أكون بجانبك‪...‬أخذك على جناحي وأطير‬
‫بك من بطش الهالك ومن بطش زوجك‪....‬عذراً‬
‫ِ‬
‫وكثيراً من األعذار وقفتي بجانبك ليس بها أي منفع‬

‫بتلك اللحظة دلف "أكرم" الذي شعر به‪ ،‬تحدث‬


‫بحنو‪-:‬‬

‫_عارف إنك خايف عليها بس ما ينفعش عشان‬


‫خاطر أمك وكرامتها قدام طنط "سلوى"‬

‫التفت له ثم أجابه بوجع‪-:‬‬

‫_مش قادر أشوف حالتها بالشكل دا والغبي اللي‬


‫اسمه "إياد" مش مقدر كل اللي مراته فيه‬

‫‪194‬‬
‫تنهد "أكرم" بقوة ثم قال بنبرة تحمل الكثير من‬
‫النصائح‪-:‬‬

‫_يا حبيبي هو حر مش يمكن هي بتحبه ليه تطلع‬


‫نفسك وحش ياال روح اطمن على "يحيى" وسيب‬
‫الدكتور المختص لحالتها يتابعها‬

‫لم يسمع كالم أخيه‪ ،‬بتلك اللحظة دلفت الممرضة‬


‫والمساعدة له‪ ،‬بنبرة جادة قالت‪-:‬‬

‫_حضرتك طلبتني؟!‬

‫أومأ برأسه ثم قال بأمر‪-:‬‬

‫‪195‬‬
‫_تتابعي حالة مدام "خلود" مع دكتور "إيهاب" ولو‬
‫سألك واقفة معاه ليه وسايبة دكتور "آدهم" قوليله‬
‫الحالة دي تخصه‬

‫أومأت برأسها بطاعة‪ ،‬خرج بتلك اللحظة من‬


‫الغرفة على مضاض‪ ،‬ترك قلبه بداخلها‪ ،‬الجميع‬
‫تجمعوا حوله حتى يسألوا عن حالة "خلود" ماعدا‬
‫"إياد" الذي كان يتحدث في الهاتف من أجل حالة‬
‫ابنه‪ ،‬وكأن كل ما يخصه مع "خلود" هو "يحيى"‬
‫ولوال وجوده لكنوا منفصالن‪ ،‬بنبرة يمألها التنهيد‬
‫العميق‪ ،‬أخرج زفيره واستنشق شهيقه ثم رد على‬
‫أسئلتهم بـ‪-:‬‬

‫_انهيار عصبي شديد وكمان جالها هبوط من قلة‬


‫األكل‬

‫‪196‬‬
‫بتلك اللحظة سأله "حاتم" بحيرة‪-:‬‬

‫_هو يا بني إنت مش تخصص أطفال إزاي شوفت‬


‫حالتها وشخصتها‬

‫ثم تابع بقلق‪-:‬‬

‫_معلش شوف الدكتور المعالج‬

‫نظر له بسخرية ثم رد على حديثه‪-:‬‬

‫_عمو "حاتم" أنا دكتور ومتخرج وكمان و واخد‬


‫شهادة من الواليات المتحدة األمريكية واشتغلت في‬
‫باريس يعني حالتها أي دكتور بطنة يشخصها على‬
‫العموم دكتور "إيهاب" هيتابع حالتها‬

‫‪197‬‬
‫بعد أن أنهى كالمه حدق بأخيه بغضب وأمره أن‬
‫يلحقه‪-:‬‬

‫_"أكرم" تعالى ورايا عاوزك‬

‫بعد أن رحل نظرت "سلوى" لـ "حاتم" ثم همست‬


‫بحد حتى ال يسمعها "إياد"‪-:‬‬

‫_شكك بالولد غلط هو بيواسيها عشان حالتها وهو‬


‫دكتور وشايف حالتها صعبة وبعدين كلنا أكلنا وهي‬
‫ال أكيد يعني خايف على مرات صاحبه صاحبه‬
‫يا"حاتم"‬

‫بتهكم شديد رد عليها‪-:‬‬

‫_رايح جاي عليها ونظراته دي مش نظرات شفقة‬


‫أبداً‬

‫‪198‬‬
‫الفصل الخامس‬

‫دلف المكتب والحزن يمأل وجهه‪ ،‬يفكر بـ "يحيى"‪،‬‬


‫بتلك اللحظة دخلت السكرتيرة الخاصة به ثم قالت‪-:‬‬

‫_دول الورق اللي ألزم يتمضي يا فندم‬

‫هز رأسه ثم أمرها بـ‪-:‬‬

‫_طب سيبي الورق وروحي إنتي دلوقتي!!‬

‫قام من مقعده وال يعلم لما يريد أن يذهب لمكتب"‬


‫مليكة"‪ ،‬يشعر معها بالراحة حين تتحدث معه‪،‬‬
‫تنهد بقوةٍ ثم وقف أمام النافذة‪ ،‬يجبر نفسه على‬
‫عدم إزعاجها‪ ،‬انتبه بهذه اللحظة لدخولها‪ ،‬نعم‬
‫سمع صوتها الرقيق‪-:‬‬

‫‪199‬‬
‫_"إياس" أنا عرفت إنك جيت ها طمني على‬
‫"يحيى" ؟‬

‫التفت في سرعة‪ ،‬ال يعلم ما سر تلهفه ولكن الشيء‬


‫الوحيد الذي يعلمه بأنه يشعر بالسكينة عند رؤيتها‬

‫هز رأسه ثم قال بحزن‪-:‬‬

‫_حالته لسه مستقرتش ادعيله؟!‬

‫ابتسمت له بكل حيوية‪ ،‬لقد عادت له الحياة من‬


‫نظراتها‪ ،‬وبسمتها‪ ،‬تنفس بتحرر‪ ،‬نعم كل الهموم‬
‫والحزن ازالتهم من ابتسامتها‪-:‬‬

‫‪200‬‬
‫_ما تقلقش هيكون كويس المهم ارجع اشتغل وظبط‬
‫نفسك كدا خلي الشغل ينور من تاني‬

‫هز رأسه وبادلها البسمة‪ ،‬ولكن سرعان ما كشر‬


‫حين شهقت بقوةٍ وسألته بحد‪-:‬‬

‫_فطرت بقى وال الء جاوب بسرعة‬

‫كان النفي أجابته لتذهب لمكتبها بضيق‪ ،‬جلبت‬


‫حقيبتها وعادت له مرة أخرى‪ ،‬انكمش حابه‬
‫باستغراب ثم سألها بفضول‪-:‬‬

‫_هو إيه دا؟!‬

‫‪201‬‬
‫أجابته بغموض‪-:‬‬

‫_كل خير‪!!!...‬‬

‫تعجب من أجابتها ولكن طريقتها جعلته يبتسم‪،‬‬


‫جلست على مكتبه ثم تابعت‪-:‬‬

‫_ياال ياال مش هحرمك من حاجة أنا عديت على‬


‫مطعم بابا وجبت فطار ياال فضلت خيرك يا سي‬
‫األستاذ‬

‫ابتسم بشدة بينما هي فـ شردت معه ومع برأته ولكن‬


‫سرعان ما عادت لحياتها القديمة وانتقامها‪...‬‬

‫بدأ يأكل معها‪ ،‬وبدأت هي تتكلم‪ ،‬اكتشف إنها‬


‫ثرثارة بشكل كبير جداً‪ ،‬وبرغم من كونه شخص ال‬

‫‪202‬‬
‫يحب إال الهدوء إال أنه تقبل منها كل ما يرفضه من‬
‫الجميع‪ ،‬كالمها ال يجعل جمجمته تؤلمه بالعكس‬
‫تماما ً بل تزيل كل األلم الذي يحمله‪...‬‬

‫وقفت بتلك اللحظة ثم قالت بصرامة مصطنعة‪-:‬‬

‫_ياال فيه عندك شغل‪...‬‬

‫هز رأسه ثم أجابها بجدية مصطنع‪-:‬‬

‫_علم وينفذ يا فندم حاضر‬

‫قهقهت بقوة‪-:‬‬

‫_ربنا يجعلك دايما فرحان‬

‫هز رأسه وشكرها على ما فعلته‪ ،‬خرجت من مكتبه‬


‫لتظل ابتسامته مرسومة على وجهه بشدة‪..‬‬

‫‪203‬‬
‫جلس على مكتبه وقال‪-:‬‬

‫_كل مرة بقعد معاكي يا "مليكة" بحسك مختلفة‬

‫بتلك اللحظة دلفت "مليكة" مكتبه وقالت بطفولة‪-:‬‬

‫_معلش رخمة بقى طلعت وجيت قولت لنفسي‬


‫أوعي يكون يا باش مهندسة "مليكة" األستاذ‬
‫بيضحك عشان ما يزعلكش وأول ما تخرجي‬
‫هيزعل تاني‬

‫لم يستطيع أن يكتم صوت ضحكت الذي أصبح عا ٍل‬


‫جداً‪ ،‬تحمل روح الفكاهة وهذا الشيء ال يتمتع به‬
‫الكثيرون‪ ،‬شروق يخرج من بين ضحكاته‪ ،‬لتبتسم‬
‫وتقول‪-:‬‬

‫_على مهلك استنى هجبلك ماية‬

‫‪204‬‬
‫لقد دمع من الضحك‪ ،‬أمسك كوب الماء ثم شرد في‬
‫عينها بينما هي فـ خجلت من تحديقه بها‪ ،‬شعرت‬
‫بالخوف لذلك قالت بتوتر‪-:‬‬

‫_أحم أيها الراقد تحت الماء صحصح‬

‫شعر بأنه أحرجها لذلك حملق باألوراق وبدأ في‬


‫متابعة العمل‪ ،‬أما هي فـ جلست على األريكة وبدأت‬
‫بمتابعة عملها ليوقفها سؤاله الجاد‪-:‬‬

‫_إنتي ارتبطي قبل كدا يا "مليكة"‬

‫انتابها الفزع من السؤال‪ ،‬انقلبت مالمح وجهها في‬


‫سرعة لتجيبه بذعر‪-:‬‬

‫‪205‬‬
‫_ال ما ارتبطش قبل كدا‬

‫ال تعلم لم ال تقول حقيقتها له‪ ،‬فقط مرة واحدة يجب‬


‫أن تظهر لنفسها بأنها صادقة ولكنها ال تستطيع‪،‬‬
‫ابتسمت بسمة صغيرة وأكملت في متابعة العمل‬
‫واالرتباك يرفقها ويجعل يدها ترتعد بشدة‪...‬‬

‫بهلع‪-:‬‬
‫ٍ‬ ‫شعر بالخوف عليها فـ قام من مكانه وسألها‬

‫_مالك ايدك مالها‬

‫_تعباني شوية‬

‫شعر بالشك من موقفها ولكن سرعان ما تالش‬


‫شكه‪ ،‬أمرها أن تترك العمل‪-:‬‬

‫‪206‬‬
‫_طب سيبي الشغل وارتاحي روحي حتى روحي‬
‫البيت وخدي عالج وإنتي هترتاحي‬

‫بتلك اللحظة حدث عطل بكهربة مكتبة فقط مما‬


‫جعله يقول بجدية‪-:‬‬

‫_طب "مليكة" قومي روحي عشان لو حد دخل‬


‫والنور مش مفتوح ومفتوح برأ ممكن يفهم غلط‬

‫فرحت من حديثه وخوفه عليها‪ ،‬وألول مرة تشعر‬


‫بأن هناك ما ال يريد أن يستغلها‪...‬‬

‫أخذت أشيائها وكادت أن ترحل ولكنه أوقفها حين‬


‫قال‪-:‬‬

‫_"مليكة" خلي بالك من نفسك‪...‬‬

‫‪207‬‬
‫أومأت برأسها ثم ذهبت وتركته لـ يظل مبتسم بعدها‬
‫متذكراً لتفاصيل وجهها وهي‬

‫تتكلم وتضحك وتحاول بكل جهد أن تجعله يخرج‬


‫من حزنه هذا‪....‬‬

‫*****‬

‫وقفت أمام الرعاية بمفردها‪ ،‬ما بين غرفة زوجة‬


‫أخيها وابنه‪ ،‬وقف بجانبها "أكرم" الذي وألول‬
‫مرة يكتشف بأن "حور" الفتاة الصغيرة المتمردة‬
‫تحمل الكثير من الحنان‪ ،‬بالطبع هو ال ينكر أنها‬
‫تحمل ً‬
‫عقال ال يحوز به غيرها بمنزل عائلة‬
‫"الصياد"‪ ،‬اقترب منها بهدوء ثم قبض على يدها‬
‫ُ‬
‫حيث كانت شاردة وفعلته‬ ‫بحنان‪ ،‬شعرت بالرهبة‬
‫جعلت جسدها ينتفض‪ ،‬تنهدت براحة حين رأته‪،‬‬
‫هزت رأسها بضياع وسألته بعدم انتباه‪-:‬‬

‫‪208‬‬
‫_كنت عاوزني؟‬

‫حالتها جعلت قلبه يشفق عليها ‪ ،‬برغم التمرد وما‬


‫يحدث بينهم من شجار إال إنه يشعر بالحزن حين‬
‫يجدها حزينة‪ ،‬قلبه يتوقف عن نبضه حين يرأ عينها‬
‫تصبح كوردة مسكينة فقدت جمالها‪ ،‬مد نفسه‬
‫وأخرجه بقوة يستعيد أنفاسه الطبيعية التي ال تعرف‬
‫الحزن‪ ،‬ابتسم لها وقال بمرح‪-:‬‬

‫_زمان وأنا صغير كنت بحب اتخانق معاكي أصلي‬


‫بحب عصبيتك ولما كبرت وللا لسه لحد أمبارح‬
‫كنت بحس بكدا بس النهاردة أنا جاية أشفق عليكي‬
‫حزينة زي العجوزة‬

‫‪209‬‬
‫اتسعت بسمتها من حديثه‪ ،‬تعلم جيداً بأنه يقول هذا‬
‫ليس ليستفزها ولكن ليسمع ضحكتها‪ ،‬تعلم جيداً‬
‫حنيته التي تظهر عند حزنها‪...‬‬

‫هزت رأسها توافقه على كل حديثه ثم قالت بصوت‬


‫نوع ما‪-:‬‬
‫مرهق ٍ‬

‫_شكراً إنك جنبي وأنا محتاجة لدا رغم إننا عاملين‬


‫زي القط والفار‬

‫قهقه بعلو‪-:‬‬

‫_يا بنتي لما القط بيتعب الفأر بيروح يطمن عليه‬


‫مين هيعصبه يعني والعكس صحيح‬

‫‪210‬‬
‫ُ‬
‫حيث تذكرت ابن أخيها‬ ‫بحزن شديد أومأت برأسها‬
‫ٍ‬
‫المريض‪ ،‬نزلت دموعها عليه‪..‬‬

‫مازالت تمسك بيد" أكرم"‪ ،‬أخرجت زفيرها ثم‬


‫هتفت بضيق‪-:‬‬

‫_تفتكر "يحيى" هيعيش؟‬

‫بتمني شديد رد عليها‪-:‬‬

‫_إن شاء للا أنا بس عاوزك تتأملي الخير وهتالقيه‬

‫أغمضت عينها ثم فتحتهما وحدقت به‪ ،‬هي تحتاج‬


‫ألحد يجعلها تطمئن ويقف بجانبها‪ ،‬ويمد لها يد‬

‫‪211‬‬
‫المساعدة حتى تخرج من حزنها‪ ،‬ابتسمت له ثم‬
‫قالت‪-:‬‬

‫_شكراً إلنك جنبي في الوقت اللي أنا محتاجة لدا‬

‫رفع حاجبه ثم قال بغرور مصطنع‪-:‬‬

‫_دا العادي بتاعنا إنتي عارف بقى إني چنتل‬


‫عكس كل الناس‬

‫لم تقاوم وضحكت بعلو شديد‪ ،‬ولكن سرعان ما‬


‫ارتعدت حين سمعت صراخ "إياد" عليها بانفعال‪-:‬‬

‫_"حـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــور"!!!‬

‫‪212‬‬
‫ب ما أصابه‪ ،‬تركت يد "أكرم" في‬
‫شعرت بخط ٍ‬
‫سرعة ثم اتجهت نحو أخيه وقالت بقلق‪-:‬‬

‫_إيه اللي حصل يا "إياد" في أي جديد في ورق‬


‫السفر بتاع "يحيى"‬

‫جذ على أنيابه ثم أشار نحو غرفة الرعاية وهمس‬


‫بغضب‪-:‬‬

‫_لو هتتمايعي وإنتي في المستشفى وابني بين الحياة‬


‫والموت ما تجيش أحسن فاهمة وال الء؟!‬

‫استغربت من حديث أخيها‪ ،‬فتحت فاهها بصدمة‪،‬‬


‫ردت على ما يقول بانفعال طفيف‪-:‬‬

‫‪213‬‬
‫_في إيه يا "إياد" اهدى كدا إنت فاهم غلط للدرجة‬
‫دي مش واثق فيا أنا كنت زعالنة ومضايقة و‬
‫"أكرم" كان بيهديني‬

‫رمقها بضيق‪ ،‬هو يعلم نوايا الشباب وال يريد قط أن‬


‫يحدث مع شقيقته ما يفعل باآلخرين‪ ،‬تابع حديثه‬
‫بتوعد‪-:‬‬

‫_لوال إني في المستشفى كان هيبقى ليا معاكي‬


‫ومعاه تصرف تاني أوعي تكوني مفكرة إني مش‬
‫فاهم النوايا اللي مش كويسة واللي بتستغل في‬
‫أوقات الحزن‬

‫‪214‬‬
‫تعجب "أكرم" من حديثه إال هنا ويكفي ما يقول‪،‬‬
‫رد عليه بتهكم‪-:‬‬

‫_وللا بالش إنت تتكلم وخلي بالك أختك مش من‬


‫السهولة إني أضحك عليها وأنا كمان مش هضحك‬
‫على صديقة طفلتي عشان أفعال شيطانية‪!!...‬‬

‫يلقى الحديث وكأنه يقول بأنه من يفعل هذا‪ ،‬انكمش‬


‫حاجبه بحنق ثم قال بغضب‪-:‬‬

‫_قصدك إيه بكالمك قول ها؟ قصدك إني أنا اللي‬


‫بعمل كدا‬

‫شعرت "حور" بأن شجارهم سـ يزداد مما جعلها‬


‫تقف بالمنتصف‪ ،‬لتصرخ بهم بأمر‪-:‬‬

‫‪215‬‬
‫_بس بقى إحنا في المستشفى كفاية‬

‫ثم رمقت أخوها بضيق وأردفت‪-:‬‬

‫_خلصت كالم جارح اتفضل بقى أقعد بعيد‬

‫بنبرة تحمل الشك الكبير قال‪-:‬‬

‫_للا وأعلم انفعالك وبجاحتك دي ليه أصل اللي‬


‫بيعملوا حاجة غلط ساعت بيبقوا عينيهم قويـ‪...‬‬

‫أوقف كالمه "أكرم" الذي قال بسخرية‪-:‬‬

‫_على كدا إنت من الناس اللي عينها ضعيفة‬


‫وبتخبي وال من الناس القوية‬

‫‪216‬‬
‫******‬

‫مر أسبوع سريعاً‪ ،‬ومازالت األجواء كما هي‪،‬‬


‫جلس على مقعده ليراجع بعض األرواق‪ ،‬بتلك‬
‫اللحظة دلف أحد الموظفين وعلى وجهه بسمة‬
‫صغيرة‪ ،‬حدق به "إياس" وسأله بضيق‪-:‬‬

‫_أستاذ "ياسين" لو الحاجة اللي جاي عشانها مش‬


‫مهمة روح دلوقتي‬

‫رمقه "ياسين" بالحزن من أسلوبه ولكنه لن يتنازل‬


‫عما جاء من أجله وسـ يقول له ما يريده‪-:‬‬

‫‪217‬‬
‫_الصراحة يا "إياس" بيه أنا شايف حضرتك‬
‫مقرب للباش مهندسة "مليكة"‪!!...‬؟‬

‫رفع" إياس" حاجبه بعصبية‪ ،‬ماذا يقول هذا‪ ،‬وماذا‬


‫يقصد بحديثه‪ ،‬جذ على أنيابه وقال‪-:‬‬

‫_قصدك إيه بكالمك دا عرفني؟!!!!!‬

‫أضاف "ياسين" على كالمه‪-:‬‬

‫_يعني صديق وأنا من يوم ما جت وأنا معجب بيها‬


‫ومكسوف أفتحها فـ لو مرتبطة ينفع أعرف عشان‬
‫ما أكسفش نفسي معاها‬

‫رمقه بضيق ثم كتم غيظه وتحدث بـ‪-:‬‬

‫_وأي بقى يا أستاذ عجبك في الباش مهندسة‬

‫‪218‬‬
‫استغرب "ياسين" من طريقته ولكنه ابتسم ثم‬
‫أجابه‪-:‬‬

‫_مؤدبة وكويسة‬

‫ال يستطيع أن يتحمل كالمه ومدحه لـ "مليكة"‪ ،‬قلبه‬


‫ينهشه بقوة‪ ،‬كيف يعطي "ياسين" لنفسه الحق ليتكلم‬
‫عنها‪..‬‬

‫بحور من النيران تسير بداخله وال أحد يشعر بها‬


‫ٍ‬
‫إال هو فقط‪...‬‬

‫رفع حاجبه بغضب‪ ،‬لقد طفح كيله‪ ،‬ماذا يعني‬


‫بحديثه‪ ،‬كور يده ثم صرخ به بشدة‪-:‬‬

‫‪219‬‬
‫_هو إنت فاكرني فاتح شركتي عشان أخطب‬
‫وأجوز روح على مكتبك أنا مليش أدخل في‬
‫خصوصية غيري بس على العموم يا أستاذ هي‬
‫مرتبطة ياال على مكتبك‬

‫خرج "ياسين" والحزن يبدو على وجهه بينما‬


‫"إياس" فـ كان غاضب وال يعرف لما جاوبه بتلك‬
‫االجابة‪ ،‬أغمض عينه بشدة ثم فتحهما حين تذكر‬
‫"ياسين"‪ ،‬قام من مكانه بغضب ثم اتجه إلى مكتبها‬
‫والغضب يمأل وجهه‪...‬‬

‫النيران تنتابه بشدة‪ ،‬لما فكر "ياسين" بها هكذا‪ ،‬هل‬


‫تقربت منه وهو غائب‪ ،‬تعلق بها وربما تكون هي‬
‫تعلقت به‪...‬‬

‫‪220‬‬
‫فتح الباب بانفعال‪ ،‬مما جعلها تشعر بالرهبة‬
‫الشديدة‪ ،‬قامت بفزع ثم صرخت به بقوة‪-:‬‬

‫_هو في حد بيدخل على حد باألسلوب دا يا مستر‬


‫"إياس"‬

‫لم يهتم بحديثها‪ ،‬هذا ال يهمه‪ ،‬صاح بها بجموح‪-:‬‬

‫_عالقتك بـ استاذ "ياسين" اللي في مكتب الحسابات‬


‫إيه‬

‫هزت رأسها ثم قالت بنبرة هادئة‪-:‬‬

‫_عادي زميل‬

‫‪221‬‬
‫كيف له أن يصدق بأنه مجرد صديق بعد أن جاء‬
‫إلى مكتبه يطلب المساعدة حتى يرتبط بها‪ ،‬بتهكم‬
‫شديد قال‪-:‬‬

‫_بس صديق مش عارف ليه مش مصدق االستاذ‬


‫المحترم جاي يشوف هل حضرتك مرتبطة وال الء‬

‫ابتلعت ما في حلقها ثم سرعان ما ركزت في‬


‫غضب "إياس"‪ ،‬ال تعلم ما الشعور الذي أصابها‪،‬‬
‫هل الفرحة الن الخطة الخاصة بها تسير على ما‬
‫يرام‪ ،‬أم تشعر بالحزن ألنها ال تريد لشخص مثله‬
‫يتألم بسببها‪ ،‬استغلت حالته‪ ،‬فضلت أن تكمل ما‬
‫جاءت من آجله‪ ،‬شبكت يدها ببعض ثم قالت‬
‫ببرود‪-:‬‬

‫‪222‬‬
‫_هو فيه إيه يا مستر "إياس" إيه اللي وجعك أوي‬
‫كدا في الموضوع دا فيها إيه يعني لما يكون‬
‫صديقي ما هو إنت صديق‬

‫أتقارنه بهذا المكروه المدعو بـ "ياسين"‪ ،‬هذا الكالم‬


‫هو االجابة التي تنهي بها كالمه وغضبه وكأنها‬
‫تقول ال تدخل فيما ال يعني لك‪ ،‬شعر بالغيظ الشديد‬
‫منها لذلك رد عليها بنبرة مليئة بالضيق‪-:‬‬

‫_تمام طيب أبقي قولي لصديقك لو سمحت أي‬


‫مواضيع شخصية ما تخصش مدير الشركة هو مش‬
‫خطبة هيوفق رأسين في الحالل‬

‫‪223‬‬
‫ضحكت بشدة على حديثه مما جعل عالمات‬
‫االستفهام تظهر على مالمحه‪ ،‬ماذا تقصد بقهقهتها‪،‬‬
‫هل تسخر منه‪ ،‬سألها بضيق‪-:‬‬

‫_هو فيه إيه؟! بتضحكي ليه؟‬

‫جلست على مقعدها مرة أخرى ثم ردت عليه‬


‫باستفزاز‪-:‬‬

‫_أصل اللي يشوفك وإنت مضايق يقول غيران‬

‫رفعت سبابتها ثم أكملت بنفس نبرة صوتها التي‬


‫تتحدث بها‪-:‬‬

‫_أظن غيران على صديقتك صح‬

‫‪224‬‬
‫ازدرد " إياس" ما في حلقه بتوتر‪ ،‬نفى كالمها‬
‫ولكن كان يشعر بأن حديثها بالفعل صحيح ‪-:‬‬

‫_ال مش على حاجة بس طرقته نرفزتني وعلى‬


‫العموم أنا ماشي‬

‫كاد أن يخرج ولكن صوتها وهي تنادي عليه أوقفه‪،‬‬


‫التفت لها ورمقها بعصبية وقال‪-:‬‬

‫_نعم أمر السيادة‪!!!...‬‬

‫حاولت أن تمسك نفسها من الضحك فـ قالت‬


‫بتبرير‪-:‬‬

‫_بص هو جه اتكلم معايا كذا مرة بس مش لدرجة‬


‫الجواز‬

‫‪225‬‬
‫شعر بالراحة من كالمها‪ ،‬وأخيراً طمأنته ‪ ،‬ابتسم‬
‫لها ثم قال‪-:‬‬

‫_طيب عن اذنك بقى‬

‫*****‬

‫دلفت مكتبه بتعب‪ ،‬األراك يبدو عليها بشدة‪ ،‬قام‬


‫بفزع‪ ،‬اتجه نحوها ثم أمسك يدها وقال‬
‫ٍ‬ ‫من مكانه‬
‫بحنو‪-:‬‬

‫_قومتي ليه من على السرير يا "خلود"!!!؟‬

‫هزت رأسها بتعب تطمأنه على حالتها‪ ،‬حتى ال‬


‫يقلق عليها‪ ،‬أمسك يدها ثم أمرها بـ‪-:‬‬

‫‪226‬‬
‫_أقعد يا " خلود"‪!!!!...‬‬

‫حدقت به وعيناها تهتز بتوتر‪ ،‬تستغرب وقوفه‬


‫بجانبها‪ ،‬يواسيها على كل ما يحدث معها‪ ،‬كان‬
‫رفيق حزنها ووحدتها التي شعرت بها‪ ،‬ابتسمت‬
‫من وسط ألمها‪ ،‬ثم أردفت بشكر‪-:‬‬

‫_شكراً على كل اللي عملته معايا وشكراً إنك كل‬


‫يوم بتديني أمل لحالة "يحيى"‪!!..‬‬

‫كيف لها أن تشكره‪ ،‬هو ال يريد غير أن يراها‬


‫بحالة أفضل‪ ،‬ابتسامتها التي يتذكرها والتي تجعل‬
‫طبول قلبه تخرج من مكانها ال يريد غيرها‪...‬‬

‫‪227‬‬
‫رمقها بضيق مصطنع ثم رد على ما تقوله بعتاب‪-:‬‬

‫_أوعي تشكريني تاني أنا بعمل كدا عشان أنا‬


‫الصديق اللي عمره ما هيسيب صديقته في محنتها‬

‫أغمضت عينها ثم فتحتهم بامتنان‪ ،‬لم تجد ما تقوله‬


‫فـ قالت بهدوء‪-:‬‬

‫_طب استأذن أنا هقوم أشوف" يحيى"!!!‬

‫سألها باهتمام‪-:‬‬

‫_أكلتي حاجة النهاردة‬

‫‪228‬‬
‫كانت تخشى أن تقول أنها لم تضع أي شيءٍ بفمها‬
‫حتى ال يزداد هلعه عليها‪ ،‬صمتت وطال صمتها‬
‫ليقول "أدهم" بغضب‪-:‬‬

‫_يعني إيه ما تأكليش لحد دلوقتي!! وللا حرام اللي‬


‫بتعمليه في نفسك دا‬

‫بحزن ثم أجابته بهدوء‪-:‬‬


‫ٍ‬ ‫تنهدت‬

‫_شكراً على كالمك بس أنا مستنية لما "يحيى"‬


‫يطلعلي بالسالمة ساعتها هأكل وهتفسح كتير أوي‬
‫معاه‪...‬‬

‫‪229‬‬
‫توقفت عن حديثها‪ ،‬محاول ٍة أال تنهار ولكن الدموع‬
‫ال تستطيع أن تجف قط من عينها‪ ،‬تجمعت في‬
‫مقلتيها‪ ،‬أكملت كالمها بنبرة هستيرية‪-:‬‬

