‫تحديات التغيي‬

‫تغيي بال برنامج‬

‫الفرص الممكنة‬

‫د‪ .‬رفيق حبيب‬

‫أوراق تحليلية‬
‫نوفمي ‪2022‬‬

‫النص‬
 ‫تغيي بال برنامج‬
‫ر‬

‫التغيي‬
‫ر‬ ‫يف كل حراك الشعوب العربية لم يكن هناك برنامج مجمع عليه لتحقيق‬
‫الجماهي من أجل حياة أفضل‪ ،‬ولكنها ال‬
‫ر‬ ‫حت عدة برامج‪ ،‬بل خرجت‬‫المنشود وال ى‬
‫تعرف الطريق المؤدي لها‪.‬‬
‫التغيي برنامجا سياسيا واقتصاديا يف مواجهة‬
‫ر‬ ‫جماهي‬
‫ر‬ ‫يف الثورات السياسية تحمل‬
‫العرب‬
‫ي‬ ‫الشعت‬
‫ي‬ ‫التغيي من نموذج ألخر‪ ،‬ولكن الحراك‬
‫ر‬ ‫برامج السلطة الحاكمة لتحقيق‬
‫ليس ثورة سياسية‪.‬‬
‫جماهي الحراك تتصور أن القضاء عىل االستبداد والفساد كافيا لتحقيق‬ ‫ر‬ ‫ظلت‬
‫التغيي‪ ،‬ولكن حسب تصوري أنه ليس كافيا ألن منظومة عمل السلطة والجهاز‬ ‫ر‬
‫لتغيي جذري‪.‬‬ ‫ر‬ ‫اإلداري تحتاج‬
‫والت تستهدف بناء نظام جديد كما يف حالة‬ ‫المشكلة تكمن ف الثورات التأسيسية ى‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫سياس واقتصادي جديد‬
‫ي‬ ‫تغيي الوضع القائم يحتاج لبناء‬
‫العرب ألن ر‬‫ي‬ ‫الشعت‬
‫ي‬ ‫الحراك‬
‫بعد فشل البناء القائم‪.‬‬
‫سياس واقتصادي ىييجم مطالب‬ ‫ي‬ ‫العرب وكل موجاته فكر‬‫ي‬ ‫لم يظهر يف الربيع‬
‫للتغيي يف‬
‫ر‬ ‫يعت أن األساس الفكري‬‫الجماهي إىل سياسات عامة واقتصادية مما ي‬ ‫ر‬
‫غي متوفر‪.‬‬ ‫الحالة العربية ر‬
‫كىل يف السياسات العامة‬
‫تغيي ي‬
‫العرب توضح أن هناك حاجة إلحداث ر‬
‫ي‬ ‫تجارب الربيع‬
‫واالقتصادية ى‬
‫حت يمكن بناء فرص حياة مختلفة ألغلبية المجتمع ولم تظهر بعد‬
‫تلك السياسات‪.‬‬
‫تغيي دور الدولة وطريقة عمل األجهزة اإلدارية من العوامل الضورية‬
‫يف تصوري أن ر‬
‫يغي السياسات القائمة ويضع سياسات مختلفة‬ ‫ى‬
‫حت يمكن الوصول إىل أداء مختلف ر‬
‫تحسن من مستوى المعيشة‪.‬‬

