You are on page 1of 321

‫ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻄﺒﻊ ﳏﻔﻮﻇﺔ‬

‫ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ ﺍﻷﻭﱃ‬
‫‪ ١٤٤٤‬ﻫـ ‪٢٠٢٣ -‬ﻡ‬
‫ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﺔ ﺍﳍﺎﴰﻴﺔ‬
‫ﺭﻗﻢ ﺍﻹﻳﺪﺍﻉ ﻟﺪﻯ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﳌﻜﺘﺒﺎﺕ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ‬
‫)‪(2022/9/4826‬‬

‫‪922,12‬‬
‫ﺻﺒﺢ‪ ،‬إﺑﺮاھﯿﻢ ﺑﺎﺟﺲ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﺠﯿﺪ‬
‫ﺷﯿﺦ اﻟﺘﻔﺴﯿﺮ ﺻﻼح ﻋﺒﺪ اﻟﻔﺘﺎح اﻟﺨﺎﻟﺪي‪ :‬ﺣﯿﺎﺗﮫ وآﺛﺎره ‪ /‬إﺑﺮاھﯿﻢ ﺑﺎﺟﺲ‬
‫ﻋﺒﺪ اﻟﻤﺠﯿﺪ ﺻﺒﺢ‪-.‬ﻋﻤﺎن‪ :‬اﻟﻤﺆﻟﻒ‪2022 ،‬‬
‫)‪ (320‬ص‪.‬‬
‫ر‪.‬إ‪(2022/9/4826) .‬‬
‫اﻟﻮاﺻﻔﺎت‪ :‬اﻟﺘﺮاﺟﻢ‪ //‬اﻟﺮﺟﺎل‪ //‬اﻟﻤﻔﺴﺮون‪ //‬اﻟﻘﺎدة اﻹﺳﻼﻣﯿﻮن‪/‬‬

‫ﯾﺘﺤﻤﻞ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻛﺎﻣﻞ اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﯿﺔ ﻋﻦ ﻣﺤﺘﻮى ﻣﺼﻨﻔﮫ‬


‫وﻻ ﯾﻌﺒﺮ ھﺬا اﻟﻤﺼﻨﻒ ﻋﻦ رأي داﺋﺮة اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﻮطﻨﯿﺔ أو أي‬
‫ﺟﮭﺔ ﺣﻜﻮﻣﯿﺔ أﺧﺮى‪.‬‬

‫يطلب من املؤلف‬
‫هاتف ‪00962788632925‬‬
‫بريد إلكرتوين‪ibrahimbajis@yahoo.com :‬‬
‫إبراهيم باجس‬ ‫‪F‬‬
‫‪‬‬
‫ﱫﮧﮨ ﮩﮪ ﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱ‬
‫ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚﱪ‬
‫[النمل‪]١٩ :‬‬
‫‪5‬‬

‫مقدمة ا�لكـتاب‬

‫احلمد هلل وحده‪ ،‬والصالة والسالم عىل من ال نبي بعده… وبعد‪،‬‬


‫فمنذ أكثر من ثالثة عقود ونصف من الزمن عرفت فيها الشيخ العلَّمة (أبا أسامة‬
‫رحيم‪،‬‬
‫ً‬ ‫وقورا‪ ،‬ومرب ًيا فاضلً‪ ،‬وأستا ًذا مع ِّل ًم‪ً ،‬‬
‫وأخا‬ ‫ً‬ ‫صالح اخلالدي) ’‪ ..‬عرفته شيخً ا‬
‫وصدي ًقا صدو ًقا‪.‬‬
‫عرفت فيه العامل العامل بعلمه‪ ،‬عرفت فيه الورع الزاهد‪ ،‬عرفت فيه املريب الفاضل‪،‬‬
‫ُ‬
‫عرفت فيه الصالح املصلح… عرفت فيه صفات ق َّلام جتتمع يف واحد من الرجال… أنا ال أ َّدعي‬
‫َ‬
‫القرآن يف أخالقه‪ ،‬ويف‬ ‫للشيخ صالح الكامل‪ ،‬وال الرباء َة من العيب‪ ،‬لكنه ’ كان يتمثَّل‬
‫علمه‪ ،‬ويف عمله‪ ،‬ويف تعامله مع اآلخرين‪.‬‬
‫متميزا جري ًئا يف كلمة احلق‪،‬‬
‫ً‬ ‫عرف ُته أنا‪ ،‬و>عرفتْه املساجد إما ًما واع ًظا‪ ،‬واملنابر خطي ًبا‬
‫ثاب ًتا عليه‪ ،‬ال خيشى يف اهلل لومة الئم‪ .‬مت َّيز بتواضعه ووعيه وحسن ُخلقه‪ ،‬فحظي باحرتام‬
‫اسمه وافق خربه وعم َله وقو َله‬
‫اجلميع‪ .‬شهد له اجلميع‪ ،‬وال أستثني‪ ،‬بمكانته العلمية املرموقة‪ُ .‬‬
‫فسموه صالح وهو صالح يف العمل والقول‪ .‬نحسبه عىل خري وال نزكي عىل اهلل أحدً ا<‪.‬‬
‫و>عر َفته مقاعد الدرس يف اجلامعات‪ ،‬وعرفته دروس‬
‫َ‬ ‫صالح اخلالدي… اسم عر ْف ُته أنا‪،‬‬
‫العلم يف املساجد‪ ،‬وعرفه طلبة العلم وحم ّبو القرآن وتفسريه<‪.‬‬
‫عرف ُته منذ أواسط الثامنينيات من القرن الاميض يف دروس تفسري القرآن الكريم‬
‫األسبوعية التي كان يلقيها يف مسجدنا (مسجد الرمحة) بحي األمري حسن يف عامن‪ ،‬وما زلنا‬
‫نحتفظ بأرشطة تسجيل تلك املحارضات‪ ،‬وأحسب أهنا أقد ُم ما ُس ِّجل للشيخ من الدروس‬
‫العلمية‪.‬‬
‫واستمرت العالقة فيام بيننا وتو َّطدت‪ ،‬يف زيارات متواصلة‪ُ ،‬‬
‫رشفت هبا يف بيته‪،‬‬
‫زيارات أثمرت يف جمالسها املتكررة عىل أن نقوم أنا وهو بمرشوع علمي رائد وغري مسبوق‪،‬‬
‫وهو َجْع تراث سيد قطب ’ ممَّا كتبه يف الصحف واملجالت املرصية‪ ،‬ومل ُينرش يف كتبه‬
‫ومؤلفاته املطبوعة‪.‬‬
‫‪6‬‬

‫الكم اهلائل من مقاالت سيد‪ ،‬وتبويبها وتصنيفها حسب موضوعاهتا؛‬


‫وبدأنا بجمع ذاك ِّ‬
‫فمنها املقاالت األدبية‪ ،‬ومنها السياسية‪ ،‬ومنها االجتامعية‪ ،‬ومنها الدينية… منها ما كتبه قبل‬
‫ِّ‬
‫ولكل نوع من مقاالته ميزته وصفاته‪.‬‬ ‫االلتزام الديني‪ ،‬ومنها ما كتبه بعد ذلك‪.‬‬
‫ولكن شاء اهلل َّأل يكتمل هذا املرشوع بسبب سفري خارج األردن سنوات عدة‪ ،‬زادت‬
‫عىل الثالثني سنة‪ ،‬ومل تكن وسائل االتصال حينها عىل ما هي عليه اآلن من ُي ْس وسهولة‪،‬‬
‫فانقطعنا عن العمل ومل نكمله‪.‬‬
‫لكن انقطاعنا عن العمل يف املرشوع‪ ،‬وسفري الطويل‪ ،‬مل يقطع الصلة بيننا‪ ،‬بل كان‬
‫ومستمرا؛ إما باهلاتف‪ ،‬أو بالرسائل الربيدية‪ ،‬أو بالزيارات التي كنت‬
‫ً‬ ‫دائم‬
‫التواصل واالتصال ً‬
‫زائرا‪ ،‬نتجاذب أطراف األحاديث يف العلم وغريه‪،‬‬ ‫َّ‬
‫األردن ً‬ ‫أحرص عليها ك َّلام أتيت بلدي‬
‫كل منا من مؤ َّلفات وحتقيقات لكتب الرتاث…‬ ‫ونتهادى ما كتبه ٌّ‬
‫ِذكـ ـ ـ ـ َـر الن ـ ـ ـ ـ ـ ــوى فكأهنـ ـ ـ ـ ـ ــا أي ـ ـ ــا ُم‬ ‫ُ‬
‫طولــا‬ ‫أعــوا ُم وصـ ٍـل كاد ُينــي‬

‫فكأهن ـ ـ ــا وكأنـه ـ ـ ـ ـ ــم أح ـ ـ ـ ـ ــا ُم‬ ‫ثــم انقضــت تلــك الســنون وأه ُلهــا‬

‫إيل‪ ،‬ح َّتى ُف ِج ُ‬


‫عت‬ ‫ثم انقضت تلك السنون… وما كنت أظنها تنقيض‪ ،‬أو هكذا ُخ ِّيل َّ‬
‫بخرب وفاة الشيخ رمحه اهلل‪ ،‬كام ُف ِجع غريي من حم ِّبيه ومريديه‪ ..‬وكثُر ناعوه‪ ،‬والباكون عليه‪،‬‬
‫املتحسون لفقده‪ ،‬ولفقد كثري من العلم بفقده‪ ،‬وكتبوا فيه املراثي واملقاالت‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫واملتأسفون‬
‫ِّ‬
‫ونوهوا بفضله وعلمه‪ ،‬واستمر هذا عدة أيام‪ ،‬بل بضعة أسابيع…ثم…‬
‫َّ‬
‫خشيت أن ختفت جذوة العاطفة يف نفوس حمبي الشيخ وتالمذته‪ ،‬ورأيت أنه ال بد من‬
‫توثيق الكتابة عن حياته الشخصية واالجتامعية والعلمية والعملية‪ ،‬وعن مؤلفاته التي بلغت‬
‫العرشات‪.‬‬
‫َ‬
‫قالئل من وفاة‬ ‫فكان لقائي بأخي الدكتور حذيفة ابن الشيخ صالح اخلالدي‪ ،‬بعد أيام‬
‫الشيخ الوالد‪ ،‬وطرحت عليه فكرة الكتابة عن سرية الشيخ‪ ،‬واتفقنا عىل أن أمجع َّ‬
‫كل ما أعرفه‬
‫عن الشيخ‪ ،‬أو مما كُتب عنه‪ ،‬أو قاله اآلخرون من شيوخه وزمالئه وتالمذته وأبنائه وأقاربه‬
‫وحم ِّبيه‪ ،‬وأجعل ذلك يف كتاب يس ِّطر سريته العطرة املباركة‪ :‬االجتامعية منها العلمية والعملية‪،‬‬
‫والدعوية‪.‬‬
‫‪7‬‬

‫كتبت عىل كالم صاحب الرتمجة نفسه من حمارضاته وكتاباته‪ ،‬أو‬


‫ُ‬ ‫واعتمدت يف كثري ِمَّا‬
‫من مقابالت إعالمية معه‪ ،‬أو من معلومات استقي ُتها من تالمذته يف اجلامعات أو يف حلقات‬
‫الدرس يف املساجد واملراكز العلمية‪ ،‬أو من زمالئه يف أثناء دراسته اجلامعية أو العمل يف‬
‫التدريس يف خمتلف اجلامعات األردنية ويف مجعية املحافظة عىل القرآن الكريم؛ ألُ ِّ‬
‫دون منهم‬
‫مطولة‪ ،‬أو زيارات يف بيوهتم أو‬
‫ما عرفوه عنه‪ ،‬وكان هذا األمر يستدعي اتصاالت هاتفية َّ‬
‫مكاتبهم‪.‬‬
‫وكنت أجلس الساعات والليايل ال ِّطوال ُأن ِّقب فيام كتب الشيخ من كتب ومقاالت‪ ،‬أو‬
‫املسجلة‪ ،‬وهي كثرية وغزيرة‪ ،‬أو ما كتبه عنه اآلخرون من مقاالت‬ ‫ِ‬
‫أستمع إىل دروسه العلمية‬
‫َّ‬
‫ودراسات ورسائل علمية‪ ...‬ع َّلني أظفر ببعض يشء ُيثري مادة هذا الكتاب‪.‬‬
‫وأنا َمدين يف تدوين بعض ما جاء يف هذا الكتاب ألخي الدكتور حذيفة اخلالدي حفظه‬
‫اهلل‪ ،‬وهو ابن صاحب الرتمجة وتلميذه ونارش علمه من بعده‪ ،‬فقد أمدين بكثري من املعلومات‬
‫التي ختص حياة الشيخ األرسية واالجتامعية‪ :‬والده وإخوته وأخواته وزوجته وأبناؤه‪ ،‬وكذلك‬
‫شيوخه وتالمذته‪ ،‬ثم الكتب التي رشع يف تأليفها ومل تُطبع بعد‪ .‬فكان‪ ،‬جزاه اهلل خري ًا‪ ،‬يزودين‬
‫بام توفر لديه من معلومات مكتوبة‪ ،‬أو تسجيالت صوتية لبعض أقاربه‪ ،‬ثم أعمل عىل صياغتها‬
‫وإدراجها يف مكاهنا من الكتاب‪.‬‬
‫وارث علم أبيه؛ فقد أخذ عىل نفسه عهدً ا َّأل ِّ‬
‫يفرط برتاث أبيه‬ ‫َ‬ ‫وأرى يف الدكتور حذيفة‬
‫وعلمه‪ ،‬بل حيافظ عليه وينرشه عىل املأل‪ ،‬ينتفع به املسلمون‪ ،‬وينتفع به الشيخ بعد موته‪ .‬وأنا‬
‫أدعو اهلل له أن يظل عىل هذا العهد باملحافظة عىل إرث والده وتنميته ونرشه‪.‬‬
‫من أجل ذلك‪ ،‬فقد َأط َلق الدكتور حذيفة عىل وسائل التواصل االجتامعي (محلة‬
‫توثيق كل ما يتعلق به ’ من سرية حياة وأحداث‬
‫َ‬ ‫وفاء) لوالده الشيخ صالح‪ ،‬هدَ ف منها‬
‫ومواقف إلصدارها يف هذا الكتاب‪ ،‬وطلب من تالمذة الشيخ وحم ِّبيه تزويدَ ه بام يتوفر لدهيم‬
‫وثائق‪ ،‬أو غري ذلك‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫رسائل مكتوبة‪ ،‬أو‬ ‫من تسجيالت مصورة‪ ،‬أو صوتية‪ ،‬أو‬
‫وحتصلنا من خالهلا عىل‬
‫َّ‬ ‫وقد أثمرت (محلة الوفاء) هذه‪ ،‬وآتت ُأكُلها‪ ،‬بفضل اهلل تعاىل‪،‬‬
‫كم وافر من املعلومات عن حياة الشيخ اخلالدي ’‪.‬‬
‫ٍّ‬
‫‪8‬‬

‫ِ‬
‫ومن كل ما ُجع عن حياة الشيخ كان هذا الكتاب‪ ،‬الذي نأمل أن يكون فيه أدا ٌء لبعض‬
‫حقه علينا‪.‬‬
‫وقد قسمت الكتاب فصلين‪:‬‬
‫حتدثت يف الفصل األول عن حياته االجتامعية‪ ،‬فذكرت مولده‪ ،‬ونشأته‪ ،‬وأرسته‪،‬‬
‫ووالديه‪ ،‬وإخوته وأخواته‪ ،‬وزوجته وأبناءه وبناته‪ .‬ثم حتدثت عن صفاته‪ ،‬وحياته العلمية‪،‬‬
‫والرؤى واملنامات التي ُر ِئيت له‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ثم حياته العملية‪ ،‬ووفاته وجنازته‪ ،‬وما قيل فيه من مراث‪ُّ ،‬‬
‫وخصصت الفصل الثاين للحديث عن مؤلفاته‪ ،‬وقدَّ مت لذلك باحلديث عن منهجه‬
‫العلمي يف التأليف والتفسري‪ .‬وقد قسمت مؤلفاته أربع َة أقسام‪:‬‬
‫موجزا‪ ،‬أذكر فيه سبب‬
‫ً‬ ‫عرفت بكل واحد منها تعريف ًا‬
‫القسم األول‪ :‬مؤلفاته املطبوعة‪َّ ،‬‬
‫تأليفه ومنهجه يف التأليف‪ ،‬وأبواب الكتاب وفصوله ومباحثه‪.‬‬
‫يكمل‪ ،‬والعمل ٍ‬
‫جار اآلن من‬ ‫القسم الثاين‪ :‬مؤلفاته غري املطبوعة‪ ،‬ما ُ‬
‫كمل منها وما مل ُ‬
‫ولده الدكتور حذيفة مع بعض تالمذة الشيخ إلكامل هذه الكتب ومراجعتها‪ ،‬ودفعها للطباعة‪.‬‬
‫ومنهجا للكتابة فيها‪ ،‬ثم مل يتيرس له إهناؤها‬
‫ً‬ ‫القسم الثالث‪ :‬املؤلفات التي وضع هلا خطة‬
‫َ‬
‫ملشاغل رصفته عنها‪.‬‬
‫القسم الرابع‪ :‬عناوين كتب أراد الكتابة فيها‪ ،‬ومل يرشع يف ذلك‪ ،‬النشغاله بغريها من‬
‫شمر عن ساعديه‪ ،‬ويلبي رغبة الشيخ‬
‫الكتب‪ .‬وقد بلغت هذه العناين العرشات‪ .‬فعسى من ُي ِّ‬
‫هنجه الشيخ يف مؤلفاته‪.‬‬
‫يف الكتابة فيها‪ ،‬عىل املنوال والنهج الذي َ‬
‫ولست حمللً‬
‫ُ‬ ‫مؤرخ وسارد لسرية الشيخ اخلالدة‪ ،‬بإذن اهلل‪،‬‬ ‫وأنا يف كتايب هذا إنام أنا ِّ‬
‫ألحداث سريته ويومياهتا‪ ،‬أو دارس ًا لنِتاجه العلمي ومؤلفاته‪ ،‬أو ناقد ًا آلرائه وأفكاره‪،‬‬
‫وواض ًعا هلا يف امليزان‪ ،‬وبيان ما هلا وما عليها‪ .‬كام قال هو نفسه ’ يف مقدمة كتابه >سيد‬
‫قطب من امليالد إىل االستشهاد< فهذا جمال آخر ّ‬
‫يتوله الدارسون حلياته االجتامعية والعلمية‬
‫والعملية والدعوية‪ .‬ولع َّلهم جيدون يف هذا الكتاب ما يشفي الغليل‪ ،‬ويس ِّلط الضوء عىل‬
‫خمتلف اجلوانب من حياة الشيخ‪.‬‬
‫ويف اخلتْم أقول‪ :‬هذا جهد ِّ‬
‫املقل‪ ،‬العاجز الفقري‪ ،‬أتى ببضاعة ُمزجاة من بحر علم الشيخ‬
‫خالصا لوجهه الكريم‪،‬‬
‫ً‬ ‫الصالح‪ ،‬اخلالد بذكره وبعلمه… صالح اخلالدي‪ .‬أسأل اهلل أن يتقبله‬
‫‪9‬‬

‫وأن يكون فيه وفا ٌء‪ ،‬أو بعض وفاء‪ ،‬حلق الشيخ علينا‪.‬‬
‫وما كتبته ما هو إال نبذة سطرهتا وفا ًء حلق الشيخ علينا وعىل طلبة العلم مجيع ًا‪ ،‬وأرجو‬
‫اهلل أن أكون قد وفقت يف ذلك‪.‬‬
‫وأختم بام قاله صاحب الرتمجة يف مقدمة كتابه >البيان يف إعجاز القرآن<‪ ،‬حيث قال‪:‬‬
‫>فهذه الدراسة أضعها بني أيدي القراء الكرام‪ .‬فمن وجد منهم فيها فائدة أو ترتي ًبا أو إضاف ًة‪،‬‬
‫ً‬
‫مأخذا أو تقص ًريا‪،‬‬ ‫عيل بدعوة صاحلة‪ .‬ومن وجد فيها‬
‫يتفضل َّ‬
‫وسيجد إن شاء اهلل‪ ،‬فأرجو أن َّ‬
‫وسيجد‪ ،‬ومن خالفني يف رأي أو نظرة أو حتليل‪ ،‬وسيكون ذلك‪ ،‬فأرجو أن يقدِّ م العذر وحسن‬
‫عيل فيخربين بذلك عىل عنواين املثبت يف الكتاب؛‬
‫يتكرم َّ‬
‫الظن والتأويل عىل غريه‪ ،‬وأرجو أن َّ‬
‫إما هاتف ًيا أو خ ِّط ًّيا<‪.‬‬

‫واهلل من وراء القصد وهو هيدي السبيل‬

‫أبو مالك‬
‫إبراهيم باجس عبد املجيد‬
‫عامن ‪ -‬األردن‬
‫ليلة احلادي والعرشين من رمضان عام ‪1443‬هـ‬
‫املوافق للثاين والعرشين من شهر أيار ‪2022‬م‬
‫هاتف‪00962788632925 :‬‬
‫بريد إلكرتوين‪ibrahimbajis@yahoo.com :‬‬
‫إبراهيم باجس‬
‫الفصل األول‬
‫حياتـــــــه‬
‫‪13‬‬

‫اسمه ونشأته‬

‫اسمه‪ :‬هو صالح بن عبد الفتاح بـن حممد بن يوسف اخلالدي‪.‬‬


‫قديم هو‪َ > :‬دحبور<‪ُ ،‬أطلق يف األصل عىل جدِّ ه >حممد<؛ ألنَّه كان قص ًريا‬
‫لقب ٌ‬‫ولعائلته ٌ‬
‫وظل كذلك إىل أن قام الشيخ‬ ‫اللقب يف األوراق الرسمية الثبوتية للعائلة‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫وسمينًا‪ ،‬و ُأثبت هذا‬
‫صالح ’ بتغيريه عام (‪1991‬م)‪ ،‬وانتسب إىل عشريته الكبرية >اخلالدي<‪.‬‬
‫مولده‪ُ :‬ولِدَ الشيخ ’ يف مدينة >جنني< شامل فلسطني املحتلة‪ ،‬يف األول من شهر‬
‫كانون األول سنة (‪1947‬م)‪ ،‬املوافق للتاسع عرش من شهر حمرم سنة (‪1367‬هـ)‪.‬‬
‫ب‪ ،‬من بني خمزوم‪ ،‬ينتهي نسبهم إىل الصحايب اجلليل خالد بن‬ ‫ن ََس ُبه‪ :‬هو َخالِ ِد ُّي الن ََّس ِ‬
‫سيف اهلل املسلول ÷(‪ .)1‬و>اخلالدي< عشري ٌة كبري ٌة تنترش يف اجلزيرة العربية وبالد‬ ‫ِ‬ ‫الوليد‬
‫الشام والعراق ومرص‪ ،‬ويرتك َُّز أبناؤها يف فلسطني يف مدينتي جنني والقدس‪.‬‬
‫ٍ‬
‫تابعة لقضاء ِ‬ ‫ُسمى‪َ > :‬ق َباطِ َية<‬
‫>جنني<‪،‬‬ ‫موطنه األصلي‪ :‬يرجع موطنه األصيل إىل قرية ت َّ‬
‫تقع عىل مسافة >‪ <10‬كم إىل اجلنوب الغريب من املدينة‪ ،‬وتُشتهر هذه القري ُة بجودة حجارهتا‬
‫املستعملة يف البناء‪.‬‬
‫تم أدركه صغ ًريا‬ ‫طفولته‪ :‬عاش الشيخ ’ سنواته األوىل يف كنَف أبيه وأمه‪َّ ،‬إل َّ‬
‫أن ال ُي َ‬
‫ست سنوات من العمر‪ ،‬فتو َّلت أ ُّمه تربي َته بمساعدة خاله >سالمة‬
‫ولم يتجاوز َّ‬
‫بوفاة والده َّ‬
‫النرص<‪.‬‬
‫َشاط َحركتِه و َدما َث ِة أخالقه‪،‬‬
‫بجامل منطِقه وهباء َطلعتِه ون ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫الشيخ منذ صغره‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫و ُع ِر َ‬
‫مصدر ُأ ٍ‬
‫نس و َم َر ٍح للجميع‪ ،‬ينرش املحبة واحلياة بني الناس من حوله‪.‬‬ ‫َ‬ ‫فكان‬

‫((( اختلف علامء النسب يف ِص َّح ِة نِسبة عشرية اخلالدي إىل خالد بن الوليد ÷‪ ،‬فذهب بعضهم؛ كمصعب‬
‫ِ‬
‫خالد بن الوليد قد انقطع بموت مجيع أبنائه يف طاعون‬ ‫ب‬ ‫ِ‬
‫الزبريي وابن حزم وابن األثري وغريهم‪ ،‬أن َعق َ‬
‫ِ‬
‫وغريهم‪ ،‬إىل إثبات بقاء نسب‬ ‫عمواس‪ ،‬وذهب آخرون؛ كاحلافظ ابن كثري وابن حجر العسقالين والسيوطي‬
‫خالد بن الوليد ÷ إىل زماهنم‪ ،‬وبالتايل إىل زماننا هذا‪.‬‬
‫ِ‬
‫وقد كان الشيخ العلَّمة عبد الفتاح أبو غدَّ ة رمحه اهلل ‪ -‬وهو مَّن ينتسب إىل ِّ‬
‫ذر َّية خالد بن الوليد‪ -‬يؤكِّد بقاء‬
‫بم َش َّجر الن ََّس ِ‬
‫ب املنتهي إليه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َعقب خالد بن الوليد إىل اليوم‪ ،‬وحيتفظ ُ‬
‫‪14‬‬

‫ولم أخذ عو ُده يشتدُّ بعد ِس ِّن السابعة‪ ،‬بدأ بمعاونة أهله يف مهنة الفالحة وإحياء األرض‬
‫َّ‬
‫بزراعة األشجار واخلرضاوات‪.‬‬
‫وكان إىل جانب ذلك طال ًبا ُ ِ‬
‫مدًّ ا يف املدارس النظامية‪ ،‬درس يف مدرسة >حطني< املمتلئة‬
‫ِ‬
‫ب ُف ُحول الطالب من خمتلف مناطق مدينة جنني‪ ،‬وملع ُ‬
‫نجمه يف املدرسة الجتهاده وعنايته‬
‫بالدراسة والتع ُّلم‪ ،‬وحرصه عىل التفوق والنجاح‪.‬‬
‫وما إن بلغ الثامن َة من عمره حتى أقبل ً‬
‫إقبال ملحو ًظا عىل الدِّ ين عباد ًة وتع ُّل ًم‪ ،‬فبدأ‬
‫بحفظ القرآن الكريم وتع ُّل ِم جتويده‪ ،‬وواظب عىل ِ‬
‫إقامة الصالة يف بيته إما ًما بأهله‪ ،‬مع املحافظة‬
‫والذكر والعمل الصالح‪ ،‬متأ ِّث ًرا يف ذلك ببعض الرموز الدينية والعلمية يف مدينة‬ ‫عىل الصيام ِّ‬
‫زهري ِ‬
‫ان هلام‬ ‫جنني؛ كالشيخ أديب اخلالدي‪ ،‬والشيخ نارص اخلالدي رمحهام اهلل‪ .‬ومها شيخان َأ ِ َّ‬
‫جهو ٌد كبري ٌة يف الدعوة والتعليم‪ ،‬باإلضافة إىل تأثره بالشيخ >عيل ا َمل ْل َمل أبو ُّ‬
‫الر ّب< الذي كان‬
‫جارا هلم‪.‬‬
‫ً‬
‫كام ُيعدُّ الشيخان اجلليالن أديب اخلالدي ونارص اخلالدي‪ ،‬رمحهام اهلل‪ ،‬من القدوات‬
‫ِ‬
‫وتشجيعه‬ ‫يني يف طفولته‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫بشكل كبري يف توجيهه الدِّ ِّ‬ ‫البارزة يف حياة الشيخ ’‪ ،‬فقد أسهام‬
‫الرشعي‪ .‬وكث ًريا ما كانا يقوالن له‪> :‬اجتهد يا صالح يف الدراسة حتى‬ ‫ِّ‬ ‫عىل االجتهاد يف العلم‬
‫ِ‬
‫لمه بأن‬ ‫تصبح شيخً ا كب ًريا ونُرس َل َك إىل مرص للدراسة يف األزهر<‪ ،‬واستطاعا أن َي ُ‬
‫رسام ُح َ‬ ‫َ‬
‫يصبح شيخً ا أزهر ًّيا وداعي ًة إسالم ًّيا‪.‬‬
‫أن من أكثر األمور تأثريا فيه ت ِ‬
‫َسم َي َته بـ‪> :‬الشيخ صالح<‬ ‫ويذكر الشيخ ’ عن نفسه َّ‬
‫ً‬
‫وهو ما يزال دون العارشة من عمره‪ ،‬وأنه كان يفرح كث ًريا هبذه التسمية حني يسمعها من فم‬
‫الشيخ أديب اخلالدي‪ ،‬أو الشيخ نارص اخلالدي‪.‬‬
‫الكتب األدبية‬
‫َ‬ ‫كام مت َّيز ’ منذ صغره بحبه لألدب العريب قراء ًة وكتاب ًة‪ ،‬وكان يستع ُري‬
‫املواضيع اإلنشائي َة الفريد َة يف املدرسة‪ ،‬حتى َّ‬
‫إن أستاذ‬ ‫َ‬ ‫ويكتب‬
‫ُ‬ ‫من مكتبة املدرسة بشكل دائم‪،‬‬
‫اللغة العربية مل يكن يصدق أنه يكتب بمفرده دون مساعدة‪ ،‬ويقول له‪> :‬هذا الكالم أك ُرب منك<‪،‬‬
‫ولذلك كانت درجاتُه يف مادة >التعبري واإلنشاء< َأ َق َّل الدرجات‪ ،‬عىل غري ما كان يستحق!‪.‬‬
‫بمن هم يف مثل‬ ‫ِ‬
‫الفكر ُّي مقارن ًة َ‬ ‫ُضجه‬
‫ومما مت َّيز به ’ يف طفولته َو ْع ُي ُه الكب ُري ون ُ‬
‫عالقات َوطِيدةً‪ ،‬وحيب‬
‫ٍ‬ ‫والشيوخ‪ ،‬ويقيم معهم‬
‫َ‬ ‫عمره‪ ،‬ولذلك كان ُيالِس املثقفني واألساتذ َة‬
‫‪15‬‬

‫اخلاصة‪ :‬أنه كان‬


‫َّ‬ ‫ب َمن هم أك ُرب منه ِسنًّا‪ .‬ومن طريف ما ُّ‬
‫يدل عىل اهتامماته الفكرية‬ ‫أن َي ْص َح َ‬
‫>عيد َّيتِه< صحيف ًة‪ ،‬وكان يستمتع بقراءهتا أشدَّ االستمتاع‪ ،‬ومكانُه‬
‫يف أيام العيد يشرتي بنقود ِ‬

‫املفض ُل الذي حيب أن يقرأها فيه هو أعىل شجرة التني!‪.‬‬‫َّ‬


‫اإلعدادي من مدرسة‬
‫َّ‬ ‫الثاين‬
‫َ‬ ‫الصف‬
‫َّ‬ ‫واستمرت طفولته ’ يف مدينة جنني حتى أهنى‬
‫َّ‬
‫َتك<‪ ،‬وانتقل بعدها إىل >املعهد‬ ‫سمى‪> :‬امل ْ ِ‬
‫>حطني< يف عام >‪1963‬م<‪ ،‬وحصل عىل ما ُي َّ‬
‫الديني اإلسالمي< يف مدينة نابلس‪ ،‬وكفله املعهد للدراسة والسكن يف نابلس ُمدَّ َة ِدراسته التي‬
‫وظل خالل تلك املدة مرت ِّد ًدا عىل مدينة جنني‪ ،‬يزورها يف عطلة هناية ِّ‬
‫كل‬ ‫استغرقت سنتني‪َّ ،‬‬
‫أسبوع‪.‬‬
‫الصف‬
‫َّ‬ ‫خترج من املعهد الديني اإلسالمي بعد أن أهنى‬
‫ويف صيف عام >‪1965‬م< َّ‬
‫الثانوي‪ ،‬وكان ترتيبه الثاين عىل املعهد‪ ،‬ويف ذاك احلني كان املعهد الديني يبتعث الطلب َة‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫األول‬
‫َ‬
‫األوائل إىل القاهرة إلكامل الدراسة الثانوية يف املعاهد التابعة لألزهر‪ ،‬فحصل ’‬ ‫الثالث َة‬
‫جوا من مطار >قلنديا<يف القدس؛ ل ُيح ِّقق َ‬
‫حلمه‬ ‫عىل البعثة‪ ،‬وسافر إىل القاهرة يف ذلك العام ًّ‬
‫بأن يصري شيخً ا أزهر ًّيا وداعي ًة إسالم ًيا‪.‬‬
‫سارا للجميع‪ ،‬فقد امتعض بعض أساتذته‬
‫ومل يكن خ ُرب حصوله عىل بعثة األزهر خ ًربا ًّ‬
‫يف املعهد الديني من ذلك‪ ،‬وقالوا له‪> :‬ستعود يا صالح من مرص للقراءة عىل األموات<‪ ،‬وهذه‬
‫العبارة املؤملة حتمل الكثري من املعاين‪ ،‬وتُعطينا صور ًة أخرى قامت ًة وسلبية عن خرجيي األزهر‬
‫ِ‬
‫الساخطة التي ُين َظر هبا إليهم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بالنظرة‬ ‫يف ذلك الوقت‪ ،‬وت َِش‬
‫‪16‬‬

‫أسرته‬
‫ٍ‬
‫حسنة يف مدينة جنني‪ ،‬تتأ َّلف من َأبيه‬ ‫ذات س ٍ‬
‫معة‬ ‫صغرية ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫أرسة‬ ‫عاش الشيخ ’ يف‬
‫ُ‬
‫>عبد الفتاح< و ُأ ِّمه >محْدة<‪ ،‬وأخيه الشقيق الكبري >صالح<‪ ،‬وأخته الشقيقة الصغرية >آمنة<‪.‬‬
‫ني مجي ًعا يف حياته‪ ،‬رمحة اهلل عىل‬ ‫وجِي َل ُة‪ ،‬ت ُُو ِّف َ‬ ‫وخ ِ‬
‫ري َّي ُة َ‬ ‫وات من أبيه‪َ :‬أنِيس ُة و َع ِري َف ُة ِ‬
‫وأربع َأخ ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اجلميع‪.‬‬
‫وكانت ُأرستُه فقري ًة َ ْ‬
‫ت َيى حيا ًة ريف َّي ًة َبسي َط ًة‪ ،‬وتعتاش من تربية الطيور واألغنام وزراعة‬
‫احلقول بالقمح واخلرضاوات واحلبوب واألشجار املثمرة؛ من الزيتون والتني واللوزيات‬
‫وغريها‪ ،‬وتسكن بي ًتا طينيا يف منطقة جبلية م ٍ‬
‫رشفة عىل مدينة جنني‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ًّ‬
‫الطيني الذي عاشوا فيه مكونًا من غرفتني فقط‪ ،‬ويف خارج البيت مغار ٌة‬ ‫ُّ‬ ‫وكان البيت‬
‫فرن طينِ ٌّي‬ ‫تُستعمل لتخزين احلبوب ومبيت األغنام يف الشتاء‪ ،‬ويف ِفن ِ‬
‫َاء البيت > َطا ُبون<؛ وهو ٌ‬
‫ُيستخدم للخَ ِبز ِّ‬
‫والشواء‪.‬‬
‫اإلرشاف عىل شؤوهنم والعناي َة هبم‪.‬‬
‫َ‬ ‫تول خا ُله >سالمة النرص<‬
‫وبعد وفاة والده ’ َّ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ومخس‬ ‫أوالد‬ ‫ومخسة‬ ‫واحدة‬ ‫زوجة‬ ‫أما ُأرسته التي َّ‬
‫كوهنا يف األردن؛ فهي مؤ َّلف ٌة من‬
‫ٍ‬
‫بنات‪.‬‬
‫وسأذكر أفرا َد ُأرسته األوىل والثانية بحسب ما تو َّفر لدي عنهم من معلومات‪:‬‬
‫والده‪ :‬هو عبد الفتاح بن حممد بن يوسف اخلالدي‪ ،‬تويف يف شهر متوز من عام‬
‫الست سنوات‪ ،‬فال يكاد يتذكر منه سوى ابتسامتِه‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫(‪1953‬م)‪ ،‬وعمر الشيخ ’ ُقرابة‬
‫وكان والده قد انتقل من قرية >قباطية< للعيش يف مدينة جنني مع أصهاره من زوجته‬
‫وجِي َلة)‪ ،‬و َّظل معها إىل أن‬ ‫األوىل >لطيفة<‪ ،‬التي ولدت له أربع بنات ( َأنِيسة و َع ِري َفة ِ‬
‫وخ ِ‬
‫ري َّية َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫>حدة النرص<‪ ،‬وهي ُأ ُّم َأوالده‪ :‬صالح وصالح‬ ‫تُو ِّفيت رمحها اهلل‪ ،‬ثم تزوج بزوجته الثانية َ‬
‫وآمنة‪.‬‬
‫خاص من احلجارة‬
‫ٍّ‬ ‫األسايس‪ ،‬فكان يف صناعة ِ‬
‫اجلري‪ ،‬حيث يقوم بجمع نَو ٍع‬ ‫ُّ‬ ‫أ َّما عمله‬
‫يأيت هبا من اجلبال‪ ،‬ثم حيرقها بالنار ويطحنها ليصنع منها ماد ًة بيضا َء تستخدم يف طالء البيوت‪.‬‬
‫ٍ‬
‫وعرة يف بعض اجلبال املط َّلة‬ ‫ٍ‬
‫أرض‬ ‫ٍ‬
‫قطعة كبرية من‬ ‫ويف آخر حياته َع ِم َل عىل استصالح‬
‫‪17‬‬

‫بعقد يسمى >عقد امل ُ َغ َار َس ِة<‪ ،‬وذلك أن يقوم‬


‫عىل مدينة جنني‪ ،‬وتعاقد مع أصحاب األرض ٍ‬

‫ِبزراعة األرض بمختلف أنواع األشجار واخلرضاوات واحلبوب؛ كاللوز والتني والرمان‬
‫قابل ِح َّص ٍة من الناتج السنوي‬ ‫والزيتون والقمح والسمسم والبطيخ والبامية وغريها‪ُ ،‬م َ‬
‫يتقاسمها مع أصحاب األرض‪ ،‬وبعد عرشين سن ًة من الزراعة تكون له ِح َّص ٌة من األرض‬
‫يتم َّلكها‪.‬‬
‫والدته‪ :‬هي >محْدة نرص<‪ ،‬امرأ ٌة صاحل ٌة عابدةٌ‪ ،‬وكانت ُأ ِّم َّي ًة ال تقرأ وال تكتب‪ ،‬ت ََو َّلت‬
‫ِ‬
‫بمساعدة أخيها >سالمة نرص<‪.‬‬ ‫تربية أبنائها بعد وفاة أبيهم‬
‫َجدُّ ه وأعمامه‪ :‬جدُّ ه حممد بن يوسف اخلالدي‪ ،‬كان من أعيان جنني‪ً ،‬‬
‫باذل للخري‪،‬‬
‫ٍ‬
‫أوالد؛ وهم‪ :‬عبد اهلل‪ ،‬وعبد الفتاح‪ ،‬وعبد الرمحن‪،‬‬ ‫ساع ًيا يف إصالح ذات البني‪ ،‬وكان له سبع ُة‬
‫وعبد الرحيم‪ ،‬ويوسف‪ ،‬وصالح‪ ،‬وأمحد‪.‬‬
‫ُ‬
‫األتراك العثامنيون ست ًة منهم للخدمة العسكرية يف تركيا‪ ،‬وتركوا يوسف ألنه‬ ‫وقد أخذ‬
‫ٍ‬
‫واحد منهام بسبعة‬ ‫ني كبريين يف مدينة جنني‪ ،‬فباع َّ‬
‫كل‬ ‫كان أعرج‪ .‬وكان اجلدُّ حممد ِ‬
‫يملك َج َب َل ِ‬ ‫َ‬
‫دنانري ونصف‪ ،‬وافتدى اثنني من أوالده ‪-‬عبد الفتاح وعبد الرحيم‪ -‬من اخلدمة العسكرية‬
‫أي ٍ‬
‫خرب‪.‬‬ ‫دينارا‪ ،‬وال ُيع َلم عن أوالده الذين ذهبوا للخدمة العسكرية ُّ‬
‫بخمسة عرش ً‬
‫ت‪ .‬وأبناء ُع ُمو َمته‪ ،‬من ذرية عبد‬
‫عم ٌ‬
‫بنات؛ لذلك فالشيخ ’ ليس له َّ‬ ‫ومل يكن جلدِّ ه ٌ‬
‫الرحيم واألعرج‪ُ ،‬من َت ِشون اليوم يف قرية > َق َباطِ َية<‪.‬‬
‫خال واحدٌ >سالمة< وخال ٌة واحد ٌة >مريم<‪ ،‬وهم من آل >نرص<‪ ،‬يسكنون‬ ‫أخواله‪ :‬له ٌ‬
‫يف قرية >قباطبة<‪ .‬وخاله هو الذي ت ََو َّل مجيع شؤون أرسة الشيخ ’ بعد وفاة والدهم‪ ،‬وله‬
‫ٌ‬
‫فضل كب ٌري يف حفظ حقوقهم يف املرياث‪ ،‬ومنع تعدِّ ي بعض األهايل عليهم‪.‬‬
‫خاالته‪ :‬كام أن له خال ًة واحدة هي >مريم أم حممود<‪ ،‬انتقلت إىل رمحة اهلل تعاىل‪.‬‬
‫إخوته َ ِ‬
‫وأش َّقاؤه‪ :‬للشيخ ’ أربع أخوات غ ُري شقيقات من أبيه‪ُ ،‬‬
‫وه َّن‪ :‬أنيسة‪،‬‬
‫أصغر منه؛ ومها‪:‬‬
‫ُ‬ ‫وأخت شقيق ٌة‬
‫ٌ‬ ‫شقيق أك ُرب منه‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫وأخ‬
‫وعريفة‪ ،‬وخريية‪ ،‬ومجيلة‪ٌ .‬‬
‫صالح‪ :‬أكرب منه بسنتني‪ ،‬درس األدب اإلنجليزي يف جامعة القاهرة‪ُ ،‬ع ِرف بنضاله‬
‫ِ‬
‫واألشعار‬
‫َ‬ ‫ب احلامسية‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬ومحله لألفكار الثورية القومية‪ ،‬وكث ًريا ما كان ُيلقي اخلُ َط َ‬
‫وتزوج‬
‫َّ‬ ‫الثوري َة عىل أقرانه من الشباب‪ ،‬وكان قياد ًّيا يف بعض املنظامت الفلسطينية يف لبنان‪،‬‬
‫‪18‬‬

‫وظل يف لبنان إىل أن ت ُُو ِّ َ‬


‫ف بتاريخ (‪2018/12/25‬م)‪.‬‬ ‫هناك ومل ُيو َلد له‪َّ ،‬‬
‫خز ِ‬
‫يم َّية<‪ ،‬وولدت له‬ ‫آمنة‪ :‬أصغر منه بسنتني‪ ،‬تزوجت من السيد >فيصل عبد الرمحن ِ‬
‫أوالد وسبع ٍ‬
‫بنات‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫مخس َة‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫معني‬ ‫زوجته‪ :‬هي السيدة الفاضلة إنعام عبد الرؤوف نرص ِ‬
‫>و ْلد عيل<‪ .‬كانت خ َري‬
‫التفرغ للعلم والدعوة‪،‬‬‫للشيخ ’ عىل العلم والدعوة‪ ،‬فتو َّلت العناية بأبنائها‪ ،‬وه َّيأت له ُّ‬
‫ٍ‬
‫رسهتا‪.‬‬‫دائم بخري هي و ُأ َ‬
‫ومحلت عنه عب ًئا ثقيلً يف ذلك‪ ،‬وكان ُيثني عليها كث ًريا‪ ،‬ويذكرها ً‬
‫تزوج منها سنة (‪1973‬م) يف مدينة >ال َّط ِفي َلة< يف األردن‪ ،‬حيث كان يعمل واع ًظا فيها‪،‬‬
‫مديرا ألوقاف الطفيلة بعد زواجه مبارشة‪،‬‬
‫وكان عمره آنذاك ‪ 26‬سنة‪ ،‬ومل يلبث أن أصبح ً‬
‫ور ِزق منها هناك بولده البِكر >أسامة<‪.‬‬
‫ُ‬
‫ط<‪ ،‬وسكنوا يف مناطق جبلية و ِعر ٍة‪ ،‬يف منطقة ِ‬
‫>الع َيز ِر َّية<‬ ‫انتقلوا بعدها إىل مدينة >الس ْل ِ‬
‫َ َ‬ ‫َّ‬
‫ثم يف >اجلَ ْد َعة<‪.‬‬
‫ثم انتقل إىل الرياض إلكامل دراسته ال ُعليا‪ ،‬ومل يصحب معه أهله‪ ،‬وأثناء دراسته‬
‫كان يرتدد عىل األردن يف اإلجازات‪ .‬وتذكُر زوجته أ ُّم أسامة أنه عندما ذهب ملناقشة رسالة‬
‫الامجستري تأخر كث ًريا عن املوعد الذي أخربهم أنه سريجع فيه‪ ،‬ومل يكن لدهيم يف ذلك الوقت‬
‫أرضا كبري ًة مزروع ًة بشجر الزيتون‪ ،‬وكان لون األرض والشجر‬ ‫ُ‬
‫وسائل اتصال‪ ،‬فرأت يف املنام ً‬
‫أبيض من ًريا‪ ،‬فاستبرشت واطمأنَّت‪ ،‬وما لبث أن رجع من الرياض حيمل شهادة‬
‫والسامء َ‬
‫الامجستري بامتياز‪.‬‬
‫وأنجب منها مخسة أوالد ومخس بنات‪ .‬ويف الشيخ ويف أبنائه ِ‬
‫أجدُ ين أردد ما قاله حممد‬
‫بن كعب ال ُقرظي‪> :‬ليس يشء َّ‬
‫أقر لعني املؤمن من أن يرى زوجته وأوالده مطيعني هلل عز‬
‫وجل<‪.‬‬
‫أقر اهلل عينه‬
‫وإنني أرى هذا القول يليق بالشيخ صالح اخلالدي ’ تعاىل؛ فقد َّ‬
‫بزوجة صاحلة وأبناء ُصلحا َء نُجبا َء‪ ،‬كانوا َبر َرة به يف حياته وهم كذلك بعد موته إن شاء اهلل‪.‬‬
‫‪19‬‬

‫الأبناء‬

‫أسامة‪ :‬ابنه البِكر‪ُ .‬ولد له وهو يف مدينة الطفيلة يف ‪1974/1/5‬م‪ ،‬ونال شهادة‬
‫الامجستري بتخصص >الصحافة واإلعالم< من جامعة السند يف الباكستان سنة (‪2000‬م)‪.‬‬
‫الشيخ ’ بوفاته شا ًّبا يف ‪2009/5/13‬م بعد رصا ٍع مل َي ُط ْل مع مرض‬
‫ُ‬ ‫ُفجع‬
‫الرسطان‪ ،‬وترك خلفه ولدً ا >رضار<‪ ،‬وبن ًتا >أريج<‪َ ،‬ك َف َل ُهم َجدُّ ُهم ’‪.‬‬
‫لوفاة >أسام َة< َأ َث ٌر كب ُري يف نفس الشيخ ’‪ ،‬ولعله من أصعب املواقف التي‬ ‫ِ‬ ‫وكان‬
‫رح يف القلب ال يندمل<‪،‬‬
‫>ج ٌ‬
‫وح َّق له ذلك؛ فإن موت الولد كام قيل‪ُ :‬‬ ‫تعرض هلا يف حياته‪ُ ،‬‬
‫َّ‬
‫اخللق‬ ‫أمر َف َط َر ُ‬
‫اهلل عليه َ‬ ‫ومع ذلك مل جيزع ومل يتسخَّ ط‪ ،‬بل أصابه احلزن واألمل عىل فقده‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫رسول اهلل × لفقد زوجه خدجي َة أ ِّم املؤمنني ‘‪ ،‬وحزن ملوت ولده‬ ‫ُ‬ ‫أمجعني؛ وقد حزن‬
‫العني تدمع‪ ،‬والقلب حيزن‪ ،‬وال نقول إال ما ي ِ‬
‫رض ر َّبنا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫يقول‪>:‬إن‬ ‫إبراهيم‪ ،‬ودمعت عيناه وهو‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وإنا بفراقك يا إبراهيم ملحزونون< (‪.)1‬‬
‫وأذكر أنني اتصلت به معز ًيا من اململكة العربية السعودية‪ ،‬حيث كنت أعمل‪ ،‬فكان‬
‫يف غاية التأثر لفقد ولده‪ ،‬كام كان يف غاية الصرب والثبات واالحتساب‪ ،‬وهو موقن أن املوعد‬
‫اجلنة إن شاء اهلل‪.‬‬
‫صابرا حمتس ًبا يف رثاء ولده أسامة‪:‬‬
‫ً‬ ‫يقول الشيخ‪،‬‬
‫>قال اهلل عز وجل‪ :‬ﱹﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩﭪ‬
‫ﭫ ﭬ ﭭﭮﭯ ﭰﭱﭲﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹﭺﭻﭼ‬
‫ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﱸ [البقرة‪.]157 - 155 :‬‬
‫اآليات‬
‫ُ‬ ‫موج ٌه من اهلل عز وجل إىل املؤمنني‪ ،‬وتُقدِّ م هذه‬
‫اخلطاب يف هذه اآليات احلكيمة َّ‬
‫حقائق قرآنية م َّطردة بشأن االبتالء واملصيبة‪ِّ ،‬‬
‫وتبش الصابرين عىل تلك املصيبة‪ ،‬وتدعوهم‬ ‫َ‬
‫إىل إعالن الرضا بأمر اهلل‪ ،‬والتسليم ملشيئته‪ ،‬واإليامن بقدَ ره‪ ،‬واحتساب ِّ‬
‫كل ما يصيبهم من‬
‫املصائب عنده‪ ،‬ليكونوا راضني مرض ِّيني‪.‬‬

‫((( رواه البخاري يف صحيحه برقم (‪ )1303‬من حديث أنس بن مالك ÷‪.‬‬
‫‪20‬‬

‫معرض فيها ملجموعات‬ ‫ُ‬


‫واإلنسان َّ‬ ‫ومعلوم أن احلياة الدنيا تقوم عىل االبتالء واالمتحان‪،‬‬
‫اآليات احلكيمة هذه‬
‫ُ‬ ‫وتقرر هذه‬ ‫من املصائب واملحن واألكدار واآلفات‪ ،‬تصيبه يف ِّ‬
‫كل يوم‪ِّ ...‬‬
‫والسنَّ َة الر َّبان َّية ‪ ..‬وصدَ ق القائل يف تعريفنا بطبيعة هذه الدنيا‪:‬‬
‫احلقيق َة ُّ‬
‫صفـ ًـوا مــن اآلفــات واألكـ ِ‬
‫ـدار‬ ‫ُجبلــت عــى كــدَ ٍر وأنــت تريدهــا‬

‫ـب يف الــاء َجــذوة نـ ِ‬ ‫ـف األيــا ِم غ ـر طِ ِ‬


‫ـار‬ ‫ُم َت َط ِّلـ ٌ‬ ‫باعهــا‬ ‫َ‬ ‫ومك ِّلـ ُ‬

‫واملؤمن الواعي البص ُري ُيسن ف ْهم هذه الطبيعة للدنيا‪ ،‬وحيسن التعامل معها‪ ،‬وحيسن‬
‫ويسن استقبال مصائب احلياة ومش َّقاهتا وشدائدها وأكدارها‪ ،‬و(يو ِّطن)‬
‫ترتيب حياته وفقها‪ُ ،‬‬
‫نفسه عىل مناجاهتا‪.‬‬
‫إن هذا املؤمن الواعي البصري‪ ،‬امل َّتصل باهلل‪ ،‬واملتفاعل مع القرآن‪ ،‬ينظر لكل ما يصيبه‬
‫من مصائب وأكدار الدنيا عىل أهنا و ْفق حكمة اهلل وإرادته‪ ،‬ونتيجة لقدَ ره وقضائه ‪ ..‬وهو‬
‫ورشه من أركان اإليامن‪ ،‬وبذلك ُيسن فهم واستيعاب ما‬ ‫ِ‬
‫يوقن أن اإليامن بقدر اهلل خريه ِّ‬
‫ف معه‪ ،‬ويصرب عىل صعوبة ومشقة االبتالء‪ ،‬وحيتسب أمله وحزنه وخسارته‬ ‫يصيبه‪ ،‬والتك ُّي َ‬
‫الامدية عند اهلل‪ ،‬ويبتغي بذلك األجر اجلزيل اجلميل من اهلل‪.‬‬
‫وج َهنا رسول اهلل × إىل التعامل مع األحداث واملفاجآت عىل أساس التوازن‬
‫وقد َّ‬
‫األجر عىل املقامني؛ قال ×‪> :‬عج ًبا ألمر املؤمن‪:‬‬
‫َ‬ ‫الدقيق بني مقام الصرب ومقام الشكر‪ ،‬لينال‬
‫إن أمره ك َّله له خري‪ ،‬وليس ذلك ألحد إال للمؤمن؛ إن أصابته َّ‬
‫رسا ُء شكر فكان خ ًريا له‪ ،‬وإن‬
‫رضا ُء صرب فكان خ ًريا له< (‪.)1‬‬
‫أصابته َّ‬
‫أهيا األعزاء من األبناء والبنات واإلخوان واألخوات‪ :‬عندما ُيصاب أحدُ كم بمصيبة‬
‫أدعوه إىل تذكُّر وفهم واستحضار هذا احلديث الرشيف‪ ،‬وإىل تذكُّر وفهم واستحضار اآليات‬
‫السابقة من سورة البقرة‪ ،‬وأدعوه إىل تذكُّر ومعايشة احلقائق اإليامنية التالية‪:‬‬
‫ ●اليقني اجلازم بأنه قدَ ٌر من اهلل‪ ،‬ال يمكن دف ُعه أو ر ُّده‪.‬‬
‫ ●اليقني اجلازم بأن اهلل حكيم فيام أصابه وابتاله به‪.‬‬

‫((( رواه مسلم (‪ )2017‬من حديث صهيب بن سنان ÷‬


‫‪21‬‬

‫ ●األخذ باألسباب الامدية ملواجهة تلك املصيبة القدَ رية‪ ،‬التي جعلها اهلل أسبا ًبا‪ ،‬ودعانا‬
‫إىل األخذ هبا‪.‬‬
‫ ●الرضا بقدر اهلل‪ ،‬والتسليم ألمره‪.‬‬
‫ ●اليقني بأن اهلل أراد له اخلري‪ ،‬ورؤية املنحة من خالل تلك املحنة‪.‬‬
‫ ●الصرب عىل آالم وأحزان تلك املحنة‪.‬‬
‫ ●احتساب ذلك عند اهلل‪ ،‬وطلب األجر والثواب منه‪.‬‬
‫ِ‬
‫احلكيم ابتاله بتلك املصيبة ليك ِّفر له سيئاته‪ِّ ،‬‬
‫ويطهره من ذنوبه‪ ،‬ويرفع‬ ‫َ‬ ‫ ●اليقني بأن اهلل‬
‫منزلته عنده‪.‬‬
‫ ●وأخ ًريا ينطلق قلبه ولسانه قائلً‪ :‬ﱹ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﱸ‪ ،‬برشط أن يدرك معنى‬
‫هذه اجلملة القرآنية التي جعلها اهلل ب ْل ً‬
‫سم ألصحاب املصائب وسلوى لقلوهبم املكلومة‪ ،‬وأن‬
‫يعيش حقيقتها معايش ًة حقيقية عملية‪ ،‬وال جيوز أن حيرك لسانه بكلامهتا وحروفها بدون فهم‬
‫ووعي وبصرية وتفاعل ومعايشة‪.‬‬
‫(ر ِش َّتة)‬
‫ﱹﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﱸ‪ :‬مجلة قرآنية حكيمة‪ ،‬وعالج قرآين شاف‪ ،‬وبلسم قرآين ُ‬
‫ويطهرها‬
‫ِّ‬ ‫يأسو تلك اجلراح النازفة‪ ،‬ويع ِّقمها‬
‫وشعرت به ُ‬
‫ُ‬ ‫عىل آالمي وأحزاين يف األيام الامضية‪،‬‬
‫من وساوس الشيطان‪ ،‬ويسكِّنها بالسكينة النفسية املطمئنة‪.‬‬
‫أعيشها وأنا أنطق هبا َّ‬
‫كل يوم‪ ،‬وأتعامل‬ ‫ﱹ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﱸ‪ :‬حقيقة قرآنية إيامنية‪ُ ..‬‬
‫وأخرج من ذلك بمزيد من اإليامن والرضا والتسليم‬
‫ُ‬ ‫مع ما يبتليني اهلل به عىل أساسها‪،‬‬
‫واالحتساب والصرب‪ ،‬وابتغاء األجر والثواب‪.‬‬
‫وتعاملت هبا مع‬
‫ُ‬ ‫نطقت هبا يف األيام الامضية‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ﱹ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﱸ‪ :‬ال أدري كم مر ًة‬
‫ِ‬
‫ابتالء اهلل يل بأخذ ولدي أسامة رمحه اهلل<‪ .‬ا هـ‪.‬‬
‫أقول‪ :‬وقد جعل اهلل يف نسل (أسامة) خ َل ًفا صاحلًا‪ ،‬فقد أنجب ابنًا وبن ًتا‪ ،‬كفلهم جدهم‪،‬‬
‫ور َّباهم فأحسن تربيتهم‪.‬‬
‫عبد الفتاح‪ :‬ثاين أبنائه الذكور‪ُ ،‬ولد له وهو يف مدينة َّ‬
‫السلط‪ ،‬مل ُيكمل دراسته اجلامعية‪،‬‬
‫َّ‬
‫واته نحو العمل يف التجارة‪ ،‬وله بنتان‪> :‬سارة< و>مار َّيا<‪.‬‬
‫‪22‬‬

‫كان عبد الفتاح خ َري ُم ٍ‬


‫عني لوالده يف شؤون احلياة‪ ،‬وخيدمه يف قضاء حاجاته وتأمني‬
‫متطلبات املعيشة‪.‬‬
‫حذيفة (األول)‪ُ :‬ولد له وهو يف َّ‬
‫عمن عام ‪1984‬م‪ ،‬ومات وعمره ال يتجاوز الشهر‪.‬‬
‫الشيخ ’ يف عمله يف كلية العلوم اإلسالمية‪ ،‬فاتصلت زوجته بالعميد‬
‫ُ‬ ‫وعندما مات كان‬
‫فلم َر َج َع‬
‫وأخربته بوفاة ابنه‪ ،‬فطلب العميدُ من الشيخ أن يرجع إىل البيت ومل خيربه بالسبب‪َّ ،‬‬
‫وجد ابنَه مي ًتا‪ ،‬فاسرتجع ومحد اهلل‪ ،‬ثم َغ َّس َل ُه وخرج به لصالة العرص يف مسجد >عبد الرمحن‬
‫َّ‬
‫وصل عليه اجلنازة ودفنه‪.‬‬ ‫بن عوف< الذي كان إما ًما له‪،‬‬
‫خترج من كلية القرآن الكريم‬ ‫حذيفة (الثاين)‪ُ :‬ولد له وهو يف َّ‬
‫عمن يف ‪1986/4/3‬م‪َّ ،‬‬
‫يف اجلامعة اإلسالمية باملدينة املنورة‪ ،‬وأكمل الدراسات العليا يف جامعة العلوم اإلسالمية‬
‫العاملية يف األردن‪ ،‬وحصل عىل درجة الدكتوراه بتخصص القراءات القرآنية سنة (‪2018‬م)‪،‬‬
‫عمن‪ ،‬التابع جلمعية‬
‫مديرا ملعهد القراءات القرآنية يف َّ‬
‫جماز بالقراءات العرش‪ ،‬ويعمل اآلن ً‬
‫وهو ٌ‬
‫املحافظة عىل القرآن الكريم‪ ،‬وله ولدٌ وابنتان‪> :‬عمرو< و>هند< و>ريم<‪.‬‬
‫حريصا عىل‬
‫ً‬ ‫ووارث علمه‪ ،‬وكان الشيخ ’‬
‫ُ‬ ‫والدكتور حذيفة خليف ُة والده يف العلم‬
‫علم القراءات القرآنية والعربية‪ ،‬وحيب أن يراه م ِّرب ًزا فيهام‪.‬‬
‫خصوصا َ‬
‫ً‬ ‫طريق العلم‪،‬‬
‫َ‬ ‫سلوك ابنه‬
‫مقابلة مع الشيخ ’ يف عام (‪2006‬م) قال عن ابنه حذيفة‪> :‬إنه ُملتز ٌم التزا ًما علم ًّيا‬‫ٍ‬ ‫ويف‬
‫َ‬
‫يكون‬ ‫الرشعي يف غاية الروعة‪ ،‬وأتوقع أن‬ ‫لمه‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫ُّ‬ ‫حافظ لكتاب اهلل عز وجل‪ ،‬وع ُ‬ ‫ورشع ًّيا‪ ،‬وهو‬
‫وناجح بعون اهلل تعاىل<‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫قوي‬
‫علمي ٌّ‬
‫ٌّ‬ ‫ٌ‬
‫مستقبل‬ ‫له‬
‫وكث ًريا ما كان ُيثني عليه يف جمالسه ودروسه العلمية‪ ،‬ويكفيه أن يقول عنه يف أحد جمالسه‬
‫العلمية‪> :‬جزاه اهلل خ ًريا‪ ،‬وريض اهلل عنه‪ُ ،‬أعلن أمامكم ِّأن أرىض عن ابني حذيفة‪ ،‬ريض اهلل‬
‫فخر لنا‪،‬‬
‫عنه‪ ،‬وأدعو له باحلفظ والثبات‪ ،‬وهو من جنود القرآن‪ ،‬واحلمد هلل رب العاملني‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫وإن شاء اهلل نلبس تاج الوقار منه يوم القيامة<‪.‬‬
‫وعندما حتدث الشيخ صالح عن نشأة القراءات القرآنية وتارخيها‪ ،‬اق َرت َح أن يقوم ابنُه‬
‫لعلمه بتمكُّن ابنه من‬ ‫الدكتور حذيفة بعمل دورة يف هذا املوضوع‪ .‬وما قال ذلك ’ إال ِ‬

‫هذا الفن‪ ،‬وإتقانه له‪.‬‬


‫‪23‬‬

‫وبرز الدكتور حذيفة يف علوم الرشيعة واللغة م ًعا‪ ،‬كوالده رمحه اهلل‪ ،‬وأصدر عد ًدا من‬
‫َّ‬
‫املؤلفات والتحقيقات‪ ،‬هي‪:‬‬
‫ ‪>-‬هتذيب وتقريب التحفة السنية برشح ُ‬
‫اآلج ُّرومية يف النحو<‪.‬‬
‫ ‪-‬حتقيق منظومة >مائة املعاين والبيان< يف البالغة البن ِّ‬
‫الشحنة احلنفي‪.‬‬
‫ ‪-‬حتقيق كتاب >الوايف يف رشح الشاطبية< يف القراءات للشيخ عبد الفتاح القايض‪.‬‬
‫ ‪-‬حتقيق منظومة >األلفية< يف النحو والرصف البن مالك‪.‬‬
‫ ‪-‬حتقيق كتاب >نشأة النحو وتاريخ أشهر النحاة< للشيخ حممد الطنطاوي‪.‬‬
‫كام شارك والدَ ه يف تأليف كتاب >املدخل إىل علم التفسري< وحتقيق تفسري >الكشاف<‬
‫للزخمرشي‪ ،‬وكتاب >التصوير الفني يف القرآن< لسيد قطب‪ .‬وأرشف كذلك عىل مراجعة‬
‫الطبعة األخرية من >هتذيب تفسري الطربي<‪ ،‬وكتب الشيخ اسمه عىل صفحة العنوان بخط‬
‫نجز من أعامل الشيخ‪ ،‬أسأل اهلل له العون والسداد‪.‬‬
‫يده‪ .‬وهو يرشف اآلن عىل إمتام ما مل ُي َ‬
‫خترج من كلية اإلدارة يف جامعة‬ ‫مجاهد‪ُ :‬ولد له وهو يف َّ‬
‫عمن يف ‪1989/12/8‬م‪َّ .‬‬
‫البلقاء التطبيقية سنة (‪2011‬م)‪ ،‬ويعمل مع أخيه الكبري >عبد الفتاح< يف التجارة‪ ،‬وله ثالث ُة‬
‫أوالد‪> :‬حممد< و>صالح< و>أوس<‪.‬‬
‫كان مساعدً ا للشيخ ’ يف اجلوانب اإللكرتونية‪ ،‬التي تعينه عىل أعامله الدعوية عرب‬
‫وسائل التواصل االجتامعي‪ ،‬خلربته اجليدة يف ذلك‪ .‬وقد شهد له والده الشيخ باخلري والتد ُّين‪.‬‬
‫‪24‬‬

‫البنات‬

‫ُروال‪ُ :‬ولدت له وهو يف مدينة َّ‬


‫السلط يف ‪1974/12/24‬م‪ ،‬ودرست الرشيعة يف كلية‬
‫الدعوة وأصول الدين التابعة جلامعة البلقاء التطبيقية‪.‬‬
‫السلط يف ‪1976/1/17‬م‪ ،‬ودرست يف اجلامعة‬ ‫َبتول‪ُ :‬ولدت له وهو يف مدينة َّ‬
‫اإلسالمية يف إسالم آباد‪ ،‬وحتمل شهادة الامجستري يف التفسري‪ ،‬وهي أ ٌّم لبنتني ومخسة أوالد‪،‬‬
‫وزوجها هو الدكتور حييى اخلاليلة‪ ،‬من املتخصصني يف الفقه والرشيعة اإلسالمية‪ ،‬وهو من‬
‫تالميذ صهره الشيخ صالح ’‪.‬‬
‫هاجر‪ُ :‬ولدت له وهو يف مدينة َّ‬
‫السلط يف ‪1978/11/29‬م‪ ،‬ودرست يف كلية اإلدارة‬
‫بجامعة البلقاء التطبيقية‪.‬‬
‫رابعة‪ُ :‬ولدت له وهو يف َّ‬
‫عمن يف ‪1985/1/25‬م‪ ،‬ودرست يف كلية اهلندسة بجامعة‬
‫متخصص يف‬
‫ٌ‬ ‫وزوجها هو الدكتور حممد أبو حالوة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫البلقاء التطبيقية‪ ،‬وهي أ ٌّم لثالثة أوالد‪،‬‬
‫اللغة العربية‪.‬‬
‫َع ُروب‪ُ :‬ولدت له وهو يف َّ‬
‫عمن يف ‪1988/4/4‬م‪ ،‬ودرست يف كلية اهلندسة بجامعة‬
‫البلقاء التطبيقية‪ ،‬وهي أ ٌّم لولدين وثالث بنات‪ ،‬وزوجها هو الدكتور أسامة حرز اهلل‪ ،‬طبيب‬
‫ختدير‪.‬‬
‫‪25‬‬

‫النشأة الدينية‬

‫الص ِ‬
‫الح‬ ‫ُ‬
‫خمايل َّ‬ ‫ٍ‬
‫نصيب‪ ،‬فقد بدت عليه‬ ‫وأي‬
‫نصيب‪ُّ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫كان للشيخ ’ من اسمه‬
‫والتقوى وااللتزام منذ ن ِ‬
‫ُعومة َأظفاره‪َّ ،‬‬
‫وظل مداو ًما عىل ذلك حتى توفاه اهلل‪ .‬وال أبالغ إن‬
‫قلت‪ :‬إنه كان رجلً م ْذ كان طفلً‪ ،‬وال أحسبه ‪-‬واهلل حسيبه ‪ -‬إال من مجلة السبعة الذين‬
‫َب‬
‫>شاب نشأ يف عبادة اهلل<(‪ ،)1‬هكذا نشأ صغ ًريا وك ُ َ‬
‫ٌّ‬ ‫ُيظلهم اهلل يف ظله يوم ال ظل إال ظ ُّله‪:‬‬
‫و>قل ُبه مع َّلق يف املساجد<‪.‬‬
‫لقد آتاه اهلل فطر ًة سليمة سو َّية‪ ،‬وح َّبب إليه اإليامن منذ نعومة أظفاره‪ ،‬مقتد ًيا بنبي اهلل‬
‫حييى |‪ :‬ﱹﭖ ﭗ ﭘ ﱸ [مريم‪ ،]12 :‬بعد أن امتثل أمر اهلل عز وجل‪ :‬ﱹ ﭑ‬
‫ﭒ ﭓ ﭔ ﱸ [مريم‪ .]12 :‬ونبي اهلل حييى | >عبار ٌة عن نموذج للشاب القوي‬
‫ال َفتِ ِّي‪ ،‬الذي يملك القوة واحليوية والطاقة اخللَّقة‪ ،‬التي جيب عليه أن يستثمرها ويرصفها يف‬
‫النموذج الذي سار عىل هذا النهج‪ ،‬هنج نبي‬
‫َ‬ ‫جانب اخلري<(‪ .)2‬وما أظن الشيخ ’ إال ذاك‬
‫اهلل حييى |‪.‬‬
‫>نشأت نشأ ًة دينية وهلل احلمد والشكر‪،‬‬
‫ُ‬ ‫يقول ’ عن نفسه يف مقابلة ُأجريت معه‪:‬‬
‫فتحت عيني عىل الصلوات يف املساجد وغريها‪ ،‬وقراءة القرآن‪ ،‬ومصاحبة الناس‬
‫ُ‬ ‫حيث‬
‫الطيبني الصاحلني<‪.‬‬
‫حتى إنه خا َلف أقرانه يف اهلوايات واالهتاممات‪ ،‬فكانت هوايته واهتامماته منذ الصغر‬
‫هي القراءة واملطالعة‪ ،‬و َل َّم كان يف الصف الرابع االبتدائي استعار من مكتبة املدرسة كتاب‬
‫>كنت أحب القراءة منذ‬
‫ُ‬ ‫>مشاهد القيامة يف القرآن< لسيد قطب ’‪ ،‬ويقول يف ذلك‪:‬‬
‫الصغر؛ ألنني نشأت عىل أمرين اثنني وهلل احلمد‪ :‬األول هو الصالة والعبادة‪ ،‬والثاين حمبة‬
‫القراءة واملطالعة واحلمد هلل رب العاملني‪ ،‬فكنت أذهب إىل مكتبة املدرسة يف جنني‪ ،‬وأستعري‬
‫منها بعض الكتب<‪.‬‬

‫((( حديث السبعة الذين يظلهم اهلل يف ظله يوم ال ظل إال ظله رواه البخاري يف صحيحه برقم (‪ )660‬من‬
‫حديث أيب هريرة ÷‪.‬‬
‫((( عبار ٌة قاهلا الشيخ صالح رمحه اهلل يف مقابلة له مع اإلعالمي األستاذ وائل البتريي‪.‬‬
‫‪26‬‬

‫أما حمبته للقرآن الكريم‪ ،‬فيقول عنها‪> :‬نشأت عىل حمبة القرآن الكريم‪ ،‬وكنت وأنا‬
‫صغري ُأكثر القراء َة يف كتاب اهلل تعاىل‪ ،‬وحفظت ً‬
‫سورا كثرية منه حف ًظا ذات ًّيا وهلل احلمد‪ ،‬وكان‬
‫أقل من جزء من كتاب‬ ‫لدي ِورد يومي‪ ،‬وكنت وأنا يف املرحلة االبتدائية أقرأ فيها َّ‬
‫كل يوم ليس َّ‬ ‫َّ‬
‫اهلل تعاىل‪ ،‬فعالقتي مع القرآن وصلتي مع القرآن صلة قديمة منذ الصغر وهلل احلمد والشكر<‪.‬‬
‫ويرجع هذا التوجه الديني والعلمي‪ ،‬بعد توفيق اهلل‪ ،‬إىل ميوله الفطري نحو االلتزام‬
‫التعرف عليهم‬
‫ُ‬ ‫الديني‪ ،‬ثم ما كان من توجيه بعض العلامء الصاحلني يف مدينة جنني‪ ،‬الذين زاده‬
‫من التزامه بمنهج اهلل سبحانه وتعاىل‪ ،‬ويف مقدمة هؤالء العامل الرباين مفتي مدينة جنني الشيخ‬
‫عالم صاحلًا‪.‬‬
‫جرار ’‪ .‬وكان رمحه اهلل تعاىل ً‬ ‫جرار ’‪ ،‬وشقيقه الشيخ َفريز َّ‬ ‫توفيق َّ‬
‫وهذه النشأة الطيبة الصاحلة شهد له هبا املقربون من أرسته؛ تقول عنه شقيق ُته >آمنة<‪:‬‬
‫توجها دين ًّيا‪،‬‬
‫ً‬ ‫>كان تق ًّيا ُمتد ِّينًا حمبو ًبا بني الناس منذ أن كان طفلً‪َّ ،‬لم بلغ التاسع َة من عمره توجه‬
‫وأصبح يميل إىل دروس الرتبية الدينية يف مدرسته‪ ،‬كام ُح ِّبب إليه تالو ُة القرآن واملحافظ ُة عىل‬
‫الصالة يف أوقاهتا‪ ،‬وكان ُيؤ ُّم والدته وأخواتِه يف الصالة‪ ،‬كام ُح ِّبب إليه صو ُم النوافل فضلً عن‬
‫ويصبح شيخً ا أزهر ًّيا<‪.‬‬
‫َ‬ ‫يتعلم يف األزهر‪،‬‬‫َ‬ ‫صيام شهر رمضان‪ ،‬وكان طموحه منذ الطفولة أن‬
‫تفو ًقا يف الدراسة‪ ،‬وطبيعته مساملٌ ومتعاون‪ ،‬حنون‬
‫وتقول >رقية< ابنة أخته‪> :‬كان ُم ِّ‬
‫وطيب القلب وبشوش الوجه‪ ،‬ويشعرك بالراحة والطمأنينة وأنت حتادثه‪ ،‬وكان كث ًريا ما ُي َر ِّد ُد‬
‫عبارة‪ :‬حاسب نفسك يا صالح!<‪.‬‬
‫وكان م َث َله األعىل يف هذا التوجه ُ‬
‫بعض أقاربه من عائلة >اخلالدي<‪ ،‬الذين غرسوا يف‬
‫حب التد ُّين‪ ،‬وشجعوه عىل ذلك‪ ،‬بل كانوا يقولون ألهله‪ :‬ال تنادوه باسمه‬
‫قلبه ووجدانه َّ‬
‫وحتفيزا له للسري عىل هذا الدرب‪ ،‬وكان يفرح‬
‫ً‬ ‫>صالح<‪ ،‬بل ادعوه‪> :‬الشيخ صالح< تشجي ًعا‬
‫كث ًريا عندما يقولون له‪> :‬اجتهد يا شيخ صالح حتى نرسلك إىل األزهر<‪.‬‬
‫‪27‬‬

‫الحياة العلمية‬

‫بدأ الشيخ ’ حياته العلمية يف مدارس مدينة جنني حتى الصف الثاين اإلعدادي‪،‬‬
‫توجه إىل دراسة العلوم الرشعية يف املعهد الديني اإلسالمي يف مدينة نابلس‪ ،‬وبقي فيه‬
‫ثم َّ‬
‫سنتني‪ ،‬وكان هذا املعهد مرتب ًطا باألزهر الرشيف يف مرص‪.‬‬
‫وقد كان الشيخ من الطلبة امل ِّربزين واملتفوقني يف دراسته‪ ،‬حيث كان ترتيبه الثاين عىل‬
‫أهله لالبتعاث إىل األزهر يف مرص إلكامل الدراسة هناك‪ ،‬حيث دأب املعهد‬
‫مدرسته‪ ،‬وهذا ما َّ‬
‫عىل ابتعاث الطلبة األوائل إىل مرص إلكامل الدراسة يف األزهر‪.‬‬
‫ويف سنة (‪1965‬م) سافر إىل القاهرة ليبدأ دراسته التخصصية يف >معهد البعوث‬
‫اإلسالمية< التابع لألزهر‪ ،‬وانطلق يف العلم انطالق ًة جا َّد ًة ومتميزةً‪ ،‬حيث مجع بني املرحلتني‬
‫واحدة‪ ،‬وجاء ترتيبه >‪ <26‬عىل الدفعة‪ ،‬وبعد أن أهنى دراسته‬ ‫ٍ‬ ‫والثالثة الثانوية يف ٍ‬
‫سنة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الثانية‬
‫الثانوية التحق بكلية الرشيعة يف األزهر‪.‬‬
‫التفرغ للدراسة وطلب العلم كفال ُة أهله له‪ ،‬فكانوا ُيعينونه بإرسال‬
‫ُّ‬ ‫وساعدته عىل‬
‫جار يف جنني اسمه >الشيخ عيل ا َمل ْل َمل أبو‬
‫املرصوفات الالزمة للعيش يف القاهرة‪ ،‬وكان هلم ٌ‬
‫يتفرغ الشيخ للدراسة‪ ،‬وينهيها‬
‫الر ّب< ُيقرضهم إذا نقص عليهم يش ٌء من الامل من أجل أن َّ‬‫ُّ‬
‫ٍ‬
‫بتفوق‪.‬‬
‫ُّ‬
‫ومل تقف مهة الشيخ ’ يف القاهرة عند الدراسة اجلامعية فحسب‪ ،‬بل كان يرتدد عىل‬
‫الشيوخ والعلامء الكبار؛ من أمثال‪ :‬السيد سابق وحممد الغزايل وعبد احلميد كشك وغريهم؛‬
‫كر‬ ‫ِ‬
‫وحيض دروسهم وحمارضاهتم يف خمتلف أنحاء القاهرة‪ ،‬لينهل منهم الف َ‬ ‫ُ‬ ‫لألخذ عنهم‪،‬‬
‫القلب‪ ،‬وتُنري العقل‪ ،‬ومتألُ الوقت باخلري‪.‬‬
‫َ‬ ‫تعم ُر‬
‫واحلقائق التي ُ‬
‫َ‬ ‫والوعي‬
‫َ‬
‫الس ُبل ُخفي ًة عن‬
‫وكان الشيخ ’ يسعى يف اقتناء كتب األستاذ >سيد قطب< بشتى ُّ‬
‫وش َغ ٍ‬
‫ف‪ ،‬ومل يمنعه من ذلك ك ِّله احلال ُة السياسي ُة‬ ‫ٍ‬
‫بيشء منها يقرؤه بن ََه ٍم َ‬ ‫أعي الرقباء‪ ،‬وإذا ظفر‬
‫ُ‬
‫الصعب ُة التي كانت تعيشها مرص آنذاك‪ ،‬حيث ام ُتحن كث ٌري من العلامء والدعاة‪َّ ،‬‬
‫وتعرضوا إما‬
‫للز ِّج هبم يف أقبية الزنازين‪ ،‬أو للتضييق عليهم وعىل مريدهيم‪.‬‬
‫لإلعدام‪ ،‬أو َّ‬
‫أهنى الشيخ ’ سنة (‪1970‬م) دراس َته اجلامعي َة يف األزهر‪ ،‬وحصل عىل شهادة‬
‫‪28‬‬

‫>الليسانس< من كلية الرشيعة‪ ،‬ومل يستطع الرجوع إىل فلسطني بسبب احتالهلا من اليهود‬
‫واستقر يف جنوهبا يف حمافظة >الطفيلة<‪ ،‬حيث شغل منصب‬
‫َّ‬ ‫فتوجه إىل األردن‪،‬‬
‫َّ‬ ‫الغاصبني‪،‬‬
‫مدير األوقاف فيها‪.‬‬
‫وبعد ِعدَّ ة سنوات من العمل الدعوي والعلمي يف األردن عاد الشيخ ’ إىل الدراسة‬
‫اجلامعية مر ًة أخرى‪ ،‬حيث حصل يف سنة (‪1977‬م) عىل ٍ‬
‫بعثة إلكامل درجة الامجستري يف جامعة‬
‫>اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية< يف مدينة الرياض‪ ،‬وكانت رسالته الامجستري بإرشاف شيخه‬
‫األستاذ الدكتور >أمحد حسن فرحات< ‪-‬حفظه اهلل‪ -‬بعنوان‪> :‬سيد قطب والتصوير الفني يف‬
‫القرآن<‪ ،‬وكانت يف قسمني‪ :‬القسم األول عن حياة سيد قطب‪ ،‬والقسم الثاين عن التصوير‬
‫الفني يف القرآن‪ .‬وجرت مناقشتها سنة (‪1980‬م) من ِق َب ِل األستاذ >حممد قطب< ‪-‬شقيق سيد‬
‫قطب‪ -‬والشيخ >حممد الراوي< العامل املرصي املعروف‪ ،‬رمحهام اهلل‪.‬‬
‫ويقول الشيخ صالح ’ عن تلك املناقشة‪> :‬كانت قاعة املناقشة ممتلئ ًة باحلضور‪،‬‬
‫وجاء عدد كبري منهم ليسمع كالم األستاذ حممد قطب‪ ،‬الذي أخجلني وهو يثني عىل الرسالة‬
‫واجلهد املبذول فيها‪ ،‬حتى إنه قال‪ :‬لو تقدّ م الطالب بالقسم األول من الرسالة فقط ‪ -‬وهو‬
‫الستحق الامجستري عن جدارة! وهذا من فضل اهلل‬
‫َّ‬ ‫القسم املتع ِّلق بحياة سيد قطب رمحه اهلل ‪-‬‬
‫عيل‪ ،‬وأسأله القبول سبحانه<‪.‬‬
‫َّ‬
‫ُ‬
‫التفوق من الشيخ صالح اخلالدي ’‪ ،‬وما كان هذا اإلطراء من‬ ‫وأقول‪ :‬ما كان هذا‬
‫أستاذه حممد قطب ليتم ‪ -‬بعد فضل اهلل عليه كام قال ‪ -‬إال بام مت َّتع به من اجتهاد ومثابرة يف‬
‫طلب العلم َّ‬
‫قل نظريه بني زمالئه‪ ،‬وبشهادة هؤالء الزمالء‪ ،‬كام سيأيت قري ًبا‪.‬‬
‫وهم بالسفر إىل‬
‫وبعدما حصل الشيخ ’ عىل شهادة الامجستري رجع إىل األردن‪َّ ،‬‬
‫ٍ‬
‫جديدة للدكتوراه يف جامعة >اإلمام حممد‬ ‫حتص َل عىل ٍ‬
‫بعثة‬ ‫السودان إلكامل الدكتوراه‪ ،‬إال أنه َ َّ‬
‫بن سعود اإلسالمية< سنة (‪1981‬م)‪ ،‬وكتب رسالة الدكتوراه بإرشاف أستاذه يف مرحلة‬
‫الامجستري األستاذ الدكتور>أمحد حسن فرحات< ‪-‬حفظه اهلل‪ -‬وكانت بعنوان‪> :‬يف ظالل‬
‫القرآن‪ ،‬دراسة وتقويم<‪ ،‬وناقشه اثنان من كبار أساتذة التفسري وعلامء القرآن؛ ومها‪ :‬الشيخ‬
‫منَّاع القطان والشيخ عدنان زرزور‪ ،‬وحصل عىل شهادة الدكتوراه سنة (‪1984‬م)‪.‬‬
‫‪29‬‬

‫ومن متام مهة الشيخ ’ ِ‬


‫وجدِّ َّيته يف البحث والتحصيل أنه يف أثناء دراسته للامجستري‬
‫قلمه بعد نيل الشهادات وال‬
‫والدكتوراه قرأ كتاب >يف ظالل القرآن< سبع مرات‪ ،‬ومل يضع َ‬
‫وتعليم‪.‬‬
‫ً‬ ‫استمر يف السري عىل درب العلم تع ُّل ًم‬
‫َّ‬ ‫طوى كتا َبه‪ ،‬بل‬
‫وقد حدثني زميله ورفيقه يف جامعة >اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية< األستاذ الدكتور‬
‫ٍ‬
‫وعدد من الطلبة عىل مكتبة اجلامعة‪،‬‬ ‫العيص< أنه كان يرتدد مع الشيخ صالح ’‬ ‫>زيد عمر ِ‬

‫وهي بعيدة عن مكان مسكنهم‪ ،‬فيمكثون فيها بضع ساعات‪ ،‬ثم يعودون للسكن من أجل‬
‫الراحة وتناول طعام الغداء‪ ،‬إال الشيخ صالح ’ فإنه يظل يف املكتبة يلتهم الكتب التها ًما‪،‬‬
‫ويكتفي من الطعام ب ُلقيامت قليالت ُي ِقمن ُصلبه‪ ،‬يشرتهيا من أحد املطاعم القريبة من املكتبة‪.‬‬
‫ويقول زميله الدكتور >حممد أمحد احلاج<‪> :‬ال ُبدَّ يل أن أعرتف أن الشيخ صالح كان‬
‫متميزا عنا مجي ًعا ِ‬
‫بجدِّ ه ومثابرته وصربه؛ فام كانت تفوته اإلقام ُة يف املكتبة اجلامعية يوم ًيا خارج‬ ‫ً‬
‫كنت‬
‫أوقات دوامه للمحارضات‪ ،‬وكنت أقول له‪ :‬أنت ُسوسة كتب يا شيخ صالح!! وإذا ُ‬
‫أكتفي بأربع ساعات يف املكتبة‪ ،‬فقد كان الشيخ صالح ال يكتفي بضعفها‪ ،‬بل جاءت عليه فرتة‬
‫يكون عىل باب املكتبة قبل أن تفتح أبواهبا‪ ،‬وال خيرج منها إال عندما تغلق أبواهبا<‪.‬‬
‫ومل يكن الشيخ صالح ’ ممن َي ْس َع ْو َن إىل نيل الشهادات العليا من أجل الشهرة‬
‫أو الوظيفة أو املنفعة الشخصية‪ ،‬بل من أجل خدمة كتاب اهلل تعاىل ودينه القويم‪ .‬ويف ذلك‬
‫يقول‪> :‬أعتقد أن خدمة القرآن رشف عظيم من اهلل سبحانه وتعاىل‪ ،‬وهذا فضل اهلل يؤتيه من‬
‫عيل هبذا التخصص‪ ،‬أن أشتغل مع التفسري‪ ،‬ومع القرآن‪ ،‬ومع تدبر‬
‫يشاء‪ ،‬أشكر ريب الذي َم َّن َّ‬
‫عيل واحلمد هلل‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫القرآن؛ سوا ًء كان كال ًما‪ ،‬أو حمارضات‪ ،‬أو مؤلفات‪ ،‬فهذا فضل من اهلل تعاىل َّ‬
‫رب العاملني<‪.‬‬
‫‪30‬‬

‫شيوخه‬

‫العلم عىل جهابذة علامء عرصه وأعالمهم يف فلسطني واألردن‬


‫َ‬ ‫تلقى الشيخ ’‬
‫ومرص واململكة العربية السعودية؛ ومن أبرز مشاخيه‪:‬‬
‫‪ .1‬الدكتور أمحد حسن فرحات‪ ،‬حفظه اهلل‪ :‬أخذ عنه العلم أثناء دراسته يف جامعة‬
‫اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية بالرياض‪ .‬وهو الذي أرشف عليه يف رسالتي‬
‫الامجستري والدكتوراه‪ ،‬وهو ثاين اثنني من شيوخه الذين ما زالوا عىل قيد احلياة‪،‬‬
‫أطال اهلل عمره وم َّتعه باإليامن‪.‬‬
‫‪ .2‬الشيخ أديب اخلالدي ’‪ :‬أخذ عنه يف جنني وهو صغري‪ ،‬وكان قدوتَه يف العلم‬
‫والصالح‪ ،‬وقد انتفع به يف تع ُّلم تالوة القرآن‪.‬‬
‫‪ .3‬الشيخ توفيق جرار ’‪ :‬مفتي مدينة جنني‪ ،‬وكان حيرض جمالسه وهو صغري‪.‬‬
‫‪ .4‬الشيخ سلامن األغاين ’‪ :‬من علامء اللغة يف األزهر‪ ،‬أخذ عنه النحو‪ ،‬وتأثر به يف‬
‫عشقه للغة العربية واإلقبال عليها‪.‬‬
‫‪ .5‬الشيخ السيد سابق ’‪ :‬من علامء األزهر املشهورين‪ ،‬أخذ عنه الفقه‪ ،‬وحرض‬
‫دروسه وهو يف مرص‪.‬‬
‫‪ .6‬األستاذ عبد الغني َع ُّزو َقة ’‪ :‬أستاذ اللغة العربية يف مدارس مدينة جنني‪ ،‬أتقن‬
‫الشيخ حم َّب ًة‬
‫َ‬ ‫النحو عىل يديه وهو يف املرحلة االبتدائية‪ ،‬وكان حيب‬
‫َ‬ ‫الشيخ ’‬
‫ُ‬
‫وهيتم به كث ًريا‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫خاص ًة‬
‫َّ‬
‫‪ .7‬الشيخ عبدالله الغد َّيان ’‪ :‬أخذ عنه يف الرياض يف جامعة اإلمام حممد بن سعود‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ .8‬الشيخ عبد احلليم حممود ’‪ :‬شيخ األزهر‪ ،‬وقد أخذ عنه وحرض دروسه وهو‬
‫يف مرص‪.‬‬
‫‪ .9‬الشيخ عدنان زرزور‪ ،‬حفظه اهلل‪ :‬أخذ عنه يف جامعة اإلمام حممد بن سعود‬
‫اإلسالمية بالرياض‪ ،‬وناقشه يف رسالة الدكتوراه‪ ،‬وهو من شيوخه الذين ما‬
‫زالوا عىل قيد احلياة‪ ،‬أطال اهلل عمره وم َّتعه باإليامن‪.‬‬
‫‪31‬‬

‫‪ .10‬الشيخ عيل ا َمل ْل َمل أبو الرب ’‪ :‬كان ً‬


‫جارا هلم يف مدينة جنني‪ ،‬وانتفع بعلمه‬
‫وتوجيهه له وهو صغري‪ ،‬كام كان يعينه عىل تكاليف دراسته يف األزهر‪.‬‬
‫‪ .11‬الشيخ فريز جرار ’‪ :‬من أعيان مدينة جنني‪ ،‬وكان حيرض دروسه وجمالسه‬
‫وهو صغري‪.‬‬
‫عمن‪،‬‬
‫‪ .12‬الدكتور فضل حسن عباس ’‪ :‬من علامء التفسري يف األردن‪ ،‬انتفع به يف َّ‬
‫ودرس كت َبه بعد وفاته‪.‬‬
‫َّ‬
‫‪ .13‬الشيخ حممد البسطامي ’‪:‬أحد علامء فلسطني‪ ،‬ومن شيوخ مدينة نابلس‬
‫وخترج عليه يديه الكث ُري من العلامء‪.‬‬
‫املشهود هلم بالعلم والرتبية‪َّ ،‬‬
‫‪ .14‬الشيخ حممد الراوي ’‪ :‬أخذ عنه يف الرياض يف جامعة اإلمام حممد بن سعود‬
‫اإلسالمية‪ ،‬وناقشه يف رسالة الامجستري‪.‬‬
‫‪ .15‬الشيخ حممد سعيد ملحس رمحه اهلل‪ :‬أخذ عليه علم التجويد والقراءات‪ .‬وهو من‬
‫كبار العلامء هذا الفن يف األردن وفلسطني‪.‬‬
‫‪ .16‬الشيخ حممد الغزايل ’‪ :‬املفكر اإلسالمي الكبري‪ ،‬أخذ عنه الفكر اإلسالمي‪،‬‬
‫وحرض دروسه ومواعظه وهو يف مرص‪.‬‬
‫‪ .17‬األستاذ حممد قطب ’‪ :‬أخذ عنه يف الرياض يف جامعة اإلمام حممد بن سعود‬
‫اإلسالمية‪ ،‬وناقشه يف رسالة الامجستري‪.‬‬
‫‪ .18‬الدكتور مصطفى مسلم ’‪ :‬أخذ عنه يف الرياض يف جامعة اإلمام حممد بن‬
‫سعود اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ .19‬الشيخ مناع القطان ’‪ :‬أخذ عنه يف الرياض يف جامعة اإلمام حممد بن سعود‬
‫اإلسالمية‪ ،‬وناقشه يف رسالة الدكتوراه‪.‬‬
‫وخرج‬
‫عالم عاملً ربان ًّيا‪َّ ،‬‬
‫‪ .20‬الشيخ موسى السيد ’‪ :‬أحد علامء فلسطني‪ ،‬وكان ً‬
‫الكثري من العلامء‪.‬‬
‫‪ .21‬الشيخ نارص اخلالدي ’‪ :‬أخذ عنه يف جنني وهو صغري‪ ،‬وكان سب ًبا يف ذهابه‬
‫إىل األزهر‪.‬‬
‫‪32‬‬

‫والنـاظـر يف شيوخـه ’ يـرى ق َّلتهـم يف فلسطيـن حيث ُولد ونشأ‪ ،‬وكثرتـهم يف غريهـا‬
‫من البالد‪ ،‬وسبـب ذلك أنه ’ كان حديث السـ ِّن عند خروجـه من فلسطيـن‪ ،‬ولـم يتمكـن‬
‫درسـوه فـي مرحلتـي الامجستري‬
‫مـن العـودة إليهـا بعد االحتالل‪ ،‬وأن غالـب مشاخيه من الـذيـن َّ‬
‫والدكتـوراه فـي اململكة العربية السعوديـة(‪.)1‬‬

‫((( جهود الدكتور صالح عبد الفتاح اخلالدي وآراؤه يف التفسري وعلوم القرآن‪( ،‬رسالة ماجستري)‪.‬‬
‫‪33‬‬

‫تلاميذه‬

‫َ‬
‫قوافل من التالميذ وطلبة العلم واملر ِّبني‪ ،‬الذين َهنلوا من‬ ‫خ َّلف الشيخ صالح ’‬
‫وترشبوا أخالقه ومناقبه‪ ،‬وهم يسريون بسريته وعىل دربه يف العلم واخلُلق والرتبية إن‬
‫َّ‬ ‫علمه‪،‬‬
‫شاء اهلل‪.‬‬
‫ومل يكن تالميذه من أهل بلده فحسب‪ ،‬بل كانوا من أقطار ش َّتى‪ ،‬منهم العرب ومنهم‬
‫العجم‪ ،‬فهذا جزائري‪ ،‬وذاك عراقي‪ ،‬وآخر من اليمن‪ ،‬وغريه تركي وماليزي‪ ،‬أو من بعض‬
‫دول إفريقيا مثل غانا والسنغال‪.‬‬
‫كذلك مل يقترص تالمذته عىل من أخذوا عنه العلم يف دراستهم األكاديمية اجلامعية‪ ،‬بل‬
‫كثري منهم داوم عىل حضور دروسه العامة واخلاصة‪ ،‬يف املساجد واملراكز العلمية‪ ،‬بل يف بيته‬
‫املسجلة واملصورة‪ ،‬أو عىل كتبه املطبوعة بقراءته هلا‪ ،‬بل‬
‫َّ‬ ‫تتلمذ عىل دروسه‬
‫أيضا‪ .‬ومنهم من َ‬
‫ً‬
‫نصوصا مطولة منها‪.‬‬
‫ً‬ ‫إن بعضهم كان حيفظ‬
‫ومل يكن تالميذه ك ُّلهم من املتخصصني يف العلوم الرشعية‪ ،‬بل كان منهم الطبيب‬
‫واملمرض واملهندس والقايض واإلعالمي واملعلم والتاجر وصاحب املهنة‪.‬‬
‫كذلك مل يكن طالبه من الرجال فقط‪ ،‬بل كثري منهم من النساء الاليت أخذن عنه العلم يف‬
‫دراستهن اجلامعية‪ ،‬أو يف الدروس اخلاصة والعامة‪ ،‬من أهل بلده‪ ،‬أو ممن وفدوا إليه طل ًبا للعلم‪.‬‬
‫وكان الشيخ ’ لتالمذته كاألب احلاين‪ ،‬أو األخ والصديق الصدوق‪ ،‬يشاركهم‬
‫أفراحهم وأحزاهنم‪ ،‬يزورونه يف بيته‪ ،‬ويسعدون بزيارته هلم يف بيوهتم وتلبية دعواهتم‪ .‬بل‬
‫صاه َر أحد تالمذته عىل إحدى بناته‪ ،‬لام رأى فيه من احلرص عىل العلم‪ ،‬وطيب اخللق‪،‬‬
‫إنه َ‬
‫والتقوى والتدين‪.‬‬
‫ونحن وإن كنا ال نستطيع عدّ جمموع طالبه وذكرهم‪ ،‬فقد بلغوا األلوف عد ًدا‪ ،‬داخل‬
‫األردن وخارجه؛ سوا ًء يف اجلامعات األردنية‪ ،‬أو املساجد واملراكز العلمية‪ .‬إال أننا نذكر ما‬
‫مرتَّبني عىل حروف املعجم؛ وهم‪:‬‬
‫يتيرس لنا الوقوف عليه من أسامئهم‪َ ،‬‬
‫‪ -1‬آمنة العجلوين‪ :‬أخذت عن الشيخ ’ يف اجلامعة األردنية سنة (‪1985‬م)‪،‬‬
‫وتأثرت كث ًريا بعلمه ومنهجه وطرائق بحثه‪ ،‬وقد كتبت له بحثًا بعنوان‪> :‬مصطلحات قرآنية<‪،‬‬
‫‪34‬‬

‫وما زالت حتتفظ بملحوظات الشيخ عىل ذلك البحث‪.‬‬


‫‪ -2‬ابتسام عوض اهلل‪ :‬جماز ٌة بالقراءات العرش‪ ،‬أخذت عن الشيخ ’ التفس َري‬
‫والنحو يف >معهد القراءات القرآنية< ويف >مؤسسة مدارج<‪.‬‬
‫َ‬ ‫وتوجي َه القراءات‬
‫>الدر‬
‫ُّ‬ ‫باحث وحم ِّق ٌق للرتاث‪ ،‬أخذ عن الشيخ ’ كتاب‬
‫ٌ‬ ‫‪ -3‬د‪ .‬إبراهيم أبو يمن‪:‬‬
‫للسمني احللبي مع ُث َّلة من طلبة العلم‪.‬‬
‫املصون< َّ‬
‫‪ -4‬إبراهيم باجس عبد املجيد‪ ،‬مؤلف هذا الكتاب‪ .‬أول ما حرض عنده درسه يف‬
‫التفسري الذي كان يعقده يف مسجد الرمحة يف حي األمري حسن بمنطقة جبل النرص يف عامن‪ .‬ثم‬
‫تواىل حضور جمالسه العلمية يف مسجد عبدالرمحن بن عوف‪ ،‬وأكثرها كان يف بيته‪.‬‬
‫‪ -5‬إبراهيم الرواجفة‪ :‬حرض دروسه يف التفسري التي كان يلقيها يف مسجد الرمحة‬
‫بعامن‪ ،‬أواسط الثامنينات من القرن الاميض‪.‬‬
‫الزم الشيخ ’ وأفاد من علمه الكثري‪ ،‬ثم اشرتك‬
‫‪ -6‬إبراهيم حممد العيل ’‪َ :‬‬
‫معه يف ختريج األحاديث يف كتاب >هتذيب تفسري الطربي<‪ ،‬وكتاب >هتذيب تفسري ابن كثري<‪.‬‬
‫خصوصا يف علم احلديث‪ ،‬حتى قال فيه‪> :‬كان تلميذي‬
‫ً‬ ‫الشيخ له بالعلم الغزير‪،‬‬
‫ُ‬ ‫وقد شهد‬
‫عمر كث ًريا؛ فقد مات سنة (‪2004‬م) وله من العمر ثامنية وأربعون‬ ‫فأصبحت تلميذه<‪ ،‬ومل ُي َّ‬
‫ُ‬
‫عام ًا‪ ،‬بعد أن أعياه مرض القلب‪ ،‬وقد حزن عليه الشيخ صالح ’ حزنًا شديدً ا لِ َم رأى فيه‬
‫ٍ‬
‫وإنتاج غزير يف التأليف‪ ،‬حيث ترك خلفه أزيد من ثالثني‬ ‫من النبوغ يف العلم‪ ،‬وكر ٍم يف اخلُ ُلق‪،‬‬
‫كتا ًبا‪ ،‬ما بني تأليف وحتقيق‪.‬‬
‫‪ -7‬د‪ .‬أحالم قرباب‪ :‬جماز ٌة بالقراءات العرش‪ ،‬وأستاذ ٌة يف ختصص الكيمياء يف‬
‫اجلامعات اجلزائرية‪ ،‬أكملت دراسة الدكتوراه يف اجلامعة األردنية‪ ،‬وحرضت دروس الشيخ‬
‫’ يف التفسري وتوجيه القراءات يف معهد القراءات القرآنية‪ ،‬وقرأت كت َبه وانتفعت بعلمه‪.‬‬
‫التك‪ :‬طالب علم جمتهد‪ ،‬لزم دروس الشيخ ’ يف السنة األخرية من‬
‫‪ -8‬أمحد ُّ‬
‫حياته‪ ،‬وتأثر به‪ ،‬وانتفع بمنهجه يف العلم‪ ،‬وهو الذي أنزله يف قربه عند دفنه‪.‬‬
‫‪ -9‬د‪ .‬أمحد دبش‪ :‬متخصص يف العقيدة اإلسالمية‪ ،‬وإمام وخطيب يف أحد مساجد‬
‫عمن‪ ،‬أخذ عنه >تفس َري آيات األحكام< يف بيته مع ُث َّلة من طلبة العلم‪.‬‬
‫َّ‬
‫‪ -10‬د‪ .‬أمحد الرقب‪ :‬أستاذ التفسري وعلوم القرآن يف جامعة العلوم التطبيقية‪ ،‬أخذ‬
‫‪35‬‬

‫ودرسها لطالبه يف اجلامعة‬


‫عن الشيخ يف اجلامعة‪ ،‬وحرض دروسه اخلاصة والعامة‪ ،‬وقرأ كت َبه َّ‬
‫ويف املراكز القرآنية‪.‬‬
‫‪ -11‬د‪ .‬أمحد الش َّياب‪ :‬باحث ومتخصص يف التفسري وعلوم القرآن‪ ،‬يعمل يف التعليم‬
‫املدريس‪ ،‬وهو من طلبة الفوج األول يف كلية الدعوة وأصول الدين (‪1990‬م‪1994-‬م)‪،‬‬
‫حرض دروس الشيخ ’ يف اجلامعة ويف جمالسه اخلاصة والعامة‪ ،‬وتأثر بمواقفه الرتبوية‬
‫مدعوا إللقاء حمارضة‪ ،‬فجاء ألخذه بسيارة >تاكيس<‪ ،‬فأبى‬
‫ًّ‬ ‫والدعوية؛ منها أن الشيخ كان‬
‫الشيخ ركوب التاكيس حتى ال ُيك ِّلف القائمني عىل املحارضة ً‬
‫مال زائدً ا‪ ،‬وذهب إىل مكان‬
‫ٍ‬
‫بكثري‪.‬‬ ‫املحارضة باحلافلة التي هي ُّ‬
‫أقل كُلف ًة من >التاكيس<‬
‫‪ -12‬د‪ .‬أمحد ضميدة‪ :‬باحث ومتخصص يف احلديث الرشيف‪ ،‬من املرابطني يف غزة‪،‬‬
‫تتلمذ عىل كتب الشيخ ’ ودروسه املسجلة‪.‬‬
‫‪ -13‬أمحد عبد اهلل شهوان‪ :‬الزم حضور دروسه يف التفسري التي كان يلقيها يف مسجد‬
‫فريد اخلليل بعد صالة الفجر من كل يوم‪.‬‬
‫‪ -14‬د‪ .‬أمحد قطناين‪ :‬أستاذ التفسري وعلوم القرآن يف إحدى اجلامعات الامليزية‪ ،‬أخذ‬
‫عن الشيخ يف بيته >تفس َري آيات األحكام< مع ُث َّلة من طلبة العلم‪.‬‬
‫‪ -15‬د‪ .‬أمحد القوقا‪ :‬رئيس قسم علوم الرشيعة يف مجعية املحافظة عىل القرآن الكريم‪،‬‬
‫أخذ عنه التفسري يف اجلامعة ويف دروسه اخلاصة والعامة‪ ،‬وقدَّ م له الشيخ ’ كتابه >سري‬
‫القراء واملقرئني يف األردن وفلسطني<‪.‬‬
‫جماز بالقراءات العرش‪ ،‬أخذ عنه التفسري وتوجيه القراءات والنحو يف‬
‫‪ -16‬أمحد النقيب‪ٌ :‬‬
‫>معهد القراءات القرآنية< و>مؤسسة مدارج<‪ ،‬وشهد الشيخ ’ عىل ختمته يف القراءات العرش‬
‫بعمن‪ ،‬وكان جميزه نجل الشيخ د‪ .‬حذيفة اخلالدي‪.‬‬
‫يف >مركز الفرقان القرآين< يف خميم احلسني َّ‬
‫رشعي يف املعامالت الاملية واملرصفية‪ ،‬ومتخصص يف‬
‫ٌّ‬ ‫ٌ‬
‫باحث‬ ‫‪ -17‬د‪ .‬أسامة أبو بكر‪:‬‬
‫االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬أخذ عن الشيخ ’ >تفسري آيات األحكام< يف بيته مع ُث َّلة من طلبة العلم‪.‬‬
‫الشيخ ’ مالزم ًة حثيث ًة وهو طالب يف جامعة العلوم‬
‫َ‬ ‫الز َم‬
‫‪ -18‬د‪ .‬أسامة شاهني‪َ :‬‬
‫اإلسالمية العاملية‪ ،‬وحرض دروسه اخلاصة والعامة‪ ،‬وانتفع بعلمه وكتبه ومنهجه يف التفسري‪،‬‬
‫التنزه َّية لدماثة أخالقه وطِيب معرشه‪.‬‬
‫وكان الشيخ حيب صحبته يف رحالته ُّ‬
‫‪36‬‬

‫‪ -19‬أسامة صنوبر‪ :‬حرض دروس الشيخ ’ اخلاصة والعامة‪ .‬وهو الذي يعمل‬
‫عىل تصميم أعامله العلمية عىل مواقع التواصل االجتامعي يف حياته وبعد وفاته‪.‬‬
‫عمن‪ ،‬حرض دروس الشيخ ’ يف‬
‫وخطيب يف أحد مساجد َّ‬
‫ٌ‬ ‫‪ -20‬أرشف رسبل‪ :‬إما ٌم‬
‫اجلامعة يف أواخر التسعينيات من القرن امليالدي املنرصم‪ ،‬واستفاد من علمه‪ ،‬وكان يستضيف‬
‫الشيخ يف مسجده للمحارضة والتدريس‪.‬‬
‫َ‬
‫‪ -21‬أرشف سعد‪ :‬تتلمذ عىل كتب الشيخ ’‪ ،‬وكان دائم التواصل معه عرب اهلاتف‬
‫للفتوى واالستشارة والتوجيه‪ ،‬وهو ممن أخذ عنه عرب وسائل االتصال املختلفة بحكم إقامته‬
‫املسجلة يف التفسري واللغة وعلوم القرآن‪ ،‬ومن وفائه للشيخ بعد‬
‫َّ‬ ‫يف فلسطني‪ ،‬وحرض دروسه‬
‫وفاته أ ْن حدَّ ث الناس يف مساجد فلسطني عن مكانة الشيخ وعلمه وشامئله‪ ،‬وساهم يف نرش‬
‫علمه وكتبه‪.‬‬
‫‪ -22‬أرشف املهداوي‪ :‬من طلبة العلم املشتغلني بالتجارة‪ .‬حرض دروس الشيخ‬
‫نموذجا للتاجر‬
‫ً‬ ‫’ يف اجلامعة ودروسه اخلاصة والعامة‪ .‬وكان الشيخ ُيثني عليه كث ًريا ويراه‬
‫املسلم‪ ،‬ولذا كان ُييب دعوته لإلفطار يف بيته يف رمضان كل ٍ‬
‫سنة تقري ًبا‪ ،‬وله جهو ٌد كبري ٌة يف‬
‫تعليمي أطلقه مع ُث َّلة من إخوانه حتت مسمى‪> :‬مرشوع‬ ‫ٍّ‬ ‫نرش علم الشيخ من خالل مرشو ٍع‬
‫عامل مبادر<‪.‬‬
‫‪ -23‬د‪ .‬انتصار اجلالودي‪ :‬باحثة ومتخصصة يف التفسري وعلوم القرآن‪ ،‬ومع ذلك‬
‫فهي تعمل ممرض ًة يف أحد املستشفيات‪ .‬حرضت دروس الشيخ ’ يف اجلامعة ودروسه‬
‫اخلاصة والعامة‪ ،‬وكانت من الطالبات املتميزات يف اجلد واالجتهاد‪ ،‬وقد أثنى الشيخ عليها‬
‫بذلك يف مناسبات عديدة‪ ،‬واستعانت به كث ًريا أثناء كتابتها لرسالة الدكتوراه‪ ،‬ومل يكن يبخل‬
‫عليها بالنصح واإلرشاد والتعليم‪.‬‬
‫‪ -24‬د‪ .‬أنس اخلاليلة‪ :‬عميد كلية الرشيعة يف جامعة الزرقاء‪ ،‬أخذ عن الشيخ ’‬
‫يف اجلامعة وحرض دروسه العامة‪ ،‬وانتفع بكتبه ومنهجه‪ ،‬وكان له مود ٌة خاص ٌة عند الشيخ‪.‬‬
‫‪ -25‬أنس الزين‪ :‬درس عليه يف مرحلة الامجستري‪ ،‬وقبل ذلك وبعده كان مالزم ًا له يف‬
‫دروسه العامة واخلاصة يف بيته‪ ،‬ويف مسجد عبد الرمحن بن عوف‪ ،‬ويف مركز مدارج‪ ،‬ومجعية‬
‫املحافظة عىل القرآن الكريم؛ حيث قرأ عليه جمموعة من كتبه؛ مثل‪ :‬اخلطة الرباقة‪ ،‬وهتذيب‬
‫‪37‬‬

‫مشارع األشواق‪ ،‬وإعجاز القرآن البياين‪ ،‬وغري ذلك‪ ،‬كام درس عليه التفسري وأصوله والعقيدة‪.‬‬
‫الشيخ ’‬
‫َ‬ ‫‪ -26‬أنس الشعيبي‪ :‬باحث متخصص يف التفسري وعلوم القرآن‪ ،‬رافق‬
‫يف رحلته الدعوية إىل دمشق‪ ،‬وأخذ عنه التفسري يف دروسه اخلاصة والعامة‪.‬‬
‫‪ -27‬د‪ .‬أنس صربي‪ :‬باحث ومتخصص يف التفسري‪ ،‬حرض دروس الشيخ ’‬
‫اخلاصة والعامة‪ ،‬وهو خليفته يف تدريس التفسري يف مسجد عبد الرمحن بن عوف‪ ،‬وقد أ َّدى‬
‫عمر ًة عن الشيخ بعد وفاته مبارشة‪.‬‬
‫‪ -28‬د‪ُ .‬أنَيس صالح الكوسويف‪ :‬وفد من كوسوفا إىل األردن إلكامل الدراسات العليا‬
‫يف التفسري وعلوم القرآن سنة (‪2014‬م)‪ ،‬وحرض دروس الشيخ‪ ،‬وقرأ كتبه‪ ،‬وانتفع بعلومه‬
‫وأخالقه وفكره‪.‬‬
‫‪ -29‬أيمن الرشق‪ :‬يعمل يف ِحرفة النجارة‪ .‬حرض دروس الشيخ ’ اخلاصة‬
‫والعامة‪ ،‬وانتفع بكتبه‪.‬‬
‫‪ -30‬د‪ .‬أيمن عبد العزيز عمرو‪ .‬وهو ابن الدكتور العامل عبد العزيز عمرو ’‪:‬‬
‫باحث ومتخصص يف الرتبية‪ ،‬الزم الشيخ يف الثامنينيات من القرن امليالدي املنرصم‪ ،‬وسافر‬
‫معه للعمرة برفقة عدد من طلبة كلية الرشيعة يف اجلامعة األردنية‪.‬‬
‫‪ -31‬د‪ .‬أيمن عيل العتوم‪ :‬الروائي والشاعر األردين الكبري؛ له العديد من الروايات‬
‫درسه يف التفسري‬
‫األدبية والدواوين الشعرية املم َّيزة‪ ،‬تتلمذ عىل الشيخ رمحه اهلل تعاىل‪ ،‬وحرض َ‬
‫بعد صالة الفجر يف مسجد عبد الرمحن بن عوف يف >صويلح< أربع سنوات (‪-١٩٩٩‬‬
‫يسحرك إذا تك َّلم‬
‫ُ‬ ‫‪٢٠٠٣‬م)‪ .‬وقد أثنى عليه الشيخ يف إحدى حمارضاته‪ ،‬وقال إنه شاعر ُمبدع‪،‬‬
‫شعرا‪ ،‬وهو مبدع أيض ًا يف رواياته األدبية‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -32‬بتول اخلالدي‪ :‬ابن ُة الشيخ ’‪ ،‬وأستاذة التفسري يف جامعة امللك خالد‬
‫بالسعودية‪ .‬أرشف عىل تكوينها العلمي يف التفسري‪ ،‬وكان دائم التوجيه واإلرشاد هلا‪.‬‬
‫‪ -33‬حتسني نوفل‪ :‬رفيق الشيخ ’ يف دروسه‪ ،‬وصاح ُبه يف الذهاب إليها واإلياب‬
‫ٍ‬
‫وحمبة‪ ،‬وكانت سيارتُه حتت أمر الشيخ‪ ،‬وكانت بينهام عالق ٌة‬ ‫ٍ‬
‫وصرب‬ ‫ٍ‬
‫بإخالص‬ ‫الشيخ‬
‫َ‬ ‫منها‪ .‬خدم‬
‫الشيخ ’ إذا كان مرت ِّد ًدا يف أي ٍ‬
‫أمر وعلم بوجوده‪ ،‬فإنه جيزم‬ ‫َ‬ ‫خاص ٌة ال نظ َري هلا‪ ،‬لدرجة َّ‬
‫أن‬ ‫َّ‬
‫غسل الشيخ بعد وفاته‪.‬‬
‫املشاركة ملحبته يف مصاحبته‪ .‬وكان ممَّن َّ‬
‫‪38‬‬

‫‪ -34‬تسنيم أبو دية‪ :‬أخذت عن الشيخ ’ التفسري يف جامعة العلوم اإلسالمية‬


‫العاملية‪ ،‬وكانت حريصة عىل نرش علم الشيخ من خالل عقد املحارضات العامة له يف اجلامعة‪.‬‬
‫‪ -35‬أ‪ .‬د‪ .‬جهاد نصريات‪ :‬أستاذ التفسري وعلوم القرآن يف اجلامعة األردنية‪ ،‬وأحد‬
‫عمن‪ ،‬له عناي ٌة خاص ٌة ببالغة القرآن ولغته‪ ،‬أخذ عنه يف اجلامعة ويف دروسه‬
‫أعيان التفسري يف َّ‬
‫ودرس كت َبه يف اجلامعة‪.‬‬
‫اخلاصة والعامة‪َّ ،‬‬
‫‪ -36‬جواد عايش‪ :‬كان من املالزمني لدروس الشيخ العامة يف التفسري‪ ،‬التي كان‬
‫يلقيها يف مسجد الرمحة بمنطقة جبل النرص يف عامن‪ ،‬يف أواسط الثامنينيات من القرن الاميض‪،‬‬
‫وهو الذي قام بتسجيل تلك الدروس صوت ًيا‪ ،‬وتُعدُّ أقد َم ما يوجد بصوت الشيخ من دروس‬
‫وحمارضات فيام أعلم‪.‬‬
‫‪ -37‬أ‪ .‬د‪ .‬حاتم التميمي‪ :‬أستاذ التفسري وعلوم القرآن والقراءات يف جامعة >أبو ديس<‬
‫يف القدس‪ ،‬ومن أعيان التفسري والقراءات يف فلسطني‪ ،‬أخذ التفسري عن الشيخ ’ يف اجلامعة‪،‬‬
‫خاصا‪ ،‬وقد نرش علم الشيخ يف اجلامعة‪،‬‬
‫وحرض دروسه اخلاصة والعامة‪ ،‬وكان الشيخ حيبه ح ًّبا ًّ‬
‫وكان يقول لطلبته‪> :‬أنتم أوالدي يف العلم‪ ،‬وجدُّ كم الدكتور صالح اخلالدي‪ ،‬فهو أيب يف العلم<!‪.‬‬
‫ومدير أعامله العلمية‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ووارث علمه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الشيخ ’‪،‬‬ ‫‪ -38‬د‪ .‬حذيفة اخلالدي‪َ :‬و َلدُ‬
‫الزمه مالزم ًة تا َّم ًة يف‬
‫وسندُ ه يف السنوات العرش األخرية من حياته‪ ،‬وراوي ُة كتبه بعد وفاته‪َ .‬‬
‫الشيخ‬
‫ُ‬ ‫مكتبه ويف ِح ِّله وترحاله‪ ،‬وحرض دروسه اجلامعية ودروسه اخلاصة والعامة‪ ،‬وكان‬
‫دائم يف‬ ‫يعتمد عليه كث ًريا يف األعامل العلمية‪ ،‬وبينهام عالق ٌة وطيدةٌ‪ ،‬كان الشيخ ’ ُي َ ِّ‬
‫ص ُح ً‬
‫راض عنه‪ ،‬وأنه من أهل العلم‪ ،‬وهو خليفته يف تدريس التفسري بعد وفاته بصحبة‬ ‫ٍ‬ ‫دروسه بأنه‬
‫د‪ .‬رأفت املرصي‪ .‬أسأل اهلل له التوفيق والسداد والسري عىل هنج والده‪.‬‬
‫‪ -39‬د‪ .‬حذيفة اخلطيب‪ :‬أستاذ احلديث الرشيف يف جامعة >ماردين< يف تركيا‪ ،‬كان‬
‫عىل تواصل مستمر مع الشيخ ’‪ ،‬واستفاد من كتبه ودروسه العامة‪.‬‬
‫‪ِ -40‬ح ْل ِمن خري الامليزي‪ :‬من طلبة العلم الوافدين إىل األزهر الرشيف لتعلم العلم‬
‫الرشعي‪ ،‬انتفع كث ًريا بكتب الشيخ ’ وتا َبعه يف دروسه املسجلة‪ ،‬وكان بينه وبني الشيخ‬
‫تواصل دائم‪ ،‬وله جهود يف نرش كتب الشيخ بني الطلبة الامليزيني‪ ،‬يف حياة الشيخ وبعد وفاته‪،‬‬
‫من خالل إقامة جمالس علمية يف مناقشة كتبه ومدارستها‪.‬‬
‫‪39‬‬

‫‪ -41‬حنان الرفاعي‪ :‬متقاعد ٌة من التعليم املدريس‪ ،‬حرضت دروس الشيخ ’ يف‬


‫التفسري وعلوم القرآن يف >مؤسسة مدارج<‪.‬‬
‫‪ -42‬حنان العبويني‪ :‬أخذت عنه التفسري يف اجلامعة ويف دروسه اخلاصة والعامة‪.‬‬
‫وسيايس صادق‪ ،‬حرض دروس الشيخ ’ يف‬
‫ٌّ‬ ‫إصالحي أمني‬
‫ٌّ‬ ‫‪ -43‬خالد اجلهني‪:‬‬
‫العقبة‪ ،‬واستفاد من فكره يف اإلصالح والعمل اإلسالمي‪.‬‬
‫ٍ‬
‫مركز لتحفيظ‬ ‫‪ -44‬خالد دعابس‪ :‬حماسب يف بعض الدوائر احلكومية‪ ،‬ومرشف عىل‬
‫القرآن الكريم‪ .‬الزم الشيخ ’ يف مسجد عبد الرمحن بن عوف‪ ،‬وحرض دروسه العامة‬
‫وانتفع بعلمه‪ ،‬وشاركه يف العديد من األعامل القرآنية يف التسعينات من القرن امليالدي املنرصم‪.‬‬
‫‪ -45‬خلدون ربيحات‪ :‬بينه وبني الشيخ ’ مود ٌة وإخا ٌء كبريان‪ ،‬وكان ال يقطع‬
‫غسله بعد وفاته‪.‬‬
‫الشيخ من زيارته يف بيته‪ ،‬وهو ممَّن َّ‬
‫‪ -46‬خريي ِسدر‪ :‬أخذ عن الشيخ ’ يف جامعة العلوم التطبيقية‪ ،‬وحرض دروسه‬
‫العامة‪ ،‬وانتفع بكتبه ومنهجه يف الدعوة والرتبية‪.‬‬
‫رحال‪ :‬جماز ٌة بالقراءات العرش‪ ،‬أخذت عن الشيخ ’ التفسري وتوجيه‬
‫‪ -47‬دانية َّ‬
‫القراءات والنحو يف >معهد القراءات القرآنية< و>مؤسسة مدارج<‪.‬‬
‫‪ -48‬دعاء مفيد‪ :‬أخذت عن الشيخ ’ التفسري وتوجيه القراءات والنحو يف >معهد‬
‫القراءات القرآنية< و>مؤسسة مدارج<‪.‬‬
‫‪ -49‬دينا عبد الفتاح اصبيح‪ :‬جماز ٌة بالقراءات العرش‪ ،‬شهد الشيخ ’ ختمها‬
‫للقراءات العرش عىل جميزها‪ ،‬وهو نجله د‪ .‬حذيفة اخلالدي‪ ،‬وأخذت عن الشيخ التفسري‬
‫وتوجيه القراءات والنحو يف >معهد القراءات القرآنية< و>مؤسسة مدارج<‪.‬‬
‫وح َف َظة القرآن واملجاهدين يف فلسطني‪ ،‬تر َّبى عىل‬
‫‪ -50‬رائد مسك‪ :‬من طلبة العلم َ‬
‫كتب الشيخ ’ وحرض دروسه يف أواسط التسعينات من القرن امليالدي املنرصم‪ ،‬وقام‬
‫بعملية بطولية يف القدس‪ ،‬قتل فيها أكثر من >‪ <20‬مستوطنًا‪ ،‬لريتقي يف تلك العملية شهيدً ا‬
‫سعيدً ا بإذن اهلل تعاىل‪.‬‬
‫‪ -51‬رابعة اخلالدي‪ :‬ابن ُة الشيخ ’‪ ،‬كانت تساعده كث ًريا يف نرش علمه وتصحيح‬
‫كتبه‪.‬‬
‫‪40‬‬

