Professional Documents
Culture Documents
2
3
4
جروب حلم_هن
ولنا مع الحرف حلم
لالنضمام للحلم
https://www.facebook.com/groups/7elmhon/?ref=share
5
إهداء
6
البداية
مركب الحياة.
7
أن يستمع إليها ،طردها وأغلق بابه بوجهها ،لم يرحم
**********
الفراق..
8
لن يتحمل عاشق فراق محبوبه ،بل يشعرأن ال قيمة
املوت.
***********
9
حين تضيق بنا الطرق ،ويشتد علينا الخناق ،ال نجد مفر
*********
10
عائلتها ،وبمرورالوقت أصبحت مصدرضيق شقيقتها،
*********
11
)(1
املاض ي..
الحاضر..
املستقبل،
**********
12
الحياة ليست وردية ،ليست منصفة ،لن تأخذ منها كل ما
رتب حياتك ،ضع الخطط كما تريد ،احلم كما شئت ،ولكن
ضع ً
دائما في الحسبان أن القدرله ترتيبات أخرى.
13
َّ
حادث سيارة حطم األحالم؛ فبينما كانت تجلس برفقته
تحمل كتاب بيدها .لم تكن تتصفحه ،بل كانت تطالع صورة
14
نفسها طريحة فراش املشفى ،تساءلت عنه ،ولم تحصل
15
يعلم حزنها ،ما يدور بداخلها ،يتمنى لو يمحيه ،يقتله،
ببساطة:
16
-أنا قمري بيطلع الصبح ،ملكيش فيه.
وهي تتمنى أن يختفي القمر ،أن يبقى في طور محاق ،هي ربما
تريد املوت.
17
داخله قطرات من األلم عليها ،قطرات تنهال على قلبه
غائمة:
18
يجيبها وهو يرفع كتفه لألعلى ،يضع يده في جيبه وهو يبتعد
ً
عنها قليال:
وسقطت فيها.
19
فارغة سوى من هذا األلم واالنهاك املحتل لها وكأنه صاحب
لحظة موت.
***********
20
النهاية..
ألم..
لوم..
نسيان..
هجر..
يأس..
تنهيدة..
بعد ،كلمة ذكرتها لنفسها منذ زمن ،لحظة ظنت حينها أن
21
لكنها لم تكن تدرك أنها ليست سوى البداية ،بداية بدون
كانت ترى الحيرة بعين ابنتها منذ صغرها ،حتى صرحت بما
22
عنه ش يء سوى اسمه املالزم السمها بشهادة ميالدها،
الحالي:
23
تنهدت بتعب ،ظنت أنها بمقاطعة والدتها ستضعف وتخبرها
تتحداها بنظراتها:
24
تشنج جسدها ،جحظت عيناها ،تتأملها ووجعها يزداد،
األخرى:
تنتهي:
25
ضحكت بهستيريا ،تدور حول نفسها بالغرفة ،تلقي لها نظرة
26
اكتفت بذلك القدرمن النقاش لذلك اليوم ،ال يوجد لديها
27
جملة كانت كالسهم املسموم توجهت إلى قلبها ،فلم تشعر
قادم.
**********
ُ
هناك أشياء ال تمحى من الذاكرة رغم مرورالزمن ،نعتقد
أنها قد حدثت باألمس القريب ،تظل ً
دائما وصمة عار ،حتى
28
اتهام باختالس مبلغ كبيرمن خزينة الشركة التي يعمل بها،
يبال أن يكون
الذي رتب كل ش يء لكي يبعد عنه التهمة ولم ِ
هو كبش الفداء.
29
تهزأ روحه ،أي حرية هو نالها في وطن رآه بموضع املتهم! وطن
الغربة.
30
الغربة ..تلك الكلمة التي يشعربها ،ولكنه على أرضه يشعر
بأضعاف معانيها.
أرجع مصر.
31
يغتصب الهدوء ،يربت على رأسها ،يتمسك بيدها في حنان
32
شاردة عنهُ .يدلك صدغه ،يفكر ً
مليا ،ثم أدلى باقتراحه بعد
أن زفربعمق:
بالنفي:
33
-لو حابب تفضل هنا هنجيلك أجازات ،بس يا ريت
**********
34
القلب له أحكام..
35
هي فقط أحبته منذ أول نظرة ،العائلتان تجمعهم عالقة،
مرات ،ومع كل مرة كانت تعشق ،كل مرة كان يخطف منها
36
-إنت بتحبني يا أدهم؟
ال تعلم ملا شعرت بتجمد جسده ،سكت لبرهة قبل أن يجيبها
37
تعجبت حين وجدت هاتفها يرن باسمه ،هي ليست معتادة
38
الحقيقة املؤكدة لديها حبه لشقيقته ،ربما هذا ما يوحي أن
**********
39
التفكير لعنة ،مؤلم حد اإلجهاد ،يتغذى على خاليا املخ،
دماغك.
ً
اقترب يتناوله منها قائال:
40
-هشربه في البلكونة.
زفربضيق يخبرها:
أنا هتصرف.
41
-عشان خاطري يا ياسين ،أنا حاسة بيك ،إنت مش عايز
تتقل الحمل على بابا ،بس إنت كده رميت الحمل كله
على كتافك.
42
التفتا إلى والدهما ،فوجداه يبتسم لهما ،يحمل بيده حقيبة
**********
43
قد يأتي يوم للحساب ،فبدأت البحث في دفاتر املاض ي عن
يرقد بفراشه ،يدور كل هذا بذهنه ،لم يعد يقو على الحركة،
بعد أن كان بعافيته ،فهو اآلن يدفع ثمن ما فعله باملاض ي،
ُ
خسارة بعمله لم يتحمل نتائجها ،أصيب بجلطة تركت أثرها
44
هزرأسه ً
نفيا ،يجاهد أن يخبرها بش يء ما ولكن ثقل لسانه
ً
وأخيرا استطاع النطق ،خرجت الحروف يجعل األمر ً
صعبا،
حدث له:
-مروة.
***********
سراب.
45
أحبت ،بل عشقتُ ،رزقت بأطفال تمنتهم ً
دوما ،ولكنها لم
إنت طالق.
ِ -
ُ
بالرغم أنه طلبها ،لكنها شعرت بكلماته كأنها خنجرغرز
يقض ي عليها.
**********
46
)(2
فخر ً
أسيرا وهي لفتت نظره ،داعبت ابتسامتها قلبهَّ ،
مرة.
47
-أنا بحبك يا سيرين.
يومها ُ
صدمت ،صدمتها صراحته ،لم تجد ما تجيبه به،
بيك.
جدير ِ
-هستناك.
48
األقداربالحصول على وظيفة مرموقة بإحدى الشركات،
ولحقت هي به بعد تخرجها ،عمال ً
معا ،ساعدته ليرتقي
49
صفعة خيانة هدمت كل ش يء فوق رأسها .استمعت إليه
-بتخوني!
شفتيها:
-طلقني.
50
ً
"إذا أردت شيئا بقوة أطلق سراحه ،فإن عاد إليك فهو منك
يتمسك بها ،بل تمسك بطرف الخيط الذي أعطته له ،تخلى
51
بأرجائها ،بعد أن كانت تشعربالفرح داخلها أصبحت مصدر
ضيقها وتعاستها.
ترتكن على الحائط ،لم تعد تتحمل ،ولم تعد قادرة على أن
أضاعته في سراب.
**********
52
الحياة فرص ،اغتنمها ،اقتنص منها ما تريدِ ،عشها كما
وطلباته ُمجابة في التو واللحظة .ال يبالي وال يهتم بما يدور
53
تلبية دعوة أصدقاءه اليوم وهذا يتطلب نقود ،لم يجد ُبداً
من الذهاب إلى شقيقه ،توجه إلى غرفته ،طرق الباب ودخل
لم يتعجب (أمجد) ،فهو يعلم طبع شقيقه ،إن كان ال يهتم
54
-دول أعمل بهم إيه!
55
عكسه هو (أمجد األلفي) ،الشاب الطموح املجتهد ،من
منه.
**********
له على فترات لكن شعورها هذه املرة مختلف ،تعلم أنها لن
56
عادت برفقة والدتها منذ أيام قليلة ،أيام انهمكوا فيها
57
خرجت من باب منزلها ،صادفت جارتها بالطابق العلوي،
58
في طريقها شعرت بتأنيب ضميرالخفائها أمرالصديق عن
-مصرنورت.
59
هذه هي املرة األولى التي تقابله ً
وجها لوجه ،غمرتها السعادة
بمقابلته:
-منورة بأهلها.
مساعدته لها:
60
-الحقيقة أنا مش عارفة أشكرك ازاي يا زياد على
مساعدتك.
ً ً
مقتربا برأسه منها ،قائال بهدوء: ابتسم
61
-متأسف ،مكنتش أعرف إن معاك حد.
ً
مشيرا إليها: تولى (زياد) مهمة تعارفهما ،قام من مجلسه
-استني أوصلك.
62
لكنها رفضت عرضه بلباقة:
األعين يتابعنها.
***********
63
والدها يريد منها أن تنس ى ما حدث ..تتخطاه ،تنس ى أنها قد
يوما ُ
وحكم على هذا العشق باالنتهاء قبل بدايته. عشقت ً
64
-أنا مش بقولك انس ي عشان عارفة إن دي حاجة صعب
رسوماتها.
**********
بنعشك.
65
َّ
وهي مأل الشك قلبها ،سيطرعليها ،حرمها النوم ،ونغص
حياتها.
(بيان…….).
66
تريد عكس ذلك فلتكشف املستور ،تخبرها بكل ش يء،
67
بداخلها ،اليوم عليها مواجهة أمها للمرة األخيرة ،إما أن
***********
68
انفصالها عن زوجها .ترى ضعف شقيقتها وحزنها ،انطفاء
69
جلست تلهو بهاتفها ،تحاول أن تصرف نظرها عن أختها،
تتقدم ونتجوز.
70
-متقلقش من حاجة ،الحياة مش بتقف ،بكره سيرين
***********
71
ال تتسرع في الحكم عزيزي القاريء ،فهذا ليس خداع ،لكنه
الحقيقة بداخلك.
72
والدته هي الش يء الجميل بحياته ،هي الوحيدة التي ُيظهر
73
أغلق املحادثة ليبحث بالهاتف عن رقم شخص ما ،رفعه إلى
-ازيك يا زياد.
تعرفها.
74
أنهى املكاملة واشتعلت نظراته بنيران ،نيران تأججت من
**********
75
)(3
املألوف.
بإرادتها ،هي فجأة عشقته ،وجدته يتربع داخل قلبها ،وإن لم
قسوته ..في بروده ..في لينه ورقته ،وإن لم تلحظ تلك األخيرة
76
سوى مع شقيقته ،هي تعشقه بكل حاالته وال تستطيع
التحكم بقلبها.
77
السعيدة معه ،يكون هو حياتها ،وتكتفي به عن العالم ،لكن
لفظها:
-وال يهمك.
78
وهكذا انتهى الحوار ،انتظرت أن يبدأ معها حديث ولكن
ً
شخصا ما أجبره على الخروج دون فائدة ،شعرت وكأن
-سرحانة في إيه؟
79
لم تلتفت إليه ،أجابته ونظراتها ما زالت معلقة باملشهد
أمامها:
80
-ال.
قالها ونظره تجاه طبق الطعام أمامه ،ثم ارتفع ببصره ينظر
**********
81
تحاول أن تجعل األمور في نصابها ..أن تسيرفي خطواتها
ألجلها ،لكنه ال يرى ..ال يبالي ..ال يهتم ،مدى رؤيته ال يتعدى
خطوتين أسفل قدميه ،ال يهتم سوى بنفسه فقط ،ال يبالي
الكريمة التي ستنتمي إليها ،لكنه يعترض حين ُيطلب منه ما
82
أنهت ما تحتاجه بعدما أعطاها والدها املال ،اشترت ما
منه.
83
-دا ملا يكون ناقصنا غسالة أو سخان أو حتى أنتريه نبقى
84
-إحنا هنسافرتاني يوم الفرح.
ُ
صدمت ،اعترتها دهشة عارمة ،من أين له بتلك الترتيبات
85
-سارة ،دي فرصة أنا مش هسيبها ،مش هضيعها من
ناقصنا.
ياسين وبابا.
ليخبرها بزعقة:
86
أبوك يا سارة ،دا يادوب رباكي.
-مش ِ
**********
ً
إذا أردت شيئا تمسك به ،ال تدع فرصة للظروف أن تحرمك
هي ً
دائما تحصل على ما تريد ،تدهس بقدمها ما يعترضها ،ال
ً ُ
تتأثر ..ال تهتم ،تنحي مشاعرها وقلبها جانبا ،وتجعل
87
األسري شخصيتها ال تختلف ً
كثيرا ،ففي سبيل إسعاد ذاتها
88
أخبرته أن ينفصل عنها ،أن يتخلصا من العقبة التي َت ُحول
َّ دون تواجدهما ً
معا ،وهو نفذ لها رغبتها ،هدم أسرته في
مداراته:
89
-عشان املوضوع كبيريا أسيل ،أنا كنت لسه جوز أختك
أتجوزك.
