You are on page 1of 6

‫العلوم الطبيعية والعلوم االجتماعية‪:‬‬

‫سنتناول بإجياز يف هذه احملاضرة العناصر اآلتية‪:‬‬

‫أوال ـ ماهية العلوم الطبيعية والعلوم االجتماعية‪.‬‬

‫ثانيا ـ الفرق بين العلوم الطبيعية والعلوم االجتماعية‪.‬‬

‫ثالثا ـ إمكانية الدراسة العلمية للظواهر االجتماعية‪.‬‬

‫أوال ـ ماهية العلوم الطبيعية والعلوم االجتماعية‪.‬‬

‫العل وم الطبيعي ة؛ وتس مى أيض ا العل وم "الص حيحة" أو "الدقيقة" أو جمرد "عل وم"‪ ،‬وهي تل ك‬
‫العل وم ال يت تتخ ذ من اجملاالت الفيزيقي ة واحليوي ة موض وعا للدراس ة‪ ،‬مبع ىن أن جماهلا اخلاص بالدراس ة‬
‫يتمحور حول الظواهر الطبيعية على اعتبار أن الطبيعة هي كل ما هو موجود أو منتج دون تدخل من‬
‫طرف اإلنسان (إال أن كلمة طبيعي تعترب من أكثر الكلمات إهباما والتباسا‪ ،‬حبيث يتعذر الفصل بني‬
‫ما هو طبيعي وما هو غري طبيعي) ‪ ،‬تتفرع العلوم الطبيعية إىل عدة ختصصات مثل الفيزياء والكيمياء‬
‫والبيولوجي ا‪ ،‬اجليولوجي ا الفيزي اء الفلكي ة‪ ،‬وغريه ا من الف روع تط ورت والزالت يف تط ور دائم‪،‬‬
‫وأصبحت منوذجا حيتذى به‪.‬‬
‫تتعامل العلوم الطبيعية مع األشياء املادية‪ ،‬وحتاول اكتشاف العالقات بني الظواهر أو األشياء‬
‫املادي ة‪ ،‬تس تعني ب أدوات (تعت رب األدوات امت داد للح واس مث ل اجمله ر امت داد للعني‪ ،‬األوديومي رت امت داد‬
‫لألذن) يساعد يف تبسيط معاين هذه األشياء ومكوناهتا وبالتايل إمكانية التجربة عليها‪ ،‬حيث ميكن من‬
‫خالل التجرب ة إث ارة موض وع أو ظ اهرة هبدف دراس تها ب الرجوع إىل املخ رب‪ ،‬ال ذي ميكنن ا من توف ري‬
‫شروط إعادة إنتاج هذه الظاهرة ومعاجلتها‪ ،‬أي أن منوذج البحث يف العلوم الطبيعية يرتكز على ثالث‬
‫عناصر أساسية هي " املادة"‪ ،‬األداة" و"التجربة"‪.‬‬
‫أما جمال العلوم االجتماعية فمختلف‪ ،‬إذ يطلق مصطلح" العلم االجتماعي" على أي نوع من‬