‫عمن‪ ،‬من طلبة‬


‫وخطيب يف أحد مساجد َّ‬
‫ٌ‬ ‫مدريس وإما ٌم‬
‫ٌّ‬ ‫معلم‬
‫ٌ‬ ‫‪ -52‬راشد الرفايت‪:‬‬
‫الشيخ ’ يف كلية الدعوة وأصول الدين‪ ،‬أخذ عنه التفسري يف دروسه اخلاصة‪ ،‬وكانت له‬
‫ومواقف ال تنسى مع الشيخ‪ ،‬ومما حيفظه من وصايا الشيخ له ولزمالئه‪> :‬كونوا‬
‫ُ‬ ‫جمالس طيبة‬
‫ُ‬
‫ر َّبان ِّيني سلف ِّيني حرك ِّيني<‪ ،‬وكان يوصيهم بقراءة >يف ظالل القرآن< وتفسري >ابن ُج َز ٍّي<‪،‬‬
‫ويقول هلم‪> :‬تفسري ابن ُج َز ٍّي جتد فيه نكهة خاصة؛ ألن مؤلفه شهيد<!‪.‬‬
‫‪ -53‬د‪ .‬رأفت املرصي‪ :‬املرشف العام عىل >مؤسسة مدارج<‪ ،‬وأحد أعيان التفسري يف‬
‫خواص طالب الشيخ‪ ،‬أخذ عنه الكثري من العلوم‪ ،‬وقرأ عليه عد ًدا من الكتب‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫عمن‪ُ ،‬يعدُّ من‬
‫َّ‬
‫وتأثر بمنهجه يف التفسري‪ ،‬وهو خليفته يف تدريس التفسري بعد وفاته‪ ،‬بصحبة ولده د‪ .‬حذيفة‬
‫الشيخ ’ يف بيته قبل وفاته بأيام‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫شخص يزوره‬ ‫آخر‬
‫اخلالدي‪ ،‬وكان َ‬
‫‪ -54‬رندة شكوكاين‪ :‬أخذت عن الشيخ ’ التفسري يف اجلامعة ويف دروسه اخلاصة‬
‫والعامة‪ ،‬وكانت تعتني كث ًريا باستنصاحه واسرتشاده‪ ،‬ومل يكن يبخل عليها بيشء من ذلك‪،‬‬
‫وكتب هلا بتاريخ (‪2011/10/26‬م) وصي ًة فيها >‪ <15‬نصيح ًة شامل ًة للعلم والفكر واملنهج‬
‫واحلياة‪ ،‬وقد اشتهرت هذه الوصية كث ًريا بعد وفاة الشيخ‪ .‬وقد أثب ُّتها يف مكاهنا من >وصاياه<‬
‫يف هذا الكتاب‪.‬‬
‫‪ -55‬روان عيل‪ :‬زوج ُة نجله د‪ .‬حذيفة‪ ،‬حرضت دروسه اخلاصة والعامة‪ ،‬وقرأت‬
‫كت َبه‪ ،‬وانتفعت بعلمه ومنهجه يف التفسري‪.‬‬
‫‪ُ -56‬روال اخلالدي‪ :‬ابن ُة الشيخ ’‪ ،‬حرضت دروسه يف اجلامعة‪ ،‬ودروسه اخلاصة‬
‫والعامة‪.‬‬
‫ومتخصص يف احلديث الرشيف‪ ،‬حرض دروس الشيخ‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫باحث‬ ‫‪ -57‬رياض هديب‪:‬‬
‫’ يف اجلامعة‪ ،‬وتأثر كث ًريا بنظراته وفكره وأنفاسه اجلهادية احلرة‪.‬‬
‫َن َفر إىل الشام يف بداية الثورة السورية نُرص ًة للمستضعفني‪ ،‬و ُقتل شهيدً ا سعيدً ا ‪ -‬بإذن‬
‫اهلل ‪ -‬عىل أرض الشام يف (‪2013/1/14‬م)‪ .‬وممَّا قاله الشيخ ’ له يو ًما‪> :‬أنت تعيش‬
‫لست عندنا‪ ،‬ولست منا‪ ،‬أنت ضيف عندنا<!‪.‬‬
‫معنا وعمرك قصري‪ ،‬وأنت َ‬
‫‪ -58‬الزهراء عادل‪ :‬باحث ٌة جزائري ٌة يف جامعة اجلزائر‪ ،‬أخذت علم الشيخ ’ من‬
‫خالل كتبه ودروسه املسجلة وتواصلها معه عرب وسائل التواصل املختلفة‪ ،‬كتبت رسالتها‬
‫‪41‬‬

‫الامجستري بعنوان‪> :‬جهود صالح عبد الفتاح اخلالدي يف البيان القرآين<‪ ،‬ونوقشت سنة‬
‫(‪2021‬م)‪.‬‬
‫‪ -59‬سائد الطوبايس‪ :‬من طلبة العلم يف مدينة إربد‪ ،‬بدأ باألخذ عن الشيخ ’‬
‫وهو طالب يف كلية الدعوة وأصول الدين سنة (‪1995‬م)‪ ،‬واستمرت عالقته بالشيخ يزوره‬
‫ويتابعه إىل أن تويف رمحه اهلل‪.‬‬
‫مواقف عجيب ٌة مع الشيخ تدل عىل مكانته العالية يف قلبه؛ منها‪ :‬أنه تغ َّيب عن‬
‫ُ‬ ‫وله‬
‫درسها الشيخ‪ ،‬والسبب يف تأخره انشغا ُله بأخبار‬
‫االختبار النهائي يف مادة التفسري التي كان ُي ِّ‬
‫أحد املجاهدين‪ ،‬الذي قام باالشتباك مع اليهود يف فلسطني‪ ،‬وقتل منهم ثالثة ثم قتلوه‪ ،‬فلام‬
‫الشيخ فرح ٌة كبريةٌ‪ ،‬وقال‪> :‬كرمال عيون الشهيد اعترب‬
‫َ‬ ‫جاء إىل الشيخ وأخربه باخلرب غمرت‬
‫حالك امتحنت<‪ .‬وأعطاه العالمة الكاملة!‪.‬‬
‫ومن مواقفه كذلك‪ :‬أنه طلب من الشيخ مرج ًعا يف قصة إبراهيم |‪ ،‬وكان الشيخ‬
‫ليصورها ويأخذ‬
‫ِّ‬ ‫حينها يكتب كتاب >القصص القرآين<‪ ،‬فأعطاه النسخة الورقية التي بخط يده‬
‫منها ما يريد‪ ،‬فقام بتصوير الكتاب‪ ،‬وما يزال حيتفظ به عنده‪.‬‬
‫‪ -60‬سحر عبد الكريم محدة‪ :‬كانت حترض‪ ،‬هي وأختها سعاد‪ ،‬حمارضاته ودروسه‬
‫يف >تفسري الزحمرشي< كل يوم ثالثاء يف >مجعية أم القرى< يف منطقة جبل التاج بعامن‪ .‬وكانت‬
‫معجبة بأسلوب الشيخ اجلذاب يف رشح قصص القرآن وربط اآليات بعضها ببعض‪.‬‬
‫‪ -61‬سحر املقويس‪ :‬أخذت العلم عنه يف كلية أصول الدين ما بني سنتي (‪2004‬م‬
‫و‪2007‬م)‪ ،‬وكانت شديد َة احلرص عىل تدوين مجيع فوائده يف املحارضات‪ ،‬وقد انتفعت‬
‫بكتبه ومنهجه العلمي والدعوي‪ .‬ويف يوم جنازته جاءت لتصيل عليه صالة اجلنازة‪ ،‬وكان من‬
‫نصيبها أن تراه قبل أخذه للمسجد لصالة اجلنازة‪.‬‬
‫‪ -62‬سعاد عبد الكريم محدة‪ :‬حرضت هي وأختها سحر‪ ،‬دروسه يف التفسري والرتبية‬
‫عمن أواخر الثامنينات‪ ،‬فقد كان الشيخ‬
‫التي كان ُيلقيها الشيخ ’ يف منطقة >جبل التاج< يف َّ‬
‫درس فيها >تفسري الكشاف< للزخمرشي وغريه‪،‬‬
‫ُيواظب عىل التدريس يف تلك املنطقة لسنوات‪َّ ،‬‬
‫جملسا أسبوع ًّيا َّ‬
‫كل يوم ثالثاء يف الرتبية والتزكية والتوجيه‪ ،‬وقد جتاوزت‬ ‫وكان يعقد فيها ً‬
‫ٍ‬
‫درس يف تلك املنطقة‪.‬‬ ‫دروسه >‪<500‬‬
‫‪42‬‬

‫أثر كب ٌري يف صقل شخصيتها وتوجيهها نحو القرآن والدعوة إىل اهلل‪.‬‬
‫كان للشيخ ٌ‬
‫‪ -63‬سعيد حممود السعيد أبو قطيش‪ :‬الزم درسه يف التفسري الذي كان يعقده يف‬
‫مسجد الرمحة بمنطقة جبل النرص يف عامن أواسط الثامنينات من القرن الاميض‪.‬‬
‫‪ -64‬د‪ .‬سفر حسنوف‪ :‬أستاذ التفسري واللغة العربية يف بلغاريا‪ .‬قدم إىل األردن‪،‬‬
‫وأخذ عنه التفسري‪ ،‬وحرض دروسه اجلامعية ودروسه اخلاصة والعامة‪ ،‬واستضافه يف إسطنبول‬
‫لتدريس التفسري لطلبة كلية اإلهليات يف جامعة إسطنبول‪.‬‬
‫‪ -65‬سلوى الكراد‪ :‬أخذت عن الشيخ ’ التفسري وعلوم القرآن وتوجيه القراءات‬
‫والنحو يف معهد >معهد القراءات القرآنية< و>مؤسسة مدارج<‪ .‬وكان الشيخ سب ًبا يف تفكريها‬
‫مرشوع لتحفيظ القرآن‬
‫ٌ‬ ‫بمرشوع قرآين ٍ‬
‫كبري‪ ،‬أطلقت عليه اسم‪> :‬مرشوع لنت ُلو كالفاحتة<‪ ،‬وهو‬ ‫ٍّ‬
‫الكريم بطريقة مت َقنة جدً ا‪ ،‬تصل الطالب ُة فيه لتسميع القرآن كاملً بدون أخطاء‪.‬‬
‫فعندما كان الشيخ يرشح للطلبة كتاب >علوم القرآن< للدكتور عدنان زرزور‪ ،‬حفظه‬
‫اهلل‪ ،‬قال هلم عند احلديث عن مجع القرآن الكريم‪> :‬تعا َل ْوا يا َح َف َظ ُة<! فأ َّثرت فيها هذه الكلمة‪،‬‬
‫وخترج منه‬ ‫ودفعتها للتفكري بمرشو ٍع ُي ِّرج احلَ َف َظة املتقنني‪ ،‬وقد َّ‬
‫يس اهلل هلا إقامة املرشوع‪َّ ،‬‬
‫مئات احلافظات املتقنات‪.‬‬
‫الشيخ ’ عرشات السنني يف‬
‫َ‬ ‫جماز بالقراءات العرش‪ِ ،‬‬
‫صحب‬ ‫‪ -66‬سليم حرب‪ٌ :‬‬
‫مسجد عبد الرمحن بن عوف ومسجد فريد اخلليل‪ ،‬وحرض دروسه اخلاصة والعامة‪.‬‬
‫‪ -67‬أ‪.‬د‪ .‬سليامن الدقور‪ :‬أستاذ التفسري وعلوم القرآن يف اجلامعة األردنية‪ ،‬وأحد‬
‫أعيان التفسري يف األردن‪ ،‬له عناية خاصة بعلوم تد ُّبر القرآن‪ ،‬أخذ عنه يف اجلامعة ويف دروسه‬
‫ودرسها‪ ،‬وتأثر بمنهجه يف التفسري‪.‬‬
‫اخلاصة والعامة سنني عديدة‪ ،‬وقرأ كت َبه َّ‬
‫‪ -68‬د‪ .‬سمر حاووط‪ :‬جماز ٌة بالقراءات العرش‪ ،‬ومتخصص ٌة يف التفسري‪ ،‬حرضت‬
‫دروس الشيخ ’ يف اجلامعة‪ ،‬وانتفعت بكتبه ومنهجه يف التعليم والرتبية‪ ،‬وهلا موقف مؤ ِّث ٌر‬
‫واحدة من جذر >أرب<‬ ‫ٍ‬ ‫الشيخ عن ورود ٍ‬
‫كلمة‬ ‫ُ‬ ‫مع الشيخ يف شعبة الدراسات العليا عندما تكلم‬
‫يف القرآن‪ ،‬وهي يف قوله تعاىل‪:‬ﱹ ﯥ ﯦ ﱸ [النور‪ ،]31 :‬ونفى ورو َد غريها‪َ ،‬‬
‫فذك ََّرته بقوله‬
‫تعاىل‪ :‬ﱹ ﮉ ﮊ ﱸ [طه‪ ،]18 :‬فقال الشيخ للطلبة‪> :‬أصابت سمر وأخطأ الدكتور<‪ ،‬ثم‬
‫أثنى عليها وعىل طلبة القراءات‪.‬‬
‫‪43‬‬

‫‪ -69‬د‪ .‬سمري كساسبة‪ :‬باحث ومتخصص يف التفسري وعلوم القرآن‪ ،‬أخذ عنه يف كلية‬
‫مر ًة ُينشد قول الشاعر‪:‬‬ ‫الشيخ َّ‬‫َ‬ ‫فضل عليه يف إتقان النحو‪ ،‬وسمع‬ ‫العلوم اإلسالمية‪ ،‬وكان للشيخ ٌ‬
‫ـت با َملن ِ‬
‫َاقيـ ـ ـ ـ ِـر‬ ‫ـت إليـ ـ ـ ــه و َأ َّن ـ ـ ـ ـ ـ ْ‬
‫َحنَّ ـ ـ ـ ْ‬ ‫َّحو ِمن َش ٍ‬
‫ف‬ ‫لو َت ْع َل ُم ال َّط ُري ما يف الن ِ‬
‫َ‬
‫الس ـنَانِ ِ‬
‫ري‬ ‫الب و َأ ْصـ َـو ُ‬
‫ات َّ‬ ‫ـك ِ‬‫َنبــح الـ ِ‬
‫ْ ُ‬ ‫إن ال َك ـ ــا َم بـ ـ ـ ـ ـ ــا َنحـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـو ُي َز ِّينُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُه‬
‫َّ‬

‫فأ َّثر فيه‪ ،‬ودفعه إىل إتقان النحو والرصف وضبطِهام ضب ًطا عال ًيا‪.‬‬
‫‪ -70‬رشيفة السباح‪ :‬جماز ٌة بالقراءات العرش‪ ،‬أخذت التفسري وتوجيه القراءات والنحو‬
‫عن الشيخ ’ يف >معهد القراءات القرآنية< و>مؤسسة مدارج<‪.‬‬
‫‪ -71‬شهرية الامليزية‪ :‬درست الرشيعة يف >جامعة الريموك< يف مدينة إربد‪ ،‬وكانت‬
‫عمن‪.‬‬
‫حترص عىل حضور دروسه يف َّ‬
‫‪ - 72‬صفاء شكوكاين‪ :‬حرضت دروس الشيخ ’ اخلاصة والعامة‪ ،‬وانتفعت‬
‫بكتبه‪ ،‬وكانت حريص ًة دو ًما عىل استفتائه واستشارته‪ ،‬ومل يكن يبخل عليها بيشء من علمه‬
‫ونُصحه‪.‬‬
‫‪ -73‬صوفيا الامليزية‪ :‬طالبة علم ماليزية‪ ،‬هلا جهد طيب يف نرش كتب الشيخ ’‬
‫و ُمدارستها‪ ،‬وكانت حترص عىل استنصاح الشيخ واألخذ بتوجيهاته يف ذلك‪.‬‬
‫ٌ‬
‫باحث يف االقتصاد اإلسالمي واملصارف اإلسالمية‪ ،‬أرشف‬ ‫‪ -74‬د‪ .‬ضياء العطيات‪:‬‬
‫عليه الشيخ ’ يف إعداد رسالته يف الامجستري‪ ،‬وحرض دروسه اجلامعية‪ ،‬وانتفع بمنهجه يف‬
‫التفسري والتعليم‪.‬‬
‫العزام‪ :‬من طلبة العلم يف مدينة >الرصيح< شامل األردن‪ ،‬حرض دروس‬
‫‪ -75‬طه َّ‬
‫الشيخ ’ وانتفع بعلمه كث ًريا‪ ،‬وكان يقول له الشيخ‪> :‬أنت سفري الرصيح عندنا<‪.‬‬
‫‪ -76‬د‪ .‬عبد الرمحن بني فواز‪ :‬حما ٍم رشعي ومتخصص يف التفسري‪ ،‬أخذ عن الشيخ‬
‫’ >تفسري آيات األحكام< يف بيته مع ُث َّلة من طلبة العلم‪.‬‬
‫‪ -77‬د‪ .‬عبد الرحيم السفاريني‪ :‬من خرجيي الفوج األول يف كلية الدعوة وأصول‬
‫الزم دروس الشيخ ’ من سنة (‪1990‬م) حتى وفاته‪ ،‬مل ينقطع عنها‪ ،‬وقد تأثر‬
‫الدين‪َ ،‬‬
‫اين‬ ‫كث ًريا بمنهجه يف التعليم والتفسري والرتبية ومصاحبة القرآن‪ ،‬وكان يرى فيه ً‬
‫مثال للعامل الر َّب ِّ‬
‫‪44‬‬

‫والباحث احلصيف والداعية املو َّفق‪ ،‬وتُعجبه عبار ٌة كان يرددها الشيخ عند اشتداد النقاش بينه‬
‫وبني بعض الطلبة دو ًما‪ ،‬وهي قوله‪> :‬اإلسالم َي َس ُعنِي و َي َس ُع َك<‪.‬‬
‫‪ -78‬أ‪ .‬د‪ .‬عبد السالم الفندي‪ :‬أستاذ احلديث الرشيف يف جامعة العلوم التطبيقية‪،‬‬
‫عمن‪ .‬أخذ عن الشيخ ’ يف اجلامعة‪ ،‬وحرض دروسه العامة‪،‬‬ ‫وإما ٌم وخطيب يف أحد مساجد َّ‬
‫تدل عىل تواضعه وطِيب‬
‫مواقف مؤثر ٌة مع الشيخ ُّ‬
‫ُ‬ ‫درس كتبه يف املسجد‪ ،‬وكانت له‬ ‫وكان ُي ِّ‬
‫الشيخ أطعمه بيده ووضع اللقمة يف فيه وهم يف رحلة إىل منطقة >عجلون< مع‬
‫َ‬ ‫معرشه؛ منها َّ‬
‫أن‬
‫طلبة الكلية‪ ،‬ومنها أنَّه أجرى عملية لساقه‪ ،‬فزاره الشيخ يف بيته ليطمئ َّن عىل صحته‪.‬‬
‫املسجلة للشيخ ’ وعىل كتبه‪ ،‬وكان‬
‫َّ‬ ‫‪ -79‬عبد الفتاح النون‪ :‬تتلمذ عىل الدروس‬
‫دائم التواصل معه عرب اهلاتف للفتوى واالستشارة والتوجيه‪ ،‬ومن وفائه للشيخ بعد وفاته أنَّه‬
‫ِ‬
‫ونرشها‪.‬‬ ‫قام بجمع مقاالته القرآنية‬
‫‪ -80‬عبد القادر بامخيس‪ :‬من طلبة العلم يف حرضموت‪ ،‬كان عىل تواصل دائم مع‬
‫الشيخ ’ عرب اهلاتف ووسائل التواصل لإلفادة من علمه وخربته وتربيته‪ ،‬وله جهو ٌد كبري ٌة‬
‫يف نرش علم الشيخ يف حياته وبعد وفاته‪.‬‬
‫إسالمي‪ ،‬حرض دروس الشيخ ’ يف‬
‫ٌّ‬ ‫وإعالمي‬
‫ٌّ‬ ‫مذيع‬
‫ٌ‬ ‫‪ -81‬عبد القدوس القضاة‪:‬‬
‫اجلامعة‪ ،‬ودروسه اخلاصة والعامة يف مسجد عبد الرمحن بن عوف يف تسعينيات القرن امليالدي‬
‫املنرصم‪ ،‬وانتفع بصحبته أثناء دراسته يف كلية الدعوة وأصول الدين‪.‬‬
‫املسجلة للشيخ ’ وعىل‬
‫َّ‬ ‫‪ -82‬عبد الكريم توري العاجي‪ :‬تتلمذ عىل الدروس‬
‫كتبه‪ ،‬وكان دائم التواصل معه عرب وسائل التواصل لالستشارة والتوجيه‪ .‬وقد أذن له الشيخ‬
‫سنة (‪2012‬م) برتمجة كتابه >حقائق قرآنية حول القضية الفلسطينية< إىل اللغة الفرنسية‪ ،‬فقام‬
‫برتمجته وطباعته‪.‬‬
‫حريصا عىل تسجيل مواد الدراسة اجلامعية مع الشيخ‬
‫ً‬ ‫‪ -83‬د‪ .‬عبد اهلل شلنفح‪ :‬كان‬
‫’ يف اجلامعة‪ ،‬وكانت بينهام زيارات يف البيت‪ ،‬وللشيخ فضل كبري يف اجلمع بينه وبني‬
‫زوجته التي كانت زميلته يف اجلامعة‪.‬‬
‫‪ -84‬عبد اهلل عبد الكريم شهوان‪ :‬تتلمذ عليه يف دراسته األكاديمية بكلية الدعوة‬
‫وأصول الدين‪ ،‬وظل عىل وفائه له بعد خترجه‪ ،‬فكان من املداومني عىل لقائه وزيارته يف بيته‪.‬‬
‫‪45‬‬

‫‪ -85‬عبد اهلادي عبد العزيز الامليزي‪ :‬جاء إىل األردن مراف ًقا لزوجته التي تدرس يف‬
‫اجلامعة األردنية‪ ،‬فكان يمأل أوقاته بحضور دروس الشيخ ’ وقراءة كتبه‪ ،‬وذلك يف العام‬
‫علم كث ٌري‪.‬‬
‫(‪2014‬م)‪ ،‬واستمر منقط ًعا لتحصيل علم الشيخ سنتني كاملتني‪ ،‬فحصل له بذلك ٌ‬
‫ويديه كت َبه‪ ،‬وحنَّك ابن َته >حنني<‪ .‬ومن وفائه‬
‫وهيتم به‪ ،‬ويصرب عىل تعليمه ُ‬
‫ُّ‬ ‫الشيخ حيبه‬
‫ُ‬ ‫وكان‬
‫للشيخ أنه ترجم كتابه >سرية آدم |< إىل اللغة املالوية‬
‫‪ -86‬عروب اخلالدي‪ :‬ابن ُة الشيخ ’‪ ،‬حرضت دروسه العامة واخلاصة‪ ،‬وكان يساعدها‬
‫يف طلب العلم ويرشدها يف حتصيله‪ ،‬وهلا جهود يف خدمة تراثه وكتبه يف حياته وبعد وفاته‪.‬‬
‫‪ -87‬عقل حممد عقل‪ :‬درس عليه أصول التفسري‪ ،‬وكذلك تفسري ابن ُجزي يف مركز‬
‫مدارج ويف مجعية املحافظة عىل القرآن الكريم‪.‬‬
‫‪ -88‬د‪ .‬عيل عبد الكريم شهوان‪ :‬أستاذ التفسري وعلوم القرآن يف جامعة طيبة باملدينة‬
‫أربعة أرشف الشيخ ’ عىل رسائلهم يف مرحلة الدكتوراه‪ ،‬أخذ عنه التفسري يف‬ ‫ٍ‬ ‫املنورة‪ ،‬أول‬
‫اجلامعة‪ ،‬وحرض دروسه العامة‪ ،‬وانتفع كث ًريا بكتبه ومنهجه يف التدريس األكاديمي‪.‬‬
‫‪ -89‬د‪ .‬عيل النعمة‪ :‬باحث ومتخصص يف احلديث الرشيف‪ ،‬وهو نجل العلَّمة‬
‫إبراهيم النعمة‪ ،‬حرض دروس الشيخ ’ يف اجلامعة ودروسه اخلاصة والعامة‪ ،‬وكان الشيخ‬
‫هيديه كتبه لام جيد فيه من اهلمة واحلرص عىل التع ُّلم‪.‬‬
‫‪ -90‬د‪ .‬علياء العظم‪ :‬باحثة ومتخصصة يف التفسري وعلوم القرآن‪ ،‬وهي مع ذلك‬
‫مهندسة وكاتبة‪ ،‬حرضت دروس الشيخ ’ يف اجلامعة‪ ،‬وكان هلا اهتام ٌم بكتبه‪ ،‬فكتبت بحثًا‬
‫يف إحدى مواد الدكتوراه بعنوان‪> :‬الدكتور صالح اخلالدي‪ ،‬دراساته ومالمح التجديد فيها<‪،‬‬
‫كتابا‪> :‬حتى يغريوا ما بأنفسهم<‪.‬‬
‫الشيخ َ‬
‫ُ‬ ‫وقدَّ م هلا‬
‫‪ -91‬د‪ .‬عامد الزقييل‪ :‬باحث ومتخصص يف التفسري وعلوم القرآن‪ ،‬أرشف الشيخ‬
‫’ عليه يف رسالة الدكتوراه‪ ،‬وحرض دروسه يف اجلامعة‪ ،‬وتأثر كث ًريا بمنهجه يف التفسري‪.‬‬
‫بدأت معرفته بالشيخ حني دخل كلية الدعوة وأصول الدين يف بداية التسعينات من‬
‫القرن امليالدي املنرصم‪ ،‬وكان الشيخ أحد أعضاء جلنة املقابلة‪ ،‬وبقي بعدها مالز ًما لدروسه‬
‫يف اجلامعة بعدما شهد من علمه وخلقه وتواضعه اليشء الكثري‪.‬‬
‫عمن بعد إحياء ليلة‬
‫مواقف خاصة؛ منها‪ :‬أنه سافر معه من العقبة إىل َّ‬
‫ُ‬ ‫له مع الشيخ‬
‫‪46‬‬

‫السابع والعرشين من رمضان يف العقبة‪ .‬ومنها أنه سافر معه يف آخر حياته إىل وادي الر َّيان يف‬
‫شامل األردن‪ ،‬فأكرمه وأدخل الرسور عىل قلبه‪ .‬ومنها أنه كان يقول له‪> :‬عامد منَّا آل اخلالدي<‪.‬‬
‫ومنها أنه كان يزوره يف بيته‪ ،‬ويصيل اجلمعة عنده‪ ،‬ويتناول الطعام يف بيته‪ .‬ومنها أنه كان يرغب‬
‫يتيس له ذلك‪.‬‬
‫بمصاهرته‪ ،‬إال أنه مل َّ‬
‫ٍ‬
‫مجيلة بعد وفاته‪ ،‬أوردهتا يف‬ ‫ٍ‬
‫بقصيدة‬ ‫الشيخ بقصائدَ شعرية يف حياته‪ ،‬ورثاه‬
‫َ‬ ‫وقد مدح‬
‫مكاهنا من الكتاب‪.‬‬
‫‪ -92‬د‪ .‬عمر محَّاد‪ :‬مدير الشؤون القرآنية يف >مجعية املحافظة عىل القرآن الكريم<‪،‬‬
‫حرض دروس الشيخ اخلاصة والعامة‪.‬‬
‫‪ -93‬د‪ .‬عمر عادي‪ :‬متقاعد من اإلمامة واخلطابة يف وزارة األوقاف األردنية‪ ،‬أخذ عن‬
‫الشيخ ’ >تفسري آيات األحكام< يف بيته مع ُث َّلة من طلبة العلم‪.‬‬
‫‪ -94‬عمر اهلياجنة‪ :‬من طلبة العلم يف مدينة >الزرقاء<‪ ،‬كان حيرص عىل احلضور املبكر‬
‫إىل مسجد فريد اخلليل يوم اجلمعة ليستمع إىل درس اجلمعة الذي كان يلقيه الشيخ ’ قبل‬
‫الصالة‪.‬‬
‫‪ -95‬د‪ .‬عيد احلراحشة‪ :‬إمام وخطيب يف أحد مساجد مدينة >جرش<‪ ،‬حرض دروس‬
‫الشيخ ’ يف اجلامعة‪ ،‬وكانت تربطه به عالقة طيبة‪ ،‬وكان يزوره يف بيته يف جرش‪.‬‬
‫البجايل‪ :‬أخذ عن الشيخ ’ التفسري وتوجيه القراءات والنحو‪ ،‬يف‬
‫‪ -96‬عيسى َّ‬
‫>معهد القراءات القرآنية< و>مؤسسة مدارج<‪.‬‬
‫وحمب للعلم وأهله‪ ،‬أخذ عن الشيخ ’ >تفسري آيات‬
‫ٌّ‬ ‫‪ -97‬د‪ .‬عيسى قشطة‪ :‬طبيب‬
‫األحكام< يف بيته مع ُث َّلة من طلبة العلم‪.‬‬
‫‪ -98‬غادة العيد‪ :‬جماز ٌة بالقراءات العرش‪ ،‬أخذت التفسري وتوجيه القراءات والنحو‬
‫عن الشيخ ’ يف >معهد القراءات القرآنية< و>مؤسسة مدارج<‪.‬‬
‫عمن‪،‬‬
‫‪ -99‬د‪ .‬غازي الدويك‪ :‬مدير للعديد من املدارس اخلاصة واحلكومية يف َّ‬
‫الشيخ ’ بسيارته يف الكثري من الرحالت‬
‫َ‬ ‫ومتخصص يف احلديث الرشيف‪ ،‬كان يصحب‬
‫العلمية والدعوية يف خمتلف مناطق األردن‪ ،‬وحرض دروسه العامة‪ ،‬وانتفع بعلمه وفكره وتربيته‪.‬‬
‫‪47‬‬

‫‪ -100‬د‪ .‬فاتح الصافوطي‪ :‬باحث ومتخصص يف التفسري وعلوم القرآن‪ ،‬أخذ التفسري‬
‫مهتم بعلم الشيخ وكتبه‪،‬‬
‫عن الشيخ ’ يف اجلامعة‪ ،‬وحرض دروسه اخلاصة والعامة‪ ،‬وكان ًّ‬
‫وله جهود طيبة يف نرش علمه يف حياته وبعد وفاته‪.‬‬
‫‪ -101‬د‪ .‬فاضل عباس فاضل‪ :‬باحث عراقي ومتخصص يف التفسري وعلوم القرآن‪ ،‬كتب‬
‫رسالته الدكتوراه عن الشيخ ’ بعنوان‪> :‬جهود الدكتور صالح عبد الفتاح اخلالدي وآراؤه‬
‫يف التفسري وعلوم القرآن< يف اجلامعة العراقية‪ ،‬وقد قام الشيخ بتحنيك ولده >حممد األمني<‪.‬‬
‫‪ -102‬فاطمة القنة‪ :‬جماز ٌة بالقراءات العرش‪ ،‬شهد الشيخ ’ ختمها للقراءات‬
‫العرش عىل جميزها‪ ،‬وهو نجله د‪ .‬حذيفة اخلالدي‪ ،‬وأخذت عن الشيخ التفسري وتوجيه‬
‫القراءات والنحو وعلوم القرآن يف >معهد القراءات القرآنية< و>مؤسسة مدارج<‪.‬‬
‫‪ -103‬فتحي كناكري‪ :‬حرض دروس الشيخ ’ يف >مؤسسة مدارج< يف السنتني‬
‫األخريتني من حياته‪ ،‬وتأثر كث ًريا بمنهجه وأسلوبه وتربيته‪ ،‬وكان الشيخ يصرب عىل إحلاحه يف‬
‫السؤال وكثرة مناقشاته‪ ،‬وحي ُلم عليه كث ًريا‪.‬‬
‫ٍ‬
‫سنوات عديد ًة يسجل دروسه وحمارضاته‬ ‫الشيخ ’‬
‫َ‬ ‫الزم‬
‫‪ -104‬فخري الامليزي‪َ :‬‬
‫يف املساجد واملراكز‪ ،‬وانتفع كث ًريا بمالزمته‪ ،‬وكانت صحب ُته للشيخ سب ًبا يف إكامل دراسته‬
‫الامجستري يف اجلامعة األردنية‪.‬‬
‫‪ -105‬د‪ .‬فرج املساعيد‪ :‬باحث يف التفسري وعلوم القرآن‪ ،‬لزم دروس الشيخ ’‬
‫يف السنة األخرية من حياته‪ ،‬وتأثر به‪ ،‬وانتفع بمنهجه يف العلم‪.‬‬
‫‪ -106‬فردوس الدردساوي‪ :‬حرضت دروس الشيخ ’ يف اجلامعة األردنية سنة‬
‫(‪1985‬م)‪ ،‬وانتفعت بمنهجه يف البحث العلمي والنظر يف اآليات من خالل تفسري سورة األنعام‪.‬‬
‫>لَ ْع ِقدَ َّن اليو َم عقدً ا ليس للشيطان فيه نصيب<‪،‬‬
‫ومن األقوال التي تروهيا عنه قو ُله‪َ :‬‬
‫وكان ُيعلمهم استحضار النية قبل الرشوع يف الدرس بقوله‪> :‬هل نويتم العبادة قبل أن تدخلوا‬
‫القاعة؟!<‪.‬‬
‫‪ -107‬فهد البحري‪ :‬تا َبع دروس الشيخ ’ عن ُبعد وهو مقيم يف السعودية‪ ،‬وقرأ‬
‫ِ‬
‫التواصل معه‪ ،‬وقد‬ ‫دائم‬ ‫كت َبه‪ ،‬ومل ِ‬
‫يلتق بالشيخ مبارش ًة بسبب إقامته خارج األردن‪ ،‬إال أنه كان َ‬
‫نصها‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫أجازه الشيخ بجميع كتبه يف رسالة أرسلها له هذا ُّ‬
‫‪48‬‬

‫إجازة ٌ بكتبي‬

‫بسم ال� ل�ه الرحمن الرحيم‬

‫أجزت ابني الدكتور فهد بن أمحد البحري بكل‬


‫ُ‬ ‫أنا صالح عبد الفتاح اخلالدي‬
‫درسها و ُيع ِّلمها ملن يشاء من طلبة العلم‪ ،‬وأن يتحدَّ َ‬
‫ث هبا يف املدارس‬ ‫كتبي املطبوعة‪ ،‬أن ُي ِّ‬
‫واجلامعات واملساجد واملراكز وما يراه مناس ًبا‪ ،‬و َّفقه اهلل لكل خري وحفظه ورعاه وث َّبته عىل‬
‫احلق‪ ،‬واحلمد هلل رب العاملني‪.‬‬
‫ِّ‬
‫اجلمعة ‪ 27‬شعبان ‪1442‬هـ ‪2021/4/9 -‬م‬
‫غسله‬
‫‪ -108‬فوزي العكايلة‪ :‬بينه وبني الشيخ ’ مود ٌة وإخا ٌء كبريان‪ ،‬وكان ممَّن َّ‬
‫بعد وفاته‪.‬‬
‫‪ -109‬فيصل اخلالدي‪ :‬أخذ عن الشيخ ’ يف دروسه اخلاصة والعامة‪ ،‬وكان‬
‫كل أسبوع من مدينة املفرق دون ك َلل أو م َلل‪ ،‬ولذا كان الشيخ حيبه‬
‫مواظ ًبا عىل دروسه‪ ،‬يأتيه َّ‬
‫حمب ًة خاص ًة‪.‬‬
‫‪ -110‬كنزة سمصار‪ :‬باحث ٌة جزائري ٌة يف جامعة >باتنة<‪ ،‬أخذت علم الشيخ ’ عن‬
‫وتواصلها معه عرب وسائل التواصل املختلفة‪ ،‬كتبت رسالتها‬
‫ُ‬ ‫طريق كتبه ودروسه املسجلة‬
‫الامجستري بعنوان‪> :‬جهود صالح عبد الفتاح اخلالدي يف التفسري املوضوعي<‪ ،‬نوقشت سنة‬
‫(‪2017‬م)‪ ،‬وكان الشيخ يتابع كتابتها و ُيثني عليها‪.‬‬
‫دروسا‬
‫ً‬ ‫عمن‪ ،‬كان الشيخ ’ ُيلقي‬
‫‪ -111‬مالك عبيدي‪ :‬إمام مسجد >أبو غويلة< يف َّ‬
‫يف التفسري يف مسجد عبد اهلل بن رواحة بمدينة الزرقاء سنة (‪2000‬م)‪ ،‬فكان العبيدي حيرض‬
‫هذه الدروس‪ ،‬وانتفع كث ًريا بعلمه‪ ،‬كام حرض دروسه يف >تفسري الكشاف< للزخمرشي‪ ،‬واستفاد‬
‫تعرفه عىل كتب سيد قطب ’‪.‬‬
‫منه املنهج العلمي يف النظر لآليات‪ ،‬وكان الشيخ سب ًبا يف ُّ‬
‫أرشده الشيخ إىل طريقة فريدة لضبط علوم القرآن‪ ،‬وذلك من خالل قراءة مقدمات‬
‫التفاسري‪ ،‬وكث ًريا ما كان يرجع للشيخ إذا أشكل عليه يش ٌء منها‪.‬‬
‫‪49‬‬

‫‪ -112‬د‪ .‬مأمون اخلليل‪ :‬إمام مسجد >فريد اخلليل< الذي كان يصيل فيه الشيخ ’‬
‫يف آخر >‪ <15‬سن ًة من حياته‪ .‬سمع منه تفسري القرآن الكريم كاملً يف دروس الفجر‪ ،‬وله جهو ٌد‬
‫غسل‬
‫كبري ٌة يف تثبيت هذا الدرس‪ ،‬ولقي الكثري من املتاعب يف سبيل املحافظة عليه‪ ،‬وكان ممَّن َّ‬
‫الشيخ بعد وفاته‪.‬‬
‫ومن وفائه للشيخ بعد وفاته أنه بدأ بقراءة كتبه عىل الناس يف املسجد‪ ،‬كام أنه رشع‬
‫سمه‪> :‬مواقف مرشقة من حياة العالمة الشيخ صالح اخلالدي ’<‪ ،‬نسأل‬
‫بتأليف كتاب َّ‬
‫اهلل أن يعينه عىل إمتامه ونرشه‪.‬‬
‫‪ -113‬ماهر بدر ُسمرين‪ :‬بينه وبني الشيخ ’ مود ٌة وإخا ٌء كبريان‪ ،‬وبينهام زيارات‬
‫غسله بعد‬
‫بيتية‪ ،‬وله جهود يف تسجيل العديد من حمارضات التفسري للشيخ ونرشها‪ ،‬وكان ممَّن َّ‬
‫وفاته‪.‬‬
‫‪ -114‬د‪ .‬ماهر علوان‪ :‬باحث ومتخصص يف الفقه وأصوله‪ ،‬وله جهود كبرية يف‬
‫الدعوة إىل اهلل من خالل القنوات الفضائية وغريها‪.‬‬
‫طلب العل ِم عند الشيخ ’ يف كلية الدعوة وأصول الدين‪ ،‬والزمه يف املسجد‬
‫َ‬ ‫بدأ‬
‫ودروسه يف البيت‪ ،‬فأخذ عنه التفسري والعقيدة‪ ،‬وكان ُيباحثه يف املسائل العلمية التي تُشكل‬
‫بالغ يف نفسه‬
‫أثر ٌ‬‫هيتم به وال يبخل عليه بعلمه وإرشاده‪ ،‬وكان هلذا األمر ٌ‬
‫عليه‪ ،‬وكان الشيخ ُّ‬
‫وثباته عىل العلم‪.‬‬
‫خارج األردن‪ ،‬وبقي عىل اتصال دائ ٍم مع الشيخ‬
‫َ‬ ‫سافر بعد انتهاء دراسته اجلامعية‬
‫ومتاب ًعا ألخباره وكتبه‪ ،‬وقد زار الشيخ يف بيته قبل وفاته بأشهر قليلة وق َّبل يده ورأسه‪ ،‬ويقوم‬
‫اآلن بنرش علوم الشيخ وسريته العطرة وفا ًء له‪.‬‬
‫‪ -115‬حممد أبو بكر مساعد الغاين‪ :‬طالب علم‪ ،‬و َفد من دولة >غانا< سنة (‪1995‬م)‬
‫الشيخ ’ مالزم ًة تا َّم ًة‪ ،‬وهنل من علمه‪ ،‬وحرض‬
‫َ‬ ‫لتع ُّلم العلم الرشعي يف األردن‪َ ،‬‬
‫فالزم‬
‫دروسه يف اجلامعة واملسجد والبيت‪ ،‬وبقي عىل تلك احلال حتى رجع إىل بالده سنة (‪2002‬م)‪،‬‬
‫تيمنًا باسم الشيخ ورجاء أن يكون >صالح‬ ‫ومن شدة تع ُّلقه بالشيخ َّ‬
‫سمى ابنه >صالح< ُّ‬
‫اخلالدي< يف إفريقيا‪.‬‬
‫‪50‬‬

‫‪ -116‬د‪ .‬حممد أبو مسامح‪ :‬باحث ومتخصص يف التفسري وعلوم القرآن‪ ،‬حرض‬
‫دروس الشيخ ’ يف اجلامعة‪ ،‬وكان من خرجيي الفوج األول يف كلية الدعوة وأصول الدين‪.‬‬
‫من مواقفه مع الشيخ وهو طالب يف البكالوريوس‪ :‬أنه زار الشيخ يف بيته وأخذ معه‬
‫سل ًة من التني إكرا ًما له‪ ،‬فاعرتض الشيخ عىل اهلدية حتى ال يقع يف قلبه ٌ‬
‫ميل نحوه عند وضع‬
‫وتكررت زياراته للشيخ بعد ذلك ألخذ النصيحة والتوجيه‪.‬‬
‫َّ‬ ‫الدرجات‪،‬‬
‫ٍ‬
‫سنوات عديد ًة يسجل دروسه‬ ‫الزم الشيخ ’‬ ‫‪ -117‬حممد أزرول الامليزي‪َ :‬‬
‫وحمارضاته يف كل مكان‪ ،‬وانتفع كث ًريا بمالزمته‪ ،‬وقرأ كتبه واستفاد منها‪ ،‬ويف سنة (‪2016‬م)‬
‫رجع إىل ماليزيا‪ ،‬وس َّلم أمانة تسجيل املحارضات لزميله فخري الامليزي‪.‬‬
‫‪ -118‬حممد أنجاي السنغايل‪ :‬طالب عل ٍم من >السنغال<‪ ،‬و َفد عىل األردن يف هناية‬
‫الثامنينات من القرن امليالدي املنرصم‪ ،‬وحرض دروس الشيخ ’ يف اجلامعة ودروسه‬
‫العامة‪ ،‬ويعيش اآلن يف >إيطاليا< يدعو إىل اهلل ويعلم املسلمني هناك‪.‬‬
‫الشيخ ’ عىل رسالته يف الدكتوراه‪ ،‬وكان له‬
‫ُ‬ ‫‪ -119‬د‪ .‬حممد البدور‪ :‬أرشف‬
‫الشيخ يف‬
‫َ‬ ‫جهود يف تأسيس وإطالق >أكاديمية ت ْغشاهم< عىل اإلنرتنت للتفسري والتدبر‪ ،‬أرشك‬
‫رئاستها والتعليم فيها‪ ،‬أخذ التفسري عن الشيخ يف اجلامعة‪ ،‬وقرأ كتبه وانتفع بعلمه ومنهجه‪.‬‬
‫باحث وحم ِّق ٌق يف الرتاث اإلسالمي‪ ،‬ومتخصص يف تراث‬
‫ٌ‬ ‫‪ -120‬د‪ .‬حممد اجلُوراين‪:‬‬
‫اإلمام النووي‪ُ ،‬يعدُّ من أبرز طالب الشيخ ’‪ ،‬أخذ عنه يف اجلامعة‪ ،‬وحرض دروسه يف‬
‫التفسري يف الزرقاء سنة (‪2004‬م)‪ ،‬ودروسه يف البيت يف رشح >تفسري الكشاف< و>تفسري‬
‫الشيخ لكتابه >الرقية‬
‫ُ‬ ‫آيات األحكام<‪ ،‬ورافقه يف زياراته العلمية والدعوية يف إسطنبول‪ ،‬وقدَّ م‬
‫الرشعية<‪.‬‬
‫معلم للتجويد والقرآن‪ ،‬أخذ عن الشيخ ’ التفسري يف‬
‫ٌ‬ ‫‪ -121‬حممد خالوي‪:‬‬
‫اجلامعة‪ ،‬ويف دروسه اخلاصة والعامة‪ ،‬وكان له جهود يف تأسيس وإطالق >أكاديمية تغشاهم<‬
‫عىل اإلنرتنت للتفسري والتد ُّبر‪.‬‬
‫‪ -122‬حممد خلف‪ :‬حرض دروس الشيخ ’ اخلاصة والعامة‪ ،‬وتأثر كث ًريا بمنهجه‬
‫الريبة يف العلم‪ ،‬وكان الشيخ يصرب عىل أسلوبه‬
‫وس ْمته يف التواضع وصيانة نفسه عن مواطن ِّ‬
‫َ‬
‫يف السؤال‪ ،‬وحي ُلم عليه كث ًريا‪.‬‬
‫‪51‬‬

‫‪ -123‬حممد ذياب‪ :‬حرض دروس الشيخ ’ اخلاصة والعامة‪ ،‬وقد أهداه الشيخ‬
‫نسخته اخلاصة من كتاب >القبسات السنية من رشح العقيدة الطحاوية<‪.‬‬
‫‪ -124‬حممد ر َّيان‪ :‬من طلبة العلم يف مدينة عكا يف فلسطني املحتلة‪ ،‬قرأ كتب الشيخ‬
‫مرارا‪ ،‬وحرض‬ ‫’‪ ،‬ثم و َفد إىل َّ‬
‫عمن للدراسة يف اجلامعة األردنية‪ ،‬والتقى بالشيخ وزاره ً‬
‫دروسه اخلاصة والعامة‪ ،‬وتأثر كث ًريا بمنهجه وأخالقه وعلومه‪.‬‬
‫‪ -125‬د‪ .‬حممد الشاقلدي‪ :‬نائب مدير عام >أكاديمية روايس للرتبية الدعوية<‪ ،‬حرض‬
‫دروس الشيخ ’ يف اجلامعة‪ ،‬وتأثر بمنهجه يف التعليم والدعوة والرتبية‪.‬‬
‫‪ -126‬د‪ .‬حممد الطرايرة‪ :‬أستاذ الفقه وأصوله وعميد كلية الرشيعة يف جامعة العلوم‬
‫عمن‪ ،‬من أعيان الدعوة يف األردن وعىل مواقع التواصل االجتامعي‪.‬‬
‫التطبيقية يف َّ‬
‫حرض الدروس العامة للشيخ ’‪ ،‬وكان يرت َّدد عىل جملس >تفسري آيات األحكام<‬
‫ٍ‬
‫عمرة َأ َّداها سنة (‪2017‬م)‪ ،‬وتأثر بمنهجه يف الدعوة والتعليم‬ ‫ِ‬
‫وصحبه يف آخر رحلة‬ ‫يف بيته‪،‬‬
‫الشيخ لكتابه >التفسري الوعظي لسوريت الفاحتة والبقرة<‪ ،‬وكان هذا الكتاب من‬
‫ُ‬ ‫والتأليف‪ ،‬قدَّ م‬
‫أكثر كتبه برك ًة ونف ًعا‪.‬‬
‫طلب من الشيخ أن يقوم بتدريس مادة >أصول التفسري ومناهج املفرسين< لطلبة‬
‫ٍ‬
‫جامعية‬ ‫الشيخ لذلك‪ ،‬وكانت هذه الامدة هي آخر ٍ‬
‫مادة‬ ‫ُ‬ ‫كلية الرشيعة سنة (‪2016‬م)‪ ،‬فأجابه‬
‫الشيخ يف حياته‪.‬‬
‫ُ‬ ‫درسها‬
‫ُي ِّ‬
‫والزم‬
‫َ‬ ‫‪ -127‬حممد عبد اجلبار‪ :‬من أبرز طالب الشيخ ’‪ ،‬أخذ عنه التفسري‪،‬‬
‫ٍ‬
‫سنوات طويل ًة‪ ،‬وكانت له عناية خاص ٌة بقراءة كتب الشيخ ومقاالته‬ ‫دروسه اخلاصة والعامة‬
‫وفتاواه‪.‬‬
‫رشعي‪ ،‬حرض دروس الشيخ ’ اخلاصة‬
‫ٍّ‬ ‫ٍ‬
‫قاض‬ ‫‪ -128‬حممد عبد القادر‪ :‬مساعدُ‬
‫والعامة‪ ،‬واختاره الشيخ ليكون قارئًا يف درس رشح كتاب >الوجيز يف التفسري< للواحدي‪.‬‬
‫‪ -129‬حممد عقل حممد‪ :‬إمام مسجد (أبو عيشة) يف عامن‪ ،‬درس عليه يف اجلامعة مادة‬
‫السرية النبوية‪ ،‬ومادة مناهج املفرسين‪ ،‬كام درس عليه يف بيته ويف مجعية املحافظة عىل القرآن‬
‫الكريم‪.‬‬
‫‪52‬‬

‫مدريس‪ ،‬حرض دروس‬


‫ٌّ‬ ‫ومعلم‬
‫ٌ‬ ‫‪ -130‬حممد العكش‪ :‬باحث يف احلديث الرشيف‬
‫الشيخ ’ اخلاصة والعامة‪ ،‬وانتفع بكتبه‪ ،‬والزمه مدةً‪.‬‬
‫وخطيب‪ ،‬بدأ بحضور دروس الشيخ‬
‫ٌ‬ ‫طالب عل ٍم وإما ٌم‬
‫ُ‬ ‫‪ -131‬حممد فايز بني عيسى‪:‬‬
‫لطائف‬
‫ُ‬ ‫’ سنة (‪1995‬م)‪ ،‬ولزم حمارضاته اجلامعية‪ .‬ومما يرويه عن الشيخ قوله‪> :‬أنا عندي‬
‫كثرية‪ ،‬وإن شاء اهلل سأبثُّها لكم يف مستقبل األيام‪ ،‬لكن إذا مل أستطع‪ ،‬وربام لن أستطيع؛ ألن‬
‫عندي الكثري من اللطائف والفوائد القرآنية‪ ،‬وسأتسىل هبا أنا واملالئكة يف قربي<!‪ .‬وقد مجع كتا ًبا‬
‫سمه‪> :‬صور مضيئة من حياة الشهداء ووصاياهم<‪ ،‬وطلب من الشيخ أن يراجع بعض ما فيه‪،‬‬
‫َّ‬
‫ولم أن أراد أن يكتب اسم الشيخ عىل الكتاب أو يف املقدمة رفض الشيخ ذلك‪.‬‬
‫ففعل الشيخ‪َّ ،‬‬
‫‪ -132‬حممد فتحي السيالوي‪ :‬صحب الشيخ سنوات عديدة‪ ،‬ورافقه يف رحلته‬
‫الدعوية إىل دمشق‪ ،‬والزم دروسه اخلاصة والعامة‪ ،‬واستفاد كثري ًا من جمالسته الطويلة‪ ،‬وكان‬
‫الشيخ ُيثني عليه وحي ُّبه‪ ،‬وأهداه كثري ًا من كتبه ممهورة ًباسمه وتوقعيه وإهدائه‪ .‬أخذ عن الشيخ‬
‫التفسري‪ ،‬وعلوم القرآن‪ ،‬وعلم العقيدة‪ ،‬وعلوم العربية‪ :‬النحو والرصف والبالغة‪ ،..‬وكان‬
‫ِ‬
‫وخارجه‪ .‬وقد أشار إىل ذلك‬ ‫حلق َة وصل بني الشيخ وبني كثري من الدعاة والعلامء يف األردن‬
‫الشيخ >جمد مكي احللبي<‪ ،‬حيث قال يف ِ‬
‫معرض رثائه للشيخ صالح اخلالدي‪> :‬رحم اهلل تعاىل‬
‫أخانا العامل الداعية الفاضل الدكتور صالح اخلالدي‪ ،‬وبارك يف تالمذته الصادقني املخلصني‬
‫املالزمني له‪ .‬وأشهد أن يف مقدمتهم األخ احلبيب حممد السيالوي أبو محزة‪ ،‬فقد كان صلة‬
‫أكثر من مرة‪ ،‬وخرجنا يف رحلة سياحية مجيلة مع نخبة‬ ‫بعمن برفقته َ‬ ‫الوصل بيننا‪ ،‬وزرتُه يف بيته ّ‬
‫املباركة<‪.‬‬ ‫ِ‬
‫زلت أذكرها‪ ،‬وكان ينقل يل أخباره ونشاطاته العلمية َ‬ ‫من تالميذه ال ُ‬
‫>الس ْلط<‬
‫>ز ّي< يف مدينة َّ‬ ‫للتنزه إىل منطقة َ‬
‫ومن طريف مواقفه مع الشيخ أهنم خرجوا ُّ‬
‫األردنية‪ ،‬وكان معهم الشيخ املُسنِد الدكتور أكرم امل َْو ِصيل‪ ،‬وبعد تناوهلم ِّ‬
‫للشواء قام الشيخ‬
‫املوصيل وارجتل أبياتًا يف هذه املناسبة قال فيها‪:‬‬
‫ـوب ويف ال ُفـ َـؤ ِ‬
‫اد‬ ‫ت ََســا َمى يف ال ُق ُلـ ِ‬ ‫>ز ٍّي< َغــدَ ا لألُ ْنـ ِ‬
‫ـس َر ْبـ ٌـع‬ ‫ويف َ‬
‫ـول ُيـ ِـي بالســدَ ِ‬
‫اد‬ ‫َلطِيـ ُ‬
‫ـف ال َقـ ِ‬ ‫ـاح اخلَالِـ ِـد ُّي< هبــا َسـ ِـم ٌري‬
‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫>صـ ُ‬
‫َ‬
‫‪53‬‬

‫العبـ ِ‬
‫ِ‬
‫ـاد‬ ‫َ‬ ‫ـن‬ ‫ـت َأ ْر َو ُ‬
‫اح ُهــم بـ َ‬ ‫َز َهـ ْ‬ ‫َف ْضـ ٍـل‬ ‫ُش ـ َّب ُ‬
‫ان‬ ‫ـر‬
‫َم ْعـ َ ٌ‬ ‫و َقــو ٌم‬
‫ـار ٌق< >رجــب< الســو ِ‬
‫اد‬ ‫و>ن َِائـ ُـل< > َطـ ِ‬ ‫>نَبِيـ ٌـل< َمــن َغــدَ ا بالنُّبْـ ِـل َي ْسـ ُـمو‬
‫َّ َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫>جـ ِـل< ال َف َض ِائـ ِـل إِ ْذ ُننَـ ِ‬
‫ـادي‬ ‫عــى َ َ‬ ‫و>م َّمدَ ا َنــا<‬
‫َُ‬ ‫و> َع ِامـ ُـر< > َأ ْ َ‬
‫حــدٌ <‬
‫والـ ِـود ِ‬
‫اد‬ ‫َح َّبـ ِـة‬ ‫> ُأ َســا َم ُة<‬ ‫ـكان َلنَــا ن َِشــيدً ا‬
‫َسـ َـم ْوا ُخ ُل ًقــا فـ َ‬
‫َ‬ ‫بامل ْ‬
‫الشــدَ ِ‬
‫ِّ‬ ‫َخ َِائ ِل َهــا‬
‫اد‬ ‫يف‬ ‫ـ>ز ٍّي<‬
‫بـ َ‬ ‫فــا َتن َْسـ ْـوا > َك َبا ًبــا< ال ُي َبـ َ‬
‫ـارى‬
‫ـض وو ِ‬
‫ادي‬ ‫ـن ُمن ْخَ ِفـ ٍ‬
‫ُمطِـ ٍّـل بـ َ‬ ‫و> َأ ْكـ َـر ُم< َبينَ ُكــم َيشْ ــدُ و بنَظْ ـ ٍم‬
‫َ‬

‫حارضا معهم من طلبة العلم‪،‬‬


‫ً‬ ‫املوصيل أسام َء َمن كان‬
‫ُّ‬ ‫الشيخ‬
‫ُ‬ ‫ويف هذه القصيدة نظم‬
‫وهم‪ :‬نبيل عودة املقديس‪ ،‬ونائل الشيخ‪ ،‬وطارق‪ ،‬ومومتباي رجب‪ ،‬وعامر‪ ،‬وأمحد‪ ،‬وحممد‪،‬‬
‫وحممد فتحي السيالوي‪ ،‬وعبد الرمحن غازي اجلمل‪ ،‬وأسامة شاهني العدايس‪.‬‬
‫ص يف أصول الفقه واملقاصد‪ ،‬ورئيس‬
‫ومتخص ٌ‬
‫ِّ‬ ‫ٌ‬
‫باحث‬ ‫‪ -133‬د‪ .‬حممد مهام سعيد‪:‬‬
‫>مركز معراج للبحوث والدراسات< يف إسطنبول‪ ،‬حرض دروس الشيخ العامة‪ ،‬وانتفع به‬
‫وبكتبه يف العلم الرشعي والفكر والدعوة والرتبية‪.‬‬
‫‪ -134‬حممد اهلويمل‪ :‬حما ٍم رشعي‪ ،‬انتقل من األغوار اجلنوبية يف األردن إىل َّ‬
‫عمن‬
‫الشيخ ’ يف مسجد‬
‫َ‬ ‫لدراسة الرشيعة يف اجلامعة األردنية‪ ،‬فسكن يف منطقة >صويلح< والزم‬
‫عبد الرمحن بن عوف‪ ،‬وحرض دروسه العامة ودروسه يف >رشح ابن عقيل أللفية ابن مالك<‪.‬‬
‫هيتم به وبجميع طلبة العلم املقيمني يف >صويلح< بعيدً ا عن ُأ َسهم‬
‫الشيخ ’ ُّ‬
‫ُ‬ ‫وكان‬
‫حاجاتم‪ ،‬وجيمع هلم الكفاالت واإلعانات‪ ،‬ويقيم هلم موائد اإلفطار‬ ‫ِ‬ ‫وبالدهم‪ ،‬ويتابع‬
‫خمتلف أنوا ِع الطعام إىل املسجد‬
‫َ‬ ‫الرمضانية يف املسجد‪ ،‬حيث كان جريان املسجد ُي ِضون‬
‫هلؤالء الطالب‪ ،‬وكان الشيخ >سليم حرب< ُيرشف عىل تنظيم تلك املوائد‪.‬‬
‫عمن‪ ،‬أخذ العلم عن الشيخ‬
‫وخطيب يف أحد مساجد َّ‬
‫ٌ‬ ‫‪ -135‬حممود خ َّطاب‪ :‬إما ٌم‬
‫تواص ٌل يف ٍ‬
‫كثري من مسائل‬ ‫’ يف اجلامعة ومن خالل دروسه العامة‪ ،‬وكان بينه وبني الشيخ ُ‬
‫التفسري والتدبر‪.‬‬
‫‪54‬‬

‫‪ -136‬حممود كرمول‪ :‬مربمج كمبيوتر‪ ،‬ومرشف عىل بعض مراكز حتفيظ القرآن الكريم‪،‬‬
‫حرض دروسه اخلاصة والعامة يف املساجد واملراكز‪ ،‬وانتفع بعلمه‪ ،‬وقرأ العديد من كتبه‪.‬‬
‫الشيخ سنة‬‫َ‬ ‫وكان الشيخ معج ًبا بصوته يف تالوته للقرآن الكريم‪ ،‬وقد استنصح‬
‫(‪2003‬م)‪ ،‬وطلب منه قائم ًة بأسامء ٍ‬
‫كتب تكون نوا َة مكتبته‪ ،‬وكان ما يزال حينها طال ًبا يف‬
‫الشيخ‪ ،‬وكتب له قائم ًة طويل ًة حتتوي عىل أهم املصادر يف >‪<13‬‬
‫ُ‬ ‫مرحلة البكالوريوس‪ ،‬فأجابه‬
‫ً‬
‫جمال علم ًّيا‪.‬‬
‫‪ -137‬د‪ .‬مشهور موسى مشاهرة‪ :‬أستاذ البالغة والدراسات القرآنية يف جامعة‬
‫بريزيت يف فلسطني‪ ،‬حرض دروس الشيخ ’ العامة واخلاصة‪ ،‬وقرأ الكثري من كتبه‪ ،‬وتأ َّثر‬
‫بمنهجه يف النظر يف القرآن الكريم‪.‬‬
‫عرض رسالتيه (الامجستري والدكتوراه) عىل الشيخ قبل مناقشتهام‪ ،‬فقرأمها الشيخ رغم‬
‫انشغاله الشديد‪ ،‬وأبدى عليهام مالحظاته‪ ،‬وكانت رسالة الامجستري بعنوان‪> :‬التناسب القرآين‬
‫عند اإلمام البقاعي‪ ،‬دراسة بالغية<‪ ،‬ورسالة الدكتوراه بعنوان‪> :‬املتشابه اللفظي يف القرآن‬
‫الكريم‪ ،‬دراسة نحوية بالغية<‪.‬‬
‫وما زال وف ًّيا للشيخ ولعلمه يف حياته وبعد مماته‪ ،‬ومن صور وفائه أنه يرشح كتاب الشيخ‬
‫>مفاتيح للتعامل مع القرآن< لطلبة الامجستري يف اجلامعة يف بداية كل فصل درايس‪ ،‬ويقف مع‬
‫ٍ‬
‫ودراسة‪.‬‬ ‫طلبته خالل الفصل الدرايس وقفات مع العديد من كتب الشيخ‪ ،‬وجيعلها ماد َة ٍ‬
‫بحث‬
‫ومعلم للتجويد والقرآن‪ ،‬حرض‬
‫ٌ‬ ‫جماز بالقراءات العرش‪،‬‬
‫‪ -138‬مصطفى النارص‪ٌ :‬‬
‫للسمني احللبي مع‬
‫دروس الشيخ ’ اخلاصة والعامة‪ ،‬ودرس عليه كتاب >الدُّ ر املصون< َّ‬
‫ُث َّلة من طلبة العلم‪.‬‬
‫وجهه الشيخ‬
‫‪ -139‬د‪ .‬مصطفى نجم‪ :‬باحث ومتخصص يف فقه املعامالت الاملية‪َّ ،‬‬
‫مستشارا رشع ًّيا يف‬
‫ً‬ ‫’ لدراسة هذا التخصص يف اجلامعة اإلسالمية بامليزيا‪ ،‬ويعمل حال ًيا‬
‫>املعهد الدويل للوقف اإلسالمي< ومرش ًفا عىل وحدة الدراسات والبحوث فيه‪.‬‬
‫وحرض دروس الشيخ ’ اخلاصة والعامة‪ ،‬وانتفع بكتبه‪ ،‬والزمه مد َة دراسته يف‬
‫اجلامعة‪.‬‬
‫‪55‬‬

‫‪ -140‬معتز خري الدين‪ :‬أخذ عن الشيخ ’ يف دروسه اخلاصة والعامة‪ ،‬ويأتيه َّ‬
‫كل‬
‫قارئ‬
‫أسبوع من مدينة املفرق‪ ،‬وكان الشيخ حيتفي به ويسعد برؤيته أمامه يف الدروس‪ ،‬وجيعله َ‬
‫الكتاب املرشوح‪.‬‬
‫الزم الشيخ ’ مالزم ًة حثيث ًة أثناء دراسته يف كلية‬
‫‪ -141‬د‪ .‬منترص احلروب‪َ :‬‬
‫الدعوة وأصول الدين سنة (‪1991‬م) بعدما سمع منه تفسري سورة الفاحتة‪ ،‬حيث كانت‬
‫تلك املحارضة عالم ًة فارقة يف حياته َّ‬
‫حولت مسريته جذر ًّيا‪ ،‬فحرض عنده يف دروسه اخلاصة‬
‫والعامة‪ ،‬وبدأ يرتاد مسجد عبد الرمحن بن عوف لينهل من علمه‪.‬‬
‫وكان سب ًبا يف تأليف الشيخ لكتاب >اخلطة الرباقة لذي النفس التواقة<‪ ،‬حيث طلب منه‬
‫الكتاب جوا ًبا له‪ ،‬وأعطاه أوراق الكتاب‬
‫َ‬ ‫الشيخ‬
‫ُ‬ ‫جما يوم ًّيا لطالب العلم‪ ،‬فأ َّلف‬
‫نصيح ًة وبرنا ً‬
‫التي كتبها بيده لينظر فيها‪ ،‬وقد قام د‪ .‬منترص بتصويرها‪ ،‬وما يزال حيتفظ هبا إىل اآلن‪ ،‬وقد‬
‫أدرجنا صورة صفحتها األوىل يف ص ‪ 175‬من هذا الكتاب‪.‬‬
‫ومن مواقفه مع الشيخ ’‪َّ :‬‬
‫أن زميلً له رسب يف إحدى املواد التي يدرسها الشيخ‪،‬‬
‫فذهب برفقة مجاعة من الطلبة ملنزل الشيخ ليشفعوا للطالب‪ ،‬فأدرك الشيخ سبب زيارهتم‪،‬‬
‫فبادرهم بقوله‪> :‬إن كنتم قدمتم لتغيري العالمة وإنجاح الطالب‪ ،‬فال ُترجوا أنفسكم<‪.‬‬
‫الشيخ أم َري الرحلة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ومن مواقفه التي يروهيا‪ :‬أن طلبة الكلية سافروا إىل العقبة‪ ،‬وكان‬
‫ويف العقبة أخطأ منترص وزميله >رأفت السيوري< خ ًطأ كب ًريا بحق زمالئهام‪ ،‬فقال هلام الشيخ‬
‫مؤ ِّد ًبا هلام‪> :‬عقوبتكام َّأل تُعاقبا<!! فكانت هذه العبارة أشدَّ عليهام من كل عقوبة‪.‬‬
‫سنوات ِعدَّ ة‪ ،‬وانتفع بعلمه‪ ،‬وهو من أوائل‬
‫ٍ‬ ‫‪ -142‬نائل املالزم‪ :‬الزم الشيخ ’‬
‫شغف كب ٌري بكتبه‪ ،‬لدرجة أنه حفظ‬
‫ٌ‬ ‫من فتح باب التسجيل املرئي يف دروس الشيخ‪ ،‬وكان له‬
‫نصوصا طويل ًة منها‪.‬‬
‫ً‬
‫دروس يف تعليم القرآن‬
‫ٌ‬ ‫‪ -143‬د‪ .‬نجوى قراقيش‪ :‬باحثة ومتخصصة يف الفقه‪ ،‬وهلا‬
‫هيتم بإفادهتا وتوجيهها؛ جلهودها يف األقىص‪.‬‬
‫والفقه يف املسجد األقىص‪ ،‬كان الشيخ ’ ُّ‬
‫‪ -144‬نرص مسلم‪ :‬حرض دروس الشيخ ’ يف اجلامعة‪ ،‬وتأثر بمنهجه يف التعليم‬
‫والدعوة والثبات عىل احلق‪.‬‬
‫‪56‬‬

‫مدريس‪ ،‬حرض‬
‫ٌّ‬ ‫ومعلم‬
‫ٌ‬ ‫‪ -145‬د‪ .‬نضال اجلندب‪ :‬باحث يف التفسري وعلوم القرآن‬
‫والزمه مدةً‪.‬‬
‫دروس الشيخ ’ يف اجلامعة‪ ،‬وكذلك دروسه اخلاصة والعامة‪ ،‬وانتفع بكتبه‪َ ،‬‬
‫الزم دروس الشيخ‬
‫‪ -146‬د‪ .‬نواف تكروري‪ :‬رئيس >هيئة علامء فلسطني يف اخلارج<‪َ ،‬‬
‫’ يف مسجد عبد الرمحن بن عوف يف منتصف الثامنينات من القرن امليالدي املنرصم‪ ،‬وتأثر‬
‫به كث ًريا يف قضايا اجلهاد ونرصة األقىص وقضايا األمة‪.‬‬
‫‪ -147‬نور حناين الامليزية‪ :‬و َفدت لدراسة العلم الرشعي من ماليزيا سنة (‪2011‬م)‪،‬‬
‫دروسا للطالبات الامليزيات بتنسيقها ومتابعتها‪ ،‬ويتل َّطف يف‬
‫ً‬ ‫وكان الشيخ ’ خيصص‬
‫تعليمه َّن وتأديبه َّن‪ ،‬وكان هلا جهد كب ٌري يف تسجيل دروسه ونرشها بني الطلبة الامليزيني يف‬
‫خمتلف البالد اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ -148‬هاجر اخلالدي‪ :‬ابن ُة الشيخ ’‪ ،‬حرضت دروسه العامة واخلاصة‪ ،‬وكان‬
‫يساعدها يف تكوين نفسها علم ًّيا‪.‬‬
‫تعرف عىل الشيخ بعد بناء مسجد‬
‫مقيم يف ألامنيا‪َّ ،‬‬
‫‪ -149‬هارون إسامعيل‪ :‬طبيب عيون ٌ‬
‫فريد اخلليل سنة (‪2007‬م)‪ ،‬وحرض دروسه يف التفسري التي كان يلقيها بعد صالة الفجر‪،‬‬
‫وقام برتمجة بعضها إىل اللغة اإلنجليزية‪ ،‬ونرشها للمسلمني الذين ال يتكلمون العربية‪.‬‬
‫‪ -150‬هاين القرارعة‪ :‬من طلبة الفوج الثاين يف كلية الدعوة وأصول الدين‪ ،‬أخذ‬
‫العلم عن الشيخ ’ يف دروسه اخلاصة والعامة‪ ،‬وكانت تربطه بالشيخ عالقة حمبة وثيقة‪،‬‬
‫وعندما ترك الشيخ مسجد عبد الرمحن بن عوف‪ ،‬وانتقل إىل مسكن آخر‪ ،‬كان هاين القرارعة‬
‫من الس َّباقني خلدمته ومساعدته يف نقل مكتبته الضخمة‪ ،‬وقد تأثر بمنهجه وطرحه العلمي‬
‫وانتفع بكتبه‪.‬‬
‫‪ -151‬هدى الصايف‪ُ :‬معلم ٌة للغة العربية‪ ،‬وحتمل شهادة الامجستري فيها‪ ،‬حرضت‬
‫دروسه يف التفسري واللغة وعلوم القرآن يف >معهد القراءات القرآنية< و>مؤسسة مدارج<‪ ،‬وهلا‬
‫جملسا مع الشيخ ملناقشة كتابه >حقائق قرآنية حول‬
‫جهود مع طالباهتا يف املدرسة‪ ،‬وعقدت هل َّن ً‬
‫القضية الفلسطينية<‪ ،‬حرضه الشيخ‪ ،‬وأجاب عن أسئلة الطالبات‪.‬‬
‫‪ -152‬هيثم أمحد منصور‪ :‬أخذ عن الشيخ ’ يف دروسه اخلاصة والعامة‪ ،‬وكان‬
‫مواظ ًبا عىل دروسه‪ ،‬يأتيه كل أسبوع من مدينة املفرق‪.‬‬
‫‪57‬‬

‫وإصالحي صادق‪ ،‬حرض دروس الشيخ‬ ‫ٌّ‬ ‫إسالمي‬


‫ٌّ‬ ‫إعالمي‬
‫ٌّ‬ ‫‪ -153‬وائل الب ِّتريي‪:‬‬
‫الشيخ بعض كتبه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫’ العامة‪ ،‬واستفاد من فكره يف اإلصالح والعمل اإلسالمي‪ ،‬وقدَّ م له‬
‫ٍ‬
‫حوارات رائع ًة مع الشيخ‪ ،‬أفدنا منها يف هذا الكتاب‪.‬‬ ‫وسجل‬
‫َّ‬
‫ٌ‬
‫وحاصل عىل الامجستري يف احلديث الرشيف‪ ،‬بينه وبني‬ ‫ممرض‬
‫‪ -154‬وليد حوامدة‪ٌ :‬‬
‫الشيخ ’ مود ٌة وإخا ٌء كبريان‪ ،‬وال يقطع الشيخ من زيارته يف البيت‪ ،‬وله جهود مشكورة‬
‫يف دعم تراث الشيخ‪.‬‬
‫الزم الشيخ ’ يف دروسه يف مسجد فريد اخلليل‪ ،‬وانتفع‬
‫‪ -155‬وليد عرساوي‪َ :‬‬
‫كث ًريا بعلمه‪ ،‬وكان له دور مهم يف تسجيل العديد من دروسه ونرشها‪.‬‬
‫‪ -156‬وليد سلامن غنيم‪ :‬من أهل العلم املعروفني يف األردن‪ ،‬وله الكثري من املؤلفات‪.‬‬
‫وخ ُلقه‪ ،‬كام استفاد من غزير علمه‪.‬‬
‫أخذ عن الشيخ يف دراسته اجلامعية‪ ،‬ويذكر أنه تأثر بس ْمته ُ‬
‫أثنى عىل الشيخ كثري ًا‪ ،‬ومن ذلك ما قاله يف مقدمة كتابه >العبارات اجلل َّية يف رشح‬
‫القصيدة الغرامية يف أوصاف األحاديث النبوية< عند ِ‬
‫ذكره من استفاد منهم من العلامء‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫املفس صالح اخلالدي‪ ،‬حفظه اهلل ورعاه‪ ،‬وث َّبته عىل احلق وحباه‪ .‬واحلق‬
‫>وكذلك الشيخ املفيد ِّ‬
‫درسنا عقيدة أهل السنة واجلامعة<‪.‬‬‫أكثر تواض ًعا وال أد ًبا منه‪ .‬ويكفي أنه َّ‬
‫أقول‪ :‬ما رأت عيني َ‬
‫ِ‬
‫ب عىل حضور دروس الفجر‬ ‫‪ -157‬ياسني العتمة‪ :‬من ُر َّواد مسجد فريد اخلليل‪ ،‬وا َظ َ‬
‫رؤى طيب ٌة يف الشيخ‪.‬‬
‫يف التفسري للشيخ ’ يف السنوات األربع األخرية من عمره‪ ،‬وله ً‬
‫‪ -158‬د‪ .‬حييى اخلاليلة‪ :‬زوج ابنته بتول اخلالدي‪ ،‬وأستاذ الفقه وأصوله يف جامعة‬
‫امللك خالد‪ ،‬حرض دروسه العامة وانتفع بكتبه‪ ،‬وكان يرجع إليه يف قضايا العلم الرشعي‪،‬‬
‫ويأخذ بمشورته‪.‬‬
‫‪ -159‬حييى الرشبايت‪ :‬حرض دروسه يف التفسري التي كان يلقيها يف مسجد الرمحة بحي‬
‫بعمن أواسط الثامنينات من القرن الاميض‪.‬‬
‫األمري حسن َّ‬
‫‪ -160‬حييى عابد‪ :‬حرض دروس الشيخ ’ يف التفسري يف منطقة >جبل التاج< يف‬
‫عمن يف ثامنينات القرن امليالدي املنرصم‪ ،‬وتأثر بمنهجه يف التفسري وبتواضعه وهبِ َّمته‪ ،‬حيث‬
‫َّ‬
‫تكرب وال استحياء‪ٍ.‬‬
‫كان الشيخ يذهب إليهم باملواصالت العامة دون ٍ‬
‫‪58‬‬

‫‪ -161‬يوسف نعامن‪ :‬حرض دروسه يف التفسري‪ ،‬التي كان يلقيها يف مسجد الرمحة بحي‬
‫األمري حسن يف عامن‪ ،‬أواسط الثامنينات من القرن الاميض‪.‬‬
‫الزم الشيخ ’ مالزم ًة تا َّم ًة وهو طالب يف >جامعة العلوم‬
‫‪ -162‬يوسف هنية‪َ :‬‬
‫اإلسالمية<‪ ،‬وكانت تربطه بالشيخ عالقة طيبة‪ ،‬وهو من أوائل َمن أدخل علم الشيخ عىل‬
‫مواقع التواصل االجتامعي‪.‬‬
‫‪ -163‬يوسف َي ْ ِ‬
‫الن كَيا الرتكي‪ :‬حرض عند الشيخ ’ ثالث سنوات عندما كان‬
‫طال ًبا يف >جامعة العلوم اإلسالمية العاملية<‪( ،‬ما بني سنتي ‪2017‬م و‪2020‬م)‪ ،‬أخذ عنه علوم‬
‫القرآن وبالغة القرآن والتزكية وغريها‪ ،‬فضلً عن قراءة كتبه‪ .‬وكان يستشري الشيخ دو ًما فيام‬
‫يتعلق بطلب العلم وكيفية دراسة التفسري‪ ،‬ومل يكن الشيخ يبخل عليه بالنصح والتوجيه‪ .‬كام‬
‫َ‬
‫حقوق ترمجة كتبه إىل اللغة الرتكية لينرشها بني القراء واملثقفني وطلبة العلم‪.‬‬ ‫أن الشيخ أعطاه‬
‫وقد رجع إىل تركيا –يف منطقة ديار بكر‪ -‬وبدأ ُيع ِّلم األتراك العلم الرشعي الذي أخذه‬
‫ٍ‬
‫تواصل‬ ‫عن الشيخ‪ ،‬وقام برتمجة كتاب >أمريكا من الداخل بمنظار سيد قطب<‪ ،‬وبقي عىل‬
‫مستمر مع الشيخ‪.‬‬
‫ٍّ‬
‫‪59‬‬

‫الحياة العملية‬

‫فصل احلياة العملية الوظيفية عند الشيخ صالح ’ عن حياته العلمية؛‬ ‫ال يمكن ُ‬
‫فأعامله امتدا ٌد لعلمه‪ ،‬وإذا َت َت َّب ْعنَا سريته العملية نجد أهنا كانت ك ُّلها يف خدمة علوم الرشيعة‪.‬‬
‫ومن الالفت للنظر أن سريته الوظيفية كانت ك ُّلها يف األردن‪ ،‬ومل يسافر للعمل خارجه‬
‫رغم العروض الكثرية واملغرية التي ُقدِّ مت له من دول كثرية يف اخلليج واملغرب العريب وآسيا‬
‫وأوروبا وأمريكا‪ ،‬وقد بدأت تلك العروض تنهال عليه منذ سنة (‪1980‬م) بعد حصوله عىل‬
‫شهادة الامجستري يف الرياض‪ ،‬وحتى سنة (‪2019‬م)‪.‬‬
‫ِ‬
‫العروض َرغم ظروفه الامدية املتواضعة‪ ،‬وحاجته لتأمني‬ ‫مجيع تلك‬
‫رفض الشيخ ’ َ‬
‫تعجب فالعجب من سبب رفضه القاطع لتلك املغريات الامدية‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫كريمة له وألرسته‪ .‬وإن‬ ‫ٍ‬
‫حياة‬
‫ْ‬
‫وهو كام يقول الشيخ ’‪> :‬ال أحب مغادرة بالد الرباط يف األردن وفلسطني<!‬
‫وزارة األوقاف األردنية‪:‬‬
‫أول وظائفه العملية كانت يف وزارة األوقاف األردنية‪ ،‬حيث عمل واع ًظا فيها سنة‬
‫(‪1971‬م)‪ ،‬وذلك بعد خترجه من األزهر ٍ‬
‫بسنة‪ ،‬وكان تعيينه يف مديرية أوقاف مدينة >الطفيلة<‬ ‫ُّ‬
‫عمن‪ -‬وبقي يف هذه الوظيفة أربع‬ ‫الواقعة جنوب األردن ‪ -‬عىل ُبعد (‪180‬كم) من العاصمة َّ‬
‫مديرا ألوقاف تلك املدينة‪.‬‬
‫سنوات حتى سنة (‪1975‬م)‪ ،‬ويف سنة (‪1974‬م) أصبح ً‬
‫>السلط< ‪-‬تقع عىل ُبعد (‪30‬كم)‬
‫انتقل بعد ذلك إىل العمل يف مديرية أوقاف مدينة َّ‬
‫عمن ‪ -‬فعمل مساعدً ا ملدير أوقافها ومراق ًبا للتوجيه اإلسالمي فيها‪،‬‬
‫إىل الغرب من العاصمة َّ‬
‫ومل ت ُط ْل مدة بقائه يف هذه الوظيفة‪ ،‬حيث مكث فيها قرابة السنة الواحدة‪ ،‬ثم اب ُتعث سنة‬
‫(‪1977‬م) لدراسة الامجستري يف جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية يف مدينة الرياض‪،‬‬
‫ومكث فيها أربع سنوات حتى سنة (‪1980‬م)‪.‬‬

‫كلية العلوم اإلسالمية‪:‬‬


‫وبعد عودته من الدراسة ترك العمل اإلداري يف وزارة األوقاف‪ ،‬وانتقل إىل التدريس‬
‫يف كلية العلوم اإلسالمية التابعة للوزارة نفسها‪ ،‬ومكث فيها حتى سنة (‪1991‬م)‪ ،‬وأصبح‬
‫عميدً ا هلذه الكلية يف آخر سنتني من عمله فيها‪.‬‬
‫‪60‬‬

‫واعرتاضا عىل ما جيري فيها‪،‬‬


‫ً‬ ‫وبسبب الضغوط واإلجراءات التي ُمورست عليه‪،‬‬
‫قام بتقديم استقالته من الكلية‪ ،‬دون مساومة‪ ،‬أو استهوال أو استصعاب‪ ،‬أو استكثار للثمن‬
‫املبذول؛ فهو الثابت عىل احلق والثابت عىل املبدأ الذي يؤمن به‪ .‬وهو الذي يقول يف كتابه‬
‫>ثوابت للمسلم املعارص<‪:‬‬
‫كل ما يصيبه يف سبيل اهلل‪ ،‬مطا َلب بصدق ما َ‬
‫عاهد‬ ‫بتحمل ِّ‬
‫ُّ‬ ‫>املسلم املعارص مطا َلب‬
‫اهلل عليه‪ ،‬وعد ِم التبديل والتغيري والتحريف‪ ،‬وعد ِم التنازل عن الثوابت‪ ،‬أو املساومة عليها‪،‬‬
‫َ‬
‫أو استهوال الطريق‪ ،‬واستصعاب السري فيه‪ ،‬واستكثار الثمن والبذل<(‪.)1‬‬
‫ومن املفارقات أن استقالته من اجلامعة كانت يف السنة نفسها التي ُطبع فيها كتابه آنف‬
‫ِ‬
‫الذكر >ثوابت للمسلم املعارص<‪ .‬فصدَّ ق فع ُله قو َله‪ ،‬ومل يكن َّ‬
‫جمرد ا ِّدعاء‪.‬‬
‫مسجد عبد الرحمن بن عوف‪:‬‬
‫متطو ًعا سنة (‪1983‬م) بإمامة‬
‫ِّ‬ ‫مدر ًسا يف >كلية العلوم اإلسالمية< ُك ِّل َ‬
‫ف‬ ‫ومع كونه ِّ‬
‫عمن‪،‬‬
‫غريب العاصمة َّ‬
‫ِّ‬ ‫وخطابة مسجد عبد الرمحن بن عوف يف منطقة >صويلح< الواقعة شامل‬
‫حيرص عىل ربط خطبة‬‫ُ‬ ‫ناصحا‪ ،‬وخطي ًبا جري ًئا يف قول احلق‪،‬‬
‫ً‬ ‫فعمل فيه إما ًما رات ًبا‪ ،‬ومع ِّل ًم‬
‫اجلمعة بمشكالت املسلمني عىل الصعيدين املحيل والعاملي‪.‬‬
‫وخطبه الرافضة‬
‫خالف بينه وبني وزارة األوقاف بسبب مواقفه ُ‬
‫ٌ‬ ‫ويف سنة (‪1996‬م) وقع‬
‫قرارا‬
‫للتطبيع مع اليهود‪ ،‬وتوقيع >معاهدة السالم< معهم‪ ،‬انتهى ذلك اخلالف بإصدار الوزارة ً‬
‫بفصله من العمل يف املسجد‪.‬‬
‫لقد كان صوتُه عال ًيا يف انتقاد معاهدة >وادي َع َربة< التي و َّقعتها احلكومة األردنية مع‬
‫وس ُلو< التي وقعتها منظمة التحرير‬ ‫الكيان املحتل يف فلسطني‪ ،‬وكذلك يف انتقاده اتفاقية > ُأ ْ‬
‫حمر ًما يف دين اهلل تعاىل؛ لِام انطوتا‬
‫توقيع هاتني املعاهدتني َّ‬‫َ‬ ‫الفلسطينية مع هذا الكيان‪ ،‬معت ًربا‬
‫عليه من االعرتاف بالكيان الصهيوين املحتل‪ ،‬والتنازل عن أكثر من ثالثة أرباع فلسطني‪.‬‬
‫قرار إبعاده عن إمامة املسجد واخلطابة فيه مل يؤ ِّثر يف نشاطه العلمي والدعوي؛‬
‫لك َّن َ‬
‫يقول د‪ .‬مهام سعيد‪> :‬كان الشيخ صالح ’ يستعيص عىل احلجز واحلجر والسجن‬
‫املوصدة‪ ،‬ودخل من كل باب‪ ،‬فكان بطريقته‬
‫َ‬ ‫واإلمهال‪ ،‬أمهلوه ملواقفه ففتح اهلل له األبواب‬

‫((( ثوابت للمسلم املعارص‪ ،‬ص‪.43‬‬


‫‪61‬‬

‫ِ‬
‫واملقاومة يفتح لنفسه أبواب اخلري والدعوة واجلهاد‪ ،‬وال ينتظر من‬ ‫العجيبة وبروحه املنفتحة‬
‫َ‬
‫اإلذن يف هذا<‪.‬‬ ‫يعطيه‬
‫أثر كب ٌري يف النشاط العلمي والدعوي الشبايب؛‬
‫وكان ملسجد عبد الرمحن بن عوف ٌ‬
‫ويؤ ُّمونه‬
‫ألنه قريب من اجلامعة األردنية‪ ،‬ويسكن حوله الكثري من طلبة اجلامعة وأساتذهتا‪ُ ،‬‬
‫درس يف هذا املسجد‬ ‫للصالة فيه‪ ،‬ولألخذ عن العلامء واملشايخ الذين يرتادونه؛ حيث كان ُي ِّ‬
‫ث َّل ٌة من املشايخ وأساتذة كلية الرشيعة يف اجلامعة األردنية؛ من أمثال الدكتور عبد اهلل عزام‪،‬‬
‫والدكتور حممد أبو فارس‪ ،‬والدكتور راجح الكردي‪ ،‬والدكتور حممود الرسطاوي‪ ،‬والدكتور‬
‫مهام سعيد‪ ،‬رحم اهلل من مىض وحفظ من بقي منهم‪.‬‬
‫وكان الشيخ صالح ’ َي ُعدُّ فرتة عمله يف املسجد فرت ًة مهمة من حياته العلمية‬
‫والدعوية والعملية؛ إذ وجد فيه بيئة خصبة ل َب ِّث ما عنده من علم يف دروسه وخطبه وحمارضاته‬
‫رواد هذا املسجد‪.‬‬
‫لطلبته‪ ،‬ولعامة الناس من َّ‬
‫الجامعة األردنية‪:‬‬
‫وبعد فصله من اإلمامة واخلطابة والتدريس يف مسجد عبد الرمحن بن عوف‪ُ ،‬ع ِّي‬
‫عضوا يف هيئة التدريس يف اجلامعة األردنية‪ ،‬أكرب اجلامعات األردنية وأعرقها‪.‬‬
‫ً‬
‫‪62‬‬

‫كلية الدعوة وأصول الدين‪:‬‬


‫ويف سنة (‪ )1991‬أنشأت وزارة األوقاف األردنية >كلية الدعوة وأصول الدين<‪،‬‬
‫مدرسا يف‬
‫ً‬ ‫وكان عميدها الدكتور راجح الكردي ’‪ ،‬فطلب من الشيخ صالح العمل معه‬
‫الكلية‪ ،‬ووعده بفتح مجيع األبواب أمامه لتعليم الطلبة وتربيتهم‪.‬‬
‫فصار الشيخ صالح رمحه اهلل بني خيارين‪ :‬إما اجلامعة األردنية بآفاقها املحدودة‪،‬‬
‫َ‬
‫العمل يف كلية الدعوة وأصول الدين‬ ‫وإما كلية الدعوة وأصول الدين بآفاقها املفتوحة‪ ،‬فآثر‬
‫ً‬
‫أجيال من طلبة العلم والدُّ عاة‪ ،‬كان هلم عظيم‬ ‫ليؤسس بصحبة الشيخ راجح الكردي ’‬
‫األثر يف احلركة العلمية والدعوية يف داخل األردن وخارجه‪ ،‬وبقي فيها حتى سنة (‪1998‬م)‪.‬‬

‫جامعة البلقاء التطبيقية‪:‬‬


‫ويف هذه السنة (‪1998‬م) انضمت كلي ُة الدعوة وأصول الدين‪ ،‬التابعة لوزارة‬
‫األوقاف‪ ،‬إىل >جامعة البلقاء التطبيقية<‪ ،‬التابعة لوزارة التعليم العايل‪ ،‬وأصبحت إحدى‬
‫تدن مستوى الكلية يف خمتلف جوانبها‪ ،‬وكان للشيخ ’‬
‫كلياهتا‪ .‬وكان هذا االنضام ُم بداية ِّ‬
‫مواقفه املشهودة يف املحافظة عىل الطلبة‪ ،‬وعىل املستوى العلمي‪ ،‬ومنع تفيش الفساد يف الكلية‪.‬‬

‫جامعة العلوم اإلسالمية العالمية‪:‬‬


‫يف سنة (‪2008‬م) استق َّلت كلية الدعوة وأصول الدين عن جامعة البلقاء التطبيقية‪،‬‬
‫وصارت جامع ًة خاص ًة‪ ،‬اسمها‪> :‬جامعة العلوم اإلسالمية العاملية<‪ ،‬وظل الشيخ ’‬
‫عاملً ومع ِّل ًم فيها‪ ،‬ينهل منه طلب ُته حتى اعتذرت اجلامع ُة عن جتديد التعاقد معه‪ ،‬وذلك يف‬
‫صيف سنة (‪2015‬م)‪ ،‬وكان يبلغ من العمر حينها >‪ <68‬عا ًما‪.‬‬
‫‪63‬‬

‫يف مختلف جامعات األردن‪:‬‬


‫كام عمل الشيخ يف أكثر من جامعة من اجلامعات األردنية احلكومية واألهلية؛ منها‪:‬‬
‫>جامعة الريموك< يف مدينة إربد‪ ،‬وكان ذلك يف هناية الثامنينات وأوائل التسعينات من القرن‬
‫امليالدي املنرصم‪.‬‬
‫عمن سنة (‪2018‬م)‪،‬‬
‫وكانت آخر أعامله اجلامعية يف >جامعة العلوم التطبيقية< يف َّ‬
‫متفرغٍ‪ ،‬وبقي فيها فصلً واحدً ا‪.‬‬
‫حمارضا غ َري ِّ‬
‫ً‬ ‫فدرس مادة >أصول التفسري ومناهج املفرسين<‬
‫َّ‬
‫مت‪ -‬ال ُّ‬
‫تنفك عن احلياة العلمية‬ ‫هذه احلياة العملية للشيخ صالح ’‪ ،‬وهي ‪-‬كام قدَّ ُ‬
‫خاص أو جتار ٌة يعتاش منها‪ ،‬بل يقول يف ذلك بكل رصاحة‪> :‬أنا‬
‫ٌّ‬ ‫والدعوية‪ ،‬ومل يكن له ٌ‬
‫عمل‬
‫نجحت‪ ،‬وحاولت مر ًة واحد ًة ومل أنجح‪،‬‬
‫ُ‬ ‫فاشل يف األعامل احلرة‪ ،‬لو أردت أن أعمل فيها َل َم‬ ‫ٌ‬
‫ُ‬
‫والعمل اآلن هو يف التدريس اجلامعي والتأليف والكتابة‬ ‫احلر‪،‬‬ ‫َ‬
‫والعمل َّ‬ ‫فرب مل ُي ِرد يل التجارة‬
‫ِّ‬
‫اعتزازا كب ًريا‪ ،‬وهذا خ ٌري يل‪ ،‬وهي نعم ٌة من اهلل تعاىل َّ‬
‫عيل‬ ‫ً‬ ‫وأعتز هبذا العمل‬
‫ُّ‬ ‫واحلياة مع القرآن‪،‬‬
‫واحلمد هلل<‪.‬‬
‫‪64‬‬

‫الرسائل الجامعية‬

‫مل يقترص الشيخ ’ يف حياته العملية عىل التدريس يف املساجد واملراكز العلمية‪ ،‬أو‬
‫جم غفري من طلبة الدراسات‬
‫عىل طلبة الشهادات األوىل يف قاعات اجلامعات‪ ،‬بل أفاد منه ٌّ‬
‫وعالامت‪ ،‬نرشوا علمه بني تالمذهتم‬
‫ٌ‬ ‫العليا يف مرحلتي الامجستري والدكتوراة‪ ،‬ونبغ منهم علام ُء‬
‫وطالهبم‪.‬‬
‫وقد أرشف ’ عىل كثري من طلبة الدراسات العليا‪ ،‬الذين تقدموا برسائل جامعية‬
‫لنيل شهاديت الامجستري والدكتوراه‪ .‬ومن هذه الرسائل‪:‬‬
‫املتبص أليب العباس أمحد بن يوسف الكوايش (ت ‪680‬هـ)‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫‪ .1‬تبرصة املتذكِّر وتذكرة‬
‫حتقيق ودراسة من أول سورة األحزاب إىل آخر سورة يس؛ رسالة ماجستري‪ ،‬إعداد ضياء‬
‫الدين حممد يوسف العط َّيات‪ ،‬يف كلية الدراسات العليا‪ ،‬بجامعة العلوم اإلسالمية العاملية سنة‬
‫‪.2009‬‬
‫‪  .2‬الثبات عىل املبدأ من خالل القرآن الكريم‪ :‬دراسة موضوعية حتليلية‪ ،‬إعداد الطالبة‪:‬‬
‫فلورنتينا عثامن زوق ترمكول‪ ،‬رسالة جامعية (ماجستري يف التفسري وعلوم القرآن)‪ ،‬جامعة‬
‫العلوم اإلسالمية العاملية (عامن‪ ،‬األردن)‪ ،‬كلية أصول الدين‪ ،‬قسم القراءات والدراسات‬
‫القرآنية‪2011 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .3‬عالقات َ‬
‫املباشة من منظور قرآين‪ ،‬إعداد الطالب‪ :‬عيل عبد الكريم يوسف شهوان‪،‬‬
‫رسالة جامعية (دكتوراه يف التفسري وعلوم القرآن)‪ ،‬جامعة العلوم اإلسالمية العاملية (عامن‪،‬‬
‫األردن)‪ ،‬كلية أصول الدين‪ ،‬قسم التفسري وعلوم القرآن‪2011 ،‬م‪ .‬وهي أول رسالة دكتوراه‬
‫أرشف عليها‪.‬‬
‫‪ .4‬منهج الشيخ إبراهيم القطان يف تفسريه >تيسري التفسري<‪ ،‬رسالة ماجستري‪ ،‬إعداد‬
‫عبد العزيز نارصي‪ ،‬جامعة العلوم اإلسالمية العاملية‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪2011 ،‬م‪.‬‬
‫تنوع رسم الكلمة يف املصاحف العثامنية‪ ،‬إعداد الطالب‪ :‬خالد عزيز‬
‫‪ .5‬توجيه ُّ‬
‫املوصيل‪ ،‬رسالة جامعية (ماجستري يف القراءات القرآنية)‪ ،‬جامعة العلوم اإلسالمية العاملية‬
‫(عامن‪ ،‬األردن)‪ ،‬كلية أصول الدين‪ ،‬قسم القراءات القرآنية‪2012 ،‬م‪.‬‬
‫‪65‬‬

‫‪ .6‬آيات جزاء اآلخرة‪ :‬دراسة أسلوبية‪ ،‬إعداد الطالب حممد فاضل إبراهيم اجلبوري‪،‬‬
‫(رسالة دكتوراه)‪ ،‬إرشاف باالشرتاك مع د‪ .‬أمحد حممد القضاة‪ ،‬جامعة العلوم اإلسالمية‬
‫العاملية‪ .‬قسم اللغة العربية وآداهبا ‪2013‬م‪.‬‬
‫‪  .7‬النَّظْم القرآين يف قصة لوط‪ ،‬إعداد الطالب‪ :‬محزة ماجد حممد عيارصة‪ ،‬رسالة جامعية‬
‫(دكتوراه يف التفسري وعلوم القرآن)‪ ،‬جامعة العلوم اإلسالمية العاملية (عامن‪ ،‬األردن)‪ ،‬كلية‬
‫أصول الدين‪ ،‬قسم التفسري وعلوم القرآن‪2013 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .8‬ال َّبدَ ِه َّي ُ‬
‫ات يف القرآن الكريم دراسة وحتليل‪ ،‬إعداد الطالب‪ :‬إبراهيم مسلم عيل‬
‫اخلطيب‪ ،‬رسالة جامعية (دكتوراه يف التفسري وعلوم القرآن)‪ ،‬جامعة العلوم اإلسالمية العاملية‬
‫(عامن‪ ،‬األردن)‪ ،‬كلية أصول الدين‪ ،‬قسم التفسري وعلوم القرآن‪2014 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .9‬التوازن يف ألفاظ القرآن الكريم وتراكيبه وأسلوبه‪ :‬دراسة تفسريية‪( ،‬رسالة‬
‫دكتوراه)‪ ،‬إعداد عامد حممود أمني الزقييل‪ ،‬جامعة العلوم اإلسالمية العاملية‪2014 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .10‬تنزيل اآليات عىل الواقع عند سيد قطب من خالل تفسريه‪ :‬دراسة حتليلية‪ ،‬إعداد‬
‫عامد محدان مطلق القعايدة‪ ،‬جامعة العلوم اإلسالمية العاملية‪( ،‬رسالة دكتوراه)‪ ،‬كلية الدعوة‬
‫وأصول الدين‪ .‬قسم أصول الدين‪2015 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .11‬القرآن العظيم بني إقامة املبنى وفهم املعنى‪ :‬دراسة حتليلية يف التالوة والتفسري‪،‬‬
‫إعداد حممد أمحد عيل البدور‪( ،‬رسالة دكتوراه)‪ ،‬جامعة العلوم اإلسالمية العاملية‪ ،‬كلية‬
‫الدراسات العليا‪2015 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .12‬البناء االجتامعي يف القرآن الكريم‪ :‬دراسة حتليلية مقارنة يف التفسري؛ إعداد حسام‬
‫طالل داود هنية‪ ،‬جامعة العلوم اإلسالمية العاملية‪ ،‬كلية الشيخ نوح القضاة للرشيعة والقانون‪،‬‬
‫قسم أصول الدين‪2016 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .13‬سؤاالت اإلمام الطربي يف التفسري وعلوم القرآن يف تفسريه جامع البيان‪ :‬مج ًعا‬
‫ودراسة‪ ،‬إعداد حسام أمحد حممد منصور‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة العلوم اإلسالمية العاملية‪،‬‬
‫كلية الدراسات العليا‪2016 ،‬م‪.‬‬
‫الزجاج‬
‫‪ .14‬القواعد النحوية والرصفية وأثرها يف التفسري‪ :‬دراسة مقارنة بني اإلمامني َّ‬
‫الصليبي‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة العلوم اإلسالمية‬
‫والن ََّّحاس‪ ،‬إعداد ليندا تركي جربيل ّْ‬
‫‪66‬‬

‫العاملية‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪2016 ،‬م‪.‬‬


‫مدار بحث لبعض طلبة‬
‫َ‬ ‫علم الشيخ ’ يف التفسري وعلوم القرآن‬
‫وكذلك كان ُ‬
‫وح َّق للشيخ أن‬
‫الدراسات العليا يف رسائلهم العلمية لنيل شهادات الامجستري والدكتوراه‪ُ ،‬‬
‫َ‬
‫ميدان بحث لطلبة العلم من بعده‪ ،‬فهو مدرسة ثر َّية يف خمتلف العلوم‪،‬‬ ‫علمه‪ ،‬وأن يكون‬
‫ُيد َْر َس ُ‬
‫جديرة بأن ُتتذى يف منهجها وأسلوهبا‪.‬‬
‫تناولت مجيعها إسهامات‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫رسائل علمية وبحثًا تكميل ًيا واحدً ا‪،‬‬ ‫وقفت عىل ثالث‬
‫ُ‬ ‫وقد‬
‫الشيخ اخلالدي ’ وجهو َده يف التفسري وعلوم القرآن‪.‬‬
‫ومن الالفت أن الرسائل العلمية الثالث كانت ك ُّلها يف جامعات غري أردنية؛ واحدة يف‬
‫عمن‪.‬‬
‫العراق‪ ،‬واثنتان يف اجلزائر‪ .‬أما البحث التكمييل‪ ،‬فكان يف اجلامعة األردنية يف َّ‬
‫أن علوم الشيخ اخلالدي ’ سارت يف اآلفاق‪ ،‬وجتاوزت ال ُقطْر‬
‫رسين َّ‬
‫وبقدر ما َّ‬
‫علمه‪ ،‬وهو األردن‪ ،‬فإين أعتب عىل طلبة الدراسات العليا يف األردن‬
‫الذي يقيم فيه‪ ،‬وينرش فيه َ‬
‫خصوصا‪ ،‬أهنم مل يتوجهوا يف دراساهتم العليا لدراسة علمه وكتبه‬
‫ً‬ ‫عمو ًما‪ ،‬وعىل تالميذ الشيخ‬
‫وتراثه‪ ،‬فكانوا كام قيل‪ :‬أزهدُ الناس يف ِ‬
‫العال أه ُله وجريانُه!‪.‬‬
‫أيضا إىل زمالئه من األساتذة واملشايخ يف اجلامعات األردنية؛ إذ‬
‫موج ٌه ً‬
‫والعتب َّ‬
‫يوجهوا طالهبم لدراسة اجلوانب املختلفة من علوم الشيخ اخلالدي‪ .‬ومن املؤكد أهنم‬
‫مل ِّ‬
‫سيجدون يف علمه ومؤلفاته ماد ًة علمية ثرية تستحق البحث والدراسة‪ ،‬والتعريف هبا والسري‬
‫عىل هنجها‪ .‬ويكفي ما قالته الباحثة اجلزائرية كنزة سمصار عن سلسلة >من كنوز القرآن< التي‬
‫ٍ‬
‫دراسات يف التفسري املوضوعي<‪.‬‬ ‫>إن معظم كتبه تصلح أن تكون‬ ‫كتبها الشيخ ’‪َّ :‬‬
‫أما الرسائل اجلامعية والبحوث العلمية التي وقفت عليها‪ ،‬مما تناول بالدراسة جهود‬
‫الدكتور صالح اخلالدي ’ يف خدمة كتاب اهلل عز وجل خاصة‪ ،‬وعلوم الرشيعة عىل وجه‬
‫العموم؛ فهي‪:‬‬
‫‪ -1‬جهود صالح عبد الفتاح اخلالدي يف التفسري‪ ،‬دراسة وصفية نقدية‪ .‬أعدهتا الطالبة‪:‬‬
‫كنزة سمصار‪ ،‬نالت هبا شهادة الامجستري يف العلوم اإلسالمية‪ ،‬من >جامعة باتنة< باجلزائر‪ ،‬سنة‬
‫‪2017‬م‪.‬‬
‫‪67‬‬

‫وقد رأت الباحثة يف رسالتها أن الدكتور اخلالدي كان واحدً ا من العلامء الذين اهتموا‬
‫بالتفسري املوضوعي بجانبيْه النظري والتطبيقي‪ ،‬وعملت عىل بيان ذلك من خالل احلديث عن‬
‫كتابه >التفسري املوضوعي بني النظرية والتطبيق<‪ ،‬ودوره يف بيان أمهية هذا املنهج‪ ،‬لام رأت أنه‬
‫عتمد عليها يف هذا احلقل‪ ،‬ولوفائه بحاجيات العرص‪ ،‬وربط‬
‫من الكتب الق ِّيمة واملهمة التي ُي َ‬
‫القرآن بالواقع‪.‬‬
‫ورغم اقتصار الباحثة عىل دراسة كتاب واحد من كتب الشيخ‪ ،‬إال أهنا اعتمدت عىل‬
‫كثري من كتبه األخرى يف دراستها‪ .‬ومن أبرزها سلسلة >من كنوز القرآن<‪ ،‬التي قالت فيها‪> :‬إن‬
‫ٍ‬
‫دراسات يف التفسري املوضوعي<‪.‬‬ ‫معظم كتبها تصلح أن تكون‬
‫‪ -2‬جهود الدكتور صالح عبد الفتاح اخلالدي وآراؤه يف علوم القرآن‪ .‬أعدها الطالب‪:‬‬
‫فاضل عباس فاضل‪ ،‬ونال هبا درجة الدكتوراة يف فلسفة علوم القرآن‪ ،‬ختصص التفسري‪ ،‬من‬
‫>اجلامعة العراقية<‪ ،‬سنة ‪2018‬م‪.‬‬
‫والذي حدا بالطالب إىل السري يف هذه الدراسة ما رآه من غزير علم الدكتور صالح‬
‫اخلالدي ’ وأنه سخَّ ر ُج َّل عمره يف تدريس كتاب اهلل عز وجل وتفسريه‪ ،‬وما كان له من‬
‫أثر بارز يف إثراء املكتبة اإلسالمية بالكثري من املؤلفات وعلوم القرآن‪ ،‬وأنه صاحب منهج‬
‫علمي متني‪ ،‬وذو رؤية تفسريية متجددة وضعت قواعدَ للتفسري ولتنقية القديم من ِّ‬
‫كل ما كان‬
‫ٍ‬
‫وتصويبات و ُأ ُس ًسا وقواعدَ لفهم القرآن الكريم‪.‬‬ ‫لطائف‬
‫َ‬ ‫فيه من دخيل‪ ،‬ووضعت‬
‫القراء عىل جهود الشيخ ومسامهاته التفسريية والعلمية ومكانته‬
‫تعريف َّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫الباحث‬ ‫فأراد‬
‫ف عن امل َلكَة العلمية عنده‪ ،‬وتناول كتبه بالدراسة والتحليل‪َ ،‬‬
‫وأبر َز ما أضافه‬ ‫بني العلامء‪ ،‬وك ََش َ‬
‫تفسريية خدمة لكتاب اهلل عز وجل‪.‬‬‫ٍ‬ ‫لطائف‬
‫َ‬ ‫من‬
‫جاءت هذه الرسالة يف مخسة فصول‪ ،‬يسبقها متهيد موجز ملخَّ ص عن حياة الشيخ‬
‫اخلالدي‪.‬‬
‫فجاء الفصل األول لبيان جهود الشيخ يف علوم القرآن الكريم يف مخسة مباحث‪،‬‬
‫تناولت جهوده وآراءه يف أصول التفسري وضوابطه‪ ،‬ويف مدارس التفسري يف العرص احلديث‪،‬‬
‫ويف القصص القرآين‪ ،‬ويف إعجاز القرآن‪ .‬وتناول املبحث األخري بعض مباحث علوم القرآن‬
‫املتفرقة التي تطرق إليها اخلالدي يف كتبه‪.‬‬
‫‪68‬‬

‫وخ ِّصص الفصل الثاين لبيان جهوده وآرائه يف التفسري املوضوعي‪ ،‬فجاء يف ثالثة‬
‫ُ‬
‫مباحث؛ فكان األول لبيان جهوده يف التفسري املوضوعي من خالل عرض الكتب‪ .‬وتناول‬
‫الثاين آراءه يف التفسري املوضوعي كعل ٍم تفسريي‪ ،‬أما املبحث الثالث فكان يف املنهج املوضوعي‬
‫لتفسري القرآن الكريم‪.‬‬
‫ثم جاء الفصل الثالث لبيان جهوده وآرائه يف التفسري الفقهي‪ ،‬و ُق ِّسم عىل أربعة‬
‫مباحث؛ تناول األول منها جهوده يف تفسري آيات األحكام‪ ،‬والثاين منهجه وطريقته يف تفسري‬
‫الص َيغ املعتمدة عنده يف الرتجيح‪ ،‬وذكر يف املبحث الرابع أدلة‬
‫آيات األحكام‪ ،‬والثالث َّبي فيه ِّ‬
‫الرتجيح وقواعده املعتمدة لديه‪.‬‬
‫ثم جاء الفصل الرابع لبيان جهوده وآرائه يف التفسري اللغوي‪ ،‬فكان يف ثالثة مباحث؛‬
‫تناول املبحث األول جهوده يف التفسري اللغوي من خالل كتبه التي تناولت هذا النوع من‬
‫التفسري‪ ،‬وأمهها التفسري اللغوي االشتقاقي التفسريي‪ ،‬وتناول املبحث الثاين جوانب التفسري‬
‫اللغوي يف كتبه‪ ،‬أما املبحث الثالث فكان يف بيان منهجه وطريقته يف تفسريه اللغوي االشتقاقي‬
‫الترصيفي‪.‬‬
‫أما الفصل اخلامس واألخري‪ ،‬فقد اشتمل عىل ثالثة مباحث‪َّ ،‬بي فيها جهود الدكتور‬
‫صالح اخلالدي يف خدمة كتب التفسري‪ ،‬وهي >يف ظالل القرآن< لسيد قطب‪ ،‬و>جامع البيان‬
‫عن تأويل ِ‬
‫آي القرآن< لإلمام الطربي‪ ،‬و>تفسري القرآن العظيم< البن كثري‪.‬‬
‫‪ -3‬اآلراء التفسريية لصالح عبد الفتاح اخلالدي من كتاب >تصويبات يف فهم بعض‬
‫اآليات<‪ .‬من إعداد الطالبة‪ِ :‬هي َبة َقلبان‪ ،‬نالت هبا درجة الامجستري‪ ،‬من >جامعة احلاج َلْرض<‪،‬‬
‫يف اجلزائر‪ ،‬سنة ‪2021‬م‪.‬‬
‫ذكرت الباحثة أن ما دعاها إىل تناول جهود الدكتور صالح اخلالدي يف التفسري أنه‬
‫حضورها الكبري يف الساحة العلمية وكثرة تأليفاته يف علوم القرآن‪.‬‬
‫ُ‬ ‫شخصية هلا‬
‫واشتملت الرسالة عىل فصلني‪ :‬أما الفصل األول ففيه مبحثان؛ ُخ ِّصص املبحث األول‬
‫وعرفت‬
‫منهام للتعريف بالدكتور صالح اخلالدي وحياته العلمية والعملية وثناء العلامء عليه‪َّ .‬‬
‫الباحثة يف املبحث الثاين بكتابه >تصويبات يف فهم بعض اآليات<‪ ،‬وب َّينت قيمته العلمية‪ ،‬وهو‬
‫مدار البحث يف هذه الرسالة العلمية‪.‬‬
‫‪69‬‬

‫أما الفصل الثاين‪ ،‬فدرست فيه اآلراء التفسريية للشيخ صالح اخلالدي دراس ًة حتليلية‬
‫لنامذج خمتارة من الكتاب‪.‬‬
‫ومالمح التجديد فيها‪ .‬بحث جامعي أعدته‬
‫ُ‬ ‫‪ -4‬الدكتور صالح اخلالدي‪ ،‬دراساتُه‬
‫الطالبة علياء العظم‪ ،‬يف كلية الدراسات العليا بقسم أصول الدين يف >اجلامعة األردنية<‪ ،‬سنة‬
‫‪2018‬م‪.‬‬
‫بتقص اجلهود العلمية للدكتور صالح اخلالدي‪ ،‬مع تصنيفها وفق‬
‫اهتمت فيه الباحثة ِّ‬
‫حماور موضوعية‪ ،‬ثم توصيفها واحلكم عليها وفق معاي َري منهجية ضابطة لقيمة التجديد يف‬
‫َ‬
‫الدراسات املعارصة‪.‬‬
‫جاءت الدراسة يف مقدمة ومتهيد وأربعة مطالب وخامتة‪ .‬احتوى التمهيد عىل التعريف‬
‫وتضمن املطلب األول استعراض نِتاجات الدكتور اخلالدي العلمية‪.‬‬‫َّ‬ ‫بالدكتور اخلالدي‪.‬‬
‫واحتوى املطلب الثاين عىل حماور وجماالت اتساق تلك النِّتاجات‪ .‬أما املطلب الثالث فقد‬
‫احتوى جوانب التجديد يف تلك الدراسات‪ .‬وجاء املطلب الرابع يف االسترشاف املستقبيل‬
‫للدكتور اخلالدي يف دراساته املستقبلية‪ .‬أما اخلامتة فتضمنت ملخص البحث وأهم نتائجه‪.‬‬
‫‪70‬‬

‫الحياة الدعو ية‬

‫إن حياة الشيخ ك َّلها حيا ُة دعوة منذ أن كان طفلً يف املرحلة‬ ‫الصواب إذا قلنا‪َّ :‬‬
‫َ‬ ‫ال نجانب‬
‫ي ُّث والدتَه وأخواتِه عىل الصالة يف وقتها‪ ،‬ويذك ُِّره َّن هبا‪ ،‬ويؤ ُّمه َّن يف الصلوات‪.‬‬
‫االبتدائية‪ُ َ ،‬‬
‫لكن إذا نظرنا إىل حياته الدعوية من خالل عمله >الوظيفي<‪ ،‬نجد أنه منذ تعيينه‬
‫واع ًظا يف مدينة >الطفيلة< سنة (‪1971‬م) إىل أن ترك التدريس اجلامعي سنة (‪2018‬م) وهو‬
‫يتقلب يف الوظائف الدعوية‪ ،‬وقد قىض عمره يف إعطاء الدروس واملواعظ‪ ،‬وإلقاء اخلطب‬
‫وخاصتهم‪ ،‬وتعليم العلم‬
‫َّ‬ ‫واملحارضات‪ ،‬واملشاركة يف الندوات‪ ،‬وتوجيه عامة املسلمني‬
‫الرشعي‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬
‫وكان ُج ُّل نشاطه وعمله الدعوي منص ًبا عىل التعليم وإعطاء الدروس والدورات‬
‫العلمية يف املساجد‪ ،‬أو املراكز العلمية‪ ،‬أو >مجعية احلافظة عىل القرآن الكريم<‪ ،‬التي أسهم يف‬
‫إنشائها وكان َ‬
‫أول رئيس هلا عند تأسيسها‪.‬‬
‫والشيخ من أنصار إعطاء الدروس العلمية املنهجية الطويلة واالستمرار فيها‪ ،‬حيث‬
‫قام بإعطاء دروس يف تفسري القرآن الكريم يف كثري من مساجد عامن‪ ،‬وامتدت هذه الدروس‬
‫العلمية والدعوية يف هذه املساجد واملراكز عدة سنوات‪ ،‬فضلً عن املسجد الذي كان إما َمه‪،‬‬
‫فس فيه القرآن الكريم‬
‫وهو مسجد >عبد الرمحن بن عوف<‪ ،‬ثم مسجد >فريد اخلليل<‪ ،‬الذي ّ‬
‫مرتني عىل مدى ‪ 15‬عا ًما‪.‬‬
‫وأذكر من دروسه يف التفسري تلك التي عقدها وحرضناها عنده يف >مسجد الرمحة<‬
‫بمنطقة جبل النرص يف العاصمة عامن‪ ،‬ما بني سنتي ‪1985‬م و‪1986‬م‪ ،‬وتلك الدروس‬
‫مسجلة عىل أرشطة >كاسيت<‪ ،‬وأظنُّها أول تسجيل ملحارضات الشيخ ودروسه يف األردن‪،‬‬
‫ذكرت ساب ًقا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫كام‬
‫‪71‬‬

‫منهجه في الدعوة‬

‫متأثرا يف ذلك باألستاذ سيد‬


‫أما منهجه يف الدعوة‪ ،‬فقد استقاه من القرآن الكريم‪ ،‬وكان ً‬
‫وسوره عىل اجلوانب‬
‫ُ‬ ‫قطب ’‪ ،‬ومن أجل ذلك نادى بفكرة َّ‬
‫أن كتاب اهلل ال تقترص آياتُه‬
‫الفقهية والتعبدية واألخالقية فحسب‪ ،‬وال أنَّه ُيتىل للربكة وطلب األجر والثواب فقط‪ ،‬وال‬
‫ص فيه عىل فهم معانيه اللغوية والبيانية وما فيها من إعجاز‪ .‬ومع أن ذلك ك َّله ٌّ‬
‫حق‬ ‫أن ُيق َت َ َ‬
‫قائم عىل أنه منهج‬
‫فهمنا للقرآن الكريم ً‬ ‫ُ‬
‫وسائل تدفعنا إىل أن يكون ُ‬ ‫وصواب؛ إال َّ‬
‫أن هذه مجي َعها‬ ‫ٌ‬
‫للدعوة واحلركة واملواجهة واجلهاد والرتبية‪.‬‬
‫تدعو الناس‪ ،‬وأن‬
‫َ‬ ‫ويقول ’ يف ذلك‪> :‬القرآن يدفعك إىل أن تتحرك مع الناس‪ ،‬أن‬
‫العاملي‬ ‫اآليات عىل واقعك‪ ،‬وأن تعالج مشكالت األمة؛ فمشكالت‬ ‫ِ‬ ‫تواجه الناس‪ ،‬وأن ُتن َِّز َل‬
‫ْ‬
‫العريب واإلسالمي مشكالت كبرية عويصة‪ ،‬ال حي ُّلها إال كتاب اهلل سبحانه وتعاىل واملتحركون‬
‫بكتاب اهلل سبحانه وتعاىل‪ ،‬واألعداء الصليبيون واليهود والرشق والغرب وغريهم اآلن‬
‫حياربون هذا القرآن‪ ،‬فكيف ندخل به املعركة؟! فهذه معركة اآلن هي معركة القرآن‪ ،‬والقرآن‬
‫أيضا بقوة‪ ،‬لكن من الذي يرفع‬ ‫ِ‬
‫وحيارب عىل خمتلف اجلبهات بقوة‪ ،‬وينترص ً‬ ‫دخل املعركة بقوة‪،‬‬
‫هذا اللواء؟! ومن ُينزل هذه اآليات عىل الواقع؟! فال بد أن ننتقل يف فهمنا للقرآن من الربكة‬
‫إىل احلركة<‪.‬‬
‫وف ْهم الشيخ للقرآن جع َله واق ًعا ح ًّيا يف حياته‪ ،‬متثَّله يف أخالقه‪ ،‬ويف َس ْمته‪ ،‬ويف تعامله مع‬
‫وعلمه ودروسه وحمارضاته‬ ‫الناس ِمن حوله‪ ،‬فكان يعظهم ويدعوهم ِبفعله وخ ُلقه قبل قوله ِ‬
‫ُ‬
‫كل من لقيه وعرفه‪.‬‬ ‫ومؤلفاته‪ .‬هذا ما ملس ُته منه وعرف ُته عنه‪ ،‬وشهد به ُّ‬

‫الدعوة من خالل القنوات الفضائية‪:‬‬


‫حضور كب ٌري عىل شاشات‬
‫ٌ‬ ‫ُيلحظ يف سرية الشيخ صالح اخلالدي الدعوية أنه مل يكن له‬
‫التلفزة الفضائية‪َ ،‬رغم أن كث ًريا من املحطات التمست منه املشاركة يف براجمها الدينية‪ ،‬إال أنه‬
‫آثر العمل الدعوي والعلمي الصامت بعيدً ا عن األضواء و>النجومية<‪ ،‬وهو من أكثر الناس‬
‫ابتعا ًدا عن العمل اجلامهريي اإلعالمي العام‪.‬‬
‫‪72‬‬

‫وابتعاده عن الفضائيات ليس تقليلً من شأهنا‪ ،‬ومن شأن العمل الدعوي الذي تض َّطلع‬
‫به‪ ،‬بل إنه يرى أن >اإلعالم اإلسالمي اآلن يقوم بدور كبري‪ ،‬والفضائيات اإلسالمية اآلن‬
‫تؤدي رسالة كبرية‪ ،‬أمامها رجال عظام ُء‪ ،‬و ُدعاة خملصون‪ ،‬والعلامء الر َّبانيون يقومون بواجب‬
‫كبري يف هذا الباب<‪.‬‬
‫فرض عني‪ ،‬فإذا قام به البعض سقط‬
‫واجب كفاية وليس َ‬
‫ُ‬ ‫فهو يرى أن العمل يف الفضائيات‬
‫عن اآلخرين‪ ،‬ويقول‪> :‬إن غريي يقوم هبذا الواجب‪ ،‬أنا أكثر الناس ابتعا ًدا عن العمل اإلعالمي‬
‫العام‪ .‬هذه واحدة‪ ،‬أما الثانية وهي األهم فأقول‪ :‬إن غريي يقوم هبذا الواجب والفرض الكفائي‪،‬‬
‫وهم مجاعة خملصون صادقون‪ ،‬وهم أقدر مني عىل أداء هذا الواجب‪ ،‬ويقدمون للناس خدمة‬
‫ملز ًما لزو ًما رشع ًّيا للقيام هبذا األمر<‪.‬‬
‫طيبة‪ ،‬فلو مل ُيوجد أحدٌ إال أنا‪ ،‬عندها أكون َ‬
‫‪73‬‬

