Professional Documents
Culture Documents
ال أدري ملا أكتب كل من جديد بل ملا مل أتوقف عن الكتابة كل و عنك منذ
أحضيت ندبة معيقة جدا يف داخيل ,ندبة لن أس تطيع التخلص مهنا اال عن طريق
الكتابة و حسب ,أحاول بني هذه السطور أن أذبل تكل الزهرة اليت منت يف بداية
احلاكية و أن أعدهما يك ال تقتلين شيئا فشيئا ,أانضل يك أكتب لن الكتابة ليست
فقط جمرد بوح و ثرثرة فارغة يه حفر معيق يف اذلاكرة يه اعادة احياء للحداث و
العواطف اليت رافقهتا ,هذا الكتاب سأمجع فيه لك اللحظات اليت فكرت فهيا بك و
ما اس تطعت جتميعه من النصوص اليت كتبهتا كل يف الشهر اليت مضت و بعد
انهتايئ منه سأفكر حيهنا يف اماكنية ارساهل كل أو الاحتفاظ به لنفيس فقط .
في حقيقة األمر لم تكن قصتنا ملهمة بما يكفي كي أكتب عنها أو لتحرك أي شيء في أي طفل أو عجوز
بل مرت سريعة جدا دون أن يشعر بها أحد غيرنا نحن ,كسحابة مرت دون أن تدرك بالصحراء تم
فرت بعيدا ألرض أخرى كي تمطر فيها ,و ألنني يا عزيزي كلما آلمتني حكاية اجتزتها في دربي
الفارغ المتعب هذا الذي الزلت عليه أفرط في الكتابة عنها حتى أفرغ ذاكرتي من بقاياها تم
يحدث أن أنساها دون أن أدرك ذلك ,أنسى كل شيء ألشفى ,لكن صوتك و طريقة كالمك
الزالت إلى اليوم تالحقني أينما ذهبت و كأنك لعنة أصبت بها فأحببت وطأتها علي ,أحب كيف يجعل
مني هذا الفراق أديبة و شاعرة و رسامة سألتني ذات مرة في بداية حديثنا ماذا يعني لك الفراق؟ فأجبت
حينها في الفراق أنواع ,فأيهم تقصد ؟ من الفراق ما ال يحدث فرقا ؟ فأجبتني الفراق الذي يحرك فيك
أشياء ويجعل من قلمك عبدا مطيعا يكتب لكي يخفف من هذه الحركة الغير المرغوبة والخارجة عن
اإلرادة ,فأجبتك حينها ’ بالنسبة لي يعني االستمرار في القصة مبتورة الساق و الذراع بنصف قلب
نازف ،يعني أن نستمر في الحكاية و نتجاوز فصولها صفحة صفحة دون أن نمتلك القدرة على القيام
بردة فعل تتناسب مع هول ما حدث ،الفراق بالنسبة لي أن تذكرني مالمح الغرباء بك في شارع
مزدحم فأتوقف لكي أجمع شتاتي من بينهم ،دون أن أبستم و دون أن أعترف بيني و بين نفسي أنني
تذكرتك ،الفراق يعني أن أستدير و حسب و كل ما داخلي يشدني لكي أعود ، ..الفراق شيء من
االنكسار و كثير من االلتحام’ ,أ ليس من الغريب أن تبدأ عالقتنا بمثل هذا السؤال و كأننا توقعنا ما
الذي يمكن أن يحدث قبل أن ننغمس في القصة لكننا في دواخلنا رفضنا االعتراف باألمر .
قلت لي عندها ؟ ’’ أحببت ما كتبت ،أشكر نفسي ألنني سألتك ،وأشكر كيانك ألنه أجابني ،أحبك الكاتبة،
القارئة ..أحبك يا إنسانة ’’ كانت رسائلك دائما تستفز رغبتي في الوقوع في الحب ,كنت أشعر بنسائم
الربيع تتسلل إلي بين كل حرف و آخر ,أجبتك ’’ و أنا أحبك ,شكرا لك ’’ لم يكن في ذلك الوقت بيننا
أي شيء سوى الصداقة ,لكن قلبي كان ينبض كلما أعدت الكلمة ’’ أحبك ’’ ,بعد دقائق أرسلت لي
صورة كتب فيها بما معناه بأن الحزن الناجم عن الحب يمنعنا من الحياة ,سألتني عن رأيي فيما قرأت
oأنا ضد ما كتب فربما ما يلهمنا و يغرينا في الحب هو هذه المعاناة الفظيعة ,كيف لحياة دون حزن
الحب أن تسمى قصة!
oهل سبق لك أن أحببت شخصا ما؟
oما الحب أوال؟
oأشياء تحس وال تقال
oال أدري بالضبط في الحياة هنالك أشياء نحس بها تعيش داخلنا ,تستوطننا ,و تترك على مالمحنا
الكثير من الفقد ,األمر يشبه ان تصيبك تعويذة عجوز بالخرف ,تم يحدث ان تبتسم مع العصافير و
القطط في الشارع و مع الغرباء و العابرين بك ,تم ينتهي األمر و تكتب عنه ,ربما هذا هو الحب !
oثم ال تعود كما كنت في السابق.
oنعم ,ربما
oالحب هو للشجعان فقط ،حالوته تكمن في استمراره و استمراره يحدث بتقبلك له وباهتمامك
واهتمامك يتطلب قلبا آدميا وتعلقا طفوليا بنهد الوفاء والتسامح ،جميل هو الحب ،واألشياء الجميلة ال
تستمر ،كما تعلمين ،موت الوردة يبدأ من نضوجها .
و على ذلك التل البعيد يا عزيزي ماتت وردتنا ,عنفها برد الليالي و جفاء األحبة ,لم نكن شجعانا بما
يكفي كي يقفز أحدنا إلي اآلخر بعد كل ما حدث لم نكن شجعانا كي ننقذ تلك الزهرة .
oنعم صدقت فيما قلت ,للشجعان وحسب! فإن غاب األمان فُ ِقد الحب
oبيني و بين ريتا بندقية يا فاطمة ،ومن يعرف ريتا ينحني ويصلي إلله في العيون العسلية
oدرويش 🧡
oريتا الخاصة بي هو الحب ،أفتقد للشجاعة ,أو باألحرى سلبت من الشجاعة
oمما تخاف؟
oسؤال صعب ,أخاف أن أخطأ التصويب .
oهل أنتم الرجال كلكم تخشون الحب؟
oال
oإذن فالحب هنا تصويب و ليس بقدر؟
oالرجال موضوع جدلي بحد ذاته ،ال يختلف في جدلية المرأة في شيء ,أما عن الحب فهو قدر ،بعده يأتي
القرار
oاذن فلما التصويب؟ فليصبك هو ,أقصد دع الحب نفسه يجدك
oالتصويب ،في الكثير من األحيان يكون القدر عكس قدرة التحمل الخاصة بك ،مثال درويش و ريتا ،ألم تكن
أجمل قصص محمود التي عاشها ،والجميل فيها هو هذا االختالف الذي تحمله القصة ،لكن ،لم يعتقد يوما ان
االختالف سينتقل من موقع الجميل ليكون أقبح ما حدث لكليهما باسم القدر
oال لم يكن قبيحا لوال ما حدث لما كان لكثير من قصائد درويش من وجود .
oهو ظفر من الحب في نفس الوقت ,كل من عاشه غادره بكثير من الغنائم التي ال يدركها إال مع مرور الزمن
oنعم ,ا لحب و الحزن وقود لألشياء العظيمة
oإذن فقد أحببت من قبل؟
oنعم
oإجابتك تدل على أنك لم تعيشي قصة كقصة ريتا ،ربما أنا مخطئ
oال أدري نحن لم نتحدث في الواقع الحي كثيرا ،كنا نمر ببعضنا البعض كالغرباء ،بينما نتحدث في
مواقع التواصل كثيرا لساعات طويلة ...ال أدرى ما الذي جمع بيننا بالضبط لكنه كان حقيقيا جدا! ,
لكن لم نتحدث انا و هو عن الحب من قبل
oحب محتشم ،حب محافظ ،حب يعاش في كواليس الحياة ،المهم أنه كان حقيقيا لكن لما صيغة الماضي ؟
oربما لم يمتلك الشجاعة الكافية للحب !