‫الدراسة هتتم باإلنسان واجملتمع‪ ،‬إال أن املصطلح يشري مبعناه الدقيق أو الضيق إىل تطبيق املناهج العلمية‬
‫لدراس ة ش بكات العالق ات االجتماعي ة املعق دة وص ور التنظيم ال يت متكن األف راد من العيش مع ا يف‬
‫اجملتم ع‪ ...‬إال أن ه أص بح من املع رتف ب ه يف ال وقت احلاض ر أن الدراس ة العلمي ة للعالق ات اإلنس انية‬
‫والتنظيم االجتماعي املعقد للمجتمع جيب أن ميثل اهتمام العلوم االجتماعية معا وليس علما اجتماعيا‬
‫بعينه‪ .‬إن التطور السريع للمعرفة العلمية والتخصص الدقيق يف فروع العلوم املختلفة‪ ،‬وتطوير بعض‬
‫دراسات جديدة مثل اإلدارة االجتماعية مث تطوير نظريات أكثر دقة ومناهج للبحث أكثر ختصصا يف‬
‫جمال اخلدم ة ق د غ ري يف الواق ع ويف ف رتة قص رية نس بيا من الزم ان ه ذه التص ورات القدمية للعلم‬
‫االجتماعي‪.‬‬
‫وب ذلك فق د أص بحت العل وم اإلنس انية واالجتماعي ة تطل ق على ك ل حق ل مع ريف جع ل من‬
‫اإلنسان واجملتمع موضوعا للدراسة‪ ،‬حيث " عدت العلوم االجتماعية وعلم االجتماع خاصة علوما‬
‫تفسريية‪ ،‬أي علوما تدرس املظهر العام واملنتظم واملتكرر للظواهر وتستطيع يف غياب تفسري القوانني‬
‫أن تعمم وأحيانا أن تتنبأ"‪ ،‬واهلدف من مثل هذه الدراسات هو معرفة وفهم اإلنسان ومعىن أو داللة‬
‫أفعال ه‪ ،‬ال يت جترى يف خمتل ف الف روع كعلم النفس(الظ واهر النفس ية)‪ ،‬وعلم االجتم اع(الظ واهر‬
‫االجتماعية)‪ ،‬التاريخ(دراسة األحداث والوقائع املاضية) وغريها‪.‬‬
‫وألهنا تتخذ من اإلنسان موضوعا للدراسة‪ ،‬فاألمر خيتلف كليا عن مواد العلوم الطبيعية‪ ،‬إذ‬
‫يتطلب عناي ة وح ذر كب ريين‪ ،‬ذل ك أن اإلنس ان يتح دث‪ ،‬يتج اوب‪ ،‬يتفاع ل م ع غ ريه وميتل ك وعي ا‬
‫بأفعال ه ومق درة على التعلم والفهم واإلب داع والتغي ري والتحكم يف س لوكاته‪ ،‬وهبذا يص عب مالحظت ه‬
‫واستجوابه ويتعذر يف كثري من الظواهر التجريب عليه‪ ،‬وهلذا يستوجب طرقا خاصة للبحث تتماشى‬
‫وهذه اخلصائص‪.‬‬