‫رد مطاعن الأفكار المنحرفة‬

‫كان الشيخ اخلالدي ’ رجلً موسوع ًّيا‪ ،‬ومل يقترص علمه وكتاباته ودروسه‬
‫وحمارضاته الدَّ عوية عىل علوم القرآن الكريم وتفسريه فحسب‪ ،‬بل جتاوزها يف دروسه‬
‫وحمارضاته ومؤلفاته إىل احلديث عن بيان ضالل األفكار املنحرفة‪ ،‬والرد عىل مزاعم الطاعنني‬
‫يف اإلسالم؛ سوا ًء ِمَّن ينتسب إىل اإلسالم كالشيعة‪ ،‬أو ِمن غري املسلمني كالنصارى‪.‬‬
‫فقد تصدى الشيخ صالح اخلالدي ’ لبيان انحراف الفكر الرافيض الشيعي‪،‬‬
‫عده عن املنهج اإلسالمي القويم الذي نزل به القرآن الكريم‪ ،‬وب َّينه الرسول ×‪،‬‬ ‫وإظهار ب ِ‬
‫ُ‬
‫اخلية األوىل‪.‬‬
‫وسار عىل هنجه اخللفاء الراشدون و َمن أتى بعدهم يف القرون ِّ‬
‫حذر من هنجهم السيايس عند قيام الثورة اإليرانية التي‬ ‫وكان ’ ِمن أوائل َمن َّ‬
‫أن شعاراهتم يف نرصة اإلسالم واملسلمني وحترير أرض‬ ‫وبي َّ‬
‫قادها اخلميني عام (‪1979‬م)‪َّ ،‬‬
‫يتستون من ورائها ً‬
‫أخذا بمبدأ >ال ُّتق َية< لتحقيق أطامعهم‬ ‫فلسطني ما هي إال ادعاءات زائفة‪َّ ،‬‬
‫وضمها إىل حظرية‬
‫َّ‬ ‫يف إعادة الدولة الفارسية إىل الوجود‪ ،‬بعد أن قىض عليها الفتح اإلسالمي‪،‬‬
‫اخلالفة اإلسالمية الراشدة يف عهد عمر بن اخلطاب ÷‪.‬‬
‫فالشيخ مل حيسن الظن هبم يو ًما‪ ،‬ومل يسمع الشيع ُة منه كلم ًة واحد ًة يف تأييد مواقفهم‪،‬‬
‫الرغم من َّ‬
‫أن بعض أعضاء مجاعته التي كان ينتمي إليها (اإلخوان املسلمون) رأوا يف‬ ‫عىل َّ‬
‫واملحرر لبيت املقدس وفلسطني من‬
‫َ‬ ‫املنقذ واملخ ِّلص هلم من الظلم واالستبداد‪،‬‬
‫َ‬ ‫>اخلميني<‬
‫االحتالل اليهودي البغيض!‪.‬‬
‫وترشهبا‪ ،‬بل‬
‫َّ‬ ‫ثوابت رشعية نشأ عليها‬
‫َ‬ ‫والشيخ ’ يف موقفه هذا كان ينطلق من‬
‫ينسق مع العاطفة الدينية كام حدث مع غريه‪،‬‬
‫وكتب فيها كتابه >ثوابت للمسلم املعارص<‪ ،‬ومل َ‬
‫وكان يقول‪> :‬أرى َّ‬
‫أن هؤالء [يعني الشيعة] عندهم منهج خاص‪ ،‬وعندهم فكر خاص‪،‬‬
‫وعندهم تاريخ خاص‪ ،‬وعندهم ثأر خاص مع أهل السنة‪ ،‬وعندهم برنامج خاص‪ ،‬وعندهم‬
‫توسعات خاصة<‪.‬‬
‫ُّ‬
‫ويقول ُمب ِّينًا َّ‬
‫أن اخلطر الشيعي املجويس ال يقل عن اخلطر اليهودي أو الصليبي‪> :‬أنا‬
‫عندي خطران‪ :‬اخلطر اليهودي يف الغرب واخلطر املجويس يف الرشق‪ ،‬وال أقول‪ :‬الشيعي‪،‬‬
‫‪74‬‬

‫بل أقول‪ :‬املجويس‪ ،‬هؤالء يلتقون عىل حرب ما يسمى بأهل السنة واجلامعة‪ .‬أنا إذا َّ‬
‫حذرت‬
‫أيضا؛ فاليهود حية سمراء تلدغ‬
‫عدونا األول‪ ،‬فأحذر من اخلطر اإليراين ً‬
‫من اخلطر اليهودي‪ِّ ،‬‬
‫وتيت‪ ،‬واملجوس حية محراء تلدغ ُ‬
‫وتيت‪ ،‬هذه أفعى وهذه أفعى‪ ،‬هذا خطر وهذا خطر‪ ،‬وأنا‬ ‫ُ‬
‫ال أهرب من اليهود ألرمتي يف حضن إيران‪ ،‬وال أهرب من إيران ألرمتي يف حضن اليهود أو‬
‫حضن األمريكان‪ ،‬أنا ال بد أن أكون مستقلً<‪.‬‬
‫وبي فسا َد منهجهم الديني يف حتريف كالم اهلل تعاىل‪،‬‬ ‫الشيخ ’ َّ َ‬‫ُ‬ ‫وقد فضحهم‬
‫وكشف أباطيل كبار علامئهم الذين تو َّل ْوا ِك ْ َب حتريف آيات القرآن‪ ،‬مثل >حممد الكليني ت‬
‫‪329‬هـ<‪ ،‬الذي ُي َعدُّ عند الشيعة كالبخاري عند أهل السنة‪ ،‬وكتلميذ الكليني >عيل ال ُق ِّم ِّي<‪.‬‬
‫وكتب الشيخ اخلالدي يف ذلك كتابني‪> :‬الكُليني وتأويالته الباطنية لآليات القرآنية يف كتابه‬
‫أنموذجا<‪.‬‬
‫ً‬ ‫مفسي الشيعة للقرآن لف ًظا ومعنًى‪ :‬ال ُق ِّمي‬
‫أصول الكايف<‪ ،‬و>حتريف ُغالة ِّ‬
‫وسنعرف بالكتابني يف الفصل الثاين عند احلديث عن مؤلفات الشيخ اخلالدي والتعريف هبا‪.‬‬
‫ِّ‬
‫أما بيان فساد منهج أعداء اإلسالم من غري املنتسبني إليه‪ ،‬فقد تصدَّ ى له وحتدث عنه‬
‫كث ًريا يف ثنايا كتبه وحمارضاته ودروسه العلمية‪ ،‬وأفرد هلا كت ًبا مستقلة؛ مثل كتاب‪> :‬القرآن‬
‫ونقض مطاعن الرهبان<‪ ،‬و>االنتصار للقرآن أمام افرتاءات متنبئ األمريكان<‪ ،‬باإلضافة إىل‬
‫وسنتعرف عىل ذلك كله عند احلديث‬
‫َّ‬ ‫الكتب التي حتدث فيها عن اليهود وحتريفاهتم للتوراة‪،‬‬
‫عن مؤلفات الشيخ‪.‬‬
‫‪75‬‬

‫جمعية المحافظة على القرآن ا�لكريم‬

‫املفس‪ ،‬وهو املع ِّلم‪ ،‬وهو الواعظ‪،‬‬


‫عجيب هو أمر الشيخ صالح ’؛ هو العامل‪ ،‬وهو ِّ‬
‫ٌ‬
‫وهو الكاتب واملؤلف‪ُّ ،‬‬
‫وكل ذلك ال جيهله أحد‪ ،‬وله أثره ون ْف ُعه بني عموم املسلمني‪.‬‬
‫لكن ما ال يعرفه عنه كثري من الناس أنه كان من أوائل املؤسسني لذلك الرصح الرائد‬
‫يف خدمة كتاب اهلل عز وجل‪> :‬مجعية املحافظة عىل القرآن الكريم<‪ ،‬بل كان َ‬
‫أول رئيس هلا‪،‬‬
‫األردن ك َّله‪ ،‬وانترشت فروعها يف مدنه وقراه وبواديه منذ إنشائها‬
‫َّ‬ ‫عم نفعها‬
‫تلك اجلمعية التي َّ‬
‫سنة (‪1991‬م)‪.‬‬
‫نفسه عن هذه اجلمعية املباركة يف ذكرى تأسيسها الثالثني‪ ،‬يف‬
‫الشيخ ُ‬
‫ُ‬ ‫ولنقرأ ما كتبه‬
‫مقال كتبه يف >جملة الفرقان< التي تصدر عن اجلمعية‪:‬‬
‫>كنَّا نتعجب من عدم وجود مجعية يف األردن هتتم بالقرآن الكريم مثل دول عربية كمرص‬
‫والسعودية‪ ،‬وكنا نتمنى وجود مجعية هبذا اهلدف يف بالدنا‪ ،‬واختمرت فكرة وجود مجعية هلذا‬
‫الغرض يف أذهان بعض الرجال الغيورين عىل القرآن يف عام (‪1990‬م)‪ ،‬وتداعى ُث َّلة طيبة من‬
‫والتقوا عدة لقاءات يف عامن‪ ،‬واتفقوا عىل تأسيس مجعية خلدمة القرآن‬
‫ْ‬ ‫هؤالء الرجال املخلصني‪،‬‬
‫وحتفيظه ونرش علومه‪ ،‬ووضع نظام أسايس للجمعية‪ ،‬وحتديد ألهدافها ووسائلها وبراجمها‬
‫جاهزا ينتظر التنفيذ‪.‬‬ ‫لقاءات عديد ًة يف عام (‪1990‬م)‪ ،‬وصار كل ٍ‬
‫يشء‬ ‫ٍ‬ ‫وأعامهلا‪ ،‬وأخذ ذلك منا‬
‫ً‬
‫نسميها‪ :‬مجعية حتفيظ القرآن الكريم‪ ،‬كام هو اسمها يف‬
‫وتشاورنا يف اسم اجلمعية؛ هل ِّ‬
‫مرص؟ فلم َنر هذا االسم مناس ًبا؛ َّ‬
‫ألن عملها ليس يف حتفيظ القرآن الكريم فقط‪ .‬وبعد تفكري‬
‫وتشاور هدانا اهلل إىل هذا االسم‪> :‬مجعية املحافظة عىل القرآن الكريم<‪ ،‬واملحافظة أوسع مدً ى‬
‫ِ َ ُّ ِ ِ‬
‫وأشمل غاي ًة من جمرد التحفيظ وتعليم أحكام الرتتيل‪ ،‬وهدانا اهلل إىل اعتامد آية َتكفل اهلل‬
‫بحفظ القرآن لتكون عىل شعار اجلمعية‪ :‬ﱹ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﱸ [احلجر‪.]9 :‬‬
‫ووضع نظا ٌم متكامل للجمعية يف مطلع عام (‪1991‬م)‪ ،‬وتقدم املؤسسون بطلب‬ ‫ُ‬
‫املوافقة عىل تأسيس اجلمعية هبذا االسم إىل وزارة الثقافة‪ ،‬طالبني املوافقة عىل التأسيس‪.‬‬
‫مشكورا‪ ،‬متمن ًيا لنا التوفيق‪،‬‬
‫ً‬ ‫وكان وزير الثقافة يومها الدكتور خالد الكركي‪ ،‬فوافق عىل ذلك‬
‫فشكرناه عىل موقفه‪.‬‬
‫‪76‬‬

‫و ُأجريت انتخابات الختيار إدارة للجمعية‪ ،‬وأكرمني اإلخوة يف اهليئة العامة بانتخايب‬
‫مكم للجمعية‪َ ،‬‬
‫وبذل‬ ‫ٍ‬
‫وتواصلت لقاءاتنا يف الشهور األوىل إلرساء بناء متني ُ ْ‬
‫ْ‬ ‫رئيسا للجمعية‪،‬‬
‫ً‬
‫اإلخوة يف جملس اإلدارة ويف اهليئة العامة جهو ًدا كبرية ومتواصلة إلحسان تأسيس هذا البناء‪.‬‬
‫وأذكر أننا يف صيف عام (‪1991‬م) قمنا بزيارة وزير األوقاف والشؤون اإلسالمية‪ ،‬وكان‬
‫معايل املهندس رائف نجم‪ ،‬الذي أعلن دعمه للجمعية‪ ،‬وأشاد بربناجمها القرآين‪.‬‬
‫تقدمت إىل اإلخوة يف جملس‬
‫ُ‬ ‫وبعد شهور من متابعتنا يف تأسيس هذا ال ُبنيان املبارك‪،‬‬
‫اإلدارة برجاء قبول استقالتي من رئاستها‪ ،‬وأمام إحلاحي عىل ذلك وافقوا عىل قبول االستقالة‬
‫عيل التي مألت وقتي‪ ،‬وانتخبت اهليئ ُة‬
‫لتزاحم األعامل العلمية َّ‬
‫ُ‬ ‫واستقلت من رئاستها‬
‫ُ‬ ‫كرهني‪،‬‬
‫ُم َ‬
‫ٍ‬
‫سنوات طويلة‬ ‫العامة سامح َة العامل املفرس الدكتور إبراهيم زيد الكيالين لرئاستها‪ ،‬الذي رعاها‬
‫وقوته إىل أن توفاه اهلل‪ ،‬رمحه اهلل ورفع درجته‪ .‬وتوىل إدارة اجلمعية العامل‬
‫بجهده وحكمته َّ‬
‫خازر املجايل‪ ،‬حفظه اهلل‪ ،‬ومعه ُث ّلة طيبة مباركة من أهل‬
‫املفس األستاذ الفاضل الدكتور حممد َ‬
‫ِّ‬
‫القرآن املخلصني النشطني‪ ،‬أسأل اهلل هلم كل توفيق‪.‬‬
‫هذه اجلمعية املباركة هي اهلوية احلقيقية هلذا البلد الطيب‪ ،‬وهي شجرة يانعة قوية ممتدة‪،‬‬
‫ينطبق عليها قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ‬
‫ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﱸ [إبراهيم ‪.]25-24‬‬
‫مجعت هذه اجلمعية املعطاءة رجال البلد ونساءه عىل القرآن الكريم‪ ،‬و َأنشأت مراكزها‬
‫ْ‬
‫وخرجت اآلالف من احلافظني واحلافظات‪،‬‬
‫القرآنية يف عدد كبري من املدن والقرى والبلدات‪َّ ،‬‬
‫والعاملني بالقرآن والعالامت‪ .‬ورفعت لواء القرآن يف كل مكان‪ ،‬داخل القرآن وخارجه< انتهى‬
‫ما كتبه‪ ،‬رمحه اهلل‪.‬‬
‫وال تعني استقال ُة الشيخ ’ من رئاسة اجلمعية تركَها بال ُك ِّل َّية‪ ،‬بل بقي وف ًّيا هلا‪،‬‬
‫حارضا يف مناشطها ودروسها ودوراهتا العلمية التي كان يعقدها للطالب‪ ،‬باإلضافة‬
‫ً‬ ‫واستمر‬
‫َّ‬
‫إىل سلسلة من املقاالت العلمية التي كان يكتبها يف جملتها >الفرقان<‪.‬‬
‫اهلل عينه بأن رآها قائم ًة‬
‫وأقر ُ‬ ‫ثم َ‬
‫بذر الشيخ ’ وإخوانه هذه ال َبذرة الطيبة املباركة‪َّ ،‬‬
‫عىل ُسوقها‪ ،‬ورأى ثمراهتا جينيها أبناء األردن يف مدنه وقراه وبواديه‪ ،‬فها هي‪ ،‬بفروعها التي‬
‫جتاوزت األربعني فر ًعا‪ ،‬تشتمل عىل ما يزيد عن ألف ومائة مركز لتحفيظ القرآن الكريم‪ ،‬تُقدِّ م‬
‫‪77‬‬

‫عجزت عنه مثيالهتا يف العاملني العريب واإلسالمي‪ ،‬رغم ما‬


‫يف خدمة القرآن الكريم وعلومه ما َ‬
‫حتظى به تلك اجلمعيات من دعم حكومي غري حمدود‪.‬‬
‫صدر الناظر ما يراه من تطور يف عمل هذه اجلمعية اإلداري وهيكلها التنظيمي‪،‬‬
‫َ‬ ‫و ُيثلج‬
‫التطوعي‪ ،‬بل يفوقه‪ .‬وقد انعكس‬
‫ُّ‬ ‫الذي ُيضاهي كُربيات املؤسسات الرائدة يف العمل اخلريي‬
‫ذلك عىل ُمرجاهتا ومنجزاهتا التي نلمسها عىل أرض الواقع حينام نطالع ما تنرشه عن هيكلها‬
‫اإلداري وعن منجزاهتا‪.‬‬
‫ونشري إىل أن فكرة إنشاء اجلمعية املباركة كانت بمبادرة من الدكتور زهري الزمييل (وهو‬
‫دكتور يف األشعة) تلقاها منه علامء فضالء بالقبول‪ ،‬فكان كل نتاجها بإذن اهلل‪ ،‬يف موازين‬
‫أعامله الصاحلة‪ ،‬فمن سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل هبا إىل يوم القيامة‪.‬‬
‫ُعرف القارئ الكريم بأهداف اجلمعية وهيكلها اإلداري وبعض منجزاهتا‪.‬‬
‫وال بأس أن ن ِّ‬
‫ولكن قبل ذلك ال بد من وضع (لوحة الرشف) بأسامء أصحاب السابقة يف تأسيس >مجعية‬
‫اخلية يف موازين صالح‬ ‫املحافظة عىل القرآن الكريم<‪ ،‬التي كُتبت ُّ‬
‫كل منجزاهتا وأعامهلا ِّ‬
‫أعامهلم‪ ،‬وهم‪:‬‬
‫‪ .1‬سامحة الدكتور ابراهيم زيد الكيالين رمحه اهلل‬
‫‪ .2‬سعادة السيد أمحد الكفاوين حفظه اهلل‬
‫‪ .3‬فضيلة الدكتور أمحد الكوفحي حفظه اهلل‬
‫‪ .4‬فضيلة الدكتور أمحد نوفل حفظه اهلل‬
‫رح ِّيل الغرايبة حفظه اهلل‬
‫‪ .5‬سعادة الدكتور َ‬
‫‪ .6‬معايل الدكتورحممد إسحاق مرقة رمحه اهلل‬
‫‪ .7‬سعادة املهندس أيمن زعيرت حفظه اهلل‬
‫‪ .8‬معايل األستاذ الدكتور بسام العموش حفظه اهلل‬
‫‪ .9‬سعادة السيد مجيل أبو بكر حفظه اهلل‬
‫‪ .10‬معايل السيد محدي الطباع حفظه اهلل‬
‫‪ .11‬سعادة السيد محزة منصور حفظه اهلل‬
‫‪78‬‬

‫‪ .12‬فضيلة الدكتور خليل ُح ِّيض حفظه اهلل‬


‫‪ .13‬سعادة الدكتور ذيب أنيس حفظه اهلل‬
‫‪ .14‬معايل املهندس رائف نجم رمحه اهلل‬
‫‪ .15‬سعادة املحامي زهري أبو الراغب رمحه اهلل‬
‫‪ .16‬سعادة الدكتور زهري حممد الزمييل حفظه اهلل‬
‫‪ .17‬سعادة السيد سعد الدين الزمييل حفظه اهلل‬
‫‪ .18‬سعادة السيد سعود أبو حمفوظ حفظه اهلل‬
‫‪ .19‬فضيلة الدكتور رشف القضاة حفظه اهلل‬
‫‪ .20‬فضيلة الدكتور صالح اخلالدي رمحه اهلل‬
‫‪ .21‬معايل الدكتور عبد اللطيف عربيات رمحه اهلل‬
‫‪ .22‬سعادة السيد عزام هارون رمحه اهلل‬
‫‪ .23‬سعادة األستاذ عمر الصبيحي حفظه اهلل‬
‫‪ .24‬سعادة األستاذ فاروق بدران رمحه اهلل‬
‫‪ .25‬فضيلة الدكتور فضل حسن عباس رمحه اهلل‬
‫‪ .26‬سعادة املهندس فؤاد اخلَ َل َفات حفظه اهلل‬
‫‪ .27‬سعادة السيد حممد اللحام حفظه اهلل‬
‫‪ .28‬سعادة الدكتور حممد نذير أبو الذهب رمحه اهلل‬
‫‪ .29‬سعادة املهندس حممد هاين منصور حفظه اهلل‬
‫‪ .30‬سعادة السيد منذر الزمييل رمحه اهلل‬
‫‪ .31‬سعادة السيد وليد شابسوغ حفظه اهلل‬
‫‪ .32‬سعادة السيد وليد مصطفى قناة حفظه اهلل‬
‫‪ .33‬سعادة السيد أمحد العناين رمحه اهلل‬
‫‪ .34‬سعادة الدكتور قنديل شاكر رمحه اهلل‬
‫‪ .35‬معايل السيد عبد خلف داوودية رمحه اهلل‬
‫‪79‬‬

‫أهداف الجمعية‪:‬‬
‫ومن أبرز األهداف التي وضعتها مجعية املحافظة عىل القرآن الكريم وسعت لتحقيقها‬
‫منذ تأسيسها‪:‬‬
‫ ●توعيةالناسبأمهيةحفظالقرآنالكريمودراسةعلومهبالوسائلاملمكنة‪،‬معاالهتامم‬
‫بالعلوم األخرى التي ختدمه؛ كعلوم اللغة العربية والبالغة واحلديث الرشيف وغريها‪.‬‬
‫ ●إقامة الدورات لتعليم الناس ترتيل القرآن الكريم حسب القراءات القرآنية‪.‬‬
‫ ●إنشاء معهد للقراءات‪.‬‬
‫ ●اإلسهام يف تبنِّي املشاريع التي ختدم القرآن الكريم وعلومه‪.‬‬
‫ ●اإلسهام يف طباعة وتوزيع املصاحف الرشيفة داخل األردن وخارجه‪.‬‬
‫ ●نرش وتأليف وطباعة املؤلفات املتعلقة بالقرآن الكريم وعلومه‪.‬‬
‫ ●العمل عىل إصدار الوسائل السمعية واملرئية التي تساعد يف حتقيق أهداف اجلمعية‪.‬‬
‫ ●إنشاء مراكز حتفيظ القرآن الكريم يف مدن اململكة وقراها وبوادهيا‪.‬‬
‫ ● ُّ‬
‫بث روح التنافس بني الناس يف حفظ القرآن الكريم وإتقان علومه‪.‬‬
‫ ●اإلسهام يف األبحاث واملؤمترات واملنتديات العلمية املتعلقة بالقرآن الكريم داخل‬
‫األردن وخارجه‪.‬‬

‫الهيكل اإلداري للجمعية‪:‬‬


‫تتكون اهليئة العامة للجمعية من حوايل (‪ )800‬شخص من اجلنسني‪ ،‬ومن خمتلف‬
‫مكونات املجتمع األردين؛ ففيهم العامل والوزير واملعلم واملوظف ورجل األعامل‪ ،‬وأصحاب‬
‫املهن املختلفة‪.‬‬
‫أ َّما جملس إدارهتا فيتكون من نخبة من العلامء ذوي االختصاص يف الشأن القرآين‪،‬‬
‫ويدير اجلمعية ويرشف عىل حتقيق رؤيتها واألخذ بسياساهتا االسرتاتيجية مدير عام صاحب‬
‫خربة يف العمل القرآين واإلداري والاميل والفني‪.‬‬
‫ويتبع اإلدارة العامة للجمعية جمموعة من اإلدارات‪ ،‬وهي‪ :‬مديرية الشؤون القرآنية‪،‬‬
‫ومديرية العالقات العامة واإلعالم واملوارد الاملية‪ ،‬ومديرية الشؤون الاملية‪ ،‬ومديرية التطوير‬
‫‪80‬‬

‫الفني واإلداري‪ ،‬ومديرية الشؤون اإلدارية‪ ،‬ومديرية الشؤون الرتبوية‪ ،‬ووحدة الرقابة‬
‫ويتفرع عن كل مديرية من هذه املديريات جمموعة من األقسام‪ .‬كام تستعني اجلمعية‬
‫َّ‬ ‫الداخلية‪.‬‬
‫بعدد من املستشارين الرشعيني والقانونيني لتسديد العمل يف خمتلف جوانب مهامهتا التي تقوم‬
‫هبا‪.‬‬
‫ومن أجل تنفيذ أهدافها العملية‪ ،‬فإهنا تعتمد عىل جمموعة من اللجان العلمية واللجان‬
‫املركزية تُعني جملس إدارهتا يف عمله‪ ،‬وهذه اللجان هي‪:‬‬
‫‪ .1‬املجلس العلمي للحفظ والتالوة والقراءات‪.‬‬
‫‪ .2‬جلنة التأليف والنرش‪.‬‬
‫‪ .3‬املجلس العلمي للدراسات القرآنية وعلوم الرشيعة‪.‬‬
‫‪ .4‬اللجنة القانونية‪.‬‬
‫‪ .5‬جلنة التخطيط والتدريب‪.‬‬
‫‪ .6‬جلنة الشؤون الرتبوية‪.‬‬
‫‪ .7‬اللجنة اهلندسية‪.‬‬
‫‪ .8‬اللجنة اإلعالمية‪.‬‬
‫‪ .9‬جلنة تنمية املوارد الاملية‪.‬‬
‫وتنتظم إدارات اجلمعية وأقسامها وجلاهنا يف (‪ )42‬فر ًعا‪ ،‬كل واحد منها وحدة إدارية‬
‫مركزا قرآن ًّيا‪ ،‬كام يتبعها‬
‫ً‬ ‫مستقلة يف منطقة جغرافية حمددة‪ ،‬ويتبع اجلمعية وفروعها (‪)1050‬‬
‫(‪ )5‬أمانات‪ ،‬واألمانة هي اإلطار التنسيقي الذي جيمع عد ًدا من الفروع يف حميط جغرايف واحد‪.‬‬
‫ُّ‬
‫كل ما ُذكر من ُحسن التنظيم واإلعداد‪ ،‬وقبل ذلك إخالص النيات هلل تعاىل من‬
‫العاملني والقائمني عىل اجلمعية‪ ،‬انعكس عىل خمرجاهتا ومنجزاهتا عىل أرض الواقع؛ وترى‬
‫ٍ‬
‫حافظ‬ ‫ِمصداق ذلك حينام تقرأ أن عدد احلُ َّفاظ الذين خترجوا منها بلغ أكثر من (عرشة آالف)‬
‫لكتاب اهلل‪ ،‬وعدد املُجازين ينُوف عىل (‪ُ )15000‬ماز‪ ،‬وأهنا أصدرت أكثر من (‪ )250‬كتا ًبا‬
‫يف علوم الرشيعة عامة‪ ،‬ويف علوم القرآن خاصة‪ .‬ومنها ما أنجزته لذوي االحتياجات اخلاصة‬
‫الصم وال ُبكم‪.‬‬
‫من املكفوفني أو ُّ‬
‫‪81‬‬

‫ومل تكتف اجلمعية بتقديم خدماهتا التعليمية للوافدين إىل مراكزها فحسب‪ ،‬بل نظمت‬
‫َ‬
‫(قوافل قرآنية) متثَّلت يف إرسال عدد من املتخصصني يف أحكام التالوة إىل القرى والتجمعات‬
‫السكانية الصغرية والنائية لتعليم أهلها تالوة القرآن‪.‬‬
‫واحلديث عن منجزات هذه اجلمعية املباركة يطول ويطول‪ .‬ومن أجل ذلك ُح َّق هلا أن‬
‫تفوز بجائزة أفضل مجعية لتحفيظ القرآن الكريم يف العامل اإلسالمي‪ ،‬والتي منحتها إياها رابطة‬
‫وح َّق هلا أن تفوز كذلك‪ ،‬وبجدارة‪ ،‬بجائزة العمل اخلريي التي منحتها إياها‬
‫العامل اإلسالمي‪ُ ،‬‬
‫مؤسسة الشيخ فهد األمحد الدولية للعمل اخلريي يف دولة الكويت‪.‬‬
‫الشيخ يف إدارة اجلمعية ِمن بعده علام ُء فضال ُء‪ ،‬ساروا عىل دربه‪ ،‬وأكملوا‬
‫َ‬ ‫وقد خ َلف‬
‫ينسوا فضله عىل هذه اجلمعية وإسها َمه الكبري يف نجاحها وهنضتها‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫مسريته التي بدأها‪ ،‬ومل‬
‫ور َث ْوه بعد وفاته‪ ،‬وشاركوا يف جنازته والصالة‬
‫فكرموه يف حياته‪ ،‬وآملهم َف ْقدُ ه وفرا ُقه‪ ،‬فنَ َع ْوه َ‬
‫َّ‬
‫عليه‪ ،‬رمحه اهلل تعاىل‪ .‬فهم واهلل من الذين قال اهلل فيهم‪ :‬ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ‬
‫ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﱸ [احلرش‪.]10 :‬‬
‫واقرأ أهيا القارئ ما كتبه الرؤساء املتعاقبون هلذه اجلمعية املباركة عن الشيخ يف حياته‬
‫وعرفاهنم لفضله وسابقته يف العلم والدعوة‪ ،‬ويف خدمة‬ ‫وبعد وفاته لرتى مدى حمبتهم له‪ِ ،‬‬

‫مجيعتهم‪.‬‬
‫‪82‬‬

‫بل أفردت اجلمعية يف جم َّلتها الرائدة >الفرقان< مل ًّفا كاملً للحديث عن مآثر الشيخ‬
‫ومناقبه وعلمه‪ ،‬وإسهاماته يف خدمة اجلمعية‪ ،‬التي كان َ‬
‫أول رئيس هلا‪ ،‬وإسهاماته كذلك يف‬
‫خدمة كتاب اهلل تعاىل‪ ،‬وعلوم القرآن والرشيعة عمو ًما‪.‬‬
‫وقد كتب يف هذا العدد ُث َّل ٌة من األفاضل ِمَّن عايشوا الشيخ؛ سوا ًء أكانوا من أهل بيته‬
‫كابنه الدكتور حذيفة‪ ،‬أو ُأستاذه وشيخه الدكتور أمحد حسن فرحات‪ ،‬أو من زمالئه‪ :‬الدكتور‬
‫حسان‪،‬‬
‫حممد املجايل‪ ،‬والدكتور أمحد نوفل‪ ،‬والدكتور أمحد شكري‪ ،‬والدكتور مجال أبو َّ‬
‫والدكتور حممد اجلُوراين‪.‬‬
‫صحفي‪ ،‬أجراه مع الشيخ اخلالدي ’‪ ،‬قبل‬
‫ٌّ‬ ‫كام نُرش يف هذا العدد من املجلة لقا ٌء‬
‫مدة وجيزة من وفاته‪ ،‬الدكتور منذر زيتون‪ ،‬حتدث فيه عن جانب من سريته الذاتية‪ ،‬وذكرياته‬
‫يف فلسطني‪ ،‬واملؤسسات التي عمل فيها‪ ،‬كام تطرق احلديث يف هذا اللقاء عن مهوم األمة وما‬
‫هي ُسبل إنقاذها وانتشاهلا ممَّا هي فيه من مشكالت وحتدِّ يات‪ ،‬ومن أمهها ما ُيلحظ من حالة‬
‫خصوصا بني علامئها و ُدعتها‪.‬‬
‫ً‬ ‫االنقسام والترش ُذم يف األمة‪،‬‬
‫وتكريم >مجعية املحافظة عىل القرآن الكريم< لشيخها ورئيسها األول‪ ،‬مل يكن بعد وفاته‬
‫الو َّد‪ ،‬وعرفت له السابق َة يف حياته ً‬
‫أيضا‪ ،‬فام من مناسبة من مناسباهتا‪ ،‬أو‬ ‫فقط‪ ،‬بل حفظت له ُ‬
‫فعالية من فعالياهتا املهمة َّإل دعته إليها وللتحدُّ ث فيها‪.‬‬
‫كرمته يف حفل >الوفاء لتكريم‬
‫كرمته أكثر من مرة بعد اعتذاره عن رئاستها‪ ،‬فقد َّ‬
‫بل َّ‬
‫والقراء< عام ‪2013‬م‪ ،‬وأهدته در ًعا تذكار ًّيا‪ ،‬تسلمه نيابة عنه ولده الدكتور حذيفة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫العلامء‬
‫كام اختارته اجلمعية ليكون >الشخصية الفكرية< يف موسمها الثقايف السابع عام‬
‫‪2014‬م‪.‬‬
‫واختارته ليكون املتحدث يف >كريس اإلمام ابن ُجزي الغرناطي يف التفسري<‪ ،‬الذي‬
‫عقدته اجلمعية يف >مركز العلَّمة الدكتور فضل ع َّباس للدراسات القرآنية< عام ‪2016‬م‪.‬‬
83
‫‪84‬‬

‫العمل السياسي‬

‫يرى البعض ممن ال يعرف الشيخ صالح اخلالدي ’ أنه كان بعيدً ا نسب ًّيا عن العمل‬
‫السيايس‪ ،‬وأن مشاركاتِه يف العمل السيايس العام قليلة جدً ا إذا ما ُقورنت بمشاركات غريه من‬
‫متفر ًغا‬
‫الدعاة الذين هم أقرانُه يف اجلامعة التي كان ينتمي إليها >اإلخوان املسلمون<‪ ،‬وأنه ظل ِّ‬
‫وتدريسا‪.‬‬
‫ً‬ ‫بالك ِّلية للعمل العلمي تألي ًفا‬
‫ِ‬
‫مؤلفات الشيخ وحمارضاته‬ ‫وهذا الرأي‪ ،‬يف ظني‪ ،‬جمانب للصواب؛ إذ إن كث ًريا من‬
‫عم حوله من أحداث‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ودروسه العلمية كانت مرتبط ًة ارتبا ًطا وثي ًقا بواقعه املعارص‪ ،‬وال َّ‬
‫تنفك َّ‬
‫فاإلسالم يف نظره ‪ -‬وكام هو يف أدب َّيات مجاعة >اإلخوان املسلمون<‪ -‬ك ٌُّل متكامل‪ ،‬فهو ال يرى‬
‫التفريق بني السياسة أو التعليم أو االقتصاد أو غري ذلك‪.‬‬
‫َ‬
‫توجه املشايخ والعلامء إىل العمل السيايس‪ ،‬وال ممَّن يقول هلم‪:‬‬
‫أيضا ممن ينتقد ُّ‬
‫وليس هو ً‬
‫ابقوا أنتم يف كتاتيبكم ويف دروسكم ويف غرفكم ونحن نقوم هبذا الواجب‪.‬‬
‫ْ‬
‫متأثرا باملنهج احلركي عند األستاذ سيد قطب ’ يف كتاباته ومؤلفاته‪،‬‬
‫وكان يف ذلك ً‬
‫خصوصا كتابه الكبري >يف ظالل القرآن<؛ حيث يرى األستاذ سيد قطب أن اإلسالم منهج‬
‫ً‬
‫شامل للحياة‪ ،‬بام فيها من عبادات ومعامالت خمتلفة‪ ،‬سوا ًء أكانت سياسي ًة أم اقتصادية أم‬
‫بعض منه عن اآلخر‪.‬‬ ‫يتجزأ‪ ،‬وال ُّ‬
‫ينفك ٌ‬ ‫اجتامعية أم أخالقية أم غري ذلك؛ فاإلسالم ٌّ‬
‫كل ال َّ‬
‫وهذا الفهم الشامل لإلسالم هو الذي كان يدعو إليه الشهيد حسن البنا‪ ،‬مؤسس مجاعة‬
‫اإلخوان املسلمني‪ ،‬التي كان سيد قطب منتمي ًا إليها‪.‬‬
‫وقد شهد للشيخ صالح ’ فضيل ُة الدكتور مهام سعيد بفهمه السيايس العميق‪،‬‬
‫املستمدُّ من كتاب اهلل وسنة رسول اهلل ×‪ ،‬فيقول يف ذلك‪> :‬كان عمال ًقا يف‬
‫َ‬ ‫ذلك الفهم‬
‫السياسة؛ ألنه كان ينظر يف السياسة من منظار اهلل تبارك وتعاىل‪ .‬ارجعوا إىل كلامته‪ ،‬يف كل‬
‫وينص ح ًّقا<‪.‬‬
‫حادثة كان له كلم ُة فصل يقوهلا‪ ،‬ف ُيخرس ألسن ًة ُ‬
‫أيضا عن اهتاممه بالسياسة وقضايا األمة اإلسالمية‪> :‬كانت ال تغيب عنه قضية‬
‫ويقول ً‬
‫ث هيم املسلمني جتد قلمه س َّي ًال‬‫ث من أحداثها‪ ،‬وإذا ما وقع حدَ ٌ‬ ‫من قضايا األمة‪ ،‬وال حدَ ٌ‬
‫احلق‪ ،‬فقد كان سياس ًّيا بار ًعا‬
‫وي ُّق فيها َّ‬ ‫َ‬
‫الباطل ُ‬ ‫ٍ‬
‫كلامت يرصع فيها‬ ‫يتناول هذه احلدَ ث‪ ،‬فيقول‬
‫‪85‬‬

‫يف تعليقه عىل األحداث‪ ،‬وقوله كلمة الفصل فيها<‪.‬‬


‫ومعلوم كذلك أن الشيخ ’ نشأ منذ نعومة أظفاره يف أحضان مجاعة >اإلخوان‬
‫حارضا يف الكثري من‬
‫ً‬ ‫املسلمني<‪ ،‬املعروف عنها اهتام ُمها بالعمل السيايس والعمل العام‪ ،‬وكان‬
‫نشاطاهتم العامة؛ من مسريات أو مهرجانات أو غري ذلك‪ ،‬لكنه كان ُي ْؤثر االبتعاد عن العمل‬
‫السيايس املبارش كاالنتخابات النيابية‪ ،‬وعن الظهور اإلعالمي متحد ًثا يف الشؤون السياسية‪،‬‬
‫أو يف واجهة العمل السيايس العام‪ ،‬ومل يكن يتصدَّ ر املهرجانات اخلطابية‪ ،‬وهو يؤمن بقول‬
‫ميس لِام ُخلق له<(‪)1‬؛ فهذا يف السياسة‪ ،‬وهذا يف الرتبية‪ ،‬وهذا يف‬ ‫النبي ×‪> :‬اعملوا ٌّ‬
‫فكل َّ ٌ‬
‫التعليم والتأليف‪.‬‬
‫ورغم ابتعاده عن >النجومية< ‪-‬كام يسميها‪ -‬يف العمل السيايس املبارش‪ ،‬إال أنه مل يسلم‬
‫وخطبه التي‬ ‫من املضايقات األمنية‪ ،‬واالستدعاء إىل مراكز األمن‪ ،‬بسبب حمارضاته ودروسه ُ‬
‫كان يلقيها يف املساجد وغريها‪ ،‬لِام فيها من صدع باحلق وإنكار للمنكر‪ ،‬سوا ًء كان سياس ًيا أو‬
‫وأمره باملعروف أدى إىل إبعاده عن مسجده األثري‪،‬‬‫اجتامع ًيا أو أخالق ًيا‪ ،‬بل إن إنكاره للمنكر َ‬
‫>مسجد عبد الرمحن بن عوف<‪َّ ،‬لم اختلف مع وزير األوقاف يف ذلك احلني >د‪ .‬عبد السالم‬
‫الع َّبادي< ’‪.‬‬
‫وكذلك أدى صد ُعه باحلق إىل إبعاده عن عمله التعليمي األكاديمي يف >جامعة العلوم‬
‫اإلسالمية العاملية<‪ ،‬فلم يأب ْه لذلك‪ ،‬ومل يلتفت إليه‪ُ ،‬موقنًا أن رزقه من عند اهلل سبحانه‪ ،‬وأن‬
‫ُ‬
‫الرزق املقدَّ ر له‪.‬‬ ‫سبب ووسيل ٌة يأيت من خالهلا‬
‫الوظيفة ما هي إال ٌ‬
‫هوى‬
‫ومل يكن الشيخ ’ يف >معارضته< السياسية لبعض ما جيري يف بلده يصدُ ر عن ً‬
‫أو حب للظهور‪ ،‬بل كان‪ِ ،‬‬
‫عل َم اهلل‪ ،‬يريد اخلري لبلده وألمته‪ .‬وقد عرف له ُوالة األمر إخالصه‬ ‫ٍّ‬
‫يف النصيحة‪ ،‬وكان ِمَّن عرف له ذلك ملك البالد عبد اهلل الثاين ابن احلسني؛ حيث انتدب‬
‫رئيس الديوان امللكي اهلاشمي >يوسف حسن العيسوي< لنقل تعازيه إىل عشرية اخلالدي بوفاة‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫فقيدهم الكبري الدكتور صالح اخلالدي‪ ،’ ،‬ونُش ذلك يف الصحف ووسائل اإلعالم‬
‫األردنية‪.‬‬

‫((( رواه البخاري ومسلم من حديث عيل بن أيب طالب ÷‬


‫‪86‬‬

‫ومل يكن الشيخ ’ كذلك يف يوم من األيام منغل ًقا عىل ذاته‪ ،‬أو بعيدً ا عن واقعه‪ ،‬بل‬
‫كان متفاعلً معه بكل أحداثه السياسية واالجتامعية واالقتصادية‪ ،‬و ُم َّطل ًعا عليها ً‬
‫أول بأول‪،‬‬
‫فكان يتابع األحداث اليومية املحلية والعاملية من خالل الفضائيات ووكاالت األنباء‪ ،‬يفرح لام‬
‫ط األعداء عليها‪.‬‬ ‫يصيب األمة من مرسات وانتصارات‪ ،‬ويأمل ألملها يف أحزاهنا ونكباهتا وتس ُّل ِ‬
‫َّ‬
‫ومتابعاته السياسية هذه انعكست عىل خطبه وحمارضاته ودروسه التي كان يلقيها عىل‬
‫طلبته يف اجلامعات واملساجد‪ ،‬فكان يربطها بالواقع املعا َيش واألحداث اجلارية يف حينها‪ ،‬كام‬
‫أن مقاالتِه يف الصحف املحلية؛ مثل صحيفة >السبيل<‪ ،‬التي كان يكتب فيها ً‬
‫مقال أسبوع ًّيا‬
‫مقاالت حتليلي ًة سياسية ألحداث األسبوع‪ .‬وقد ُجعت تلك‬ ‫ٍ‬ ‫حتت عنوان >بصائر<‪ ،‬كانت‬
‫عرفنا به يف مكانه من الفصل الثاين يف هذا الكتاب‪.‬‬
‫املقاالت يف كتاب صدر بالعنوان نفسه‪َّ ،‬‬
‫‪87‬‬

‫قضية فلسطين‬

‫كانت قضية فلسطني من أوىل اهتاممات الشيخ ’ يف العمل السيايس والعلمي‬


‫والدعوي؛ فقد ُولد يف فلسطني أواخر عام (‪1947‬م)‪ ،‬وفتح عينيه عىل مأساهتا‪ ،‬فبعد‬
‫أشهر معدودات من والدته ح َّلت النكبة يف فلسطني‪ ،‬وسقطت القرى والبلدات الفلسطينية‬
‫أكثر من ثالثة أرباع فلسطني بيد‬
‫واحد ًة تلو األخرى بيد العصابات الصهيونية‪ ،‬حتى وقع ُ‬
‫وهجروا أهل املناطق التي‬
‫َّ‬ ‫هذه العصابات‪ ،‬وأقاموا هلم >دولة< يف منتصف عام (‪1948‬م)‪،‬‬
‫اجلو العام يف‬
‫احتلوها إىل داخل فلسطني وخارجها يف األردن وسوريا ولبنان والعراق‪ ،‬وكان ُّ‬
‫ومتوترا‪.‬‬
‫ً‬ ‫فلسطني مشحونًا‬
‫املهجرين والالجئني الوافدين إىل مدينته‬
‫َّ‬ ‫وكان وهو ٌ‬
‫طفل يف املرحلة االبتدائية يرى‬
‫>جنني< من املدن املحتلة؛ مثل يافا وحيفا وغريمها‪ ،‬فيعترصه األمل حلاهلم‪ ،‬ويملؤه احلنق عىل‬
‫هجرهم وسلب أرضهم‪ ،‬ويثري فيه ويف أقرانه احلم َّي َة الوطنية والدينية‪.‬‬
‫َمن َّ‬
‫املناهج التعليمية‬
‫ُ‬ ‫وساعد يف إذكاء جذوة احلامسة جتاه قضية فلسطني واجلهاد من أجلها‬
‫القوية التي كان يتل َّقاها يف املدرسة‪ ،‬سوا ًء يف مادة التاريخ‪ ،‬أو مادة اللغة العربية وما فيها من‬
‫ُرسخ ِق َيم املواجهة واملقاومة واجلهاد لتحرير فلسطني‪،‬‬ ‫قصائدَ محاسية وموضوعات إنشائية ت ِّ‬
‫وتبني للطلبة قضيتها العادلة‪.‬‬
‫كام كان له أساتذ ٌة ومعلمون ُفضال ُء‪ ،‬يغرسون يف نفوس طالهبم ووجداهنم َّ‬
‫حب‬
‫فلسطني‪ ،‬وأهنا بالد حمتلة‪ ،‬وأن من احتلها واغتصبها هم اليهود‪ ،‬والبد من حتريرها منهم‪.‬‬
‫هم أطفاهلم وغرس‬ ‫أضف إىل ذلك أثر الرتبية البيتية عند العائالت الفلسطينية يف شحذ ِ َ‬
‫هذه املفاهيم جتاه قضية فلسطني؛ يقول الشيخ ’‪> :‬كان آباؤنا وأمهاتنا يغرسون يف نفوسنا‬
‫كل واحد منكم يف مركز كبري حتى يسعى‬ ‫ً‬
‫رجال َل َّم تكربوا‪ ،‬وأن يكون ُّ‬ ‫أنكم ال بد أن تكونوا‬
‫إىل حترير فلسطني<‪.‬‬
‫وكذلك كان النبض العام لعموم الناس يف ذلك الوقت مرتب ًطا بقضية فلسطني‪ ،‬وكان‬
‫الشعب الفلسطيني شع ًبا ح ًّيا‪ ،‬متحركًا من أجل قضيته‪ٌّ ،‬‬
‫وكل يعمل عىل قدْر استطاعته‪ ،‬وال‬
‫تغيب النشاطات احلامسية واالحتفاالت واملسريات واالحتجاجات التي ُتيي جذوة القضية‪،‬‬
‫‪88‬‬

‫وال تد ُعها خت ُفت أو ختبو‪ ،‬فكان الصوت العايل الذي سمعه الشيخ يف طفولته هو صوت حترير‬
‫فلسطني‪ ،‬ومواجهة اليهود الغاصبني عىل أرض فلسطني‪.‬‬
‫ُّ‬
‫كل هذه العوامل جمتمع ًة مل تدع الشيخ صالح وأقرانه‪ ،‬وهم صبيان‪ ،‬يقفون موقف‬
‫املتفرج‪ ،‬بل شاركوا رجاالت مدينتهم >جنني< ‪-‬القريبة من ِّ‬
‫خط اهلدنة مع العدو‪ -‬يف‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫املظاهرات املندِّ دة باالحتالل املغتصب ألرضهم‪ ،‬وكان وهو اب ُن ثامين سنوات يشارك يف‬
‫املظاهرات‪ ،‬وهيتف معهم‪> :‬حيفا ويافا بالدنا واليهود كالبنا<!‪.‬‬
‫ويقول الشيخ صالح يف ذلك‪> :‬نحن نشأنا عىل النكبة‪ ،‬عىل القضية الفلسطينية‪ ،‬وهلذا‬
‫كانت فلسطني جتري يف دمائنا‪ ،‬فكان تأثري املظاهرات واملسريات واالحتجاجات كب ًريا‪ ،‬وكان‬
‫الشعب الفلسطيني ك ُّله يغيل من أجل حترير كامل الرتاب الفلسطيني املحتل‪ ،‬وكانت القضية‬
‫وأن هذه بال ٌد مقدسة حمتلة‬ ‫ٍ‬
‫وطالبات‪َّ ،‬‬ ‫ً‬
‫رجال ونسا ًء‪ ،‬طال ًبا‬ ‫حي ًة يف نفوس الشباب مجي ًعا‪،‬‬
‫مغتصبة‪ ،‬وال بد من حتريرها من االحتالل اليهودي<‪.‬‬
‫َ‬
‫وهكذا عاش اخلالدي ’ مع االحتالل منذ السنوات األوىل من طفولته املبكِّرة‪،‬‬
‫ِ‬
‫طفولة أي إنسان يف العامل العريب واإلسالمي‪.‬‬ ‫وهي مرحلة قد ختتلف عن‬
‫هم فلسطني وقضيتها‪ ،‬ويغادرها عام (‪1965‬م)‬ ‫ِ‬
‫ب ذاك الفتى ويكرب‪ ،‬ويكرب معه ُّ‬
‫ويش ُّ‬
‫يف طلب العلم إىل مرص الكنانة‪ ،‬ثم مل يستطع العودة إىل فلسطني أبدً ا‪ ،‬ال ليشء إال ألهنا قد‬
‫اح ُتلت مجي ُعها‪ ،‬فلم تعد مدين ُة >جنني< حيث ُولد‪ ،‬وال قري ُته >قباطية<‪ ،‬قري ُة والده وأهله‪َ ،‬‬
‫حتت‬
‫حكم العرب وال الفلسطينيني‪ ،‬بل احتلها اليهود الغاصبون‪.‬‬
‫وظل الشيخ ’ حي ُّن إىل موطنه وي ُتوق إىل زيارته‪ ،‬لكنه مل يفعل‪ ،‬فكان ُيغالب عاطف َته‬
‫و ُيغ ِّلب عق َله‪ ،‬ويأبى زيارة فلسطني عن طريق احلصول عىل تأشرية من سفارة العدو املحتل؛‬
‫املحرم معهم‪ ،‬وكان يفتي بعدم جوازه‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ألنه يرى ذلك من التطبيع‬
‫هذا االحتالل البغيض‪ ،‬وهذا االغتصاب الظامل ألرض فلسطني‪ ،‬وما فعله بأهلها من‬
‫قتل وترشيد‪ ،‬و َّلد يف نفس الشيخ صالح وقلبِه داف ًعا قو ًّيا لبيان هذا الظلم الواقع عىل أرضه‬
‫فج عميق ليقتلوا البرش‪ ،‬وهيدموا احلجر‪ ،‬ويغتصبوا‬ ‫أتوا من ِّ‬
‫كل ٍّ‬ ‫وأهله من ُش َّذاذ اآلفاق‪ ،‬الذين ْ‬
‫وعلمه لبيان زيف املحتل الغاصب وا ِّدعاءاته الباطلة واملبن َّية عىل أوهام‬‫األرض‪ .‬فجنَّد قلمه ِ‬

‫ودروسا كثرية‪ ،‬وكتب‬ ‫ٍ‬


‫حمارضات‬ ‫املحرفة‪ ،‬فألقى يف ذلك‬ ‫اس َت َق ْوها من توراهتم‬
‫ً‬ ‫َّ‬ ‫وخياالت ْ‬
‫‪89‬‬

‫املقاالت يف الصحف واملجالت‪ ،‬وأفرد ذلك يف كثري من كتبه‪.‬‬


‫ويكفي أن نورد هنا عنوانات كتبه التي حتدثت عن قضية فلسطني عىل وجه اخلصوص‪،‬‬
‫وسنفصل التعريف هبا‬
‫ِّ‬ ‫أو تلك التي حتدثت عن املحتل ألرض فلسطني من اليهود الغاصبني‪،‬‬
‫يف الفصل الثاين من الكتاب‪ ،‬فمن تلك الكتب‪:‬‬
‫‪ .1‬إرسائيليات معارصة‪.‬‬
‫‪ .2‬جذور اإلرهاب اليهودي يف أسفار العهد القديم‪.‬‬
‫‪ .3‬حديث القرآن عن التوراة‪.‬‬
‫‪ .4‬احلرب األمريكية بمنظار سيد قطب‪.‬‬
‫‪ .5‬حقائق قرآنية حول القضية الفلسطينية‪.‬‬
‫‪ .6‬‏ سفر التكوين يف ميزان القرآن الكريم‪.‬‬
‫‪ .7‬الشخصية اليهودية من خالل القرآن‪ :‬تاريخ وسامت ومصري‪.‬‬
‫‪ .8‬وعود القرآن بالتمكني لإلسالم‪.‬‬
‫دائم ما يبعث األمل ب ُقرب‬
‫والشيخ ’ يف مؤلفاته هذه‪ ،‬ويف دروسه وحمارضاته‪ً ،‬‬
‫زوال دولة املحتل‪َّ ،‬‬
‫وأن هنايتهم قد اقرتبت أكثر مما مىض‪ ،‬وأن عمر هذه >الدولة< أصبح‬
‫ُّ‬
‫ويضمحل‪ ،‬وأن األمل يف التحرير اآلن زاد قناع ًة عند األجيال اجلديدة‪ ،‬وأن جذوة‬ ‫يتقارص‬
‫هذه القضية ما زالت م َّتقد ًة ومشتعل ًة يف نفوس أبنائها‪ ،‬بل يف نفوس أبناء العرب واملسلمني‬
‫يسعون إىل حتريرها‪،‬‬
‫ْ‬ ‫شبابا‬
‫مجي ًعا‪ ،‬فاألجيال اجلديدة ما زالت تفكر يف قضية فلسطني‪ ،‬وما زال ُ‬
‫وما زال النبض موجو ًدا‪ ،‬وما زال النَّ َف ُس موجو ًدا‪ ،‬وما زالت االهتاممات موجود ًة يف نفوس‬
‫اجليل اجلديد‪ ،‬الذين مل يعارصوا نكبة فلسطني بكل مراحلها‪.‬‬
‫قدمت من‬
‫ْ‬ ‫وكان زيت رساج هذه القضية الذي أبقاها مضيئ ًة مشتعلة إىل اليوم‪ ،‬هو ما‬
‫دماء الشهداء يف سبيلها‪ ،‬سوا ًء من أفراد الشعب الفلسطيني أو من دماء قادته ورموزه‪ .‬ومن‬
‫أصحابا يف سبيلها شهدا َء‪ ،‬فإن هذه‬
‫ُ‬ ‫املعلوم أن أي قضية إذا ُب ِذلت الدماء من أجلها‪ ،‬وإذا مات‬
‫الدماء واألرواح ُتيي القضية يف نفوس الناس‪ ،‬وال تدعها متوت‪.‬‬
‫وهو يرى أن هذه القضية التي ُبذلت فيها الدماء‪ ،‬و ُأزهقت من أجلها األرواح‪ ،‬ينبغي‬
‫‪90‬‬

‫أن تكون من الثوابت األساسية يف حياة املسلم أينام كان‪.‬‬


‫يقول ’ يف كتابه >ثوابت للمسلم املعارص<‪> :‬إن نظرته [يعني‪ :‬املسلم املعارص]‬
‫للقضية الفلسطينية‪ ،‬القضية املركزية األوىل للمسلمني يف هذا العرص‪ ،‬حمكوم ٌة بثوابته األصلية‪:‬‬
‫اليهود عنده ك ُّلهم أعداء‪ ،‬وهم غاصبون حمتلون لفلسطني‪ ،‬ولذلك ال يفكر يف مصاحلتهم أو‬
‫وفلسطني ك ُّلها أرض‬ ‫كيان عىل أصغر ٍ‬
‫جزء من فلسطني‪،‬‬ ‫حق هلم يف ٍ‬
‫مهادنتهم‪ ،‬ويؤمن أنه ال َّ‬
‫ُ‬
‫إسالمية‪ ،‬وجيب حتريرها من البحر إىل النهر‪ ،‬وهي قضية إسالمية‪ ،‬هتم املسلمني مجي ًعا‪ ،‬إهنا‬
‫ليست قضي ًة عربية فقط‪ ،‬وال إقليمي ًة فلسطيني ًة فقط‪ ،‬ويؤمن بوجوب توجيه كل طاقات األمة‬
‫اإلسالمية وقدراهتا وإمكاناهتا لقتال اليهود‪ ،‬وحترير فلسطني ك ِّلها منهم‪ ،‬ويؤمن أن َّ‬
‫احلل‬
‫الوحيد للقضية الفلسطينية هو (اجلهاد‪ :‬نرص أو استشهاد)‪ ،‬وأن مفتاح ِّ‬
‫احلل هو‪ :‬ﱹ ﯭ‬
‫ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻﯼ ﯽ‬
‫أقرص الطرق وأرس ُعها‪ ،‬وأن ما‬
‫ُ‬ ‫ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﱸ [الامئدة‪ ،]23 :‬وأن هذا َّ‬
‫احلل هو‬
‫متاهات وأوهام‪ ،‬ورساب خادع<‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫سواه‬
‫ويرى الشيخ ’ أن ما يم ِّيز هذه املرحلة من مراحل القضية الفلسطينية ‪-‬بعد أن‬
‫اجتاها دين ًّيا إسالم ًيا‪ ،‬وقد‬
‫ً‬ ‫مؤش >البوصلة< فيها ُم َّت ِج ًها‬
‫مرت عليها‪  ‬عقو ٌد طويلة‪ -‬هو بقا ُء ِّ‬
‫َّ‬
‫أصبح الطرح اإلسالمي واجلهادي أقوى مما كان عليه يف الاميض‪ ،‬بعد أن كان التوجه نحو‬
‫منحرصا يف االجتاه وال ُبعد الوطني أو القومي‪ ،‬وأ َّدى ذلك إىل انبثاق‬
‫ً‬ ‫القضية الفلسطينية‬
‫ٍ‬
‫مقاومة فلسطينية تنطلق من منطلقات إسالمية رشعية وجهادية‪ ،‬مثل >حركة املقاومة‬ ‫ِ‬
‫حركات‬
‫منغرسا يف نفوس الفلسطينيني‪ ،‬ويف‬
‫ً‬ ‫اإلسالمية محاس<‪ ،‬و>حركة اجلهاد اإلسالمي<‪ ،‬وأصبح‬
‫ختص الفلسطينيني وحدهم‪ ،‬بل هي ملك‬ ‫نفوس غريهم من املسلمني‪ ،‬أن أرض فلسطني ال ُّ‬
‫للمسلمني مجي ًعا‪ ،‬إليها ُأ َ‬
‫رسي بالنبي ×‪ ،‬ومنها ُعرج به إىل الساموات ال ُعىل‪ ،‬وفيها ثالث‬
‫توجب عىل املسلمني مجي ًعا ‪-‬ال أهل فلسطني فحسب‪-‬‬
‫املساجد التي تُشدُّ إليها الرحال‪ ،‬فلذا َّ‬
‫حتريرها من براثن املحتل اليهودي‪.‬‬
‫ُ‬
‫والوقوف يف صف القرآن‬
‫ُ‬ ‫ويكفيه ’ َّ‬
‫أن آخر أفعاله يف الدنيا هو جها ُد اليهود بقلمه‪،‬‬
‫ٍ‬
‫كتاب‬ ‫واملجاهدين؛ فمع ضعفه ومرضه‪ ،‬إال أنه يف فجر اليوم الذي مات فيه رشع يف تأليف‬
‫بخط ضعيف‪ .‬فكان‬‫للزيوف اليهودية<‪ ،‬كتب منه أربع صفحات ٍّ‬ ‫ٍ‬
‫جديد سامه‪> :‬كواشف قرآنية ُّ‬
‫‪91‬‬

‫أرجى أعامله التي ختم هبا حياته‪ُ :‬ب ْغ ُض اليهود وأعداء اإلسالم‪ ،‬وحمب ُة املجاهدين والعلامء‬
‫والصاحلني‪ ،‬واجلها ُد بالقرآن ونرش للعلم‪ .‬و َمن عاش عىل يشء مات عليه‪.‬‬

‫أكرر ِذك َْر موقف طريف ُّ‬


‫يدل عىل تع ُّلق الشيخ صالح اخلالدي ’ بقضية‬ ‫وختا ًما ِّ‬
‫فلسطني وح ّبه هلا‪ ،‬حكاه أحد طلبته يف اجلامعة >الشيخ سائد الطوبايس<‪ ،‬فيقول‪:‬‬
‫>بعد صالة الفجر من يوم (‪1995/11/25‬م) هت ّيأنا للذهاب من إربد إىل العاصمة‬
‫عمن ‪-‬املسافة بينهام (‪100‬كم)‪ ،-‬وكنا عىل موعد مع امتحان مادة التفسري يف كلية الدعوة‬
‫َّ‬
‫وأصول الدين عند شيخنا ’‪ ،‬وبعد الصالة يأتينا خرب تنفيذ عملية ضد العدو الصهيوين‪،‬‬
‫ين ِّفذها أحد شباب مسجدنا (الشهيد حممد الدلكي) الذي جتاوز احلدود األردنية‪ ،‬واشتبك‬
‫مبارشة مع دورية العدو ليقتل منهم ثالثة‪ ،‬ويرتقي هو للشهادة‪ ،‬ويقع علينا اخلرب مفاجأ ًة مل‬
‫نتوقعها‪ ،‬فانشغلنا باخلرب‪ ،‬ونسينا الك ِّلية واالمتحان‪ ،‬ويف اليوم التايل وقفنا بني يدي شيخنا‬
‫أساريره‪،‬‬
‫ُ‬ ‫معتذرين‪ ،‬وما إن عرف بالعذر الذي من أجله تغ َّيبْنا عن االمتحان‪ ،‬حتى انفرجت‬
‫‪92‬‬

‫وقال‪ :‬كرمال عيون الشهيد اعتربوا حالكم امتحنتوا‪ .‬ووضع لنا عالمة االمتحان كاملة<!!‬
‫وما فعل الشيخ ذلك إال لبغضه لليهود وما اقرتفوه بحق فلسطني خاصة‪ ،‬وبحق‬
‫املسلمني والبرشية مجعاء عامة‪.‬‬
‫ولذلك كان أكثر يشء يكرهه الشيخ صالح ’ ‪-‬كام يذكر تلميذه >رافع الذيب<‪:-‬‬
‫املنافقون واليهود‪.‬‬

‫كل ما سبق ممَّا قدم الشيخ اخلالدي رمحه اهلل من نرصة بقلمه وعلمه وبفكره لقضية‬
‫فلسطني‪ ،‬كان حمل تقدير من العاملني عىل نرصة هذه القضية بعلمهم وبفقههم‪ ،‬أال وهم (هيئة‬
‫علامء فلسطني يف اخلارج)‪ ،‬فوفا ًء للشيخ وتقدير ًا لام قدّ م قامت اهليئة بتكريمه بعد موته‪ ،‬مثلام‬
‫قدَّ رت له علمه يف حياته‪ ،‬فمنحته درع ووسام القدس الرشيف‪.‬‬
‫‪93‬‬

‫الخالدي والإخوان المسلمون‬

‫تعرف الشيخ صالح ’ إىل مجاعة >اإلخوان املسلمني< من خالل زمالئه يف‬ ‫َّ‬
‫املدرسة‪ ،‬وانضم إليها يف فرتة مبكرة من حياته‪ ،‬وهو يف الثالثة عرشة من عمره‪ ،‬وكان آنذاك يف‬
‫الصف الثاين اإلعدادي‪.‬‬
‫وكانت طبيعته املتد ِّينة‪ ،‬وفطرتُه اإليامنية التي نشأ عليها منذ طفولته هي التي دفعته إىل‬
‫والتعرف إليها عن قرب‪ ،‬مؤ ِّملً أن جيد فيها احلاضن َة التي ترعاه‪ ،‬وتعمل‬
‫ُّ‬ ‫االنضام هلذه اجلامعة‬
‫عىل تنمية ميوله الديني‪ ،‬وتوسيع مداركه وثقافته‪ .‬وهذا ما أكده ’ أكثر من مرة‪ ،‬ويف أكثر‬
‫من مناسبة‪.‬‬
‫قربنا‬
‫يقول ’ يف ذلك‪> :‬نشأيت الدينية‪ ،‬وعاطفتي الدينية‪ ،‬وحمبتي لإلسالم هو الذي َّ‬
‫من هذه اجلامعة<‪.‬‬
‫ويؤكد ذلك يف مناسبة أخرى‪ ،‬فيقول‪> :‬لعل الرغبة الدينية والعاطفة الدينية هي التي‬
‫قربتني ُقر ًبا كب ًريا هلذه اجلامعة‪ ،‬وهم مل ينشؤوا التد ُّين عندي‪ ،‬إنام هو ناشئ من فرتة قبل ذلك<‪.‬‬
‫َّ‬
‫نشأت عليها قبل أن ألتحق مع اإلخوان‪ ،‬لك َّن اإلخوان‬
‫ُ‬ ‫أيضا‪ِ :‬‬
‫>القيم اإلسالمية‬ ‫ويقول ً‬
‫وقو ْوها‪ ،‬فنشأنا شبا ًبا ملتزمني منضبطني باالنضباط اإلسالمي‪ ،‬وااللتزام‬
‫رسخوها وأكَّدوها َّ‬
‫َّ‬
‫باإلسالم بشكل جيد واحلمد هلل‪ ،‬عشنا يف هذه املرحلة مرحل َة املراهقة‪ ،‬أو ما ُيسمى بـاملراهقة‬
‫الشبابية وغريها‪ ،‬وكنا يف ِحضن اإلخوان‪ ،‬ويف ِحضن اإلسالم‪ ،‬ويف ِحضن األزهر‪ ،‬ويف ِحضن‬
‫كتب املفكر اإلسالمي سيد قطب<‪.‬‬
‫لذلك أجدين ُأر ِّد ُد وأقول يف الشيخ ما قال الشاعر‪:‬‬
‫َف ـ ـ ـلَ َم َس َق ْلب ـ ـ ـ ـ ـًا َخالِي ـ ـ ـ ـًا َف َت َم َّكنَ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫َع َر ْف ُت َه َو َاها َقبْ َل َأ ْن َأ ْع ِر َ‬
‫ف اهل َ َوى‬

‫فت عىل زمالئي طالب املدرسة‬


‫>تعر ُ‬
‫أرجع إىل بداياته مع >اجلامعة< حيث يقول ’‪َّ :‬‬
‫من هذه اجلامعة‪ ،‬وكنا نذهب إىل ُ‬
‫(ش َعب) اإلخوان املسلمني يف مدينة جنني‪ ،‬ونجلس هناك‬
‫ونقرأ الصحف والكتب املختلفة‪ ،‬وتعرفت عىل رجاالت اجلامعة؛ مثل الشيخ فريز جرار‪،‬‬
‫عيل يف تعميق التزامي‬ ‫وتوفيق جرار‪ ،‬وعيل الفحاموي‪ ،‬رمحهم اهلل تعاىل‪ ،‬فكان للجامعة ٌ‬
‫فضل َّ‬
‫‪94‬‬

‫بكتاب اهلل‪ ،‬حيث فتحت عيوين عىل احلياة من خالل معرفتي باجلامعة‪ .‬وبداية تعريف عىل احلياة‬
‫العامة من خالل معرفتي هبذه اجلامعة املباركة وهلل احلمد<‪.‬‬
‫و َل َّم انتقل الشيخ إىل مرص للدراسة يف األزهر سنة ‪1965‬م‪َّ ،‬‬
‫ظل عىل عهده مع >اجلامعة<‪،‬‬
‫َرغم أن الفرتة التي عاشها يف اجلامعة كانت من أشد الفرتات تضيي ًقا عىل التيارات اإلسالمية‪،‬‬
‫خصوصا >اإلخوان املسلمون<‪ ،‬حيث ُز َّج بعدد كبري منهم يف الزنازين واملعتقالت‪ ،‬و ُأعدم‬
‫ً‬
‫بعضهم‪ ،‬فكان >اإلخوان< يف مرص آنذاك يف أوج حمنتهم ومأساهتم‪ ،‬حتى راهن الكثريون أنه‬
‫ُ‬
‫لن تقوم هلم قائمة بعد محلة >االجتثاث< التي قام هبا النظام املرصي نحوهم‪.‬‬
‫ويرى الشيخ صالح ’ َّ‬
‫أن >تنظيم اإلخوان سوا ًء أكان يف املحنة أو يف الرخاء‪ ،‬يبقى‬
‫آالف‬
‫ٌ‬ ‫وسجن‬
‫موزهم ُ‬
‫ور ُ‬‫مستمرا ممتدًّ ا ال ُيقىض عليه وال يموت‪ ،‬حتى إذا ُسجن قاد ُة اإلخوان ُ‬
‫ًّ‬
‫من أفرادهم‪َّ ،‬‬
‫ظل التنظيم موجو ًدا عند بعض الشباب‪ ،‬فهذا من توفيق اهلل سبحانه وتعاىل‪،‬‬
‫فالشباب كانوا موجودين والتنظيم كان موجو ًدا‪ ،‬رغم أن التضييق كان موجو ًدا‪ ،‬فكانوا‬
‫رسا فيام بينهم‪ ،‬يتث َّقفون عليها‪ ،‬ويتعلمون منها<‪.‬‬
‫رسا‪ ،‬ويتداولون كتب اإلخوان ًّ‬
‫جيتمعون ًّ‬
‫متعلم ومع ِّل ًم‪ ،‬جند ًّيا‬
‫ً‬ ‫الشيخ ’ عىل عهده مع هذه اجلامعة‪ ،‬مستفيدً ا و ُمفيدً ا‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫وظل‬
‫وتوجهاهتا وأفكارها؛ هو معها إذا‬
‫ُّ‬ ‫وقائدً ا‪ ،‬منضب ًطا بمنهجها‪ .‬لكنه ال يوافقها يف كل ُرؤاها‬
‫كانت مع احلق‪ ،‬وكث ًريا ما يراها كذلك‪ ،‬لكنه خيالفها إذا جانبت الصواب فيام يراه صوا ًبا‪،‬‬
‫ِ‬
‫قياداتا يف بعض آرائهم‪ ،‬حتى إنه ترك تلك >اجلامعة< مدة من الزمن َل َّم‬ ‫أيضا ما خالف‬
‫وكث ًريا ً‬
‫والصواب يف نظره من قضايا سأذكرها بعد قليل‪.‬‬
‫ُ‬ ‫احلق‬
‫رأى خمالفتها لام هو ُّ‬
‫ومع ذلك فهو يرى أن اختالفه مع اجلامعة التي ينتمي إليها أمر طبيعي‪ ،‬ويقول يف ذلك‪:‬‬
‫>ال بد من وجود اختالف يف وجهات النظر بني أفراد اجلامعة؛ أعضاء اجلامعة ليسوا (ن َُسخً ا‬
‫فلكل له تفك ُريه واجتهاده ونظراتُه‪ ،‬وذلك ضمن اإلطار‬ ‫كربونية) طِبق األصل إذا جاز التعبري‪ٍّ ،‬‬
‫نظر لبعض األفراد خمتلف ٌة‬‫العام ملبادئ اجلامعة وخ ِّطها التنظيمي‪ ،‬فال بد أن تنشأ بعض وجهات ٍ‬
‫عن التوجهات يف اجلامعة‪ ،‬وهذا يشء طبيعي للجامعة التي حترتم عقول أفرادها‪ ،‬وال تكبِت‬
‫أفكارهم أو آراءهم<‪.‬‬
‫دائم عن نفسه أنه‪> :‬ليس نسخ ًة طِبق األصل عن قيادة اجلامعة‪ ،‬إنام نتعاون‬
‫ويؤكد ً‬
‫مع قيادة اجلامعة عىل العمل بكتاب اهلل وخدمة دين اهلل سبحانه وتعاىل<‪ .‬وكذلك األمر فيام‬
‫‪95‬‬

‫خيص باقي أفراد اجلامعة؛ إذ إهنم >ليسوا ك ُّلهم نسخ ًة طبق األصل؛ هلم عقوهلم واختياراهتم‬
‫وأفكارهم<‪.‬‬
‫لذلك فقد اختلف معهم يف بعض القضايا التي يمكن أن تندرج حتت ما ُيسمى >السياسة‬
‫الرشعية<‪ ،‬كمشاركتهم يف العمل الوزاري أو النيايب‪ ،‬ويقول ’ يف هذا‪> :‬اختلفت معهم َل َّم‬
‫دخلوا يف الوزارة يف بداية التسعينيات‪ ،‬وصاروا وزرا َء يف حكومة (مرض بدران)‪ ،‬فأنا ال أرى‬
‫أنه جيوز دخول الوزارة واملشاركة فيها<‪.‬‬
‫وهو وإن خالف >اجلامعة<‪ ،‬فليس عن عداء أو ُبغض هلا‪ ،‬إنام هو‪> :‬عتب املحب املشفق‬
‫عىل اجلامعة‪ ،‬وليس املعادي هلا<‪.‬‬
‫وأنقل هنا ما ذكره يف ذلك صديقه وزميله يف الدراسة الدكتور بسام العموش‪ ،‬حيث‬
‫فرغ‬
‫قال‪> :‬وال زلت أذكر غضبته عىل حال >اإلخوان< وموضوع االنتخابات النيابية‪ ،‬حيث َّ‬
‫غضبه يف مقالة طويلة نرشهتا صحيفة >اللواء< األسبوعية بعنوان (رسبتم يف االمتحان) خماط ًبا‬
‫ُّ‬
‫الرتشح للربلامن‪ ،‬حيث كان صالح‪ ،‬وفق فكر‬ ‫اإلخوان يف مقالته‪ ،‬ومنتقدً ا تنا ُف َسهم من أجل‬
‫جمرد لعبة تُلهي هبا األنظم ُة َ‬
‫الناس!! بينام كان اجتها ُد (اجلامعة)‬ ‫سيد قطب‪ ،‬يرى أن الديمقراطية َّ‬
‫أي منرب ُيتاح لنقول كلمتنا‪ ،‬فمن التناقض َقبول منرب املسجد‬
‫أننا إصالحيون‪ ،‬وال جيوز أن نرتك َّ‬
‫ومنرب الصحافة‪ ،‬وال نقبل بمنرب الربلامن!! ومع أن مقال صالح كان قاس ًيا‪ ،‬إال إن اجلامعة مل‬
‫تتخذ موق ًفا سلب ًيا منه‪ ،‬بل ساحمتْه عىل ذلك‪ ،‬ليقينها أنه قال ذلك ْ‬
‫غيةً‪ ،‬وليس لغرض وال انتقام‬
‫تغي فكري<‪.‬‬ ‫وال ُّ ٍ‬
‫وح ُّبه لدعوته نابع من ح ِّبه لدينه وإسالمه‪ ،‬فهو احلريص عىل هذه الدعوة أن تنحرف‬
‫عن الطريق القويم‪ ،‬ولذلك يعمل عىل نُرصهتا باملناصحة واإلرشاد‪ ،‬كام يعمل عىل منارصهتا‬
‫بحفظ كينونتها‪ ،‬وحفظ ِ‬
‫مالا إن ُوجد‪ ،‬باعتباره ً‬
‫مال عا ًّما‪ ،‬وليس ملكًا شخص ًّيا ألحد‪ ،‬يترصف‬
‫فيه كيف شاء‪ .‬ويف هذا يروي أحد طلبته >د‪ .‬أمحد الش َّياب<‪ ،‬موق ًفا يدل عىل ورع الرجل‬
‫الصالح‪ ،‬صالح اخلالدي ’‪ ،‬يقول فيه‪:‬‬
‫> ُطلب مني أن ُأ ِّ‬
‫نسق مع الدكتور صالح ملحارضة يف املركز العام جلامعة اإلخوان‬
‫املسلمني‪ ،‬و ُقبيل املحارضة بقليل ذهبت إىل بيت الشيخ الصطحابه يف (تكيس) إىل مكان‬
‫أوىل هبذه‬
‫رفضا قاط ًعا‪ ،‬وقال يل‪( :‬الدعوة) ْ‬
‫املحارضة‪ ،‬فلام علم أين سأطلب (تكيس) رفض ً‬
‫‪96‬‬

‫ً‬
‫حماول التهوين من ثمن التكيس‪ :‬الفلوس كثرية‬ ‫الفلوس التي ستذهب للسيارة‪ .‬فقلت له‬
‫واملوضوع ما يستاهل! فلم يقتنع‪ ،‬قلت‪ :‬وكيف سنذهب إىل املركز العام؟ فقال‪ :‬بالباص‪.‬‬
‫رش دوالر‬
‫وكانت أجرة الباص يومها من بيته إىل مكان املحارضة سبعة قروش أردنية (تعادل ُع َ‬
‫أمريكي)‪ ،‬حاولت معه فلم أفلح‪ ،‬وذهبنا إىل الشارع‪ ،‬وانتظرنا حتى أتى الباص‪ ،‬وركبنا إىل‬
‫مكان املحارضة‪ ،‬وهكذا فعل يف العودة<‪.‬‬
‫فكم من حمارضة كان شيخُ نا يذهب إليها هبذه الطريقة!! رمحه اهلل تعاىل‪.‬‬
‫بحب‪،‬‬
‫ٍّ‬ ‫وظل الشيخ عىل العهد‪ ،‬وف ًّيا لدعوته ومجاعته‪ ،‬حم ًبا هلا‪ .‬وقاب َلتْه >اجلامعة< ح ًّبا‬ ‫َّ‬
‫قدره ح ًّيا؛ تلجأ إليه يف امل ُ ِل َّمت والنوازل‪ ،‬وتستفتيه فيام‬
‫فعرفت له َ‬ ‫ْ‬ ‫وو ًّدا ُبو ٍّد‪ ،‬ووفا ًء بوفاء‪،‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫ُيشكل عليها من األمور الفقهية ومسائل السياسة الرشعية‪ ،‬فيفتيها فتوى العامل ال ُـمل ِّم بجوانب‬
‫تلك املسائل التي ُسئل عنها‪.‬‬
‫كبار قادهتا‬
‫فنوهت بذكره ومآثره وعلمه‪ ،‬وكان ُ‬
‫وعرفت له >الدعوة< قد َْره بعد وفاته‪َّ ،‬‬
‫ْ‬
‫رئيسهم‪،‬‬ ‫أول من حرض الصالة عليه َ‬
‫وش َّي َع جنازته‪ ،‬وعىل رأسهم ُ‬ ‫‪-‬فضلً عن أفرادها‪َ -‬‬
‫املراقب العام لإلخوان املسلمني يف األردن >املهندس عبد احلميد الذنيبات<‪ ،‬وحتدث قبل‬‫ُ‬
‫صالة اجلنازة وهو ُيغالب دمو َعه وعرباتِه عن مآثر الفقيد‪ ،‬وغزير علمه و ُنبْل خصاله وكريم‬
‫أخالقه‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫معلمنا‪ ،‬رمحك اهلل يا‬
‫َ‬ ‫>رمحك اهلل يا أبا أسامة‪ ،‬رمحك اهلل يا شيخَ نا‪ ،‬رمحك اهلل يا‬
‫مر ِّبينا‪ ،‬لقد كان رمحه اهلل مرشو ُعه القرآن‪ ،‬عاش للقرآن‪ ،‬ومات ألجل القرآن‪ ،‬أبو أسامة كان‬
‫حيمل مرشو ًعا‪ ،‬وكان حيمل رسالة‪ ،‬عاش ألجلها ومات ألجلها‪ ،‬سيذكره مسجده وغ ُريه من‬
‫مساجد األردن‪ ،‬يذكِّر باهلل‪ ،‬يع ِّلم أبناءنا ويعلمنا مجي ًعا كيف نعيش مع القرآن‪ ،‬كيف نعمل‬
‫ألجل القرآن‪ ،‬ستبكيك مراكز حتفيظ القرآن‪ ،‬ستبكيك مجعية املحافظة عىل القرآن الكريم التي‬
‫كنت َّأو َل رئيس هلا<‪.‬‬
‫َ‬
‫وتكريم من >مجاعة اإلخوان املسلمني< للشيخ ’ بعد وفاته‪ِ ،‬‬
‫وعرفانًا منها بجهوده‬ ‫ً‬
‫العظيمة ودوره الريادي يف الدعوة إىل اهلل‪ ،‬قام وفد من قيادة اجلامعة بزيارة أبنائه وذويه يف‬
‫منزله‪ ،‬يتقدمهم املراقب العام املهندس عبد احلميد الذنيبات‪ ،‬وبمشاركة اثنني من أعضاء‬
‫املراقب العام در ًعا‬
‫ُ‬ ‫املكتب التنفيذي‪ :‬الدكتور حممد قطيشات‪ ،‬واملهندس عارف محدان‪ .‬وقدَّ م‬
‫‪97‬‬

‫املوت‬
‫َ‬ ‫تذكار ًيا لذوي فقيد العلم والدعوة‪ .‬وكان هذا الدرع ُم َعدًّ ا لتكريم الشيخ يف حياته‪ ،‬لك َّن‬
‫كان أرسع إليه‪ ،‬فقاموا بتسليم الدرع لنجله الدكتور حذيفة‪.‬‬
‫‪98‬‬

‫الخالدي وسيد قطب‬

‫تأثره وإعجا ُبه الكبريان باألستاذ سيد قطب‬


‫ُعرف عن الشيخ صالح اخلالدي ’ ُ‬
‫’ واش ُت ِه َر بذلك‪ ،‬فإذا ُذكر اسم >صالح اخلالدي< ُيذكر معه اسم >سيد قطب<‪.‬‬

‫بداية تعرف الشيخ على سيد قطب‪:‬‬


‫ٍ‬
‫وقت مبك ٍِّر من حياته‪،‬‬ ‫تعرف الشيخ صالح ’ عىل فكر سيد وكُتبه يف‬
‫كانت بداية ُّ‬
‫عندما كان صب ًّيا يف الصف الرابع االبتدائي! ويقول الشيخ خم ًربا عن ذلك‪> :‬كنت يف املدرسة‬
‫ُأحب القراءة واملطالعة‪ ،‬وكنت أتردد عىل مكتبة املدرسة‪ ،‬فاستهواين اسم كتاب بعنوان‪ :‬مشاهد‬
‫القيامة يف القرآن ومؤلفه سيد قطب‪ ،‬قبل ذلك مل أكن قد سمعت عنه‪ ،‬فأعجبني اسمه‪( :‬سيد)‬
‫و(قطب)‪ ،‬وكذلك أعجبني عنوان الكتاب‪ ،‬فاستعرته من املكتبة‪ ،‬وأخذته إىل البيت وقرأته‪،‬‬
‫وأعرتف أنني مل أفهم معظم ما فيه!! إال أهنا كانت َ‬
‫أول مرة أسمع فيها عن سيد وأقرأ له<‪.‬‬
‫تعمقت معرفته بسيد قطب وكتاباته بعد انضاممه إىل >مجاعة اإلخوان املسلمني< يف‬
‫ثم َّ‬
‫مدينة >جنني< عندما كان طال ًبا يف املرحلة اإلعدادية‪ ،‬فقرأ يف تلك املرحلة بعض كتابات سيد‪،‬‬
‫ترسخت الصلة وتو َّطدت العالقة بكتابات سيد بعد أن سافر إىل مرص للدراسة يف األزهر‬
‫ثم َّ‬
‫يلتق به يف هذه السنة‪ ،‬إذ‬ ‫ٍ‬
‫واحدة من استشهاد سيد قطب‪ ،‬ومل ِ‬ ‫سنة (‪1965‬م)‪ ،‬أي قبل سنة‬
‫كان قاب ًعا يف زنازين السجون‪ ،‬لكنه تتلمذ عل كتبه‪ ،‬فقرأ معظمها وهو يف مرص‪ ،‬وكان يتداوهلا‬
‫رسا‪ ،‬بسبب املحنة والتضييق الذي تعرض له اإلخوان يف مرص‬
‫ويتدارسها مع إخوانه وزمالئه ًّ‬
‫آنذاك‪.‬‬
‫ولم قرأ الشيخ ’ كتب سيد قطب يف مرص ازداد إعجابه به وبام قدَّ مه للمكتبة‬
‫َّ‬
‫اإلسالمية‪ ،‬وللدعوة اإلسالمية‪ ،‬وللفكر اإلسالمي‪.‬‬
‫عجبت بكتابته وبفكره‬
‫ُ‬ ‫ويتحدَّ ث الشيخ عن رس إعجابه بسيد قطب وكتاباته‪ ،‬فيقول‪ُ > :‬أ‬
‫مفكرا‪ ،‬وكان أدي ًبا‪ ،‬وأنا‬
‫ً‬ ‫وعلمه إعجا ًبا كب ًريا‪ ،‬وشدَّ ين أسلوبه األديب الرائق يف الكتابة‪ ،‬فكان‬
‫الس ِلس‪ ،‬ولذلك زاد تع ُّلقي هبذا الرجل‪ ،‬رمحه اهلل‬
‫بطبيعتي أحب األدب والكتابة واألسلوب َّ‬
‫وضحى يف سبيل مبادئه‪ ،‬ودفع روحه ثمنًا لذلك‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫تعاىل‪ ،‬ثم َل َّم لقي اهلل شهيدً ا ‪-‬إن شاء اهلل‪-‬‬
‫‪99‬‬

‫عميل‪ ،‬وقدَّ م‬
‫ٍّ‬ ‫حول فكره وكتاباتِه إىل واقع‬
‫زاد إعجايب به‪ ،‬حيث مل يكن جمر َد كاتب أو مفكر‪ ،‬بل َّ‬
‫حياته شهيدً ا يف سبيل اهلل وهلل احلمد‪ ،‬ولذلك كان رجلً صاد ًقا يف فكره ويف عمله‪ ،‬فلهذا‬
‫زادت حمبتي له<‪.‬‬
‫أيضا‪> :‬أنا تتلمذت عىل كتب سيد َل َّم كنت يف األزهر‪ ،‬فنشأت عىل كتبه وعىل‬
‫ويقول ً‬
‫أفكاره اإلسالمية العظيمة‪ ،‬وشخصيته ومواقفه العجيبة‪ ،‬األستاذ سيد قطب هو عمالق الفكر‬
‫اإلسالمي املعارص‪ ،‬هو رائد الفكر اإلسالمي والعمل اإلسالمي املعارص‪ ،‬وقد ختم حياته أن‬
‫يكون شهيدً ا بإذن اهلل سبحانه وتعاىل‪ .‬هذا عنده فكر ٌة آمن هبا‪ ،‬ودافع عنها‪ ،‬واستمر فيها حتى‬
‫َ‬
‫الصدق يف القول ويف العمل‪ ،‬كان كالمه‬ ‫وجدت عند سيد قطب‬
‫ُ‬ ‫لقي اهلل سبحانه وتعاىل‪.‬‬
‫صاد ًقا؛‪َ  ‬ل َّم كتب كتبه مل يكتبها من فراغ‪ ،‬مل يكن يف غرفة مكيفة‪ ،‬مل يكن يف مكتب مكيف‪ ،‬إنام‬
‫كان يف زنازي َن‪ ،‬وكان يف السجون‪ ،‬وهلذا ُّ‬
‫كل كلمة كتبها يف (الظالل)‪ ،‬أو يف غريه‪ ،‬دفع ثمنها‬
‫وجدت عنده الصدق‬
‫ُ‬ ‫وجدت عنده الوضوح الفكري‪،‬‬
‫ُ‬ ‫من حياته‪ ،‬ومن صحته‪ ،‬ومن وقته‪.‬‬
‫وجدت عنده متثُّل القرآن يف عامل الواقع‪ ،‬وجدت عنده اجلهر باحلق ومواجهة أعداء‬
‫ُ‬ ‫الواقعي‪،‬‬
‫ٍ‬
‫اهلل سبحانه وتعاىل‪ ،‬وهذه معان عند الرجل ُت ِّبب َ‬
‫الناس فيه<‪.‬‬
‫أيضا بشخصيته‪ ،‬ويقول‬ ‫وكام ُأعجب الشيخ ’ بكتابات سيد قطب‪ ،‬فقد ُأعجب ً‬
‫وفكره نتِاج شخصيته املنضبطة وامللتزمة‬
‫ُ‬ ‫فاصل عندي بني فكره وبني شخصيته‪،‬‬ ‫َ‬ ‫يف ذلك‪> :‬ال‬
‫واآلرسة‪ ،‬فشخصيته هي شخصية قرآنية نِتاج هذا القرآن العظيم كتاب اهلل تعاىل<‪.‬‬
‫سمها الشيخ ’‪ ،‬وهذا الفكر املستنري‪ ،‬وهذا األسلوب‬
‫هذه >الشخصية اآلرسة< كام َّ‬
‫ويترشبه يف عقله وقلبه‬
‫َّ‬ ‫الس ِلس املمتع يف كتابات سيد قطب‪ ،‬جعلت الشيخ يتض َّلع من كالمه‪،‬‬
‫َّ‬
‫ووجدانه‪ ،‬ثم يبثُّه يف ثنايا كتبه ويف دروسه العلمية‪.‬‬

‫إعدام سيد قطب وأثره على الشيخ‪:‬‬


‫أثر كب ٌري يف نفس الشيخ صالح ’‪ ،‬فازداد ح ُّبه له‬
‫وكان إلعدام سيد قطب ’ ٌ‬
‫وإعجابه به َّلم رآه قدَّ م روحه رخيصة يف سبيل اهلل‪ ،‬وكان ح ًّبا ُ‬
‫مشو ًبا بحزن وأمل عىل قتل هذا‬
‫العامل واملفكر واألديب الكبري‪ ،‬ويقول يف هذا‪:‬‬
‫>حز يف نفوس اجلميع استشهاد سيد‪ ،‬كان استشها ُده يف (‪1966/8/29‬م)‪ ،‬فتأملنا‬
‫ّ‬
‫‪100‬‬

‫منظرا ال أنساه؛ فقبل استشهاده كنا يف (كافترييا) املدينة اجلامعية يف األزهر‪،‬‬


‫ً‬ ‫مجي ًعا‪ ،‬وأذكر‬
‫وفيها تلفاز‪ ،‬وكنا نجلس نستمع لنرشة أخبار الساعة الثامنة مسا ًء‪ ،‬ويف النرشة عرضوا صورة‬
‫سيد قطب عندما خرج من السجن لتنفيذ حكم اإلعدام عليه‪ ،‬فس َّلم عىل مجيع الضباط واجلنود‬
‫املوجودين‪ ،‬وصافحهم واحدً ا واحدً ا‪ ،‬ولام وقف عىل باب السجن‪ ،‬صافح الواقفني‪ ،‬وكانت‬
‫سيارة السجن تنتظره‪ ،‬فركب السيارة‪ ،‬والتفت للخلف وح َّياهم مجي ًعا‪ ،‬وابتسم ابتسامته‬
‫منظرا مؤ ِّث ًرا‪ ،‬وهذا ر ٌّد عىل من يقول‪ّ :‬‬
‫إن سيدً ا‬ ‫الكبرية التي انترشت بعد ذلك يف الصحف‪ ،‬كان ً‬
‫وس ْو َد ِاو ًّيا‪ ،‬بالعكس‪ ،‬كان وجهه مرش ًقا يف الصورة‪ ،‬وكان ُيس ِّلم عىل أعدائه‬
‫كان رجلً مكتئ ًبا َ‬
‫الذين حاربوه َّ‬
‫وعذبوه‪ ،‬ومع ذلك كان يسعهم بقلبه الكبري‪.‬‬

‫وأذكر أنني يف يوم استشهاده كنت يف البيت ومل أخرج‪ ،‬كان من الصعب أن ُيفي‬
‫أحدُ نا حزنه وأمله عىل ما جرى‪ ،‬لكن رجال البوليس املرصي آنذاك كانوا حياسبون الناس‬
‫أي رجل ملتزم تبدو عليه مظاهر‬
‫عىل عواطفهم‪ ،‬ففي اليوم التايل الستشهاده رأيناهم يعتقلون َّ‬
‫احلزن لام حدث! وهذه قمة السوء؛ أن حتارب الناس عىل عواطفهم<!!‬
‫دث اجلَ َلل رد َة فعل إجيابية يف نفس الشيخ ’ جتاه هذا العامل واملفكر‬
‫كون هذا احلَ ُ‬
‫َّ‬
‫اخلالدي إىل‬
‫َّ‬ ‫الكبري‪ ،‬فازداد له حمب ًة‪ ،‬وبه تع ُّل ًقا وإعجا ًبا‪ ،‬هذه املحبة وهذا اإلعجاب دفعا الشيخ‬
‫إحياء سرية سيد وتراثه الفكري والعلمي واألديب والرشعي‪.‬‬
‫وانعكس هذا اإلعجاب بسيد عمل ًّيا عىل دراسة الشيخ اخلالدي اجلامعية ال ُعليا‪ ،‬ويقول‬
‫درست دراس ًة أكاديمي ًة تف َّتحت ٌ‬
‫آفاق جديد ٌة جتاه سيد‪  ،‬فقرأت (الظالل)‬ ‫ُ‬ ‫>لم‬
‫يف ذلك‪َّ :‬‬
‫كاملً عدة مرات للامجستري وللدكتوراة‪ ،‬ووقفت عىل أفكار سيد واستوعبتها‪ ،‬وعرفت جمال‬
‫الصواب الكبري الذي فيها‪ ،‬وهلذا ما زال اإلعجاب به يزداد يف مواقفه الفكرية والعقائدية<‪.‬‬
‫‪101‬‬

‫ِ‬
‫واستعداده لإلرشاف عىل‬ ‫وكان لتشجيع شيخه وأستاذه >د‪ .‬أمحد حسن فرحات<‪،‬‬
‫أثر كب ٌري عىل اجلد واالجتهاد يف بحث الشيخ عن فكر سيد قطب‬
‫رسالتيه الامجستري والدكتوراه ٌ‬
‫متخصصا‬
‫ً‬ ‫وحياته‪ .‬وكان ممَّا قاله له الدكتور فرحات يف هذا السياق‪> :‬أنت جيب أن تكون‬
‫املوزع يف املجالت ما‬
‫ومرج ًعا يف كل ما كَتب سيد قطب‪ ،‬وما كُتب عنه‪ ،‬وأن جتمع من تراثه َّ‬
‫سبع‬
‫تستطيع<‪ .‬فقرأ الشيخ كتاب >يف ظالل القرآن< أثناء إعداد رسال َتي الامجستري والدكتوراه َ‬
‫ثالث مرات منها‬
‫َ‬ ‫مرات‪ ،‬بمجلداته الستة الضخمة وصفحاته التي بلغت >‪ <4000‬صفحة؛‬
‫ٍ‬
‫قراءات أخرى بعد ذلك‪.‬‬ ‫يف الامجستري‪ ،‬وأرب ًعا يف الدكتوراه‪ ،‬فضلً عن‬

‫كتابات الشيخ عن سيد قطب‪:‬‬


‫ثم واصل الشيخ ’ االهتام َم بفكر سيد قطب وكتبه بعد حصوله عىل درجتي‬
‫الامجستري والدكتوراه‪ ،‬فكتب عنه الكثري من املؤلفات واملقاالت‪ ،‬وأصبح‪ ،‬كام أراده له أستاذه‬
‫مهم لكل من يريد البحث يف شخصية سيد قطب أو‬ ‫>الدكتور أمحد حسن فرحات<‪ ،‬مرج ًعا ًّ‬
‫دراسة فكره‪ ،‬حتى إن األستاذ >حممد قطب< ’ ‪-‬وهو شقيق سيد قطب‪ -‬عندما ُس ِئ َل عن‬
‫أخيه >سيد< قال‪> :‬ال تسألوين‪ ،‬واسألوا صالح اخلالدي‪ ،‬فهو أدرى مني بحياة أخي<‪.‬‬
‫بلغت الكتب التي‬
‫ْ‬ ‫معمقة‪ ،‬وقد‬
‫وكانت دراساته لسيد قطب دراسات علمية أكاديمية َّ‬
‫ألفها يف حياة سيد قطب وفكره ومؤلفاته تسعة كتب‪ ،‬بل إن باقي كتبه التي قاربت الستني َّ‬
‫قل‬
‫أن جتد كتا ًبا منها إال و َيذكر فيه سيدً ا أو يستشهد بأقواله وآرائه‪  .‬‬
‫وأذكر هنا عنوانات الكتب التي أفردها الشيخ لسيد قطب ’‪ ،‬وسيأيت التعريف هبا‬
‫مع مؤلفاته األخرى يف الفصل الثاين من هذا الكتاب‪:‬‬
‫‪ .1‬أمريكا من الداخل بمنظار سيد قطب‪.‬‬
‫‪ .2‬احلرب األمريكية بمنظار سيد قطب‪.‬‬
‫‪ .3‬سيد قطب األديب الناقد والداعية املجاهد واملفكر املفرس الرائد‪.‬‬
‫‪ .4‬سيد قطب الشهيد احلي‪.‬‬
‫‪ .5‬سيد قطب من امليالد حتى االستشهاد‪.‬‬
‫‪ .6‬يف ظل القرآن يف امليزان‪.‬‬
‫‪102‬‬

‫‪ .7‬مدخل إىل ظالل القرآن‪.‬‬


‫‪ .8‬املنهج احلركي يف ظالل القرآن‪.‬‬
‫‪ .9‬نظرية التصوير الفني عند سيد قطب‪.‬‬

‫غَيرة الشيخ على تراث سيد قطب وفكره‪:‬‬


‫خصوصا كتابه >يف ظالل‬
‫ً‬ ‫غيورا عىل تراث سيد ومؤلفاته‪،‬‬
‫ً‬ ‫كان الشيخ صالح ’‬
‫القرآن<‪ ،‬وكان يرفض أن يعبث به العابثون من الباحثني أو النارشين‪ ،‬ويغضب غض ًبا شديدً ا‬
‫أن أحدَ هم فعل ذلك؛ يقول عنه أستاذه وشيخه الدكتور أمحد حسن فرحات‪> :‬لقد‬ ‫إ ْن سمع َّ‬
‫كل الوفاء لسيد قطب ولكتبه ومؤلفاته‪ ،‬فحينام ُأخ َرب بأن أحد اإلخوة‬
‫كان األخ صالح وف ًّيا َّ‬
‫املرصيني يريد أن يعيد طباعة >يف ظالل القرآن< إىل طبعته األوىل‪ ،‬غضب غض ًبا شديدً ا‪ ،‬وكتب‬
‫إيل هذه الرسالة‪:‬‬
‫َّ‬
‫فضيلة أستاذي الدكتور أمحد فرحات‪ ،‬السالم عليكم ورمحة اهلل وبركاته‪ ،‬أخربين األخ‬
‫لتح َّل‬
‫أيمن اليوم أن بعض اإلخوان املرصيني يريد إعادة طبع الطبعة األوىل من >الظالل< ُ‬
‫فأحببت أن ُأسمعك ذلك‪،‬‬
‫ُ‬ ‫رافضا هذا العبث‪،‬‬
‫رددت عليه ً‬‫ُ‬ ‫حمل الطبعة املن َّقحة املنترشة‪ ،‬وقد‬
‫واألمر إليك أستاذي الكريم الفاضل‪.‬‬
‫كتبت إليه جوا ًبا عىل رسالته‪:‬‬
‫وقد ُ‬
‫السالم عليكم ورمحة اهلل وبركاته‪ ،‬وبعد؛ فسأحاول غدً ا أن أبحث عن بعض اإلخوة‬
‫الذين يمكن أن يكون هلم تأثري يف هذا األمر‪ ،‬ل ُيوقفوا هذا العبث‪ ،‬الذي يدل عىل عدم إحساس‬
‫باملسؤولية‪ ،‬وعدم تقدير لنتائجه‪ ،‬ولكم الشكر والتقدير عىل متابعة املوضوع‪.‬‬
‫وليس ذلك غري ًبا عىل األخ صالح‪ ،‬فهو خري من يقدِّ ر خطورة هذا األمر‪ ،‬فجزاك اهلل‬
‫خ ًريا عىل هذه ال َغ ْية<‪.‬‬
‫منو ًها بتلميذه اخلالدي‪ ،‬وبمدى اهتاممه برتاث سيد وا ِّطالعه عليه‪:‬‬
‫ثم يقول د‪ .‬فرحات ِّ‬
‫>املفروض فيمن يفكر بمثل هذا أن يستشري األخ صالح‪ ،‬الذي عاش طويلً مع تراث سيد‪،‬‬
‫خيص‬
‫وعرف منه ما مل يعرفه غريه‪ ،‬كام أشار إىل ذلك األستاذ حممد قطب‪ ،‬حني ُسئل عن أمر ُّ‬
‫أخاه سيد‪ ،‬فقال‪ :‬اسألوا الدكتور صالح اخلالدي<‪.‬‬
‫‪103‬‬

‫هم الباطلة التي‬


‫ومن غريته عىل سيد قطب ’ أنه كان يدافع عنه وينافح وير ُّد ال ُّت َ‬
‫كاتامه بأنه >أبو اإلرهاب والتكفري< بسبب نظرياته وأفكاره التي كان يبثُّها يف‬
‫نُسبت إليه؛ ِّ‬
‫كتبه‪َّ ،‬‬
‫وأن اسمه ارتبط باسم بعض اجلامعات التكفريية يف حياته وبعد استشهاده‪ ،‬ويقول يف‬
‫السياق‪:‬‬
‫هذا ِّ‬
‫ذنب هؤالء اجلامعات‪ ،‬التي ليس عندها ُبعد نظر أو‬
‫ذنب سيد قطب‪ ،‬بل ُ‬
‫نب ليس َ‬ ‫َّ‬
‫>الذ ُ‬
‫تصور واضح‬
‫ُحسن فهم لدين اهلل سبحانه وتعاىل‪ ،‬أو الدعوة إىل اهلل عز وجل‪ ،‬ليس عندهم ُّ‬
‫بنتائج‬
‫َ‬ ‫ويؤولونه تأويلً خاط ًئا‪ ،‬و ُي َق ِّولونه ما مل يقل‪َ ،‬‬
‫ويرجون منه‬ ‫وصحيح‪ ،‬يقرؤون كالم سيد ِّ‬
‫خاطئة‪ .‬وتروي احلاجة زينب الغزايل رمحها اهلل تعاىل عن حادثة يف هذا الشأن‪ ،‬فتقول‪ :‬قابلت‬
‫سيد َل َّم خرج من السجن سنة ‪1964‬م‪ ،‬وقلت له‪ :‬يا سيد‪ ،‬بعض الناس يقرؤون كالمك‬
‫ويك ِّفرون املجتمع‪ ،‬ويقولون‪ :‬أنت تك ِّفر املجتمع‪ .‬قالت زينب الغزايل‪ :‬فغضب سيد غض ًبا‬
‫شديدً ا‪ ،‬وقال‪ :‬أعوذ باهلل!! أنا ال أكفر املجتمع‪ ،‬أنا أدعو الناس إىل اهلل سبحانه وتعاىل‪ .‬ثم‬
‫أعرج! ثم وعد بكتابة النسخة الثانية من‬
‫َ‬ ‫قال‪ :‬هؤالء مل يفهموين‪ ،‬لقد وضعت ِحيل عىل محار‬
‫كتاب >معامل يف الطريق< لتوضيح هذه الفكرة‪ ،‬لكنه مل يكتبه‪ ،‬ألنه استشهد بعد ذلك رمحه اهلل<‪.‬‬
‫لذلك كان الشيخ اخلالدي من أكرب الداعني إىل قراءة ما كتبه سيد ٍ‬
‫بأناة وموضوعية‬
‫وإنصاف‪ ،‬للوصول إىل مراده ِمَّا كتب‪ ،‬فقد رأى أن كتابات سيد ُفهمت عىل غري ُمراده‪ ،‬إ َّما‬
‫بتحميلها أكثر مما حتتمل من املعنى‪ ،‬أو الجتزاء بعض عباراته اجتزا ًء ُيرجها عن سياقها‬
‫املؤدي إىل الفهم الصحيح هلا‪ ،‬وبالتايل توظيفها توظي ًفا غري دقيق‪ ،‬وال يتفق مع املنهاج الرشعي‬
‫السليم الذي كان يؤمن به سيد‪.‬‬
‫وإين هنا أعجب أشدَّ العجب من بعض من ينتسبون إىل العلم‪ ،‬وقد أمجع الناس ك ُّلهم‬
‫عىل الثناء عىل صالح اخلالدي وعلمه‪ ،‬بينام هؤالء مل يذكروا له منقبة واحدة‪ ،‬ومل يروا فيه إال‬
‫مثلب ًة‪( ،‬هم ْ‬
‫رأوها كذلك)‪ ،‬وهي كتابته عن سيد‪ ،‬وإعجا ُبه بسيد‪ ،‬ودفا ُعه عن سيد!‪.‬‬
‫خترصات الرافضة‪ِ ،‬‬
‫وملزهم للسنة‬ ‫مل يقرأ هؤالء دفاع اخلالدي عن السنة وأهلها أمام ُّ‬
‫النبوية‪ ،‬وقدحهم يف أمهات املؤمنني‪ ،‬ويف صحابة رسول اهلل ×‪ ،‬ومل يقرؤوا ر َّد اخلالدي‬
‫عىل ُشبهات النصارى وطعوناهتم يف دين اإلسالم ويف نبي اإلسالم عليه الصالة والسالم‪ ،‬ومل‬
‫املرسل إليهم‪ ،‬ومل يقرؤوا كتب اخلالدي‬
‫يقرؤوا ما كتبه اخلالدي عن اليهود وحتريفاهتم للكتاب َ‬
‫‪104‬‬

‫يف علوم القرآن‪ ،‬ويف التفسري‪ ،‬ويف العقيدة‪ ،‬ويف السرية‪ ،‬ويف التاريخ اإلسالمي‪ ،‬ويف قصص‬
‫األنبياء‪ .‬مل يعرفوا كم هي الثغرات التي سدَّ ها اخلالدي بكتاباته هذه‪ ،‬وبمحارضاته وبدروسه‬
‫يف التفسري ويف علوم القرآن‪ ،‬مل يقرؤوا هذه الكتب‪ ،‬وما أظنهم عرفوا حتى عناوينها‪ .‬فال هم‬
‫علموا وع َّلموا مثلام ِ‬
‫علم‬ ‫عرفوا للشيخ مكانته‪ ،‬وال هم أنصفوه‪ ،‬وال هم كتبوا مثلام كتب‪ ،‬وال ِ‬

‫وع َّلم‪ .‬وال أجدُ ين إال مر ِّد ًدا قول الشاعر فيهم ويف أمثاهلم‪:‬‬
‫َ‬
‫املكان الذي سدُّ وا‬ ‫من ا َّللوم أو ُسدُّ وا‬ ‫ِأق ُّل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوا عليهـ ـ ـ ـ ــم ال أب ـ ـ ــا ألبيك ـ ـ ُـم‬

‫أيضا‪ :‬إن الشيخ صالح ’‪ ،‬مع حبه لسيد قطب وإعجابه به‬
‫وأقول هلؤالء ً‬
‫وبمؤلفاته‪ ،‬كان منص ًفا يف دراسته لكتبه ولفكره‪ ،‬فال يدافع عنه يف خطئه‪ ،‬بل يذكر اخلطأ ويبني‬
‫لتحكُموا‪.‬‬
‫واضحا يف دراساته عن >الظالل<‪ ،‬فلتقرؤوا ثم ْ‬
‫ً‬ ‫وجه الصواب فيه‪ ،‬ونجد هذا‬

‫خاص‪:‬‬
‫إعجاب الشيخ بكتاب >يف ظالل القرآن< بشكل ٍّ‬
‫رس إعجابه الشديد بتفسري >يف ظالل القرآن< فيقول‪> :‬إعجايب‬
‫يتكلم الشيخ ’ عن ِّ‬
‫بالظالل حقيق ًة باعتباره تفس ًريا رائدً ا لكتاب اهلل عز وجل‪ ،‬وأعتقد أن سيد قطب رمحه اهلل‬
‫منهجا يف التفسري جديدً ا‪ ،‬أنا سمي ُته‪( :‬التفسري احلركي لكتاب اهلل عز وجل)‪،‬‬
‫ً‬ ‫تعاىل قد أسس‬
‫وقصدي بالتفسري احلركي‪ :‬أنه مل يتكلم عن قضايا التفسري دراس ًة أكاديمية نظرية‪ ،‬فهذا موجود‬
‫يف كتب التفسري الكثرية السابقة‪ ،‬لك َّن سيدً ا كان من أهدافه أن يربط املسلم املعارص بكتاب اهلل‬
‫عز وجل‪ ،‬وأن ينفخ يف روح القارئ املسلم نفخة قرآنية‪ ،‬فالظالل هو عبارة عن منهج حركي‪،‬‬
‫يع ِّلم املسلم كيف يتحرك بكتاب اهلل‪ ،‬وكيف يدعو الناس إىل كتاب اهلل‪ ،‬وكيف يواجه األعداء‬
‫من خالل كتاب اهلل تعاىل<‪.‬‬
‫و ُيؤكد هذه املعاين التي مت َّيز هبا >الظالل<‪ ،‬فيقول‪> :‬سيد قطب كان عنده مبدأ؛ ما قاله‬
‫الناس ال ُيعيد قوله‪ ،‬إنام كان ُيضيف إىل ما قاله الناس؛ فسيدٌ يف تفسريه مل يقف أمام حتليالت‬
‫معاين جديد ًة غري‬
‫َ‬ ‫القرآن البيانية واللغوية وغريها‪ ،‬فهذا موجود يف التفاسري السابقة‪ ،‬إنام أضاف‬
‫موجودة يف التفاسري السابقة‪ ،‬فلهذا >الظالل< ال ُيغني عن ِ‬
‫غريه وال ُيغني عنه غ ُريه‪> ،‬الظالل<‬
‫هدفه بيان روح القرآن‪ ،‬وكيفية احلياة مع القرآن‪ ،‬وكيف يدخل املؤمن َ‬
‫عالَ القرآن‪ ،‬وخيرج‬
‫صاحب رسالة‪ ،‬حيمل رسالة القرآن ويواجه أعداء اهلل‪ ،‬هذه املعاين ركّز سيد عليها‪ ،‬سيد‬
‫َ‬ ‫منه‬
‫‪105‬‬

‫ع َّلمنا كيف نواجه احلرب التي شنّها األعداء عىل القرآن‪ ،‬السابقون مل يتكلموا فيها؛ ألهنم كانوا‬
‫يكتبون ألُناس كانوا يعيشون مع القرآن‪ ،‬فكانوا يقدّ مون للناس ثقافة تفسريية‪[ ،‬بينام] سيد مل‬
‫منهجا تربو ًّيا حرك ًّيا مع القرآن‪ ،‬سيد أراد ختريج الشخصية‬
‫ً‬ ‫يقدّ م ثقافة تفسريية‪ ،‬إنام قدّ م للناس‬
‫اإلسالمية القرآنية‪[ ،‬وأنت] عندما تقرأ >الظالل< تُصاغ صياغة قرآنية من جديد<‪.‬‬
‫ويقول ’ يف سعي سيد إىل إحياء الروح اإليامنية عند عامة الناس من خالل كتابه‬
‫>يف طالل القرآن<‪> :‬إذا كان اإلمام الغزايل ’ أ ّلف كتاب >إحياء علوم الدين<‪ ،‬وهدف منه‬
‫إىل إحياء العلم يف نفوس الناس‪ ،‬ونجح يف هدفه نو ًعا ما؛ فإن سيدً ا أراد إحياء القرآن يف نفوس‬
‫الناس‪ ،‬فـالظالل عبارة عن بث الروح احلركية يف نفوس القراء<‪.‬‬
‫ٍ‬
‫قراءات متعددة‪ ،‬مل يرصف الشيخ اخلالدي عن‬ ‫لكن هذا اإلعجاب بالظالل‪ ،‬وقراءته‬
‫القراءة يف كتب التفسري األخرى للمتقدمني‪ ،‬فقد قرأ كلً من تفس َريي الطربي وابن كثري أكثر‬
‫من ثالث مرات‪ ،‬حتى يتمكن من اختصارمها وهتذيبهام‪ ،‬فضلً عن كتب التفسري األخرى‪،‬‬
‫التي قرأها وبث ما فيها من علوم يف خمتلف كتبه‪.‬‬
‫الموازنة بين سيد قطب والشعراوي‪:‬‬
‫ٍّ‬
‫فلكل أسلو ُبه‬ ‫مل ُيق ِّلل الشيخ ’ من جهود املعارصين يف تفسري القرآن الكريم‪،‬‬
‫معرض موازنته بني تفسري سيد قطب وتفسري الشيخ حممد‬ ‫ومدرسته ومنهجه يف التفسري‪ .‬ويف ِ‬
‫متويل الشعراوي‪ ،‬رمحهام اهلل‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫>هاتان املدرستان ٌّ‬
‫كل له منهجه‪ ،‬ومها منهجان متكامالن‪ :‬األستاذ سيد يقوم منهجه‬
‫يف >الظالل< عىل أساس الدعوة واحلركة واملواجهة واجلهاد والرتبية‪ .‬أما الشيخ حممد متويل‬
‫الشعراوي‪ ،‬رمحه اهلل تعاىل‪ ،‬الذي كان يقرأ كذلك كالم سيد يف الظالل ويأخذ منه ما يريد‬
‫يف تقديمه للناس‪ ،‬فكان مبد ًعا يف تفسري القرآن عىل أساس معانيه اللغوية واللطائف الدقيقة‬
‫واألمور العلمية يف كتاب اهلل تعاىل‪ ،‬والشيخ الشعراوي علَّمة عجيب يف التفسري‪ ،‬وحيبه الناس‪،‬‬
‫وخاصة دروسه املتل َف َزة؛ ألنه كان يقدِّ م التفسري ليس بكالمه فقط‪ ،‬بل بكالمه وصوته وحركات‬
‫يديه وإشارات عينيه وحركات جسمه‪ ،‬فكان الشيخ ’ يتفاعل مع القرآن تفاعلً كب ًريا جدًّ ا‪،‬‬
‫بعض كالمه معرو ًفا‬
‫ويقدم معاين دقيقة عجيبة جدًّ ا‪ ،‬وكان مبد ًعا يف عرض الامدة‪ .‬وقد يكون ُ‬
‫لدينا‪ ،‬لكنه كان يتميز باإلبداع والروعة يف طريقة العرض والتقديم والتأثري يف السامعني<‪.‬‬
‫‪106‬‬

‫برنامجه اليومي‬

‫ما كان للشيخ صالح أن يكون له هذا احلضور العلمي يف التعليم اجلامعي‪ ،‬والتدريس‬
‫عم نف ُعها‪ ،‬ما كان ليتم له ذلك‬ ‫يف املساجد واملراكز العلمية‪ ،‬وتأليف عرشات الكتب التي َّ‬
‫أول‪ ،‬ثم بالربكة يف الوقت الذي استثمره أ َّيام استثامر؛ فالشيخ كان‬ ‫ٍ‬
‫بتوفيق من اهلل سبحانه ً‬ ‫إال‬
‫أن للوقت وللزمن قيم ًة ينبغي َّأل َّ‬
‫يفرط فيها‪ ،‬ويراه‬ ‫حريصا عىل وقته يف يومه وساعته‪ ،‬ويرى َّ‬
‫ً‬
‫أثم َن من الامل‪ ،‬فالامل ربام يعود إ ْن ذهب‪ ،‬أما الوقت فليس كذلك‪.‬‬
‫ومن أقواله يف ذلك‪> :‬ينبغي عىل اإلنسان أن حيسن استغالل وقته وحيسن تنظيمه‪،‬‬
‫والربكة تأيت من اهلل تعاىل<‪ ،‬ويقول‪> :‬أنا عندي حرص واحلمد هلل عىل الوقت‪ ،‬وينبغي عىل‬
‫أحدنا أن يستعني باهلل سبحانه‪ ،‬وحيرص عىل َّأل يض ِّيع شي ًئا من وقته فيام ال فائدة فيه‪ ،‬بأ ْن يتقلل‬
‫من األمور االجتامعية واملظاهر التي ليس هلا داعٍ؛ مثل الزيارات غري املناسبة‪ ،‬وما يتب َّقى من‬
‫الوقت يغتنمه يف االشتغال باألعامل العلمية<‪.‬‬
‫وعن رضورة ترتيب الوقت بني العمل الدعوي والعميل‪ ،‬يقول ’‪> :‬البد لإلنسان‬
‫أن جيمع بني الكتابة والدعوة؛ بمعنى أن خيصص جز ًءا من وقته للكتابة والتأليف‪ ،‬وخيصص‬
‫جز ًءا آخر لتعليم الناس وإرشادهم عن طريق الدروس واملحارضات وغري ذلك؛ ألن املغاالة‬
‫وأيضا االنشغال بالدروس فقط دون‬ ‫َ‬
‫وترك الناس دون دعوة غري مناسب‪ً ،‬‬ ‫يف الكتابة فقط‪،‬‬
‫أيضا غري مناسب‪ ،‬فاحلل هو املوازنة بني الكتابة والدعوة ليكون‬
‫كتابة ملن عنده القدرة عليها ً‬
‫َ‬
‫ورجل دعوة يف اجلانب اآلخر<‪.‬‬ ‫اإلنسان َ‬
‫رجل علم يف جانب‪،‬‬ ‫ُ‬
‫مر ٍ‬
‫ض أو سفر‪،‬‬ ‫جما يوم ًّيا ال حييد عنه إال يف حال َ‬
‫من أجل ذلك فقد وضع لنفسه برنا ً‬
‫التواقة<‪ ،‬سار عليه‪ ،‬ودعا الناس للسري‬
‫وهذا الربنامج ذكره يف كتابه >اخلُطة ال َّرباقة لذي النفس َّ‬
‫عليه‪.‬‬
‫نفسه عن برناجمه اليومي‪:‬‬
‫ولنقرأ ما يقول الشيخ ُ‬
‫> َأستيقظ وأذهب للمسجد‪ ،‬وال تفوتني صالة الفجر يف املسجد مجاعة إال عندما أكون‬
‫برنامج تفسري‬
‫ُ‬ ‫مسافرا‪ ،‬وأقرأ ِور ًدا من القرآن الكريم حتى إقامة الصالة‪ ،‬وعندي‬
‫ً‬ ‫مريضا أو‬
‫ً‬
‫القرآن يف املسجد حوايل (‪ )8-7‬دقائق‪ ،‬أتناول فيه تفسري آية بشكل خمترص‪ ،‬وأثناء عوديت‬
‫‪107‬‬

‫للبيت أقرأ األوراد املأثورة‪.‬‬


‫وقت صفاء الذهن‪ ،‬و ُأنجز فيه‬ ‫ُّ‬
‫وأستغل هذا الوقت الثمني املبارك‪َ ،‬‬ ‫بعد الفجر ال أنام‪،‬‬
‫ً‬
‫أعامل جيدة‪ ،‬ويبدأ عميل الصباحي بفنجان من القهوة‪ ،‬ثم أفتح القناة الفضائية عىل القرآن‬
‫الكريم‪ ،‬أستمع منها القرآن ملدة نصف ساعة أو ساعة تقري ًبا‪ ،‬ثم أتابع عميل‪ ،‬فأبدأ بالكتابة‬
‫والتأليف ومتابعة األخبار وغري ذلك‪ ،‬وبعد اإلفطار أعود للكتابة حتى الظهر‪ ،‬فأذهب للصالة‬
‫يف املسجد‪ ،‬ثم أعود إىل العمل يف البيت للكتابة والغداء‪ .‬أما فرتة ما بعد العرص فتكون للدروس‬
‫لدي برنامج‪ ،‬أو موعد ِعلمي أو دعوي أو‬
‫العامة للناس‪ ،‬وهكذا املغرب والعشاء‪ّ ،‬إل إن كان َّ‬
‫اجتامعي أقوم به‪ ،‬ثم أعود إىل الكتابة مر ًة ثانية‪ ،‬وأبقى عىل هذا حتى الساعة العارشة ليلً‪ ،‬فأنا‬
‫ِ‬
‫لست َليْل ًّيا!! وأحرص عىل النوم ً‬
‫مبكرا‪ ،‬حتى يف ليايل الصيف أنام بعد العشاء مبارشة‪.‬‬
‫ست ساعات بالليل ال أكثر وال أقل‪ ،‬وليس عندي قيلولة يف‬
‫وأنا حريص عىل النوم َّ‬
‫النهار‪ ،‬وهذا برناجمي يف الصيف والشتاء<‪.‬‬
‫واستفاد الشيخ ’ استثامر وقته ويومه ممَّن سبقه من العلامء‪ ،‬وقد أشار إىل ذلك يف‬
‫هناية كتابه >اخلطة ال َّرباقة<‪ ،‬حيث نصح بقراءة بعض الكتب التي استفاد هو منها يف برناجمه‬
‫وخطته اليومية‪ ،‬ومن هذه الكتب‪> :‬قيمة الزمن عند العلامء<‪ ،‬و>صفحات من صرب‬
‫العميل ُ‬
‫العلامء<‪ ،‬كالمها للشيخ عبد الفتاح أبو غدة ’‪ ،‬و>الوقت يف حياة املسلم< للدكتور يوسف‬
‫القرضاوي ’‪ ،‬و>جدِّ د حياتك< للشيخ حممد الغزايل ’‪ ،‬و>دع القلق وابدأ احلياة<‪،‬‬
‫و>كيف تكسب األصدقاء<‪ ،‬و>كيف تؤثر يف الناس<‪ ،‬ثالثتها لديل كارنيجي‪.‬‬
‫‪108‬‬

‫وفاته‬

‫خملصا للقرآن‪ ،‬وداعي ًة ُم ِّ‬


‫تحم ًسا يدافع عن قضايا املسلمني‪،‬‬ ‫قىض الشيخ حياته جند ًّيا ً‬
‫َّ‬
‫وخط‬ ‫القرآن قلبه م ْذ كان طفلً إىل أن توفاه اهلل‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫رجل مأل‬ ‫وينافح عن ثوابت الدِّ ين والتوحيد‪ٌ ،‬‬
‫ينابيع َث َّر ًة َي ِر ُد َها ك ُُّل ذي َغ َّل ٍة و َي ْصدُ ُر عنها َر ِاو ًيا‪.‬‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫ومقاالت كانت‬ ‫بقلمه كت ًبا‬
‫ٍ‬
‫روحه ‪-‬يرمحه اهلل‪ -‬وهو ُي َتمتم بـ>ال هلإ إال‬ ‫ومن عاش عىل يشء ُقبض عليه‪ ...‬ف ُقبضت ُ‬
‫اهلل<‪ ،‬وتكفيه شهاد ُة املصطفى ×‪َ > :‬من كان آخر كالمه ال هلإ إال اهلل دخل اجلنة< (‪.)1‬‬
‫عاش عىل طلب العلم‪ ،‬وعىل نرش العلم‪ ،‬ومات عىل ذلك‪ ،‬وبقي يكتب ويؤلف حتى‬
‫آخر يوم من عمره‪ ،‬وهو يتمثَّل قول اإلمام أمحد بن حنبل ’‪> :‬مع املحربة إىل املقربة<‪.‬‬
‫فهني ًئا لك يا شيخ صالح ُحسن اخلامتة التي اختارها اهلل لك‪.‬‬
‫تعجب ‪-‬كام‬ ‫كانت آخر أقواله يف دنياه الفانية شهاد َة َّأل هلإ َّإل اهلل‪ ،‬فام ِ‬
‫آخ ُر أفعاله؟!‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ذكرت لك ما يرويه ابنه الدكتور حذيفة‪> :‬كان آخر أفعاله يف الدنيا جهاد اليهود‬
‫ُ‬ ‫عجبت أنا‪ -‬إن‬
‫ُ‬
‫بقلمه‪ ،‬والوقوف يف صف القرآن واملجاهدين ونرش العلم؛ فمع ضعفه ومرضه‪ ،‬إال أنه يف فجر‬
‫للزيوف اليهودية<‪ ،‬كتب‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫كتاب جديد سامه >كواشف قرآنية ُّ‬ ‫اليوم الذي مات فيه رشع بتأليف‬
‫ٍّ‬
‫بخط ضعيف‪ ،‬وعند مغيب شمس ذلك اليوم أغلق قلمه وتوضأ وصىل‬ ‫منه أربع صفحات‬
‫املغرب‪ ،‬ثم انطلقنا إىل املستشفى‪ ،‬ليتوقف قلبه أثناء إجراء الفحوصات يف الساعة التاسعة‬
‫والنصف مسا ًء‪ ،‬فكانت أرجى أعامله التي ختم هبا حياته‪ :‬بغض اليهود وأعداء اإلسالم‪ ،‬وحمبة‬
‫املجاهدين والعلامء والصاحلني‪ ،‬واجلهاد بالقرآن ونرش للعلم<‪.‬‬
‫وكانت وفاته يوم االثنني‪1443/6/25 ،‬هـ‪ ،‬املوافق ‪2022/2/28‬م‪.‬‬
‫وأقول مرة أخرى‪ :‬هني ًئا لك يا شيخ صالح ُحس َن اخلامتة التي اختارها اهلل لك‪.‬‬