‫_االكل هيعمل إيه و "يحيى" تعبان قول لي‬

‫رمقها بغضب ثم تنهد بقوة وقال‪-:‬‬

‫_وهو إحنا ألزم نحط نفسنا في الهالك عارفة إنتي‬


‫كدا بتعملي إيه؟!‬

‫كانت تنظر لألرض بضيق‪ ،‬فـ عاد يلقي عليها‬


‫سؤاله مرة أخرى‪-:‬‬

‫_ها ردي؟!‬

‫‪230‬‬
‫رفعت رأسها لتنظر بعينه بتعب ثم قالت‪-:‬‬

‫_وللا يا دكتور أنا ما بقتش أحس حتى إني عايشة‬


‫أم طفلها الوحيد تعبان صدقني اهتمامها بنفسها‬
‫هيكون آخر تفكيرها‪...‬‬

‫كاد أن يتحدث ولكن دخول "حاتم" جعله يصمت‪،‬‬


‫قام من مكانه احترا ًم له‪ ،‬ابتسم بسمة صغيرة يجامله‬
‫به ثم قال بترحيب‪-:‬‬

‫_أهالً بحضرتك يا عمو "حاتم" !!!!‬

‫رمقه بغضب ثم حدق بزوجة ابنه ووضع يده على‬


‫كتفها وقال بأمر‪-:‬‬

‫‪231‬‬
‫_قومي يا "خلود" ارتاحي شوية‬

‫أومأت برأسها ولكن سرعان ما شعرت بالخوف‬


‫الشديد‪ ،‬ربما انقالب وجهه هكذا بسبب حالة ابنها‪،‬‬
‫ال تسطيع أن تخرج‪ ،‬شعرت بتثاقل شديد في‬
‫بتلعثم قالت‪-:‬‬
‫ٍ‬ ‫أقدامها‪،‬‬

‫_‪ ...‬هـ‪ ..‬ـو فيه حاجة يا عمو بخصوص "يحيى"؟‬

‫تنهد" حاتم" بقوة ليخرج زفيره‪ ،‬حاول أن يقلل من‬


‫غضبه من أجل زوجة ابنه‪ ،‬أجابها بنبرة هادئة‪-:‬‬

‫_ال يا حبيبتي أنا عاوز الدكتور في حاجه تاني بس‬

‫‪232‬‬
‫ال تقتنع برده ولكنها حاولت أن تتجاوب مع أمر‬
‫السيد "حاتم"‪ ،‬هزت رأسها بهدوء ثم خرجت من‬
‫الغرفة‪ ،‬لينظر لطيفها " أدهم" الذي لم يشعر قط‬
‫بمراقبة "حاتم" له‪ ،‬ظل واقفا ً إلى أن اختفت من‬
‫أمامه‪ ،‬انتبه إلى كالم "حاتم" القاسي معه‪-:‬‬

‫_خالص هي مشيت‪ ،‬أنا وأخد بالي جداً من‬


‫عالقتك بيها وحاسس إنها أكتر من الدكتور‬
‫بالمريضة‬

‫ب طفيف‪-:‬‬
‫لم يفهم قط ماذا يقصد‪ ،‬رد عليه بغض ٍ‬
‫_قصدك إيه يا عمي‬

‫بتهكم رد عليه‪-:‬‬

‫‪233‬‬
‫_يعني ملهوف عليها ومهتم بيها مع إنك تخصص‬
‫أطفال بس‪!!!...‬‬

‫ابتسم بسخرية ثم قال‪-:‬‬

‫_وللا الدكتور الزم يبقى عنده احساس باللي حوليه‬


‫إحنا الجيش األبيض يا عمي يعني مقدرش أشوف‬
‫حد تعبان ويقع قدامي ومروحش أشوفه وأقول‬
‫اصلي دكتور أطفال‬

‫رمقه بغيظ شديد‪ ،‬جذ على أنيابه ثم رفع سبابته‬


‫وحذره بـ‪-:‬‬

‫_أوعى تخون صداقتك مع "إياد" عشان ساعتها‬


‫مش هيحصل لك كويس‬

‫‪234‬‬
‫حاول "أدهم" أن يقلل من غضبه‪ ،‬كور يده بشدة‬
‫ثم رد على اتهامه ببرود‪-:‬‬

‫_وللا مش "إياد" بس اللي صاحبي "خلود" كمان‬


‫كدا‬

‫صمت قليالً ليغير نبرة صوته ثم أضاف بجدية‪-:‬‬

‫_وللا لو مش عاوزني أهتم كـ دكتور فـ سبني‬


‫أهتم كـ صديق‬

‫رد عليه "حاتم" بحد‪-:‬‬

‫_ وللا جوزها أولى بيها عشان يهتم متزعلش مني‬


‫يا بني بس جوزها أولى‬

‫‪235‬‬
‫ضرب "أدهم" بيده على سطح مكتبه ثم و بنبرة‬
‫عالية قال‪-:‬‬

‫_لو مهتم باهلل عليك ما تحسسنيش إنك مش شايف‬


‫عالقة ابنك بمراته لو جبتلك واحد أعمى هيشوفها‬
‫ابنك لما بيجي هنا فـ دا عشان ابنه ولما بيطبطب‬
‫على مراته فـ دا من باب الواجب وياريته بيعمله‬
‫أصال‪...‬‬

‫لم يرد "حاتم" عليه وفضل أن يقوم من مكانه‬


‫ويخرج من مكتبه‪ ،‬لقد أصاب حديث "أدهم" شيءٍ‬
‫ما بداخل عقله‪ ،‬شعر أن بالفعل عالقة ابنه بزوجته‬
‫مجرد تصنع فقط‬

‫راقبه "أدهم" حتى رحل‪ ،‬شعر بالضيق الشديد‪،‬‬


‫وألول مرة يشعر بأن "حاتم الصياد" صديق والده‬
‫‪236‬‬
‫أصبح قلبه بال رحمة‪ ،‬حتى االهتمام يستكثره على‬
‫زوجة ابنه‪...‬‬

‫*****‬

‫تجمع الجميع أمام غرفة الرعاية‪ ،‬هل "أكرم"‬


‫عليهم بغضب شديد‪ ،‬حاولت "حور" أن تعرف ما‬
‫حدث معه‪ ،‬هي تعلم مالمحه حين تحزن وحين‬
‫تفرح‪ ،‬حدقت به وأشارت له بيدها تسأله عن‬
‫أحواله ولكنه لم يرد عليها‪ ،‬اتجه نحو السيد "حاتم"‬
‫وقال برجاء‪-:‬‬

‫_عمي بعد إذنك عاوز اتكلم معاك في حاجة وآسف‬


‫طبعا ً إني جاي اتكلم وإنتوا في الحالة دي؟!‬

‫هز "حاتم" رأسه وكاد أن يتكلم ولكن قاطعه‬


‫صراخ "إياد" الغاضب بـ "أكرم" ‪-:‬‬

‫‪237‬‬
‫_هو أنا مش قولتلك متجيش هنا طول ما أنا واقف‬
‫هنا‬

‫رمقه "أكرم" بعصبية ثم رد عليه بانفعال‪-:‬‬

‫_وللا المكان مش باسم عيلة "الصياد" عشان‬


‫مجيش فيه وبعدين باهلل عليك ما تخدنا بالصوت‬
‫وأعمل حساب ابنك التعبان والمرضى اللي في‬
‫المستشفى!!!‬

‫اقترب منه اآلخر بانفعال‪ ،‬ثم أمسكه من ياقة‬


‫قميصه وصرخ به بحد‪-:‬‬

‫‪238‬‬
‫_إنت عارف كويس أوي أنا بتكلم على إيه؟!‬

‫اقتربت "سلوى" منهم حتى تنهي الشباك بينهم‬


‫ولكن بدون فائدة‪ ،‬حاول "حاتم" معهم بالصراخ‬
‫عليهم‪-:‬‬

‫_هو فيه إيه؟ أنا أول مرة أشوفكم كدا هو إنتوا‬


‫اللي متربين مع بعض سيبه يا "إياد"‬

‫لم يرد عليه "إياد"‪ ،‬حاولت" حور" أن تتماسك‬


‫حتى ال تدخل ولكنها ال تستطيع أن ترأ أخيها‬
‫يمسک بـ "أكرم" هكذا‪..‬‬

‫‪239‬‬
‫اليوم تيقن بأنه حبيبها‪ ،‬نعم ليس بصديق الطفولة‬
‫ب‬
‫فقط‪ ،‬شجارهم هذا لم يكن شيءٍ عادي بل كان ح ٍ‬
‫ولم يشعر به غير قلوبهم‪...‬‬

‫كادت أن تقترب ولكن دخول "أدهم" بعصبية‬


‫أوقفها‪ ،‬وقف بينهم ثم قال بصرامة‪-:‬‬

‫_لو عاوزين تتخانقوا روحوا فـ أي حتة لكن مش‬


‫في نص المستشفى عشان ما طلبش األمن‬
‫ومخلهومش يدخلكم تاني‪..‬‬

‫تركه "إياد" ثم صرخ به بانفعال‪-:‬‬

‫‪240‬‬
‫_يعني يا "أدهم" ما إنتش شايف أخوك اللي رايح‬
‫يثبت في أختي وما بيسمعش الكالم كل يوم أقوله ما‬
‫تقفش في مكان هي فيه وهو مصر على إنه‬
‫يعصبني‬

‫بسخرية شديدة رد عليه "أدهم"‪-:‬‬

‫_يمكن اللي بيعملوا الغلط بيفتكروا الكل بيعمل‬


‫الغلط زيهم‬

‫لم تفهم" سلوى" ما يقوله "أدهم"‪ ،‬بينما " حاتم" فـ‬


‫أقترب من "أكرم" بعصبية ثم سأله بضيق‪-:‬‬

‫‪241‬‬
‫_ إيه اللي "إياد" بيقوله يا "أكرم" ؟ كالمه دا‬
‫معاناه إيه؟!‬

‫وضع "أكرم" نظره باألرض ثم قال بهدوء‪-:‬‬

‫_هو دا اللي أنا كنت جاي لك فيه‪ ،‬عمي أنا طول‬


‫عمري مقرب للعيلة دي‪ ،‬من أسبوع كنت واقف‬
‫جنب "حور" وبهديها و‪...‬‬

‫قاطع كالمه "إياد" بسخرية‪-:‬‬

‫_ال والواد حنين!!‬

‫لم يعلق على كالمه أحد‪ ،‬فقط أكمل "أكرم" حديثه‬


‫غير مبالي لكالم اآلخر‪-:‬‬

‫‪242‬‬
‫_طول األسبوع بسمع تهديدات منه ومفيش ثقة في‬
‫أخته أبداً عمي أنا مش هقدر أبعد عن "حور" أبداً‬
‫وأنا متعودش إني مابقاش راجل زي ما هو فكرني‬
‫أنا يا عمي طالب ايدها ألني بحبها وعشان حبيبتي‬
‫أنا مش هحبها في الضلمة أو هيتغلب عليا شيطاني‬
‫وهيخليني أعمل لها أي حاجة وحشة‪!!!...‬‬

‫ابتسمت "خلود" التي كانت تستمع بصمت‪ ،‬تعلم‬


‫بأن ما قاله "أكرم" سـ يجعل النيران تشتعل‬
‫بداخله "إياد" ونيرانه سـ تحرق الجميع‪...‬‬

‫وبالفعل كما تيقنت صرخ به "إياد" وقال‪-:‬‬

‫‪243‬‬
‫_قصدك إيه بالكالم دا ها؟! بقولك إيه أنا مش‬
‫هجوزك أختي‪...‬‬

‫ولكن وقبل أن يكمل حديثه قالت "خلود" برجاء‪-:‬‬

‫_باهلل عليكوا روحوا البيت واتناقشوا في كل اللي‬


‫شاغل بالكم‪ ...‬ابني تعبان‬

‫حدق بها "أدهم" ثم قال بغضب‪-:‬‬

‫_لو سمحت اطلبوا األمن الكل هيمشي‬

‫ولكن "سلوى" اقتربت منه ومن ثم قالت برجاء‪-:‬‬

‫‪244‬‬
‫_معلش يا بني استحملنا‬

‫ثم حدقت بزوجها الذي كان صامت‪ ،‬انتظرت رأيه‬


‫وليست هي فقط من تنتظر بل كانت أنظار "حور"‬
‫تتعلق بوالدها‪ ،‬وضعت "سلوى" يدها على كتف‬
‫زوجها وهتفت بتساؤل‪-:‬‬

‫_إنت ساكت كدا ليه يا "حاتم قول حاجة؟!‬

‫حدق بالجميع ثم قال ببرود‪-:‬‬

‫_طلبك مرفوض يا بني‬

‫‪245‬‬
‫شعر" إياد" باالنتصار‪ ،‬ولكن "أكرم فـ شعر‬
‫بالوجع‪ ،‬غادر من المكان ولحق به" أدهم" الذي‬
‫شعر بالشفقة على أخيه‪ ،‬بينما حور فـ دمعت‬
‫عينها‪ ،‬كيف ألبيها أن يأخذ القرار عنها‪ ،‬حياة‬
‫أخواتها لم يتدخل بها أبداً لما يتدخل بحياتها‬
‫ويجرحها‪..‬‬

‫اقتربت منه ثم بحزن قالت‪-:‬‬

‫_على األقل يا بابا كنت اسالني عن رأيي قبل ما‬


‫ترفض أول مرة أحس إني مليش رأي عندك‬

‫حاولت "سلوى" أن تنهي هذا الشجار فـ قالت‪-:‬‬

‫‪246‬‬
‫_أبوكي رفض عشان حالة ابن أخوكي و "أكرم"‬
‫مش مقدر الظروف‪....‬‬

‫الفصل السادس‬

‫مر شهر بسرعة شديدة‪ ،‬أصبحت عالقة "إياس" و‬


‫"مليكة" قوية‪ ،‬يثق بها وبكالمها‪ ،‬ينفذ ما تقوله‪،‬‬
‫جلست تفكر مع نفسها‪ ،‬يجب أن تتركه وترحل عن‬
‫عالمه‪ ،‬قبل أن يقع بحبها ويتخطى خيوط الصداقة‪،‬‬
‫ويبدلها بخيوط الحب‪ ،‬هي ال تنكر بأنها فتحت‬
‫قلبها مرة أخرى‪ ،‬برغم كل ما حدث‪ ،‬ولكن ال‬
‫يحق لها أن تظلمه معها‪.‬‬

‫‪247‬‬
‫تنهدت بقوة ثم خرجت حتى تتحدث مع والديها‪،‬‬
‫ابتسمت بهدوء‪ ،‬حتى ال تظهر لهم عن الرهبة‬
‫المتواجدة بداخلها‪ ،‬ابتلعت ما في حقلها بتوتر شديد‬
‫ثم قالت‪-:‬‬

‫_بابا و ماما كنت عاوزة اتكلم معاكم شوية‬

‫‪248‬‬
‫حدق بها والدها ببسمة صغيرة‪ ،‬تيقن بأنها سـ تقول‬
‫أنها وجدت الشخص الذي سـ يحبها‪ ،‬ولكن ما قالته‬
‫ُ‬
‫حيث قالت‪-:‬‬ ‫كان مفاجأة له وللسيدة "مرڤت"‬

‫_بابا أنا هسافر باريس‬

‫قام من مكانه بغضب‪ ،‬إال أي حد سـ تجن ابنته‪،‬‬


‫رد عليها بانفعال‪-:‬‬

‫‪249‬‬
‫_ودا ليه إن شاء للا إيه الجديد اللي عندك ما هو أنا‬
‫بعيش معاكي على حسب جنانك‬

‫أمسكت أمها بمرفقيها لتتألم من شدة المسكة‪،‬‬


‫صرخت "مرڤت" بها والدموع تنزلق من عينها‬
‫بشدة‪-:‬‬

‫_أنا عمري ما شوفت يا بنتي حد أناني زيك إنتي‬


‫وال هشوف إنتي إنسانة مريضة‬

‫‪250‬‬
‫بعد أن انهت حديثها دفعتها بعيداً عنها‪ ،‬ومسحت‬
‫دموعها‪ ،‬حدقت بزوجها التي اقنعته طوال الشهر‬
‫أن يثق بابنته وأال يبحث في أشيائها‪ ،‬ليتها سمعت‬
‫له‪ ،‬تيقن بهذه اللحظة بأن ابنتهم ورائها شيءٍ كبير‬
‫تخفيه‪..‬‬

‫قامت "مليكة" من األرض وقالت بدموع‪-:‬‬

‫_ال يا ماما أنا عمري ما كنت أنانية أنا بس قررت‬


‫افتح فرع لمطعم بابا هناك عاوزة أكبره يبقى أنا كدا‬
‫أنانية‬

‫‪251‬‬
‫حدقت بـ "مراد" الذي لم يصدق ما قالته ابنته أبداً‪،‬‬
‫ولكنه تنهد وقال‪-:‬‬

‫_برحتك روحي وأعملي اللي إنتي عاوزة تعمليه‬


‫إن شاء للا ترمي نفسك في البحر كل دا برحتك‬

‫صرخت به "مرڤت" بعصبية‪-:‬‬

‫‪252‬‬
‫_هتسبها تروح فين ها ال إحنا تعبنا بقى من‬
‫المرواح معها في أي حتة وكل حتة شنط مجرد‬
‫شنط بس ليها‬

‫اقتربت من أمها‪ ،‬يجب أن تتعذر ولكنها راسمت‬


‫مالمح الجدية‪ ،‬قائل ٍة بثقة‪-:‬‬

‫_ال يا ماما إنتوا فوق رأسي بس أنا بقيت عاوزة‬


‫اشتغل على نفسي أكتر عاوزين نخلي مطاعم بابا‬
‫كبيرة أوي‬

‫‪253‬‬
‫قام أبيها من مكانه ولم يرد عليها‪ ،‬قفل باب غرفته‬
‫بقوة وجلس حبيس بها‪ ،‬ظلت هي وأمها أمام بعض‪،‬‬
‫تنهدت بقوة‪ ،‬يجب أن تقنع والدتها‪ ،‬تعلم أنها سـ‬
‫تعرف وسـ تنتصر في اقناع والدتها‪-:‬‬

‫_ماما بعد اذنك ادوني فرصة ومن غير زعل مني‬


‫ولو عاوزين تقعدوا هنا براحتكم بس أنا هروح‬
‫باريس‬

‫‪254‬‬
‫تركتها "مرڤت" ورحلت من أمامها‪ ،‬دمعت عينها‬
‫وهي تجد أبيها وأمها يبعدان عنها بسبب أفعالها‪...‬‬

‫كيف لها أن تتمتع بحياتها كما يطلبون منها‪،‬‬


‫أغمضت عينها بتعب ثم دخلت إلى غرفتها‪...‬‬

‫*****‬

‫‪255‬‬
‫خرج "أدهم" والحزن الشديد على وجهه‪ ،‬ال يوجد‬
‫غير "خلود" أما الباقون فـ رحلوا ليروا أعمالهم‪،‬‬
‫منذ قدوم ابنها للمشفى وهي بتلک الحالة‪ ،‬انتبه‬
‫لقدوم "حور" التي كانت سعيدة جداً‪ ،‬اقتربت منهم‬
‫ثم قالت بفرحة‪.-:‬‬

‫_"يحيى" هيكون كويس وأنا متأكدة ورق السفر تم‬


‫وخالص الدكتور اللي هيتابع حالته أخدنا معاه معاد‬
‫وهو مستني‬

‫‪256‬‬
‫تنهد "أدهم" ثم قال بنبرة تحمل الكثير من األسف‪-:‬‬

‫_ريحو نفسكم يا "حور" كل شيء نصيب‬

‫هزت "خلود" رأسها بعدم فهم‪ ،‬ما الذي يقصده من‬


‫حديثه‪ ،‬أمسكت يده وحاولت أن تفهم ما يريد‬
‫أخبارها به‪ ،‬قالت ببسمة صغيرة‪-:‬‬

‫‪257‬‬
‫_خف صح وبقى كويس‬

‫كيف له أن يؤلمها بما سـ يقول‪ ،‬قلبها سـ ينهار‬


‫وقلبه سـ يموت عليها‪ ،‬نعم يحبها‪ ،‬بينه وبين نفسه‬
‫تيقن هذا‪ ،‬هي بالنسبة له الحياة‪ ،‬انتبه لصراخ‬
‫"حور" الغاضب‪-:‬‬

‫_قول ياال إيه اللي حصل لـ "يحيى"‬

‫‪258‬‬
‫لم يرد عليها فـ ردت "خلود" التي قالت بدموع‬
‫منهمرة بشدة‪-:‬‬

‫_مات‪....‬دا اللي الدكتور خايف يقوله‬

‫حدقت بها "حور" بصدمة‪ ،‬كيف تقول هذا على‬


‫طفلها‪ ،‬هل استطاعت أن تخرج هذا الشيء من‬
‫فمها‪ ،‬أمسكت معصمها بشدة وصرخت بها‬
‫بانفعال‪-:‬‬

‫‪259‬‬
‫_بالش تقولي على ابنك كدا يعني أنا اللي مش أمه‬
‫ومش عاوزة أقول كدا وعارفة إنه عاش وإنتي اللي‬
‫بتقولي عليه كدا‬

‫بانهيار شديد قالت وهي تشير على قلبها‪-:‬‬

‫_قلبي بطل يدق أنا حاسة إن روحي راحت مني يا‬


‫"حور"‬

‫‪260‬‬
‫أسرعت لغرفة العناية‪ ،‬تحت أنظار "حور"‬
‫والطبيب "أدهم" الذي دمعت عينه عليها‪ ،‬وعلى‬
‫أمومتها‪ ،‬تنهد بقوة ثم ذهب خلفها فـ وجدها تحمله‬
‫من بين ذراعيها وتصرخ به بقوة‪-:‬‬

‫_قوم يا "يحيى" قوم يا حبيبي مش أنا قولتلك لما‬


‫تكبر هتكون سندي وهتحميني من كل الناس‬

‫‪261‬‬
‫صمتت قليالً ثم قالت بصوت أكثر فيه الوجع‪-:‬‬

‫_طب مش وإنت في بطني قعد اتكلم معاك وأقولك‬


‫أنا نفسي تطلع دكتور أو ظابط أنا اتخيلت اليوم اللي‬
‫هتتخرج فيه وأقول ابني اتخرج كدا يا ابني‬

‫وضع "أدهم" يده على كتفها‪ ،‬لتضحك بألم وتتابع‬


‫حديثها‪-:‬‬

‫_شايف يا "أدهم" هو زعل مني إلني زعقت فيه‬


‫وقولته متزنش ياال قول له يفوق وأنا هسمع صوته‬
‫وأحمد ربنا‬

‫‪262‬‬
‫أخذ منها طفلها ووضعه مرة ثانية على الفراش‪،‬‬
‫لتصرخ به بانفعال‪-:‬‬

‫_إنت ازاي تعمل كدا أخص عليك يا "أدهم" دا آنت‬


‫أكتر واحد حاسس بيا ماتمسكش ابني‬

‫اتجهت نحو "حور" التي انهارت مرتان‪ ،‬مرة حين‬


‫سمعت خبر وفاء الصغير واألخرى على حال‬
‫زوجة أخيها‬

‫‪263‬‬
‫بصوت هامس سألتها‪-:‬‬

‫_طب فاكرة لما روحنا جبنا له اللبس كان اليوم دا‬


‫من أحسن أيام حياتي كنت متحمسة أوي وللا‬

‫أشار "أدهم" بتلك اللحظة للمرضة حتى تعطيها‬


‫مهدى‪ ،‬أقترب منها وأمسكها وقال بحنان‪-:‬‬

‫‪264‬‬
‫_بكرا ربنا هيعوضك إن شاء للا‬

‫رمقته وكأنها تعلم بأن ال يوجد تعويض عن طفلها‪،‬‬


‫وكأنها تسمع نداء قلبها على صغيرها‪...‬‬

‫أين أنت يا صغيري‪ ،‬إلى أي عالم ذهبت وتركت يد‬


‫أمك‬

‫دموعي ال تجف‪...‬ارحم أمك وعد للحياة‪...‬أنا ال‬


‫أستطيع التنفس بدونك‪...‬أعلم بأنك يا مالكي ذهبت‬

‫‪265‬‬
‫إلى عالم الخضروات‪ ،‬الجنة والقصور‪ ،‬أعلم بأنك‬
‫تنتظر قدومي ولكن كيف لي العيش بدونك اآلن‪...‬‬

‫وقعت بين يده‪ ،‬والدموع تمأل حدقتها‪ ،‬حملها ثم‬


‫اتجه بها للخارج ووضعها بـ غرفة بمفردها‪ ،‬وأمر‬
‫"حور" بـ‪-:‬‬

‫_ما تسبهاش يا "حور" واتصلي بـ أهلك وقوليلهم‬

‫هزت رأسها ثم خرجت لتهاتفهم‪ ،‬بينما هو فـ ظل‬


‫أمامها يتابع حالتها‪...‬‬

‫‪266‬‬
‫سمعها تهمس باسمه والدموع تنزلق من مقلتيها‪-:‬‬

‫_"يحيى"!!!‬

‫بحزن‪ ،‬ملس على شعرها وقال بوعد‪-:‬‬


‫ٍ‬ ‫اقترب منها‬

‫_آخر مرة هتحزني فيها صدقيني يا "خلود"‬

‫‪267‬‬
‫مسح دموعها ثم خرج من الغرفة‪ ،‬لمح "إياد" الذي‬
‫آتى حتى يطمئن على ابنه‪ ،‬اتجه له بغضب ثم‬
‫أمسكه من قميصه وسحبه للمكتب‪ ،‬صرخ به ما أن‬
‫دخل‪-:‬‬

‫_خالص شهر وابني ما متش يبقى أكمل شغلي‬


‫عادي وسيب المسكينة تقف قدام الرعاية مستنية‬
‫ابنها يعيش‬

‫‪268‬‬
‫لما يحدثه هكذا‪ ،‬شعر بالضيق الشديد منه فـ قال‬
‫بانفعال‪-:‬‬

‫_وإنت بتعملني كدا ليه وبعدين أنا عمري ما أفكر‬


‫أسيب ابني أنا كنت بجهز ورقه عشان يسافر‬
‫والحمدهلل جهز‬

‫حدق به بسخرية ثم قال بهدوء محزن‪-:‬‬

‫‪269‬‬
‫_طيب البقاء هلل ابنك مات ومراتك تعبانة و عندها‬
‫انهيار جوه‬

‫*****‬

‫بمكان آخر‪ ،‬أشعل أحدهم سيجاره‪ ،‬ثم تحدث‬


‫ٍ‬
‫بغضب شديد‪-:‬‬

‫_لحد امتى هيفضل "مراد" ومطاعمه يكبروا‬


‫بالطريقة دي‬

‫‪270‬‬
‫ابتسم صديقه وأردف بذكاء‪-:‬‬

‫_إحنا معانا دليل وحاجات يخله يسيب البلد و اللي‬


‫يخلونا نكبر وهو يفضل تحت رجلنا يا "عمر"‬

‫ُ‬
‫حيث فهم ما ينوي عليه صديقه‬ ‫ابتسم "عمر" بشر‪،‬‬
‫وشريكه‪ ،‬رد عليه بنبرة ذات معنى وقال‪-:‬‬

‫‪271‬‬
‫_"مليكة"‪!!!!...‬‬

‫ابتسم اآلخر على فهم "عمر" له ثم أشعل سيجاره‬


‫وقال بخبث‪-:‬‬

‫_ما تنساش احنا استغلينا مين عشانها وأنا متأكدة‬


‫مية في المية إن "مراد" لما يعرف ممكن يدينا‬
‫محالته كمان‬

‫‪272‬‬
‫فكر "عمر" قليالً‪ ،‬يعلم بأنه محقة ولكن أين الدليل‬
‫لذا فسأل اآلخر بفضول‪-:‬‬

‫_بس عاوز أعرف فين الدليل اللي المفروض‬


‫هنقول لـ "مراد" عليه يا "خالد"‬

‫ُ‬
‫حيث كان يجلس‬ ‫تذكر "خالد" ما حدث منذ عامان‬
‫ومعه "إياد الصياد" ويستفزه بالتحدي الخاص به‪،‬‬
‫أخرج وقتها صورة لـ "مليكة" ثم أردف بخبث‪-:‬‬

‫‪273‬‬
‫_يا بتاع البنات إنت بنات الناس كلها ممكن توقعهم‬
‫لكن دي ال وأنا متأكد من تربية أبوها‬

‫غمز له "إياد" وقال‪-:‬‬

‫_هوقعها بس متلفش وتدور عليا كتير إنت عاوزها‬


‫في إيه؟!‬

‫دائما ً ما يفهمه "إياد" لذلك قال لصديقه ما يريده‪-:‬‬

‫‪274‬‬
‫_بص أبوها شبح السوق وأنا مش عارف أعمل إيه‬
‫عشان أخليه يهدأ علينا شوية فـ وقع بنته وخليها‬
‫تخلي أبوها يعملنا مصلحة على أساس خدمة ليك يا‬
‫حبوب‬

‫بثقة كبيرة رمقه "إياد" الذي قام من مقعده وقال‬


‫بيقين‪-:‬‬

‫_اعتبره حصل يا صاحبي‬

‫‪275‬‬
‫مرت حينها األيام وقدر "إياد" أن يوقع "مليكة" في‬
‫شباكه‬

‫ولكن ما أفسد خطته أن "إياد" وقع في حبها‪،‬‬


‫وحذره أن يبعد عنها‪....‬‬

‫عاد من تذكره هذا وهو يبتسم بقوة مما جعل "عمر"‬


‫يستغرب بشدة‪ ،‬انكمش حاجبه ثم سأله باندهاش‪-:‬‬

‫‪276‬‬
‫_مالك يا "خالد" رد بقى وخلصني عاوز أفهم‬
‫برضه هنعمل إيه؟!‬

‫وضع رجله على األخرى ثم أشعل سيجارته ورد‬


‫عليه قائالً بهدوء يسبق العاصفة‪-:‬‬

‫_أنا راقبت "إياد" وصورته مع "مليكة" وشوفته‬


‫وهو معها قدام عمارته وصورتهم وهما داخلين ودا‬
‫أكبر دليل على اللي حصل في الشقة‬

‫‪277‬‬
‫ال يستطيع "عمر" أن يفكر بنفس تفكير "خالد"‪،‬‬
‫ولكنه معجب بشدة بما خططه‪ ،‬هز رأسه ثم ضحك‬
‫بقوة وقال‪-:‬‬

‫_بيعجبني خططك اللي ما حدش يقدر يفكر فيها‬


‫وإنت بكدا هتخليه يراجع كل الحسابات قولي بقى‬
‫هتعمل دا أمتى‬

‫بحزن‬
‫ٍ‬ ‫ظل يرقص حاجبيه بثقة ثم تنهد بقوة وقال‬
‫مصطنع‪-:‬‬

‫‪278‬‬
‫_أنا بس خايف علي" مراد" يعيني لما يعرف إن‬
‫بنته المهندسة اللي عاش عمره كله يفتخر بيها‬
‫ويقول بنتي ما فيش زيها عملت فيه إيه حطت‬
‫رأسه في الطين‬