oو أنت ؟
oعندما تصيبه نكبة من نكبات الدهر يبتعد ليحلها وحده ,كان أنانيا خائفا ,يخاف تواجدي معه عندما
يكون ضعيفا
oيمكن في بعده ما هو خير لك
oكنت أريده بأخطائه و عيوبه كاملة ال ينقص منها شيء ,عندما يتأذى من الحياة يؤذيني ,قلبه هش
لكن كلماته قاسية ,انا رغم قسوة الحياة على كلينا كنت ألواسيه مهما حدث
oحتى وإن كان شيوعيا ستبقين على رغبتك فيه؟
oال ,فقدت شغفي بما كان بيني و بينه ,يقول بأنه يخاف علي ألني عاطفية جدا باألحرى يخاف علي
منه
oلم ألتمس هذه اإلنسانة العاطفية التي كان يتحدث عنها ،تلمست فيك شابة يافعة رزينة ،عنيدة في رأياها
لألمور ،خصلة جميلة ،بسيطة كلها افتخار بأصلها ،امرأة قوية نالت حبي واحترامي الشديد
oكل ما يسعني أن أشكرك ,كلماتك تبهج القلب
oأما عن حبيبتي أنا أهديتها الكثير من نفسي ،أخالقي ،جرأتي وحبي للحياة ،بساطتي وحتى جديتي ،
بناء ثمين إنهار بتسلط الوالدين وعجزها عن تحديد كينونة ما تريده ،لم أسلم من أنانيتها وكذلك من
محاوالت تغييري ،شيوعي أنا ،لم يكن لدي مشكل في أن تكون هي متدينة ،احترمتها وزرعت فيها قيم
اإلنسانية ما دمت تقدميا في تفكيري ،لكن ،وصلنا لطريق مسدود فانفصلنا بكل رغباتنا
oتحبها إلى اآلن ؟
oتفكك حبي لها منذ مدة طويلة ،لكن جرحي لم يندمل بعد ،النهاية كانت في 2016
oقبل أربع سنوات ,وقت طويل مضى
oنعم ,هل اكتفينا من الدردشة؟ هل هناك شيء تودين قوله أو االستفسار عنه؟
oيمكنك أن تسأل أنت
oأسئلتي كثيرة يا فتاة سأضيع من وقتك الشيء الكثير
oال بأس ,اسأل بكل أريحية
في الفترة التي عرفتك فيها كنت محطمة تماما ,إلى الحد الذي ال تستطيع فيه أجزائي أن تعثر على
بعضها البعض و ال أن تلتحم ,كنت أمضي أغلب وقتي في الدراسة ,ساعات و ساعات و أيام أمضيتها
أمام شاشة حاسوبي المحمول ,كنت أنام تقريبا يوميا في الرابعة فجرا و أسيقظ في الثامنة صباحا ,
تفاصيل غرفتي كانت تحولني رويدا رويدا إلى آلة ال تشعر بشيء سوى بأن ذخيرتها نفذت و تحتاج وقتا
طويال كي تعود إلى حالها األصلي ,يوما بعد يوم كنت أفقد ايماني بكل ما يحيط بي و بكل المفاهيم التي
خبأتها في صدري خشية عليها من الشرور في الخارج ,الحب الصداقة ,العائلة و االنتماء ,كان كل
تفكيري منصب على تلك القبيلة حيث أمي و إخوتي ,أردت لهم دائما مستقبال مرموقا و طريقا أفضل
من تلك التي قطعتها أنا ,طريق جارحة ال يمكن ألحد أن يسلكها دون أن يتمزق شيء داخله ,لكني
في حقيقة األمر لم أكن حزينة فكما تعلم في بعض األحيان ال تمهلنا الحياة الفرصة كي نقيم حداد
لتفصيل في حياتنا اعدم أمام أعيننا ,و ذلك القطار الذي حدثونا عنه في طفولتا اليزال ال يتنظر أحدا
حتى يلملم ما سقط منه أو فيه كي ينطلق ,يجب علينا في جميع حاالتنا أن نشد الهمة و نربط جروحنا
بضمادة صلبة تم ننطلق خلفه بكل ما نمتلك من شجاعة و قوة ,لكن و رغم كل ما كتبته لك يا عزيزي
في هذه السطور من أىس فإني في الواقع كنت كثيرة الضحك و االبتسام ,كنت دائما كتلة من البهجة ,فكما
تعلم ال يمكن إثبات وجود الضوء إلى في العتمة و األمل هو نتيجة لسنوات من اليأس ,و حينما يشتد
برد الليالي وحدها النار ما يجذبنا ,و على هذا األساس كنت دائما أقاوم كل شعور سيء بإثبات نقيضه
.
كنت و رغم كل شيء رغم المسافات و األعمار الفاصلة بيننا بمثابة شمعة متقدة في صدري ,شمعة
أتحسس لهيبها بيدي كلما اشتد تعبي و كلما زاد ضعفي ,فأنا ال أدري ما الذي جمع بيننا ,أتظنه كان في
الحقيقة حبا ؟ أم احتياج جارف إلى رفيق في الدرب الفارغ هو ما جمعنا ؟ أم أنه القدر؟
• الطيبة في حواراتك يا فاطمة ،مداخالتك وأسئلتك عن حالتي مثال ..الطيبة في عالقتك مع الورود و
الزهور ..ال ننسى الحيوانات ،فأنت الوحيدة من أهدت للقطة زهرة كعربون محية ،منظورك لألشياء
مختلف واالختالف يروق لي كثيرا
• أريد أن أخبرك بسر صغير أنا ممن ال يجيدون الكالميات كثيرا أقصد أنا في أغلب األحيان ال أعرف
كيف أشكر الناس بطريقة عظيمة
• فقط كوني أنت ،فقط أنت ،أفضل طريقة لشكري هي هذه
كنت دائما معك أنا ,كنت أشعر بأني ال أشبهني سوى في عينيك وبأنك الجزء المطابق لي في كل
التفاصيل التي أحبها ,كان كل ما حولي يقسو علي وأنت تهديني أقحوانة بينما يرشني البقية بالرصاص
,كنت بقعة آمنة على سفح جبل وعر ألتجئ إليها كلما خشيت على نفسي من السقوط ,شعرت في لحظات
معينة بأنني أكاد أن ألمس الحقيقة معك ,هي ليست قضية حب و حسب بل قضية إنتماء و أمان لم
ينتصر فيها أي منا
• كيف حال بيتك الداخلي؟ بمعنى ،كيف هي فاطمة من الداخل؟ بماذا تحس؟ بماذا تفكر؟
• أظن بأنها بخير فهي ال تحس بشيء إطالقا
• تتكلمين كأنها كيان منفصل عنك
• نعم ,ألنني أحتفظ بنفسي الحقيقية لما بعد هذه األيام إن شاء هللا
• مع من أتحدث اآلن؟ هي أم أنت؟ سأنتظرك بعد هذه األيام ،اشتقت لكتاباتك ،إللقاءاتك ،اشتقت لتلك
الطفلة التي بداخلك ،اشتقت لتلك المرأة الناضجة التي تألمت عندما سمعت عن انفجار هز عاصمة
األرز ،بيروت ..هذا هو االشتياق
• صدقني تحدثك الحقيقية منهم ,ما أحوال الحسيمة؟
• الجو جميل ،كساد ،ركود ،أفارقة يتربصون خفر السواحل للمرور للجهة األخرى ،أبناء المنطقة
يرحلون عنا إلى الضفة األوربية ومنهم من ال ينجح ويموت غرقا ،ناهيك عن األجواء الجنائزية التي
نعيشها بسبب الوباء اللعين واإلهماالت الطبية ,هذا هو واقع الدول النامية.
• يلزمنا الكثير من اليقين و الكثير من الصبر كي نتجاوز كل هذا
• ماذا بك اليوم ،كأن هناء شيء ضايقك؟
• تراكمات األيام وحسب
• أنا متواجد إن أردت شخصا تتحدثين معه
ال أتذكر في حقيقة األمر ما الذي كان ينقصني ذلك اليوم حتى أكون سعيدة ,ربما هو أمل ,نسيان و ربما مجرد حضن و
تربيت على الكتف ,كنت أشعر عندها بأني مبتورة األطراف بينما كل ما في داخلي يريد أن يرفرف بعيدا و أن يصبح
حرا كعصفور طليق أو كطفل صغير ال يشغله الغد وال تخيفه ظلمة الليالي ,كانت أغالل الواقع تقيدني ,أغالل لم تخلق
لشبيهاتي أبدا .أردت أن أخبرك بكل هذا لكنك ورغم كل شيء لم تكن لتفهم ما كنت أقصده أو ما كنت أشعر به ,ألنك رجل
يا عزيزي و أنا فتاة ال تأتمن أحد ,ال رجال وال امرأة في مثل تلك اللحظات .
• فاطمة ،آه من إهمالك الذي طال من يهتمون بك
• لن أقول لك غير ما قلته لك ،أنا حزين 😂
• حقا أ أنت حزين؟
• نعم
• ما الحل إذن؟ ستبادلني الغياب بالغياب؟
• ال لن أفعل ،لديك ظروفك الخاصة التي جعلتك تختفين بهذا الشكل ،أنا مع الغير أستخدم حسن النية ،ومعك يا فاطمة
ليست أول مرة تغيبين هكذا من دون سابق إنذار فأتفقدك بكل صدر رحب ،هذا أنا ،هذا هو االهتمام يا فتاة ،أهتم بك،
ليس كما أنت تفعلين.