‫جنازته‪:‬‬
‫الطقس شديد الربودة‪ ،‬واألرض مغطا ٌة بالثلوج التي سقطت منذ يومني‪ ،‬وحتسب‬
‫الناس قابع ًة يف بيوهتا‪ ،‬ومع ذلك تذهب إىل املسجد الذي كان يرتاده الشيخ وفيه ُيلقي دروسه‬
‫َ‬

‫((( رواه أبو داود برقم (‪ )3116‬من حديث معاذ بن جبل ÷‪.‬‬
‫‪109‬‬

‫فاجأ أنك‬ ‫ٍ‬


‫وحمارضاته‪ ،‬لتشهدَ جنازته وتسعدَ بالصالة عليه‪ .‬تذهب قبل الوقت بساعة أو أكثر ل ُت َ‬
‫غص املسجد باملصلني‪ ،‬الذين أتوا من ِّ‬
‫كل مكان يف األردن‬ ‫بالكاد جتد لك مكانًا تصيل فيه‪ ،‬فقد َّ‬
‫صباحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫وبعضهم حرض يف الساعة السابعة‬
‫ُ‬ ‫للصالة عىل الشيخ وحضور جنازته‪،‬‬
‫يف تلك اللحظة‪ ،‬ويف ذلك املشهد املهيب‪ ،‬تستحرض قول اإلمام أمحد ’‪> :‬قولوا‬
‫ألهل البِدَ ع‪ :‬بيننا وبينكم اجلنائز<‪.‬‬
‫آالف من حمبي الشيخ؛ من طالبه ومريديه‪ ،‬ومن أقرانه‬
‫ٌ‬ ‫نعم‪ ،‬بيننا وبينهم اجلنائز‪،‬‬
‫وزمالئه‪ ،‬ومن معارفه وأحبابه وأقاربه‪ ،‬أتوا للصالة عليه‪ ،‬ال ليشء من مصالح الدنيا‪ ،‬ولكن‬
‫وحسن ُخلق‪.‬‬ ‫صالح وتقوى وعلم وعمل ُ‬ ‫ٍ‬ ‫لِام عرفوا عنه من‬
‫وتذهب إىل املقربة بعد الصالة ‪-‬وهي بعيدة عن املسجد‪ -‬فرتى فيها من الناس َ‬
‫مثل ما‬
‫رأيت يف املسجد‪ ،‬بل بعضهم مل يدرك الصالة عليه‪ ،‬فأتى إىل املقربة حلضور الدفن والصالة‬
‫َ‬
‫عليه فيها‪.‬‬
‫ً‬
‫مذهول‪ ،‬أو باك ًيا ناح ًبا عىل فقيد‬ ‫تنظر إىل وجوه الناس من املش ِّيعني‪ ،‬فال ترى إال وامجًا‬
‫العلم واإلسالم‪.‬‬
‫أما أنا‪ ،‬فبعد وفاة شيخي عالمة اليمن القايض إسامعيل بن عيل األكوع ’(‪ ،)1‬كنت‬
‫شيخي األكوع‪ .‬وما كنت أظن‬
‫َ‬ ‫بكيت أحدً ا من الرجال بعد والدي ’ مثل بكائي‬
‫ُ‬ ‫أقول‪ :‬ما‬
‫أنني سأبكي أحدً ا بعدمها مثل ذلك‪ ،‬حتى ُفجعت بوفاة الرجل الصالح‪ ،‬اخلالد ذكره‪ ،‬صالح‬
‫الشيخ وبكيت ِ‬
‫العلم الذي‬ ‫َ‬ ‫اخلالدي ’‪ .‬فتجدَّ د األسى‪ ،‬وتف َّتحت جروح احلزن‪ ،‬فبكيت‬
‫مسجى وحم ُّبوه حوله‪،‬‬ ‫ًّ‬ ‫فقدناه بفقده‪ .‬ويف جنازته جتدَّ د احلزن والبكاء من جديد‪ ،‬وما إن رأيته‬
‫درارا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫حتى جف اللسان وسال الدمع م ً‬
‫اح َب ُهم يف الدنيا‬
‫الشيخ ’!! لقد ُدفن بجوار من َص َ‬‫ُ‬ ‫تعجب أين ُد ْف ِن‬
‫ْ‬ ‫ويف املقربة‬
‫حب‬ ‫ِ‬
‫ُصحبة األخيار األبرار‪ ،‬وعمل معهم يف الدعوة إىل اهلل‪ ،‬وكان حيبهم ل َم اجتمعوا عليه من ِّ‬
‫وحب دعوته‪...‬‬
‫ِّ‬ ‫وحب رسوله ×‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫وحب كتابه‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫اهلل‪،‬‬
‫دفن بالقرب من قرب الشيخ منصور احلياري‪ ،‬ذلك الداعية املجاهد‪ ،‬الذي أفنى عمره يف‬

‫((( انظر يف ترمجة سريته كتايب >عالمة اليمن ومؤرخها القايض إسامعيل بن عيل األكوع<‪ ،‬نرش دار القلم‪.‬‬
‫‪110‬‬

‫الدعوة إىل اهلل‪ ،‬والدفاع عن دينه‪ ،‬واجلهاد ضد املغتصبني الصهاينة يف فلسطني‪...‬‬


‫الشيخ منصور احلياري الذي عمل عىل تأسيس جلنة تُعنى بشؤون املساجد‪ ،‬ثم تأسيس‬
‫خرجت أعدا ًدا ال حتىص من الطلبة‪ ،‬ويغطي‬
‫>مجعية الصاحلني لتحفيظ القرآن الكريم<‪ ،‬التي َّ‬
‫َّ‬
‫األردن من شامله إىل جنوبه‪ ،‬متا ًما كام فعل الشيخ صالح يف تأسيس >مجعية املحافظة‬ ‫نشا ُطها‬
‫عىل القرآن الكريم<‪.‬‬
‫ُدفن الشيخ صالح بالقرب من الدكتور عزت ال َعزيزي‪ ،‬ذلك العامل الداعية‪ ،‬الذي نذر‬
‫نفسه يف سبيل اهلل ويف سبيل دعوته‪ ،‬وجنَّد نفسه خلدمة القرآن الكريم بأن خ َلف املرحو َم‬
‫احلاج منصور احلياري يف رئاسة >مجعية الصاحلني لتحفيظ القرآن الكريم<‪.‬‬
‫ُدفن بجوار قرب أخيه وزميله يف التدريس الدكتور راجح الكردي‪ ،‬رمحهام اهلل رمحة‬
‫واسعة وأجزل هلام األجر واملثوبة‪.‬‬
‫ُد ِفن بالقرب من رفيقه وأخيه يف العلم وفارس الدعوة الدكتور حممد عبد القادر أبو‬
‫عالم‪ ،‬وعرفه أهل‬
‫فقيها ً‬
‫فارس‪ ،‬ذلك الفقيه العامل الداعية‪ ،‬الذي عرفه طلب ُته يف جامعاهتم ً‬
‫منافحا ومداف ًعا عن اإلسالم‬
‫ً‬ ‫األردن وغ ُريه داعي ًة وخطي ًبا َّ‬
‫مفو ًها‪ ،‬وعرفه منرب الربلامن األردين‬
‫وأهله‪ ،‬وعن حقوق األردنيني مجي ًعا‪.‬‬
‫وار الشيخ صالح ’‪ ،‬اجتمع مع إخوانه عىل حمبة اهلل يف الدنيا‪ ،‬وها هو‬ ‫ِ‬
‫هذا ج ُ‬
‫جار هلم يف حياة الربزخ‪ ،‬وغدً ا ‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬يكونون يف ﱹ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﱸ‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫ﱹﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﱸ‪ ،‬رمحهم اهلل مجي ًعا‪.‬‬
‫فرمحك اهلل يا أبا أسامة‪ ،‬رمحك اهلل يا شيخ صالح‪ ،‬ومجعنا بك يف الصاحلني‪.‬‬
‫‪111‬‬

‫وصاياه‬

‫مل يرتك الشيخ وصية خاصة به وبأهله‪ ،‬إنام كانت وصاياه عامة للناس‪ ،‬فام كان يرتك‬
‫مناسبة يف درس لطالبه‪ ،‬أو يف حمارضة عامة‪ ،‬أو يف لقاء إعالمي‪ ،‬إال ويوجه النصح واإلرشاد‬
‫ملن يسمعه أو يشاهده أو يقرأ كالمه‪ ،‬فيوصيهم‪ ‬بالعمل لنرصة هذا الدين‪ ،‬وأن يعيشوا مع‬
‫القرآن ومن أجل القرآن‪.‬‬
‫ومن أشهر وصاياه ’‪ :‬تلك التي الوصية الشاملة التي كتبها بخط يده لتلميذته‬
‫رندة شكوكاين‪ ،‬ذكر فيها >‪ <15‬نصيح ًة شامل ًة للعلم والفكر واملنهج واحلياة‪ ،‬وقد اشتهرت‬
‫نصها‪:‬‬
‫هذه الوصية كث ًريا بعد وفاة الشيخ‪ ،‬وهذا ُّ‬
‫>بسم اهلل الرمحن الرحيم‪ُ ،‬أويص باستمرار تذكُّر واستحضار ما ييل‪:‬‬
‫ُ‬
‫والوسائل الناجح ُة لتحقيقه‪.‬‬ ‫اهلدف من هذه احلياة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫‪-1‬‬
‫والس َل ِف َّي ُة واحلَ َر ِك َّي ُة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الر َّبان َّي ُة َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حتقيق الثالث َّية املتوازنة يف الشخصية اإلسالمية‪َّ :‬‬ ‫ُ‬ ‫‪-2‬‬
‫وصفات الذين ال‬ ‫ِ‬ ‫صفات الذين حيبهم اهلل لالت ِ‬
‫ِّصاف هبا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫اليومي عىل‬ ‫العرض‬‫ُ‬ ‫‪-3‬‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫اهلل للتخلص منها‪.‬‬ ‫حيبهم ُ‬
‫الت ِّقي يف ذلك‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫واستمرار َّ َ‬
‫ُ‬ ‫والرتبية والتزكية‪،‬‬ ‫املجاهدة‬ ‫تواصل‬ ‫‪-4‬‬
‫امئ ِله‬
‫وش ِ‬‫االقتداء بالرسول × وحم َّبتِه‪ ،‬واال ِّطال ِع عىل ِسريتِه َ‬ ‫ِ‬ ‫احلرص عىل تقوية‬ ‫‪-5‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫لتحقيق ذلك‪.‬‬
‫هم‪ ،‬والتِزا ًما وتَطبي ًقا‪ ،‬ودعو ًة وحرك ًة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلقبال عىل القرآن؛ تالو ًة وحف ًظا‪ ،‬وتد ُّب ًرا و َف ً‬ ‫ُ‬ ‫‪-6‬‬
‫كل ٍ‬
‫يشء يوم ًّيا‪.‬‬ ‫وتقديمه عىل ِّ‬ ‫و ُمواجه ًة وجها ًدا‪ ،‬وتضحي ًة وحتدِّ ًيا‪،‬‬
‫ُ‬
‫واستشعار ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالقلب وال ِّل ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫آثار‬ ‫ُ‬ ‫واجلوار ِح‪ ،‬و ُطمأنين ُة ال َق ِ‬
‫لب به‪،‬‬ ‫سان‬ ‫ِ‬ ‫نس بذكر اهلل‬ ‫‪ -7‬األُ ُ‬
‫باحلياة ال َّط ِّي َب ِة معه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫َم ِع َّيتِ ِه ُسبحانَه‪ ،‬والسعاد ُة‬
‫املبادئ إىل ِق َي ٍم َح َياتِ َّي ٍة‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫وحتويل‬ ‫واحلرص عىل التطبيق‪،‬‬ ‫ُ‬
‫كر والس ُل ِ‬
‫وك‪،‬‬ ‫بني الف ِ ُّ‬
‫‪ -8‬ال َّتوا ُف ُق َ ِ‬

‫صاحبِها َع َم ِل ًّيا يف َو ِاق ِع احلياة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫تتحر ُك َم َع‬


‫عاشة‪َّ ،‬‬
‫وكي ٍة م َ ٍ‬ ‫ِ‬
‫وس ُل َّ ُ‬‫ُ‬
‫ِ‬ ‫اح الصد ِْر‪ ،‬والر ِ‬
‫محة‪ ،‬وال ِّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االبتسامة‪،‬‬ ‫ني‪ ،‬و َدوا ِم‬ ‫َّ‬ ‫واآلخ ِري َن بانش ِ َّ‬ ‫َ‬ ‫احلياة‬ ‫‪ -9‬ال َّتعا ُم ُل َم َع‬
‫س‪.‬‬‫امح ِة‪ ،‬وال ُي ْ ِ‬
‫والس َ‬
‫َّ‬
‫‪112‬‬

‫والشعور ِبقيم ِة األَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات‪ ،‬وحسن بر َ َ ِ‬ ‫‪ -10‬تَرتيب األولوي ِ‬


‫وقات‪،‬‬ ‫الواجبات واخلُ َطط‪َ ُ ُ ُّ ،‬‬ ‫مة َ‬ ‫ُ ُ َْ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫اس ِ‬‫االنشغال بال َّتو ِاف ِه والس َف ِ‬
‫ف‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ِ َ‬ ‫وعد ُم‬
‫كاك وال َّت َع ُار ِك واملُنا َف َس ِة‬
‫وط‪ ،‬واالبتعاد َع ِن االحتِ ِ‬
‫ُ‬
‫والض ُغ ِ‬ ‫ات ُّ‬ ‫‪ -11‬االستعالء عىل املعو َق ِ‬
‫ُ َ ِّ‬ ‫ُ‬
‫لتحق ِيق ال َغا َي ِة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫س وال َّطا َق ِة‬ ‫وتفريغ النَّ ْف ِ‬
‫ُ‬
‫عىل الدنيا الز ِ‬
‫ائلة‪،‬‬ ‫َّ‬
‫ؤال الن ِ‬ ‫َّاس‪ ،‬وعَدَ م س ِ‬ ‫ِ‬
‫والزهدُ فيام يف َأيدي الن ِ‬
‫َّاس َشي ًئا‪ ،‬وت ُ‬
‫َقديم‬ ‫ُ ُ‬ ‫الز ْهدُ يف الدنيا‪ُّ ،‬‬ ‫‪ُّ -12‬‬
‫ون انتِ ِ‬ ‫اء املُخ ِْل ِ‬ ‫َّفس عىل الع َط ِ‬
‫ظار ُم ٍ‬
‫قابل‪.‬‬ ‫ص بدُ ِ‬
‫َ‬ ‫ني الن ِ‬ ‫َّاس‪ ،‬وتَوطِ ُ‬ ‫ِ‬
‫اخلري للن ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫اف َه ِة‪َ ،‬‬ ‫ْصي ِة ال َّت ِ‬ ‫‪ِ -13‬ه ُت َك ما َأ َه َك‪ ،‬وال َّتخَ ِّل َع ِن اهلمو ِم َّ ِ‬
‫الج َها‬ ‫وح ُْل َه ِّم األُ َّمة وع ُ‬ ‫الشخ َّ‬ ‫ُُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫شكالتا‪.‬‬ ‫وح ُّل ُم‬ ‫صالح َها َ‬
‫ُ‬ ‫وإِ‬
‫ضي َبتِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫صميم عىل تَو ِ ِ‬ ‫‪ِ -14‬الهاد َأو ًل و َأوس ًطا و َأ ِخري ًا‪ ،‬وال َّت ِ‬
‫فع َ ِ‬‫اصله واست ْم َر ِاره‪ ،‬و َد ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س والدَّ ِم وال ُع ُم ِر‪ ،‬عىل َأ‬ ‫الم ِل والنَّ ْف ِ‬ ‫ِ‬
‫الواس ِع للجهاد‪.‬‬ ‫الشام ِل َ‬ ‫ساس املفهو ِم َّ‬ ‫م َن َ‬
‫يقها؛ ل َت ْس َت ْع ِ َل عىل امل ََوانِ ِع‬ ‫يمها‪ ،‬واستِمرار احلدَ ِاء هلا و َتشْ ِو ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫َعل ُيق الن ِ‬ ‫‪ -15‬ت ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫َّفس باجلَنَّة ونَع َ‬
‫ود‪.‬‬‫َنش ِ‬ ‫قبات وت َِص َل للك ََم ِل امل ُ‬ ‫و َت َتجاو َز الع ِ‬
‫َ َ َ‬
‫واحلمد هلل رب العاملني‪ ،‬األربعاء (‪1432/11/28‬هـ ‪2011/10/26 -‬م)<‪.‬‬
‫‪113‬‬

‫ومن وصاياه الجامعة‬


‫سجلها بصوته وأرسلها إىل تلميذه حممد السيالوي‪ ،‬بعد أن‬
‫كذلك تلك الوصية التي َّ‬
‫قرأ السيالوي مع بعض تالمذته كتاب > نظرية التصوير الفنّي عند سيد قطب<‪ ،‬وهذا نص‬
‫تلك الوصية‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫الرمحن الرحيم‬ ‫الل‬
‫بسم ّ‬
‫أخي الكريم احلبيب‪ ،‬األخ حممد السيالوي‬
‫السالم عليكم ورمحة اهلل وبركاته ‪..‬‬
‫معك ِ‬
‫العلم ‪ ..‬وقرأتم م ًعا كتاب >نظرية‬ ‫حتية طيبة لك وللشباب الط ّيبني الذين تدارسوا َ‬
‫التصوير الفنّي عند سيد قطب< رمحه اهلل تعاىل‪.‬‬
‫ِ‬
‫ثني عىل ُجهودكم يف طلب العلم‪،‬‬ ‫أحببت أن ُأك ِّلمكم هبذه الرسالة الصوتية‪ ،‬وأن ُأ َ‬
‫وتعرفتم عىل تلك النّظرية‪> :‬نظرية ال ّتصوير‬
‫فخالل عام كامل ‪-‬تقري ًبا‪ -‬قرأتم ذلك الكتاب‪َّ ،‬‬
‫الفنّي يف القرآن<‪ ،‬وأصبحتم اآلن تتعاملون مع القرآن بنَ َفس جديد‪َ ،‬‬
‫ورغبة جديدة‪ ،‬وتد ّبر‬
‫جديد‪.‬‬
‫الشباب ال ّطيبون‪:‬‬
‫ّأيا ّ‬
‫وصحب ُتكم مع القرآن‪ ،‬وأنتم تعلمون ّأول ُجلة َصاغها ّ‬
‫الشهيد‬ ‫حياتُكم مع القرآن‪ُ ،‬‬
‫ظالل ال ُقرآن نِعمة ال يعرفها إال‬
‫ِ‬ ‫س ّيد رمح ُة اهلل عليه يف >ال ّظالل< ‪ ..‬أول ُجلة قوله‪>:‬احليا ُة يف‬
‫من ذاقها‪ ،‬نعم ٌة ُ‬
‫ترفع العمر‪ ،‬وتبارك ُه وتزكّيه<‪ .‬وقد عاش س ّيد مع القرآن يف أصعب األماكن‪،‬‬
‫والسجون‪ ،‬ومع ذلك قدَّ م لنا هذا ال َعمل العظيم >يف ظالل القرآن<‪،‬‬‫يف املستشفى والزنازين ُّ‬
‫خاصة‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫وكأ ّن ُه عاش يف حياة ّ‬
‫أعزاءنا يا طلب َة العلم ‪..‬‬
‫ّ‬
‫حبة ال ُقرآن‪ ،‬ما أمج ََل أن ت ِ‬
‫ُصاحبوا القرآن!‬ ‫كل السعادة يف ص ِ‬ ‫السعادة ُّ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫عليه‪ ،‬يف بعض مواضع >يف الظالل< يقول‪> :‬مل‬ ‫أن سيد ُقطب‪ ،‬رمح ُة اهلل ِ‬ ‫هل تعلمون َّ‬
‫السجن‪ -‬مل أكُن وحيدً ا‪ ،‬إنّام كان معي أصدقاء‪ ،‬كان‬ ‫أكن يف مكاين ا ّلذي تعرفون ُه ‪ -‬يعني يف ّ‬
‫ِ‬
‫سجنه‬ ‫معي مئة وأربعة عرش صدي ًقا ‪ ..‬مئة وأربعة عرش صدي ًقا‪ :‬يعني سور ال ُقرآن<‪ ،‬صا َد َق يف‬
‫‪114‬‬

‫>كنت أعيش مع كل صديق ُيدّ ثني و ُيؤانسني‬


‫ُ‬ ‫سور ال ُقرآن‪ ،‬وكان يعيش مع ّ‬
‫كل سورة ‪ ..‬قال‪:‬‬ ‫َ‬
‫ويث ّبتني ويس ِّليني<‪.‬‬
‫أيا ّ‬
‫الشباب‪:‬‬ ‫ُّ‬
‫فالصحبة مع القرآن‬ ‫كل سورة من سور القرآن صدي ًقا وصاح ًبا‪ُّ ،‬‬ ‫آن األوان أن تتخذوا َّ‬ ‫َ‬
‫الصحبة‪ ،‬واحلياة مع ال ُقرآن هي احلياة‪ ،‬وال َعمل مع القرآن هو ال َعمل‪ ،‬وأن ُتم اآلن ُم ْق ِد ُمون‬
‫هي ُّ‬
‫تالزمان‪ ،‬ال ينفصالن بعضهام‬ ‫عىل شهر رمضان العظيم‪ ،‬رمضان القرآن‪ ،‬والقرآن ورمضان ُم ِ‬
‫ِ‬
‫كتاب اهلل تعاىل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫فهذه ال ُفرصة أمامكم‪ ،‬أن متارسوا هذه احلياة الطيبة مع‬ ‫عن بعض‪،‬‬
‫يا ّأيا الشباب ‪..‬‬
‫يا طلّب العلم‪ ،‬يا من تعرفتم اآلن عىل ال ّتصوير الفنّي‪ِ ..‬‬
‫هذه النّظرية الرائدة‪ ،‬العجيبة‪،‬‬
‫فس (س ّيد) رمح ُة اهلل عليه‪ ،‬وآتاه ذلك املفتاح‪ :‬مفتاح القرآن اجلاميل‪،‬‬
‫فهمها اهلل ذلك امل ُ ِّ‬
‫التي َّ‬
‫فتح ِبه كُنوز القرآن اجلاملية‪ ،‬أن ُتم تعلمون أنني أخذت >الامجستري< يف سنة ‪1980‬م‪،‬‬ ‫ا ّلذي َ‬
‫يعني قبل أربعني سنة كاملة‪ ،‬يف كتابه >التصوير الفني يف القرآن<‪ .‬و ُمنذ ذلك ال ّتاريخ ‪-‬قبل‬
‫خاصة‪ ،‬املُتعة الفن ّية‬
‫أقرأ اآليات أو أسمع اآليات أجد هلا نظرة ّ‬
‫أربعني سنة وح ّتى اآلن‪ -‬عندما َ‬
‫الرائعة‪.‬‬
‫اجلاملية ّ‬
‫عزيز منكم‪ ..‬عندما يقرأ ال ُقرآن‪ ،‬يقرأ اآليات‪ ،‬أو يسمع اآليات‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫شاب‬ ‫ُأريد من ك ُّل‬
‫تلك النّظرية كام رشح ُتها يف كتايب املذكور‪ُ ،‬أريدُ من ُه أن ُيش ِّغ َل خيال ُه‪،‬‬
‫تعرف عىل ُأسس َ‬ ‫بعدما ّ‬
‫متل خت ُّي َل ذلك ال ّتصوير‪َ ،‬‬
‫أنت أمام عرض فيديوهات أو تلفزيون‪ ،‬أو إذا‬ ‫وأنت ال ّ‬
‫َ‬ ‫وأن يتخ ّيل‪،‬‬
‫أنت أمام تلفزيون ُقرآين‪ ،‬أو‬
‫كان عليها حت ُّفظ‪َ -‬‬
‫جاز التعبري‪ ،‬أقول (سينام) ‪-‬إذا َج َاز ال ّتعبري وإن َ‬
‫قناة بث ُقرآنية‪ ،‬أو فيديوهات ُقرآنية‪ ،‬أو مناظر ُقرآنية يف غاية ّ‬
‫الروعة‪ ..‬حقيقة!‪.‬‬
‫تصويرا رائ ًعا وفريدً ا‬
‫ً‬ ‫إذا كان ال ّتصوير يا شباب‪ ..‬إذا كان التصوير عن طريق الكامريات‬
‫توسع فيها ال ّتصوير‪ ،‬فامذا تقولون يف تصوير ال ُقرآن؟ ال ُقرآن ال‬
‫خاصة يف أيامنا التي ّ‬
‫ومت ًعا‪ّ ،‬‬
‫ُ‬
‫صور بالكلامت!‪.‬‬
‫صور بالكامريات‪ ،‬إنّام ُي ّ‬
‫ُي ّ‬
‫تقرأ‬
‫مثلً‪ :‬عندما تقرأ قوله تعاىل‪:‬ﱹ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﱸ يف ذ ّم املُنافقني واملُث ّبطني‪ّ ،‬لم َ‬
‫وتاول أن تنطِ َق بكلمة ﱹ ﮤﱸ وتتخ ّيل ذلك املنظر‪ ،‬ح ّتى كلمة ﱹ ﮤﱸ‬ ‫ِ‬
‫هذه اآلية‪ُ ،‬‬
‫{وإِ َّن ِمنكُم َلن َل ُي َب ِّط َئـ َّن}‪،‬‬
‫ضمة ‪ ..‬كرسة ُمشددة ‪َ ..‬‬
‫ِ‬
‫َت ُر ُج من َفم َك ُ‬
‫بصعوبة! فتحة ‪ّ ..‬‬
‫‪115‬‬

‫صور‪ ،‬رائع يف‬


‫وأنت تتخيل منظرها ‪ ..‬وكأنّك أمام صورة مرسومة أمامك‪ ،‬عرض ُم َّ‬ ‫ّلم تقرأها َ‬
‫ِ‬
‫كتاب اهلل‪.‬‬
‫ومتِ ًعا ‪ ..‬فام ُ‬
‫بالك بال ّتصوير بالكلامت؟‬ ‫فأقول لكم‪ :‬إذا كان ال ّتصوير بالكامريات رائ ًعا ُ‬
‫عرش قرنًا!‬ ‫صور هذا التصوير العجيب قبل مخس َة َ‬ ‫ال ُقرآن ا ّلذي ّ‬
‫الكرام ‪ ..‬أعزائي الكرام ‪ ..‬يا أهل القرآن ‪ُ ..‬مبارك لكم ُصحبة ال ُقرآن‪ ،‬و ُمبارك‬ ‫أبنائي ِ‬

‫تصوركم وحيوي ُتكم مع املناظر القرآنية‬ ‫لكم قراءة >ال ّتصوير الفنّي يف القرآن<‪ ،‬و ُمبارك لكم ُّ‬
‫العجيبة الرائعة ‪..‬‬
‫لكل ٍ‬
‫عزيز منكُم‪ ،‬ويف ُمقدمة هؤالء شيخُ كم الشيخ حممد السيالوي ‪..‬‬ ‫وسالمي ِّ‬
‫حفظكم اهلل مجي ًعا وأ َّيدكم ورعاكم ‪..‬‬
‫ِ‬
‫والسالم عليكم ورمح ُة اهلل وبركاته‬
‫السبت ‪-11‬شعبان‪ 1441-‬هـ‬
‫‪ 2020-4-4‬م‬

‫ومن وصاياه ’ ألحد طلبته‪:‬‬


‫ ‪>-‬أنصح نفيس‪ ،‬وأنصحك أخي الكريم‪ ،‬وأنصح اإلخوة مجي ًعا واألخوات مجي ًعا‬
‫ف حياته‪ ،‬أن‬ ‫واألبناء والبنات‪ ،‬أنصحهم أن يكون ٍّ‬
‫لكل منا رسالة يسعى إىل حتقيقها‪ ،‬أن ُ َيدِّ َ‬
‫جيعل له هد ًفا يسعى إىل حتقيقه‪ ،‬أن يكون خاد ًما لكتاب اهلل تعاىل‪ ،‬أن يكون داعية لدين اهلل‬
‫عز وجل<‪.‬‬

‫ويف وصية أخرى لطلبة العلم الشرعي‪:‬‬


‫ ‪>-‬نصيح ٌة نقوهلا لطلبة العلم‪ :‬أنه ال بد أن يعيشوا مع القرآن‪ ،‬وأن ُيسنوا فهم القرآن‪،‬‬
‫أصحاب مهمة‬
‫َ‬ ‫نموذجا عمل ًّيا لكتاب اهلل‪ ،‬نريد أن حيملوا مهمة القرآن‪ ،‬أن يكونوا‬
‫ً‬ ‫وأن يكونوا‬
‫ورسالة قرآنية‪ ،‬وأن يواجهوا أعداء القرآن‪ ،‬نقول هلم‪ :‬أنتم تعرفون ّ‬
‫أن القرآن ت َُش ُّن عليه حرب‬
‫خمتلفة اجلوانب‪ ،‬وال بد أن ترفعوا أنتم لواء القرآن‪ ،‬هذا يتطلب من الشباب أصحاب العلم أن‬
‫هيتموا بالدراسة والتحصيل‪َّ ،‬‬
‫وأل يض ِّيعوا أوقاهتم أبدً ا‪ ،‬ويستثمروا كل ساعة من أوقاهتم حتى‬
‫‪116‬‬

‫ُيك َِّونوا ثقاف ًة موسوعية يستطيعون هبا تقديم القرآن للناس‪ ،‬ثم نقول هلم‪ :‬عيشوا مع القرآن‬
‫وموتوا معه حتى يكرمكم اهلل بفضل كالمه سبحانه وتعاىل<‪.‬‬

‫ ‪-‬‬

‫آخر وصاياه‪:‬‬
‫ٍ‬
‫حمارضة له يف رشح كتاب >الوجيز يف تفسري كتاب اهلل العزيز< للواحدي‪،‬‬ ‫ ‪-‬ويف آخر‬
‫قال موص ًيا طلبته‪> :‬أبنائي وبنايت‪ ،‬دورة (الوجيز) هذه دورة مفتوحة‪ ،‬وننوي إكامل هذه الدورة‬
‫غادرت أنا الدنيا‪ ،‬فهناك من ُيكمل املشوار بعدي‪ ،‬واألعامر‬
‫ُ‬ ‫حتى سورة الناس إن شاء اهلل‪ .‬وإذا‬
‫بيد اهلل سبحانه وتعاىل‪ ،‬فرتِّبوا أنفسكم أهنا دور ٌة مفتوحة<‪.‬‬
‫وقد ُن ِّفذت وصي ُة الشيخ ’‪ ،‬ومل يتأخر تنفيذها بعد موته إال بضعة أسابيع‪ ،‬فقد‬
‫استكمل رشح >الوجيز< االب ُن البار حذيفة‪ ،‬والتلميذ الويف الدكتور رأفت املرصي‪ ،‬حيث‬
‫أخذا يف استكامل ما انتهى عنده الشيخ من التفسري‪ ،‬وهو قول اهلل تعاىل‪ :‬ﱹ ﮪ ﮫ‬
‫ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﱸ [البقرة‪.]82 :‬‬
‫وما أرى انتهاء الشيخ ’ عند هذه اآلية إال دليلً عىل حسن اخلامتة‪ ،‬فنسأل اهلل أن‬
‫يكون من أصحاب اجلنة الذين هم فيها خالدون‪.‬‬
‫‪117‬‬

‫ثناء الناس عليه ورثاؤهم له‬

‫ال يامري أحدٌ يف األثر الكبري الذي كان للشيخ صالح اخلالدي ’ يف حياته؛ سواء‬
‫أكان ذلك يف كتبه ودروسه وحمارضاته‪ ،‬أم بني طالبه وتالميذه يف املساجد واجلامعات واملراكز‬
‫العلمية والبحثية والقرآنية‪ ،‬بل بني شيوخه وزمالئه وأقرانه‪ .‬وامتدَّ هذا األثر بعد موته‪ ،‬فكم‬
‫بخري من عرفه‪ ،‬بل حتى من مل يعرفه؛ لكثرة ما س ِمع عنه من سرية عطرة ِ‬
‫وعلم َج ٍّم‪.‬‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ذكره ٍ َ‬
‫وعكوفه عىل طلب العلم‪ ،‬واملكوث‬‫ِ‬ ‫عجب بمثابرته وانكبابه عىل الكتاب‪،‬‬
‫فهذا زميل ُي َ‬
‫ساعات طويلة بني الكتب يف قاعات املكتبة‪ ،‬وهذه طالبة تذكر من تواضعه ما ُيجلها‪ ،‬وهذا‬
‫طالب علم يطلب منه تزويده بقائمة كتب يستعني هبا لتكون نواة مكتبته املنزلية‪ ،‬فال يتوانى‬
‫الشيخ يف ذلك‪ ،‬بل يبادر ويمدُّ ه بعناوين كتب يف خمتلف العلوم؛ من العقيدة والتفسري واحلديث‬
‫إفريقي من‬
‫ٌّ‬ ‫والفقه والتزكية والسرية والفكر اإلسالمي واللغة واألدب والتاريخ‪ .‬وهذا طالب‬
‫>غانا< ُيسمي ابنَه‪> :‬صالح<‪ ،‬راج ًيا أن يكون َ‬
‫مثل الشيخ صالح ’ يف العلم واألخالق‬
‫والسلوك وااللتزام والع َّفة والصرب‪ .‬وآخر من ماليزيا يأتيه بمولودته اجلديدة ل ُيحنِّكَها‪ ،‬رجا َء‬
‫بركته‪ ،‬وعملً بسنة رسول اهلل ×‪.‬‬
‫‪118‬‬

‫ومل يكن ’ كام قال الشاعر اجلاهيل َعبيد بن األبرص عن نفسه‪َّ :‬‬
‫أن الناس ذكروا‬
‫فضله ون َع ْوه بعد موته‪ ،‬ومل يلتفتوا إليه يف حياته ومل يأهبوا به‪:‬‬
‫الزادا‬
‫وفــي حياتــي ما َز َّودتنــي َّ‬ ‫َأ َب ْعـ ــد مــوت ـ َـي تنعان ــي وتن ْدُ ُبن ــي‬

‫كي يف حياته‪ ،‬واستمر كذلك بعد موته‪ .‬وأنا أذكر‬ ‫كره الطيب وفاح عطره َّ‬ ‫ِ‬
‫الذ ُّ‬ ‫بل ذاع ذ ُ‬
‫هنا ما قيل يف الشيخ صالح ’ ممَّن َعرفه ِمن شيوخه وأقرانه وزمالئه يف الطلب والعمل‪،‬‬
‫ونعوه به بعد موته‪ ،‬رمحه اهلل تعاىل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أثنوا به عليه يف حياته‪ْ ،‬‬
‫ومن تالمذته‪ ،‬ومن أهل بيته‪ ،‬وما ْ‬
‫فمام قيل عنه يف حياته‪:‬‬

‫‪ -‬ثناء العالم الكبير د‪ .‬إبراهيم زيد الكيالين ’‪:‬‬


‫>جزى اهلل الشيخ صالح اخلالدي خ ًريا فيام قدَّ م للمكتبة اإلسالمية من نفائس الكتب‬
‫يف التفسري‪ ،‬وبالتعريف بإمام من أئمة التفسري يف العرص احلديث اإلمام سيد قطب‪ ،‬لقد كان‬
‫الشيخ صالح اخلالدي بعلمه وبحثه وجهده كاش ًفا عن كنوز سيد قطب وعن آثاره‪ ،‬ومساعدً ا‬
‫بالتعرف عىل كنوز هذا اإلمام ’‪ ،‬وقد اجتمع يف منهج الشيخ‬
‫ُّ‬ ‫للقارئ العريب واملسلم‬
‫صالح اخلالدي ِمدا ُد العلامء املوصول بدماء الشهداء‪ ،‬والشيخ صالح رجل دعوة<‪.‬‬

‫العلمة المحدث شعيب األرنؤوط ’‪:‬‬


‫‪ -‬ثناء شيخنا َّ‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‪ ‬‬
‫>احلمد هلل رب العاملني وصىل اهلل وسلم عىل سيدنا حممد وعىل آله وصحبه أمجعني‪،‬‬
‫وبعد‪:‬‬
‫فقد مضت عىل صداقتنا مع الدكتور صالح اخلالدي مدة طويلة‪ ،‬وربام تزيد عىل ثالثني‬
‫خصه بفهم كتابه‪ ،‬ومعرفة خوافيه وأحكامه‪ ،‬وله يف ذلك مؤلفات‬
‫عا ًما‪ ،‬فاهلل سبحانه وتعاىل َّ‬
‫جليلة‪ ،‬ك ُّلها تستحق القراءة والفقه فيها‪ ،‬وال زال‪ ،‬حفظه اهلل‪ ،‬يامرس دوره يف تعليم الشباب‬
‫كتاب اهلل تعاىل وما فيه من ِعظات وحكم وآيات‪.‬‬ ‫املسلم َ‬
‫فهو قد تف َّقه بكتاب اهلل وخت َّلق بآدابه‪ ،‬وأصبح معرو ًفا لدى الناس بذلك‪ ،‬ونستطيع أن‬
‫نقول‪ :‬إن الشيخ بلغ الغاي َة يف فهم كتاب اهلل‪ ،‬ومعرفة معانيه ومقاصده وأحكامه‪ ،‬وقد قدَّ م‬
‫‪119‬‬

‫ٍ‬
‫خدمات ِج َّل ًة لكتابات سيد قطب رمحه اهلل‪َّ ،‬‬
‫وجل ما فيها من كنوز وإبداعات‪.‬‬
‫وأرجو من اهلل سبحانه وتعاىل أن يديم نف َعه‪ ،‬وأن يامرس دوره بصحة وعافية وزيادة‬
‫ُّ ٍ‬
‫تبص يف هذا الكتاب اخلالد‪.‬‬
‫مقص يف حقه‪ ،‬فهو أعظم من أن ين ِّبه عليه مثيل‪ .‬واحلمد هلل رب‬
‫ومهام قلت فيه‪ ،‬فإنني ِّ‬
‫العاملني<‪.‬‬

‫‪ -‬ثناء األستاذ عاطف الجوالين‪ ،‬رئيس تحرير صحيفة السبيل األردنية‪:‬‬


‫>الشيخ صالح اخلالدي‪ ،‬حفظه اهلل‪ ،‬من العلامء املعروفني‪ ،‬الذين ُيشار إليهم بالبنان‬
‫وآثاره العلمية يف جمال العلم الرشعي والتوعية‪ ،‬واإلسهام يف‬
‫ُ‬ ‫يف األردن والساحة العربية‪،‬‬
‫ختصص يف عدة‬
‫املرشوع اإلسالمي واضحة وجل َّية‪ ،‬تشهد له كتاباته ومؤلفاته املتميزة‪ ،‬حيث َّ‬
‫وأخص بالذكر تركيز َه عىل اخلطر‬
‫جوانب وأبدع فيها‪ ،‬وكان له عظيم األثر يف الرتكيز عليها‪ُ ،‬‬
‫الصهيوين وجذوره التارخيية ومنطلقاته التوراتية التلمودية‪ .‬أسأل اهلل أن يوفق الدكتور صالح‬
‫اخلالدي بمزيد من العطاء لام فيه خري األمة ومرشوعها النهضوي<‪.‬‬

‫الص َّوا‪ ،‬أستاذ الفقه يف الجامعة األردنية‪:‬‬


‫‪ -‬ثناء د‪ .‬علي َّ‬
‫>الشيخ صالح اخلالدي عامل ر َّباين‪ ،‬وال أزكِّي عىل اهلل أحدً ا‪ ،‬يتمتع بخُ لق رفيع‪ ،‬تأ َّثر فيه‬
‫بكتاب اهلل‪ ،‬وعامل تفسري‪ ،‬تأ َّثر بخصال القرآن الكريم‪ ،‬وحقيق ًة له باع طويل بالعلم والتفسري‪،‬‬
‫قسم كب ًريا من جهده ووقته‬
‫ُقربه من الناس‪ ،‬ويرصف ً‬
‫أيضا إىل جانب ذلك شخصية حم َّببة ت ِّ‬
‫وهو ً‬
‫يف تعليم كتاب اهلل يف املساجد‪ ،‬وكذلك الدورات الرشعية التي استفاد منها الكثري من طلبة‬
‫ف اللسان‪ ،‬ويتقبل وجهات النظر املختلفة<‪.‬‬
‫العلم الرشعي‪ ،‬وهو كذلك َع ُّ‬

‫‪ -‬ثناء تلميذه الدكتور عماد الزقيلي‪:‬‬


‫يزهو ويفخر عامد الزقييل أنه كان أحد تالمذة الشيخ الصالح‪ ،‬املعلم واملريب صالح‬
‫ومفتخرا به‪ ..‬ومن‬
‫ً‬ ‫وشعرا‪ ،‬فقد مدحه يف حياته‪ُ ،‬مثن ًيا عليه‪،‬‬
‫ً‬ ‫نثرا‬
‫اخلالدي‪ ،‬وكام رثاه بعد وفاته ً‬
‫ذلك قصيدة نظمها قبل عرش سنوات من وفاة شيخه‪ ،‬جعل عنواهنا >شيخي صالح<‪ ،‬وكأنه‬
‫يقول لنا‪> :‬فمن شيخكم<؟!‪..‬يقول فيها‪:‬‬
‫‪120‬‬

‫ـاح‬
‫جــوايب بفخــر‪ :‬فشــيخي ص ـ ْ‬ ‫ـراح‬ ‫أيــا َمــن ت ََس ـ ْلني تريــد ُّ‬
‫الص ـ ـ ْ‬
‫شيخي ِوس ِ‬
‫ِ‬
‫ـاح‬
‫اع فس َـ ْ‬
‫َ ٌ‬ ‫احات‬
‫ُ‬ ‫َف َس‬ ‫الرح َ ـ ــال‬
‫ـط ِّ‬ ‫فؤادي ُأ َخ َّي‪ُ َ ،‬‬
‫ي ـ ُّ‬

‫ـراح‬
‫َودو ٌد قريـ ــب ي ــداوي اجل ـِ ـ ْ‬ ‫حليم كريم ال ِّطبـ ـ ـ ـ ــاع‬
‫ٌ‬ ‫مج ـي ـ ٌـل‬

‫ـاح‬ ‫الرجال وعل ِم ِّ‬


‫الصح َ ـ ْ‬ ‫وعل ِم ِّ‬ ‫وبحر عظي ــم بعلم الكت ـ ـ ــاب‬
‫ٌ‬

‫ـاح‬ ‫أيب بـوجـ ـ ـ ــه ال ُّطغـ ـ ـ ــاة‬ ‫ِ‬


‫يرب بصب ـ ـ ـ ــر جن ـ ـ ــو َد الكف ـ ـ ـ ْ‬
‫ِّ‬ ‫ه َز ْب ـ ـ ـ ٌـر ٌّ‬
‫ـالح‬ ‫ِ‬ ‫فعني هن ـ ــاك بخ ِّ‬
‫السـ ـ ـ ْ‬
‫وأخ ـ ــرى هناك تُعـدُّ ِّ‬ ‫ـط الكت َـ ـ ـ ــاب‬ ‫ٌ‬

‫ت بكـ ِّـل البِط ـ ْ‬


‫ـاح‬ ‫ضج ْ‬
‫ّ‬ ‫وحطني‬
‫ُ‬ ‫صالح ُياكي مـزايا َصـالح‬
‫ٌ‬

‫الح‬
‫وو ْعد انتصاري من القدس ْ‬ ‫ويف القدس َف ْج ٌر َي ُش ُّق ال َّظ ــالم‬

‫وبمناسبة بلوغ الشيخ السبعني من عمره‪ ،‬هيديه تلميذه عامد قصيدة يثني عليه فيها‪،‬‬
‫ويعدِّ د بعض مآثره‪:‬‬
‫واألجر فيها ُير َف ُع‬
‫ُ‬ ‫يا ُح ْسنَها‬ ‫الصالح قضي َتها‬
‫سبعون عا ًما يف َّ‬
‫ِ ِ‬
‫يف ساحه َمشْ ُ‬
‫تاه ُم واملر َب ُع‬ ‫رصع َته‬
‫أنشأت جيلً بال ُّتقى َّ‬
‫َ‬
‫السطور ف ُت ِ‬
‫وج ُع‬ ‫ِ‬ ‫َيمي ُدمو ًعا يف‬ ‫يشكو يراع ِ‬
‫العل ِم سطو َة ك ِّف َك‬ ‫ُ‬

‫تتضو ُع‬ ‫ِ‬


‫بح ِربها‬ ‫واملكتبات‬
‫ُ‬ ‫بالسطور تف َّتقت عن يان ٍع‬ ‫إذ‬
‫َّ‬ ‫ُّ‬

‫أنص ُع‬
‫خالص بل َ‬
‫ٌ‬ ‫ب ِنق ٌّي‬
‫َذ َه ٌ‬
‫ٍ‬
‫حكاية‬ ‫ألف‬
‫الساح ُ‬
‫صوت له يف َّ‬
‫ٌ‬
‫حب ِ‬
‫الكرام فضيل ٌة ال تُد َف ُع‬ ‫يا عاذيل يف ح ِّبه ال ت ْ ِ‬
‫ُس َف ْن‬
‫ُّ‬

‫خيضع‬ ‫ثابت ال‬ ‫كال َّط ِ‬


‫ود شيخي ٌ‬ ‫تلني قناتُه‬
‫ُ‬ ‫سبعون عا ًما ال‬
‫ُ‬
‫‪121‬‬

‫ومما قيل في رثائه بعد وفاته‬

‫‪ -‬رثاء أ‪.‬د‪ .‬أحمد حسن فرحات‪:‬‬


‫نعاه الدكتور أمحد حسن فرحات‪ ،‬أستاذه وشيخه‪ ،‬واملرشف عليه يف رسالتي الامجستري‬
‫طولة‪ ،‬جديرة بأن نوردها بتاممها‪:‬‬
‫والدكتوراه‪ ،‬يف كلمة ُم َّ‬
‫>رحم اهلل أخانا أبا أسامة‪ ،‬الدكتور صالح اخلالدي‪ ،‬وأسكنه فسيح اجلنان‪ ،‬مع النبيني‬
‫والصديقني والشهداء والصاحلني‪ ،‬فلقد عادت يب الذكريات إىل أيام عميل يف جامعة اإلمام‬
‫حممد بن سعود اإلسالمية‪ ،‬أيام كان طال ًبا يف الدراسات العليا‪ ،‬حيث زارين يف بيتي يف الرياض‪،‬‬
‫مع جمموعة من زمالئه الفلسطينيني واألردنيني‪ ،‬لالستشارة يف موضوعات البحوث التي يمكن‬
‫أن يكتبوا فيها يف درجة الامجستري‪ ،‬وقد ذكرت هلم عدة موضوعات‪ ،‬كان منها‪> :‬سيد قطب‬
‫والتصوير الفني يف القرآن<‪ ،‬وهو املوضوع الذي اختبأتُه لنفيس‪ ،‬حيث كنت أنوي الكتاب َة فيه‪.‬‬
‫غري أن األخ صالح هو الذي التقط املوضوع من بني زمالئه مجي ًعا‪ ،‬وطلب أن يكتب‬
‫فيه‪ ،‬وأن ُأرشف عليه‪ ،‬فسارعت إلجابة طلبه؛ ألن هذا املوضوع كان يعيش يف نفيس‪ ،‬فإذا مل‬
‫أكتب أنا فيه‪ ،‬فليكتب فيه أحد طاليب بإرشايف‪ ،‬ومن خالل اإلرشاف يمكن أن أقول َّ‬
‫كل ما‬
‫ووجه ُته إىل‬
‫عندي من أفكار ومالحظات‪ .‬وهكذا كان‪ ،‬حيث شارك ُته يف وضع خطة البحث‪َّ ،‬‬
‫املصادر التي تفيده فيه‪ ،‬وكنت ُأتابعه متابعة دقيقة يف مجيع مراحل البحث‪ ،‬وأذكر له مالحظايت‬
‫رسيع االستجابة لكل‬
‫َ‬ ‫وأوجهه إىل بعض اجلوانب التي أغفلها‪ ،‬وأشهد أنه كان‬
‫ِّ‬ ‫عىل ما يكتب‪،‬‬
‫ما أشري به عليه‪.‬‬
‫موضع قناعتي واهتاممي‪ ،‬كنت أشري عىل األخ صالح بكل ما يمكن أن‬
‫َ‬ ‫املوضوع‬
‫ُ‬ ‫ولم كان‬
‫َّ‬
‫يفيده‪ ،‬حتى يف األمور التي مل تكن ختطر عىل البال‪ ،‬وأذكر من ذلك أنني سمعت يو ًما بأن األستاذ‬
‫أمحد عبد الغفور ع َّطار‪ ،‬العامل اللغوي املكِّي‪ ،‬يزور الرياض وينزل يف أحد فنادقها‪ ،‬فاتصلت‬
‫باألخ صالح‪ ،‬وقلت له‪ :‬استعدَّ ملقابلة األستاذ أمحد عبد الغفور عطار‪ ،‬الصديق احلميم لسيد‬
‫ومررت بسياريت عىل األخ صالح‪،‬‬
‫ُ‬ ‫قطب‪ ،‬فعنده من املعلومات عن سيد ما ليس عند غريه‪،‬‬
‫وذهبنا م ًعا للقاء األستاذ العطار‪ ،‬حيث احتفى بنا احتفا ًء بال ًغا‪َ ،‬ل َّم علم أن األخ صالح يكتب‬
‫‪122‬‬

‫َ‬
‫حديث املحب العاشق وعن ذكرياته معه‪ ،‬وكان مما حتدث به‬ ‫عن سيد‪ .‬وحتدث عن سيد قطب‬
‫عن كرم سيد‪ :‬أن أحد أصدقائه كان يزوره يف منزله ويريد الزواج‪ ،‬ولكنه ال جيد األثاث املناسب‬
‫ملسكن الزوجية‪ ،‬فلم يكن من األستاذ سيد إال أن تربع له باألثاث الذي يف منزله!‬
‫ولقد ذكر كث ًريا من ذكرياته مع سيد‪ ،‬ثم ذكر قصة عن سيد‪ ،‬وقال لألخ صالح‪ :‬هذه‬
‫القصة للعلم‪ ،‬وليست للنرش‪ ،‬وقد ذكرها األخ صالح بعد ذلك‪ ،‬دون أن يشري إىل اسم الدولة‬
‫التي ينتمي إليها السفري‪ ،‬وخالصتها‪ :‬أن سيد قطب أعلن أنه يريد إنشاء جملة‪ ،‬بمئة سهم‪ ،‬ملئة‬
‫ٍ‬
‫ألحد ِوصاي ٌة عليها‪ ،‬وتأث ٌري عىل حريتها‪ ،‬ولقد اتصل سيد بصديقه أمحد‬ ‫مشارك‪ ،‬حتى ال يكون‬
‫عبد الغفور عطار‪ ،‬وطلب إليه زيارته يف منزله‪ ،‬ولام وصل األستاذ أمحد ُقرب املنزل‪ ،‬وجد‬
‫سيارة ألحد السفراء العرب‪ ،‬فلام دخل املنزل وجد سفري إحدى الدول العربية‪ ،‬وقد وضع‬
‫بدل من املئة سهم التي أعلن عنها‬ ‫عىل الطاولة ُرزمة من الامل‪ ،‬قدَّ مها السفري إلنشاء املجلة‪ً ،‬‬
‫سيد‪ .‬فقال سيد‪ :‬إن هذا السفري جاء يشرتي ِدين سيد قطب وعقيدته هبذا الامل‪ ،‬ولوال أنه كان‬
‫يف منزيل‪ ،‬لكان يل معه شأن آخر‪ .‬ثم قال سيد‪ :‬إن مثل هذه املحاولة جرت معه يف أحد فنادق‬
‫دمشق أثناء زيارته لكلية اآلداب يف جامعة دمشق عام (‪1954‬م)‪.‬‬
‫أرشت عىل زميلنا الشيخ حممد الراوي ’ رئيس‬
‫ُ‬ ‫ولام انتهى األخ صالح من رسالته‬
‫القسم آنذاك بأن يكون يف جلنة املناقشة األستاذ حممد قطب‪ ،‬كذلك رغب الشيخ الراوي يف أن‬
‫ً‬
‫مناقشا‪ ،‬والشيخ‬ ‫مناقشا‪ ،‬وتأ َّلفت اللجنة مني باعتباري مرش ًفا‪ ،‬ومن الشيخ حممد قطب‬
‫ً‬ ‫يكون‬
‫ً‬
‫مناقشا‪ ،‬ومتت املناقشة سنة (‪1980‬م)‪ ،‬وكانت الرسالة بعنوان‪> :‬سيد قطب‬ ‫حممد الراوي‬
‫والتصوير الفني يف القرآن<‪ ،‬وجاءت يف قسمني‪ :‬القسم األول عن حياة سيد قطب‪ ،‬والثاين‬
‫عن التصوير الفني يف القرآن‪.‬‬
‫وكانت قاعة املناقشة ممتلئ ًة باحلضور‪ ،‬وجاء عدد كبري منهم ليسمع كالم األستاذ حممد‬
‫ِ‬
‫واجلهد املبذول فيها‪ ،‬حتى إنه قال‪ :‬لو‬ ‫َ‬
‫الباحث‪ ،‬وهو يثني عىل الرسالة‪،‬‬ ‫قطب‪ ،‬الذي أخجل‬
‫الستحق الامجستري عن جدارة! وكانت املناقشة‬
‫َّ‬ ‫تقدم الطالب بالقسم األول من الرسالة فقط‬
‫أشب َه بمهرجان علمي‪ ،‬مل تتسع له قاعة املحارضات يف اجلامعة‪ ،‬مما جعل اجلمهور يمأل األفنية‬
‫امللحقة التابعة للمبنى‪ .‬ولام ُسئل األستاذ حممد قطب‪ ،‬يف إحدى حمارضاته‪ ،‬عن أخيه‬
‫واملمرات َ‬
‫سيد‪ ،‬قال‪ :‬اسألوا الدكتور صالح اخلالدي‪ .‬اعرتا ًفا َ‬
‫بسعة ما جاء فيها عن حياة سيد‪.‬‬
‫‪123‬‬

‫أحب أن يقدم له األستاذ‬


‫َّ‬ ‫و َل َّم قدَّ م الشيخ صالح ’ رسالة الامجستري للطباعة‪،‬‬
‫ورفيق حياته‪ ،‬والذي كان يسمع منه‬
‫ُ‬ ‫صديق أستاذه املرشف‪،‬‬
‫ُ‬ ‫األديب عبد اهلل الطنطاوي‪،‬‬
‫دائم ثنا ًء عليه‪ ،‬فلم يسع األستاذ الطنطاوي إال أن يستجيب لطلبه‪ ،‬وأن يكتب له املقدمة‪،‬‬
‫ً‬
‫وقد أثنى األستاذ الطنطاوي يف مقدمته عىل الرسالة‪ ،‬وعىل اجلهود املبذولة فيها‪ ،‬يف ُجزأهيا‪:‬‬
‫األول املتعلق برتمجة سيد‪ ،‬والثاين املتعلق بنظرية التصوير الفني‪ ،‬حيث قال يف تعليقه عىل‬
‫صدر‬
‫َ‬ ‫اجلزء األول‪> :‬إن ما كتبه املؤلف هو جهد ضخم‪ ،‬قدَّ مه يف تواض ٍع ٍّ‬
‫جم‪ ،‬وإنه خ ُري كتاب‬
‫ٍ‬
‫وسيد‬ ‫ٍ‬
‫وسيد السيايس‪،‬‬ ‫عن سيد‪ ،‬فهو يرتجم له ترمجة دقيقة‪ ،‬يربز فيها شخصية ٍ‬
‫سيد األديب‪،‬‬ ‫ُ‬
‫الداعية احلكيم املحنَّك‪ ،‬وهذه اإلجيابيات تثلج الصدور من جهة؛ إذ تُبني عبقرية هذا الرجل‬
‫العمالق‪ ،‬ولكنها تؤمل من جهة أخرى‪ ،‬إذا قارنَّا حياة سيد بحياة من نُعايشهم اليوم من العاملني‬
‫وإخالصا‬
‫ً‬ ‫يف احلقل اإلسالمي‪ ،‬ولعلها تكون ِم ً‬
‫هامزا يدفع هؤالء إىل أن يكونوا مثله‪َ :‬و ْع ًيا‬
‫يشوه النفوس‪ ،‬وخيالف بني الصفوف‪ ،‬وجيعل الدعاة كسائر‬ ‫وحرك ًة وزهدً ا هبذا احلُطام الذي ِّ‬
‫الناس‪ ،‬ال يكادون يتميزون منهم‪ ،‬وال يرتفعون عنهم إال قليلً<‪.‬‬
‫ثم ختم مقدمته بالنص التايل‪> :‬لقد اكتشف املؤلف مفتاحني لدراسة سيد للقرآن‬
‫اجلليل؛ أوهلام‪ :‬املفتاح اجلاميل املتمثل يف نظرية التصوير الفني‪ ،‬الذي برز يف كتابه >التصوير‬
‫الفني يف القرآن<‪ ،‬ويف بعض املواضع من كتبه وكتاباته األخرى‪ ،‬وثانيهام‪ :‬املفتاح احلركي الذي‬
‫برز يف كتابه العظيم يف >ظالل القرآن<‪ ،‬ولئن َأ َ‬
‫خرج املؤلف كتابه الثاين عن املفتاح اجلاميل‪ ،‬فإنه‬
‫وعد أن يتابع املسري يف إصدار كتاب عن املفتاح الثاين احلركي‪ ،‬وإننا ملنتظرون<‪.‬‬
‫ثم يتابع األستاذ الطنطاوي حديثه عن املفتاح اجلاميل قائلً‪> :‬ولئن أفاد النُّ َّقاد َ‬
‫ورا َد ُة‬
‫واملعجبني به يتطلعون إىل الكتاب‬
‫َ‬ ‫اجلامل من هذا الكتاب‪ ،‬فإن اجلمهرة الكبرية من تالميذ سيد‬
‫الثالث‪ ،‬الذي يتناول اجلوانب احلركية التي وعاها سيد وهو يعيش يف ظالل القرآن‪.‬‬
‫وأخ ًريا ال يسعني إال أن أشدَّ عىل يد املؤلف‪ ،‬مباركًا وطال ًبا منه أن يفي بام وعد‪ ،‬وننتظر؛‬
‫جوانب أخرى ال تقل ثرا ًء‬
‫َ‬ ‫وختصصه بعامله الوسيع‪ ،‬كفيالن هبدايته إىل‬
‫ُّ‬ ‫فتفر ُغه لدراسة سيد‪،‬‬
‫ُّ‬
‫وال روعة عن هذه اجلوانب التي وعاها فكتب هبا‪ ،‬خاصة وأن األستاذ املرشف هو الدكتور‬
‫ب به منذ َيفاعته‪َّ ،‬‬
‫ولعل جهود الرجلني‪ :‬األستاذ‬ ‫واملعج ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫التلميذ النجيب لسيد‪،‬‬ ‫أمحد فرحات‪،‬‬
‫ٍ‬
‫حاجات‪ ،‬وختدُ م الدعوة اإلسالمية من خالل احلديث‬ ‫والتلميذ‪ ،‬تقيض من نفوسنا حاج ًة‪ ،‬بل‬
‫‪124‬‬

‫عبقري من رجاهلا‪ ،‬وعندئذ نستطيع أن نطمئن إىل مسرية الدعوة‪ ،‬وإىل أن أبناءها ال َرب َرة‬
‫ٍّ‬ ‫عن‬
‫آلوا عىل أنفسهم أن ينتصفوا ملع ِّلميهم‪ ،‬ويرفعوا الظلم الذي حاق هبم‪ ،‬وإىل لقاء قريب‪،‬‬
‫الذين ْ‬
‫يف كتاب جديد‪ ،‬والسالم عىل سيد يف اخلالدين<‪.‬‬
‫يتابع أ‪.‬د‪ .‬أمحد حسن فرحات حديثه‪> :‬ثم جاءين األخ صالح‪ ،‬بعد مناقشة رسالة‬
‫الامجستري‪ ،‬يستشريين يف موضوع رسالة الدكتوراه‪ ،‬فقلت له‪ :‬أكمل مشوارك مع سيد قطب‪،‬‬
‫واكتب عن‪> :‬يف ظالل القرآن<‪ ،‬دراس ٌة وتقويم‪ ،‬وهكذا كان؛ فقد شارك ُته يف وضع خطة‬
‫البحث‪ ،‬وتابعته باملالحظات والتوجيهات‪ ،‬كام يف رسالة الامجستري‪.‬‬
‫ثم حصل عىل درجة الدكتوراه يف التفسري وعلوم القرآن سنة (‪1984‬م) من اجلامعة‬
‫نفسها‪ ،‬وكانت الرسالة بعنوان‪> :‬يف ظالل القرآن‪ ،‬دراس ٌة وتقويم<‪ ،‬وكانت جلنة املناقشة‬
‫تتألف مني باعتباري مرش ًفا‪ ،‬ومن األستاذ ْين اجلليلني‪ :‬الشيخ منَّاع القطان ’‪ ،‬األستاذ يف‬
‫الدراسات العليا يف اجلامعة‪ ،‬واألستاذ الدكتور عدنان زرزور‪ ،‬األستاذ بجامعة قطر‪.‬‬
‫وال شك بأن األستاذ الطنطاوي [يقصد عبد اهلل الطنطاوي‪ ،‬الذي تقدم كالمه قري ًبا]‬
‫ا َّطلع بعد ذلك عىل ما أصدره األخ صالح مما كان ينتظره منه‪ ،‬حيث صدرت رسالة الدكتوراه‬
‫عن كتاب يف >ظالل القرآن< بثالثة أجزاء‪ ،‬متثل املفتاح احلركي‪ ،‬واألجزاء هي‪> :‬مدخل إىل‬
‫ظالل القرآن<‪ ،‬و>املنهج احلركي يف ظالل القرآن<‪ ،‬و>يف ظالل القرآن يف امليزان<‪ ،‬وهو ما كان‬
‫ينتظره األستاذ الطنطاوي من إنجاز الوعد‪.‬‬
‫متخصصا ومرج ًعا يف كل ما كَتب سيد‬
‫ً‬ ‫ثم قلت لألخ صالح‪ :‬أنت جيب أن تكون‬
‫املوزع يف املجالت ما تستطيع‪ ،‬وهكذا كان‪.‬‬
‫قطب‪ ،‬وما كُتب عنه‪ ،‬وأن جتمع من تراثه َّ‬
‫فجمع ما كتبه سيد قطب عن أمريكا بعنوان‪> :‬أمريكا من الداخل بمنظار سيد قطب<‪،‬‬
‫ً‬
‫بدل من كتاب سيد قطب الضائع >أمريكا التي رأيت<‪ .‬وهكذا نرش بعض الرسائل التي‬
‫أرسلها سيد إلحدى أخواته بعنوان >أفراح الروح<‪.‬‬
‫كونت هذه‬
‫لقد استفاد األخ صالح من دراسته لسيد قطب استفاد ًة كبريةً‪ ،‬حيث َّ‬
‫الدراسة لديه قاعد ًة علمية متينة‪ ،‬انطلق بعدها ل ُيثري املكتبة اإلسالمية بمؤلفاته الكثرية‪ ،‬والتي‬
‫تقرب من مخسني كتا ًبا‪ ،‬والتي تل ِّبي حاجة األمة اإلسالمية يف حارضها‪ .‬وساعده يف هذا الثراء‬
‫ُ‬
‫إخالص‬
‫ٌ‬ ‫حرصه عىل الوقت‪ ،‬فال يسمح لنفسه بأن َيضيع من وقته يش ٌء‪ ،‬كام ساعده عىل ذلك‬
‫ُ‬
‫‪125‬‬

‫يف العمل‪ ،‬ومواكب ٌة للحركة اإلسالمية املعارصة يف نشاطها‪ ،‬فبقي عىل العهد‪ ،‬ملتز ًما باخلط‬
‫يغي ومل يبدِّ ل‪.‬‬
‫األصيل‪ ،‬مل ِّ‬
‫لقد كان األخ صالح وف ًّيا كل الوفاء لسيد قطب‪ ،‬ولكتبه ومؤلفاته‪ ،‬فحينام ُأخرب بأن‬
‫أحدَ اإلخوة املرصيني يريد أن يعيد طباعة >يف ظالل القرآن< إىل طبعته األوىل‪ ،‬غضب غض ًبا‬
‫إيل هذه الرسالة‪:‬‬
‫شديدً ا‪ ،‬وكتب َّ‬
‫فضيلة أستاذي الدكتور أمحد فرحات‪،،‬‬
‫السالم عليكم ورمحة اهلل وبركاته‪.‬‬
‫أخربين األخ أيمن اليوم أن بعض اإلخوان املرصيني يريد إعادة طبع الطبعة األوىل من‬
‫رافضا هذا العبث‪ ،‬فأحببت أن‬
‫رددت عليه ً‬
‫ُ‬ ‫لتح َّل حمل الطبعة املن َّقحة املنترشة‪ ،‬وقد‬
‫>الظالل<‪ُ ،‬‬
‫ُأسمعك ذلك‪ ،‬واألمر إليك أستاذي الكريم الفاضل‪.‬‬
‫وقد كتبت إليه جوا ًبا عىل رسالته‪:‬‬
‫السالم عليكم ورمحة اهلل وبركاته وبعد‪:‬‬
‫فسأحاول غدً ا أن أبحث عن بعض اإلخوة‪ ،‬الذين يمكن أن يكون هلم تأثري يف هذا‬
‫األمر‪ ،‬ل ُيوقفوا هذا العبث‪ ،‬الذي يدل عىل عدم إحساس باملسؤولية‪ ،‬وعدم تقدير لنتائجه‪،‬‬
‫ولكم الشكر والتقدير عىل متابعة املوضوع‪.‬‬
‫وليس ذلك غري ًبا عىل األخ صالح‪ ،‬فهو خري من يقدِّ ر خطورة هذا األمر‪ ،‬فجزاك اهلل‬
‫خ ًريا عىل هذه ال َغ ْية‪ .‬واملفروض فيمن يفكر بمثل هذا أن يستشري األخ صالح‪ ،‬الذي عاش‬
‫طويلً مع تراث سيد‪ ،‬وعرف منه ما مل يعرفه غريه‪ ،‬كام أشار إىل ذلك األستاذ حممد قطب‪ ،‬حني‬
‫خيص أخاه سيد‪ ،‬فقال‪ :‬اسألوا الدكتور صالح اخلالدي‪.‬‬
‫ُسئل عن أمر ُّ‬
‫واملقربني منه‪،‬‬
‫َّ‬ ‫وكام كان األخ صالح وف ًّيا لسيد وتراثه‪ ،‬فقد كان وف ًّيا إلخوانه وأصدقائه‬
‫عمن‪ ،‬وكان ُيتحفني بكتبه اجلديدة‪ ،‬وكنا‬ ‫ولقد كان حريصا عىل زياريت يف منزيل ك َّلام ِ‬
‫مت إىل َّ‬
‫قد ُ‬ ‫ً‬
‫نتجاذب أطراف احلديث يف مهوم األمة‪ ،‬وما ينبغي عمله يف مستقبل األيام‪.‬‬
‫رحم اهلل األخ صالح‪ ،‬وأجزل مثوبته‪ ،‬وأنزله يف عليني‪ ،‬منازل األنبياء والصديقني‬
‫والشهداء والصاحلني‪.‬‬
‫‪126‬‬

‫الب َرة‪،‬‬
‫إننا ن َع ّزي فيه أنفسنا‪ ،‬كام ن َع ّزي األمة اإلسالمية بفقدها لواحد من علامئها َ َ‬
‫نعزي احلركة اإلسالمية املعارصة بفقدها‬ ‫وحاض‪ ،‬كام ّ‬
‫َ‬ ‫والذي نذر نفسه خلدمتها بام كتب وأ َّلف‬
‫خط هلا يف منهجيتها احلركية ِ‬
‫معالَ واضح ًة‪ ،‬كام ن َع ّزي فيه احلركة‬ ‫لع َل ٍم من أعالمها‪ ،‬والذي َّ‬
‫الفلسطينية املجاهدة‪ ،‬وهيئة علامء املسلمني يف فلسطني‪ .‬كام ن َع ّزي أرسة الفقيد‪ ،‬وبخاصة نجله‬
‫َ‬
‫يكون عىل خط والده‪ ،‬كام ن َع ّزي أساتذته وطالبه وأصدقاءه‬ ‫الدكتور حذيفة‪ ،‬الذي نرجو له أن‬
‫درس فيها‪ .‬وإننا عىل فراقك يا أبا أسامة ملحزونون‪،‬‬
‫وحمبيه‪ ،‬ومنابر العلم يف اجلامعات التي َّ‬
‫وإنا هلل وإنا إليه راجعون<‪.‬‬

‫‪ -‬رثاء د‪ .‬أحمد شكري‪ ،‬أستاذ التفسير يف الجامعة األردنية‪:‬‬


‫كتب مقالة يف جملة >الفرقان<‪ ،‬التي تصدرها >مجعية املحافظة عىل القرآن الكريم<‪،‬‬
‫ومتحسا عىل فقده‪ ،‬قال فيه‪:‬‬
‫ِّ ً‬ ‫معدِّ ًدا مآثره‪،‬‬

‫هنيئًا لك ما قدَّ مت‪..‬‬


‫كان فضيلة شيخنا العامل العامل الفاضل‪ ،‬صالح اخلالدي‪ ،‬مع ِّل ًم بسلوكه قبل قوله‪،‬‬
‫وهي ميزة ال تكاد تُوجد يف كثري منَّا؛ فنحن نتحدث عن أشياء وندعو إليها وقد ال نفعلها‪.‬‬
‫الو ِّد‬ ‫املفس املدقق‪ ،‬واملؤلف املبدع‪ ،‬واملتحدث ال َّلبِق‪ ،‬واخلطيب َّ‬
‫املفوه‪ ،‬صادق ُ‬ ‫أما شيخنا ِّ‬
‫وط ِّيب اخلُ ُلق‪ ،‬و َمن له من اسمه أوىف نصيب (صالح عبد الفتاح اخلالدي)‪ ،‬فقد ع َّل َمنا كث ًريا‬
‫أبلغ األثر وأمتُّه‪ .‬ومن هذه‬
‫من املبادئ بسلوكه العميل‪ ،‬والتزامه الصادق هبا‪ ،‬فكان هلا يف نفوسنا ُ‬
‫ولكل من هذه عندي قصة أو‬ ‫ٍّ‬ ‫املبادئ‪ :‬الصدق‪ ،‬والزهد‪ ،‬وحسن الظن‪ِ ،‬‬
‫وع َّفة اللسان‪ ،‬والعفو‪.‬‬ ‫ُ‬
‫قصص ِمَّا رأي ُته وتعلمته منه‪.‬‬
‫سمعت عنه يف فرتة الدراسة اجلامعية حيث كان تلميذه الويف املخلص (بسام فارس)‬
‫حيدثني عن دروسه وروعتها‪ ،‬وعن علمه وغزارته‪ ،‬ثم بدأت أقرأ ما أصل إليه من مؤلفاته‪،‬‬
‫ت لقاءات‬ ‫وهو ِ‬
‫مبدع يف اختيار املوضوعات ومعاجلتها بقلمه السهل املمتنع‪ ،‬ثم حص َل ْ‬
‫ت بمرافقته‬ ‫غرفت فيها من َمعني بحره الف َّياض‪ ،‬وتع َّلمت منه الكثري‪ُ ،‬‬
‫ورش ْف ُ‬ ‫ُ‬ ‫عديدة معه‪،‬‬
‫يف جلنة تأليــف >التفسري املنهجي< مع األفاضل الكرام‪ :‬شيخنا أ‪.‬د فضل عباس ’‪،‬‬
‫حاولت‬
‫ُ‬ ‫حسان‪ ،‬حفظهام اهلل‪ .‬وهي اللجنة التي‬
‫وشيخنــا د‪ .‬أمحد نوفل‪ ،‬وشيخنا أ‪.‬د‪ .‬مجال أبو َّ‬
‫‪127‬‬

‫التف ُّل َت منها لعلمي بق َّلة البضاعة‪ ،‬وعدم القدرة عىل جماراة األفذاذ الكبار‪ ،‬ولكنها يف اجلانب‬
‫والترشف باقرتان اسمي بأسامئهم‪ .‬واستمرت العالقة‬
‫ُّ‬ ‫اآلخر كانت فرص ًة للتع ُّلم املبارش منهم‪،‬‬
‫الطيبة يف جمالس العلم ولقاءات الوفاء واخلري‪ .‬ويف كل مرة أتع َّلم منه الكثري‪.‬‬
‫ِ‬
‫وأجزل له‬ ‫فاللهم اغفر له وارمحه‪ ،‬وارفع درجته يف ع ِّل ِّيني‪ ،‬واكتب له رفقة النبيني‪،‬‬
‫ِ‬
‫ذر َّيته‪ ،‬ومنهم ابنه السائر عىل طريقه‬
‫ودرس‪ ،‬واجعل يف ِّ‬‫ب وأ َّلف َّ‬‫العطاء عىل ما علم وع َّلم وك َت َ‬
‫ِ‬
‫وأتباعه من طلبته اخل َري والنفع العظيم والعلم النافع<‪.‬‬ ‫الدكتور حذيفة‪،‬‬

‫‪ -‬رثاء الدكتور أحمد نوفل صديقه وزميله‪:‬‬


‫ينعاه باك ًيا‪ ،‬ويذكر من مآثره اليشء الكثري‪ ،‬فقد زا َمله ما يقارب الستني عا ًما‪ ،‬وكان ٌّ‬
‫كل‬
‫من الشيخني –لتواضعهام‪ -‬يرى اآلخر شيخً ا من مشاخيه وأستا ًذا له‪ ،‬ومل يكن بينهام ما بني أهل‬
‫العلم من احلسد والغرية التي اب ُتيل هبا كثري من األقران من العلامء‪.‬‬
‫يقول الدكتور أمحد نوفل يف ندوة أقامتها >هيئة علامء فلسطني< عن الشيخ صالح‬
‫اخلالدي‪ ،‬شارك فيها ُثلة من العلامء من حم ِّبي الشيخ وتالمذته‪:‬‬
‫موت‬ ‫(موت ِ‬
‫عالٍ ُ‬ ‫وصدَ ق من قال‪:‬‬
‫ُ‬ ‫>دائم نتذكر الشيخ صالح يف كل جملس بكل خري‪َ ،‬‬ ‫ً‬
‫عالٍ)‪ ،‬وينطبق هذا عىل ِمثل أخينا الشيخ صالح‪ ،‬الذي عرف ُته منذ أكثر من ستني سنة وهو عىل‬
‫َ‬
‫إمجاع يف قلوب الناس عىل حمبته وتقديره‬
‫ٌ‬ ‫مواظب‪،’ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫مثابر‬
‫تغي‪ٌ ،‬‬‫نَسق واحد‪ ،‬فام اختلف وما َّ‬
‫إمجاع مقبول‪ ،‬ال خيتلف عليه ‪-‬بدون مبالغة‪ -‬اثنان‪ ،‬فقد خيتلف الناس‬
‫ٌ‬ ‫ومتابعته واالستامع إليه‪،‬‬
‫عىل معظم العلامء بني معارض ومعرتض وموافق‪ ،‬لكن الشيخ صالح ’ كان َّ‬
‫حمط إمجاع‬
‫رس جعله عىل هذه الدرجة من القبول‪.‬‬ ‫واحرتام وتقدير من اجلميع‪ ،‬فبينه وبني ربه سبحانه وتعاىل ٌّ‬
‫ِ‬
‫بعض ح ِّقه؛ فقد عرف ُته منذ كنَّا طال ًبا يف‬ ‫قلت يف الشيخ صالح فقويل دون ح ِّقه‪ ،‬أو‬
‫ومهام ُ‬
‫املرحلة اإلعدادية يف (نابلس)‪ ،‬وظلت بيننا ُأ َّ‬
‫خو ٌة وحمبة إىل أن فارق الدنيا‪ ،‬وما ازداد بالفراق‬
‫معز ًة وحمب ًة ومكان ًة يف القلوب<‪.‬‬
‫إال َّ‬

‫‪ -‬رثاء الدكتور إياد ُقنيبي‪ ،‬أستاذ علم الصيدلة‪ ،‬والداعية والمفكر المعروف‪:‬‬
‫>تويف أمس أحد أعالم األردن واألمة اإلسالمية الدكتور صالح اخلالدي ’ تعاىل‪،‬‬
‫وما أشهدُ به عىل الدكتور ’ أنه كان جري ًئا قو ًّيا يف قول ما يعتقده من حق‪.‬‬
‫‪128‬‬

‫كتبت مع بعض الفضالء‬


‫موقف ال أنساه للدكتور صالح اخلالدي من سبع سنني‪ ،‬حني ُ‬
‫اسمه يف مقدمة املو ِّقعني عىل‬
‫فتوجهت إليه طال ًبا أن يقبل أن يكون ُ‬
‫ُ‬ ‫بيانًا يف إنكار منكر عا ٍّم‪،‬‬
‫البيان‪ ،‬فوافق بال تردد وال هت ُّيب‪ ،‬وكان لتوقيعه أثر يف تشجيع آخرين‪.‬‬
‫وهو يف املقابل ِّلي اجلانب‪ ،‬متواضع إلخوانه وأبنائه من املسلمني‪ ،‬مل َأر الدكتور يو ًما‬
‫متبس ًم‪ ،‬وصورتُه بابتسامته الطيبة منطبعة يف ذهني‪ ،‬خياطبنا كإخوة وهو يف مقام الوالد‪ ،‬وقد‬
‫إال ِّ‬
‫ِ‬
‫الكثرية من شاء من عباده‪.‬‬ ‫نفع اهلل بعلمه وبأخالقه وبمؤلفاته‬
‫كره الطيب‬ ‫آ َثر احلياة البسيطة‪ ،‬ومل يبِع آخرته بالدنيا كام فعل آخرون‪ ،‬لكن حسبه َّ ِ‬
‫أن ذ َ‬ ‫َ ُْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫والدعا َء له باخلري عىل ألسنة الناس‪ ،‬وأنه يرحل ويبقى أثره احلسن‪.‬‬
‫واعف‬
‫ُ‬ ‫اخلالدي‪ ،‬اللهم اغفر له وارمحه‪ ،‬وعافه‬
‫َّ‬ ‫صالحا‬
‫ً‬ ‫اللهم إين ُأشهدك أين ُأ ُّ‬
‫حب عبدك‬
‫دارا خ ًريا من داره‪،‬‬
‫ووسع ُمدخله‪ ،‬واغسله بالثلج والامء وال َربد‪ .‬اللهم أبدله ً‬ ‫عنه‪ِ ،‬‬
‫وأكرم ن ُُزله‪ِّ ،‬‬
‫وزوجا خ ًريا من زوجه‪ ،‬وامجعنا به يف ظل عرشك ويف جنتك يا كريم<‪.‬‬
‫ً‬ ‫وأهلً خ ًريا من أهله‪،‬‬

‫‪ -‬رثاء الدكتور بسام العموش‪:‬‬


‫ويبكيه الدكتور بسام العموش‪ ،‬صديقه وزميله يف الدَّ رس وطلب العلم‪ُ ،‬معدِّ د ًا فضائله‬
‫ومآثره‪ ،‬وبعض ذكرياته معه‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫صالح الخالدي العالم والداعية الذي رحل‬


‫رحل أخي أبو أسامة صالح عبد الفتاح دحبور اخلالدي‪ ،‬الذي تعرفت إليه يف الرياض‪،‬‬
‫ووجدت فيه اخللق واألدب وحب العلم‪ .‬كان يف ختصص التفسري وكنت يف ختصص العقيدة‪،‬‬
‫جتمعنا كلية أصول الدين يف >جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية< بالرياض يف منتصف‬
‫كرنا واحد‪ ،‬ودعوتنا واحدة‪ ،‬نلتقي يف سكن >حي البطحاء<‬ ‫ِ‬
‫سبعينات القرن الاميض‪ ،‬ف ُ‬
‫ومطعمها‪ ،‬واألهم يف مكتبة اجلامعة‪ ،‬حيث ندخل من بوابة واحدة‪ ،‬ثم ينرصف كل واحد إىل‬
‫ختصصه للبحث والتنقيب واإلعداد‪ .‬كان صالح يعلمنا بخُ لقه وأدبه‪ ،‬وحتى إذا سمع ما ال‬
‫يعجبه ابتسم‪ ،‬واعترب ذلك من املزاح‪.‬‬
‫متفوق علينا يف القرآن الذي حفظه‪ ،‬ودخل املسابقة التي أجرهتا اجلامعة يف احلفظ‬
‫ِّ‬
‫والتفسري‪ ،‬فكان صالح من الفائزين الذين نالوا جائزة مالية‪ ،‬واألهم جائزة القدوة العلمية‪.‬‬
‫‪129‬‬

‫كان يس ِّلينا نحن الشباب الذين لبسنا اخلواتم الدالة عىل ِ‬


‫>اخلطبة< أنا والدكتور حممد‬
‫اخلطيب‪ ،‬والدكتور حممد احلاج وغريهم‪ ،‬فيداعبنا بالنكتة والتعليق اللطيف ليخفف عن كل‬
‫كرمني َّلم تزوجت‪ ،‬فدعاين وزوجتي إىل وليمة يف بيته‬
‫واحد منا تفكريه يف خمطوبته‪ .‬وأذكر أنه َّ‬
‫فطوقني بكرمه‪.‬‬
‫يف السلط‪ ،‬ومل يفعل ذلك أحد معي‪َّ ،‬‬
‫صالح الذي كنَّا م ًعا يف >مجاعة اإلخوان<‪ ،‬مل أسمع يو ًما أنه نا َفس أو سعى ملوقع‬
‫سمته الصحافة بالصقور‬
‫سياج العلم والتعليم بعيدً ا عن مناكفات ما َّ‬
‫َ‬ ‫تنظيمي‪ ،‬بل وضع لنفسه‬
‫ٍّ‬
‫واحلامئم‪ ،‬رغم أنه كان يف >شعبة صويلح< التي يسيطر عليها مشايخ الرشيعة‪ ،‬لكنه مت َّيز عن‬
‫أقرانه باالبتعاد عن املنافسة‪.‬‬
‫صالح لنفسه مكان ًة مرموقة يف الفكر اإلسالمي يوم راح يرصف وقته للشهيد‬
‫ٌ‬ ‫وح َفر‬
‫وشارحا‪ ،‬وناقدً ا املناهج التي يراها بعيد ًة عن فكر سيد‪.‬‬
‫ً‬ ‫سيد قطب مداف ًعا‬
‫فرغ‬
‫وال زلت أذكر غضبته عىل حال >اإلخوان< وموضوع االنتخابات النيابية‪ ،‬حيث َّ‬
‫غضبه يف مقالة طويلة نرشهتا صحيفة >اللواء< األسبوعية بعنوان (رسبتم يف االمتحان) خماط ًبا‬
‫ُّ‬
‫الرتشح للربلامن‪ ،‬حيث كان صالح‪ ،‬وفق فكر‬ ‫اإلخوان يف مقالته‪ ،‬ومنتقدً ا تنا ُف َسهم من أجل‬
‫جمرد لعبة تُلهي هبا األنظم ُة َ‬
‫الناس!! بينام كان اجتها ُد (اجلامعة)‬ ‫سيد قطب‪ ،‬يرى أن الديمقراطية َّ‬
‫أي منرب ُيتاح لنقول كلمتنا‪ ،‬فمن التناقض َقبول منرب املسجد‬
‫أننا إصالحيون‪ ،‬وال جيوز أن نرتك َّ‬
‫ومنرب الصحافة‪ ،‬وال نقبل بمنرب الربلامن!! ومع أن مقال صالح كان قاس ًيا‪ ،‬إال إن اجلامعة مل‬
‫تتخذ موق ًفا سلب ًيا منه‪ ،‬بل ساحمتْه عىل ذلك‪ ،‬ليقينها أنه قال ذلك ْ‬
‫غيةً‪ ،‬وليس لغرض وال انتقام‬
‫تغي فكري‪.‬‬ ‫وال ُّ ٍ‬
‫كأي اجتهاد‪ ،‬مع‬
‫أخذ بعضهم عليه تأييدَ ه الدائم لكالم سيد قطب‪ ،‬لكن ذلك اجتها ٌد ِّ‬
‫أن الراحل مل يقل يو ًما‪ :‬إن سيد قطب ال ُينت َقد‪.‬‬
‫ومع كثرة كتاباته عن سيد قطب‪ ،‬إال أنه كتب يف موضوعات أخرى؛ ككتابه >مفاتيح‬
‫للتعامل مع القرآن<‪ ،‬وكتاب >التفسري والتأويل يف القرآن<‪ ،‬وكتاب >مواقف األنبياء يف‬
‫القرآن<‪ .‬بل كتب يف العقيدة‪ ،‬كام يف كتابه ِ‬
‫>سفر التكوين يف ميزان القرآن الكريم<‪ ،‬وكتاب‬
‫>القرآن ونقض مطاعن الرهبان<‪ ،‬وغريها‪.‬‬
‫‪130‬‬

‫وسمع ًة مألت‬ ‫َ‬


‫وتالميذ حمبني‪ُ ،‬‬ ‫رحل صالح وترك خلفه إر ًثا علم ًيا‪ ،‬وأوال ًدا صاحلني‪،‬‬
‫اآلفاق‪.‬‬
‫أناسا من كل مناطق اململكة‪ ،‬بل من خارج‬
‫وكانت له جنازة مشهودة‪ ،‬رأيت فيها ً‬
‫األردن‪ ،‬حيث وجو ٌه من إندونيسيا وأفريقيا‪.‬‬
‫رمحه اهلل رمحة واسعة‪ ،‬ومجعنا به يف جنات النعيم‪ ،‬إخوانًا عىل رسر متقابلني<‪.‬‬

‫‪ -‬رثاء الدكتور جبر محمود فضيالت‪:‬‬


‫يقول فيه‪:‬‬

‫فقدناك‪ ..‬يا عالِ ًما يف ّأمة‬


‫احلمد هلل رب العاملني والصالة والسالم عىل رسول اهلل × املبعوث رمح ًة للعاملني؛‬
‫وبعد ‪:‬‬
‫مج َعنا به يف صحبة األحبة حممد بن عبد اهلل‪،‬‬
‫رحم اهلل أخي احلبيب أبا أسامة‪ ،‬و َ‬
‫والصحابة األخيار صلوات اهلل وسالمه عليه‪ ،‬وريض اهلل عن الصحابة الكرام‪ ،‬حتت ظل‬
‫عرشه الكريم‪ ،‬يوم ال ينفع مال وال بنون إال من أتى اهلل بقلب سليم‪ .‬‬
‫رشفني اهلل بمعرفة فقيدنا رمحه اهلل‪ ،‬أبا أسامة يف هناية عام ‪1976‬م‪ ،‬يف جامعة‬
‫لقد ّ‬
‫اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية يف الرياض‪ ،‬وكنا مع ًا يف قسم الدراسات العليا‪ ،‬هو يف قسم‬
‫التفسري‪ ،‬وكنت يف املعهد العايل للقضاء قسم الفقه املقارن‪ ،‬وعشنا مع ًا حياة األُ َّ‬
‫خوة احلقيقية‬
‫يف اهلل‪ ،‬وخترجنا سو ًّيا عام ‪1984‬م‪ ،‬نحمل شهادة الدكتوراه‪ ،‬منطلقني نحو خدمة دين اهلل‪،‬‬
‫ٌّ‬
‫كل حسب اختصاصه‪ .‬‬
‫وبقي الوصال واحلب مع املرحوم إىل قبل وفاته بشهرين‪ ،‬حيث أكرمني اهلل بأ ْن قبِل‬
‫>عمن<‪ ،‬بصحبة أخينا احلبيب األستاذ الدكتور‬
‫دعو ًة لزياريت يف بيتي يف العاصمة األردنية ّ‬
‫مجال أبو حسان حفظه اهلل‪ ،‬وابنه البار الدكتور حذيفة اخلالدي‪ ،‬وكأهنا كانت زيار َة مو ِّدع‪..‬‬
‫ومفارق‪ ...‬‬
‫وصحب َة األحبة األخيار من أيام‬
‫استذكرنا بغري قصد ذكريات أيام الدراسة‪ُ ،‬‬
‫ْ‬ ‫فقد‬
‫فلسطني‪ ،‬إىل الغربة يف الرياض‪ ،‬وما ح ّلقت بنا من طموحات علمية‪ ،‬وكيف نعمل ونجتهد‬
‫‪131‬‬

‫أل ْن نعيد هلذه األمة املكلومة أ َل َق َها َّ‬


‫وعزها وارتباطها باهلل تعاىل ودينه القويم‪ ..‬‬
‫عال يف أمة‪ ..‬وأم ٌة يف ِ‬
‫عال‪،‬‬ ‫فكان رمحه اهلل يعيش للعلم‪ ،‬وحيمل يف قلبه أمة‪ ..‬فكأنام هو ِ‬

‫ورؤاه‬
‫ومرياث شيخ >الظالل< ُ‬
‫َ‬ ‫فحمل عىل عاتقه نقل القرآن وتفسريه وفكره إىل طلبة العلم‪،‬‬
‫الفكرية من ح ِّي ٍز مسطور إىل حيز الفكر املنظور‪ ،‬وربط َّ‬
‫النص القرآين بمعارصة األحداث‪ .‬‬
‫فلسطني واألقىص كمن يتن َّفس منهام اهلواء من خالل احلديث‬
‫َ‬ ‫فكان يعيش رمحه اهلل‬
‫حوهلام‪ ،‬وكأنام امتلك رئتني رمحه اهلل‪ :‬رئة تأخذ هواءها من العلم والعلامء‪ ،‬ورئة تأخذ هواءها‬
‫املباركي‪ .‬‬
‫ْ‬ ‫من فلسطني والقدس واملسجد األقىص‬
‫ِ‬
‫وزوال الظلم اجلاثم‬ ‫مبشات النرص القادم لألمة‪،‬‬
‫وكنا يف لقائنا األخري نتناقش حول ِّ‬
‫عىل صدر األمة‪ ،‬وكيف بنا يوم نرى وعدَ اهلل حقيق ًة تنظرها أعيننا‪ ..‬فكان يتحدث ُمرشق ًا‬
‫رحب ًا سهالً ضاحك ًا‪ ..‬وقد‬
‫رساج أضاء إىل ملكوت السامء‪ ،‬باس ًام متفائالً‪ْ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫متأللئ ًا‪ ،‬وكأنام وجهه‬
‫حتلل من قيود ال ُعمر واملشيخة وأثقاهلا‪ ،‬فيامزحني وإخويت‪ ،‬ويضاحك أبنائي‪ ،‬وكأنه يريد َخلوة‬
‫عرفت قيمة املحربة‪ ..‬فأمسك هبا حتى آخر يوم حمقق ًا وصية اإلمام أمحد‬
‫ْ‬ ‫الرفقة القديمة التي‬
‫>مع املحربة إىل املقربة<‪ ..‬فختمنا اللقاء بط َّيب الدعاء منه‪ .‬‬
‫يستذكرك يا أبا أسامة‪ ،‬وأنظر يف شجون ُم َّياك‪،‬‬
‫ُ‬ ‫يا هلف قلبي وهو يتوقف يف كل سطر‬
‫كنت أكتب لك‪ ،‬نتبادل القول ونتباحث العلم‪ ..‬وكأنام‬
‫وكيف يب أكتب اليوم تأبينَك‪ ،‬وباألمس ُ‬
‫هي اإلرادة اإلهلية التي ختتار متى تُسدَ ل ستار ُة الشوق‪ ،‬فتنغلق نحو الفراق‪ .‬‬
‫كيف يب وأنا َأ َ ُ‬
‫خب الناس عن َع َلم ال حيتاج ملن يتحدث عنه‪ ،‬واحلديث عن احلبيب‬
‫رحَه ذو شجون‪ ،‬ال تكفيه الصفحات وال أسطر بسيطة‪ ،‬ال تعدل عمالق التفسري‬ ‫امل ُ ِ‬
‫فارق ِ‬
‫والفكر‪ ،‬والذكريات معك يا صديقي ال تنتهي حتى نلتقي بك‪ ،‬بإذن اهلل‪ ،‬يف ظل عرشه الكريم‪،‬‬
‫ظل عرشه يوم ال ظِ َّل إال ظِ ُّله‪ .‬‬
‫ونحن إن شاء اهلل من السبعة الذين يظ ُّلهم اهلل الكريم حتت ِّ‬
‫حب القرآن‪ ،‬رمحك اهلل‬
‫أخي أبا أسامة‪ ..‬رمحك اهلل رمحة واسعة‪ ،‬يا مريب األجيال عىل ِّ‬
‫وأنت اليوم عند َمن هو خ ٌري منا‪ ،‬وترتقي بكل آية تقرؤها‪ ،‬ومتأل فؤا َدك بالشوق إىل اهلل الذي‬
‫حتقق‪ .‬‬
‫بارين بذكراك‬
‫رمحك اهلل يا خليالً عرفناه وأحببناه‪ ،‬واليوم نؤ ِّبنه ونفتقده‪ ،‬وسنبقى ِّ‬
‫ِ‬
‫والدعاء لك‪.‬‬
‫‪132‬‬

‫‪ -‬رثاء الدكتور جمال أبو حسان‪:‬‬


‫ويقول الشيخ الفاضل‪ ،‬األستاذ الدكتور مجال أبو حسان‪ ،‬يف مقال كتبه يف >جملة‬
‫الفرقان<‪ ،‬التي تصدرها >مجعية املحافظة عىل القرآن الكريم<‪:‬‬

‫عالم كبير فقدناه‬


‫ٍ‬
‫حمارضات إضافي ًة يف كلية‬ ‫عرفت األستاذ الكبري صالح اخلالدي يوم كان يعطي‬
‫ُ‬
‫الرشيعة باجلامعة األردنية‪ ،‬وكان الثنا ُء هو سيدَ القول عنه يف أسلوب تدريسه يف الكلية‪ ،‬وكان‬
‫أيضا باألوقاف إما ًما وخطي ًبا يف مسجد عبد الرمحن بن عوف يف منطقة >صويلح<‪ ،‬وكان‬
‫يعمل ً‬
‫ٍ‬
‫نشاط تدرييس‬ ‫خطي ًبا يرحل الناس إليه‪ ،‬كان املسجد يف زمانه ِم َ‬
‫شعل نور وهداية مما كان فيه من‬
‫مدرسا يف >املعهد الرشعي<‪ ،‬الذي انقلب إىل >كلية‬
‫ً‬ ‫أيضا‬
‫للدكتور‪ ،‬ولكن احلال ال يدوم‪ .‬وكان ً‬
‫الدعوة وأصول الدين<‪ ،‬ثم إىل >جامعة العلوم اإلسالمية<‪.‬‬
‫كنت أسمع عنه من الطالب كث ًريا من الثناء‪ ،‬حتى جئت إىل >جامعة العلوم اإلسالمية<‬
‫مدرسا‪ ،‬ورأيت ما مل أكن أسمع‪ ،‬ومت َّلكني حينئذ ُ‬
‫قول ابن هانئ األندليس يوم قال‪:‬‬ ‫ً‬
‫أطيب ِ‬
‫اخلرب‬ ‫َ‬ ‫عن جعفر بن ٍ‬
‫فالح‬ ‫كانت مساء َل ـ ُة ُّ‬
‫الركبان ختربنا‬
‫ُأذين بأحس َن ممَّا قد رأى برصي‬ ‫ت‬ ‫ثم التقينا فال واهللِ ما ِ‬
‫سم َع ْ‬
‫أكثر مما كنت أسمع‪.‬‬ ‫ِ‬
‫هكذا كان األمر؛ فقد وجدت من ُحسن األخالق وطيب املعرش َ‬
‫قمة يف املعاملة‪،‬‬
‫قمة يف السلوك‪َّ ،‬‬
‫اجتمعنا يف الكلية‪ ،‬فكنا نجلس مع أستاذ قمة يف األدب‪َّ ،‬‬
‫مل يكن صدره حيمل عىل ٍ‬
‫أحد؛ ال من الطالب‪ ،‬وال من األساتذة‪ ،‬وال من اإلداريني وسائر‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫املوظفني‪ ،‬كان إنسانًا غاي ًة يف التواضع وطيب املعرش‪.‬‬
‫ثم التقينا يف تأليف >التفسري املنهجي< لبعض املدارس يف فلسطني‪ ،‬مع األستاذ الدكتور‬
‫فضل عباس والدكتور أمحد نوفل والدكتور أمحد شكري والدكتور صالح اخلالدي‪ ،‬وكنا‬
‫أثمر هذا الكتاب الذي القى ثنا ًء‬
‫نجتمع يف بيت شيخنا الدكتور فضل عباس‪ ،‬ويا له من اجتامع َ‬
‫عاطرا ممَّن قرأه‪ .‬ثم ترك اجلامعة وتفرغ للعمل العلمي مع ابنه الفاضل حذيفة‪ ،‬الذي سيكون‬
‫ً‬
‫مكملً صور َة أبيه النقية يف املجتمع املسلم‪.‬‬
‫ِّ‬
‫‪133‬‬

‫خملصا‪ ،‬يدعو إىل اإلسالم بشموليته‪ ،‬وكان حم ًّبا جلميع العاملني‬


‫عالم ً‬
‫كان الشيخ صالح ً‬
‫لإلسالم‪ ،‬مل يكن متطر ًفا؛ ال يف سلوكه‪ ،‬وال أقواله‪ ،‬بل كان وسط ًّيا جام ًعا‪.‬‬
‫دائم التأ ُّثر‬
‫كان حيب زيارة إخوانه‪ ،‬ويسأل عنهم‪ ،‬وال تفوته مهوم املسلمني‪ ،‬بل كان َ‬
‫والتأثري يف كل من يعرف‪ ،‬وكان كثري ُّ‬
‫التأل لام يصيب املسلمني يف مجيع أرجاء الدنيا‪.‬‬
‫يمل‪ ،‬فأ َّلف العديد من‬
‫يكل وال ُّ‬
‫كان ’ مع كل ذلك نشي ًطا يف البحث والتأليف‪ ،‬ال ُّ‬
‫الكتب التي ُش ِهرت يف الدنيا‪.‬‬
‫رحم اهلل األستاذ الكبري‪ ،‬وتق َّبله يف العاملني املصلحني<‪.‬‬
‫‪ -‬رثاء الدكتور زيد عمر ِ‬
‫العيص‪:‬‬
‫ويف ندوة وفاء ُعقدت لبيان مآثر الشيخ اخلالدي‪ ،‬حتدث فيها ُث ّلة من زمالء الشيخ‬
‫وطالبه وأصدقائه‪ ،‬منهم زميله ورفيقه يف الدراسة اجلامعية‪ ،‬الدكتور زيد ِ‬
‫العيص‪ ،‬حيث ذكر‬
‫من مزاياه وصفاته وطريقته يف طلب العلم ما يمكن أن ُأمجله يف النقاط اآلتية‪:‬‬
‫ ‪-‬أنه كان يعرف يف طلبه للعلم ما يريد من البداية‪ ،‬ومل يكن يبحث كيفام اتفق من غري‬
‫ُخ َّطة أو برنامج أو هدف‪.‬‬
‫ ‪-‬كام كان يمتاز بقراءة كافة املعلومات يف املوضوع الذي يبحث فيه‪ ،‬وال ينتقي انتقا ًء‬
‫خصوصا‬
‫ً‬ ‫فيام يبحث كام كان يفعل كثري من الطلبة‪ .‬وهذا ما أفاده مستقبلً يف كتاباته املتعددة‪،‬‬
‫كتابته ومؤلفاته عن سيد قطب‪.‬‬
‫جتمعاهتم‪ ،‬وكث ًريا ما‬
‫أحرص زمالئه الطلبة عىل الوقت‪ ،‬فكان قليل اجللوس يف ُّ‬
‫َ‬ ‫ ‪-‬كان‬
‫أهم فيام يبدو له‪.‬‬
‫كان ينسحب منها إىل ما هو ُّ‬
‫ ‪-‬يتجنب اخلوض مع اخلائضني فيام ال لزو َم له من القول‪ ،‬حتى يف املباح منه‪ ،‬ويبتعد‬
‫عن املِراء واجلدال مع اآلخرين‪ ،‬لذا مل يكن له أعداء أو خصوم أو مناكفون‪.‬‬
‫ ‪-‬لكنه كان إذا آمن بفكرة‪ ،‬فإنه يتمسك هبا ويقاتل دوهنا‪ ،‬وال تأخذه يف ذلك لومة الئم‪.‬‬
‫ ‪-‬يسعى ليكون وسي ًطا بني طلبة العلم َّ‬
‫خاص ًة والناس عا َّم ًة وبني َمن سبقه من العلامء‪،‬‬
‫َّ‬
‫وجتل ذلك يف جمموع دراساته ومؤلفاته عن سيد قطب؛ فقد قدَّ م سرية سيد قطب وعلمه وتراثه‬
‫سائ ًغا بني طلبة العلم الذين يبحثون يف فكر سيد‪.‬‬
‫‪134‬‬

‫وتوجه إىل‬
‫ُّ‬ ‫ ‪-‬كام كان الشيخ صالح صاحب فكرة حمدَّ دة؛ مل يتق َّلب‪ ،‬ومل ينتقل من ُّ‬
‫تصور‬
‫آخر‪ ،‬ومعايشته للقرآن الكريم أعانته عىل الثبات عىل هذا املنهج‪.‬‬
‫ ‪-‬وكان ً‬
‫أيضا من أزهد الناس يف الذكر وحب الظهور‪ .‬ويش ِّبهه الدكتور زيد يف ذلك‬
‫املفس القرطبي‪ ،‬ويقول‪ :‬إن الذي يقرأ سرية اإلمام القرطبي يرى ش َب ًه ًا بينه وبني الشيخ‬
‫باإلمام ِّ‬
‫صالح‪ ،‬رمحهام اهلل‪.‬‬

‫‪ -‬رثاء د‪ .‬عبد اهلل الخ َّباص‪> ،‬عديله< يف التخصص باألستاذ سيد قطب‪:‬‬
‫كث ًريا ما كان الدكتور عبد اهلل اخل َّباص يكني أخاه الدكتور صالح بكلمة >عدييل<‪،‬‬
‫وأحيانًا يطلق هذا الوصف عىل الشاعر واملفكر الكبري األستاذ يوسف العظم ’‪ ،‬وثالثتهم‬
‫كتب يوسف‬
‫>عدايل< باملعنى املجازي؛ ألهنم مجعتهم مجي ًعا الكتابة عن سيد قطب ’؛ َ‬
‫العظم‪> :‬رائد الفكر اإلسالمي الشهيد سيد قطب‪ ،‬حياته ومدرسته وآثاره<‪ ،‬وكتب د‪ .‬عبد‬
‫اهلل اخل َّباص‪> :‬سيد قطب األديب الناقد<‪ ،‬وهو رسالته يف الامجستري‪ .‬وكتب صالح اخلالدي‬
‫ما كتب عن سيد‪ .‬فثالث ُتهم >عدايل< هبذا االعتبار‪ ،‬وهبذا الوصف الذي كان حي ُّبه د‪ .‬اخل َّباص‬
‫ويفخَ ر به‪ ،‬ولذلك كان من أشد الناس حزنًا عىل فراق الشيخ ’‪ ،‬وأصبح يشعر وكأنه‬
‫منو ًها بفضله وعلمه‪ ،‬ويقول يف ذلك‪:‬‬
‫كالطري مقصوص اجلناح‪ ،‬فنعاه ورثاه‪ِّ ،‬‬
‫>خواطر يف رثاء حبيب<‬
‫عرفني‬
‫>رحم اهلل هذا العامل اجلليل‪ ،‬الذي تعود معرفتي به إىل أكثر من أربعني عا ًما؛ إذ ّ‬
‫س آنذاك َّ‬
‫أن الدكتور‬ ‫املعز حريز‪ ،‬كان مما َي ُ ُّ‬
‫به الصديق املش َرتك املرحوم الغايل الدكتور عبد ِّ‬
‫صالح اخلالدي يتهيأ ملناقشة رسالة الامجستري (ختصص تفسري يف جامعة اإلمام حممد بن سعود‬
‫يف الرياض)‪ ،‬وكنت ما زلت يف بداية كتابتي للامجستري (ختصص أدب حديث ونقد‪ -‬قسم‬
‫اللغة العربية‪ -‬اجلامعة األردنية)‪ ،‬كان عنوان رسالته >س ّيد قطب والتصوير الفني يف القرآن‬
‫الكريم<‪ ،‬بإرشاف العامل السوري الدكتور أمحد حسن فرحات‪ ،‬وكان عنوان رسالتي‪> :‬س ّيد‬
‫قطب األديب الناقد<‪ ،‬بإرشاف العامل الكبري الدكتور عبدالرمحن ياغي‪.‬‬
‫ناقش الدكتور صالح اخلالدي رسالته عام (‪١٩٨٠‬م)‪ ،‬وكانت رسالته يف قسمني‪:‬‬
‫األول عن حياة سيد قطب (‪١٩٠٦‬م‪١٩٦٦-‬م)‪ ،‬والقسم الثاين عن نظرية التصوير الفني يف‬
‫‪135‬‬

‫القرآن عند سيد قطب‪ ،‬وكان من بني أعضاء جلنة مناقشته األستاذ حممد قطب (شقيق سيد‬
‫قطب)‪ ،‬الذي ذكر يف املناقشة‪ ،‬كام أخربين الدكتور صالح نفسه الح ًقا‪ّ :‬‬
‫أن الباحث يستحق‬
‫درجة الامجستري عىل القسم األول فقط‪ ،‬فكيف وقد كتب القسمني م ًعا بإبداع وكفاءة؟‬
‫وقد صدَ ر بعد مناقشته ‪-‬يف ضوء ما كتبه يف القسم األول‪ -‬كتابان له؛ مها‪> :‬سيد قطب‬
‫الشهيد احلي<‪ ،‬و>سيد قطب من امليالد إىل االستشهاد<‪.‬‬
‫دعوتُه حلضور مناقشة رسالتي الامجستري‪ ،‬التي ُعقدت يف جممع اللغة العربية األردين‪،‬‬
‫يوم األربعاء بتاريخ (‪١٩٨٢/٩/٢٢‬م)‪ ،‬وبينام كنت أعرض ملخص الرسالة يف الدقائق‬
‫أطل الدكتور صالح بط َّلته البهية وهيئته اجلميلة و َب ْسمته الندية (التي ُعرف‬
‫األوىل للمناقشة‪َّ ،‬‬
‫إيل حم ِّي ًيا‪ ،‬وكنت أذكر الدراسات السابقة‪ ،‬فذكرت عىل الفور ‪-‬أتذكّر‬
‫هبا طوال حياته)‪ ،‬وأشار ّ‬
‫وذكرت‬
‫ُ‬ ‫ذلك متا ًما‪ :-‬ومنها ما كتبه هذا الباحث الغايل الذي يدخل إىل قاعة املناقشة اآلن‪،‬‬
‫رسالة الامجستري التي أعدّ ها‪ ،‬وأضفت‪ :‬وهو ُي ِعدّ اآلن رسالة الدكتوراه عن تفسري سيد قطب‬
‫يف >ظالل القرآن‪ ،‬دراسة وتقويم<‪.‬‬
‫وقد و َّفقه اهلل‪ ،‬وحصل عىل الدكتوراه بتقدير امتياز من اجلامعة نفسها‪ ،‬بإرشاف املرشف‬
‫نفسه‪.‬‬
‫يف ضوء ما تقدّ م‪ ،‬ال تستغربوا إ ْن ذكرت لكم أنني كنت أس ِّلم عليه ك َّلام التقينا وأقول‪:‬‬
‫أعز وأغىل‪ ،‬فالعلم َر ِحـم‪.‬‬ ‫أهلً بعدييل الغايل‪ ،‬عدييل يف سيد قطب‪ ،‬ال يف النسب‪ ،‬وهذا ُّ‬
‫وكان عديلنا الثالث ‪-‬كام اتفقنا‪ -‬هو األستاذ يوسف العظم ’‪ ،‬الذي كتب‪> :‬رائد‬
‫الفكر اإلسالمي املعارص الشهيد سيد قطب<‪ ،‬وهذا ما كنت أقو ُله لطلبتي يف اجلامعات التي‬
‫ست فيها‪ :‬نحن الثالثة عدايل‪.‬‬
‫در ُ‬
‫ّ‬
‫ومتيض األيام‪ ،‬وتتو َّثق العالقة بيننا‪ ،‬وتشتد املحبة‪ ،‬ولن تنقطع بصالة اجلنازة عليه‬
‫وبعض أحفادي‪ ،‬ورأينا بأعيننا وسمعنا بآذاننا ثنا ًء متو َّق ًعا‬
‫َ‬ ‫اصطحبت فيها أبنائي‬
‫ُ‬ ‫اليوم‪ ،‬التي‬
‫كرا حسنًا عىل ألسنة هؤالء الصاحلني من العلامء وطلبة العلم وعا َّم ِة الناس‪ ،‬الذين كانوا‬ ‫ِ‬
‫وذ ً‬
‫وخ َطبه‪ ،‬وال غرابة يف ذلك‪ ،‬فقد كان الدكتور صالح كذلك ’‪ ،‬ولذلك‬ ‫حيرضون دروسه ُ‬
‫ِ‬
‫بقصيدة‬ ‫ِ‬
‫رمحات ريب عليه‪ ،‬ونحن ننشد مع الشاعر املبارك عواد املهداوي الذي رثاه‬ ‫نستمطر‬
‫ٍ‬
‫وفاء مجيلة‪ ،‬اختتمها بقوله‪:‬‬
‫‪136‬‬

‫ـالح‬ ‫ونِ ْعـ َـم الفـ ُ‬


‫ـوز ذلــك يا صـ ُ‬ ‫م ــع املخت ــار هتن ــأْ فــي نعيــم‬

‫واملدقق للتفسري‬
‫َ‬ ‫رر اللغوي‬
‫املح َ‬ ‫وكان من متام أ ْلطاف قدَ ر اهلل َّ‬
‫أن اهلل قد ه ّيأ يل أن أكون ِّ‬
‫املنهجي الذي أ ّلفه نخبة من علامء التفسري يف األردن‪ :‬د‪ .‬فضل عباس ’‪ ،‬د‪.‬أمحد نوفل‪،‬‬
‫د‪ .‬أمحد شكري‪ ،‬د‪ .‬مجال أبو حسان‪ ،‬د‪ .‬صالح اخلالدي‪ .‬واملراجعة العلمية كانت للعامل املتميز‬
‫واملنسق للعمل كان‪ ‬املرحوم األستاذ عمر خليل‪ ،‬وكانت الفكرة ك ُّلها‬
‫ّ‬ ‫الدكتور عمر األشقر‪،‬‬
‫من بركات ومتابعة ودعم من الرجل الفاضل الدكتور مفيد أبو َع ْم َشة‪.‬‬
‫ما أروع أن خيتار اهلل املر َء ليكون يف مع َّية علامء القرآن هؤالء األفاضل‪ ،‬ومن بينهم‬
‫احلبيب الغايل الدكتور صالح اخلالدي‪.‬‬
‫سالم عليك يا أبا أسامة‪ ،‬سالم عليك يف الصاحلني‪ ،‬سالم ال لقا َء بعده يف هذه الدنيا‬
‫والصدِّ يقني‬
‫ِّ‬ ‫الفانية‪ ،‬وأرجو اهلل أن جيمعنا بك يف ِع ِّليني‪ ،‬مع نبينا حممد ×‪ ،‬ومع النبيني‬
‫وحسن أولئك رفي ًقا‪..‬‬
‫ُ‬ ‫والشهداء والصاحلني‪،‬‬
‫وإىل لقاء حتت ّ‬
‫ظل عدالة قدس ّية األحكام وامليزان<‪.‬‬
‫الم ْش َوخي‪:‬‬
‫‪ -‬رثاء الدكتور عبد اهلل َ‬
‫زميله يف الدراسات العليا ورفيق دربه سنوات عدَّ ة‪ ،‬يستذكر صحبته اجلميلة يف أيام‬
‫خبها وس َربها فيه عن ُقرب‪ ،‬فيقول‪:‬‬
‫خلت أثناء الدراسة‪ ،‬معدِّ ًدا صفاته ومآثره ومناقبه‪ ،‬التي َ‬
‫>إن احلديث عن هامة علمية بمقام الشيخ الدكتور صالح اخلالدي ‪ -‬رمحه اهلل ‪ -‬يعرتيه‬
‫ِ‬
‫جهاده بالقلم‪،‬‬ ‫عقبات عدة‪ ،‬أمهها من أين نبدأ؟ أيكون احلديث عن علمه‪ ،‬أم عن ُخلقه أم عن‬
‫أم عن سائر مناقبه‪ ،‬أم عن ماذا؟‪.‬‬
‫ولعل حديث أم املؤمنني عائشة ريض اهلل عنها عندما ُسئلت عن ُخلق رسول اهلل ×‬
‫فأجابت بكلمة جامعة‪> :‬كان ُخ ُل ُقه القرآن<‪.‬‬
‫ومع الفارق يف وصف سائر الناس‪ ،‬أقول‪ :‬كان الدكتور صالح ’ مقتدي ًا هبدي‬
‫أحرص ما يكون عىل التخ ُّلق بآداب القران الكريم‪ ،‬من ِصدق‬‫َ‬ ‫الرسول الكريم ×‪ ،‬فكان‬
‫ِ‬ ‫وز ٍ‬
‫جم‪ِ ،‬ولني جانب‪ ،‬وطيب معرش‪ُ ،‬‬
‫وحسن معاملة‪ ،‬وأبعدَ ما يكون عن‬ ‫ٍ‬
‫وأدب ٍّ‬ ‫هد‬ ‫وتواضع ُ‬
‫ب اجلاه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وح ِّ‬
‫الغيبة والنميمة والقيل والقال ُ‬
‫‪137‬‬

‫تعرفت عليه وأنا طالب يف كلية الرشيعة بالرياض عندما حرض ضمن جمموعة من‬
‫مج َعنَا السكن اجلامعي لعدة سنوات مضيناها سو ًّيا‪ ،‬فكان رمحه‬ ‫طالب الدراسات العليا‪ ،‬وقد َ‬
‫ٍ‬
‫وبشاشة ال تفارقه‪ ،‬ومل ُي ْؤ َث ْر عنه طوال فرتة‬ ‫صاحب ابتسامة‬ ‫طيب املعرش‪ ،‬هادئ الطبع‪،‬‬
‫َ‬ ‫اهلل َ‬
‫دراسته أي ُة خصومة مع أحد‪ ،‬وكان ُج ُّل وقته يقضيه يف املطالعة والبحث والكتابة‪ ،‬حيث كان‬
‫صاحب مهة عالية ق َّلام تتوفر عند أقرانه‪.‬‬
‫َ‬
‫كنَّا نربط بينه وبني مؤلفات سيد قطب ’ حيث ختصص يف تراث سيد ’‪.‬‬
‫عملت‬
‫ُ‬ ‫غا َد َرنا ’ إىل األردن‪ ،‬وبعد مغادرته لعدة سنوات وحصويل عىل الدكتوراه‪،‬‬
‫أن رئيس القسم ك َّلفني بالبحث عن أعضاء‬
‫يف >جامعة البرتول واملعادن< بالسعودية‪ ،‬وأذكُر َّ‬
‫هيئة تدريس‪َّ ،‬‬
‫فرشحت الدكتور صالح‪ ،‬حيث زرته وأقنعته بالعمل يف اجلامعة رغم تر ُّدده‪،‬‬
‫ومحلت أوراقه معي‪ ،‬لكن اجلامعة اشرتطت يف املتقدم أن يكون حاصلً عىل رتبة أستاذ‬
‫مشارك‪ ،‬وعندما أخربته بذلك ابتسم وقال‪ِ :‬‬
‫>اخلرية فيام خيتاره اهلل<‪.‬‬
‫ص معرفتي املتواضعة بالشيخ ’ يف النقاط التالية‪:‬‬ ‫ويمكن أن ُأ َلِّ َ‬
‫صاحب‬ ‫ ‪-‬عامل رباين‪ ،‬يذكِّرك بالسلف الصالح‪ ،‬يبتغي بعلمه وجه اهلل‪ِ ،‬‬
‫عمل بام يعلم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ ُ‬
‫مهة عالية‪.‬‬
‫وتعليم‪ ،‬وما َ‬
‫أمجل ما كان يستنبطه من‬ ‫ً‬ ‫قرآن‪ ،‬فقد عاش مع القرآن ِع ًلم وعملً‬
‫ ‪-‬رجل ٌّ‬
‫ٍ‬
‫وتأمالت‪.‬‬ ‫لطائف‬
‫َ‬ ‫القرآن الكريم من‬
‫ ‪-‬رجل دعوة‪ ،‬فطالام سخَّ ر ُج َّل وقته يف الدعوة إىل اهلل‪ ،‬وإعطاء الدروس يف بيته‬
‫ومسجده‪ ،‬ومن خالل حمارضاته للطالب‪ ،‬إضاف ًة إىل تأليف عرشات الكتب الق ِّيمة‪ ،‬وكتابة‬
‫املقاالت‪ ،‬وإلقاء املحارضات العامة‪.‬‬
‫ ‪-‬أما القضية الفلسطينية‪ ،‬فقد كانت دائ ًام حارض ًة يف وجدانه وحمارضاته ومؤ َّلفاته‬
‫ومقاالته‪.‬‬
‫ ‪-‬كشف النقاب عن حقيقة الشخصية اليهودية يف ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية‪،‬‬
‫وبيان شدة عداوهتا لألمة اإلسالمية وفسادها‪ ،‬وأهنا خنجر مسموم يف خارصة األمة اإلسالمية‪.‬‬
‫ ‪-‬حظي تراث سيد قطب ’ بنصيب وافر من كتاباته‪ ،‬وال ُ‬
‫أبالغ إ ْن قلت‪ :‬إن ما كتبه‬
‫األساس ٍّ‬
‫لكل باحث‪.‬‬ ‫َ‬ ‫املرجع‬
‫َ‬ ‫عن تراث سيد وحياته ُي ّعد‬
‫‪138‬‬

‫ِ‬
‫ ‪-‬أما عن شخصه‪ ،‬فلم أجد يف حيايت أحدً ا زاهدً ا بمثل زهده‪ ،‬فلم َّ‬
‫يتشوف ملنصب‪ ،‬ومل‬
‫عرف عنه التعصب‬ ‫يقدح يف أحد من العلامء حلسابات شخصية‪ ،‬ومل ِ‬
‫تغره مفات ُن الدنيا‪ ،‬وال ُي َ‬
‫للحق‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫إال‬
‫ ‪-‬يصدع بقول احلق وال خيشى أحدً ا‪ ،‬وال تأخذه يف اهلل لومة الئم‪.‬‬
‫والتجرد‬
‫ُّ‬ ‫احلرص عىل األدب قبل العلم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ ‪-‬أما وصيته‪ ،‬فكانت أهم وصية لطالبه هي‬
‫وع َّزهتا و َمنَ َعتِها‪.‬‬
‫واإلنصاف‪ ،‬واحرتام املخالف‪ ،‬إهنا وصية عاملٍ رباين‪ ،‬حريص عىل مستقبل أمته ِ‬
‫َّ‬
‫يتغمده بوافر رمحته‪ ،‬وأن حيرشه مع النبيني‬
‫ويف اخلتام‪ ،‬أسأل اهلل العيل القدير أن َّ‬
‫وحسن أولئك رفيق ًا<‪.‬‬
‫ُ‬ ‫والصديقني والشهداء‪،‬‬

‫‪ -‬رثاء ابنته َعروب الخالدي‪:‬‬


‫نعوا فيها الشيخ العامل املريب املعلم‪ ،‬وال يشء ُيقال أكثر‬
‫>أسبوع عىل وفاتك يا حبيب‪ْ ،‬‬
‫مما قاله طالبه وأحبابه‪ ،‬وال عجب من شدة حبهم وإخالصهم له‪ ،‬وما خفي عنهم من خري‬
‫نفسه وإحسانه يف خدمة القرآن كثري‪ ،‬وأنا أنعى هذا الصديق‪ ،‬ذا املبسم الطيب‪ ،‬كريم النفس‬
‫مستأنسا بمجالسته َّن‪ ،‬هذا األب الذي له ذكرى يف‬
‫ً‬ ‫مع إناث بيته‪ ،‬عطو ًفا ودو ًدا َل ِّينًا معه َّن‪،‬‬
‫جتمعاتنا‪ ،‬رحالتنا‪ ،‬قضاء شؤوننا‪ُ ،‬‬
‫مشورتنا له بطريقنا األكاديمي‪ ،‬بل حتى يف‬ ‫خيصنا‪ُّ :‬‬
‫كل أمر ُّ‬
‫أصناف وأطباق الطعام‪.‬‬
‫صاحب احلَكايا املشوقة‪ ،‬حارض الدعابة‪ ،‬قري ًبا من األطفال‪ ،‬يداعبهم‬
‫َ‬ ‫أنعى هذا اجلدَّ ‪،‬‬
‫يس وم َّتع أبنائي بمعايشته‪ ،‬وعىل ذلك‬
‫اهلل الذي َّ‬
‫ويبادرهم بدندنات طفولية حلظ َّية‪ ،‬وأمحد َ‬
‫لغوي‬ ‫ألي سؤال‬ ‫األثر الطيب الذي خ َّلفه يف نفوسهم عنه‪ ،‬فغدا ِ‬
‫ٍّ‬ ‫املرجع ِّ‬
‫َ‬ ‫(سيدُ و صالح)‬
‫الضاحك البشوش‪ ،‬صاحب العزائم والنزهات‬ ‫ُ‬ ‫(سيدُ و صالح)‬‫نحوي قرآين ديني‪ ،‬وهو نفسه ِ‬
‫ُ‬ ‫ٍّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وزيارات احلدائق‪ ،‬مداع ًبا قطط الطريق‪ ،‬الذي ال ينتهي اخلروج معه بال صنف حلوى أو‬
‫املرور عىل مطعم‪  .‬‬
‫ورضا وختفي ًفا يل‪َّ ،‬‬
‫بأن‬ ‫اتصلت قبل أيام من وفاته قلق ًة أطمئن عليه‪ ،‬ليكون جوا ُبه ً‬
‫شكرا ً‬ ‫ُ‬
‫حجم‬
‫َ‬ ‫أموره طيبة‪ ،‬بل لكثرة مزاحه معي ما ظننتها إال مرض ًة عابر ًة يسريةً‪ ،‬وليته فعل وأخربنا‬
‫بعضا‬
‫أردت معرفة ما الذي يصل إىل امليت من أعامل‪ ،‬لنكون ً‬ ‫ُ‬ ‫تعبه‪ ،‬لك َّن أقدار اهلل نافذة‪،‬‬
‫‪139‬‬

