You are on page 1of 19

‫جملة أحباث كلية الرتبية األساسية‪ ،‬اجمللد ‪ ،9‬العدد ‪4‬‬

‫األمساء احلسىن لصفتي العظمة والعلم‬

‫(دراسة داللية)‬
‫ﺍﻻﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﻟﺼﻔﺘﻰ ﺍﻟﻌﻈﻤﻪ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ‪ :‬ﺩﺭﺍﺳﻪ ﺩﻻﻟﻴﻪ‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬
‫ﻣﺠﻠﺔ ﺃﺑﺤﺎﺙ ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ‪:‬‬
‫سليمان‬ ‫ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔأمحد‬
‫ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ‬ ‫فخري‬ ‫م‪- .‬د‪.‬‬
‫ﻛﻠﻴﺔ‬ ‫ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻤﻮﺻﻞ‬ ‫ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ‪:‬‬
‫ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ‪ ،‬ﻓﺨﺮﻱ ﺍﺣﻤﺪ‬ ‫ﺍﻟﻤؤﻟﻒ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ‪:‬‬
‫ﻣﺞ ‪ ,9‬ﻉ ‪ 4‬كلية اآلداب‪ -‬جامعة املوصل‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ‪/‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪:‬‬

‫ﻧﻌﻢالبحث‪9002/6/61 :‬؛ اتريخ قبول النشر‪9060/5/61 :‬‬


‫اتريخ تسليم‬ ‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‪:‬‬
‫‪2010‬‬ ‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪:‬‬
‫ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻻﻭﻝ ‪ /‬ﺫﻯ ﺍﻟﻘﻌﺪﻩ‬ ‫ﺍﻟﺸﻬﺮ‪ :‬ملخص البحث‪:‬‬
‫‪262 - 278‬‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪:‬‬
‫‪412839‬منجما على سيدان حممد (صلى هللا عليه وسلم) من اللوح احملفوظ ومجع يف‬
‫منذ نزل القرآن الكرمي‬ ‫ﺭﻗﻢ ‪:MD‬‬

‫أصحابه الكرام يرسم هلم طريق االستقامة مركزا اهتماماهتم وتوجهاهتم‬ ‫ﺑﺤﻮﺙعلى‬
‫ﻭﻣﻘﺎﻻﺕ‬ ‫ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪ :‬الشريف وهو يتلوه‬
‫ﻧﻮﻉ صدره‬
‫‪EduSearch‬‬ ‫ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪:‬‬
‫وعباداهتم إىل العلي العظيم (سبحانه وتعاىل)‪ ،‬وهم جيمعون القرآن يف الصحف ويرتلون اآلي وفكرهم‬
‫ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ‪ ،‬ﺍﺳﻤﺎﺀ ﺍﷲ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ‪ ،‬ﺍﷲ ﺟﻞ ﺟﻼﻟﻪ ‪ ،‬ﺻﻔﺎﺕ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ‪ ،‬ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ‬ ‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪:‬‬
‫اط ‪،‬‬‫ومنهاج الصر‬
‫ﺍﻻﻳﻤﺎﻥ‬ ‫الدين‬
‫ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ‪،‬‬ ‫تعاىل‪-‬أصل‬
‫ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﻪ ﻭ‬ ‫توحيد هللا –‬
‫ﺍﻟﺴﻼﻡ ‪،‬‬ ‫أساس‬
‫ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪهو‬
‫ﻋﻠﻴﻪ‬ ‫ﺍﻟﻌﻠﻢ‪ ،-‬الذي‬
‫ابهلل ‪ -،‬تعاىل‬ ‫اإلميان‬
‫ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﻪ‬ ‫منشغل للوصول إىل‬
‫ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ‪ ،‬ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ‪ ،‬ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻌﻠﻤﻰ‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/412839‬اخلوف والرجاء‪ ،‬اخلوف عند‬
‫املستقيم مستلهمني متفكرين يف األمساء احلسىن وقلوهبم بني جناحي اإلميان‬ ‫ﺭﺍﺑﻂ‪:‬‬

‫ذكر أمساء القهر والقوة واجلربوت ((أمساء اجلالل)) والرجاء عند تالوة آي فواصلها أو فواحتها أمساء الرمحة‬
‫والرأفة والسلم ((أمساء اإلكرام‪/‬اجلالل)) أو اللفف‪ ،‬وملا كان أمساء ذين الوصفني عديدة ومتقاربة الداللة‬
‫توهم البعض أهنا مرتادفة كامسيه‪ -‬تعاىل‪(( -‬العليم اخلبري)) يف صفة العلم أو أكثر قراب يف الداللة واألصل‪،‬‬
‫وهذا اقتضى بيان الفروق اللغوية بني األمساء احلسىن اليت تكون مظنة للرتادف‪ ،‬ويكفي هنا أن نقول‪ :‬إن‬
‫العلماء يف األعم األغلب ذهبوا إىل نفي الرتادف بني ألفاظ القرآن عموما‪ ،‬وبني األمساء احلسىن خاصة‬
‫ومرد نفيهم هذا أن القارئ يرى اقرتاان بني امسني من األمساء احلسىن‪ ،‬كل منها يؤدي معىن ال يؤديه اآلخر‪،‬‬
‫لذا كان البحث حماولة يف بيان األصول اللغوية والتفور الداليل‪ ،‬مث االستخدام الداليل هلذه األمساء‪،‬‬
‫مكتفني مبثال واحد يف كل موضع‪ ..‬وتلوان من األمساء احلسىن موضوعة البحث أصلني‪ :‬مها األمساء املتعلقة‬
‫ابلعظمة أوال واثنيا األمساء املتعلقة بصفة العلم‪.‬‬

‫© ‪ 2022‬ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬


‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬

‫‪262‬‬
‫جملة أحباث كلية الرتبية األساسية‪ ،‬اجمللد ‪ ،9‬العدد ‪4‬‬

‫األمساء احلسىن لصفتي العظمة والعلم‬

‫داللية)ﺇﺳﻠﻮﺏ ﺍﻹﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ‪:‬‬ ‫(دراسة‬


‫ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺣﺴﺐ‬ ‫ﻟﻺﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻗﻢ ﺑﻨﺴﺦ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ‬

‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪APA‬‬
‫سليمان‬
‫ﺍﻟﻌﻈﻤﻪ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ‪ :‬ﺩﺭﺍﺳﻪ ﺩﻻﻟﻴﻪ‪.‬ﻣﺠﻠﺔ ﺃﺑﺤﺎﺙ ﻛﻠﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﺤﺴﻨﻰأمحد‬
‫ﻟﺼﻔﺘﻰ‬ ‫د‪ .‬فخري‬ ‫ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ‪ ،‬ﻓﺨﺮﻱ ﺍﺣﻤﺪ‪ .(2010) .‬م‪.‬‬
‫ﺍﻻﺳﻤﺎﺀ‬
‫ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬ﻣﺞ ‪ ,9‬ﻉ ‪ .278 - 262 ،4‬ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ ‪412839/Record/com.mandumah.search//:http‬‬

‫كلية اآلداب‪ -‬جامعة املوصل‬ ‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪MLA‬‬


‫ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ‪ ،‬ﻓﺨﺮﻱ ﺍﺣﻤﺪ‪" .‬ﺍﻻﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﻟﺼﻔﺘﻰ ﺍﻟﻌﻈﻤﻪ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ‪ :‬ﺩﺭﺍﺳﻪ ﺩﻻﻟﻴﻪ‪".‬ﻣﺠﻠﺔ ﺃﺑﺤﺎﺙ ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ‬
‫يخ قبول النشر‪9060/5/61 :‬‬
‫‪412839/Record/com.mandumah.search//:http‬‬ ‫ﻣﺴﺘﺮﺟﻊاتر‬
‫ﻣﻦ‬ ‫‪9002/.278‬؛‬
‫‪6/61- 262‬‬
‫البحث‪:‬‬ ‫يخ ‪4‬تسليم‬
‫)‪:(2010‬‬ ‫ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔﻣﺞ ات‪,9‬ر ﻉ‬

‫ملخص البحث‪:‬‬

‫منذ نزل القرآن الكرمي منجما على سيدان حممد (صلى هللا عليه وسلم) من اللوح احملفوظ ومجع يف‬
‫صدره الشريف وهو يتلوه على أصحابه الكرام يرسم هلم طريق االستقامة مركزا اهتماماهتم وتوجهاهتم‬
‫وعباداهتم إىل العلي العظيم (سبحانه وتعاىل)‪ ،‬وهم جيمعون القرآن يف الصحف ويرتلون اآلي وفكرهم‬
‫منشغل للوصول إىل اإلميان ابهلل‪ -‬تعاىل‪ -‬الذي هو أساس توحيد هللا –تعاىل‪-‬أصل الدين ومنهاج الصراط‬
‫املستقيم مستلهمني متفكرين يف األمساء احلسىن وقلوهبم بني جناحي اإلميان اخلوف والرجاء‪ ،‬اخلوف عند‬
‫ذكر أمساء القهر والقوة واجلربوت ((أمساء اجلالل)) والرجاء عند تالوة آي فواصلها أو فواحتها أمساء الرمحة‬
‫والرأفة والسلم ((أمساء اإلكرام‪/‬اجلالل)) أو اللفف‪ ،‬وملا كان أمساء ذين الوصفني عديدة ومتقاربة الداللة‬
‫توهم البعض أهنا مرتادفة كامسيه‪ -‬تعاىل‪(( -‬العليم اخلبري)) يف صفة العلم أو أكثر قراب يف الداللة واألصل‪،‬‬
‫وهذا اقتضى بيان الفروق اللغوية بني األمساء احلسىن اليت تكون مظنة للرتادف‪ ،‬ويكفي هنا أن نقول‪ :‬إن‬
‫العلماء يف األعم األغلب ذهبوا إىل نفي الرتادف بني ألفاظ القرآن عموما‪ ،‬وبني األمساء احلسىن خاصة‬
‫ومرد نفيهم هذا أن القارئ يرى اقرتاان بني امسني من األمساء احلسىن‪ ،‬كل منها يؤدي معىن ال يؤديه اآلخر‪،‬‬
‫لذا كان البحث حماولة يف بيان األصول اللغوية والتفور الداليل‪ ،‬مث االستخدام الداليل هلذه األمساء‪،‬‬
‫مكتفني مبثال واحد يف كل موضع‪ ..‬وتلوان من األمساء احلسىن موضوعة البحث أصلني‪ :‬مها األمساء املتعلقة‬
‫ابلعظمة أوال واثنيا األمساء املتعلقة بصفة العلم‪.‬‬