• آسفة على وجودي المتقطع ,و على غيابي المتكرر ,أنا ال أراسل الناس كثيرا ,أعلم بأنه طبع سيء لكنني اعتدته دون
أن أدرك
• العفو ،ال تأسفي ،فقط كنت أمزح معك ،فقط اشتقت للحديث معك فالتقطت هاتفي من دون أن أعلم ماذا وما سأقوله لك،
عفوي أنا معك .وكيف للناس أن يعلموا أنك تتذكرينهم بقلبك وبروحك؟
لكنك ورغم ما قلته بادلتني الغياب بغياب أعمق ,و بدل المسافات التي كانت وحدها الفاصلة بيننا ,
أضحت جبال من الصمت وكتل من الحكايات التي لن يفهمها غيرنا نحن .
• هل من مالحظ الحظ شيء بعد المحادثة؟
• فلنقل ذلك .
• إجابة مبهمة وغامضة مثل صاحبتها
• هل أنا غامضة؟
• نعم
• ما الغامض في ؟
• داخلك بحر عميق ،تفكيرك كيوم جميل من حياة بعيدة ،حيرتك بحر هادر منزعج من نصوع ضوء
برق غاضب ،مرحك غريب وصوت ضحكتك هو تجسيد لفتاة شقراء تحمل بالونا أصفرا تجري
وتصرخ من فرحها في مرج به زهور صهباء تأخذ الشمس من غروبها الكثير .
• لما تجيد الحديث كثيرا؟ ال أعرف كيفية الشكر ,أخبرتك من قبل
• هل هذه أنت؟
• كلماتك رقيقة ،هشة جدا و أحس بأن روحك أكثر هشاشة و رقة منها
ت هذا؟• و كيف عرف ِ
• بعض الحقائق نحس بها و حسب ,أ ليس ما قلته صحيح؟
• نعم ,ربما
• ماذا تقولين عن اهتمامي؟ كيف تفسرينه كأنثى؟
• فلتخبرني أنت
• السؤال موجه لك
• لكن كل أنثى تفكر بطريقة مختلفة عن األخرى
• أريد أن أفهم كيف تفكرين أنت؟ أريد أن أفهم كيف تفكرين أنت؟
• في حقيقة األمر أنا ممن يخشون كثيرا تفسير االهتمام و تأويله لكن كأنثى أحب اهتمامك
• عين العقل
• ألم تحاولي يوما فهم اهتمامي؟
• ألم تحاولي يوما فهم اهتمامي؟
• ال أدري ,ربما فعلت من حين إلى حين ,لكن كما أخبرتك اهتمامك يسعدني
• لدي سؤال هل أستطيع طرحه؟
• طبعا
• هل أنت ملتزمة عاطفيا مع أحد ما أو متعلقة بشخص ما؟
• ال ,ماذا عنك أنت ؟
• و ال أنا ,لهذا أنا مهتم بك ,أشاء كثيرة ال تفسر ,لكن عليك فهم األمر بهذه الصيغة ،تروقين لي يا فتاة،
أنتظر بشوف أن ألتقي بشخصك ،معجب بك بكلك ،حتى بعدم مباالتك ،ال أنكر اهتمامي ،بكل صراحة.
• ماذا إن تعرفت على فاطمة مختلفة في الواقع؟
• شكال أم روحا أم منطق تفكير؟
• أقصد بصفة عامة فمواقع التواصل ليست بمرآة للحقيقة أبدا
• و ما الضير أن تكون مختلفة؟ فلماذا تجادلينني في فرضية وتنسين النظرية التي تقول ،الشعور وصل
لإلعجاب ،كمن يناقشني في الشعور ويقول ،ممكن أن تكون مخطئ ،فأساس إعجابك فرضية ،وأقول،
• أحب أن أناقش الفرضيات وحسب ,الكثير من الحقائق نحس بها فقط و ال يمكن أن نثبتها بمعادالت
رياضية مثال
• الزلت أحاول فهم طريقة تفكيرك
• طريقة تفكري بسيطة جدا
• حدثيني أكثر عنها
• اسأل إذن
• هل أروق لك كشخص؟
• طبعا ،نعم
• هل خطر ببالك يوما أن أكون إنسانا قريبا لك؟ مرتبطة عاطفيا معي؟
• نعم ,رغم أني أخبرتك من قبل أنا أخاف المشاعر الغير واضحة المالمح لهذا ال أحبذ التوقع و ال أفكر
كثيرا في تفاصيل األمور حولي
• كيف لك أن خطر ببالك يوما أنك مرتبطة بي؟ متى؟
• ال أقصد االرتباط بمعناه الوحيد ,لكن قصدت باألحرى ما يمكن أن أسميه ارتباطا فكريا
• نعم ,في الوقت المناسب سوف نسترسل في هذا النقاش الجميل ،عليك اآلن التركيز على اختباراتك
واجتيازها بالشكل الذي تضمنين التفوق فيها ،كل النجاح لك فاطمة ،كل التوفيق
في تلك المرحلة بالذات لم أكن أبحث عن تفسير الشعور الواصل بيننا لكنني كنت في حاجة إليه ألعيد
إيماني بكل ما كفرت به لسنوات من عمري ,كانت رغبتي فيه جامحة بنفس جموح حزني و تشردي و
تمردي على العادات ,أردت بطريقة ما أن أصدق بوجود رجل يشعرني باألمان في هذا الكون الواسع و
كان هذا األمل في تكوين اإليمان من جديد يتراكم في كوبي الفارغ قطرة قطرة
ت تمسحين منت ال تضحكين ،أن ِ• عندما نظر إلي دوستويفسكي بعد مكالمتي ل فاطمة وقرأ في عيني":أن ِ
عيني قبح العالم’’
• ههه حقا؟ ماذا عنك أنت؟ ما أخبارك؟
• أنا ،أخباري في المتوسط جيدة ،العمل على األهداف البعيدة ،االشتغال في حدود الطموح الذي ال حدود
له ،الحياة تمضي ونحن ماضون معها ،هذا كل شيء.
• أ تؤمن بأن المتوسط آمن؟ هل الحياة على الهامش و الحلم على الهامش و التوسط في األمور يعني
الحياة اآلمنة؟
هل اشتقت للدردشة مع شخصي أم هذه المبادرة أتت كتصحيح لشيء قد أُف ِس َد في األمس القريب؟ •
االقتراح األول •
ال وجود للحياة اآلمنة ،والعيش على الهامش ما هو إال تأجيل للمعارك اآلنية للحسم فيها في المستقبل •
بصفة مغلوب .التوسط في األمور ممكن أن يكون نمطا فكريا يخدم نوعا محددا من العقول ،أنا أعرف
أني ال أعرف شيء وعلى هذا األساس أحيا ،أنمو ،أموت .
أن تعيش على الهامش كما قلت أنت ,يعني رفع الراية البيضاء منذ بداية المعركة ,ال أحب الحياة •
اآلمنة جدا في حقيقة األمر.
ماذا تحبين؟ •
الحياة اآلمنة بالنسبة إلي تحيل على حياة مملة نسعى فيها لألكل و الشرب و انتظار الموت في األخير ,و •
هذا حال أغلب المغاربة ,فالحياة اآلمنة في أغلب الحاالت تكون حياة دون عاطفة.
لماذا هذه الليلة تحيط بك هالة من العاطفة؟ يمكن أن أكون مخطأ ,بالنسبة لي حياة مليئة بالرتابة ،تدفعني •
للموت ،وأنا بطبعي أحب الحياة رغم قساوتها في الكثير من األحيان ،الحياة هي في األصل كتجربة ،هي
مظلمة في جوهرها ،نحن من نحمل قنديال نضيئ ونصنع رسالة نبيلة نحملها أينما ارتحلنا في أرجائها.
• أظن بأن هالة العاطفة ال تفارقني كي تحيط بي اليوم ..صدقني لم أخطط للسؤال ،ليس بغنيمة من
حرب األمس و ال عالقة له بغد مترقب ،فقط راودني و أحببت أن أناقشك في موضوعه .
• حرب أمس؟ أي حرب تقصدين؟ أتعلمين شيء!
• ما هو ؟
• إنك تخيفينني كثيرا ،كلك ال ينسجم مع سنك ،من خالل نقاشاتنا المقتضبة ،تتمثلين لي كامرأة عاشرتني
وعاشرتها في زمن غير زماننا هذا ،كروح أعرفها قبل انفجار بيروت بكثير ،ما زلت بالنسبة لي لغز
يستحيل علي حله حتى اآلن ،والغريب في األمر أن سنك ال ينسجم مع أفكارك إطالقا ،أنت غريبة على
جيلك يا فاطمة ،ومرغوبة لدى جيلي بشكل كبير.