‫ُ‬
‫اإلمساك باهلاتف لالتصال عىل رقمه‬ ‫من عمله الصالح بعد وفاته‪ ،‬فام كان مني بال تفكري إ ّ‬
‫ال‬
‫لسؤاله!‪.‬‬
‫أثرا نستحرضه‪ ،‬رمحك اهلل يا‬
‫تركت ً‬
‫َ‬ ‫يسهل انتزا ُعه من حياتنا‪ ،‬يف كل ركن‬
‫أب ال ُ‬
‫مثلك ٌ‬
‫حبيب‪ ،‬وأسأل اهلل أن جيعلنا ممن قال فيهم‪ :‬ﱹ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ‬
‫ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﱸ [الطور‪ <]21 :‬انتهى كالمها‪.‬‬
‫وصالحه ‪-‬إن شاء‬
‫ُ‬ ‫وأنا أقول بقول اهلل تعاىل‪ :‬ﱹ ﯦ ﯧ ﯨ ﱸ [الكهف‪،]82 :‬‬
‫بعض من حسناته‪ ،‬ومن الولد‬ ‫اهلل‪ -‬ممتدٌّ إىل أبنائه و ُذريته‪ ،‬ولع َّلكم يا >عروب< ِ‬
‫أنت وإخوانُك‪ٌ ،‬‬ ‫َّ‬
‫أجره وعمله الطيب بعد موته إن شاء اهلل‪.‬‬
‫الصالح الذي يدعو ألبيه‪ ،‬فال ينقطع ُ‬

‫‪ -‬رثاء الدكتور عماد الزقيلي‪:‬‬


‫وهو أحد الطالب الذين أرشف عليهم الشيخ يف مرحلة الدكتوراه‬
‫يرثيه ويعدِّ د بعض صفاته وأخالقه مع طالبه يف قاعات املحارضات‪:‬‬
‫‪> ‬يا ترى من هو؟؟؟‬
‫ِ‬
‫البدر يف متا ٍم‪ ،‬تبسم شفتاك‬ ‫أستاذ جامعي‪ ،‬يتهلل ُم َّياه وقد َّ‬
‫أطل يف قاعة املحارضة كام‬
‫ترشبتْه أوصا ُلك ونالت منه‬
‫دون استئذان‪ ،‬حت ُّفه هالة من اهليبة والوقار‪ ،‬جتدد يف نفسك ح ًّبا َّ‬
‫روحك َّ‬
‫كل منال‪..‬‬ ‫ُ‬
‫ال يسأل‪ :‬أين وصلنا يف املحارضة السابقة؛ فهو يعرف ذلك بالتفصيل؛ إنه أستاذ‬
‫التخطيط‪ ،‬أستاذ هندسة الوقت وتوزيع األهداف عىل أوقاهتا‪..‬‬
‫ال حتتاج أن تُذكِّره بالواجب البيتي أو بعض تفصيالته؛ إنه مستحرض ألدق التفصيالت‪،‬‬
‫سيذكِّرك باجلملة التي قل َتها يف اللقاء الفائت وقد نسي َتها أنت‪ ،‬وسريبط بينها وبني ما يو ُّد قو َله‬
‫اآلن‪...‬‬
‫جمه ًزا نفسك للمحارضة؛ ألنك ستتعرض لسؤال مباغت ال حمالة‪ ،‬لن تفلت‬
‫ستكون ِّ‬
‫من وجبتك املفاجئة‪.‬‬
‫رغم أنك يف املحارضة الثانية قد حفظ اسمك من املرة األوىل‪ ،‬ستسمع اسمك واسم‬
‫عائلتك إن شئت بجوار سؤال سيغمسك يف موضوع الدرس‪..‬‬
‫‪140‬‬

‫ال تقلق؛ إن وجد عندك اإلجابة املناسبة منحك الوقت كي تفصح عن مجال ما لديك‪،‬‬
‫خايل الذهن‪،‬‬
‫وإن وجدك تلعثمت أسعفك ببعض معلومة تَبني عليها إجابتك‪ .‬لكنك قد تكون َ‬
‫أيضا؛ فإنك أمام أستاذ يتقن ف َّن حفظ ماء الوجه‪ ،‬ال يسمح‬
‫ال أمل وال جدوى‪ ..‬فال تقلق ً‬
‫فوجهها بحيث تر ُّد لك بعض ثقة بنفسك‪،‬‬
‫لنقطة واحدة بالسقوط‪ ،‬فربام َّبرر إجابتك اجلانحة‪َّ ،‬‬
‫أو ربام شغل زمالءك عن التفكري بضحالة ما لديك بزميل آخر ُأحيل السؤال إليه‪..‬‬
‫روحك‬
‫شكرا أستاذي‪ ،‬أنقذتني وسرتت جهيل‪ ،‬ستهمس ُ‬
‫ستسمع دقات قلبك تقول له‪ً :‬‬
‫ستعوض ما فات بجميل ما هو آت‪..‬‬
‫ِّ‬ ‫يف أذنك‪ :‬جيب أن تستعدَّ يف املرة القادمة‪،‬‬
‫وبعد أيام سيخربكم أستاذكم بامدة االمتحان‪ ،‬ستسمعون من شفتيه إعالنًا حمد ًدا مفصلً‬
‫بالامدة والوقت واملراجع‪ ،‬بعبارات واثقة ال تر ُّدد فيها‪..‬‬
‫سمت خط ُته بعناية وتركيز‪ ..‬لن حتتاج إلجراء‬
‫ْ‬ ‫واضح أن املوضوع ُد ِرس بليْل‪ ،‬وقد ُر‬
‫ٌ‬
‫تعديل؛ ألن كل اعتباراتك ُأخذت باحلسبان‪ ،‬وألن كل مربراتك لن تغري يف خطة االمتحان‪..‬‬
‫مسوغات التأجيل‪ ،‬وال طلبات التخفيف من الامدة‪...‬‬
‫لن تسعفك عبارات الرجاء‪ ،‬لن تنفعك ِّ‬
‫ستحاول؛ ألنك يف التجربة األوىل مع هذا األستاذ الباسم الشفتني‪ ،‬لن ترفع صوتك‪ ،‬لن تُغلظ‬
‫عباراتك‪ ،‬أتدري لامذا؟‬
‫تربماتك ُ‬
‫أمجل من سابقاهتا‪ ،‬وعبارات شحذ‬ ‫ببساطة‪ ،‬ألن ابتسامة أستاذك وهو يرفض ُّ‬
‫مهتك ومصاحلتك مع ذاتك‪ ،‬واسرتداد ثقتك بنفسك مل تعهدْها من قبل‪ ..‬ستدرك اليوم أنك‬
‫لن حتاول تعديل خطة أستاذك لالمتحان الح ًقا‪..‬‬
‫ال تعجل‪ ،‬حجم الامدة الضخم بمراجعها وحمتواها لن حير َمك العالم َة العالية‪ ،‬ستنال‬
‫أكثر مما كنت تصبو إليه‪..‬‬
‫اختبارا متق َن اإلعداد؛ السؤال واضح يف ذهن السائل‪ ،‬لن تغرق يف‬
‫ً‬ ‫اطمئن‪ ،‬ستجد‬
‫أوهام مراد السائل‪ ،‬لن تضطر للتخمني حول ن َّيته يف سؤاله الفضفاض املتأرجح بني دالالت‬
‫العبارات املومهة‪ ،‬لن حتتاج تقدير حمدِّ ٍ‬
‫دات تقع عليها خبْ َط عشواء‪ :‬قد تصيب‪ ،‬وغال ًبا ما ختيب!‬ ‫َ‬
‫تتنوع فيه املعارف واملهارات‪ ،‬تتضافر جحافل‬ ‫ِ‬
‫قلت لك‪ :‬اختبار واضح يف ذهن واضعه‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫فواحة األريج‪..‬‬
‫الذاكرة والتحليل والربط واالستنتاج لديك‪ ،‬ستفلح أمام باقة رائعة اجلامل‪َّ ،‬‬
‫‪141‬‬

‫منهجك األصويل‪ ،‬ال ختربين عن شيوخك‬


‫ُ‬ ‫ال هيمني مرش ُبك الفكري‪ ،‬وال يعنيني‬
‫املفضلني‪ ..‬كل الذين يف القاعة سواسية كأسنان املشط‪ ،‬ال فضل لطالب عىل طالب إال بالعلم‪.‬‬
‫َّ‬
‫رقم يف قائمتك‪ ،‬سيكون رقمه يف أعىل القائمة‪ ،‬أليست قائم َة‬
‫ستمنح أستاذك اجلديد ً‬
‫ٌ‬
‫سؤال‬ ‫الذين أحبب َتهم‪ ،‬ونالوا إعجابك؟ أليسوا هم الذين تن ُقر أرقام هواتفهم إذا ما َ‬
‫حز َبك‬
‫ُفاخر يف جمالسك حينام تنسب نفسك إليهم؟‬‫أقلقك؟ أليسوا هم الذين ت ِ‬

‫ستجد نفسك يو ًما يف معرض للكتب‪ ،‬وستجد عينيك تتل َّفتان يمن ًة ويرسةً‪ ،‬أنت تعرف‬
‫مرادمها؛ إهنام تبحثان عن كتاب ُس ِّطر ُ‬
‫اسم شيخك عىل غالفه اجلميل باخلط الديواين اخلالد‪،‬‬
‫عسى اهلل أن يفتح عليك بصالح احلال واملآل‪..‬‬
‫إنه صاحب عرشات املؤ َّلفات‪.‬‬
‫عمن أحتدث؟؟؟‬
‫أتدري َّ‬
‫قل‪ :‬رمحه اهلل تعاىل وأسكنه فسيح جناته‪.‬‬
‫سحائب الرمحات عليه<‪.‬‬
‫ُ‬ ‫إنه الدكتور صالح اخلالدي‪،‬‬
‫شعرا بقصيدة فاضت هبا‬
‫نثرا‪ ،‬فقد رثاه كذلك ً‬
‫وكام رثى الدكتور الزقييل شيخَ ه اخلالدي ً‬
‫أسى عىل فقد شيخه‪...‬‬
‫حركت أشجانه ومشاعره ً‬
‫قرحيته بعد أن َّ‬
‫األخير‬
‫ُ‬ ‫الخالدي‬
‫ِّ‬ ‫وداع شيخي‬ ‫ُ‬
‫نـ ِ ـ ــدا َء احلَـ ـ ِّـق ِم ـ ْن َقبْـ ـ ِـل ال ـ ـ َـو َدا ِع‬ ‫ـوت ِفـ ـ ـ ـ ْـي َع َج ـ ٍـل َف َل َّب ــى‬
‫َد َع ــاه ا َملـ ـ ُ‬

‫ِم ـ ـ َن ال ـ ــدُّ ْنـ َيـ ــا َوأثق َـ ـ َـال ا َمل َت ـ ــا ِع‬ ‫َر َمــى األ ْغـ َ‬
‫ـالل وا ْم َت َشـ َـق َّ‬
‫السـال َمـ ــه‬
‫وقـِ ــر َطاسـً ــا وص َـ ــو ِ‬
‫الت الي ـَ ـ ـ َـرا ِع‬ ‫وألق َ ــى خلفـَ ـ ـ ُه َج َس ـ ـ ــدً ا ُم َـس ّج ـ ـ ْـى‬
‫ْ‬ ‫َ ْ‬
‫َغ ـ ِـزي ْـ ــر ال ــدَّ ْف ِق ِف اخل َــدَّ ي ِن س ِ‬
‫اع ـ ْـي‬ ‫وأ ْك ـَب ـ ــا ًدا مـُ ـ َف ـ ّط ـ ـ ــر ًة و َد ْمـ ـ ًع ــا‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬

‫ـرفوع ِّ‬
‫الش ـ َـراعِ!‬ ‫َس ِفيـْ ـ ُن ال ُق ـ ـد ِ‬
‫ْس م َـ ـ ُ‬ ‫ـت َيا َشيْ ِخ ْـي ال َق َض ــا َيا؟‬
‫لِـ َـمـ ـ ْن أ ْبـ َقيْ َ‬

‫الشـ ـ ّـر ِف ُك ـ ِّـل ا َمل ـ ـ َـراع ِ ـ ـ ْـي‬


‫ـث َّ‬
‫َي ُبـ ـ ُّ‬ ‫َو َم ـ ـ ــا َزال ال َيه ُـ ـ ــو ُد ِ َب ـ ــا َج ـ ـ ـ َـرا ًدا‬
‫ْس مشْ كُـور املَس ِ‬ ‫بِ َس ـ ِ‬ ‫ِ‬
‫اعـ ْـي‬ ‫ـاح الـ ُقـ ـد ِ َ ْ َ َ‬ ‫الصـ ــا َة‬ ‫َق َضيْ ـ ـ َ‬
‫ـت ال ُع ْمـ ـ ـ َـر َتن ْ َتظ ـ ـ ُـر َّ‬
‫‪142‬‬

‫فـَ َـم ـ ـ ْن لِ ْل ُق ـ ـد ِ‬ ‫اك الي ـ ــوم َت ِض ـ ــي ف ِ ــي هـ ــدُ ٍ‬


‫ْس َواحلَـ ـ ِّـق امل ُ َب ـ ـ ــا ِع‬ ‫وء‬ ‫ْ ُ‬ ‫ُأ َر َ َ َ ْ‬
‫ال ينـُ ـ ــوء بِـ ــها الس ــو ِ‬
‫اع ـ ْـي‬ ‫َّ َ‬ ‫وأ ْثق ـ ــا ً َ ُ َ‬ ‫ـت َل ـ ـنَا ُث ُغ ـ ـ ً‬
‫ـورا ال ُت ـ َـس ـ ــدُّ‬ ‫ت ََر ْك ـ ـ ـ َ‬

‫ُبكَاه ُ ـ ـ ْم َض ـ َّـج ِف ـ ْـي كـُ ـ ِّـل البِ ـ ـ ـ ـ َقا ِع‬ ‫و ُط ـ ـ ـاَّ ًبا سـُ ـ ـ ُقوا ح ُـ ـ ًّبا َو َش ــوقـ ًــا‬
‫َعل ـَ ــى ودي و َعهـ ـ ـ ِـدي م ـع ود ِ‬
‫اع ْي‬ ‫ـاح اخلَالِ ـ ـ ِـد ُّي َمض َ ــى َوإ ِّنـ ــي‬
‫َ ْ َ َ‬ ‫ُ ِّ ْ َ ْ‬ ‫َصـ ـ ـ ُ‬

‫الجنباز‬
‫‪ -‬رثاء الشيخ ُعمير ُ‬
‫>رحم اهلل األستاذ الدكتور صالح بن عبدالف َّتاح اخلالدي رمحة واسعة‪ ،‬فهو من علامء‬
‫ال َّتفسري وعلوم القرآن األفاضل‪ ،‬وذوي املعارف والفضائل‪ ،‬والدُّ عاة املُصلحني‪ ،‬واملُر ِّبني‬
‫وحاز عىل‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫واشتغل يف العلم وال َّطلب‪،‬‬ ‫وخاض ُغ َ‬
‫رر الفهوم‪،‬‬ ‫َ‬ ‫جاب ُد َر َر العلوم‪،‬‬
‫َ‬ ‫الغيورين‪،‬‬
‫نطل ًقا من القرآن وتفسريه وعلومه يف‬ ‫صالح وتواض ٍع وفالح‪ ،‬م ِ‬ ‫ٍ‬ ‫املرام واألرب‪ ،‬وكان ذا‬
‫ُ‬
‫االتاهات‬ ‫االهتامم بحال وواقع الدَّ عوة اإلسالم َّية وحارض العامل اإلسالمي‪ ،‬وكشف زيوف ِّ‬
‫أن القرآن وتفسريه‬ ‫ِ‬
‫والفرق الفكر َّية املعارصة اهلدَّ امة‪ ،‬حيث قدَّ َم إىل األوساط الفكر َّية عىل َّ‬
‫يوس ُع رؤية الفكر والثَّقافة‬ ‫ٍ‬
‫الصايف عن النَّزعات الام ِّد َّية‪ ،‬بزاد ِّ‬
‫َنبع َّ‬
‫وعلومه وبصائره هو امل ُ‬
‫صور‪ ،‬وجينِّب‬ ‫األخالق َّية‪ ،‬وجيدِّ د من قيمتها ومعاجلتها من خالل ال َّتفسري والفهم َّ‬
‫والذوق وال َّت ُّ‬
‫الس َري عىل النَّهج‬
‫املتغربة‪ ،‬ليستلهموا من خالل القرآن َّ‬
‫ِّ‬ ‫عارص مزالق ال َّت َّيارات الفكر َّية‬ ‫َ‬
‫اجليل امل ُ َ‬
‫عب عن تط ُّلعاهتا وقيمها‬
‫الصحيح‪ ،‬وا َّلذي ُيسهم يف إعالء قيمة األ َّمة احلضار َّية واالجتامع َّية‪ ،‬و ُي ِّ ُ‬
‫َّ‬
‫وتصوراهتا وثوابتها وخصائصها‪.‬‬
‫ُّ‬
‫يتجل ذلك بجهوده يف ميادين الدَّ عوة َّ‬
‫والتبية وال َّتعليم‪ ،‬فله من ال َّتآليف الفريدة‪،‬‬ ‫َّ‬
‫وال َّتصانيف املُفيدة ما يشهدُ له باملعرفة والدِّ راية‪ ،‬فانتفع ال َّطلبة بعلومه املُت َقنة‪ ،‬وفوائده املُتفنِّنة‪.‬‬
‫الرغائب‪ ،‬إىل أ ْن‬
‫كل طالب‪ ،‬ويدعو النَّاس إىل َّ‬ ‫مهتم بواقع أ َّمته وآماهلا‪ ،‬يفيدُ َّ‬
‫ومل يزل ًّ‬
‫وبوأه فسيح جنانه‪،‬‬ ‫تغمده اهلل بغفرانه‪ ،‬وأورده موارد إحسانه‪َّ ،‬‬ ‫وحان انتقا ُله‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫آن ارحتا ُله‪،‬‬
‫َ‬
‫وجعل ما أصابه من الوباء ِرفع ًة لدرجاته وتكف ًريا لسيئاته‪ ،‬وأحسن عزاء أبنائه وطالبه ُ‬
‫وم ِّبيه‪،‬‬
‫وعوض األ َّمة بفقد علامئها وصلحائها‪ ،‬وأخ َلف عىل املسلمني خ ً‬
‫ريا‪ ،‬ﱹ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ‬ ‫َّ‬
‫ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﱸ [الرمحن‪.]27-26 :‬‬
‫‪143‬‬

‫فليـ َـس َم ُلو ًمــا إن أطــال وأشــب َعا‬ ‫و َمــن يبتغــي تعــدا َد ُحسـ ِـن خصالِــه‬

‫و ُقوبـ َـل باإلكــرام ممَّــن لــه دعــا‬ ‫بالرضــا‬ ‫فجـ ِ‬


‫ـوزي باحلُســنى و ُتـ ِّـو َج ِّ‬ ‫ُ‬

‫كما رثاه تلميذه الشاعر عواد المهداوي بقصيدة قال فيها‪:‬‬


‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـار احلـ ِ‬ ‫ِ‬
‫ـاح)!‬ ‫َعش ـ َّي َة قيـ َـل‪َ :‬غا َد َر َنــا َ‬
‫(صـ ُ‬ ‫ـاح‬ ‫ـزن يف ال َقلـ ِ‬
‫ـب اجت َيـ ُ‬ ‫لنَـ ِ ُ‬

‫ـاح؟!!‬ ‫ِ‬ ‫عليـ َ‬ ‫ـن ســوف ُتـ ِ‬


‫ـاح)‪ ،‬و َأ ُّي َعـ ٍ‬
‫ـك الدَّ مـ َـع‪ ،‬لـ ْـو فيــه ارت َيـ ُ‬ ‫ـوف‬ ‫(صـ ُ‬
‫َ‬
‫ـون لــه ‪ -‬أيــا شــيخي ‪ِ -‬‬
‫َتـ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ـوت ( ُم َفـ ِّ ِ‬
‫اح!‬
‫اجلـ َـر ُ‬ ‫ـر ال ُقـ ْـرآن) ُجـ ٌ‬
‫ـرح‬ ‫فمـ ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ـراح‬ ‫و َلك ـ ـ ـ ْن‪َ ..‬م ـ ـ ـ ـ ــاؤ ُه‪ ‬عـ ـ ـ ٌ‬
‫ـذب َق ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـت فينــا َبحـ َـر عل ـ ٍم‬
‫أيــا َم ـ ْن كنـ َ‬
‫ِ‬ ‫ـت لِ ُظلمـ ِـة الدنيــا‬
‫ـاح!‬ ‫ويف ال ُّظ ُلـ َـات ُيف َت َقــدُ َّ‬
‫الصبـ ُ‬ ‫صباحــا‬
‫ً‬ ‫وكنـ َ‬

‫ـاح‬ ‫ـا‪ ،‬وزا َنتْ ـ ـ ـ ـ ـ َ ِ‬ ‫ِ‬


‫ـك الف َص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫روائ َعهـ َ‬ ‫ت‬
‫الضــا َد أهــدَ ْ‬
‫ـت َّ‬
‫ـت إذا نطقـ َ‬
‫وكنـ َ‬

‫ـور ِ َ‬ ‫ِِ‬ ‫وكانــت خي ُلهــا َط ْو َعــى‪ ،‬ومــا يف‬


‫ـاح!‬
‫‪ ‬أو‪ ‬ج ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫أصائله ـ ـ ـ ـ ـ ــا ُن ُف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌ‬

‫ـاح‬ ‫وضـ ٌ ِ‬
‫ـك فيـ ِـه َر َ‬
‫ت لـ َ‬ ‫ت وال ُقـ َ‬
‫ـات ف َسـ ُ‬ ‫َبــدَ ْ‬ ‫ـرآن حتــى‬ ‫وقــد أ َبحـ َـر َ‬
‫هنِي ًئــا‪َ ،‬فهــي َغ ـ ـ ـ ــاد ٌ ِ‬ ‫السـ َـو ِر‬
‫ـاح‬
‫ات مـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ابتهاجــا‬
‫ً‬ ‫ـت َتيـ ُـس يف ُّ‬
‫َف ُر ْحـ َ‬
‫ِ‬ ‫ـار أهـ ِـل العل ـ ِم فيهــا‬ ‫ص ِحبـ َ ِ‬
‫ونعـ ـ ـ ـ َـم لك ـ ـ ـ ـ ــم َحدائ ُقهـ ــا َم ـ َـر ُ‬
‫اح‬ ‫ـت ك َبـ َ‬ ‫َ‬
‫ِ ِليـ ِـد َك ‪َ -‬أ ُّيــا احلَ ـ ُر ‪ِ -‬‬
‫الو َشـ ُ‬
‫ـاح!‬ ‫ـت إىل َللِ ِئهــم‪ِ ،‬فتِ ْل ُكــم‬
‫و ُغ ْصـ َ‬

‫اح‬
‫ص ُ‬
‫ِ ِ‬
‫ات ‪َ  ‬معينهــا ‪َ  ‬ثـ ٌّـر‪َ ُ    ‬‬
‫ُفـ َـر ُ‬ ‫ـت لنــا ثمـ ٍ‬
‫ـن‬ ‫وكــم ِسـ ٍ‬
‫ـفر تَركـ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫درس‪ ،‬مقـ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وكــم ِم ـ ْن‬
‫ـاح‬
‫الريـ ُ‬ ‫ِ َبــا للكون َ‬
‫‪ ‬قد‪ ‬جـ َـرت ِّ‬ ‫ـال‬ ‫ٍ َ‬ ‫دورة‪،‬‬

‫بِ ُط ـا ٍ‬ ‫واف َل‪ ‬مفعـ ٍ‬


‫ـك ِم ـن َق ِ‬
‫احــوا‬ ‫ـك َأ َتــوا‪َ ..‬‬
‫ور ُ‬ ‫َّب َلدَ يـ َ‬ ‫ـات‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫وكــم لـ َ‬

‫اح‬ ‫ِ ِ‬ ‫هلــم ِم ـ ْن ِعلمـ َ‬ ‫ـت ‪  ‬لِلدُّ نيــا ‪ُ  ‬أ ُلو ًفــا‬


‫الزاكــي قــدَ ُ‬
‫ـك َّ‬ ‫لقــد ‪َ  ‬خ َّرجـ َ‬
‫‪144‬‬

‫ـامي ِس ـا َُح!‬
‫هلــم ِم ـن ِفكـ ِـر َك السـ ِ‬
‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫روع‬ ‫ِ‬
‫الراقــي ُد ٌ‬
‫ـك َّ‬
‫هلــم ِم ـن ِف ِ‬
‫همـ َ‬ ‫ْ‬

‫ـك ‪ ‬اهلِدا ي ـ ـ ـ ـ ُة ‪ ‬وال َف ـ ـ ـ ـ ـا َُح‬


‫وغاي ُت ـ ـ َ‬ ‫وحــا‬ ‫ِ‬
‫ـت ِل ُ َّمــة اهلــادي ن َُص ً‬
‫وكنـ َ‬

‫ـاح‬ ‫ـدس َو ْهـ َـي ِ ً‬


‫ِلَجـ ِـل القـ ِ‬ ‫ـت ُهو َمهــا‪ ،‬ونزفـ َ‬ ‫ِ‬
‫حــى ُم َبـ ُ‬ ‫ـت دم ًعــا‬ ‫وعشـ َ‬

‫َف ‪  ‬ا ملُقا و َم ِة ‪  ‬ا ِّلر مــا ُح‬


‫و يف ‪  ‬ك ِّ‬ ‫ـود ِســهام مـ ٍ‬
‫ـوت‬ ‫ُ‬
‫ـت عــى اليهـ ِ‬
‫َُ‬ ‫وأنـ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ـاد ِ‬
‫اجلهـ ِ‬
‫َز َهـ ـ ـ ـ ـ ــا بِمدَ اد‪ ‬علم ُكـ ُـم الك َفـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ـاح‬ ‫العلـ َـم حتــى‬ ‫ـت إىل ِ َ‬
‫جعـ َ‬
‫ََ‬
‫وتَذكــر َك َّ ِ‬ ‫وق ـ ــد غادر َتن ـ ـ ــا‪ِ ،‬‬
‫الشــواه ُق والبِ َطـ ُ‬
‫ـاح‬ ‫ُ‬ ‫لك ـ ْن ستبق ـ ـ ـ ــى‬ ‫ْ‬
‫تظـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّـل‪،‬وه ـ ـ ـ ِ ِ‬
‫ـم‪ ‬ل ُ َّمتنـ ـ ـ ــااألَ َقـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ـاح‬ ‫فـ ـ ــإ َّن ‪  ‬أ ك ـ ـ ـ ـ ــا َبر ‪  ‬ا لعلمـ ـ ــا ِء ‪  ‬فين ـ ـ ــا‬

‫ـك احلُســنى‪ ،‬إليهــا املُسـ َـر ُ‬


‫اح‬ ‫لـ َ‬ ‫نرج ـ ـ ـ ـ ــو‬
‫واهلل ُ‬
‫َ‬ ‫علي ـ ـ ـ َ‬
‫ـك َسال ُمن ـ ـ ــا‪،‬‬

‫ـاح)‬ ‫ونِعـ َـم ال َفـ ُ‬


‫ـوز ذلـ َ‬
‫ـك يــا (صـ ُ‬ ‫مــع املُختـ ـ ِ‬
‫ـار‪ ‬هتن ـ ـ ـ ـ ـ ُـأ‪ ‬ف ـ ـ ــي‪  ‬نعي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍم‬

‫الرنتاوي< وهو من طلبته يف الجامعة‪:‬‬ ‫‪ -‬ورثاه الشاعر األستاذ >‬


‫ـعار َفـ ْـو َق لِ َسـ ِـان‬
‫و َت َل ْعثـ َـم األَشـ ُ‬ ‫وز ِان‬
‫ـب َأ َ‬ ‫ـاب ومل ُ ِ‬
‫تـ ْ‬ ‫النَّظـ ُـم غـ َ‬

‫ـار َب َيـ ِـان‬


‫ف َل َقــد َد َهـ ِـان مــا َأ َطـ َ‬ ‫ـان َتثَا ُقـ ٌـل ِمــن َه ْولِـ ِـه‬
‫و َغـ َـزا ال َب َيـ َ‬

‫الر َّبـ ِـان‬ ‫َل ِك ـن و َفــا ُة العـ ِ‬


‫ـالِ‬ ‫ـوت َحـ ٌّـق ال َط ِريـ َـق لِـ َـر ِّد ِه‬
‫املـ ُ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫ص َنــا ا َمل ْكــدُ ِ‬
‫ود وال َف َّتـ ِ‬ ‫يف َع ْ ِ‬ ‫الســبِ ُيل َلر ْق ِع َهــا‬
‫ـان‬ ‫هــي ُث ْل َم ـ ٌة َأ َّنــى َّ‬

‫َيــا ُح ـ ْز َن َأ ْهـ ِـل الدِّ يـ ِـن وا ِإليـ َـا ِن‬ ‫بم ْوتِـ ِـه‬ ‫اليــو َم ُنبْـ َـى بال َّ‬
‫ـ>صــاح< َ‬
‫لل ُقـ ِ‬
‫ـرآن‬ ‫ال َّت ْف ِسـ ِ‬
‫ـر‬ ‫ومــدِّ ُد‬
‫َُ‬ ‫اسـ ِـة ُمبْـ ِـد ٌع‬ ‫ُأ ْس ـ َتا ُذنَا َو ْقـ َ‬
‫ـت الدِّ َر َ‬
‫خل ْدمـ ِـة ال ُفر َقـ ِ‬
‫ـان‬ ‫َأ ْفنَــى احليــا َة ِ‬ ‫ـر ِه يف ِع ْل ِمـ ِـه‬
‫كان آ َي ـ َة َعـ ْ ِ‬
‫قــد َ‬
‫َ‬ ‫ََ‬

‫ون َتـ َـو ِان‬ ‫َلـ َّـا َت َع َّلـ َـم ِمنـ َ‬


‫ـك ُد َ‬ ‫ومـ ِـه‬
‫ا بع ُل ِ‬ ‫كــم َطالِـ ٍ‬
‫ـب َنـ َـال ال ُع ـ َ ُ‬
‫‪145‬‬

‫ـان‬ ‫يحـ ٍـة َجا َء ْت ـ ُه َمــع َ ْ‬


‫تنَـ ِ‬ ‫ِ‬
‫بنَص َ‬ ‫ـت ِفيـ ِـه َح َيا َت ـ ُه‬ ‫كــم َطالِـ ٍ‬
‫ـب َق َّو ْمـ َ‬
‫احلــرص يف ال ِّتبيـ ِ‬
‫ـان‬ ‫وء ِ‬‫ومــع اهلــدُ ِ‬ ‫ـك َح ِقي َق ـ ًة‬
‫َس ـ ْم َت األُ َل ِعشْ ـنَا ُه ِفيـ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُ‬
‫و َأ ِفـ ْـض عليــه ســح ِائب ال ُغ ْفــر ِ‬
‫ان‬ ‫بض ْع ِفـ ِـه‬ ‫فار َح ـ ْم َمــن َأ َتـ َ‬
‫ـاك َ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫يــا َر ِّب ْ‬
‫ت ِمــي َعليـ ِـه بع ْف ِو َهــا ال َّته َتـ ِ‬ ‫ِِ‬
‫ـان‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫واج َعـ ْـل لــه يف >اخلَالدي ـ َن< َمنَـ َ‬
‫ـار ًة‬ ‫ْ‬
‫و َأ ِجــره يــا رمح ـن ِمــن نِ ـر ِ‬
‫ان‬ ‫ـر األَ َنــا ِم ُم َّمـ ٍـد‬
‫واحـ ُـر ُه َم ـ ْع َخـ ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُْ‬ ‫ْ ْ‬
‫تـ ِـري ب ـك ُِّل َزمـ ِ‬
‫ـان‬ ‫َ‬ ‫َصدَ َق ُاتــا َ ْ‬ ‫و َأ ِد ْم لــه َأ ْجـ َـر ال ُع ُلــو ِم و َبث َِّهــا‬
‫إلخــو ِ‬ ‫ِآمـ َ‬ ‫اجلنَـ َ ِ‬
‫َأ ْد ِخ ْل ـ ُه يــا َر ِّب ِ‬
‫ان‬ ‫ـر ا ِ ْ َ‬
‫ـن ُقو ُلــوا َم ْعـ َ َ‬ ‫يم َهــا‬
‫ـان نَع َ‬

‫‪ -‬رثاء الشيخ د‪ .‬مأمون الخليل‪ ،‬إمام المسجد الذي كان يصلي فيه الشيخ صالح ’‪:‬‬
‫وأي‬
‫>إنا هلل وإنا إليه راجعون‪ ،‬الدكتور صالح اخلالدي يف ذمة اهلل‪ ،‬واهلل إهنا مصيبة‪ُّ ،‬‬
‫وأي حزن عىل شيخ‬
‫مصيبة؟! وكيف أنعى اليوم رجلً بأ َّمة؟! العني تدمع والقلب حيزن‪ّ ،‬‬
‫خرفها‪،‬‬
‫وز ُ‬ ‫َّ‬
‫وملذاهتا‪ ،‬املعرض عن متاعها ُ‬ ‫املفسين يف عرصه‪ ،‬العامل العامل‪ ،‬الزاهد يف الدنيا‬
‫ِّ‬
‫واملبغض ملناصبها وزينتها‪.‬‬
‫خاصة‬
‫علم وعملً‪ ،‬حتى إن الذي يستمع له أو جيالسه يعلم أنه من َّ‬
‫عاش مع القرآن ً‬
‫الشيخ‪ ‬حياته ك َّلها للقرآن؛ تفس ًريا وتألي ًفا يف علوم القرآن‪ ،‬ودفا ًعا عن‬
‫ُ‬ ‫أهل القرآن‪ ،‬لقد نذر‬
‫ُش َبه املبطلني‪.‬‬
‫أكثر من ست َة َ‬
‫عرش عا ًما‪ ،‬وكان ذلك يوم ًّيا‬ ‫وتلقيت من علمه الصايف َ‬
‫ُ‬ ‫جالست الشيخ‪،‬‬
‫ُ‬
‫يفسه َّ‬
‫كل يوم بعد صالة الفجر يف >مسجد‬ ‫تقري ًبا‪ ،‬وقد سمعت منه تفسري القرآن الكريم كاملً‪ِّ ،‬‬
‫َ‬
‫قالئل‪ ،‬وقد كان تفسريه للقرآن يف اثنتي عرشة سنة‪،‬‬ ‫أتم تفسريه كاملً قبل أيام‬
‫الفريد<‪ ،‬حتى َّ‬
‫فام ك ََّل وال تعب‪.‬‬
‫لي املعرش‪ ،‬سهلً يف كل أحواله‪ ،‬موسوع َة علم يف كتاب‬
‫ومع كل هذا كان متواض ًعا‪َ ِّ ،‬‬
‫وكنت أحيانًا وأنا‬
‫ُ‬ ‫اهلل تعاىل‪ ،‬حيب أولياء اهلل‪ ،‬حيب اجلهاد واملجاهدين‪ ،‬ويكره أعداء الدين‪،‬‬
‫‪146‬‬

‫جالس مع الشيخ حتدثني نفيس‪ :‬إذا قدَّ ر اهلل تعاىل وقد انتهى ُ‬
‫أجل الشيخ كيف سيكون حايل؟!‬
‫ُ‬
‫الطفل من فراق أبيه‪ ،‬وقد كنت أقول له‪ :‬أنت أيب‬ ‫فقد كنت أخاف من فراق الشيخ كام خياف‬
‫يف العلم‪.‬‬
‫اتصلت بالشيخ قبل أيام‪ ،‬وحدثته برؤيا رأي ُتها أننا كنا معه يف بيت عزاء‪ ،‬وقد قام الشيخ‬
‫صالح من بيت العزاء‪ ،‬فقال له صاحب العزاء‪ :‬لقد ذبحنا ذبيح ًة‪ ،‬ونريد أن نعطيك منها‪،‬‬
‫فقلت لصاحب العزاء‪ :‬أرسع وأعطنا حصة الشيخ وال تتأخر‪ ،‬فالشيخ ال حيب التأخري‪.‬‬
‫فكان ر ُّد الشيخ صالح َّلم أخربته بالرؤيا أهنا إن شاء اهلل رؤيا خري‪ ،‬وهذا تأويل الرؤيا‬
‫قد صار ح ًّقا‪.‬‬
‫واخلاصة‪ ،‬يبكيك األقىص‬
‫َّ‬ ‫رمحك اهلل يا شيخنا‪ ،‬فاليوم يبكيك العلامء وطلبة العلم والعامة‬
‫فمصاب األمة فيك َج َلل<‪.‬‬
‫كنت ترجو أن تدرك حتريره‪ ،‬تبكيك أمة اإلسالم ك ُّلها‪ُ ،‬‬
‫الذي َ‬

‫‪ -‬رثاء د‪ .‬ماهر علوان ود‪ .‬منتصر الحروب‪ ،‬وهما من ُخ َّلص طالبه‪:‬‬


‫>لقد رزقه اهلل تعاىل من الر َّبانية ما جعل الروح اإليامنية ترسي يف عالقته مع طالبه‪،‬‬
‫خما يف وجه الرياح العاتية كام كان سل ُفنا الصالح‪ ،‬ومن احلركية‬
‫السلفية ما جعله طو ًدا شا ً‬
‫ومن َّ‬
‫ما مكَّنه من التضحية من أجل نرش رسالته وتربية طالبه‪ ،‬ومن التكامل املتوازن بني الربانية‬
‫بالغ األثر يف نفوس طالبه الذين انطلقوا ينرشون علمه يف‬
‫والسلفية واحلركية ما جعل له َ‬
‫مشارق األرض ومغارهبا<‪.‬‬

‫‪ -‬رثاء الشيخ مجد بن أحمد مكِّي الحلبي‪:‬‬


‫واملفس‪ .‬وكان الشيخ قد قدَّ م لكتابه يف التفسري >املعني عىل‬
‫ِّ‬ ‫العامل السوري‪ ،‬والباحث‬
‫تدبر الكتاب املبني<‪ ،‬وأثنى عليه كث ًريا‪.‬‬
‫كتب الشيخ جمد مكي يقول يف رثاء الشيخ اخلالدي‪> :‬رحم اهلل تعاىل أخانا العامل الداعية‬
‫الفاضل الدكتور صالح اخلالدي‪ ،‬وبارك يف تالمذته الصادقني املخلصني املالزمني له‪.‬‬
‫السيالوي أبو محزة<‪ ،‬فقد كان صلة الوصل‬
‫وأشهد أن يف مقدمتهم األخ احلبيب >حممد ِّ‬
‫أكثر من مرة‪ ،‬وخرجنا يف رحلة سياحية مجيلة مع نخبة من‬
‫بعمن برفقته َ‬ ‫بيننا‪ ،‬وزرتُه يف بيته ّ‬
‫املباركة<‪.‬‬ ‫ِ‬
‫زلت أذكرها‪ ،‬وكان ينقل يل أخباره ونشاطاته العلمية َ‬
‫تالميذه ال ُ‬
‫‪147‬‬

‫الجوراين‬
‫‪ -‬رثاء الدكتور محمد ُ‬
‫وهو من أبرز تالمذة الشيخ يف دراسته اجلامعية‪ ،‬كتب مقا ً‬
‫ال يف >جملة الفرقان< التي‬
‫تصدرها >مجعية املحافظة عىل القرآن الكريم<‪ ،‬قال فيه‪:‬‬
‫ومضى َح ْب ُر القرآن‬
‫وأنبل الناس ِ‬
‫معدنًا‬ ‫عيشا هم أهل القرآن‪ُ ،‬‬
‫وأطيب الناس ً‬ ‫أسعدُ الناس هم ُ‬
‫أهل القرآن‪،‬‬
‫ُ‬
‫هم أهل القرآن‪ .‬وكيف ال يكونون كذلك وقد رتَّب سيدُ اخللق × اخلري َّية واألفضل َّية ملن‬
‫بذل النفع ألمته‪ ،‬فع َّلمه عىل وجهه‪،‬‬ ‫تع َّلم القرآن وع َّلمه؛ تع َّلمه لنفسه وعمل به‪ ،‬حتى إذا َّ‬
‫تأهل َ‬
‫االنقطاع؛ فمن انقطع إىل يشء أتقنه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وقطع ِعلمه عليه‪ .‬وما أحىل هذا‬
‫الشيخ صالح اخلالدي ’ من أوائل طليعتهم‪ ،‬قد أوقف‬ ‫ُ‬ ‫أهل القرآن كان‬‫إذا ُذكر ُ‬
‫نفسه عىل القرآن وح ِّبه وتع ُّلمه وتعليمه‪ .‬وما هذه املصنَّفات النافعة والدراسات الامتعة يف‬
‫ِ‬
‫وفضله عىل الشيخ أن ُر ِزق‬ ‫ِرحاب القرآن وعلومه إال خ ُري شاهد عىل ذلك‪ .‬ومن خري اهلل‬
‫السعاد َة يف تصانيفه القرآنية‪ ،‬وباتت يف مشارق األرض ومغارهبا‪ .‬وإنك ل َتقر ُأ كالمه فيها‬
‫وهيبة العلم وتعظي ِم الفائدة‪،‬‬
‫بسهولته و ُيرسه‪ ،‬فتتذوق ‪ -‬بام أفاء اهلل عليه ‪ -‬من نُور اإلخالص َ‬
‫وحسن الفقه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫غني بجواهر العلم‪ُ ،‬‬
‫واضحا يس ًريا‪ ،‬لكنه ٌّ‬
‫ً‬ ‫عم ما ترى ‪ -‬كال ًما سهلً‬
‫فرتى ‪ -‬ويا ن َ‬
‫احلكَم؛ فسبحان من ع َّلمه‪ ،‬ونفع بعلمه‪ ،‬وبارك له فيه‪ ،‬وجعله مباركًا حيثام أصاب‪.‬‬ ‫وينابيع ِ‬

‫فخيات القرآن ومعانيه ال‬


‫عجب‪ْ ،‬‬
‫َ‬ ‫فام أحس َن هذه العناية‪ ،‬وما أهبى تلك الرعاية‪ .‬وال‬
‫تتنزل إال ملن ُيعانيه‪.‬‬
‫َّ‬
‫كل ذلك الرشف والفضل يكون هلم إ ْن هم‬ ‫وأ ْل ِق سمعك أمهس لك ً‬
‫مهسا ينفعك‪ُّ ..‬‬
‫امتثلوا ذلك ح ًّقا وصد ًقا‪ .‬ومن كان دون ذلك مل يرت َِق هلذه الن ُُّزل الرشيفة واملراتب املنيفة‪ .‬وإين‬
‫ُأعيذ نفيس وإ َّياك أن نكون من أولئك؛ فإن اخلسار َة َث َّم‪.‬‬
‫آخ ٌذ بيد كل طالب علم وباحث رشيف‪ ..‬دونَك هذه املصنفات املباركة‪ ،‬قد كتبها‬ ‫وإن ِ‬
‫ِّ‬
‫فجدَّ واج َتهد‪ ،‬عاش معها وعاشت معه‪ ،‬فأثمرت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومه َرها بخط يده‪َ ،‬‬
‫الشيخ ’ بقلم نفسه‪َ ،‬‬
‫وأينعت‪ ،‬وبارك اهلل فيها وهبا‪.‬‬
‫ومل يكن للشيخ َخدَ َم ٌة وأعوان يف تصفينها وجتميعها‪ ،‬كحال ٍ‬
‫كثري من أنصاف املتعلمني‪،‬‬
‫‪148‬‬

‫يتبجحون يف كثْرة مصنَّفاهتم ومنشوراهتم وإصدارهتم‪ ،‬وليس هلم من ذلك‬ ‫دون ذلك‪َّ ،‬‬ ‫أو َ‬
‫طريق‬
‫َ‬ ‫فاعرفْ‬ ‫ب االسم عىل أغلفتِها و ُظلم ُع َّمهلم هبجرها‪ ،‬فهم >كالبِ ِ‬
‫س َث ْو َب ُزور<‪ِ .‬‬ ‫سوى كتْ ِ‬
‫ْ‬
‫يوص ْلك اهلل إىل ِّ‬
‫كل خري ونفع تريد‪.‬‬ ‫العلم ومسلكَه الرشيدَ ‪ِ ،‬‬

‫اللهم اغفر لشيخنا ووالدنا ومعلمنا ومر ِّبينا ذن َبه‪ ،‬واسرت عيبه‪ ،‬وض ْع عنه ِو ْز َره‪ ،‬وارفع‬
‫له ِذك َْره‪ ،‬واجعل له لسان ِصدق يف اآلخرين‪ ،‬وامجعنا به مع النبيني والصديقني والشهداء‬
‫وح ُسن أولئك رفي ًقا<‪.‬‬
‫والصاحلني‪َ ،‬‬

‫‪ -‬رثاء الدكتور محمد الحاج‪:‬‬


‫يرثيه زميله ورفيقه يف الدراسة الدكتور حممد احلاج‪ ،‬ويستذكر مجيل أيامه التي قضاها‬
‫معه يف الدراسة اجلامعية‪ ،‬فيقول‪:‬‬
‫الشيخ صالح الخالدي الرجل القرآين‬
‫عرفت الشيخ صالح عبد الفتاح اخلالدي قبل أكثر من نصف قرن‪ ،‬فهو من أبناء منطقتنا‬
‫يف فلسطني‪ ،‬منطقة >جنني<‪ ،‬وبالذات من بلدة >قباطية<‪.‬‬
‫بعد نكسة حزيران سنة‪1967 ‬م وقد أهنيت مرحلة اإلعدادية ل َّبيت رغبة والدي رمحه‬
‫اهلل يف دراسة املرحلة الثانوية يف مدرسة رشعية (املدرسة اإلسالمية الثانوية بنابلس)‪ ،‬تلك‬
‫وتوجه إلكامل دراسته يف األزهر‬
‫َّ‬ ‫خترج منها‪،‬‬
‫املدرسة التي كان الشيخ صالح اخلالدي قد َّ‬
‫الرشيف بمرص‪ ،‬وكانت سرية الطالب القرآين املميز صالح عبد الفتاح ال زالت عىل ألسنة‬
‫بعض زمالئه الذين سبقهم إىل األزهر‪.‬‬
‫الصليبي)‪ ،‬وسلمني رسالة قادمة من‬
‫وذات يوم جاءين أحد زمالئه (الدكتور حممد عيل ّْ‬
‫الشيخ صالح من مرص‪ ،‬وطلب مني أن ُأوصلها إىل والدته يف >جنني< عن طريق إمام مسجد‬
‫وعرفت يومها أن والدته أرملة‪ ،‬وأن والد الشيخ صالح قد‬
‫ُ‬ ‫>جنني< (الشيخ حممد أبو اخلري)‪.‬‬
‫وعكفت والدته املرأة الصاحلة عىل تربيته وإعداده وتوجيهه إىل الدراسات‬
‫ْ‬ ‫تويف وهو طفل‪،‬‬
‫الرشعية‪ ،‬فكانت دراسته يف املدرسة اإلسالمية‪ ،‬ويف القسم الداخيل‪ ،‬لينهل العلم عىل أيدي‬
‫كبار شيوخها؛ من أمثال الشيخ موسى السيد‪ ،‬والشيخ حممد البسطامي‪ ،‬وبعض علامء األزهر‬
‫يدرسون فيها‪ ،‬وعىل حساب األزهر‪ ،‬وظلوا كذلك إىل سنه ‪1967‬م‪.‬‬
‫الرشيف الذين كانوا ِّ‬
‫‪149‬‬

‫‪ ‬وعندما ِ‬
‫قدمت إىل عامن للدراسة يف كلية الرشيعة باجلامعة األردنية سنة ‪1970‬م‪،‬‬
‫تعرفت عىل الشيخ صالح‪ ،‬حيث عمل بعد خترجه من األزهر مع وزارة األوقاف‪.‬‬
‫لكن املعرفة احلقيقية والعالقة احلميمة بدأت يف الرياض‪ ،‬حيث سبقني إىل جامعة‬
‫اإلمام حممد بن مسعود‪ ،‬وحصلنا عىل درجة الامجستري سنة ‪1980‬م‪ ،‬وكان قد ختصص يف‬
‫قسم الكتاب والسنة‪ ،‬أما أنا فقد ُقبلت يف قسم العقيدة واملذاهب املعارصة‪ ،‬والتقينا يف السكن‬
‫اجلامعي‪ ،‬وكانت لنا جلسات علمية أو أخوية معيشية‪.‬‬
‫‪ ‬وهنا ال بد يل أن أعرتف أن الشيخ صالح كان متميز ًا عنا مجي ًعا بجدِّ ه ومثابرته وصربه؛‬
‫فام كانت تفوته اإلقامة يف املكتبة اجلامعية يوم ًيا خارج أوقات دوامه للمحارضات‪ ،‬وكنت‬
‫كنت أكتفي بأربع ساعات يف املكتبة‪ ،‬فقد‬
‫أقول له‪ :‬أنت سوسة كتب يا شيخ صالح(!)‪ .‬وإذا ُ‬
‫كان الشيخ صالح ال يكتفي ِ‬
‫بضعفها‪ ،‬بل جاءت عليه فرتة يكون عىل باب املكتبة قبل أن تفتح‬
‫أبواهبا‪ ،‬وال خيرج منها إال عندما تغلق أبواهبا‪.‬‬
‫عيل املرحوم الدكتور عبد املعز حريز أن نجلس م ًعا كل يوم بعد‬
‫وذات يوم عرض َّ‬
‫نص َّية يف تفسري القرطبي >اجلامع ألحكام القرآن<‪ ،‬فقبلت‬
‫العشاء نقيض ساعة عىل األقل قراءة ِّ‬
‫العرض رشيطة أن يشاركنا الشيخ صالح‪ .‬وبالفعل تم ذلك ملدة حمدودة‪ ،‬وجاءت إجازة‬
‫الصيف‪ ،‬ومل نكمل قراءة الكتاب‪.‬‬
‫اجلم‪ ،‬ونال حمبة اجلميع‬
‫‪ ‬أما عن عالقته مع زمالئه وإخوانه‪ ،‬فقد متيز الشيخ صالح بأدبه ِّ‬
‫واحرتامهم؛ فام عرفت أنه اختلف يوم ًا مع ٍ‬
‫أحد من زمالئه‪ ،‬وكان من زمالئنا يف تلك الفرتة‬
‫الدكتور عصام البشري من السودان‪ ،‬والدكتور بسام العموش‪ ،‬والدكتور زيد عمر عبد اهلل‬
‫ِ‬
‫[العيص]‪ ،‬والدكتور حممد أمحد اخلطيب‪ ،‬والدكتور عبد الكريم عبيدات‪ ،‬والدكتور غالب‬
‫الشاويش‪ ،‬والدكتور حممد مصطفى القضاة‪ ،‬وغريهم من الزمالء األكارم‪ ،‬وك ُّلهم يشهدون‬
‫للشيخ صالح باخلري واالجتهاد واألدب واألخالق العالية‪.‬‬
‫تضمنت حياة سيد قطب‬
‫َّ‬ ‫حرضت يف الرياض مناقشة رسالته للامجستري‪ .‬وقد‬
‫ُ‬ ‫وقد‬
‫ونظرية التصوير الفني عنده‪ ،‬والتي شارك يف مناقشتها األستاذ حممد قطب‪ ،‬وقد امتأل يومها‬
‫مدرج جامعة اإلمام باحلضور املتميز‪.‬‬
‫‪150‬‬

‫وقد شهد له يومها األستاذ حممد قطب أنه استطاع أن يكتب عن شقيقه الشهيد سيد‬
‫نفسه عنه‪ ،‬وكان مرش ُفه األستاذ أمحد فرحات مرسور ًا جد ًا من‬ ‫َ‬
‫أفضل مما لو كتب هو ُ‬ ‫قطب‬
‫تلك املناقشة‪.‬‬
‫‪ ‬وعندما أراد الشيخ صالح متابعة الدراسات العليا نصحه الدكتور أمحد حسن فرحات‬
‫بمتابعة الكتابة حول الشهيد سيد قطب‪ ،‬واقرتح عليه أن يكون موضوع رسالته لنيل درجة‬
‫الدكتوراه حول كتابه املشهور >يف ظالل القرآن<‪ ،‬فكانت رسالة الدكتوراه التي أرشف عليها‬
‫الدكتور أمحد حسن فرحات نفسه بعنوان >يف ظالل القرآن دراسة وتقويم<‪ ،‬حيث نوقشت‬
‫هذه الرسالة سنة ‪1984‬م وقد تشكَّلت جلنة املناقشة من‪ :‬الدكتور أمحد حسن فرحات‪ /‬رئيس ًا‬
‫(سوري)‪ ،‬واألستاذ الشيخ مناع القطان‪ /‬عضو ًا (مرصي)‪ ،‬واألستاذ الدكتور عدنان زرزور‪/‬‬
‫عضو ًا (سوري)‪.‬‬
‫عاد الشيخ صالح اخلالدي بعد حصوله عىل الدكتوراه يتابع عمله يف وزارة األوقاف‪،‬‬
‫وحمارض ًا غ َري متفرغ يف كلية الرشيعة باجلامعة األردنية‪ ،‬ثم يف كلية الدعوة وأصول الدين عندما‬
‫بقي فيها الشيخ إىل أن بلغ س َّن التقاعد‪.‬‬
‫آلت إىل >جامعة العلوم اإلسالمية<‪ ،‬التي َ‬
‫كان يستدعيني وهو يف مسجد عبد الرمحن بن عوف إللقاء بعض املحارضات‪،‬‬
‫واملشاركة يف الندوات املوسمية‪ :‬كاهلجرة وامليالد وغزوة بدر وفتح مكة‪ ،‬وغريها من‬
‫املناسبات اإلسالمية‪.‬‬
‫رحم اهلل الشيخ صالح‪ ،‬وأنعم عليه بالفردوس األعىل<‪.‬‬

‫‪ -‬رثاء العالمة محمد حسن ولد الدَّ ُدو الموريتاين‪:‬‬


‫لمع يف اإلعالم‪ ،‬أو له مدرسة‪ ،‬أو له طالب‪ ،‬أو له مؤلفات‪،‬‬ ‫>ليس ُّ‬
‫كل َمن ُيشار إليه‪ ،‬أو ُي َّ‬
‫يسدُّ ون للناس مسدًّ ا‪ ،‬مثل الشيخ صالح اخلالدي رمحة اهلل‬
‫هو عامل‪ .‬لكن العلامء هم الذين ُ‬
‫عليه‪ ،‬هذا كان رجلً بأمة‪ ،‬اب ُتيل هبذا الوباء (الكورونا)‪ ،‬ومكث فيه ستة أيام وتو َّفاه اهلل‪ .‬مع‬
‫ست صفحات‪،‬‬ ‫أنه ابتدأ يوم اجلمعة قبل وفاته تألي ًفا جديدً ا يف خدمة القرآن‪ ،‬ومل يكتب منه إال َّ‬
‫فتو َّفاه اهلل سبحانه وتعاىل‪ ،‬و َمن كان ِمن أهل اهلل‪ ،‬فيموت هبذا الوباء‪ ،‬فيكون هلم شهاد ًة يف‬
‫سبيل اهلل؛ ألنه يف حكم الطاعون<‪.‬‬
‫‪151‬‬

‫‪ -‬ورثاه الشاعر محمد غسان الخليلي بقصيدة قال فيها‪:‬‬


‫بمعتِ ٍ‬
‫ب من ُأرهبوا‬ ‫هر ليس ُ‬ ‫والـدَّ ُ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬
‫أم ـ َن الـمـنون وريـبِ َـها نـتـه َّي ُ‬
‫ِ‬
‫ب‬‫ـحاس ُ‬ ‫ال ب ــدَّ ك ـ ٌّـل شـ ٌ‬
‫ـارب‪ ،‬فـم َ‬ ‫املنون عىل اجلمي ِع كرا ُع َها‬ ‫كأس‬
‫ُ‬
‫ـيغر ُب‬
‫ال يـو ُمنَا وس ُ‬‫هر إ َّ‬‫مــا الـدَّ ُ‬ ‫نجزع من ِحَا ٍم قد ُقيض‬ ‫ُ‬ ‫فعال َم‬

‫ب‬‫ـحج ُ‬
‫ِ‬
‫فــي كـ ِّـل يـو ٍم عـالٌ إذ ُي َ‬ ‫واهلل ي ـقـب ُـض ِعـل َـمـنَـا بـرجـالِـنا‬
‫ُ‬
‫والــذك ُـر نـه ُـج حـيـاتِنا ومــؤ ِّد ُب‬ ‫ـاق ل ـلـورى‬‫ل ـك ـ َّن ذك ــر اهللِ ب ـ ٍ‬
‫َ‬
‫ب‬
‫ـدموع تـَص َّب ُ‬
‫ُ‬ ‫ـعني ثـكىل وال‬
‫فـال ُ‬ ‫أسى‬
‫ـيض مـن ً‬ ‫ـظ ال ِ‬
‫ـعني ف ٌ‬ ‫لـك َن ح َّ‬

‫ِب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والقلب من فز ِع‬


‫ونـجـي ُع ُه دمـ ُـع الـعـيون َسـواكـ ُ‬ ‫الفجيعة قد دمى‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫ـحزون َت َق ُّر ُب‬ ‫والـص ُرب فـي ب ِ‬
‫ـأس ال‬ ‫كم ِه‬
‫ـمليك بـح ِ‬
‫ـسم ال ُ ُ‬ ‫نـرىض بـام ق َ‬

‫مـخـطو ُط ُه‪ ،‬مـنطو ُق ُه‪ ،‬مـا ُي ُ‬


‫ـكتب‬ ‫إرث الـفـقـي ِـد وعـل ُـمـ ُه‬
‫ُ‬ ‫ـزاؤنــا‬
‫وعـ ُ‬

‫املأرب‬
‫ُ‬ ‫سوف يبقى‬
‫َ‬ ‫وعـىل خـطا ُه‬ ‫ور ُثــوا الـهـدى‬ ‫ـالم ٍـذ ِ‬
‫سـلـوا ُنـنا بـت ِ‬

‫إ َّن ــا ع ـلـى نـه ٍـج خـطـطْ َت سـن ُ‬


‫ـذهب‬ ‫ـادر َتـنـا ن ـحــو ال ـ ُعـال‬
‫أصـ ـل َُح إن غـ ْ‬
‫َ‬
‫ـب‬ ‫ـور ل ـ ِ‬
‫ـدرب الـدارسـيـن ومـنـق ُ‬ ‫نـ ٌ‬ ‫ـرح ِـه قـ َب ٌـس لـنـا‬
‫ـالل) وش ِ‬ ‫فـمـن (الـظ ِ‬

‫ـب؟‬ ‫أول ف ـ ٍ‬
‫ـارس يـتـو َّث ُ‬ ‫ـت َ‬
‫ق ــد ك ـنـ َ‬ ‫أم أن ـنـا نـنـسى (الـمـحا َف َظة) (‪ )1‬الـتـي‬
‫ِ‬
‫ـب‬ ‫ـار ه ـنـ َ‬
‫ـاك ت ـلـ َّـه ُ‬ ‫ف ـ ــإذا بـ ــه نـ ـ ٌ‬ ‫ْأس ْج َت يف ُس ُب ِل الدُّ َجى َ‬
‫قبس اهلدى‬

‫ـار َهـا؛ ف ــي ك ـ ِّـل رك ـ ٍـن م ـش ُ‬


‫ـرب‬ ‫أن ـه ُ‬ ‫(ج ـم ـعـيـ ٌة) ل ـلــدارسـيـ َن ت ـشـ َّعـ َب ْ‬
‫ـت‬

‫ب‬ ‫ـافظات عـلـى الـط ِ‬


‫ـريق تـو َّث ُ‬ ‫ُ‬ ‫والـح‬ ‫فــي كـ ِّـل يــو ٍم حـاف ٌ‬
‫ـظ يـتلو الـهدى‬

‫ـك ي ــا كــريـ ُـم ُت ـ َقـ ِّـر ُب‬


‫م ـثــوا ُه إ َّن ـ َ‬ ‫ر َّب ــا ُه ع ـبــدُ َك ق ــد أت ـ َ‬
‫ـاك ف ـق ِّـر َبـ ْن‬

‫((( يقصد هبا >مجعية املحافظة عىل القرآن الكريم<‪ ،‬التي كان من املؤسسني هلا‪ ،‬وأول من ر َأسها‪.‬‬
‫‪152‬‬

‫‪ -‬رثاء الدكتور محمد المجالي‪:‬‬


‫الويف‪ ،‬ثم زمي ُله يف >مجعية املحافظة عىل القرآن الكريم< والذي‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫تلميذه‬ ‫ويقول يف رثائه‬
‫ٍ‬
‫سنوات عدة‪ ،‬الدكتور حممد املجايل‪:‬‬ ‫ر َأسها‬
‫>ودا ًعا شيخنا صالح<‬
‫>مل أكن أعرفه ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬من قبل إال أنه إما ٌم ملسجد عبد الرمحن بن عوف يف >صويلح<‬
‫حني كنَّا نزور >صويلح< للسالم عىل بعض املشايخ‪ ،‬ولكن سنحت الفرصة يف أحد فصول‬
‫الدراسة يف كلية الرشيعة‪ ،‬ولعل ذلك عام ‪ ،1984‬إذ بمدرس مادة (دراسة نصية يف كتب‬
‫التفسري) الشيخ صالح اخلالدي‪ ،‬ومل يكن وقتها قد حصل عىل الدكتوراه‪ ،‬كانت مادة متميزة‪،‬‬
‫تعرفت من خالهلا عىل َسعة علم >أيب أسامة<‪ ،‬وأخالقه السامية يف التعامل مع طلبته‪ ،‬وإمساكه‬
‫َّ‬
‫ً‬
‫استغالل‬ ‫باملصحف أغلب األوقات‪ ،‬وأذكر أنه أثناء املراقبة عىل االمتحانات يراقب ويقرأ‪،‬‬
‫للوقت‪.‬‬
‫تعرفت عىل شخصيته أكثر بعد أن حصل عىل الدكتوراه‪ ،‬وحني دخلت أنا مرحلة‬
‫الامجستري‪ ،‬إذ كان اعتكا ُفنا يف مكتبة اجلامعة يوم ًّيا بحكم ِجدِّ َّية الدراسة‪ ،‬وكان الدكتور صالح‬
‫أملحه وال أحب أن أقطع حبل أفكاره‪،‬‬
‫يزور املكتبة كث ًريا (قاعة املراجع) يف املرحلة املسائ َّية‪ُ ،‬‬
‫أسس لتأليف بواكري كتبه يف تلك املرحلة (‪-1985‬‬ ‫كان منهمكًا يف البحث والكتابة‪ ،‬ولعله َّ‬
‫‪ .)1988‬ومع هذا‪ ،‬كنت أحيانًا أجلس معه‪ ،‬أسأله عن بعض املسائل‪ُ ،‬أحاوره يف بعض‬
‫خما عزيزا ِ‬
‫بدينه‪ ،‬متواض ًعا مع اجلميع‪.‬‬ ‫علم‪ ،‬شا ً‬
‫ً‬ ‫النقاط‪ ،‬ومل يبخل يو ًما بنصيحة‪ ،‬ومل يكتم ً‬
‫كنت يف بريطانيا‬
‫تأسست مجعية املحافظة عىل القرآن الكريم‪ ،‬إذ ُ‬ ‫مل أكن يف األردن حني َّ‬
‫أن أول رئيس هلا كان الدكتور‬ ‫خربت ّ‬
‫ُ‬ ‫للحصول عىل درجة الدكتوراه (‪ ،)1993-1990‬و ُأ‬
‫صالح اخلالدي‪ ،‬ثم توىل أمرها الدكتور إبراهيم زيد الكيالين ’‪ ،‬وكانت رحلتي مع اجلمعية‬
‫منذ عام ‪ ،1995‬ومل يكن الدكتور صالح بعيدً ا عن اجلمعية بروحه وعطائه وحمارضاته‪ ،‬كيف‬
‫املتخصص يف القرآن‪ ،‬بل يف التفسري احلركي الدَّ َعوي‬
‫ِّ‬ ‫مؤسسيها ورؤسائها‪ ،‬وهو‬
‫وهو من ِّ‬
‫الذي مثَّل نمو َذجه الشهيدُ سيد قطب رمحه اهلل؛ فلعل هذا الشعور هو الذي أطلق به العنان‬
‫لنفسه أن يكون عند اسمه >صالح< وف ًّيا بمن كتب رسالته وأطروحته عنه >سيد قطب<‪ ،‬فهو‬
‫‪153‬‬

‫قلمه عن البحث عن مكنونات العلوم ودقائق‬


‫شامخ عمالق بر ِّبه وكتابه ونبيه ودينه‪ ،‬فام فرت ُ‬
‫األمور ‪.‬‬
‫يغي‪،‬‬ ‫ِ‬
‫نموذج للعال الصالح‪ ،‬الذي مل يبدِّ ل ومل ِّ‬
‫ٌ‬ ‫اهلل جل جالله أنك يا دكتور صالح‬
‫نُشهدُ َ‬
‫املتواضع إلخوانه‪ ،‬الذي مل يدَّ ِخر جهدً ا إلثراء الدراسات القرآنية‪ ،‬والذي كان ً‬
‫مثال للداعية‬
‫الصالح املصلح الصادق الويف األمني‪ .‬ولع ْم ُر اهلل إهنا أخالق األولياء‪ ،‬أخالق الكبار<‪.‬‬

‫‪ -‬رثاء الدكتور همام سعيد‪ ،‬أستاذ علم الحديث‪:‬‬


‫ينعاه باك ًيا رفيق دربه يف العلم والدعوة‪ ،‬الشيخ العالمة الدكتور مهام سعيد‪ ،‬فقد تك َّلم‬
‫ً‬
‫مطول قبل الصالة عىل جنازته‪ ،‬ومما قال فيه‪>:‬قال اهلل تعاىل‪ :‬ﱹ ﮁ ﮂ ﮃ ﱸ[آل عمران‪:‬‬
‫‪ ،]79‬فكان الشيخ صالح ر َّبان ًّيا‪ ،‬وقال‪ :‬ﱹ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﱸ [آل عمران‪ ،]79 :‬فكان‬
‫ممن يعلم الكتاب‪ ،‬وقال‪ :‬ﱹﮈ ﮉ ﮊ ﱸ [آل عمران‪ ،]79 :‬فكان َيد ُْرس الكتاب‪.‬‬
‫رأيت آي ًة بعد جيل الصحابة ِ‬
‫وكرام التابعني تنطبق عليهم هذه اآلية كام انطبقت‬ ‫واهلل ما ُ‬
‫عىل هذا الرجل‪ ،‬عىل هذا اإلمام‪ ،‬فالشيخ صالح ليس إما ًما من أئمة هذا العرص‪ ،‬ولكنه إمام‬
‫نعزي‬
‫نعزي باثنني‪ِّ :‬‬
‫أيضا ِّ‬
‫نعزي بوفاة شيخنا ’ فإننا ً‬
‫من أئمة السلف‪ ،‬ولذلك عندما ِّ‬
‫يعوض هذه األمة‪.‬‬
‫ونعزي بالعلم الذي محله صالح‪ ،‬ويا هلا من خسارة‪ ،‬ونسأل اهلل أن ِّ‬
‫بالعلم‪ِّ ،‬‬
‫وإنه واهلل ليصدُ ق فيك ُ‬
‫قول اهلل تعاىل‪ :‬ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ‬
‫ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﱸ[األحزاب‪.]23 :‬‬
‫صاب األمة فيك‪ ،‬وال نقول إال ما ُيريض ر َّبنا‪ ،‬وإنا هلل وإنا‬
‫رمحك اهلل يا شيخنا‪ ،‬وجرب ُم َ‬
‫إليه راجعون<‪.‬‬

‫‪ -‬رثاء صهره الدكتور يحيى الخاليلة‪:‬‬


‫ونختم بكلامت نابعة من القلب‪ ،‬وكلامت كل من رثاه نحسبها كذلك‪ ،‬نختم بام س َّطره‬
‫ً‬
‫تلميذا‬ ‫صهره زوج ابنته العامل الفاضل الدكتور حييى اخلاليلة‪ ،‬الذي عايشه عن ُقرب منذ أن كان‬
‫عالم مع ِّل ًم‪ ،‬وعرفه أ ًبا راع ًيا مرب ًيا حنونًا عطو ًفا‪ ...‬يقول‬
‫له‪ ،‬ثم صاهره عىل ابنته >بتول<؛ فعرفه ً‬
‫الدكتور حييى اخلاليلة‪:‬‬
‫‪154‬‬

‫>صالح الخالدي الشخصية القرآنية الفذة<‬


‫ومعلم‪ ،‬ولألجيال مرب ًيا‪ ،‬عظيمة حماسنُه‪ ،‬كثري‬
‫ً‬ ‫مفرسا‬
‫ً‬ ‫عامل ر َّباين‪ ،‬عاش للقرآن حم ًبا‪،‬‬
‫حم ّبوه‪.‬‬
‫فالسرية اخلف َّية من حياة الشيخ يف عبادته وعالقته باهلل يدركها َمن عايشه‪ .‬فمام عرفته‬
‫أنه كان ال يرتك القيام‪ ،‬نمت يف بيته مرات‪ ،‬فكان يستيقظ قبل األذان هبدوء‪ ،‬ويصيل ما شاء اهلل‬
‫له‪ ،‬وبعد األذان يوقظ أهل بيته للصالة‪ ،‬وينطلق لدرسه بعد الفجر يف مسجد عبدالرمحن بن‬
‫ولطائف يف التفسري ال نظ َري هلا‪.‬‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫بنكات‬ ‫عوف‪ُ ،‬ي َب ِّسط الفهم للقرآن‪ ،‬وحي ِّبب الناس بالقرآن‪ ،‬يأيت‬
‫شخصيته القرآنية جت َّلت يف بيته ومسجده وجامعته وعالقته باملجتمع‪ ،‬أحبب ُته وأح َّبه كل‬
‫الثناء والرتحم عليه والدعاء له‪ ،‬وهو‬‫ِ‬ ‫اجلميع عىل‬ ‫من عرفه‪ ،‬ط ِّيب القلب‪ ،‬صايف النفس‪ ،‬تواطأ‬
‫ُ‬
‫جز ٌء من ح ِّقه علينا‪ ،‬وهذا من أعظم ُعرى الوفاء له‪.‬‬
‫استغفرت له مع والدي‪،‬‬
‫ُ‬ ‫صليت منذ مات شيخي محَّاد‪ ،‬إال‬
‫ُ‬ ‫قال أبو حنيفة رمحه اهلل‪> :‬ما‬
‫وإين ألَستغفر ملن تع َّلمت منه ً‬
‫علم أو ع َّلمته ً‬
‫علم<‪.‬‬
‫بت منذ ثالثني سن ًة إال وأنا أدعو للشافعي وأستغفر‬
‫وقال اإلمام أمحد رمحه اهلل‪> :‬ما ُّ‬
‫الغ ِ‬
‫راس احلسنة‪.‬‬ ‫له<‪ .‬وهذا منتهى ِ‬

‫ورحم اهلل القائل‪:‬‬


‫وإن نالني من والدي املجـد والرشف‬ ‫أفضل أستاذي عىل فضـل والدي‬
‫ِّ‬

‫وذاك مريب اجلسم واجلسم كالصدف‬ ‫فهذا مريب الروح والروح جوهر‬

‫ومما ال خيفى عليكم ج َلدُ ه العلمي؛ فيعد الشيخ رمحه اهلل ممن خدموا علم التفسري‬
‫َ‬
‫القبول‪ ،‬فانترشت‬ ‫وأبدعوا يف التأليف فيه‪ ،‬وإنتاجه العلمي يشهد له بذلك‪ ،‬وكتب اهلل له‬
‫كتبه يف مشارق األرض ومغارهبا‪ ،‬وهو ممن استداموا يف التدريس‪ ،‬واستبسلوا يف الرتبية‬
‫بشغافه‪ ،‬صاحب عطاء متزايد‪،‬‬ ‫املتصل ِ‬
‫َ‬ ‫العاشق للعلم‪،‬‬ ‫يم ُّل أو ُ‬
‫يفت‪ ،‬كان‬
‫َ‬ ‫والدعوة‪ ،‬فال يكا ُد َ‬
‫حم ًبا للعلم‪ ،‬ومتفان ًيا يف تدريسه والنفع واالنتفاع به‪ ،‬وهذه بركة العامل‪ ،‬تلحظ الوقار واهليب َة يف‬
‫ويبسط املسألة لط َل َبته‪ ،‬يملك براعة يف التدريس‬
‫حج ُته ساطعة‪ ،‬حيرك الذهن‪ِّ ،‬‬
‫أدائه وجاذبيته‪َّ ،‬‬
‫عفيف‬
‫ً‬ ‫حما مع خمالفيه‪،‬‬
‫رجا ًعا للحق‪ ،‬متسا ً‬
‫واإلفهام‪ ،‬والقدرة عىل اإلقناع‪ ،‬متواض ًعا مع طلبته‪َّ ،‬‬
‫‪155‬‬

‫اللسان عن نقد العلامء ‪.‬‬


‫والرس والعالنية‪ ،‬تباعَدَ عن الشهرة واملديح‪ ،‬يكره‬
‫ِّ‬ ‫عالم عاملً يف الظاهر والباطن‪،‬‬
‫كان ً‬
‫وس ْمتِه‪ ،‬ممن قال اهلل فيهم‬
‫األلقاب‪ ،‬ال يبدِّ ل وال خيتلف‪ ،‬حماف ًظا عىل سلوكه‪ ،‬منضب ًطا يف أقواله َ‬
‫ﱹ ﭢ ﭣ ﭤ ﱸ‪.‬‬
‫مجعنا اهلل به يف جنات الفردوس األعىل بصحبة نبينا حممد صىل اهلل عليه وسلم<‪.‬‬
‫هذه الكلامت الطيبة والصادقة‪ ،‬النابعة من القلب‪ ،‬التي قيلت يف رثاء الشيخ قبل‬
‫الصالة عليه‪ ،‬سمعها أحد طلبة العلم الوافدين إىل األردن من إقليم بلوشستان يف إيران‪ ،‬وهو‬
‫الشيخ النبيه >یارس سابکزئی البلويش<‪ ،‬سمعها ووعاها‪ ،‬ثم قام بتلخيصها وترمجتها إىل لغته‬
‫ترحوا عليه‪ ،‬واستذكروا مآثره اجلليلة‪،‬‬ ‫الفارسية‪ ،‬وأرسلها إىل طلبة العلم يف بالده‪ ،‬الذين َّ‬
‫اجلم الذي هنلوا منه يف بالدهم من خالل كتبه الكثرية النافعة‪ ،‬والتي ترمجوا الكثري منها‬ ‫ِ‬
‫وعلمه َّ‬
‫إىل اللغة الفارسية وطبعوها ونرشوها عندهم‪.‬‬
‫وعزى‬
‫ومل يقترص العزاء عىل املحبني للشيخ من أساتذته وتالمذته وأهل بيته‪ ،‬بل نعاه َّ‬
‫رئيس الديوان‬
‫ُ‬ ‫بوفاته ملك البالد يف األردن‪ ،‬امللك عبد اهلل الثاين ابن احلسني‪ ،‬حيث نقل‬
‫امللكي اهلاشمي >يوسف حسن العيسوي< تعازي امللك إىل عشرية اخلالدي بوفاة فقيدهم‬
‫الكبري الدكتور صالح اخلالدي‪ ،’ ،‬ون ُِش ذلك يف الصحف ووسائل اإلعالم األردنية‪.‬‬
‫ومل يكتف املحبون واملريدون من أقران الشيخ وأساتذته وتالميذه بالرثاء فقط‪ ،‬بل‬
‫يربوه بعمل صالح ال ينقطع‬ ‫وأسفهم عىل فقده ترمج ًة عملية‪ ،‬وأح ُّبوا أن ُّ‬‫ترمجوا ح َّبهم له‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫الب بالشيخ من تالميذه يف أندونيسيا‪ ،‬ممن‬‫أجره إىل يوم القيامة؛ فم َّم يثلج الصدر أن نجد هذا ِ َّ‬
‫أخذوا عنه العلم وتتلمذوا عىل يديه يف اجلامعات األردنية؛ فقد عملوا عىل بناء مسجد يف مدينة‬
‫أسموه >مسجد العامل الر َّباين الدكتور صالح اخلالدي<‪ ،‬فجزاهم اهلل خري اجلزاء عىل‬
‫ْ‬ ‫جاكرتا‪،‬‬
‫ما قدَّ موا من ِّبرهم بشيخهم وإحساهنم له‪.‬‬
156
‫‪157‬‬

‫ُ‬
‫الر ّؤى والمنامات التي ر ُئيت له‬

‫لقد عاش الشيخ الصالح >صالح< سعيدً ا محيدً ا ًّبرا تق ًّيا‪ ،‬ونرجو اهلل أن يكون قىض‬
‫شهيدً ا‪ ،‬فقد مات ’ مبطونًا مطعونًا بداء >الكورونا<‪ ،‬واملبطون واملطعون من الشهداء‪،‬‬
‫كام أخرب املصطفى ×‪.‬‬
‫نال الشيخ ’ ثناء الناس يف حياته‪ ،‬وأمجعوا عىل حمبته‪ ،‬وزادت حمب ُتهم له يف قلوهبم‬
‫عم‬ ‫ِ‬ ‫بعد موته‪ ،‬وتذاكروا يف حمافلهم ويف جمالسهم حماسنَه ِ‬
‫اجلم الذي َّ‬
‫لمه َّ‬ ‫الطيب‪ ،‬وع َ‬
‫َ‬ ‫وذكره‬
‫املبشات‬
‫املعمورة‪ ،‬واستفاد منه طلبة العلم يف مشارق األرض ومغارهبا‪ .‬وما ذلك إال من ِّ‬
‫>أرأيت‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫الرسول املصطفى ×‪:‬‬ ‫للشيخ‪ ،‬أ ْن ُيذكر باخلري و ُيثني عليه الناس يف حياته؛ فقد ُسئل‬
‫وحيمدُ ه الناس عليه؟ قال‪ :‬تلك‌عاجل‌برشى املؤمن< [رواه مسلم]‪.‬‬ ‫َ‬
‫الرجل يعمل من اخلري‪َ ،‬‬
‫املبشات باخلري والصالح للشيخ صالح يف حياته فقط‪ ،‬بل كانت كذلك‬
‫ومل تكن هذه ِّ‬
‫بعد موته وهلل احلمد‪ ،‬فقد روى ابن عباس ريض اهلل عنهام أن النبي × قال‪َ :‬‬
‫>ل يبق من‬
‫النبوة إال الرؤيا الصاحلة‪ ،‬يراها املسلم‪‌،‬أو‌تُرى‌له< [رواه مسلم]‪.‬‬
‫مبشات َّ‬
‫ِّ‬
‫ويف شهر رمضان من السنة التي تويف فيها الشيخ (‪1443‬هـ)‪ ،‬ويف ليلة القدر منها‪ ،‬ويف‬
‫صبيحة تلك الليلة‪ ،‬تواطأت رؤى كثري من األخيار للشيخ ’‪ ،‬رأوه يف املنام‪ .‬والعجيب يف‬
‫األمر وجو ُد مشاهدَ مشرتكة بني مجيع تلك الرؤى‪ ،‬وهي ثالثة مشاهد‪ :‬اللون األبيض‪ ،‬ورسور‬
‫الشيخ وضحكه‪ ،‬واملكان العايل الذي كان الشيخ فيه‪.‬‬
‫وهذا‪ ،‬وهلل احلمد‪ ،‬مما يزيدنا طمع ًا يف كريم عطاء اهلل للشيخ‪ ،‬ورجا ًء لعظيم رمحته به‪،‬‬
‫وأمالً يف بلوغ أمنياتنا فيه‪.‬‬
‫وحيط عنه ثِ َقل‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫األبرار‪،‬‬ ‫فنسأل اهلل أن ُيكرم مرجعه‪ ،‬ويربد مضجعه‪ ،‬ويرمحه رمحة‬
‫مهد له يف اجلنة املأوى‪ ،‬ويوجب له‬
‫وينور برهانه‪ ،‬ويلبسه رضوانه وغفرانه‪ ،‬و ُي ِّ‬
‫األوزار‪ِّ ،‬‬
‫والزلفى‪.‬‬
‫درجات القربة ُّ‬
‫املبشة بام كان للشيخ من ُحسن خامتة‪ ،‬وما كان له‬‫الرؤى واملنامات ِّ‬
‫وقد تواترت ُ‬
‫عند اهلل من خري‪ ،‬وأنا حني أذكر هنا بعض الرؤى التي ُر ِئيت للشيخ الصالح‪ُ ،‬‬
‫لست بِد ًعا يف‬
‫ذلك‪ ،‬فكثري من املؤرخني وأصحاب الرتاجم ذكروا ألشياخهم مثلام أذكر هنا‪ ،‬ومنهم اإلمام‬
‫‪158‬‬

‫ترجم لشيخه احلافظ ابن حجر العسقالين يف كتاب ضخم‪ ،‬أفرد فيه فصلً‬
‫السخاوي‪ ،‬الذي َ‬
‫للرؤى احلسنة الصاحلة التي رئيت يف شيخه (‪.)1‬‬
‫وأنا أذكر هنا بعض تلك الرؤى الصاحلة التي رئيت له ’ في حياته وبعد وفاته؛‬
‫فمن ذلك‪:‬‬

‫‪ -‬رؤيا أمل شناعة‪ ،‬وهي إحدى طالباته‪:‬‬


‫يدرسنا‪ ،‬ولكنه كان يل َبس لباس احلرب‪ ،‬وكان شا ًّبا<‪.‬‬
‫تقول‪> :‬رأيته بأنه يف مكان ِّ‬
‫بيت الشيخ صالح ’ وكان الوقت ليلً‪ ،‬والظال ُم يف كل‬
‫>ويف مرة أخرى رأيت َ‬
‫البيوت التي يف ح ِّيه‪ ،‬إال بي َته‪ ،‬با ُبه مفتوح عىل مرصاعيه‪ ،‬وفيه إضاءة والنور يشع منه<‪.‬‬

‫أيضا‪:‬‬
‫‪ -‬رؤيا إنعام كلوب‪ ،‬وهي إحدى طالباته ً‬
‫>رأيت كأن شيخنا الدكتور صالح ’ تعاىل يسري يف طريق طويلة وأنا أسري خلفه‪،‬‬
‫إيل أن أقف‪ ،‬وأخذ يشري بيده عىل احلائط عىل هيئة نقاط وخطوط عىل اليمني وعىل‬
‫فأشار َّ‬
‫ضخم كب ًريا‪ ،‬وصعد عىل‬
‫ً‬ ‫اليسار‪ ،‬ثم أكمل املسري وسبقني‪ ،‬فعلمت أنه دخل مكانًا واس ًعا‬
‫املنصة‪ ،‬وكان أمامه مدرج كمدرج اجلامعة‪ ،‬فدخلت املكان‪ ،‬وجلست عىل املدرج بمكان ٍ‬
‫عال‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫لالستامع لشيخنا‪ ،‬فجلس الشيخ ونادى باسم ابنتي‪ ،‬وقال‪( :‬نور معتز)‪ ،‬وكانت جتلس بمكان‬
‫ْ‬
‫وفرشتها‬ ‫وفهمت ُمراد شيخنا‪ ،‬وأخذت سجادة الصالة‪،‬‬
‫ْ‬ ‫فذهبت ابنتي‬
‫ْ‬ ‫أقرب إىل الشيخ مني‪،‬‬
‫فر َب َت عليها بيده‪ ،‬وقال بارك اهلل فيك يا ابنتي<‪.‬‬
‫أمام الشيخ‪َ ،‬‬
‫‪ -‬رؤيا رندة وليد‪ ،‬إحدى طالباته يف الجامعة‪ِ ،‬‬
‫وم َّمن درست عنده الكثير من كتبه‪:‬‬
‫حي فلامذا‬
‫>رأيته يف املنام وكان أكثر شبا ًبا مما كان عليه يف حياته‪ ،‬وقلت يف نفيس‪ :‬إنه ٌّ‬
‫يقولون إنه مات؟!<‬
‫حي بعلمه‪ ،‬وبام خ َّلفه من تراث يفيد منه الناس مجي ًعا‪ ،‬فإن كان قد‬
‫وأنا أقول‪ :‬إن الشيخ ٌّ‬
‫انقطع عن الدنيا‪ ،‬فإن علمه وعمله الصالح مل ينقطعا عنها‪ .‬وما هذه الدروس وهذه الندوات‬
‫واملجالس العلمية التي تعقد ملدارسة علمه إال حيا ٌة مستمرة له يف الدنيا بعد موته‪.‬‬

‫((( انظر كتاب >اجلواهر والدرر يف ترمجة شيخ اإلسالم ابن حجر<‪ ،‬بتحقيقي‪.‬‬
‫‪159‬‬

‫‪ -‬رؤيا سحر حمدة‪ ،‬إحدى طالباته‪:‬‬


‫>حلمت أمس بعد صالة الفجر‪ ،‬وهي متام ليلة التاسع والعرشين من رمضان‪ ،‬بالشيخ‬
‫جالسا يف زاوية‪ ،‬وعليها كاونرت شبيه‬
‫ً‬ ‫صالح اخلالدي يرمحه اهلل‪ ،‬رأيته وهو يف مكان كله أبيض‪،‬‬
‫باملنصة التي جيلس عليها القضاة‪ ،‬ولكنها له وحدَ ه‪ ،‬وهي كبرية نو ًعا ما‪ ،‬جلسته مرتفعة‪ ،‬وما‬
‫َّ‬
‫إيل نظرة دائمة والبسمة ما فارقت ُم َّياه اجلميل واملنري‪،‬‬
‫وجهه ’‪ ،‬وكان ينظر َّ‬
‫رأيت منه إال َ‬
‫التبسم‪،‬‬
‫إيل وأنا أنظر إليه وهو دائم ُّ‬
‫متموج‪ ،‬وطول احللم ينظر َّ‬
‫بني ِّ‬
‫تاجا كب ًريا لونه ٌّ‬
‫وكان يلبس ً‬
‫يوضح‪،‬‬
‫وما نطق وال بكلمة واحدة‪ ،‬وكأين كنت أنتظر منه شي ًئا معينًا أن حيك َيه يل‪ ،‬أو يسأل أو ِّ‬
‫التبسم كام يف احلقيقة<‪.‬‬
‫ولكنه ما حكى شي ًئا‪ ،‬وهو دائم ُّ‬

‫‪ -‬رؤيا الشيخ >صهيب الدوايمة<‪:‬‬


‫ٍ‬
‫بصوت ُينادي ويقول‪( :‬يا‬ ‫ٍ‬
‫واسعة وليس فيها يش ٌء‪ ،‬وإذا‬ ‫ٍ‬
‫ساحة‬ ‫قال‪> :‬رأيت نفيس يف‬
‫اخلالدي اهلُامم)‪ ،‬ومل أكن‬ ‫ِ‬
‫بتهذيب‬ ‫ِ‬
‫اإلمام‬ ‫ابن ٍ‬
‫كثري‬ ‫ِ‬
‫(اشرت تفس َري ِ‬ ‫فقلت‪( :‬نعم)‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ُ‬ ‫صهيب)‪،‬‬
‫ِّ‬
‫أعلم َّ‬
‫أن شيخنَا كان له هذا التهذيب‪ ،‬ويف اليوم التايل سألت يف أكثر من مكتبة‪ ،‬ثم ذهبت إىل‬
‫فوجدت الكتاب<‪.‬‬
‫ُ‬ ‫دار الفاروق‪،‬‬

‫‪ -‬رؤيا ُعبادة الحياري‪ ،‬وهو أحد تالميذه‪ ،‬وحفيد الشيخ منصور الحياري‪ ،‬الذي ُدفن‬

‫الشيخ بجواره‪:‬‬
‫>يف صبيحة اليوم الذي تويف فيه الدكتور صالح‪ ،‬وبعد أدائي صالة فجر ذلك اليوم‪،‬‬
‫رأيت فيام يرى النائم والدي ’‪ ،‬وكان يف أحسن هيئة‪ ،‬وأهبى ُح َّلة‪ ،‬وهو مبتسم وعالمات‬
‫الفرح والرسور بادية عىل وجهه‪ ،‬وكأنه يته َّيأ ألمر ما‪ ،‬وعىل كثرة ما كنت أراه يف منامي‪ ،‬مل َأره‬
‫عىل هذه احلالة‪ ،‬فسألته عن سبب ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬اليوم يأتينا ضيف‪ ،‬ومن الرضوري أن نستقبله‬
‫بام يليق به<‪.‬‬

‫‪ -‬رؤيا الشيخ د‪ .‬مأمون الخليل‪ ،‬إمام المسجد الذي كان يصلي فيه الشيخ ويعطي‬

‫دروسه يف التفسير‪:‬‬
‫>رأيت كأنني يف بيت عزاء‪ ،‬أنا والشيخ وابنه حذيفة‪ ،‬وقد قام الشيخ صالح من بيت‬
‫‪160‬‬

‫العزاء‪ ،‬فقال له صاحب العزاء‪ :‬لقد ذبحنا ذبيح ًة‪ ،‬ونريد أن نعط َيك منها‪ ،‬فقلت لصاحب‬
‫ٍ‬
‫كبرية من‬ ‫العزاء‪ :‬أرسع وأعطِنا حصة الشيخ وال تتأخر‪ ،‬فالشيخ ال حيب التأخري‪ ،‬فجاءنا بقطعة‬
‫اللحم‪ ،‬فقال له الشيخ‪ :‬أعطها حلذيفة‪ ،‬فأخذها حذيفة وذهبنا<‪.‬‬

‫مالزما للشيخ يف دروسه العلمية‪:‬‬


‫ً‬ ‫‪ -‬رؤيا د‪ .‬منتصر الحروب‪ ،‬الذي كان‬
‫>رأيت يف املنام أن اليهود قد اقتحموا (منطقة صويلح) حيث كان يسكن الشيخ‪ ،‬بجنود‬
‫مدججني بالسالح‪ ،‬يريدون الشيخ‪ ،‬وحارصوا مسجده‪ ،‬فصعد إىل سطح املسجد‪ ،‬وعندما‬
‫َّ‬
‫طيورا بيضا َء كبرية احلجم‪ ،‬ومجيلة اهليئة‪ ،‬قد نزلت برسعة هائلة‬
‫ً‬ ‫اقرتبوا من القبض عليه رأيت‬
‫من السامء‪ ،‬فأخذته وصعدت به‪ ،‬وأنا أنظر أليه وأتابعه حتى اختفى يف السامء<‪.‬‬

‫‪ -‬رؤيا أحد طالب المرحوم منذر الزميلي‪:‬‬


‫رواد العمل اخلريي يف‬
‫>رأيت فيام يرى النائم أبا احل َّباب منذر الزمييل (وهو أحد َّ‬
‫األردن‪ ،‬وتويف قبل الشيخ بنحو عام) يف الليلة التي تويف فيها الشيخ صالح يف أهبى ُح َّلة‪ ،‬يلبس‬
‫لباسا جديدً ا نظي ًفا‪ ،‬وجيلس عىل مائدة كبرية جدًّ ا‪ ،‬تتسع لقرابة عرشين رجلً‪ ،‬وكان أبو احل َّباب‬
‫ً‬
‫ينتظر الدكتور صالح اخلالدي‪ ،‬فحرض الشيخ وجلس‪ ،‬فأكال م ًعا‪ ،‬وكانت جلسة أنيسة بينهام<‪.‬‬

‫‪ -‬رؤيا الشيخ وليد غنيم‪:‬‬


‫وهو من تالمذة الشيخ‪ ،‬ومن أهل العلم بالتفسري واحلديث يف األردن‪ ،‬ومن املشهود‬
‫هلم بالصالح‪.‬‬
‫يقول الدكتور منري الشاطر‪ :‬كنا يف زيارة للشيخ وليد غنيم قبل عرش سنوات‪ ،‬فسأ َلنا إن‬
‫أي نعم‪ .‬فأوصانا أن نبل َغه رؤيا رآه فيها‪،‬‬
‫كان أحدنا يعرف الشيخ صالح اخلالدي‪ ،‬فأخربناه ْ‬
‫عال‪ ،‬ثم اختفت صورته‪ ،‬وظهر مكاهنا‬ ‫فقد رأى صورة إبراهيم عليه السالم يف املنام عىل برج ٍ‬
‫صورة الشيخ صالح اخلالدي‪.‬‬
‫عيل‪.‬‬
‫تواصلت مع الشيخ وليد غنيم‪ ،‬فأكَّد يل ذلك‪ ،‬وأعادها َّ‬
‫ُ‬ ‫ثم‬

‫‪ -‬رؤيا ياسين العتمة‪ ،‬وهو أحد تالمذته المواظبين على درسه يف مسجد فريد الخليل‪:‬‬
‫تابعت دروس الدكتور شيخي وحبيبي الشيخ صالح منذ أكثر من‬
‫ُ‬ ‫عيل أين‬
‫>من كرم اهلل َّ‬
‫‪161‬‬

‫أربع سنوات يف (مسجد الفريد) بعد صالة الفجر وقبل صالة اجلمعة‪ .‬ويف السنة األوىل رأيت‬
‫ُ‬
‫أطول منه‪ ،‬وال أرى وجهه‪ ،‬وجئت للشيخ‬ ‫رؤيا‪ :‬أن الشيخ ’ كان واق ًفا وبجانبه رجل‬
‫إيل بيده وبكل تواضع‪ ،‬وقال‪ :‬ق ِّبل يدَ ه قبل يدي‪.‬‬
‫وأردت أن أق ِّبل يده‪ ،‬فأشار َّ‬
‫ويف قرارة نفيس وك َّلام أتذكر الرؤيا يأتيني شعور عجيب يف قلبي ويف نفيس‪ :‬أن الذي‬
‫كان واق ًفا بجانبه هو رسو ُلنا حممد ×‪.‬‬
‫ورأيته مرة ثانية قبل وفاته بشهر تقري ًبا‪ ،‬رأيت الشيخ >أبو عزام< إمام املسجد وشيخنا‬
‫واملؤذن الذي يؤذن لصالة اجلمعة‪ ،‬فقام املؤذن باجللوس عىل كريس الشيخ ليعطي الدرس‬
‫ً‬
‫بدل من الشيخ‪ ،‬والشيخ ’ قام ليؤذن<‪.‬‬
‫ورؤيا ثالثة حيدِّ ث عنها‪ ،‬يقول‪> :‬رأيت يف املنام شيخنا الفاضل الدكتور صالح اخلالدي‬
‫وطالب علم ال أعرفه من إخوتنا غري العرب‪.‬‬
‫ُ‬ ‫قد زارين هو وابنه الدكتور حذيفة حفظه اهلل‪،‬‬
‫وحتريت ماذا أقدِّ م للشيخ من ضيافة‪ .‬وإذ بدخول طبق فيه حلم مشوي ال أعرف ما هو‬
‫وما نوعه‪ ،‬وأكل الشيخ وكأننا أكلنا معه‪ ،‬وكان يف قمة السعادة‪ .‬وبعد الفراغ من الطعام بدأ‬
‫يدرسني من كتاب حيمله‪ ،‬وقال يل اسم الكتاب‪ ،‬ولكن ال أتذكر اسمه‪ ،‬والدكتور حذيفة يع ِّلم‬
‫ِّ‬
‫طالب العلم من كتاب كان حيمله‪ ،‬ويشري الشيخ إىل د‪ .‬حذيفة ويقول يل‪ :‬انظر! إنه يعلمه‪ ،‬وهو‬
‫ينظر للدكتور حذيفة وهو يف قمة السعادة‪.‬‬
‫ثم خرجوا من بيتي‪ ،‬وصعد الشيخ لركوب سيارة ليقودها هو‪ ،‬ثم ترك القيادة البنه‬
‫الدكتور حذيفة ورجع للخلف وأنا أودعه والرسور يمأل وجهه املبارك رمحه اهلل تعاىل<‪.‬‬
‫وأقول‪ :‬فلتهنَأ يا حذيفة هبذه الرؤيا‪ ،‬وهي رؤيا صاحلة إن شاء اهلل ألبيك الرجل‬
‫الصالح‪ ،‬وهي رؤيا صاحلة لك كذلك‪ ،‬وأراها كذلك مسؤولية عظيمة وجسيمة محَّلك إياها‬
‫الوالد‪ ،‬بأ ْن س َّلمك القيادة واألمانة من بعده‪ ،‬وما أراك إال من أهل هذه األمانة بالسري عىل‬
‫ُخطاه‪ِّ ،‬‬
‫وبث علمه من بعده‪ ،‬وأسأل اهلل لك وإلخوانك العون والسداد‪.‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫التعريف باملؤلفات‬
‫‪165‬‬

‫منهجه العلمي في التأليف والتفسير‬

‫من خالل متابعة كتابات الشيخ صالح اخلالدي ’ ومؤلفاته وحمارضاته ودروسه‬
‫موسوعي‪ ،‬أخذ من ِّ‬
‫كل علم بسهم ونصيب‪.‬‬ ‫ٌّ‬ ‫العلمية‪ ،‬نجد أنه عاملٌ‬
‫املفس‪ ،‬وإذا تكلم يف اللغة والنحو‬
‫فإذا تكلم صالح اخلالدي يف تفسري كتاب اهلل فهو ِّ‬
‫فهو النحوي اللغوي‪ ،‬وإذا كتب يف السرية النبوية وحياة الصحابة فهو املؤرخ‪ ،‬وهو الواعظ إن‬
‫كتب يف الوعظ والرقائق‪ ،‬أو و َع َظ الناس يف دروسه وحمارضاته‪ ،‬وهو الفقيه إن أفتى الناس فيام‬
‫موسوعي‪َّ ،‬‬
‫قل أ ْن جتتمع هذه العلوم عند غريه‬ ‫ٌّ‬ ‫بحق ٌ‬
‫رجل‬ ‫ُيشكل عليهم من أمور دينهم‪ ،‬إنه ٍّ‬
‫من أقرانه ومعارصيه‪.‬‬
‫مهام سعيد عضو >االحتاد العاملي لعلامء املسلمني< بقوله‪> :‬كان‬
‫وهو ما أكَّده الدكتور َّ‬
‫التخصيص يف العلم‪ ،‬لكن‬
‫ُّ‬ ‫عالم موسوع ًّيا‪ ،‬هناك من يغلب عليهم اجلانب‬
‫الشيخ صالح ً‬
‫التخصيص ‪-‬وهو القرآن وتفسري القرآن ومناهج‬
‫ُّ‬ ‫تفوق يف اجلانب‬‫الشيخ صالح‪ ،‬وإن كان َّ‬
‫املفرسين‪ ،‬ولغة القرآن‪ ،‬وإعجاز القرآن‪ ،‬وكل ما يتعلق القرآن‪ -‬فهو قد مجع من علوم القرآن‬
‫أوسعها وأكثرها‪ ،‬وليس فقط جمر َد قراءة فيها‪ ،‬بل هو املؤلف املح ِّلق يف هذه املجاالت ويف‬
‫َ‬
‫فكل كتاب أ َّلفه الشيخ صالح يعترب من كتب األوائل يف باب ذلك العلم‪،‬‬
‫هذه الدراسات‪ُّ ،‬‬
‫منهجا يف العلم نفسه‪ ،‬وليس من باب التكرار والتقليد‪ ،‬وكأنه يعيد لنا سرية‬
‫ً‬ ‫وهذا الكتاب يعترب‬
‫العلامء األوائل‪ ،‬أصحاب املناهج التي سبقت غريها<‪.‬‬
‫وهذا املنهج املوسوعي هو ما صبغ كتابات الشيخ؛ ونجد هذا جل ًّيا يف كالم الشيخ‬
‫صالح ’؛ فمام قاله يف هذا املعنى‪> :‬جيب عىل كل من يتعامل مع القرآن أن ي َّتصف باال ِّطالع‬
‫متخصصا يف كل‬
‫ً‬ ‫علمي بق َبس‪ ،‬وهو لن يكون‬
‫ٍّ‬ ‫والثقافة العلمية‪ ،‬وال بد أن يأخذ من كل حقل‬
‫العلوم؛ فهذا حيتاج إىل وقت وجهد و َم َلك ٍَة وغري ذلك‪ ،‬لكن الذي يتعامل مع القرآن ويقدِّ مه‬
‫ودروسا‪ ،‬ال بد أن يكون عنده ا ِّطالعات خمتلفة؛ ألن القرآن ميادينُه خمتلفة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫للناس كتاب ًة‬
‫كتاب أدب أو فقه أو إعجاز‪ ،‬القرآن كتاب موسوعي‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وموضوعاته خمتلفة‪ ،‬فالقرآن ليس جمر َد‬
‫وليس هناك حقل من حقول املعرفة إال تكلم فيه القرآن الكريم‪ .‬فحتى ُيسن أحدُ نا فهم‬
‫اآليات ال بد أن يكون عنده ثقافة وا ِّطالع عىل هذه املوضوعات‪ ،‬أما إذا اكتفى يف تفسري القرآن‬
‫‪166‬‬

‫بذكر ما قاله السابقون‪ ،‬ففي هذه احلالة ال يكون قد أتى بجديد؛ ألن ما قاله السابقون موجود‬
‫يف تفاسريهم<‪.‬‬
‫ومن هذا املنطلق‪ ،‬فإنه يصف نفسه بأنه‪ِ :‬‬
‫>من ُدعاة توسيع مفهوم النص القرآين‬
‫ومضمونه ليستوعب الثقافات املعارصة‪ ،‬وتقديمه للمعارصين حتى يزدادوا إعجا ًبا بكالم‬
‫اهلل سبحانه<‪.‬‬
‫ص علمهم يف ختصصهم الض ِّيق‪ ،‬من‬
‫وهو ’ يعيب عىل بعض العلامء الرشع ِّيني َح ْ َ‬
‫دون إلام ٍم بالعلوم األخرى التي هي بمثابة >علوم اآللة< للعلوم الرشعية‪ ،‬ويقول يف ذلك‪:‬‬
‫>نحن مصابون بمرض التخصص العلمي‪ ،‬ويالألسف بعض األساتذة يف اجلامعات ال جييد‬
‫موسعة؛‬
‫ختصصه‪ ،‬هذه عبارة عن ضحالة علمية‪ ،‬فال بد للعامل املسلم أن يكون عنده ثقافة َّ‬
‫حتى ُّ‬
‫أن يتكلم يف التاريخ ويف الفقه ويف اللغة ويف العقيدة ويف السياسة واالقتصاد واالجتامع وغري‬
‫ذلك‪ ،‬أينام يتكلم ُيبدع وجييد؛ ألن القرآن ع َّلمه هذا‪ ،‬أما َمن عنده ضحالة يف الفكر‪ ،‬فهؤالء ال‬
‫يستطيعون فهم كالم اهلل ح ًّقا<‪.‬‬
‫ِ‬
‫وبنات أفكاره‪،‬‬ ‫وتنو َّعت مؤلفات الشيخ‪ ،‬رمحه اهلل‪ ،‬بني ما هو تأليف أصيل من عنده‬
‫وهي أكثر كتبه‪ ،‬ومنها ما هو اختصار وهتذيب لكتب غريه من العلامء املتقدمني؛ مثل‪:‬‬
‫>القبسات السن َّية من رشح العقيدة الطحاوية<‪ ،‬و>هتذيب تفسري الطربي<‪ ،‬و>ابن كثري<‪،‬‬
‫و>هتذيب مشارع األشواق إىل مصارع العشاق< البن الن ََّّحاس‪ .‬ومنه ما هو حتقيق لبعض كتب‬
‫الرتاث دون اختصار هلا؛ مثل >تفسري الكشاف< للزخمرشي‪ ،‬ومنها ما هو بغرض التعليق عليه؛‬
‫مثل >معامل يف الطريق<‪ ،‬و>التصوير الفني يف القرآن<‪ ،‬كالمها لسيد قطب‪.‬‬
‫وأعيد التأكيد هنا عىل ما قلته يف غري موضع من هذا الكتاب‪ :‬إن صاحب الرتمجة‪،‬‬
‫رجل موسوعي‪ ،‬احتذى َح ْذو علامء السلف‬ ‫العلَّمة الشيخ صالح اخلالدي‪ ،‬عليه رمحات اهلل‪ٌ ،‬‬
‫درسوه‪ .‬وكأن القارئ لِام كتبوا‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬
‫وإتقانم َّ‬
‫كل علم كتبوا فيه‪ ،‬أو َّ‬ ‫يف معرفتهم لعلوم ش َّتى‪،‬‬
‫املستمع لام يقولون‪ ،‬يظن أهنم ال يتقنون غري هذا العلم‪ ،‬أو الفن الذي كتبوا فيه أو حتدثوا عنه‪.‬‬
‫وهذا‪ ،‬مع األسف الشديد‪ ،‬ال جتده إال عند الق َّلة القليلة من علامء عرصنا‪ ،‬ونحسب أن‬
‫ختصصه‬
‫الشيخ اخلالدي منهم؛ فقد كتب يف التفسري وعلوم القرآن‪ ،‬وال غرابة يف ذلك‪ ،‬فهذا ُّ‬
‫أيضا يف قصص األنبياء والسرية النبوية ويف حياة الصحابة‪ ،‬ويف‬
‫األكاديمي الدقيق‪ .‬وكتب ً‬
‫‪167‬‬

‫الرتاجم‪ ،‬وكتب يف العقيدة ويف الزهد‪ ،‬وكتب يف اللغة ويف النحو‪ ،‬وكتب يف الرد عىل ُش ُبهات‬
‫الطاعنني يف اإلسالم من غري املسلمني‪ ،‬والطاعنني يف السنة النبوية من أصحاب األفكار‬
‫املنحرفة املنسوبة إىل اإلسالم‪ .‬وكتب يف القضية الفلسطينية‪ ،‬كام كتب الكثري عن اليهود… وغري‬
‫بعضها صغري احلجم يف مئة صفحة أو تزيد قليلً‪ ،‬وبعضها يف جملدات‬
‫ذلك من املؤلفات‪ُ ،‬‬
‫غزير الفوائد‪ .‬وأنت إذا قرأت له يف فن من الفنون‬
‫عظيم النفع‪ُ ،‬‬
‫ُ‬ ‫عدَّ ة‪ .‬وك ُّلها‪ ،‬صغريها وكبريها‪،‬‬
‫التي كتب فيها حسبت أنه ال ُيسن غ َريه‪ ،‬حا ُله كحال السلف من العلامء كام أسلفنا‪.‬‬
‫هذا منهج الشيخ عمو ًما يف تآليفه وكتاباته ودروسه وحمارضاته اجلامعية‪.‬‬
‫أما منهجه العلمي يف التفسير‪ ،‬فقد ذكر أنه ال بد ملن أراد فهم معاين كتاب اهلل عز وجل‬
‫ِ‬
‫دائم مقولة األستاذ سيد قطب ’‪> :‬إن هذا‬ ‫وتفسريه أن ينرصف إليه بالك ِّل َّية‪ ،‬وكان يردد ً‬
‫القرآن ال يفتح كنوزه إال ملن يتحرك به يف َ‬
‫عال الواقع‪ ،‬وإن هذا القرآن إذا أعطيته ك َّلك يعطيك‬
‫بعضه‪ ،‬وإذا أعطيته بعضك لن يعطيك شي ًئا<‪.‬‬
‫وقد خلصت الباحث ُة ِ‬
‫>هيبة َقلبان< منهج الشيخ صالح اخلالدي ’ يف التفسري يف‬ ‫َّ‬
‫رسالة الامجستري التي قدَّ متها جلامعة >احلاج خلرض< يف اجلزائر بعنوان‪> :‬اآلراء التفسريية لصالح‬
‫أن ِمن منهجه ’‪:‬‬ ‫عبدالفتاح اخلالدي من كتاب تصويبات يف فهم بعض اآليات<‪ ،‬فذكرت َّ‬
‫أول ًا‪ :‬يقف مع اآليات وقفة ُّ‬
‫جترد‪ ،‬ويدخل عاملها‪ ،‬ويستقي منها املفاهيم وحقائقها‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬حيرص عىل النظر يف اآليات التي تشارك اآلية َّ‬
‫حمل الدرس يف املوضوع‪ ،‬فيوردها‬
‫ًّ‬
‫ومستدل هبا‪.‬‬ ‫مستشهدً ا‬
‫ٍ‬
‫معان وهدايات‪.‬‬ ‫ثالثًا‪ :‬حيرص عىل تأ ُّمل اآليات لفهم ما توحي إليه وتقريره من‬
‫رابع ًا‪ :‬يستخرج الدالالت من اآليات جمتمع ًة‪ ،‬ويقدم مفاهيمها متكامل ًة‪ً ،‬‬
‫آخذا بمسلك‬
‫تفسري القرآن بالقرآن‪.‬‬
‫خامسًا‪ :‬هيتم بأقوال املفرسين السابقني‪ ،‬ويورد بعض كالمهم يف تصويب التصورات‬
‫حول اآليات‪.‬‬
‫ينقضه‪ ،‬والتفسري الذي ر َّده‬
‫التصور الذي ُ‬
‫ُّ‬ ‫سادسًا‪ :‬ي َّتسم باألمانة العلمية‪ ،‬حيث يقرر‬
‫بصورة أمينة ودقيقة وصحيحة‪ ،‬دون ت ُّق ُّو ٍل عىل أصحابه‪ ،‬أو ينسب إليهم ما مل يقولوا‪.‬‬
‫‪168‬‬

‫التصورات‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫بالتصورات اخلاطئة بأعياهنم‪ ،‬وإنام هيتم ببيان تلك‬
‫ُّ‬ ‫سابع ًا‪ :‬ال يذكر القائلني‬
‫ثامنًا‪ُ :‬يعترب من املتأثرين باإلمام الطربي‪ ،‬فقد اخترص تفسريه وح َّققه‪.‬‬
‫تاسع ًا‪ :‬االعتامد عىل ما َّ‬
‫صح عن رسول اهلل × والصحابة والتابعني رضوان اهلل‬
‫عليهم يف اختيار الصواب يف تفسري اآلية‪.‬‬
‫التصور اخلاطئ لآلية‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫عاشر ًا‪ :‬العناية بعرض‬
‫حادي عشر‪ :‬العناية باجلمع بني النصوص الذي يظهر فيها التعارض‪.‬‬
‫‪169‬‬

‫أمانته العلمية‬

‫ل من تق َ ّدمه من العلماء‬
‫وعرفانه فض َ‬

‫مت َّيز الشيخ صالح اخلالدي ’ باألمانة العلمية فيام يكتب وفيام ينقل‪ ،‬فال ينقل عن‬
‫عال إال أشار إليه‪ ،‬ونسب الفضل إىل من أخذ عنه؛ نلمس‬ ‫كتاب أو يقتبس منه‪ ،‬أو يستفيد من ِ‬

‫ذلك يف كثري من كتبه التي أفاد فيها من غريه‪.‬‬


‫وأنقل ما ذكره عنه تلميذه املالزم له‪ ،‬األستاذ حممد السيالوي؛ حيث قال‪> :‬الشيخ‬
‫الدكتور صالح اخلالدي ’ تعاىل‪ ،‬كان إذا كتب أو أ َّلف يف موضوع ما‪ ،‬وقد سبقه غ ُريه‬
‫للكتابة فيه‪ ،‬فإنه يذكره بخري ويشيد بعمله ويثني عىل صنيعه‪ ،‬حتى وإ ْن بدا له خمالفته يف بعض‬
‫ما ذهب إليه‪ ،‬فهو حيرتم رأيه‪ ،‬ويقدِّ ر جهده‪ ،‬ويعرتف له بالسبْق والفضل‪ ،‬ويسجل ذلك‬
‫ويعرتف به‪ ،‬ويصدُ ق فيه ما قيل‪:‬‬
‫بمث ِْل اعتِ َق ِ‬
‫اد ال َف ْض َل يف ك ُِّل َف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضل َن ْف ِس ِه‬
‫اض ِل‬ ‫ان عن َف ِ‬ ‫و َما َعبَّ َ ا ِإل َ‬
‫نس ُ‬

‫اض ِل‬ ‫ص عنه بانتِ َق ِ‬


‫اص األَ َف ِ‬ ‫َيدَ النَّ ْق ِ‬ ‫إلنص ِ‬
‫اف َأ ْن َي ْد َف َعال َف َتى‬ ‫و َل ِ‬
‫يسم َنا ِ َ‬
‫َ‬

‫نامذج من إشادة الشيخ ’ وتقديره جلهود اآلخرين؛ ومن‬


‫ويذكر األستاذ السيالوي َ‬
‫ذلك‪:‬‬
‫ ●قال يف مقدمة كتابه >تفسري ابن كثري‪ ،‬هتذيب وترتيب< بعد أن ذكر أسامء العلامء الذين‬
‫عملوا عىل اختصار >تفسري ابن كثري<‪ُ ،‬مشيدً ا بجهودهم‪> :‬وهي خمترصات مفيدة‪ ،‬جزى اهلل‬
‫أصحاهبا العلامء الذين اخترصوا تفسري ابن كثري خري اجلزاء<‪.‬‬
‫السنِ َّية من رشح العقيدة الطحاوية<‪> :‬وإنَّني َم ِدي ٌن‬
‫ ●وقال يف مقدمة كتابه >ال َق َبسات َّ‬
‫للشيخ شعيب األرنؤوط والدكتور عبد اهلل الرتكي فيام خدما به رشح اإلمام احلنفي لرسالة‬
‫الطحاوي‪ ،‬حيث كان اعتامدي كاملً عىل الطبعة السابعة التي أخرجاها‪ ،‬وأعرتف أنني يف هذا‬
‫العمل ما أنا إال (مقتبِس) لِ َم رأيته رضور ًيا من حتقيقات وتعليقات وخترجيات وإحاالت الشيخ‬
‫شعيب األرنؤوط<‪.‬‬
‫‪170‬‬

‫ ●ويف كتابه >املدخل العام إىل تفسري آيات األحكام<‪ ،‬وكان قد رسد أسامء الكتب التي‬
‫رجع إليها‪ ،‬واستفاد منها يف تصنيفه‪ ،‬قال‪> :‬وقد استفدت من هذه الكتب وغريها يف هذا‬
‫الكتاب‪ ،‬جزى اهلل أصحاهبا خري اجلزاء<‪.‬‬
‫ ● َرغم اختالفه مع ما ذهب إليه الدكتور حممد السيد الوكيل يف كتابه الذي أفرده‬
‫للحديث عن القصص القرآين >نظرات يف أحسن القصص<‪ ،‬وكان الدكتور الوكيل قد نقل‬
‫بعض املعلومات والتفصيالت عن اإلرسائيليات‪ ،‬وهذا منهج يرفضه الشيخ صالح اخلالدي‬
‫’ يف كتاباته‪ ،‬إال أن ذلك مل يمنعه من تسجيل إعجابه بام ورد يف الكتاب من نظرات‬
‫وحتليالت‪ ،‬يقول شيخنا اخلالدي يف مقدمة كتابه >القصص القرآين عرض وقائع وحتليل‬
‫أحداث< متحد ًثا عن كتاب الوكيل‪> :‬فيه نظرات طيبة‪ ،‬وحتليالت رائعة‪ ،‬وكم كنا نتمنى لو‬
‫ووقائع القصص‪،‬‬
‫َ‬ ‫أحداث‬
‫َ‬ ‫بقي الدكتور الوكيل مع اآليات واألحاديث الصحيحة‪ ،‬وهو ُيثبت‬
‫إذن لكان كتا ُبه من أجود ما كُتب يف موضوعه<‪.‬‬
‫وأضيف إىل ما أورده األستاذ السيالوي مما ُيذكَر يف األمانة العلمية التي َّ‬
‫حتل هبا اليش‬
‫صالح اخلالدي ’‪:‬‬
‫ ●ما قاله يف مقدمة اختصاره لكتاب >مشارع األشواق إىل مصارع العشاق< البن‬
‫النحاس‪> :‬واستفدت استفاد ًة كاملة من النسخة املطبوعة‪ ،‬ومن جهد األستاذ ْين املح ِّق ْ‬
‫قي‬
‫كل ما قاما به من جهود مشكورة يف حتقيق الكتاب وختريج ما فيه<‪.‬‬ ‫فيها‪ ،‬وأنا َمدي ٌن هلام يف ِّ‬
‫َ‬
‫أحاديث‪ ،‬وهو الشيخ‬ ‫ ●وأثنى يف مقدمة الكتاب نفسه عىل َمن قام بمراجعة ما فيه من‬
‫إبراهيم العيل ’‪ ،‬حيث يقول‪> :‬وقد تكرم األخ املفضال الشيخ إبراهيم العيل‪ ،‬حفظه اهلل‬
‫استفدت من جهوده‪ ،‬وأخذت‬
‫ُ‬ ‫ورعاه‪ ،‬بمراجعة ختريج ما يف هذا التهذيب من األحاديث‪ ،‬وقد‬
‫بمالحظاته‪ ،‬جزاه اهلل خ ًريا<‪.‬‬
‫واألمر نفسه فعله يف اإلشارة إىل جهد الشيخ إبراهيم العيل ’ يف خترجيه ألحاديث‬
‫>تفسري الطربي تقريب وهتذيب<‪ ،‬وكذلك يف خترجيه لكتاب >تفسري ابن كثري هتذيب وتقريب<‪.‬‬
‫حرص الشيخ ’ عىل إثبات‬
‫ ●ويف الطبعة األخرية من >هتذيب تفسري الطربي<‪َ ،‬‬
‫حسنة من حسناته ‪ -‬للكتاب‪ ،‬وكتابة ذلك يف مقدمة‬
‫مراجعة وتصحيح ابنه حذيفة ‪ -‬الذي هو َ‬
‫هذه الطبعة‪ ،‬وعىل غالف الكتاب بقلمه املبارك‪.‬‬
‫‪171‬‬

‫ِ‬
‫أرجع إىل ما ذكره األستاذ حممد السيالوي يف هذا الباب‪ ،‬حيث قال‪> :‬والنامذج عىل‬
‫إشادته بجهود العلامء العاملني واملصلحني‪ ،‬والثناء عليهم وإنصافهم كثرية يف كتبه‪ ،‬مما‬
‫جترد من حظوظ‪ ‬نفسه‪،‬‬ ‫ور ِق ِّيه‪ ،‬وهذا اخلُ ُلق السامي ال ُ‬
‫حيوزه إال من َّ‬ ‫يد ِّلل عىل ِرفعة ُخ ُلقه ُ‬
‫جترد وإنصاف ألعامل اآلخرين‬‫وحسن اخللق ورحابة الصدر‪ ،‬ونظر نظر َة ُّ‬ ‫وحت َّقق بالتواضع ُ‬
‫وجهودهم‪ ،‬وعرف هلم فضلهم وسابقتهم<‪.‬‬
‫وخيتم األستاذ السيالوي بالقول‪> :‬هذا األدب يف نقد اآلخرين متثَّله الدكتور صالح‬
‫اخلالدي عمل ًّيا يف كتبه وتصانيفه‪ ،‬فقد قال يف كتابه >يف ظالل القرآن يف امليزان< ما نصه‪> :‬إن‬
‫الباحث العادل الذي ينطلق يف بحثه من توجيهات القرآن‪ ،‬ومبادئ اإلسالم‪ ،‬و ُأسس املنهج‬
‫العلمي املوضوعي اإلسالمي‪ ،‬يعتمد الكال َم الصحيح للعامل الذي يد ُْرسه‪ ،‬ويرتك الكالم‬
‫اخلاطئ مع االحرتام والتوقري‪َّ .‬‬
‫إن وقوع العامل يف خطأ غري مقصود وناتج عن االجتهاد‪ ،‬ال‬
‫تر َك نِتاج وفكر هذا العامل ك ِّله‪ ،‬بل يعني رفض اخلطأ وحده وأخذ باقي فكره وكالمه‪.‬‬
‫يعني ْ‬
‫‪172‬‬