‫ثانيا ـ الفرق بين العلوم الطبيعية والعلوم االجتماعية‬

‫يتعامل الباحث يف العلوم الطبيعية مع متغريات قليلة‪ ،‬ويسهل إخضاعها للقياسات املوضوعية‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫أما العلوم االجتماعية فاملتغريات مركبة وعديدة يصعب تقديرها‪.‬‬
‫ص عوبة التعميم (فردي ة احلدث) ف األفراد ال يتش اهبون يف خلفي اهتم وتك وينهم بينم ا تتش ابه‬ ‫‪‬‬
‫اإللكرتونات مثال يف سلوكها إذا وجدت نفس الظروف‪.‬‬
‫ليس من املمكن دائم ا مالحظ ة املالمح الب ارزة ال يت ت ؤثر ت أثريا مباش را يف املواق ف اإلنس انية‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫فمثال يصعب مالحظة التاريخ السابق للطفل قبل التحاقه باملدرسة‪.‬‬
‫تعق د موض وع الدراس ة يف جمال العل وم االجتماعي ة‪ ،‬حيث تتحكم يف الدراس ة العدي د من‬ ‫‪‬‬
‫املتغريات‪ ،‬فالسلوك اإلنساين يتأثر بعوامل عدة يصعب مالحظتها ومراقبتها‪ ،‬فمثال ال يستطيع‬
‫الباحث يف التاريخ أن يرى‪ ،‬يراقب الظواهر املاضية‪ ،‬عكس املواد اجلامدة كاحلجارة واملعادن‪،‬‬
‫أو تتبع فصيلة حيوان ما يف جمال العلوم الطبيعية‪ ،‬ألن العامل املادي يبدو أكثر بساطة من العامل‬
‫اإلنساين‪.‬‬
‫صعوبة تكرار األحداث هبدف الدراسة يف العلوم االجتماعية‪ ،‬مثال ظاهرة االنتحار‪ ،‬الطالق‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫القتل‪ ،‬وبذلك يصعب إعادهتا خمربيا ويصعب التجريب عليها‪.‬‬
‫التحيز وعدم املوضوعية لصعوبة فصل الباحث عن احلدث فقد يكون عنصرا من عناصره يف‬ ‫‪‬‬
‫العل وم االجتماعي ة‪ ،‬أم ا يف العل وم الطبيعي ة ف ذات اإلنس ان يف غ الب األحي ان خارج ة عن‬
‫الظاهرة املدروسة‪.‬‬
‫نس بية احلقيق ة أو احلدث وارتباطه ا بأوض اع وظ روف متباين ة (خمتلف ة) بني األف راد أو‬ ‫‪‬‬
‫اجملتمعات‪ ،‬كما قد ال تتوفر للباحث كل املعلومات الكفيلة باإلحاطة بالظاهرة وفهمها من‬
‫ك ل جوانبه ا‪ ،‬لت داخل أس باهبا وس ياقها م ع عوام ل سياس ية‪ ،‬اجتماعي ة‪ ،‬ثقافي ة‪ ،‬تارخيي ة‪،‬‬
‫اقتصادية‪.‬‬
‫إذا ك انت العل وم اإلنس انية واالجتماعي ة متي ل إىل التفس ري‪ ،‬فإهنا كم ا س بق يف كث ري من‬ ‫‪‬‬
‫األحيان‪ ،‬ال تسمح بالدراسة الدقيقة للعليات أو املسببات‪ ،‬األمر الذي ميكن أن يتوفر للعلوم‬
‫الطبيعية بسبب التجربة من خالل التحكم يف إثارة ومراقبة الوضعيات اليت تسمح لنا بدراسة‬
‫اآلث ار ال يت حتدثها ظ اهرة م ا يف ظ اهرة أخ رى‪ ،‬مما يع ين بالض رورة اختالف منوذج ومنط‬
‫التحلي ل‪ ،‬ال ذي يرتك ز يف العل وم االجتماعي ة على منط التحلي ل الفهي للظ واهر يتم بواس طته‬
‫أخ ذ بعني االعتب ار املع ىن ال ذي تعطي ه الكائن ات البش رية لس لوكاهتا ض من جمموع ة من‬
‫التأويالت‪ ،‬ويعد فيلسوف التاريخ األملاين اجلنسية " دراوزن"‪ ،‬أول عامل غريب أدخل الثنائية‬
‫املنهجية‪ ،‬حيث ميز بني " التفسري" و"الفهم" وذهب إىل أن هدف العلوم الطبيعية هو التفسري‪،‬‬
‫وأما هدف التاريخ فهو فهم الظواهر اليت تقع داخل حدود اختصاصه‪ ،‬واجلدول التايل يوجز‬
‫أهم النقاط السابقة‪.‬‬
‫الموضوع في العلوم اإلنسانية وفي العلوم الطبيعية‬

‫املوضوع يف العلوم الطبيعية‬ ‫املوضوع يف العلوم اإلنسانية‬


‫ليس له وعي بوجوده‬ ‫له وعي بوجوده‬
‫ال يعطي معىن ألفعاله‬ ‫يعطي معىن ألفعاله‬
‫ليس من نفس طبيعة املالحظ‬ ‫من نفس طبيعة املالحظ‬
‫ميكن إعادة إنتاجه‬ ‫غري ممكن إعادة إنتاجه‬
‫بسيط‬ ‫معقد‬
‫يقبل القياس‬ ‫يقبل قياسه جزئيا‬
‫يقبل بالسببية‬ ‫يقبل بالتحليل التفسريي‬
‫ال يقبل بالتحليل الفهمي‬ ‫يقبل التحليل الفهمي‬