• كلماتك تروقني دائما و أنا ال أجيد الشكر كثيرا ,شكرا جزيال محمد ،لكن بما أنا غريبة عن جيلي؟
• ألنك ال تشبهين جيلك إطالقا ،جيلك مثال ال يجيد التواصل باللغة العربية كما تفعلين أنت ,في سياق آخر،
كم هو طولك يا ظريفة؟
• لم أقس طولي من قبل ,لكنني لست طويلة هذا ما أنا متأكدة منه .
• لدي سؤال ,لماذا ال تلتقطين صورا لك وتضعينها في الوسائل التواصل؟!
• حسنا سأجيبك بصراحة ,أوال ال أفضل األمر كثيرا و هذا ال يعني بالضرورة أني أعترض عليه ,
• لكن في بعض األحيان تكون تلك الصور التي نضعها ليست سوى ما ننتقيه من حطامنا الجميل كي
نضعه أمام الناس ,صور تعكس مثالتينا المزيفة من جهة .
• وجهة نظر محترمة ,أنا فقط سألتك كي تصلك رسالة مفادها أنني في بعض األحيان تنتابني رغبة في
التفرس في مالمح صاحبة الصوت الجميل و الكتابة الجميلة ،كمحارب يتفرس في صورة فتاته قبل
المعركة األخيرة ،تشبيه مجازي طبعا أشترك مع هذا التشبيه في الرغبة فقط ,أنت يا فاطمة ،فأنت فتاة
جميلة الروح وغامضة المالمح وفاتنة في سري ،سأتذكر شخصك من قريب أو من بعيد ما حييت ،تشبثي
بمواهبك واشتغلي عليها جيدا وال تهمليها لكي ال تتوهي عن نفسك ،كوني مستقلة دائما في تفكيرك ،كوني
متحررة عن الكيان الذي سيحبسك باسم الرجولة ،تشرفت بمعرفتك ،سأكون دائما من معجبيك المخلصين
• كل الحب و السالم لقلبك الطيب و أنا تشرفت بمعرفتك أكثر صدقني .
• نقاشاتنا بدأت تأخذ نسق جميل ،غير أنك ال تأخذين المبادرة فيها وكذلك أيضا لست السباقة في إلقاء
التحية ,في الكثير من األحيان يعطيني هذا التصرف انطباعا على أنني شخص غير مرغوب لديك أو
غير مهم لك .
• ال تفكر بهذه الطريقة أرجوك ,أخبرتك من قبل
• كيف سأفكر ،قولي لي؟
• بأن طبعي هكذا
• وماهوا الطبيعي في نظرك؟ وكيف سيكون الغير الطبيعي يا فاطمة إن كان الطبيعي بهذا الشكل ؟
• ليس كل طبع طبيعي ! كل منا ذو طبع مختلف عن اآلخر ,و أنا لي نصيبي من بعض الطباع الغير
مستحبة .كأن ال أبادر بالحديث في أغلب األحيان
• السؤال الذي يطرح نفسه ،إن لم أبادر في التحية كتمهيد للتفقد واالطمئنان عليك ،أنت لن تفعلي؟
• طبعا سأفعل
• طباعك فقط عند فهمها ستكون مقبولة لدي .
• ماذا إن لم تُفهم؟
• سأحاول التعمق لفهمها ,ستتفقدينني من باب التفقد أم من باب االشتياق؟
• االشتياق تفقد في حد ذاته ,و أظن بأنه إن حضر مفهوم االشتياق غاب التفقد ,أحدهما يلغي اآلخر .
• لديك متاهة خاصة علي إيجاد الطريق وأنا أمضي فيها
• ال بأس ,ال تخف من متاهتي فهي بسيطة جدا
• أنا أختلف معك في هذه النقطة ،فأنا عند االشتياق لشخصك أرى أمامي ألف سبب لتفقدك ،ال يكتمل
االشتياق لدي إال بالتفقد واالطمئنان على من أشتاق له ,أما عن متاهتك لم أعد أخاف من شيء ،لقد
استرجعت عافيتي بك يا فتاة
• يسعدني اشتياقك لي و تفقدك لي لكن بصفة عامة أنا اؤمن بأنه ليس بالضرورة كل ما نشتاق إليه نمتلك
الرغبة لتفقده
• ال ضير في االختالف
• أنت شخص طيب ودود يا محمد
• لكن رغم هذا تشتقين لي وال تتفقدينني ،أليس كذلك ؟
• إذن فأنت تظن أن من ال يتفقد ال يشتاق؟
• أنا أحاول فهمك ،التفقد ليس في المجمل امتداد لالشتياق .أنا فقط أتأكد إن كنت تبادلينني االشتياق ،وكذلك
أحول فهم كيف تتصرفين عندما تشتاقين ألحدهم
• نعم طبعا أبادلك االشتياق و من أشتاق إليه أتفقده لكن بعد مدة قد تطول كثيرا
• كأنثى ،كيف تفسرين اشتياقك لي؟ حدثيني عن هذا االشتياق
• أخبرتك من قبل لست ممن يفكرون كثيرا في تفسير احاسيسهم تجاه األحداث
• متاهتك ليست بسيطة كما ترين
• و كيف تفسر إشتياقك أنت؟
• أشتاق لتفاصيلك التي ترسم على وجهي ابتسامة ،صوتك ،ضحكتك ،شعرك المنسدل على كتفك ،بساطتك،
وأشتاق أيضا ألفكارك التي تنفرد بك في خلوتك .
• كالعادة تجيد صياغة الكلمات و تربكني الحسناء منها ,سأهدي لك قطعة صغيرة من أغنية أحبها كثيرا
• شرين ,أحسنت فاطمة .لماذا هذه القطعة تحبينها ،ما قصتها؟
• كنا كثيرا ما نغنيها أنا و رفيقتي في السنة الفارطة ,لهذا تذكرني هذه األغنية بتلك األيام التي جمعتنا .نعم
ليس كل الحزن يروق لي لكن أحب الهدوء فيه .
و اآلن و ألن ال شيء يجمع بيننا سوى الذكرى أستطيع أخيرا أن أجيبك عن سؤالك دون خوف ,تلك
الموسيقى تذكرني بجرحي الذي الزال إلى اليوم لم يلتئم ,بخيبتي بالجميع في مرحلة معينة كنت فيها
بهشاشة أوراق الخريف بنفس يباسها و رغبتها في التخلي عن الشجرة التي منحتها الحياة ,أغنية كانت
دائما تعيد لي كل الذكريات التي كان من المتوجب أن أفلت منها و أن أستقل حريتي بعيدا عنها .
• تقول أمي دائما بأنها تخاف علي ألنني ال أخاف .
• وأنا ال أخاف عليك ألنك ال تخافين
• أتدري ,أنا أحب القطط كثيرا ,في منزلنا كانت تجتمع حولي ,كنت أستمر في الدراسة لساعات متأخرة
من الليل فتجتمع حولي الكثير من صغار القطط الودودة جدا
• قاسم مشترك بيننا
• دائما كانت امي تشتكي من األمر
دعني أخبرك اليوم بأن سنتي األولى في طنجة لم تكن رحيمة بي أبدا ,كنت أشعر بغربة عميقة جدا
كنقطة وحيدة في صفحة بيضاء فارغة ,كنت مجوفة تماما ,مني الصوت و فيا الصدى ,مني البداية و
النهاية ,و في داخلي انبثقت حكايات و انتهت أخرى دون أن يعرف عنها أحد , ...قبل سنتين كتبت على
صفحتي في مواقع التواصل هذا النص ,نحن الفتيات القرويات من تخضن حروبا تتستر عنها المجتمعات
,نحن من يجاهدن أوال من أجل أهلهن تم من أجل عشيرتهن ثانيا و ثالثا و خامسا و في األخير من أجل
أنفسهن ,هل سألت نفسك يا عزيزي ذات يوم عن أي حرب كنت أحكي ,أي وجع دفين في روحي دفعني
للكتابة ؟ أي جرح و أي خرس أصابني حتى رسمت و كتبت و غنيت و أفرطت في الضحك ؟ ,البد أنك
لم تفعل ذلك و لو لمرة واحدة ,هل شعرت ذات يوم بذلك التجويف العميق بين كلماتي ؟ أم أنك و رغم
كل ما أخبرتني به لم تلهمك رنة الحزن في صوتي الناطق بحروف درويش كي تكون لي مواساة عن كل ما
مررت به قبل أن أعرفك ؟ كنت أنت يا كل قلبي خيبتي الجميلة األخيرة .
• لديك يا فاطمة ارتباط وطيد مع األهل ،الطبيعة ،القرية العظيمة ,أحس بك أنك تعانين من الوحدة عندما
تتوقفين عن الحديث عن بيتك الدافئ.
