You are on page 1of 5

‫مراحل الرتبية اإلسالمية‬

‫دمحم أمت اإلندونيسي‬


‫دعا إبراىيم عليو السالـ ‪" :‬ربنا وابعث فيهم رسوال منهم يتلو عليهم آايتك ويعلمهم الكتاب واحلكمة‬
‫ويزـكيهم إنك أنت العزيـ ز احلكيم" (البقرة ٕٔ‪)ٜ‬ـ‪ ،‬مث أجاب هلال تعاىل دعاءه ‪" :‬كما أرسلنا فيكم رس وال منكم يتل ـو عليكم آايتن ـا‬
‫ويـ زـكيكم ويعلمكم الكتاب واحلكمة ويعلمكم ما مل تكونـ وا تعلموف" (البقرة ٔ٘ٔ) ىو ال ـذي بعث يف األمٌين رسـ وال منهم يتلـو عليهم‬
‫آايتو ويزكيهم ويعلمهم الكتاب واحلكمة وإف كانوا من قبل فل ي ضالؿ مبٌن‬
‫(اجلمعة ٕ)‬
‫‪ ،‬يتلو عليهم‬ ‫يذكر تعاىل عباده ادلؤمٌنن ما أنعم بو عليهم من بعثة الرسوؿ دمحم ملسوهيلعهلالىلص إليهم‬ ‫قاؿ با ن كًثن ‪:‬‬
‫آايت هلال مبينات ويزـكيهم ‪ ،‬أي ‪ :‬يطهرىم من رذائل األخالؽ ودنس النفوس وأفعاؿ اجلاىلية ‪ ،‬وخيرجهم من الظلمات‬
‫إىل النور ‪ ،‬ويعلمهم الكتاب وىو القرآف واحلكمة وىي السنة ويعلمهم ما مل يكونوا يعلموف ‪ .‬فكانوا يف اجلاىلية اجلهالء يسفهوف‬
‫ابلقوؿ الفرى ‪ ،‬فانتـقلوا بربكة رسالتو ‪ ،‬و يمن سفـارتو ‪ ،‬إىل حاؿ األولياءـ ‪ ،‬وسجااي العلماء فصاروا أعمق الناس علما ‪ ،‬وأبرىم‬
‫‪1‬‬
‫قلواب ‪ ،‬وأقلهم تكلفا ‪ ،‬وأصدقهم ذلجةـ‬
‫قاؿ با ن عاشور ‪ :‬وابتدئ ابلتالوة ألف أوؿ تبليغ الدعوة إ بالغ الوحي‪ ،‬وثين ابلتزـكية ألف ابتداء الدعوة‬
‫ابلتطهن من الرجس ادلعنوي وىو الشرـؾ ‪ ،‬وما يعـلق بو من مساوي األعماؿ والطبـاع ‪ .‬وعقب بذكر تعليمهم‬
‫ً‬
‫الكتاب ألف الكتاب بعد إبالغو إليهم تٌبن ذلم مقاصده ومعانيو كما قاؿ تعاىل فإذا قرأانه فاتبع قرآنو مث إف علينا‬
‫بيانو ‪ ،‬وقاؿ لتبٌن لناس ما نزؿ إليهم ‪ ،‬وتعليم احلكمة ىو غاية ذلك كلو ألف من تدبرـ القرآف وعمل بو وفهم‬
‫خفاايه انؿ احلكمة‪ 2‬وقاؿ يأ ضا ‪ :‬وقولو "يتلو عليكم آايتنا" أي يقرأ عليكم القـرآف ومساه أوال أايت ابعتبار كوف‬
‫‪3‬‬
‫كل كالـ منو معجزة‪ ،‬ومساه اثنيا كتااب ابعتبار كونو كتاب شريعة‬
‫اإلمياف قبل القرآف ‪ :‬عن ُ ْجـن ُد ِب بن بعد هلال قاؿ ‪ :‬كنا مع النيب ملسوهيلعهلالىلص وحنن ْفِـت َػيا ٌف َ َحـزاِـَورٌة فتعلمنا اإلمياف قبل‬
‫أف نتعلم القرآف مث تعلمنا القرآف فازددان بو إميااًن ‪ 4‬ويف فل ظ البيهقي زيادة ‪ :‬وإنكم اليوـ تعلموف القرآف قبل‬
‫اإلمياف‪ .‬ومعىن اح َلزاِـَورة‪ََ :‬جْع ا لْ َْحَزور‪َ ،‬وي َُػـقاؿ‪ :‬ا لْ َحَّزور بتشديد ا َلـواو‪ُ ،‬وـىَـو ال ُْغالـ إذا اِ ْشَت َّد َو َِقـو َي َو َ َحـزَـ وقيل‪:‬‬
‫ىو‬
‫الذي َق َاـر َب اْلُبػُلوغ‪.‬ـ‬

‫فت سًن ابن كثًن سورة البقرة ٔٔ٘‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬التحرير والتنوير البن عاشور فت سًن سورة اجلمعة ٕ‬


‫‪ 3‬التحرير والتنوير البن عاشور فت سًن سورة البقرة ٔٔ٘‬
‫‪ 4‬رواه ابن ماجة‬
‫ٔ(‬
‫‪1‬‬
‫‪ )ٙ‬والطرباين يف ادلعجم الكبًن ‪ )ٔ ٛ(ٙٚ‬والبيهقي يف سننو الكربى ٘‪ )ٓ ٘(ٚ‬وىو حديث صحيح‬