‫© ‪ 2022‬ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬


‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬

‫‪262‬‬
‫جملة أحباث كلية الرتبية األساسية‪ ،‬اجمللد ‪ ،9‬العدد ‪4‬‬

‫األمساء احلسىن لصفتي العظمة والعلم‬

‫(دراسة داللية)‬

‫م‪ .‬د‪ .‬فخري أمحد سليمان‬

‫كلية اآلداب‪ -‬جامعة املوصل‬


‫اتريخ تسليم البحث‪9002/6/61 :‬؛ اتريخ قبول النشر‪9060/5/61 :‬‬

‫ملخص البحث‪:‬‬

‫منذ نزل القرآن الكرمي منجما على سيدان حممد (صلى هللا عليه وسلم) من اللوح احملفوظ ومجع يف‬
‫صدره الشريف وهو يتلوه على أصحابه الكرام يرسم هلم طريق االستقامة مركزا اهتماماهتم وتوجهاهتم‬
‫وعباداهتم إىل العلي العظيم (سبحانه وتعاىل)‪ ،‬وهم جيمعون القرآن يف الصحف ويرتلون اآلي وفكرهم‬
‫منشغل للوصول إىل اإلميان ابهلل‪ -‬تعاىل‪ -‬الذي هو أساس توحيد هللا –تعاىل‪-‬أصل الدين ومنهاج الصراط‬
‫املستقيم مستلهمني متفكرين يف األمساء احلسىن وقلوهبم بني جناحي اإلميان اخلوف والرجاء‪ ،‬اخلوف عند‬
‫ذكر أمساء القهر والقوة واجلربوت ((أمساء اجلالل)) والرجاء عند تالوة آي فواصلها أو فواحتها أمساء الرمحة‬
‫والرأفة والسلم ((أمساء اإلكرام‪/‬اجلالل)) أو اللفف‪ ،‬وملا كان أمساء ذين الوصفني عديدة ومتقاربة الداللة‬
‫توهم البعض أهنا مرتادفة كامسيه‪ -‬تعاىل‪(( -‬العليم اخلبري)) يف صفة العلم أو أكثر قراب يف الداللة واألصل‪،‬‬
‫وهذا اقتضى بيان الفروق اللغوية بني األمساء احلسىن اليت تكون مظنة للرتادف‪ ،‬ويكفي هنا أن نقول‪ :‬إن‬
‫العلماء يف األعم األغلب ذهبوا إىل نفي الرتادف بني ألفاظ القرآن عموما‪ ،‬وبني األمساء احلسىن خاصة‬
‫ومرد نفيهم هذا أن القارئ يرى اقرتاان بني امسني من األمساء احلسىن‪ ،‬كل منها يؤدي معىن ال يؤديه اآلخر‪،‬‬
‫لذا كان البحث حماولة يف بيان األصول اللغوية والتفور الداليل‪ ،‬مث االستخدام الداليل هلذه األمساء‪،‬‬
‫مكتفني مبثال واحد يف كل موضع‪ ..‬وتلوان من األمساء احلسىن موضوعة البحث أصلني‪ :‬مها األمساء املتعلقة‬
‫ابلعظمة أوال واثنيا األمساء املتعلقة بصفة العلم‪.‬‬

‫‪262‬‬
‫فخري أمحد سليمان‬

‫والبد من اإلشارة إىل أن الباحث مل يدخل يف الدراسة غري ذلك من األمساء احلسىن يف كل وصف‬
‫ ويف املادة الواحدة نبدأ‬.))‫إما لتباين معانيها واختالف دالالهتا أو ألهنا أمساء للربوبية مثل ((أمساء الفعل‬
‫ ذاكرين أول موضع ذكر فيه االسم من السورة واألية واجلذر اللغوي ودالالته‬:‫بذكر األمساء احلسىن عنواان‬
‫ وبعدها نذكر أقوال‬.‫ وخنلص إىل أقوال أهل التفسري‬،‫عند أهل اللغة مث نذكر أقوال شراح األمساء احلسىن‬
‫ وبعدها نذكر اقرب األمساء من اجملموعة داللة إىل‬.‫ وخنلص إيل أقوال أهل التفسري‬،‫شراح األمساء احلسين‬
‫االسم املذكور ابألسلوب نفسه ونذهب بعدها إىل ذكر اآلية واملوضع الذي اقرتن فيهما هذان االمسان‬
.‫وبيان الفروق الداللية اعتمادان على أقوال أهل اللغة والتفسري‬

‫ والسالم عليكم‬.‫سائلني املوىل أن يهدينا أبمسائه احلسىن إىل معرفة سر أمسائه وإىل صراطه املستقيم‬
.‫ورمحة هللا وبركاته‬

The Glorious Names Indicating Greatness and


Knowledge ((Metaphorical Study))
Lecturer Dr. Fakhri Ahmed Sulaiman
College of Art - University of Mosul

Abstract:

Since the prophet Mohammed ((Allah's pissing and peace be on


him)) had received the Quran from God he reads it to his followers and
pared the way for happiness and faith. The prophet also directed them to
believe in one God and their efforts were devoted to know the idea of holly
God which is the origin of religion and from that know about the straight
way for God the followers of the prophet always think about names of God
and their hearts were between fear and hope .Fest came when names of
God were mentioned and hope when names of beauty come to their mind
.As far as names of names of God in the pervious positions mentioned
relatively and hope when names of peauty came to their mind .As far as
names of God in the privous positions mentioned relatively and closely,
some misunderstood that names are so closed and they are synonyms .From

262
‫االمساء احلسىن لصفيت العظمة والعلم‪...‬‬

‫‪the previously mentioned ideas ,the need of the study of the names‬‬
‫‪developing and identify the ling uistic differences between them came to‬‬
‫‪theirmind this paper is trying to focus on the ideas of the names of God.‬‬
‫‪The syllabus of this paper was to mention the name of God and freguentsof‬‬
‫‪it's mention in Quran and the first position of it's mention. The paper also‬‬
‫‪focus on presenting the linguistic root. Finishing representing the‬‬
‫‪differences and presents the equivalent name is great importance for this‬‬
‫‪paper .This paper is of twoorigions firstling names related to god greatness‬‬
‫‪and secondly names related to the feature of religion the researched didn't‬‬
‫‪involve anything which wasn't from above mentioned ideas in this paper to‬‬
‫‪identify their meaning .((Names of God dictionaries firstly, interpreting‬‬
‫))‪books second and books of names of God and origins we depend lastly‬‬
‫‪Achieved with God's help.‬‬

‫أوال‪ :‬األمساء احلسىن املتعلقة بصفة العظمة‪:‬‬

‫‪ – 1‬العلي‪ -‬املتعال‪:‬‬

‫ورد االسم األول مقرتان يف مثانية مواضع قرآنية‪ ،‬أوهلا قوله‪ -‬تعاىل‪( :-‬اَّلل ال إله إال هو احلي القيوم‬
‫ال َتخذه سنة وال ن وم له ما يف السماوات وما يف األرض من ذا الذي يشفع عنده إال ِبذنه ي علم ما ب ني‬
‫أيديهم وما خلفهم وال ُييفون بشيء من علمه إال مبا شاء وسع كرسيه السماوات واألرض وال ي دوده‬
‫حفظهما وهو العلي العظيم) [البقرة‪ ،]522 :‬وورد االسم الثاين مقرتان مرة واحدة يف قوله تعاىل‪( :‬عامل‬
‫الغيب والشهادة الكبري المت عال (‪[ ))9‬الرعد‪ ،]9 :‬ويدل جذرمها اللغوي‪"(( :‬علو" على معىن السمو‬
‫واالرتفاع‪ ،‬فالعالء والعلو‪ :‬الرفعة و العظمة والتجرب‪ ،‬ومنه قوهلم‪ :‬عال امللك يف األرض علوا كبريا‪ ،‬وعال‬
‫الشيء يعلو‪ ،‬وهو يف علية القوم‪ :‬أي‪ :‬من أهل الشرف فيهم))(‪ ،)1‬والعلي‪-‬عند أهل اللغة‪" :-‬اجلليل الذي‬
‫يستحق ارتفاع الصفات"(‪ ،)2‬أما "العلي واملتعايل" من أمساء هللا (عز وجل)‪" :‬فذو العالء والعلو‪ ،‬الغالب‬
‫القاهر‪ ،‬املرتفع بقدره عن خلقه‪ ،‬وقيل‪ :‬الذي ال مكان له‪ ،‬وملا كان العلو ابملكان والشرف حمسوسا‬

‫(‪ )1‬مقاييس اللغة‪ -‬أمحد بن فارس (ت ‪593‬ه )‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد السالم حممد هارون‪ ،‬القاهرة‪9999 ،‬م‪ ،994-991/4 :‬وينظر‪ :‬اشتقاق‬
‫أمساء هللا تعاىل‪ -‬الزجاجي أبو القاسم عبد الرمحن بن اسحاق (ت ‪559‬ه )‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد احلسني املبارك‪ ،‬النجف‪9994 ،‬م‪،34 ،‬‬
‫ولسان العرب‪ -‬ابن منظور حممد بن مكرم األنصاري (ت ‪999‬ه )‪ ،‬القاهرة‪ ،‬بال اتريخ‪.593/99 :‬‬
‫(‪ )2‬الفروق يف اللغة‪ -‬أبو هالل العسكري احلسني بن عبد هللا (ت بعد ‪593‬ه )‪ ،‬ط‪ ،5‬بريوت‪9999 ،‬م‪ ،993 :‬وينظر‪.15 :‬‬