• نعم ،في كثير من األحيان.
أ لم تقل يا عزيزي بأنك و رغم كل المسافات بيننا تعرفني جيدا؟ كنت كاذبة يومها ,كل ما تحدثت عنه
األهل ،الطبيعة ،القرية العظيمة ,كان يشعرني باأللم وحسب ,باال إنتماء ,قصة الحب التي جمعتني بكل
هؤالء حطمها المجتمع و دعستها التقاليد اللعينة فلطخ كل منا ذاكرة اآلخر بالوحل و الحزن ,أكره على أي
حال أن أحدث أي شخص عن كل ما حدث ,عن هذه المأساة التي حدثت و الزالت تحدث في الدواوير و
القرى ,لكن و كما أخبرتك من قبل ألن ال جسر يصل بيننا اآلن فال بأس أن أبث لك خاطرتي و أضع بين
يديك خيوط الحكاية لعلك ذات يوم عندما تكون في حالة عري مع األدب تتذكرني و تسكب من أجل ذكراي
كأس نبيذ أحمر , ...كنت أعلم بأن ذلك الشخص قد تحدث مع والدي في األمر ليلتها لكنني كنت الأزال
أحتفظ بأفكاري البسيطة من عالمي الصغير ,كنت أقول في لحظة مواجهة مع الواقع ,ال بد بأن والدي
سيرفض كما فعل المرة السابقة لكنه لم يفعل ,لم يرفضه ,كنت في سن صغيرة عندها لم أكن قادرة على
أن أستوعب كل تلك المفاهيم الضخمة التي واجهت عذرية طفولتي واغتصبت ايماني و أماني في الجميع ,
اليوم و بعدما أوشكت أن أشفى من كل ما حدث ,محوت كل التواريخ ,المواقف ,اللحظات التي سبقت و
لحقت باالنهيار ,كل ما تبقى لدي أسرار ,أمنيات ,أحالم ,أصوات و عطور لم أستطع انتشالها من
جواري و داخلي و خارجي ...
• فراغ ،فراغ كبير ،بين جانبي الفراغ يتسلل الهواء دون أن يصدر صوتا في الالمكان ،فراغ يراقبك وأنت
تراقبينه بكل ترجي أن يعدل عن طبيعته التي تحدث تجوفا ال ينتهي ..لكن ،تالحظين أن هذا الثقب األسود
ماكان إال فكرة تسللت إلى ذهنك وخلقت إحساسا مظلما غطى على إدراكك اآلني ..يا فتاة ،نحن من نتحكم
بعقولنا ،نحن نتحكم بمشاعرنا ،نحن من نقرر متى وكيف نكون.
• الحنين يأخذنا يا عزيزي دون أن نشعر بذلك حتى نجد انفسنا قد غرقنا حتى النخاع في التذكر و العودة
الى األمس القريب
• كيف هو مزاجك اليوم؟
• جيد ,ماذا عنك ؟
• متى آخر مرة خطرت على بالك يا فاطمة؟ أم أنك أنانية في وحدتك ال تحبين من يؤنسك فيها؟
• عندما أمطرت تذكرتك ,هل تحب الشتاء ؟
• ولماذا؟ المطر جو المحبين لماذا خطرت على بالك أنا؟
• هو ال يقتصر عليهم فقط ,الشتاء يوقظ فينا العاطفة تجاه من حولنا ,و يعيد لنا من في ذاكرتنا على شكل
حبات مطر صاخبة .
• راق لي األمر ,أقصد أن أخطر على بالك ,إذن فوقع المطر هو الذي أيقظ االشتياق ودفعك لتفقدي هذه
األمسية؟
• ليس المطر وحده ,كنت سأراسلك حتى و ان لم تكن قد امطرت هذا المساء.
• إن قلت أنني اليوم بطوله وأنا منهمك في عملي ،كنت تخطرين على بالي ،ماذا ستقولين؟
• كيف خطرت على بالك؟
• كل شيء يذكرني بك ،المطر ،البحر ،السماء ،الطيور ،القطط ،األزهار والورود ولن ننسى الفراشات...
• ماذا أخبرتك هذه الفراشات عني؟
• ال أجيد التواصل معها كما تفعلين أنت.
• أحب الفراشات كثيرا ,في بيتنا من حين إلى حين كان تزورني إحداهن ,تقف على يدي للحظة تم
ترفرف بعيدا.
• ألنك زهرة في عينها .
• كم من مرة خطرت على بالك؟
• كلما وددت أن أتفكر شيئا جميال أبلسم به عناء يومي أتفكرك ،فترسمين على وجهي ابتسامة حين أتذكر
ضحكتك الطفولية وصوتك الجميل.
• و ما المبهج في تذكري؟
• إنه تفاعل كيمائي ،يفرز دماغي هرمون السعادة حين أتذكرك.
• و كيف تفسر حدوث هذا التفاعل؟
• ال تفسير عندي ،هل من تفسير عندك؟
• حسنا ،هل األمر يمكن اعتباره سيئا أم جيدا؟
• منذ متى هرمون السعادة يعتبر شيء سيئا ! بكل تأكيد أمر جيد
• و هل جميع األحداث الجيدة يمكن تفسيرها؟
• ال ،التفسير يتوقف عندما يبدأ اإلحساس
• نعم
• ربما قد ال أكون مثيرة للبهجة بذلك القدر
• حسنا ،سأتذكر هذه اإلحتمال قبل كل تفاعل
• ههه تفاعل ؟
• لن أبادلك األسلوب ،لك كل الحرية في قول كل ما هو يناسبك يا فاطمة و كل ما يعكس تفاعالتك
• أسلوبي سيء؟
• لم أقل عنه سيء إطالقا ،أنا عكسك تماما ،أبوح لك بكل شيء أفكر به ،وأنت تكتمين كل شيء تفكرين به
• نعم ،أنا ممن يخافون العاطفة و المشاعر دائما ,لهذا في غالب األحيان أكتم كل شيء.
• كل نفس أدرى بذاتها ,لكننني لم أفهمك كثيرا إسترسلي في التفسير يا فاطمة
• أنا يا محمد ممن يخافون العاطفة تجاه األحداث حولي ،ألنني ممن يفرطون في كل شيء ،أفرط في
العاطفة بصفة عامة سواء كانت صداقة أو غير ذلك و أفرط في الحزن إن تأذيت منها .
• أنا لم ولن أمسك بسوء ،تذكري هذا جيدا يا فاطمة
• نعم أثق بك
• اآلن أريد منك أن تفسري لي لما أنت كتومة ،وتخافين العاطفة؟ لماذا ال تشتاقين لي كما أنا أفعل؟ لما ال
أخطر على بالك كما تخطرين على بالي؟
• و من أخبرك بأني لم أشتق إليك مثال ؟ أو أنك لم تخطر على بالي؟ عدم بوحي باألمر ال يلغي وجوده ,
أليس كذلك؟
• إنه صمتك يا فتاة
• الصمت قنطرة محايدة ..ال يمكنك أن تستند على الصمت كحجة إللغاء الحقائق
• ال ألغي أية حقائق ،أريد فقط أن أستكشف ما تسمينه كتمانا
• ليس كتمانا بالمعنى الحرفي ,ما الذي تريد أن تعرفه أنت؟
• كل شيء يربطك بي ،الحقائق ،من أنا بالنسبة لك؟
• حسنا ,أنت تعني لي الكثير
كيف؟ •
ما الغير واضح في األمر؟ •
لم أتوصل بعد باإلجابة بعد ,كيف أني أعني لك الكثير؟ •
محادثتك تضفي الشغف في يومي ,الكثير من التفاصيل المتعلقة بك تأثر بي •
فتاتي كتومة جدا •
علمني البوح اذن •
تستطيعين ،ال أقدر على تعليمك ،أنت أستاذة في التعبير ،فقط يجب عليك أن تمتلك اإلحساس و الرؤية ،أنا أرى نفسي معك من هنا •
أنطلق في البوح
ال أعتمد على هذا الجانب مني كثيرا. •
أتذكر هذه القصيدة يا عزيزي ؟ ,أم أنك نسيتها مثلما ينسى مسافر حقيبة سفر في محطة لن يعود إليها مجددا
؟ يا وطني الخائف من الحب و الثورة ,ألم تحن لدرويش و قصائده و الشتياقي إليك و ترددي عليك مغتربة
خانتها األوطان جميعها ؟
• بماذا أحسست وأنت تقرئين هذه القصيدة؟
• قصيدة تجعلك تعيش مع تفاصيلها
• وكيف كانت تفاصيلها بالنسبة لك؟
• جميلة بما يكفي كي أحبها
• وأنا زاد حبي لها حين أحببتِها ،والقصيدة زادتني حبا فيك ألنها جعلتك تحبين ما أحبه
• حقا؟
• نعم ،يعجبك دائما التأكد من كلماتي أليس كذلك؟
• نعم
• هل تصدقين كلماتي لك؟ ال ينتابك الشك حول شخصي مثال؟
• نعم ،طبعا أصدقها ,كن كما أنت دائما !