‫ثالثا ـ إمكانية الدراسة العلمية للظواهر االجتماعية‬

‫الزال السؤال مطروحا منذ نشأة العلوم االجتماعية ورغم التطورات اليت أحرزهتا‪ ،‬حول‬
‫علمية العلوم االجتماعية‪ ،‬حيث عارض فريق من العلماء والفالسفة مبدأ تطبيق املنهج العلمي يف‬
‫دراسة الظواهر االجتماعية‪ ،‬ويركزون حول عدد من املسائل أمهها‪:‬‬
‫‪ ‬حركة اجملتمع قد تسبق حركة البحث االجتماعي‪ ،‬بشكل حيول دون الوصول إىل نتائج‬
‫وقوانني ثابتة‪ ،‬كما يؤدي إىل قدم املعلومات يف ظل التحوالت االجتماعية السريعة‪.‬‬
‫‪ ‬ميكن اس تخدام من اهج البحث العلمي فق ط يف جمال الظ واهر الطبيع ة حبكم ثب ات انتظامه ا‪،‬‬
‫ووج ود ق وانني حتكمه ا‪ ،‬ب دليل أن الق انون العلمي يف الظ واهر الطبيعي ة س وف يتحق ق بش كل‬
‫تلقائي‪ ،‬كلما توفرت نفس الشروط الضرورية‪ ،‬والكافية لتحققه(املاء يغلي عند مئة درجة مئوية)‪،‬‬
‫أما على مستوى الظواهر االجتماعية فإنه ال ميكن الوصول إىل مثل هذا القانون‪ ،‬وذلك لتدخل‬
‫عناصر كثري قد تؤدي إىل حتقق القانون أو عدم حتققه‪ ،‬ولعل من أبرز هذه العناصر عنصر اإلرادة‬
‫اإلنس انية‪ ،‬مث ال‪ :‬ق د ي ذهب بعض املختص ني يف علم االجتم اع إىل أن التن اقض االجتم اعي‬
‫وأشكال القهر االجتماعي املختلفة‪ ،‬سوف تؤدي إىل الثورة االجتماعية‪ ،‬إال أنه بإمكان توفر كل‬
‫ش روط الث ورة‪ ،‬إال أهنا ال حتدث‪ ،‬ألن األف راد ال يري دون ذل ك‪ ،‬أي أن اإلرادة اإلنس انية‪ ،‬ق د‬
‫تت دخل لتحقي ق الق انون االجتم اعي أو ع دم حتقق ه وبالت ايل يس تحيل التنب ؤ مبجري ات الظ واهر‬
‫االجتماعية‪ ،‬بنفس دقة وصرامة الظواهر الطبيعية‪.‬‬
‫‪ ‬استحالة إجراء التجارب يف الدراسات االجتماعية‪ ،‬فلن يستطيع أحد أن يدفع أسرة للتفكك‬
‫أو لالنفص ال ح ىت يع رف ت أثري االنفص ال على االحنراف ات‪ ،‬أي أن املنهج العلمي أساس ا يع ين‬
‫التجربة املعملية املضبوطة (التجربة املخربية)‪ ،‬وذلك ال يتوفر ولن يتوفر يف اجملال االجتماعي‪.‬‬
‫‪ ‬يرى بعض هؤالء املعرتضني؛ أن الباحث االجتماعي جيد نفسه جزءا من الظاهرة االجتماعية‬
‫اليت يدرسها‪ ،‬واليت قد جيد نفسه مهتما هبا اهتماما شخصيا مما جيعل دراسة الظواهر االجتماعية‬
‫تت أثر بقيم الب احث‪ ،‬اجتاهات ه‪ ،‬أو العقائ د الس ائدة يف جمتمع ه‪ ،‬وبالت ايل فه و علم يفتق ر إىل‬
‫املوضوعية‪.‬‬

‫ومن اجلدير بال ذكر أن ه ذه احلجج ال تنطب ق على علم االجتم اع فق ط‪ ،‬ب ل متس كاف ة العل وم‬
‫االجتماعية‪ ،‬اليت تتخذ من اجملتمع اإلنساين جماال لدراستها من زوايا متعددة‪ ،‬ويف مقابل هؤالء العلماء‬
‫الذين يشككون يف إمكانية الدراسة العلمية للظواهر االجتماعية‪ ،‬جند فريقا آخر من العلماء‪ ،‬يرى أن‬
‫علم االجتم اع على غ رار ب اقي العل وم االجتماعي ة علي ه أن حيذوا (ينتهج)‪ ،‬منط العل وم الطبيعي ة ب ل‬
‫وأكثر من هذا يطور مناهجه يف الدراسة‪ ،‬وميكننا عرض مناذج ملناقشتهم على النحو التايل‪:‬‬