‫هز "عمر" رأسه ثم تنهد بقوة وهتف بسخرية‪-:‬‬

‫_وللا يا "خالد" البنت من دول تعمل شريفة‬


‫ومافيش زيها وتتفاجئ إن فيها كل العبر أنا فاكر‬

‫‪279‬‬
‫أول مرة أشوف "مليكة" كانت قمة في االحترام بس‬
‫كله تمثيل‬

‫نظراتهم لبعض كانت مليئة بالخبث والحقد‪ ،‬وكأن‬


‫كل مشاكلهم مع "مليكة" وليس أبيها الناجح‪ ،‬كل‬
‫واحد منهم ظل شارد في موقف "مراد" حين يعلم‬
‫عار ابنته وكيف سـ يكون حاله بعد أن يترك‬
‫مطاعمه‪...‬‬

‫‪280‬‬
‫بتلك اللحظة انتبه "عمر" لـ سؤال "خالد" الذي قال‬
‫بحنق‪-:‬‬

‫_بس تفتكر هننجح زيه وبعدين في مطاعم تانية‬


‫غيره منافسة لينا هل لو مشي من السوق إحنا‬
‫هنكسب وال ال؟‬

‫رمقه "عمر" بغضب‪ ،‬كيف له أن يشك بأن "مراد"‬


‫ليس الوحيد من ينافسهم‪ ،‬هو ال يهمه غيره ألنه‬
‫مطاعمه أكثر نجاح عن الباقون وهذا ما يضايقه‪-:‬‬

‫‪281‬‬
‫_يا بني هو فتح معانا ونجح بسرعة وبقى انجح من‬
‫اللي عندهم مطاعم في العالم كله ودا اللي هيعمله‬
‫قريبا ً هيفتح في كل حتة خارج مصر وجواها‬

‫**"*‬

‫‪282‬‬
‫جلست معه بإحدى الكافيات‪ ،‬وعلى وجهه ابتسامة‬
‫صغيرة‪ ،‬بهذا الوقت قاطعت نظراته حين قالت‬
‫بتساؤل‪-:‬‬

‫_"يحيى" عامل إيه مش أحسن؟!‬

‫بحزن‪ ،‬كيف له أن يقول بخير وهو ليس‬


‫ٍ‬ ‫تنهد‬
‫بذلك‪ ،‬رد عليها بضيق شديد‪-:‬‬

‫‪283‬‬
‫_وللا لسه زي ما هو خالص ورقه خلص‬
‫وهنسفره‬

‫كادت أن تمسك يده ولكنها تراجعت هي ال تستطيع‬


‫دائما ً ما تشعر بالخوف من أي رجل‪ ،‬بسبب ما‬
‫حدث معها‪ ،‬تكلمت بشفقة على حالته‪-:‬‬

‫_إن شاء للا هيكون كويس‬

‫‪284‬‬
‫ُ‬
‫حيث كانت مترددة‬ ‫هز رأسها لتتابع بهدوء مخيف‪،‬‬
‫حتى تقول ما جاءت لقوله‪ ،‬يجب أن تودعه ولكن‬
‫ما هي ردت فعله حتى اآلن ال تعلم‪-:‬‬

‫_أنا هستقيل يا "إياس"!!!‬

‫جحظ عينه بصدمة‪ ،‬ظل صامت بعد كالمها كثيراً‪،‬‬


‫كيف تقول هذا الشيء بعد أن تعلق بها‪ ،‬رد عليها‬
‫بـ‪-:‬‬

‫‪285‬‬
‫_ليه؟ مين زعلك مش إحنا اتفقنا في الموضوع دا‬
‫وال بتحبي تزعليني‬

‫أنهى كالمه وقبل أن ترد عليه‪ ،‬تذكر أخيه من‬


‫الممكن أن يكون غضب عليها‪ ،‬هو اآلن غير‬
‫واعي لما يفعله‪ ،‬سرعان ما بدأ في تصليح األمور‬
‫وما فعله" إياد" وال يعرفه‪-:‬‬

‫‪286‬‬
‫_"إياد" زعلك صح أنا أصالً عارفه لما يتعصب‬
‫بصي هو دلوقتي زعالن على "يحيى" وإن شاء‬
‫للا هيكون كويس جداً لما ابنه يرجع بخير أنا‬
‫بنفسي هخليه يعتذر ليكي‬

‫اتسعت حدقتها بذهول‪ ،‬كيف فكر بهذا الشيء‪،‬‬


‫"إياد" لما يفعل لها شيء‪ ،‬هزت رأسها ونفت كل‬
‫هذا ليصرخ عليها بهسترية‪-:‬‬

‫‪287‬‬
‫_أومال ليه عاوزة تمشي؟! ليه بعض ما خالص‬
‫لقيتك ولقيت نفسي معاكي‬

‫حاولت أال تضعف وال يهزمها حديثه‪ ،‬هي أيضا ً‬


‫تعلقت به‪ ،‬وفشلت في انتقامها‪ ،‬وهي ال تريده أن‬
‫يخسر بسببها‬

‫ردت عليه بفتور‪-:‬‬

‫‪288‬‬
‫_أنا أسفة يا "إياس" بس إنت مجرد صديق بس‬
‫وأنا عمري ما اعتبرتك غير كدا أنا لقيت شغل برا‬
‫البلد ودي فرصة حلوة‬

‫جذ على أنيابه بغضب‪ ،‬كل تقربهم هذا وباآلخر هو‬


‫شخص لم يكن بالنسبة لها إال صديق‪ ،‬قام من‬
‫مكانه بعد أن صرخ بهمس بوجهها وقال‪-:‬‬

‫_هفضل بالنسبالك شخص عادي وال يهمك باللي‬


‫حاسس بيه وللا لو حتى مجرد صديق مش هتمشي‬
‫وهو بحاجة ليكي‬

‫‪289‬‬
‫ابتلعت ما في حلقها وكادت أن ترد ولكن قاطعها‬
‫دخول صديقها بالجامعة‪ ،‬حين مسك يدها قائالً‬
‫بانبهار‪-:‬‬

‫_"مليكة" واو إيه الجمال والحالوة دي ما شاء للا‬


‫كبرنا وحلوينا وبقينا عسالت أخبارك إيه؟ من يوم‬
‫التخرج ما شوفتكيش‬

‫‪290‬‬
‫لم يعطيها فرصة لإلجابة‪ ،‬وهي لم تهتم لكالمه هي‬
‫فقط تهتم بنظرات "إياس" إليها والتي كانت مليئة‬
‫بالغيرة من أمساك صديقها ليدها‪ ،‬نظرت له بآسف‬
‫أما هو فـ كان يود أن يفتق بها‪ ....‬وضعت أناملها‬
‫على مقلتيها لتلحق دموعها من النزول ثم حدقت‬
‫بصديقها بهدوء وقالت‪-:‬‬

‫_الحمدهلل يا "طارق" أنا بخير وإنت أخبارك إيه؟!‬

‫‪291‬‬
‫هز رأسه وكأد أن يقعد معها ليكمل باقي كالمه‬
‫والفضول اتجاهها حتى يعرف عنها تفصيل أكثر‬
‫ولكنها قالت باعتذار‪-:‬‬

‫_معلش يا "طارق" نبقى نتقابل وقت تاني ونتكلم‬


‫إلني قاعدة مع مديري و بنتناقش في حاجة مهمة‬
‫أوي في الشغل‬

‫‪292‬‬
‫شعر "طارق" باإلحراج الشديد لذلك فضل أن‬
‫ينسحب ببسمة صغير بعد أن أخرج ورقة بها كل‬
‫أرقام تلفونه وعنوان شركته‪-:‬‬

‫_تمام ما فيش مشكلة برحتك أنا كان عندي‬


‫‪ meeting‬عن إذنكم‬

‫عادت تنظر له ولكن لم تلحق حتى لقول شي ٌء‪،‬‬


‫أمسكها من معصمها بشدة ثم سحبها خلفه وذهب‬

‫‪293‬‬
‫لسيارته‪ ،‬مما جعلها تشعر بالخوف‪ ،‬قالت بصوت‬
‫مذعور‪-:‬‬

‫_هو إنت موديني على فين ؟!‬

‫لم يرد عليها وانطلق مسرعا ً إلى أن وقف بمكانها‬


‫المفضل‪ ،‬رمقها بغضب ثم صرخ بجموح‪-:‬‬

‫‪294‬‬
‫_مكننش عارف أزعق حلو في الكافيه عشان كدا‬
‫جبتك هنا يمكن تعرفي تحسي بيا أنا كل يوم قلبي‬
‫بيولع لما بشوف حد بيقرب ناحيتك وال بيقول إنه‬
‫معجب بيكي في الشركة‬

‫صمت قليالً ليسترجع موقف صديقها الذي مسكها‬


‫من معصمها وسلم عليها‪ ،‬تقابلت أناملها الناعمة‬
‫بأنامله‪ ،‬هذا أغضبه ومازال يغضبه بشدة‪ ،‬جذ‬
‫على نواجذه ثم هتف‪-:‬‬

‫‪295‬‬
‫_زميلك في الجامعة مجرد زميل ليه يسلم عليكي‬
‫ما فيه بوق يتكلم بيه وخلصنا بصي بقى أنا معجب‬
‫بيكي من أول يوم شوفتك في اسكندرية وساكت بس‬
‫إنك تبعدي عني أنا مش هسمح‬

‫حزنت كثيراً‪ ،‬ليتها كانت بعيدة كل البعد عنه‪،‬‬


‫ليتها ما جعلت نفسها صدفة بطريقه‪ ،‬لم تكن تعلم‬
‫بأنها ستقع وسـ يدق قلبها في حبه‪ ،‬ولكن كيف‬
‫تقول لهذا الغاضب الذي ال يتقبل تالمس أيديها‬

‫‪296‬‬
‫بأحد‪ ،‬ما الذي سـ ينتابه حين يعلم بأن حبيبته‬
‫الوحيدة لم تكن عذراء‪...‬‬

‫يجب أن تنسحب من حياته لذلك قالت بعلو‪-:‬‬

‫_وأنا قولت لك مش بحبك أفهم بقى أنا مش عاوزة‬


‫أتجوز أنا عاوزة أحقق ذاتي‬

‫‪297‬‬
‫كانت تقول هذا والدموع ال تكف من عينها‪ ،‬كانت‬
‫تتحدث وهي تعطي له ظهرها حتى ال يرأ دموعها‬
‫ولكن شهقاتها ماذا عنها‪...‬‬

‫كيف لي أال أحبك‪ ...‬وأنت الرجل الوحيد الذي‬


‫حماني من بطش نفسه‪ ...‬ولكن القدر الذي جعلني‬
‫معك ال يريد أن نكون معاً‪....‬هذه هي النهاية‪...‬‬
‫التي كانت بدايتها الفراق هي لن تكمل‪ ...‬يجب‬
‫عليك أن تفرح وفرحك مع من حافظت على نفسها‬
‫من أجل حبيبها‪...‬‬

‫‪298‬‬
‫حدق بها وقال بعتاب‪-:‬‬

‫_طب وريني وشك وإنتي بتقولي كدا؟! لو ساعتها‬


‫هتحققي ذاتك وأنا العقبة فـ كدا هصدقك وهبعد عن‬
‫حياتك‬

‫أغمضت عينها بقوة ثم ردت برجاء‪-:‬‬

‫_عيش حياتك مع حد غيري يستأهلك‬

‫‪299‬‬
‫ماذا تعني بهذه الكلمة‪ ،‬لما ال تستأهله‪ ،‬لما تقلل‬
‫كنز لها‪، ،‬‬
‫من شئنها‪ ،‬هو ليس بكثير وال حتى ٍ‬
‫فكر أن يتخلى عن عصبيته حتى يستحقها ولكنها‬
‫تعامله بجفاف‪...‬‬

‫صرخ بها بتهكم‪-:‬‬

‫‪300‬‬
‫_يعني إنتي شايفة إني اتجوز واحدة تانية لو هو دا‬
‫اللي إنتي شايفاه ساعتها هندم إني كلمتك في حاجة‬
‫زي كدا‬

‫تنهدت بقوة وحاولت أن تقول نعم ولكن فضلت أن‬


‫تصمت‪ ،‬التفتت له فـ وجدته ينظر لها بلوم‪ ،‬نعم‬
‫يلومها على تفكيرها‪...‬‬

‫‪301‬‬
‫لما يا حبيبتي‪ ....‬رغم حبي واشتياقي لعش الزوجية‬
‫ترفضيني‪ ...‬أنا أريدك وال أريد غيرك‪ ...‬أنا ال‬
‫انتظر منك غير الشفقة على هذا العاشق الولهان‬
‫الذي تيم بحبک الصعب‬

‫كم من اختبار حتى أصل لقلبك‪ ...‬وكم يصبر‬


‫صبري حتى تهزي برأسك وتقولي أوافق‬
‫أراك دون‬
‫ِ‬ ‫عليك‪...‬أنا ال أعلم ما يعيبني ولكني‬
‫عيوب‪ ...‬قولي لي ما ينقصني وللا حينها سـ أفعل‬
‫المستحيل حتى أكتمل‪ ...‬هيا نيري لي حياتي فـ أنا‬
‫بدونك أعيش بالظالم‪....‬‬

‫‪302‬‬
‫بتلك اللحظة رن هاتفه فـ أخرجه ليجد أن المتصل‬
‫أمه‪ ،‬رد عليها في سرعة متأمالً أن يسمع خبر‬
‫مفرحة عن ابن أخيه‪-:‬‬

‫_الو أيوا يا ماما "يحيى" عامل إيه؟‪...‬‬

‫ليسقط منه الهاتف بصدمة‪ ،‬بعد سماع صوت أمه‬


‫الباكي‪ ،‬أسرعت إليه في لهفة ثم قالت بهلع‪-:‬‬

‫‪303‬‬
‫_في إيه يا "إياس"؟‬

‫ببكاء شديد قال‪-:‬‬

‫_مات ابن أخويا مات‬

‫‪304‬‬
‫اتسعت عينها بصدمة‪ ،‬ماذا يقول‪ ،‬ما حال المسكينة‬
‫أمه اآلن‪ ،‬تعلم بأن كل هذا تغفيراً عن كل ذنب قام‬
‫به "إياد" ولكن ماذا عن أمه ال ذنب لها‪...‬‬

‫ملست على كتف " إياس" ثم قالت بحنو‪-:‬‬

‫_ربنا أخد األمانة واحنا كلنا هنروح له هو هيكون‬


‫كنز للطريق للجنة لعيلته‬

‫‪305‬‬
‫تذكر أخيه‪ ،‬ما هي حالته اآلن‪ ،‬يجب أن يسرع له‪،‬‬
‫قال في لهفة‪-:‬‬

‫_"إياد"!!!!‬

‫*****‬

‫جلس بشقته‪ ،‬بعد معاناه مع أهله حتى يتركوا‬


‫بمفرده‪ ،‬يريد أن يعيد حسابته من جديد‪ ،‬جلس‬
‫بغرفة "يحيى"‪ ،‬وألول مرة بعد أن تعب يقعد بها‪،‬‬
‫أين صوت ابنه الذي جعل بيته مليء بالروح‪،‬‬
‫يشعر بأنه يقعد بمكان ال روح فيه وال حياة‪...‬‬

‫‪306‬‬
‫تذكر أول مرة مسكه بين يده وضمه لصدره‪ ،‬لو‬
‫كان يعلم بأن كل هذا الشيء سـ يحدث لكان ظل‬
‫بجانبه‪ ،‬حتى" خلود" شعر بأن المنزل بدونها‬
‫غريب‪...‬‬

‫ولكنه أضاع كل ما في يده‪ ،‬يعلم بأنها لن توافق أن‬


‫تعود لـ حياتها معه‪ ،‬يعلم أنه ظلمها كثيراً ولكنه‬
‫كان مريض باألنانية‪ ،‬هو يعترف بذلك‪ ،‬تخيل لو‬
‫تعود حياته القديمة‪ ،‬فقط يريد فرصة بها‪ ،‬حينها‬
‫سـ يعتذر من زوجته وسـ يحاول أن يبني الحب‬
‫بينها وبينه‪ ،‬كما حاولت هي كثيراً‪ ،‬متيقن بأن أول‬
‫شيء سـ تطلبه حين تفوق من تعبها هو الطالق‬
‫فقط‪...‬‬

‫‪307‬‬
‫بكى بشدة‪ ،‬ثم أردف بحزن‪-:‬‬

‫_عارف يارب إني عملت حاجات كتير أوي غلط‬


‫سامحني يارب‪...‬‬

‫كم نفس أتعبها‪ ،‬حبيبته التي أمنته على حياتها‬


‫وخذلها‪ ،‬ضرب قلبه بيده وصرخ‪-:‬‬

‫_ليه اذيت الناس ليه؟!‬

‫‪308‬‬
‫كم فتاة ظلمها من أجل أن يتباهى به أصدقه‪،‬‬
‫أغمض عينه بقهر‪ ،‬ثم ملس على فراش ابنه‪،‬‬
‫أمسك العابه وقال‪-:‬‬

‫_مكنتش أعرف إنك غالي كدا يا "يحيى" آسف يا‬


‫حبيبي على كل لحظة مكنتش معاك فيها‬

‫‪309‬‬
‫صمت قليالً ليبتلع ما في حلقه ثم أضاف‪-:‬‬

‫_أبوك يا بني ظلم كتير أوي وأول نفس ظلمها هي‬


‫نفسه وبس‬

‫سامحني يا طفلي‪ ...‬ولكن على أي شيء‪ ،‬أخطاء‬


‫أبيك بسنوات عمره‪ ،‬سامحني على عذابي ألمك‪...‬‬
‫سامحني إلني لم أكون يوما ً أ ٍ‬
‫ب لتفتخر به حين‬
‫تكبر‪...‬‬

‫‪310‬‬
‫مسح دموعه‪ ،‬وقرر أن يذهب للمشفى‪ ،‬يجب أن‬
‫يكون بجانب "خلود"‪ ،‬قام من مكانه ثم اتجه ليغادر‬
‫منزله ولكن حين فتح الباب وجد أبيه أمامه‪ ،‬حدق‬
‫به ثم قال بنبرة حزينة‪-:‬‬

‫_اتفضل يا بابا‪!!...‬‬

‫بمالمح حزينة قال‪-:‬‬

‫‪311‬‬
‫_عارف إنك عاوز تقعد لوحدك بس أنا أب يا بني‬
‫ومش هعرف أبداً أسيب ابني في حالة زي دي أبداً‬

‫شرد في كالمه‪ ،‬ثم حدق به وقال بصراخ‪-:‬‬

‫_بس أنا مكنتش أب كويس يا بابا أنا سبت ابني‬

‫حضنه والده بقوة ثم تحدث بحنو‪-:‬‬

‫‪312‬‬
‫_يا حبيبي إنت ملكش ذنب يا حبيبي دا نصيبه‬

‫هز رأسه ثم نظر لألرض بخجل‪-:‬‬

‫_أنا ربنا بيعاقبني على كل حاجة عملتها‪!!..‬‬

‫انكمش حاجب "حاتم" باستغراب‪ ،‬ماذا فعل ابنه‬


‫يجعله يضع موت ابنه مجرد تخليص شيءٍ من‬
‫ذنوبه‪ ،‬تكلم باندهاش‪-:‬‬

‫‪313‬‬
‫_إيه اللي بيخليك تقول كدا يا حبيبي؟ إنت طول‬
‫عمرك ماشي على الرصيف!!!‬

‫السخرية انتابته‪ ،‬إلى إي حد يثق به أبيه‪ ،‬تمنى أن‬


‫يقول له عن أفعاله ولكنه يخشى أن يحزن على تعبه‬
‫في تربيته‪...‬‬

‫هز رأسه ثم قال بضيق‪-:‬‬

‫‪314‬‬
‫_ما فيش يا بابا مجرد كالم ودلوقتي هستأذنك إنك‬
‫تسبني أقعد لوحدي!! عاوز أراجع حاجات كتير‬
‫أوي مع نفسي يا بابا‬

‫ال يريد أن يذهب ولكنه فضل أن يتركه بمفرده حتى‬


‫يهدأ‪ ،‬أخرج زفيره بضيق ثم قال‪-:‬‬

‫_أنا يا بني همشي بس خليك فاكر دايما إن قلبي‬


‫وجعني عليك فوق لنفسك وأحمد ربك بكره ربنا‬
‫هيعوضك عن كل دا‪!!!!...‬‬

‫‪315‬‬
‫أومأ برأسه ثم قام من مكانه‪ ،‬تركا ً والده بمفرده‪ ،‬قام‬
‫"حاتم" بحزن ثم اتجه نحو باب الشقة ليغادر‬

‫حين سمع صوت الباب‪ ،‬التفت بضيق‪ ،‬تنهد بقوة ثم‬


‫قال‪-:‬‬

‫_آسف يا بابا‪!!...‬‬

‫‪316‬‬
‫تذكر بأنه سـ يذهب لزوجته حتى يتحدث معها‬
‫ويعتذر على ما حدث‪.....‬‬

‫****‬

‫ظل بجانبها بالمشفى‪ ،‬مازالت تحت تأثير المهدى‪،‬‬


‫ال يعلم حين تستيقظ ماذا سـ يقول عندما تسأل عن‬
‫طفلها وأين ذهب‪ ،‬شعر بالصداع الشديد الذي‬
‫أصاب جمجمته من التفكير اال منتهي قط‪ ،‬كم هي‬
‫مالك‪ ،‬كيف لـ "إياد" أال يرأ جمالها‪ ،‬بالفعل ليس‬

‫‪317‬‬
‫الكفيف من ال يبصر‪ ،‬بل من ينعم بصحة النظر في‬
‫بعض األحيان يكون أعمى وال يرأ‪.‬‬

‫الجميع ذهبوا‪ ،‬ال أحد بجانبها‪ ،‬عائلة "الصياد"‬


‫تقف بجانب ابنها‪ ،‬وأمها لم تأتي خالل مرض‬
‫"يحيى"‪ ،‬يحاول أن يتواصل معها ولكنه ال يعلم أي‬
‫رقم لها‪..‬‬

‫انتبه بتلك اللحظة لدموع "خلود" التي تتساقط على‬


‫وسادتها‪ ،‬تيقن بأن مفعول الدواء بدأ ينسحب‪،‬‬
‫صرخ باسم الممرضة بعلو‪-:‬‬

‫‪318‬‬
‫_جهزي مهدى عشان ممكن تنفعل تاني بسرعة‪!..‬‬

‫أومأت له الممرضة بينما هو فـ اقترب منها‪ ،‬وضع‬


‫أنامله على وجهها ليمسح دموعها التي تتساقط بقوة‬
‫من عينها‪...‬‬

‫لقد مزجت قلبه‪ ،‬وجعها هذا أصابه وكأن طفلها‬


‫يكون طفله األول‪...‬‬

‫‪319‬‬
‫تمنى أن يكون متحكم بكل أجهزة الحزن الخاصة‬
‫بها‪ ،‬حينها سـ يوقف عذابها‪ ،‬وسـ يمنحها السعادة‬
‫فقط‪...‬‬

‫ظل يتأملها بخوف‪ ،‬يدعو للا أن تعود لحياتها من‬


‫جديد وتنسى ألمها‪...‬‬

‫عذراً يا جميلتي بل يا حبيبتي‪...‬ال أستطيع تحمل ما‬


‫تتحمليه‪...‬‬

‫‪320‬‬
‫نعم حزين عليكي ولكن كل حدود الحزن ال تتماثل‬
‫ت‬
‫مع حزنك أن ِ‬

‫لك بأني سـ أحاول بكل جهد أن‬


‫ولكن أعدك وأقسم ِ‬
‫أكون بجانبك‬

‫فتحت عينها مما جعله يتلهف عليها‪ ،‬انحنى قليالً‬


‫بهلع‪-:‬‬
‫ٍ‬ ‫واقترب منها ثم سألها‬

‫‪321‬‬
‫_"خلود" حاسة بـ إيه؟!‬

‫ت ُمض ٍْن أجابته‪-:‬‬


‫بصو ٍ‬

‫_"يحيى" فين يا "أدهم"‪!!!...‬‬

‫ً‬
‫حزين عليها وعلى ما وصلت له‪ ،‬برجا ًء‬ ‫تنهد بقوة‬
‫شديد قال‪-:‬‬

‫‪322‬‬
‫_باهلل عليكي يا "خلود" حاولي تتقبلي الوضع‪!!..‬‬

‫بكت بشدة ثم قالت‪-:‬‬

‫_مش هشيله تاني؟ يعني خالص عمري كله كان‬


‫في أيام عمره من يوم ما عرفت إني حامل فيه وأنا‬
‫بحلم بحياته‬

‫‪323‬‬
‫كاد أن يضع يده على شعرها ولكن تراجع‪ ،‬رد‬
‫عليها بحنو‪-:‬‬

‫_بكرا ربنا هيعوضك خير بس باهلل عليكي ارتاحي‬


‫شوية‬

‫حركت رقبتها للجهة األخرى ثم قالت بهدوء‪-:‬‬

‫_ممكن تسبني لوحدي؟!‬

‫‪324‬‬
‫اترك حزينة بمفردك‪...‬هذا الشيء‬
‫ِ‬ ‫كيف استطيع أن‬
‫لن يحدث قط‪...‬‬

‫ُ‬
‫حيث تتعلق‬ ‫رمقها بذهول‪ ،‬ثم اتجه للجهة األخرى‬
‫أنظارها‪ ،‬رد على طلبها بـ‪-:‬‬

‫_ال مش هسيبك أبدًا إلني هفضل جنبك لحد ما‬


‫تكوني كويسة؟!‬

‫‪325‬‬
‫دخلت بتلك اللحظة الممرضة لتخبره بهدوء‪-:‬‬

‫_الجرعة اللي طلـ‪....‬‬

‫قاطعها بصرامة‪-:‬‬

‫_روحي دلوقتي‪!!...‬‬

‫‪326‬‬
‫بالفعل نفذت أوامره واتجهت للخارج‪ ،‬جلس بتلك‬
‫اللحظة أمامها ثم قال بجدية‪-:‬‬

‫_أنا عاوزك تأكلي ألزم تتحسن حالتك؟!‬

‫ابتسمت بسخرية وقالت بضياع‪-:‬‬

‫_لمين إنت لسة كنت بتقول لي عاوزك تأكلي‬


‫عشان "يحيى" لما يفوق يالقيكي كويسة وبحالة‬
‫أحسن‬

‫‪327‬‬
‫لم يتردد أبداً ليمسك يدها‪ ،‬ابتسم بوجهها ثم تحدث‪-:‬‬

‫_طول ما إنتي بتعملي كدا فـ إنتي بتقولي أنا مش‬


‫راضية بقضاء ربنا دا شيء من ربنا اختبار كبير‬
‫أوي ليه مش عاوزة تقولي الحمدهلل‬

‫نزلت دموعها بشدة ثم قالت من بين شهقاتها‪-:‬‬

‫‪328‬‬
‫_الحمدهلل على كل حال‪!!...‬‬

‫شعر بـ أنها اقتنعت بكالمه‪ ،‬قام من مكانه‪ ،‬اتجه‬


‫للمنضدة الموجودة بالغرفة والتي تحمل صحن‬
‫الفواكه‪ ،‬أمسكه ثم عاد وجلس أمامها‪ ،‬وبدأ يقطع‬
‫التفاح بالسكين‪ ،‬مد يده نحو فاهها حتى تأكل ولكنها‬
‫قالت برجاء‪-:‬‬

‫_وللا العظيم ما قادرة‬

‫‪329‬‬
‫استغلها حين تكلمت ووضع التفاح بفمها وقال‬
‫بتمرد‪-:‬‬

‫_أنا بقول ألزم تأكلي وما تبقيش عنيدة لو سمحت‬

‫ابتسمت بشكر وأردفت‪-:‬‬

‫_شكراً إنك جنبي على طول إنت يا "إدهم" دائما ً‬


‫دايما نعم الصديق شكراً‬

‫‪330‬‬
‫رد بغرور‪-:‬‬

‫_ماتاخديش على كدا أصلنا مش موجودين كل‬


‫يوم!!‬

‫ابتسمت له ثم أضافت بخجل‪-:‬‬

‫_خالص سيب األكل وأنا هأكل بنفسي‬

‫‪331‬‬
‫بالفعل أعطتها صحن الفواكه‪ ،‬لقد زادت بعينه برغم‬
‫من معرفة بما يحدث بينها وبين زوجها من مشاكل‬
‫إال إنها تحافظ على عالقتهم مادامت على زمته‬

‫سألته بحزن‪-:‬‬

‫_هو "يحيى" ادفن وال لسة؟!‬

‫‪332‬‬
‫أخرج زفيره ثم أجابها‪-:‬‬

‫_في مدافن العيلة‪!!!...‬‬

‫هزت رأسها ثم قالت برجاء‪-:‬‬

‫_عاوزة أروح له‪!!...‬‬

‫‪333‬‬
‫أومأ برأسه ثم رد عليها قائالً‪-:‬‬

‫_بكرا الصبح هنروح عنده بس النهاردة ألزم‬


‫نرتاح‬

‫أغمضت عينها بتعب ولكن سرعان ما فتحتهما حين‬


‫سمعت صوت "إياد"‪-:‬‬

‫‪334‬‬
‫_هي عاملة إيه؟‬

‫رد عليه "أدهم" بضيق‪-:‬‬

‫_كويس إنك أخد بالك إنك متجوز على العموم هي‬


‫أفضل‬

‫من األول‬

‫‪335‬‬
‫ابتسم "إياد" له ثم قال برجاء‪-:‬‬

‫_معلش يا "أدهم" أنا عاوز اتكلم مع مراتي‬


‫لوحدنا!!‬

‫هز رأسه على مضاض ثم حدق بها وقال‪-:‬‬

‫_عن إذنك‪!!!...‬‬

‫‪336‬‬
‫وقبل أن يخرج اقترب من "إياد" ثم قال بتحذير‪-:‬‬

‫_خلي بالك على كالمك أنا ما صدقت حالتها‬


‫تتحسن لو جاي عشان تتكلم بطرقتك اللي هتخليها‬
‫تضايق يبقى بالش تتعبها‪ ،‬أنا هخرج إلني ما‬
‫ينفعش أدخل بنكم‬