لم تتغيرمالمحها ً
كثيرا؛ باردة ..ال روح فيها ..مشاعرها ذابلة:
90
ُ
اقتربت منه بوجهها تكمل:
**********
ً
شخصا ما عن الحب سيخبرك أنه تلك اللحظة إن سألت
التي تغيرحياتك ،تقلبها ر ً
أسا على عقب ،تلك النظرة التي
ُ
تجعل الشرارات تسري بجسدك ،تلك الهمسة التي تزيد
هديرقلبك.
91
الحب هو أن تكتفي بنظرة يومية ملن تحب ،أن يتخدر
إن كان هذا هو الحب ،فهو قد وقع به ،خطا أول درجاته،
ُ
فرؤيته لها تسعده ،نظرة واحدة إليها كفيلة أن تجعل
االبتسامة تر افقه.
توجه إلى غرفة شقيقته يقرعها بهدوء حتى أتاه ردها يدعوه
92
بالدخول .شعربالسعادة حين رآها تعود لشغفها ..ألوانها
عابثة:
93
-عايزإيه يا كرم!
ً
واضعا يده بجيب سرواله ،تعثرت نظرإليها من وقفته
كلماته:
استرسل حديثه:
94
-إحنا هنحتاج موهبتك دي في قسم الديكور ،واشتغل
معانا مهندسة جديدة هتحبيها ً
جدا.
ً
إذا هذا هو السبب ،املهندسة الجديدة هي سبب تغيرحال
صدحت ضحكتها ً
عاليا ،تفهم شقيقها من عينيه ،تعلم أنه
95
تكون وسيلة تواصل بينهما ،وهي أمام العشق ضعيفة،
**********
ُ َ
الحياة ال ترحم ،لكنها تحرم ،تسلبك ما تحب ،تسقط على
96
ال تريد أن تخسرابنتها ،ابنتها التي تلتزم الصمت وتمتنع عن
ال يضر.
97
األطفال ،وملا عرف اني عايزة طفل طلقني ،طلقني حتى
98
ً
ارتاح القلب… ..قليال ،إن كانت تعلم أن تلك الكذبة
الصغيرة ستريح ابنتها لكانت أخبرتها بها منذ زمن ،فها هي قد
**********
99
بجانب مسؤولية عمله ،وحين يفكرببعض الراحة ،يأتي
القسم:
ً
شكرا يا أدهم ،معلش تعبناك معانا. -
100
حدج (أدهم) املتسبب باإلزعاج بنظرة نارية:
مش في املشاكل.
ً
موجها حديثه له: ربت على كتفه
101
-إنت مش هتبطل االستهتاربتاعك دا بقى وتفوق
لنفسك!
ً
قسما باهلل يا مازن لو ما اتظبطت ليكون ليا تصرف -
تاني معاك.
نفض (مازن) يد شقيقه التي تمسك بياقة قميصه ً
بعيدا
ً
عنه زاعقا به:
102
-هتعملي إيه يعني؟ هتضربني؟
بالجدارخلفه:
تركه ورحل إلى غرفته ،ينشد بعض الراحة بعد عناء يوم
طويل ،لم ينتبه إلى والدته التي استمعت إلى شجارهما ،تبكي
ً
حزنا على حال صغيرها الذي تظن أن ما يحدث معه هو
اآلن.
103
**********
َ
اقترب منهاَّ ،
تعرف عليها ،أو أظهرذلك ،فهو يعرف عن عائلتها
أخذها.
104
ً ً َّ
تقربه منها ،زاد تعلقها به ،ملح كثيرا سابقا بإعجابه بها،
-روفيدا ،تتجوزيني؟
**********
105
()4
ٌ
شخص ما ذات يوم عن دليل للحب قل له ال إذا سألك
قبضته عليه ،ال تجوز معه مقاومة وال يعرقله دفاع ،هذا هو
دليل وجوده.
106
حينها ،لم تعلم بما تجيبه ،خجلها منعها النطق ،ويتردد
املحتد يخبرها:
-بتقولي إيه؟
107
اعتدلت األخرى بجسدها توليها كامل انتباهها ،تغمز لها
بعينها تشاكسها:
تخبرها:
فيك.
-هللا يبارك ِ
108
تلجلجت بحديثها:
االطمئنان:
صوتها:
109
اقتربت األخرى منها تضمها:
**********
يبحث اإلنسان ً
دائما عن من يشاركه لحظاته ،فرحه وحزنه،
110
لكنه ال يملك تلك الرفاهية ،فهو عليه أن ُيلقي ضيقه
وحزنه ً
بعيدا ،وأن يرتدي ً
دائما قناع ابتسامته أمام والده
وشقيقته.
وحده داخله.
111
عليه أن ُيكثف ساعات عمله ليستطيع سداد أقساط
شقيقته بإرهاقه.
تخبره بوجوم:
ً
جالسا على فراشه ،يخبرها بابتسامة: اعتدل
-تعالي يا سارة.
يرى حزنها ً
باديا على وجهها ،يخش ى سؤالها عن السبب فال
ً
يستطيع مساعدتها إن كان األمر متعلقا برغبتها ببعض املال.
112
أخذت تفرك يديها ً
كثيرا قبل أن تلقي ما تريد قوله أمامه:
113
-عادي روحي ارميها في وشه زي ما عملتي معايا ،قوليله
لنفس ي.
معاه.
114
َّ
قصت عليه ما حدث معها بمقابلتها األخيرة لخطيبها ،أخبرته
115
َّ
هزت رأسها ً
نفيا ،تخبره من وسط دموعها:
احتضنها يطمئنها:
116
لم يعلما أن كذبتهما التي ينويان إخباروالدهما بها لن تكون
**********
ً ً
ق
األنانية هي أن تعلم حقوقك جيدا متجاهال حقو اآلخرين،
أن تحيا لنفسك حتى وإن كان على حساب حياة أقرب
ً
داهسا سعادة غيرك األشخاص إليك ،أن تلتفت لسعادتك
بقدميك.
كل ش يء ،أن تتزوج طليق شقيقتها هو حقها طاملا هذا هو ما
117
انتهزت فرصة وجود شقيقتها بمنزلهم وجلوسها برفقة
أن تبدو نبرتها حازمة مما يعني إصرارها على ما تريد ،توجهت
بالحديث لوالدها:
أنهت جملتها وتوجهت نظراتها إلى شقيقتها ،ظنوا أنها تبالي ملا
118
ألجل (أسيل) ،لكنها أثبتت لهم سوء اعتقادهم حينما
َّ
ضمت شقيقتها بقوة تخبروالدها:
كويس.
119
-هو فعال حد كويس يا سيرين ،ودا بشهادتك.
ابتسمت تخبرها:
ً
طبعا ،عزاملعرفة. -
120
اتجننت؟ عايزة تتجوزي طليق أختك!
ِ إنت
ِ -
إنه يترفض.
121
أبلغكم وكان نفس ي املوضوع يمش ي بشكل رسمي
ومتحضر.
لك
املوضوع دا تاني يبقى تخرجي بره البيت وتنس ي إن ِ
أهل ،هو دا التحضراللي عندي يا أسيل.
122
السابق ،األم تتحسرعلى حال ابنتها ،و(سيرين) لم تفق من
صدمتها بعد.
**********
ن ً
أحيانا يتصف العاشقو بالغباء ،فهم على استعداد أن
الحب؟
123
وإلى أي مدى ستستمرهذه التنازالت؟
124
رد مناسب ،وهو لم يكلف نفسه عناء مناقشتها ،بل قرر وهي
عليها التنفيذ.
كل ما هو غريب.
125
ُ
اليوم اتخذت قرارها وستخبره به ،أمسكت هاتفها لالتصال
126
أغلق الخط قبل أن يصله ردها ،حينها سمحت لدموعها
مرة أخرى.
*********
127
السعادة حين أيدها والدها بقرا ها ،فلم تجد والدتها ُبداً
ر
-أقول إيه؟
128
أخبرها بإصرارعلى رغبته:
-بحبك.
ً
سريعا قبل أن تستمع إلى جوابه ،أتتها رسالة أغلقت الخط
*********
129
هناك ً
دائما من يحاول محو دفاتراملاض ي ،يسعى لبقائها
ً
جاهدا لكي تبقى طي النسيان؛ مندثرة تحت األطالل ،يعمل
130
ً
األصغرالذي توفي في ريعان شبابه تاركا وراءه زوجة ال يعلم
زوجها.
131
طرق باب حجرة والدته ،دلف ليجدها تجلس على الفراش،
سألها عن حالها:
أخبرها بهدوء:
132
-هنفذ وصية بابا هللا يرحمه وهدور على مرات عمي.
أخبرته عن مخاوفها:
معاك مشاكل.
133
ً ترك والدته ً
ذاهبا لغرفته ،عاقدا العزم على البحث عن
مبتغاه في اليوم التاليً ،
داعيا هللا أال يطول بحثه ً
كثيرا.
**********
134
)(5
خاطفة.
لها قلبها ُمعلق بغيره ،ترى السعادة بادية على محياها أثناء
تخبرها:
-شكلك بتحبيه.
135
ً
شعرت (روفيدا) بالخجل قليال وهي تخبرها:
**********
136
الحب هو ما يدل على أن القلب ما زال ً
حيا ،تنطق نبضاته
ً
عشقا ،حتى وإن فرقنا املوت ،فوجودك بالقلب هو ما
يعطيه الحياة.
تمناها ً
يوما زوجته ،دق القلب لها ،لكن القدركان له
137
له الزواج بمن سبق لها تجربة األمر ،بل وتتولى رعاية طفلين
ً
أيضا .تحدى الجميع واستمع فقط إلى قلبه ،تقدم إلى
والديها ً
طالبا يدها فو افقا .تعجبت من إقدامه على هذه
138
اشتد بها املرض ً
يوما ،شعرت باقتراب النهاية ،ألقت عليه
آخر كلماتها:
-دول والدي.
139
تولى رعايتهما ،ناداه أبي ولم يشعرهو بعكس ذلك ً
يوما،
140
ً
نظرله (ياسين) مندهشا ،استرسل (حسن) في حديثه:
لم يجد (ياسين) ما يخبره به ،حاول إخباره أنه بالنسبة لهم
-بابا ،حضرتك…
141
دخلت (سارة) التي كانت تقف جانب الغرفة تتبين رد فعل
**********
142
ليس بمقدرتهم ،أن يجتمعوا ً
معا من أجل وجبة غداء أو
طولت.
143
لم ينتظرمنه جواب ،فهو يعد حديثه ً
أمرا واجب النفاذ،
األول.
144
-أتمنى الوقت ميطولش ،متعملش زي أختك؛ قالت
ً
متوجها بنظره إلى (ريم) التي قاطع رغبتها في الرد قال جملته
بقوله:
-مش مو افقة.
145
قالتها و انسحبت إلى غرفتها متجاهلة توبيخ والدها لها،
-متزعليش.
146
أجابته بال مباالة احتلت مالمحها عكس ما بداخلها من
حزن:
**********
147
الحياة ال تمنحك االختيارات ،لن تحيا كما تريد ،بل ترسم
ُ
لك دورك الذي تريدك أن تلعبه بها ،تلقي لك بالقليل،
148
املاض ي ،لم ينس من كان السبب في كل ذلك ،ظل يبحث عن
ما ذنب طفل صغير استيقظ ذات صباح ليجد والده خلف
149
كبرالطفل وأصبح ً
شابا ،أنهى جامعته ولم ينس ثأره ،كما
150
هذا اللقاء لكنه جازف بالخطوة .اصطحب والدته إلى
ً
ترحيبا جلس (زياد) ووالدته برفقة والدة (روفيدا) وقد القا
ً
شديدا بهما ،شعرت والدته أن وجه السيدة أمامها مألوف
لتذكرمتى بالتحديد.
151
حينها تذكرت أين رأت السيدة من قبل ،نظرت إلى ابنها
تسأله متعجبة:
-بنت يحيى!
عالجميع:
152
-يا ترى حبيتها بجد يا زياد وال جاي تنتقم؟
مرتجف:
153
نظر إليها يستدعي نظرة نصر لم يكتمل ،يخبرها باسمه
الثالثي:
-اطلع بره.
هو افقه.
154
انتفض ابنها خلفها يصرخ بها:
155
تتحملها قدماها ،فسقط جسدها يرتطم باألرض بعنف
ً
مصحوبا بصرخة والدتها باسمها.
************
لها ذنب.
156
تمكث وأطفالها معهم ربما تشعرهي بالذنب عما تريد فعله
الزيجة ،متعللة أنها ربما تنجح فيما فشلت فيه شقيقتها ،لم
لها ،شقيقتها التي تتجنبها وال تريد النظرحتى إلى وجهها ،ترى
157
اليوم ضربت بتعليمات والدها عرض الحائط ،تأخرت عن
أخبارها:
النطق؛ فقد ظنت أنها قادرة على إقناعها على العدول عن
158
أبوك ميت ،عملتي اللي في دماغك.
-اعتبرتي ِ
يدفعها أمامه تجاه باب املنزلُ ،يلقي بها خارجه ،يصرخ بها
من ور ائه:
عليك،
-أنا مش عايز أشوف وشك تاني ،البيت دا متحرم ِ
أنا النهارده بنتي ماتت.