‫‪262‬‬
‫فخري أمحد سليمان‬

‫ومعقوال‪ ،‬فال رتبة إال والعلي‪-‬سبحانه‪ -‬يف أعلى الدرجات منها‪ ،‬ألنه مؤثر يف خلقه ملا كانوا أثرا من آاثره‪،‬‬
‫ومن املعلوم‪ :‬أن املؤثر أشرف من أثره وواجب الوجود أعلى من املمكن‪ ،‬ألن الثاين حمدود‪ ،‬وهو‪ -‬تعاىل‪-‬‬
‫مفلق‪ ،‬ومرد ذلك إىل ثالثة أمور‪ :‬عدم مساواة أحد له يف الشرف‪ ،‬وقدرته على الكل وخضوعهم له‪،‬‬
‫وتصرفه يف الكل‪ ،‬وفوقيته (عز وجل) املذكورة يف القرآن الكرمي تتضمن هذه املعاين‪ ،‬فليس فوقه‪ -‬تعاىل‪-‬‬
‫من جيب له من معاين اجلالل أحد‪ ،‬وال من مشرتك هو يف العلوم وهو املرتفع عما جيوز على احملدثني"(‪،)1‬‬
‫واملفسرون مل يبعدوا عن شيء من هذه املعاين‪ ،‬فالعلي عندهم‪" :‬ذو العلو واالرتفاع عن خلقه بقدره‪،‬‬
‫واملتعايل‪ :‬املستعلي على كل شيء بقدره‪ ،‬ومن يكرب عن صفات املخلوقني‪ ،‬واملنزه عما جيوز عليه يف ذاته‬
‫وصفاته وأفعاله‪ ،‬ومن له العلم الكامل والقدرة التامة والنزاهة عن كل ما ينبغي لغريه"(‪.)2‬‬

‫‪ – 5‬العظيم‪:‬‬

‫ورد هذا االسم يف موضعني قرآنيني‪ ،‬أحدمها ختام آية الكرسي‪ ،‬بقوله –تعاىل‪( :-‬اَّلل ال إله إال‬
‫هو احلي القيوم ال َتخذه سنة وال ن وم له ما يف السماوات وما يف األرض من ذا الذي يشفع عنده إال‬
‫ِبذنه ي علم ما ب ني أيديهم وما خلفهم وال ُييفون بشيء من علمه إال مبا شاء وسع كرسيه السماوات‬
‫واألرض وال ي دوده حفظهما وهو العلي العظيم(‪[ ))522‬البقرة‪ ،]522 :‬ويدل جذره اللغوي‪" :‬عظيم"‬
‫على الكرب والقوة‪ ،‬ومعظم الشيء‪ :‬أكثره‪ ،‬ومنه العظيمة‪ ،‬وهي‪ :‬النازلة‪ ،‬والعظم وهو معروف‪ ،‬ومسي بذلك‬
‫لشدته وقوته"(‪ ،)3‬ويرادف هذا االسم لدى اللغويني "الكبري" حمسوسا أو معقوال عينا أو معىن‪ ،‬وإذا اشرتك‬
‫شيدان يف معىن واحد‪ ،‬وكان أحدمها زائدا على اآلخر يف ذلك املعىن زايدة كبرية مسي الثاين عظيما(‪،)4‬‬

‫(‪ )1‬اشتقاق أمساء هللا تعاىل‪ ،193 :‬وينظر‪ :‬كتاب األمساء والصفات‪ -‬البيهقي النيسابوري أبو بكر أمحد بن احلسني (ت ‪433‬ه )‪ ،‬ط‪،9‬‬
‫بريوت‪9934 ،‬م‪ ، 39 ،59 :‬واملقصد االسىن يف شرح أمساء هللا احلسىن‪ ،‬الغزايل أبو حامد بن حممد (ت ‪303‬ه )‪ ،‬بغداد ‪9990‬م‪:‬‬
‫‪ ، 93‬و لوامع البينات شرح أمساء هللا تعاىل والصفات‪ -‬الرازي فخر الدين حممد بن عمر (ت ‪606‬ه )‪ ،‬مراجعة‪ :‬طه عبد الرؤوف‪،‬‬
‫القاهرة‪9996 ،‬م‪.160 :‬‬
‫(‪ )2‬الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون األقاويل يف وجوه التأويل‪ -‬الزخمشري جار هللا حممود بن حممد (ت ‪353‬ه )‪ ،‬بريوت‪9949 ،‬م‪:‬‬
‫‪ ،301/5 ،396/1‬وينظر‪ :‬التفسري الكبري‪ -‬الرازي فخر الدين أبو عبد هللا بن عمر (ت ‪606‬ه )‪ ،‬القاهرة‪ ،‬بال اتريخ‪.99/99 :‬‬
‫(‪ )3‬معجم مقاييس اللغة‪ ،533/4 :‬وينظر‪ :‬لسان العرب‪ . 505/93 :‬وينظر‪ :‬االقرتان الثنائي بني أمساء هللا احلسين يف القرآن الكرمي ألفاظه‬
‫دالالته‪ -‬فخري أمحد سليمان‪.919 :‬‬
‫(‪ )4‬املفردات يف غريب القرآن‪ -‬الراغب األصفهاين احلسني بن حممد (ت ‪305‬ه ‪ )/‬نشر وإشراف‪ :‬حممد أمحد خلف هللا‪ ،‬القاهرة‪ ،‬بال اتريخ‪،‬‬
‫‪ ، 309‬وينظر‪ :‬بصائر ذوي التمييز يف لفائف الكتاب العزيز‪ -‬الفريوزآابدي جمد الدين حممد بن يعقوب‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد علي النجار‪،‬‬
‫القاهرة‪9964 ،‬م‪.99/4 :‬‬

‫‪262‬‬
‫االمساء احلسىن لصفيت العظمة والعلم‪...‬‬

‫ومعىن "العظيم" من أمسائه احلسىن‪ -‬تعاىل‪ :-‬ذو العظمة واجلالل يف ملكه وسلفانه‪ ،‬والذي يعظمه خلقه‪،‬‬
‫ويتقونه ويهابونه‪ ،‬فكل خلق صغري ضديل أمام عظمته‪ ،‬وهو –سبحانه‪ -‬ال ُييط به عقل‪ ،‬وال يتصور كنه‬
‫حقيقته وهم‪ ،‬وعلى هذا يكون معىن امسه املذكور‪ :‬املفلق الذي جاوز مجيع احلدود‪ ،‬فهو أعظم من كل‬
‫عظيم يف وجوده‪ ،‬ويف قدرته وعلمه وقوته وسلفانه‪ ،‬حبيث ال ميكن االمتناع عليه ابإلطالق(‪ ،)1‬ومل يبعد‬
‫شراح األمساء احلسىن واملفسرون عن هذا املعىن‪ ،‬ومن أقواهلم فيه ما حرره الفربي‪ ،‬فقد قال يف "العظيم" أنه‪:‬‬
‫"ذو العظمة الذي كل شيء دونه‪ ،‬فال شيء أعظم منه"(‪.)2‬‬

‫‪ – 3‬العلي العظيم‪:‬‬

‫ورد هذا االقرتان مرتني يف سورتني مها‪( :‬البقرة‪ ،522-‬الشورى ‪ )4-‬منها قوله –تعاىل‪( :-‬اَّلل ال‬
‫إله إال هو احلي القيوم ال َتخذه سنة وال ن وم له ما يف السماوات وما يف األرض من ذا الذي يشفع عنده‬
‫إال ِبذنه ي علم ما ب ني أيديهم وما خلفهم وال ُييفون بشيء من علمه إال مبا شاء وسع كرسيه السماوات‬
‫واألرض وال ي دوده حفظهما وهو العلي العظيم(‪[ ))222‬البقرة‪ ،]522 :‬وقوله تعاىل‪( :‬له ما يف السماوات‬
‫وما يف األرض وهو العلي العظيم) [الشورى‪ .]4 :‬وقد فصل املفسرون الكالم على هذه اآلية تفصيال‬
‫كبريا‪ ،‬ومما خلصناه من قول الفربي أنه‪ -‬تبارك وتعاىل‪ -‬ذو علو وارتفاع عن خلقه بقدرته‪ ،‬وذو عظمة‪ ،‬فال‬
‫شيء إال وهو أعظم منه‪ ،‬وقيل‪ :‬إنه العلي عن النظري والشبيه‪ ،‬وأنكروا أن يكون معىن ذلك العلو يف‬
‫املكان‪ ،‬ألنه (عز وجل) ال جيوز أن يتصور خلو أي مكان منه(‪ ،)3‬وقال الرازي‪" :‬ال جيوز أن يكون علوه‬
‫ابجلهة"(‪ ، )4‬ويف هذا إشارة إىل أن املكان واملكانيات والزمان أبسرها ملك له‪ ،‬فتعاىل وتقدس أن يكون‬
‫علوه مكاان أو زماان‪ .‬أما عظمته فهي ابملهابة والقهر والكربايء‪ ،‬وميتنع أن تكون ابملقدار واحلجم‪ ،‬وقد حنا‬
‫البقا عي يف تفسري االقرتان يف هذه اآلية منحاه اخلاص يف تفسري كل مواضع االقرتاانت بني األمساء احلسىن‬
‫يف القرآن الكرمي مبا يشعر بتصوراته اإلشارية املردودة إىل فكر روحي‪ ،‬ميكن أن تتشكل منه رؤية خاصة يف‬
‫دراسة تفسريه‪ ،‬وقال‪" :‬وملا مل يكن علوه وعظمته ابلقهر والسلفان واإلحاطة ابلكمال أو منحصرا فيما‬