‫‪1‬‬
 ‫تغيي بال برنامج‬
‫ر‬

‫معيش‬
‫ي‬ ‫الجماهي العربية وسوف تعاود الخروج من أجل مستوى‬
‫ر‬ ‫باختصار تخرج‬
‫الجماهيي يبحث عن أدوات تمكنه من فتح‬
‫ر‬ ‫جيد وحياة كريمة وسيظل الحراك‬
‫للتغيي‪.‬‬
‫ر‬ ‫الطريق‬
‫للتغيي عن المسارات التاريخية‬
‫ر‬ ‫من الواضح يف الحالة العربية أن هناك مسار مختلف‬
‫سياس سابق له‪ ،‬بل‬
‫ي‬ ‫الجماهيي ال يقوم عىل برنامج وال عىل فكر‬
‫ر‬ ‫األخرى فالحراك‬
‫يتأسس عىل هدف‪.‬‬
‫معاب منها توفر‬
‫ي‬ ‫الجماهي من أجل الحياة الكريمة بكل ما تحمله الكلمة من‬
‫ر‬ ‫تتحرك‬
‫السبل المادية المناسبة من تعليم وصحة ومسكن وفرص عمل وتوفر الجانب‬
‫المعنوي المتمثل يف العيش بكرامة‪.‬‬
‫جماهي الحراك فإن المشكلة تظل يف تحديد الطريق‬
‫ر‬ ‫إذا كان الهدف محدد من قبل‬
‫ى‬
‫الت‬
‫للوصول للهدف وأيضا يف تحديد الهدف بشكل كامل ليشمل مختلف الجوانب ي‬
‫تحتاج إلصالح‪.‬‬
‫التغيي يف الدول العربية وربما الدول اإلسالمية أيضا‬
‫ر‬ ‫الفرصة الممكنة لتحقيق‬
‫الت يجب تحقيقها من السلطة السياسية والجهاز‬ ‫ى‬
‫تتأسس عىل تحديد األهداف ي‬
‫اإلداري‪.‬‬
‫التغيي يبدأ باختيار سلطة سياسية تنفيذية وتشيعية تعي عن كل‬
‫ر‬ ‫يف كل األحوال فإن‬
‫فئات المجتمع وتعرف مصالحها وتعي عن قيمها وتصون كرامتها وتحدد أهدافها‬
‫بناء عىل مصلحة المجتمع‪.‬‬
‫السياس الرشيد يف البالد العربية واإلسالمية‬
‫ي‬ ‫األساس لبناء النظام‬
‫ي‬ ‫أتصور أن المحرك‬
‫الت ى‬
‫يليم‬ ‫ى‬
‫هو القيم وليس المذاهب السياسية واالقتصادية وذلك بجانب الغايات ي‬
‫بها هذا النظام‪.‬‬

‫‪2‬‬
 ‫تغيي بال برنامج‬
‫ر‬

‫ى‬
‫الت يعمل‬
‫سياس جديد تتعلق أساسا بيوز الغايات ي‬ ‫ي‬ ‫الفرصة الممكنة لبناء نظام‬
‫الت ى‬
‫يليم بها ومن ثم يختار الطريق أو المنهج الذي يحقق‬ ‫ى‬
‫عليها هذا النظام والقيم ي‬
‫تلك الغايات ى‬
‫ويليم بالقيم العليا‪.‬‬
‫واإلسالم تيز قيمة العدل بوصفها قيمة مركزية فإذا‬
‫ي‬ ‫العرب‬
‫ي‬ ‫الثقاف‬
‫ي‬ ‫يف الموروث‬
‫ه تحقيق التنمية فيجب أن يتم ذلك من‬ ‫ى‬
‫الت يريد تحقيقها النظام ي‬‫كانت الغاية ي‬
‫خالل سياسات تنموية عادلة‪.‬‬
‫ى‬
‫الت تمت يف البالد العربية‬
‫السياسة التنموية العادلة تختلف عن كل التجارب ي‬
‫والمستمدة من التجارب الغربية مع تطبيق مشوه وكذلك تختلف السياسة التنموية‬
‫الدوىل‪.‬‬
‫ي‬ ‫العادلة عن برنامج صندوق النقد‬
‫العرب أصبحت معظم فئات‬ ‫ي‬ ‫يف الحالة العربية خاصة بعد االنقالب عىل الربيع‬
‫تغيي حالة تلك‬‫المجتمع تفتقد للحياة الكريمة والمطلوب سياسيات تؤدي إىل ر‬
‫الفئات بصورة عادلة‪.‬‬
‫اىل تقوم عىل التنمية‬ ‫ى‬
‫الت يتم تطبيقها تحت عنوان النظام الليي ي‬ ‫التنمية االقتصادية ي‬
‫من أعىل حيث تتشب ثمار التنمية تدريجيا للفئات األقل دخال وهذا ما ثبت أنه ال‬
‫يحدث يف الدول العربية‪.‬‬
‫سء ليصل لعامة الناس‪،‬‬ ‫ثمارها‬ ‫من‬ ‫يبق‬‫كل مشاري ع التنمية من أعىل فشلت ألنه ال ى‬
‫ي‬
‫صغية تفوز‬
‫ر‬ ‫حت من أقلية‬‫بل أن كل ثمارها تصادر من قبل الطبقات األعىل وربما ى‬
‫سء‪.‬‬
‫بكل ي‬
‫جماهي الحراك ومن خالل الثقافة العربية السائدة‬
‫ر‬ ‫من تحليل الوضع القائم ومطالب‬
‫التغيي المطلوب يقوم عىل تنمية عادلة تبدأ من أسفل لتشمل جميع‬ ‫ر‬ ‫نستنتج أن‬
‫مجاالت النشاط وجميع فئات المجتمع‪.‬‬

