Professional Documents
Culture Documents
فن العمارة في الحضارة البابلية
فن العمارة في الحضارة البابلية
لعب نهري دجلة والفرات دوراً كبيراً في نشؤ وتطوير الحضارة البابلية والتي أمتد تأثيرها إلى مناطق كثيرة ,وقد ساعد على ظهور هذه الحضارة
عدة عوامل هي -:
سكنت في بالد الرافدين عدة شعوب في فترات متعاقبة مما أدى ذلك إلى تنوع العمارة من خالل تنوع أساليب التخطيط والتصميم واألنشاء .
يلعب العامل الجيولوجي و المناخي دوراً بارزاً في التكوين المعماري ,فالمناخ الحار فرض اللجوء إلى المباني المغلقة ,والتي تنفتح على فناء داخلي
مكشوف يأخذ المبنى عن طريقة الهواء والنور .
كما أن برودة الشتاء وكثرة األمطار نسبيا ً في بعضالمناطق فرضت استخدام الجدران السميكة التي تأمن العزل الحراري .وقد بنيت األسقف على
شكل قبوات ومنحنيات ساعد على بنائها استخدام الطين والقرميد واللبن المصنوع من التراب والممزوج بالتبن بنسب معينة .
.
على الرغم من تعدد اآللهة إال أن الملك يمثل للشعوب في بالد الرافدين السلطة الدينية والدنيوية ,كذلك أن اآللهة ال تعمل شر وهي خالدة سامية ال
يمكن تصورها لذلك حرصوا على تحقيق فكرة سمو األلة ببناء المعابد في أعلى الزيقورات الضخمة والعالية .
وتصف األخبار المتواترة بيوت الطبقات الراقية مكونة من ثالث طبقات أو أربع( .) 146
أما الهياكل فكانت uتقوم على قواعد في مستوى سقف البيوت التي كانت تلك الهياكل تسيطر على حياة أهلها .وكان الهيكل في الغالب بناء ضخما ً من
القرميد مشيداً كالبيوت حول فناء تقام فيه معظم الحفالت الدينية .ويقوم إلى جوار المعبد في أغلب الحاالت برج عال يسمى بلغتهم زاجورات (ومعناها
"مكان عال") يتكون من طبقات مكعبة الشكل بعضها فوق بعض ،وتتناقص كلما علت ،ويحيط سلم من خارجها .وكانت تستخدم إما في األغراض
الدينية -فقد كان مزاراً عاليا ً لإلله صاحب الهيكل -وإما في أغراض فلكية بأن تكون مرصداً يرقب منه الكهنة الكواكب التي تكشف عن كل شيء في
حياة الناس.
وكان الزاجورات العظيم الذي في برسبا يسمى "مراحل األفالك السبع" ،وكانت كل طبقة من طبقاته مخصصة لكوكب من الكواكب السبعة المعروفة
عند البابليين ،وملونة بلون يرمز إلى هذا الكوكب .فكانت uالطبقة السفلى سوداء اللون كلون زحل ،والتي تليها بيضاء كلون الزهرة ،والتي فوقها
أرجوانية للمشتري؛ والرابعة زرقاء لعطارد؛ والخامسة قرمزية للمريخ؛ والسادسة فضية للقمر؛ والسابعة ذهبية للشمس .وكانت هذه األفالك
والكواكب تشير إلى أيام األسبوع السبعة مبتدئة من أعالها( .) 147ولم يكن في هذه المباني -على قدر ما نستطيع أن نتبين من منظرها -شيء كثير
من الذوق الفني ،فقد كانت كلها كتالً ضخمة من خطوط مستقيمة ال تتطاول إلى شيء أكثر من مجد الضخامة u،وقد نجد في بقاع متفرقة بين الخرائب
القديمة عقوداً وأقواساً ،وهي أشكال أخذت عن سومر واستخدمت في غير عناية ومن غير علم بمصيرها.
وكان ما في المباني من زينات في داخلها وخارجها يكاد يقتصر على طالء بعض أوجه اآلجر ،بعد صقلها ،باأللوان الصفراء ،والزرقاء ،والبيضاء،
والحمراء ،وإقامة صور من القرميد للحيوان والنبات في مواضع قليلة من الجدران.
وهذا "التزجيج" ،الذي لم يكن يقصد به تجميل البناء فحسب uبل كان يقصد به أيضا ً وقاية المباني من الشمس والمطر ،قديم يرجع على األقل إلى عهد
نارامِ -سن ،وقد ظل شائعا ً في أرض النهرين إلى أيام الفتح اإلسالمي .ولهذا السبب أضحت صناعة الخزف أخص فنون الشرق األدنى القديم ،وإن
لم تنتج من األواني الخزفية ما هو جدير بالذكر.
لكن فن العمارة البابلي ظل على الرغم من هذا العون فنا ً ثقيالً خاليا ً من الجمال واألناقة ،قضت عليه المواد التي استخدمت فيه أال يرقى إلى ما فوق
الدرجة الوسطى .وما أسرع ما كانت الهياكل تقوم من الطين الذي حوله العمال المسخرون إلى لبنات ومالط ،ولم تكن ثمة حاجة إلى قرون طوال
كل تمتلئ ا البالد كما اجتاحت المباني الكبيرة الباقية في مصر وفي أوربا العصور الوسطى ،ولكنها دمت بنفس السرعة التي شيدت ا أو
بما يقرب منها ،ولم يمض عليها إال خمسون عاما ً حتى عادت كما بدأت ترابا( .) 148
وكان رخص اللبن واآلجر في حد ذاته سببا ً في فساد الهندسة البابلية .لقد كان يسهل أن تقام من هذه المواد المباني الضخمة ،أما الجمال فكان من
الصعب أن ينال باستخدامها .uذلك أن اآلجر ال يعين على السمو والجالل ،والسمو والجالل هما روح العمارة.
وبينما استمد فن العمارة اليونانية أشكاله وإلهامه من مصر وكريت ،فان العمارة البابلية هي التي أوحت عن طريق الزاجورات بقباب المساجدu
اإلسالمية ،وبالمنارات واألبراج في العصر الوسيط ،وبطراز المباني المرتدة في أمريكا في هذه األيام.