‫(‪ )1‬كتاب األمساء والصفات‪ ،30 :‬وينظر‪ :‬املقصد األسين‪ ،93 :‬ولوامع البينات‪.139 :‬‬
‫(‪ )2‬جامع البيان من َتويل آي القرآن‪ -‬الفربي أبو جعفر حممد بن جرير (ت ‪590‬ه )‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممود حممد شاكر‪ ،‬القاهرة‪9939 ،‬م‪:‬‬
‫‪.409 ،403/3‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬جامع البيان‪.409 ،406/3 :‬‬
‫(‪ )4‬التفسري الكبري‪.94/9 :‬‬

‫‪266‬‬
‫فخري أمحد سليمان‬

‫تقدم‪ -‬أي‪ :‬يف آية الكرسي‪ -‬عفف عليه‪ -‬وهو‪ -‬أي مع ذلك كله املتفرد أبنه العلي‪ ،‬أي‪ :‬الذي ال رتبة‬
‫إال وهي منحفة عن رتبته‪ ،‬العظيم‪ ،‬كما أنبأ عن ذلك افتتاح اآلية ابالسم العلم األعظم اجلامع جلميع‬
‫االمساء احلسىن علوا وعظمة تتقاصر عنها اإلفهام‪ ،‬ملا غلب عليها من األوهام‪ -‬وقصد‪ :‬لفظ اجلاللة‪ ،‬كما‬
‫ال خيفى – ونظم االمسني هذا دال على أنه أريد ابلعظم علو املرتبة وبعد املنال عن إدراك العقول‪ ،‬وقد‬
‫ختم اآلية مبا بدأت به‪ ،‬غري أن بدأها ابلعظمة‪ -‬ونقل هذا عن احلراين‪ ،-‬كان ابسم هللا‪ ،‬وختمها كان‬
‫بذلك إفصاحا ملا ذكر من أن اإلبداء من وراء حجاب واإلعادة بغري حجاب"(‪.)1‬‬

‫‪ – 4‬الكبري‬

‫ورد هذا االسم مقرتان يف ستة مواضع قرآنية أوهلا قوله –تعاىل‪( :-‬الرجال ق وامون على النساء مبا‬
‫فضل اَّلل ب عضهم على ب عض ومبا أن فقوا من أمواهلم فالصاحلات قانتات حافظات للغيب مبا حفظ اَّلل‬
‫والالِت َتافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن يف المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فال ت ب غوا عليهن سبيال‬
‫إن اَّلل كان عليا كبريا(‪[ ))22‬النساء‪ ،]34 :‬ويدل جذره اللغوي‪" :‬كرب‪ :‬على ما خيالف الصغر ويقال هو‬
‫كبري وكبار وكبار‪ ،‬والكرب‪ :‬معظم األمر‪ ،‬ومنه الكرب‪ ،‬وهو اهلرم‪ ،‬والكرب‪ :‬العظمة‪ ،‬ومنه الكربايء" وورد يف‬
‫أقواهلم‪" :‬ورثوا اجملد كابرا عن كابر‪ ،‬أي‪ :‬كبريا عن كبري‪ ،‬من شرف وعز‪ ،‬وأكربت الشيء‪ :‬استعظمته"(‪.)2‬‬
‫ومن علماء اللغة من رأى أن "الكربايء صفة أعلى من صفة العظمة فوق العلو‪ ،‬والكبري من ال يتصور عليه‬
‫مقدار"(‪ ، )3‬أما "الكبري" يف دائرة االمساء احلسىن‪ ،‬فللعلماء فيه أقوال شىت‪ ،‬منها‪ :‬أنه املتصرف يف عباده‬
‫على ما يريده هو‪ ،‬ال على ما يريدون هم‪ ،‬أو أنه ذي الكربايء اليت هي كمال ذاته‪ ،‬واملوجود الذي يعود‬
‫كماله على الدوام أزال وأبدا‪ ،‬ومن صدر الكل عنه‪ ،‬وقام الوجود به كامال‪ ،‬فهو الكبري ابلقياس إىل كل ما‬
‫سواه‪ ،‬ألنه كبري عن مشاهبة خملوقاته (‪ ،)4‬ومل خيرج املفسرون عن شيء من هذه املعاين‪ ،‬فالكبري عندهم‪:‬‬
‫اجل ليل والعظيم الذي يكون كل شيء دونه‪ ،‬وال شي أعظم منه‪ ،‬وذو العلو والكربايء فليس مللك وال لنيب‬

‫(‪ )1‬نظم الدرر يف تناسب اآلايت والسور‪ -‬البقاعي برهان الدين أبو احلسن بن عمر (ت ‪333‬ه )‪ ،‬تصحيح وتعليق‪ :‬حممد عمران األعظمي‬
‫األنصاري العمري وحممد عبد احلميد وحممد عظيم الدين‪ ،‬القاهرة‪9934-9969 ،‬م‪.59 ،56/4 :‬‬
‫(‪ )2‬معجم مقاييس اللغة‪ ، 934 ،953/3 :‬وينظر‪ :‬كتاب األفعال ابن القفاع علي بن جعفر الصقلي (ت ‪393‬ه )‪ ،‬حيدر آابد‪،‬‬
‫‪9560‬ه ‪.99/5 /‬‬
‫(‪ )3‬الفروق يف اللغة‪ ،159 :‬وينظر‪ :‬املفردات يف غريب القرآن‪.653 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬كتاب األمساء والصفات‪ ،995 ،35 :‬وينظر‪ :‬املقصد األسين‪ ،909 :‬لوامع البياانت‪.169 :‬‬

‫‪262‬‬
‫االمساء احلسىن لصفيت العظمة والعلم‪...‬‬

‫أن يتكلم يوم القيامة إال ِبذنه‪ ،‬والكبري يف املقادير‪ ،‬ليس كسائر أوصاف الكرب حبسب اجلثة واحلجم وإمنا‬
‫حبسب القدرة‪ ،‬وما يتصل هبا من مقاديره اإلهلية(‪.)1‬‬

‫‪ -2‬الكبري املتعال‪:‬‬

‫ورد هذا االقرتان مرة واحدة يف قوله –تعاىل‪( :-‬عامل الغيب والشهادة الكبري المت عال (‪))9‬‬
‫[الرعد‪ ،] 9 :‬فهو سبحانه الكبري على كل شيء دونه‪ ،‬و املستعلي على كل شيء بقدرته (‪ ،)2‬وقد عرب‬
‫الزخمشري عن داللة ما ذكرانه مبا مياثل قول الفربي أوال‪ ،‬مث أضاف قوله‪" :‬الذي كرب عن صفات املخلوقني‬
‫وتعاىل عنها"(‪ ،)3‬وقال الرازي‪" :‬ميتنع أن يكون كبريا حبسب اجلثة واحلجم‪ ،‬فوجب أن يكون حبسب القدرة‪،‬‬
‫مث وصف‪-‬تعاىل‪ -‬نفسه أبنه املتعال‪ ،‬وهو املنزه عن كل ما ال جيوز عليه‪ ،‬وذلك يدل على كونه منزها يف‬
‫ذاته وصفاته وأفعاله‪ ،‬وهذه اآلية دالة على كونه (عز وجل) موصوفا ابلعلم الكامل والقدرة التامة‪ ،‬ومنزها‬
‫عن كل ما ال ينبغي"(‪ ،)4‬وقد حاول البقاعي الربط بني العلم واحلكمة والقدرة والعظمة من صفاته‪-‬تعاىل‪-‬‬
‫فقال‪" :‬وملا كان العلم واحلكمة ال يتمان إال بكمال القدرة والعظمة‪ ،‬قال‪ :‬الكبري‪ ،‬أي‪ :‬الذي يتضاءل‬
‫عنده كل ما فيه صفات تقتضي الكرب‪ ،‬ونقل عن البقاعي قوله‪" :‬والكبري ظهور التفاوت يف ظاهر األمر‬
‫وابهر القدر الذي ال ُيتاج إىل فكر"‪ ،‬ولذلك كان له ففره‪ -‬سبحانه‪ -‬للخلق‪ :‬أنه أكرب‪ ،‬وملا كان ظاهر‬
‫قدر للخلق ملا عليهم من ابدئ الضرورات واحلاجات املعلقة بصغري القدر‪ ،‬فمن حاول فيهم أن يكرب‬
‫بسفوة أو تسلط أو فساد‪ ،‬زاد صغار قدره مبا اكتسب يف أعني أرابب البصائر يف الدنيا‪ ،...‬واملتعال‪ ،‬أي‪:‬‬
‫الذي ال يدنو من أوج علوه يف ذات أو صفة أو فعل عال‪ ،‬وأخرج هذا خمرج التفاعل ليكون أدل على‬
‫املعىن‪ ،‬وأبلغ فيه‪ ،...‬والتعايل‪ :‬فوت التناول واملنال حبكم أو حجة‪ ،‬ويشعر التفاعل مبا جيري من توهم‬
‫احملتجني من أمره أبوهام وحجج داحضة"(‪ ،)5‬وذكر ابن عاشور أن الكرب جماز يف العظمة‪ ،‬فقد شاع‬
‫استعمال امساء الكثرة وألفاظ الكرب يف العظمة تشبيها للمعقول ابحملسوس‪ ،‬فصار كاحلقيقة واملتعايل‪:‬‬
‫الصفة بصيغة التفاعل للداللة على‪ :‬أن العلو صفة ذاتية له‪ -‬تعاىل‪ -‬ال من غريه أي‪:‬‬ ‫املرتفع‪ ،‬وصيغ‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬جامع البيان‪ ،995/95 :‬وينظر الكشاف‪ ،330/5 :‬التفسري الكبري‪.99/99 :‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬جامع البيان (*)‪ ،995/95 :‬واإلشارة (*) تعين الكتاب غري حمقق‪.‬‬
‫(‪ )3‬الكشاف‪.396/1 :‬‬
‫(‪ )4‬التفسري الكبري‪.99/99 :‬‬
‫(‪ )5‬نظم الدرر‪.190 ،139/99 :‬‬