‫‪3‬‬
 ‫تغيي بال برنامج‬
‫ر‬

‫ى‬
‫االشياكية‪ ،‬ولكنها سياسة‬ ‫التنمية العادلة ال عالقة لها بالتنمية الرأسمالية أو تلك‬
‫غيها ويمكن أن تمثل‬ ‫ر‬
‫مختلفة تناسب المجتمعات العربية واإلسالمية أكي من ر‬
‫منهجا إلحداث التغي ري المنشود‪.‬‬
‫الحاىل والوصول‬
‫ي‬ ‫لتغيي وضعها‬
‫ر‬ ‫الجماهي العربية واإلسالمية‬
‫ر‬ ‫الفرصة الممكنة أمام‬
‫إيجاب ترتبط ببناء‬
‫ي‬ ‫إىل مرحلة النهوض الحضاري واإلسهام يف تاري خ البشية بشكل‬
‫نظام سياس ى‬
‫يليم بقيم األمة‪.‬‬ ‫ي‬
‫معاب مهمة حول الحياة الكريمة والحياة بكرامة وتلك‬
‫ي‬ ‫يف الثقافة العربية واإلسالمية‬
‫ى‬
‫الت إذا‬ ‫ى‬
‫السياس وهناك قيم تلك الثقافة ي‬
‫ي‬ ‫الت يجب أن يحققها النظام‬
‫تمثل الغايات ي‬
‫السياس يمكن أن يحقق النهوض‪.‬‬ ‫ى‬
‫اليم بها النظام‬
‫ي‬
‫بناء سياسات عامة واقتصادية تقوم عىل العدل وأن جميع الناس سواسية سوف‬
‫يغي من أداء جهاز الدولة ليحوله إىل‬
‫ينتج نظاما سياسيا جديدا واألهم أن سوف ر‬
‫جهاز خادم للمجتمع‪.‬‬
‫كبي عىل نشاط‬
‫تأثي ر‬
‫السياس هو الذي يضع األنظمة العامة ولذلك له ر‬
‫ي‬ ‫النظام‬
‫تبت بيئة مالئمة للعمل والتقدم يمكن أن ينشط‬‫المجتمع وعندما توضع أنظمة ي‬
‫المجتمع فهو الذي يحقق النهضة يف النهاية‪.‬‬
‫جماهي الحراك العربية تتمثل يف‬
‫ر‬ ‫رغم غياب الينامج إال أن الفرصة المتاحة أمام‬
‫قدرتها عىل اكتشاف طريق يؤدي الختيار من يمثل مصالحها ويعي عنها ويكون منها‬
‫ى‬
‫حت يتبت أهدافها‪.‬‬
‫الثقاف‬
‫ي‬ ‫كلما اختارت الشعوب من يعي عنها سيكون معيا أيضا عن قيم الموروث‬
‫حت‬‫للمجتمع مما يعيد للواجهة القيم العليا الحاكمة والغايات األساسية المستهدفة ى‬
‫يظهر الطريق المناسب لتحقيقها‪.‬‬

‫‪4‬‬