‫‪ ‬فيم ا خيص اس تحالة دراس ة الظ واهر االجتماعي ة‪ ،‬حبكم التغ ري ال ذي يط رأ على الظ اهرة‬
‫االجتماعية‪ ،‬ال ينفي فقط إمكان إقامة علم اجتماعي بل ينفي كذلك إمكانية العلم يف حد ذاته‪،‬‬
‫الن التغري ليس مسة اجملتمع اإلنساين فقط بل هي سنة الكون وقانونه احلتمي سواء جوانبه املادية‬
‫أو جوانبه االجتماعية والثقافية‪.‬‬
‫‪ ‬أم ا ال رأي الث اين فإن ه ينط وي على بع دين‪ ،‬أم ا األول فه و إنك ار وج ود انتظام ات أو ق وانني‬
‫ختضع هلا احلياة االجتماعية يف استقرارها النسيب وحركتها‪ ،‬يفنده( ينكره) ويعتربونه ال يستند‬
‫إىل أساس علمي متني‪ ،‬ألن اجملتمع اإلنساين‪ ،‬ظاهرة موجودة يف الطبيعة وهي جزء متكامل مع‬
‫الطبيع ة يف الك ون‪ ،‬وبالت ايل كي ف نس تثنيه من كاف ة الق وانني واالنتظامي ات ال يت حتكم الظ واهر‬
‫الطبيعي ة األخ رى‪ .‬ويتمث ل البع د الث اين يف االع رتاف بوج ود ق وانني نوعي ة أو انتظام ات خاص ة‬
‫باحلي اة االجتماعي ة‪ ،‬لكنه ا التص ل إىل الدق ة وص رامة العل وم الطبيعي ة الرتباطه ا الوثي ق ب اإلرادة‬
‫اإلنسانية‪ ،‬يرى العلماء أن حل هذه املشكلة يكمن يف اعتبار اإلرادة اإلنسانية جزء من القانون‬
‫اإلنس اين‪ ،‬أو هي ش رط من ش روط حتق ق الق انون‪ ،‬ف إذا أض فنا ش رط اإلرادة اإلنس انية إىل املث ال‬
‫الس ابق (الث ورة)‪ ،‬ف إن ذل ك يتض من ش رط ت وفر إرادة الث ورة إىل املدى ال ذي يس تطيع الن اس أن‬
‫يصفوا تارخيهم‪ ،‬وعليه فالقانون االجتماعي خيتلف عن القانون الطبيعي إىل املدى الذي ينطوي‬
‫فيه عنصر اإلرادة‪ ،‬حبيث تصبح جزء ال يتجزأ من القانون وبالتايل يتالشى االختالف بني ما هو‬
‫طبيعي وما هو اجتماعي‪.‬‬
‫‪ ‬أما النقطة الثالثة واملتعلقة باستحالة تطبيق املنهج العلمي على الظواهر االجتماعية‪ ،‬الستحالة‬
‫إقام ة التجرب ة عليه ا‪ ،‬فيعت ربه العلم اء تش ويه للحق ائق‪ ،‬إذ أن املنهج العلمي أساس ا ه و طريق ة يف‬
‫التفك ري والبحث تس تند إىل خط ة منطقي ة معين ة‪ ،‬أم ا التجرب ة املعملي ة فهي جمرد إج راء من بني‬
‫اإلجراءات العلمية العديدة واملتنوعة‪ ،‬شأهنا شأن املالحظة‪ ،‬كما أن هناك من العلوم واليت حترز‬
‫تقدما باهرا ليس بإمكاهنا إجراء التجارب على حبوثهم وخري دليل على ذلك علم الفلك والذي‬
‫يستند إىل طرق علمية مالئمة ملوضوعه كاملالحظة والوسائل اإلحصائية والرياضية‪ ،‬فالتاريخ يعد‬
‫مبثاب ة أك رب معم ل لتج ارب علم االجتم اع وعلم النفس‪ ،‬فال داعي الفتع ال ظ اهرة اجتماعي ة أو‬
‫نفسية أو اقتصادية معينة‪ ،‬فاالجتاه التارخيي واملقارن واإلحصائي واإلجراءات املتنوعة اليت متكن‬
‫الباحث أن يطورها جتعل فرصة الدراسة العلمية للمجتمع متاحة ومهيأة بشكل ال يقبل عن أي‬
‫ظاهرة طبيعية أخرى‪.‬‬
‫‪ ‬أما فيما خيص اجلدل الذي يثار حول املوضوعية يف العلوم االجتماعية‪ ،‬بوصفها علوما قيمية‬
‫أو مش حونة بأحك ام قيمي ة‪ ،‬فمن العلم اء من ي رى أن حتدي د االنتم اء الفك ري للب احث بش كل‬
‫واضح هو املوضوعية بعينها‪ ،‬ألنه ينظر للظاهرة املدروسة مبنظار فكري معني‪.‬‬

You might also like