رفع يده يتلمس موضع قلبه ،زحف بها ألعلى يحل أزرار
رئتيه.
159
اقتربت منه زوجته تحاول مساعدته ،تشعربالهلع من
ال رد.
ً
جميعا تلك القابعة في غرفتها تستمع إلى الحديث من تناسوا
إيقاف نزفه.
***********
160
()6
161
ظلت سفينتها تقاوم للصمود ،تتأرجح يمنة ويسرة ،تعلو
162
إن كانت قد سمعت ما حدث معها من إحدى صديقاتها ما
163
تجلس جواره والدتها باملشفى ولم يجف دمع عينيها ،أما عنها
فهي تائهة ،من شدة األلم فقدت اإلحساس به ،ال تعلم إن
164
ً
مصطنعا؛ فهي اكتشفت أنها لم تعلم حقيقتها ً
حقيقيا أم
ً
أبدا.
165
أبوك هنفذها.
-البيت دا مش هتدخليه تاني ،وصية ِ
ووالدتها.
**********
166
نفسك في وسط املحيط ،تقاوم الغرق فال تستطيع ،تلفحك
167
انتقام ،ماريونيت في عرض ال تعلم عنه ش يء ،أراد أن ُيذيقها
دوامته مرة أخرى ،وما يدل على بقائها حية هي ضربات قلبها
168
نضارته ،غائبة عن وعي مليء بالزيف والخداع .اقترب منها
169
تستمع إليه في صمت ،بداخلها متيقنة من براءته ،لكن ربما
**********
َّ
الربان الجيد يثبت جدارته في مواجهة العواصف ،حين
170
رحلته كانت هادئة ً
دائما ،تطفو سفينته بانسيابية فوق
171
وطفليها من زوجها الراحل ،حينها تأكد بأن عمه رحمه هللا
172
أومأت تجيبه:
***********
يتشبث بك أكثر.
173
حاول أن ينتزع حبها من قلبه ،أن ينساها ويبعدها عن
بالعمل وال يجرؤ على سؤاله عنها ،وعندما سأل عنها بصفته
174
وشقيقته جلست تنظرإليه بصمت ،تنتظرأن يفجرأمامها
175
-مش من حقك.
تخبره بحقيقة يعلمها ً
جيدا ،لكن ال أحد له حكم على
مشاعرهَّ ،
هدأ من حدة قلقه وتوتره:
176
ً
شاكرا تقديرها ملشاعره ،فهي توأمه و أقرب من ابتسم لها
يشعربه.
***********
177
لجسد محموم ،لحظة هذيان استسلم لها اللسان لينطق
بمكنون القلب.
***********
178
هل جربت شعور إنسان عاش بوصمة عارطوال حياته؟
َّ يحاول الهرب ً
دائما من ماض ي لطخ الحاضرواملستقبل،
حاول فعل ذلك لكنه فشل ،والدته فضحت أمره ،منذ ما
179
املنزل موارًبا ،تسلل إليه صوت والدته تحادث شخص ما،
تعاتبه على كراهية زرعها بصغيرها ،على كذب مأل أذنيه به.
180
كالم والده أثبت له غباءه ،فهو من ظن أنه يتحكم بخيوط
***********
181
أطر افها ،ويختفي الضوء حولها ،يلفها الظالم وال ش يء
سواه.
182
ً
طبق من فضة ليقترب منها ببطء مستغال خلو الشارع من
َ
قرب َمحرمة من أنفها لتشتم رائحة املخدربها،
املارةّ ،
***********
183
()7
املفاجآت.
قائما ً
متوقعا ،تقابل ما لم يكن ً لتتفاجأ بما لم يكن
184
ً
يوما؛ عائلة والدهما الحقيقي التي ظهرأحد أفرادها أمام
بابهم فجأة.
وجه السرعة.
185
-ابن عمكم.
-دا بجد! وكنت فين يا ابن عمنا طول السنين اللي فاتت؟
حديثه:
186
-طيب بالش إنت ،عمنا كان فين مسألش عن والد أخوه
طول حياتهم!
187
شعر(يوسف) بالتوتر ،بالخزي من املوقف الو اقع به ،يفكر
أتى من أجل تسليمهم إياه ،و أنهى حديثه معتذ ًرا عن إهمال
188
-أكيد أي اعتذارمش هيكون له معنى ،بس أتمنى إن
189
-أمال الكالم يبقى ازاي؟ سابو لحمهم للغريب يربيه
ما أبونا مات ،ليه سابونا لراجل غريب يربينا بعد وفاة
أمنا.
190
-أنا مقدرغضبكم ودا حقكم ،أتمنى تفكروا في املوضوع
ً
متوجها إلى باب املنزل للخروج ،تبعه (حسن) أنهى حديثه
إليصاله:
-نورتنا يا بني.
ً
أغلق الباب وتوجه إلى غرفته تاركا (سارة) و(ياسين)
**********
191
في رحلة البحث عن املاض ي ستواجهك العر اقيل ،تجد
جميع األبواب مغلقة أمامك ،ال يوجد دليل واحد تتبعه لكي
مشقة.
والدته:
192
إنت،
-هللا على الرو ايح الحلوة يا أم أمجد يا عسل ِ
جهزيلي الغدا بسرعة يا ماما عشان هموت من الجوع.
ابتسمت له والدته:
حضرت األكل.
له:
-كلمت مازن؟
193
هزت والدته رأسها نافية ،تناول هاتفه يخاطبه ليعرف سبب
تأخره ،انقطع االتصال ولم يحصل على رد ،ولم يكد يحاول
توجه إلى غرفته حتى ال ُيفرغ شحنة غضبه أمام والدته التي
194
نادته والدته بعدما أعدت له طعامه فتوجه إليها ،جلست
به ،متقلقيش.
*********
195
أنت تحيا بغابة ،تتعامل مع الضواري ،عليك أن تحذر
َُ
الغدر ،وأن تؤ ِمن نفسك وأحبتك.
انتبه إلى صوت رسالة أتته على هاتفه ،رقم مجهول بعث بما
196
"اطمنت على أختك يا مترإذا كانت وصلت البيت وال أل؟"
ً
قاصدا غرفة شقيقته فلم يجدها ،توجه إلى ً
مسرعا خرج
-ريم فين؟
حاول (أدهم) االتصال بها مرا ًرا ،وبكل مرة يأتيه نفس الرد؛
ً
الهاتف الذي طلبته ربما يكون مغلقا .سأل شقيقه بقلق
197
-تليفونها مقفول ،تعرف رقم صاحبتها دي تتصل
-ألو.
198
تعجبت من اتصاله ،فهذه أول مرة يحادثها ،لكنها
يريد قوله:
-مراحتش لها.
توقع.
199
انتظرا ما يقارب النصف ساعة ينهش القلق قلبهما حتى أتى
ً
سريعا ليستمع إلى (أدهم) اتصال من رقم مجهول ،أجابه
200
استمع إلى اآلخريخبره ببرود شخص يمتلك ورقة رابحة:
ويعاتبه:
201
هو لن يسامح نفسه إذا أصابها سوء بسببه ،طمأن شقيقه
بمهنته.
**********
202
ً
طفالن لم يعلما شيئا عن والدهما الذي مات في صغرهما،
تزوجت والدتهما بآخر كان لهما األب والسند ،لم يعرفا ًأبا
203
جلست (سارة) برفقة شقيقها بغرفته ،تفكرفي حديث
-طب وورثنا؟
204
-أنا مستغربك الصراحة ،هادية ومش متعصبة من البني
تخبره:
205
بابا ،دلوقتي جات الفرصة دي ،نريحه من اللي شايله
تاني.
206
-على فكرة يا ياسينً ،
تقريبا بابا زعل من كالمك ،إنت
غلط.
207
ربت والده على كتفه ،فهو يعلم أنه لم يقصد أن يتفوه بما
يحزنه:
النصيحة:
لم يفكر(حسن) ً
كثيرا في جواب:
اعملوه.
208
وبهذه الكلمات البسيطة ازدادت حيرته وتشتته.
**********
هذه هي قناعتها التي تؤمن بها ،وما تنفذه بحياتها ،يتحكم بها
209
انتشلت الهاتف من يد زوجها الذي يبرر غضبها وتصرفاتها
-موضوع إيه؟
بصحبتهم:
-أكيد ،دول وحشوني ً
جدا.
210
-روح هاتهم بكرة يقضو اليوم معانا.
كلماته مترددة:
شقيقتها:
211
ً
أخذ يفكرفي حديثها ،هو يشتاقهم حقا ،لكنه ال يريد افتعال
**********
212
()8
لكي تبقى على قيد الحياة في غابة مليئة بالوحوش عليك أن
ً
استعدادا تكون أحدهم ،تفكرمثلهم ،تظهرمخالبك ً
دائما
213
ينتظراتصالهم ،يهرب من مواجهة شقيقه ومن هجوم والده
باملنزل.
حين أنهكه التعب عاد ملنزله ،أراد االستحمام لكي يزيل عنه
فقط ألنه يعلم قلقها على شقيقته ولكي يريح رأسه من
ً
اتصاالتها التي ستتوالى إن لم يجبها ،خرج صوته حزينا
ً
ضعيفا ر ً
غما عنه:
214
-نعم يا هند.
رفع يده اليسرى يضغط بها على عينيه ،يحاول إزالة اإلرهاق
ً
عنهما ،صمت قليال يحاول استجماع قواه قبل أن يجيبها:
-مفيش جديد.
التليفون.
215
تشعربه ،تشعربقلقه وخوفه الشديد على شقيقته ،لم ترد
أومأ برأسه دون طاقة أن يجيب ،لكنها ليست أمامه وال ترى
-حاضر.
216
هزرأسه ً
نفيا ،وللعجب انسحب شقيقه من أمامه دون كلمة
أختك وشغلك.
217
-ال ما هو واضح ،بأمارة إنك محافظ عليها لدرجة إنها
تتخطف منك.
نفسك.
218
أنهى حديثه ،صدره يعلو ويهبط من شدة انفعاله ،يلتقط
219
هاتفه ،تحوي عنوان ليذهب إليه ،وبالنهاية جملة من
خاطفي شقيقته.
ً
"طبعا مش محتاجين ننبه عليك إنك تيجي بامللف لوحدك"
للخطر.
**********
هذا يثقل كاهلك ،فقط ألق ما لديك وما عليك بعدها سوى
انتظاررد فعله.
220
مريومان منذ زيارته ألوالد عمه ،قص على والدته يومها ما
من عائلته( ،سارة) التي لم يستمع إلى رأيها أثناء زيارته لكنه
221
هو ليس بكبيرهم ،لكنه يمتلك النصيب األكبرمن أموال
النهارده؟
ألقى نظرة خاطفة على والدته ينشد منها دعم ومساندة فيما
ّ
هو مقدم عليه ،وزع نظراته بين جميع الحضور ،أجلى
صوته يخبرهم:
ً
طبعا فاكرين عمي عالء هللا يرحمه. -
222
انتبهت األعين جميعها له ،وقالئل من األلسنة هي من رددت
مرة واحدة:
ياخدو ورثهم.
223
دقيقة صمت مرت عليهم وكأنه ألقى على رؤوسهم بصاعقة،
بوجهه قائلة:
نصابين.
ً ً
وقف محاوال الحفاظ على هدوئه ليتلقى هجومهم جميعا:
أسلمهم ورثهم.
224
والثورة هذه املرة كانت من نصيب عمه الذي صرخ بوجهه
ً
غاضبا:
-أنا نفذت وصية بابا هللا يرحمه ،بابا قبل ما يموت طلب
عمركم.
225
-خالص طاملا صعبانين عليك اوي كده وعايزتنفذ
ً
مشيرا إليه بإصبعه: زعق به (يوسف)
أدبك.
-بس يا فارس.
ً
والتفت عائدا بالحديث البن أخيه يسأله:
226
-و إيه املطلوب مننا يا يوسف؟
ً
جميعا يخبرهم ما يعزم التقط (يوسف) أنفاسه ،ينظرإليهم
على فعله:
227
-ماش ي يا يوسف ،هاتهم نتعرف عليهم ونشوف موضوع
الورث دا.
وما يخيفه أكثرهي تلك النظرة التي رآها بعين عمه قبل
-ربنا يستر.
228
***********
اإلنسان في الحياة ُمخير ،يتخذ قرا اته بنفسه ،يفكر ً
جيدا ر
229
اتخذ قراره ،أنهى عمله وقرر الذهاب لرؤيتهم وربما أخذهم
طرقه.
ُ
وقف ينتظرمن يجيبه ،وحين فتح الباب وجدها هي أمامه،
وقفت أمامه بال حراك ،ال تحيد ببصرها عنه ،هرب منها
ُيحدثها:
230
-إزيك يا سيرين ،عاملة إيه؟
ً
هل حقا يسألها عن حالها! كيف يريد حالها أن يكون بعد ما
يسألها عن طفليه:
ً
وأخيرا تذكرأطفاله ،من أين أتته الجرأة ليأتي ويطرق بابهم!