‫‪262‬‬
‫فخري أمحد سليمان‬

‫الرفع رفعة واجبة له عقال‪ ،‬واملراد ابلرفعة هنا‪ :‬اجملاز عن العزة التامة‪ ،‬حبيث ال يستفيع موجود أن يغلبه أو‬
‫يكرهه‪ ،‬أو املنزه عن النقائض(‪.)1‬‬

‫‪ – 6‬العلي الكبري‪:‬‬

‫ورد هذا االقرتان مخس مرات يف سور (النساء‪ ،34-‬احلج‪ ،65-‬لقمان‪ ،33-‬سبأ‪ ،53-‬غافر‪-‬‬
‫‪ )15‬منها قوله تعاىل‪( :‬الرجال ق وامون على النساء مبا فضل اَّلل ب عضهم على ب عض ومبا أن فقوا من أمواهلم‬
‫فالصاحلات قانتات حافظات للغيب مبا حفظ اَّلل والالِت َتافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن يف‬
‫المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فال ت ب غوا عليهن سبيال إن اَّلل كان عليا كبريا(‪[ ))34‬النساء‪،]34 :‬‬
‫فهو – سبحانه‪" -‬ذو علو على كل شيء‪ -‬كما قال الفربي‪ -‬فال تبغوا أيها الناس على أزواجكم إذا‬
‫أطعنكم فيما ألزمهن هللا لكم من حق سبيال‪ ،‬لعلو أيديكم على أيديهن‪ ،‬فإن هللا أعلى منكم‪ ،‬ومن كل‬
‫شيء‪ ،‬وأعلى منكم عليهن‪ ،‬وأكرب منكم ومن كل شيء‪ ،‬وأنتم يف يده وقبضته ‪ ،‬فاتقوا هللا أن تظلموهن‪،‬‬
‫وال تبغوا عليهن سبيال‪ ،‬وهن لكم مفيعات فينتصر هلن"(‪ ،)2‬وقد بسط الرازي الكالم يف تفسري هذا‬
‫االقرتان مبا ميكن إمجاله يف عدة مالحظ هي‪:‬‬

‫‪ ‬هتديد األزواج على ظلم نسائهم‪ ،‬فهن أن ضعفن عن رفع الظلم وعجزن عن االقتصاص‪،‬‬
‫فاهلل‪ -‬سبحانه‪ -‬قاهر كبري على االنتصاف هلن واستيفاء حقوقهن‪.‬‬

‫‪ ‬املنع عن البغي عليهم إذا أطعن‪ ،‬لعلو أيدي الرجال عليهن‪ ،‬ألن هللا أعلى وأكرب من كل‬
‫شيء‪ ،‬وهو متعال عن تكليف أحد إال ابحلق ومالحظة طاقة املكلف ووسعه‪ ،‬فضال عن‬
‫الزوجة‪ ،‬فمن شأن الرجل أن يقبل‬ ‫كونه ال يؤاخذ العاصي إذا اتب بل يغفر له‪ ،‬فإذا اتب‬
‫توبتها‪.‬‬

‫‪ ‬التحذير من هتك السرائر والتفتيش عما يف قلب املرأة وغريها من احلب والبغض‪ ،‬فهو –‬
‫تعاىل‪ -‬مع علوه وكربايئه‪ ،‬اكتفى من عبده ابلظاهرة ومل يهتك سرته (‪ ،)3‬وقد رأى ابن عاشور‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬حترير املعىن السديد وتنوير العقل اجلديد من تفسري الكتاب اجمليد‪ -‬حممد الفاهر بن عاشور (ت ‪9993‬م)‪ ،‬بال اتريخ‪.93/95 :‬‬
‫(‪ )2‬جامع البيان‪.593/3 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬التفسري الكبري‪ ،99/90 :‬وينظر‪ :‬جامع البيان‪.130/9 :‬‬

‫‪269‬‬
‫االمساء احلسىن لصفيت العظمة والعلم‪...‬‬

‫يف هذا االقرتان تذييال للتهديد‪ ،‬أي‪ :‬أن هللا –سبحانه‪" -‬علي عليكم حاكم فيكم‪ ،‬فهو‬
‫يعدل بينكم‪ ،‬وهو كبري‪ ،‬أي‪ :‬قوي قادر‪ ،‬فبوصف العلو يتعني امتثال أمره وهنيه‪ ،‬وبوصف‬
‫القدرة ُيذر بفشه عند عصيان أمره وهنيه"(‪.)1‬‬

‫ثانيا‪ :‬االمساء احلسىن املتعلقة بصفة العلم‪:‬‬

‫‪ – 1‬العليم‪:‬‬

‫ورد هذا االسم مقرتان يف سبعة وتسعني موضوعا قرآنيا‪ ،‬أوهلا قوله تعاىل‪( :‬قالوا سبحانك ال علم‬
‫لنا إال ما علمت نا إنك أن العليم احلكيم (‪[ ))22‬البقرة‪ ،]35 :‬ويدل "جذر "علم" على معىن‪ :‬أحدث‬
‫أثرا يف الشيء يتميز به‪ ،‬وهو العالمة‪ ،‬وإمنا خص اإلنسان ابلعلم الذي هو خالف اجلهل‪ ،‬ألنه اكتسب به‬
‫متييزا عن البهائم‪ ،‬ألهنا ال تعلم"(‪ .)2‬وقد عين أبو هالل العسكري بعرض املقارانت اللغوية بني‪( :‬العامل‬
‫والعليم‪ /‬العلم والعقل‪ /‬العلم واإلدراك‪ /‬العلم واخلرب‪ /‬العلم واإلحاطة)(‪ ،)3‬ال‪ ،‬العلم يداخل العقل واإلدراك‬
‫واخلرب واإلحاطة‪ ،‬لكونه مادة كل واحد منها‪ ،‬والعليم‪ -‬كما عرفنا‪-‬مبالغة من لفظ‪ :‬العامل (‪ ،)4‬ومعناه يف‬
‫دائرة االمساء احلسىن كما فسره اإلمام الغزايل‪" :‬ظاهر"‪ ،‬وكماله‪ -‬تعاىل‪ -‬أنه ُييط علما بكل شيء ظاهره‬
‫وابطنه‪ ،‬دقيقه وجليله‪ ،‬أوله وآخره‪ ،‬عاقبته وفاحتته"(‪ ،)5‬وحنن مل جند لدى املفسرين يف حتديد معناه أكثر مما‬
‫وجدان عند اللغويني‪ ،‬فالفدتان تلتقيان عند هذه الصورة الداللية املستخلصة من املفهوم االعتقادي الذي‬
‫أوضحه النص املذكور بال زايدة وال نقصان‪ .‬وعلم العليم‪ -‬تعاىل‪ -‬كائن جبميع ما كان وما هو كائن من‬
‫(‪)6‬‬
‫مبعىن‪ :‬أنه ذو علم ابلغ كماله‪ ،‬وحميط من جهاته الثالث‪ ،‬الوحدة‪ ،‬والعموم املتعلق بكل‬ ‫غري تعليم‬
‫املعلومات والبقاء املصون من التغري(‪.)7‬‬

‫(‪ )1‬التحرير والتنوير‪.41/3 :‬‬


‫(‪ )2‬معجم مقاييس اللغة‪ ،909/9 :‬وينظر‪ :‬كتاب األفعال‪ -‬ابن القفاع‪.511/1 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬الفروق يف اللغة‪.39 ،36 ،39 ،30 ،96 ،93 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬لسان العرب‪.599/93 :‬‬
‫(‪ )5‬املقصد األسين‪.96 :‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬جامع البيان (*)‪.496/9 :‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬التفسري الكبري‪.939/14 :‬‬

‫‪222‬‬
‫فخري أمحد سليمان‬

‫‪ – 5‬احلكيم‪:‬‬

‫ورد هذا االسم مقرتان يف تسعني موضعا قرآنيا‪ ،‬أوهلا قوله تعاىل‪( :‬قالوا سبحانك ال علم لنا إال ما‬
‫علمت نا إنك أن العليم احلكيم (‪[ ))22‬البقرة‪ ،]35 :‬ويدل جذره‪" :‬حكم" على معىن‪ :‬املنع‪ ،‬وهو أول‬
‫احلكم‪ ،‬واملرا د املنع من الظلم‪ ،‬ومن هذا الباب ما يعرف حبكمة الدابة‪ ،‬أي‪ :‬ما مينعها من اجلموح‪ ،‬ويقال‪:‬‬
‫حكم بينهم‪ ،‬إذا فصل ‪ ،‬وحكم الرجال‪ :‬صار حكيما‪ ،‬وهو الذي يتقن الصنع ويضبط العلم‪ ،‬ويعرف‬
‫أفضل األشياء أبفضل العلوم‪ ،‬واحلكم على اإلطالق‪ :‬القفع والفصل والب "(‪.)1‬‬

‫واحلكيم يف هذه املثابة‪ -‬كما يفهم‪ -‬من كالم أيب عبيدة‪ ،‬والراغب األصفهاين‪ ،‬وابن األثري‪:‬‬
‫القاضي واملبني واجلاهل ما يريده حكمة (‪ ،)2‬وإذا كان اإلمام الرازي قد عد معىن احلكيم‪ :‬املتقن التدبري‬
‫والعارف أفضل املعلومات أبفضل العلوم‪ ،‬لكونه مقدسا عما ال ينبغي‪ ،‬فشراح االمساء مل يذهبوا إىل أبعد‬
‫من هذه املعاين اليت ذكرانها(‪ ،)3‬ومثل هذا ما فعله املفسرون أيضا‪ ،‬فقد عنوا يف شرح اللفظ مبا يشري إىل‬
‫معىن املنع واإلعفاء على وفق املصلحة املقدرة‪ ،‬والبعد عن الظلم واجلور(‪.)4‬‬