‫وضع يده على كتفه وقال‪-:‬‬

‫_تعيش ياال سبنا بقى‬

‫‪337‬‬
‫خرج بالفعل‪ ،‬قرب "إياد" من فراشها وسألها‬
‫بحزن‪-:‬‬

‫_عاملة إيه دلوقتي؟!‬

‫لم ترد عليه‪ ،‬ولم تنظر له‪ ،‬هي تشعر بالخنقة‬


‫الشديدة بوجوده‪...‬‬

‫تابع كالمه بحزن‪-:‬‬

‫‪338‬‬
‫_عارف إنه من حقك ما تبصيش ليا وال تكلميني‬
‫بس أنا جاي أطلب منك اننا نبدأ من األول وللا‬
‫ساعتها أنا مش هعمل حاجة من اللي بعملها وربنا‬
‫ان شاء للا هيعوضنا عن "يحيى"‬

‫رمقته بانفعال ثم صرخت بوجهه‪-:‬‬

‫_اللي كان بيربطني بيك مات وأنا مستنية ورقة‬


‫طالقي منك أنا اديتك فرص كتير ودلوقتي انتهت‬
‫كل حاجة بعد إذنك عاوز ارتاح‬

‫‪339‬‬
‫ُ‬
‫حيث‬ ‫حاول أن يقنعها ولكنها لم تعطي له الفرصة‪،‬‬
‫قاطعته بحزم‪-:‬‬

‫_بعد إذنك اطلع برا‪...‬‬

‫الفصل السابع‬

‫شعرت بأنها يجب أن تكون بجانبه بهذا الوقت‪،‬‬


‫بالتأكيد يحتاجها‪ ،‬طال صامتهم‪ ،‬لم تنظر لعينه‬
‫ولكنها تعلم بأنه يراقب تصرفاتها‪ ،‬رفعت أنظارها‬
‫بتلك اللحظة لتنظر له‪ ،‬قاطعت أحبال الصمت بـ‪-:‬‬

‫‪340‬‬
‫_هتفضل ساكت كدا يا "إياس"؟! اتكلم وأطلع من‬
‫الحزن اللي فيه إنت كدا بتأذي نفسك!!!‬

‫رمقها بضيق‪ ،‬ثم غير مجرى حديثها بـ‪-:‬‬

‫_ملكيش دعوة بيا يا "مليكة" سبيني مني وقوليلي‬


‫مسافرة امتى‪...‬؟!‬

‫‪341‬‬
‫مازال يتذكر سفرها‪ ،‬تعلم بأنه مازال غاضب من‬
‫قرارها ولكن يجب أن تفعل ذلك قبل أن يتعلق بها‬
‫أكثر من ذلك‪...‬‬

‫ردت عليه بهدوء‪-:‬‬

‫_سيبك إنت مني دلوقتي أنا لسة مش هسافر دلوقتي‬

‫رمقها بضيق ثم تنهد بشدة وقال‪-:‬‬

‫‪342‬‬
‫_وللا طب كتر ألف خيرك أفهم من كالمك إنك‬
‫لسة موجودة عشان بس الظروف اللي أنا فيها كـ‬
‫صديقة ألزم تقف مع صداقها في محنته‬

‫فضلت أن تهز برأسها‪ ،‬هي بالفعل بجانبه اآلن‬


‫لتقف بجانبه‪ ،‬ال يهم إن كانت صديقته أو شيءٍ‬
‫آخر‬

‫قام من مكانه وقال‪-:‬‬

‫‪343‬‬
‫_ريحي نفسك أنا بقيت أحسن أخويا بس اللي‬
‫محتاج حد يقف جنبه وأنا هروح له‪...‬‬

‫أمسكت يده ولكن سرعان ما تركتها حين نظر لها‪،‬‬


‫ارتعدت أوصلها ابتلعت ما في حلقها ثم قالت‬
‫برجاء‪-:‬‬

‫_ممكن تقعد شوية محتاجة اتكلم معاك وأخد رأيك‬


‫في حاجة‪...‬؟!‬

‫‪344‬‬
‫رمقها بنظرات شديدة‪ ،‬مستغرب ما أصابها فجأة‪،‬‬
‫تغيرت مالمحها كثيراً‪ ،‬جلس مرة أخرى وسألها‬
‫بهلع‪-:‬‬
‫ٍ‬

‫_مالمح وشك اتغيرت أوي إيه اللي شاغل بالك أنا‬


‫جنبك قولي اللي تعبك‬

‫‪345‬‬
‫كيف لها أن تقول له هذا الشيء‪ ،‬فكرت كثيراً إلى‬
‫أن توصلت لـ‪-:‬‬

‫_ليا واحدة صاحبتي مقربة ليا أوي يا "إياس" أنا‬


‫مش عارفة أحل ليها مشكلتها ومضايقة فـ ينفع أخد‬
‫رأيك في مشكلتها!!!‬

‫بدون تفكير أسرع بـ قول‪-:‬‬

‫‪346‬‬
‫_قولي إيه اللي شاغل بالك ها؟! لو دا هيريحك‬
‫اتكلمي‬

‫تنهدت بقوة ثم أسندت رأسها على يدها‪ ،‬ترددت‬


‫كثيراً حتى تتكلم‪ ،‬خائفة من ردت فعله ولكن يجب‬
‫أن تعرف رأيه‪ ،‬ردت بحزن‪-:‬‬

‫_صاحبتي حبت واحد من سنتين ومن ساعتها‬


‫اتخربت حياتها‪!!!...‬‬

‫‪347‬‬
‫_إزاي؟‬

‫كان هذا ما ألقه عليها بعد كالمها‪ ،‬لتتابع بنفس‬


‫النبرة المنكسرة‪-:‬‬

‫_عاشت أحلى قصة حب كانت هي فاكرة كدا كنت‬


‫تشوفها وهي بتتكلم عنه تحس إن اللي بتحب دي‬
‫إنسانة ما فيش زيها واللي بيحبها برضه من كالمها‬
‫تتمنى إنك تحب حد زيه‪!!...‬‬

‫‪348‬‬
‫صمتت قليالً‪ ،‬تحاول أال يصاب صوتها ببعض‬
‫الشهقات فـ يشك بها‪ ،‬نزلت دموعها‪ ،‬فـ هز رأسه‬
‫بعدم استعياب لما سـ تقول‪ ،‬حاول أن يعرف ما‬
‫أصابها فـ قال بفضول‪-:‬‬

‫_إيه اللي حصل؟ وليه إنتي بتعيطي كدا؟!‬

‫مسحت دموعها ثم أكملت‪-:‬‬

‫‪349‬‬
‫_وفي يوم قالها احنا هنتجوز فـ ليه ما نعش يوم‬
‫زي أي اتنين هي ساعتها رفضت جداً بس هو‬
‫اقنعها وساعتها فقدت عذريتها‬

‫انكمش حاجبه بغضب ثم قال‪-:‬‬

‫_وكانوا فين أهلها وتربيتهم ليها هي ما كنتش‬


‫عارفة إننا في مجتمع شرقي‬

‫‪350‬‬
‫كان كالمه يدخل بقلبها كـ سكاكين تمزقه من‬
‫الداخل‪ ،‬هزت رأسها وعلقت على كالمه بـ‪-:‬‬

‫_عندك حق عارف اللي زاد إنه اتجوز وخلف‬


‫وهي بعدت عن الدنيا وكل أما يجعلها عريس‬
‫ترفض وأهلها شكوا فيها لحد ما قلبها اتفتح لحد بس‬
‫خايفة تقول له ومش عارفة تبعد عنه فـ مش عارفة‬
‫أحل مشكلتها ازاي‪!....‬‬

‫رد عليها بتحذير‪-:‬‬

‫‪351‬‬
‫_أوعي تتكلمي معاها تاني وللا هزعل منك أوي يا‬
‫"مليكة"‪!!!...‬‬

‫هزت رأسها تحاول أن تستمع منه بصمت‪ ،‬كادت‬


‫أن تصرخ وتقول‪ ،‬أنا من خالفت العادات والتقاليد‬
‫ولكنها حاولت أن تكون مستمعة بدون أن تجعله‬
‫يشعر بأن الحديث عليها‪...‬‬

‫ابتسمت بحزن وقالت بتبرير‪-:‬‬

‫‪352‬‬
‫_هي كانت عارفة دا بس ضعفت وخافت تقول‬
‫ألهلها‬

‫بجدية رد عليها‪-:‬‬

‫_مكنش ألزم تضعف وهي عارفة إن مجتمعنا دايما‬


‫بيقف ضد الست وكان ألزم تقول ألهلها عشان‬
‫يعرفوا يجيبوا حقها مش توقف حياتها هو غلط‬
‫وندل بس هي كمان غلطانة خلص الكالم في‬
‫الموضوع‪!!!...‬‬

‫‪353‬‬
‫هزت رأسها مقتنعة بكالمه‪ ،‬ابتسمت ومن ثم قالت‬
‫باعتذار‪-:‬‬

‫_دوشتك جيت أشيل همك لقتني بحط هم صاحبتي‬


‫عليه‬

‫برفض لحديثها ثم رد عليها بهدوء‪-:‬‬


‫ً‬ ‫هز رأسه‬

‫‪354‬‬
‫_ال ما فيش مشكلة بس هي غلطانة!!!‬

‫****‬

‫أشرقت الشمس باليوم الثاني‪ ،‬اتجهت "خلود" مع‬


‫"أدهم" إلى مقبرة ابنها‪ ،‬دمعت عينها بشدة حين‬
‫قرأت اللوحة المكتوب عليها اسم طفلها‪" ،‬يحيى‬
‫أياد الصياد"‪ ،‬أغمضت عينها محاولة أال تخسر‬
‫اختبار ربها لها‪ ،‬مسحت دموعها ثم اتجهت‬
‫ولمست حروف اسمه وقالت بحزن‪-:‬‬

‫‪355‬‬
‫_آسفة يا" يحيى" لو في يوم أهملت؟! آسفة يا روح‬
‫ماما لو اتاخرت عليك وإنت بتعيط‪...‬‬

‫وضع "أدهم" يده على كتفها يحاول أن يخفف‬


‫عنها‪-:‬‬

‫_ربنا يرحمه ويجعله سبب في دخولك الجنة بإذن‬


‫للا يا "خلود" !!!‬

‫أومأت برأسها متمنية أن يتحقق دعائه‪-:‬‬

‫‪356‬‬
‫_يارب يا "أدهم" إن شاء للا‬

‫حدقت بالزرع المتواجد أمام قبر صغيرها فـ وجدته‬


‫يحتاج بعض الماء‪ ،‬حدقت حولها تبحث عن صنبور‬
‫للماء‪ ،‬فـ شعر بها وقال‪-:‬‬

‫_عاوزة ماية!!؟‬

‫‪357‬‬
‫هزت رأسها بنعم‪ ،‬ليكمل "أدهم" حديثه‪-:‬‬

‫_لما تعوزي حاجة قولي لي وأنا معاكي هجبها‬


‫ليكي‬

‫ابتسمت له بشكر‪ ،‬اتجه نحو الرجل الذي يحرس‬


‫المقابر وطلب منه بعض المياه‪ ،‬وبالفعل جلبه لهم‪،‬‬
‫لتقعد "خلود" بوضع القرفصاه وتبدأ تروي الزرع‪،‬‬
‫وبعد أن انتهت تحدث مع صغيرها‪-:‬‬

‫‪358‬‬
‫_عارفة إني مش شايفاك بس عارفة إنك سامعني‬
‫أنا عمري ما حبيت قدك متنساش تجي لي في المنام‬
‫لو فرحان أو زعالن طمني اتفقنا‬

‫شعر "أدهم" بالحزن عليها ولكن بنفس اللحظة فرح‬


‫ألنها تخرج طاقتها فيما تفعل‪ ،‬مسك يدها وقال‬
‫بهدوء‪-:‬‬

‫‪359‬‬
‫_ياال بقى يا "خلود" عشان أروحك‬

‫حدقت به ثم برجاء قالت‪-:‬‬

‫_خليني شوية يا "أدهم" حاسة إنه محتاجـ‪....‬‬

‫وقبل أن تكمل كالمها سمعت صياح "حاتم" الذي‬


‫هدر باسم "أدهم" بعلو‪-:‬‬

‫‪360‬‬
‫_"أدهم"‪!!!!...‬‬

‫التفتت له "خلود" باستغراب ثم سألته‪-:‬‬

‫_عمو "حاتم" هو في حاجة؟!‬

‫‪361‬‬
‫ولسوء حظها رأت "إياد" مرة أخرى‪ ،‬الشخص‬
‫التي ال تتمنى قط أن تراه بحياتها‪ ،‬تنهدت بقوة حين‬
‫سمعت "حاتم" يقول‪-:‬‬

‫_في إن حذرت "أدهم" كتير عشان يبعد عنك من‬


‫يوم ما دخل "يحيى" المستشفى وأنا حاسس إنه‬
‫مقرب لك أوي‬

‫ردت عليه باقتضاب‪-:‬‬

‫‪362‬‬
‫_هو صديق العيلة يا عمي وحب يساعدني ويقف‬
‫جنبي في محنتي دي‬

‫هو ال يتقبل ما تقوله‪ ،‬بغضب شديد رد على‬


‫كالمها‪-:‬‬

‫_إنتي واحدة من العيلة دي يا "خلود" كتر ألف‬


‫خيره بس لما حد يشوفك معاه كل شوية شوفي‬
‫هيتكلم على عيلة "الصياد" ازاي!!!‬

‫‪363‬‬
‫ال يهمه غير العائلة ولكن شعورها ال يهمه‪ ،‬ردت‬
‫عليه بهدوء‪-:‬‬

‫_بس أنا طلبت الطالق يا عمي؟‬

‫رمقت "إياد" بضيق وأكملت‪-:‬‬

‫_و "إياد" عارف بحاجة زي كدا‬

‫‪364‬‬
‫ازداد جمرات الغضب بداخل قلب "حاتم" الصياد"‬
‫ليصرخ بها بحد‪-:‬‬

‫_عشان "أدهم" تبعدي عن جوزك‬

‫قاطعه "أدهم" بصراخ‪-:‬‬

‫_قصدك إيه من كالمك دا!!‬

‫‪365‬‬
‫كاد أن يرد "حاتم" ولكن تدخل "إياد" برجاء‪-:‬‬

‫_ممكن تراعوا الحزن اللي أنا و "خلود" فيه‬

‫ثم رمق أبيه وتنهد ليقول بعدها‪-:‬‬

‫_أنا وهي كنا متفقين على الطالق من قبل ما‬


‫"يحيى" يتعب بس استنينا عشان "يحيى" وهي اللي‬
‫كان رابطها بيا مات فـ من حقها تطلب الطالق‬
‫وأنا اللي وصلتها للمرحلة دي‬

‫‪366‬‬
‫ابتلع ما في حلقه واقترب منها ثم أكمل‪-:‬‬

‫_بس مستعد أصلح غلطتي وأتأسف مليون مرة بس‬


‫ترجع لي‬

‫بحزم شديد ردت عليه‪-:‬‬

‫‪367‬‬
‫_ما بقاش ينفع طلقني يا "إياد" لو بتحب ابنك‬
‫وبتقول إن ليا غالوة عندك طلقني!!؟‬

‫لم يجد أي حا ًل آخر غير ذلك‪ ،‬بمضاض شديد‬


‫قال‪-:‬‬

‫_إنتي طالق يا "خلود" بتمنى ليكي حياة سعيدة عن‬


‫إذنك‬

‫****‬

‫بعد أن وصل ابيه إلى بيته انطلق بسيارته إلى‬


‫منزل الفتاة التي جاءت ألخيه حتى تجعله يعترف‬
‫بابنه من أختها‪ ،‬تنهد بقوة‪ ،‬كيف سـ يكون له عين‬

‫‪368‬‬
‫حتى يقف أمامهم مرة أخرى‪ ،‬متردد جداً‪ ،‬ولكنه‬
‫عقد العزم على الصعود‪ ،‬يجب أن يحل موقف تلك‬
‫الفتاة‪ ،‬وبنفس الوقت يعوض نفسه عن طفله‬
‫الصغير "يحيى"‪!!!!...‬‬

‫طرق الباب والخوف فقط بتلك اللحظة حليفه‬


‫الوحيد‪ ،‬فتح له الباب فـ وجد نفس الفتاة والتي ما‬
‫أن رأته صرخت به بتوتر‪-:‬‬

‫_إيه اللي جابك ها؟‬

‫‪369‬‬
‫برجاء شديد رد عليها‪-:‬‬

‫_" جميلة" أنا عاوز اتكلم معاكي؟!‬

‫ظلت تنظر للخلف‪ ،‬خائفة أن يخرج أحداً من أفراد‬


‫عائلتها ويراه‪ ،‬عادت وحدقت به بغضب قائل ٍة له‪-:‬‬

‫‪370‬‬
‫_بقولك إيه ما بقاش بنا كالم!! إنت نفسك جيت لك‬
‫وحتى فرصة الكالم ما أخدهاش‪....‬‬

‫بأسف شديد أجابها‪-:‬‬

‫_وللا العظيم كنت غلطان وجاي النهاردة عشان‬


‫أصلح غلطتي‪...‬‬

‫‪371‬‬
‫لم تصدق كالمه أبداً‪ ،‬ابتسمت بسمة ساخرة ثم‬
‫أردفت ببرود‪-:‬‬

‫_و دا من أمتى بقى‪ ،‬عرفني؟‬

‫بلهفة شديد رد عليها‪-:‬‬

‫_من يوم ما عاقبني ربنا أنا جيت عشان أصلح‬


‫غلطتي‬

‫‪372‬‬
‫ضمت يدها لصدرها ثم جذت على أنيابه بحنق‬
‫وتابعت‪-:‬‬

‫_وللا طب ريح نفسك أختي اتجوزت وسفرت برا‬


‫مصر‬

‫فتح فاهه بصدمة‪ ،‬لقد تقفلت كل الطرق ليصلح‬


‫أخطائه هز رأسه بعدم تصديق ثم قال بانفعال‪-:‬‬

‫‪373‬‬
‫_إنتي أكيد بـ تكدبي عليا أنا واثق من كدا هي‬
‫موجودة جوا‬

‫بعصبية شديد ردت عليه‪-:‬‬

‫_قولت لك مش موجودة‪ ،‬كنت عاوزنا نعمل إيه‬


‫يعني نستنى لحد ما حضرتك تتكرم وتعترف‬
‫بالبيبي أوعى تيجي هنا تاني فاهم وال الء‬

‫‪374‬‬
‫أنهت كالمها‪ ،‬ثم قفلت الباب بوجه بقوة‪ ،‬لتنزل‬
‫دموعه بشدة وندم‪" ،‬خلود" رفضت البقاء‬
‫وطلقها‪ ،‬حتى من كان ينوي أن يتزوجها من أجل‬
‫ابنه الذي يسكن بداخل رحمها لم تعد موجودة‬

‫عاد وجلس بسيارته‪ ،‬يفكر بشدة فـ حياته التي‬


‫انقلبت بسبب ما فعل‪ ،‬ال أحد بجانبه‪ ،‬الجميع‬
‫تركوه‪...‬‬

‫لمن سـ يذهب ويكمل معه حياته‪ ،‬أحمرت عيناه من‬


‫التعب والحزن‪ ،‬قرر أن يقول ألخيه كل شيء من‬

‫‪375‬‬
‫الممكن أن تكون تلك الجميلة كاذبة‪ ،‬وتفعل هذا من‬
‫آجل االنتقام منه‪...‬‬

‫انطلق إلى الشركة‪ ،‬يعلم أن أخيه سـ يكون متواجد‬


‫بمكتبه‪ ،‬صف سيارته ما أن وصل‪ ،‬أسرع ركض‬
‫حتى وصل للمكتب‪ ،‬دخل دون خوف من رد فعل‬
‫أخيه حين يسرد له ما فعل‪...‬‬

‫رفع "إياس" أنظاره‪ ،‬شعر بـ الهلع من منظر‬


‫أخيه‪ ،‬قام من مكانه وسأله بفزع‪-:‬‬

‫‪376‬‬
‫_في إيه يا "إياد" مالك؟!‬

‫بغموض وتمهيد لما سـ يقوله رد قائالً‪-:‬‬

‫_أنا أوحش إنسان على وجه األرض بس باهلل عليك‬


‫ساعدني وبعدها أعمل اللي إنت عاوزه فيا؟!!!!‬

‫حتى اآلن ال يفهم كالم أخيه‪ ،‬رد عليه بفضول‪-:‬‬

‫‪377‬‬
‫_أنا مش فاهم كالمك؟ فاهمني طيب تقصد إيه؟!‬

‫سرد له ما حدث بالكامل‪ ،‬لينكمش بعدها حاجب‬


‫"إياس" بغضب‪ ،‬أمسك ياقة قميص أخيه ثم صرخ‬
‫به بقوة‪-:‬‬

‫_يعني إنت وبرغم كل غلط عملته انكرت إنك‬


‫لمست البنت دي يعني أنا ظلمت أختها لما جتلي‬
‫بسبب ثقتي العمياء فيك‬

‫‪378‬‬
‫ببكاء شديد أعتذر منه‪-:‬‬

‫_وللا آسف مكنتش عارف إن الغلط أخرته وحشة‬


‫أنا اتعاقبت في ابني عشان خاطري يا أخويا أقف‬
‫جنبي‬

‫ينهشه قلبه‪ ،‬لم يعتاد أن يرأ أخيه بتلك الحالة‪ ،‬رفع‬


‫سبابته بتحذير وقال‪-:‬‬

‫‪379‬‬
‫_أنا هروح معاك وهحاول أحل لك موقفك بس بعد‬
‫كدا ما تطلبش مني أقف جنبك إلني بعدها هتبرى‬
‫منك ومن أفعالك يا بن "الصـــياد"‪...‬‬

‫****‬

‫ُ‬
‫حيث قال‬ ‫جلست بغرفتها‪ ،‬بعد أن تركت "إياس"‬
‫لها بأنه سـ يذهب المكتب‪ ،‬لالنتهاء ببعض‬
‫األعمال الهامة‪ ،‬مازالت تفكر في حديثه وما قاله‬
‫لها حين تكلمت عن نفسها ولكن بطريقة غير‬
‫مباشرة‪ ،‬كيف لها أن تبقى وهو يرأ صديقتها‬
‫المزيفة خاطئة وال يستطيع أن يتقبلها بحياتها‪ ،‬فـ‬

‫‪380‬‬
‫كيف سـ يكون موقفه حين يعرف أنها هي الضعيفة‬
‫التي أهانت نفسها وأهانت أهلها‪!!...‬‬

‫أغمضت عينها بشدة‪ ،‬لعلها تكتم دموعها ولكنها لم‬


‫تقدر قط‪ ،‬انزلقت دموعها ثم همست بضعف‪-:‬‬

‫_أنا سبب في كل حاجة بتحصل لي؟ لو مكنتش‬


‫ضعفت مكنش دا هيحصل‬

‫‪381‬‬
‫بتلك اللحظة سمعت جرس باب المنزل‪ ،‬تأففت‬
‫بشدة فـ أبيها وأمها بالمطعم‪ ،‬وهي ال تستطيع أن‬
‫تقابل أحد بهذا الوقت‪ ،‬اتجهت للخارج‪ ،‬فتحت‬
‫الباب فـ لم تجد أحد‪ ،‬شعرت بالغضب الشديد‪،‬‬
‫كادت أن تدخل ولكنها لمحت ظرف كبير على‬
‫األرضية‪ ،‬شعرت باالستغراب‪ ،‬عادت تبحث عن‬
‫الطارق مرة أخرى‪ ،‬ولكن لم تجد أحد‪ ،‬دخلت‬
‫المنزل‪ ،‬كادت أال تفتح الظرف ولكن الكلمة التي‬
‫وجدتها جعلت فضولها يزداد‪-:‬‬

‫_الظرف خاص بابنتك يا "مراد"‪!!!!...‬‬

‫‪382‬‬
‫ابتلعت ما في حلقها بخوف‪ ،‬فتحت الورقة بتوتر‪،‬‬
‫لتجد صور كثيرة لها هي و‬

‫" إياد"‪ ،‬وأكثر صورة جعلت قلبها يقع من مكانه‬


‫وهي تدخل مع "إياد" للمكان الذي فقدت فيه‬
‫بهلع‪ ،‬لتصرخ‬
‫ٍ‬ ‫عذريتها‪ ،‬جلست على أقرب أريكة‬
‫ببكاء شديد‪-:‬‬

‫_مين اللي عمل كدا؟!‬

‫‪383‬‬
‫توقفت عن صراخها لبضعت دقائق‪ ،‬متذكرة‬
‫"إياد"‪ ،‬نعم لن يفعل غيره تلك الحركة‪ ،‬لقد سئمت‬
‫من تصرفاته وأفعاله التي وبكل مرة تفاجئها‪ ،‬كيف‬
‫له أن يفعل هذا بعد ما مر به‪...‬‬

‫مسحت دموعها بحزن قائل ٍة بتعب‪-:‬‬

‫_أنا تعبت منك يا " إياد" ومن أفعالك؟! ليه تعمل‬


‫كدا‬

‫‪384‬‬
‫الحظت أن هناك ورقة بين الصور‪ ،‬توقفت عن‬
‫الكالم ثم بدأت بالقراءة‪-:‬‬

‫_اتنزل يا "مراد" عن محالتك وبعها لي وإال صور‬


‫بنتك هتتوزع على كل الصحف وكمان في شريط‬
‫صغير معايا وهي في وضع أستغفر للا مش قادر‬
‫أكمل هي و "إياد الصياد"‪...،‬لما تشوفه هتعرف‪....‬‬

‫‪385‬‬
‫انهارت بعد أن قرأت الكالم‪ ،‬تيقنت أن" إياد" لم‬
‫يفعل شيءٍ ‪ ،‬ولكن من الفاعل‪ ،‬يجب أن ترأ "إياد"‬
‫لتحل هذا المأزق‪ ،‬يجب أن تخفي تلك الصور‪...‬‬

‫بتلك اللحظة حاولت االتصال على "إياد" مراراً‬


‫ُ‬
‫حيث كان خطه‬ ‫وتكراراً ولكن لم يحالفها الحظ‬
‫مغلق‪ ،...‬تأففت بشدة‪ ،‬ثم أسرعت نحو الغرفة‪،‬‬
‫وارتدت مالبسها‪ ،‬اليوم سـ تعترف لـ "إياس" بكل‬
‫شيءٍ إن لم تجد ً‬
‫حال يخرجها من هذه الورطة‪....‬‬

‫‪386‬‬
‫ولكن تلك هي النهاية لما تخفيه‪ ،‬سمعت صوت أبيها‬
‫بتلك اللحظة‪ ،‬الصوت الذي صاح باسمها بانفعال‪-:‬‬

‫_"مليكة"‪!!!...‬‬

‫ارتعد جسدها بالكامل‪ ،‬أغمضت عينها بشدة‪ ،‬ال‬


‫تعلم ما الواجب عليها فعله بهذا الوقت‪ ،‬حاولت أن‬
‫تستعيد قوتها‪ ،‬تنفست كثيراً‪ ،‬وأخرجت زفيرها‬
‫ولكن بدون أي فائدة‪ ،‬رن هاتفها فـ ضغطت على‬
‫ذر الرد وسمعت‪-:‬‬

‫‪387‬‬
‫_الظرف اللي اتفتح كان ألبوكي مش ليكي فـ‬
‫عشان أنا عارف إن المصلحة مش معاكي بعت‬
‫ألبوكي كل حاجة على الواتس أب‬

‫ماذا‪ ،‬وضعت يدها على فمها‪ ،‬حاولت أن تتكلم‬


‫ولكن أحبالها الصوتية توقفت عن الحديث‪ ،‬دقات‬
‫قلبها تتسارع بشدة‪ ،‬تركت الهاتف حيث دخل ابيها‬
‫كالوحش الثائر‪ ،‬حدق بها بانفعال ثم قرب منها‬
‫وصفعها بشدة قائالً لها بانهيار‪-:‬‬

‫‪388‬‬
‫_طول عمري بثق فيكي بس من سنتين يا بنتي‬
‫تخوني ثقتنا ومكملة وعايشة معانا‬

‫حدقت بـ أبيها بخوف رجعت للخلف ثم قال‬


‫باعتذار‪-:‬‬

‫_وللا يا بابا مكنتش عارفة إن دا اللي هيحصل‬


‫معايا‬

‫‪389‬‬
‫مسك خصالتها وتابع كالمه بانفعال‪-:‬‬

‫_كان ألزم تقتلي نفسك عينك بقحة راحة تشتغلي‬


‫في شركتهم ليه يا بنت "مرڤت"‪!!...‬‬

‫أمسكها من معصمها وقال بأمر‪-:‬‬

‫_ياال تعالي ورايا‪..‬‬

‫‪390‬‬
‫برجاء شديد قالت‪-:‬‬

‫_بابا باهلل عليك سامحني طب ماما فين‪...‬؟‬

‫دخلت "مرڤت" غرفتها‪ ،‬نظرت له بخيبة أمل‪،‬‬


‫نظراتها بها الكثير من االسئلة‪ ،‬ابتلعت ما في حلقها‬
‫ثم قالت‪-:‬‬

‫‪391‬‬
‫_آلخر مرة هنكون مسؤولين عنك وهنحل المشكلة‬
‫مش عشانك ال عشان سمعة أبوكي وبعدها عالقتنا‬
‫بيكي انتهت‬

‫بكت بشدة‪ ،‬هذا بالنسبة لها أصعب عقاب‪ ،‬ال‬


‫تستطيع أن تبتعد عن والديها أبداً‪...‬‬

‫الفصل الثامن‬

‫‪392‬‬
‫منذ رفض أبيها لـ "أكرم" وهي تجلس بغرفتها‬
‫حبيسة‪ ،‬وزادت أوجاعها بموت "يحيى‪ ،‬تنهدت بقوة‬
‫ثم قالت بحزن‪-:‬‬