‫الكريم‬
‫َ‬ ‫أيضا‪ّ :‬‬
‫فإن‬ ‫در من قال‪ :‬ال يعرف الفضل ألهل الفضل إال ذوو الفضل! وكام قيل ً‬‫وهلل ُّ‬
‫ُي ُّل ِ‬
‫الكراما<‪( .‬اهـ)‪.‬‬
‫الشيخ عىل جهود اآلخرين‪ ،‬واعرتف للسابقني بسبْقهم‪ ،‬وإفادته منهم ومن‬
‫ُ‬ ‫وكام أثنى‬
‫علومهم؛ فإنه‪ ،‬ومن باب أمانة العلم‪ ،‬يبني ما وقع فيه غريه من وهم أو خطأ‪ ،‬ويكون ذلك منه‬
‫تعم ٍد لتص ُّيد األخطاء‪.‬‬
‫جم‪ ،‬من دون انتقاص أو جتريح‪ ،‬أو إساءة‪ ،‬أو ُّ‬
‫بأدب ٍّ‬
‫وللتدليل عىل ذلك يكفي أن نورد ما قاله يف مقدمة كتابه >املدخل العام يف تفسري آيات‬
‫األحكام<‪ ،‬حيث ذكر أن كتابه هذا أ َّلفه يف تفسري آيات األحكام‪ ،‬وليس يف فقه املذاهب األربعة‪،‬‬
‫انتقاص ُعلامئنا وفقهائنا ومذاهبنا الفقهية‬‫َ‬ ‫وال يف الفقه املقارن‪ ،‬ثم قال‪> :‬وليس معنى كالمي‬
‫ِ‬
‫كنبتة ب ْق ٍل‬ ‫األربعة‪ِ ،‬‬
‫علم اهلل‪ ،‬فمن أنا؟ وماذا ُأساوي أمام فقهائنا وعلامئنا؟ فام أنا بجانبهم إال‬
‫وتقدير العلامء السابقني واحرتا ُمهم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫نخل‪ ،‬ورحم اهلل امر ًأ عرف قدْر نفسه‪.‬‬
‫بجانب ُأصول ٍ‬
‫أخالقي‪ ،‬ولو خالف ُتهم يف بعض أقواهلم<‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫ديني‪ ،‬وأدب‬
‫واجب ٌّ‬
‫ٌ‬ ‫والثناء عليهم والتأ ُّدب معهم‬
‫والشيخ ’‪ ،‬مع علمه الغزير‪ ،‬وإنتاجه الوفري من املؤلفات التي سنعرضها الح ًقا‪،‬‬
‫ِ‬
‫وطلب‬ ‫القراء ألي ملحوظة جيدوهنا يف كتبه‪ ،‬أو خطأ وقع فيه‪،‬‬
‫ال يأنف من طلب التوجيه من َّ‬
‫الدعاء عىل ما قدَّ م من علم‪ .‬وكان حيرص يف مقدمات كتبه عىل إثبات عنوانه الربيدي ورقم هاتفه‬
‫القراء‪ ،‬وتنبيهه عىل ما جيدونه يف الكتاب من خطأ أو سبق قلم‪ ،‬أو إضافة معلومة‪.‬‬
‫ليتواصل معه َّ‬
‫نجد ذلك يف كثري من مقدمات كتبه؛ يقول يف كتابه >البيان يف إعجاز القرآن<‪> :‬فهذه‬
‫الدراسة أضعها بني أيدي القراء الكرام‪ .‬فمن وجد منهم فيها فائدة أو ترتي ًبا أو إضاف ًة‪ ،‬وسيجد‬
‫ً‬
‫مأخذا أو تقص ًريا‪ ،‬وسيجد‪،‬‬ ‫عيل بدعوة صاحلة‪ .‬ومن وجد فيها‬
‫يتفضل َّ‬
‫إن شاء اهلل‪ ،‬فأرجو أن َّ‬
‫ومن خالفني يف رأي أو نظرة أو حتليل‪ ،‬وسيكون ذلك‪ ،‬فأرجو أن يقدِّ م العذر وحسن الظن‬
‫عيل فيخربين بذلك عىل عنواين املثبت يف الكتاب؛ إما‬
‫يتكرم َّ‬
‫والتأويل عىل غريه‪ ،‬وأرجو أن َّ‬
‫هاتف ًيا أو خ ِّط ًّيا<‪.‬‬
‫ويف كتاب >مواقف األنبياء يف القرآن حتليل وتوجيه< يقول‪> :‬ونرجو من اإلخوة القراء‬
‫أن يكرمونا بأية مالحظة أو توجيه‪ ،‬وسنتقبل ذلك بصدر رحب‪ِ ،‬‬
‫ونعدهم أن ننظر فيام يقدِّ مونه‪،‬‬ ‫َّ‬
‫أحق الناس هبا‪ ،‬كام نرجو من‬ ‫وأن نأخذ بام نراه صوا ًبا‪ ،‬واحلكمة ضا َّلة املؤمن‪ ،‬أنَّى وجدها فهو ُّ‬
‫اإلخوان الكرام دعو ًة صاحلة بظهر الغيب<‪.‬‬
‫‪173‬‬

‫ويقول يف مقدمة كتاب >املدخل العام إىل تفسري آيات األحكام<‪> :‬وأرجو من أحبايب‬
‫ً‬
‫خطأ‪ ،‬كام أرجو منهم أن يكرموين بدعوة صاحلة‬ ‫الكرام أن ينصحوين إ ْن وجدوا يف الكتاب‬
‫بظهر الغيب إ ْن وجدوا فيه فائدة أو منفعة<‪.‬‬
‫وقال يف مقدمة كتاب >لطائف قرآنية<‪> :‬وإنني إذ ُأقدِّ م هذه اللطائف للقراء الكرام‪،‬‬
‫عيل بتنبيهي إىل ما جيدونه من مالحظات؛ فالنقص والضعف واخلطأ‬
‫يتفضلوا َّ‬
‫ألرجو منهم أن َّ‬
‫من صفات البرش<‪.‬‬
‫ويقول يف مقدمة كتابه >سيد قطب من امليالد إىل االستشهاد<‪ ،‬وهو اخلبري بسيد وسريته‬
‫ِ‬
‫وعلمه ومؤلفاته واملرجع يف ذلك‪> :‬وإنني إذ ُأقدِّ م هذا الكتاب إىل َّ‬
‫القراء الكرام‪ ،‬ألرجو منهم‬
‫عيل بتصحيح ما جيدونه يف الكتاب من‬
‫يتكرموا َّ‬
‫عيل بدعوة صاحلة بظهر الغيب‪ ،‬وأن َّ‬ ‫أن يمنُّوا َّ‬
‫أخطاء‪ ،‬أو إضافة ما سقط منه من أخبار ومعلومات‪ ،‬مع رجاء أن تكون مو َّثق ًة توثي ًقا علم ًّيا‬
‫ليصح اعتامدها<‪.‬‬
‫َّ‬
‫ومثل ذلك كثري يف مقدمات كتبه‪ ،‬جيدها من أراد االستزادة‪ .‬وهذا إن َّ‬
‫دل عىل أمر‪ ،‬فإنام‬
‫يدل عىل كريم ُخ ُلقه‪ُ ،‬‬
‫وحسن تواضعه‪ ،‬فام زاده العلم إال رفع ًة وتواض ًعا‪.‬‬
‫رس عندما أن ِّبهه عىل خطأ ما أو سهو يف أحد كتبه‪ ،‬بل كان‬
‫وكم كان ’ يفرح و ُي ُّ‬
‫يقول‪ ،‬مداع ًبا أمام بعض ُجلسائه‪ :‬األخ إبراهيم‪ ،‬جزاه اهلل خ ًريا‪ ،‬قام بتحقيق كتايب!‬
‫‪174‬‬

‫دوافع التأليف عند الشيخ الخالدي‬

‫تعدَّ دت الدوافع والدواعي إىل كتابة هذه املؤلفات‪:‬‬


‫َ‬
‫رسائل علمية أكاديمية؛ كتلك التي كتبها يف رسالتيه لنيل درجة الامجستري‬ ‫ ●فمنها ما كان‬
‫والدكتوراه >سيد قطب والتصوير الفني يف القرآن<‪ ،‬و>يف ظالل القرآن دراسة وتقويم<‪.‬‬
‫مناهج دراسي ًة لطلبته يف اجلامعات واملراكز العلمية التي َّ‬
‫درس‬ ‫َ‬ ‫ ●أو تلك التي جعلها‬
‫فيها؛ مثل >الوجيز يف الثقافة اإلسالمية<‪ ،‬و>تعريف الدارسني بمناهج املفرسين<‪.‬‬
‫ٍ‬
‫مقاالت متفرقة يف الصحف واملجالت‪ ،‬مجعها يف كتاب واحد‪ ،‬مثل‬ ‫ ●أو ما كتبه يف‬
‫كتاب >بصائر<‪.‬‬
‫ ●ومنها ما كان يف أصله حمارض ًة عامة؛ مثل كتاب >مفاتيح للتعامل مع القرآن<؛ فهو‬
‫يف أصلــه حمــارضة عامــة‪ ،‬عنواهنــا >كيــف نفهــم القــرآن<‪ ،‬ألقاهــا عــى الطلبــة يف اجلامعــة األردنيــة‪،‬‬
‫توســع فيهــا إىل أن أصبحــت كتا ًبــا مــن خــر كتبــه‪.‬‬
‫ثــم َّ‬
‫ ●أو تلك الكتب التي كتبها ً‬
‫نزول عىل رغبة بعض طلبته؛ مثل كتاب >عتاب الرسول‬
‫× يف القرآن<‪ ،‬الذي أجاب فيه عن إشكاالت طرحها عليه بعض طالبه ومريديه حول‬
‫اآليات الواردة يف عتاب الرسول ×‪ .‬ومثله كتاب >مواقف األنبياء يف القرآن<؛ الذي عمل‬
‫ُطرح عليه حول األنبياء السابقني؛ من آدم إىل عيسى عليهم‬
‫فيه عىل حل اإلشكاالت التي كانت ت َ‬
‫السالم‪ .‬ومث ُلهام كتاب >القصص القرآين عرض وقائع حتليل أحداث<؛ فقد أ َّلفه بنا ًء عىل رغبة‬
‫يقرره هلم يف حمارضاته اجلامعية‬ ‫ُطالبه الذين كانوا يستحثُّونه عىل إصدار كتاب ِّ‬
‫يدون فيه ما كان ِّ‬
‫من منهج إثبات وقائع القصص القرآين‪ ،‬واالكتفاء يف ذلك بام ورد يف القرآن واحلديث الصحيح‪.‬‬
‫وكذلك كتاب >اخلطة الرباقة لذي النفس التواقة<؛ فقد كتبه لبعض طلبته‪ ،‬الذين كانوا ُي ِل ُّحون‬
‫وكتب يقرؤوهنا ويدرسوهنا‪ ،‬ومنهم‬ ‫ٍ‬ ‫عليه إلرشادهم إىل خطة ِعلمية َعملية يسريون عليها‪،‬‬
‫تلميذه الدكتور منترص احلروب‪ ،‬الذي كتب له وهلم هذه الرسالة النافعة‪ .‬وما زال الدكتور‬
‫بمسودهتا بخط الشيخ‪ ،‬وترى هنا صورة صفحتها األوىل‪.‬‬
‫َّ‬ ‫احلروب حيتفظ‬
‫‪175‬‬

‫ومثل تلك الكتب هتذي ُبه لكتاب >مشارع األشواق إىل مصارع ال ُع َّشاق< يف فضائل‬
‫اجلهاد‪ ،‬البن الن ََّّحاس‪ ،‬الذي كان قد عقد العزم عىل القيام به منذ سنوات عدَّ ة‪ ،‬لكن رصفه‬
‫صوارف أخرى من األعامل العلمية‪ ،‬حتى جاء من يلتمس منه القيام بذلك‪ ..‬يقول الشيخ‬ ‫ُ‬ ‫عنه‬
‫إيل أن أقوم بتهذيبه‪ ،‬لينتفع به املسلمون‪،‬‬ ‫ِ‬
‫طلب‪ ،‬وطلبوا َّ‬
‫’‪> :‬جاءين إخوان كرام ال ُير ُّد هلم ٌ‬
‫فب َعث ما كان كامنًا يف نفيس‪ ،‬وقمت هبذا التهذيب<‪.‬‬
‫وكذلك كتابه >سيد قطب األديب الناقد والداعية املجاهد واملفكر املفرس الرائد<‪،‬‬
‫الذي كتبه ً‬
‫نزول عىل رغبة نارش الكتاب‪ ،‬صاحب دار القلم األستاذ حممد عيل دوله ’‪،‬‬
‫يقول الشيخ يف مقدمة الكتاب‪> :‬ورغب األستاذ الفاضل‪ ،‬واألديب الباحث املثقف (حممد‬
‫خيصص حلقة من‬
‫معظم مؤلفايت‪ ،‬أن ِّ‬
‫َ‬ ‫نرشت يل‬
‫ْ‬ ‫صاحب دار القلم العامرة‪ ،‬التي‬
‫ُ‬ ‫عيل دولة)‪،‬‬
‫السلسلة املباركة (أعالم املسلمني) حلياة سيد قطب وفكره‪ ،‬وطلب مني أن أكتب هذه احللقة‪،‬‬
‫وفكره‪ ،‬وعاود الطلب أكثر من مرة‪ ،‬ومل يكن يل بدٌّ من‬ ‫ِ‬ ‫حلسن ظنه بمعلومايت عن سيد قطب‬
‫ور َّقته وفضله‪ ،‬وهو صاحب‬ ‫يأس حمدِّ َثه بأدبه و ُلطفه ِ‬‫ِ‬
‫االستجابة؛ فاألستاذ حممد عيل دولة ُ‬
‫رسالة علمية فيام ينرش من مؤلفات علمية نافعة يف دار القلم املباركة‪ ،‬جزاه اهلل عن العلم‬
‫‪176‬‬

‫والعلامء واملتعلمني‪ ،‬وعن اإلسالم واملسلمني خري اجلزاء<‪.‬‬


‫إيل األستاذ‬ ‫ِ‬
‫واألمر نفسه ذكره يف كتابه >سعد بن أيب وقاص<‪ ،‬حيث قال‪> :‬وقد رغب َّ‬
‫الباحث حممد عيل دولة يف إعداد دراسة عن سعد بن أيب وقاص ÷‪ ،‬إلصدارها ضمن هذه‬
‫السلسلة الق ِّيمة (أعالم املسلمني)‪ ،‬وطلب مني إعدا َد هذه الدراسة‪ .‬وال أملك إال التنفيذ‪.‬‬
‫طلب األستاذ رغب ًة كامنة قديمة يف نفيس‪ ،‬يف دراسة حياة سعد بن أيب وقاص ÷‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ووافق‬
‫حيث كنت أمتنى أن أقوم هبذه الدراسة<‪.‬‬
‫‪177‬‬

‫أقسام كتبه المطبوعة وغير المطبوعة‬

‫يمكن أن نقسم كتب الشيخ صالح اخلالدي عىل أربعة أقسام‪:‬‬


‫ٍ‬ ‫أكثرها ُطبع‬
‫مرات عديدةً‪ ،‬وبعضها‬ ‫القسم األول‪ :‬ما أمتَّه و ُطبع وانترش يف حياته‪ ،‬بل ُ‬
‫تُرجم إىل لغات أخرى‪.‬‬
‫تقر عينُه برؤيته مطبو ًعا‪ ،‬وحس ُبه أنه قدَّ مه بني‬
‫ومن هذا القسم ما أهنى تأليفه‪ ،‬لكن مل َّ‬
‫علم بقراءته‪ .‬ويقوم ابنه وتلميذه‬
‫يديه‪ ،‬ينتفع به يف حياته األخرى‪ ،‬كام ينتفع به الناس ويزدادون ً‬
‫الدكتور حذيفة‪ ،‬بالتعاون مع بعض تالمذة الشيخ وحم ِّبيه‪ ،‬عىل إنجاز هذه الكتب ونرشها‪.‬‬
‫دات يف أوراق كتبها بخط‬ ‫والقسم الثاين من كتبه‪ :‬منها ما رشع يف تأليفها‪ ،‬وبقيت مسو ٍ‬
‫َّ‬
‫حواش عىل كتب أراد حتقيقها‪ ،‬ثم سبقه األجل‪ ،‬واخرتمته املن َّية قبل إمتامها‪.‬‬‫ٍ‬ ‫يده‪ ،‬أو هي‬
‫واملأمول من تالمذته وحمـ ّبيه إمتا ُم ما رشع فيه‪ .‬وهم قد رشعوا بحمد اهلل‪ ،‬ويتوىل ِعب َء ذلك‬
‫ُ‬
‫ولدُ ه الدكتور حذيفة بمعاونة بعض تالمذة الشيخ النجباء‪ ،‬كام سيأيت بيانه بعد قليل‪.‬‬
‫َ‬
‫وشواغل علمية‬ ‫لصوارف‬
‫َ‬ ‫القسم الثالث‪ :‬ما وضع له ُخط ًة لتأليفه‪ ،‬لكنه مل يبدأ به‪،‬‬
‫رصفته عنه إىل كتب أخرى‪.‬‬
‫والقسم الرابع من هذه الكتب‪ ،‬أو عناوينها‪ :‬ما كان فكر ًة تدور يف َخ َلده‪ّ ،‬‬
‫ودون‬
‫ُ‬
‫وحوائل رصفته عنها إىل‬ ‫ظروف‬
‫ٌ‬ ‫رشع يف تأليفها وينجزها‪ ،‬لكن حالت‬
‫عناوينها‪ ،‬عىل أمل أن َي َ‬
‫أهم‪ ،‬أو غري ذلك من األسباب‪.‬‬
‫غريها مما رآه َّ‬
‫عرف هبا حسب التقسيامت‬ ‫ِ‬
‫سأعرض هلا و ُأ ِّ‬ ‫وكل تلك األقسام من الكتب أو عناوينها‪،‬‬
‫ذكرت آن ًفا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫التي‬
‫َ‬
‫القبول ملؤلفات الشيخ يف حياته‪ ،‬بمسارعة طلبة العلم إىل اقتنائها‬ ‫اهلل‬
‫وقد كتب ُ‬
‫وقراءهتا‪ ،‬بل ومدارستها فيام بينهم يف حلقات العلم والدرس يف املساجد‪ ،‬فضلً عن تقريرها‬
‫ُدرس يف حلقات العلم‬ ‫ٍ‬
‫مناهج دراسية يف اجلامعات األردنية وغريها؛ فقد كان بعض كتبه ت َّ‬
‫َ‬ ‫يف‬
‫ُ‬
‫تلميذه الدكتور منترص احلروب يتدارسه‬ ‫يف املساجد‪ ،‬مثل كتاب >لطائف قرآنية<‪ ،‬الذي كان‬
‫مع طلبته من املرحلتني اإلعدادية والثانوية يف أحد مساجد مدينة >الزرقاء< األردنية‪ ،‬ومنهم‬
‫ويدرس هذا الكتاب‬
‫ِّ‬ ‫تلميذه عالء الدين زكي القريويت‪ ،‬الذي أصبح فيام بعد أستا ًذا جامع ًيا‪،‬‬
‫‪178‬‬

‫لطلبته يف اجلامعة‪ .‬و ُقل اليش َء نفسه يف كتابه >البيان يف إعجاز القرآن<‪ ،‬وكتاب >اخلطة ال َّرباقة‬
‫لذي النفس ال َّت َّواقة<‪ ،‬فقد تدارسه ُث َّلة من نُجباء طالبه يف حياته وبعد وفاته‪ ،‬رمحه اهلل‪.‬‬
‫ومن الطريف يف هذا الكتاب ما قاله يل أحد طلبة العلم من إقليم بلوشستان يف إيران‪،‬‬
‫وهو الشيخ >يارس سابکزئی البلويش<‪ ،‬أنه هو وإخوانه َّلم قرؤوا الكتاب وتدارسوه فيام بينهم‪،‬‬
‫ظنُّوا أن مؤلفه من الشباب‪ ،‬وليس هو ذلك الشيخ الوقور‪ ،‬والعامل الكبري الذي فوجئ به عندما‬
‫جاء إىل األردن طل ًبا للعلم يف إحدى جامعاهتا!‬
‫ِ‬
‫فكم من ن ْف ٍع َّ‬
‫عم وانترش هبذا الكتاب وغريه من كتب الشيخ رمحه اهلل!‬
‫بل إن كث ًريا من كتبه تُرجم إىل غري العربية من اللغات؛ مثل كتاب >فلسطني واحلقائق‬
‫القرآنية<‪ ،‬الذي تُرجم إىل اللغات اإلنجليزية واألوردية والرتكية واإلندونيسية والروسية‪ .‬وقد‬
‫أرشت يف التعريف بكتبه إىل ما ترجم منها إىل اللغات غري العربية‪.‬‬
‫ويكفينا اإلشارة إىل أن مخسة عرش كتا ًبا من كتبه رمحه اهلل تُرمجت إىل الفارسية‪ ،‬قام‬
‫برتمجتها وطباعتها ُث َّلة من أهل العلم من أهل السنة يف إقليم بلوشستان بإيران‪ .‬وهذه الكتب‬
‫هي‪> :‬األتباع واملتبوعون يف القرآن<‪ ،‬و>إرسائيليات معارصة<‪ ،‬و>أمريكا من الداخل بمنظار‬
‫سيد قطب<‪ ،‬و>تصويبات يف فهم بعض اآليات<‪ ،‬و>اخلطة الرباقة لذي النفس التواقة<‪،‬‬
‫و>اخللفاء الراشدون بني االستخالف واالستشهاد<‪ ،‬و>سيد قطب من امليالد إىل االستشهاد<‪،‬‬
‫و>عتاب الرسول × يف القرآن‪ ،‬حتليل وتوجيه<‪ ،‬و>يف ظالل اإليامن<‪ ،‬و>لطائف قرآنية<‪،‬‬
‫و>مع قصص السابقني يف القرآن<‪ ،‬و>مفاتيح للتعامل مع القرآن<‪ ،‬و>مواقف األنبياء يف‬
‫القرآن‪ ،‬حتليل وتوجيه<‪ ،‬و>هذا القرآن<‪ ،‬و> وعود القرآن بالتمكني لإلسالم<‪.‬‬
‫وقد َّ‬
‫ظل الشيخ ’ يف الكتابة والتأليف حتى اليوم األخري من حياته؛ ففي يف صبيحة‬
‫يوم وفاته بارش بتأليف كتاب >كواشف قرآنية للزيوف اليهودية<‪ ،‬وأنجز أربع صفحات منه‬
‫بخط يده‪ ،‬وقد بدأ الكتابة فيه فجر اليوم الذي تويف فيه‪ ،‬مع شدة ضعفه ومرضه‪ .‬ولعله أرجى‬
‫أعامله التي ختم هبا حياته‪ ،‬ومن عاش عىل يشء مات عليه!‬
‫بل إنه يف األسبوع األخري من حياته كان يعمل يف جمموعة كتب؛ هي‪> :‬تفسري الطربي<‪،‬‬
‫و>تفسري الزخمرشي<‪ ،‬و>القصص القرآين<‪ ،‬و>كواشف قرآنية للزيوف اليهودية<‪.‬‬
‫‪179‬‬

‫وتقر به العني؛ ما أعلنه ابنه الدكتور حذيفة‪ ،‬أنه تم بفضل اهلل تعاىل‬
‫ومما يثلج الصدر‪ُّ ،‬‬
‫إنشاء >كريس العالمة الشيخ الدكتور صالح اخلالدي للتفسري وعلوم القرآن<‪ .‬و ُيعنى هذا‬
‫املرشوع بخدمة الرتاث العلمي للشيخ اخلالدي ’‪ ،‬ونرشه بمختلف الوسائل‪ ،‬وتعليم‬
‫التفسري وعلوم القرآن بمنهجه‪ ،‬وتفعيل دور طالبه يف خدمة تراثه‪.‬‬

‫ومما يهدف إليه هذا المشروع‪:‬‬


‫‪ -1‬جتميع الرتاث العلمي املكتوب واملرئي واملسموع للشيخ ’‪.‬‬
‫‪ -2‬تسهيل االستفادة من تراث الشيخ ’‪ ،‬ونرشه بالوسائل املختلفة‪.‬‬
‫ؤصلني يف التفسري وعلوم القرآن والعلوم املساندة‪.‬‬
‫‪ -3‬إبراز طلبة علم ُم َّ‬
‫‪ -4‬إمتام األعامل التي بدأها الشيخ ’‪ ،‬وحالت الوفاة دون إكامهلا‪.‬‬
‫املرشفة‪.‬‬
‫‪ -5‬التعريف بالشيخ ’‪ ،‬ونرش سريته وأحواله ومواقفه ِّ‬
‫عرضا بمؤلفات الشيخ وتعري ًفا هبا‪ ،‬مرتَّب ًة ترتيب ًا‬
‫وسأقدم يف هذا الفصل من الكتاب ً‬
‫هجائ ًّيا يف كل قسم من األقسام األربعة التي أرشت إليها آن ًفا؛ وهي‪:‬‬
‫‪180‬‬

‫‪ -‬القسم الأول‪ :‬الكتب املطبوعة‪.‬‬


‫‪ -‬القسم الثاني‪ :‬الكتب غري املطبوعة‪ ،‬ما اكتمل منها وما مل يكتمل‪.‬‬
‫‪ -‬القسم الثالث‪ :‬الكتب التي وضع هلا خطة‪ ،‬وكان ينوي تأليفها‪ ،‬ومل ُيقدَّ ر له ذلك‪،‬‬
‫النشغاله بغريها من الكتب‪.‬‬
‫‪ -‬القسم الرابع‪ :‬ما كان فكر ًة تدور يف َخ َلده‪َّ ،‬‬
‫ودون عناوينها‪ ،‬ومل يكتب فيها‪.‬‬
‫القسم األول‬
‫الكتب املطبوعة‬
‫‪183‬‬

‫األتباع والمتبوعون يف القرآن‬

‫هذا الكتاب هو احللقة الثانية من سلسلة‬


‫>مع القرآن<‪ ،‬وهو يعالج مشكلة من أهم القضايا‬
‫واملشكالت التي تواجه البرشية؛ َأال وهي مشكلة‬
‫(ال َّتبع َّية)‪ ،‬تلك املشكلة التي كانت ظاهر ًة عامة عىل‬
‫ظهورا يف عرصنا احلارض‪.‬‬
‫ً‬ ‫وأبرز ما تكون‬
‫ُ‬ ‫مر العصور‪،‬‬
‫واملؤلف يف هذا الكتاب يعالج هذه املشكلة‬
‫معاجلة قرآنية؛ لبيان ما يقول القرآن الكريم عن األتباع‪ ،‬وسبب تبع َّيتهم‪ ،‬وما هي صفاهتم التي‬
‫أدت إىل استضعافهم واستذالهلم‪ ،‬وماذا يقول القرآن الكريم أيض ًا عن املتبوعني‪ ،‬وما هي‬
‫جتبهم وتألُّ هم‪ ،‬وما هي أساليبهم يف إغواء األتباع وإضالهلم‬
‫أسباب استكبارهم‪ ،‬ومظاهر ُّ‬
‫واستعبادهم‪.‬‬
‫ولدراسة هذا املوضوع‪ ،‬وقف الشيخ اخلالدي عدة وقفات مع اآليات القرآنية التي‬
‫اهلل باملتبوعني‬ ‫ِ‬
‫تتحدث عن الصلة بني األتباع واملتبوعني يف الدنيا‪ ،‬وجتعلهم مشرتكني فيام ُيوقع ُ‬
‫من دمار وهالك يف الدنيا‪ ،‬وعذاب أليم يف اآلخرة‪.‬‬
‫تعرض مشاهدَ لِام سيكون بني األتباع واملتبوعني من‬ ‫مطو ًل مع اآليات التي ِ‬
‫ووقف َّ‬
‫وختاصم‬ ‫ومفاجآت عندما يبعثهم اهلل يوم القيامة‪ ،‬وما سيكون بينهم من جدال‬ ‫ٍ‬ ‫مواقف‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫وتال ُعن‪ ،‬ومن براءة وتكذيب وتضليل‪ ،‬وما سيصيب الفريقني من حرسة وندامة و ُذل ِ‬
‫وخزي‪.‬‬
‫وقبل ذلك بدأ الشيخ صالح هذه الدراس َة ببيان أمهية موضوع (التبعية)‪ ،‬وبالذات‬
‫عرض بعض التعابري القرآنية عن (التبعية)؛ مثل االتِّباع واالقتداء‬
‫يف العرص احلديث‪ ،‬ثم َ‬
‫واالتِّساء واخلُ َّلة واإلمامة والقرين‪ ،‬وغري ذلك‪ .‬ثم حتدث عن (االتِّباع) يف القرآن الكريم‪،‬‬
‫وفرق بني تلك االشتقاقات والترصيفات‪.‬‬
‫مور ًدا اشتقاقات هذه الكلمة وترصيفاهتا‪َّ ،‬‬
‫نامذج عملية تطبيقية لدراسة هذه الظاهرة‪ ،‬من خالل استقراء عرش سور من‬
‫َ‬ ‫ثم اختار‬
‫‪184‬‬

‫ُصور ما يدور بني األتباع واملتبوعني‬


‫وعرض بالتحليل ما فيها من املشاهد التي ت ِّ‬
‫القرآن الكريم‪َ ،‬‬
‫يف الدنيا‪ ،‬وما سيكون بينهم يف اآلخرة‪ ،‬وهذه السور هي‪ :‬البقرة واألعراف وإبراهيم والنحل‬
‫والشعراء والقصص واألحزاب وسبأ وص وغافر‪.‬‬
‫عرضه القرآن الكريم‪ ،‬جت َّلت فيه مسألة األتباع‬ ‫عميل َ‬
‫ٍّ‬ ‫وختم الكتاب بعرض نموذج‬
‫واملتبوعني بأجىل صو ِرها‪ ،‬وبب ِ‬
‫عدها الواقعي‪ ،‬وهو النموذج الفرعوين‪ ،‬املتمثِّل يف تأ ُّله فرعون‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫جنوده وآلِه وأتباعه له‪ ،‬يف مواجهة موسى عليه السالم ومن معه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ومتابعة‬
‫نشري إىل أن الكتاب تُرجم يف إيران إىل اللغة الفارسية‪.‬‬
‫‪185‬‬

‫إسرائيليات معاصرة‬

‫كان هذا الكتاب هو احللقة الثانية من سلسلة‬


‫>ذخائر وبصائر<‪ ،‬بعد الكتاب األول وهو >ثوابت‬
‫للمسلم املعارص<‪ .‬ثم أدرجه يف طبعاته الالحقة يف‬
‫سلسلة >من كنوز القرآن<‪.‬‬
‫وقد اشتهر مصطلح >اإلرسائيليات< عند علامء‬
‫املسلمني يف كتب التاريخ والتفسري املتقدمة‪ .‬أما أن‬
‫يكون هناك >إرسائيليات معارصة<‪ ،‬فهذا ما مل يتطرق إليه أحد‪ ،‬فيام أعلم‪ ،‬إال الشيخ صالح يف‬
‫كتابه هذا؛ فاملؤلف ’ يتحدث هنا عن هذه >اإلرسائيليات املعارصة< التي انترشت اليوم‬
‫َ‬
‫العال‪ ،‬ووصلت إىل بالد املسلمني‪ ،‬وأ َّثرت يف تصوراهتم وعقوهلم‪ .‬فكان ال بد من‬ ‫وغزت‬
‫اإلشارة إليها‪ ،‬ورصد ظواهرها‪ ،‬والتنبيه عليها‪ ،‬والتحذير منها‪.‬‬
‫ويعني املؤلف بمصطلح >إرسائيليات معارصة< كل اإلشاعات واخلرافات واألكاذيب‬
‫واألباطيل التي تنترش بني الناس يف هذا العرص‪ ،‬والتي هلا أثر خطري ومبارش يف تشويه وإفساد‬
‫وختريب احلياة املعارصة‪.‬‬
‫بدأ املؤلف كتابه هذا ببيان الصلة بني اإلرسائيليات واليهود‪ ،‬وموقف علامء املسلمني‬
‫من اإلرسائيليات القديمة‪ ،‬وعرض سامت العلم اليهودي‪ ،‬ثم حتدث عن تلك >اإلرسائيليات‬
‫سمه املؤلف‪ .‬ثم رصد سبعة جماالت بارزة‬
‫املعارصة< املنترشة يف عرص اهليمنة اليهودية كام َّ‬
‫هلذه اإلرسائيليات؛ هي‪ :‬اإلرسائيليات يف املجال الفكري‪ ،‬واإلرسائيليات يف املجال الفردي‪،‬‬
‫واإلرسائيليات يف املجال االقتصادي‪ ،‬واإلرسائيليات يف املجال السيايس‪ ،‬واإلرسائيليات‬
‫يف املجال االجتامعي‪ ،‬وإرسائيليات يف النظر لإلسالم‪ ،‬وختمها باحلديث عن إرسائيليات‬
‫معارصة يف رصاعنا مع اليهود‪.‬‬
‫نشري إىل أن الكتاب تُرجم يف إيران إىل اللغة الفارسية‪.‬‬
‫‪186‬‬

‫إعجاز القرآن البياين‬

‫ودالئل مصدره الر َّباين‬

‫هذا الكتاب هو امتداد للكتاب اآلخر الذي‬


‫كان املؤلف أصدره قبل ذلك‪ ،‬وهو كتاب >البيان يف‬
‫إعجاز القرآن<‪ .‬فقد رأى احلاج َة داعي ًة إىل إعادة النظر‬
‫وجوها عديدة‬
‫ً‬ ‫يف الكتاب األول‪ ،‬الذي كان يرى فيه‬
‫إلعجاز القرآن الكريم‪ ،‬بينام اقترص هنا يف هذا الكتاب‬
‫عىل وجه واحد‪ ،‬وهو اإلعجاز البياين‪ ،‬وأنه هو الوج ُه الوحيد إلعجاز القرآن الكريم‪ ،‬وأن‬
‫وجوه اإلعجاز األخرى التي ذكرها الباحثون‪ ،‬وذكرها هو ’ يف كتابه األول‪ ،‬إنام هي أدلة‬
‫عىل مصدر القرآن‪ ،‬وإثبات أنه كالم اهلل تعاىل‪.‬‬
‫جاء هذا الكتاب يف ثالثة فصول‪ ،‬يف ٍّ‬
‫كل منها جمموعة مباحث‪:‬‬
‫حتدث يف الفصل األول عن اإلعجاز البياين يف القرآن الكريم‪ ،‬من خالل ستة مباحث‪:‬‬
‫األول عن معنى إعجاز القرآن‪ ،‬واملبحث الثاين حول اآلية واملعجزة والعجز‪ ،‬وحتدث يف‬
‫املبحث الثالث عن الفرق بني آية حممد × وآيات األنبياء السابقني‪ ،‬وأورد يف املبحث الرابع‬
‫دالالت من آيات التحدي يف القرآن الكريم‪ ،‬ورشح يف املبحث اخلامس ثالثة مصطلحات يف‬
‫ذاكرا الرتتيب املرحيل هلذه املصطلحات‪.‬‬
‫املعاجزة والعجز واإلعجاز‪ً ،‬‬
‫َ‬ ‫هذا املوضوع؛ هي‪:‬‬
‫وذكر يف املبحث السادس واألخري من هذا الفصل املسرية التارخيية إلعجاز القرآن الكريم‪.‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬كان بعنوان اإلعجاز البياين يف القرآن‪ ،‬وهو أساس هذا الكتاب‪ ،‬لذا فقد‬
‫استغرق ُج َّل صفحاته‪ ،‬فوقف فيه وقفة َّ‬
‫مطولة ألنه هو املوضوع األهم يف الكتاب‪ .‬وجاء يف‬
‫عرشين مبحثًا؛ هي عىل التوايل‪ :‬اإلعجاز البياين هو موضوع التحدي‪ ،‬عنارص البيان القرآين‬
‫املعجز‪ ،‬اإلعجاز البياين وفواتح السور‪ ،‬التضمني يف البيان القرآين‪ ،‬دقة حروف املعاين وعدم‬
‫الزيادة فيها‪ ،‬التوازن الدقيق بني ذكر احلرف وحذفه‪ ،‬الفروق بني األلفاظ املتقاربة وعدم‬
‫‪187‬‬

‫الرتادف‪ ،‬التشابه واالختالف يف البيان القرآين‪ ،‬التعريف والتنكري يف البيان القرآين‪ ،‬حروف‬
‫بعض ألفاظ القرآن بني احلذف والذكر‪ ،‬احلذف ِّ‬
‫والذكر لبعض كلامت اآلية‪ ،‬التقديم والتأخري‬
‫يف البيان القرآين‪ ،‬ألفاظ القرآن بني التوكيد وعدمه‪ ،‬تنوع صيغ األفعال املشتقة من أصل لغوي‬
‫واحد‪ ،‬تنوع صيغ املشتقات ذات األصل اللغوي الواحد‪ ،‬تنوع صيغ املصادر الراجعة إىل‬
‫أصل لغوي واحد‪ ،‬التكرار احلكيم اهلادف يف البيان القرآين‪ ،‬فواصل اآليات يف البيان القرآين‪،‬‬
‫التناسق العددي يف البيان القرآين‪ ،‬التصوير الفني يف البيان القرآين‪.‬‬
‫وحتدث يف الفصل الثالث‪ ،‬وهو األخري‪ ،‬عن دالئل مصدر القرآن الرباين‪ ،‬عرض فيه‬
‫مخسة أد َّلة تدل عىل أن القرآن كالم اهلل؛ وهي‪ :‬أنباء الغيب الصادقة يف القرآن‪ ،‬واحلقائق العلمية‬
‫الثابتة يف القرآن‪ ،‬والترشيعات احلكيمة السامية يف القرآن‪ ،‬والتحليالت النفسية الكاشفة يف‬
‫األخاذ للقرآن‪.‬‬
‫القرآن‪ ،‬والتأثري البليغ َّ‬
‫‪188‬‬

‫األعالم األعجمية يف القرآن‬

‫تعريف وبيان‬

‫واملعرب) يف القرآن الكريم‬


‫َّ‬ ‫مسألة (األعجمي‬
‫قديم وحديثًا‪،‬‬
‫شغلت كث ًريا من علامء التفسري واللغة ً‬
‫وهل يف آيات القرآن الكريم كلامت أعجمية؟‬
‫وانقسموا يف ذلك بني مؤيد ومعارض هلذا القول‪.‬‬
‫والشيخ صالح يف كتابه هذا يميل إىل الرأي‬
‫القائل بعدم وجود ألفاظ أعجمية يف القرآن الكريم‪ ،‬إال ما كان منها أسام ًء ألعالم‪ ،‬وذلك ما ال‬
‫يتعارض مع عربية القرآن‪ .‬وهو ما يبحثه يف هذا الكتاب‪.‬‬
‫إرجاع كل كلمة يف القرآن إىل‬
‫ُ‬ ‫فقد حتدث ً‬
‫أول عن عربية القرآن األصيلة‪ ،‬وأنه يمكن‬
‫أصوهلا وجذورها العربية‪.‬‬
‫وذكر أن املقصود بأسامء األعالم هو أسامء األشخاص واألماكن والبقاع والبلدان‪،‬‬
‫وبي أن األعالم الواردة يف القرآن الكريم قسامن‪ :‬ما كان منها أعال ًما عربية مشتقة من أصول‬
‫َّ‬
‫معربة‪ ،‬وهي مدار البحث يف هذا الكتاب‪.‬‬
‫عربية‪ ،‬وما كان منها أعال ًما أعجمية َّ‬
‫وقد قسم الشيخ اخلالدي هذه األعالم األعجمية قسمني‪ :‬األعالم األعجمية املمنوعة‬
‫من الرصف؛ للع َلم َّية وال ُعجمة‪ ،‬وعددها اثنان وأربعون َع َل ًم‪ ،‬أوردها مجيعها مرتب ًة عىل حروف‬
‫املعجم؛ مثل‪ :‬إبراهيم وإدريس وآدم وبابل وجالوت وماروت ومريم وميكال وهارون…‪.‬‬
‫والقسم الثاين‪ :‬األعالم األعجمية املرصوفة‪ ،‬إما للتأنيث وإما لدخول (أل) التعريف عليها‪.‬‬
‫وس َواع ولوط ونوح واليهود…‪ ،‬ورتبها‬
‫علم؛ مثل‪ :‬اإلنجيل والتوراة والروم ُ‬
‫وهي ستة عرش ً‬
‫كذلك عىل حروف املعجم‪.‬‬
‫وكانت طريقة الشيخ يف دراسته هلذه األعالم األعجمية تبدأ بذكر الع َلم األعجمي‪،‬‬
‫ِ‬
‫وذكر اخلالف يف أعجميته أو عربيته‪ ،‬واخلالف يف معناه عند من قالوا بعربيته واشتقاقه‪،‬‬
‫‪189‬‬

‫وترجيح القول بأعجميته‪ ،‬واالستدالل عىل ذلك‪ ،‬باالعتامد عىل أمهات كتب اللغة والتفسري‪.‬‬
‫مرات ورود ذلك الع َلم األعجمي يف القرآن‪ ،‬ومواضعها‪ ،‬مع التعريف‬
‫وكان يذكر عدد َّ‬
‫جمم َلة وبإجياز‪.‬‬
‫بذلك الع َلم‪ ،‬وبيان ُخالصة قصته بصورة َ‬
‫وحرص كذلك‪ ،‬كام هو منهجه يف سائر كتبه‪ ،‬عىل عدم اخلروج عن النص القرآين‬
‫الرصيح‪ ،‬واحلديث النبوي الصحيح‪ ،‬يف بيان ما هيدف إليه‪ ،‬ومل يعتمد يف يشء من ذلك ‪-‬كام‬
‫درج عليه يف سائر كتبه‪ -‬عىل اإلرسائيليات والروايات واألخبار غري الصحيحة‪ ،‬والتي ال تقوم‬
‫عىل دليل ثابت‪ .‬‬
‫‪190‬‬

‫أمريكا من الداخل بمنظار سيد قطب‬

‫أصل فكرة هذا الكتاب من كتاب آخر أ َّلفه سيد‬


‫قطب ’‪ ،‬عنوانه >أمريكا التي رأيت<‪ ،‬كتبه بعد أن‬
‫وخب‬
‫ََ‬ ‫اب ُتعث للدراسة يف أمريكا‪ ،‬ورآها عن كثب‪،‬‬
‫أهلها وثقافتهم وأخالقهم‪ ،‬فوضع يف هذا الكتاب‬
‫ُخالصة مالحظاته وحتليالته هناك‪ .‬لكن الكتاب ضاع‬
‫يف مجلة ما ضاع من كتب سيد وتراثه الفكري بعد أن‬
‫تعرض للمحنة أكثر من مرة‪ ،‬والتي انتهت بإعدامه‪.‬‬
‫من أجل ذلك‪ ،‬فإن الدكتور صالح اخلالدي‪ ،‬وهو العامل واخلبري بفكر سيد وتراثه‬
‫ومؤلفاته ومقاالته املنشورة يف بطون كثري من الصحف واملجالت املرصية‪ ،‬غاص يف أعامق‬
‫هذا الرتاث الذي تركه سيد؛ من كتب ومقاالت ودراسات‪ ،‬واستخرج منها َّ‬
‫كل ما كتبه فيها‬
‫عن أمريكا‪ ،‬فكان هذا الكتاب!‪.‬‬
‫قسم الشيخ صالح الكتاب قسمني‪:‬‬
‫القسم األول عبارة عن دراسة َّبي فيها ما مج َعه من كالم سيد قطب‪ ،‬هبدف تزويد‬
‫القارئ بمعلومات تارخيية عن سيد وأمريكا‪ ،‬وإعطائه خالصة تقييم سيد ألمريكا‪ .‬وجعل‬
‫هذا القسم يف ثالثة فصول‪:‬‬
‫أشار يف الفصل األول إىل نشاط سيد يف مرص قبل ابتعاثه إىل أمريكا‪ ،‬وأن إيفاده هناك‬
‫كان بقصد التخلص منه‪ ،‬و َذكَر ما جرى له يف رحلته من أمور‪ ،‬وتن ُّق َله بني الواليات األمريكية‬
‫ونشاطه فيها‪ ،‬ثم عودته إىل مرص‪ ،‬واصطدامه بأعوان أمريكا يف مرص‪ ،‬واستقالته من وزارة‬
‫املعارف‪.‬‬
‫وبني يف الفصل الثاين األساس السليم والصحيح واملنضبط الذي استخدمه سيد قطب‬
‫يف تقييمه ألمريكا وأهلها ونفسياهتم ومشاعرهم وعواطفهم‪.‬‬
‫‪191‬‬

‫وعرف يف الفصل الثالث باألماكن التي ذكر فيها سيد قطب أمريكا يف كتبه ومقاالته‬
‫َّ‬
‫عرف بمصري كتاب سيد املفقود >أمريكا التي رأيت<‪.‬‬
‫ورسائله التي بعثها من أمريكا‪ .‬ثم َّ‬
‫وخصص القسم الثاين للنصوص التي ذكر فيها سيد أمريكا وحتدث عنها‪ ،‬وجاء هذا‬
‫َّ‬
‫القسم يف أربعة فصول‪:‬‬
‫أورد يف الفصل األول املقاالت التي حتدث فيها سيد قطب عن أمريكا‪.‬‬
‫وذكر يف الفصل الثاين إشارات سيد عن أمريكا‪ ،‬والتي وردت إما يف مقالة كتبها يف‬
‫أمريكا‪ ،‬أو رسالة بعثها من هناك‪.‬‬
‫وخصص الفصل الثالث لام أورده سيد عن أمريكا يف >الظالل<‪ ،‬حيث كان كث ًريا ما‬
‫يشري إليها للتدليل عىل الامد َّية اجلاهلية والكفر واالنحالل‪ ،‬وبلغت هذه اإلشارات مخس عرشة‬
‫إشارة‪.‬‬
‫وأورد يف الفصل الرابع إشارات سيد عن أمريكا يف خمتلف كتبه اإلسالمية؛ وشملت‪:‬‬
‫>معركة اإلسالم والرأساملية<‪ ،‬و>السالم العاملي واإلسالم<‪ ،‬و>دراسات إسالمية<‪،‬‬
‫و>اإلسالم ومشكالت احلضارة<‪ ،‬و>معامل يف الطريق<‪.‬‬
‫وعمل الشيخ صالح يف هذا القسم من الكتاب‪ ،‬بفصوله األربعة‪ ،‬عىل تقسيم كل‬
‫مقالة أو رسالة أو إشارة إىل فقرة فرعية‪ ،‬ووضع عنوانًا جانب ًيا هلذه الفقرة ًّ‬
‫دال عىل موضوعها‪،‬‬
‫تسهيلً للقارئ ً‬
‫أول‪ ،‬ثم هبدف التصنيف املوضوعي لكالم سيد‪.‬‬
‫وقد ترجم هذا الكتاب إىل اللغتني الرتكية والفارسية‪.‬‬
‫‪192‬‬

‫االنتصار للقرآن أمام افتراءات متن ِّبئ األمريكان‬

‫قديم وحديثًا‪ ،‬كان‬


‫النبوة‪ً ،‬‬
‫كثريون هم من ا َّدعوا َّ‬
‫يس‪ ،‬اللذان‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫من أوهلم مسيلم ُة‬
‫الكذاب واألسو ُد العن ُّ‬
‫للنبوة‬
‫ادعيا النبوة يف عهد النبي ×‪ ،‬وتتابع املدَّ ُعون َّ‬
‫وعجم‪ ،‬فكان من آخرهم يف العرص‬
‫ً‬ ‫بعد ذلك عر ًبا‬
‫احلديث ِ‬
‫الق ُّس األمريكي اجلنسية‪ ،‬الفلسطيني األصل‪،‬‬
‫شوروش)‪ ،‬الذي مأل احلقدُ قل َبه عىل اإلسالم‪،‬‬
‫(أنيس ُّ‬
‫وعىل نبي اإلسالم‪ ،‬وعىل كتاب اإلسالم اخلالد (القرآن الكريم)‪ ،‬ومل ُ‬
‫يأل جهدً ا يف معاداته‬
‫لإلسالم‪ ،‬حتى اختلق كتابا أسامه >الفرقان احلق<‪ ،‬ادعى أنه ُأ ِ‬
‫وح َي إليه به من عند اهلل‪ ،‬وأن اهلل‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫أنزل عليه هذا الكتاب املزعوم!‪.‬‬
‫قسم‪ ،‬حاول فيها حماكاة سور القرآن الكريم‬
‫جعل هذا املدَّ عي فرقانه يف سبعة وسبعني ً‬
‫وتقليدها؛ ليؤكد زعمه أن كتابه وحي من عند اهلل‪ ،‬وأطلق اسم السورة عىل كل قسم من أقسام‬
‫ليوهم القارئ أن اهلل هو الذي أوحى إليه هبذه السور‪.‬‬
‫َ‬ ‫كتابه‪،‬‬
‫القس يف إعداد كتابه سبع سنني‪ ،‬وكتبه ً‬
‫أول باللغة العربية‪ ،‬ثم ترمجه إىل‬ ‫مكث هذا ُّ‬
‫وأكاذيب وسموم بني املسلمني من عرب‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أباطيل‬ ‫اإلنجليزية‪ ،‬وأخذ بعد ذلك ين ُفث ما فيه من‬
‫ِ‬
‫وأهله‪ ،‬وشتم نبي‬ ‫رضوسا عىل اإلسالم‬ ‫وأعاجم‪ ،‬داخل أمريكا وخارجها‪ .‬وأعلن فيه حر ًبا‬
‫ً‬
‫نبوته‪ ،‬كام نفى أن يكون القرآن الكريم ً‬
‫منزل من عند اهلل‪،‬‬ ‫اإلسالم عليه الصالة والسالم‪ ،‬ناف ًيا َّ‬
‫عم هم فيه من‬
‫كام ش َّن هجو ًما شديدً ا عىل مبدأ اجلهاد يف اإلسالم‪ ،‬داع ًيا املسلمني إىل التخيل َّ‬
‫عنف وإرهاب‪ ،‬وكفر وضالل‪ ،‬كام يقول!‪.‬‬
‫وقد تصدى الشيخ الدكتور صالح اخلالدي ’ لدحض افرتاءات هذا األ َّفاك‪ ،‬وبيان‬
‫أباطيل يف كتابه الباطل هذا‪ ،‬فرد عليه ردا علميا ِ‬
‫مفح ًم‪ ،‬مبينًا إفكه وضالله‪.‬‬ ‫َ‬ ‫زيف ما ا َّدعاه من‬
‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫َّ‬
‫فتى املُخت َلق‪ .‬وقد َّ‬
‫حتل الشيخ‬ ‫ورتَّب الشيخ ر َّده عىل هذا املفرتي كرتتيب الكتاب امل ُ َ َ‬
‫‪193‬‬

‫يف ر ِّده ذلك باملوضوعية واألمانة العلمية؛ فكان يذكر مجلة من الكتاب املف َرتى كام هي‪ ،‬دون‬
‫تغيري هلا‪ ،‬أو زيادة فيها‪ ،‬أو حذف منها‪ ،‬عىل ما فيها من سوء و ُقبح وبذاءة واستفزاز للمسلمني‪،‬‬
‫نقضها والر َّد عليها‪ ،‬ويبني اآلية القرآنية التي أخذ منها املفرتي كالمه‪ ،‬وحتريفه هلا‪،‬‬
‫ثم يتوىل َ‬
‫وتال ُعبه هبا‪ ،‬وحتويلها عن سياقها وهدفها‪ ،‬لتكون شاهد ًة له ضد املسلمني‪.‬‬
‫عرف يف األول منها هبذا املتن ِّبئ املفرتي‪> ،‬الدكتور أنيس‬ ‫َ‬
‫بمباحث؛ َّ‬ ‫ومهد قبل ذلك‬
‫َّ‬
‫وعرف يف املبحث الثاين بكتابه >الفرقان احلق<‪ ،‬وأهدافه‪ ،‬والذين كانوا وراء نرشه‬
‫شوروش<‪َّ ،‬‬
‫ُّ‬
‫وتوزيعه‪ ،‬ثم ذكر يف املبحث الثالث أهم ما قيل يف هذا الكتاب املف َرتى يف الصحف واملجالت‬
‫العربية‪ ،‬التي صدرت يف الدول العربية‪ ،‬أو يف أمريكا نفسها‪ .‬ومنها مقال األستاذ مصطفى‬
‫بكري‪ ،‬الذي أثبته بتاممه يف املبحث الرابع‪.‬‬
‫‪194‬‬

‫بصائر‬

‫مقاالت الدكتور صالح الخالدي‬

‫هذا الكتاب هو جمموعة مقاالت أسبوعية كتبها‬


‫الشيخ صالح يف زاوية (بصائر) من >صحيفة السبيل<‬
‫األردنية‪ ،‬ما بني عامي ‪2003‬م و‪2008‬م‪ ،‬ثم ُجعت‬
‫املقاالت يف هذا الكتاب حتت العنوان نفسه‪.‬‬
‫ً‬
‫مقال يف‬ ‫وبلغ عدد تلك املقاالت ‪236‬‬
‫موضوعات شتى‪ ،‬فقد كانت حلقات (بصائر) متنوعة‪ ،‬تناولت خمتلف املوضوعات‪ ،‬وعاجلت‬
‫خمتلف اجلوانب؛ فمنها ما هو بصائر تربوية‪ ،‬وبصائر أخالقية‪ ،‬وبصائر سياسية‪ ،‬وبصائر‬
‫اقتصادية‪ ،‬وبصائر اجتامعية‪ ،‬وبصائر جهادية‪ ،‬وبصائر توجيهية‪ .‬ومنها ما هو بصائر حملية‪،‬‬
‫وبصائر عربية‪ ،‬وبصائر دولية‪.‬‬
‫كل ذلك يدل عىل وعي الشيخ‪ ،‬ومعرفته بواقعه املعارص بمختلف جوانبه‪ ،‬وأنه مل يكن‬
‫حريصا عىل معايشة أحداث الساعة معايشة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫منعزل عن واقعه‪ ،‬منكف ًيا عىل نفسه؛ فقد كان‬
‫إسالمية‪ ،‬ومتابعة التطورات متابعة قرآنية‪ ،‬فعمل عىل متابعة األحداث متابعة واعية مبرصة‪،‬‬
‫عرب وسائل اإلعالم واالتصال‪ ،‬من صحف يومية وأسبوعية‪ ،‬وقنوات فضائية عديدة‪ ،‬وما فيها‬
‫من تعليقات وحتليالت واستنتاجات‪.‬‬
‫وكان الشيخ خيتار احلدث األسبوعي األهم‪ ،‬ويتوىل معاجلته والتعليق عليه بأسلوب‬
‫املخصصة للزاوية‪.‬‬
‫َّ‬ ‫خمترص‪ ،‬يتفق مع املساحة‬
‫حريصا يف مقاالته عىل حتليل احلدث حتليلً إسالم ًيا‪ ،‬وعىل ربطه بحقائق القرآن‬
‫ً‬ ‫كام كان‬
‫الثابتة‪.‬‬
‫وقد ركَّز الشيخ يف هذه املقاالت كث ًريا عىل كشف أساليب األعداء الطامعني فينا ويف‬
‫بالدنا وخرياتنا‪ ،‬واملحاربني لديننا‪ .‬ويف مقدمة هؤالء األعداء‪ :‬اليهود واألمريكان؛ ولذلك‬
‫‪195‬‬

‫العدو ْين اللدود ْين يف هذه املقاالت‪.‬‬


‫َّ‬ ‫كثُر احلديث عن هذين‬
‫نامذج من عناوين تلك املقاالت‪ ..‬أو (البصائر)‪ ...‬إلعطاء فكرة عامة عن‬
‫َ‬ ‫و ُأورد هنا‬
‫مضامينها‪.‬‬
‫هلزة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫غراس القرآن وثامره‪ .‬حجاب فوبيا‪ .‬اإلرهاب وتوتر األعصاب‪ .‬التفسري اإليامين َّ‬
‫البحر امليت‪ .‬العدالة عىل الطريقة األمريكية‪ .‬الرنتييس عمالق يف عرص األقزام‪ .‬ويل ألقامع‬
‫اآلذان‪ .‬معامل احلرب العاملية األمريكية‪ .‬القرضاوي اإلرهايب‪ .‬احلبيب الشيخ إبراهيم العيل‪.‬‬
‫برنامج نموذجي ليوم رمضاين‪ .‬درس للعمالء‪ .‬بني علامء التحريض وشيوخ التثبيط‪ .‬من‬
‫َفاو َض عليها‪ .‬لامذا فصلوا خطيب اجلمعة‪ .‬إغالق إذاعة القرآن‪.‬‬
‫هم اإلرهابيون‪ .‬ثوابت ال ت ُ‬
‫ال تقنطوا من رمحة اهلل‪ .‬غضب الطبيعة أم غضب اهلل‪ .‬جاسوس عىل رأسه عاممة‪ .‬جهاد‬
‫وجحر الضب‪ .‬وسائل عملية لنرصة خري الربية‪ .‬حول‬
‫األمس إرهاب اليوم‪ .‬ليلة رأس السنة ُ‬
‫املوسيقى اإلسالمية‪ .‬احلجاب غري اإلسالمي‪ .‬الدوران مع القرآن‪ .‬حول املنشدة ميس ش َلش‪.‬‬
‫كالم رصيح حول قتل املدنيني‪ .‬مستوطنات هيودية قادمة يف العامل العريب‪ .‬أمريكا وإيران‪:‬‬
‫أهيام عدونا األول؟ من هم الظالم ُّيون‪ .‬السياحة اإلسالمية للمواقع األثرية‪ .‬الصواريخ العبثية‬
‫تُفشل القبة الفوالذية‪ .‬سفرية هيودية لدولة عربية‪ .‬شهادة سامي احلاج‪ .‬صيف راقص‪ .‬مع‬
‫االقتصاد اإلسالمي‪ .‬احلكم بني التأبيد والتوريث‪ .‬مواصفات املسلم الوسطي…‪.‬‬
‫‪196‬‬

‫البيان يف إعجاز القرآن‬

‫كثرية هي الكتب >التي بحثت يف اإلعجاز‪،‬‬


‫ٍ‬
‫ونظريات‪ ،‬وأضافوا عىل‬ ‫أفكارا وآرا ًء‬ ‫أصحابا‬ ‫وقدَّ م‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫إضافات كثري ًة نافعة؛ مثل أيب بكر الباقلَّين‬ ‫من سبقهم‬
‫وعبد القاهر اجلرجاين‪ .‬ويف العرص احلديث حممد رشيد‬
‫رضا‪ ،‬ومصطفى صادق الرافعي‪ ،‬والدكتور حممد عبد‬
‫اهلل دراز‪ ،‬وسيد قطب<‪.‬‬
‫يقر يف كتابه هذا بفضل هؤالء العلامء‪ ،‬وسبْ ِ‬
‫قهم إىل الكتابة يف (إعجاز القرآن)‪،‬‬ ‫واملؤلف ُّ‬
‫املدرس‪ ،‬يف مبحث إعجاز القرآن >ال‬
‫وما يف كتبهم من فوائد‪ .‬لكنه يرى أن الدارس‪ ،‬وكذلك ِّ‬
‫يرى مرج ًعا حوى معظم مباحث الامدة وجزئياهتا‪ ،‬ورتَّبها ترتي ًبا موضوع ًيا منهج ًيا<‪ .‬لذا رأى‬
‫ماس ٌة لكتابة كتاب يف اإلعجاز‪ ،‬جيمع مسائله املتناثرة‪ ،‬و ُي ِّ‬
‫نسق خيوطه املتداخلة‬ ‫أن >احلاج َة َّ‬
‫املتشابكة<‪.‬‬
‫فكان هذا الكتاب الذي جاء يف أربعة فصول‪:‬‬
‫قدَّ م يف الفصل األول بمقدِّ مات لدراسة إعجاز القرآن‪ .‬وشملت هذه املقدمات‬
‫تسعة مباحث‪ :‬األول يف كلمة (إعجاز) واشتقاقها واستعامالهتا‪ .‬وأورد يف املبحث الثاين‬
‫كلامت قرآنية قريبة من معنى املعجزة‪ .‬كام ذكر يف املبحث الثالث البدايات األوىل للمعجزة‬
‫واإلعجاز‪ .‬وخصص املبحث الرابع للحديث عن مادة (العجز) يف القرآن الكريم‪ .‬وتبعه يف‬
‫املبحث اخلامس املقارنة بني معجزة نبينا حممد × ومعجزات األنبياء السابقني‪ .‬وأورد يف‬
‫املبحث السادس آيات التحدي يف القرآن الكريم‪ .‬وحتدث يف املبحث السابع عن املستوى‬
‫البياين الرفيع الذي كان عليه العرب عند نزول القرآن‪ ،‬ثم تبعه املبحث الثامن للحديث عن‬
‫والعجز واإلعجاز‪ .‬وكان املبحث التاسع واألخري يف هذا الفصل للحديث عن‬
‫ْ‬ ‫املعاجزة‬
‫َ‬
‫كمن اإلعجاز ووسائل إدراكه‪.‬‬
‫َم َ‬
‫‪197‬‬

‫وبحث يف الفصل الثاين فكرة اإلعجاز يف مسريهتا التارخيية من القرون املتقدمة‪ ،‬من‬
‫القرون األوىل‪ ،‬حتى جاء القرن الرابع اهلجري‪ ،‬الذي بدأت فيه مسألة اإلعجاز القرآين تأخذ‬
‫طابع التقعيد والتنظيم والرتتيب‪ .‬ثم تابع رسد جهود العلامء يف هذا الباب‪ ،‬عرب القرون الالحقة‬
‫العرص الذهبي الثاين لإلعجاز؛ فذكر‬
‫َ‬ ‫حتى القرن الرابع عرش اهلجري‪ ،‬الذي يراه املؤلف هو‬
‫ُدعا َة اإلعجاز القرآين بش َّقيه العلمي والبياين‪ ،‬وما قدَّ موه يف هذا الباب‪ ،‬وذكر منهم‪ :‬حممد‬
‫رشيد رضا‪ ،‬ومصطفى صادق الرافعي‪ ،‬وحممد عبد اهلل دراز‪ ،‬وسيد قطب‪.‬‬
‫وجاء الفصل الثالث لبيان اإلعجاز يف األسلوب القرآين؛ ومتحد ًثا عن ألوان اإلعجاز‬
‫البياين الثالثة‪ :‬رس احلرف بش َّقيه‪ :‬حروف املباين وحروف املعاين‪ ،‬ورس الكلمة‪ ،‬ورس التعبري‪.‬‬
‫كام حتدث يف هذا الفصل عن مزايا األداء القرآين والتصوير الفني عند سيد قطب‪ ،‬ثم خصائص‬
‫التصوير الفني يف القرآن‪.‬‬
‫وختم الكتاب يف الفصل الرابع باحلديث عن اإلعجاز يف املضمون القرآين؛ مثل‬
‫اإلعجاز الغيبي الاميض أو املستقبل‪ ،‬واإلعجاز العلمي‪ ،‬وهو أبرز وجوه اإلعجاز يف هذا‬
‫العرص‪ ،‬وذكر فيه إسهامات املفكر الفرنيس >موريس بوكاي< والشيخ الشعراوي يف هذا‬
‫الباب‪ .‬ثم ختم الفصل باحلديث عن اإلعجاز الترشيعي‪ ،‬واإلعجاز النفيس‪ .‬‬
‫‪198‬‬

‫الر َّباين واإلسالم األمريكاين‬


‫بين اإلسالم َّ‬

‫خمصص للحديث عن احلرب‬


‫هذا الكتاب َّ‬
‫األمريكية عىل اإلسالم؛ بتحريف قواعده األساسية‪،‬‬
‫وحتريف معانيه احلية‪ ،‬وتفريغه من مضمونه املؤ ِّثر‪،‬‬
‫وحتويله إىل شكل جامد‪ ،‬من دون روح أو حياة‪.‬‬
‫وجـ ــاء الكت ـ ــاب لتبصي ـ ــر املسلميـ ـ ــن بإسالمه ــم‬
‫الصحيح‪ ،‬وفتح عيوهنم عىل مكائد أعدائهم وخم َّططاهتم‪.‬‬
‫كام كان الكتاب ر ًّدا عىل خطة وضعتها جلنة من وزارة اخلارجية األمريكية سنة ‪2002‬م‪،‬‬
‫أسمتها >جلنة تطوير اخلطاب الديني يف الدول العربية واإلسالمية<‪.‬‬
‫تضمن هذا الر ُّد ثامنية مباحث؛ أورد يف املبحث األول ً‬
‫مقال لسيد قطب ’‪ ،‬عنوانه‬ ‫َّ‬
‫>إسالم أمريكاين<‪ ،‬كان قد نرشه يف >جملة الرسالة< املرصية سنة ‪1952‬م‪ .‬وكان هو َ‬
‫أول من‬
‫أطلق هذا املصطلح عىل اإلسالم الذي تريد أمريكا تسويقه‪ ،‬وإحال َله َّ‬
‫حمل اإلسالم الر َّباين‪.‬‬
‫وأورد يف املبحث الثاين مخسة وعرشين ملمحا من مالمح اإلسالم األمريكاين ِ‬
‫وسامته‪،‬‬ ‫َ ً‬
‫الذي تريد أمريكا نرشه بام حيقق أهدافها لضامن بقائها يف املنطقة‪.‬‬
‫وجاء املبحث الثالث يف نقض اإلسالم األمريكاين‪ ،‬وبيان خمالفة اإلسالم الرباين‬
‫والسامت لإلسالم الذي يرىض عنه األمريكان‪.‬‬
‫لإلسالم األمريكاين‪ ،‬كام نقض املالمح ِّ‬
‫ووضع يف املبحث الرابع خالصة ُخطة (أمركة) اخلطاب اإلسالمي للمسلمني‪.‬‬
‫وبي يف املبحث اخلامس أهم األسباب التي دفعت األمريكان لوضع هذه اخلطة‪،‬‬ ‫َّ‬
‫واألهداف التي أرادوا حتقيقها منها‪.‬‬
‫عنرصا من عنارص اخلطة األمريكية‪ ،‬والوسائل‬
‫ً‬ ‫وساق يف املبحث السادس أربعة عرش‬
‫التي حددها واضعوا هذه اخلطة لتنفيذها وتطبيقها‪.‬‬
‫وسجل يف املبحث السابع وجوه خمالفة اإلسالم الر َّباين الصحيح لعنارص تلك اخلطة‬
‫َّ‬
‫‪199‬‬

‫األمريكية ووسائلها؛ ليعرف املسلمون إنكار اإلسالم لتلك العنارص وبراءته منها‪.‬‬
‫واملبحث الثامن‪ ،‬خامتة هذه املباحث‪ ،‬أكَّد فيه أن اإلسالم الر َّباين يدمغ اإلسالم‬
‫األمريكاين‪ ،‬انطال ًقا من قول اهلل عز وجل‪ :‬ﱹ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚﱸ‬
‫[األنبياء‪.]18 :‬‬
‫وتك َّلم يف هذا املبحث عىل ثالث مسائل‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬املعاين الثالثة لإلسالم يف القرآن‪ :‬باملعنى العام‪ ،‬واملعنى التارخيي‪ ،‬واملعنى‬
‫اخلاص‪ ،‬الذي ُأطلق فيه عىل رسالة رسول اهلل ×‪.‬‬
‫وجوب التحاكم إىل اإلسالم‪ ،‬وااللتزام بحكمه‪ ،‬وطاعة اهلل‬
‫َ‬ ‫وأكَّد يف الرسالة الثانية‬
‫ورسوله ×‪.‬‬
‫وذكر يف املسألة الثالثة أهم معامل اإلسالم الر َّباين ومقاصده‪ ،‬التي متكن معرفتها من‬
‫نصوص الكتاب والسنة‪.‬‬
‫‪200‬‬

‫تحريفات آيات القرآن لف ًظا ومعنى‬

‫يف تفاسير غُالة الشيعة‬

‫أنموذجا)‬
‫ً‬ ‫(تفسير ال ُق ِّمي‬

‫هذا هو الكتاب الثاين الذي ألفه الشيخ صالح‬


‫اخلالدي ’ يف بيان انحراف الشيعة عن منهج‬
‫الكتاب والسنة؛ بسبب حتريفهم آليات القرآن الكريم‬
‫لف ًظا ومعنى‪.‬‬
‫وخصصه لبيان التحريفات‬
‫َّ‬ ‫وكان الكتاب األول هو >الكُليني وحتريفاته آليات القرآن<‪،‬‬
‫التي وردت يف كتاب >الكايف< إلمام الشيعة أيب جعفر ال ُك َليْني‪.‬‬
‫أما هذا الكتاب فهو خمصص لبيان التحريفات التي وردت يف تفسري أيب احلسن عيل بن‬
‫ِ‬
‫اآلنف الذكر وشيخُ ه األول‪.‬‬ ‫إبراهيم ال ُق ِّمي‪ .‬وهو من كبار أئمة الشيعة‪ ،‬بل هو أستاذ الكُليني‬
‫مفسي الشيعة الذين جاؤوا بعده‪ .‬والكتاب ميلء بالروايات‬ ‫وهذا التفسري هو املعتمد عند ِّ‬
‫واألخبار واألقوال اخلاطئة يف تفسري القرآن الكريم‪ ،‬وله منهج خاص يف التفسري‪ ،‬خيتلف َّ‬
‫كل‬
‫االختالف عن مناهج املفرسين من أهل السنة‪.‬‬
‫ولبيان التحريفات والتفسريات اخلاطئة يف تفسري القمي‪ ،‬قام الشيخ صالح اخلالدي‬
‫بجمع الروايات واألخبار واألقوال املتعلقة بتحريف القرآن الكريم؛ فيام يتعلق باإلمامة‬
‫والر ْجعة والقائم‬
‫واألئمة وأمراء املؤمنني‪ ،‬ونظرة الشيعة يف اإلمامة والوالية َّ‬‫َّ‬ ‫والوالية‪،‬‬
‫واملهدي‪ ،‬وما َّنزل عليه ال ُق ِّمي من اآليات‪.‬‬
‫ومل يقف عند أخطائه التفسريية األخرى‪ ،‬يف اجلوانب الفقهية والفكرية والتارخيية‬
‫واللغوية واألخالقية وغريها؛ ألنه يرى أن تلك األخطاء حتتاج يف نقضها وتفنيدها إىل دراسات‬
‫أخرى كثرية‪.‬‬
‫‪201‬‬

‫حرفها ال ُق ِّمي كام أنزهلا‬


‫وكان منهج الشيخ اخلالدي يف هذا الكتاب‪ :‬أن يورد اآلية التي َّ‬
‫حرف ال ُقمي بعض ألفاظها‪َّ ،‬‬
‫وغي فيها وبدَّ ل‪ ،‬فإنه يذكر ما أضافه من كالمه‬ ‫اهلل تعاىل‪ ،‬وإذا َّ‬
‫املحرفة‪ ،‬وبلغ جمموعها ‪ 48‬آية!‬
‫َّ‬ ‫ً‬
‫جدول باآليات‬ ‫عليها‪ .‬وقد أعدَّ يف آخر الكتاب‬
‫ويذكر الشيخ اخلالدي أن حتريف ألفاظ اآليات عند ال ُق ِّمي نوعان‪ :‬األول بتحريف‬
‫حرف‬
‫ألفاظ اآليات‪ ،‬والثاين هو حتريف معاين بعض اآليات‪ .‬وبلغ جمموع اآليات ‪ 371‬آية‪َّ ،‬‬
‫ِ‬
‫ودالالتا‪.‬‬ ‫حرف معان َيها‬ ‫ِ‬
‫وكلامتا‪ ،‬أو َّ‬ ‫ال ُق ِّم ُّي ألفاظها‬
‫املحرف‬
‫َّ‬ ‫وكان ’ يذكر التفسري الصحيح واملعنى الصحيح لآلية‪ ،‬ثم يذكر املعنى‬
‫اخلاطئ الذي ذكره ال ُق ِّمي؛ سوا ًء أكان فيام يتعلق بالوالية واإلمامة واإلمارة‪ ،‬أم الكالم عىل ما‬
‫جرى بني عيل بن أيب طالب وبني الصحابة‪ ،‬ريض اهلل عنهم أمجعني‪.‬‬
‫‪202‬‬

‫تصويبات يف فهم بعض اآليات‬

‫موضوع هذا الكتاب هو تصحيح أفهام بعض‬


‫فهم‬ ‫املسلمني آليات من القرآن الكريم‪ِ ،‬‬
‫فهموها ً‬
‫مرفوضا‪ ،‬واستدلوا هبا عىل‬
‫ً‬ ‫وفسوها تفس ًريا‬ ‫خاط ًئا‪َّ ،‬‬
‫ٍ‬
‫دالالت غ َري مقبولة‪،‬‬ ‫باطلة‪ ،‬واستخرجوا منها‬‫ٍ‬ ‫أشيا َء‬
‫فحرفوا بذلك معان َيها‪ ،‬وع َّطلوا وظيفتها‪.‬‬‫َّ‬
‫الكتاب بإيراد إشارات رسيعة إىل‬
‫َ‬ ‫بدأ املؤلف‬
‫ِ‬
‫والتحذير من القول يف تفسريه بغري علم‪.‬‬ ‫وجوب تد ُّبر القرآن‪،‬‬
‫ثم حتدث عن أهم العلوم التي حيتاجها الناظر يف القرآن واملتد ِّبر آلياته‪ ،‬وأهم اآلداب‬
‫املعوقات التي تعيق الناظر يف القرآن عن ُح ْسن‬
‫مراعاتا أثناء ذلك‪ .‬كام حتدث عن ِّ‬
‫ُ‬ ‫التي تلزمه‬
‫فهمه وتد ُّبره‪.‬‬
‫نامذج من توضيح رسول اهلل × ما غمض عىل الصحابة رضوان اهلل‬
‫بعد ذلك ذكر َ‬
‫ومصو ًبا هلم األخطاء التي وقعوا فيها‪ ،‬عن غري قصد منهم‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫عليهم من معاين بعض اآليات‪،‬‬
‫ومقدِّ ًما املعاين الصحيحة يف ذلك‪.‬‬
‫ثم وقف مع صحابة رسول اهلل ×‪ ،‬باعتبارهم أمنا َء عىل ُحسن فهم القرآن‪ ،‬وأورد‬
‫ٍ‬
‫ألخطاء وقع فيها آخرون يف‬ ‫اثني عرش ً‬
‫مثال لتصويباهتم يف معاين اآليات‪ ،‬أو تصحيحاهتم‬
‫فهمهم آليات قرآنية‪.‬‬
‫الشيخ من إيراد هذه األمثلة من حياة الرسول عليه الصالة والسالم وأصحابه‬
‫ُ‬ ‫وهدَ ف‬
‫ٍ‬
‫وتفسري‬ ‫يبي وجوب التصحيح والتصويب لكل فه ٍم خاطئ للقرآن‪،‬‬ ‫رضوان اهلل عليهم‪ ،‬أن ِّ‬
‫مرفوض آلياته‪ ،‬والر ِّد عىل كل من قام بذلك‪ ،‬واإلنكار عليه‪.‬‬
‫ٍ‬
‫آليات من القرآن‪،‬‬ ‫وخصص باقي الكتاب لتصحيح تفسري بعض املسلمني املعارصين‬
‫َّ‬
‫ولتصويب فهمهم هلا‪ ،‬واستدالهلم هبا‪ ،‬واستشهادهم منها‪ .‬وأورد يف ذلك ثالثني آية فهمها‬
‫‪203‬‬

‫وحرفوا معانيها‪،‬‬
‫َّ‬ ‫فشوهوا مفاهيمها‪،‬‬
‫البعض عىل غري مقصدها‪ ،‬ومحَلوها عىل غري حمملها‪َّ ،‬‬
‫وأبطلوا دالالهتا‪.‬‬
‫ومفاهيمها متنوعة؛ فمنها آيات يف اإليامن‬
‫ُ‬ ‫وكانت موضوعات هذه اآليات خمتلفة‪،‬‬
‫والعقيدة‪ ،‬ومنها آيات يف اجلهاد‪ ،‬ومنها آيات يف الدعوة والعمل واحلركة‪ ،‬ومنها ما هو يف‬
‫ُ‬
‫والرابط بينها‬ ‫االقتصاد واالجتامع والسياسة والتاريخ واألحوال الشخصية‪ ،‬وما إىل ذلك‪.‬‬
‫ومفاهيم حياتي ًة‪ ،‬نعيشها يف واقعنا املعارص‪.‬‬
‫َ‬ ‫أن هلا أبعا ًدا واقعي ًة‪،‬‬
‫مجي ًعا َّ‬
‫منهجا وضاب ًطا يف تفسريه لآليات التي ذكرها‪،‬‬
‫ً‬ ‫وقد وضع الشيخ اخلالدي لنفسه‬
‫وتصويب الفهم اخلاطئ يف فهمها‪ .‬وهذا املنهج يتلخَّ ص يف أنه وقف وقفة متجرد ًة من دون‬
‫ومقر ِ‬
‫راتا‪ .‬كام حرص عىل النظر‬ ‫َّ‬ ‫مفاهيمها وحقائ َقها‬
‫َ‬ ‫مقررات سابقة‪ ،‬وتل َّقى من هذه اآليات‬
‫َّ‬
‫يف اآليات املتشاهبة يف املوضوع الواحد‪ ،‬ليستخرج الدالالت من اآليات جمتمع ًة‪ ،‬وليقدِّ م‬
‫مفاهيمها متكامل ًة‪ ،‬وهو املنهج املعروف بتفسري القرآن بالقرآن‪.‬‬
‫أيضا يف هذا الكتاب‪ :‬أنه اعتمد ً‬
‫أول ما قاله الرسول × يف معنى‬ ‫ومن منهج الشيخ ً‬
‫اآلية‪ ،‬إ ْن وجد رواية صحيحة يف ذلك‪ ،‬واعتمد بعدها أقوال الصحابة والتابعني‪ ،‬ثم أقوال‬
‫فسها‬ ‫َ‬
‫وخطأ من َّ‬ ‫مدار البحث‪،‬‬
‫يقرر بعد ذلك الفهم الصحيح لآلية َ‬‫املفرسين املتقدمني‪ .‬ثم ِّ‬
‫عىل غري حمملها‪ ،‬دون أن يذكر أعياهنم أو أسامءهم‪ ،‬حتى ال يكون يف ذلك اهتام لألشخاص‪،‬‬
‫إبطال القول اخلاطئ‪ ،‬ومل يكن يعنيه ِذكر اسم القائل‪.‬‬
‫فه ُّم الشيخ ’ كان َ‬
‫أو جتريح لألفراد‪َ .‬‬
‫نشري إىل أن الكتاب تُرجم يف إيران إىل اللغة الفارسية‪.‬‬
‫‪204‬‬

‫تعريف الدارسين بمناهج المفسرين‬

‫هذا الكتاب مهم يف بابه وموضوعه لطالب العلم‬


‫ِ‬
‫وملريد‬ ‫اجلامعي وغري اجلامعي‪ ،‬وللباحث األكاديمي‪،‬‬
‫املزيدَ من العلم والثقافة عن التفسري واملفرسين‪ .‬فقد‬
‫رأى الشيخ صالح اخلالدي ’ احلاجة ماس ًة لكل‬
‫وعرض‬
‫يتعرفوا إىل أهم مناهج املفرسين‪ْ ،‬‬
‫هؤالء أن َّ‬
‫أهم قواعد كل منهج‪ ،‬وتعريفهم بأشهر التفاسري التي َت َّقق فيها هذا املنهج‪.‬‬
‫وقد قسم الكتاب عىل ثامنية فصول‪ ،‬يف كل واحد منها عدد من املباحث‪.‬‬
‫فعرض يف الفصل األول بعض املقدمات التمهيدية الرضورية ملعرفة مناهج املفرسين‪،‬‬
‫وبي أمهية معرفة هذه املناهج‪ .‬كام حتدث يف هذا‬
‫عرف فيها بمصطلح (مناهج املفرسين)‪َّ ،‬‬
‫َّ‬
‫الفصل عن مصطلحي (التفسري) و(التأويل)‪ ،‬وعرض بعض األقوال يف التفريق بني هذين‬
‫والراجح منها‪ .‬ثم استعرض يف ُعجالة حركة التفسري يف مسريهتا التارخيية‪ ،‬منذ‬
‫َ‬ ‫املصطلحني‪،‬‬
‫عهد الصحابة رضوان اهلل عليهم‪ ،‬حتى العرص احلديث‪.‬‬
‫وانتقل يف الفصل الثاين للحديث عن أهم الرشوط والضوابط والعلوم واآلداب‬
‫والتوجيهات التي ال بد أن تتح َّقق يف املفرسين‪ ،‬وتتمثَّل يف تفاسريهم؛ لتكون صحيح ًة صائبة‪.‬‬
‫املفس‪ ،‬وأهم اآلداب والصفات التي ال بد‬ ‫ِ‬
‫فذكر أهم العلوم الرضورية التي ينبغي أن ُيل َّم هبا ِّ‬
‫أن تتوفر فيه‪ ،‬و َع َرض أحسن طرق التفسري بمراحلها املتدرجة‪ ،‬ثم ذكر أهم أسباب اختالف‬
‫املفرسين‪ ،‬وأهم األخطاء التي يقع فيها بعض املفرسين‪ ،‬وصنَّف هذه األخطاء تصني ًفا‬
‫موضوع ًيا‪ .‬وختم هذا الفصل باحلديث عن أهم الضوابط التي ال بد من وجودها عند دراسة‬
‫واحلكم ً‬
‫عادل‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫صحيحا‬
‫ً‬ ‫التقويم‬
‫ُ‬ ‫التفاسري وتقويمها‪ ،‬واحلكم عليها أو هلا؛ ليكون‬
‫وأفرد الفصل الثالث للحديث عن تفسري القرآن بالقرآن والسنة؛ ألنه يرى أن هذا هو‬
‫‪205‬‬

‫منهجي أن يتعرف عىل هذا النوع من التفسري‪ ،‬ثم ينطلق‬


‫ٍّ‬ ‫مفس‬
‫األساس يف التفسري‪ ،‬وال بد لكل ِّ‬
‫منه يف تفسريه أ ًّيا كان منهجه‪.‬‬
‫ويف الفصل الرابع حتدث عن مسرية التفسري باملأثور من القرن الثالث إىل القرن التاسع‬
‫فبي مفهوم هذا النوع من التفسري‪ ،‬و َع َرض قواعده‪ ،‬ورصد خطواتِه ومراح َله زمن‬ ‫اهلجريي؛ َّ‬
‫ْ‬
‫الصحابة والتابعني وتابعي التابعني‪.‬‬
‫ومنهج آخر من مناهج املفرسين‪ ،‬هو التفسري األثري النظري‪ ،‬حتدث عنه يف الفصل‬
‫موجزا بأشهر ثامنية تفاسري‬
‫ً‬ ‫عرف تعري ًفا‬
‫اخلامس؛ ويف ثالثة مباحث اشتمل عليها هذا الفصل َّ‬
‫متثَّل فيها هذا املنهج‪ ،‬وخصص مبحثًا للتعريف بأشهر هذه التفاسري‪ ،‬وهو >تفسري الطربي<‪،‬‬
‫وفصل احلديث عن منهجه يف التفسري‪ .‬وفعل مثل ذلك يف املبحث الثالث؛‬
‫فعرف بصاحبه‪َّ ،‬‬
‫َّ‬
‫وفصل احلديث عن تفسريه املشهور ومنهجه فيه‪.‬‬
‫عرف باإلمام ابن كثري‪َّ ،‬‬
‫حيث َّ‬
‫وانتقل يف الفصل السادس للحديث عن املنهج الثالث من مناهج املفرسين؛ وهو‬
‫التفسري بالرأي املحمود‪ ،‬أو التفسري العقيل املنضبط بالضوابط والرشوط املطلوبة‪ .‬وجاء هذا‬
‫وعرف يف‬
‫الفصل يف ثالثة مباحث؛ حتدث يف األول منها عن مفهوم التفسري بالرأي املحمود‪َّ ،‬‬
‫فصل القول يف املبحث الثالث عن أكثر هذه التفاسري‬
‫الثاين بأشهر التفاسري يف هذا الباب‪ ،‬ثم َّ‬
‫شهرة‪ ،‬وهو تفسري >مفاتيح الغيب< للرازي‪.‬‬
‫يسمى التفسري‬
‫ورصد يف الفصل السابع أهم االجتاهات املنحرفة يف التفسري‪ ،‬أو ما َّ‬
‫ذاكرا أهم أسباب االنحراف‪ ،‬وأهم الفرق‬
‫وبي أشهر االنحرافات يف هذا التفسري‪ً ،‬‬
‫املذموم‪َّ ،‬‬
‫املنحرفة يف التفسري؛ كاملعتزلة والشيعة واخلوارج والصوفية والفالسفة‪ ،‬ومدَّ عي التجديد‬
‫عرف بأشهر ستة تفاسري ُتثِّل هذا املنهج‪ ،‬مس ِّل ًطا الضوء عىل واحد من أشهرها‪،‬‬
‫املعارص‪ ،‬ثم َّ‬
‫وهو >تفسري الكشاف< للزخمرشي‪ ،‬الذي يمثِّل مدرسة االعتزال‪.‬‬
‫وختم الكتاب يف فصله الثامن باحلديث عن التفسري يف عرصنا احلارض؛ متحد ًثا عن‬
‫وعارضا أهم اجتاهات التفسري فيه؛ وهي االجتاه األثري‪ ،‬واالجتاه العلمي‪،‬‬
‫ً‬ ‫طبيعة هذا العرص‪،‬‬
‫عرف بأشهر مخسة تفاسري معارصة؛‬
‫واالجتاه العقيل‪ ،‬واالجتاه التوفيقي‪ ،‬واالجتاه الدعوي‪ .‬ثم َّ‬
‫وهي >تفسري املنار< ملحمد رشيد رضا‪ ،‬و>حماسن التأويل< للقاسمي‪ ،‬و>أضواء البيان<‬
‫للشنقيطي‪ ،‬و>التحرير والتنوير< للطاهر بن عاشور‪ ،‬و>التفسري املنري< لوهبة الزحييل‪.‬‬
‫‪206‬‬

‫خاصا يف هذا الفصل للحديث عن تفسري >يف ظالل القرآن< لسيد قطب‪،‬‬
‫وأفرد مبحثًا ً‬
‫مرتمجًا لصاحبه ترمجة خمترصة‪ ،‬ثم حتدث عن قصة تأليفه للظالل‪ ،‬واهلدف من تأليفه‪ ،‬واملراحل‬
‫التي مر هبا التأليف‪ ،‬ومنهجه التفسريي فيه‪.‬‬
‫‪207‬‬

‫تفسير ابن كثير تهذيب وترتيب‬

‫>تفسري القرآن العظيم< للحافظ ابن كثري‬


‫انتشارا بني عامة الناس‬
‫ً‬ ‫من أشهر التفاسري وأكثرها‬
‫قديم وحديثًا من ختريج‬
‫وعلامئهم‪ .‬وقد اهتم به العلامء ً‬
‫َ‬
‫أحاديث وآثار‪ ،‬أو اختصار له‬ ‫لام اشتمل عليه من‬
‫خصوصا‬
‫ً‬ ‫وهتذيب‪ .‬ونجد له الكثري من املخترصات‪،‬‬
‫يف عرصنا احلايل‪ ،‬ومن بينها هتذيب وترتيب الشيخ‬
‫صالح اخلالدي ’‪.‬‬
‫ٍ‬
‫عقبات تقف أمام املسلم‬ ‫والذي دفعه إىل هتذيب تفسري ابن كثري‪ :‬أنه رأى أن هناك‬
‫املعارص الراغب يف فهم هذا التفسري؛ منها‪:‬‬
‫تصح ومل تثبت‪ ،‬يف تفسري القصص القرآين‪،‬‬
‫َّ‬ ‫‪ -1‬إيراد بعض القصص واألخبار التي مل‬
‫و َأ ْخذ هذه القصص من اإلرسائيل َّيات‪ ،‬وكان منهج ابن كثري إيراد اإلرسائيليات التي ال‬
‫تتعارض مع القرآن‪ ،‬والسكوت عليها‪.‬‬
‫َ‬
‫أحاديث ضعيفة أو موضوعة‪،‬‬ ‫‪ .2‬رغم غزارة ِعلم احلافظ ابن كثري باحلديث‪ ،‬إال أنه يورد‬
‫مما جيعل القارئ يف حرية‪ ،‬فرغم كثرة األحاديث الصحيحة التي استشهد هبا يف التفسري‪ ،‬إال َّ‬
‫أن‬
‫أيضا‪.‬‬
‫أحاديثه الضعيفة ليست قليلة ً‬
‫‪ .3‬تكرار احلديث بروايات متعددة أحيانًا‪ ،‬مما يش ِّتت القارئ‪.‬‬
‫‪ِ .4‬ذكر عدة أسانيد للحديث‪ ،‬وبعض النِّقاشات والتعليقات املتعلقة بالرجال‬
‫واملصطلح‪.‬‬
‫لذا رأى الشيخ اخلالدي ’ أنه ال بد من العمل عىل خدمة هذا التفسري املبارك‪ ،‬رغم‬
‫وجود خمترصات أخرى له‪ ،‬فقد رآها‪ ،‬عىل كبري فائدهتا‪ ،‬ال تفي بالغرض املقصود من اختصار‬
‫الكتاب‪.‬‬
‫‪208‬‬

‫ومتثَّل منهج الشيخ يف اختصار هذا التفسري فيام يأيت‪:‬‬


‫‪ .1‬قراءة النص التفسريي من تفسري ابن كثري‪ ،‬من أكثر من طبعة‪.‬‬
‫‪ .2‬وقراءة النص التفسريي من أهم خمترصات تفسري ابن كثري‪ ،‬ومها‪> :‬عمدة التفسري<‬
‫ألمحد شاكر‪ ،‬و>خمترص تفسري ابن كثري< للصابوين‪.‬‬
‫‪ .3‬حذف الكالم الذي رآه غري رضوري؛ مثل‪ :‬اإلرسائيليات‪ ،‬والروايات واألخبار‬
‫غري الثابتة‪ ،‬واألحاديث الضعيفة‪ ،‬واألسانيد العديدة املكررة‪ ،‬وكذلك الروايات املكررة‪،‬‬
‫والقراءات الشاذة غري الصحيحة‪ ،‬وتكرار ابن كثري لتفسري اآلية من أكثر من كتاب من كتب‬
‫التفسري؛ كأن ينقل تفسريها من >تفسري الطربي<‪ ،‬ثم ينقله من >تفسري ابن أيب حاتم<‪.‬‬
‫‪ .4‬إعادة قراءة القطعة التفسريية بعد معرفة ما س ُيحذف منها‪.‬‬
‫وجلها رب ًطا‬
‫تناسقها وترتيبها‪ ،‬وربط عباراهتا ُ‬
‫‪ .5‬كتابة القطعة التفسريية‪ ،‬واحلرص عىل ُ‬
‫بيان ًيا‪.‬‬
‫‪ .6‬احلرص عىل مراعاة عالمات الرتقيم من الفواصل والنقط‪ ،‬وعالمات التعجب‬
‫فهم النص‪.‬‬
‫ليسهل عىل القارئ ُ‬
‫واالستفهام‪ ،‬والفقرات الواضحة املرتابطة‪ُ ،‬‬
‫‪ .7‬الترصف بالصياغة عند الرضورة‪ ،‬ليبدو الكالم مرتاب ًطا متامسكًا‪.‬‬
‫‪ .8‬ترقيم اآليات القرآنية الواردة يف التفسري‪ ،‬بذكر اسم السورة ورقم اآلية‪.‬‬
‫‪ .9‬املحافظة عىل تقسيم ابن كثري لآليات‪ ،‬واحلرص عىل تسـجيل كالمه‪ ،‬وإيراد ما ذكر‬
‫من علم نافع غزير‪ ،‬وعدم التدخل بالتعليق أو املناقشة‪.‬‬
‫صح منها‪ ،‬وإغفال ما كان موضو ًعا أو ضعي ًفا‪.‬‬
‫‪ .10‬حسن انتقاء األحاديث واختيار ما َّ‬
‫وقد عهد الشيخ صالح بتخريج األحاديث الواردة يف التفسري إىل الشيخ إبراهيم بن‬
‫حممد العيل ’‪ ،‬فقام بذلك عىل أحسن وجه وأكمله‪.‬‬
‫‪209‬‬

‫تفسير الطبري‪ ‬‬
‫جامع البيان عن تأويل آي القرآن‬
‫تقريب وتهذيب‬

‫املؤرخني‪ ،‬فهو اإلمام الطربي (ت‬


‫إذا قيل شيخ ِّ‬
‫املفسين‪ ،‬فهو اإلمام الطربي‬
‫‪310‬هـ)‪ ،‬وإذا قيل شيخ ِّ‬
‫أيضا‪ .‬فقد َّبرز رمحه اهلل يف علوم كثرية‪ ،‬كان التاريخ‬
‫ً‬
‫أشهرها‪.‬‬
‫َ‬ ‫والتفسري‬
‫ومن أشهر ما أ َّلف فيه كتابه ذائع الصيت >جامع البيان عن تأويل ِ‬
‫آي القرآن<‪ ،‬الذي‬
‫كان ُعمد َة من أتى بعده من كبار املفرسين‪ ،‬فاعتمدوا عليه واقتبسوا منه‪.‬‬
‫وقد أسهب اإلمام الطربي يف تفسريه بذكر كثري من الروايات واألقوال حول تفسري‬
‫اآلية الواحدة‪ ،‬م ِ‬
‫عملً رأ َيه أحيانًا يف الرتجيح بني هذه األقوال والروايات‪.‬‬ ‫ُ‬
‫أن (تقريب) تفسري الطربي أصبح رضور ًيا للمسلم‬ ‫لذا رأى الشيخ صالح اخلالدي َّ‬
‫وفهمها حيتاج أحيانًا إىل وقفة‬
‫ُ‬ ‫املعارص؛ ألن عبارة الطربي يف تفسريه فيها بعض الصعوبة‪،‬‬
‫طويلة متأنية أمامها‪ ،‬من أجل معرفة مراد اإلمام الطربي منها‪ .‬كام رأى احلاج َة ماس ًة إىل إعادة‬
‫صياغة تفسري الطربي وفق أساليب الصياغة والعرض املعارصة‪ ،‬خدم ًة للمسلم املعارص‪،‬‬
‫العلم عنه باالستطرادات وكثرة‬
‫ُ‬ ‫حتى يقف عىل العلم الغزير يف هذا التفسري‪َّ ،‬‬
‫وأل ُي َجب هذا‬
‫الروايات واخلالفيات واملناقشات واإلرسائيليات التي أوردها اإلمام الطربي؛ فقام هبذه‬
‫املهمة (الشاقة)‪ ،‬كام سامها‪ ،‬وعمل عىل هتذيب هذا التفسري وتقريبه ألهل العرص احلديث‪.‬‬
‫واجتهد أن يكون التعبري والصياغة بألفاظه هو وأسلوبِه‪ ،‬ال بألفاظ الطربي وأسلوبه‪،‬‬
‫أقر بأن ما‬
‫ألنه لو فعل ذلك النتفت الغاية من االختصار والتهذيب كام يقول‪ .‬مع أنه ’ َّ‬
‫يف >هتذيبه< هذا من أفكار وأقوال وآراء واختيارات‪ ،‬هي مجي ُعها لإلمام الطربي نفسه‪ ،‬حيث‬
‫‪210‬‬

‫ذكرها بموضوعية وأمانة‪ ،‬من غري أن يتدخل فيها؛ فالشيخ ’ ُيورد رأي الطربي الذي‬
‫رجحه وتبنَّاه يف تفسريه‪ ،‬ولو خالفه يف هذا الرأي‪ ،‬وإن كان ِمن مأخذ عنده‪ ،‬فإنه يسجله يف‬
‫َّ‬
‫هوامش الصفحات‪ ،‬ال يف متن الكتاب‪.‬‬
‫أما منهج الشيخ صالح يف تقريبه وهتذيبه لتفسري الطربي‪ ،‬فيتلخَّ ص فيام يأيت‪:‬‬
‫ ●حذف الكم الكبري من األقوال املأثورة‪ ،‬ومل ُيثبِت إال بعضها مما ِّ‬
‫يوضح معنى اآلية‬
‫ويفرسها‪ ،‬من غري ذكر األسانيد التي حرص اإلمام الطربي عىل اإلكثار منها وتكرارها‪.‬‬
‫ ●مل يــورد مــن األحاديــث النبويــة إال مــا صـ َّـح منهــا‪ ،‬وأغفــل األحاديــث الضعيفــة‬
‫واملوضو عــة‪.‬‬
‫ ●حرص عىل استبعاد كل الروايات املنقولة عن أهل الكتاب‪ ،‬من األساطري‬
‫ُفصل الكثري من أحداث السابقني‪ ،‬والتي مل‬
‫واإلرسائيليات‪ ،‬التي تتعلق بمبهامت القرآن‪ ،‬وت ِّ‬
‫ترد يف األحاديث الصحيحة وبأسانيدَ صحيحة‪.‬‬
‫املكررة التي أوردها اإلمام الطربي يف مباحثه اللغوية‪،‬‬
‫ ●أسقط كث ًريا من األقوال الكثرية َّ‬
‫الرضوري‬
‫َّ‬ ‫واستشهاداته باألشعار العربية اجلاهلية‪ ،‬ومل يورد من تلك األقوال واألشعار إال‬
‫منها‪.‬‬
‫ ●استبعد كث ًريا من مناقشات اإلمام الطربي ألصحاب األقوال األخرى يف مسائل اللغة‬
‫والعقيدة والكالم والفقه والتاريخ والتفسري‪ ،‬واقترص عىل املهم منها والرضوري‪.‬‬
‫مهها وأشهرها‪ ،‬وأوضحها ارتبا ًطا بالنص‬
‫ ●كذلك مل يورد من أدلة الطربي املختلفة إال أ َّ‬
‫وتفسريه‪.‬‬
‫أما احلكم عىل األحاديث النبوية الواردة يف هذا (التقريب) فهو من صنع الشيخ إبراهيم‬
‫حممد العيل ’‪ .‬وقد أشار الشيخ صالح إىل ذلك داخل الكتاب‪ ،‬كام أثبته بخط يده عىل‬
‫صفحة عنوان الكتاب‪.‬‬
‫وتصحيحا يف طبعاته املختلفة‪ ،‬كان‬ ‫وظل الشيخ ي ِ‬
‫عمل النظر يف هذا الكتاب مراجع ًة‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫اسمه ِّ‬
‫بخط يده عىل‬ ‫آخرها يف أسبوع وفاته‪ ،‬وقد ِ‬
‫عهد إىل ابنه الدكتور حذيفة بمراجعته‪ ،‬وأثبت َ‬
‫صفحة العنوان‪.‬‬
‫‪211‬‬

‫التفسير المنهجي‬

‫هذا الكتاب من الكتب املنهجية األكاديمية‬


‫منهاجا للتدريس يف املدارس‬
‫ً‬ ‫التي ُأ ِعدت لتكون‬
‫تدريس الطلبة تفس َري القرآن كاملً‪.‬‬
‫َ‬ ‫األردنية التي تلتزم‬
‫واشرتك يف تأليفه ُث َّلة من علامء األردن؛ هم‪ :‬الشيخ‬
‫الدكتور صالح اخلالدي‪ ،‬والشيخ الدكتور فضل‬
‫حسن عباس‪ ،‬والدكتور مجال أبو حسان‪ ،‬والدكتور‬
‫أمحد شكري‪ ،‬والدكتور أمحد نوفل‪.‬‬
‫وقد كان املجلدان السابع والثامن مها سهم الشيخ صالح من هذا الكتاب‪ ،‬واشتمال‬
‫عىل التفسري من سورة >الفرقان< إىل هناية سورة >فصلت<‪.‬‬
‫وسار الشيخ صالح‪ ،‬وإخوانه العلامء الذين اشرتكوا يف هذا التفسري‪ ،‬عىل منهج واحد‬
‫متدرج‪ ،‬متثَّل يف النقاط اآلتية‪:‬‬
‫ون ََسق متقارب ِّ‬
‫مقاطع قصرية‪ ،‬تشتمل عىل اختيار العبارة السهلة الواضحة بام‬
‫َ‬ ‫ ●تقسيم السورة عىل‬
‫يتناسب مع أعامر الطلبة ومستوياهتم‪.‬‬
‫ ●ب ْدء كل درس بتبيني معاين املفردات والرتاكيب التي حيتاج الطلبة إىل معرفتها‪.‬‬
‫ ●التعريف بالسورة بإجياز قبل الرشوع يف تفسريها‪.‬‬
‫ ●تفسري اآليات بصورة معتدلة وبعبارة قريبة مبارشة‪.‬‬
‫ ●الربط بني آيات الدرس السابق والتايل‪.‬‬
‫ ●اختيار القول الراجح يف معنى اآلية‪ ،‬وعدم إشغال الطلبة باألقوال املتعددة أو‬
‫الضعيفة‪.‬‬
‫ ●اختيار مذهب السلف يف تفسري آيات الصفات‪.‬‬
‫ ●إغناء كل درس بعدد من األنشطة املناسبة ذات الصلة باآليات ِلَ ْفز الطالب عىل‬
‫‪212‬‬

‫البحث والتفكري وترسيخ املعلومة يف ذهنه‪.‬‬


‫ ●إتْباع كل درس بعدد من ِ‬
‫الع َب والدروس املستنبطة من اآليات الكريمة‪.‬‬
‫ ●ختم كل درس بعدد من األسئلة املتنوعة التي هتدف إىل تقويم الطالب‪ ،‬وتبيني مقدار‬
‫استيعابه للدرس‪ ،‬وح ْفزه عىل البحث عن اإلجابة لألسئلة يف ِّ‬
‫مظانا‪.‬‬
‫ ●تذييل بعض الدروس بفائدة أو رواية أو حادثة أو حديث له صلة بموضوع الدرس؛‬
‫هبدف إمتاع القارئ‪ ،‬وإفادته هبذه املعلومة‪.‬‬
‫ ●ختريج األحاديث النبوية وروايات أسباب النزول‪ ،‬مع احلرص عىل االقتصار عىل‬
‫الصحيح من األحاديث‪.‬‬
‫‪213‬‬

‫التفسير الموضوعي بين النظرية والتطبيق‬


‫دراسة نظرية تطبيقية مرفقة بنماذج‬
‫ولطائف التفسير الموضوعي‬

‫اهتم علامء التفسري األوائل بالتفسري التحلييل‬


‫وسو ِره‪ ،‬فيام تطرق املفرسون‬
‫َ‬ ‫آليات القرآن الكريم‬
‫املعارصون إىل نوع جديد من التفسري‪ ،‬وهو التفسري‬
‫املوضوعي‪ ،‬مبينني قواعده و ُأ ُسسه وكيفيته‪.‬‬
‫وهذا الكتاب الذي وضعه الشيخ ’ هو نِتاج سنوات طويلة من التدريس يف عديد‬
‫ملح ًة للكتابة يف هذا‬
‫من اجلامعات األردنية لامدة >التفسري املوضوعي<‪ ،‬حيث رأى احلاجة َّ‬
‫معمق‪ .‬مستفيدً ا من الدراسات والتآليف‬
‫وميس‪ ،‬ويف الوقت نفسه َّ‬
‫مبسط َّ‬
‫املوضوع بأسلوب َّ‬
‫السابقة له يف هذا الباب‪ ،‬مثل كتاب >مباحث يف التفسري املوضوعي<‪ ،‬لشيخه وأستاذه الدكتور‬
‫مصطفى مسلم‪.‬‬
‫قسم الشيخ كتابه عىل بابني‪:‬‬
‫وقسم هذا الباب عىل‬
‫‪ ‬درس يف الباب األول التفسري املوضوعي من الناحية النظرية‪َّ .‬‬
‫عرشة مباحث‪ ،‬يف ٍّ‬
‫كل منها جمموعة مطالب فرعية‪ :‬املبحث األول يف التفريق بني التفسري‬
‫والتأويل‪ ،‬وحتدث يف املبحث الثاين عن مسرية حركة التفسري‪ ،‬واملبحث الثالث يف أنواع‬
‫ذاكرا‬
‫عرف يف املبحث الرابع بالتفسري املوضوعي ً‬
‫التفسري وموقع التفسري املوضوعي منها‪ ،‬ثم َّ‬
‫أهم املؤلفات فيه‪ ،‬وذكر يف املبحث اخلامس‪ ‬التفسري املوضوعي عند السابقني واملعارصين‪ .‬أما‬
‫يكمالن‬ ‫ِ‬
‫املوضوعي والتفسري املوضعي‪ ،‬وأهنام ِّ‬
‫ُ‬ ‫املبحث السادس‪ ،‬فذكر فيه الفرق بني التفسري‬
‫بعضهام البعض‪ .‬وعدَّ د يف املبحث السابع األسباب التي دعت إىل ظهور التفسري املوضوعي‬
‫عرج يف املبحث الثامن عىل بيان ألوان التفسري املوضوعي للمصطلح القرآين‬
‫ومدى أمهيته‪ .‬ثم َّ‬
‫وموضوعه وسوره‪ .‬وبني يف املبحث التاسع اخلطوات املرحلية التي ينبغي عىل الباحث االلتزام‬
‫‪214‬‬

‫هبا يف التفسري املوضوعي‪ .‬وختم هذا الباب باملبحث العارش‪ ،‬فحدد فيه القواعد واملنطلقات‬
‫املنهجية التي ينبغي أن يتبعها الباحث يف اخلطوات املذكورة يف املبحث السابق‪.‬‬
‫أما الباب الثاين من الكتاب‪ ،‬فكان يف الدراسة التطبيقية العملية عىل ما جاء يف املبحث‬
‫الثامن من الباب األول‪ .‬وقد استغرقت هذه الدراسة ثالثة أرباع الكتاب‪ ،‬وجاءت يف ثالثة‬
‫فصول‪ :‬األول منها يف التفسري املوضوعي للمصطلح القرآين‪ ،‬وكان التطبيق العميل فيه عىل‬
‫(ج ِه َل) واشتقاقاهتا الواردة يف القرآن‪ .‬أما الفصل الثاين‪ ،‬فكان للتطبيق العميل عىل‬
‫مادة َ‬
‫تفسري موضوع حمدد وارد يف القرآن الكريم‪ ،‬وهو موضوع (الشورى)‪ ،‬ذكر فيه معناه اللغوي‬
‫واالصطالحي‪ ،‬وورودها يف السياق القرآين‪ ،‬ووقائع من الشورى يف القصص القرآين‪ .‬أما‬
‫النموذج الثالث‪ ،‬الوارد يف الفصل الثالث‪ ،‬خامتة الفصول من هذا الباب‪ ،‬فقد حتدث فيه عن‬
‫نموذجا تطبيق ًيا لذلك‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫متخذا من سورة (حممد)‬ ‫التفسري املوضوعي لسورة قرآنية‪،‬‬
‫‪215‬‬

‫التفسير والتأويل يف القرآن‬

‫كتب الشيخ ’ هذا‬


‫أساس سلسلة من‬
‫َ‬ ‫الكتاب ليكون‬
‫الكتب تتعلق بلون خاص من التفسري‬
‫املوضوعي للقرآن الكريم‪ ،‬وهو‬
‫مصطلحا أو اثنني من هذه املصطلحات‪ .‬وكان‬
‫ً‬ ‫(املصطلحات القرآنية)‪ ،‬يتناول يف ِّ‬
‫كل كتاب‬
‫قد نرشه بعنوان >حديث القرآن عن التفسري والتأويل<‪.‬‬
‫وجاء الكتاب األول من هذه السلسلة يف متهيد وأربعة فصول‪:‬‬
‫أما التمهيد‪ ،‬فبني فيه أنواع التفسري؛ فذكر منها‪ :‬التفسري اإلمجايل‪ ،‬والتفسري التفصييل‪،‬‬
‫والتفسري املقارن‪ ،‬والتفسري املوضوعي‪ .‬ثم َّبي ألوان التفسري املوضوعي‪ ،‬وهي ثالثة ألوان‪:‬‬
‫أوالها‪ :‬التفسري املوضوعي للمصطلحات القرآنية‪ ،‬والثاين‪ :‬التفسري املوضوعي للموضوعات‬
‫وضح خطوات السري يف‬
‫القرآنية‪ .‬واللون الثالث هو التفسري املوضوعي للسور القرآنية‪ .‬ثم َّ‬
‫التفسري املوضوعي‪.‬‬
‫وأما فصول الكتاب األربعة‪ ،‬فالفصل األول منها جاء يف مبحثني؛ بني يف األول منهام‬
‫أيضا‪،‬‬
‫معنى التفسري يف اللغة واالصطالح‪ ،‬ويف الثاين معنى التأويل يف اللغة واالصطالح ً‬
‫مستشهدً ا عىل ذلك بكالم علامء اللغة والتفسري‪.‬‬
‫وحتدث يف الفصل الثاين عن التفسري والتأويل يف األسلوب القرآين‪ ،‬وجاء ذلك يف‬
‫مبحثني؛ بني يف املبحث األول‪ :‬التفسري يف األسلوب القرآين‪ ،‬ويف املبحث الثاين‪ :‬التأويل‬
‫سور يوسف والكهف‬
‫يف األسلوب القرآين‪ .‬وط َّبق ذلك عمل ًّيا عىل ما ورد من التأويل يف َ‬
‫واألعراف ويونس واإلرساء والنساء وآل عمران‪  .‬‬
‫وبحث يف الفصل الثالث التأويل يف كالم الرسول × وأصحابه ريض اهلل عنهم‪.‬‬
‫‪216‬‬

‫ورشح ذلك يف مبحثني‪َّ :‬بي يف املبحث األول مفهوم التأويل يف احلديث النبوي‪ ،‬وأنه قد يكون‬
‫املقصود منه تأويل الرؤيا وتعبريها‪ ،‬وقد يكون بمعنى الفهم والتفسري‪ .‬ثم بني يف هذا املبحث‬
‫يتأول القرآن‪ .‬ورشح يف املبحث الثاين كيف كان الصحابة رضوان‬
‫كيف كان رسول اهلل × َّ‬
‫اهلل عليهم يتأولون القرآن‪ ،‬وأهنم مل يكونوا خيرجون عن تأويل رسول اهلل × ِ‬
‫آلي الكتاب‪.‬‬
‫وأورد أمثلة كثرية عىل ذلك‪.‬‬
‫وخصص احلديث يف الفصل الرابع عن الفرق بني التفسري والتأويل‪ ،‬وأشهر األقوال‬
‫َّ‬
‫سجل ما رآه الراجح منها‪.‬‬
‫التي أوردها العلامء يف ذلك‪ ،‬ثم َّ‬
‫‪217‬‬

‫تهذيب كتاب مشارع األشواق إلى مصارع العشاق‬

‫يف فضائل الجهاد البن الن ََّّحاس‬

‫ُشغل الشيخ صالح اخلالدي بالعلم منذ نعومة‬


‫أظفاره‪ ،‬وكام ُش ِغل بالعلم فقد شغلته قضايا األمة‬
‫حل هبا من نكبات وتس ُّلط األعداء‬
‫ومهو ُمها‪ ،‬وما َّ‬
‫وأهم ذلك ضياع فلسطني واغتصاهبا‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫عليها‪،‬‬
‫دائم الذكر هلا ولقضايا األمة‬
‫وقد كان الشيخ َ‬
‫أسى لام َّ‬
‫حل هبا‪ ،‬وشو ًقا إىل تقديم النفيس من النفس والامل من أجلها‪.‬‬ ‫ويتحرق ً‬
‫َّ‬ ‫أمجع‪،‬‬
‫وإسها ًما منه يف بث روح اجلهاد يف األمة‪ ،‬والشباب منها خاصة‪ ،‬فقد عمل عىل اختصار‬
‫كتاب يف اجلهاد ونرشه‪ ،‬وهو من أنفس ما ُأ ِّلف يف موضوعه‪ ،‬فهو من تأليف عامل عرف العلم‬
‫والفقه‪ ،‬ويف الوقت نفسه هو جماهد قدَّ م روحه ومات شهيدً ا يف ساحات املعركة‪ ،‬أال وهو اإلمام‬
‫أمحد بن إبراهيم بن الن ََّّحاس الدمشقي الدمياطي‪ ،‬الذي استشهد يف جهاده ضد الصليبيني يف‬
‫>معركة دمياط< سنة ‪814‬هـ؛ فجمع بني الكالم عن اجلهاد واملامرسة العملية له‪ ،‬التي ت ُِّوجت‬
‫بالشهادة يف سبيل اهلل‪ .‬وكان لكتابه مذاق خاص‪ ،‬كام يقول الشيخ اخلالدي‪ ،‬فقد كُتب مرتني‪:‬‬
‫مرة ِ‬
‫بمداد العامل‪ ،‬ومرة بدماء الشهيد‪.‬‬
‫وقد رأى الشيخ اخلالدي ’ أن يقدم >هذا التهذيب لكتاب ابن النحاس لشباب‬
‫األمة‪ ،‬ليعرفوا ما أوجبه اهلل عليهم من اجلهاد ومواجهة األعداء‪ ،‬فيتخ َّل ْوا عن التثاقل‬
‫والنُّكوص والرتدد والتخلف‪ ،‬ويصدُ قوا مع اهلل‪ ،‬وينرصوا دين اهلل‪ ،‬ويواجهوا أعداء اهلل‪<...‬‬
‫من أجل ذلك عمد الشيخ إىل العناية هبذا الكتاب واختصاره‪ ،‬وال سيام أن مؤلفه ابن‬
‫بعض العلامء من بعده‪ .‬لكن الشيخ‪ ،‬مع‬
‫النحاس شعر بتطويله فاخترصه يف حياته‪ ،‬كام اخترصه ُ‬
‫اختصاره للكتاب‪ ،‬حافظ عىل ترتيب املؤلف له يف أبوابه التي بلغت ثالثة وثالثني با ًبا‪َ ،‬ي ُسن‬
‫ٍ‬
‫وتشويق لقراءته‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫تعريف بالكتاب‬ ‫ذكرها هنا ملزيد‬
‫‪218‬‬

‫الباب األول‪ :‬يف األمر بجهاد الكفار‪ِ ،‬‬


‫وذكر وجوبه والوعيد ملن تركه‪ .‬والثاين يف فضل‬
‫اجلهاد واملجاهدين يف سبيل اهلل‪ .‬والثالث فيام جاء يف فضل اجلهاد عىل احلج‪ .‬والرابع فيام جاء‬
‫يف التحريض عىل اجلهاد‪ .‬واخلامس يف فضل السبق إىل اجلهاد واملبادرة إليه‪ .‬والسادس يف فضل‬
‫ال ُغدُ ِّو َّ‬
‫والرواح يف سبيل اهلل‪ .‬والسابع يف فضل امليش والغبار يف سبيل اهلل‪ .‬والثامن يف فضل‬
‫الغزو يف البحر عىل الغزو يف الرب‪ .‬والتاسع يف فضل النفقة يف سبيل اهلل‪ .‬والعارش يف الرتهيب من‬
‫البخل باإلنفاق يف سبيل اهلل‪ .‬واحلادي عرش يف فضل جتهيز املجاهدين وخلفهم يف أهلهم بخري‪.‬‬
‫والثاين عرش يف فضل إعانة املجاهدين وخدمتهم وإمدادهم‪ .‬والثالث عرش يف فضل اخليل‬
‫واحتباسها بنية اجلهاد واإلنفاق عليها‪ .‬والرابع عرش يف فضل خدمة اخليل وإكرامها‪ .‬واخلامس‬
‫عرش يف فضل عمل املجاهد واملرابط من الصوم والصالة‪ .‬والسادس عرش يف فضل الرباط‬
‫يف سبيل اهلل‪ .‬والسابع عرش يف فضل احلراسة يف سبيل اهلل‪ .‬والثامن عرش يف فضل اخلوف يف‬
‫اجلهاد يف سبيل اهلل‪ .‬والتاسع عرش يف فضل الصف يف سبيل اهلل والقيام به‪ .‬والباب العرشون‬
‫يف فضل الرمي يف سبيل اهلل وإثم من تركه بعدما تع َّلمه‪ .‬والباب احلادي والعرشون يف فضل‬
‫سيوف املجاهدين ورماحهم وعُدَّ هتم‪ .‬والباب الثاين والعرشون يف فضل اجلرح يف سبيل اهلل‪.‬‬
‫والثالث والعرشون يف فضل من َقتل ً‬
‫كافرا يف سبيل اهلل‪ .‬والرابع والعرشون يف فضل انغامس‬
‫فر من‬
‫الرجل الشجاع أو اجلامعة القليلة يف العدو الكثري‪ .‬واخلامس والعرشون يف تغليظ إثم من َّ‬
‫وول األدبار‪ .‬والسادس والعرشون يف بيان َّ‬
‫أن أجر اجلهاد ال حيصل إال بالنية الصاحلة‪.‬‬ ‫الزحف َّ‬
‫والباب السابع والعرشون يف بيان أن من خرج جماهدً ا فامت من غري قتال فهو شهيد‪ .‬والثامن‬
‫والعرشون يف سؤال الشهادة واحلرص عليها‪ .‬والتاسع والعرشون يف فضل الشهيد املقتول يف‬
‫سبيل اهلل‪ .‬والباب الثالثون يف حتريم الغلول وتغليظ اإلثم فيه‪ .‬واحلادي والثالثون يف فكاك‬
‫أرسى املسلمني وفدائهم والقتال إلنقاذهم‪ .‬والباب الثاين والثالثون يف ذكر مغازي رسول‬
‫اهلل × ورساياه وأشهر معارك املسلمني من بعده‪ .‬والباب الثالث والثالثون يف مدح القوة‬
‫َ‬
‫مسائل وأحكا ٍم تتعلق باجلهاد‪.‬‬ ‫والشجاعة وذم اجلبن والعجز‪ .‬وختم الكتاب بذكر‬
‫ومن باب أمانة العلم وعزوه إىل أهله‪ ،‬فقد قال الشيخ صالح عن ختريج األحاديث الواردة‬
‫تكرم األخ املفضال الشيخ إبراهيم العيل حفظه اهلل ورعاه‪ ،‬بمراجعة ختريج ما‬
‫يف الكتاب‪> :‬وقد َّ‬
‫استفدت من جهوده‪ ،‬وأخذت بمالحظاته‪ ،‬جزاه اهلل خ ًريا<‪.‬‬
‫ُ‬ ‫يف هذا التهذيب من األحاديث‪ ،‬وقد‬
‫‪219‬‬

‫ثوابت للمسلم المعاصر‬

‫هذا الكتاب‪ ،‬مقارنة مع كتب الشيخ األخرى‪،‬‬


‫عظيم يف فوائده؛‬
‫ٌ‬ ‫صغري يف حجمه‪ ،‬لكنه كب ٌري يف نفعه‪،‬‬
‫فقد رأى أن املسلمني يف هذا العرص‪ ،‬وخاصة الشباب‬
‫ماسة إىل توثيق صلتهم برهبم‪،‬‬
‫املثقفني منهم‪ ،‬بحاجة َّ‬
‫أيضا إىل تذكريهم املستمر بأهدافهم‬
‫وهم بحاجة ً‬
‫وبوسائلهم لتحقيق هذه األهداف‪ ،‬وتعريفهم عىل‬
‫واجبهم جتاه أنفسهم‪ ،‬وجتاه إخواهنم املسلمني‪ ،‬وجتاه البرشية مجعاء‪ .‬وأهنم كذلك بحاجة إىل‬
‫تعريفهم باألسس والثوابت واملنطلقات التي ينطلقون منها‪ ،‬وتذكريهم بدوام استحضارها‬
‫لضامن قيامهم بالواجب الذي ك َّلفهم اهلل به‪.‬‬
‫واستشعارا من املؤلف ’ بالواجب الذي أوجبه اهلل عليه‪ ،‬فقد عمل عىل تقديم‬
‫ً‬
‫هذه الثوابت تذك ًريا للشباب املسلمني الثابتني عىل دينهم‪ ،‬وتعري ًفا لآلخرين هبا لإلقبال عليها‪،‬‬
‫وااللتزام هبا‪ ،‬والصدور عنها‪.‬‬
‫جاء هذا الكتاب يف أزيدَ من مئة صفحة‪ ،‬قدَّ م له بمقدمة خمترصة‪ ،‬ثم جعل الكتاب يف‬
‫فقرات سبع؛ حتدث يف األوىل منها عن الثوابت يف عرصنا املتغري‪ ،‬وما فيه من تف ُّلت وانحراف‬
‫مل يشهدمها عرص من العصور اإلسالمية من قبل‪.‬‬
‫وبي يف الفقرة الثانية مظاهر الثبات واحلركة يف التصور اإلسالمي‪ ،‬وأن يف الثبات عىل‬
‫َّ‬
‫هذه الثوابت نجا َة املسلمني‪.‬‬
‫وأكد يف الفقرة الثالثة أن أزمة املسلمني اليوم هي أزمة ثوابت‪ ،‬مبينًا مزايا هذه الثوابت‪،‬‬
‫وأهنا ال تقبل املساومة‪ ،‬رغم ما يتعرض له الثابتون عليها من أذى وفتنة‪.‬‬
‫وبي يف الفقرة الرابعة أن أساس هذه الثوابت هو معرفة املسلم لنفسه وطريقه‪ ،‬ووقوفه‬
‫َّ‬
‫عىل هدفه ووسيلته‪ ،‬ومالحظته لنهايته ومست َق ِّره‪ .‬فال للنظرة العبث َّية عنده للحياة‪ ،‬وال للنظرة‬
‫‪220‬‬

‫أيضا‪.‬‬ ‫َ‬
‫بوسائل مرشوعة ً‬ ‫التجارية املصلحية‪ ،‬بل هو يضع لنفسه هد ًفا مرشو ًعا‪ ،‬يسعى لتحقيقه‬
‫وأسمى هدف يسعى إليه املسلم يف حياته هو رضوان اهلل عليه‪.‬‬
‫ويف الفقرة اخلامسة يبني املؤلف أبرز سامت املسلم واخلطوط الثابتة التي يسري عليها؛‬
‫فهو عابد‪ ،‬وهو جماهد‪ ،‬وهو زاهد‪ ،‬وهو صابر الصرب اإلجيايب ال السلبي اخلانع‪ ،‬وهو صادق…‬
‫وهذه السامت التي يتصف هبا املسلم يسعى إىل حتقيقها يف ميادي َن شتى‪ ،‬يذكرها الشيخ‬
‫التصورية والفكرية‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫يف الفقرة السادسة من الكتاب؛ ومنها‪ :‬ثوابته يف معامل شخصيته‪ ،‬وثوابته‬
‫وثوابته الثقافية اإلسالمية‪ ،‬وثوابته الدعوية‪ ،‬وثوابته يف الوزن والنظر والتقويم‪ ،‬وثوابته يف‬
‫شؤون احلكم والترشيع‪ ،‬وثوابته يف مواقفه السياسية‪ ،‬وثوابته يف نظرته إىل أعدائه‪ ،‬وثوابته يف‬
‫املسألة الفلسطينية‪ ،‬وثوابته يف النظر إىل املستقبل‪ ،‬وثوابته يف حتمية احلل اإلسالمي‪ ..‬ثم ثباتُه‬
‫عىل هذه الثوابت‪َّ ،‬‬
‫وأل خيضع لضغط الواقع ومساوماته‪.‬‬
‫نامذج مرشق ًة من ثبات الثابتني عىل احلق ً‬
‫قديم وحديثًا؛‬ ‫ويورد الشيخ يف الفقرة السابعة َ‬
‫من األنبياء وأتباعهم‪ ،‬ومن الصحابة رضوان اهلل عليهم‪ ،‬و َمن بعدهم من العلامء واملفكرين؛‬
‫أمثال اإلمام أمحد بن حنبل‪ ،‬وسيد قطب‪.‬‬
‫‪221‬‬