‫‪2‬‬
‫عن حذيفة بن اليماف قاؿ ‪ :‬مث إان قوـ أوتينا اإلمياف قبل أف نؤتى القرآف وأنكم قوـ أوتيتم القرآف قبل أف تؤتوا‬
‫‪5‬‬
‫اإلمياف‬
‫عن ابن عمر قاؿ‪ :‬مث لقد عشنا برىة من دىران وإف أحدان يؤتى اإلمياف قبل القرآف وتنزـؿ السورة على دمحم‬
‫ملسوهيلعهلالىلص فيتعلم حالذلا وحرامها وما ينبغي أف يوقف عنده فيها كما تعلموف أنتم القرآف‪ ،‬مث قاؿ‪ :‬لقد رأيت رجاال يؤتى‬
‫‪6‬‬
‫أحدىم القرآف يف قرأ ما بٌن اف ح توـ إىل خامتتو ما يدـري ما أمره وال زاجره وال ما ينبغي أف يوقف عنده منو عن أـ‬
‫ادلؤمنٌن عائشة أهنا قالت‪ :‬إمنا نزؿ أوؿ ما نزؿ منو سورة من ادلفصل فيها ذكر اجلنة والنار حىت إذا‬
‫اثب الناس إىل اإلسالـ نزؿ احلالؿ واحلراـ ولو نزؿ أوؿ شيء ال تشربوا اخلمر لقالوا ال ندع اخلمر أبدا ولو نزؿ ال تزنوا لقالوا‬
‫ال ندع الزان أبدا‪ ،‬لقد نزؿ مبكة على دمحم ملسوهيلعهلالىلص وإين جلارية ألعب "بـل الساعة موعدىم والساعة أدىى‬
‫‪7‬‬
‫وأمر" وما نزلت سورة البقرة والنساء إال وأان عنده‬
‫قاؿ ابن حجر العسقالين شارحاً لكالـ عائشة ‪ :‬أشارت إىل احلكمة اإلذلية يف ترتيب التنزيل وأف أوؿ ما نزؿ من القرآف الدعاء‬
‫إىل التوحيد والتبشًن لمؤمن وادلطيع ابجلنة‪ ،‬و لكافر والعاص ابلنـار فلما اطمأنت النفوس على ذلك أنزلت األحكاـ وذلذا قالت‬
‫ولو نزـؿ أوؿ شيء ال تشربوا اخلمر لقالوا ال ندعها وذلك دلا طبعت عليو‬
‫‪8‬‬
‫النفوس من النفرة عن ترؾ ادلألوؼ‬
‫األدب قبل العلم ‪ :‬قاؿ َمالِ َك ْب َن َأَن ٍس رمحو هلال َلِفًـىت ِم ْن ق َُػـرْي ٍش ‪َ :‬اي اْب َن َأ ِخي‪،‬‬
‫َت َػـعل‬
‫ِّـم األََـد َب َق ْػـب َل َأ ْف‬
‫َتػت َػـعل‬
‫َّـم‬
‫الْعِْـلَـم‪ 9‬قاؿ عبدهلال بن ادلبارؾ رمحو هلال ‪ :‬طلبت األدب ثالٌثن سنةً‪ ،‬وطلبت العلم عشرين سنةً‪ ،‬وكانـوا يطلبوف‬
‫ًضا ‪ -‬رمحو هلال ‪ -:‬حنن إىل‬ ‫األدب قبل العلم‪ 10.‬وقاؿ أيضا ‪ :‬كاد األدب أف يكوف ثػلُثي ال ِّدين‪،‬ـ‪ 11‬وقاؿ أي‬
‫قليـل‬ ‫‪12‬‬
‫من األدب أحوج منا إىل كًثن من العلم ‪.‬‬
‫العلم قبل القوؿ والعمل ‪ :‬كتب اإلماـ البخاري يف صحيحوـ ابب ‪ :‬العلم قبل القوؿ والعمل‪ ،‬استدؿ بقولو‬
‫‪13‬‬
‫تعاىل ‪ :‬فاعلم أنو ال إلو إال هلال (دمحم ‪) ٜٔ :‬‬

‫‪ 5‬رواه البيهقي يف سننو الكربى ٘‪)ٓ ٖ(ٚ‬‬


‫‪ 6‬رواه البيهقي يف سننو الكربى ٘‪ )ٓ ٖ(ٚ‬ورواه احلاكم يف ادلستدرؾ‬
‫ٔٓ(‬
‫ٔ)ـ وقاؿ ‪ :‬ىذا حديث صحيح على شرط الشٌيخن‬
‫‪ 7‬رواه البخاري‬
‫‪ٖ(ٜ‬‬
‫ٗ)ـ كتاب فضائل القرآف ابب أتليف القرـآف‬
‫‪3‬‬
‫‪ 8‬فتح الباري ‪ٔ٘/ٜ‬‬
‫‪ 9‬غرائب مالك بن أنس رقم احلديث ٖ٘ إسناده حسن‬
‫‪ 10‬غاية النهاية يف طبقات القراء‬
‫ٔ‪ٙ/‬ـٗ‬
‫ٗ‬
‫‪ 11‬صفة الصفوة ٕ‪ٖٖٓ/‬‬
‫‪ 12‬مدارج السالٌكن البن القيم‬
‫ٕ٘‪/ٙ‬‬
‫ٖ‬
‫‪ 13‬صحيح البخاري ص ٕ‪ٜ‬‬

‫‪4‬‬
‫اخلالصة ‪ :‬فالرتبية اإلسالمية تكوف أوال يف تربية الروح بناء اإلمياف بتالوة آايتو معجزة مع غرس اآلداب‬
‫اإلميانية تزـكية لنفس‪ ،‬مث تربية العقل بتعليم الكتاب واحلكمة والعلوـ األخرى النافعة‪ ،‬مث اجلسم إعانة للعمل‬
‫الصاحل وتطبيق التكاليف الشرعية‪.‬ـ‬

‫‪5‬‬

You might also like