‫_مكنتش أعرف إني بحبك كدا يا" أكرم" وللا بس‬


‫مقدرش أزعل بابي ورجعه في رفضه‪...‬‬

‫حزينة هي كوردةٍ فقدت جمالها وشغفها للحياة‪،‬‬


‫قامت من فراشها‪ ،‬ووقفت أمام النافذة‪ ،‬وجدت‬

‫‪393‬‬
‫"أكرم" و والدته بالحديقة‪ ،‬ولألسف كان أبيها‬
‫يتحدث معهم بغضب‪.‬‬

‫أسرعت راكضة ألسفل‪ ،‬تريد أن تعرف ما يحدث‬


‫بينهم‪ ،‬وصلت لهم وسألت بهلع‪-:‬‬

‫_في إيه يا بابا؟!‬

‫‪394‬‬
‫ثم رمقت "أكرم" وسألته باشتياق عن حالته‪-:‬‬

‫_عامل إيه يا "أكرم"؟ إنـ‪....‬‬

‫وإذا بـ أبيها يصرخ بها بشدة‪-:‬‬

‫_إنتي بتكلميه ليه أنا نهيت صداقتكم من زمان‬

‫‪395‬‬
‫تعلقت دموعها في حدقتها وهي تنظر ألبيها‪،‬‬
‫تحدثت بتساؤل‪:‬‬

‫_بابي عمرك ما كنت قاسي كدا بعد إذنك فكر‬


‫تاني‪...‬؟ طول عمرك بتحب " أكرم" و "آدهم"‬

‫صرخ "حاتم" بابنته بقو ٍة ‪-:‬‬

‫_بنت ادخلي جو!!‬

‫‪396‬‬
‫حاولت "سلوى" أن تفهم تكراراً ومراراً تغير‬
‫زوجها‪ ،‬تعلم بأن قرب "أدهم" من خلود يضايقه‬
‫بشدة‪ ،‬ولكن هذا طبيبها‪" ،‬أدهم" وأخيه يحبهم‬
‫وربهم مع أوالده‬

‫وضعت يدها على كتف ثم سألته بضيق‪-:‬‬

‫_"أكرم" بيحبها وجه هو و "نيلي" عشان يعزوا‬


‫وكمان يرجعوك بالموضوع اللي قالوا "أكرم" قبل‬
‫كدا وبعدين دول والدنا‬

‫‪397‬‬
‫انكمش حاجبه بانفعال ورد على كالمها بغضب‬
‫شديد‪-:‬‬

‫_والدنا تالتة بس "إياس" و "إياد" و "حور"‬

‫قاطعته "نيلي" التي ال تستطيع أن يتكلم أحد على‬


‫أوالدها أكثر من الحد المسموح به‪- :‬‬

‫_طول عمرك إنت وجوزي بتحبوا بعض واألوالد‬


‫والدنا كلنا وعمرنا ما فرقنا لكن اليوم اللي أعرف‬

‫‪398‬‬
‫إنك هتعامل والدي وحش أو هتكسر قلب واحد فيهم‬
‫أنا اللي هقطع العالقة اللي بنا‬

‫حدق بها "أكرم" برجاء حتى تتحمل "حاتم" ولكنه‬


‫ال يعلم أنها أم وال تتحمل أن يقرب أحد من‬
‫أوالدها‪ ،‬قال بتوتر‪-:‬‬

‫_ماما من فضلك اهدي‬

‫‪399‬‬
‫رمقته بغضب ثم صاحت به‪-:‬‬

‫_بس إنت!!‬

‫اقتربت منها "سلوى" حتى تتأسف على ما فعله‬


‫زوجها‪-:‬‬

‫_يا حبيبتي هو مش قصده حاجة وللا هو بس‬


‫نفسيته تعبانة‬

‫‪400‬‬
‫جذ "حاتم" على أضراسه وقال من بينهم بتحذير‪-:‬‬

‫_"سلوى" آلخر مرة بحذرك إنك تحيلي حد مش‬


‫مقتنعة بكالمي تسكتي بس‬

‫صرخت به "نيلي"‪ ،‬بجموح‪-:‬‬

‫_ماش يا" حاتم" بيه إنت كدا نهيت اللي بنا‬

‫‪401‬‬
‫ارتفعت نبرة صوته وهو يرد عليها‪-:‬‬

‫_ابنك الكبير نهى اللي بنا من زمان النهاردة ابني‬


‫طلق مراته بسببه عشان ابنك خلها تحبه ها قوليلي‬
‫اللي يحب واحدة متجوزة يبقى راجل وال إيه‪...‬؟!‬

‫لقد أصاب الجميع الصعقة‪ ،‬دمعت عين "حور"‬


‫التي شهقت بقوة ثم أردفت بصدمة‪-:‬‬

‫‪402‬‬
‫_ال يا بابا "أدهم" ما يعملش كدا أبداً هو بيحب‬
‫صاحبه جداً وللا العظيم‬

‫اتسعت فتحت عينه وهو ينظر لها بضيق‪ ،‬بينما‬


‫كالم "سلوى" فـ جعله يبتسم بسخرية‪-:‬‬

‫_ال أكيد بتضحك علينا إنت بتقول كدا عشان‬


‫ييتهيالك‬

‫‪403‬‬
‫صرخ بها بعصبية‪-:‬‬

‫_بيتهيألي إيه؟ كل دا حصل قدام عيني يا حبيبتي‬

‫نظرت "نيلي" البنها وقالت بتساؤل‪-:‬‬

‫_أخوك كان بيحب مرات صاحبه يا "أكرم"؟‬

‫‪404‬‬
‫انفعل" أكرم" على الجميع وصرخ بقوة‪-:‬‬

‫_هو إيه بقى ما فيش غير "إياد" اللي عايش وما‬


‫ينفعش نزعله ابنكم كان بعيد عن "خلود" وكان‬
‫بيتمنى موتها وعشان "أدهم" كان بيواسيها ييقى‬
‫أجرم بقولك يا عمو بدل ما تزعق علم ابنك ازاي‬
‫يحب اللي حوليه األول‬

‫توقف عن الكالم لبيتلع ما في حلقه ثم تابع بثقة‪-:‬‬

‫_أقسم برب العباد هتجوز بنتك إن شاء للا بعد‬


‫مليون سنة عن إذنك ياال يا ماما‬

‫‪405‬‬
‫*****‬

‫وصل أمام البناية التي وصفها أخيه‪ ،‬رمقه بضيق‬


‫ثم قال باقتضاب‪-:‬‬

‫_أنزل‪!...‬‬

‫‪406‬‬
‫حدق به بعينه التي تتكلم وتترجاه‪ ،‬أرجك يا أخي‬
‫إال أنت‪ ،‬ال يهمني الجميع ولكن أنت تعني لي‪ ،‬فال‬
‫تعاملني بهذه الطريقة‪..‬‬

‫انتبه لـ "إياس" الذي صرخ به بغضب‪-:‬‬

‫_بقولك أنزل وال هنبات هنا خلص‪!!!...‬‬

‫هز رأسه ثم نزل من السيارة‪ ،‬دخل البناية خلف‬


‫أخيه‪ ،‬وجسده يرتعد‪ ،‬متمني أن يكون كل شيء‬
‫على ما يرام‪ ،‬وأن تكون "جميلة" كاذبة‪...‬‬

‫‪407‬‬
‫وصلوا أمام شقتها‪ ،‬دق "إياس" الجرس ومن ثم‬
‫وقف بثبات‪ ،‬فتحت "جميلة" الباب وما أن وجدتهم‬
‫أمامها شعرت بالضيق الشديد‪ ،‬وضعت يدها على‬
‫خصرها ثم سألتهم بحنق‪-:‬‬

‫_نعم تاني؟ هو مش أنا من شوية قولت لك يا‬


‫أستاذ "إياد" إن أختي خالص اتجوزت الحمدهلل‬

‫‪408‬‬
‫برجاء طفيف رد عليها "إياس"‪-:‬‬

‫_ممكن لو سمحت يا أستاذة " جميلة" نتكلم شوية!؟‬

‫لقد جاءت له وترجته لذلك لن توافق على طلبه‪،‬‬


‫رفعت رأسها ثم وببرود قالت‪-:‬‬

‫_أنا برضه جيت لك وترجيتك عشان تسمعني بس‬


‫ساعتها صدقت أخوك‬

‫‪409‬‬
‫رمق أخيه بعتاب‪ ،‬لقد شعر بعدم الثقة بنفسه بسببه‬
‫وبسبب ما فعل‪ ،‬تنهد بشدة ثم أردف بآسف‪-:‬‬

‫_عارف إني غلطان في حقك وفي حق أختك بس‬


‫كنت واثق في أخويا أنا جيت النهاردة أصلح الغلط‬
‫وأعترف بابن أخويا اللي في بطن أختك‬

‫‪410‬‬
‫توقف "إياد" عند كلمة أخيه التي قالها أي وهي‬
‫الثقة‪ ،‬لقد خسر ما يجمعه مع شقيقه‪ ،‬تنهد بقوة ثم‬
‫رمقهما مرة أخرى‪...‬‬

‫رسمت "جميلة" البسمة على فاهه ثم قالت بجدية‪-:‬‬

‫_يوم ما مشيت من عندك كان ألزم أساعد أختي‬


‫قبل ما بطنها تبان عشان كدا روحت عند دكتور‬
‫ونزلنا البيبي وبعد فترة جالها عريس واتجوزت‬

‫‪411‬‬
‫صرخ "إياد" بها‪-:‬‬

‫_كدابة ابني عايش أنا حاسس بكدا‬

‫نظرت حولها بضيق ثم قالت برحاء‪-:‬‬

‫_ماينفعش أبداً اللي بيحصل دا الجيران في العمارة‬


‫وأنا مش هينفع أدخلكم بعد إذنكم الكالم خلص‬

‫‪412‬‬
‫رمق "إياس" أخيه بحد ليصمت ثم أكمل بهدوء‪-:‬‬

‫_معلش إني بشكك في كالمك بس ممكن توضحي‬


‫لي أكتر وتأكدي لي دا‬

‫هزت رأسها‪ ،‬ثم تأففت بحنق‪ ،‬دخلت وجلبت‬


‫أوراق تثبت أن الحمل الخاص بشقيقتها انتهى ثم‬
‫قالت بيقين‪-:‬‬

‫‪413‬‬
‫_بص يا أستاذ "إياس" اتعامل بذكائك أبو الطفل‬
‫مكنش عاوز يعترف فـ إيه اللي يخليني أبقى على‬
‫طفل هيخرب حياة أختي وكمان هنكره في حياته‬
‫لما يكبر بسبب إنه غير شرعي‬

‫أومأ "إياس" برأسه ثم قال باستئذان‪-:‬‬

‫_طب آسف لإلزعاج عن إذنك‬

‫‪414‬‬
‫قفلت الباب بعد أن ابتسمت بضيق‪ ،‬حدق بأخيه ثم‬
‫أمره بغضب‪-:‬‬

‫_ياال‪..‬‬

‫مكمالً حديثه في المصعد‪-:‬‬

‫_حلو كدا لما بقيت عيل قدامها مش عارف أتكلم‬


‫وال أتنيل وال حتى أبص لها‬

‫‪415‬‬
‫ال يهتم بحديثه‪ ،‬فقط يفكر في األمل الذي ضاع من‬
‫يده‪ ،‬شعر باالختناق‪ ،‬اليوم سـ يظل وحيد‪ ،‬خسر‬
‫الجميع‪ ،‬حبيبته وزوجته وابنه‪ ،‬وتلك الفتاة التي‬
‫كانت تحمل جزءٍ منه بداخلها‪ ،‬وأخيه من كان أهم‬
‫شخص بحياته‪..‬‬

‫حدق بأخيه ثم قال بتعب‪-:‬‬

‫_روحني يا "إياس"‪!..‬‬

‫‪416‬‬
‫برغم ما فعله إال أنه شعر بالخوف عليه‪ ،‬أمسك يده‬
‫حتى يسنده ثم ركبه السيارة وصعد بعده‪ ،‬وأنطلق‬
‫إلى المنزل‪..‬‬

‫****‬

‫فاقت من تخيلها على صوت قفل الباب‪ ،‬لقد كانت‬


‫تتخيل موقف والديها معها‪ ،‬شعرت بالراحة‪ ،‬ولكن‬
‫ُ‬
‫حيث هدر‬ ‫سرعان ما شعرت بالرهبة مرة أخرى‪،‬‬
‫أبيها باسمها بصياح‪ ،‬وقفت بخوف‪ ،‬هل عرف‬
‫شيءٍ ‪ ،‬ابتلعت ما في حلقها بتوتر‪ ،‬ثم خرجت من‬
‫غرفتها ببطءٍ شديد‪ ،‬قدم تسير واألخرى ترجع‬
‫للخلف‪ ،‬إلى أن وصلت ووقفت أمام أبيها‪ ،‬نظرت‬
‫بتلعثم عن سبب ندائه لها‪-:‬‬
‫ٍ‬ ‫لألرض ثم سألته‬
‫‪417‬‬
‫_نعم يا بابا كنت عاوزني في حاجة؟‬

‫وضع "مراد" رجله على األخرى ثم رمقها بضيق‬


‫وقال‪-:‬‬

‫_دلوقتي إنتي ناوية تعملي إيه؟!‬

‫‪418‬‬
‫نظرت له باستغراب ال تعلم عن أي شيءٍ يتحدث‪،‬‬
‫سألته بهدوء‪-:‬‬

‫_بتتكلم على إيه يا بابا‪...‬؟!‬

‫رد عليها ببرود‪-:‬‬

‫_عن السفر مش هتسافري والكالم دا شيء نهائي‬

‫‪419‬‬
‫لم تركز في كالمه بل ركزت لصوت هاتفه حين‬
‫صدر تذكرت هذا الشخص الذي يعرف عنها كل‬
‫شيءٍ ‪ ،‬من الممكن أن يكون هذا الصوت يدل على‬
‫وصول رسالته‪ ،‬كيف لها أن تلهي أبيها حتى ال‬
‫يرأ ما بعت له‪...‬‬

‫انتبهت له وهو يقول لها بعلو‪-:‬‬

‫_ما تردي يا بنتي‪...‬؟!‬

‫‪420‬‬
‫_ها‬

‫حدق بها والدها بضيق ثم ضرب يده باألخرى‬


‫وعاد يلقي عليها سؤاله‪-:‬‬

‫_مش هتسافري ردي وقول لي اللي تشوفوا يا بابا‬

‫‪421‬‬
‫هزت رأسها ثم قالت بإصرار‪-:‬‬

‫_ال كلنا هنسافر الشغل هناك هيكون أحسن بيع يا‬


‫بابا المطاعم اللي هنا واشتغل هناك‬

‫شبك "مراد" يده ثم رد عليها بصدمة‪-:‬‬

‫_وللا فكرك بقى هتحمل أبدأ من األول الواحد‬


‫بيزود على اللي عنده مش بيبدأ من الصفر‬

‫‪422‬‬
‫صمت قليالً ليأخذ أنفاسه ثم تابع بحد‪-:‬‬

‫_مهندسة إيه دي ياربي اللي تخطط عشان نرجع‬


‫من األول المهندس بيحب يخلي شغله في العالي‪...‬‬

‫ازدرد ما في حلقها‪ ،‬يجب أن تقنعه حتى يسافر‬


‫معها‪ ،‬يجب وبأي طريقة أن تزيل فكرة منع السفر‬
‫من رأسه‪ ،‬ابتسمت بهدوء ثم جلست بجانبه‬
‫وقالت‪-:‬‬

‫‪423‬‬
‫_مصر الشغل فيها مش مهم لكن برا إنت هتكون‬
‫ترند وبعدين يا حبيبي إنت هنا في ناس بتكرهـ‪...‬‬

‫قاطعها بتهكم‪-:‬‬

‫_وهناك هيكون في ناس بيكرهوني فـ األحسن‬


‫اتعامل مع اللي منهم وبعدين الواحد اللي بيكون‬
‫عاوز يزود أعماله بيكبر على اللي عنده‬

‫‪424‬‬
‫أغمضت عينها‪ ،‬حاولت أن تسكت وتوافق حاليا ً‬
‫على قرار والدها حتى ال تجعل الشك يتسلل داخل‬
‫قلبه‬

‫هزت رأسها ثم قالت بنبرة عادية‪-:‬‬

‫_خالص براحتكم اللي إنت عاوزة‬

‫لقد استغرب ردها‪ ،‬نظر لزوجته بصدمة‪ ،‬ثم عاد‬


‫وحدق بـ "مليكة" ثم سألها مرة أخرى حتى يتأكد‬
‫من ردها‪-:‬‬

‫‪425‬‬
‫_إنتي بكدا متأكدة من كالمك‬

‫تأففت بقوة ثم هزت رأسها وقالت‪-:‬‬

‫_آه‬

‫‪426‬‬
‫قامت من مكانها ثم قالت باستئذان‪-:‬‬

‫_عن إذنكم هروح أنا بقى أوضتي‬

‫ُ‬
‫حيث تذكرت‬ ‫سارت خطوتين لألمام ولكنها توقفت‬
‫رنين صوت الهاتف الذي أعلن عن الرسالة التي‬
‫ُرسلت لوالدها‪ ،‬يجب أن تعرف ما هو المحتوى‪،‬‬
‫ألتفتت مرة أخرى ثم قالت برجاء‪-:‬‬

‫‪427‬‬
‫_بابا ممكن بس موبيلك هشغل انستجرام عندك ألنه‬
‫واقف في فوني‬

‫مد "مراد" لها بالهاتف ثم قال بأمر‪-:‬‬

‫_في برامج مش شغالة شوفي مالهم‬

‫أومأت برأسها ثم دلفت للغرفة‪ ،‬فتحت الهاتف ثم‬


‫تفحصت محتوى الرسائل‪ ،‬شعرت بالراحة الشديدة‬
‫شخص عادي‪ ،‬استغلت أن‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫حيث كانت الرسالة من‬
‫الهاتف بيدها‪ ،‬راقبت محمول والدها عن طريق‬
‫هاتفها‪ ،‬حتى تتمكن من مسح أي رسالة تخص‬

‫‪428‬‬
‫موضوعها قبل أن يراها‪ ،‬بتلك اللحظة خرجت‬
‫مرة أخرى وأعطت لوالدها الهاتف ثم عادت‬
‫لغرفتها‪...‬‬

‫نظرت "مرڤت" لطيفها ثم قالت‪-:‬‬

‫_تفتكر خطة "إياس" هتنفع مع بنتك‬

‫هز رأسه ثم رد عليها بثقة‪-:‬‬

‫_هتنجح!!!‬

‫****‬

‫‪429‬‬
‫مرت األيام ببطء شديد‪ ،‬تلك هي األيام المحزنة‪ ،‬ال‬
‫تنتهي بسهولة ‪،‬كان "أدهم" يجلس مع عائلته‪،‬‬
‫يجب أن يفاتح أمه بهذا الموضوع الذي عزم أن‬
‫يفاتحها فيه‪ ،‬ابتلع ما في حلقه بهدوء ثم قال‪-:‬‬

‫_ماما أنا عاوزك في كلمتين‪!!!!....‬‬

‫‪430‬‬
‫رفعت "نيلي" رأسها بانفعال ثم قالت بحد‪-:‬‬

‫_إنت كنت فين؟‬

‫ثم رفعت يدها بتحذير وأكملت‪-:‬‬

‫_أوعي تقول إنك كنت مع "خلود" برضه‬

‫هز "أدهم" رأسه بنعم‪ ،‬هو لن يتركها ما دامت‬


‫حزينة‪-:‬‬

‫‪431‬‬
‫_أيوا يا ماما أنا كل يوم بطمن عليها وانهاردة‬
‫كانت بتابع مع دكتور نفسي وأنا بروح معها‪...‬‬

‫صرخت به "نيلي"‪ ،‬بانفعال‪-:‬‬

‫_يبقى" حاتم" كان عنده حق وأنا كنت بدافع عنك‬

‫هدر بها بصياح‪-:‬‬

‫‪432‬‬
‫_كان عنده حق في أي يا ماما ياهلل عليكي ما‬
‫تعصبنيش يا أمي عشان ما أندمش إني واقف هنا‬
‫دلوقتي‪ ،‬حضرته مفكرني بقرب من مرات ابنه‬
‫عشان حاجة مش كويسة‬

‫رفعت "نيلي" حاجبها ثم سألته بضيق‪-:‬‬

‫_تقرب هو إنت غبي إنت مالك يا بني كويس وال‬


‫ال؟! ما ينفعش تقرب وال لحاجة كويسة أو مش‬
‫كويسة‬

‫‪433‬‬
‫رد عليها بصياح‪-:‬‬

‫_دا أكتر وقت أنا فيه كويس ومركز أوي أنا يا ماما‬
‫ما ينفعش أشوف اإلنسانة اللي حبتها محتاجة لي‬
‫وأسبها عشان خاطر صاحبي مهمل وبعدين هو‬
‫طلقها خالص‬

‫أمسكته من ياقة مالبسه ثم قالت بحزن‪-:‬‬

‫‪434‬‬
‫_احنا ملنا مهمل أو غيره عارف لو هو كان‬
‫هيطلقها لمشاكل بنهم إنت خلتهم يقولوا إنك السبب‬
‫أصالً البنت دي مش كويسة‬

‫لهذا الحد ولن يتحمل أي كلمة عليها‪ ،‬صرخ بها‬


‫بعصبية‪-:‬‬

‫_هي مش كويسة دي أكتر واحدة كويسة في الدنيا‬


‫هي اللي في الوقت اللي مش طايقة فيه جوزها‬
‫كانت عاملة حساب له‪....‬‬

‫‪435‬‬
‫شبكت "نيلي" يدها في بعضها ثم أردفت ببرود‪-:‬‬

‫_وللا طيب أنا مش موافقة على عالقتك مع واحدة‬


‫متجوزة إنت عمرك ما تجوزت ومينفعش تتجوز‬
‫واحدة كانت متجوزة‬

‫انكمش حاجبه باستغراب من كالم أمه‪ ،‬هي لم تفكر‬


‫في هذا الشيء من قبل‪ ،‬رد عليها بسخرية‪-:‬‬

‫‪436‬‬
‫_وللا! هو دا تفكير رئيسة جمعية حقوق المرآة‬
‫ونبي يا ماما ما تتنزلي عن أفكارك يا ست يا‬
‫مثقفة‪...‬‬

‫لقد ملت من أسلوب ابنها‪ ،‬تنهدت بقوة ثم قال‬


‫بحنو‪-:‬‬

‫_يا "أدهم" يا حبيبي ما تكونش أناني أخوك بيحب‬


‫"حور" و "حاتم" مش هيوافق خالص لو إنت‬
‫اتجوزتها‬

‫‪437‬‬
‫رفع سبابته بوجهها ثم رد عليها بتحذير‪-:‬‬

‫_ماما ما تجبيش سيرته وبعدين هتجوزها وأخويا‬


‫هيتجوز "حور" وأنا قريب أوي هخلي "حاتم" هو‬
‫اللي يتصل ويطلب دا‬

‫‪438‬‬
‫اقترب منه "أكرم" الذي كان صامت ويسمع‬
‫لشجارهم للنهاية‪ ،‬وضع يده على كتف أخيه ثم‬
‫قال بدعم‪-:‬‬

‫_أنا معاك في كالمك أنا بـ عم "حاتم" من غيره‬


‫هتجوز "حور" لكن "خلود" واتظلمت في حياتها‬
‫وهو وبيحبها‬

‫تأففت بشدة على أفعال وكالم ابنائها‪ ،‬تحدثت‬


‫بتحذير‪-:‬‬

‫‪439‬‬
‫_ابعدوا عن الكالم الكتير يا والد عشان خاطري أنا‬
‫حذرتكم‬

‫أمسك "أدهم" يدها ثم قال برجاء‪-:‬‬

‫_ماما باهلل عليكي أقفي معايا عشان أنا محتاج ليكي‬


‫أنا عاوز حد يفاتح "خلود" ويخليها تفكر في‬
‫الجواز وأظن ما فيش غيرك يقدر يعمل كدا عشان‬
‫إنتي بتعرفي تتعاملي مع الحاالت اللي زي "خلود"‬

‫‪440‬‬
‫تأففت "نيلي" بضيق ثم تركتهم بدون كالم‪ ،‬لقد زاد‬
‫غضبها‪ ،‬ال أحد من أوالدها يشعر بها‪ ،‬تابع "أدهم"‬
‫طيفها ثم حدق بأخيه وتحدث بحنق‪-:‬‬

‫_أمك لحد دلوقتي باقية على عالقة الصداقة اللي‬


‫مع عيلة "الصياد"‪...‬‬

‫أومأ "أكرم" رأسه بانفعال طفيف ثم رد عليه بـ‪-:‬‬

‫_على األقل عمو "حاتم" بينفذ رغبة عياله لكن‬


‫ماما بتحاول تكون صارمة معانا عشانهم مع إنها‬

‫‪441‬‬
‫من جواها عاوز تحقق اللي عاوزينه فكرها إنك لما‬
‫تسيب "خلود" هيجوزني "حور" ما هما رافضين‬
‫من قبل موت "يحيى"‬

‫****‬

‫قرر أن ينسى ما فعله أخيه‪ ،‬وكل األحزان التي‬


‫مازالت تنتاب منزل العائلة‪ ،‬ويتقدم لخطوبة‬
‫حبيبته‪ ،‬لن يتركها بعد أن وجدها‪ ،‬يرأ في عيناها‬
‫ال ُحب لها وهذا يكفي‪ ،‬ال يهمه رفضها‪ ،‬سـ يتجه‬
‫لمنزل والدها بمفرده‪ ،‬يجب وقبل أن يعرف أهله‬
‫يسمع من فمها الموافقة‪ ،‬ارتدى أفضل شي ٌء عنده‬
‫حتى يليق بـ السندريال التي دخلت قلبه من أول مرة‬
‫رأها بها‪ ،‬تنهد بقوة ثم قال‪-:‬‬

‫‪442‬‬
‫_ربنا يعني عليكي يا ست العنيدة‪!!!...‬؟‬

‫نزل من درج منزله فـ صدم بأخيه‪ ،‬تأفف بشدة‬


‫وكاد أن يكمل نزول الدرج ولكن مسك "إياد" يده‬
‫ومن ثم تحدث برجاءٍ ‪-:‬‬

‫_أنا عارف إني غلطان بس باهلل عليك يا "إياس"‬


‫متزعلش مني أنا لو الدنيا كلها زعلت وإنت‬

‫‪443‬‬
‫مزعلتش أنا هكون عايش يا أخويا أنا بتنفس‬
‫بوجودك بعدك عني كسرني وحاسس إني ميت‬
‫زعلك تعبني أكتر من موت ابني‬

‫كان "إياس" يسمع له وقلبه يتقطع من الداخل عليه‪،‬‬


‫ولكن يجب أن يكون صارم حتى ال يفعل هذا الخطأ‬
‫مرة ثانية‪ ،‬رد على كالمه بـ‪-:‬‬

‫_أبوك مش حابب "خلود" عشان طلبت الطالق‬


‫منك‪ ،‬رفض "أكرم" اللي طول عمره بيحب أختك‬
‫بسبب رفضك وعشان قرب "أدهم" من "خلود"‬
‫في أكتر وقت كانت محتاجة حد يقف معاها وملقتش‬

‫‪444‬‬
‫رمق أخيه بندم‪ ،‬نعم هو محق في كل ما يقوله‪ ،‬لقد‬
‫ظلم أخته‪ ،‬ودمر عالقتها بحبيبها‪ ،‬وال يكفي كل هذا‬
‫بسببه انتهت عالقة الصداقة التي كانت بين عائلته‬
‫وعائلة "أدهم"‪ ،‬يجب أن يصلح كل خطأ أرتكبه‪....‬‬

‫‪445‬‬
‫نظر لـ "إياد" بحزم‪ ،‬ثم مسك يده وقال بثقة‪-:‬‬

‫_هصلح كل األخطاء اللي عملتها بس ساعتها باهلل‬


‫عليك تصفى ليا‬

‫وضع "إياس" يده على كتف أخيه‪ ،‬قرر أن يدعمه‪،‬‬


‫رد عليه بـ‪-:‬‬

‫_وأنا معاك وساعتها هرجع أفتخر بيك وياال بقى‬


‫عشان ورايا مشوار مهم قوى‬

‫‪446‬‬
‫هز رأسه وتركه ورحل من أمامه‪ ،‬ليكمل "إياس"‬
‫طريقه حتى وصل لسيارته‪ ،‬أشعل المحرك ثم‬
‫انطلق إلى منزل "مليكة"‪...‬‬

‫بعد مرور الوقت الذي يستغرقه للوصول لمنزلها‬


‫وصل أخيراً‪ ،‬دق قلبه بشدة‪ ،‬يخشى أن ترفض‪،‬‬
‫ولكن جاء حتى توافق‪ ،‬وسـ يأخذ الموافقة حيا ً أو‬
‫ميت‪ ،‬صف سيارته بحديقة المنزل‪ ،‬ثم أمسك باقة‬
‫الورد الذي اقتنها من متجر الورد الذي كان‬
‫بطريقه‪...‬‬

‫‪447‬‬
‫صعد الثالث درجات المتواجدين أمام الباب ثم رن‬
‫الجرس‪ ،‬فتحت له بنفسها‪ ،‬بتلك اللحظة حين راها‬
‫شعر بأن شمسه أشرقت‪ ،‬وقمره سطع‪ ،‬وحياته‬
‫امتألت سعادة فقط‪...‬ابتلعت ما في حلقها بخوف‪ ،‬ثم‬
‫نظرت للخلف‪ ،‬خائفة من ردت فعل أبيها حين‬
‫يعرف أن مديرها بالعمل جاء حتى يراها‪...‬‬

‫صرخت به بهمس‪-:‬‬

‫_إيه اللي جابك بابا لو شافك وللا ما هيحصلك خير‬


‫ياال روح وأنا هاجي الشركة مش معقول جاي هنا‬
‫عشان تخليني أرجع الشركة أنا قدمت استقالتي‬

‫‪448‬‬
‫ابتسم على حديثها بشدة‪ ،‬كاد أن يضحك بعلو‪ ،‬رد‬
‫عليها ببرود‪-:‬‬

‫_وتفتكري أنا لو حابب أخليكي ترجعي الشركة‬


‫هاجي لبيتك أنا جاي ومعايا ورد وأخد كمان معاد‬
‫من عمي‪....‬‬

‫‪449‬‬
‫حدقت به بشدة‪ ،‬لقد ارتعدت أوصلها‪ ،‬كادت أن تفقد‬
‫الوعي ولكنها مسكت نفسها حين خرج والدها من‬
‫الداخل‪ ،‬والذي سمع صوت "إياس"‪ ،‬ابتسم له ثم‬
‫قال بترحيب‪-:‬‬

‫_أهالً أهالً بحبيب قلبي"إياس"‪..‬‬

‫_أهالً بحضرتك يا عمو‬

‫‪450‬‬
‫دخل معه تحت أنظارها‪ ،‬جلس على األريكة ومعه"‬
‫مرڤت" التي قالت البنتها‪-:‬‬