‫‪ – 3‬العليم احلكيم‪:‬‬

‫ويف النصوص القرآنية تتبني الفروق اللغوية بداللة اآلية اليت نستهل كالمنا هبا وهي قوله تعاىل‪:‬‬
‫العليم احلكيم (‪[ ))22‬البقرة‪ ،]35 :‬وقد تبني من‬ ‫(قالوا سبحانك ال علم لنا إال ما علمت نا إنك أن‬
‫كالم شراح األمساء احلسىن وكالم املفسرين مقصد الفرق بني‪( :‬العامل والعليم) من أول الكالم على اآلية‬
‫املذكورة حني نفى املالئكة عن أنفسهم علمهم أبمساء األشياء اليت علم البارئ (عز وجل) آدم أمساءها قبل‬
‫عرضها عليهم‪ ،‬فقال‪( :‬وعلم آدم األمساء كلها مث عرضهم على المالئكة ف قال أنبدوين أبمساء هؤالء إن كن تم‬

‫(‪ )1‬معجم مقاييس اللغة‪ ،99/1 :‬وينظر‪ :‬كتاب األفعال‪ -‬ابن القفاع‪ ،100/9 :‬والكليات‪ -‬أبو البقاء أيوب بن موسى الكفوي (ت‬
‫‪9094‬ه )‪،‬مقابلة‪ :‬عدانن درويش وحممد املصري‪ ،‬دمشق ‪9993‬م‪.199/1 :‬‬
‫(‪ )2‬جماز القرآن‪ -‬أبو عبيدة معمر بن املثىن (ت ‪190‬ه ) تعليق ودراسة‪ :‬حممد فؤاد سزكني‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪9990 ،‬م‪ ،191/1 :‬وينظر‪:‬‬
‫النهاية يف غريب احلديث والأثر‪ -‬ابن األثري جمد الدين أبو السعادات املبارك بن حممد اجلزري (ت ‪606‬ه )‪ ،‬حتقيق‪ :‬طاهر أمحد الراوجي‬
‫وحممود حممد الضاحي‪ ،‬بريوت‪ ،‬بال اتريخ‪ ،499 ،493/9 :‬واملفردات يف غريب القرآن‪.939 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬اشتقاق امساء هللا تعاىل‪ ،90 :‬وينظر‪ :‬املقصد األسين‪ ،991 :‬لوامع البياانت‪ ،130 :‬امساء هللا وعالقتها مبخلوقاته‪ -‬شاكر عبد‬
‫اجلبار‪ ،‬ط‪ ،1‬بغداد ‪.116 :9939‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬الكشاف‪ ،434/9 :‬وينظر‪ :‬تفسري القرآن العظيم ‪ :‬أبو الفداء عماد الدين إمساعيل بن كثري الدمشقي (ت ‪994‬ه )‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫‪9969‬م‪.493 ،401/9 :‬‬

‫‪222‬‬
‫االمساء احلسىن لصفيت العظمة والعلم‪...‬‬

‫صادقني (‪[ ))22‬البقرة‪ ،]31 :‬ألنه‪ -‬سبحانه‪ -‬العامل وحده هبا ومبا كان‪ ،‬وما هو كائن من غري تعليم (‪،)1‬‬
‫مبعىن أن علمه ابلغ كماله وحميط من جهاته الثالث‪ :‬الوحدة‪ ،‬والعموم املتعلق بكل املعلومات‪ ،‬والبقاء‬
‫املصون من التغيري‪ ،‬وال ُيصل ذلك إال يف علمه (عز وجل)(‪ ،)2‬وقد التف ابن عاشور من مفسري هذا‬
‫العصر إىل أنه‪-‬سبحانه‪ -‬قد اتبع الوصف‪ -‬يعين‪ :‬العلم – ابألخص منه‪ ،‬ألن مفهوم األخص‪ -‬وهو‬
‫احلكمة‪ -‬زائد على مفهوم األعم على اعتبار أن احلكمة من الكمال يف العلم (‪ ،)3‬وكان السيوطي قد رأى‬
‫تقدمي "العليم" على "احلكيم" من ابب التقدم ابلسبب‪ ،‬ألن اإلتقان واألحكام إمنا تنشأ عن العلم (‪،)4‬‬
‫ويتصل هبذا النسق املذكور آنفا مقلوبه الوارد سبع مرات يف سور‪( :‬األنعام‪ ،139 ،153 ،33-‬احلجر‪-‬‬
‫‪ ،52‬النمل‪ ،6 -‬الزخرف‪ ،34 -‬الذارايت‪ ،)33-‬منها قوله تعاىل‪( :‬وتلك حجت نا آت ي ناها إب راهيم على‬
‫ق ومه ن رفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم (‪[ ))22‬األنعام‪ ،]33 :‬وجمليء هذه اآلية يف سورة‬
‫تشريعات وأحكام‪ ،‬جرى تقدمي الوصف ابحلكمة على الوصف ابلعلم‪ ،‬لإلشارة إىل أنه‪ -‬سبحانه‪ -‬كما‬
‫قال الفربي‪" :‬حكيم يف سياسته وتلقني أنبيائه احلجج على أممهم وغري ذلك ‪ ،‬تدبريه"(‪ ،)5‬وهو‪ -‬تعاىل‪ -‬يف‬
‫تفضيله للخلق بعضا علي بعض يعلم مستحق ذلك ومقدار استحقاقه‪ ،‬لذا كان تقدمي الوصف ابحلكمة‬
‫على الوصف ابلعلم‪ ،‬ألن التفضيل مظهر للحكمة على وفق العلم احملكم مبقدار ما ُيتاج إليه يف هذا‬
‫الصدد(‪.)6‬‬

‫‪ -4‬اخلبري‪:‬‬

‫ورد هذا االسم مقرتان يف مثانية عشر موضعا قرآنيا‪ ،‬أوهلا قوله‪ -‬تعاىل‪( :-‬وإن خفتم شقاق ب ينهما‬
‫فاب عثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصالحا ي وفق اَّلل ب ي ن هما إن اَّلل كان عليما‬
‫خبريا(‪[ ))22‬النساء‪ ،]32:‬ويدل جذره "خرب على معنيني‪ ،‬األول‪ :‬اللني والرخاوة والغزارة ومنه‪ :‬خربت‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬جامع البيان‪.496 ،493/9 :‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬التفسري الكبري‪.939/14 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬التحرير والتنوير‪.493/9 :‬‬
‫(‪ )4‬معرتك األقران يف إعجاز القرآن‪ -‬السيوطي جالل الدين عبد الرمحن بن أيب بكر (ت‪999‬ه )‪ ،‬ضبط وتصحيح‪ :‬أمحد مشس الدين‪ ،‬ط‪،9‬‬
‫بريوت‪9933 ،‬م‪.954/9 :‬‬
‫(‪ )5‬جامع البيان‪.306/99 :‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬التحرير والتنوير‪ ،556/9 :‬وينظر‪ :‬الربهان الكاشف عن إعجاز القرآن‪ -‬الزملكاين عبد الواحد بن عبد الكرمي (ت‪639‬ه )‪،‬‬
‫حتقيق‪ :‬أمحد مفلوب وخدجية احلديثي‪ ،‬بغداد ‪9994‬م‪ ،504/5 :‬التعبري القرآين‪ ،‬فاضل صاحل السامرائي‪ ،‬املوصل‪9939 ،‬م‪.105 :‬‬

‫‪222‬‬
‫فخري أمحد سليمان‬

‫الناقة خبورا‪ ،‬إذا أغرز لبنها‪ ،‬والثاين‪ :‬العلم‪ ،‬يقال‪ :‬يل خربة وخرب‪ ،‬وخربت األمر‪ :‬عرفته على حقيقته (‪،)1‬‬
‫وهللا تعاىل اخلبري أي العامل بكل شيء‪ ،‬قال تعاىل‪( :‬وال ي ن بدك مثل خبري) [فاطر‪ ،]14 :‬أي‪ :‬بكنه‬
‫حقيقته‪ ،‬وهم يلمحون يف "اخلرب" معىن زائدا على العلم‪ ،‬إذ ليس كل من علم الشيء كان خبريا به (‪ ،)2‬أما‬
‫اخلبري يف دائرة األمساء احلسىن فهو غري بعيد عن املعىن الذي يدور حول العلم حبقائق األمور‪ ،‬فهو‪-‬‬
‫سبحانه‪ -‬عليم‪ ،‬ألن األخبار الباطنة ال تعزب وال يتحرك شيء‪ ،‬أو يسكن إال بعمله مبا كان وسيكون (‪،)3‬‬
‫ومل خيرج املفسرون عن تصور هذا املعىن وتصويره‪ ،‬فهو‪ -‬تعاىل‪ ،-‬كما قال الزخمشري‪" :‬خبري مبصاحل اخللق‬
‫ومنافعهم"(‪ ،)4‬وزاد ابن كثري‪ ..." :‬مبن يستحق الغىن‪ ،‬ومن يستحق الفقر"(‪.)5‬‬

‫‪ – 2‬العليم اخلبري‪:‬‬

‫ورد هذا االقرتان أربع مرات يف سور (النساء‪ ،32 -‬لقمان‪ ،34 ،‬احلجرات‪ ،13 -‬التحرمي‪)3-‬‬
‫أوهلا قوله –تعاىل‪( :-‬وإن خفتم شقاق ب ينهما فاب عثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصالحا‬
‫ي وفق اَّلل ب ي ن هما إن اَّلل كان عليما خبريا(‪[ ))22‬النساء‪ ،]32:‬فهو‪ -‬سبحانه‪ -‬عليم مبا أراد احلكمان من‬
‫إصالح وغريه‪ ،‬وخبري بذلك وبغريه من أمورمها وأمور غريها‪ ،‬ال خيفى عليه شيء‪ ،‬فهو حافظ له ليجازي‬
‫كال ابإلحسان أو الغفران‪ ،‬أو العقوبة (‪ ،)6‬لعلمه‪ -‬كما قال الزخمشري‪" :-‬كيف يوفق بني املختلفني‪،‬‬
‫وجيمع بني املتفرقني"(‪ ، )7‬ويف اآلية وعيد للزوجني واحلكمني يف سلوك خيالف طريق احلق‪ ،‬مما يعمله‪-‬‬
‫تعاىل‪ -‬بعلمه وخربته الكاملني (‪ ،)8‬وجاء الوصف األبلغ واألخص "اخلبري" بعد الوصف األعم واألمشل‪:‬‬
‫"العليم"‪ ،‬ألن اخلبري هو العليم مع زايدة يف املعىن‪ ،‬أي مالك العلم الدقيق ببفائن األمور‪ ،‬وملا كان املصلح‬
‫–كما ذكر البقاعي‪ -‬قد يظن مفسدا [لصدعه] مبر احلق من غري مداراة‪ ،‬واملفسد قد يعد مصلحا ملا يرى‬