ً
وأخيرا طاوعها لسانها واستطاع النطق ،وأول ما سألته إياه
-جاي ليه؟
231
َّ
وهو لم يعرف بما يجيبها ،فضل في البداية تقديم واجب
عزاء تأخرعنه:
-البقاء هلل.
تجيبه:
232
هل كرهته؟ لم تبدو عدو انية معه هكذا؟ أول مرة يراها بهذا
رؤيتهم:
233
دلوقتي تفكرفي الوالد! امش ي اطلع بره ،إنت خالص
234
أما عن (عاصم) فقد عاد بخفي حنين ،لم يكن يظن أن األمر
سيمربسهولة ،لكنه ً
أيضا لم يكن يتوقع هذا الهجوم الحاد
**********
235
بعيد ،اقتربت لتقف مقابل سيارته ،ترجل منها رجالن وأشار
أخذه منه لكنه أبعد يده عنهُ ،يحول بصره تجاه سيارتهم
يسألهم:
-أختي فين؟
236
عصبة عينيها ليطمئنها بوجوده جوارها .فتح امللف يتصفح
ورقاته كما طلب منه رئيسه ،رفع بصره تجاه الو اقف أمامه
قبل أن يخبره:
237
إنت كويسة؟
ِ -
238
وعن نفسه فال يستطيع تعريض سمعته للخطركمحامي
239
في قانون الغاب البقاء لألقوى ،والقوة الجسدية وحدها ال
***********
روحك تنسحب.
240
الجميلة ،تخبره أن عليه البناء وهي عليها اللمسة األخيرة
تسأله بمشاكسة:
241
-إنت هتفضل قاعد جنبي على طول؟ ليه محسسني إني
هتخطف من البيت؟
242
تأففت من تلك التعليمات الجديدة ،هي حبيسة غرفتها منذ
عام ،لكنها منذ ذهبت للعمل برفقة (كرم) وقد اعتادت األمر
-مين؟
تطمن عليكي.
243
لقد تناست أمرتلك التي كانت ذاهبة لزيارتها ،ضحكت
قائلة:
***********
ُ
األفعى تقترب بهدوء من فريستها ،ال تشعرها بوجودها ،فقط
244
منذ علمت بذهاب (عاصم) إلى شقيقتها لرؤية أطفاله
ً
غضبا ،تفكركيف ورفض تلك األخيرة طلبه وهي تشتاط
سوى التنفيذ.
**********
245
)(9
وفاة والدتهما.
246
نحن هنا لسنا بعالم األساطير ،في أرض الو اقع تنقلب
247
يخيرهما بين أن يأتيا بمحامي خاص بهما أو أن يستعين هو
الجداد!
248
استشعرهو التهكم املبطن بحديث عمه ،ونظراته لم
وقت.
القرابة بينهم.
249
ً
نظرله (ياسين) قليال يدرس تعبيرات وجهه قبل أن يمد يده
من (فارس) تجاه (سارة)؛ ابن العم الذي تمنى اختفائه من
بلغنا.
250
أنهى حديثه ينوي الرحيل ،لكن أوقفه صوت (فارس)
املتهكم:
251
-إنت بتتصرف من ور انا؟ مش قلت هتعرفنا عليهم
األول؟
متقبل وجودهم.
252
-حقهم ،رد فعل طبيعي تجاه ناس ميعرفوش عنهم حاجة
253
ً
أنهى حديثه لينفض يد اآلخربعيدا ،يرى نظراته الغاضبة
املوقف الحالي:
254
يشعربرغبتها في إخباره بش ٍيء ما ،حثها على البوح بما في
جعبتها:
ترددت ً
كثيرا قبل أن تتحدث:
************
255
ما يؤرق اإلنسان هو ذلك الصراع الدائم بين العقل
وهي كان عليها القبول ،ولم يتبق سوى يومين على هذا
256
أملت في تأجيل املوعد بعد اختطاف (ريم) ،لكن بعد عودتها
ُ
ساملة سيتم كل ش يء كما خطط له .وقفت أمام فستان
257
أتتها ضحكتها من الطرف اآلخرمتبوعة بحديث لم يطمئنها:
258
واألخرى ال تعلم بما تجيبها ،ترى طريقته العملية معها لكنها
تبررها بأنه ُ
سيظهرلها مشاعره بعد الزواج ،حاولت أن تبث
الطمأنينة بقلبها:
بيحبك.
الطرف اآلخرتخبرها:
259
-كرم زمانه جاي من الشغل ،أول ما يوصل هخليه
-خالص هستناكي.
260
**********
لكنها لم تتوصل لش يء ،لم تترك والدتها طرف خيط لكي تسير
خلفه.
261
تذكرت الصندوق الخشبي بخزانة مالبس والدتها حيث
تبحث عنه.
مرة لكن ال أثرله ،لم تنتبه لعودة والدتها التي وقفت أمام
262
فاجأتها عودة والدتها ،انتفض جسدها تنظرإلى والدتها
263
الصندوق الخشبي ،حمدت ربها أنها غيرت مكان احتفاظها
مرة أخرى.
***********
ً
احذرالتعلق بفخ املاض ي حتى ال تشعربالندم الحقا!
هو تشبث باملاض يَّ ،
صدق ما قيل له عن أحداثه ،آمن بما
264
ندم على قلب تالعب به وتفنن في كسره وإن لم يحقق باقي
به ،ندم على تلك اللحظة التي وضع بها خطته من البداية.
بوجهه:
فاتت؟
265
الحقيقة ولن ينطلي عليه حديثه بعد اآلن ،يومها أنهى
ليا أب.
تمنى أن تنحره كلماته ،وأن تكون انتقام كافي لقلب نحره هو
بيده.
266
أما عن عمله فلم يستطع االستمراربه ،يخش ى مواجهة
267
-السالم عليكم ،ممكن أخد من وقت حضرتك دقايق يا
أستاذ يحيى؟
268
أتت زوجته على صوته املرتفع لترى مع من يتشاجر ،حاولت
ميستاهلش.
االعتذارالبد منه:
269
ً
رفع عينه لتصطدم بتلك الو اقفة بعيدا أمام غرفتها،
-سامحيني يا روفيدا.
270
لم يستطع النطق بكلمة ،خرج دون أن يعلم إن كان قد نال
عاد ملنزله ،دخل غرفته بعدما ألقى التحية على والدته ،ولم
له:
271
-عشان خاطري سامحيني.
تسامحك.
-رفضت تسامحني.
بكت تخبره:
-هروبك مش حل.
272
-طب أنا أهون عليك تسيبني لوحدي!
***********
ُ
البدايات تشعرك بالرهبة والتوتر ،بداية دراسة ..بداية
273
توقظ داخله ذكريات ال يستطيع وأدها ،ظن أنه بتأجيل تلك
-مالك يا متر؟
بتعب يجيبه:
274
-مصدع ،هات اللي عندك عشان عايزأروح أنام.
ً
نقراآلخربأصابعه على املنضدة أمامه ،صمت قليال قبل أن
يخبره:
275
-مهما حصل هياخدوا ورثهم ،بس قلقان من عمي و ابنه
مساعدته فأخبره:
276
وقف بعدما أنهى جملته ،يضع هاتفه ومفاتيحه في جيب
ً
مبتسما: هز(يوسف) رأسه
مغصوب عالجوازة؟
277
-لو مروحتش نمت دلوقتي هيبقى شكلي مغصوب على
************
278
ً
صباحا قد أتى مرة هذه املحاولة ،وقد صدق ظنها .فاليوم
منه.
279
أنه هو اآلخريشتاقهم .لكنها لم تتوقع املفاجأة التي ألقتها
-ياريت متتأخروش.
280
ولم ينفذ رغبتها ،الوقت اآلن قد تعدى منتصف الليل ولم
كثيرا لكنه ً
دائما مغلق يعودوا بعد ،حاولت االتصال بهاتفه ً
تبكي تخبرها:
اتصال وثاني وثالث حتى أجاب باملرة الرابعة ،لم يكد يجيب
-والدي فين؟
281
-معايا ،مع أبوهم وخالتهم مش حد غريب.
حاولت أن ُتظهرصوتها ً
قويا:
**********
282
)(10
عضوا واحداً
ً تقول أسطورة قديمة أن العقل والقلب كانا
بجسد واحد ،وبفناء هذا الجسد انقسما يسكن ٌ
كل منهما
ً
جسدا آخر ،يظل يهيم في الحياة يبحث عن شريكه الذي
هي الحاملة التي تترك لقلبها الكلمة األولى ،وهو الو اقعي الذي
283
تحب ذلك وتفعل مثله .هي خجلة ،أما عنه فربما ما يبدو
ما هو قادم.
-مبروك.
284
أقرن حديثه باحتضان جسدها ليشعربرجفته ،أبعدها
-خايفة ليه؟
تجاهد ليخرج صوتها ،تهزرأسها ً
نفيا:
له مرا ًرا لكنه لم يهتم ،لكن اليوم ال يستطيع نكران ما يراه
285
أشارتجاه الغرفة خلفه:
بعد الزواج ،أم أنه يفعل ما يتوجب عليه كزوج تجاه زوجته
286
أما عنه فجلس في غرفة املعيشة بانتظارها ،فك ربطة
لم يستطع مبادلته إياها ،هي ليست سيئة ،ال يوجد عيب
طوال سنوات.
287
***********
دوما، ً
ساذجا ،ال تثق بأحد ،أبق أحبائك جانبك ً ال تكن
288
ُ
أخذاهما بحجة قضاء بعض الوقت معهما لتفاجأ
ما بينا.
289
صمت دام دقائق من ناحيته ،ال يتفوه بكلمة ،فقط يستمع
ً
وأخيرا أخبرها بما خفف من لتوسالتها ،يسمع صوت بكائها،
ً
قلقها قليال:
أطمن عليهم.
290
أغلق الخط ،لم يعطها فرصة لتوسل جديد .نظرت إلى
األساس.
291
وكسا وجهها فرحة انتصارحازت عليه من تخطيط شيطاني
قامت به.
292
الغيرة منها حد انتزاع فرحة شقيقتها وتدميرها .شردت في
زمن بعيد حين كانت طفلةً ،
دائما ما كان يعجبها ألعاب
293
بهما قلبها قبل أن تستمع أذنيها لصوتهما .احتضنتهما تتشمم
دموع عينيها رأت من أتت بهم ،لم يكن والدهم ،بل شقيقتها،
تهمس بأذنيها:
بتحطيمها.
294
اتسعت عينا والدتها ،أمسكت بذراعها تجبرها على النظر
295
رحلت وتركت خلفها شقيقة تتعجب من شقيقتها التي
ُ َ
انتزعت منها حياتها وتراه حقها وال يجب أن تعاتب على
فعلتها ،ووالدة تلعن رحم حمل نبتة سيئة أتت لتبث سمها
َ ُ
بوجه من حولها ،تح ِمل نفسها ذنب تنشئة خاطئة غفلت
عنها من البداية.
**********
يتسم اإلنسان بالغباء ،ما يريد ويرغب أمام عينيه لكنه ال
يمد يده ليناله ،يتردد حتى تضيع فرصة الحصول عليه من
بين يديه.
296
هو أضاعها من بين يديه مرة ولن يكرر األمر ،تأخر
ً
بمصارحتها بمشاعره سابقا حتى سبقه من دق باب قلبها
297
علمت بوجوده ظنت أن هناك مشكلة تخص عدم ذهابها
298
لم تستمع لباقي حديثه أو رد والدها ،عادت إلى غرفتها شاردة
ً
تحاول اتخاذ قرار ،إن كانت فكرت سابقا بترك العمل بسبب
ما فعله (زياد) فعليها اآلن أن تنفذ هذا القرار؛ فلن تستطيع
299
-و إيه رأيك؟
300
أنهى حديثه وعاود احتضانها مرة أخرى ،يعطيها فرصة
للتفكير:
مستقبله معها.
**********
301
يضطرللوقوف بوجه عائلته ،يحاربهم ويصرأن ينال كل ذي
302
مفاجأة ألجمت (حسن) فلم يستطع الرد ،ذهول النظرات
303
الظن الس يء .رأى نظرات (حسن) املتشككة تتجه إليه ،يريد
النهائية ل(حسن):
304
-هنفكرفي طلبك يا بني ونرد عليك.
305
يعاند ،يخبرها برأيه:
***********
306
آفة الجسد هو نزاعه بين عقله وقلبه ،وطاملا القلب يتسيد
ألم:
-مش قادرة أنس ى اللي زياد عمله فيا ،جرحني برغم حبي
له.
307
-دا مش قادريقبل حد تاني ،بقى يخاف من الجرح.
تفكيرها.
بصوت مختنق:
308
-أنا عندي أخوات.
309
-ال ،أنا و اثقة إنها مخبية عني حاجة.
معرفتها بشكوك ابنتها أكدت لها أنها أول خطوة لكشف ستر
ُ
املاض ي ،ماض ي سيؤلم إن فتحت دفاتره.
***********
310
()11
أربعة شهور مرت وهي تخش ى فقدانهما مرة أخرى ،لم تقدر
311
قلبها عن النبض عندما يطلب رؤيتهما خارج املنزل ،وتعود
نبضاته بعودتهما ألحضانها مرة أخرىُ .ت َ
جبرعلى رؤية
الخوف.