• وإن تغيرت ،هل يغير هذا شيء فيك؟
• كيف ستصبح مثال؟
• شرير
• ال أظنك تستطيع
• لماذا؟
• لما قد تكون شريرا؟
• ألن الحياة خلقت لألشرار
• ال ,لم تخلق لألشرار إطالقا ,الحياة خلقت لنا جميعا ,أعلم بأن العالم مليء بالشر لكنني الزلت أعتقد بأنه
ال أحد اختار أن يكون كذلك.
• إن كل إنسان يا سيدي بحاج ٍة إلى ملجأ يشعر فيه بالحنان واألمان .دوستويفسكي
الجريمة والعقاب و أنا أتعامل معك على أنك هذا الملجأ
• كيف أكون كذلك؟
• ال أعلم ،تعاملي معك يقول لي هذا
• لكن أين يتجلى األمان هنا بيننا نحن ؟
• كل األشياء التي تربطني بك تبعث على األمان ,أحس بك قريبة مني ،أحس بنفسي أنا أيضا ملجأ لك،
أحس أني جزء من عالمك الجميل
• من أخبرك بأن عالمي جميل؟
• عالمك جميل ،دائما ما أمر من هناك عندما أتوه عن عالمي قليال
• و كيف تصدق بأنه كذلك ؟
• ألني أصدقك
• عالمي ليس مبهج بذلك القدر
• عالمك الخاص ليس مبهج ،كيف ال وهو مليء بالورود والفراشات؟
• و ألني أحبها أريدها أن تكون في عالمي و إن لم يكن مبهج ,أتدرك الفرق اآلن ؟ فاطمة التي تحدثك
غير التي يعرفها كل على حدة في محيطها ,أغادرني من جسد آلخر ،األمر يشبه انسالخ الفراشة من
حياتها كيرقة في الخارج و عودتها إليها من جديد حين يبتعد الجميع ،حين أكون وحدي.
• إذن غادري جسدك اآلن وكوني معي في جسدي
• لنعش في جسد فراشة ،ما رأيك؟
• الفراشة تعيش عمرا جميال لكنه قصير ,سأكون معك إن وافقت أن تطيري معي ,لنحلق معا في أجسام
الحمام
• فلنفعل إذن
• فاطمة ،أحبك بهزائمك بانتصاراتك ،أحبك كما أنت ،بظاهرك و خارجك ،بصغر سنك وكبر عالمك،
بشكلك وحجمك ،كوني قوية بنفسك التي كانت سببا لحبي لك
• و أنا أحبك بكل ما فيك محمد
• ليلة سعيدة فاطمة
• حسنا ،لكن قبل هل أنت بخير محمد؟
• هل أنا مهم عندك إلى هذا الحد؟
• نعم
• إلى أي حد؟
• فيما تهمك الحدود ما دمت تنتمي؟
• لمعاينة الحدود إن كانت تتمدد أو تتقلص.
• حدود السماء
• إجابة فضفاضة من فتاتي الجميلة
• ماذا فهمت من هذا اللقب؟
• ما الذي قصدته أنت منه؟
• لكل رجل فتاة ،وأنت فتاتي
• و كم يكون في العادة للرجل من فتاة؟
• واحدة ،ومن ثم يكبر العدد على حسب عدد بناته
• و كيف يتعرف الرجل على مالمح فتاته؟ كيف يعرف بأنها هي المنشودة ؟
• لن يستطيع أن يجزم بمعرفتها ال من قريب وال من بعيد ،عن نفسي ،هناك مواقف على الشخص أن يثبت
نفسه فيها ،بعد اإلثبات يأتي اإلحساس ،بعد اإلحساس يأتي التأكيد ،لكن ال نتحدث عن اليقين إال بعد تراكم
الزمن والتجارب ,أما أنت فهي معاناتك ،مناعتك ،قتالك ،صمودك ،صالبتك ،غموضك ...كلها ملتمح
جذبتني نحوك
• لكن ماذا ان كانت فاطمة في الواقع مختلفة عن هذه ؟
• لماذا دائما لديك هذا الهاجس؟
ألننا عندما التقينا افترقنا ,كانت عند نقطة البداية نهاية األنشودة و عدت يومها إلى غرفتي على عجل كي
أكتب لك رسالة توديع طويلة يا وطني الجريح ,رسالة ربما لن يقدر لك أن تقرأها أبدا
الرسالة الأولى
قلب محمد ي إىل العزيز عىل
ُ
التقينا اليوم ،كنت أهدأ من أحدثك عن تفاصيل يوم ،عن حكايات الصغية العميقة جدا ،كنت أ ر ُ
كي ن ر ي ي
ن
خطوتي ،لم ر برودة من يناير و كنت مرتعبة كشهر مارس ،لم يكن من الممكن أن نتجاوز كل ما حدث يف
نلتحم بهذه البساطة ،عندما لمحتك من بعيد للوهلة األوىل أردت ُ يكن ليقفز أحدنا إىل ضفة اآلخر يك
اج دون أن ألتفت إليك ،كنت مرتبا جدا تحمل عىل إحدى يديك معطفا لم أركز فيه كث ريا أن أعود أدر ي
يجرفب معه حيث ال أعلم يىل موطنا ،لم يكن لقاءنا ملهما ،لن ن
ن ن ،تبدو هادئا و كان الصمت نهر أخرس ن ي
صامتي كأي ر صامتي ،
ر يكتب عنا الشعراء و لو قصيدة و لن يتغب بما بيننا أي طفل أو عجوز ،كنا
تبدو شغوفا جدا بعمر الدقائق الفاصلة بيننا األخية ،لم ن ن
ر للوهلة األوىل ،و ربما قد تكون ن يلتقيان
غريبان ُ
الطالب ن األربعيب يف الطاولة المجاورة ،جدالي و ال يت ،كنت تنظر يف االتجاهات جميعها ،الرجل
التأت ، من بكثي
ر قهوتك ب تش المتغي ،تفقدك لهاتفك أرب ع مرات منذ جلوسنا ،كنت ر ر حول قيمة
ي ن
يمض ،و الصمت مخيم بيننا .أردت أن أعاتبك قليال ،بل ي ن بارتباك ،الوقت ن بأصابع
ي أعبث أنا
مضت دون أن أنبض داخلك ن الدقائق
ن لكثي من الوقت ُ ،جملة من ر تفتقدت
ي تتفقدت و لم
ي كثيا ألنك لم
ر
أت الزلت يف هذه األرض اواصل كحدث مستعجل ،كطارئة ال تقبل التأجيل ،كل ما كنت تعرفه ن
عب
ي ي ن ر
التحام تارة أخرى ، ،أردت أن أعاتبك ألنك ال ي تفكك تارة تم
ي نهوض من جديد و ي سقوط و ي تعيي و
ن
لنفس ،عن ين الب ضمدتها كدمات ي
ي تدري عن كل ما حدث ،كل ما اجيته وحدي ،أنت ال نتعلم شيئا عن
خوف من ي خطوات المرتعبة يف الشارع ذات يوم ،ال تدري مقدار ي الب التأمت رغما عنها ،عن كسوري ي
عاطفة جامحة مثلما أكنها إليك ،
أحببت عينيك و تفاصيل يديك و رسحت فيهما ذات دقيقة ،تردد نفس الصوت من جديد "لن •
بفكرة كهذه أو حب نطقها بصوت ُ االعيافُ يحدث األمر ،لن نكون معا لن نلتحم" يصعب
ُيسمع ،ألن الحقائق ُيشعر بها و حسب ،الحقائق ال تنطق بل تطبق و ينتىه األمر كأنه لم يكن ،
ن
الب جمعتنا معا ،لم ُيقدر لنا أن نعي المحيط يدا يف يدا و ال أن يغرق ي سيياجع الماء عن السفينة
ن ُ ن
العصافي يف أرواحنا
ر و ، بخير لنا
ز ال منا د ما اآلن ق نفي أن يجب ننجو ك ي . اآلخر ظلمة ف ي كل منا
مسامب بك و أحبك ب ر
فتتش أكي الزالت تؤمن بأنه ما للسماء من سقف ،قبل أن أغرق فيك ر
ي ن ر ن ر
اشات الملونة ،أحبك طفلة و مراهقة ،لكن ال ووطب و فر ي ي إت أفعل اآلن أحبك أكي من ي
لغب بل ي أكي
يمكن لألمر أن يحدث .....ابحث لنفسك عن فتاة تعزف الكمان و تجيد فن الحديث ،تعبث
ن
ه تحدثك بأناقة عن اهتماماتها األدبية بفلسفة القرن الماض ،فتاة لن تفرط يف ي بشعرها و
ستنتس بربيعها و بهجتها و ألوانها ألنك رجل يا عزيزي ،و الرجال ميالون نحو ر كثيا لكنكر حبك
ن ي كل مبهج مزيف ،أما ن
مع يف جيب سي يت و ستعيش تي العالق أيها أحبك كنت مثلما لت زال فإن عب
ي ن ي ن ن
خلوت بعد الرابعة صباحا .... ي و تمتمب
ي و لغب
ي ف ي و كتابات
ي في و األيش صدري جانب في
أحبك • ❤..