‫_هو السبب في إننا نعاند ومنخلكيش تسافري‬

‫رمقته بغضب وجذت على أنيابها وقالت ‪-:‬‬

‫_ليه يا ماما أقنعكم بـ إيه‬

‫‪451‬‬
‫رد "مراد" بـ‪-:‬‬

‫_هو بيحبك وإنتي بتحبيه بس إنتي عاوزة تبتعدي‬


‫عنه عشان السفر وهو قال لي وأنا قررت أساعده‬

‫انكمش حاجبها بعدم فهم ثم ردت عليه بخوف من‬


‫الكالم الذي سـ يجبها به‪-:‬‬

‫‪452‬‬
‫_والمعنى!!؟‬

‫ابتسم "مراد" ثم قال براحة‪-:‬‬

‫_"إياس" طالبك للجواز‬

‫كادت أن تصرخ ولكن "إياس" مسك يدها ثم قال‪-:‬‬

‫‪453‬‬
‫_ملكيش حجة تهربي وترفضي أنا عملت كتير‬
‫عشان لحظة زي دي أنا هسيبك تفكري‬

‫لم ترد عليه أبداً‪ ،‬كادت أن تذهب من أمامهم ولكن‬


‫كالم "مراد" جعلها تتراجع‪-:‬‬

‫_هو بيحبك وإنتي بتحبيه وأنا ما صدقت لقيت‬


‫نظرة الحب في عينك لو رفضي يا "مليكة" أنا‬
‫وأمك هنبعد عنك‬

‫‪454‬‬
‫ال تستطيع أن تقول ال وتجعلهم يبتعدوا عنها‪،‬‬
‫ستوافق موقتا ً وسـ تقول لـ "إياس" كل شيءٍ وهو له‬
‫حق االختيار‪-:‬‬

‫_ عاوزة "إياس" على انفراد األول‬

‫يعلم بأنها تريده حتى تقنعه بالرفض‪ ،‬لذلك لن‬


‫ينفرد بها بمفرده إال بعد كتب الكتاب‪ ،‬رد عليها‬
‫"إياس" باعتذار‪-:‬‬

‫_بعدين عشان عندي شغل‬

‫‪455‬‬
‫ثم حدق بـ أهلها وقال‪-:‬‬

‫_هجيب بابا عشان نتفق على الخطوبة وكتب‬


‫الكتاب ‪...‬‬

‫تركهم ورحل لتنظر ألبيها بضيق قائل ٍة برجاء‪-:‬‬

‫_مش كل شوية تقول إنك هتبعد عني إنت وماما‬

‫‪456‬‬
‫رد عليها بهدوء‪-:‬‬

‫_ما أنا مش عاوزك تضيعي حياتك!!! ومش عاوز‬


‫أفضل أشك فيكي بسبب رفضك‬

‫الفصل التاسع‬

‫دخل غرفة "حور" فـ وجودها حزينة‪ ،‬خسرت‬


‫الكثير من وزنها‪ ،‬وهذا بسبب الحزن‪ ،‬وحالة‬
‫االكتئاب التي تمر بها‪ ،‬جلس بجانبها على الفراش‬
‫ثم قال‪-:‬‬

‫‪457‬‬
‫_هينفع أقعد معاكي شوية؟!‬

‫مسحت دموعها ثم ابتسم في وجهه‪ ،‬ال تريد أن‬


‫تجعله يعرف ما بداخلها من أوجاع‪ ،‬ردت عليه‬
‫بحب‪-:‬‬

‫_طبعا ً يا حبيبي إنت تنور األوضة كلها‬

‫‪458‬‬
‫برغم تعبها ابتسمت في وجهه‪ ،‬كم كان ظالما ً لها‪،‬‬
‫يشعر بالضيق من أنانيته‪ ،‬ابعدها عن حبيبها ومع‬
‫ذلك هي مازالت تحترمه‪ ،‬أمسك يدها ثم تحدث‬
‫بندم‪-:‬‬

‫_أنا آسف يا حبيبتي إلني ظلمتك معايا وخليت بابا‬


‫يظلم "أكرم" ويرفضه‬

‫‪459‬‬
‫حدقت به بشدة‪ ،‬ال تصدق الحديث الذي يقوله‪،‬‬
‫كادت أن تبكي ولكنها قيدت دموعها‪ ،‬ردت على‬
‫كالمه بحزن‪-:‬‬

‫_أنا اللي زعلني منك إنك شكيت في تربية بابا لينا‬


‫هو كان واقف بيهديني‬

‫وضع يده على كتفها ثم قربها من صدره ليحضنها‬


‫قائالً لها بآسف‪-:‬‬

‫‪460‬‬
‫_آسف عشان اتكلمت معاكي بطريقة وحشة يومها‬
‫متزعليش مني‬

‫هزت رأسها ببسمة صغيرة ثم ردت قائل ٍة بحب‪-:‬‬

‫_ال أنا مش زعالنة منك يا حبيبي ما فيش حد‬


‫يهمني غيرك إنت و "إياس"‬

‫‪461‬‬
‫بوعد واثق إنه سـ ينفذه قال‪-:‬‬

‫_هقنع أبوكي يجوزه ليكي‬

‫نزلت دموعها ولم تتوقف قط‪ ،‬زاد قلقه عليها ومن‬


‫بهلع‪-:‬‬
‫ٍ‬ ‫ثم سألها‬

‫_مالك يا حبيبتي؟!‬

‫‪462‬‬
‫من بين شهقاتها أجابته‪-:‬‬

‫_بابا هيرفض عشان إنت و "خلود" اطلقتوا وهو‬


‫شايف إن "أدهم" هو السبب وراء كل دا‬

‫ُ‬
‫حيث كان يعارض حديثها‪ ،‬لم يكن‬ ‫هز رأسه‬
‫"أدهم" سببا ً في هذا الشيء بل هو من كان السبب‬
‫في خراب حياته‪ ،‬هتف بضيق‪-:‬‬

‫‪463‬‬
‫_ما حدش خرب حياتي غيري كل الناس كانوا‬
‫بيحبوني بس أنا ما حبتش نفسي‬

‫رفعت أنظارها حتى تنظر له‪ ،‬ترأ الصدق بعينه‪،‬‬


‫لقد تغير أخيها‪ ،‬أردفت بنبرة تحمل من الحب‬
‫الكثير‪-:‬‬

‫‪464‬‬
‫_إنت دلوقتي طالما معترف بغلطك دا أكبر صح‬
‫متشيلش نفسك هم يا حبيبي وأبدأ من جديد وبس‬

‫هز رأسه ثم أجابها بوجع‪-:‬‬

‫_أنا كنت بشوف حب كبير لـ "خلود" من "أدهم"‬


‫قبل الجواز بس أصريت واتجوزتها مش حب ليها‬
‫إلنها كانت صديقة وعشان كنت حاسس إنها‬
‫هتعجب بـ "أدهم" وأنا مكنش في بنت قابلتني إال‬
‫وحبتني‬

‫‪465‬‬
‫صعقت "حور" من أنانية أخيها ولكنها حاولت أال‬
‫تظهر هذا حتى ال ينزعج فقط قالت بهدوء‪-:‬‬

‫_طب المفروض نساعدهم يتجوزا‬

‫حدق بها ببسمة صغيرة ثم رد عليها بتمني‪-:‬‬

‫‪466‬‬
‫_ياريت عشان أحس إني عملت حاجة في حياتي‬
‫كويسة "خلود" ما شافتش معايا وال يوم عدل في‬
‫حياتها ودا مزعلني من نفسي‬

‫أمسكت يده ثم قالت بحب‪-:‬‬

‫_هفضل جنبك لحد ما تصلح كل حاجة عملتها‬


‫ومش راضي عنها‬

‫‪467‬‬
‫قبل رأسها ثم قال بحنو‪-:‬‬

‫_ربنا يخليكي ليا يا جوهرة البيت كله‬

‫بتلك اللحظة دلفت "سلوى" إلى الغرفة فـ وجدت‬


‫على مالمح أوالدها الكثير من المشاعر‪ ،‬الحزن‪،‬‬
‫الفرح‪ ،‬الندم‪ ،‬الدعم‪ ،‬ابتسمت على جلستهم ثم‬
‫قالت بآسف‪-:‬‬

‫‪468‬‬
‫_آسفة لو قطعت قعدتكم‬

‫ب‪- :‬‬
‫ابتسم "إياد" ثم قال بح ٍ‬

‫_إنتي يا ست الكل تعملي اللي إنتي عاوزاه برحتك‬


‫خالص‬

‫اقتربت منهم ثم وضعت أناملها على شعره قائل ٍة‬


‫بفخر‪-:‬‬

‫‪469‬‬
‫_ابني حبيبي!!‬

‫ردت عليها "حور" بمرح‪-:‬‬

‫_طب هو ابنك حبيبي أنا إيه‬

‫بحنان وهتفت بـ‪-:‬‬


‫ٍ‬ ‫ملست على شعرها‬

‫‪470‬‬
‫_نور عيني وحبيبة قلب البيت كله‬

‫ابتسمت "حور" ثم حضنتها بشدة‪ ،‬ومن ثم قالت‬


‫بحب‪-:‬‬

‫_وإنتوا حبايب قلبي والسند اللي عمري ما هالقي‬


‫زيه في حياتي كلها بحبك يا ماما‬

‫******‬

‫‪471‬‬
‫جلست بمفردها‪ ،‬بمنزل أجرته حتى ال يأتي لها‬
‫أحد يعرفها ويفكرها بالماضي‪ ،‬تذهب كل يوم‬
‫لمقبرة ابنها‪ ،‬تجلس معه كثيراً‪ ،‬تتحدث معه وكأنه‬
‫مازال موجود‪ ،‬ارتدت مالبسها وجهزت حتى‬
‫تذهب للمقابر‪ ،‬اتجهت نحو باب الشقة حتى تغادر‬
‫ولكنها حين فتحت وجدت أمامها السيد "حاتم"‪،‬‬
‫استغربت من قدومه ومن معرفته بعنوانها‪.‬‬

‫تكلم معها بسخرية‪-:‬‬

‫_إيه مش هتقول لي اتفضل‪!!!...‬‬

‫‪472‬‬
‫هزت رأسها ببسمة صغيرة ثم قالت بهدوء‪-:‬‬

‫_طبعا ً يا عمو ألزم أقولك اتفضل حضرتك هتفضل‬


‫زي بابا‬

‫قهقه على حديثها بعلو‪ ،‬لن يدخل كالمها في مخيلته‬


‫أبداً‪ ،‬ال يستطيع أن يصدقها بعد فعلتها مع ابنه‪.‬‬

‫‪473‬‬
‫صدمت من طريقته فـ سألته بعفوية‪-:‬‬

‫_مالك يا عمو بتضحك ليه كدا؟!‬

‫طلب منها بـ هدوء شديد‪-:‬‬

‫_طب قعدتينا األول وال مش هينفع‬

‫‪474‬‬
‫_ال إزاي يا عمو اتفضل!!‬

‫هذا ما نطقته‪ ،‬مدت يدها مشيرة نحو غرفة‬


‫الصالون مكملة حديثها بنبرة عادية‪-:‬‬

‫_اتفضل في الصالون يا عمو عقبال ما أعملك‬


‫حاجة تشربها‬

‫‪475‬‬
‫ببرود شديد رد عليها‪-:‬‬

‫_أنا مش جاي أضايف هما كلمتين هقولهم وأمشي‬

‫بضيق شديد قالت‪-:‬‬

‫_طب اتفضل‬

‫‪476‬‬
‫جلست أمامه وانتظرت ما سـ يقوله‪ ،‬تنهد بقوة ثم‬
‫أردف بغضب طفيف‪-:‬‬

‫_مكنتش متخيل إنك هتطلبي الطالق من ابني أنا‬


‫سبتك على راحتك لحد ما تهدي عدى أسبوعين‬
‫وقولت مش هفتحك دلوقتي بس جيت النهاردة‬
‫وحابب أطلع من الصبر اللي أنا فيه‬

‫نظرت باألرض بحزن تعلم بأن والد زوجها‬


‫السابق‪ ،‬جاء حتى يدافع عن ابنه‪ ،‬هذا ما يفعله في‬
‫كل األوقات‪ ،‬يهمه حزن ابنه ولكن ال أحد يهتم‬
‫بأحزانها‬

‫‪477‬‬
‫ردت على كالمه بنبرة يمألها الضعف‪-:‬‬

‫_إنت يا عمي جاي تتكلم مع حد ضعيف وهش من‬


‫جوه حد خالص ادفن مع ابنه‬

‫تأفف بقوة ثم قال بتهكم‪-:‬‬

‫‪478‬‬
‫_واللي ادفن ليه لحد دلوقتي بتتكلمي مع "أدهم"‬
‫اإلنسان اللي خرب حياتك كلها‬

‫رفعت أنظارها‪ ،‬وحدقت بعينه ثم قالت بغضب‪-:‬‬

‫_دا اللي وصلت له من تفكيرك يا عمي ما حدش‬


‫خرب حياتنا غير "إياد" غير كدا ال و "أدهم"‬
‫صديقي اللي وقف معايا في القوة قبل الضعف‬

‫‪479‬‬
‫قام "حاتم" من مكانه‪ ،‬لقد اغتاظ من كالمها‪،‬‬
‫كيف لها أن تتهم ابنه بالتقصير في عالقتهم وإن‬
‫تقول بأنه السبب في الطالق‪ ،‬صرخ بها بانفعال‪-:‬‬

‫_السبب في إيه وهو آلخر لحظة كان بيتحايل‬


‫عليكي عشان يمنع الطالق اللي ماحدش عارف‬
‫السبب منه‬

‫صمت قليالً ليأخذ أنفاسه ثم تابع بنفس نبرة‬


‫الغضب‪-:‬‬

‫‪480‬‬
‫_هو وبرغم تقربك من "أدهم" اللي كنتي كل شوية‬
‫تروحي تعيطي له عشان حالة "يحيى" ما قالش‬
‫حاجة ومعلقش عليكي‬

‫صعقت من حديثه‪ ،‬اليوم أصبحت هي المخطئة‬


‫في حق ابنه‪ ،‬أصبحت هي الخائنة لزواجهم وليس‬
‫ب جامح‪-:‬‬
‫هو‪ ،‬ردت عليه بغض ٍ‬

‫‪481‬‬
‫_هو دا اللي طلع معاك يا عمو إني بقرب من‬
‫"أدهم" على فكرة أنا في مليون سبب عشان طلبي‬
‫للطالق االهمال بعده عني الطبطبة اللي كنت‬
‫محتاجها أنا مصعبتش على ابنك غير لما شافني‬
‫منهارة في ابنه أول يوم وبعد كدا لما احتاجته‬
‫مكنش جنبي‬

‫شبك "حاتم" يده في بعضهم ثم قال باستفزاز‪-:‬‬

‫_مش مبرر يا "خلود" الراجل ما يعبهوش غير‬


‫جيبه هو كان بيصرف عليكي ومكفي بيتكم ولو‬
‫أهمل فـ أكيد السبب منك مش منه‪...‬‬

‫‪482‬‬
‫انكمش حاجبها باندهاش حاولت أن تبقى هادئة‪،‬‬
‫ردت باقتضاب‪-:‬‬

‫_طب معلش يا عمو روح اسأل "إياد" أنا قصرت‬


‫في إيه ولو في يوم كنت غلطانة في حقه كان مين‬
‫السبب‬

‫انهت كالمها ثم نظرت لساعة يدها وقالت ببرود‪-:‬‬

‫‪483‬‬
‫_الوقت هيعدي وعاوزة أروح لـ "يحيى" البيت‬
‫بيتك طبعا ً أقعد يا عمو وأنا همش‬

‫تطرده بالذوق لذا فـ اتجه نحو الباب بعد أن قال‬


‫بتحذير‪-:‬‬

‫_قربك من "أدهم" هيحرق قلب ابني وأنا اللي‬


‫يزعل حد من عيالي أزعله ساعتها هزعلك عليه‬

‫‪484‬‬
‫ماذا يقصد بحديثه‪ ،‬ولم انقبض قلبها هكذا‪ ،‬هل هذا‬
‫الخوف المتواجد داخلها مجرد خوف وهلع على‬
‫صديقها أم على حبيبًا حتى اآلن ال تعترف بداخلها‬
‫بكونه حبيب لها‪ ،‬شعوراً ال تعرفه‪ ،‬حاولت أن‬
‫تتجاهله ولكنها أخذت قرارها في االبتعاد عن‬
‫"أدهم" حتى ال يصيبه مكروه‬

‫*****‬

‫بعد مرور ثالث أشهر لم تقابل "إياس" أبداً‪،‬‬


‫يرفض مقابلتها آلنه يعلم أنها سـ تأجل زيجتهم‪ ،‬لم‬

‫‪485‬‬
‫تتردد في إرسال رسالة لـ "إياد" حتى يحل لها هذا‬
‫المأزق‪ ،‬يجب أن يتصرف في كل ما وضعها به‪،‬‬
‫بتلك اللحظة دلف والدها قائالً لها ببسمة صغيرة‪-:‬‬

‫_حبيبتي خطيبك برا‪...‬؟!‬

‫أول مرة تسمع تلك الكلمة‪ ،‬كم هي جميلة‪ ،‬كانت‬


‫تتمنى أن تجد الحب‪ ،‬ومن في الحياة يكره الحب‪،‬‬
‫االرتباط واألمان ولكنها ظلمت نفسها وحرمت‬
‫نفسها من االرتباط‪ ،‬كيف سـ تكون حالتها يوم‬

‫‪486‬‬
‫عرسها حين يعرف "إياس" حقيقتها‪ ،‬كيف سـ‬
‫تنظر في عينه‪ ،‬هل سـ يتقبلها‪ ،‬وإن تقبلها كيف سـ‬
‫تعيش معه وهي منكسرة وتعلم بأنه يتحملها مجرد‬
‫شفقة فقط‪...‬‬

‫هزت رأسها بهدوء ثم قالت بنبرة تحمل الكثير من‬


‫الهم‪-:‬‬

‫_جاية وراك يا بابا‬

‫‪487‬‬
‫شعر أبيها بنبرة صوتها الحزينة فـ قلق عليها‬
‫بشدة‪ ،‬اقترب منها ثم سألها بخوف‪-:‬‬

‫_مالك يا "مليكة" بقالك فترة قعدة في أوضتك‬


‫زعالنة وحزينة أنا يا بنتي مش هعيش لك وافقت‬
‫على رفضك لعرسان كتير عشان كنت سايبك على‬
‫راحتك بس دا اإلنسان اللي هكون بظلمك لو وافقتك‬
‫على رفضه‬

‫‪488‬‬
‫هزت رأسها ولم تتفوه بأي كلمة مما جعله يتابع‬
‫كالمه بحب‪-:‬‬

‫_أنا لقيت الحب له في عينك ولقيت حبه ليكي في‬


‫عينه أنا مش عاوز أعرف سبب رفضك ألي حد‬
‫جالك بس وبعد نظراتك دي لـ "إياس" اللي فيها‬
‫حب ورفضيه أنا هسألك إي السبب وراء كل دا‬

‫ابتسمت ألبيها حتى ال يشعر بما هي فيه ثم قالت‬


‫بفرحة مصطنعة‪-:‬‬

‫_أرفض دا إيه أنا بس يا بابا متوترة شوية‬

‫‪489‬‬
‫قبلها من رأسها ثم قال بأمر‪-:‬‬

‫_طب ياال نتطلع لـ "إياس"‬

‫أومأت برأسها ثم خرجت معه للخارج فـ وجدت‬


‫أمها تضحك بعلو قائل ٍة لـ "إياس"‪-:‬‬

‫_دمك خفيف قوي يا بني وللا‬

‫‪490‬‬
‫غمز لها" إياس" ثم حدق بـ "مراد" وقال‬
‫باستئذان‪-:‬‬

‫_بعد إذنك طبعا ً يا عمي هعاكس طنط‬

‫قهقه "مراد" بقوة ثم قال بغيرة‪-:‬‬

‫_ال خليك في خطبتك بقى‬

‫‪491‬‬
‫ابتسمت "مليكة" على سعادة أهلها‪ ،‬لقد أصبح غا ٍل‬
‫عندهم‪ ،‬بنبرة هادئة قالت‪-:‬‬

‫_إزيك يا "إياس"؟‬

‫رد عليها بغضب مصطنع‪-:‬‬

‫‪492‬‬
‫_هو إيه اللي ازيك ال أنا قولت طنط أحلى وللا‬
‫مش عارف مش طلعة ليها ليه‬

‫رفعت حاجبها بصدمة ثم قالت بغضب‪-:‬‬

‫_وللا والمفروض أقول إيه غير إزيك عرفني‬

‫أمسك يدها ثم قال بحب‪-:‬‬

‫‪493‬‬
‫_تقولي وحشتني يا" إياس" بقالنا أسبوع ما‬
‫تكلمنا‪...‬‬

‫قاطعه "مراد" وهو يمسك أذنه قائالً له بتحذير‪-:‬‬

‫_ال كل الدلع دا بعد الجواز‬

‫ابتسم "إياس" ثم قال بجدية‪-:‬‬

‫‪494‬‬
‫_دلوقتي بابا جالك المطعم واتفق معاك في كل‬
‫الشكليات الخاصة بالجواز وساب لي أنا تحديد‬
‫الجواز‬

‫أومأ "مراد" برأسه ثم شبك يده في بعضهم وقال‬


‫بهدوء‪-:‬‬

‫_طب تحب يكونوا أمتى‬

‫‪495‬‬
‫رمق "إياس "مليكة" ثم سألها بحب‪-:‬‬

‫_ها تحبي يكون امتى يا حبيبتي‬

‫بدون تردد قالت‪-:‬‬

‫_نلبس دبلة الخطوبة حاليا ً ونتجوز بعد سنتين‬

‫‪496‬‬
‫صعق الجميع من المعاد التي حددته‪ ،‬ردت أمها‬
‫عليها بتهكم‪-:‬‬

‫_ليه ما تخليها بعد عشر سنين يا بنتي إحنا هنجبلك‬


‫كل حاجة في شهر ومش هناخد وقت‬

‫بينما "إياس" فـ قال بعد كالم أمها‪-:‬‬

‫_شهر إيه يا ماما إحنا االسبوع الجاي هنكتب‬


‫الكتاب وبعدين شقتي جهزة هي الهدوم الخاصة بيها‬
‫بس ودول هنجبهم خالل االسبوع دا‬

‫‪497‬‬
‫قامت "مليكة" من مكانها ثم قالت بضيق‪-:‬‬

‫_طالما مليش رأي لما تخلصوا أبقوا قولولي‬

‫أمسك أبيها يدها ثم قال بجدية‪-:‬‬

‫_أهدوا كدا بعد شهرين هنعمل كتب كتاب والفرح‬


‫والخطوبة بعد أسبو‪...‬‬

‫‪498‬‬
‫مقاطعة لكالمه قال "إياس"‪-:‬‬

‫_معلش يا عمي أنا مجهز الخواتم نلبسهم دلوقتي‬


‫ألن الظروف مش هتسمح بدا ألني مقدر شعور‬
‫أخويا وبعد شهرين نعمل الفرح‬

‫حدق أبيها بها فـ هزت رأسها بالموافقة على حديث‬


‫"إياس"‪ ،‬مدت" مليكة" يدها لـ "إياس" فـ وضع‬
‫بها خاتم ألماس رقيق ثم أعطها خاتمه ومد يده فـ‬
‫لبسته له وبعد أن انتهت قال بحب‪-:‬‬

‫‪499‬‬
‫_مبروك‬

‫برغم من كون تلك الكلمة محزنة على ما سـ‬


‫يحدث معها إال إنها أحبتها ألنها تحتفل معه هو‪....‬‬

‫*****‬

‫عاد "إياس" إلى البيت وقال للجميع بفرحة‪-:‬‬

‫_أنا و "مليكة" اتخطبنا‬

‫‪500‬‬
‫حدق به الجميع بفرحة ماعدا "إياد"‪ ،‬كيف له أن‬
‫يقول ألخيه بأن حبيبته كانت له من قبل وظلمها‪،‬‬
‫قرب منه" إياس" وقال‪-:‬‬

‫_الكل باركوا وإنت ال وبعدين وعدك ليا يعني ما‬


‫اتنفذش‬

‫‪501‬‬
‫ابتسم له ثم قال بحب‪-:‬‬

‫_مبروك يا "إياس" أما بالنسبة لوعدك فـ أنا كلمت‬


‫"أكرم" عشان يجي هو و"أدهم" ومامتهم وهتكلم‬
‫مع بابا قدمهم‬

‫هز رأسه ثم أردف بهدوء‪-:‬‬

‫_لما نشوف‪!!!...‬‬

‫‪502‬‬
‫بتلك اللحظة خرجت "سلوى" من المطبخ ومعها‬
‫عصير من المانجا مما جعلهم يستغربون‪ ،‬سألها‬
‫"حاتم" بصدمة‪-:‬‬

‫_بتدخلي المطبخ وبتجهزي لينا األكل بس أول مرة‬


‫تيجي بالحاجة من غير واحدة وراكي شايلة لك‬
‫الحاجة اللي عملها‬

‫‪503‬‬
‫ابتسمت بحب‪ ،‬ثم وضعت يدها على دقن "إياس"‬
‫وهتفت بفرحة عارمة‪-:‬‬

‫_أول فرحة في عمري وأخيراً خطب النهاردة عيد‬

‫حدق بها "إياس" ثم رمق "حور" وأمرها بـ‪-:‬‬

‫_خدي العصير من ماما عاوز أحضنها‬

‫‪504‬‬
‫رد عليه "حاتم" بضيق وقال‪-:‬‬

‫_وللا وأنا مليش حضن‬

‫جعلهم يمرحون مع بعضهم وابتعد عنهم‪ ،‬بالفعل‬


‫"مليكة" لديها كل الحق‪ ،‬يجب أن يقابلها‪ ،‬ما كان‬
‫يعلم أن أخيه سـ يخطبها وذهل حين طلبت "مليكة"‬
‫مقابلته بدون ذكر السبب‪ ،‬كان يشعر بأنها سـ‬
‫تسامحه‪ ،‬وسـ تقول بأنها مازالت تحبه ولكن أخيه‬
‫أحبها وهو سـ يخرجها من قلبه من أجل "إياس"‪....‬‬

‫‪505‬‬
‫هو من فعل هذا بها وخسرها إلى األبد فال ينتظر‬
‫عدم الكره‬

‫فاق بتلك اللحظة على صوت أبيه الغاضب الذي‬


‫يصرخ بـ عائلة صديقه "أدهم"‪...‬‬

‫حدق بوالده وقال بهدوء‪-:‬‬

‫_أهدأ يا بابا أنا اللي قولتلهم تعالوا عشان هنتكلم في‬


‫حاجات كتير أوي‬

‫‪506‬‬
‫صمت" حاتم" ولم يتكلم‪ ،‬ولكنه ركز بأمر "إياس"‬
‫له‪-:‬‬

‫_بابا أقعد و "إياد" هيشرح لنا كل حاجة‬

‫ثم حدق بـ أمه وأخته وأمرهم أيضاً‪-:‬‬

‫_وإنتوا كمان أقعدوا‬

‫‪507‬‬
‫بتلك اللحظة قال "إياد" ‪-:‬‬

‫_"أكرم" ملهوش ذنب إنه يخسر حبيبته وال حتى‬


‫"حور" إنت يا بابا رضيتني بس كسرتها هي وإنت‬
‫عمرك ما عملت كدا‬

‫صرخ به والده بانفعال‪-:‬‬

‫‪508‬‬
‫_صاحب عمرك باعك وخلى مراتك تكرهك يبقى‬
‫أخو هيخون بنتي‬

‫قاطعه "أدهم" بحد‪-:‬‬

‫_أنا عمري ما خنت وال هخون حد يا عمي إنت‬


‫مش عاوز تشوف غير اللي إنت عاوزه‬

‫ُ‬
‫حيث تكلم "إياد"‪-:‬‬ ‫لم يرد عليه "حاتم"‬

‫‪509‬‬
‫_معلش يا" أدهم" سبني أنا وبابا نتكلم واسمع‪،‬‬
‫بص يا بابا أنا كل البنات بتحبني و "خلود" كانت‬
‫مش معجبة بيا حستها هتميل لـ "أدهم" اللي شوفت‬
‫في عينه الحب ليها بس أنا اللي دخلت بنهم‬
‫وخطبتها وهي حبتني ألنه سافر‬

‫توقف ليأخذ أنفاسه ثم أكمل بصدق‪-:‬‬

‫_يشهد عليا وعليه ربنا إن صاحبي عمره يا بابا ما‬


‫بص لـ مراتي بصة حب تاني وأعتبرها أخته‬
‫ومابقاش يكلمها برغم صدقتهم‬

‫‪510‬‬
‫قاطعه أبيه بغي ً‬
‫ظا منه‪-:‬‬

‫_بس في المستشفى قرب منها‬

‫هز "إياد" رأسه بال ثم رد عليه بأسف‪-:‬‬

‫‪511‬‬
‫_أنا عمري ما فكرت أحب مراتي غير بعد ما ابني‬
‫مات فكرت في نفسي بس وطول فترة جوزنا وأنا‬
‫بخونها كرهتها فيا وملقتش غير صديقها يقف جنبها‬

‫اقترب من أبيه ثم قال ببكاء‪-:‬‬

‫_بابا صلح غلطي وجوز "أكرم" لـ "حور" أنا‬


‫خالص هكمل حياتي لوحدي مش عاوز أعيش‬
‫بذنب إني بعدهم عن بعض‬

‫‪512‬‬
‫ال يتحمل بكائه فـ هز رأسه وقال‪-:‬‬

‫_أنا موافق يا بني‬

‫ثم اتجه إلى "نيلي" قائالً لها بندم‪-:‬‬

‫_آسف ألن ابني اللي غلطان وشككت في تربية‬


‫والدك وأسف إلني رفض جواز ابنك من بنتي‬
‫عشان ابني كان عاوز كدا وعشان كنت بفكر غلط‬

‫‪513‬‬
‫ابتسمت له ثم قالت بجدية‪-:‬‬

‫_إحنا كلنا أهل وأنا استحالة أخسر العيلة دي‬

‫الفصل العاشر‬

‫ذهب حتى يقابلها في إحدى األماكن‪ ،‬جلس أمامها‬


‫ثم قال بنبرة حزينة‪-:‬‬

‫_ازيك يا "مليكة"؟‬

‫‪514‬‬
‫لم ترد عليه أبداً‪ ،‬الغضب فقط ينتابها‪ ،‬غير سؤاله‬
‫قائالً لها بجدية‪-:‬‬