312
الزائف الذي تغدقه شقيقتها على طفليها فقط نكاية بها،
تخبرها أن بمقد تها سلب طفليها منها ً
أيضا إن أرادت. ر
313
ً
سريعا تجاه املعنيين بحديث طفلها ،فما قاله رفعت نظرها
اعتبارملشاعرها:
-أنا حامل.
314
غشيت الدموع عينيها ،ال تعلم متى غادرا ،وال متى أتت
*********
315
إخفائها فالشك قد سيطرعلى ابنتها ،وأصبح أن تعترف لها
316
الحديث معها ،تلتزم غرفتها طوال الوقت ،وهي اعتبرته
عليه:
317
-لو خايفة حد ياخد باله متحضريش.
معها.
***********
ً
الخوف من تجارب سابقة يبقى عائقا يمنعنا خوض تجارب
غمارحب آخر.
318
على مدارأربعة أشهرحاولت (روفيدا) تناس ي خداع (زياد)
مو افقتها.
319
بما يناسب املوقف ،وعليها أن تشكر(زياد) ً
يوما ما؛ فله
**********
320
أمامها ،لم تتخيل أن من ظلت سنوات تبحث عنه حتى
321
-مراد!
كلها ليه؟
يريح قلبها:
ريحني.
التهديد:
322
-متبوظيش خطوبة ابني وامش ي من هنا.
323
النظرإلى والدتها ،تقترب من الشرفة أكثر ،ترى بكاء والدتها،
تصرخ به:
324
و ابنتها التقطت االسم( ،مراد) ،االسم الذي يجاور اسمها
يسمعه سواها:
-بابا!
رحيلها ألقت نظرة على (كرم) ،ابنها الذي حرمت منه ألكثر
من عشرين ً
عاما.
325
***********
الصورة من جديد.
326
لكن اقتراب والده منها زاد من شكوكه ،هي والدته ،من
اقترب منهما يستمع إلى حديثهما ،لم ينتبه لتتبع (أمجد) له،
327
أومأ له برأسه يجيبها:
-انزلي.
-مالك يا أدهم؟
328
وليتها ما سألته؛ فقد استدعت كامل غضبه ،أطرق بعنف
-قلت انزلي.
329
اقترب من إحدى الغرف ،تلك التي كان يقف خلف بابها
ً ً
طفال شاهدا على آخرنزاع بين والديه ،يستمع إلى اتهام
والدته ،لم تأت مرة أخرى لرؤيتهم وكأنها كانت تتوق لالبتعاد
330
جملة لم تفارق ذهنه ،جملة تحمل معنى التخلي ،تخلي أم
عن أطفالها.
اآلن أن االبتسامة بها كانت زائفة .ألقى بها إلى األرض يحطم
منها حتى ال يأتي يوم تتخلى فيه عنهم مثلما فعلت والدته .أتى
331
إلى هذا املنزل ُيخرج غضبه ،لكنه لم يفلح ،فقد أشعل
فتيله.
*********
332
العاشقة التي خانها قلبها بحب زوج شقيقتها ،لكنه فيما بعد
أو ربما غيرة .لم يجبها ،هو فقط تأكد أنه أخطأ وقد فات
333
أوان إصالح هذا الخطأ ،فزوجته السابقة لن تسامحه مهما
***********
لها أثر ،ال يعلم لها مكان .كلفه والده بالبحث عنها ليطلب
غفرانها ويرد لها حقها ،بحث ً
كثيرا ولم يعثرعليها ،واليوم
334
تتبعه لـ(أدهم) هو ما ساعده بالعثور عليها ،أراد محادثتها،
عاد إلى منزله ،أخبروالدته أنه علم مكانها ،طلبت منه أال
دي.
335
ً
شرد (أمجد) قليال بحديث والدته وأحداث اليوم ،عزم أن
يؤجل حكمه حتى يقابلها ويستمع منها ،ربما كان السبب في
************
ً
الخوف يمنعك أحيانا من البوح بما تخفيه ،وما تخفيه هي
336
تخفيه عنه ،فقررت أن تواجهه وتتحمل العو اقب ،فهي
بالحديث:
337
-أنا حامل.
-في شهرين.
************
338
)(12
يزعق بها:
وهي لم تجد رد ،يرتعش جسدها بين ذراعيه ،لم تتخيل أن
339
إنت و افقتي؟
-انطقي ،ردي عليا ،مش دا كان اتفاقنا و ِ
داخلها:
بصراخه بوجهها:
340
والصمت سيطرعليها ،اكتفت بهزرأسها تنفي اتهاماته لها،
341
هي ال تفهم ما يقصد ،ال تعرف كيف تتخلى عن طفل تحاربه
***********
342
صوت عقارب الساعة املعلقة على الحائط يخبرها أن
بلحظتها.
بها هذا!
343
هي اآلن جسد بال روح ،تتحرك بروتينية من أجل طفليها
344
محاوالتها إلفاقتها ،عادت لغرفتها تتناول هاتفها تطلب
345
-متقلقيش ،الضغط علي بس قدرنا نظبطه الحمد هلل.
أومأت له تشكره:
ً
شكرا يا دكتور. -
اعتذرمنها مغاد ًرا بعدما أخبرها أنه سيأتي مرة أخرى ملتابعة
حالة والدتها.
346
دخلت غرفة والدتها بعد رحيله ،اقتربت منها باكية ،تمسك
محتاجة أقوى ِ
بك.
**********
للنور.
347
(بيان) لم تقتنع طوال حياتها أنها بال عائلة وال جذورً ،
دائما
وتبحث دون أن تصل لش يء ،وفي لحظة رأت والدتها أنها على
348
قصت عليها معاناتها حتى وجدت عمل ومسكن ،خوفها
ُ ً
وقلقها حين علمت أنها تحمل جنينا داخل رحمها ،تنقلها من
فيحرمها منها.
349
عادت ملنزلها بعد انتهاء حفل الخطبة ،وقفت أمام باب غرفة
تسألها في تردد:
توضح سؤالها.
350
هزت والدتها رأسها تنفي حديث ابنتها ،بالرغم من أن هذا
351
اقتربت منها تحتضنها ،تدفن رأسها بصدرها ،تخبرها ببساطة
هي جملة قالتها فقط لتريح والدتها ،لكن داخلها تنوي أن
*********
352
في ذلك الزمن الغادرال يفلح أنقياء القلوب بالعيش،
النقاء بداخلنا.
عقد القران.
353
تنكرأنها تثاورها نفس الشكوك ،لكنها ستستمر ،قررت أن
كاذبة ،هي ال تملك ذرة ثقة بأي فرد من تلك العائلة ،لكنها
354
تتذكريوم عقد القران حين كانت تتجول بحديقة املنزل قبل
استعدادها ،أتى (فارس) إليها ً
منتهزا فرصة وجودها
-استني يا سارة.
-عايزك في موضوع.
355
-خير؟
لم تجبه ،فهي تعلم اآلتي بعد هذا السؤال ،واصل حديثه
356
-مفكرتش إن دا ممكن يكون اتفاق بيني وبين يوسف؟
357
دخل باملوضوع مباشرة ،يخبرها بسماعه الحديث الذي دار
-هتفرق معاك؟
األمور.
358
استدارت إليه تتحداه بنظراتها:
-مبروك.
ً
قالها ورحل من الغرفة ،تاركا إياها تجهش بالبكاء ،يتمزق
ُ ً
قلبها حزنا على دقة ولدت تجاهه ،وعدم دفاعه عن نفسه
359
مرعلى األمرثالثة أشهر ،جاهدا فيهما ليرسما السعادة أمام
360
*************
ً
أحيانا يحتاج اإلنسان إلى صفعة ليفيق من صدمته ،ليعلم
أن الحياة ال تنتهي عند أول ضربة يتلقاها ،بل عليها أن
361
قضت ليلتها برفقة والدتها باملشفى ،وبعدما طمأنها الطبيب
362
تفكربه ،وعليه فقد قررت البحث عن محامي لرفع قضية
-نعم.
363
تعجبت من معرفتها باألمرفسألت متهكمة:
364
تبادلت نظراتها بينهما ،تنفث بوجههما غضبها الكامن داخلها
الخلف بصدمة:
اآلخر:
365
-وبالنسبة لوالدك ،بيني وبينك املحاكم ،حضانة الوالد
366
*************
367
-ازيك يا عمتي.
************
368
)(13
الغضب..
369
برأسه ،يحاول اتخاذ قراروال يستطيع ،يجمع القطع لتتضح
الصورة.
توجه إلى منزل والده ينوي معرفة الحقيقة كاملة ،ولن يقتنع
370
-الحمد هلل إنك كويس ،قلقتنا عليك.
-بابا فين؟
371
أخبرته بوجوده بغرفته ،ومالحظاتها لتغيرحاله هو اآلخر.
والده للدخول.
372
-أمي سابتنا ليه زمان؟
ُ
صدم والده ،فهو لم يتوقع أن يكون هذا سبب مجيئه ،لم
373
مالمح ابنه كانت الجواب الكافي لسؤاله ،هزرأسه بتفهم،
بوجهه:
374
مقعد ،يضع رأسه بين كفيه ،شعرباقتراب والده منه،
الصورة:
لوال إصرارأخوك.
375
لم يجد ما يجيبه ،هو أكبرأشقائه ،أكثرمن يتذكروالدته،
376
-إنت بتقول إيه؟ إنت عارف معنى كالمك دا إيه؟
كل حاجة.
رحل قبل أن يمنعه والده مرة أخرى ،رحل بغضبه الذي أتى
به ،رحل ً
نادما على حديث لم يشعره بالراحة بل زاد من أمله.
************
377
حياة جديدة ،برغم ضآلته لكنه من املمكن أن يكون طوق
تعلم أنه كان الصديق املقرب البنها (كرم) ،وربما زيارته هي
378
لن ترده ،ستستمع إلى حديثه وبعدها ستتخذ قرارها .وقفت
ً
جانبا وبيدها أشارت له للدخول ،أغلقت الباب وتقدمته إلى
إجابة سؤاله:
379
تسأله بتهكم سؤال آخر:
-أنا أمجد يا عمتي ،وفعال بابا ربنا رزقه بولد تاني؛ مازن،
حانية:
380
-أنا كنت صغيروقتها ومش فاكرتفاصيل ،بس ماما دايما
أجيلك.
381
اختنق صوتها ،تريد البكاء ،تسأله:
محتاجاه؟
382
املنسابة على وجنتيها بعدما استمعت إلى حديث (أمجد)،
اقترب أكثريتوسلها:
-بس هو عايزيشوفك.
383
-السبب اللي جيت عشانه خدته ،زمان أبوك اتخلى عني،
على كده.
ل ً
الرحيل ،خرج مغلقا باب املنز خلفه ليتفاجأ بمن تقف
حاجة.
384
أنهت جملتها ودخلت املنزل بهدوء حتى ال تشعربها والدتها،
**********
الشرف..
األمانة..
األخالق..
ُ
فضائل نزعت منه ،وجد نفسه عارًيا دونها ،فجأة وجد
385
حدث األمربلمح البصر ،لحظة اقتحام الشرطة للصيدلية
386
تلمع عيناه بظفر؛ لقد وجد مبتغاه ،لتعلو ابتسامته وجهه
ً
قائال:
-هللا هللا.
ً
متهكما: ينظرإلى مالك املكان يسأله
ً
متعجبا، ً
مصدوما، لينظراألخيرإلى (ياسين) الذي وقف
كبيرة.
387
نظرإليه بذهول ،تحتل الصدمة مالمحه ،يهزرأسه ينفي
نظرات اإلتهام من الشرطي ورب عمله الذي وثق به .فاق من
388
سوى مهاتفة شقيقته ،يخبرها باملوضوع ،يطلب منها أن
حتى رأى إقبال ابن عمه عليه وصديقه املحامي ووالده الذي
يخبرهم بأسف:
389
زفر(يوسف) بضيق ،وربت (أدهم) على كتف (ياسين)
يطمئنه:
390
بنظرات اإلتهام بكل لحظة ،ال يصدقه برغم قسمه املستمر
391
يستمع إلى توسالتها أن يفعل املستحيل إلخراجه ،تطلب منه
ومش هسيبه.
392
-الحقيقة الكمية مش قليلة ،دي قضية اتجار ،يعني
393
ً
فكرقليال قبل أن يكمل:
***********
ً
مرحبا بك على أعتاب حياتك الجديدة ،هنا عليك بتراملاض ي
394
(سيرين) أيقنت أن عليها البدء من جديد ،تخطي آالمها
395
تجلس بفراشها تتصفح حاسوبها ،تمربنظرها على إعالنات
396
-أجي معاكي؟
أمام املنزل عرض عليها أحد جيرانها الذي يمتلك سيارة أجرة
397
ما يقارب العشرسنوات ،بلقاء جمعهما ظنت أنه األخير،
-سيرين!
-سليم!
الباكي ،تخبره:
398
*************
بعد يوم شاق ال يحتاج اإلنسان سوى الراحة ،أن يريح عقله
شأنها تدميرسمعتهم.
399
لم يكن لديه القوة الكافية لجدالهم ،تحجج برغبته بإجراء
مكاملة عاجلة.