هنا تنتهي حكايتنا •
• هل كل المراسالت التي كانت تسافر في السماء عبر الحمام قبال كانت مصدر للشك فاطمة؟
• ال ،بل كانت صادقة ,صدق الحمام.
• حقا ال أعلم تفاصيل جسمك كأنثى ،ال أعلم طولك وقوامك وكل التفاصيل التي أرغب في معرفتها كرجل،
لكن ،كأنا ،أعرف تفاصيل روحك الطيبة ،أومن بتقاطيع نفسك التي تشبهني كثيرا ،رغم اختالف ألسننا،
فهناك العديد من األشياء التي تجمعنا.
• نعم الكثير من التفاصيل تجمعنا
• هل قمت باإلجابة على سؤالك؟ هل نعتك بفتاتي يجعل من هذا النعت مشكال لديك؟
• أحببت النعت ,أقصد كثيرا .لكنني الزلت أخاف أن أفرط في العاطفة كما أخبرتك
• هل تحسين بشيء تجاهي؟
• فيما يشبه االنتماء بالوطن ،نعم
• كيف؟
• ال أدري كيف
• ال يوجد إحساس يضاهي االنتماء للوطن ,أشكرك
• قبل منصف الليل بنصف ساعة عاطفة جامحة دفعتني ألكتب لك دون إنذار مسبق ,دون ترتيب و دون
مراوغة
• عزيزي ،الوطن اآلمن ،محمد
كيف يقف المرء على حافة الحب و يقع دون تفكير في العواقب ؟كيف نغرق دفعة واحدة دون استعداد
مسبق لذلك ؟كيف نُعبر ؟و كيف يمكن لكلماتنا أن تستغل شرودنا لتطفو على السطح ؟ أحبك ،...أحبك يا
وطني المتنقل ،أحب تفاصيل الحديث معك ،نبرة صوتك ،أحب اشتياقك إلي و انتمائي إليك ،و يحدث
أن يبدو األمر مخيفا لفتاة مثلي تفرط في كل شيء ،في التدقيق في تفاصيل األحداث ،في التفكير ،في
الصمت ...و أخال مرة أخرى أن أفرط في الغرق في تفاصيلك الصغيرة و أن ال أنجو بعد ذلك ...
من ضفة العالم حيث ال أنتمي ألي وطن غيرك ،أكتب لك بكثير من العاطفة ،دون خوف أو تردد في
االعتراف بأني أحبك ،كما أنت ،أحبك وطنا كامال ،بحروبك و هزائمك ..
• وأنا أيضا أحبك يا فتاتي ،تخسغشم أطاس= أحبك كثيرا
• شكرا لك فاطمة على كل هذه الكلمات الجميلة ،الرقيقة ،كلمات رسمت على وجهي ابتسامة وجعلت قلبي
ينبض على وقعها ،ألم أقل لك أنك فنانة ،مبدعة في كل شيء حتى في طريقة حبك لي راقت لي
• صدقني أن ال أجيد التعبير عن عواطفي كثيرا ,لكنني حاولت
• منذ متى وأنت تحسين بهكذا أحاسيس فاطمة؟
• ال أدري بالضبط
• وماذا عن نبرة صوتي
• أحبها
• اآلن أعدي لي حضنك كي أنام ،سوف ألجأ إليك كما تفعل قطتك ،أريد أن أنام فيك وعلى وقع كلماتك الجميلة،
بك أنا قوي يا فتاتي
كانت هذه الرسالة أعلى من سقف قدراتي على التعبير ,لكنني تعاملت معها كسهم أردته أن يصيب الهدف وحسب
خشيت أن ينقلب السهم إلي في لحظة ضعف حينما تهتز يداي أو ربما عندما يرتعد قلبي ,الحب هو الصراع الوحيد
الذي صمد رغم أنف التاريخ و المجتمع ,هو األزلي و األبدي في اآلن ذاته ,هو الجالد و الضحية هو المزيج
الوحيد بين األسود و األبيض الذي ال يفضي للرمادي ,أحببتك يا عزيزي بكل ما استطعت و منحتك ما تبقى لدي
من عاطفة و شغف ,لكن و رغم صدق ما جمع بيننا ,رغم تكامل أجزاءنا بعضها ببعض لم يقدر للسفينة أن تستمر
باإلبحار كان على أحدنا أن يقفز كي ينقذ اآلخر.....
س ِجلت فيها العديد من األحاسيس الجميلة
• اليوم ،في الصباح الباكر ،استيقظت وأنا مختلف تماما ..فبعد ليلة جميلة ُ
التي أخذتني وسافرت بي إلى قرية فوق الجبال في مكان بعيد ،التقيت بها تلعب مع الفراشات وتغني في مرج
مليء بالزهور ،فتاة اتخذت من الطبيعة وطنا ،تحت شجرة كبيرة جلسنا أنا وهي ممسك بيدها أتحسس وجهها
البهي بأناملي ،أتحسس شعرها المنساب على كتفيها وأنا ممسك بزهرة بيضاء كي أغرسها بين ضفرتي شعرها
الذهبي ،أحضنها إلي و أقبلها ،إنها القبلة األولى التي تختصر كل شيء .خيالي هذا الذي سافر بي وأخذني إليك،
خيالي هذا الذي أكتب به لك ،و واقعي الذي يقول أنني أشتاق لك ،أفكر فيك ،أعشقك يا فتاتي ،أحببتك و أحبك
اآلن وغدا ،تخسغشم
• ليست الطبيعة وطني ،بل أنت وطني️♥ .أحبك ،أحبك بكل ما اوتيت من يقين في هذه العاطفة
• أحبك كثيرا ,ليلة سعيدة فتاتي الجميلة ،أتمنى لك كل التوفيق غدا في امتحانك ,نامي وإرتاحي أيضا عندما
تتعبين ،سأنتظر في حلمك تحت هذه الشجرة سأشتاق لك !
• سأكون هنالك ،تحت تلك الشجرة أنتظرك ليلة سعيدة محمد ️♥ أفرط في الحلم كثيرا .أحبك 🧡
أ تدري اآلن لما من الصعب التخلص منك من ذاكرتي ألننا لم نكن نتبادل الرسائل وحسب ,كنا نتعانق بين
النصوص ,كان كل منا فسحة هادئة لآلخر وسط ضجيج طلقات الرصاص ,كنت اؤمن بك كما يؤمن قارئ بنهاية
المأساة في حكاية طويلة ,أردت يا عزيزي من خاللك أن أستعيد قدرتي على التصديق بمثل هذه العاطفة التي
تدفعنا للتضحية و التمني و بناء األمل من جديد و من جديد
• عزيزتي اشتقت إليك ،أين أنت؟
• و أنا اشتقت إليك ,أنا في غرفتي وحسب
• حقا ؟
• هل تشكك في ذلك؟
• ال أبدا ،فقط اريد أن أسمعها منك مرارا وتكرارا
• نعم ،اشتقت إليك و أشتاق إليك اآلن و بعد دقيقة من اآلن سأشتاق إليك أكثر
• ما زلت ال أصدق أن الفتاة التي أخبرتها بإعجابي بها و أجابتني بكل برودة وغموض اآلن أضحت ،تشتاق لي
وتحبني في الوقت نفسه
• ههه أنا أجبتك ببرود؟
• نعم ,ربما لكنني لم أقصد ذلك
• ال بأس
أريد حضنك كي أرتاح فيه ،أريدك أن تداعبي شعري كي يزول عني هذا العياء ،أريد أن تشحني بطاريتي
بكلماتك الرقيقة ،الصادقة التي تبعث في البهجة و السرور ،ممكن؟
• طبعا ,ممكن ،يا قلبي أنت ,ألم تقل بأنني ملجأك؟ سأكون هنا من أجلك متى ما استنزفتك الحياة و
أرهقتك الدروب
• نعم ،أنت ملجئي الوحيد ،سأنام بعد قليل ،لكن قبل هذا أريد أن أستغل الوقت معك ،لكن تبدين لي
مشغولة ،غدا لديك اختبار في مادة اللغة
• ال بأس ،لندردش اآلن قليال بعدها خذ أنت قسطا من الراحة و أنا سأستأنف مراجعتي
• حسنا ،وأنا بين أحضانك ،ماذا يمكنك قوله لي؟
• الزلت اؤمن بأن اللحظات الجميلة ال نقول فينا شيئا
• يعجبني النظر في عينيك الصغيرتين ,التعمق فيهما ،الغوص في أعماقهما وصوال لروحك الفتية .