‫جذور اإلرهاب اليهودي يف أسفار العهد القديم‬

‫يف هذا الكتاب نتعرف عىل مبادئ اإلرهاب‬


‫ِّ‬
‫املتجذرة يف أسفار العهد القديم‪ ،‬الذي يؤمن‬ ‫اليهودي‬
‫أساس دينهم وعقيدهتم‪ .‬ومنه‬
‫َ‬ ‫به اليهود‪ ،‬وجيعلونه‬
‫ي َّتضح أن >اإلرهاب< هو صناعة هيودية‪ ،‬ثم اهتموا به‬
‫املسلمني بعد ذلك‪ ،‬فأطلقوا صفة اإلرهاب واإلرهايب‬
‫عىل كل عمل إسالمي‪ ،‬وفكر إسالمي‪ ،‬وجهاد إسالمي‪.‬‬
‫وأعلنوا احلرب عىل كل ما هو >إسالمي< بحجة >احلرب عىل اإلرهاب<‪.‬‬
‫بينام حرصت الدعاية اليهودية والصليبية عىل تنزيه اليهود والصليبيني من اإلرهاب‬
‫وحرصت هذه الدعاية كذلك عىل تقديم اليهود والغرب عىل أهنم ُدعاة‬‫والتطرف‪َ ،‬‬
‫ُّ‬ ‫والعنف‬
‫إصالح وبناء‪ِ ،‬‬
‫وس ْلم وسالم‪ ،‬وديموقراطية وعدالة!‬
‫الس َّذ ُج ال ُبسطاء من املسلمني هذه اخلدعة والدعاية املض ِّللة‪ ،‬وانطلت‬
‫وقد صدَّ ق ُّ‬
‫عليهم تلك احليل‪ ،‬وأخذوا ير ِّددون تلك املزاعم‪ ،‬ويشرتكون ‪ -‬عن وعي أو غري وعي ‪ -‬يف‬
‫احلرب عىل اإلسالم‪.‬‬
‫ونيس هؤالء املخدوعون ما اقرتفه اليهود عرب التاريخ‪ ،‬وك َّلام سنحت هلم فرصة‪ ،‬من إرهاب‬
‫فلسطني وشعب فلسطني عنا ومنا ببعيد!‬
‫ُ‬ ‫وجمازر بحق األمم التي تسلطوا عليها‪ .‬وما‬
‫َ‬ ‫ومذابح‬
‫َ‬
‫أصحاب الوعي والفطنة من املسلمني أن‬ ‫َ‬ ‫من أجل ذلك يدعو الشيخ صالح اخلالدي‬
‫ِ‬
‫ودعاياتم املض ِّللة‪ ،‬وأن‬ ‫ُيسنوا مواجهة أعدائهم من اليهود والصليبيني‪ ،‬وأن ُيبطلوا ُش ُب ِ‬
‫هاتم‬
‫عم ُأثري حوله وحول ُدعاته من ُشبهات باطلة‪.‬‬
‫ُي ِّنزهوا اإلسالم َّ‬
‫الكتاب لتحقيق هذه الغاية‪ ،‬وإلطْالع الذين اب ُتلوا‬
‫ُ‬ ‫أيضا كان هذا‬
‫ومن أجل ذلك ً‬
‫باإلرهاب اليهودي والصليبي املعارص عىل النصوص والتعليامت اإلرهابية الواردة يف كتب‬
‫اليهود القديمة‪.‬‬
‫‪222‬‬

‫الشيخ اخلالدي للكتابة يف هذا املوضوع ب ُعمق الباحث‪ ،‬وبصرية الناقد‪،‬‬


‫َ‬ ‫وقد و َّفق ُ‬
‫اهلل‬
‫الذي غاص يف أسفار العهد القديم‪ ،‬من ِّق ًبا َّ‬
‫عم فيها من توجيهات وتعليامت إرهابية‪ ،‬تدعو إىل‬
‫اإلبادة والتدمري لكل من خالف اليهود‪.‬‬
‫وقد جاء الكتاب يف مخسة فصول‪:‬‬
‫األول‪ :‬حتدث فيه عن اجلرائم األخالقية يف >سفر التكوين<‪.‬‬
‫ويف الفصل الثاين‪ :‬حتدث عن اجلرائم األخالقية يف أسفار التوراة‪.‬‬
‫وبي يف الفصل الثالث أن >سفر يوشع< ما هو إال مدرسة لتخريج اإلرهابيني اليهود‪.‬‬
‫َّ‬
‫وبي كذلك يف الفصل الرابع أثر >سفر أستري< يف السيطرة اليهودية عىل دول العامل‪.‬‬
‫َّ‬
‫وأشار يف الفصل اخلامس إىل حديث القرآن عن اإلرهاب اليهودي‪.‬‬
‫وال ينسى الشيخ صالح ’ أن يذكِّر وين ِّبه عىل أن التوراة التي أنزهلا اهلل عىل موسى‬
‫عم افرتاه اليهود وأحبارهم عليها ونسبوه إليها‪ .‬وأن األنبياء الذين وردت‬
‫منزهة َّ‬
‫عليه السالم َّ‬
‫أسامؤهم يف الكتاب هم بريؤون مما نسبه إليهم األحبار‪ ،‬وهم معصومون عن كل ذنب أو‬
‫نقيصة‪.‬‬
‫‪223‬‬

‫حديث القرآن عن التوراة‬

‫هذا الكتاب للدكتور صالح اخلالدي ’‬


‫هو أول كتبه التي أ َّلفها يف الدراسات اليهودية‪ ،‬والتي‬
‫يوجه ويدفع‬
‫تبحث يف الفكر الديني اليهودي‪ ،‬الذي ِّ‬
‫اليهود والصليبيني هبدف ختريب بالدنا‪ ،‬وهنب ثرواتنا‪،‬‬
‫وإفساد شبابنا‪ ،‬والقضاء عىل ديننا‪.‬‬
‫يذكر يف هذا الكتاب أن التوراة املذكورة يف‬
‫القرآن توراتان‪ :‬األوىل هي التوراة الر َّبانية‪ ،‬التي أنزهلا اهلل عىل موسى عليه السالم‪ ،‬والتي‬
‫ُأمرنا باإليامن هبا‪ ،‬أما التوراة الثانية فهي التوراة اليهودية التي كتبها اليهود بأيدهيم‪ ،‬والتي ُأمرنا‬
‫بالكفر هبا‪.‬‬
‫وقد جاء هذا الكتاب تفصيلً للكالم حول التوراتني‪ ،‬وحتديد الفروق بينهام‪ ،‬وتقرير‬
‫إيامننا بالتوراة الربانية وكفرنا بام سواها‪.‬‬
‫وهدَ ف الكتاب يف حديث القرآن عن التوراة إىل ذكر آياته التي متدحها وتثني عليها‪،‬‬
‫وتدعونا أن نؤمن هبا‪ ،‬ونوقن أهنا كتاب اهلل املنزل عىل موسى عليه السالم‪ ،‬مع الوقوف عىل‬
‫املعنى اإلمجايل هلذه اآليات‪ ،‬ثم الوقوف عىل اآليات األخرى التي حتدثت عن حتريف األحبار‬
‫للتوراة‪ ،‬وتكذيبهم يف بعض مزاعمهم‪.‬‬
‫كل ذلك جاء يف ستة عرش مبحثًا‪ ،‬كانت عىل النحو اآليت‪:‬‬
‫املبحث األول يف اإليامن باألنبياء والرسل وعدم التفريق بني أحد منهم‪ ،‬والثاين اإليامن‬
‫نقضا وإلغا ًء لإليامن باهلل‪ .‬ويف املبحثني الثالث‬
‫بالكتب املنزلة‪ ،‬وأن الكفر بواحد منها يعد ً‬
‫والرابع ِذك ٌْر لام جرى ملوسى عليه السالم يف الوادي املقدس ويف طريقه إىل جبل الطور‪ .‬وتبع‬
‫دك جبل الطور وص ْعق موسى عليه السالم‪ ،‬ثم احلديث‬ ‫ذلك يف املبحث اخلامس احلديث عن ِّ‬
‫األلواح وعودتِه هبا إىل قومه‪.‬‬
‫َ‬ ‫يف املبحثني السادس والسابع عن تلقي موسى عليه السالم‬
‫‪224‬‬

‫ويتابع املؤلف يف رسده ملباحث الكتاب‪ ،‬حتى الثاين عرش منها‪ ،‬يف حديثها عن التوراة‪،‬‬
‫وأهنا كلمة أعجمية‪ ،‬وعن مواضع ورودها وأوصافها يف القرآن الكريم‪ ،‬واألمر باألخذ بالتوراة‬
‫بقوة‪ ،‬وعن بعض أحكامها الواردة يف القرآن‪ .‬ثم يتحدث يف املبحثني الثالث عرش والرابع‬
‫عرش عن حتريف أحبار اليهود للتوراة‪ ،‬وتسجيل القرآن بعض جرائم هؤالء األحبار‪ .‬ثم‬
‫ختم الكتاب يف املبحثني اخلامس عرش والسادس عرش بالتأكيد أن القرآن الكريم جاء مصد ًقا‬
‫للتوراة الربانية املنزلة من عند اهلل‪ ،‬ومكذ ًبا للتوراة اليهودية التي أ َّلفها أحبار اليهود َّ‬
‫وحرفوها‪.‬‬
‫‪225‬‬

‫حقائق قرآنية حول القضية الفلسطينية‬

‫أصل هذا الكتاب سلسلة‬


‫مقاالت كتبها املؤلف يف >جملة‬
‫فلسطني املسلمة<‪ ،‬التي كانت تصدر‬
‫يف لندن‪ .‬ونرشها بعنوان >فلسطني‬
‫واحلقائق القرآنية< ثم مجعها يف هذا الكتاب‪ ،‬الذي يتحدث فيه عن القضية الفلسطينية من‬
‫حقائق قرآني ًة هادية وصادقة‪ ،‬ال جمال للشك فيها بالنسبة للقضية‬
‫َ‬ ‫منظور قرآين‪ ،‬فيورد فيه‬
‫ويسجل دالالهتا‬
‫ِّ‬ ‫الفلسطينية يف ُبعدها التارخيي‪ ،‬فهو ينظر يف آيات القرآن التي حتدثت عنه‪،‬‬
‫وحقائقها‪ .‬وخي ُلص من خالهلا أن أرض فلسطني هي أرض إسالمية منذ أن وطِئها أنبياء اهلل‬
‫عليهم السالم‪ ،‬حتى ُأرسي إليها بالنبي حممد ×‪ ،‬و ُعرج به منها إىل السامء‪.‬‬
‫جاء هذا الكتاب يف متهيد‪ ،‬جعله املؤلف مدخلً إىل احلقائق القرآنية املتعلقة بالقضية‬
‫الفلسطينية‪ .‬ثم أعقبه باثني عرش فصلً؛ خصص الفصل األول منها للحديث عن األرض‬
‫املباركة يف القرآن‪ ،‬والفصل الثاين للحديث عن األرض املقدسة يف القرآن‪ ،‬وبني يف الفصل‬
‫الثالث أن فلسطني أرض إسالمية منذ إبراهيم عليه السالم‪ ،‬وأكد يف الفصل الرابع إسالمي َة‬
‫أرض فلسطني ببناء إبراهيم عليه السالم للكعبة املرشفة واملسجد األقىص‪ .‬ويؤكد إسالمي َتها‬
‫حكم‬
‫ً‬ ‫مرة أخرى يف الفصل اخلامس‪ ،‬حيث ذكر أن داود وسليامن عليهام السالم أقاما فيها‬
‫وبي يف الفصل السادس‬‫إسالم ًّيا ال هيود ًّيا‪ ،‬مبينًا معنى (اإلسالم)‪ ،‬وأنه دين األنبياء مجي ًعا‪َّ .‬‬
‫يفرقون بني بني إرسائيل املؤمنني‪ ،‬الذين نح ُّبهم‬
‫موقف املسلمني من تاريخ بني إرسائيل‪ ،‬وأهنم ِّ‬
‫ُ‬
‫قالئل بني اليهود‪ ،‬والصنف الثاين بنو إرسائيل الكافرون‪ ،‬وهؤالء نكرههم‬ ‫ونواليهم‪ ،‬وهم‬
‫ونذ ُّم تارخيهم‪ .‬ولذلك دعا املؤلف يف الفصل السابع إىل عدم إطالق اسم >دولة إرسائيل< عىل‬
‫كياهنم املحتل‪ ،‬ودعا يف هذا الفصل إىل التفريق بني اسم >إرسائيل< النبي‪ ،‬واسم >اليهود<‪،‬‬
‫الذين هم كاذبون كافرون وليسوا بمؤمنني‪ .‬وأكد يف الفصل الثامن إسالمية أرض فلسطني‬
‫‪226‬‬

‫ك ِّلها عندما لفت أن النبي × تس َّلم مفاتيح األرض املقدسة و َأ َّم باألنبياء مجيعهم يف املسجد‬
‫األقىص ليلة اإلرساء‪ .‬ثم يؤكد مرة أخرى إسالمية أرض فلسطني‪ ،‬مستندً ا إىل احلديث النبوي‬
‫يف اإلرساء واملعراج‪ ،‬وفيه ذكر هنري الفرات والنيل‪ ،‬وأهنام هنران إسالميان‪ ،‬وما بينهام أرض‬
‫ُقرره سورة آل عمران‪ ،‬وأن وجودهم‬
‫وبي يف الفصل العارش مستقبل اليهود كام ت ِّ‬
‫مقدسة‪َّ ،‬‬
‫مؤقت‪ ،‬ال يقوم اآلن إال بحبل من الناس‪ .‬ويف الفصل احلادي عرش‪ ،‬واستنا ًدا إىل ما ورد يف‬
‫والذ َّلة‪ .‬وأخ ًريا َّبي‬
‫سورة األعراف‪ ،‬يسترشف املؤلف مستقبل اليهود‪ ،‬وأنه سيناهلم الغضب ِّ‬
‫وبي أن إفساد اليهود الثاين الوارد يف هذه السورة هو‬ ‫مستقبلهم كام جاء يف سورة اإلرساء‪َّ ،‬‬
‫إفسادهم اآلن‪ ،‬ويناقش ما ذكره كثري من املفرسين من أن إفساد اليهود مرتني قد مىض وانقىض‪.‬‬
‫بقي أن أشري إىل أن الكتاب ُطبع بعنوان >فلسطني واحلقائق القرآنية<‪ ،‬وأنه تُرجم إىل‬
‫بعض اللغات األجنبية؛ كاإلنجليزية والفرنسية واألوردية واإلندونيسية والرتكية والروسية‪.‬‬
‫‪227‬‬

‫البراقة لذي النفس الت ََّّواقة‬


‫الخطة َّ‬

‫عىل خالف كتب الدكتور صالح اخلالدي‬


‫األخرى‪ ،‬التي هي يف ُج ِّلها تدور يف فلك علوم القرآن‬
‫خاصة‪ ،‬والعلوم الرشعية عامة‪ ،‬إال أن هذا الكتاب يمكن‬
‫أن يندرج يف باب علم اإلدارة‪ ،‬أو التخطيط‪ ،‬أو إدارة‬
‫ٍ‬
‫وخربات‬ ‫جتارب‬ ‫الوقت يف االشتغال بالعلم‪ .‬وهو نِتاج‬
‫َ‬
‫زادت عىل نصف قرن من العمر املبارك للشيخ‪.‬‬
‫والكتاب يف أصله جواب لتساؤالت طرحها عليه بعض تالمذته النُّجباء‪ :‬ما نفعل؟‬
‫وماذا نقرأ؟ وكيف نقرأ؟ وكيف نستكمل نقصنا؟ وما الصفات التي جيب أن ن َّتصف هبا؟ وما‬
‫ُعمقها يف حياتنا؟ وكيف نربمج ساعات أيامنا؟ متى ننام؟‬
‫اخلطوط األساسية التي جيب أن ن ِّ‬
‫وكم ساعة ننام؟ وما أنسب األوقات للقراءة والتحصيل العلمي؟ وماذا نفعل حتى نقي أنفسنا‬
‫األمراض؟ وكيف نبقى متم ِّتعني بالسعادة والبهجة واإلرشاق؟‬
‫وغري ذلك من األسئلة التي أجاب عنها الشيخ يف هذا الكتاب‪ ،‬ووضع إلجاباهتا خ َّطة‬
‫عملية يسري عليها الطالب ذو النفس ال َّت َّواقة لالرتقاء إىل املعايل‪ .‬وافتتحها باستلهام العربة من‬
‫عرصا حتى ُيسن استثامره واالستفادة‬ ‫ِ‬
‫سورة العرص‪ ،‬وأنه عىل اإلنسان أن يعص وقته وعمره ً‬
‫منه‪.‬‬
‫ثم ينطلق يف وضع اخلطط الستثامر الوقت يف حياة الداعية وطالب العلم‪ ،‬بادئًا باحلديث‬
‫نامذج من‬
‫َ‬ ‫عن مبدأ التناصح بني املسلمني‪َّ ،‬‬
‫وأن الدين النصيحة‪ .‬ثم يورد‪ ،‬من باب التحفيز‪،‬‬
‫اهتامم العلامء بالوقت والعلم‪ ،‬وقضائهم الساعات واأليام الطوال يف طلبه‪ ،‬وما كان منهم ذلك‬
‫إال بصحة املن َطلق وإخالصهم هلل‪ ،‬وما حت َّل ْوا به من أخالق ينبغي أن ي َّتصف هبا كل طالب‬
‫علم؛ من اإلخالص والصدق واجلدِّ َّية والتكامل املتوازن والسلوك االجتامعي املتفوق‪.‬‬
‫‪228‬‬

‫ثم يضع الشيخ خطو ًطا رئيسية ينبغي عىل صاحب النفس ال َّت َّواقة أن يسري عليها‪ :‬أول‬
‫الر َّبانية‪ ،‬وأن يكون قلب طالب العلم متعل ًقا بربه‪ .‬وثاين هذه اخلطوط هو‬
‫هذه اخلطوط هو َّ‬
‫ِّباع السلف‪ ،‬وفهم اإلسالم حسب املنهج الذي عملوا عليه‪ ،‬وعدم‬
‫السلفية‪ ،‬واملقصود به ات ُ‬
‫خمالفة األصول املنهجية العلمية هلم‪ ،‬طالام أهنا مستمدة من الكتاب والسنة‪ .‬وثالث اخلطوط‪:‬‬
‫احلركية؛ وهي منسوبة إىل احلركة والدعوة والنشاط‪ ،‬ويكون ذلك ببذل اجلهد خلدمة هذا الدين‬
‫والدعوة إليه‪ ،‬ونرش علومه واالهتامم باملسلمني‪ ،‬والعمل عىل تربيتهم والنهوض بمستواهم‪،‬‬
‫ويكون ذلك بعد االهتامم بالنفس ورفع مستواها‪.‬‬
‫وإذا حتقق له ذلك‪ ،‬فإن نفسه ترنو إىل طلب املعايل‪ ،‬وال ترىض بالدُّ ون من العمل‬
‫والرتبة‪ ،‬بل تسعى إىل االرتقاء بكل ما يفيدها دنيا وأخرى‪ .‬وال يصل إىل ما يصبو إليه إال‬
‫ُّ‬
‫بالتخطيط وترتيب األولويات يف حياته‪ .‬وبأن يلتزم بقواعدَ أساسية‪ ،‬ذكرها له الشيخ‪ ،‬لتنفيذ‬
‫خطته التي وضعها‪ ،‬وأن ُيلزم نفسه بتنفيذها‪.‬‬
‫ثم يضع الشيخ خطة عملية لطالب العلم تستغرق لي َله وهناره‪ ،‬من قبل الفجر إىل ما قبل‬
‫النوم يف الليل‪.‬‬
‫أيضا لصاحب العلم‪ ،‬تفيده يف صحته البدنية والنفسية؛‬
‫وخيتم الكتاب بذكر خطة عملية ً‬
‫من مأكل ومرشب‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬
‫نشري إىل أن الكتاب تُرجم يف إيران إىل اللغة الفارسية‪.‬‬
‫‪229‬‬

‫الخلفاء الراشدون بين االستخالف واالستشهاد‬

‫ال ِمراء أن عهد اخللفاء الراشدين أفضل عهود‬


‫التاريخ اإلسالمي‪ ،‬وفرتة حكمهم أعدل ما مر يف‬
‫النبوة‪ ،‬وأن جيلهم هو جيل‬
‫تاريخ املسلمني بعد عهد َّ‬
‫القدوة للمسلمني الالحقني‪.‬‬
‫ويف هذا العمل يقدم الدكتور صالح اخلالدي‬
‫ٍ‬
‫قبسات تارخيية عن هذه احلقبة‪ ،‬وهي حقبة اخللفاء‬
‫الراشدين األربعة‪ ،‬رضوان اهلل عليهم‪ .‬وسنقرأ يف هذا السفر التارخيي مشاهد استخالف كل‬
‫منهم واستشهاده‪ ،‬وكيف اختاره املسلمون خليفة‪ ،‬وكيف نجح اجلُناة يف اغتياله‪ ،‬فلقي ربه‬
‫شهيدً ا‪.‬‬
‫تأيت أمهية هذا الكتاب من كون مؤلفه يقدم للقارئ املسلم خالص ًة تارخيية عن بعض‬
‫ٍ‬
‫وبخاصة تلك األحداث التي صاح َبها‬ ‫األحداث املثرية التي وقعت يف عهد اخللفاء الراشدين‪،‬‬
‫عنف املؤامرة الكيدية من األعداء‪ ،‬ثم كثُرت حوهلا األكاذيب واالفرتاءات‪ ،‬واختلفت اآلراء‬
‫يف حتليلها‪.‬‬
‫من هنا جاء هذا الكتاب ليسلط الضوء عىل الروايات الصحيحة الثابتة‪ ،‬وإظهار هتافت‬
‫وزيف الروايات الكاذبة املتعارضة واملتناقضة فيام بينها‪ ،‬وا ِّطراحها جان ًبا‪ ،‬وعدم االلتفات‬
‫إليها‪ .‬وقد رجع يف ذلك إىل أ َّمهات الكتب التارخيية؛ مثل >تاريخ األمم وامللوك< للطربي‪،‬‬
‫و>البداية والنهاية< البن كثري‪ ،‬و>الكامل يف التاريخ< البن األثري‪ ،‬وغريها‪.‬‬
‫يعالج الشيخ أحداث هذا الكتاب يف مخس قبسات‪:‬‬
‫يمهد فيها باحلديث عن األحداث التي سبقت اخلالفة الراشدة بأيام‬
‫القبسة األوىل‪ِّ :‬‬
‫قليلة‪ ،‬وهي مرض الرسول × واحتضاره‪ ،‬وفيها تفاصيل األيام اخلمسة األخرية من حياته‬
‫عليه الصالة والسالم‪.‬‬
‫‪230‬‬

‫القبسة الثانية‪ :‬يتحدث فيها عن حياة أيب بكر الصديق ÷ بني االستخالف والوفاة‪.‬‬
‫وفيها يورد مشهد اجتامع أعيان الصحابة يف سقيفة بني ساعدة‪ ،‬ومبايعته خليف ًة للمسلمني‪.‬‬
‫ويف القبسة الثالثة يورد ما دار لعمر بن اخلطاب ÷ يف الفرتة الواقعة بني توليه اخلالفة‬
‫واستشهاده‪ .‬ونشهد فيها تفاصيل مشهد الشورى‪ ،‬الذي قام به عبد الرمحن بن عوف ÷‪،‬‬
‫والذي أدى إىل مبايعة عثامن ÷‪.‬‬
‫ويعرض يف القبسة الرابعة الستخالف عثامن ÷ ثم استشهاده‪ ،‬والوقائع التي دارت‬
‫مطولة استغرقت ثلث صفحات الكتاب‪ ،‬أطال‬
‫بني هذين احلدثني‪ ،‬ووقف يف هذه القبسة وقفة َّ‬
‫فيها عرض أحداث الفتنة زمن سيدنا عثامن وعيل‪ ،‬ريض اهلل عنهام‪ ،‬مبينًا دور اليهود يف إذكائها‪.‬‬
‫ثم انتقل بعدها إىل القبسة اخلامسة واألخرية‪ ،‬حيث رسد فيها األحداث التي وقعت‬
‫لعيل بن أيب طالب ÷ بني استخالفه واستشهاده‪ .‬وفيها يعرض مشهد اختيار عيل بن أيب‬
‫طالب‪ .‬ويسجل الكتاب دور السبئ ِّيني يف مضاعفة مشكالت عيل ÷‪ ،‬وإضعاف موقفه أمام‬
‫اآلخرين‪ ،‬لوجودهم يف جيشه‪ ،‬إىل آخر ذلك من أحداث رافقت خالفته‪.‬‬
‫ملحوظة جديرة بالتنويه يف هذا الكتاب‪ :‬أن املؤلف ’ وضع عىل هامش معظم‬
‫فقرات الكتاب عناوي َن فرعية‪ ،‬تلخِّ ص ما جاء يف تلك الفقرة‪ ،‬وتعني القارئ عىل فهم حمتواها‪.‬‬
‫ونشري أيض ًا إىل أن الكتاب تُرجم يف إيران إىل اللغة الفارسية‪.‬‬
‫‪231‬‬

‫الرسول المب ِّلغ صلى اهلل عليه وسلم‬


‫تفاصيل االتصاالت بين الرسول وبين ملوك عصره‬

‫لتبليغهم الدعوة‬

‫ٍ‬
‫ولقطات‬ ‫صورا‬ ‫يعرض املؤلف يف هذه الكتاب‬
‫ً‬
‫أبر َز فيها جانب تبليغ الدعوة من سرية النبي‬
‫ومشاهدَ ‪َ ،‬‬
‫×‪ .‬وجاء الكتاب يف اثني عرش فصلً‪:‬‬
‫يف الفصل األول حتدث عن عموم بعثة الرسول‬
‫وأحاديث صحيح ًة يف عموم بعثته × للعاملني‪ ،‬ويف ختم النبوة والرسالة‬
‫َ‬ ‫×‪ ،‬فعرض ٍ‬
‫آيات‬
‫َ‬
‫رسول بعده عليه الصالة والسالم‪.‬‬ ‫نبي وال‬
‫به‪ ،‬فال َّ‬
‫نامذج خمتارة من تبليغ الدعوة‬
‫ويف الفصل الثاين حتدث عن تبليغ الرسول لدعوته‪ ،‬فأورد َ‬
‫ملن حوله من غري امللوك واألمراء؛ عىل املستويني الفردي واجلامعي‪ ،‬كام عرض ثامنية نامذج من‬
‫ذلك التبليغ‪ ،‬شملت تبلي َغه يف املرحلتني املكية واملدنية‪ ،‬وتبلي َغه األقربني من عشريته‪ ،‬وتبلي َغه‬
‫ألُناس من قريش والطائف واليهود والنصارى واألوس واخلزرج‪ ،‬وأهل القرى الواقعة شامل‬
‫اجلزيرة العربية‪.‬‬
‫وحتدث يف الفصل الثالث عن االتصاالت املتبا َدلة بني الرسول × وبني امللوك‬
‫وبي التوقيت احلكيم لرسول‬ ‫مهد لذكر تفاصيل تلك االتصاالت‪َّ ،‬‬ ‫واألمراء‪ .‬ويف هذا الفصل َّ‬
‫اهلل ×‪ ،‬الذي و َّقت فيه مكاتبة امللوك واألمراء‪ ،‬وإيفاد رسله و ُمو َف ِديه إليهم‪.‬‬
‫وأسهب يف الفصل الرابع احلديث عن االتصاالت واملراسالت التي جرت بني الرسول‬
‫× وبني نصارى نجران‪ ،‬فتحدث عن مضمون تلك االتصاالت‪ ،‬وتفاصيل الزيارات‬
‫املتكررة من زعامء نجران إىل املدينة املنورة‪ ،‬ومهامت مو َفدي رسول اهلل × إىل نجران‪ ،‬كام‬
‫َّبي كيف انتهت تلك االتصاالت ك ُّلها إىل إسالم زعامء نجران‪ ،‬ثم انتشار اإلسالم بني أهل‬
‫نجران بعد ذلك‪.‬‬
‫‪232‬‬

‫خصص الفصل اخلامس ملضمون االتصاالت التي جرت‬


‫وعىل ن ََسق الفصل الرابع‪َّ ،‬‬
‫بني الرسول × وبني هرقل ملك الروم‪.‬‬
‫ومثله الفصل السادس الذي ذكر فيه تفاصيل االتصاالت التي جرت بني الرسول‬
‫× وبني ملك الفرس وأمراء اليمن‪.‬‬
‫ويف الفصل السابع ذكر تفاصيل االتصاالت واملراسالت بني الرسول × وبني‬
‫النجايش ملك احلبشة؛ تلك االتصاالت التي أثمرت إسالم النجايش‪.‬‬
‫وتا َب َع املؤلف يف الفصل الثامن رحل َة عمرو بن العاص ÷ حاملً رسائل النبي ×‬
‫ملكي ُعامن‪ ،‬تلك الرسائل التي أثمرت دخوهلام يف دين اهلل‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫وعبد‪،‬‬ ‫إىل َجيْفر‬
‫ْ‬
‫ثم تا َبع يف الفصل التاسع رحلة العالء بن احلرضمي ÷‪ ،‬حاملً رسالة الرسول ×‬
‫ساوى‪ ،‬وإسالمه بعد ذلك‪.‬‬
‫إىل املنذر بن َ‬
‫ثم ُيتابع كذلك يف الفصل العارش رحلة ُس َليط بن عمرو ÷ إىل َه ْوذة احلنفي ملك‬
‫كافرا‪.‬‬
‫الياممة‪ ،‬الذي رفض الدخول يف دين اهلل عز وجل‪ ،‬ومات ً‬
‫ويستمر املسري يف الفصل احلادي عرش مع رحلة ُشجاع بن وهب األسدي ÷ إىل‬
‫ُبرصى الشام عاصمة الغساسنة‪ ،‬حاملً كتاب رسول اهلل × إىل ملك الغساسنة احلارث‬
‫رئيس ديوانه‪.‬‬
‫الغساين‪ ،‬الذي رفض الدخول يف اإلسالم‪ ،‬بينام أسلم ُ‬
‫ويف الفصل الثاين عرش واألخري ذكر فيه الشيخ اخلالدي كتاب الرسول ×‪ ،‬الذي‬
‫محله حاطب بن أيب بل َتعة ÷ إىل املقوقس ملك مرص‪.‬‬
‫‪233‬‬

‫سعد بن أبي و َّقاص‬


‫َّ‬
‫المبشر بالجنة والقائد المجاهد‬ ‫الس َّباق لإلسالم‪،‬‬
‫َّ‬

‫هذه دراسة شاملة وافية عن الصحايب اجلليل‪،‬‬


‫ِ‬
‫أحد العرشة املبرشين باجلنة‪ ،‬سعد بن أيب وقاص‬
‫÷؛ أراد منها الشيخ صالح اخلالدي ’ أن‬
‫جوانب مهمة من شخصية هذا‬
‫َ‬ ‫يتعرف املسلمون عىل‬
‫َّ‬
‫ومواقف من حياته وجهاده وإمارته‬
‫َ‬ ‫الصحايب ِّ‬
‫الفذ‪،‬‬
‫هنجه‪.‬‬
‫وصحبته للنبي ×‪ ،‬ليزدادوا به إعجا ًبا‪ ،‬ويسريوا عىل طريقته وينهجوا َ‬
‫وقد َّبي َّ‬
‫كل ذلك يف سبعة فصول‪ ،‬يف كل واحد منها جمموعة من املباحث‪ ،‬استوفت‬
‫حياة الصحايب اجلليل وسريته‪.‬‬
‫اشتمل الفصل األول منها عىل احلديث عن ُأرسة سعد ÷‪ ،‬فذكر اسمه ونسبه‬
‫وح ْليته وصفاتِه اخلَ ْلقية‪.‬‬
‫وإخوته وزوجاتِه وأبناءه‪ِ ،‬‬

‫و َع َرض يف الفصل الثاين حياة سعد بن أيب وقاص ÷ مع النبي × يف مكة املكرمة‪،‬‬
‫فذكر سابق َته لإلسالم‪ ،‬وأنه كان من أوائل من أسلم يف مكة‪ ،‬كام أنه كان َّ‬
‫أول من أراق د ًما من‬
‫دماء املرشكني‪ ،‬وذكر كذلك موقفه الصلب من أمه الكافرة‪ ،‬عندما أحلَّت عليه لريجع عن‬
‫إسالمه‪ ،‬فثبت عىل احلق ومل يرضخ هلا‪ ،‬رغم ما تعرض له هو وأصحا ُبه من امتحان وبالء‬
‫ُ‬
‫احلديث عنها يف هذا الفصل عىل لسان سعد نفسه‪.‬‬ ‫ور َد‬
‫ومعاناة‪َ ،‬‬
‫وامتدا ًدا هلذا الفصل يتحدث الشيخ صالح اخلالدي يف الفصل الثالث عن حياة سعد‬
‫÷ مع النبي × يف املدينة املنورة‪ ،‬وهجرته إليه‪ ،‬وجهاده معه يف غزواته ك ِّلها‪ ،‬وإمارته‬
‫لبعض الرسايا‪.‬‬
‫حيزا كب ًريا يف الفصل الرابع للحديث عن قيادة سعد ÷ ملعركة القادسية‪ ،‬التي‬
‫ويفرد ً‬
‫ِ‬
‫املناوشات واملعارك التي دارت بني املسلمني‬ ‫انترص فيها املسلمون عىل ال ُفرس‪ ،‬فيذكر ً‬
‫أول‬
‫‪234‬‬

‫وال ُفرس قبل معركة القادسية‪ ،‬ثم يتحدث عن َس ْي سعد ÷ إىل هذه املعركة بأمر من أمري‬
‫املؤمنني اخلليفة عمر بن اخلطاب ÷‪ ،‬واملفاوضات واملراسالت التي دارت بني املسلمني‬
‫وال ُفرس قبل بدء املعركة‪ ،‬ثم احلديث عن املعركة الكربى وما م َّن اهلل به من نرص عىل عباده‪،‬‬
‫وكيف تل َّقى املسلمون‪ ،‬وعىل رأسهم اخلليفة عمر بن اخلطاب ÷‪ ،‬البرشى هبذا النرص‬
‫املبني‪.‬‬
‫وكام حتدث الشيخ اخلالدي عن قيادة سعد ملعركة القادسية‪ ،‬يتحدث يف الفصل اخلامس‬
‫ً‬
‫امتثال ألمر القائد األعىل عمر بن‬ ‫عن قيادته املظ َّفرة لفتح املدائن‪ ،‬وإكامله فتح بالد العراق‪،‬‬
‫اخلطاب ÷‪.‬‬
‫مقرا إلمارته‪ .‬وهذا ما حتدث عنه‬
‫وبعد فتح سعد للمدائن‪ ،‬أنشأ مدينة الكوفة‪ ،‬لتكون ًّ‬
‫الشيخ اخلالدي يف الفصل السادس من كتابه‪ .‬فيذكر أن اختيار الكوفة كان بإشارة من سلامن‬
‫الفاريس وحذيفة بن اليامن ريض اهلل عنهام‪ ،‬وجع َلها بعد ذلك قاعد ًة جهادية متقدمة‪ ،‬تنطلق‬
‫منها كتائب املجاهدين إىل خمتلف اجلهات‪ ،‬وبقي فيها إىل أن عزله عمر ÷‪.‬‬
‫خواص مستشاري عمر بن اخلطاب ÷‬
‫ِّ‬ ‫واستقر بعد ذلك يف املدينة‪ ،‬وبقي فيها من‬
‫إىل أن استشهد‪ ،‬ثم ما أعقب ذلك من فتنة بني الصحابة رضوان اهلل عليهم‪ ،‬كام يذكر ذلك‬
‫ً‬
‫معتزل لتلك الفتنة حتى وفاته‪.‬‬ ‫الشيخ اخلالدي يف الفصل السابع من كتابه‪ .‬وظل‬
‫وختم الشيخ الكتاب بذكر شذرات متفرقة من لطائف أخبار سعد ÷‪ ،‬مما مل يذكره‬
‫يف فصول الكتاب السبعة‪.‬‬
‫‪235‬‬

‫ِسفر التكوين يف ميزان القرآن الكريم‬

‫يلمس فيه َس َعة علم الشيخ‬


‫القارئ هلذا الكتاب َ‬
‫اخلالدي‪ ،‬وا ِّطال َعه الكبري عىل خمتلف علوم الرشيعة‪،‬‬
‫وهو املتخصص يف علم التفسري أو علوم القرآن؛ فهذا‬
‫الكتاب يبني معرفته الواسعة كذلك بكتب الديانات‬
‫الساموية األخرى‪.‬‬
‫ويف هذا الكتاب يضع الشيخ اخلالدي ِس ْف ًرا من‬
‫أهم أسفار النصارى‪ ،‬يف ميزان القرآن الكريم‪ ،‬وهو >سفر التكوين<‪ ،‬الذي يتحدث عن تكوين‬
‫الكون‪ ،‬ونشأة اإلنسان‪ ،‬وحياة البرشية من آدم عليه السالم إىل وفاة يعقوب ويوسف عليهام‬
‫السالم يف مرص‪.‬‬
‫وهناك أسفار أخرى يف التوراة؛ هي >سفر اخلروج<‪ ،‬و>سفر الالو ِّيني<‪ ،‬و>سفر العدد<‪،‬‬
‫تعرض له الشيخ‬
‫و>سفر التثنية<‪ .‬لكن >سفر التكوين< هو أهم هذه األسفار اخلمسة‪ ،‬لذلك َّ‬
‫اخلالدي بالدراسة والعرض عىل ميزان القرآن‪.‬‬
‫وقد خ ُلص الشيخ يف دراسته أن >سفر التكوين< ليس كتا ًبا ً‬
‫منزل من رب العاملني‪ ،‬بل‬
‫هو صناعة برشية‪ ،‬كتبه األحبار يف القرون املختلفة‪ ،‬وأخذوا ما َّدته من ثقافات األمم الكافرة‪،‬‬
‫الذين عاشوا بينهم؛ كالبابل ِّيني وال ُفرس والكنعانيني‪.‬‬
‫قرر الشيخ ذلك بعد أن نظر نظر ًة موضوعية لِام يف >سفر التكوين< وغريه من األسفار‪،‬‬
‫َّ‬
‫حق وصدق وصواب‪ ،‬وهذا من‬
‫فقال‪ :‬إن فيها ما هو موافق لام يف القرآن ومصدِّ ق له‪ ،‬فهذا ٌّ‬
‫البقية القليلة التي حفظها اليهود من التوراة‪ ،‬ونحن نؤمن به ونصدقه‪ ،‬ألنه أتى يف القرآن ما‬
‫ونقضه‪ ،‬فهذا نر ُّده وال نأخذ به مطل ًقا‪ .‬ومنه‬ ‫يصدقه‪ .‬وقسم آخر مما ورد يف األسفار َّ‬
‫كذبه القرآن َ‬
‫ما سكت عنه القرآن‪ ،‬فهذا نتوقف فيه‪.‬‬
‫بقي أن نقول إن منهج الشيخ يف هذا الكتاب يتلخَّ ص يف التعريف بسفر التكوين ً‬
‫أول‪،‬‬
‫‪236‬‬

‫إصحاحا‪:‬‬
‫ً‬ ‫وقسمه إىل أربعة أقسام‪ ،‬تشتمل عىل مخسني‬
‫َّ‬
‫القسم األول‪ :‬تكوين العامل قبل خلق إبراهيم عليه السالم‪.‬‬
‫القسم الثاين‪ :‬حياة إبراهيم عليه السالم‪.‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬حياة إسحاق ويعقوب عليهام السالم‪.‬‬
‫القسم الرابع‪ :‬حياة يوسف عليه السالم‪.‬‬
‫ويف ر ِّده عىل ما جاء يف هذه األقسام بام فيها من إصحاحات‪ ،‬يذكر ما جاء يف إصحاح‬
‫واحد منها أو جمموعة إصحاحات‪ ،‬ثم يعرضه عىل ما ورد يف القرآن الكريم‪ ،‬لين ُق َضه بعد ذلك‪،‬‬
‫أو يتوقف فيه‪ ،‬إن مل ِيرد لذلك ذكر يف القرآن الكريم من تصديق أو تكذيب‪.‬‬
‫وضع‬
‫وتأكيدً ا من الشيخ عىل أن ما ورد يف >سفر التكوين< ليس من كالم اهلل‪ ،‬وأنه من ْ‬
‫نصا من أحد اإلصحاحات يقول‪> :‬زعم األحبار<‪.‬‬
‫األحبار‪ ،‬نجده حني يورد ًّ‬
‫‪237‬‬

‫سيد قطب األديب الناقد‬

‫والداعية المجاهد والمفكر المفسر الرائد‬

‫هذا هو الكتاب الثالث من كتب الشيخ صالح‬


‫اخلالدي عن املفكر واملفرس واألديب سيد قطب‪ ،‬بعد‬
‫كتابيْه‪> :‬سيد قطب الشهيد احلي<‪ ،‬و>سيد قطب من‬
‫امليالد إىل االستشهاد<‪.‬‬
‫وتأليف هذا الكتاب جاء بطلب من األستاذ‬
‫حممد عيل دولة‪ ،‬صاحب >دار القلم<‪ ،‬ليكون واحدً ا من حلقات السلسلة التي تصدرها الدار‬
‫حتت عنوان >أعالم املسلمني<‪.‬‬
‫ظان أن هذا الكتاب هو تكرار لِام جاء يف الكتابني السابقني عن سيد قطب‪ ،‬بل‬
‫وال ي ُظنَّ َّن ٌّ‬
‫جوانب معينة من حياة سيد قطب األدبية والفكرية‪ ،‬وإن اتفق معهام‬
‫َ‬ ‫هو خمتلف عنهام يف تناول‬
‫يف بعض اجلوانب‪ ،‬فاملؤلف ينتقي منهام ما يتفق مع سلسلة >أعالم املسلمني< وحيقق أهدافها‪.‬‬
‫يعرف‬
‫لذا سيجد القارئ يف هذا الكتاب ما ال جيده يف الكتابني اآلخرين؛ فقد أراد الشيخ أن ِّ‬
‫عرف بحياته يف كتابيه السابقني‪.‬‬
‫يف هذا الكتاب بمؤلفات سيد قطب وتراثه الفكري‪ ،‬بعد أن َّ‬
‫جاء هذا الكتاب يف متهيد وثالثة فصول‪ :‬‬
‫َ‬
‫للعال وملرص يف احلقبة التي عاشها سيد قطب‪.‬‬ ‫أوض َح يف التمهيد املالمح العامة‬
‫َ‬
‫ويمهد‬
‫ِّ‬ ‫فخصصه للحديث عن مسرية سيد قطب األدبية والنقدية‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫أما الفصل األول‪،‬‬
‫ِ‬
‫وعمله الوظيفي‪ ،‬ثم يتحدث عن‬ ‫لذلك باحلديث عن نشأة سيد وأرسته ودراسته يف القاهرة‪،‬‬
‫اهتامماته السياسية والصحفية املبكرة‪ ،‬وانتامئه إىل بعض األحزاب‪ ،‬وإنشائه ملجالت أدبية‪.‬‬
‫ثم يتحدث عن ِصالته باألدباء واملفكرين يف مرص؛ أمثال عباس خرض وطه حسني وتوفيق‬
‫احلكيم وغريهم‪ ،‬واملعارك األدبية التي خاضها مع أدباء عرصه‪ .‬و ُيسهب يف احلديث عن صلة‬
‫سيد بالعقاد و(غ ُل ِّوه) فيه‪ ،‬ثم انفصاله عنه‪ .‬لينتقل بعدها إىل احلديث عن رحلة سيد قطب إىل‬
‫‪238‬‬

‫حتول يف فكر سيد قطب‪ .‬ثم يتحدث بعد ذلك عن ِصلته بالثورة‬
‫أمريكا‪ ،‬والتي كانت نقط َة ُّ‬
‫املرصية ورجاالهتا وموقفه منها‪.‬‬
‫وخصص الفصل الثاين للحديث عن مسرية سيد قطب اإلسالمية الدعوية‪ ،‬واملراحل‬
‫َّ‬
‫التي مر هبا يف ذلك‪ ،‬ثم انضاممه إىل >مجاعة اإلخوان املسلمني<‪ ،‬وما أصابه من حمن متتابعة‬
‫جراء ذلك؛ من سجن وتعذيب‪ ،‬انتهى باإلعدام ونيل الشهادة‪.‬‬
‫َّ‬
‫ويف أكثر من نصف الكتاب الذي جتاوزت صفحاته الستامئة صفحة‪ ،‬يتحدث املؤلف‬
‫بإسهاب عن مسرية سيد الباحث األديب الناقد‪ ،‬واملفكر املث َّقف‪ ،‬واملؤلف ِّ‬
‫املفس‪ ،‬وتراثه‬
‫ويعرف بكتبه املطبوعة‪ ،‬واجلو الذي أصدر فيه َّ‬
‫كل كتاب‪،‬‬ ‫الفكري والثقايف واألديب والدعوي‪ّ ،‬‬
‫ويفصل القول‬
‫ِّ‬ ‫واهلدف من إصداره‪ ،‬وطبيعة الكتاب وموضوعه‪ ،‬وفصول الكتاب ومباحثه‪.‬‬
‫يف التعريف بتفسري سيد القطب احلركي >يف ظالل القرآن<‪ ،‬وبكتاب >معامل يف الطريق<‪،‬‬
‫التصور اإلسالمي<‪ .‬وينهي هذا الفصل باحلديث عن مزايا فكر سيد‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫وبخامتة كتبه >مقومات‬
‫واألخطاء التي وقع بعض الناس يف التعامل مع فكره‪.‬‬
‫وخيتم الكتاب بإيراد شهادات ثناء وإنصاف يف سيد قطب من بعض من عرفه من‬
‫ِ‬
‫شقيقه حممد‪ ،‬وزوج أخته الشهيد كامل السنانريي‪ ،‬وعمر التلمساين‪ ،‬والعلَّمة‬ ‫املقربني؛ أمثال‬
‫َّ‬
‫الشيخ الدكتور بكر أبو زيد‪ ،‬رحم اهلل اجلميع‪.‬‬
‫‪239‬‬

‫سيد قطب الشهيد الحي‬

‫هذا هو الكتاب األول من الكتب التي أصدرها‬


‫الدكتور صالح اخلالدي ’‪ .‬والكتاب يف أصله‬
‫كان القسم األول من رسالته للامجستري >سيد قطب‬
‫والتصوير الفني<‪ .‬وطبع القسم الثاين بعنوان >نظرية‬
‫التصوير الفني عند سيد قطب<‪ .‬وسيأيت التعريف به‪.‬‬
‫بذل الشيخ صالح يف هذا الكتاب جهدً ا كب ًريا‬
‫أثناء مجع الامدة‪ ،‬وحرص عىل مقابلة األشخاص الذين كانت تربطهم بسيد قطب عالقة وثيقة‪،‬‬
‫وكان يف مقدمة الذين قابلهم وأفاد منهم فائدة عظيمة شقيقه األستاذ حممد قطب‪ ،‬كام بذل‬
‫جهدً ا كب ًريا يف االطالع عىل مقاالت سيد قطب يف الصحف واملجالت التي كانت تظهر يف‬
‫الفرتة ما بني ‪ 1924‬و‪.1954‬‬
‫‪ ‬جعل الشيخ صالح هذه الدراسة يف بابني‪:‬‬
‫حتدث يف الباب األول عن عرص سيد قطب وبيئته وحياته‪ ،‬وقسمها عىل ثالثة فصول‪:‬‬
‫حتدث يف األول منها عن عرص سيد قطب من النواحي السياسية واالجتامعية واإلسالمية‬
‫واألدبية‪ ،‬ويف الفصل الثاين حتدث عن البيئة العائلية التي عاشها سيد قطب وأصله وقريته‬
‫ونشأته وتربيته‪ ،‬وما إىل ذلك‪ .‬وأطْل َعنا يف الفصل الثالث عىل مشاهدَ من حياة سيد قطب‬
‫العلمية والعملية واالجتامعية‪ ،‬ممَّا له داللة واضحة عىل حياته وشخصيته‪.‬‬
‫وكان الباب الثاين للحديث عن ثقافة سيد قطب ومواهبه وآثاره‪ .‬وقسم هذا الباب عىل‬
‫أربعة فصول‪:‬‬
‫حتدث يف الفصل األول عن مصادر ثقافة سيد العربية والغربية وأثرها عىل فكره‪ .‬ويف‬
‫الفصل الثاين حتدث عن أهم مالمح شخصيته وخصائص أسلوبه‪ .‬وعدَّ د يف الفصل الثالث‬
‫وبي أبرز ما فيها باختصار‪ ،‬وذكر منها سبعة جوانب‪ .‬ويف الفصل‬
‫أهم مواهب سيد قطب‪َّ ،‬‬
‫َّ‬
‫‪240‬‬

‫الرابع حتدث عن تراث سيد األديب والفكري‪ ،‬وصنَّفها صنفني‪ :‬كتبه املطبوعة‪ ،‬وبحوثه غري‬
‫وجْعه والعمل عىل نرشه‪.‬‬
‫املنشورة‪ .‬ودعا إىل العناية برتاث سيد َ‬
‫وبعد إيراد هذه ا َّللمحة املوجزة عن الكتاب ال بد من التنويه إىل أن الشيخ صالح قد ن َّبه‬
‫يف الطبعات الالحقة هلذا الكتاب‪ ،‬عىل وجود بعض األخطاء التارخيية التي وقع فيها يف الطبعة‬
‫األوىل‪ ،‬وقام بتصحيحها؛ منها أخطاء يف تاريخ والدة سيد‪ ،‬وتاريخ خترجه‪ ،‬وتاريخ سفره إىل‬
‫أيضا يف كتابه الكبري‬
‫أمريكا‪ ،‬وتاريخ انضاممه إىل مجاعة >اإلخوان املسلمني<‪ .‬ون َّبه عىل ذلك ً‬
‫>سيد قطب من امليالد إىل االستشهاد<‪ ،‬اآليت التعريف به‪.‬‬
‫‪241‬‬

‫سيد قطب من الميالد إلى االستشهاد‬

‫هذا هو الكتاب الثاين الذي كتبه الشيخ‬


‫اخلالدي يف سرية الشهيد سيد قطب؛ وكان األول‬
‫هو >سيد قطب الشهيد احلي<‪ ،‬وقد سبق التعريف به‬
‫آن ًفا‪ .‬والكتابان مها ضمن سلسلة مؤ َّلفات كتبها الشيخ‬
‫اخلالدي حول سيد قطب وفكره وإنتاجه العلمي‪.‬‬
‫أما هذا الكتاب‪ ،‬فقد أفرغ فيه الشيخ اخلالدي ُو ْس َعه‪ ،‬ووضع فيه كل ما عرفه عن حياة‬
‫سيد قطب‪ ،‬وفيه الكثري من املعلومات املهمة والغزيرة التي مل ترد يف كتابه األول آنف الذكر‪،‬‬
‫كام فيه تصحيح بعض األخطاء التي وقعت له يف ذاك الكتاب‪.‬‬
‫والناظر يف الكتابني يرى مقدار الزيادة التي جاءت يف هذا الكتاب عن سابقه‪ ،‬ويكفي‬
‫أن نعلم أن صفحات هذا الكتاب زادت عن الكتاب األول بمقدار الثلث؛ حيث كان األول يف‬
‫قرابة أربعمئة صفحة‪ ،‬بينام زاد الثاين عىل ستمئة صفحة‪.‬‬
‫وقبل ِذكْر أبواب الكتاب وفصوله‪ ،‬ال بد من اإلشارة إىل ما ذكره الشيخ اخلالدي أن هذا‬
‫ٌ‬
‫وتسجيل لوقائع حياته‪ ،‬وليس‬ ‫ٌ‬
‫تفصيل ملسرية حياة سيد قطب‪ ،‬وترمج ٌة لشخصيته‪،‬‬ ‫الكتاب هو‬
‫دراس ًة ألفكاره وآرائه‪ ،‬ووض ًعا هلا يف امليزان‪ ،‬وبيان ما هلا وما عليها‪.‬‬
‫أما الكتاب‪ ،‬فجاء يف متهيد وثالثة أقسام‪:‬‬
‫حتدث يف التمهيد عن قرية سيد قطب التي ُولد فيها‪ ،‬وعن نشأته‪ ،‬وأصله وأرسته‬
‫ووالديه وإخوته وأخواته‪.‬‬
‫أما القسم األول؛ فكان مع سيد قطب يف حياته األدبية‪ ،‬حتدث فيه عن حياته يف القرية‪،‬‬
‫ثم دراسته يف القاهرة‪ ،‬ووظيفته يف وزارة املعارف‪ ،‬ومقاالته التي كان يكتبها يف الصحف‬
‫وصالته بكبار األدباء واملفكرين يف مرص‪ ،‬ونقده لنِتاجهم األديب‪ .‬ثم‬
‫واملجالت املرصية‪ِ ،‬‬
‫‪242‬‬

‫حتدث عن عالقة سيد قطب بأستاذه األديب الكبري عباس حممود العقاد‪ ،‬ثم انفصاله عنه‪،‬‬
‫وخروجه عن مدرسته‪ .‬و ُيفرد بعد ذلك فصلً للحديث عن معارك سيد األدبية مع أدباء‬
‫يعرج عىل رحلة سيد‬
‫عرصه؛ مثل الرافعي وحممد مندُ ور وغريمها‪ ،‬وأسباب تلك املعارك‪ .‬ثم ِّ‬
‫قطب إىل أمريكا‪ ،‬وحقيقة مهمته إليها‪ ،‬وحماوالت احتوائه وإغرائه هناك‪ .‬وقد ذكر الشيخ‬
‫اخلالدي تفصيل تلك الرحلة يف كتابه >أمريكا من الداخل بمنظار سيد قطب<‪ ،‬الذي تقدم‬
‫حائرا‪،‬‬
‫ً‬ ‫التعريف به‪ .‬ثم يتطرق بعد ذلك إىل رحلة الضياع الفكري التي عاشها سيد قطب‬
‫حينام وقع يف رصاع بني التصورات اإلسالمية التي نشأ عليها‪ ،‬والتصورات الامدية الغربية التي‬
‫تل َّقاها يف شبابه‪ .‬وينهي هذا القسم باحلديث عن املرأة يف حياة سيد قطب‪ ،‬ويذكر جتربتني له يف‬
‫احلب مع فتاتني‪ ،‬إحدامها من قريته وأخرى قاهرية‪.‬‬
‫ومهد‬
‫والقسم الثاين من الكتاب خصصه للحديث عن مسرية حياة سيد اإلسالمية؛ َّ‬
‫والضياع إىل عامل اإليامن‬
‫لذلك باحلديث عن هذه النقلة البعيدة التي أخذت سيد من عامل ال ِّتيه َّ‬
‫مرورا باملرحلة‬
‫ً‬ ‫واليقني‪ ،‬ثم حتدث عن مراحل حياته اإلسالمية‪ ،‬من املرحلة الفنية األدبية‪،‬‬
‫ً‬
‫وصول إىل مرحلة اإلسالميات احلركية‪ .‬ويورد بعد ذلك مشاهدَ من حياة سيد‬ ‫الفكرية العامة‪،‬‬
‫قطب اإلسالمية‪ ،‬فيذكر عالقته مع رجاالت الثورة‪ ،‬وبدايات صالته مع >اإلخوان املسلمني<‪،‬‬
‫تعرض هلا بسبب ذلك سنة ‪ ،1954‬ثم تو ِّليه قيادة التنظيم اإلخواين اجلديد‪،‬‬
‫وما تبعها من حمنة َّ‬
‫ثم ما تبِع ذلك ً‬
‫أيضا من حمنته الثانية‪ ،‬التي انتهت بمحاكمته وإعدامه‪.‬‬
‫اخلالدي يف القسم الثالث واألخري من الكتاب صفات سيد قطب وتراثه‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫وأبرز الشيخ‬
‫َ‬
‫فصل احلديث عن تراثه وما أنتجه من كتب‬ ‫فذكر ً‬
‫أول أهم مالحمه وصفاته وخصائصه‪ .‬ثم َّ‬
‫ومقاالت‪ ،‬وجعلها يف ثالثة أقسام؛ األول‪ :‬مقاالته يف الصحف واملجالت‪ ،‬والقسم الثاين‪:‬‬
‫عرف فيه باختصار بام ُطبع من كتب سيد‪ ،‬مر ِّت ًبا هلا حسب تاريخ صدورها‪ ،‬وذكر يف القسم‬
‫َّ‬
‫الثالث ما مل ُينرش من بحوث كتبها سيد‪.‬‬
‫نشري إىل أن الكتاب تُرجم يف إيران إىل اللغة الفارسية‪.‬‬
‫‪243‬‬

‫سيرة آدم عليه السالم‬

‫للتعرف عىل حياة آدم‬


‫ُّ‬ ‫هيدف هذا الكتاب‬
‫عليه السالم منذ خلقه اهلل يف اجلنة‪ ،‬إىل أن توفاه عىل‬
‫وعظاهتا ودروسها‬ ‫األرض‪ ،‬والوقوف عىل ِعبها ِ‬
‫َ‬
‫ودالالهتا‪ .‬وقد حرص فيه املؤلف ’‪ ،‬كام هو‬
‫منهجه يف سائر كتبه ودراساته‪ ،‬عىل البقاء مع املصادر‬
‫اإلسالمية املوثوقة‪ ،‬وهي آيات القرآن الكريم‪ ،‬وما‬
‫صح من األحاديث النبوية املرفوعة‪ .‬كام حرص عىل االبتعاد عن اإلرسائيليات واألساطري‬
‫َّ‬
‫واألخبار املكذوبة‪.‬‬
‫قسم هذا الكتاب قسمني‪ :‬حياة آدم عليه السالم يف اجلنة‪ ،‬وحياته عىل األرض‪ .‬ونذكر‬
‫ُي َ‬
‫بعض ما جاء يف هذين القسمني‪.‬‬
‫خالق ِّ‬
‫كل يشء‪ ،‬وأنه سبحانه خلق الساموات واألرض يف‬ ‫فقد ذكر الشيخ ابتدا ًء أن اهلل ُ‬
‫ستة أيام‪ ،‬هو الذي ه َّيأ احلياة عىل األرض لتكون معمورة مسكونة‪ .‬‬
‫ثم يتحدث عن طبيعة املالئكة وخ ْل ِقهم من نور‪ ،‬واألعامل املوكَّلني هبا‪ ،‬ثم طبيعة اجلن‬
‫ِ‬
‫فرق بني‬ ‫وخ ْلقهم من نار‪ ،‬وأهنم مك َّلفون كا ِإلنس‪ ،‬و ُمطا َلبون باإليامن والعمل الصالح‪َّ .‬‬
‫ثم َّ‬
‫ثالث تسميات؛ هي‪ :‬إبليس واجلن والشيطان‪.‬‬
‫تطرق إىل خلق اإلنسان‪ ،‬وكونِه خليف َة اهلل يف األرض‪ ،‬وأن اهلل خلق الناس متفاوتني‬
‫ثم َّ‬
‫يف ألواهنم وطِباعهم حلكمة أرادها سبحانه‪ .‬‬
‫ثم ينتقل الشيخ لبيان أن اهلل نفخ يف آدم عليه السالم من روحه‪ ،‬وأن اإلنسان تتنازعه‬
‫حاجتان‪ :‬جسدية وروحية‪ ،‬وال بد من التوازن بينهام‪.‬‬
‫ربم عن حكمة استخالف آدم يف األرض‪ ،‬وما سيحدث‬ ‫وحتدث عن سؤال املالئكة َّ‬
‫وعرفها آدم‬ ‫ٍ‬
‫فيها من إفساد وسفك للدماء‪ ،‬وأن اهلل امتحنهم بسؤاهلم عن أشيا َء مل يعرفوها َ‬
‫‪244‬‬

‫عليه السالم‪ ،‬واعرتافهم بقصور علمهم‪ ،‬وأهنم سجدوا مجي ًعا آلدم عليه السالم‪َّ ،‬إل إبليس أبى‬
‫وغرورا واستعال ًء‪ ،‬وكان يف هذا هالكُه وطر ُده من زمرة املالئكة‪.‬‬
‫ً‬ ‫استكبارا منه‬
‫ً‬ ‫ذلك‪،‬‬
‫ِ‬
‫ورفضه االمتثال ألمر اهلل‪ ،‬فيذكر‬ ‫ويفصل الشيخ احلديث عن إبليس بعد عصيانه‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫تعهده بإغواء بني آدم‪ ،‬وأنه لن ينجو منه إال عباد اهلل املخ َلصني‪ ،‬وأنه سيستخدم يف إغوائهم‬
‫ُّ‬
‫كل ما ُأويت من أسلحة‪ ،‬لذا وجب علينا اختاذ الشيطان ً‬
‫عدوا‪.‬‬ ‫وإضالهلم َّ‬
‫ينتقل الشيخ بعد ذلك إىل احلديث عن آدم وحواء عليهام السالم‪َّ ،‬‬
‫وأن آدم ُخلق قبل‬
‫حواء بمدة من الزمن‪ ،‬ثم خلقها اهلل منه‪ ،‬ويذكر يف ذلك احلكمة من التزاوج بني الذكر‬
‫واألنثى‪ .‬والشيخ هنا يدفع الروايات اإلرسائيلية يف خلق حواء ويرفضها‪.‬‬
‫ثم ينتقل إىل وصف حياة آدم وحواء يف اجلنة واستمتاعهام هبا‪ ،‬وأن اهلل هنامها عن‬
‫وس َو َس هلام لكشف‬
‫وحذرمها من عداوة إبليس‪ .‬لكن إبليس ْ‬ ‫املحرمة‪َّ ،‬‬
‫َّ‬ ‫االقرتاب من الشجرة‬
‫ِ‬
‫عوراتام‪ ،‬وز َّين هلام التم ُّلك واخللود‪ ،‬وأقسم عليهام باهلل كاذ ًبا‪ ،‬وأطاعاه يف ذلك‪ ،‬وعصيا رهبام‪،‬‬
‫يفرق بني معصية آدم ومعصية إبليس‪.‬‬
‫ثم تاب اهلل عليهام‪ .‬والشيخ اخلالدي يف هذا املوضع ِّ‬
‫ابني آدم‬
‫ثم ينتقل بعد ذلك ليتحدث عن إهباط آدم وحواء إىل األرض‪ ،‬وما حدث بني ْ‬
‫عليه السالم من خالف أدى إىل قتل أحدمها لآلخر‪ ،‬وما نتج عن ذلك من عداوة بني ذريته‪،‬‬
‫بل من رصاع بني احلق والباطل‪.‬‬
‫وبعد ذكر نبأ وفاة آدم عليه السالم‪ ،‬خيتم الكتاب بذكر مالمح الشخصية اآلدمية‬
‫والشخصية اإلبليسية‪ ،‬وما تتصف به ٌّ‬
‫كل منهام‪.‬‬
‫نذكر أن الكتاب تُرجم إىل اللغة املالوية‪.‬‬
‫‪245‬‬

‫الشخصية اليهودية من خالل القرآن‬


‫تاريخ ِ‬
‫وسمات ومصير‬

‫يقرر الدكتور اخلالدي أن كتابه هذا ليس‬


‫الوحيدَ الذي حتدث عن اليهود يف القرآن‪ ،‬فقد سبقه‬
‫علام ُء ومفكرون إىل الكتابة يف هذا املوضوع‪ ،‬وهو‬
‫يثمن جهودهم ويباركها‪ ،‬ويدعو إىل املزيد من الكتابة‬
‫ِّ‬
‫عن اليهود ومكرهم وانحرافهم الفكري والعقدي‬
‫واألخالقي‪ ،‬لِام يرى أن املشكلة اليهودية من أعوص املشكالت املعارصة‪ ،‬وأن اخلطر‬
‫اليهودي الداهم يتهدَّ د األمة اإلسالمية‪ ،‬فكان ال بد من تقديم حقائق القرآن وتقريراته حول‬
‫هذه املسائل‪.‬‬
‫عرضه ملواطن احلقائق‬
‫لكن ما يميز هذا الكتاب عن غريه من الكتب التي سبقته هو ُ‬
‫نتعرف من خالهلا‬
‫واملقررات التي جاءت يف القرآن عن اليهود وعن بني إرسائيل‪ ،‬والتي َّ‬
‫َّ‬
‫عىل الشخصية اليهودية‪ ،‬وهو يف الوقت نفسه يقدم خالصة موجزة لتاريخ اليهود كام عرضه‬
‫القرآن‪ ،‬ابتدا ًء من هجرهتم إىل مرص زمن يوسف إىل حكم سليامن‪ ،‬عليهام السالم‪.‬‬
‫كل ذلك نجده يف هذا الكتاب بفصوله اخلمسة؛ التي يتحدث يف الفصل األول منها عن‬
‫بني إرسائيل واليهود وفق السياق القرآين‪ ،‬واحلكمة من التفصيل القرآين لقصة بني إرسائيل‬
‫دون سواها من القصص‪.‬‬
‫ويلخِّ ص يف الفصل الثاين تاريخ اليهود‪ ،‬وفق منهج حدَّ ده‪ ،‬وهو االلتزام بالنصوص‬
‫القرآنية‪ ،‬ال يعدوها إىل سواها‪.‬‬
‫مطولة أمام آيات القرآن وهي تتحدث عن‬
‫ونقف مع املؤلف يف الفصل الثالث وقفة َّ‬
‫وتسجل مزاعمها‬
‫ِّ‬ ‫الشخصية اليهودية‪ ،‬وت ُِّبي سامهتا وأخالقها‪ ،‬وتعرض عقيدهتا ودينها‪،‬‬
‫وافرتاءاهتا‪ ،‬وتصف عقوبات اهلل ضدَّ ها‪.‬‬
‫‪246‬‬

‫وينظر املؤلف يف الفصل الرابع باملنظار القرآين إىل الكيان اليهودي املعارص الذي أقاموه‬
‫يف فلسطني‪ ،‬ويدرسه من خالل سور قرآنية خمصوصة؛ هي‪( :‬آل عمران والامئدة واألعراف‬
‫واحلرش)؛ فريى هذا الكيان عىل حقيقته‪ ،‬ويرى اليهود الذين أقاموه عىل حقيقتهم‪ ،‬ويعرض‬
‫هذا الكيان عىل سنن اهلل الثابتة‪ ،‬فريى أنه إىل زوال حمتوم‪.‬‬
‫ويقدم الشيخ يف الفصل اخلامس من كتابه القيم هذا معاملَ قرآني ًة يف رصاعنا مع اليهود‪،‬‬
‫ويبني ماه َّية الصلة بيننا وبينهم كام حيددها القرآن الكريم‪ ،‬وأن رصاعنا معهم هو رصاع بني‬
‫مقومات وطريق النرص عىل اليهود‪ ،‬وحل القضية الفلسطينية‪ ،‬يف‬
‫رسالتني‪ .‬ويعرض يف ذلك ِّ‬
‫ضوء الكتاب والسنة‪ ،‬وأن ذلك ال يتم إال باعتامد احلل اإلسالمي؛ من خالل إقامة املجتمع‬
‫اإلسالمي‪ ،‬وإدخال القرآن املعركة‪.‬‬
‫وخيتم الشيخ كتابه بمحاولة استرشاف مستقبل األمة املسلمة والكيان اليهودي‪ ،‬وحتديد‬
‫املر الذي تعيشه األمة اإلسالمية‪،‬‬
‫معامل هذا املستقبل‪ ،‬ورسم حدوده‪ ،‬هبدف جتاوز الواقع ِّ‬
‫واخلروج من حالة اليأس والقنوط‪ ،‬واالنطالق إىل ميدان اجلد والعمل واجلهاد لالنتصار عىل‬
‫أنفسنا ً‬
‫أول‪ ،‬ثم االنتصار عىل أعدائنا‪ .‬أما مستقبل الكيان اليهودي‪ ،‬فيقول الشيخ اخلالدي‬
‫رمحه اهلل‪ :‬إننا نسترشفه عىل هدْي إسالمنا وقرآننا‪ ،‬ونتوقع لكياهنم هنايته األكيدة ومصريه‬
‫املحتوم باهلزيمة‪.‬‬
‫‪247‬‬

‫صور من جهاد الصحابة‬


‫عمليات جهادية تن ِّفذها‬
‫مجموعات خاصة من الصحابة‬

‫هذا كتاب طريف يف موضوعه‪ ،‬طريف يف‬


‫طرحه‪ ،‬يأخذنا يف رحلة ش ِّيقة مع الصحابة الكرام‬
‫رضوان اهلل عليهم‪ ،‬يف جهادهم‪ ،‬بل يف نوع خاص من‬
‫هذا اجلهاد‪ ،‬مما يمكن أن نسميه (املهامت اخلاصة)‪ ،‬أو‬
‫فريق (الكوماندوز)‪ ،‬إن جاز لنا التعبري‪.‬‬
‫وقد أورد الشيخ يف هذا الكتاب عرش صور بطولية خاضها الصحابة الكرام‪ ،‬برز فيها‬
‫انضبا ُطهم العسكري‪ ،‬ورسعة بدهيتم‪ ،‬وجرأهتم‪ .‬وقد َّ‬
‫فصل القول يف كل عملية جهادية‬
‫أوردها‪ ،‬من بداية تشكيل املجموعة املجاهدة‪ ،‬إىل سريها نحو هدفها‪ ،‬وعودهتا بعد إمتام‬
‫مهمتها‪.‬‬
‫مهد هلذه الصور والنامذج بذكر أمهية اجلهاد وأصالته‪ ،‬وأنه روح اإلسالم‪،‬‬‫وقبل ذلك َّ‬
‫ٍ‬
‫توجيهات جهادي ًة‬ ‫وعالمة حياته‪ ،‬وذروة سنامه‪ ،‬مور ًدا بعض اآليات القرآنية التي تُقدِّ م‬
‫للمسلمني عىل اختالف أزماهنم وأماكنهم‪ .‬وقد اعتمد يف رسد حوادث تلك العمليات عىل‬
‫ذاكرا مراجعه فيها يف هناية كل‬
‫الروايات الصحيحة يف كتب احلديث والتاريخ والسرية النبوية‪ً ،‬‬
‫قصة‪.‬‬

‫أما النماذج العشرة للعمليات الجهادية‪:‬‬


‫‪ -1‬فبدأها باحلديث عن جمموعة عبد اهلل بن جحش ÷‪ ،‬وهي أول جمموعة تنجح يف‬
‫مرشكي اثنني‪ ،‬واالستيالء عىل قافلة قريش التجارية‪.‬‬
‫ْ‬ ‫قتل أول مرشك‪ ،‬وأرس‬
‫‪ -2‬ثم جمموعة حممد بن مسلمة األنصاري ÷ التي ُأرسلت يف مهمة خاصة لقتل‬
‫زعيم اليهود كعب بن األرشف‪.‬‬
‫‪248‬‬

‫وجهها رسول اهلل ×‬


‫‪ -3‬وكانت الثالثة هي جمموعة عبد اهلل بن عتيك ÷‪ ،‬التي َّ‬
‫يف مهمة خاصة لقتل زعيم آخر من زعامء اليهود‪ ،‬هو سالم بن أيب احلُ َقيْق‪ ،‬بسبب جرائمه‬
‫العديدة ضد اإلسالم واملسلمني‪.‬‬
‫‪ -4‬واملهمة اجلهادية الرابعة قامت هبا جمموعة خاصة بقيادة أيب عبيدة عامر بن اجلراح‬
‫عدوا‪ ،‬ومل يكن‬
‫يلقوا فيها ًّ‬
‫÷‪ ،‬حيث أرسلهم الرسول × إىل شاطئ البحر األمحر‪ ،‬فلم ْ‬
‫هناك قتال‪ .‬لكنهم جاعوا جو ًعا شديدً ا‪ ،‬فأكرمهم اهلل بإخراج حوت عظيم من البحر‪ ،‬أكلوا‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ×‪.‬‬ ‫منه‪ ،‬وجلبوا من حلمه إىل املدينة‪ ،‬وأطعموا منه‬
‫‪ -5‬واملهمة اخلامسة كانت مهمة خاصة‪ ،‬ن َّفذها بمفرده عبد اهلل بن ُأنَيس ÷‪،‬‬
‫وكانت تستهدف قتل زعيم الكفار سفيان بن خالد اجلُهني‪ ،‬الذي كان ُي ِّهز ً‬
‫جيشا كب ًريا لغزو‬
‫املدينة‪ ،‬فأدى ُأنيس املهمة عىل أحسن صورة‪.‬‬
‫‪ -6‬وتبع ذلك جمموعة حممد بن مسلمة األنصاري ÷‪ ،‬التي ُك ِّلفت بأرس ُثاممة بن‬
‫ُأ َثال احلنفي‪ ،‬سيد بني حنيفة وزعيم الياممة‪ ،‬فحققت املجموعة هدفها‪ ،‬وانتهى األمر بعد ذلك‬
‫إىل إسالم ُثاممة بن أثال ÷‪ ،‬وانتشار اإلسالم يف بني حنيفة‪.‬‬
‫الض ْمري ÷‪ ،‬بتكليف‬
‫‪ -7‬وسابع املهامت‪ :‬مهمة فردية خاصة‪ ،‬قام هبا عمرو بن أمية َّ‬
‫من رسول اهلل ×‪ ،‬الغتيال أيب سفيان بن حرب يف مكة‪ ،‬ولكن عمرو بن أمية مل ينجح يف‬
‫مهمته ألسباب خارجة عن إرادته‪.‬‬
‫أيضا‪ ،‬قام هبا سلمة بن األكوع ÷‪ُ ،‬عرفت‬
‫‪ -8‬واملهمة الثامنة كانت عملية منفردة ً‬
‫يف كتب السرية بغزوة >ذي َق َرد<‪ ،‬حيث واجه َس َلم ُة ً‬
‫جيشا كاملً من املرشكني‪ ،‬وطاردهم يو ًما‬
‫كاملً‪ ،‬حتى نجح يف استخالص ما سلبوه من ماشية املسلمني ومتاعهم‪.‬‬
‫‪ -9‬وتاسع العمليات اجلهادية‪ ،‬قام هبا أبو بصري ÷ و َمن معه‪ ،‬حيث نجح يف مواجهة‬
‫قريش وإرهاهبا‪ ،‬وإضعاف اقتصادها‪ ،‬والسيطرة عىل قوافلها التجارية‪.‬‬
‫‪ -10‬وآخر العمليات التي أوردها املؤلف كانت جمموعة فريوز الديلمي ÷‪ ،‬التي‬
‫نجحت يف قتل املتنبئ َّ‬
‫الكذاب‪ ،‬األسود العنيس‪ ،‬والقضاء عىل فتنته‪.‬‬
‫نشري أن الكتاب تُرجم إىل اللغة الفارسية‪ ،‬وهو قيد الطبع اآلن يف إيران‪.‬‬
‫‪249‬‬

‫ِعتاب الرسول × يف القرآن‬

‫تحليل وتوجيه‬

‫هذا هو الكتاب التاسع من سلسلة >من كنوز‬


‫القرآن< التي أصدرها الشيخ رمحه اهلل‪ُّ ،‬‬
‫وكل كتبه كنوز‪.‬‬
‫يف هذا الكتاب يعمل املؤلف عىل حل‬
‫اإلشكاالت الواردة يف عتاب الرسول ×‪ ،‬إذ عرض‬
‫القرآن كث ًريا من مواقف الرسول ×‪ ،‬ومشاهد حياته‬
‫وأحداث سريته‪ ،‬واستدرك عىل رسول اهلل × بعض مواقفه‪ ،‬وعات َبه اهلل يف بعض ما صدر‬
‫آيات القرآن ذلك االستدراك والعتاب‪.‬‬
‫وسجلت ُ‬
‫َّ‬ ‫عنه من أقوال وأفعال‪،‬‬
‫تصح‪ ،‬ونسبوا‬ ‫ٍ‬
‫روايات مل‬ ‫وخاض بعض السابقني كث ًريا يف تلك املواقف‪ ،‬وقدَّ موا فيها‬
‫َّ‬
‫نبوته وعصمته‪ ،‬وع ُل ِّو منزلته عند اهلل‪ .‬ووقع‬
‫إىل رسول اهلل × ما ال يليق به‪ ،‬وما ال يتفق مع َّ‬
‫ال ُق َّراء لتلك الكتب يف إشكاالت يف فهم تلك املواقف النبوية وحتليلها وتوجيهها‪ ،‬ويف تفسري‬
‫اآليات التي عرضتْها‪.‬‬
‫ولبيان اللبس حول هذا العتاب القرآين‪ ،‬جاء الكتاب مزيلً للشك‪ ،‬ومب ِّينًا احلقيقة حول‬
‫ذلك العتاب‪ ،‬حيثام ورد يف سور القرآن‪.‬‬
‫انتظم الكتاب ثالث َة عرش فصلً‪ ،‬توزعت موضوعاهتا كام ييل‪:‬‬
‫األول‪ :‬احلديث عن عصمة الرسول ×‪ ،‬ويشري فيه إىل اختالف العلامء يف ذلك‪ ،‬حيث‬
‫ٍ‬
‫ومعاص وخمالفات‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫ذنوب‬ ‫وصغائر‪ ،‬وارتكاب‬
‫َ‬ ‫كبائر‬
‫َ‬ ‫وقوع الرسول × يف‬
‫َ‬ ‫أجاز بعضهم‬
‫ورجح فيه املؤلف الرأي القائل بعصمة‬
‫ومنع آخرون ذلك عنه‪ ،‬وأجازوا وقو َعه يف اخلطأ‪َّ .‬‬
‫الرسول × من الكبائر والصغائر‪ ،‬ومن الذنوب واملعايص‪ ،‬وعصمتِه ً‬
‫أيضا من األخطاء‪،‬‬
‫مد ِّللً عل ذلك بأمثلة من حياة الرسول ×‪.‬‬
‫ثم رتَّب الفصول الالحقة عىل أساس ترتيب سور القرآن‪.‬‬
‫‪250‬‬

‫فجاء احلديث يف الفصل الثاين عن موقف الرسول × مما قام به املنافق طعمة بن‬
‫ُأ َب ْيق من الرسقة‪ ،‬كام عرضته آيات من سورة النساء‪.‬‬
‫وحتدث يف الفصل الثالث عن أمر الرسول × بالبقاء مع املسلمني املستضعفني كام‬
‫عرضته آيات من سورة األنعام‪.‬‬
‫وذكر يف الفصل الرابع عتاب الرسول × بشأن أرسى بدر‪ ،‬الذي ورد يف سورة‬
‫األنفال‪.‬‬
‫ويف الفصل اخلامس كان احلديث عن عتاب الرسول × يف إذنه للمتخ ِّلفني عن غزوة‬
‫تبوك‪ ،‬التي رسدت قصتها سورة التوبة‪.‬‬
‫أما الفصل السادس‪ ،‬فكان العتاب فيه عىل صالة الرسول × عىل زعيم املنافقني‪،‬‬
‫عبد اهلل بن ُأيب‪ ،‬كام ُذكر ذلك يف آيات من سورة التوبة ً‬
‫أيضا‪.‬‬
‫وحتدث يف الفصل السابع عن ثبات الرسول × أمام مساومات الكفار‪ ،‬كام عرضته‬
‫آيات من سورة اإلرساء‪.‬‬
‫ٌ‬
‫ويف الفصل الثامن كان احلديث عن عتاب الرسول × فيه لنسيانه قول‪ :‬إن شاء اهلل‪،‬‬
‫وجاء ذكر ذلك يف آيات من سورة الكهف‪.‬‬
‫والفصل التاسع‪ :‬يف إلقاء الشيطان يف أمنية الرسول ×‪ ،‬كام عرضته آيات من سورة‬
‫احلج‪.‬‬
‫جوانب‬
‫َ‬ ‫وكانت الفصول العارش واحلادي عرش والثاين عرش خمصص ًة للحديث عن‬
‫ٍ‬
‫اجتامعية من حياة النبي ×؛ مثل زواجه × بزينب بنت جحش ريض اهلل عنها‪ ،‬واعتزاله‬
‫زوجاته وختيريهن‪ ،‬وحتريمه بعض األشياء عىل نفسه ابتغاء مرضاة أزواجه‪ ،‬كام جاء ذلك يف‬
‫سوريت األحزاب والتحريم‪.‬‬
‫وجاءت خامتة الكتاب يف الفصل الثالث عرش حول عتاب الرسول × بشأن عبد اهلل‬
‫بن أم مكتوم ÷‪ ،‬كام عرضته آيات من سورة عبس‪.‬‬
‫نشري إىل أن الكتاب تُرجم يف إيران إىل اللغة الفارسية‪.‬‬
‫‪251‬‬

‫يف ظالل اإليمان‬

‫قبل أن أحتدث عن مفردات هذا الكتاب‬


‫و(ظالل اإليامن) فيه‪ ،‬أود أن أذكر ما يعتقده املؤلف‬
‫يقرره ويعتقده‪ ،‬ويتف َّيأ‬
‫’ حول ماه َّية اإليامن الذي ِّ‬
‫ظال َله هنا؛ فهو اإليامن الذي ال >يؤخذ إال من كتاب‬
‫اهلل تعاىل‪ ،‬ومن سنة رسول اهلل ×‪ ،‬ومن فهم علامء‬
‫اإلسالم املأخوذ من هذين املصدرين‪ ،‬وامل َّتفق مع‬
‫لزمون‬
‫املقررات مهام كان قائله؛ ألننا ُم َ‬ ‫مقرراهتام‪ ،‬وال جيوز أن نأخذ ً‬
‫قول أو رأ ًيا خيالف هذه َّ‬ ‫َّ‬
‫َّأل نخالف الكتاب والسنة… وهلذا نرفض كالم بعض الفرق اإلسالمية حول اإليامن الذي‬
‫خالفوا فيه الكتاب والسنة‪.<...‬‬
‫من هذه القاعدة املهمة التي وضعها املؤلف يف مقدمة كتابه ينطلق لبيان مفردات‬
‫الكتاب وظالل اإليامن فيه‪ ،‬و ُمن َط َل ُقه يف هذا هو حديث القرآن عن اإليامن‪ ،‬فيسجل فيه عرض‬
‫القرآن لإليامن‪ ،‬مع الرتكيز عىل القضايا احلياتية الواقعية لإليامن‪ ،‬و َت َل ُّمس آثاره العملية وأبعاده‬
‫ُ‬
‫احلديث عن اإليامن كال ًما نظر ًّيا ال ُيبنى عليه عمل‪.‬‬ ‫الواقعية ومهمته احليوية‪ ،‬حتى ال يكون‬
‫ومن هذه املنطلقات يسري الشيخ اخلالدي ’ يف حديثه عن اإليامن من جوانبه‬
‫املتعددة؛ فيذكر معنى اإليامن‪ ،‬والعالقة بني األمن واإليامن‪ ،‬وحقيقة اإليامن‪ ،‬والعالقة كذلك‬
‫بني ٍّ‬
‫كل من القرآن واإلسالم‪ ،‬والعقيدة واإليامن‪.‬‬
‫املشوش لإليامن عند بعض املسلمني‪ .‬وإلزالة‬
‫َّ‬ ‫الفهم‬
‫َ‬ ‫ويبني بعد ذلك يف فصول متتابعة‬
‫يعرج الشيخ عىل ذكر أركان اإليامن ومفهومها ومقتضياهتا‪ ،‬حتى يكون‬
‫املشوش ِّ‬
‫َّ‬ ‫هذا الفهم‬
‫املؤمن م َّتص ًفا بصفات أهل اإليامن‪ ،‬الذي يزيد بالطاعة يف قلوب املؤمنني وينقص باملعصية‪،‬‬
‫مقرر يف عقيدة أهل السنة واجلامعة‪.‬‬
‫كام هو َّ‬
‫‪252‬‬

‫ثم يتابع احلديث عن اإليامن‪ ،‬وأن اهلل يكتبه يف قلوب أصحابه طالام هي مع اهلل‪ ،‬وأن‬
‫الزينة التي‬
‫ومنحهم إياها‪ ،‬وهو ِّ‬
‫َ‬ ‫هذا اإليامن هو النعمة الكربى التي م َّن اهلل هبا عىل عباده‬
‫ز َّينهم هبا‪ ،‬ومن اتَّصف به فقد سكن اإليامن قل َبه‪ ،‬وجنى ثمرته‪ ،‬وذاق حالوة طعمه؛ لذلك‬
‫ب للنفوس‪ ،‬ونِداؤه حم َّبب إىل قلوب املؤمنني‪ ،‬وجمالِسه هي البيئة املناسبة التي ينمو‬
‫فاإليامن ُم َّب ٌ‬
‫موكب كريم طاهر‪ ،‬يسري فيه صفو ُة الناس وخ ُري البرش‪ ،‬وفيه‬
‫ٌ‬ ‫فيها ويزداد ويتجدد‪ ،‬وموكبه‬
‫يتسابقون لل َّظ َفر بكنزه الثمني‪ ،‬ونوره املبني‪ ،‬ونفعه العميم‪ ،‬وبه يستعيل أصحابه‪ ،‬ويعيشون فيام‬
‫ٍ‬
‫بحبل من اهلل‪.‬‬ ‫بينهم برابطة ال ُّ‬
‫تنفك ُعراها‪ ،‬ألهنا موصولة‬
‫نشري إىل أن الكتاب تُرجم يف إيران إىل اللغة الفارسية‪.‬‬
‫‪253‬‬

‫يف ظالل القرآن يف الميزان‬

‫هذا هو الكتاب الثالث واألخري من سلسلة‬


‫حلقات >يف ظالل القرآن‪ :‬دراسة وتقويم<‪ ،‬التي كانت‬
‫يف أصلها رسال ًة علمي ًة أعدها الشيخ اخلالدي لنيل‬
‫درجة الدكتوراه‪.‬‬
‫والشيخ يف هذا الكتاب يناقش الذين وقفوا من‬
‫ب‬‫متعص ٌ‬
‫ِّ‬ ‫>الظالل< وصاحبه أحدَ موقفني‪ :‬إما ٍ‬
‫غال فيه‬ ‫َّ‬
‫واحلق التام‪ .‬وإما م ٍ‬
‫عاد له‬ ‫َّ‬ ‫الصواب املطلق‬ ‫له‪ ،‬مدَّ ع ًيا لصاحبه العصم َة وال ُقدسية‪ ،‬ولكتابه‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ومتج ٍّن عليه‪ ،‬ال يراه يف أصله يندرج يف كتب التفسري‪ ،‬وال يعدو أن يكون كتا ًبا من كتب‬
‫َ‬
‫األدب‪.‬‬
‫منهجا علم ًيا منص ًفا يف تقييم‬
‫ً‬ ‫وهو رمحه اهلل يقف موق ًفا وس ًطا بني هؤالء‪ ،‬متب ًعا‬
‫وليذب عنه ما ُّاتِم به من اهتامات‬
‫َّ‬ ‫>الظالل<‪ ،‬فيضعه يف امليزان الرشعي‪ ،‬ليبني ما له وما عليه‪،‬‬
‫باطلة ألصقها به الغالون فيه والشانؤون له‪.‬‬
‫ُّ‬
‫كل ذلك بحثَه الشيخ صالح اخلالدي يف سبعة فصول؛ سجل يف الفصل األول منها أهم‬
‫األخطاء التي يقع فيها بعض من يتعاملون مع >الظالل< أو يقرؤون فيه‪.‬‬
‫وأطال احلديث يف الفصل الثاين عن عقيدة سيد قطب؛ مبينًا منهجه يف أخذ العقيدة‪،‬‬
‫سلفي املنهج يف ذلك‪.‬‬
‫َّ‬ ‫وأنه أخذها من الكتاب والسنة‪ ،‬ومن فهم الصحابة والتابعني‪ ،‬وأنه كان‬
‫والش ُبهات التي ُأثريت حول عقيدته؛ مثل موقفه من علم‬
‫ثم بني موقف سيد من بعض القضايا ُّ‬
‫الكالم‪ ،‬ومن وحدة الوجود‪ ،‬ومن خرب اآلحاد يف العقيدة‪ ،‬وغري ذلك من املسائل‪.‬‬
‫وخصص احلديث يف الفصل الثالث عن بعض املصطلحات اإلسالمية التي وردت‬ ‫َّ‬
‫يف >الظالل<‪ِ ،‬‬
‫وفه َمها البعض عىل غري حمملها‪ ،‬فكانت ميدانًا لكثري من الشبهات واإلشاعات‬
‫واألحكام؛ مثل تعريف سيد قطب لأللوهية والربوبية‪ ،‬ومناداته باحلاكمية‪ ،‬وكالمه حول‬
‫‪254‬‬

‫اجلاهلية‪ .‬واعتمد الشيخ صالح يف إزالة اللبس حول هذه القضايا عىل كالم سيد الرصيح يف‬
‫>الظالل< نفسه‪ ،‬ويف كتبه األخرى‪.‬‬
‫ً‬
‫أقوال من‬ ‫وناقش يف الفصل الرابع اهتام سيد بتكفري املسلمني‪ ،‬مفنِّدً ا ذلك‪ ،‬ومور ًدا‬
‫سيد نفسه أنه ال يك ِّفر عموم املسلمني‪ ،‬وأنه كان َ‬
‫أول من أطلق شعار >نحن دعاة ولسنا قضاة<‪،‬‬
‫كام نقل عنه ذلك شقيقه األستاذ حممد قطب‪.‬‬
‫وحدَّ د يف الفصل اخلامس موقف سيد قطب من الفقه اإلسالمي‪ ،‬وناقش من اهتمه‬
‫وبي أن سيد قطب ’ ينظر إىل الفقه ك ِّله‪ ،‬العبادات منه واملعامالت‪ ،‬عىل أنه‬
‫بعداوة الفقه‪َّ ،‬‬
‫عبادة هلل‪ ،‬وأنه يتفق مع العلامء السابقني يف فهمه لكثري من املسائل الفقهية‪ ،‬وال خيالفهم فيها‪،‬‬
‫مثل مفهوم دار اإلسالم ودار احلرب‪ ،‬وفهمه للجهاد والقول باملرحلية يف أحكامه‪.‬‬
‫وبعد ذلك ك ِّله ناقش املؤلف َ‬
‫أهم املالحظات واملآخذ التي أثريت حول >الظالل<‪،‬‬
‫وبي أماكن وجود هذه املآخذ يف >الظالل<‪ ،‬وأثرها‬
‫واض ًعا إيا ُه وإياها يف امليزان الرشعي‪َّ ،‬‬
‫عليه سل ًبا وإجيا ًبا‪.‬‬
‫وأورد يف الفصل السابع أهم السامت التي توفرت يف >الظالل<‪ ،‬والتي أكسبته منزلة‬
‫خاصة يف الفكر اإلسالمي املعارص‪ ،‬فذكر منها إحدى عرشة ِسم ًة‪.‬‬
‫ثم ختم الكتاب بإيراد أهم املزايا التي برزت يف >الظالل<‪ ،‬فذكر أربعني منها‪ ،‬تاركًا‬
‫مفتوحا للدارسني والباحثني الستخراج املزيد من املزايا‪.‬‬
‫ً‬ ‫الباب‬
‫‪255‬‬

‫القبسات السنية من شرح العقيدة الطحاوية‬

‫متن العقيدة الطحاوية‪ ،‬الذي كتبه اإلمام أبو‬


‫ورش ُحه لإلمام ابن أيب‬
‫جعفر الطحاوي (ت ‪321‬هـ)‪ْ ،‬‬
‫العز احلنفي (ت ‪792‬هـ)‪ ،‬من أشهر الكتب يف العقيدة‪،‬‬
‫التي متثِّل منهج أهل السنة واجلامعة‪ .‬وقد كتب اهلل‬
‫للمتن وللرشح القبول واالنتشار بني عموم املسلمني‪.‬‬
‫ٍ‬
‫طبعات عدَّ ة‪ ،‬أجو ُدها التي‬ ‫ُطبع املتن مع رشحه‬
‫بتحقيق شيخنا العالمة شعيب األرنؤوط ’ من حيث العناية باملتن‪ ،‬وختريج األحاديث‬
‫واآلثار‪ ،‬ومناقشة املؤلف يف بعض ما ذهب إليه‪ .‬وقد كان لكاتب هذه السطور رشف املشاركة‬
‫يف حتقيق الكتاب مع الشيخ شعيب ’‪.‬‬
‫عمد بعض‬‫إال أن هذا الرشح اكتنفه بعض الصعوبة يف فهم ما أراده املؤلف ’‪ ،‬لذا َ‬
‫ِ‬
‫تشف‬ ‫العلامء إىل اختصاره وهتذيبه‪ .‬لكن رأى الشيخ صالح اخلالدي أن تلك املخترصات مل‬
‫ضعت من أجله‪ ،‬وأن احلاجة ما زالت قائم ًة لتقديم ما يف ذلك الرشح من خالصة‬
‫ْ‬ ‫غليلً فيام ُو‬
‫ميس‪.‬‬
‫نافعة‪ ،‬وبأسلوب سهل َّ‬
‫من أجل ذلك عمل الشيخ عىل اقتباس ما رآه ناف ًعا رضور ًيا من رشح اإلمام ابن أيب العز‬
‫ونحى جان ًبا ما رآه غري رضوري من نقاشات ألصحاب‬
‫أكثر الكتاب‪َّ ،‬‬
‫احلنفي ’‪ ،‬وهو ُ‬
‫الفرق املختلفة؛ كاملعتزلة واجلربية واجلهمية واملع ِّطلة وغريها؛ فقد كان اإلمام ابن أيب العز‬
‫ومباحث كالمي ًة نظرية مع َّقدة‪ ،‬ال‬
‫َ‬ ‫ُيطيل النَّ َفس يف نقاش هؤالء‪ ،‬ويقدم أحيانًا كال ًما فلسف ًيا‪،‬‬
‫داعي هلا‪ ،‬وال حيتاجها املسلم املعارص‪.‬‬
‫الشارح ابن أيب العز عىل األخطاء التي وقعت له‪ ،‬وخالف‬ ‫َ‬ ‫كام أن الشيخ اخلالدي مل يتابع‬
‫أهل السنة واجلامعة؛ مثل القول بفناء النار‪ ،‬والقول بِ ِقدَ م َ‬
‫العال‪ .‬إال أنه حذا ح ْذ َوه يف إيراد‬ ‫فيها َ‬
‫جمزأة‪ ،‬ور َّقمها ترقي ًام مسلسلً‪ ،‬ووضع‬
‫فقرات متن اإلمام الطحاوي‪ ،‬وج َعل املتن يف فقرات َّ‬
‫‪256‬‬

‫لكل فقرة منها عنوانًا‪ ،‬وأحيانًا كان يضع عناوي َن أخرى عندما يطول الرشح‪ ،‬وربام كان يعمد‬
‫إىل تقديم بعض األفكار الواردة يف الرشح عىل بعض‪ ،‬وكذلك تقديم بعض االستشهادات من‬
‫األنسب يف الرتتيب‪.‬‬
‫َ‬ ‫اآليات واألحاديث عىل بعض‪ ،‬وفق ما يراه هو‬
‫وأمان ُة الشيخ صالح العلمية دعته إىل االعرتاف بأن األفكار الواردة يف هذه >القبسات<‬
‫كلها ممَّا أورده اإلمام ابن أيب العز احلنفي يف رشحه‪ ،‬ومل يضف عليها شي ًئا من عنده‪ ،‬إال ما‬
‫عب عن تلك األفكار واملسائل بأسلوبه هو‪ ،‬ال بأسلوب‬
‫كان من إعادة صياغة للعبارة‪ ،‬حيث َّ‬
‫الشارح‪ ،‬لِ َم رأى يف ذلك تسهيلً عىل القارئ‪.‬‬
‫أيضا دعته إىل االعرتاف بفضل َمن سبقه خلدمة هذا الكتاب‪،‬‬‫وأمانة الشيخ العلمية ً‬
‫وحتقيقه وختريج أحاديثه النبوية‪ ،‬وما ورد فيه من آثار وأقوال‪َّ ،‬‬
‫وأن خترجيه لألحاديث الواردة يف‬
‫هذه >القبسات< ما هو إال ناقل فيها لِام قام به الشيخ شعيب األرنؤوط ’‪ ،‬ومل ُيضف عليها‬
‫شي ًئا من عنده‪ .‬إال أنه كان يكتفي باإلحالة عىل صحيحي البخاري ومسلم إذا كان احلديث‬
‫النبوي وار ًدا فيهام‪ ،‬وما كان يف ِ‬
‫غريمها كان ينقل اإلحالة عىل اثنني أو ثالثة من كتب السنن‬
‫املشهورة‪ ،‬ومل يورد األحاديث التي حكم عليها الشيخ شعيب األرنؤوط بالضعف‪ .‬ويقول‬
‫يف ذلك‪> :‬وإنني َم ِدين للشيخ شعيب األرنؤوط والدكتور عبد اهلل الرتكي فيام خدما به رشح‬
‫اإلمام ابن أيب العز لرسالة الطحاوي‪ ،‬حيث كان اعتامدي كاملً عىل الطبعة التي أخرجاها‪،‬‬
‫واعتمدت عىل النص الذي ضبطاه من الن َُّسخ اخلطية واملطبوعة‪ ،‬واعتمدت عىل اإلحاالت‬
‫ُ‬
‫التي وضعاها يف اهلوامش‪ ،‬واالستدراكات عىل كالم احلنفي‪ ،‬واعتمدت عىل جهدمها يف ختريج‬
‫األحاديث واحلكم عليها وترقيمها‪ ،‬وذكر الكتب التي أخرجتْها<‪.‬‬
‫‪257‬‬

‫القرآن ونقض مطاعن الرهبان‬

‫يفنِّد الشيخ صالح اخلالدي يف هذا الكتاب‬


‫ٍ‬
‫شبهات زائف ًة حول القرآن الكريم‪ ،‬أثارها أحد الرهبان‬
‫واسمه >عبد اهلل الفادي<‪ ،‬يف كتاب له سامه >هل القرآن‬
‫معصوم<‪ ،‬زعم فيه أن القرآن الكريم ليس معصو ًما من‬
‫األخطاء‪ ،‬بل فيه جمموعة كبرية من الشبهات‪ ،‬أوصلها‬
‫إىل نحو ‪ 243‬شبهة‪ِ ،‬صيغت عىل شكل أسئلة‪ ،‬تناولت‬
‫جوانب جغرافية وتارخيية وأخالقية والهوتية ولغوية وترشيعية واجتامعية وعلمية وفنية‪ ،‬كام‬
‫َ‬
‫تناولت األسئلة ما خيص حياة الرسول ×‪ .‬‬
‫مقرها النمسا‪،‬‬
‫يشري الشيخ ابتدا ًء أن الكتاب قامت عىل نرشه وتوزيعه مؤسسة تنصريية ُّ‬
‫اسم مستعار‪ ،‬بينام الكتاب يف واقع األمر هو ثمرة جهود مشرتكة ملجموعة‬
‫وأن اسم املؤلف ٌ‬
‫تفرغوا للنظر يف القرآن‪ ،‬هبدف انتقاده‪ ،‬وبيان أخطائه وتناقضاته‬
‫من رجال الدين النصارى‪َّ ،‬‬
‫بزعمهم!‬
‫وقد رأى الشيخ أنه ال بد من الرد عىل هذا الكتاب دون غريه من الكتب التي تثري‬
‫الشبهات حول القرآن الكريم؛ ألنه يمثِّل ُخالصة جهود النصارى يف إثارة الشبهات‬
‫واالفرتاءات‪ .‬وبذلك يكون الر ُّد عىل هذا الكتاب ر ًّدا عىل ما سبقه من كتب‪.‬‬
‫تت َّبع الشيخ صالح اخلالدي تلك الشبهات التي ُطرحت يف الكتاب واحد ًة تلو األخرى‪،‬‬
‫وبي هتا ُفتها و ُبطالهنا باألدلة القاطعة والرباهني الدامغة الساطعة‪.‬‬
‫َّ‬
‫منهجا علم ًيا موضوع ًيا منص ًفا يف الرد عىل االدعاءات والشبهات‬
‫ً‬ ‫وقد َهن َج الشيخ‬
‫الباطلة واألسئلة املتهافتة التي وردت يف كتاب >هل القرآن معصوم<؛ فهو يورد اآلية التي‬
‫ا َّدعى هذا الراهب اخلطأ فيها‪ ،‬ثم يبني املقصود منها عىل وجه الصواب‪ .‬بعد ذلك يورد الشبهة‬
‫بنصه من غري زيادة وال نقصان‪ ،‬ثم يأخذ يف تفنيده تفنيدً ا‬
‫أو السؤال الذي طرحه ذلك الراهب ِّ‬
‫‪258‬‬

‫علم ًيا‪ ،‬وينسفه من أساسه الباطل‪ .‬وسار عىل هذا النهج يف الرد عىل الكتاب ك ِّله من ر ِّده عىل‬
‫املقدمة‪ ،‬إىل أن انتهى من فصوله العرشة التي احتوت عىل ‪ 243‬شبهة وردت عىل صيغة أسئلة‪.‬‬
‫‪259‬‬

‫القصص القرآين‬
‫عرض وقائع وتحليل أحداث‬

‫هذا الكتاب هو احللقة األوىل من سلسلة >يف‬


‫القصص القرآين<‪ ،‬أراد الشيخ الكتابة فيها‪ ،‬ولكن مل‬
‫ُيقدَّ ر له إال إنجاز هذا الكتاب‪ .‬أما الكتب األخرى‪،‬‬
‫فقد ذكر عناوينها يف مقدمة كتابه‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ -‬القصص القرآين توجيه مواقف وحل‬
‫مشكالت‪.‬‬
‫جوامع وقواعدُ مشرتكات‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫أصول‬ ‫‪ -‬القصص القرآين‬
‫وسامت شخصيات‪.‬‬ ‫‪ -‬القصص القرآين ظواهر عامة ِ‬
‫ُ‬
‫َّ‬
‫فلعل من يل ِّبي رغبة الشيخ للكتابة فيها‪.‬‬
‫وقد طبع هذا الكتاب بعد ذلك يف سلسلة (من كنوز القرآن)‪.‬‬
‫والكتاب يقع يف أربعة أجزاء‪ ،‬بدأ اجلزء األول بتقرير املنهج املعتمد يف إثبات وقائع‬
‫وأحداث القصص القرآين‪ ،‬املستمد من اآليات الرصحية واألحاديث الصحيحة‪ .‬كام َّبي يف‬
‫هذا اجلزء صفات القصص القرآين وأهدافه وخصائصه وأمهيته ومصادره‪ ،‬وحاجة املسلمني‬
‫إليه‪ ،‬يف قسميه‪ :‬قصص األنبياء‪ ،‬وقصص غري األنبياء‪.‬‬
‫وأسهب بعد ذلك يف احلديث عن اإلرسائيليات وأقسامها‪ ،‬وموقف العلامء منها من‬
‫حيث القبول والرد‪ ،‬والراجح يف ذلك‪ ،‬وهو عد ُم األخذ هبا أو االعتامد عليها‪ ،‬مد ِّللً عىل ذلك‬
‫بأدلة من الكتاب والسنة‪ ،‬ومن أقوال الصحابة رضوان اهلل عليهم‪.‬‬
‫وقائع وأحداث وقصص وقعت ألنبياء اهلل آدم ونوح وهود‬
‫َ‬ ‫ثم حتدث يف هذا اجلزء عن‬
‫وصالح وإبراهيم وإسامعيل وإسحاق ولوط‪ ،‬عليهم الصالة والسالم مجي ًعا‪.‬‬
‫ويف اجلزء الثاين عرض قصص شعيب ويعقوب ويوسف‪ ،‬والقسم األول من قصة‬
‫‪260‬‬

‫موسى‪ ،‬عليهم الصالة والسالم‪.‬‬


‫واستكمل يف اجلزء الثالث قصة موسى عليه السالم مع فرعون‪ ،‬ثم مع بني إرسائيل‪،‬‬
‫وأعق َبها بعرض قصة داود وسليامن عليهام الصالة والسالم‪.‬‬
‫وعرض يف اجلزء الرابع قصص أنبياء آخرين بعد داود وسليامن عليهام السالم‪ ،‬وهم‬
‫الكفل وزكريا وحييى وعيسى‪ ،‬عليهم الصالة‬‫أيوب ويونس وإدريس وإلياس واليسع وذو ِ‬
‫ََ‬
‫والسالم‪.‬‬
‫‪ ‬وقد أشار ’ أنه اعتمد يف االستشهاد باألحاديث الصحيحة عىل رسالة الشيخ‬
‫إبراهيم العيل> األحاديث الصحيحة يف قصص األنبياء<‪.‬‬
‫والشيخ يف إيراده هذه القصص القرآنية عن أنبياء اهلل عليهم الصالة والسالم‪ ،‬إنام‬
‫تصو ٍر كامل لقصة‬
‫يقدمها من دون حتليالت أو استنتاجات؛ ألن هدفه‪ ،‬كام يذكر‪ ،‬هو تقديم ُّ‬
‫كل نبي منهم مع قومه‪ ،‬كام هي يف الكتاب والسنة‪ .‬أما النتائج والدروس والعرب والعظات‪،‬‬
‫وأنسأ يف األجل‪ ،‬ومنح‬
‫فقد وعد بتناوهلا بالبحث واالستنباط يف دراسات قادمة‪> ،‬إن قدَّ ر اهلل َ‬
‫الصحة والعافية والقدرة عىل العمل<‪ .‬لكن إرادة اهلل غالبة وقدَ ره نافذ‪ ،‬فقد انتهى أجل الشيخ‬
‫قبل أن يقيض مراده‪ .‬وهلل األمر من قبل ومن بعد!‪.‬‬
‫‪261‬‬

‫ال ُك َليني وتحريفاته آليات القرآن‬

‫موضوع هذا الكتاب هو بيان التحريفات التي‬


‫وردت يف كتاب >الكايف< إلمام الشيعة أيب جعفر حممد‬
‫بن يعقوب‪ ،‬املعروف بال ُك َليْني‪.‬‬
‫ومعروف أن كتاب >الكايف< هو أهم أصول‬
‫الشيعة اإلمامية احلديثية‪ ،‬ومنه يأخذون أفكارهم‬
‫ِ‬
‫وتصوراتم ونظرهتم ألهل السنة‪ .‬وهو‬ ‫وعقائدهم‬
‫ميلء بمخالفاته وتناقضاته للكتاب والسنة‪ .‬وأمهها وأخطرها ما فيه من حتريفات لكتاب اهلل‬
‫عز وجل‪ .‬وهذه التحريفات نوعان‪ :‬منها ما هو حتريف ملعنى اآليات عن معناها ومقصدها‬
‫الصحيح؛ لنُرصة املذهب الشيعي‪ ،‬أو بقصد ذم خصومهم من أهل السنة‪ .‬ونوع أخطر من‬
‫تنص عىل إمامة عيل بن أيب طالب ÷‪،‬‬
‫تعمد إضافة كلامت من عندهم ُّ‬
‫ذلك بكثري‪ ،‬وهو ُّ‬
‫ونص عليه باالسم‪ .‬وهذا التحريف بالزيادة هو كفر‬
‫والزعم أن القرآن الكريم ذكر عل ًّيا‪َّ ،‬‬
‫بإمجاع علامء املسلمني‪.‬‬
‫وقد تصدَّ ى الشيخ صالح اخلالدي ’ لبيان الروايات التفسريية اخلاطئة يف كتاب‬
‫>الكايف<‪ ،‬والتي كان فيها حتريف للمعاين ولأللفاظ‪ .‬وبلغت هذه التحريفات ‪ 228‬رواية‬
‫من جمموع روايات الكتاب‪ .‬ومعظم األخطاء والتحريفات يف هذا الكتاب‪ ،‬وغريه من كتب‬
‫الشيعة‪ ،‬هي أخطاء منهجية مبنية عىل فكرهم املغلوط وعقيدهتم املنحرفة‪.‬‬
‫كان منهج الشيخ اخلالدي ’ يف بيان انحراف هذه الروايات يقوم عىل عرضها عىل‬
‫األصول املعتمدة من الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح‪ ،‬ملعرفة ما فيها من أخطاء‪ ،‬وأغ َف َل‬
‫الكالم عن الروايات التارخيية التي تتحدث عن القرآن‪ ،‬وعن الرسول ×‪ ،‬وعن الصحابة‬
‫ريض اهلل عنهم‪ ،‬والتي هي باطلة ومردودة يف أساسها؛ ألهنا تُشكِّك يف حفظ القرآن‪ ،‬وتتهم‬
‫الصحابة يف مجعهم وحفظهم له‪.‬‬
‫‪262‬‬

‫ومل يلتفت الشيخ اخلالدي ’ إىل أسانيد الروايات التفسريية عند ال ُك َليني يف كتابه؛‬
‫ألن ذلك‪ ،‬كام قال‪ ،‬حيتاج إىل دراسة حديثية تقوم عىل معرفة الرجال‪ ،‬والبحث عن توثيقهم أو‬
‫ً‬
‫عدول عند أهل‬ ‫جترحيهم‪ .‬وهو كذلك يرى أن رجال األسانيد عند الشيعة‪ ،‬يف جمملهم‪ ،‬ليسوا‬
‫السنة‪.‬‬
‫لذلك اقترص يف نقده عىل متون الروايات التفسريية اخلاطئة يف الكتاب؛ ملعرفة ما فيها‬
‫من أخطاء‪ ،‬وتقديم املعنى الصائب الصحيح لآليات التي حتدثت عنها‪ .‬وحرص يف بيانه لتلك‬
‫األخطاء التفسريية أن يكون موضوع ًّيا‪ ،‬كام حرص أن يكتفي بعرض كالم الكُليني كام هو من‬
‫دون زيادة أو نقصان‪ ،‬ثم نقد هذا الكالم‪ ،‬وبيان وجه احلق والصواب‪ ،‬من غري اهتام أو إدانة‪،‬‬
‫أو قذف وجتريح‪.‬‬
‫يقر بأن بعض روايات‬
‫ومن موضوعية الشيخ اخلالدي وإنصافه يف كتابه هذا‪ ،‬فإنه ُّ‬
‫الكُليني التفسريية صحيحة‪ ،‬وبعض املعاين التي قدَّ مها يف الكتاب صائبة‪ .‬لذا مل يقف عندها يف‬
‫النقد والبيان؛ ألن اهتاممه كان منص ًّبا عىل نقد الروايات اخلاطئة‪ ،‬أما هذه فال حتتاج إىل بحث‬
‫أو نظر أو حتليل‪.‬‬
‫‪263‬‬

‫لطائف قرآنية‬

‫إن تد ُّبر آيات القرآن الكريم‪ ،‬واالستمتاع‬


‫بل َفتاته ولطائفه‪ ،‬نعمة غامرة من اهلل‪ ،‬ال يعرفها إال‬
‫من ذاقها‪ .‬وما أظن إال أن الشيخ ’ قد ذاق هذه‬
‫النعمة؛ إذ يقول‪> :‬وقد كانت يل نظرات يف أسلوب‬
‫القرآن بني احلني واآلخر‪ ،‬ووقفات أمام آياته ومفرداته‪،‬‬
‫استمتعت بام أكرمني اهلل به؛ من إدراك لبعض‬
‫ُ‬ ‫وقد‬
‫إشاراته ول َف َتاته ولطائفه<‪.‬‬
‫أحب أن ينقل حالوهتا إىل غريه ممَّن يقرؤون كتاب اهلل تعاىل‪،‬‬
‫َّ‬ ‫تذوقها‪،’ ،‬‬
‫ومثلام َّ‬
‫وأن يقدِّ م هذه اللطائف القرآنية‪ ،‬ويعرضها أمام حمبي القرآن ومتد ِّبريه‪ ،‬فكان هذا الكتاب‬
‫كنزا وراء كنز‪.‬‬
‫>لطائف قرآنية< حلقة من حلقات الكنوز القرآنية التي اكتشفها ’‪ً ،‬‬
‫وهو يقدمها لعامة الناس‪ ،‬ال لطلبة العلم املتخصصني فقط‪ ،‬بلغة علمية بسيطة وسهلة‪،‬‬
‫أو لن ُقل هي من السهل املمتنع‪ُ ،‬‬
‫يفهمها من يقرؤها مهام كانت ثقافته وخلفيته العلمية‪.‬‬
‫الكتاب لطيف يف حمتواه‪ ،‬ممتع يف قراءته؛ فهو ياميز بني معاين بعض املفردات القرآنية‪،‬‬
‫ويوضح االختالفات الطفيفة بني معانيها‪ ،‬واحلكمة من اختيار بعضها يف مواضع وغريها يف‬
‫املواضع األخرى‪.‬‬
‫استعرض اخلالدي ’ يف هذا الكتاب مخسني لطيف ًة من اللطائف املتنوعة التي حيفل‬
‫هبا القرآن الكريم‪ ،‬والتي يستعيص فهمها عىل البعض عند قراءهتم للقرآن الكريم‪.‬‬
‫وقد قدَّ م هلذه اللطائف بتمهيد تك َّلم فيه عن تد ُّبر القرآن‪ ،‬وعن مظاهر الربكة فيه‪ ،‬وعن‬
‫غزارة معانيه‪ ،‬وأشار إىل أن املعارصين و َمن بعدَ هم قد جيدون يف لطائف القرآن وحقائقه ما‬
‫خي َلق عىل كثرة َّ‬
‫الر ِّد‪.‬‬ ‫مل جيده أسالفهم من العلامء األعالم؛ فهذا القرآن ال تنقيض عجائبه‪ ،‬وال ْ‬
‫أما اللطائف اخلمسون هذه‪ ،‬فقد بدأها بأربع منها حول القرآن الكريم وترتيب سوره‪،‬‬
‫‪264‬‬

‫ظواهر تبدو يف بعض احلروف القرآنية؛ مثل >واو الثامنية<‪ ،‬و>الم‬


‫َ‬ ‫لطائف حول‬
‫َ‬ ‫ثم أعق َبها بتسع‬
‫اإلخالص<‪ ،‬و>هاء الرفعة<‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬
‫وانتقل بعد ذلك إىل احلديث عن كلامت قرآنية متقاربة يف الشكل والصياغة والرتكيب‬
‫واملعنى‪ ،‬ثم َّبي الفروق بينها‪ ،‬ليقيم الدليل عىل عدم وجود >الرتادف< يف القرآن الكريم‪.‬‬
‫و َع َرض بعدها مخس عرشة لطيف ًة من اللطائف القرآنية حول بعض الكلامت الواردة يف‬
‫القرآن؛ مثل‪> :‬م ِّيت وميْت‪ <،‬و>رشى واشرتى<‪ ،‬و>استأنس واستأذن<‪ ،‬وغريها من الكلامت‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بظاهرة‪ ،‬ومنها ما‬ ‫أعقبها بذكر إحدى وعرشين لطيفة حول آيات القرآن‪ ،‬منها ما يتعلق‬
‫ٍ‬
‫بمصطلح‪ ،‬أو غري ذلك‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بسياق‪ ،‬ومنها ما يتعلق‬ ‫يتعلق‬
‫وختمها باللطيفة اخلمسني‪ ،‬فطاف بنا يف جولة ماتعة مع مصطلح >النِّعمة< يف السياق‬
‫القرآين‪ ،‬حيث الحظ وجود فروق بني اشتقاقات هذا املصطلح وترصيفاته يف السياق القرآين‪،‬‬
‫وقدَّ م فيه عدة لطائف من ذلك السياق‪.‬‬
‫نشري إىل أن الكتاب تُرجم يف إيران إىل اللغة الفارسية‪.‬‬
‫‪265‬‬

‫مدخل إلى يف ظالل القرآن‬

‫هذا الكتاب هو اجلزء األول من ثالثة كتب‬


‫كانت يف أصلها األطروح َة التي قدَّ مها الشيخ اخلالدي‬
‫لنيل شهادة الدكتوراه‪ ،‬حول تفسري >يف ظالل القرآن<‬
‫لسيد قطب‪ ،‬وكانت بعنوان >يف ظالل القرآن‪ :‬دراسة‬
‫وتقويم<‪.‬‬
‫ٍ‬
‫معلومات ق ِّيم ًة‬ ‫نجد يف هذه الدراسة اجلا َّدة‬
‫وحقائق موضوعية حول >الظالل< وصاحبه‪ ،‬ور ًّدا عىل اإلشاعات واملغالطات التي ُأثريت‬
‫َ‬
‫حوهلام‪ ،‬وتفنيدً ا هلا‪ ،‬وتزيل ما علق يف بعض األذهان من هذه األوهام‪.‬‬
‫عرف يف األول منها تعري ًفا‬
‫قدَّ م املؤلف هلذا الكتاب بتمهيد جعله يف ثالثة فصول؛ َّ‬
‫موجزا بصاحب >الظالل<‪ ،‬سيد قطب‪ ،‬وحتدث يف الفصل الثاين عن صلة سيد بالقرآن قبل‬
‫ً‬
‫وقصد من ذلك بيان عمق هذه الصلة ومتانتها وأصالتها‪ .‬ورسد يف املبحث‬
‫كتابته >الظالل<‪َ ،‬‬
‫مر هبا >الظالل<‪ ،‬وطبعاته املختلفة‪ ،‬وأهم الدراسات التي صدرت حوله‪.‬‬
‫الثالث املراحل التي َّ‬
‫عرض مادة الكتاب يف سبعة فصول‪:‬‬
‫ثم َ‬
‫موجزا بمعظم كتب التفسري التي صدرت يف مرص يف‬
‫ً‬ ‫عرف يف الفصل األول تعري ًفا‬
‫َّ‬
‫العرص احلديث‪ ،‬منذ عهد الشيخ حممد عبدُ ه؛ وذلك هبدف بيان منزلة >الظالل< بني كتب‬
‫التفسري املعارصة التي صدرت يف ذلك احلني‪.‬‬
‫وحتدث يف الفصل الثاين عن فلسفة العنوان >يف ظالل القرآن<‪ ،‬وما أراد سيد من وراء‬
‫اختياره هلذا العنوان‪ ،‬والصلة الوثيقة بينه وبني النظرية التي وضعها حول التصوير الفني يف‬
‫القرآن‪.‬‬
‫وسجل يف الفصل الثالث أهم األهداف التي أراد سيد قطب حتقيقها من خالل‬
‫>الظالل<‪ ،‬مستشهدً ا ٍّ‬
‫لكل منها بكالم سيد نفسه‪.‬‬
‫‪266‬‬

‫ويف الفصل الرابع َّبي املوارد التي استقى منها سيد مادة تفسريه يف خمتلف املوضوعات‪،‬‬
‫للوقوف عىل تو ُّفر املوضوعية والعلمية واملنهجية فيه‪.‬‬
‫وتتميم لام ورد يف هذا الفصل‪ ،‬فقد ذكر يف الفصل اخلامس من هذه الفصول وسائل‬ ‫ً‬
‫ِ‬
‫واملنوعة والشاملة‪ ،‬وح ِّسه اإلسالمي‪ ،‬وأسلوبه‬ ‫سيد يف تفسريه >الظالل<؛ مثل ثقافته الواسعة‬
‫َّ‬
‫األديب الرفيع‪ ،‬ومعرفته بحارض العامل اإلسالمي‪ ،‬وغري ذلك من الوسائل‪.‬‬
‫مطولة‪َّ ،‬بي فيها منزلة >الظالل< بني كتب‬
‫ووقف اخلالدي يف الفصل السادس وقفة َّ‬
‫التفسري‪ ،‬وأنه ُيعد نقل ًة نوعية وبعيدة‪ ،‬ومدرسة جديدة يف التفسري‪ ،‬هي مدرسة التفسري احلركي‪،‬‬
‫را ًّدا عىل من يز ُعم أن >الظالل< ال يندرج يف كتب التفسري القرآين‪ ،‬وأنه ال يعدو أن يكون كتا ًبا‬
‫أدب ًّيا ذا صبغة إسالمية دينية‪.‬‬
‫وعقد يف الفصل السابع مقارنة بني طبعتي >الظالل< األوىل واملن َّقحة‪ُ ،‬مور ًدا الفروق‬
‫املنهجية بينهام‪ ،‬ومبينًا أبرز مظاهر التطور الفكري عند سيد من خالل النظر يف هاتني الطبعتني‪،‬‬
‫ليخ ُلص إىل نتيجة مفادها أن الطبعة املن َّقحة من >الظالل< هي ُخالصة أفكار سيد املتطورة‬
‫حول التفسري والدعوة واحلركة‪.‬‬
‫‪267‬‬

‫المدخل العام إلى تفسير آيات األحكام‬

‫يف هذا الكتاب َع ْر ٌض ملجموعة من األحكام‬


‫الرشعية التي رشعها اهلل يف القرآن الكريم يف خمتلف‬
‫أبواب العبادات واملعامالت‪.‬‬
‫ورغم أن الشيخ اخلالدي مسبوق بمن قبله ِمَّن‬
‫أ َّلف يف آيات األحكام‪ ،‬إال أنه رأى تلك الكتب ال‬
‫حتقق الغرض املنشود‪ ،‬ووجد أن احلاجة ماس ٌة لتأليف‬
‫كتاب جديد يف تفسري آيات األحكام‪ ،‬يتالىف النقص يف الكتب السابقة‪ ،‬ويستدرك ما فاهتا‪.‬‬
‫وهو يف هذا الكتاب عرف للسابقني فض َلهم َ‬
‫وسبْ َقهم‪ ،‬وبنى عىل ما قدَّ موه يف هذا الباب‪ ،‬وأفاد‬
‫من كتبهم التي أ َّلفوها يف التفسري عمو ًما‪ ،‬أو يف تفسري آيات األحكام خاصة‪ ،‬أو كتب علوم‬
‫القرآن‪ .‬وقد ذكر الكثري منها يف مقدمة كتابه‪ ،‬ثم أثبتها يف قائمة املراجع‪.‬‬
‫فيحسن أن أنق َله ِّ‬
‫بنصه‪ ،‬عىل ُطوله‪ ،‬كام كتبه هو‪ ،‬مع قليل من‬ ‫ُ‬ ‫أما منهجه يف هذا الكتاب‪،‬‬
‫الترصف؛ فيقول‪:‬‬
‫ُّ‬
‫حتدثت عنها يف الكتاب إىل جمموعات‪ ،‬وأعطيت َّ‬
‫كل‬ ‫ُ‬ ‫>قسمت آيات األحكام التي‬
‫وعرضت هذه اآليات حسب ترتيب‬
‫ُ‬ ‫رقم‪ .‬وبلغت املجموعات تسع ًة وثامنني ً‬
‫رقم‪.‬‬ ‫جمموعة ً‬
‫املصحف‪.‬‬
‫وكان كالمي عىل تفسري اآليات واستخالص أحكامها كام ييل‪:‬‬
‫وعرض أحكامها‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪ُ -1‬أ ِّ‬
‫سجل اآليات املنوي تفس ُريها‬
‫‪ -2‬أذكر معاين الكلامت‪.‬‬
‫‪ -3‬أذكر ما صح من أسباب نزول اآليات‪ ،‬إن ُوجد هلا أسباب نزول‪.‬‬
‫‪ -4‬أذكر ما يف اآليات من قراءات عرش َّية صحيحة‪ ،‬وأنسب َّ‬
‫كل قراءة إىل إمامها من‬
‫القراء‪ ،‬و ُأشكِّل الكلمة عىل كل قراءة‪ ،‬و ُأبني معناها وتوجيهها عىل كل قراءة‪.‬‬
‫َّ‬
‫‪268‬‬