‫_هنعمل إيه؟‬

‫بغضب شديد ردت عليه‪-:‬‬

‫_إنت اللي بتسألني هنعمل إيه؟ إنت معندكش دم يا‬


‫"إياد"‬

‫‪515‬‬
‫نكس رأسه لألسفل مردفا ً باعتذار‪-:‬‬

‫_أنا آسف يا "مليكة" بس وللا معرفش ليه طلبت‬


‫منك كدا وبعد ما اللي حصل بنا حصل مقدرتش‬
‫اتجوز كنت فاكر إنك طالما سلمتي لي نفسك يبقى‬
‫إنتي مش كويسة‬

‫ال تريد أن تتذكر هذا اليوم مرة ثانية‪ ،‬ال تريد أن‬
‫ترأ خدعته لها‬

‫‪516‬‬
‫جذت على أنيابها بانفعال قائل ٍة له بغضب ‪-:‬‬

‫_مش عاوزة أبداً أتكلم في الموضوع دا أنا بس‬


‫مش عاوز غير إنك تقول لـ "إياس" اللي حصل‬
‫وتقول له "مليكة" حاولت تقولك بس إنت مكنتش‬
‫بتخليها تقابلك‬

‫بيائس شديد رد عليها‪-:‬‬

‫‪517‬‬
‫_هو إنتي متعرفش إنه مسافر وهيرجع قبل فرحكم‬
‫بيومين بس‬

‫شعرت باالختناق الشديد وكيف لها أن تشعر بغير‬


‫ذلك‪ ،‬تكلمت ببكاء‪-:‬‬

‫_منك هلل يا "إياد" بوظت لي حياتي كلها أنا‬


‫اتخنقت منك وكرهتك هعمل أنا إيه لما يعرف إني‬
‫مش بنت منظري قدامه هيكون عامل إزاي‬

‫تذكرت الرسالة التي جاءت لوالدها ولم تعطيها له‪،‬‬


‫أكملت كالمها بغضب هامس‪-:‬‬

‫‪518‬‬
‫_ولو معرفتش أقول له أنا حد تاني هيقول له‬

‫استغرب "إياد" من كالمها‪ ،‬من هو الطرف اآلخر‬


‫الذي يعرف الحقيقة المخفية‪ ،‬رد عليها باندهاش‪-:‬‬

‫_ومين يعرف غيرنا ما هو أنا ال إنتي أكيد‬

‫‪519‬‬
‫سردت له كل ما حدث‪ ،‬ليتذكر "خالد" صديقه‬
‫هو من يريد أن ينهي أبيها‪ ،‬تنهد بقوة ثم قال‬
‫برجاء‪-:‬‬

‫_هقولك على حاجة بس متزعليش مني‬

‫تقوس فمها ببسمة ساخرة ثم هتفت بحنق‪-:‬‬

‫_ومين قالك بقى إني أصالً بحمل لك زعل أو حد‬


‫مش زعل أنا اللي في قلبي ليك كره وبعدين ما فيش‬
‫أوحش من اللي عملته يكرهني فيك‬

‫‪520‬‬
‫خنجر غرز بداخل قلبه‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫لقد كان كالمها بمثابة‬
‫تحدث بخوف من ردت فعلها‪-:‬‬

‫_"خالد" و "عمر" منافسين ألبوكي في السوق‬


‫وهما قبل ما أعرفك اتحدوني إني أوقعك في حبي‬
‫عشان نكسر أبوكي بس ساعتها أنا حبيتك ونهيت‬
‫معاهم الحوار دا‬

‫انزلقت الدموع من عينها ثم قالت بانفعال‪-:‬‬

‫‪521‬‬
‫_حبتني إنت نفذت رغبتهم حللي المشكلة دي‬

‫بضيق شديد رد عليها‪-:‬‬

‫_سافروا ومش عارف أوصلهم عشان كدا‬


‫مابعتوش ألبوكي أي رسايل مستنين يشوفوا رد‬
‫فعله‬

‫وضعت يدها على رأسها تأنب نفسها بشدة‪" ،‬إياد"‬


‫لن ينظر له أحد باستحقار لكن هي المجتمع بأكمله‬

‫‪522‬‬
‫سـ يبعد عنها‪ ،‬هي من أذت نفسها وال أحد أذها‬
‫وظلمها مثلما فعلت‪ ،‬بنبرة باكية قالت‪-:‬‬

‫_أنا السبب في كل دا هو أنا ليه حاطة الذنب عليك‬


‫كدا ما هو أنا كان ألزم أبعد عنك ما فيش بنت‬
‫عاقلة وملتزمة بدنها تعمل اللي أنا عملته‬

‫رد عليها بندم‪-:‬‬

‫_أنا السبب مش إنتي إنتي رفضي في األول‬

‫‪523‬‬
‫قامت من مكانها وتركته بعد أن نظرت له باستحقار‬
‫قائل ٍة له بجموح‪-:‬‬

‫_إنت أكتر واحد استحقرته في حياتي وأكتر واحد‬


‫بكره من كل قلبي روح يا شيخ منك هلل‬

‫خرجت من المطعم تحت أنظاره الحزينة‪ ،‬أخرج‬


‫من جيبه حساب قهوته ثم أسرع خلفها فـ وجدها‬
‫تبتعد عن سيارتها مما جعله مصدوم‬

‫ركض باتجاه حتى لحق بها‪ ،‬أمسك يدها حتى‬


‫يوقفها فـ صرخت به بانفعال قائل ٍة بتحذير‪-:‬‬

‫‪524‬‬
‫_أوعى تاني مرة تلمسني ألني بحس بكل حاجة‬
‫مقرفة لمستني وألزم أخد شاور منها‬

‫تنهد بشدة ثم رد عليها بهدوء‪-:‬‬

‫_إنتي مش هتروحي بعربيتك‬

‫‪525‬‬
‫_ال ابعد عني بقى‬

‫بالفعل تركها ورحل‪ ،‬تأكدت أنه ذهب بعيداً عنها فـ‬


‫عادت تسير على أقدامها‪ ،‬تبكي بشدة‬

‫إلى أي طريق سـ أرحل‪ ...‬أتمنى أن يأتي الموت‬

‫‪526‬‬
‫سـ ينقذني من العذاب‪ ...‬كيف لي أن أرى نظرة‬
‫االنكسار بأهلي وأحبتي‬

‫وقفت فجأة‪ ،‬تنظر للسيارات التي تسرع في السير‪،‬‬


‫هل تقف أمامهم لعل أحدهم يصدم بها‪ ،‬ال لن تفعلها‬
‫وتغضب ربها مرة أخرى‬

‫*****‬

‫‪527‬‬
‫_وحشتني يا "يحيى"!!!‬

‫قالتها "خلود" ببكاء شديد‪ ،‬كانت تقف بحزن‪،‬‬


‫أكملت حديثها كالمجنونة‪-:‬‬

‫_عارفة إني كدا هكون قاسية عليك باللي هعمله‬


‫بس أنا هسافر من غيرك مش عاوزه أقعد هنا‬

‫‪528‬‬
‫قاطعها سماع صوت "أدهم" الذي قال بحزن‪-:‬‬

‫_طب أنا يا "خلود" هتسبيني!!‬

‫تنهدت بقوة ثم قالت بنبرة قاسية‪-:‬‬

‫_أنا بعملك كصديق مش أكتر وهسافر برا عشان‬


‫مش عاوز أقعد هنا وبعدين أنا ست مطلقة من تلت‬
‫شهور وبصراحة كرهت األرتباط روح شوف‬
‫حياتك مع واحدة غيري‬

‫‪529‬‬
‫رد عليها بحزن شديد‪-:‬‬

‫_جيت النهاردة أعرف رأيك في اللي هقوله ولو‬


‫رفضي أنا كمان هسافر ومش هرجع تاني‬

‫إلى أين مكان سـ تذهب وتترك حياتي‪...‬اعتدت‬


‫على وجودك‬

‫‪530‬‬
‫نعم أريد الهروب من هنا‪....‬ولكني سـ أعود‪...‬ال‬
‫تقطع أخبارك عني‬

‫فـ أنت وحدك من يجعلني أشعر باألمان‪..‬‬

‫حاولت أن تضع مشاعرها بعيداً عنها وتفكر‬


‫بعقلها‪-:‬‬

‫_سافر وشوف حياتك‬

‫‪531‬‬
‫إلى هذا الحد ال تريده‪ ،‬لما تقول هذا الحديث‬
‫القاسي‪ ،‬رد عليها بقسوة‪-:‬‬

‫_ليه بتقولي كدا ها فكري كويس أنا بحبك ومش‬


‫هبقى مبسوط مع غيرك‬

‫همت بالحديث لترد عليه‪-:‬‬

‫_أنا مش هرتبط الفترة دي ألن أي حد لما يشوفني‬


‫معاك هيتكلم عليا أنا وهيفتكر إني طلبت الطالق‬
‫بسبب حبي ليك‬

‫‪532‬‬
‫صرخ بها وقاطع حديثها بـ‪-:‬‬

‫_أنا ما يهمنيش الناس أبداً أنا ما فيش غيرك يهمني‬

‫تأملها بشدة ثم أمسكها من يدها وقال لها‪-:‬‬

‫_أنا عمري ما حبيت حد قدك كان نفسي تقبليني‬


‫وتقبلي حياتنا الجديدة وربنا هيعوض علينا يا‬
‫"خلود"‬

‫‪533‬‬
‫بوجع‪-:‬‬
‫ٍ‬ ‫صمت قليالً تنهد بحرارة ثم أكمل حديثه‬

‫_أنا هسافر يا "خلود" وهبعد عن الناس اللي‬


‫كانوا أكبر سبب في رفضك ليا‬

‫التفت حتى يغادر‪ ،‬كانت عينها تتعلق به‪ ،‬بدون‬


‫تردد أوقفته‪-:‬‬

‫‪534‬‬
‫_"أدهم" استنى؟!‬

‫استدار لها بلهفة قائالً لها في سرعة‪-:‬‬

‫_نعم‬

‫‪535‬‬
‫_أنا موافقة أبدأ من جديد بس لو حسيت إني مش‬
‫هكمل في العالقة هقولك لكن حاليا ً محتاجك جنبي‬
‫متسافرش‬

‫شعر بأن الحياة عادا من جديد بكالمها‪ ،‬أمسك‬


‫أناملها وقال لها بحب‪-:‬‬

‫_عمري ما هسيبك أبداً هفضل جنبك على طول‬

‫‪536‬‬
‫ت هامس ال‬
‫عادت ونظرت لقبر ابنها وقالت بصو ٍ‬
‫يسمعه غيرها‪-:‬‬

‫_أنا معرفش ليه عملت كدا وناديت عليه بس عملت‬


‫اللي قلبي قال عليه أنا محتاجة لحد جنبي أنا وحيدة‬
‫يا "يحيى"‬

‫وضع "أدهم" يده على كتفه ثم هتف بنبرة متيمة‬


‫بها‪-:‬‬

‫‪537‬‬
‫_أنا هفضل أدعمك في كل خطوة هتخطيها وأسندك‬
‫وأكبرك في مجال عملك وإنتي كمان هتكبريني في‬
‫مجال عملي‪...‬‬

‫لم تستطيع عينها أن تخفي نظرة الحب الموجودة‬


‫له‪ ،‬ظلت تحدق به أكثر من خمس دقائق فـ ابتسم‬
‫لها وقال بحب‬

‫_ما تبص ليش كتير عشان بتكسف‬

‫‪538‬‬
‫*****‬

‫مر الشهران في سرعة‪ ،‬بين التحضيرات الهامة‬


‫الذي اعتمد عليها "مراد" من أجل زيجة ابنته‪،‬‬
‫جلست بغرفتها تستعد لجوازها‪ ،‬هناك فتاة تجهزها‬
‫و تعمل لها بعض المساحيق الرقيقة على وجهها‪،‬‬
‫كانت حزينة‪ ،‬مر الوقت ولم تفعل أي شيءٍ ‪...‬‬

‫انتبهت بتلك اللحظة لـ سؤال الفتاة لها‪-:‬‬

‫_شكلك متوترة وحزينة مين مزعلك؟! أوعي‬


‫تقولي العريس‬

‫‪539‬‬
‫كادت أن تبكي ولكنها قيدت الدموع‪ ،‬قائل ٍة لها‬
‫باقتضاب‪-:‬‬

‫_ال ما فيش حاجة أنا بس تعبانة شوية يا "نرمين"‬

‫بتلك اللحظة سمعت صوت وصول رسالة لها‪،‬‬


‫انقبض قلبها بشدة‪ ،‬برجاء شديد قالت‪-:‬‬

‫‪540‬‬
‫_ممكن تجبيلي الفون بتاعي عاوزة أشوف الرسالة‬
‫اللي جت‬

‫ردت عليها األخرى برفض‪-:‬‬

‫_ال مش هينفع عاوزين نلحق نخلص العريس‬


‫هيوصل بعد ساعة‬

‫‪541‬‬
‫بتهكم شديد تكلمت "مليكة"‪-:‬‬

‫_بقولك هاتي الموبيل خليني أشوف الرسالة‬

‫تأففت "نرمين" بشدة‪ ،‬كادت أن تعطيها الهاتف‬


‫ولكن أوقفها دخول أمها التي قالت بحد‪-:‬‬

‫_ما فيش مسك تلفونات النهاردة ياال حولي‬


‫تخلصي‪ "،‬إياس" هيعدي يأخدك عشان تتصوروا‬
‫وبعد كدا تروحوا على الفندق‬

‫‪542‬‬
‫هزت رأسها بخوف شديد ثم قالت بتلعثم‪-:‬‬

‫_هو بابا فين!!؟‬

‫ابتسمت "مرڤت" ومن ثم ردت عليها بحب‪-:‬‬

‫_برا وفرحان أوي بيكي ياال بقى ما تشغليش بالك‬

‫‪543‬‬
‫كيف لها أال تشغل بالها‪ ،‬هي من وضعت نفسها في‬
‫كل هذا‪ ،‬ما كان يجب أن تفكر في االنتقام‪ ،‬تنهدت‬
‫بقوة ثم أغمضت عينها حتى تنهي وضع‬
‫المساحيق‪...‬‬

‫ظلت صامت ولكن قلبها يتحدث بكل المشاعر‬


‫الموجودة به‪-:‬‬

‫ال أحد يعلم كم أحبك وكم ينزف قلبي خوفا ً عليك‪،‬‬


‫ال أريد أن أجد قسوتك‪ ،‬أقسم لك بأني تعاقبت‬
‫كثيراً‪ ،‬متمنية أن تسامحني حين تعرف‪...‬‬

‫‪544‬‬
‫انظر فقط في عيناي سـ تجد نفسك بها وال أحد‬
‫سواك‬

‫أعلم بأن رجولتك سـ تجعل غضبك يزداد ولكن‬


‫أرجوك أن تتغلب عليها‪...‬‬

‫فاقت على صوت "نرمين" التي قالت بفرحة‪-:‬‬

‫_خلصتك يا حبيبة قلبي ياال بقى شوفي نفسك‬

‫‪545‬‬
‫ال يهمها إن كانت جميلة أو ال‪ ،‬كل هذا سـ يصبح‬
‫رماد وقت اعترافها لـ "إياس" بكل شيءٍ‬

‫ابتسمت لها بهدوء ثم قالت بشكر‪-:‬‬

‫_تمام شكراً‬

‫‪546‬‬
‫بتلك اللحظة سمعت صوت أقاربها بالخارج‪،‬‬
‫ندائهم باسم "إياس" ارعبها‪ ،‬تجمدت الدماء التي‬
‫تسير بداخل جسدها‪ ،‬بتلك اللحظة دخلت‬
‫ب‪- :‬‬
‫"مرڤت" وقالت بح ٍ‬

‫_عريسك جه يا قلبي‪..‬؟‬

‫ردت عليها بنبرة مذعورة‪-:‬‬

‫_ماما أنا مش عاوزة أخرج برا‬

‫‪547‬‬
‫بفزع‪-:‬‬
‫ٍ‬ ‫انكمش حاجب والدتها ثم ردت عليها‬

‫_مش عاوزة تخرجي ليه يا بنت!!؟‬

‫ال تعلم ما الحجة التي سـ تقولها‪ ،‬قهقهت "نرمين"‬


‫عليها ثم قالت لـ "مرڤت"‪-:‬‬

‫‪548‬‬
‫_دا عادي يعني يا طنط هي بس متوترة زي أي‬
‫عروسة‬

‫ابتسمت" مرڤت" على حالة ابنتها ثم قالت بحنو‪-:‬‬

‫_كلنا بنمر بنفس اللحظة وصدقيني دي بتكون‬


‫أحسن لحظة في حياتك‬

‫برجاء شديد قالت "مليكة"‪-:‬‬

‫‪549‬‬
‫_هو أنا ينفع اتكلم مع " إياس" لوحدنا‬

‫تشعر "مرڤت" بالخوف من تقسيمات وجه ابنتها‪،‬‬


‫نظرت لـ "نرمين" بخجل ثم طلبت منها برجاء‪-:‬‬

‫_معلش يا بنتي ممكن تخرجي برأ شوية‬

‫ابتسمت "نرمين" بهدوء ثم قالت بطاعة‪-:‬‬

‫‪550‬‬
‫_حاضر يا طنط عن اذنكم‬

‫تأكدت "مرڤت" من خروج "نرمين"‪ ،‬أحكمت في‬


‫غلق الباب ثم سألت" مليكة" بخوف‪-:‬‬

‫_مالك يا "مليكة" إيه اللي مخوفك‬

‫‪551‬‬
‫تفكر هل تقول لها الحقيقة‪ ،‬ماذا سـ تكون ردت‬
‫فعلها‪ ،‬ابتسمت لها ثم قالت بكذب‪-:‬‬

‫_زي ما "نرمين" قالت يا ماما متوترة‬

‫هزت رأسها‪ ،‬مصدقة ما تمر به‪ ،‬ابتسمت لها ثم‬


‫قالت‪-:‬‬

‫_طب ياال جهزي نفسك‬

‫‪552‬‬
‫بتلك اللحظة دق "مراد" الباب فـ فتحت له‬
‫"مرڤت"‪ ،‬حدق بـ" مليكة" بحب‪ ،‬لقد دمعت عينه‬
‫من جمالها‪ ،‬اقترب منها ثم قال بحنو شديد‪-:‬‬

‫_اللهم بارك يا حبيبة قلبي قمر‬

‫أشار بسبابته للخارج ثم تابع بمرح‪-:‬‬

‫_الواد اللي برا دا محظوظ بيكي‬

‫‪553‬‬
‫تأبط ذراعيه بذراعها ثم خرج معها للخارج‪ ،‬وقف‬
‫"إياس" شارد في جمالها‪ ،‬اقترب منها حتى‬
‫يأخذها من يد أبيها مستمع لنصائحه‪-:‬‬

‫_خلي بالك منها‬

‫‪554‬‬
‫بدون أن ينظر له قال‪-:‬‬

‫_وللا العظيم في عيني‪!!...‬‬

‫أمسك أناملها ثم وبعد أن تمكن من تشبك يده بيدها‬


‫قال لهم‪-:‬‬

‫_هنتصور وبعد كدا هنروح على الفندق روحوا‬


‫على هناك وإحنا مش هناخد وقت‬

‫‪555‬‬
‫هز "مراد" رأسه ثم سأله بجدية‪-:‬‬

‫_طب مين هيروح معاك أخوك "إياد"‬

‫ارتعدت يدها عند سماعها السمه‪ ،‬مما جعل‬


‫"إياس" ينظر لها بخوف ومن ثم سألها بهلع‪-:‬‬

‫_مالك يا حبيبتي ؟‬

‫‪556‬‬
‫هزت رأسها ثم قالت بخفوت‪-:‬‬

‫_ما فيش!!‬

‫عاد يجيب والدها بهدوء‪-:‬‬

‫_وراء كام حاجة هيعملها وهيجي على الفرح يا‬


‫عمي‬

‫‪557‬‬
‫هز رأسه ثم قال بأمر‪-:‬‬

‫_طب ياال روحوا إنتوا‬

‫بالفعل اتجه نحو السيارة‪ ،‬ساعدها في الصعود ثم‬


‫ركب بجانبها وأمر السائق أن ينطلق‪ ،‬كانت تريد‬
‫أن تقول له كل شيء ولكن وجود السائق معهم‬
‫منعها‪ ،‬رمقته بخوف ثم قالت بتوتر‪-:‬‬

‫_أنا عاوزة أقولك حاجة قبل كتب الكتاب‬

‫‪558‬‬
‫استغرب طلبها‪ ،‬هل مازالت تريد إلغاء الزواج‪،‬‬
‫ال يتوقع هذا الشيء‪ ،‬أومأ برأسه ثم هتف بجدية‪-:‬‬

‫_قولي دلوقتي!‬

‫تلعثمت في الحديث‪-:‬‬

‫_لما ننزل من العربية‬

‫‪559‬‬
‫هز رأسه‪ ،‬طال الصمت بينهم إال أن وصلوا إلى‬
‫المكان الذي سـ يلتقط لهم به بعض الصور‪ ،‬نزل‬
‫من السيارة وساعدها في النزول‪ ،‬بدأت جلسة‬
‫التصوير‪ ،‬همست في أذنه وقالت‪-:‬‬

‫_ممكن نوقف التصوير شوية ونتكلم‬

‫رد عليها برجاء‪-:‬‬

‫‪560‬‬
‫_"مليكة" عشان خاطري شوية تركيز نخلص‬
‫وبعدين نتكلم ألن المأذون هيوصل وإحنا لسه‬
‫مخلصناش‬

‫صمتت بضيق‪ ،‬بعد مرور ساعة انهوا من التقاط‬


‫الصور‪ ،‬أمسك يدها وقال بهدوء‪-:‬‬

‫_قولي يا حبيبتي‬

‫كادت أن تتكلم ولكن قاطعها السائق بجدية‪-:‬‬

‫‪561‬‬
‫_أستاذ "مراد" اتصل وبيقول المأذون وصل‬

‫ابتسم "إياس" ثم مسك يدها وقال بأمر‪-:‬‬

‫_ياال وبعدين نتكلم‬

‫*****‬

‫‪562‬‬
‫بعد معرفته بـ عودة "خالد" اتجه له حتى يحذره‬
‫حتى ال يكشف الحقائق المخفية‪ ،‬وأن يبتعد عن‬
‫"مليكة"‪ ،‬دخل المكان الذي أعتاد على رؤيتهم فيه‬
‫ثم صرخ بهم بجموح‪-:‬‬

‫_إنتوا تصوروني معها ها؟!‬

‫ابتسم له" خالد" ثم قال باستفزاز‪-:‬‬

‫‪563‬‬
‫_كدا تبقى ندل وما تقولش ألخوك إنه بيتجوز‬
‫بواقيك‬

‫انفعل من حديثه فـ رد عليه بلكمة شديدة على‬


‫وجهه وقال بغضب‪-:‬‬

‫_هي أشرف مني ومنك أنا قولتلك إني حبتها وأبعد‬


‫عنها بس مكنتش أعرف إنك بتراقبنا ليه تعمل كدا‬

‫ببرود شديد رد عليه‪-:‬‬

‫‪564‬‬
‫_عشان أنا مزاجي أعمل كدا وعشان أخلي أبوها‬
‫يتهد‬

‫سأله بهدوء‪-:‬‬

‫_طب ليه ما عملتش كدا من سنتين وروحت وريته‬


‫الصور‬

‫‪565‬‬
‫قهقه "خالد" بقوة ثم رد عليه بذكاء‪-:‬‬

‫_عشان كنت عاوزه ما يالقيش حل للمشكلة هو من‬


‫سنتين كان هيجوزكم بالعافية وخلص الموضوع‬
‫سبت الموضوع يستوي‬

‫أمسكه "إياد" بقوة من رقبته مما جعل "عمر"‬


‫يتدخل بغضب ويقول بصراخ‪-:‬‬

‫_سيبه يا عم هو عمل إيه لكل دا وبعدين البت‬


‫هتتكشف دلوقتي وال بعدين‬

‫‪566‬‬
‫بتحذير شديد قال‪-:‬‬

‫_الصور اللي معاكم ما تتبعتش والموضوع ينتهي‬


‫معاكم وإال هطلع لكم القديم والجديد‬

‫ابتسم "خالد" ثم قال بصوت مخنوق من قبضت‬


‫"إياد"‪-:‬‬

‫_أنا بعتهم خالص وزمان أخوك سايبها في وسط‬


‫فرحها‬

‫‪567‬‬
‫كور" إياد" يده بقوة ثم لكمه مره أخرى وقال‬
‫بغضب‪-:‬‬

‫_عارف إنت عملت إيه؟ إنت خسرتني أخويا‬


‫وخسرته حبيبته‬

‫هز رأسه ثم قال بتوعد‪-:‬‬

‫‪568‬‬
‫_أنا هنهيكم يا "خالد" إنت وهو وهتشوفوا هعمل‬
‫إيه؟!‬

‫تكلم "خالد" بانفعال‪-:‬‬

‫_إنت وبتحب أي بنت تبص لك وأنا اتحديتك وإنت‬


‫قبلت ما حدش قالك أعمل اللي إنت عملته أنا بقى‬
‫اللي فاهم دماغك عشان كدا عملت كدا ومافيش‬
‫غيرك اللي غلطان في الموضوع‬

‫‪569‬‬
‫نعم هو الوحيد المذنب‪ ،‬بتلك اللحظة قال بحزن‪-:‬‬

‫_فعالً ما فيش غيري إلنك قدرت تضحك على‬


‫عقلي المريض‬

‫تنهد بقوة قبل أن يقول بتشفي‪-:‬‬

‫_أنا برضه معايا اللي يزلك يا "خالد"‬

‫حول أنظاره لـ "عمر" ومن ثم تابع‪-:‬‬

‫‪570‬‬
‫يا "عمر" صاحبك دا بيخونك مع مراتك‬

‫ذهل "عمر" من حديثه فـ قال بعدم تصديق‪-:‬‬

‫_إنت أكيد بتهزر "خالد" عمره ما يعمل كدا‬

‫رد عليه ببرود‪-:‬‬

‫‪571‬‬
‫_أنا بعد ما عرفت إن "خالد" صورني بعت اللي‬
‫يصوره وهو في بيتك ال ومش بس كدا واللي‬
‫صوره أخد الصور وهو في أوضة نومك‬

‫أخرج من جيبه هاتفه ثم شغل مقطع الفيديو‬


‫المتواجد في "خالد" مع زوجة اآلخر وبينهم القبالت‬
‫الساخنة‬

‫حاول "خالد" أن يبرر موقفه ولكن وقبل أن يقول‬


‫شيء‪ ،‬أمسك "عمر" بالسكين وقال بانفعال‪-:‬‬

‫‪572‬‬
‫_طول عمري بأمن على نفسي معاك إنت تعمل فيا‬
‫كدا‬

‫استغل "إياد" شجارهم وأشعل مسجل الفيديو ليثبت‬


‫الجريمة التي سـ تحدث‪...‬‬

‫رد "خالد" على "عمر" بخوف‪-:‬‬

‫‪573‬‬
‫_دا بيكدب عليك وبيعمل كدا عشان نبعد عن بعض‬

‫بأعين مليئة بالشرار صرخ به "عمر"‪-:‬‬

‫_اللي بنا خلص يا خاين‬

‫أمسك به ثم غرز بالسكين في بطنه وظل يطعنه‬


‫بالكثير من الطعنات‪ ،‬بتلك اللحظة تركه" إياد"‬
‫ورحل‪ ،‬صعد سيارته ثم اتصل بـ الشرطة من رقم‬
‫غير رقمه وعرفهم بجريمة القتل التي حدثت‪ ،‬ثم‬

‫‪574‬‬
‫رفع على مواقع التواصل االجتماعي مقطع‬
‫الفيديو‪...‬‬

‫شعر بالراحة ألنه أخذ حقه وحق "مليكة"‪ ،‬يجب‬


‫أن يسرع ويرى ما يحدث مع أخيه‪ ،‬متمني أن‬
‫ينشغل" إياس" بالفرح ويترك هاتفه وال يرى أي‬
‫رسالة تصل له‬

‫*****‬

‫‪575‬‬
‫تم عقد القرآن وسط فرحة من الجميع‪ ،‬سلم "حاتم"‬
‫على "مراد" وقال بفرحة‪-:‬‬

‫_مبروك لينا يا "مراد" مش ليهم وبس‬

‫ضحك "مراد" بقوة ثم قال بحب‪-:‬‬

‫_للا يبارك فيك يارب‬

‫‪576‬‬
‫حدق "إياس" بـ زوجته وحبيبته وقال بفرحة‪-:‬‬

‫_أخيراً بقيتي ليا خالص‪!..‬‬

‫ابتسمت له بتوتر ثم قالت برعب‪-:‬‬

‫_آه‬

‫‪577‬‬
‫ردت فعلها تجعله يندهش‪ ،‬بتلك اللحظة تقدمت‬
‫منهم "سلوى" قائل ٍة بضيق‪-:‬‬

‫_أخوك مجاش لحد دلوقتي يا "إياس"‬

‫هز رأسه بهدوء ثم قال بجدية‪-:‬‬

‫_هتصل بيه يا ماما‬

‫‪578‬‬
‫ثم حدق بزوجته وقال لها باستئذان‪-:‬‬

‫_حبيبتي أنا هخرج أكلم "إياد"‬

‫هزت رأسها ثم قالت بهدوء‪-:‬‬

‫_تمام يا "إياس"‪!!!...‬‬

‫‪579‬‬
‫خرج للخارج بينمها هي فـ جلست تنتظره‪ ،‬بتلك‬
‫اللحظة تقدمت منها " حور" وعلى وجهها بسمة‬
‫صغيرة‪ ،‬قائل ٍة لها بمزح‪-:‬‬

‫_أوعي تقولي إن "إياس" زهق منك وسابك‬

‫ابتسمت لها "مليكة" بينما "سلوى فـ حدقت بابنتها‬


‫بحد وقالت لها بصرامة‪-:‬‬

‫_يزهق من مين دي قمر‬

‫‪580‬‬
‫ثم حدقت بـ " أكرم" الذي كان يقف بجانبها قائل ٍة له‬
‫بجدية‪-:‬‬

‫_خلي خطبتك تسكت‬

‫رمقها "أكرم" بضيق مصطنع وقال لها‪-:‬‬

‫_اسكتي وبعدين بيقولوا لما تقرصي العروسة في‬


‫ركبتها بتحصليها في جمعتها‬

‫اقرصيها‬

‫‪581‬‬
‫ضحكت "سلوى" عليه بينما "مليكة" فـ قالت بحب‪-:‬‬

‫_شد حلك وياال بقى‬

‫بتلك اللحظة تقدم "أدهم"‪ ،‬حدق بـ" سلوى" بحب ثم‬


‫حضنتها ‪-:‬‬

‫_مبروك يا طنط "سلوى"‬

‫‪582‬‬
‫_للا يبارك فيك يا حبيبي‪!!!...‬‬

‫استغربت من عدم وجود "خلود" معه فـ سألته‬


‫بهدوء‪-:‬‬

‫_"خلود" مجتش ليه‬

‫تنهد بحزن ثم قال‪-:‬‬

‫‪583‬‬
‫_وللا زعالنة على "يحيى" لسه حتى فرحنا هتعمله‬
‫كتب كتاب صغير على قد العيلة بس‬