• مرحبا بك في عيني و قلبي و روحي و تفاصيلي جميعها
• كيف حالك؟ كيف هي روحك؟ كيف هو التغيير الذي صنعه حبنا فيك؟
• بت أحس باالنتماء لكل األشياء حولي ،أتفقد محادثتنا من الحين لآلخر ,أفكر فيك كثيرا ,أشتاق إليك و
على هذا األساس يمضي يومي
• أنا ،أفكر فيك ،من ثم أشتاق لك ،أتخيلك في كثير من األحيان ،أرسم تفاصيلك في ذهني ،أضحك ،أشتاق
لك من جديد ،أقتبس من لهجتك ،أزور صورك ،أشتاق لحضنك ،أداعب شعرك ،أتحسس وجهك ،أتأمل
شفتيك ،أقبلهما في مخيلتي ،تضحكين ،ثم أضمك ،أفكر في مستقبل فيه أنت بجانبي ،مقاتلتي التي تمدني
بسيفي وأنهض من جديد ،المهم ،أنت هي كل شيء بالنسبة لي ،أنتظر استعدادك كي تختاري طريقك معي
• أنا أبصرك في تفاصيل األمكنة حولي ،أشرد من حين إلى حين في مالمح األشخاص عساني أختلس
النظر إليك من خاللهم ،ال أعلم كيف يقع اآلخرون في الحب ،لكنني أحبك
• على وقع هذه المشاعر سأنسحب كي أنام فيك ،سأتركك تكملين دراستك ،كل التوفيق عزيزتي فاطمة في
اختبارك غدا
• كل التوفيق لك أيضا ,ليلة سعيدة عزيزي
• الرسالة الثانية
• عزيزي محمد ،أرجو أن تكون بخير ،كيف حال النبيذ معك و ليالي الغزل و الشعر و األنس بالقصائد
؟ كيف حال الحياة في عينيك اليوم ؟ أال زلت كما كنت منغمسا في عملك الممل ذاك ،تبحث دائما عن
كيف تتجرد من واقعك المميت كي تعيش فنانا يحلق في األفق البعيد و يكتب سطورا حرة في حالة
سكر ،من المؤلم جدا أن أكتب لك من جديد و من المستحيل أن ال أفعل ،أشهر مضت بينما أحاول
التخلص من بقاياك التي قد تسللت لتصدعات قلبي المنكسر لكنني و في كل مرة أفشل ،أجدك الزلت
عالقا بي كلعنة أصبت بها في حياتي السابقة لعنة الحقتني إلى اليوم ،من المؤسف جدا أنه قدر علينا أن
نفترق بمثل هذه الطريقة الباردة ،لم يحدث شيء بيننا ،لم نتخاصم و لم نصرح بل لم نتحدث
حتى فقط اسدل الستار على الشخصيات قبل نهاية المسرحية ،و لم يفهم أي من الحاضرين ما حدث ...
منذ آخر رسالة بيننا و أنا مصابة بندبة في روحي من الداخل ،ندبة تكبر يوما بعدا يوم و تنهشني رويدا
رويدا في كل لحظة تمضي ،أكاد من فرط الحزن أنتهي ،كسيجارة تتحول إلى العدم في الدخان مع كل
نفس تلتقطه ،كل التفاصيل حولي تذكرني بك وحسب ،أضواء الشارع المنطفىء ،النجوم ليال ،
خربشة طفل صغير ،أغاني ايدير ...
ليلتك سعيدة يا عزيزي ،أردت أن أكتب إليك أكثر لكنني منهكة جدا من البكاء و التعب
• فاطمة أريد أن أفهم كيف تفهمين عالقة الرجل بالمرأة؟
• المرأة و الرجل كل منهما يكمل نقص اآلخر ,نوع من الترابط روحي.
• و ماذا تسمين هذه العالقة الي تجمعنا؟
• مواساة من الحياة عن هزائمنا السابقة ,ما الذي تعتقده أنت؟
• مشروع شراكة حياة
• ماذا عن عالقة الرجل بالمرأة بصفة عامة؟
• تكامل ،دعم ،سند ،قوة و بناء.
• و ماذا عنا نحن ؟
• بالنسبة لي أراك معنى أهداه لي الكون كي أعيش به ،كمن يقول لي ،هذا الشخص لك ،اعتني به
• ما الذي غيره هذا المعنى فيك أنت؟
• غير في الكثير ،غير ذلك االستقرار الرتيب إلى حالة متغيرة متعلقة بك مثال ،غير إحساس العادي إلى
غير ذلك حسب قربك أو بعدك لي ومني على التوالي ..غير أنني أفكر فيك عكس ما كنت أفكر به من
قبلك ,ال أعلم البتة إن كنا أصدقاء ،معارف ،عزيزان ،متحابان ،مرتبطان عاطفيا أم أن هذه فقط تبقى
ألقاب ما يجمعنا أقل أو أكثر من هذا بكثير
اسئلة كثيرة تراودني ,ال أعلم إن اشتهيت تقبيلك يحق لي ذلك أم ال ,ال أعلم إن كان يحق لي اإلمساك من
يديك ودفنك في حضني كمن يحتضن نفسه في آن واحد .ال أعلم شيء يا فتاة ،ال أعلم شيء...
• و ما الذي كنت تفكر فيه قبلي؟
إن ما يجمع بيننا هو إنتماء يا قلبي أنت
• فقط فراغ و كثير من العمل على بناء الذات وتحقيق األهداف.
• يخيفني هذا االرتباك الذي صنعته في يا فاطمة ،لم أعهد أن أرى نفسي هكذا ...لكن شكرا ،لوالك لما
أحسست بهذه الفوضى التي مست حواسي.
• تخيفك هذه الفوضى؟
• نعم ،ال أعلم إن كانت فاطمة تستطيع مجاراتي في أحاسيسي مثال ،في التزامي ،في ارتباطي ،في تفكيري
وأفكاري
• في ماذا مثال؟
• لسنا مرتبطين لكي نخوض هذا النقاش ,لسنا في عالقة كما تعلمين.
• نعم ,حسنا ،كما تريد.
• دورك
• هل تظن بأن هذه الشرارة ستنطفئ؟
• ال ,أظن أننا دائما على توافق ووفاق
• دورك
• هل ستتوقفين عن حبي إن علمت أنني إنسان مادي ،ال أومن باألديان؟
• كيف ؟ أ تقصد المعنى الحرفي للجملة؟
• نعم
• و كيف يكون اإلنسان ماديا ؟
• يؤمن بأن هناك جحيم واحد ،فوق األرض فقط
• سأقنعك بديني إذن
• لكن لماذا؟
• لكي ال تؤمن بالجحيم ,لما سنؤمن به مثال؟ ما دمنا نستطيع أن نحيا و نحاول ،نرتطم ,تم ننتصر ربما و
ربما ننهزم لكن لن نؤمن بالجحيم ,كل ما حاولك يدعوك كي تحبه ،الفراشات ،األقحوان في الربيع ،
مالمح العجائز ...لما تخشى هذا الكم من المشاعر إذن؟
• أقصد أني ال أومن باألديان ،ال أومن بوجود الجنة وجهنم في حياة أخرى ،ال أومن أن هناك حياة بعد
الموت
• لكنك تومن بوجود هللا؟
• الخالق ،نعم ،لكن ليس بذلك الخالق المعرف في األديان
• إذن أنت ال تؤمن بأي دين؟
• ال ,ال أفعل ,لم تجيبي على سؤالي بعد
• نعم أحبك يا محمد ,لكن األمر مربك بالنسبة لي
• لما؟
• ألني اؤمن باهلل و أعتقد به كثيرا ,اؤمن به بقلبي و وجداني ,هو أمر ال يحتاج بالنسبة لي ألية أدلة ,ال
عالقة لألمر بالعقل فالحياة ليست مجرد معادالت رياضية نحبها حينما نفهمها ,هي أكبر من ذلك و
أعمق من ما نراه بكثير .
• لن أتدخل بمعتقداتك أبدا فاطمة .
• حسنا
• دورك
• ما الذي يخيفك؟
• أن أتقاسم يومي مع أناس ال أنتمي لهم ,ماذا عنك ؟
• أخاف أن ال أشبهني في يوم ما ,أخشى أنا ال أكونني رغما عني .
بكيت ليلتها كثيرا ,بكيت يا عزيزي لوجود حاجز آخر بين نهرينا ,كال من المسافة و الدين كان يحول بيننا
كي نلتحم ,شعرت بالعجز أمام ما أدركته في تلك اللحظة