‫(‪ )1‬معجم مقاييس اللغة‪ -‬البن فارس‪ ،159/1 :‬وينظر‪ :‬كتاب األفعال‪ -‬البن القفاع‪.136/9 :‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الفروق يف اللغة‪ -‬أبو هالل العسكري‪ 36 :‬وينظرر‪ :‬املفردات يف غريب القرآن‪ ،105 :‬الربهان يف علوم القرآن‪ -‬الزركشي بدر‬
‫الدين حممد بن عبد هللا (ت ‪994‬ه )‪ ،‬تقدمي وتعليق‪ :‬مصففى عبد القادر عفا‪ ،‬ط‪ ،9‬بريوت‪9933 ،‬م‪.909/9 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬املقصد األسىن‪ ،94 :‬وينظر‪ :‬النهاية يف غريب احلديث‪ -‬ابن األثري‪.61 :‬‬
‫(‪ )4‬الكشاف‪.34/1 :‬‬
‫(‪ )5‬تفسري القرآن العظيم‪.63/5 :‬‬
‫(‪ )6‬جامع البيان‪.555/3 :‬‬
‫(‪ )7‬الكشاف‪.303/9 :‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬التفسري الكبري‪.94/90 :‬‬

‫‪222‬‬
‫االمساء احلسىن لصفيت العظمة والعلم‪...‬‬

‫منه من الدهاء واملكر‪ ،‬فيظن من خيلف الوعد ابلتوفيق غري ما يف نفس األمر فقال –تعاىل‪ -‬مزيال هلذا‬
‫الوهم مرغبا ومرهبا‪( :‬إنه هللا)‪ -‬احمليط جبميع صفات الكمال‪" -‬علم" علما مفلقا مبا ال ميكن االطالع‬
‫عليه مما غاب عن غريه‪ ،‬وخبري ال خيفى عليه من ذلك خفي‪ ،‬وال يغيب عنه خبء‪ ،‬فصارت هذه اآلايت‬
‫كفيلة بغالب أحوال النكاح"(‪.)1‬‬

‫‪ – 6‬احلكيم اخلبري‪:‬‬

‫ويف النصوص القرآنية يبني من الفروق اللغوية بداللة اآلية اليت نستهل كالمنا من قوله –تعاىل‪-‬‬
‫(وهو القاهر ف وق عباده وهو احلكيم اخلبري(‪[ ))22‬األنعام‪ ،]13 :‬وقد فسر الفربي هذا االقرتان بقوله‪:‬‬
‫"احلكيم يف علوه على عباده وقهره إايهم بقدرته‪ ،‬ويف سائر تدبريه‪ ،‬اخلبري مبصاحل األشياء ومضارها‪ ،‬الذي‬
‫ال َتفى عليه عواقب األمور وبواديها‪ ،‬وال يقع يف تدبريه خلل‪ ،‬وال يدخل حكمه‪ ،‬دخل"(‪ ،)2‬والدخل‪:‬‬
‫املكر واخلديعة(‪ ، )3‬وذكر الرازي أن صفات الكمال حمصورة يف القدرة والعلم‪ ،‬وعد احلكمة كمال العلم‪،‬‬
‫ووجدانه يربط تفسري هذا االقرتان بقوله –تعاىل‪ -‬قبله‪( :‬وهو القاهر ف وق عباده وهو احلكيم اخلبري(‪،))22‬‬
‫ويقول‪" :‬القهر‪ :‬كمال القدرة‪ ،‬أما كونه حكيما فال ميكن محله على العلم‪ ،‬ألن يف اخلبري إشارة إليه فيلزم‬
‫التكرار‪ ،‬وهو ال جيوز فوجب محله على كونه حمكما‪ ،‬أي‪ :‬أفعاله حمكمة متقنة آمنة من وجوه اخللل‬
‫والفساد‪ ،‬واخلبري هو العامل ابلشيء املروي (‪ ،)4‬ويفهم من كالم ابن كثري‪ :‬أن ملتقى احلكمة واخلربة يف‬
‫كونه‪ -‬تعاىل‪ -‬يف مجيع أفعاله اخلبري مبواقع األشياء وحماهلا‪ ،‬فال يعفي إال من يستحق وال مينع من ال‬
‫يستحق (‪ ،)5‬قد دعته اآلية الثالثة والسبعون يف سورة األنعام نفسها إىل القول أيضا‪" :‬أنه حكيم يف أقواله‪،‬‬
‫خبري بعواقب األمور"(‪ ، )6‬ألن السياق يستدعي مثل هذه اإلشارة كاستدعاء السياق السابق اإلشارة‬
‫السابقة‪ ،‬وفصل البقاعي الكالم على اآلية اليت تشري إىل تكذيب الكفار دعوة النيب (صلى هللا عليه وسلم)‬
‫وكون هللا (عز وجل) قاهرا فوقهم‪ -‬فقال‪" :‬وهو أي وحده احلكيم فال يوصل أثر القهر ِبيقاع املكروه إال‬

‫(‪ )1‬نظم الدرر‪.194/3 :‬‬


‫(‪ )2‬جامع البيان‪.133/99 :‬‬
‫(‪ )3‬اتج اللغة وصحاح العربية‪ ،‬اجلوهري إمساعيل بن محاد (ت ‪595‬ه )‪ ،‬حتقيق‪ :‬أمحد عبد الغفور عفار‪ ،‬ط‪ ،1‬دار العلم للماليني‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫بريوت ‪9599‬ه ‪9999 -‬م‪.9696/4 :‬‬
‫(‪ )4‬التفسري الكبري‪.995/91 :‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬تفسري القرآن العظيم‪.916/1 :‬‬
‫(‪ )6‬م‪ .‬ن‪.453/1 :‬‬

‫‪222‬‬
‫فخري أمحد سليمان‬

‫ملستحق‪ ،‬وأمت املعىن بقوله‪ :‬اخلبري‪ ،‬أي‪ :‬مبا يستحق كل شيء‪ ،‬فتم الداللة على عظيم سلفانه‪ ،‬وأنه ال‬
‫فاعل غريه‪ ،‬وملا ختم بصفيت احلكمة واخلربة‪ ،‬كان كأنه قيل‪ :‬فلم مل يعلم أان فكذبك‪ ،‬خبربته‪ ،‬فريسل معك‬
‫حبكمته من يشهد لك‪ ،....‬فقال‪ :‬قد فعل‪ ،‬ومل يرض إال بشهادته املقدسة"(‪ ،)1‬ومما جتدر اإلشارة إليه هنا‬
‫ما اختاره ابن عاشور من تفسري احلكمة ِبتقان املصنوعات‪ ،‬واخلربة ابلعلم‪ ،‬وشرح ذلك بقول اللغويني‪:‬‬
‫خرب األمر وجربه (‪ ،)2‬وهذا التفسري مقتض التكرار يف الداللة الكلية لألقران‪ ،‬ألن إتقان املصنوعات ال‬
‫يكون إال عن متام العلم حبقائق إجيادها‪ ،‬وكذا اخلربة‪ ،‬إذا فسرت ابلتفسري الذي أشار إليه‪ ،‬وقد سبق‬
‫إمياءة الرازي إىل نفي التكرار ابالنصراف عن تفسري اخلربة ابلعلم‪ ،‬بيد أن احملصل من كالمه يؤول يف الظاهر‬
‫إىل القول ابلتفسري نفسه‪ ،‬فلما انتبه إىل ذلك‪ ،‬فسر "احلكيم" ابحملكم‪ ،‬و"اخلبري" بعامل الشيء املروي‪،‬‬
‫وحاول ابن عاشور اضاءة فكرته اخلاصة بوضوح يف تفسري املوضع الثاين لالقرتان يف سورة األنعام‪ ،‬بقوله‪:‬‬
‫"وصفة احلكيم‪ ،‬جتمع إتقان الصنع‪ ،‬فتدل على عظم القدرة مع تعلق العلم ابملصنوعات‪ ،‬وصفة اخلبري‪:‬‬
‫الصفتان كالفذلكة"(‪ ،)3‬وكأنه يشري هبذا املصفلح إىل‬ ‫جتمع العلم ابملعلومات ظاهرها وخفيها‪ ،‬فكان‬
‫حالة من التشاكل الداليل الذي يصعب توجيه الفصل معه بني حقيقة الصفتني املتلقيتني يف دائرته فاحلكم‬
‫من العلم‪ ،‬والعلم ال خيلو من احلكمة‪ ،‬ومن أحكم مصنوعاته كان عاملا أبسرارها‪ ،‬وميكن أن يستمر هذا‬
‫التالزم والتداخل بني احلالتني إىل حد جيعل السعي إىل الفصل بينهما حالة ال جدوى منها وال أمكان هلا‪،‬‬
‫ألن ذلك ال ميكن أن يصح عقال وواقعا‪.‬‬