غرفة مكتب ابن العم الذي أنهى مكاملته للتو ،اقترب منه
يخبره بصوت بدا ً
همسا ،لكنه بالعلو الذي يرغب به هو،
400
-هات اللي عندك يا فارس.
إلى صوت ارتطام أمام الباب الذي كان يوليه ظهره ،استدار
ً
سريعا ليرى (سارة) تفترش األرض فاقدة للوعي.
**********
401
)(14
ً
مرحبا بك يا عزيزي بمسرح الحياة املليء باملفاجآت ،كجراب
أخرى.
402
أنها تخاطب صديقة لها ،فطن أن والدتها بجوارها فأنهى
املكاملة .لم تمردقيقة حتى أتته رسالة على هاتفه على أحد
نصية.
"مش هينفع نتكلم فون ،أنا بعتلك صورة البطاقة قبل أي
403
"أنا مضطرأسافرعندي شغل يومين ،ملا أرجع هكلمك
ونظبط ميعاد"
************
الصمت ..التجاهل..
404
دروب نسلكها حين ال نجد ملجأ سواها ،نتخذهم حين يكون
أن تنهشك.
خطأك األول هو أنك آمنت لهم ،ملن كنت ً
بعيدا عنهم طوال
حياتك ،و أنت بنظرهم لست سوى دخيل أراد االستيالء على
405
مريومان ،يعمل عقلها ،يفند الحقائق ،والنتيجة التي تصل
إليها بالنهاية أن تضحيتها كانت ً
هباء .ظنت أن ارتباطها
و إبعاده عن طريقهم.
لينبض ملن ظنته مصدرأمان لها ،لتفيق على حقيقة أنه ال
406
يختلف عن من نشأ بينهم ،وأن مصلحته الشخصية تأتي
باملرتبة األولى.
أتت ثمارها.
***********
407
الصمت في بعض األحيان هو أبلغ سالح للدفاع عن النفس،
ُ ً
لكن أحيانا يظنه البعض اعتراف بالجرم املتهم بارتكابه.
و اقع أليم تحياه .يومها حملها يهرول بها إلى غرفته ،تجاهل
408
به والدته ووالدها ،يتساءالن عما حدث لها وال يجد ما
ً
وأخيرا استجابت له ،فتحت يجيبهما به ،حاول أن يفيقها،
أصرت على الرحيل مع والدها ولم يمنعها ،يتصل عليها مرا ًرا
ال بالقول.
409
هاتف (أدهم) يومها يخبره بشكوكه أن عمه و(فارس) لهما
األمرله.
ً
محتجزا، مريومان ولم يصل (أدهم) لش يء( ،ياسين) مازال
*********
410
أم أن السعادة صارت رفاهية ال يحصل عليها كل من يريد؟
تحكم القلب ً
يوما و انتصر ،فلم يحصل سوى على طعنة
خائنة ،تخدع (كرم) ،تتألم كلما رأت حبه لها ،تود مصارحته
قرارها.
411
هي ليست بحاجة لذلك ،فهو يشعر ً
دائما أن هناك حاجز
تتعلل بخجل ،لكنه ال يرى سوى أنها مجبرة على خطبتها له.
ً
دعاها للخارج رغبة منه في وضع حد لشكوكه ،وها هي تلتزم
-عجبك املكان؟
412
-أيوه ،جميل.
413
-مفيش نصيب.
ليصل للحقيقة:
كنت بتحبيه!
إنت ِ
-بس ِ
آلخر ،تفوهت بها ببالهة دون وعي وحين انتبهت كان قد سبق
414
ليست صدمة ،ربما حزن ،أو رد صادم أتاه ،توقعه ولم يكن
يتمنى سماعه.
-كرم ،أنا…
ً
مشيرا للنادل ،ينوي الرحيل وال يريد أخرج محفظة نقوده
415
امتثلت له ،بلهاء ال تعرف كيف تصلح خطأها ،تسيد
واألدب سألته:
-مش هتطلع؟
416
هي تستحق ذلك ،ورد الفعل الذي يتخذه طبيعي مقابل
حماقتها.
-أنا أسفة.
417
-أنا حاسة إني بخدعك ،عارفة إني مخبية عنك حاجة
حديثها:
حياتي.
418
-استني.
تعجبت ،هل معنى حديثه أنه لن يتركها ،و أنه أعطاها تلك
شايفه.
419
قاطعته تخبره بحقيقة ،هي وإن كانت أحبت (زياد) فال
ابتلعتها ولم تتفوه بها؛ تكملة جملتها التي بترتها "حتى لو كانت
ال تحبه".
420
نظر لعينيها يخبرها بإصرار:
-طول ما ِ
إنت مخبية عني ليه سبتو بعض هيفضل في
حاجزما بينا.
هو محق خاصة بعد اعتر افها أنها بادلت اآلخرالحب في فترة
ُ
ما ،ولوال اعتر افها هذا ملا أجبرت على إخبار(كرم) بش يء.
***********
421
في معركتها هي خسرالقلب ،يخبرها بأنها كانت حمقاء
فلو كان بقلبه ذرة حب واحدة لها ملا كان هذا وضعهم اآلن.
422
أما عن من أحبها فاستسلم لهزيمته و انسحب ،لم يظهر
اآلن عاود الظهور بحياتها ،رأته منذ يومين ولم تتبادل معه
423
باملشفى ،يطلب مقابلتها ،لم تعلم بما تجيبه فو افقت بدافع
الفضول.
ً
مرحبا بها: تجلس برفقته في أحد املطاعم ،يبتسم بوجهها
-ازيك يا سيرين.
له.
-البقاء هلل.
424
ابتعد بالحديث عما يخصه ،ليسألها عن أحوالها:
جملته:
425
يذكرها بجرحها الذي لم يندمل بعد ،أومأت برأسها دون
به من ألم.
ليجيبها مباشرة:
-تتجوزيني يا سيرين؟
426
شلت الصدمة جسدها لدقيقة ،وحين استعادت السيطرة
تجيبه:
لم يكن هذا الجواب الذي أراده ،فهي ببساطة هربت دون أن
*************
427
هل تقبل بالهزيمة؟ أم تحتسبها هزيمة بأحد الجوالت
428
منذ أن ثارت (سيرين) بوجهها بلقائهما األخيرومنعتها من
ً
رؤية والدتها وقد ازدادت حنقا عليها ،ربحت شقيقتها تلك
429
كانت تنوي افتعال شجارمعه لرفضه الذهاب برفقتها إلى
ً
متحججا بعمله ،لكنها لن تسمح لش يء أن يعكر الطبيبة
-سيرين.
430
ً
واالسم كان كفيال ليستديربكامل جسده إليها .احترقت
جرعة سمها:
حديثها بخبث:
-قصدك مين؟
431
-سليم شهدي.
ألقت االسم بوجهه ،تعلم أنه يعلم هوية صاحبه ً
جيدا،
يعلم أنه جارهم؛ فقد صادفه مرة أو مرتين باملاض ي لكنه لم
التتمة عليه.
************
432
)(15
ّ
ر
لكل منا ماضيه ،البعض يتخفى منه و اء قناع زائف،
***********
حجم الجرح.
433
نتاج تجربتها بعالقة حب فاشلة ،خرجت منها خاسرة
بصدق.
434
َّ
التي أودت بها إلى أن تصبح وسيلة انتقام .فضلت أن يعلم
اآلخربحياتها.
435
تفكرفيما سيفعل ويشغل عقلها إن كان سيستمربعالقته
معها أم سينهيها.
**********
436
الحب قادرعلى أن يعيد الحياة للجسد ،ينفخ في الروح
الرغبة في الحياة.
هذا هو وصف حبه لها ،هي له الحياة ،منذ رآها وهو ال يشعر
437
يشعربالتشتت؛ يريد االبتعاد خشية أن تصدمه ً
يوما ما
كل كلمة تخبره بها يتألم لحزنها .تركها بعد أن أفضت ما
ً
"شكرا إنك موجود في حياتي".
438
رسالة فهم املعنى وراءها؛ هي تنشد منه البقاء ،تريد
هاتفه يراسلها.
439
الحب ال يجرح ..ال يؤلم ،بل إن البشرهم من يسيئون
استخدامه.
*************
ً
اإلنسان من حقه أن يعيش حياته كما يريد ،وفقا الختياراته
440
ُ
آخرعرض قرب ،طلبه من قبل ونال الرفض ،مللم شتاته وفر
441
ينهشها التفكيرمما يجب فعله؛ هل تنتظرأن يتخذ خطوة
تفكرفيما يليها ،في رغبتها ،ال تعلم إن كان عليها أن تقبل أم
442
صياحه حين شاهد جبيرة قدم ابنه ،يصرخ بها وغضب
العالم يحتله:
آثرت عدم إجابته ،وأهدته نظرة باردة تخبره بها أنها أسقطته
من حساباتها ولم تعد بحاجة إليه .لكن برودها زاد من
443
والغضب انتقل إليها ،سحبت ذراعها من يده بقوة ،تبادله
بصرامة:
444
-قولي للهانم تحترم نفسها هي ،الهانم اللي سايبة والدها
سيرين هانم!
445
-امش ي اطلع بره ،ملكش دعوة بحياتي ،اللي بيني وبينك
والدك وبس.
بوعيد:
446
ملشاهدته ،ونظرات والدتها إليها ال تحيد عنها ،تطلب منها
***********
447
هي تركت للقلب التحكم بقراراتها ،ترى من البداية الحاجز
اتفاقهما.
عن طفلها وال تعلم كيف تؤتيها الجرأة لتفعل ،وفي النهاية
448
منذ شجارهما وهو يتجنبها ،ال يحادثها ،يرهق نفسه بالعمل
طوال اليوم ،يستيقظ ً
مبكرا قبلها ،ويعود بعد أن يغلبها
قاطع:
449
-الكالم انتهى يوم ما رجعتي في االتفاق.
ً
واضحا اتخذ خطوة لألمام اعترضتها ،تخبره بما داخلها ويراه
أمامه:
-ال.
450
صرخ بها ينفي عن نفسه تهمة توجهها إليه:
إنت
إنت اختارتي ،مخدعتكيش وال غصبتكِ ،
-أنا خيرتك و ِ
و افقتي بإرادتك يا هند.
-اللي عملتيه ّ
فرق يا هندِ ،
إنت اختارتي ،اتحملي نتيجة
اختيارك.
-اختارتك إنت.
يهزرأسه ً
نافيا بينما يجيبها:
451
-ال ،اختارتي إن اللي يربط بينا طفل.
ً
يصمت قليال قبل أن يخبرها بنهاية قصتهما:
************
452
ظلت تنتظراتصاله ملدة يومين حتى تقابله ،واليوم فقط
االقتراب من هدفها.
كل منهما،
حيرة وارتباك ومفاجأة ،مشاعرمختلفة بداخل ٍ
وكان هو أول من استدرك تشتته فبادرها بسؤال يشغله:
453
-أنا نفس ي مكنتش أعرف أي حاجة غيرمن شهور.
ونبرتها:
454
ُ
جلس يفرك كفيه ،يريد أن يخبرها بش يء ويخش ى أن تس يء
ً
فهمه ،فكان صوته مرتبكا:
عرف بوجودك.
455
-اهدي يا بيان ،أنا أكيد مش هسيبكم بعد ما وصلت لكم،
النظرإليها ،يخبرها:
456
عاجلت بسؤاله متعجبة:
سألته بفضول:
-قصدك إيه؟
457
-أدهم كمان كان موجود ،أدهم مش هيسمح إن كرم وريم
-أخواتي؟
-ليه هيرفضوا؟
458
وريم فقدت النطق فترة .أدهم الوحيد اللي كان قوي ،كان
معايا ،قالي إنه اعتبرإن أمه ماتت ،وإن دا اللي هيأقلم حياته
عليه.
لوحدنا األول.
459
-وعد مني إني أرجع لعمتي حقها وأعوضها عن الظلم
يفي به.
**************
ضئيل ال ينيرعتمته.
460
مرأسبوع بثقله على قلبه ،وكل ساعة خالله يزداد يأسه من
461
الحرية ،هواء نقي يتغلغل داخل صدرك ،تتنفس بعد أن
-هللا يسلمك.
462
-دا رقمي وعنوان املكتب يا ياسين ،هستناك تيجي عشان
463
ً
مبتسما: واآلخرربت على ظهره
ً
استحماما ينفض عنه عناء األسبوع تركه (ياسين) ينشد
ً
املاض ي حتى يهنأ بنومته ،واعتذر(يوسف) راحال ليتركه ينال
ً
قسطا من الراحة ،ومن خلفه نادته (سارة) بصوت خفيض
خجل:
-يوسف.
جامدة يخبرها:
464
نظرت إلى األرض يغمرها شعور باإلحراج ،لكنها سرعان ما
*************
465
)(16
تفتقده هو الحياة.
466
أحد سواهما ،ظن أنه قادرأن يكتفي بهما ،أن يعوضهما عن
ً
جميعا منه باملاض ي ،لكنه اكتشف خطأه. ألم وفقد عانوا
يكتف ،أو
ِ ربما هما اكتفيا به وكان لهما خيرسند ،لكنه لم
ً
مؤخرا ،اكتشف أنه يفتقد الكثير ،يفتقد هكذا اكتشف
ُ ُ
حضن أم حرم منه بعد تعلق ،ودفء بيت قد ألفه بعد
خوف.