‫هزت رأسها بحزن على حال "خلود" ثم قالت‬


‫بضيق‪-:‬‬

‫_معلش إن شاء للا هتكون كويسة‬

‫حدق بـ "مليكة" وقال بفرحة‪-:‬‬

‫_مبروك يا عروسة‬

‫‪584‬‬
‫ردت عليه "مليكة" بهدوء‪-:‬‬

‫_للا يبارك فيك وعقبالك إنت و "خلود"‬

‫بتلك اللحظة تقدم "إياس" منهم وقسمات وجهه ال‬


‫تدل على الخير‪ ،‬الغضب فقط حليفه‪ ،‬استغربت‬
‫"سلوى" تقلب مالمحه‪ ،‬سألته بخوف‪-:‬‬

‫‪585‬‬
‫_مالك يا حبيبي وشك ماله‬

‫بغضب مكتوم رد على أمه‪-:‬‬

‫_ما فيش يا ماما‬

‫ثم مد يده وقال لـ "مليكة" بأمر‪-:‬‬

‫_تعالي!!‬

‫‪586‬‬
‫شعرت بالفزع الشديد من حديثه‪ ،‬قامت معه‪ ،‬بتلك‬
‫اللحظة قالت أمه بخوف‪-:‬‬

‫_يا "إياس" مالك بس ورايح بمراتك فين!!؟‬

‫رد عليه ببسمة صغيرة‪-:‬‬

‫_معلش يا ماما عاوز أخد رأيها في حاجة‬

‫‪587‬‬
‫يحاول أن يخفي غضبه حتى ال يشك به أحد‪ ،‬أمرها‬
‫بهدوء بـ‪-:‬‬

‫_اهتمي بالضيوف إنتي وبابا بس‬

‫هزت رأسها وسألته مرة أخرى عن "إياد"‪-:‬‬

‫_طب إنت كلمت أخوك‬

‫‪588‬‬
‫تغيرت مالمحه سريعا ً فور سمعه السم أخيه‪ ،‬رد‬
‫عليها بضيق‪-:‬‬

‫_جاي‬

‫ثم سحب زوجته خلفه‪ ،‬تحدثت بخوف‪-:‬‬

‫_في إيه يا "إياس" مالك؟!‬

‫‪589‬‬
‫رمقها بحد ثم قال بغضب هامس‪-:‬‬

‫_صوتك مش عاوز اسمعه فاهمة‪..‬؟‬

‫هزت رأسها ثم سارت معه تحت نظرات الجميع‪،‬‬


‫صعد إلى غرفتهم في الفندق والذي حجزها حتى‬
‫يقضي ليلتهم األولى بها‪ ،‬دخل الغرفة ثم أغلق‬
‫الباب‪ ،‬حدقت به ثم سألته بتوتر‪-:‬‬

‫_في إيه؟!‬

‫‪590‬‬
‫صفعها بشدة على وجهها‪ ،‬ثم صرخ بها بانفعال‪-:‬‬

‫_أنا تضحكي عليا!!! كان ألزم أعرف طريقتك‬


‫إنت و "إياد" ونظرات الكره اللي في عينك له‬

‫فتح هاتفه وألقه لها حتى تقرأ الرسائل التي وصلت‬


‫له‪ ،‬وترأ الصور الخاصة بها هي وأخيه‪ ،‬تراجعت‬
‫للخلف بخوف ثم قالت ببكاء‪-:‬‬

‫‪591‬‬
‫_وللا العظيم أنا كنت بحاول أقولك من يوم ما‬
‫جيت تخطبني‬

‫أمسكها من مرفقيها ثم قال بحد‪-:‬‬

‫_حكاية صاحبتك كانت حكايتك إنتي‬

‫هزت رأسها ثم قالت بحزن‪-:‬‬

‫‪592‬‬
‫_أيوا‪!!!...‬‬

‫جذ على أنيابه ثم قال بانفعال‪-:‬‬

‫_أنا غبي كان ألزم أتوقع وطبعا أهلك ضحية ليكي‬


‫إنتي والبيه التاني‬

‫هزت رأسها بألم ثم قالت بصراخ‪-:‬‬

‫‪593‬‬
‫_أيوا‪ .‬أنا عارفة إني غلطانة بس كنت ضحية‬
‫ألخوك وأفعاله‬

‫أمسكها من كتفها وتكلم بغضب‪-:‬‬

‫_وفين عقلك وتربية أهلك ليكي قوليلي إيه اللي‬


‫حصل لما كنتوا متصاحبين‬

‫سردت له ما حدث من بين شهقاتها الشديد‪ ،‬وبعد أن‬


‫انتهت قال‪-:‬‬

‫‪594‬‬
‫_أنا مش هطلقك عشان أبوكي وأمك وعشان‬
‫هصلح غلطت أخويا بس أنا هوريكي اللي عمرك‬
‫ما شوفتيه‬

‫بكت بحرقة على كالمه تلك هي اللحظة التي انهت‬


‫كل ما حدث‪ ،‬كان يجب أن تتعاقب وهذا ما فعله‬
‫"إياس"‬

‫أمرها بصرامة‪-:‬‬

‫‪595‬‬
‫_اعدلي لبسك خلينا ننزل‬

‫بالفعل عدلت مالبسها ومسحت دموعها ثم نزلت‬


‫معه‪ ،‬وقبل أن يدخلوا القاعة الخاصة بفرحهم‪،‬‬
‫أوقفهم "أياد" بـ‪-:‬‬

‫_"إياس" أنا عاوز اتكلم معاك‬

‫‪596‬‬
‫رمقه "إياس" بانفعال ثم صرخ به بحد‪-:‬‬

‫_عرفت اللي إنت جاي تقوله ومن النهاردة أنا‬


‫أخويا مات فاهم وال الء‪...‬‬

‫صعق من كالمه‪ ،‬ال يستطيع أبداً أن يبعد عن أخيه‪،‬‬


‫تكلم برجاء‪-:‬‬

‫_هي كانت في الماضي باهلل عليكي متاخدنش بذنب‬


‫أعمالي القديمة‬

‫‪597‬‬
‫_كان ألزم تيجي وتقول لي من قبل ما أقع في حبها‬
‫بس إنت خوفت تنزل من نظري وأديك نزلت‬
‫لدرجة إني اعتبرتك موت‬

‫قالها وتركه‪ ،‬ليشعر "إياد" باالختناق‪ ،‬جلس مع‬


‫العائلة حتى انتهى حفلة الزواج ثم رحل‬

‫‪598‬‬
‫*****‬

‫عاد إلى المنزل هو وزوجته‪ ،‬البيت بدون ابنته‬


‫ممل‪ ،‬ابتسم بضيق ثم وجه حديثه لـ "مرڤت"‪-:‬‬

‫_البيت وحشة أوي من غيرها‬

‫ابتسمت" مرڤت " عليه ثم قالت بمزح‪-:‬‬

‫‪599‬‬
‫_كنت عاوزها تتجوز ولما اتجوزت زعالن‬
‫حيرتني‬

‫تنهد بشدة ثم أمسك هاتفه حتى يضيع الضيق الذي‬


‫يشعر به‪ ،‬وجد بعض الرسائل الواردة له‪ ،‬دخل‬
‫وفتحهم فـ وجد ما ال يتوقعه أبداً‪ ،‬ابنته مع شقيق‬
‫زوجها‪ ،‬قرأ الرسالة والصدمة ترتسم على وجهه‪-:‬‬

‫‪600‬‬
‫_بنتك العزيزة كانت بتحب "إياد الصياد" وجوزها‬
‫اللي هتتجوزه مش عارف الحق امنع الجوازة قبل‬
‫ما منظرك قدامه يبقى وحش‪....‬‬

‫قفل هاتفه‪ ،‬وابتلع ما في حلقه بتوتر‪ ،‬صرخ‬


‫بزوجته بشدة‪-:‬‬

‫_اتصلي بـ "إياس" بسرعة خلصي‬

‫‪601‬‬
‫فزعت من طريقته هذه‪ ،‬كادت أن تتصل ولكنه‬
‫وقع على األرض مغشي عليها‪ ،‬صرخت باسمه‬
‫بفزع‪-:‬‬

‫_"مــــــــــــــــــــرااااااااد"‬

‫تشنج جسده بشدة‪ ،‬الدماء ال تصل لرأسه‪ ،‬قامت‬


‫من مكانها واتجهت نحو الهاتف حتى تتصل‬
‫لغز كبير وراء حالته يتعلق بابنتها‬
‫باإلسعاف‪ ،‬هناك ٍ‬

‫‪602‬‬
‫وزوجها‪ ،‬ال تستطيع أن تنتظر سيارة االسعاف‪،‬‬
‫خرجت للخارج تبحث عن أحد يساعدها في حمله‪،‬‬
‫وقفت بالطريق كالمجنونة‪ ،‬أوقفت أول واحد مر‬
‫أمامها‪ ،‬قالت له ببكاء‪-:‬‬

‫_ جوزي تعبان بعد إذنك تساعدني أشيله واحطه‬


‫في العربية‬

‫‪603‬‬
‫أومأ الرجل برأسه ثم دخل معها وبالفعل ساعدها‬
‫ونقله معها للسيارة‪ ،‬ركبت سيارتها ثم أسرعت إلى‬
‫أقرب مستشفى‪....‬‬

‫بعد مرور نصف ساعة أوقفت سيارتها أمام‬


‫المشفى‪ ،‬نزلت من السيارة ثم صرخت بالموظفين‬
‫حتى يأخذوا من السيارة‪-:‬‬

‫_جوزي تعبان وهو في العربية حد ينزلوا‬


‫ويساعدنا عشان الدكتور يكشف عليه‬

‫‪604‬‬
‫اتجه معها رجالن وبالفعل حملوا‪ ،‬دخل لالستقبال‪،‬‬
‫فحص من قبل الطبيب ثم خرج وقال لها بأسف‪-:‬‬

‫_المريض بين الحياة والموت هي جلطة حاليا هو‬


‫محاوط من بين األجهزة بضعف كبير بينده اسم بـ‬
‫"إياس"‬

‫‪605‬‬
‫أمسكت هاتفها واتصلت بزوج "مليكة" الذي رد‬
‫عليها على الفور‪ ،‬بفتور شديد قالت‪-:‬‬

‫_الو إيه يا "إياس" تعالى لي في مستشفى(‪)....‬‬


‫عمك وقع مني وجاله جلطة‬

‫قفلت معه ووقفت بالخارج‪ ،‬حزينة على رفيق‬


‫عمرها‪ ،‬وحبيب صغرها‪ ،‬ومشوارها كله‪ ،‬طريق‬
‫االحالم‪ ،‬والزوج التي شعرت معه بسند األب‪،‬‬

‫‪606‬‬
‫وحنان األم‪ ،‬وأمان الزوج‪ ،‬وحب العشيق المتيم‪،‬‬
‫ووفاء الصديق‬

‫ال أحد يشعر بالتي تحمله بداخل قلبها‪ ،‬روحها‬


‫تتقطع‪ ،‬أنفاسه إذا توقفت سـ تتوقف أنفاسها أيضا ً‬

‫بعد مرور نصف ساعة جاء إليها "إياس" ومعه‬


‫"مليكة" التي قالت ببكاء‪-:‬‬

‫_بابا ماله يا ماما؟!‬

‫‪607‬‬
‫شبكت يدها في بعضهم ثم ردت عليها بانهيار‪-:‬‬

‫_كنا فرحانين بجوازك وكان زعالن إنك مش معانا‬


‫وخالص اتجوزتي لدرجة إنه كان بيقول هتصل بـ‬
‫"إياس" ويرجعها‬

‫وفجأة فتح الموبيل وبعدها صرخ باسم جوزك ووقع‬


‫على األرض‬

‫‪608‬‬
‫نظر "إياس" لزوجته بعتاب‪ ،‬كل هذا بسببها‪،‬‬
‫ابتعدت "مليكة" وهي تبكي بشدة‪ ،‬بتلك اللحظة‬
‫حضن "إياس" "مرڤت" وقال لها بحنو‪-:‬‬

‫_إن شاء للا يا ماما هيكون كويس‬

‫_يارب يا بني‬

‫‪609‬‬
‫بتلك اللحظة خرج الطبيب قائالً برجاء‪-:‬‬

‫_يا جماعة المريض وبرغم إنه بيتنفس أخر أنفاسه‬


‫طالب يشوف "إياس"‬

‫حدق به "إياس" ثم قال بلهفة‪-:‬‬

‫_أنا أهو‬

‫‪610‬‬
‫بتلك اللحظة اتجهت "مليكة" له وقالت بإصرار‪-:‬‬

‫_وأنا كمان عاوزة أدخل‬

‫مسك "إياس" ذراعها قبل أن يرد عليها الطبيب‪،‬‬


‫أخذها بعيد ثم قال بانفعال‪-:‬‬

‫_إنتي السبب في حالته أكيد اللي بعت لي الرسالة‬


‫بعت له فـ ابعدي عن أهلك بقى‬

‫‪611‬‬
‫تركها بعد كالمه لها وذهب للداخل مع الطبيب‪،‬‬
‫وقف أمام "مراد" الذي يتحدث بصعوبة‪ ،‬نظر له‬
‫"إياس" بحزن ثم قال بقلق‪-:‬‬

‫_الف سالمة عليك يا عمو ما تتكلمش كتير‬

‫تقوس فمه من التعب‪ ،‬حاول بكل جهد أن يقول ما‬


‫يريد‪-:‬‬

‫‪612‬‬
‫_أنا وللا ماكنت عارف باللي عملته بنتي أخوك‬
‫كان السبب وهي كمان بس حاول تسامحها‪...‬‬

‫برغم وجوده على فراش الموت إال أنه يفكر بها‪،‬‬


‫هز "إياس" رأسه ثم قال بضيق‪-:‬‬

‫_مابقاش ينفع المسامحة وال ليها وال ألخويا‬

‫‪613‬‬
‫نظر له "مراد" ثم رد عليه بوجع‪-:‬‬

‫_أنا اتخدعت في بنتي بس مش هقدر أموت إال وأنا‬


‫بأمن حد عليها أوعى تسبها يا ابني‬

‫تنهد "إياس" بتعب ثم قال بحزن‪-:‬‬

‫_المشكلة إن دي الحاجة الوحيدة اللي مش قادر‬


‫أعملها أنا بحبها يا عمي بجد ومش قادر أسبها‪...‬‬

‫‪614‬‬
‫شعر "مراد" بالراحة فـ قال له‪-:‬‬

‫_أوعى تذلها بأخطائها وحاول تنسى‪ ...‬أوهمها إن‬


‫أبوها مش راضي عنها بس صدقني أنا مش هقدر‬
‫أموت إال وأنا راضي عنها هخاف ربنا يعاقبها أكتر‬
‫من العقاب اللي هي عاقبته لنفسها‬

‫هز "إياس" رأسه ثم قال ببكاء‪-:‬‬

‫‪615‬‬
‫_إن شاء للا هتقوم لنا بالسالمة وهتقول لها كل دا‬

‫لم يستطيع أن يتكلم أكثر من ذلك‪ ،‬لهث أنفاسه‬


‫األخير ثم انتقل إلى رحمة ربه‬

‫خرج "إياس" للخارج ومالمحه حزينة‪ ،‬اقتربت‬


‫منه "مرڤت" وسألته بهلع‪-:‬‬

‫_عمك كويس‬

‫‪616‬‬
‫_البقية في حياتك‬

‫صرخت بقوة‪ ،‬بينما "مليكة" فـ ظلت مصدومة ثم‬


‫أسرعت للخارج‪ ،‬شعر "إياس" بالقلق عليها فـ‬
‫أسرع خلفها فـ وجدها تبكي بمفردها وتقول‬
‫بوجع‪-:‬‬

‫_أنا السبب‬

‫‪617‬‬
‫اتجه نحوها ثم أمسك يدها وقال باقتضاب‪-:‬‬

‫_تعالي جوه عشان طنط وياريت متعرفهاش إنك‬


‫السبب‬

‫مسحت دموعها ثم اتجهت معه إلى مكان أمها‪،‬‬


‫تيقنت اليوم أن بعد أبيها عنها كان أفضل من الفراق‬
‫والموت‬

‫‪618‬‬
‫*****‬

‫تعلقت الزينة بمنزله‪ ،‬تجمعت العائلة حول المأذون‪،‬‬


‫بمنزل السيدة "نيلي"‪ ،‬وأخيراً قالها‪-:‬‬

‫_بارك للا لكم وبارك عليكم‬

‫كانت تلك هي زيجة "أدهم" على "خلود" التي‬


‫فضلت أن يكون حفل الزواج صغير فـ مازالت‬
‫تشعر بالحزن على صغيرها‪ ،‬وعقد أيضا ً قرآن‬
‫"أكرم" على "حور" التي فضلت أن يكون الحفل‬

‫‪619‬‬
‫ُ‬
‫حيث وبعد‬ ‫ً‬
‫حزن على فراق أهل "مليكة"‬ ‫صغير‬
‫موت أبيها ماتت أمها‪ ،‬لوال سفر "أكرم" لكانت‬
‫انتظرت عدة أشهر فـ حزن زوجة أخيها مازال‬
‫ُ‬
‫حيث أن زوجته‬ ‫بقلبها‪ ،‬لم يأتي غير "إياس"‬
‫اعتذرت وهي تقبلت العذر‬

‫ب ثم قال بعشق‪-:‬‬
‫أمسك "أكرم" يدها بح ٍ‬

‫_وأخيراً أتجوزنا يا "حور" يا طفلتي‬

‫‪620‬‬
‫رفعت سبابتها بغضب ثم همست له بحد وقالت‪-:‬‬

‫_بس ما تقولش طفلة عشان مزعلكش‬

‫ابتسم لها ثم قبل رأسها وقال‪-:‬‬

‫_ربنا يخليكي ليا يا حبيبتي‬

‫‪621‬‬
‫أمسك يدها وركض بها حتى يصعد لغرفتهم قائالً‬
‫للجميع‪-:‬‬

‫_آسف يا جماعة بس أنا عاوز مراتي في كلمتين‬

‫ابتسم الجميع عليه وعلى طفلته‪ ،‬ضحكت "نيلي"‬


‫بشدة وقالت‪-:‬‬

‫_هما االتنين هيفضلوا أطفال‬

‫‪622‬‬
‫ثم غمزت لـ "أدهم" وسألته بخبث‪-:‬‬

‫_وإنت هتسهر معانا وال قاعد مع "خلود"‬

‫لم ينتبه لها قط‪ ،‬فقط ينظر لعين حبيبته بشدة‪ ،‬ولم‬
‫يخرج أي كلمة من فمه‪ ،‬هي أيضا ً‬

‫ترمقه بنظرات عاشقة لم تشعر بها في زيجتها‬


‫األولى‪ ،‬تشعر بأن هناك حديث بلغة العين الصادقة‬

‫‪623‬‬
‫أخيراً يا روح الفؤاد أصبحتي بين يدي‪....‬يا وردتي‬
‫الجميلة ويا رائحة الفل التي تجمل حياتي‪...‬مرحبا ً‬
‫بك يا سيدتي في حياتي المتواضعة‬
‫ِ‬

‫لقد فهمت ما يلقيه عليها بعيونه‪ ،‬شعرت بالخجل‬


‫الشديد‪ ،‬بتلك اللحظة انتبهت لصوت أمه التي قالت‬
‫بعلو‪-:‬‬

‫_يا عشاق روحوا أعشقوا بعض في أوضتكم‬

‫‪624‬‬
‫أحمرت وجنتيها من الغضب‪ ،‬أغمضت عينها بشدة‬
‫بينما هو فـ قال بعد أن أمسك يدها‪-:‬‬

‫_طب يا جماعة أنا هروح أوضتنا‬

‫بعد صعودهم جلست العائلة معا ً ولكن "إياد" فـ‬


‫شعر بالضيق‪ ،‬ابتسم لهم ثم قال باستئذان‪-:‬‬

‫_أنا همشي يا جماعة‪!!!..‬‬

‫‪625‬‬
‫شعر به "إياس" كان يريد أن يتركه وال يقوم وراء‬
‫ولكن لم يعتاد على تجاهل الصرخات الحزينة التي‬
‫تخرج من قلب أخيه‪..‬‬

‫خرج خلفه فـ وجده يبكي بالحديقة‪ ،‬اتجه نحوه ثم‬


‫قال بقسوة‪-:‬‬

‫_إنت اللي عملت في نفسك كدا؟! ليه بقى زعالن‬

‫‪626‬‬
‫حضنه بشدة ثم قال ببكاء‪-:‬‬

‫_أنا محتاج لك يا "إياس" أوي‬

‫كاد أن يبعد عنه ولكن شهقاته جعلت قلبه يحن‪،‬‬


‫ملس على ظهره وقال‪-:‬‬

‫_إنت زعالن إن "خلود" مبسوطة‬

‫هز رأسه بال ثم قال بندم‪-:‬‬

‫‪627‬‬
‫_أنا وللا فرحان ليها بس كان نفسي تسامحني‬
‫وتحاول تقبلني تاني بس هي رفضت مكنتش عاوز‬
‫أحضر بس لوال فرح "حور" أنا كان نفسي أعملها‬
‫زيه عشان تفتكري حاجة حلوة أنا بقيت وحيد يا‬
‫"إياس"‪...‬‬

‫تنهد "إياس" بضيق ثم قال بجدية‪-:‬‬

‫_إنت بقيت وحيد من أفعالك دمرت حياة إنسانة‬


‫حبتك وكان ممكن تعيش أحلى أيام معها أهلها‬
‫ماتوا بسببك إنت وهي كنت ألزم تيجي وتقولي‬
‫على عالقتكم أنا دلوقتي مش متقبلها برغم حبي‬

‫‪628‬‬
‫ليها‪ ،‬بقيت وحيد عشان لما ربنا عوضك بمراتك‬
‫أهملتها‬

‫كاد "إياس" أن يتركه ولكنه صرخ به بقوة‪-:‬‬

‫_أنا محتاج لك أقف جنبي وسامحني‬

‫وضع "إياس" يده على كتفه ثم قال بحنان‪-:‬‬

‫‪629‬‬
‫_مسامحك بغض النظر عن أخطائك‬

‫*****‬

‫بعد مرور عدة أشهر‪ ،‬مازال يعاقبها "إياس وال‬


‫يتحدث معها‪ ،‬يساعدها في أشياء كثيرة ولكن ال‬
‫يتعامل معها كزوجة أو حبيبة‪ ،‬برغم موت أمها‬
‫التي حزنت على موت أبيها لم يرق قلبه لها‪،‬‬

‫‪630‬‬
‫قسوته توجع قلبها‪ ،‬دخل المنزل وجدها جالسة‬
‫شاردة فـ سألها بهدوء‪-:‬‬

‫_مالك‪...‬؟‬

‫نظرت له ثم أجابته بتنهيد‪-:‬‬

‫_أقوم أجهز لك األكل‬

‫‪631‬‬
‫هز رأسه برفض ثم رد عليها بهدوء‪-:‬‬

‫_إنتي عارفة إني من ساعة جوزنا وأنا مش بأكل‬


‫في البيت وبعدين معزمين عند ماما‬

‫بضيق شديد قالت‪-:‬‬

‫_أنا حاسة إنك عمرك ما هتصفى ليا مع إني‬


‫اتعاقبت بزيادة‬

‫‪632‬‬
‫تأفف بشدة ثم رد عليها بغضب‪-:‬‬

‫_أيوا يعني إنتي عاوزة إيه‪..‬؟‬

‫بعدت أنظارها عنه ثم قالت برجاء‪-:‬‬

‫_طلقني أنا حاسة إنك مش مبسوط معايا أهلك‬


‫مستنين والدك ودا حقهم‬

‫‪633‬‬
‫ابتسم لها باستفزاز ثم رد على حديثها ببرود‪-:‬‬

‫_ال مش هطلقك يا" مليكة" سبيني بقى عشان أجهز‬


‫نفسي‬

‫صرخت به بشدة‪-:‬‬

‫‪634‬‬
‫_أنا مش هعيش مع حد مش طايقني أختك اتجوزت‬
‫من تالت شهور وماشاء للا حامل و "خلود"‬
‫اتجوزت وسافرت مع جوزها وكلها شهر وتفرحنا‬
‫بحملها حتى "إياد" صالحته وكلمته‬

‫أمسكها من يدها بقوة ثم قال بانفعال‪-:‬‬

‫_وإنتي بصة ليهم ليه وبعدين أنا مش هقدر أبعد‬


‫عن "إياد"‬

‫‪635‬‬
‫ببكاء شديد قالت‪-:‬‬

‫_أنا مش بصة ليهم وللا بالعكس أنا مبسوطة ليهم‬


‫بس أنا مش عاوزة غير إنك تأكل معايا على األقل‬
‫كفاية خصام بقى‬

‫رد عليها بغضب‪-:‬‬

‫_أنا مش مخاصمك يا "مليكة"‬

‫‪636‬‬
‫_أنا عارفة إني كنت غلطانة بس افتكر إني كنت‬
‫ضحية ألخوك‬

‫قالت كلمتها فـ أقترب منها بقوة ثم رد على كالمها‬


‫بضيق‪-:‬‬

‫_أنا مش بحب اتكلم في الموضوع دا وبعدين إنتي‬


‫مش ضحية لغير نفسك كان فين عقلك يا مدام وإنتي‬

‫‪637‬‬
‫بتطلعي معاه الشقة اللي يا عيني ضحك عليكي‬
‫وأوهمك إنها شقة الزوجية‬

‫مسحت دموعها ثم قالت بضيق‪-:‬‬

‫_طب طلقني‪!!...‬‬

‫تابع في اكمال كالمه ولم يلتفت قط لطلبها‪-:‬‬

‫‪638‬‬
‫_يا هانم ما فيش راجل وست لوحدهم إال والشيطان‬
‫ثالثهم‪ ...‬أنا كلمت أخويا مش عشان هو أخويا ال‬
‫عشان أوري لك إن مجتمعنا هيعاقب الست ومش‬
‫هيقول ضحية راجل بالعكس هو ماحدش هيتكلم‬
‫عليه‬

‫كالمه دخل لقلبها بقوة‪ ،‬لدرجة أنها شعرت بأن‬


‫دقات قلبها توقفت‪ ،‬من بين شهقاتها تكلمت‪-:‬‬

‫‪639‬‬
‫_أنا عارفة إني غلطانة بس أنا حبيتك من قلبي‬
‫موت أهلي كان عقاب ليا وعايشة بتأنيب الضمير‬
‫بقالي خمس شهور متجوزاك وبرغم وقوفك جنبي‬
‫في كل اللي بحتاجه إال إن جفافك ليا وجعني‬

‫أوجعه وجعها ولكن ال يستطيع أن يسامحها‪ ،‬كذبها‬


‫عليه وعلى أهلها ال يغفر لها‪ ،‬حاول أال يرق قلبه فـ‬
‫قال بأمر‪-:‬‬

‫‪640‬‬
‫_خالص روحي البسي وأما نرجع من عند ماما‬
‫نتكلم‬

‫كالمجنونة تكلمت‪-:‬‬

‫_إنت مش هطلقني‪!!...‬‬

‫هز رأسه بالرفض ثم تركها ودخل الغرفة‪ ،‬لتسرع‬


‫هي نحو المطبخ حتى تجلب السكين ثم لحقته للغرفة‬
‫وقالت بنبرة ال تحمل أي هزار‪-:‬‬

‫‪641‬‬
‫_يبقى هموت نفسي يا "إياس" عشان مظلمكش‬
‫معايا‬

‫لم يتخيل بأنها ستنفذ‪ ،‬بالفعل وضعت السكين على‬


‫يدها وبدأت في سحبها‪ ،‬نزل الدماء على األرض‬
‫ليصرخ بها بهلع‪-:‬‬

‫_يا غبية في حد بيعمل كدا‬

‫‪642‬‬
‫تشعر بأن روحها تخرج من مكانها‪ ،‬هي ال‬
‫تستطيع أن ترأ د ًما‪ ،‬تأكد أن الجرح سطحي وإنه‬
‫لحقها ليصرخ بها بانفعال‪-:‬‬

‫_لو كان جرأ ليك حاجة كنت هعمل إيه‬

‫جلست على الفراش ثم قالت ببكاء‪-:‬‬

‫_أنا مش قادرة أعيش وإنت مش حاببني يا "إياس"‬

‫‪643‬‬
‫حضنها بشدة‪ ،‬لقد تخلى عن قسوته‪ ،‬اختار حبه‪،‬‬
‫قلبه يحمل الكثير وال يستطيع أن يحمل أبداً حزن‬
‫على فراق زوجته‪ ،‬عاقبها بما في الكفاية‪ ،‬يجب‬
‫أن يحميها كما وعد أبيها وكم وعد نفسه‪ ،‬حضنها‬
‫بشدة ثم قال بحب‪-:‬‬

‫_أنا مش هقدر استغنى عنك إلني بحبک ولو كنت‬


‫عاوز أبعد كنت طلقتك من زمان؟!‬

‫‪644‬‬
‫نظرت له بعدم تصديق قائل ٍة له‪-:‬‬

‫_بجد؟‬

‫هز رأسه لتبتسم له بحب ثم قالت ببكاء‪-:‬‬

‫_أنا بحبک أوي يا "إياس" ومش عاوزة في دنيتي‬


‫غيرك‪!!!...‬‬

‫‪645‬‬
‫كيف لي أن أكثر في قسوتي لك وأنا أشعر بأن‬
‫دموعك تقتلني‪ ...‬نعم كنت أقسى على نفسي‪ ،‬أحبك‬
‫يا روح الفؤاد‪ ،‬ويا عشقي األبدي‪ ،‬يكفي أحزان‬
‫فأنا دائما ً سـ أغيثك بحبي بل بعشقي‪ ،‬قلبي هو من‬
‫شفع لكي ألنك يا "مليكتي" تمتلكيه بشدة‪....‬‬

‫تمت بحمد هللا‬

‫‪646‬‬

You might also like