‫والبد من اإلشارة إىل أن البعض تصور وتوهم أن الرسول (صلى هللا عليه وسلم) هنى عن اخلوض‬
‫يف مثل هذا املوضوع‪ ،‬وهذا وهم ألن من مل يعرف نفسه ال يعرف هللا‪-‬تعاىل‪ -‬وأوجب الدين التفكر‬
‫مبخلوقات هللا وما وصف‪ -‬تعاىل‪ -‬به نفسه يعود يف معظمه إىل أحوال اخلالئق املختلفة‪ ،‬ويف دعوة الرسول‬
‫(صلى هللا عليه وسلم) وبشراه ابجلنة ملن أحصى األمساء احلسىن‪ ،‬قال (صلى هللا عليه وسلم)‪(( :‬هلل تسعة‬
‫وتسعون امسا مدة إال واحدا وال ُيفظها أحدا إال دخل اجلنة‪ ،‬وإن هللا وتر ُيب الوتر))(‪ ،)4‬وال شك يف أنه‬
‫يدعو يف حفظها إىل فهم معانيها ومعرفة دالالهتا واستنباط وتفقه ما ورد يف القرآن بوساطتها‪ ،‬والفاصلة‬

‫(‪ )1‬نظم الدرر‪.59/9 :‬‬


‫(‪ )2‬التحرير والتنوير‪.963/9 :‬‬
‫(‪ )3‬التحرير والتنوير‪.509/9 :‬‬
‫(‪ )4‬اجلامع الصحيح‪ -‬البخاري‪.969-9 :‬‬

‫‪222‬‬
‫االمساء احلسىن لصفيت العظمة والعلم‪...‬‬

‫القرآنية وفهم مرادها أساس أول يف فهم اآلي القرآين‪ ،‬وفهم املوضوع القرآين مث فهم السورة بكاملها‪،‬‬
‫واألمساء احلسىن املقرتنة تشكل سبع فواصل اآلي القرآين الكرمي‪ ،‬وال تكاد َتلو آية من ذكر اسم من‬
‫األمساء احلسىن‪( ،‬قل ادعوا اَّلل أو ادعوا الرمحن أاي ما تدعوا ف له األمساء احلسىن وال جتهر بصالتك وال‬
‫هبا واب تغ ب ني ذلك سبيال(‪[ ))113‬اإلسراء‪ ،]113 :‬كما ورد يف األثر األمر ابلتخلق أبخالق‬ ‫َتاف‬
‫هللا‪ -‬تعاىل‪ -‬وهذا حمال دون املعرفة الدقيقة ملعاين األمساء احلسىن‪.‬‬

‫ثبت املصادر واملراجع‬

‫‪ ‬أمساء هللا وعالقتها مبخلوقاته‪ :‬شاكر عبد اجلبار‪ ،‬ط‪ ،5‬بغداد‪1931 ،‬م‪.‬‬

‫‪ ‬اشتقاق أمساء هللا تعاىل‪ :‬الزجاجي أبو القاسم عبد الرمحن بن اسحاق (ت ‪331‬ه )‪ ،‬حتقيق‪:‬‬
‫عبد احلسني املبارك‪ ،‬النجف‪1914 ،‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الربهان الكاشف عن إعجاز القرآن‪ :‬الزملكاين عبد الواحد بن عبد الكرمي (ت ‪621‬ه )‪،‬‬
‫حتقيق‪ :‬أمحد مفلوب وخدجية احلديثي‪ ،‬بغداد‪1914 ،‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الربهان يف علوم القرآن‪ :‬الزركشي بدر الدين حممد بن عبد هللا (ت ‪194‬ه )‪ ،‬تقدمي وتعليق‪:‬‬
‫مصففى عبد القادر عفا‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪1933 ،‬م‪.‬‬

‫‪ ‬بصائر ذوي التمييز يف لفائف الكتاب العزيز‪ :‬الفريوز آابدي جمد الدين حممد بن يعقوب‪،‬‬
‫حتقيق‪ :‬حممد علي النجار‪ ،‬القاهرة‪1964 ،‬م‪.‬‬

‫‪ ‬اتج اللغة وصحاح العربية‪ :‬اجلوهري إمساعيل بن محاد (ت ‪393‬ه )‪ ،‬حتقيق‪ :‬أمحد عبد‬
‫الغفور عفار‪ ،‬ط‪ ،5‬دار العلم للماليني‪ ،‬لبنان‪ ،‬بريوت‪1399 ،‬ه _ ‪1919‬م‪.‬‬

‫‪ ‬حترير املعىن السديد وتنوير العقل اجلديد من تفسري الكتاب اجمليد‪ ،‬حممد الفاهر بن عاشور‬
‫(ت ‪1912‬م)‪ ،‬بال اتريخ‪.‬‬

‫‪ ‬التعبري القرآين‪ :‬السامرائي فاضل صاحل‪ ،‬املوصل‪1931 ،‬م‪.‬‬

‫‪ ‬تفسري القرآن العظيم‪ :‬ابن كثري أبو الفداء عماد الدين بن إمساعيل (ت ‪114‬ه ) لبنان‪،‬‬
‫بريوت ‪1969‬م‪.‬‬

‫‪226‬‬
‫فخري أمحد سليمان‬

‫‪ ‬التفسري الكبري‪ :‬الرازي فخر الدين بن عمر (ت ‪636‬ه ) القاهرة‪ ،‬بال اتريخ‪.‬‬

‫‪ ‬جامع البيان من َتويل آي القرآن‪ :‬الفربي أبو جعفر حممد بن جرير (ت ‪313‬ه )‪ ،‬حتقيق‪:‬‬
‫حممود حممد شاكر‪ ،‬القاهرة‪1921 ،‬م‪.‬‬

‫‪ ‬اجلامع الصحيح‪ :‬البخاري حممد بن إمساعيل‪ ،‬بريوت‪1931 ،‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الفروق يف اللغة‪ :‬العسكري أبو هالل احلسني بن عبد هللا (ت بعد ‪392‬ه )‪ ،‬ط‪ ،3‬بريوت‪،‬‬
‫‪1919‬م‪.‬‬

‫‪ ‬كتاب األمساء الصفات‪ :‬البيهقي النيسابوري أبو بكر أمحد بن احلسني (ت ‪423‬ه )‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫بريوت‪1934 ،‬م‪.‬‬

‫‪ ‬كتاب األفعال‪ :‬ابن القفاع الصقلي علي بن جعفر (ت ‪292‬ه )‪ ،‬حيدر آابد‪1363 ،‬ه ‪.‬‬

‫‪ ‬الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون األقاويل يف وجوه التأويل‪ :‬الزخمشري جار هللا حممود بن‬
‫حممد (ت ‪233‬ه )‪ ،‬بريوت‪1941 ،‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الكليات‪ :‬الكفوي أبو البقاء أيوب بن موسى الكفوي (ت ‪1394‬ه )‪ ،‬مقابلة عدانن‬
‫درويش وحممد املصري‪ ،‬دمشق‪1912 ،‬م‪.‬‬

‫‪ ‬لسان العرب‪ :‬ابن منظور حممد بن مكرم (ت ‪111‬ه )‪ ،‬القاهرة بال اتريخ‪.‬‬

‫‪ ‬لوامع البياانت شرح أمساء هللا تعاىل والصفات‪ :‬الرازي فخر الدين حممد بن عمر (ت‬
‫‪636‬ه )‪ ،‬مراجعة‪ :‬طه عبد الرؤوف‪ ،‬القاهرةن ‪1916‬م‪.‬‬

‫‪ ‬جماز القرآن‪ :‬أبو عبيدة معمر بن املثىن (ت ‪513‬ه )‪ ،‬تعليق ودراسة‪ :‬حممد فؤاد سزكني‪،‬‬
‫ط‪ ،5‬القاهرة‪1913 ،‬م‪.‬‬

‫‪ ‬معرتك األقران يف إعجاز القرآن‪ :‬السيوطي جالل الدين عبد الرمحن بن أيب بكر (ت‬
‫‪911‬ه ) ضبط وتصحيح‪ :‬أمحد مشس الدين‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪1933 ،‬م‪.‬‬

‫‪222‬‬
‫االمساء احلسىن لصفيت العظمة والعلم‪...‬‬

‫‪ ‬معجم مقاييس اللغة‪ :‬أمحد بن فارس (ت ‪392‬ه )‪ ،‬حتقيق عبد السالم حممد هارون‪،‬‬
‫القاهرة‪1919 ،‬م‪.‬‬

‫‪ ‬املفردات يف غريب القرآن‪ :‬الراغب األصفهاين احلسني بن حممد (ت ‪233‬ه )‪ ،‬نشر‬


‫وإشراف‪ :‬حممد أمحد خلف هللا‪ ،‬القاهرة‪ ،‬بال اتريخ‪.‬‬

‫‪ ‬املقصد األسىن يف شرح أمساء هللا احلسىن‪ :‬الغزايل أبو حامد حممد بن حممد (ت ‪232‬ه )‪،‬‬
‫بغداد‪1993 ،‬م‪.‬‬

‫‪ ‬نظم الدرر يف تناسب اآلايت والسور‪ :‬البقاعي برهان الدين أبو احلسن بن عمر (ت‬
‫‪ 332‬ه )‪ ،‬تصحيح وتعليق‪ :‬حممد عمران االعظمي وحممد عبد احلميد وحممد عظيم الدين‪،‬‬
‫القاهرة‪1934-1969 ،‬م‪.‬‬

‫‪ ‬النهاية يف غريب احلديث واألثر‪ :‬ابن األثري جمد الدين أبو السعادات املبارك بن حممد اجلزري‬
‫(ت ‪636‬ه )‪ ،‬حتقيق‪ :‬طاهر أمحد الرواجي وحممود حممد الضاحي‪ ،‬بريوت‪ ،‬بال اتريخ‪.‬‬

‫الرسائل اجلامعية‬

‫‪ ‬االقرتان الثنائي بني أمساء هللا احلسىن‪ -‬ألفاظه ودالالته‪ -‬رسالة ماجستري‪ ،‬اجلريسي فخري‬
‫أمحد سليمان‪ ،‬املوصل‪1993 ،‬م‪.‬‬

‫‪222‬‬

‫)‪Powered by TCPDF (www.tcpdf.org‬‬

You might also like