الحصول عليه.
467
ً
انغماسه بالعمل كان كفيال أن ينسيه كل ش يء ،لكن في
التركيزبعمله.
عن رقم شقتها ،وأمام الباب تردد ،يرفع يده ليطرقه ولكنه
468
املض ي فيما جاء ألجله وعقله يصفه باألحمق على قراراته
العاطفيةً ،
حائرا بين قلب يريد وعقل ال يريد.
**********
469
وهو اختارأن يعيش حياته كما يريد ،ال يبالي بما يحدث
حوله ،لم يهتم بضائقة والده املادية ،ولم يفكر ً
يوما
كوارثه إليه.
لم يهتم ً
يوما بأخبارعائلته أو ما يحدث بها ،لكن أن يعلم أن
ووالدته ُليلم بكل ش يء ،وحينها علم أن للعمة ابنة ،ر اقب
470
برؤية أشقائها ورغبة شقيقه بتأجيل األمر؛ فأيقن أن هذه
فرصته ليظهربالصورة.
ناعم هاديء:
-ألو.
-ازيك يا بيان.
471
-مين معايا؟
فسألت محدثها:
472
-إيه يخليني أصدق كالمك؟
دا.
473
يخسر ،وبكل مكاملة ولقاء يخبرها برغبته بمساعدتها ويؤكد
***********
ُ
للحب قواعد ال تحص ى ،أولها أن تعترف به ،والقاعدة األهم
474
ً
مفصحا عن مشاعره ونال الرفض ،تزوجت هو تقدم مرة
بآخرفابتعد ،و أتته الفرصة مرة ثانية فلم يتردد ،عاود قربه
مرة أخرى فكان جوابها الهرب ،هروب فسره أنه تردد أو ربما
محاولته .وهذه املرة كان طلبه بشكل آخر ،حيث باقة زهور
تو افق على الزواج منه ،تريد أن تطمئن عليها .تريد لوالدتها
كاف لطمئنتها،
أن تعلم أن العيش بكنف رجل ليس سبب ٍ
فهي كانت تحيا برفقة رجل خدعها وغدربها.
475
انتبهت إلى طرق الباب وسط شرودها ،ابتهلت داخلها أن ال
-سليم!
476
نظرت إلى الطفلة برفقته ،عمرها يقارب عمرابنتها ،تنظر
إنت العروسة؟
ِ -
ً
توردت وجنتاها خجال ،تنظرإلى (سليم) بدهشة ثم تحيد
ً
سريعا عنه حين ترى ابتسامته ،وتولى هو مهمة بنظرها
تعريفها بابنته:
-تالين ،بنتي.
477
-أنا جاي أطلب من حضرتك ايد سيرين.
تخبره بابتسامة:
**********
478
ألول مرة في الصراع األزلي القائم بينهما يصف العقل القلب
غبية؛ فهي تتألم لفقده ،هي أحبته ،شعرت معه بأمان عائلة
479
ال تنكرأن رغبتها بالبداية كانت تسهيل أمور التقرب من إرثها
القته منه طمأنها ،نظراته تخبرها أنها بأمان ،أال تقلق ما
480
َُ
وقفت أمام باب غرفته ،تذكرنفسها أنها من أفسدت الوضع
-أنا أسفة.
481
اقتربت منه تجاوره بجلسته ،تجرأت لتمسك يده تستجدي
بذلك:
482
-أنا قلت اللي جاية عشانه ،ومش بضغط عليك عشان
ناحيتك.
ً
قالت جملتها األخيرة وهي تنظرأرضا ،تتهرب من عينيه،
تخبره:
لتواجهه.
483
ُ
لم يتحدث ،هو له طريقة أخرى لالعتراف بعشقه ،قبلة
بصوت خافت:
-مراتي.
484
-أنا بقول نحدد ميعاد الفرح عشان أنا مش مسؤول عن
إال إليه.
**********
تدور بها ،ال تجد جدران ،ال باب وال نافذة ،فقط الفراغ هو
ً
ما يحيط بك .تدور حول نفسك بحثا عن سبيل تسلكه فال
485
تستطيع ،تدور حولك فتجده يحاوطك ،الغرفة تضيق ،وما
االختناق.
من الفراش ،يكره النوم الذي أصبح يمنع عنه راحته ،يعلم
486
ارتدى مالبسه ينوي الذهاب إلى (أدهم) بمكتبه حسب
-فارس!
ً
مصدوما بعد ما أخبره (أدهم) ،يعلم كرهه نطقها (ياسين)
اطمئنان:
487
-اتقبض عليه؟
هز(أدهم) رأسه ً
نفيا يخبره ببقية التفاصيل:
488
واآلخروقف قبالته ،يربت على كتفه:
إليها؛ تلك التي اصطدم بها لترتد للخلف ،ولوال يده التي
489
أهدته ابتسامة تخبره:
يسألها:
إنت كويسة؟
ِ -
490
كرر اعتذاره ،انتظرها حتى دخلت املصعد ،وتوجه هو إلى
************
491
أنه األفضل ،إياك أن تمل! فإصرارك يجعل بينك وبين
منذ أن َّ
عرفها بنفسه وهو يحاول إقناعها بالذهاب معه،
يخبرها:
492
-إقناعك صعب.
ترددها:
-يال بينا.
493
صعد البناية وهي تتبعه ،وقف أمام شقة بالدور الثالث
-هما فين؟
494
ولم تكد تخطو خطوتان حتى استمعت إليه يغلق الباب وما
495
اآلن فقط علمت سرشعورها الس يء الذي كان يراودها،
ذلك:
496
املرة ،ونظراته إليها تخبرها أنه راغب بها .ظلت تقاومه،
تحاول إبعاده:
-سيبني يا مازن.
************
497
)(17
ما تحياه اآلن هو موت ،لكنها تتعذب بكل لحظة به ،ترى قتل
ق ً
أرضا يجثم فوقها ،تسمع صوت تمز مالبسها فتصرخ قبل
أن تخور قواها ،ومع صرخاتها وجدت من يدفعه ً
بعيدا عنها،
498
مما يفعل ترك جسد اآلخريسقط على األريكة ،يقاوم دوار
وفمه.
499
انتظرلحظات ثم ترجل من سيارته يتبعهما ،صعد الطوابق
ً
واحدا تلو اآلخرولم يعرف وجهتهما بالتحديد ،وقف ً
حائرا،
به:
-مازن في أي شقة؟
-معاك مفتاح؟
500
ً
مخرجا املفتاح من جيب بنطاله ،انتشله منه أماء برأسه
يبعده عنها ،يكيل إليه اللكمات حتى ترنح بين يديه ،تورم
وجهه ونزف فمه و أنفه فتركه ،وعاد إلى (بيان) التي سقطت
الذهاب بها إلى منزلها بهيئتها تلك ،وال يعلم كيف يبدل لها
مالبسها.
ً
سريعا: استل هاتفه يحادث والدته ،وفور أن أجابته أخبرها
501
-ماما ،معلش قابليني تحت البيت ،ربع ساعة وأكون
عندك.
**********
502
نستيقظ ذات صباح ،نشعرأن تلك اللحظات قد شارفت
فراق.
دقيقة ولم ترفع والدتها رأسها بعد ،نادتها مرة أخرى ،دقيقة
أخرى مرت.
503
اقتربت منها تلمس جسدها ،ولم تكد تفعل حتى سقطت
تناديها:
-ماما!
تتوسلها:
504
وضعت رأسها أعلى خافقها ،فافتقدت دفء صدرها ،ولم
الحياة.
**********
505
ً
مؤخرا تأخذه قدماه إلى منزل والدته ،وبآخر ككل يوم بحياته
عاد ملنزله بعد يوم عمل ليس بشاق ،لكنه مع ذلك يشعر
برغم بعده عنها ،يفتقد بسمة تقابله بها عند عودته وتعلم
506
تعلمه فهو مخطيء ،ألنه بذلك يسمح بحبها له أن يتسرب
-هند.
نداء ثاني وثالث وال تجيبه ،توجه إلى الغرفة يطرق باباها،
وعندما لم يحصل على د فتحه ليتفاجأ بزوجته ممدة أ ً
ضا ر ر
بوجه شاحب.
**********
507
بلحظة تظن أنك قد فقدت نفسك ،وبلحظة تليها تجد
إنت مين؟
-أنا فين؟ و ِ
508
نظرت إلى مالبسها لترى أنها ترتدي سترة تداري تمزقها،
-أمجد فين؟
إنت كويسة؟
ِ -
509
-أنا جبت لك هدوم ،يا رب تكون مقاسك .ماما معاكي لو
510
قصت عليه األمرمن بدايته ،أخبرته كيف تواصل معها
َّ
عرفها على والدته ،أخبرها أن خالها يرقد بإحدى الغرف
َّ
ففضل أن يتم ولكنه ال يعلم عن وجودها ش يء بعد،
511
-بقيتي كويسة؟ تقدري تروحي من غيرعمتي ما تحس
بحاجة؟
بالخجل يغمرها:
ً
مجيبا إياها: أهداها ابتسامة
512
-خدي بالك بس من نفسك وحاولي متحسسيش مامتك
هزت رأسها تؤكد له أنها ستنفذ كالمه ،ثم تركته لتصعد إلى
**********
513
عليك أن تعتاد الفقد ،أن تؤهل قلبك ليتحمل وحدته ذات
مؤلم ،وفي حالتها أمله مضاعف .لم تصدق بعد أنها فارقتها،
514
لم تستطع أن تفعل ش يء وتركت لـ(سليم) مهمة إنهاء
إجراءات الدفن.
ُ
وقبل أن تبدأ إجراءات الغسل ،وجدت شقيقتها تقتحم
مرة؟
515
شقيقتها تنهال عليها باالتهامات ،وهي ال طاقة لديها لتجيبها،
والدتها.
تخبرها بهدوء:
516
أما عن (أسيل) فلم تخفض بصرها عن شقيقتها ،وبداخلها
517
الشقيقة التي اقتربت من زوجها َّتدعي التعب واإلرهاق،
ً
دموعا لم ترها (سيرين) على وجهها ترتمي بأحضانه تذرف
مصطنعة أم حقيقية:
يخليكم لبعض.
فعاله بها ،هما أول من اعتبرتهما بعداد األموات وال تريد رؤية
518
وجههما مرة أخرى ،لكن ليس كل ما يتمناه املرء يدركه.
عن مخططها:
519
-و إنت كمان هتبات معايا هنا.
-أل.
520
أهانته ولم تهتم ،فهو يستحق ،لكنها تفاجأت بمعاندة
521
نظرت إليه بتيه ،دموعها تمأل عينيها ،فأهداها نظرة
وهاتي الوالد.
522
-واخدة والدي ور ايحة فين؟
523
ً
فتركهم راحال ،يتآكله الغضب ،يندم على فعلة هدم بها
-هروح فين؟
ً
سريعا ،ولم يجد غيره أمامه لحمايتها: وكان رده
ً
-هنكتب الكتاب حاال ،وهتيجي تقعدي معززة مكرمة في
بيتك.
524
نظرت إلى طفليها ،تخش ى أن ينفذ (عاصم) تهديده ،ففطن
**********
قد يحتاج اإلنسان إلى صفعة إفاقة تجبره على رؤية األمور
الصحيح.
525
شعربالخوف حين رأى زوجته غائبة عن الوعي ولم يستطع
هللا تقدرتخرج.
اطمأن قلبه ،لم يرد ش يء آخربعد هذا ،ولكن بقي أمامه أمر
526
دخل إلى غرفة زوجته ،كانت برفقة شقيقته التي هاتفها لكي
تأتي إليه باملشفى ،اقترب منها يطبع قبلة أعلى رأسها ،ينظر
ً
مبتسما ،يخبرها بينما يضع يده فوق بطنها: إليها
له:
-هللا يسلمك.
527
فعاجلته زوجته بالسؤال:
-رايح فين؟
528
ولم ينتبه إلى من كان يترصده ووجدها فرصة مناسبة
**********
529
)(18
530
أول لقاء كان اصطدام ..اصطدام سعيد بوجه حسن شغل
ينوي الرحيل.
وتعريف عن نفسه:
531
-ياسين ،أخو سارة.
َ ُ
وبادلته املصافحة بخجل ،تعرفه عن نفسها هي األخرى:
-ريم الزهيري.
ََ
لفت اللقب انتباهه ،يسألها يتأكد من معرفته بها:
-قريبة أدهم؟
-أيوه ،أخته.
ً
مجددا عن اصطدامه بها باملرة السابقة، اعتذرلها
ً
وللحقيقة هو ليس آسفا ،بل هو سعيد به ،وسعيد بتلك
532
انتهى الحديث بينهما بقدوم شقيقته ومعاودة دفة الحوار
بينهما عما يخص منزلها .ولم يطل اللقاء ً
كثيرا؛ حيث جاءها
لكن هذا اللقاء يشغل تفكيره منذ األمس ،قرر أنه لن يترك
***********
533
للموت وتريح الجسد من عذابه ،أو أن تعود للحياة وتحارب
جلس على املقعد يدفن وجهه بين يديه ،يبتهل أن يخرج إليه
534
ابنه بخير ،برغم الخالف املستمربينهما لكنه يبقى سنده
535
وبداخلها تخش ى فقد من كان بمثابة أب قبل أن يكون
شقيق.
ُيفرض رأيه.
**********
536
املواجهة من أصعب اللحظات التي تمربحياة اإلنسان،
ُ
تفتح جميع الدفاتر ،يطل منها املاض ي .واألصعب هو أنك ال
537
ً
يدها تكتم شهقاتها ،تبكي سنوات قضتها بعيدة عنه ،وحين
أتت لها الفرصة لرؤيته كان بهذا الوضع ،حتى ضمه ال تقدر
-ادعيله.
538
لم ينتبها إلى النظرات املتعجبة حولهما ،وأول ما لفت
-مين دي؟
(كرم) الذي انتبه على لفظها كلمة "ابني" حين كانت تحادث
والده ،تقصد بها ذلك الر اقد بالغرفة بين الحياة واملوت.
نكس والده رأسه يخبره بخزي عما فعله باملاض يً ،
نادما على
تفرقة أم عن أطفالها:
-مامتكم.
(ريم) مصدومة برؤية تلك التي تركتهم باملاض ي ،و اقترب منها
539
(كرم) يحاول التحكم بغضبه ومراعاة املكان واألشخاص
حوله:
املاض ي الذي دفع ثمنه أوالده حين مأل قلوبهم كره تجاه
والدتهم.
540
بينما هو من حرمها منهم ،انفصلت عنه ألنه كان دائم الشك
وهي لم تتحمل الحياة معه ،فكان عقابه لها أن ّ
فرق بينها
وأطفالها.
-بيان… بنتك.
541
اتسعت عيناه بصدمة ،رآها برفقتها يوم خطبة (كرم) ولم
يأت بباله أن تكون ابنته ،نظرإليها يطلب توض ً
يحا،
542
-إنت قررت تعاقبها وتحرمها مننا ،ووهمتنا إنها اللي
543
شقيقه .رحل (أمجد) خلف (كرم) ،وترك البقية خلفه
*************
544
أصرعلى أن يتحمل مسؤوليتها وطفليها ،يعلم أن الوقت لم
ً
مراعيا لحزنها على والدتها ،يعلم أن حالتها النفسية وهو كان
سيئة جراء األحداث التي مرت بها ،فلم يطلب منها ما هو
أخبرها:
545
-أنا عارف إن الظرف مكنش يسمح بدا بس مكنش
لوحدك.
ً
شكرا على وقفتك جنبي يا سليم. -
ً
أمسك يدها ،ونظراته إليها تنبض بالحب ،نبرته تهيم عشقا
بها:
546
ً
صمت قليال بعد أن أربكها بكلماته ،ثم أكمل حديثه:
عليكم.
547
-بعد كده هتفضل معايا ،مفيش جيران تاني خالص.
إنت والوالد.
ترتبي حاجتك ِ
**********
الحاضر ٌ
وهم نبنيه فوق سراب املاض ي.
548
بلحظة اكتشف أنه عاش ضحية خدعة من والده،
ً
مرحبا به ،يعتذرعن قدومه بمنزل (روفيدا) استقبله والدها
ً
فجأة دون إبالغهم مسبقا ،يخبره أنه يريد التحدث مع
549
خطيبته بأمرهام ،تلك التي شعرت بالقلق فور رؤيته؛ يبدو
550
هزرأسه دون أن يجيب ،مسح وجهه بكفيه قبل أن يفاجئها
بسؤاله:
551
تلك أسرارصديقتها ،لكن بداخلها فضول لتعلم سراهتمام
لهم قرايب.
ً
توقفت قليال مترددة قبل أن تخبره بالبقية:
عنهم أي حاجة.
552
عليه أن يعود لوالده ،أو ربما يجد جواب أسئلته لدى
عليه:
************
553
الندم يأتي بعد فوات األوان ،بعد أن تتسرب الحياة من بين
يديك.
هذا.
554
ابتعد عن أبنائه ،ويحيا بمشاكل وشجارات من وقتها،
بعده.
ال يطيق رؤية وجهها اآلن ،هو شريك معها بكل ما فعاله،
555
نظرإليها يخبرها دون اكتراث لطلبها:
معاك.
ِ -تعبان ،مش هقدرأجي
يخضع لرغباتها.
بالسيا ة لم يتفوه بكلمة ،شا د بتفكيره ً
بعيدا عنها ،األمر ر ر
الذي أغضبها:
556
-ابتسم حتى ،متحسسنيش إن وخداك غصب ،اللي في
557
-إنت مش طفل وال أنا ضربتك على ايدك تعمل كده.
ً
-فعال أنا مش طفل ،وعشان كده الوضع دا الزم يتصلح.
ً
صحيحا فسألته: نظرت إليه ،تخش ى أن يكون ما فهمته
-تقصد إيه؟
***********
558
)(19
ً
مرحبا بك في نهاية الرحلة ،حيث كتب الراوي آخرسطر
**********
ُ
املوت ليس نهاية املطاف ،بل هو الحياة ،فرصة جديدة تمنح
*********
559
َّ
نحن نأتي الحياة صغا ًرا ،نكبرونتعلم ،نسيربدرب خطه
بالحياة.
560
املقعد وعجلة القيادة التي تضغط على أضلعه ،قدمه
561
للحظات حاول فيها أن يتفوه بش يء ما ،ولم يستطع (سليم)
-سيرين… تسامحني.
562
والقدرلم يمنحه الوقت لينال سماح ،حيث علت صافرات
استعادتها.
***********
563
للموت رهبة ،تنس ى معها أي أذى مربحياتك ،وكل ما تتذكره
لحادث ،لم يذكر لها التفاصيل إال بعد قدومها ،أخبرها أن
الزوج توفى فور قدومه وآخرما طلبه هو العفو منها ،أما عن
تعرضت له ،فاألنثى تحيا فقط ألجل اليوم الذي تمارس فيه
564
ذهبت لغرفة شقيقتها بعد أن علمت بإفاقتها ،محت دموعها
565
-أنا بكرهك ،آخرحاجة قالهالي قبل الحادثة إنه ندمان
إنت
على جوازنا ،دايما بتاخدي مني كل حاجة بحبهاِ ،
السبب؛ كنا بنتخانق بسببك ومخدش باله من الطريق،
بحرقة:
566
-أنا عملت إيه؟ بعد كل اللي عملوه فيا بتحملني ذنب
ربت على كتفها يصطحبها إلى خارج املشفى ،يود العودة بها
إلى منزلهما:
متقصدوش.
567
ً
صحيا كويسة الحمد هلل ،غيرموضوع الجنين -هي
**********
568
هناك لحظات ال يمكنك التهرب منها ،يتحتم عليك أن
والدتهم.
ً
عاد من املشفى إلى منزله ليسترح قليال قبل أن يعود
يسأله:
569
-ليه عملت كده؟ عملت إيه عشان عقابها يكون إنك
570
لم يتحمل املزيد ،نظرإليهما يستجدي عاطفتهما:
571
زفربضيق يمسح على وجهه ،ثم يعاود النظرإلى والده يكمل
حديثه:
حاجة تانية.
يتغذى عليه.
***********
572
ُمنح فرصة ثانية ،عاد إلى الحياة بعد موت وشيك ،عادت
ُ
أجهزته إلى العمل بشكل منتظم فنقل إلى غرفة عادية الزمته
بها والدته.
573
فور أن الحظت إفاقته حتى اقتربت منه مسرعة ،تحتضن
يده ،تقبل جبينه ،تنهال دموعها ً
فرحا باستيقاظه ،ظهرهذا
ً
جليا بصوتها:
تعرض للحادث.
574
أخبره الطبيب عن حالته حين قال له أنه ال يستطيع
العالج الطبيعي.
عننا.
575
صمت يلتقط أنفاسه ،ثم يعود يكمل حديثه ،ينظرإليها
بشوق:
حرك رأسه ً
نفيا:
576
أتى والده وأشقائه لالطمئنان عليه ،تعرف إلى (بيان) ،علم
577
-متقولش كده ،إن شاء هتبقى كويس وترجع تتحرك
تاني.
وطفله بأحشائها:
-عاملين إيه؟
578
-حقك عليا ،أنا آسف على كل لحظة زعلتك فيها.
ً
واملتيمة به عشقا لم تجد ما تجيبه به فاكتفت بدموعها.
من جديد.
***********
579
وهناك من طمع بفرصة ثانية له ،يطلب بداية جديدة تشمل
تجلس أمام شقيقها ،ترى ندمه عما فعله بها ،يحاول أن
580
-بس ربنا انتقم لك ،وبردو خسرت كل حاجة ،واللي
مع مراد.
بها:
581
وبخارج الغرفة جلست (بيان) برفقة (أمجد) ،لم تكن تريد
-سافر.
حاجة.
582
ً
أومأت له برأسها دون جواب ،اطمأنت بداخلها ولو قليال؛
*************
583
موعد زفافها سوى أيام قليلة ،واليوم كانت على موعد أخير
بعدم مجيئها:
584
تنوي الرحيل ،وستضيع فرصة أخيرة من بين يده ،لكنه أصر
أن تجيبه.
***********
585
التوترداء يصيب كل فتاة عند اقتراب زفافها ،تشعرأن
586
دخال ليجدا املنضدة أمامهما عامرة بما لذ وطاب من
-إيه دا يا سارة؟
587
-عندك ميعاد في البيوتي سنترمن ساعة فاتت وبكلمك
588
أسرته طلتها
وباملساء تناس ى كل ما فعلته طوال اليومِ ،
بفستان الزفاف ،اقترب منها يطبع قبلة على وجنتها ،يبتسم
بينما يخبرها:
-مبروك عليا.
************
589
الخاتمة
ُ
النفوس املريضة بالحقد ال تشفى مهما مرالزمن ،بل يظل
590
تخرج لتربض أسفل منزل شقيقتها ،تتبع تحركاتهم من بعيد،
التي بداخلها.
591
هي خططت لكل ش يء ،بنت طموحاتها لتكون الرابحة،
***********
592
ً
كان لها يد العون في أشد لحظاتها حزنا ،فكانت له مصدر
***********
ثانية ،يخبرها أنه لن يمل ،ولن يتوقف حتى تقبل به ،وبنهاية
لقاء..
593
نظرة..
نبضة..
عشق..
594
رغم الخجل ..التوتر ..اقتربت منه ،ترفع عينيها تنظر
وحدهما:
-ترقص؟
ً
التقط كفيها ،يقرب جسدها إليه ،تهيم نظراته عشقا بها،
-نرقص.
595
األيمن يحيط خصرها واأليسريضم يدها اليسرى ،ويمناها
دمي"
وأرتمي"
596
ً
لجنس تنتمي؟ وملن
ٍ عصرأو
ٍ قبيلة وألي
ٍ "قل لي أيا رجال ألي
بحبك.
ِ -
يميل بوجهه يلثم ثغرها ،قبلة تلتها ثانية وثالثة ،يترك نفسه
***********
597
ً
قد يكون حظك من السعادة مضاعفا بليلة واحدة ،اليوم
كان حفل زفاف شقيقته ،دق قلبها أخي ًرا بعدما سكن منذ
يسألها بقلق:
-مالك يا هند؟
598
ً
مؤخرا، وقف يستند على عصاه التي يستخدمها في الحركة
-هنسميها إيه؟
-شمس.
ً
حددت االسم مسبقا ،وأهدته السبب:
599
-دي الشمس اللي شقشقت في حياتنا ،دي اللي حركت
*************
600
خاصة بعد أن اعتذرمن والدتهم وسمح بعودتها إلى حياتهم
مرة أخرى.
ينسيها كل ش يء بنفسه.
ً
همس بأذنها معترفا:
601
تزيد املسافات بينهما ،ليأتي هو ويزيل كل تلك املسافات
باعتر افه.
************
602
كانت تجلس معه بسيارته ،أوصلها ملنزلها بعد أن كانت
603
-ممكن تتفق مع بابا على ميعاد الفرح.
ال تعلم كيف و اتتها الشجاعة لتعترف بها ،وفور أن أدركت ما
************
604
من أهداك السعادة يستحق ش يء مميز ،يستحق أن تهديه
ُ
السعادة هو اآلخر ،والبد أن يكون لك َبصمتك التي ال تنس ى.
جواره تنتظراستيقاظه.
605
لم يستوعب ما تفوهت به ،أي لعب تقصد في هذا الوقت!
606
هزت رأسها عدة مرات بينما تناوله البطاقات مرة أخرى:
607
يحتضنها ،يمسك وجهها بين كفيه ،يسألها بعينيه أن تؤكد
نحتفل.
***********
ً
أغلق الراوي دفاتراملاض ي ،تاركا للمستقبل تولي زمام
األمور.
************
608
تمت بحمد هللا
الجمعة 2021/10/1
a.m 2:50
609
كل من:
جزيل الشكرإلى ٍ
(ياسين).
610