‫رقم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫‪ -5‬أتكلم عن تفسري اآليات‪ ،‬وأقسمها إىل مجل متتابعة‪ ،‬وأعطي كل مجلة ً‬
‫‪ُ -6‬أهني كالمي عن تفسري اآليات بعرض ما فيها من أحكام ودالالت َّ‬
‫منوعة‪.‬‬
‫وكان ترتيب الكالم عن تفسري اآليات وأحكامها كام ييل‪ :‬معاين الكلامت‪ ،‬ثم أسباب‬
‫النزول‪ ،‬ثم القراءات‪ ،‬ثم التفسري‪ ،‬وأخ ًريا األحكام والدالالت‪.‬‬
‫َ‬
‫أحاديث‬ ‫‪ -7‬عند تفسريي لآلية أتكلم عن ُج َِلها وكلامهتا‪ ،‬وأذكر ما ورد فيها من‬
‫صحيحة عن رسول اهلل ×‪ ،‬وأعرض إعراب بعض كلامهتا‪ ،‬وأذكر معناها‪.‬‬
‫‪ -8‬كنت أحرص عىل عدم ذكر اخلالف يف التفسري أو يف اإلعراب‪ ،‬حتى ال ُأ َ‬
‫شغل‬
‫القراء باألقوال املختلفة واملتعارضة يف التفسري‪ .‬ولذلك كنت أذكر القول الراجح يف التفسري‬
‫َّ‬
‫ُّ‬
‫وأستدل هلذا القول الراجح‪.‬‬ ‫أو اإلعراب‪ ،‬أو األحكام املستخلصة من اآلية‪،‬‬
‫غري صحيحة‪ ،‬وعن إيراد قراءات شا َّذة‬‫أحاديث ِ‬
‫َ‬ ‫‪َّ -9‬نزهت كتاب اهلل عن ذكر أو إيراد‬
‫خرج احلديث من كتب السنة‪ ،‬وأذكر راو َيه من الصحابة‪ ،‬و ُأحيل يف‬
‫ليست عرشي ًة‪ .‬وكنت ُأ ِّ‬
‫اهلامش عىل الكتاب احلديثي الذي ذكره‪ ،‬وأذكر رقمه فيه‪.‬‬
‫‪ -10‬يف عريض ألحكام اآليات ودالالهتا حرصت عىل ما ييل‪:‬‬
‫ُؤخذ من اآليات؛ وهي ما بني دالالت‬
‫‪ -‬استخراج الدالالت املنوعة التي يمكن أن ت َ‬
‫اجتامعية أو بيانية أو أخالقية أو علمية أو حضارية‪ ،‬مع بيان كيفية استخراجها من اآليات‪.‬‬
‫‪ -‬حرصت عىل اإلشارة إىل األبعاد الواقعية املعارصة إلحياءات اآليات‪ .‬وكانت‬
‫إحياءاهتا الواقعية خمتلفة؛ ما بني سياسية واجتامعية وأخالقية واقتصادية‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬
‫حريصا عىل البقاء مع كلامت اآليات‪ ،‬وعىل‬
‫ً‬ ‫‪ -‬يف استخراج األحكام من اآليات كنت‬
‫إحسان تد ُّبرها وفهم معناها‪ ،‬وعىل االلتفات إىل إشارهتا وإحياءاهتا‪ ،‬واستنطاقها للوقوف عىل‬
‫ومقرراهتا‪.‬‬
‫َّ‬ ‫حقائقها‬
‫املقررات الفقهية‬
‫‪ -‬يف وقويف أمام اآليات الستخراج أحكامها‪ ،‬كنت أستبعد عن ذهني َّ‬
‫مقررات مسبقة‪ ،‬وكنت أترك هلا تعليمي وإرشادي إىل‬ ‫املختلفة‪ ،‬وأدخل َ‬
‫عال اآليات بدون َّ‬
‫أحكامها املختلفة‪.‬‬
‫صح من أحاديث رسول اهلل ×‬
‫‪ -‬كنت أحرص عىل االستشهاد عىل أحكام اآليات بام َّ‬
‫‪269‬‬

‫إن ُو ِج ْ‬
‫دت؛ ولذلك كانت األحكام التي عرض ُتها مستنبط ًة من اآليات‪ ،‬ومن أحاديث رسول‬
‫اهلل ×‪.‬‬
‫وعر ًضا ألقوال املذاهب األربعة‪،‬‬ ‫‪ -‬مل أشأْ أن أجعل هذا الكتاب ِ‬
‫معر ًضا للفقه املقارن‪ْ ،‬‬
‫وخالفاهتم الفقهية حول أحكامها‪ ،‬كام فعل معظم من كتبوا يف أحكام القرآن‪ ،‬ويف تفسري آيات‬
‫األحكام‪.‬‬
‫أي مذهب‬ ‫أتعمد أن ُأ َ‬
‫وافق َّ‬ ‫‪ -‬وبنا ًء عىل ما سبق‪ ،‬فإنني يف احلديث عن آيات األحكام مل َّ‬
‫من املذاهب الفقهية األربعة أو غريها‪ ،‬كام أنني مل أتعمد خمالفة أي مذهب منها‪ُّ .‬‬
‫كل ما فعل ُته‬
‫أنني جتاوزت تلك اخلالفات الفقهية‪ ،‬وذهبت إىل رأس النبع الصايف‪ ،‬وتعاملت مع األصول‬
‫املذاهب الفقهية أقوالـَها منها‪.‬‬
‫ُ‬ ‫التي استمدَّ ت‬
‫معي‪ ،‬بينام سيجد‬
‫القراء موافقتي يف حكم ذكرته ملذهب فقهي َّ‬
‫بعض َّ‬
‫‪ -‬ولذلك قد جيد ُ‬
‫يف حكم آخر موافقتي ملذهب فقهي آخر… فأنا أسري مع اآليات‪ ،‬و ُأضيف إليها ما صح من‬
‫أحاديث رسول اهلل ×‪.‬‬
‫‪270‬‬

‫مفاتيح للتعامل مع القرآن‬

‫هذا الكتاب هو فاحتة السلسلة املباركة التي‬


‫كتبها الشيخ صالح اخلالدي ’‪ ،‬وأسامها (من‬
‫كنوز القرآن)؛ فكان كل كتاب منها يكشف لنا عن كنز‬
‫من كنوز القرآن الكريم‪.‬‬
‫وأراد الشيخ من هذا الكتاب‪ ،‬وقبل أن يغوص‬
‫يف بحار القرآن الكتشاف كنوزه‪ ،‬أن يضع بني يدي‬
‫مفاتيح تعينهم عىل الدخول إىل كنوز القرآن واكتشافها واإلفادة منها‪.‬‬
‫َ‬ ‫القراء‬
‫َّ‬
‫وقبل ذلك‪ ،‬ومن باب التشويق والتعريف‪ ،‬رسد لنا حديث القرآن عن القرآن‪ ،‬بإيراد‬
‫َ‬
‫أحاديث نبوية صحيحة يف وصف الرسول × للقرآن‪ ،‬ثم ما قاله‬ ‫أسامئه ِ‬
‫وسامته‪ ،‬وما ورد من‬
‫أهل القرآن حول القرآن؛ من الصحابة والتابعني و َمن بعدهم من العلامء الر َّبان ِّيني‪ .‬وأورد بعد‬
‫ٍ‬
‫حركية لتد ُّبر القرآن‬ ‫ٍ‬
‫نظرية‬ ‫ذلك اآلداب التي ينبغي أن يتحىل هبا قارئ القرآن‪ ،‬ثم حتدث عن‬
‫واحلياة فيه ومعه‪ ،‬ليسري يف خطوات متدرجة لفهم القرآن والتعامل معه‪.‬‬
‫بعد ذلك هيدينا الشيخ جمموعة من املفاتيح تعيننا عىل التعامل مع القرآن الكريم‪،‬‬
‫مفتاحا‪ .‬ووعد يف مقدمة الطبعة الثانية‬
‫ً‬ ‫واكتشاف كنوزه‪ .‬وقد بلغت ِعدَّ ُة هذه املفاتيح ‪27‬‬
‫أسبق‪ ،‬ونرجو‬‫ثان من الكتاب‪ ،‬لكن األجل كان َ‬‫للكتاب أن هيدينا غريها من املفاتيح يف جزء ٍ‬

‫أجر نيته‪.‬‬
‫أن يكون قد كُتب له ُ‬
‫أما املفاتيح السبعة والعرشون؛ فهي‪:‬‬
‫النظرة الكلية الشاملة للقرآن‪ ،‬وااللتفات إىل األهداف األساسية للقرآن‪ ،‬ومالحظة‬
‫املطوالت التي قد حتجب‬
‫َّ‬ ‫املهمة العملية للقرآن‪ ،‬واملحافظة عىل جو النص القرآين‪ ،‬واستبعاد‬
‫نور القرآن‪ ،‬وتنزيه القرآن عن اإلرسائيليات‪ ،‬وعدم تبيني املبهامت‪ ،‬ودخول عامل القرآن دون‬
‫مقررات سابقة‪ ،‬والثقة املطلقة بالنص القرآين وإخضاع الواقع املخالف له‪ ،‬ومعايشة إحياءات‬
‫َّ‬
‫‪271‬‬

‫النص وظالله ولطائفه‪ِ ،‬‬


‫وغنى النصوص باملعاين والدالالت‪ ،‬واالعتناء بمعاين القرآن التي‬
‫عاشها الصحابة عمل ًّيا‪ ،‬وحترير النصوص من قيود الزمان واملكان‪ ،‬ومالحظة البعد الواقعي‬
‫للنصوص القرآنية‪ ،‬والوقوف يف وجه الامدية اجلاهلية‪ ،‬وتوسيع التفسري ليشمل السرية النبوية‬
‫وحسن ال َّتل ِّقي عن القرآن‪،‬‬
‫موجه ٌة له‪ُ ،‬‬
‫وحياة الصحابة‪ ،‬وشعور القارئ للقرآن بأن اآلية َّ‬
‫وتسجيل اخلواطر واملعاين حلظة ورودها‪ ،‬والتمكُّن من أساسيات علوم التفسري‪ ،‬واالستعانة‬
‫باملعارف والثقافات احلديثة‪ ،‬والعودة املتجدِّ دة لآليات‪ ،‬ومالحظة الشخصية املستقلة للسورة‪،‬‬
‫ومتابعة االستعامل القرآين للمصطلح القرآين‪ ،‬وجتاوز اخلالفات بني املفرسين والعودة إىل َمعني‬
‫القرآن الصايف‪ ،‬ومعرفة الرجال باحلق ال احلق بالرجال‪ ،‬وترتيب هذه اخلطوات يف التعامل‬
‫بالقرآن‪ ،‬ليصل يف النهاية إىل جني الثامر العملية للتعامل مع القرآن وال َّظفر بكنوزه‪.‬‬
‫نشري إىل أن الكتاب تُرجم يف إيران إىل اللغة الفارسية‪.‬‬
‫‪272‬‬

‫المنهج الحركي يف ظالل القرآن‬

‫هذا هو الكتاب الثاين من سلسلة >يف ظالل‬


‫القرآن‪ :‬دراسة وتقويم<‪ ،‬والتي كانت يف أصلها‬
‫أطروح َة الشيخ لنيل درجة الدكتوراه‪ ،‬وبالعنوان الذي‬
‫عليه هذه السلسلة‪ .‬فكان الكتاب األول منها >مدخل‬
‫إىل يف ظالل القرآن<‪ ،‬والثالث >يف ظالل القرآن يف‬
‫امليزان<‪ .‬وسبق التعريف بالكتابني‪.‬‬
‫خصص الشيخ صالح هذا الكتاب للحديث عن منهج سيد قطب يف التفسري‪ ،‬ونظريته‬
‫احلركية يف >الظالل<‪ ،‬وطريقته التي ط َّبق فيها قواعد منهجه‪ ،‬وعرض هبا نظريته‪.‬‬
‫انقسم هذا الكتاب يف بابني‪ُ :‬خ ِّصص األول منهام للحديث عن نظرية سيد يف >الظالل<‪،‬‬
‫تكوهنا‪ .‬وبحث يف الباب الثاين تطبيق سيد قطب لنظريته من خالل طريقته‬
‫وقواعدها وعوامل ُّ‬
‫يف التفسري‪.‬‬
‫ففي الباب األول‪ ،‬الذي جاء يف ثالثة فصول‪ ،‬بحث يف األول منها تطور املنهج احلركي‬
‫منهجا‬
‫ً‬ ‫وبي ذلك يف ثالثة مباحث‪ :‬أشار يف املبحث األول إىل أن منهجه كان‬
‫عند سيد قطب‪َّ ،‬‬
‫منهجا فكر ًّيا مجال ًّيا‪،‬‬
‫ً‬ ‫مجال ًّيا فن ًّيا‪ ،‬ثم بني يف املبحث الثاين أنه أصبح يف الطبعة األوىل من الظالل‬
‫استقر عليها وظهر من خالهلا‪ ،‬فكان‬
‫َّ‬ ‫ثم حتدث يف املبحث الثالث عن الصورة النهائية التي‬
‫ومنهجا مجال ًّيا يف الدرجة الثانية‪.‬‬
‫ً‬ ‫منهجا حرك ًّيا يف الدرجة األوىل‪،‬‬
‫ً‬
‫ويف الفصل الثاين من الكتاب حتدث‪ ،‬يف مبحثني‪ ،‬عن نظرية سيد يف التفسري؛ حيث‬
‫َع َرض يف املبحث األول لنظريته احلركية يف التفسري‪ ،‬وعرض يف املبحث الثاين للعوامل التي‬
‫تكون تلك النظرية وإظهارها‪.‬‬
‫ساعدت عىل ُّ‬
‫وخصص الفصل الثالث لرشح القواعد األساسية ملنهج سيد قطب يف التفسري‪،‬‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫املنطلقات الرئيسي َة التي انطلق منها لعرض نظريته‪ ،‬وتعريف القارئ عىل املقاصد‬ ‫باعتبارها‬
‫‪273‬‬

‫خاصا لكل قاعدة من هذه‬


‫األساسية للقرآن‪ ،‬ومهمته العملية‪ .‬وأفرد الشيخ اخلالدي مبحثًا ًّ‬
‫القواعد‪ ،‬التي بلغت أربع عرشة قاعدة‪.‬‬
‫أما الباب الثاين‪ ،‬فبحث فيه بإسهاب طريقة سيد يف التفسري‪ ،‬وجاء ذلك يف أربعة‬
‫مهد هلا بالتفريق بني املنهج والطريقة‪.‬‬
‫فصول‪َّ ،‬‬
‫َّبي الشيخ صالح يف الفصل األول طريقة سيد قطب العامة يف التفسري‪ ،‬من خالل‬
‫مر فيها تفسريه‪ ،‬وتعريفه بالسور وتقسيمها إىل دروس ومقاطع‪ ،‬ثم تفسريه‬
‫املراحل التي َّ‬
‫التفصييل لآليات‪.‬‬
‫وبي يف الفصل الثاين الطريقة املُثىل التي انتهجها سيد يف التفسري‪ ،‬وهي تفسري القرآن‬
‫َّ‬
‫بالقرآن‪ ،‬واعتامد التفسري املوضوعي‪ ،‬وتفسري القرآن باحلديث‪ ،‬وتفسري القرآن بالقرآن‬
‫واحلديث م ًعا‪ ،‬وتفسري القرآن من خالل حياة الصحابة‪.‬‬
‫ويف الفصل الثالث َّبي طريقة سيد قطب ’‪ ،‬يف االستنباط واالستدالل والنقاش‪.‬‬
‫كام بني يف الفصل الرابع طريقته يف عرض بعض موضوعات علوم القرآن الكريم؛‬
‫فتحدث عن ترتيب القرآن‪ ،‬واملكي واملدين منه‪ ،‬وأسباب النزول‪ ،‬والقراءات‪ ،‬والناسخ‬
‫واملنسوخ‪ ،‬ومبهامت القرآن‪ ،‬وغريب القرآن‪ ،‬وإعجاز القرآن‪.‬‬
‫ويف الفصل اخلامس واألخري بني الشيخ اخلالدي ’ موقف سيد قطب من‬
‫بعض موضوعات التفسري؛ وشملت هذه املوضوعات‪ :‬السرية النبوية‪ ،‬واألقوال املأثورة‪،‬‬
‫واإلرسائيليات واألخبار‪ ،‬والنحو والبالغة‪ ،‬والقصص القرآين‪ ،‬وآيات العقيدة‪ ،‬وآيات‬
‫األحكام‪ ،‬وآيات اجلهاد‪.‬‬
‫‪274‬‬

‫مواقف األنبياء يف القرآن‬

‫موضوع هذا الكتاب هو معاجلة اإلشكاالت‬


‫والرسل عليهم السالم‬
‫التي تُثار حول قصص األنبياء ُّ‬
‫يف القرآن الكريم‪ ،‬والتساؤالت التي تُطرح حول‬
‫معاين اآليات التي حتدثت عنهم‪ ،‬ونَسبت إليهم ً‬
‫أقوال‬
‫ً‬
‫وأفعال حتتاج إىل ُحسن فهم وتفسري‪.‬‬
‫تضمن‬
‫َّ‬ ‫الكتاب أربع َة عرش فصلً‪،‬‬
‫ُ‬ ‫انتظم هذا‬
‫بعض هذه اإلشكاالت التي ُأثريت حول نبي من األنبياء؛ وهم‪ :‬آدم ونوح وهود‬ ‫ٌّ‬
‫كل منها َ‬
‫وصالح وإبراهيم ولوط ويعقوب وموسى وداود وسليامن وأيوب ويونس وزكريا وحييى‬
‫وعيسى‪ ،‬عليهم السالم مجي ًعا‪.‬‬
‫وقد تراوحت هذه الفصول بني الطول ِ‬
‫والقرص بحسب ما اقتضته سرية كل نبي وعدد‬
‫اإلشكاالت التي أثارها البعض حوله؛ فبعضها تناول أربعة إشكاالت‪ ،‬كام يف قصة أيوب عليه‬
‫ً‬
‫إشكال‪ ،‬كام يف قصة موسى عليه السالم‪ .‬عمل الشيخ‬ ‫السالم‪ ،‬ومنها ما طرح ستة وثالثني‬
‫اخلالدي عىل ح ِّلها‪ ،‬وبيان الصحيح فيها‪.‬‬
‫ويتلخَّ ص منهج الشيخ يف هذا الكتاب بأن يذكر اآلية أو اآليات التي تتحدث عن النبي‬
‫وجه إىل موقفه‪ ،‬وتشخيص‬
‫أو الرسول‪ ،‬ثم يذكر اإلشكال الذي ُيثار حوله‪ ،‬والتساؤل الذي ُي َّ‬
‫املشكلة‪ ،‬ثم حلها وحتليلها‪ ،‬وتوضيحها وتوجيهها‪ ،‬وتأويلها وتفسريها‪.‬‬
‫وحرص الشيخ يف حتليله للمواقف وتوجيهها‪ ،‬وحل اإلشكاالت وتفسريها‪ ،‬عىل‬
‫صح من حديث‬
‫ُحسن فهم اآليات التي حتدثت عنها‪ ،‬وتفسريها بآيات القرآن األخرى‪ ،‬وما َّ‬
‫رسول اهلل ×‪ ،‬ثم ُحسن تأويل تلك اآليات وبيان معناها‪.‬‬
‫واشرتط عىل نفسه‪ ،‬كام هو منهجه يف سائر كتبه‪َّ ،‬أل يستشهد ٍّ‬
‫بأي من اإلرسائيليات أو‬
‫اخلرافات يف احلديث عن تلك املواقف‪ ،‬ومل ُيورد يف الكتاب خ ًربا أو معلوم ًة إال ذكر عليها دليلً‬
‫‪275‬‬

‫صح من احلديث الرشيف‪ ،‬فجاء الكتاب خال ًيا من تلك اخلرافات‬


‫من القرآن الكريم‪ ،‬أو ممَّا َّ‬
‫واإلرسائيليات‪.‬‬
‫نشري إىل أن الكتاب تُرجم يف إيران إىل اللغة الفارسية‪.‬‬
‫‪276‬‬

‫نظرية التصوير الفني عند سيد قطب‬

‫هذا الكتاب هو اجلزء الثاين من رسالة الامجستري‬


‫التي أعدها الشيخ صالح اخلالدي‪ ،‬وعنواهنا >سيد‬
‫قطب والتصوير الفني<‪ .‬واجلزء األول منها هو الذي‬
‫ُطبع بعنوان >سيد قطب الشهيد احلي<‪ ،‬وقد تقدم‬
‫التعريف به‪.‬‬
‫أما هذا الكتاب‪ ،‬فقد خصصه لبيان املوهبة‬
‫معر ًفا باملفتاح اجلاميل الذي استخرج به سيد كنوز‬
‫الفنية واجلانب اجلاميل عند سيد قطب‪ِّ ،‬‬
‫يصحح ً‬
‫خطأ وقع فيه كثري من الناس‪ ،‬واإلسالميون منهم عىل وجه‬ ‫ِّ‬ ‫القرآن اجلاملية‪ ،‬وهو بذلك‬
‫مفكرا إسالم ًّيا فقط‪ ،‬وتعاملوا معه بوصفه رائدً ا من رواد‬
‫ً‬ ‫اخلصوص‪ ،‬أهنم عرفوا سيد قطب‬
‫الفكر اإلسالمي‪ ،‬بعد انتامئه إىل >مجاعة اإلخوان املسلمني<‪ ،‬ومل هيتموا بنِتاجه األديب قبل هذه‬
‫املرحلة من حياته‪.‬‬
‫من أجل ذلك رغب اخلالدي يف التعريف هبذا اجلانب من جوانب ثقافة سيد قطب‬
‫اجلاميل والتصوير الفني يف القرآن الكريم‪ ،‬كام‬
‫َّ‬ ‫املفتاح‬
‫َ‬ ‫تفرده يف اكتشافه‬
‫وفكره وموهبته‪ ،‬وهو ُّ‬
‫قرر ذلك العلَّمة‪ ‬الشيخ عيل الطنطاوي واألديب والشاعر الدكتور حممد رجب البيومي‪.‬‬
‫َّ‬
‫وقد جاء الكتاب يف ثالثة أبواب‪ ،‬اندرج حتت كل واحد منها عدة فصول‪:‬‬
‫َ‬
‫وبحث ذلك يف أربعة فصول‪:‬‬ ‫جعل الباب األول منها مدخلً لدراسة التصوير الفني‪،‬‬
‫رشح يف الفصل األول مراحل تذوق اجلامل القرآين‪ ،‬وحتدث يف الفصل الثاين عن التصوير يف‬
‫الشعر العريب‪ :‬اجلاهيل منه واإلسالمي‪ ،‬وتطرق يف الفصل الثالث بالرشح ملوهبة سيد قطب‬
‫وعرف يف الفصل الرابع باملصطلحات الفنية التي استخدمها سيد‬
‫التصويرية يف شعره ونثره‪َّ .‬‬
‫وبي معناها الالئق بالقرآن‪ ،‬والذي كان يعنيه سيد قطب ويرمي إليه‪ ،‬ال ما ِ‬
‫فهمه البعض‬ ‫قطب‪َّ ،‬‬
‫عنه خ ًطأ‪.‬‬
‫‪277‬‬

‫وحتدث املؤلف اخلالدي يف الباب الثاين عن التصوير الفني يف القرآن الكريم‪ ،‬من خالل‬
‫ثالثة فصول؛ كشف يف الفصل األول منها عن أن سيد قطب هو رائد نظرية التصوير الفني‪.‬‬
‫ليبي يف الفصل الثاين خصائص التصوير الفني يف القرآن الكريم‪ ،‬ويف الفصل الثالث آفاق‬
‫ِّ‬
‫التصوير الفني يف القرآن الكريم‪.‬‬
‫وذكر يف الباب الثالث جمموع ًة من املباحث حول التصوير الفني يف القرآن الكريم‪،‬‬
‫رسدها يف مخسة فصول‪ :‬قارن يف األول منها بني كتايب سيد قطب >يف ظالل القرآن< و>التصوير‬
‫الفني يف القرآن<‪ ،‬وبني يف الفصل الثاين فضل التعبري بالتصوير‪ ،‬ويف الفصل الثالث قارن‬
‫بني حديث سيد قطب عن اإلعجاز البياين يف كتابيه >التصوير الفني< و>الظالل<‪ ،‬متحد ًثا‬
‫عن اإلعجاز يف التأثري‪ ،‬واإلعجاز يف التصوير‪ ،‬واإلعجاز يف األداء‪ ،‬واإلعجاز املوضوعي‪،‬‬
‫واإلعجاز يف املناهج والنَّظْم‪َّ .‬‬
‫وبي يف الفصل الرابع من هذا الباب أثر نظرية التصوير الفني‬
‫يف الدراسات القرآنية املعارصة‪ .‬وخصص الفصل األخري لتقويم نظرية التصوير الفني‪ ،‬حيث‬
‫أورد بعض املالحظات التي أبداها األدباء عىل كتاب سيد قطب حال صدوره‪ ،‬وأورد ر َّد سيد‬
‫عىل هذه املالحظات‪ .‬ثم أورد الدكتور صالح مزايا فكرة التصوير الفني واملآخذ التي تؤخذ‬
‫عليها‪.‬‬
‫‪278‬‬

‫هذا القرآن‬

‫َ‬
‫األول‬ ‫‪ ‬أراد الشيخ هلذا الكتاب أن يكون هو‬
‫من سلسلة (مع القرآن)‪ ،‬لكن مع األسف مل يصدر‬
‫من هذه السلسلة إال هذا الكتاب الفرد‪ ،‬ولو فعل‬
‫ذكرتا يف‬
‫ُ‬ ‫الشيخ لكان فيها أكثر من سبعة أخرى‪،‬‬
‫مقدمة القسم الثاين من مؤلفاته‪ .‬وأظنه عدَ ل عن ذلك‪،‬‬
‫فأدرجه بعد ذلك يف سلسلة (من كنوز القرآن) التي‬
‫كتب فيها جمموعة من املؤلفات‪.‬‬
‫أما هذا الكتاب‪ ،‬فأراده الشيخ ’ أن يكون رسال ًة تأسيسية‪ ،‬هتدف إىل تعريف ُدعاة‬
‫اإلسالم عىل >هذا القرآن<‪ ،‬من خالل اإلجابة عىل تساؤالت كثرية؛ منها‪:‬‬
‫ما هو هذا القرآن؟ وما هي أسامؤه؟ وما هي أهم صفاته؟ وكيف ننظر إليه نظرة صائبة؟‬
‫وكيف نتعامل معه تعاملً ح ًّيا؟ وكيف حفظ اهلل القرآن؟ وما هو دورنا يف حفظ القرآن؟ وما‬
‫نزول؟ وما هي ِ‬
‫احلكَم الدعوية من ذلك؟ ولامذا كان القرآن‬ ‫هي أول آيات القرآن وآخرها ً‬
‫ً‬
‫قول ثقيلً؟ وما هي مظاهر هذا ال ِّث َقل القرآين؟ وما هي األهداف األساسية للقرآن؟ وما هي‬
‫املهمة العملية احلركية الدعوية للقرآن يف حياة املسلمني؟ وما هي مظاهر نعمة احلياة املباركة‬
‫يف ظالل القرآن؟ وما هي أهم فضائل القرآن؟ وما هي أهم صفات حامل القرآن؟ وما هي‬
‫الصلة بني القرآن والعقل السليم؟ وما هي الصلة بني القرآن والكتب السابقة؟ وما هي الصلة‬
‫بني القرآن والنِّتاج البرشي؟ وما هي الصلة بني القرآن والسلطان؟ ومع َمن نكون؟ وما هو‬
‫دور القرآن عند وقوع الفتن؟ وكيف يكون االستمساك بالقرآن؟ وما هو اجلهاد الذي يقوده‬
‫القرآن ويطالبنا به؟‬
‫كل هذه األسئلة‪ ،‬وأسئلة غ ُريها‪ ،‬أجاب عنها الشيخ ’‪ ،‬من أجل أن >نزداد حمب ًة‬
‫هلذا القرآن‪ ،‬ونزداد تد ُّب ًرا له‪ ،‬ونزداد تالو ًة له‪ ،‬ونزداد إدراكًا لطبيعته‪ ،‬ونزداد حرك ًة معه‪ ،‬ونزداد‬
‫‪279‬‬

‫جها ًدا به‪ ،‬ومن أجل أن نجعل هذا القرآن يف قلوبنا‪ ،‬وننشئ عليه كياننا‪ ،‬ونصوغ منه عقولنا‪،‬‬
‫ونستمدَّ منه معارفنا وثقافتنا‪ ،‬ون ِ‬
‫ُسعد به حياتنا‪ ،‬ونتعرف منه عىل رسالتنا‪ ،‬وننري به طريقنا‪،‬‬
‫ونحصن به األمة مجعاء…<‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫ونجاهد به أعداءنا‪ ،‬ونبني به جمتمعاتنا‪ ،‬وننقذ به األجيال الناشئة‪،‬‬
‫نشري إىل أن الكتاب تُرجم يف إيران إىل اللغة الفارسية‪.‬‬
‫‪280‬‬

‫الوجيز يف الثقافة اإلسالمية‬

‫آخ ُر من الكتب املنهجية األكاديمية‬


‫هذا كتاب َ‬
‫مقررة عىل طلبة اجلامعات يف األردن‪.‬‬ ‫التي كانت َّ‬
‫وقد اشرتك يف تأليفه ثالثة من العلامء؛ أحدهم الشيخ‬
‫صالح ’‪ ،‬وثانيهم عامل احلديث الدكتور مهام‬
‫حودة‪.‬‬
‫سعيد‪ ،‬والثالث هو األستاذ حممود َ ُّ‬
‫وكان اهلدف من تأليف هذا الكتاب تعريف‬
‫القارئ عىل الصورة النظرية املنهجية للثقافة اإلسالمية بمختلف جوانبها‪ ،‬مع حتديد‬
‫الشبهات‬ ‫املصطلحات‪ ،‬وبيان تعريفاهتا وما بينها من فروق دقيقة‪ ،‬وكذلك تعريف القارئ عىل ُّ‬
‫التي يثريها أعداء اإلسالم ِمن غرب ِّيني ومسترشقني ِّ‬
‫ومبشين‪ ،‬و َمن يسري يف ركاهبم ِمَّن ينتسبون‬
‫إىل اإلسالم‪ .‬ثم التعرف عىل أهم املشكالت االجتامعية التي حتتاج إىل حلول مدروسة‪ ،‬ومن َث َّم‬
‫التمسك هبوية الثقافة اإلسالمية التي كان عليها سلفنا الصالح‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫العمل عىل إيصال القارئ إىل‬
‫عمل املؤلفون الكرام عىل حتقيقها يف هذا الكتاب‪ ،‬الذي اشتمل‬ ‫كل هذه األهداف ِ‬
‫عىل ثامين وحدات علمية‪ ،‬كُتبت بعبارة سهلة وأسلوب ِ‬
‫سلس‪ٍ ،‬‬
‫خال من التعقيد‪ ،‬واخلوض يف‬
‫اخلالفيات‪.‬‬
‫أما الوحدة األوىل؛ فكان التعريف فيها بالثقافة عامة والثقافة اإلسالمية عىل وجه‬
‫اخلصوص‪ ،‬وبيان مفهومها وموضوعاهتا وقواعدها وأهدافها‪ ،‬وعالقتها بالدين وباحلضارة‬
‫واملدنية والعلم والرتبية وبالفكر اإلسالمي والنُّ ُظم اإلسالمية‪.‬‬
‫ومقوماهتا وأهم معاملها‪ُ .‬‬
‫فذكر‬ ‫لذكر مصادر الثقافة اإلسالمية‬ ‫وكانت الوحدة الثانية ِ‬
‫ِّ‬
‫من مصادرها القرآن والسنة والفكر والرتاث اإلسالمي واخلربات البرشية النافعة‪ .‬ومن‬
‫مقوماهتا‪ :‬الدين واللغة العربية والتاريخ اإلسالمي ووحدة الفكر‪ .‬ومن معاملها‪ :‬بناء العقل‬
‫ِّ‬
‫الواعي‪ ،‬وغرس العقيدة الصحيحة‪ ،‬وبناء الشخصية اإلسالمية‪ ،‬ومت ُّيز األمة املسلمة‪ ،‬وعامرة‬
‫األرض وإصالحها‪.‬‬
‫‪281‬‬

‫وذكرت الوحدة الثالثة خصائص الثقافة اإلسالمية‪ ،‬املتمثِّلة يف الر َّبانية‪ ،‬والشمول‬
‫والكامل‪ ،‬والتوازن واالعتدال والوسطية وعدم التطرف‪ ،‬والواقعية‪ ،‬واإلجيابية‪ ،‬واإلنسانية‬
‫والعاملية‪.‬‬
‫وب َّينت الوحدة الرابعة من الكتاب العالقة بني العلم واإليامن يف اإلسالم‪ ،‬وأن هناك‬
‫أزم ًة مفت َعلة بني العلم واإليامن‪ ،‬اإلسالم منها بريء‪ .‬كام حتدث املؤلفون يف هذه الوحدة من‬
‫الكتاب عن بعض القضايا الطبية املعارصة يف ضوء الرشيعة اإلسالمية؛ مثل االستنساخ‬
‫أيضا موقف اإلسالم من وجوب التداوي والوقاية‬
‫وأطفال األنابيب‪ .‬وبحثت هذه الوحدة ً‬
‫والعناية بالصحة‪ ،‬وكذلك وجوب املحافظة عىل البيئة‪.‬‬
‫وتطرقت الوحدة اخلامسة إىل بعض القضايا الثقافية املعارصة من منظور إسالمي؛‬
‫َّ‬
‫مثل‪ :‬األصالة والتجديد‪ ،‬والثابت واملتغري من القيم يف منهج اإلسالم‪ ،‬والتقليد وال َّتبع َّية‬
‫وأثرمها يف كيان األمة‪ ،‬ومشكالت الشباب وموقف اإلسالم منها‪ ،‬وآفة املخدرات وخطرها‬
‫عىل املجتمع‪ ،‬وحقوق اإلنسان‪ ،‬والتمييز العنرصي‪.‬‬
‫وكان الرتكيز يف الوحدة السادسة عىل التحديات التي تواجه الثقافة اإلسالمية؛ مثل‪:‬‬
‫العوملة‪ ،‬والعلامنية‪ ،‬واالسترشاق والتبشري‪ ،‬والغزو الفكري‪ ،‬والتغريب الثقايف‪.‬‬
‫ْ‬
‫وفصلت الوحدة السابعة األنظمة التي يقوم عليها اإلسالم؛ وهي‪ :‬النظام ال َع َقدي‪،‬‬
‫َّ‬
‫والنظام االقتصادي‪ ،‬والنظام السيايس‪ ،‬والنظام االجتامعي‪.‬‬
‫وخ ِّصصت الوحدة الثامنة للرد عىل بعض ُّ‬
‫الش ُبهات التي أثريت حول اإلسالم؛ مثل‬ ‫ُ‬
‫التطرف والعنف واإلرهاب‪ُّ ،‬‬
‫والشبه التي أثريت حول الطالق واألرسة وتعدد الزوجات‪،‬‬
‫والشبه التي أثريت حول العقوبات يف الرشيعة اإلسالمية‪ ،‬أو ما‬ ‫ومكانة املرأة يف اإلسالم‪ُّ ،‬‬
‫ُّاتم به اإلسالم من االتكالية من خالل الدعوة إىل اإليامن بالغيب والقدَ ر‪ ،‬وكذلك ما ُأثري من‬
‫ُشبهات حول الفكر اإلسالمي والفقه اإلسالمي‪ ،‬وما بثَّه املسترشقون من سموم يف العلوم‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫‪282‬‬

‫وعود القرآن بالتمكين لإلسالم‬

‫هذا الكتاب هو احلادي عرش ضمن سلسلة‬


‫(من كنوز القرآن)‬
‫قسم املؤلف كتابه إىل ثالثة أقسام رئيسة‪ ،‬ويف‬
‫َّ‬
‫كل منها فصول فرعية‪.‬‬
‫القسم األول منها جاء يف ثامنية فصول‪ ،‬أكد يف‬
‫األول منها حقيق َة أن اهلل ال ُيلف امليعاد‪ ،‬ويف الثاين أنه‬
‫ال أصدَ َق من اهلل حديثًا‪َّ ،‬‬
‫وفرق يف الفصل الثالث بني الوعد احلق والوعد الباطل‪ ،‬ثم ذكر يف الفصل‬
‫الرابع املوقف من وعد اهلل بني تصديق املؤمنني وتكذيب املنافقني‪ ،‬ويف الفصل اخلامس أكد وجوب‬
‫ً‬
‫وصول إىل ما يف الفصل السادس‪ ،‬وهو حت ُّقق األخبار املستقبلية يف‬ ‫الثقة املطْلقة بالنص القرآين‪،‬‬
‫القرآن الكريم‪ ،‬وأن املواجهة مستمرة بني املسلمني والكافرين‪ ،‬كام َّبي ذلك يف الفصل السابع‪،‬‬
‫ً‬
‫وصول كذلك إىل النتيجة احلتمية‪ ،‬وهي بشارة املؤمنني الصاحلني‪ ،‬كام ذكرها يف الفصل الثامن‪.‬‬
‫السور املكية‪،‬‬
‫وخصص القسم الثاين من الكتاب للحديث عن الوعود القرآنية يف ُّ‬
‫عرشا من السور املكية؛ هي‪> :‬األنعام واألعراف ويونس‬
‫وجعله يف عرشة فصول‪ ،‬انتظمت ً‬
‫وهود ويوسف وإبراهيم واإلرساء واألنبياء والروم والقمر<‪.‬‬
‫ومثله القسم الثالث‪ ،‬الذي جعله يف اثني عرش فصلً‪ ،‬حتدثت عن وعود القرآن الكريم‬
‫كام وردت يف السور املدنية؛ وهي‪> :‬البقرة وآل عمران والامئدة واألنفال والتوبة واحلج والنور‬
‫وحممد والفتح واملجادلة واحلرش والصف<‪.‬‬
‫َ‬
‫أحاديث ذكر فيها‬ ‫السنَّة النبوية‪ ،‬من خالل‬
‫ثم ختم الكتاب بذكر مظاهر تلك الوعود يف ُّ‬
‫ِ‬
‫ومبرشات متكني هذا الدين يف املستقبل؛ مثل وعد الرسول ×‬ ‫وقائع‬ ‫ُ‬
‫الرسول الكريم ×‬
‫َ‬
‫وعدي بن حاتم‪ ،‬ريض اهلل عنهم أمجعني‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫وساقة بن مالك‬
‫األرت ُ‬
‫ِّ‬ ‫خل َّباب بن‬
‫نشري إىل أن الكتاب تُرجم يف إيران إىل اللغة الفارسية‪.‬‬
‫‪283‬‬

‫وقفات مع هذه اآليات‬

‫الكتاب‪ ،‬كام هو واضح من عنوانه‪ ،‬يقف‬


‫ٍ‬
‫وقفات تأملي ًة تفسري َّي ًة مع آيات‬ ‫فيه الشيخ اخلالدي‬
‫الكتاب احلكيم‪ ،‬انتقاها من دون رابط بينها‪.‬‬
‫جو نزول اآليات‬
‫وحتدث يف هذا الوقفات عن ِّ‬
‫التي هلا أسباب نزول‪ ،‬ثم َّبي موضوع هذه اآليات‪ ،‬ثم‬
‫رقم‪ ،‬بعد ذلك‬ ‫قسم كل آية إىل ُجل‪ ،‬وأعطى َّ‬
‫كل مجلة ً‬ ‫َّ‬
‫حتدث عن كل مجلة حديثًا تفصيل ًّيا؛ مور ًدا معاين كلامهتا‪ ،‬وإعراهبا‪ ،‬وما فيها من قراآت‪ ،‬وما‬
‫لطائف بيانية ممتعة‪ ،‬أو دالالت وإشارات واستنباطات وترشيعات‪.‬‬
‫َ‬ ‫فيها كذلك من‬
‫وقد مجع الشيخ يف وقفاته مع هذه اآليات بني التفسري باملأثور‪ ،‬والتفسري اللغوي‪،‬‬
‫والتفسري النحوي‪ ،‬والتفسري البياين‪ ،‬والتفسري النظري‪ ،‬والتفسري االستنباطي‪ ،‬والفهم احلركي‬
‫الدعوي‪.‬‬
‫وكانت هذه الوقفات مع عرش جمموعات منوعة من اآليات‪ ،‬خمتلفة املوضوعات‪،‬‬
‫أكثر متع ًة وجاذبي ًة‬
‫أعم‪ ،‬والوقف ُة َ‬ ‫َ‬
‫أشمل‪ ،‬والفائد ُة َّ‬ ‫موزعة بني سور عديدة‪ ،‬لتكون النظر ُة‬
‫َّ‬
‫وتأث ًريا‪.‬‬
‫وانتظمت املجموعات العرش عرشة فصول‪:‬‬
‫وقف يف األول منها عند قول اهلل سبحانه يف سورة النساء ﱹ ﮐ ﮑ ﮒ ﱸ‪ ،‬والتي‬
‫نموذجا لفهم آيات األحكام يف القرآن الكريم‪.‬‬
‫ً‬ ‫تتحدث عن رخصة تعدد الزوجات؛ لتكون‬
‫ويف الفصل الثاين وقف مع قول اهلل عز وجل يف سورة الامئدة‪ :‬ﱹ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬
‫والتصورات يف القرآن‪.‬‬ ‫ﮡ ﱸ [الامئدة‪ ،]100:‬وجعلها نموذجا لفهم آيات ِ‬
‫الق َيم‬
‫ُّ‬ ‫ً‬
‫ونموذج آخر يف الفصل الثالث جعله لفهم آيات العقيدة‪ ،‬وهو قول اهلل عز وجل ﱹ ﭥ‬
‫ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﱸ [األنعام‪.]103:‬‬
‫‪284‬‬

‫وكانت وقفته يف الفصل الرابع مع قول اهلل سبحانه‪ :‬ﱹ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﱸ‬


‫[التوبة‪ ،]120:‬ليصل من خالهلا إىل فهم آيات اجلهاد يف القرآن الكريم‪.‬‬
‫ويف الفصل اخلامس أورد اآلية الكريمة يف سورة اإلرساء‪ :‬ﱹ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ‬
‫نموذجا لفهم اآليات التي تتحدث عن التصنيف البرشي‬
‫ً‬ ‫ﭶ ﭷ ﱸ [اإلرساء‪ ،]20:‬وجعلها‬
‫والتنوع اإلنساين‪.‬‬
‫أما الفصل السادس‪ ،‬فكانت الوقفة فيه مع األمر الرباين يف سورة املمتحنة‪:‬ﱹ ﭔ ﭕ‬
‫عاجلت خطأ الصحايب حاطب بن أيب بلتعة ÷‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ﭖ ﭗ ﭘ ﱸ [املمتحنة‪ ،]1:‬التي‬
‫نموذجا لفهم آيات الوالء والرباء يف القرآن‪.‬‬
‫ً‬ ‫وكانت هذه اآلية‬
‫نموذجا للوقفة مع علم (املتشابه اللفظي) يف القرآن الكريم‪،‬‬
‫ً‬ ‫وجعل الفصل السابع‬
‫ويبحث يف اآليات املتشاهبة يف القرآن‪ ،‬وحي ِّلل أوجه التشابه واالختالف فيه‪ِّ ،‬‬
‫ويبي احلكمة يف‬
‫ذلك‪ .‬وكان التطبيق العميل يف ذلك عىل آيتني متشاهبتني؛ األوىل‪ :‬قول اهلل عز وجل يف سورة‬
‫احلديد‪ :‬ﱹ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬
‫ﮡﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﱸ [احلديد‪ ،]21:‬والثانية قوله سبحانه‬
‫يف سورة آل عمران‪ :‬ﱹﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫ﭜﱸ [آل عمران‪.]133:‬‬
‫نموذجا للتفسري‬
‫ً‬ ‫ووقف يف الفصل الثامن عند اآليات التي حتدثت عن اجلاهلية‪ ،‬لتكون‬
‫املوضوعي للمصطلح القرآين‪.‬‬
‫أما التفسري املوضوعي للامدة القرآنية‪ ،‬فقد عاجله يف الفصل التاسع‪ ،‬من خالل دراسته‬
‫ذاكرا معناها اللغوي واشتقاقاهتا وترصيفاهتا‪.‬‬
‫لامدة >رضر< يف القرآن الكريم‪ً ،‬‬
‫نموذجا ح ًيا للتفسري‬
‫ً‬ ‫وختم الكتاب يف الفصل العارش مع سورة اإلخالص‪ ،‬فجعلها‬
‫املوضوعي للسور القرآنية‪.‬‬
‫‪285‬‬

‫القسم الثاني‬
‫ا�لكتب غير المطبوعة‬
‫ما اكتمل منها وما لم يكتمل‬

‫‪> -1‬التصوير الفني يف القرآن الكريم< لألستاذ سيد قطب‪ ،‬ضبط وتعليق وتقديم‪.‬‬
‫قام الشيخ ’ باالشرتاك مع ابنه الدكتور حذيفة خلدمة هذا الكتاب وتسهيل‬
‫للقراء‪.‬‬
‫االستفادة منه وتقريب موضوعاته َّ‬
‫وكان عملهام فيه عىل النحو التايل‪:‬‬
‫ً‬
‫أول‪َ :‬و َض َعا مقدِّ م ًة وافي ًة جعالها مدخلً مبسو ًطا يعطي القارئ صور ًة وافي ًة عن‬
‫األستاذ سيد قطب‪ ،‬وصور ًة شامل ًة عن الكتاب وما أثاره يف األوساط األدبية والعلمية‪ ،‬و ُي َعدُّ‬
‫ملخصا للكتاب من جانب‪ ،‬ودراس ًة له من جوانب أخرى‪.‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫املدخل‬ ‫هذا‬
‫وصححا األخطاء الواردة فيه‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫الكتاب ضب ًطا تا ًّما‬ ‫ثان ًيا‪َ :‬ض َب َطا َّ‬
‫نص‬
‫ثالثًا‪ :‬ع َّلقا عىل املواضع املشكلة واخلفية ورشحا ما حيتاج إىل ٍ‬
‫رشح‪.‬‬
‫ومراجعة هنائ َّي ٍة‪ ،‬نسأل اهلل أن يعني‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫تبييض‬ ‫ٍ‬
‫بحاجة إىل‬ ‫والكتاب مل ُيطبع إىل اآلن‪ ،‬وهو‬
‫الدكتور حذيفة عىل إخراجه يف أقرب ٍ‬
‫وقت‪.‬‬

‫توجيهات قرآني ٌة لليهود‪:‬‬


‫ٌ‬ ‫‪-2‬‬
‫وأسوق هنا ما كتبه الشيخ يف هذا الكتاب‪:‬‬
‫ِ‬
‫‪-‬اليهود يف املدينة‪َ -‬قدَّ م هلم جمموع ًة من‬ ‫ِ‬
‫القرآن لبني إرسائيل‬ ‫ِ‬
‫حديث‬ ‫>يف َأ َّول‬
‫الترصفات الباطلة‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫بعض‬ ‫وناهم فيها عن ن ََو ٍاه‪ ،‬وأنكر عليهم َ‬ ‫التوجيهات‪َ ،‬أ َم َر ُهم فيها َبأ َ‬
‫وامر‪َ ،‬‬ ‫َّ‬
‫قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ‬
‫ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ‬
‫ﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝ‬
‫‪286‬‬

‫ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﱸ‬
‫[البقرة‪.]44-40 :‬‬
‫عقوب |‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫س ِائ َيل<‪ ،‬الذي هو َجدُّ هم األَ َّو ُل َي‬ ‫ِ‬
‫ﱹ ﭰ ﭱ ﱸ‪ :‬هم أبنا ُء >إ ْ َ‬
‫بقوله‪ :‬ﱹ ﭰ ﭱ ﱸ‪ ،‬وأحيانًا كان‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫القرآن ُياط ُبهم‬ ‫ِ‬
‫لليهود يف املدينة‪ ،‬وأحيانًا كان‬ ‫طاب‬ ‫ِ‬
‫واخل ُ‬
‫يصفهم بأهنم َيو ٌد‪.‬‬
‫ِ‬
‫اخلمسة هي‪:‬‬ ‫والتوجيهات املذكور ُة يف هذه اآليات‬
‫ُ‬
‫‪ -1‬قوله‪ :‬ﱹ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﱸ‪:‬‬
‫يأمرهم اهلل َأ ْن يذكروا نِعم َته التي َأنعم هبا عليهم‪ِ ،‬‬
‫وذك ُْر النعمة يكون ب َت َذكُّرها‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وشكره عليها‪ ،‬والثناء عليه هبا‪.‬‬ ‫حضارها‪ ،‬ثم نِس َبتها إىل اهلل املن ْع ِم‪،‬‬
‫ِ‬ ‫واستِ‬
‫>اس ُم ِجن ٍ‬ ‫ِ‬
‫نطبق عىل‬‫ْس< َي ُ‬ ‫وﱹ ﭳ ﱸ باإلفراد‪ ،‬وليس املرا ُد هبا نعم ًة واحدة‪ ،‬إنام هي ْ‬
‫منذ رسوهلم موسى |‪.‬‬ ‫العديد الكثري من النِّ َع ِم التي َأن َع َم هبا عليهم يف تارخيهم الطويل ُ‬
‫وشق البحر‬ ‫نجاؤهم من آل ِفرعون‪ُّ ،‬‬ ‫ومن نِ َع ِم اهلل عليهم زمن نب ِّيهم موسى |‪ :‬إِ ُ‬
‫ونبع الامء من احلَ َجر‪.‬‬
‫وإعطاؤهم ا َمل َّن والسلوى‪ُ ،‬‬‫ُ‬ ‫ليل ال َغامم عليهم‪،‬‬ ‫هلم‪ ،‬و َتظْ ُ‬
‫حممد ×‪.‬‬ ‫الرسول اخلا َت ِم ٍ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫إرسال‬ ‫جل نِ َع ِم اهلل عليهم يف املدينة‬ ‫ومن َأ ِّ‬
‫‪ -2‬قوله‪ :‬ﱹ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﱸ‪:‬‬
‫ِ‬
‫عاهدو ُه‬
‫كل ما َ‬‫عاهدو ُه عليه‪ ،‬و َع ْهدُ اهلل إليهم هو ُّ‬ ‫يأْ ُم ُرهم اهلل أن ُيوفوا بعهده الذي َ‬
‫َ‬
‫وتنفيذ ُهم له‪.‬‬ ‫سبحانه عليه‪ ،‬وأ ْع َلنوا التزا َمهم به‪،‬‬
‫كل‬ ‫شمل َّ‬
‫ْس< َي ُ‬‫>اس ُم ِجن ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫و> َع ْهدي< هنا باإلفراد‪ ،‬وهو ليس َع ْهدً ا واحدً ا‪ ،‬وإنام هو ْ‬
‫عاهدوا اهلل عليها يف تارخيِهم الطويل‪.‬‬ ‫ال ُعهود الكثرية التي َ‬
‫ف‪ ،‬وهو ِمن‪ :‬ا ِإلي َف ِ‬ ‫وف َأو ِ‬
‫اء‪.‬‬ ‫فعل َأ ْم ٍر‪ ،‬تقول‪َ :‬أ ْو َف ُي ِ ْ‬
‫و ﱹ ﭷ ﱸ‪ُ :‬‬
‫وتنفيذ بن ِ‬ ‫ِ‬
‫ُوده‪.‬‬ ‫ُ ُ‬ ‫بالعهد‪ُ :‬ح ْس ُن االلتزام به‪،‬‬ ‫واإليفا ُء‬
‫اهلل أنه س ُيويف ب َع ْه ِدهم الذي عاهدو ُه عليه‪.‬‬ ‫وﱹ ﭹ ﭺ ﱸ‪ُ :‬ي ُربهم ُ‬
‫جواب ال َّط َلب يف فعل األَ ْمر‪ :‬ﱹ ﭷ ﱸ‪ ،‬وعالمة‬ ‫ُ‬ ‫مضارع جمزوم؛ ألنه‬
‫ٌ‬ ‫عل‬ ‫ﱹ ﭹ ﱸ‪ِ :‬ف ٌ‬
‫تقديره‪> :‬أنا< يعود عىل‬ ‫الفعل‪َ > :‬أ ْو ِف<‪ ،‬والفاعل‬
‫ِ‬ ‫أص َل‬ ‫ِ‬
‫–الياء‪-‬؛ َّ‬ ‫ف َحرف الع ّلة‬ ‫َج ْز ِم ِه ح ْذ ُ‬
‫ُ‬ ‫ألن ْ‬
‫اهلل‪.‬‬
‫‪287‬‬

‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬إ ْن َأ ْو َفيْ ُتم ب َع ْهدي فأنا ُأويف بعهدكم‪ ،‬وإن مل توفوا بعهدي َف َلن ُأ َ‬
‫ويف بعهدكم؛‬
‫نقضتم عهدي‪.‬‬
‫ألنكم أنتم الذين ْ‬
‫ومزاع ِمهم‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ف قرآين لِز ِ‬
‫يوفهم‬ ‫ٌّ ُ‬ ‫ويف هذه اجلملة‪ :‬ﱹ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﱸ كَشْ ٌ‬
‫اهلل عهدً ا‪ ،‬ا ْل َت َزم به أن َيكون َم َعنا ً‬
‫دائم‪ ،‬ومل َيطلب‬ ‫عاهدَ نَا ُ‬
‫إهنم يكذبون ويقولون‪> :‬لقد َ‬
‫قابل ذلك<‪َ ،‬فك ََّذ َبم وكشف َز ْي َفهم‪ ،‬وأخربهم أنه كان ال َعهدُ ُمش َرتكًا بينه وبينهم‪،‬‬ ‫ِمنَّا شي ًئا ُم َ‬
‫ٍ‬
‫واجبات‪ ،‬فإ ْن َأ ْو َف ْوا هبا َت َع َّهدَ هلم بأن يكون معهم‪ ،‬وإن مل‬ ‫طلبات‪ ،‬وأوجب عليهم‬ ‫ٍ‬ ‫طلب منهم‬
‫ويف هلم ِعقاب ًا هلم‪.‬‬
‫ُيو ُفوا لن ُي َ‬
‫‪ -3‬قوله‪ :‬ﱹ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃﱸ‪:‬‬
‫ِ‬
‫باإليامن‬ ‫اهلل اليهو َد فيه‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫معطوف عىل التوجيه الثاين‪َ ،‬يأمر ُ‬
‫ٌ‬ ‫الثالث‪،‬‬ ‫القرآين‬
‫ُّ‬ ‫هذا التوجي ُه‬
‫ِ‬
‫الصحيح الشامل‪.‬‬
‫األمر السابِ ِق‪ :‬ﱹ ﭷ ﭸ ﱸ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫عطوف عىل‬
‫ٌ‬ ‫ﱹ ﭾ ﱸ‪ُ :‬‬
‫فعل أمر‪َ ،‬م‬
‫جر بالالم‪ ،‬واجلمل ُة الفعلي ُة ﱹ ﮀ ﱸ‪:‬‬ ‫ٌ‬
‫موصول يف حمل ٍّ‬ ‫اسم‬
‫و> َما< يف ﱹ ﭿ ﮀﱸ‪ٌ :‬‬
‫املنز ِل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِصل ُة‬
‫جمرور بالباء‪ ،‬والتقدير‪ :‬وآمنُوا بالقرآن َّ‬
‫ٌ‬ ‫واملوصول مع صلته‬ ‫املوصول‪،‬‬
‫املنز ُل‪ ،‬وﱹ ﮂ ﮃﱸ‪:‬‬
‫حال منصوب‪ ،‬وصاحب احلال هو القرآن َّ‬ ‫و ﱹ ﮁﱸ‪ٌ :‬‬
‫اخلطاب لليهود يف املدينة‪.‬‬
‫ُ‬
‫القرآن املنزل مصدِّ ٌق وم ٌ ِ‬
‫اهلل إليكم من‬‫وافق ل َم َأنزل ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ومعنى ﱹ ﮁ ﮂ ﮃﱸ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫التوراة‪ ،‬وذلك َّ‬
‫والقرآن كال ُم اهلل‪ ،‬وكال ُم اهلل ُيصدِّ ق كال َم اهلل وال‬ ‫ألن التورا َة كال ُم اهلل‪،‬‬
‫ُيالِ ُفه‪.‬‬
‫‪ -4‬قوله‪ :‬ﱹ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﱸ‪:‬‬
‫ِ‬
‫السابقة‪ ،‬ففي اجلملة السابقة َأ َم َر ُهم باإليامن بالقرآن‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اجلملة‬ ‫هذه اجلمل ُة معطوف ٌة عىل‬
‫ويف هذه اجلملة هناهم عن أن يكفروا به‪.‬‬
‫َناهم يف هذه اجلملة عن أن يكونوا َّأو َل الكافرين هبذا القرآن‪ ،‬األصل أ ْن يكونوا أول‬
‫للحق الذي معهم<‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫حق ِ‬
‫وصدْق‪ ،‬و ُم َصدِّ ٌق‬ ‫املؤمنني بالقرآن؛ ألنه ٌّ‬
‫‪288‬‬

‫‪ -3‬تحقيق وشرح رسالة اإلمام الخ َّطابي يف إعجاز القرآن‪:‬‬


‫خمدومة تليق هبذه الرسالة‪ ،‬فطلب من‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫طبعة‬ ‫منزعجا من عدم وجود‬ ‫كان الشيخ ’‬
‫ً‬
‫رشح عليها‪ ،‬إال أن حذيفة مل جيد ن َُسخً ا خمطو َط ًة عالي ًة‬
‫ابنه الدكتور حذيفة حتقيقها ليقوم بكتابة ٍ‬
‫لتحقيق الرسالة‪ .‬وما َّد ُة الرشح التي بخط الشيخ ’ موجودة عند ابنه حذيفة اآلن‪.‬‬

‫‪ -4‬تحقيق وشرح مقدمة ابن تيمية يف أصول التفسير‪:‬‬


‫كان الشيخ ’ يرى َّ‬
‫أن مقدِّ مة اإلمام ابن تيمية يف أصول التفسري من أهم الرسائل‬
‫ٍ‬
‫خمدومة تليق‬ ‫ٍ‬
‫طبعة‬ ‫منزعجا كذلك من عدم وجود‬ ‫املخترصة احلَ ِر َّي ِة بالرشح والتدريس‪ ،‬وكان‬
‫ً‬
‫هبا‪ ،‬كام احلال يف رسالة اخل َّطايب‪ ،‬فطلب من ابنه الدكتور حذيفة حتقيق نص املقدِّ مة ليقوم بكتابة‬
‫رشح عليها‪ ،‬فقام حذيف ُة بجمع النسخ املخطوطة للمقدِّ مة‪ ،‬ولكن مل يتمكَّن من البدء بالتحقيق‬
‫ٍ‬
‫النشغاله بأعامل أخرى‪ ،‬أما الشيخ فقد وضع اخلطوط الرئيسة للرشح‪ ،‬وهي موجودة عند ابنه‬
‫حذيفة‪ .‬‬

‫زمخشريات‪ :‬تج ِّليات اإلمام الزمخشري يف التفسير‪:‬‬


‫َّ‬ ‫‪-5‬‬
‫تقوم فكرة هذا الكتاب عىل تت ُّبع استنباطات ولطائف الزخمرشي وإشاراته من تفسريه‬
‫>الكشاف<‪ ،‬ومجْعها لوحدها مرتَّب ًة عىل ترتيب اآليات والسور‪ ،‬والتعليق عىل ما حيتاج إىل‬
‫ٍ‬
‫تعليق منها‪.‬‬
‫ودون‬
‫وقد رشع باستخراج مادة الكتاب عندما كان يكتب حاشيته عىل >الكشاف<‪َّ ،‬‬
‫بعضها عىل مواقع التواصل االجتامعي‪.‬‬ ‫الكثري من هذه التجليات‪ ،‬ونرش َ‬
‫دين‬ ‫ٍ‬
‫واحد ٍ‬
‫كبري أو جم َّل ِ‬ ‫قليلة يف جم َّل ٍد‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫سنوات‬ ‫وكان يتو َّقع صدور الكتاب يف غضون‬
‫متوسطني‪.‬‬
‫ِّ‬

‫‪ -6‬فقه توجيه القراءات القرآنية‪:‬‬


‫هذا الكتاب ممَّا ُو ِجد بعد وفاته بني أوراقه‪ ،‬وكان قد كتبه عىل فرتات خالل السنوات‬
‫أن فيه من بحار‬ ‫ٍ‬
‫بحاجة إىل تبييض وتتمي ٍم‪ ،‬إال َّ‬ ‫الكتاب‬ ‫العرش األخرية من حياته‪ ،‬ومع َّ‬
‫أن‬
‫َ‬
‫عز أه ُله‪.‬‬
‫التحقيقات والتحريرات ما يشفي غليل الظمآن والصادي يف هذا العلم الذي َّ‬
‫‪289‬‬

‫وقبل وفاة الشيخ بأسبو ٍع َّ‬


‫هم بإكامله وتبييضه‪ ،‬فطلب من ابنه الدكتور حذيفة أن جيمع‬
‫الكتب التي طلبها قام بتأجيل‬ ‫ِ‬
‫التوجيه املوجود َة عنده لينظر فيها‪ ،‬وبعد أن أحرض له‬ ‫ُتب‬
‫َ‬ ‫له ك َ‬
‫وتفرغ لكتابة اهلوامش عىل كتاب >معامل يف الطريق<‪.‬‬
‫العمل يف التوجيه‪َّ ،‬‬
‫منهجا فريدً ا متثَّل فيام ييل‪:‬‬
‫ً‬ ‫وقد سلك الشيخ ’ يف هذا الكتاب‬
‫أثر يف املعنى‪ ،‬و َأ ْع َر َض عن توجيه‬ ‫ً‬
‫أول‪ :‬تك َّلم عىل توجيه القراءات املتواترة التي هلا ٌ‬
‫القراءات التي هي ِمن َقبيل اختالف اللهجات‪.‬‬
‫َ‬
‫واالشتقاق‬ ‫اإلعراب‬
‫َ‬ ‫فذك ََر‬ ‫ثان ًيا‪ :‬خلَّص َّ‬
‫كل ما قاله املتقدِّ مون من علامء التوجيه يف كتبهم‪َ ،‬‬
‫واملعاين التي ذكروها‪.‬‬
‫َ‬
‫وتوسع يف عرض ذلك ك ِّله عىل‬ ‫ٍ‬
‫قراءة‪،‬‬ ‫ثالثًا‪ :‬انتقل للحديث عن تفسري اآلية عىل كل‬
‫َّ‬
‫طريقة التفسري التحلييل‪ ،‬مستنب ًطا األحكام ِ‬
‫واحلكم بأسلوبه السهل الفريد‪ ،‬وهذا هو اجلانب‬
‫الذي يتم َّيز به كتابه‪ ،‬والذي ال نجده يف كتب التوجيه‪.‬‬

‫‪ُ -7‬قرآنِ َّيات‪:‬‬


‫ِ‬
‫املعارص‬ ‫خواطر قرآن َّي ًة ُّ‬
‫متسحياة املسل ِم‬ ‫َ‬ ‫الشيخ ’‬
‫ُ‬ ‫لطيف‪ ،‬مجع فيه‬
‫ٌ‬ ‫كتاب‬
‫ٌ‬ ‫وهو‬
‫ِ‬
‫الكتاب جاهز ٌة بالكامل‪ ،‬لكنَّها بحاجة إىل تنسيق وتبييض وإخراج‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بشكل مبارش‪ ،‬وماد ُة‬
‫‪290‬‬

‫الشيخ عىل فرتات‪ ،‬وك َّلام كانت ختطر يف‬


‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫متوسط‪ ،‬كتبه‬ ‫الكتاب –تقري ًبا‪ -‬يف جم َّل ٍد‬ ‫ويقع‬
‫ُ‬
‫باله خاطر ٌة قرآني ٌة كان يسجلها عىل الفور‪ ،‬فجاء موضوعه يف غاية الطرافة‪ ،‬نسأل اهلل أن ُي َي ِّس‬
‫إخراجه‪.‬‬

‫‪ -8‬الكشاف للزمخشري (تحقيق)‬


‫قديم وحديثًا‪ ،‬وقد قام‬
‫>الكشاف< من كتب التفسري املشهورة التي اهتم هبا العلامء ً‬
‫قرب فيها كالم الزخمرشي و َب َس َطه َ‬
‫دون‬ ‫الشيخ صالح اخلالدي ’ بوضع حاشية عليه َّ‬
‫ٍ‬
‫تعقيد‪ ،‬مع حذف ِّ‬
‫كل ما ُيالف العقيدة الصحيحة من االعتزاليات وغريها‪ ،‬وجاءت احلاشية يف‬
‫>‪ <3773‬صفح ًة بخط يده املباركة‪ ،‬وأنجزها بتاريخ (‪1443/2/9‬هـ ‪2021/9/16 -‬م)‪،‬‬
‫ٍ‬
‫واحد فقط‪.‬‬ ‫ثم قام بمراجعة الامدة املطبوعة‪ ،‬وانتهى من مراجعتها قبل وفاته بأسبو ٍع‬
‫صحيح خمدو ٍم‬
‫ٍ‬ ‫نص‬
‫الشيخ ’ أن تكون احلاشية عىل ٍّ‬ ‫ُ‬ ‫ولتامم اخلدمة العلمية أراد‬
‫للكتاب‪َ ،‬فأ ْوك ََل مهم َة حتقيق >الكشاف< حتقي ًقا علم ًيا لولده الدكتور حذيفة‪ ،‬وأوكل مهم َة‬
‫ختريج أحاديثه للشيخ أمحد الرفاعي‪ ،‬وطلب من الدكتور مجال أبو حسان مراجع َة العمل كاملً‬
‫والتقديم له‪.‬‬
‫َ‬
‫الكتاب معتمدً ا عىل >‪ <18‬نسخ ًة خط َّي ًة عتيق ًة ونفيسة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ويقوم الدكتور حذيفة بتحقيق‬
‫ان ُت ِخ َبت من بني مئات املخطوطات املنترشة يف مكتبات العامل؛ منها نسختان منقولتان من خط‬
‫أئم ٍة أعالم يف التفسري‪.‬‬ ‫الزخمرشي نفسه‪ ،‬وعد ُة ٍ‬
‫نسخ بخطوط َّ‬
‫ويقوم الشيخ أمحد الرفاعي بتحقيق كتاب >الكايف الشاف يف ختريج أحاديث الكشاف<‬
‫ٍ‬
‫حديث‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫حجر يف اهلامش يف مواضعها مع كل‬ ‫لإلمام ابن حجر العسقالين‪ ،‬ووضع خترجيات ابن‬
‫وحيتاج العمل إىل سنتني تقري ًبا من تاريخ كتابة هذه السطور ليكون بني أيدي طلبة‬
‫العلم والباحثني‪.‬‬
‫أما املنهج الذي سار عليه الشيخ ’ مع فريقه العلمي يف حتقيق الكتاب وخدمته‬
‫والعناية به فهو‪:‬‬
‫بط النص ضب ًطا تا ًّما بالشكل والرتقيم‪ ،‬مع ترتيبه وتنظيمه بحيث ال يبقى ٌ‬
‫جمال‬ ‫‪َ -‬ض ُ‬
‫خطأ يف قراءته‪.‬‬‫للبس أو وه ٍم أو ٍ‬
‫ٍ‬
‫‪291‬‬

‫َّ‬
‫ومهذ ًبا يتناسب مع املبتدئني يف علم‬ ‫ميسا‬ ‫ٍ‬
‫رشحا َّ ً‬
‫ضع حاشية لرشح كالم الزخمرشي ً‬
‫‪َ -‬و ُ‬
‫التفسري‪ ،‬بعيدً ا عن التعقيد واإللغاز‪ ،‬ليتمكَّن املبتدئ من االنتفاع بالكتاب والوصول إىل فهم‬
‫صحيحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫فهم‬
‫عبارات الزخمرشي ً‬
‫ِ‬
‫القراءات واألشعار‪.‬‬ ‫‪ -‬ختريج‬
‫‪ -‬إثبات كالم اإلمام ابن حجر العسقالين يف ختريج األحاديث واآلثار يف اهلامش‪ ،‬مع‬
‫احلُك ِم عليها صح ًة وضع ًفا‪.‬‬
‫‪ -‬التنبيه عىل األقوال االعتزالية الرصحية فقط‪ ،‬مع بيان خطئها عند أهل السنة‪.‬‬
‫صة بني يدي التحقيق‪ ،‬تتناول أهم مسائل أصول التفسري ومناهج‬‫مة متخص ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ضع مقدِّ ُ ِّ‬‫َو ُ‬
‫املفرسين‪ ،‬وتُظهر مكانة >الكشاف< ومنزلته الرفيعة عند املفرسين‪.‬‬

‫‪ -9‬كواشف قرآنية للزيوف اليهودية‪.‬‬


‫أربع صفحات‪ ،‬وال‬
‫وهو الكتاب الذي رشع بتأليفة يف يوم وفاته‪ ،‬وكتب منه بخط يده َ‬
‫مسودة الشيخ‬
‫بأس من إيراد ما كتبه رمحه اهلل يف هذا الكتاب‪ ،‬وانظر صورة الصفحة األوىل من َّ‬
‫ص ‪:179‬‬
‫ور ِة ال َب َق َر ِة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ف ُز ُيوف ِهم يف ُس َ‬
‫> كَشْ ُ‬
‫شياطني املنافقني‪:‬‬
‫ُ‬ ‫اليهو ُد‬
‫قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ‬
‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﱸ [البقرة‪.]15-14 :‬‬
‫اهلل‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫َص ُ‬ ‫وكان ذلك بعدَ ما ن َ َ‬ ‫تأسيس حركة >املنافقني< يف املدينة‪،‬‬ ‫دور كب ٌري يف‬
‫كان لليهود ٌ‬
‫ب‬ ‫ِ ُ‬ ‫حيث َ‬‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫املسلمني عىل املرشكني يف َغزوة ٍ‬
‫قال عبدُ اهلل ب ُن أ َ ٍّ‬ ‫الثانية من اهلجرة‪،‬‬ ‫السنة‬ ‫بدر‪ ،‬يف‬
‫عود‪.‬‬‫ْباعه‪> :‬هذا َأمر قد تَوجه<! أي‪َ :‬أمر ا ِإلسال ِم يف ص ٍ‬ ‫زعيم املنافقني ألَت ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫ٌْ‬ ‫ُ‬
‫كيد‬‫وكان هذا من ِ‬ ‫َ‬ ‫إلسال َم من الداخل‪،‬‬ ‫الدخول يف ا ِإلسالم لِ ُيحاربوا ا ِ‬
‫َ‬ ‫وطلب منهم‬
‫َ‬
‫ذون م ِ‬ ‫ِ‬
‫اليهود و َمك ِْرهم؛ ألَ َّن املنافقني‬
‫إلسالم‬ ‫كائدهم ضدَّ ا ِ‬ ‫وأذناب لليهود‪ُ ،‬ينَ ِّف َ َ‬
‫ٌ‬ ‫العرب َأت ٌ‬
‫ْباع‬ ‫َ‬
‫واملسلمني‪.‬‬
‫‪292‬‬

‫بالدخول يف ا ِإلسالم نِفاق ًا؛ لِ ُيحسنوا حر َبه والقضا َء‬


‫ِ‬ ‫واليهو ُد هم الذين َأمروا املنافقني‬
‫عليه‪.‬‬
‫سياد اليهود واملنافقني العبيد ُمستمر ًة ُمتواصلة‪ُ ،‬يَططون‬ ‫اللقاءات بني األَ ِ‬
‫ُ‬ ‫وكانت‬
‫ويب ِمون‪ ،‬ويرسمون املكائدَ واملؤامرات‪ ،‬وقد ذكرت اآليتان (‪ِ )15 ،14‬‬
‫واحدَ ًة من تلك‬ ‫َ ُ‬ ‫َُْ‬
‫الس َّية بني الفريقني‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اللقاءات ِّ ِّ‬
‫قوله‪ :‬ﱹ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﱸ‪.‬‬
‫لقي املنافقون مؤمنني يف الطريق‪ ،‬لقا ًء َع َر ِض ًّيا‪ ،‬بدون َق ْص ٍد َأو َت َع ُّم ٍد‪ ،‬قالوا هلم‪:‬‬ ‫إذا َ‬
‫ﱹ ﯠ ﱸ! قالوا هذا ك َِذبا ِ‬
‫وخدا ًعا‪.‬‬ ‫ً‬
‫قوله‪:‬ﱹ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﱸ‪.‬‬
‫إِذا َخال املنافقون إِىل ﱹ ﯤ ﱸ‪ ،‬وهم َأسيا ُدهم ُ‬
‫اليهود‪ ،‬قالوا هلم‪ :‬ﱹ ﯦ ﯧ ﯨ‬
‫ﯩ ﯪﱸ!!‬
‫ِ‬
‫اليهود‪.‬‬ ‫سيادهم‬‫اختالئهم َبأ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫موقف املنافقني من املؤمنني‪ ،‬وبني‬ ‫ٌ‬
‫وفرق بني‬
‫َعم ٍد أو‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫قال‪ :‬ﱹ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﱸ‪َ ،‬أ ْي‪ :‬قا َبلوهم فجأ ًة يف الطريق‪ ،‬بدون قصد َأو ت ُّ‬
‫ٍ‬
‫ختطيط‪.‬‬
‫اختالؤهم بشياطينِهم مقصو ًدا أو ُ َ‬
‫م َّط ًطا‬ ‫ُ‬ ‫وقال‪ :‬ﱹ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﱸ‪َ ،‬أي‪ :‬كان‬
‫الس َّي ِة الدقيقة‪ ،‬واالجتامع‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬
‫الدال عىل اخلَلوة ِّ ِّ‬ ‫فعلﱹﯢﱸ بحرف ﱹ ﯣﱸ‬ ‫و ُمرا ًدا‪ ،‬و َت َعدَّ ى ُ‬
‫الس ِّي املغ َلق!‬
‫ِّ ِّ‬
‫ِ‬
‫وقالوا للمؤمنني‪ :‬ﱹ ﯠ ﱸ‪ ،‬هكذا ُي ِرجون هذا الفعل من َأفواههم بدون توكيد‪ُّ ،‬‬
‫املهم‬
‫َأ ْن يتخ َّلصوا من هذا ال ِّلقاء املكروه!‬
‫بينام قالوا لشياطينهم عند اختالئهم إليهم‪ :‬ﱹ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﱸ‪ ،‬حيث َع َّبوا‬
‫كل ٍ‬
‫مجلة بمؤكِّدات‪.‬‬ ‫بجملتني‪َ ،‬و َأكَّدوا َّ‬
‫وكأنم لام قالوا لليهود‪ :‬ﱹ ﯦ ﯧﱸ قالوا هلم‪> :‬إ َذ ْن لامذا ُقل ُتم للمؤمنني‪ :‬آمنَّا؟<‪،‬‬
‫َّ‬
‫نستهزئ باملؤمنني عندما ُقلنا هلم‪ :‬آ َمنَّا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫فقالوا هلم‪ :‬ﱹ ﯨ ﯩ ﯪﱸ‪ ،‬أي‪ :‬كنا‬
‫َ‬
‫واطمأنُّوا إىل َأهنم ُمتحالفون معهم‪ُ ،‬منَ ِّفذون‬ ‫وبذلك ريض اليهود عن ِ‬
‫أتباعهم املنافقني‪،‬‬ ‫َ‬
‫ملكائدهم‪.‬‬
‫‪293‬‬

‫ٍ‬
‫ضمري‬ ‫يلفت النظر َأ َّن اآلية اعتربت اليهود >شياطني<‪ ،‬و َأضا َفت الشياطني إىل‬
‫ُ‬ ‫والذي‬
‫شياطني املنافقني‪.‬‬
‫ُ‬ ‫متصل يعو ُد عىل املنافقني‪ :‬ﱹ ﯤ ﱸ‪ ،‬أي‪ :‬اليهو ُد‬ ‫ٍ‬
‫>ش َط َن<‪ ،‬بمعنى‪:‬‬
‫الفعل الاميض الثالثي‪َ :‬‬ ‫ِ‬ ‫>شي ٍ‬
‫شتق من‬
‫طان<‪ ،‬وهو ُم ٌّ‬ ‫مجع َ ْ‬ ‫و>شياطني<‪ُ :‬‬
‫ُ‬
‫احلق واخلري والرمحة‪.‬‬ ‫َب ُعدَ عن ِّ‬
‫مر ٍد من اجل ِّن واإلنس‪.‬‬ ‫كل ٍ‬
‫كافر ُم َت ِّ‬
‫طان<‪ :‬عىل َو ْز ِن > َفيْ ٍ‬
‫عال<‪ ،‬و ُيط َل ُق عىل ِّ‬ ‫و>شيْ ٌ‬
‫َ‬
‫وهم شياطني للمنافقني ع َرب الزمان واملكان‪ ،‬ألهنم ُخ َبثاء‪َ ،‬يستذ ّلون املنافقني‪،‬‬
‫عاملونم باحتقار‪ ،‬ويس ُري املنافقون معهم بغباء و َغ ْف َلة‪.‬‬
‫َ‬ ‫و ُي‬
‫العال عىل أهنم ُحكَام ُء و ُع َلام ُء و َعباقر ٌة و ُمبْ ِدعون‪،‬‬
‫اليهو ُد َيرصون عىل أ ْن َيظهروا أمام َ‬
‫ف عنهم‪ ،‬ويقول‪ :‬إهنم شياطني<‪.‬‬
‫الز ْي َ‬
‫والقرآن َينفي ذلك َّ‬

‫‪ -10‬المعجم الكبير لمعاين القرآن الكريم‪:‬تفسير لغوي اشتقاقي تصريفي جامع‪.‬‬


‫ِ‬
‫الكبري‪ ،‬وهو مجهر ٌة علم َّي ٌة‬ ‫ِ‬
‫للقرآن هبذا املعج ِم‬ ‫ت َك َّل َلت ُصحب ُة الشيخ ’ الطويل ُة‬
‫قرن من الزمان‪ ،‬الزم‬ ‫قرآني ٌة رشيفة‪ ،‬ومفخر ُة ِ‬
‫مفاخ ِر مؤ َّلفاته‪ ،‬ب َذ َل يف تصنيفه مدَّ ًة تزيدُ عىل رب ِع ٍ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫والبيان بالبحث والتحليل واملقارنة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والرصف‬ ‫ِ‬
‫واإلعراب‬ ‫ِ‬
‫والتفسري‬ ‫ِ‬
‫اللغة‬ ‫فيها ُأ ّمهات ِ‬
‫كتب‬
‫ٍ‬
‫تفسري‬ ‫واجتهد فيه غاي َة االجتهاد‪ ،‬حتى َّ‬
‫تم له ُمرا ُده بفضل اهلل تعاىل‪ ،‬ون ََج َح َسع ُيه بتقديم‬
‫ِ‬
‫الواضح‬ ‫ِ‬
‫ومنهجه‬ ‫ِ‬
‫السهل الفريد‪،‬‬ ‫ِ‬
‫القرآن‪ ،‬بأسلوبه‬ ‫ِ‬
‫ألفاظ‬ ‫ترصيفي جام ٍع ملعاين‬ ‫اشتقاقي‬ ‫لغوي‬
‫ٍّ‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍّ‬
‫ِ‬
‫وخدمة طلبة العلم‪ ،‬وأضاف جديدً ا إىل املكتبة القرآنية‪.‬‬ ‫ِ‬
‫خدمة كتاب اهلل‬ ‫رشف‬
‫َ‬ ‫املفيد‪ ،‬فحاز به‬
‫ِ‬ ‫األلفاظ القرآن َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫أقوال الساد ِة الع ِ‬
‫والتأليف بينها عىل ن ََس ٍق‬ ‫لامء يف معاين‬ ‫ِ َّ َ ُ‬ ‫جمر ُد مج ِع‬
‫وإذا كان َّ‬
‫وتوجيهها بام يتناسب مع َأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أمرا شا ًّقا‪ ،‬فكيف‬ ‫ِ‬
‫صالة اللغة ودقائقها‪،‬‬ ‫َ َ‬ ‫وحتريرها‪،‬‬ ‫بتحقيقها‪،‬‬ ‫ُمن َتظ ٍم ً‬
‫ِ‬
‫اختالف َأساليبِه؟! هذه َل َع ْم ُر َك املش َّق ُة ال ُعظمى‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫من غري إمهال لدَ ال َلة ِّ‬
‫السياق ال ُق ِّ‬
‫رآين عىل‬
‫ٍ‬
‫واقتدار‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫ومهارة‬ ‫ٍ‬
‫بخربة‬ ‫الشيخ ’ يف هذا الكتاب أساليب البحث العلمي‬ ‫ُ‬ ‫وقد مزج‬
‫الكتاب َوفق املناهج التالية‪:‬‬
‫ُ‬ ‫فجاء‬
‫ِ‬
‫ألفاظ القرآن الكريم واستعامالهتا‪.‬‬ ‫االستقرائي ال َّتا ُّم يف تت ُّبع‬ ‫املنهج‬ ‫‪-‬‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫جذورها العربية األصيلة‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫كلمة‪ ،‬وبيان‬ ‫ِ‬
‫األصول اللغوية لك ُِّل‬ ‫الوصفي يف بيان‬ ‫املنهج‬ ‫‪-‬‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫وبيان معانيها واستعامالهتا اللغوية‪.‬‬
‫‪294‬‬

‫وجذر بحسب وروده يف اآليات‪ ،‬والنظر يف‬‫ٍ‬ ‫ٍ‬


‫أصل‬ ‫ِ‬
‫دراسة كل‬ ‫التحلييل يف‬ ‫املنهج‬ ‫‪-‬‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الفارقة بني الصيغ واالشتقاقات املتشاهبة‪.‬‬ ‫السياق القرآين وتسجيل املعاين‬
‫وإشارات تفسري َّي ٍة من األلفاظ القرآنية‬
‫ٍ‬ ‫لطائف‬
‫َ‬ ‫االستنباطي يف استخراج‬
‫ُّ‬ ‫املنهج‬
‫ُ‬ ‫‪-‬‬
‫بمختلف ِص َي ِغها الواردة‪.‬‬
‫ويمكن إمجال ما قام به الشيخ ’ يف هذا الكتاب يف النقاط التالية‪:‬‬
‫اجلذور ترتي ًبا هجائ ًّيا بحسب احلرف‬ ‫ورتَّب‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫َ‬ ‫ألفاظ القرآن إىل جذورها‪َ ،‬‬ ‫أول‪ :‬أعاد‬
‫ٍ‬
‫ثامنية وعرشين با ًبا‬ ‫الكتاب يف‬ ‫ِ‬
‫احلروف األُوىل با ًبا مستقلًّ‪ ،‬فجاء‬ ‫ٍ‬
‫حرف من‬ ‫األول‪ ،‬وجعل َّ‬
‫كل‬
‫ُ‬
‫عىل عدد حروف املعجم وترتيبها‪.‬‬
‫ِ‬
‫املصدر‬ ‫ثان ًيا‪ :‬اعتمد طريق َة البرصيني يف حتديد أصل الكلمة وجذرها‪ ،‬فهو يعتمد َ‬
‫اسم‬
‫والترصيفات املشت َّق ِة‬
‫ِ‬ ‫الص َي ِغ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫دراسة ِّ‬
‫كل ما َّدة لغو َّية‪ ،‬وينطلق منه إىل ِّ‬ ‫وزن > َف ْع ٌل< يف بداية‬
‫عىل َ‬
‫األخرى‪.‬‬
‫ٍ‬
‫حرف‬ ‫الص َي َغ التي ختتلف حرو ُفها الثواين والثوالث‪ ،‬فجعل َّ‬
‫كل‬ ‫ثالثًا‪َ :‬ض َّم يف ِّ‬
‫كل باب ِّ‬
‫ٍ‬
‫فصل ما َّدةً‪ ،‬بحيث ُيورد املوا َّد بحسب االستعامل‬ ‫حرف ٍ‬
‫ثالث يف ِّ‬
‫كل‬ ‫ٍ‬ ‫وج َع َل َّ‬
‫كل‬ ‫ٍ‬
‫ثان فصلً‪َ ،‬‬
‫القرآين ال بحسب االستعامل اللغوي‪.‬‬
‫مثال ذلك‪:‬‬
‫الباب األول‪> :‬حرف اهلمزة<‪ ،‬والفصل األول من الباب األول‪> :‬اهلمزة والباء<‪ ،‬والامدة‬
‫األوىل من الفصل األول‪َ > :‬أ ٌّب<‪ ،‬والامدة الثانية‪> :‬أ ْبدٌ <‪ ،‬والامدة الثالثة‪> :‬أ ْب ٌق<‪ ..‬وهكذا‪.‬‬
‫ثم الفصل الثاين من الباب األول‪> :‬اهلمزة والتاء<‪ ،‬والامدة األوىل من الفصل الثاين‪:‬‬
‫ت<‪ ...‬وهكذا‪.‬‬ ‫َ‬
‫>أ ْ ٌ‬
‫ِ‬
‫احلروف‬ ‫تغي‬ ‫الفصول بحسب ُّ ِ‬
‫ُ‬
‫وتتغي املوا ُّد بحسب ُّ‬ ‫َّ‬ ‫تغي احلروف الثَّواين‪،‬‬ ‫فتتغي‬
‫َّ‬
‫الثَّوالِث‪.‬‬
‫ِ‬
‫استعامالتا يف القرآن‪ ،‬مب ِّينًا معناها يف كل‬ ‫ثم تت َّبع‬ ‫ٍ‬
‫اللغوي لكل ما َّدة‪َّ ،‬‬
‫َّ‬ ‫راب ًعا‪ :‬تناول املعنى‬
‫ِ‬
‫املشكلة واللطائف‬ ‫بتغي السياق‪ ،‬مع بيان اإلعرابات‬ ‫موض ٍع وردت فيه‪ ،‬وكيف تأثر املعنى ُّ‬
‫البيانية واإلشارات البديعة‪.‬‬
‫‪295‬‬

‫خامسا‪ :‬مل َي ْع ِر ْض لأللفاظ التي ليس هلا اشتقاق‪ ،‬كاألعالم األعجمية والضامئر‬
‫ً‬
‫واملبن َّيات‪.‬‬
‫أهم ما يتم َّي ُز‬ ‫عدد من العلامء والباحثني‪َّ ،‬إل َّ‬‫وفكر ُة هذا املعج ِم تواردت عليها أقالم ٍ‬
‫أن َّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫به ُ‬
‫رآين‪ ،‬و ُمالحظ ُته يف مجيع مراحل دراسة‬ ‫للسياق ال ُق ِّ‬‫اخلاص ُة ِّ‬
‫َّ‬ ‫الشيخ ’ هو املراعا ُة‬ ‫ِ‬ ‫عمل‬
‫ِ‬ ‫هل القريب‪ ،‬وعنايتِه‬
‫التفسريي‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫باجلانب‬ ‫الفائقة‬ ‫الس ِ‬ ‫األلفاظ القرآنية‪َ ،‬م َع ُأسلوبِه َّ‬
‫ور ِة َم ْس َل ِك ِه‪ ،‬فإنَّه مل‬ ‫ول ُمدَّ ة العمل –التي زادت عىل >‪ <25‬سن ًة‪ُ -‬‬
‫وو ُع َ‬
‫وفضلً عن ُط ِ ِ‬

‫ور َّي ِة عام (‪2011‬م) كانت أجزا ٌء‬ ‫الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يكن خال ًيا من املفاجآت املوج َعة‪ ،‬فعندَ اندال ِع الثورة ُّ‬
‫اآليل‪ ،‬ويف أثناء احلرب‬ ‫خمطوط ٌة من الكتاب موجود ًة يف سور َّية من أجل طباعتها عىل احلاسب ِّ‬
‫صابرا‬
‫ً‬ ‫الشيخ ’ كتاب َتها من جديد‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أثر‪ ،‬فأعاد‬ ‫والتهجري ضاعت تلك األجزا ُء ومل َي ُع ْد هلا ٌ‬
‫عىل َبلوى َف ْق ِد َها‪ ،‬راض ًيا بقدر اهلل املقدور‪ ،‬و َق َض ِائه املس ُطور‪.‬‬
‫يف عام (‪2016‬م)‪ ،‬و َد َف َع ُه ِ‬
‫لدار‬ ‫وتصحيحه ومراجعتِه يف ص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تأليفه‬ ‫وقد انتهى من‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫َت عىل االنتهاء منه‬ ‫اخلاص ِة يف املراجعة والتصحيح‪ ،‬وحينام َأ ْو َشك ْ‬ ‫َّ‬ ‫العامرة لتقوم برحلتِها‬
‫ِ‬ ‫ال َقل ِم‬
‫وتقطع‬ ‫غلهم‪،‬‬ ‫فوق ُش ِ‬
‫الناس َ‬ ‫وباء >الكورونا< العجيب ُة عا َم (‪2020‬م) لتش َغل‬ ‫أحداث ِ‬
‫ُ‬ ‫جاءت‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الكتاب يف القريب العاجل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫رجا َء ُص ِ‬
‫دور‬
‫وكم كان الشيخ يو ُّد طباعة هذا الكتاب يف حياته‪ ،‬فقد كان من أحب أعامله إليه‪ ،‬وكثري ًا‬
‫ما كان يذكر يل مدى انشغاله به وال يرصفه عنه إال عمله يف كتب أخرى طرأ العمل فيها‪ ،‬وقد‬
‫طبعت بحمد اهلل‪.‬‬
‫ومن املفرتض أن يصدر هذا الكتاب خالل ستة شهور من تاريخ كتابة هذه السطور‪،‬‬
‫َ‬
‫والعون واإلنعا َم‪.‬‬ ‫اهلل التام َم‬
‫فنسأل ُ‬

‫‪ -11‬هوامش على معالم يف الطريق‪:‬‬


‫ٍ‬
‫وتعليقات عىل األفكار املوجودة يف كتاب‬ ‫َ‬
‫هوامش‬ ‫كان يف نية الشيخ ’ أن يضع‬
‫الشبهات التي ُأثريت حوله‪ ،‬وأن يبني الصواب فيها‪ ،‬مثل‬
‫>معامل يف الطريق< لسيد قطب‪ ،‬وعىل ُّ‬
‫مصطلحي >احلاكمية< و>اجلاهلية< وغري ذلك‪ ،‬وأن يضع له عناوين جانبية عديدة‪.‬‬
‫‪296‬‬

‫ووض ِع العناوين اجلانبية للكتاب‪،‬‬


‫ْ‬ ‫وقد رشع قبل وفاته بقليل بكتابة هذه اهلوامش‬
‫كتاب >كواشف قرآنية للزي ِ‬ ‫ِ‬ ‫يح ِة يو ِم وفاته‪ ،‬ثم تركها وبدأ‬
‫وف‬ ‫ُّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫بتأليف‬ ‫واستمر يكتبها حتى َصبِ َ‬
‫َّ‬
‫اليهودية< الذي تك َّلمنا عنه آن ًفا‪ ،‬وقد كتب من اهلوامش أكثر من ثالثني صفح ًة‪.‬‬
‫و ُيذكر أن إحدى دور النرش األردنية أصدرت طبعة من كتاب >معامل يف الطريق< لسيد‬
‫قطب‪ ،‬ووضعت عىل الغالف‪> :‬معامل يف الطريق‪ ،‬دراسة وحتقيق‪ ،‬اعتنى به وقدَّ م له وع َّلق عليه‬
‫الدكتور صالح عبد الفتاح اخلالدي<‪ .‬وكان ذلك من غري إذنه‪ ،‬مع العلم بأن الشيخ ’ كان‬
‫ٍ‬
‫تعليقات يسري ًة عىل الكتاب‪ ،‬ولكن ليس بقصد طباعته هبذا الشكل‪ ،‬وعندما‬ ‫بالفعل قد ع َّلق‬
‫الشيخ ما كُتب عىل غالف الكتاب غضب لذلك كث ًريا‪ ،‬وأنكر هذا الفعل أشدَّ اإلنكار‪ ،‬ومل‬
‫ُ‬ ‫رأى‬
‫الو ِّد الذي كان بينه وبني صاحبها‪.‬‬
‫يشأ حماسبة دار النرش ألجل ُ‬
‫‪297‬‬

‫القسم الثالث‬
‫كتب وضع خطة العمل فيها ولم يبدأ بتنفيذها‬

‫مرشوع كب ٌري ُوضعت خ َّط ُته‬


‫ٌ‬ ‫‪ -1‬تحقيق تفسير ابن عاشور >التحرير والتنوير<‪ :‬وهو‬
‫حسان‪،‬‬
‫مكون من‪ :‬أ‪.‬د‪ .‬مجال أبو ِّ‬
‫علمي بإرشاف الشيخ ’ َّ‬
‫ٌّ‬ ‫وشك َِّل ٌ‬
‫فريق‬ ‫سنة (‪2020‬م)‪ُ ،‬‬
‫والشيخ أمحد الرفاعي‪ ،‬ود‪ .‬حذيفة اخلالدي‪.‬‬
‫وو ِّزع العمل عىل الفريق لتحقيق الكتاب وفهرسته والتعليق عليه وختريج أحاديثه‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫وافية عن الكتاب تكون يف بدايته‪ ،‬وكان من‬ ‫ٍ‬
‫دراسة‬ ‫وآثاره وقراءاته وأشعاره‪ ،‬مع إثبات‬
‫املفرتض أن يبدأ الفريق أعامله بعد االنتهاء من حتقيق تفسري >الكشاف< للزخمرشي‪.‬‬
‫‪ -2‬تفسير القرآن الكريم عند ابن منظور يف كتابه >لسان العرب< جم ًعا ودراسةً‪ :‬تقوم‬
‫ٍ‬
‫منظور‪ ،‬ثم ترتيبها‬ ‫فكرة الكتاب عىل مجع الام َّدة التفسريية من كتاب >لسان العرب< البن‬
‫ٍ‬
‫تعليق منها‪.‬‬ ‫بحسب ترتيب سور القرآن الكريم وآياته‪ ،‬والتعليق عىل ما حيتاج إىل‬
‫ُ‬
‫العمل مشرتكًا بني الشيخ ’ وبني ابنه الدكتور حذيفة‪،‬‬ ‫وكان من املفرتض أن يكون‬
‫بحيث جيمع حذيف ُة التفس َري من >لسان العرب<‪ ،‬وير ِّت ُبه عىل ترتيب املصحف‪ ،‬ثم يقوم الشيخ‬
‫بالتعليق والرتجيح والتصحيح‪.‬‬
‫وو ِضعت خط ٌة زمن َّي ٌة إلنجازه يف‬
‫تم االستعداد للبدء به يف هناية سنة (‪2018‬م)‪ُ ،‬‬
‫وقد َّ‬
‫الشيخ داعي‬
‫َ‬ ‫واستمر تأجيله حتى دعا‬
‫َّ‬ ‫فتأجل حلني الفراغ منها‪،‬‬ ‫سنتني‪ ،‬ثم زامحته ٌ‬
‫أعامل أخرى َّ‬
‫الر َدى َفأ ْخَدَ َ‬
‫مجرتَه‪.‬‬ ‫َّ‬
‫مهتم بعلم الرصف‬ ‫الصرف‪ :‬كان الشيخ ’ ًّ‬ ‫‪ -3‬شرح شافية ابن الحاجب يف علم َّ‬
‫رشح‬‫تقديم ٍ‬
‫َ‬ ‫الص ِف َّي َة ال تعتني كث ًريا باجلانب القرآين‪ ،‬فأراد‬
‫الكتب َّ ْ‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫بشكل ٍ‬
‫كبري‪ ،‬وكان يرى َّ‬ ‫ٍ‬
‫للرصف تكون أمثلته قرآن َّي ًة خالص ًة‪ ،‬ووقع االختيار عىل >شافية< ابن احلاجب ألهنا خمترص ٌة‬
‫املفس‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ووافي ٌة‪ ،‬ويمكن من خالهلا‬
‫اجتناب القضايا الرصف َّية التي ال حيتاجها ِّ‬ ‫ُ‬
‫عمل‬ ‫ويف سنة (‪2019‬م) كان عىل وشك البدء بتأليف الرشح‪ ،‬إال أنَّه عرض له ٌ‬
‫وتأجل إىل ما شاء اهلل‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫مستعجل‪ ،‬وهو مراجعة >هتذيب الطربي< فانشغل به عن كتابة الرشح‪َّ ،‬‬
‫‪298‬‬

‫‪ -4‬الفهارس الشاملة للظالل‪ :‬ذكرها يف غري موضع من كُتبه‪ ،‬فقال يف مقدمة كتابه‬
‫>نظرية التصوير الفني عند سيد قطب< (ص‪> :)15‬وبام أنني أنوي متابعة دراسايت لفكر سيد‬
‫قطب‪ ،‬بجوانبه املختلفة‪ ،‬فإنني أعتقد أن هذا الكتاب عن اجلانب الفني اجلاميل عنده‪ ،‬مقدم ٌة لام‬
‫يتلوه من دراسات‪ ،‬بعون اهلل‪ .‬ومن أهم هذه الدراسات‪> :‬مدخل إىل ظالل القرآن<‪ ،‬و>املنهج‬
‫احلركي يف ظالل القرآن<‪ ،‬و>يف ظالل القرآن يف امليزان<‪ ،‬و>الفهارس الشاملة للظالل<‪.‬‬
‫بدأت فيها‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وأرجو اهلل سبحانه وتعاىل أن يعينني عىل إكامل هذه السلسلة التي‬
‫وقال يف خامتة كتابه >املدخل إىل يف ظالل القرآن<‪( ،‬ص‪ ،)289‬منتقدً ا صنيع الذين‬
‫جيمعون من >الظالل< موضوعات خاصة‪ ،‬وينرشوهنا يف كتب مستقلة عىل أهنا أفكار سيد يف‬
‫الظالل‪> :‬فإذا كان هؤالء اجلامعون يريدون خدمة قارئ الظالل‪ ،‬فإن احلل يكون يف >الفهرسة‬
‫املوضوعية الشاملة للظالل<‪ ،‬وليس يف أمثال هذه الكتابات‪ .‬وأرجو اهلل أن يعينني عىل القيام‬
‫هبذه الفهرسة‪ ،‬وأن يوفقني عىل إتقاهنا وأجادهتا‪.‬‬
‫وكرر األمر نفسه يف خامتة كتابه >يف ظالل القرآن يف امليزان<‪( ،‬ص‪)414-413‬؛ حيث‬
‫ُسهل للباحث والدارس ما‬
‫قال‪> :‬ونشري إىل وجوب إعداد >الفهارس الشاملة للظالل<‪ ،‬التي ت ِّ‬
‫يريده من >الظالل< برسعة وسهولة و ُيرس… وسيكون الكتاب القادم‪ ،‬السابع يف هذه السلسلة‪،‬‬
‫خاصا بالفهارس الشاملة للظالل‪ ،‬وأرجو اهلل أن يعينني عىل إعداده‪ ،‬وأن يوفقني إىل الصواب‬
‫ً‬
‫فيه‪ ،‬وتقديمه للدارسني والباحثني<‪.‬‬
‫جامعي لطلبة كل َّيات الرشيعة‪ ،‬طلبت‬
‫ٌّ‬ ‫‪ -5‬المدخل إلى القصص القرآين‪ :‬وهو َّ‬
‫مقر ٌر‬
‫إحدى اجلامعات من الشيخ ’ أن ُيعدَّ ه هلا سنة (‪2017‬م)‪ ،‬وقدَّ مت له املحاور املطلوبة‪،‬‬
‫الشيخ عىل الكتابة فيه برشط أن يشرتك معه ابنُه الدكتور حذيفة يف التأليف لضيق وقته‬
‫ُ‬ ‫ووافق‬
‫الشيخ وابنه خط َّة التأليف‪ ،‬وانتظرا فرص َة البدء بالتنفيذ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫عن القيام بتأليفه بمفرده‪ ،‬وقد وضع‬
‫حتى كان ما كان‪.‬‬
‫‪299‬‬

‫القسم الرابع‬
‫ا�لكتب التي كان ينوي التأليف فيها‬

‫ما أظن الشيخ صالح ’ إال واحد ًا من االثنني اللذ ْين قال فيهام رسول اهلل ×‪:‬‬
‫>منهومان ال يشبعان‪ :‬منهوم يف علم ال يشبع‪ ،‬ومنهوم يف دنيا ال يشبع<‪.‬‬
‫وقد كان الشيخ ’ منهوم ًا يف العلم‪ ،‬مل يشبع منه ومل يتض َّلع من َم ِعينه‪ ،‬ومل يكن‬
‫منهوم ًا يف ٍ‬
‫مال وال دنيا‪ ،‬فقد زهد فيها وبا َينَها‪.‬‬
‫لذلك كان يدور يف َخ َلد الشيخ رمحه اهلل كث ٌري من األفكار ملرشوعات علمية يو ُّد الكتابة‬
‫يتفرغ لكل ما يريد… ثم كان املوت الذي بدَّ د أحالمنا‬
‫أضيق من أن َّ‬
‫َ‬ ‫فيها‪ ،‬ولكن الوقت كان‬
‫الكم الغزير ممَّا رغب الشيخ يف كتابته‪ .‬ونحسب أن اهلل تعاىل قد كتب له أجر ن َّيته‬
‫بأن نرى هذا َّ‬
‫بخدمة كتابه وعلوم كتابه‪.‬‬
‫وخصوصا مقدمات هذه الكتب‪ ،‬فإننا‬
‫ً‬ ‫ونحن حينام نطالع يف كتب الشيخ املطبوعة‪،‬‬
‫خصوصا ما‬
‫ً‬ ‫نقع عىل كثري من املوضوعات التي كان الشيخ يرغب يف االستمرار بالكتابة فيها‪،‬‬
‫يتعلق بعلوم القرآن‪ .‬فهو يقول يف مقدمة كتابه >مع قصص السابقني يف القرآن<‪( ،‬ص ‪:)13‬‬
‫>وإنني أرى وجوب االنطالق للبعث اإلسالمي من القرآن‪ ،‬باعتباره املنط َل َق لذلك‪،‬‬
‫ولذلك كانت هذه املكتبة القرآنية‪ ،‬التي نويت تقديمها لألحباب الكرام (من كنوز القرآن)‪.‬‬
‫خامسها‪ ،‬وهلل احلمد‪ ،‬وإنني أنوي استمرار العمل يف هذا‬
‫ُ‬ ‫وقد صدر منها أربعة كتب‪ ،‬وهذا هو‬
‫املرشوع القرآين‪ ،‬وتقديم ما أراه مناس ًبا يف حلقات ودراسات قرآنية قادمة‪ ،‬وأستمد من اهلل‬
‫سبحانه التوفيق والعون‪ ،‬وأرجو منه السداد والقبول<‪.‬‬
‫ُ‬
‫رسائل‬ ‫وقال ’ يف مقدمة كتابه >هذا القرآن< (ص‪> :)15‬هذه الرسالة ستتبعها‬
‫أخرى من هذه السلسلة مع القرآن‪ ،‬إن شاء اهلل<‪ ...‬وعدَّ د سبع رسائل سيكتب فيها‪ ،‬سنذكرها‬
‫الح ًقا‪ ،‬ثم قال‪> :‬ال ندري متى تصدر احللقات القادمة من هذه الرسائل‪ ،‬وال نعلم َّأيا ستكون‬
‫أسبق من غريها يف الصدور؛ ألننا ال نتحرك إال بأمر اهلل‪ ،‬وال نعمل إال بتوفيق اهلل‪ ،‬وال نكتب‬
‫َ‬
‫إال بإمداد من اهلل‪ ،‬وال يعلم ما سيكون إال اهلل<‪.‬‬
‫‪300‬‬

‫وكان هيدف من هذه السلسلة‪ ،‬برسائلها وحلقاهتا املتتابعة‪َ ،‬‬


‫ربط القلوب بالقرآن‪ ،‬وفتح‬
‫لتصدُ ر‬
‫العيون عىل أنوار القرآن‪ ،‬وتوجيه العقول واألفكار إىل القرآن‪ ،‬وترشيد مناهج العمل ْ‬
‫عن القرآن‪.‬‬
‫كام َهدف منها تقديم بعض احلقائق عن القرآن‪ ،‬وبعض بصائر القرآن‪ ،‬وبعض سنن‬
‫ح َلة القرآن وجنوده ورجاله‪ ،‬ليزدادوا ً‬
‫إقبال‬ ‫القرآن‪ ،‬وبعض دروس القرآن‪ .‬ثم تقديمها إىل َ َ‬
‫عليه‪ ،‬وحمب ًة له‪ ،‬وحرك ًة به‪ ،‬وانطال ًقا منه؛ كي يسعدوا باحلياة يف ظالل القرآن‪ ،‬ليعرفوا قيمتها‪،‬‬
‫فيث ُبتوا عليها‪ ،‬ويعيشوا كام أراد اهلل‪.‬‬
‫ويقول ’ يف مقدمة كتابه >القصص القرآين عرض وقائع وحتليل أحداث<‪ ،‬بعد‬
‫أن ذكر جمموعة من العناوين التي ينوي الكتابة فيها‪> :‬وال أدري ما يقدِّ ره اهلل يل يف املستقبل!‬
‫اللطيف بلطفه‪ ،‬وأعانني عىل إصدار تلك الدراسات الثالث األخرى املتعلقة‬
‫ُ‬ ‫فإ ْن َّ‬
‫يس اهلل‬
‫بالقصص القرآين‪ ،‬فهذا فضل وكرم وإنعام منه سبحانه‪ ،‬وأرجو أن يعينَني بعون منه عىل ذلك‪.‬‬
‫ٍ‬
‫راض بام يقدِّ ره‬ ‫ُ‬
‫أفضل مني من الباحثني‪ ،‬فأنا‬ ‫وإن مل يقدِّ ر اهلل يل ذلك‪ ،‬وقدَّ ره لغريي ممن هو‬
‫ويريده سبحانه‪ ،‬وأعتقد أنه عليم حكيم خبري يف ِّ‬
‫كل ما يقدِّ ره‪ .‬وله احلمد والشكر<‪.‬‬
‫مت هذه الوقائع من دون حتليالت أو‬‫ومثل ذلك قوله يف مقدمة الكتاب نفسه‪> :‬وقدَّ ُ‬
‫تصو ٍر كامل لقصة كل نبي منهم مع قومه‪ ،‬كام هي يف الكتاب‬
‫تقديم ُّ‬
‫ُ‬ ‫استنتاجات؛ ألن هديف هو‬
‫والسنة<‪ .‬أما النتائج والدروس والعرب والعظات‪ ،‬فقد وعد بتناوهلا بالبحث واالستنباط يف‬
‫وأنسأ يف األجل‪ ،‬ومنح الصحة والعافية والقدرة عىل العمل<‪.‬‬
‫دراسات قادمة‪> ،‬إن قدَّ ر اهلل َ‬
‫الشيخ ما أراد وأ َّمل‪ .‬وهلل األمر من قبل‬
‫ُ‬ ‫لكن إرادة اهلل غالبة‪ ،‬فقد انتهى األجل قبل أن يقيض‬
‫ومن بعد‪.‬‬
‫وقد أرشنا فيام سبق أنه تم بفضل اهلل تعاىل إنشاء >كريس العالمة الشيخ الدكتور صالح‬
‫اخلالدي للتفسري وعلوم القرآن<‪ ،‬و ُيعنى هذا املرشوع بخدمة الرتاث العلمي للشيخ اخلالدي‬
‫’‪ ،‬ونرشه بمختلف الوسائل‪ ،‬وتعليم التفسري وعلوم القرآن بمنهجه‪ ،‬وتفعيل دور طالبه‬
‫يف خدمة تراثه‪ .‬وممَّا ُيعنى به هذا املرشوع‪ :‬إمتام األعامل التي بدأها الشيخ ’‪ ،‬وحالت‬
‫الوفاة دون إكامهلا‪.‬‬
‫‪301‬‬

‫ومظان ِذك ِْرها يف كتبه‬


‫َّ‬ ‫وأنا ُأورد هنا عناوين الكتب التي كان الشيخ ينوي الكتابة فيها‪،‬‬
‫بخط يده‪ ،‬أو تلك التي ُذ ِكرت عنه من‬ ‫ِّ‬ ‫األخرى أو دروسه العلمية‪ ،‬أو التي كتب عناوينها‬
‫طالبه ومريديه‪.‬‬

‫‪ -1‬أدلة مصدر القرآن‪:‬‬


‫ِ‬
‫>وأعد‪ ،‬إن شاء اهلل‪ ،‬بإصدار‬ ‫قال يف مقدمة كتابه >البيان يف إعجاز القرآن< (ص‪:)7‬‬
‫دراسة قادمة‪ ،‬أعرض فيها بإجياز أدلة مصدر القرآن‪ ،‬و ُأرتبها ترتي ًبا موضوع ًيا‪ِّ ،‬‬
‫وأبي موقع‬
‫وجوها لإلعجاز… وأرجو اهلل أن يعينني‬
‫ً‬ ‫اإلعجاز بينها‪ ،‬وأناقش مجهور الباحثني يف اعتبارها‬
‫للعودة إىل الكتابة يف هذا املوضوع<‪.‬‬

‫‪ -2‬بصائر قرآنية‪:‬‬
‫ذكره يف مقدمة كتابه >هذا القرآن<‪ ،‬مع كتب أخرى ينوي الكتابة فيها‪ ،‬فقال‪> :‬هذه‬
‫الرسالة ستتبعها رسائل أخرى من هذه السلسلة (مع القرآن)‪ ،‬إن شاء اهلل‪ .‬سن ِ‬
‫ُصدر بعون اهلل‬
‫>سنن قرآنية<‪ ،‬ورسالة‬
‫رسالة عن >حقائق قرآنية<‪ ،‬ورسالة عن >بصائر قرآنية<‪ ،‬ورسالة عن ُ‬
‫عن >ظواهر قرآنية<‪ ،‬ورسالة عن >مفاهيم قرآنية<‪ ،‬ورسالة عن >قيم قرآنية<‪ ،‬ورسالة عن‬
‫>حتذيرات قرآنية<‪.‬‬

‫‪ -3‬تحذيرات قرآنية‪:‬‬
‫ذكره يف مقدمة كتابه >هذا القرآن<‪ ،‬انظر الكتاب السابق‪.‬‬

‫‪ -4‬تفسير الطبري من تفسير الطبري‪:‬‬


‫اهلل أن يعينني إلصدار دراسة‬
‫قال يف مقدمة >هتذيب تفسري الطربي< ‪> :14/1‬وأرجو َ‬
‫خاصة عن >حياة إمامي الطربي ومنهجه وطريقته يف التفسري<‪ ،‬وإصدار دراسة أخرى عن‬
‫روائع نظرات واختيارات اإلمام الطربي يف‬
‫َ‬ ‫أمجع فيه‬
‫>تفسري الطربي من تفسري الطربي<‪ُ ،‬‬
‫تفسريه‪.‬‬
‫‪302‬‬

‫‪ -5‬التفسير الموضوعي للمصطلحات القرآنية‪:‬‬


‫أساس‬
‫َ‬ ‫قال يف مقدمة كتاب >التفسري والتأويل يف القرآن<‪ :‬أقدِّ م هذا الكتاب ليكون‬
‫سلسلة جديدة أنوي إصدارها‪ ،‬وتتعلق بالتفسري املوضوعي للقرآن‪ ،‬وهو مصطلحات قرآنية‪،‬‬
‫كل مصطلح أو مصطلحني يف كتاب‪ ،‬وأعرض فيه كالم القرآن عنه‪.‬‬ ‫خصص َّ‬‫ُأ ِّ‬
‫كام قال يف مقدمة الكتاب نفسه بعد أن حتدث عن التفسري املوضوعي للمصطلحات‬
‫صح عزمي‪ ،‬بعون اهلل‪ ،‬عىل إصدار هذا اللون من التفسري املوضوعي‪ ،‬وهي‬
‫القرآنية‪> :‬وقد َّ‬
‫>التفسري املوضوعي للمصطلحات القرآنية<‪ ،‬وهذه الرسالة >التفسري والتأويل يف القرآن< هي‬
‫باكورة هذه السلسلة إن شاء اهلل‪.‬‬

‫‪ -6‬تهذيب وتقريب تفسير الكشاف للزمخشري‪:‬‬


‫قال يف مقدمة >هتذيب تفسري الطربي< ‪> :14/1‬ويف النية القيام بتهذيب وتقريب كل‬
‫من تفسري الكشاف للزخمرشي‪ ،‬وتفسري مفاتيح الغيب للرازي<‪.‬‬

‫‪  -7‬تهذيب وتقريب مفاتيح الغيب للرازي‪:‬‬


‫انظر الكتاب السابق‪.‬‬

‫‪ -8‬حذيفة بن اليمان أمين سر رسول اهلل ×‪:‬‬


‫الر َّواد من‬ ‫ذكره يف مقدمة كتاب سعد بن أيب وقاص‪ ،‬فقال‪> :‬كنت أمتنى أن أدرس حياة ُّ‬
‫ٍ‬
‫قدوات عظيم ًة‪ ،‬و ُأ َّمتنا‬ ‫أصحاب رسول اهلل ×‪ ،‬لِ َم هلم عندي من منزلة عالية‪ ،‬وباعتبارهم‬
‫ليتم االقتداء هبم‪.‬‬
‫ماسة للوقوف عىل حياة هؤالء القدوات‪َّ ،‬‬ ‫يف عرصها الراهن بحاجة َّ‬
‫ورغبت أن أبدأ بدراسة (حذيفة بن اليامن ÷)‪ ،‬لِ َم تو َّفر له من مزايا خاصة مت َّيز هبا‪،‬‬
‫ومجعت مادة دراسة حياة (حذيفة) من كثري من كتب التاريخ‬ ‫ُ‬ ‫وتفوق هبا عىل باقي أصحابه‪.‬‬
‫َّ‬
‫والرتاجم‪ ،‬وتو َّفر بني َّ‬
‫يدي الكثري منها وهلل احلمد‪ .‬وأعلنت عن هذه الدراسة بعنوان >حذيفة‬
‫بن اليامن أمني رس رسول اهلل ×<‪ ،‬كام جاء يف آخر كتايب >تصويبات يف فهم بعض اآليات<‪،‬‬
‫الصادر عن دار القلم سنة ‪1987‬م‪ .‬ولكن شاء اهلل َّأل تصدر تلك الدراسة عن حذيفة ÷‪،‬‬
‫وما شاء اهلل كان‪ ،‬وما مل يشأ مل يكن؛ فقد جرى حديث بيني وبني األخ الكريم إبراهيم العيل‪،‬‬
‫‪303‬‬

‫انتهى عىل أن يقوم هو بدراسة حياة حذيفة؛ ألنني كنت وقتها منهمكًا بإعداد دراسات أخرى‪،‬‬
‫فأعطي ُته َّ‬
‫كل ما مجع ُته من مادة علمية عن حياة حذيفة‪ .‬وأصدر‪ ،‬جزاه اهلل خ ًريا‪ ،‬دراسة بعنوان‬
‫>حذيفة بن اليامن أمني رس رسول اهلل ×<‪ ،‬التي احت َّلت رقم (‪ )62‬من سلسلة (أعالم‬
‫املسلمني) املباركة‪ ،‬وصدرت عام ‪1417‬هـ ‪1996 -‬م<‪.‬‬

‫‪ -9‬حقائق قرآنية‪:‬‬
‫ذكره يف مقدمة كتابه >هذا القرآن<‪ .‬انظر كتاب >بصائر قرآنية<‪.‬‬

‫‪ -10‬حل ال َّطالسم‪:‬‬
‫والطالسم هي القصيدة ذائعة الصيت للشاعر اللبناين املهجري إيليا أبو مايض‪ ،‬والتي‬
‫يقول يف مطلعها‪:‬‬
‫أتيت‬
‫ُ‬ ‫جئت‪ ،‬ال أعلم من أين‪ ،‬ولكنّي‬
‫فمضيت‬
‫ُ‬ ‫أبرصت قدّ امي طري ًقا‬
‫ُ‬ ‫ولقد‬
‫أبيت‬
‫ُ‬ ‫شئت هذا أم‬
‫ُ‬ ‫وسأبقى ماش ًيا إن‬
‫أبرصت طريقي؟‬
‫ُ‬ ‫جئت؟ كيف‬
‫ُ‬ ‫كيف‬
‫لست أدري!‬
‫وقد أشار إليها الشيخ صالح اخلالدي يف حمارضة له بعنوان (غاية الوجود‪ :‬نظرة قرآنية)‬
‫والضياع التي يعيشها كثري من الناس يف عرصنا‬
‫واحلية َّ‬
‫ْ‬ ‫عندما حتدث عن حالة القلق وال ِّتيه‬
‫احلارض‪ ،‬واستشهد بأبيات من هذه القصيدة‪ ،‬ثم قال‪> :‬وقد فكرت أن ُأجيب عىل أسئلة إيليا‬
‫>حل الطالسم<‪ ،‬لكن اهلل ما قدَّ ر هذا وقدَّ ر شي ًئا آخر‪َّ ،‬‬
‫فلعل اهلل‬ ‫أسميها ّ‬ ‫أبو مايض برسالة ِّ‬
‫شاعر الضائعني‪ ،‬وهذه األسئلة‬ ‫ُ‬ ‫ألن إيليا أبو مايض‬‫يقدِّ ر عىل أن أعود ألُجيب عىل أسئلته؛ َّ‬
‫قلق؛ وهلذا اإلجابة عليها قد تُنقذ بعض املسلمني من‬ ‫ترتدد عىل لسان كل إنسان تائه ضائع ِ‬
‫َّ‬
‫أمرا‪ ،‬وهو احلكيم اخلبري سبحانه وتعاىل<‪.‬‬ ‫الشباب الضائعني‪َّ ،‬‬
‫فلعل اهلل أن ُيقدِّ ر ً‬
‫‪304‬‬

‫‪ -11‬الخُ َّطة َّ‬


‫البراقة لذي النفس الت ََّّواقة‪ ،‬الجزء الثاين‪:‬‬
‫قلت عن هذا الكتاب فيام سبق‪ :‬إنه أ َّلفه ً‬
‫نزول عند رغبة بعض تالمذته‪ ،‬حيث متنَّوا‬
‫عليه إرشا َدهم إىل خطة ثقافية علمية‪ ،‬يعرفون فيها كيف يقرؤون‪ ،‬وماذا يقرؤون‪ .‬وكان هذا‬
‫الكتاب يف اإلجابة عن السؤال األول‪ :‬كيف يقرؤون؟ وأرجأ اإلجابة عن السؤال الثاين إىل‬
‫كنت أمتنى أن ُأجيب عىل السؤالني يف هذه الرسالة‪،‬‬
‫جزء آخر‪ ،‬فقال يف سبب ذلك‪> :‬وكم ُ‬
‫ولكن عندما بدأت باإلجابة عىل السؤال األول‪ :‬كيف يقرؤون؟ وكيف يستغلون أوقاهتم؟‬
‫ِّ‬
‫املخل‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ساعات هنارهم؟ طال الكالم وامتد‪ ،‬رغم حريص عىل اإلجياز غري‬ ‫وكيف ُيربجمون‬
‫وك َب حجم الرسالة‪ .‬ولو أجبت عىل السؤال الثاين‪ :‬ماذا يقرؤون؟ لتضاعف حجم الرسالة…‬ ‫ِ‬

‫خصصت هذه الرسالة لبيان‪ :‬كيف يقرؤون و ُيربجمون أوقاهتم‪ .‬عىل أ َمل أن ُأخصص‬
‫ُ‬ ‫لذلك‬
‫رسالة ثانية مستقلة لبيان‪ :‬ماذا يقرؤون‪ ،‬وما هو ترتيب األولويات يف التحصيل العلمي يف‬
‫املكتبة اإلسالمية‪ .‬و َأ ِعدُ باإلرساع يف هذه الرسالة‪ ،‬وأرجو اهلل أن تكون يف أقرب وقت إن‬
‫شاء اهلل<‪.‬‬
‫‪ -12‬سلسلة >رسائل من القرآن<‪:‬‬
‫وهي سلسلة قرآنية تربوية إيامنية كان ينوي الكتابة فيها‪ ،‬وتتألف السلسلة من كتب‬
‫الباقة لذي النفس ال َّتواقة<‪،‬‬
‫صغرية احلجم ال تتجاوز >‪ <150‬صفحة وبحجم كتابه >اخلطة َّ‬
‫ويتم إخراجها بصورة عرصية ّ‬
‫جذابة‪ ،‬تكون‬ ‫حتمل عناوين مقتبسة من آيات القرآن الكريم‪ُّ ،‬‬
‫تقديم‬ ‫صدر منها كتابني أو ثالثة كل ٍ‬
‫َّسنة‪ ،‬واهلدف منها‬ ‫موجهة للشباب اإلسالمي‪ ،‬بحيث ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬
‫قرآنية للشباب اإلسالمي‪ ،‬بطريقة مركَّزة وموجزة وخمترصة‬ ‫ٍ‬
‫ومعلومات‬ ‫ٍ‬
‫ومقررات‬ ‫حقائق‬
‫َ‬
‫وتوثيق صلتهم بالقرآن‪ ،‬وتربي ُتهم عىل القرآن‪ ،‬ليكونوا قرآنيني‬
‫ُ‬ ‫ونرش احلقائق القرآنية بينهم‪،‬‬
‫ُ‬
‫دعا ًة جماهدين‪.‬‬

‫ومن عناوين كتب هذه السلسلة‪:‬‬


‫‪> -1‬حيبهم وحيبونه<‪.‬‬
‫‪> -2‬ريض اهلل عنهم ورضوا عنه<‪.‬‬
‫‪> -3‬كونوا ر َّبانيني<‪.‬‬
‫‪305‬‬

‫‪> -4‬وسع كرسيه الساموات واألرض<‪.‬‬


‫‪> -5‬جاهدوا يف اهلل حق جهاده<‪.‬‬
‫‪> -6‬ملن خاف مقام ربه جنتان<‪.‬‬
‫‪> -7‬عارشوهن باملعروف<‪.‬‬
‫‪> -8‬وبرش الصابرين<‪.‬‬
‫‪> -9‬كان ميت ًا فأحييناه<‪.‬‬
‫‪> -10‬عنده مفاتح الغيب<‪.‬‬
‫‪> -11‬فاستبِقوا اخلريات<‪.‬‬
‫‪> -12‬اذكروين أذكركم<‪.‬‬
‫>ز ِّي َن للناس حب الشهوات<‪.‬‬
‫‪ُ -13‬‬
‫‪> -14‬فقد فاز<‪.‬‬
‫‪> -15‬إن اهلل اشرتى<‪.‬‬
‫‪َّ -16‬‬
‫>إل كُتب هلم<‪.‬‬
‫‪ُ > -17‬كلًّ نمد هؤالء وهؤالء<‪.‬‬
‫‪>-18‬ال تُلقوا بأيديكم إىل التهلكة<‪.‬‬
‫‪> -19‬واحلرمات قصاص<‪.‬‬
‫‪> -20‬ليتفقهوا يف الدين<‪.‬‬
‫وهذه صورهتا كام كتبها بخط يده‪ ،‬رمحه اهلل‪.‬‬
‫‪306‬‬

‫وقد رصفه عن الكتابة يف هذه السلسلة عمله يف >تفسري الكشاف<‪ ،‬عىل أن يرجع إليها‬
‫بعد االنتهاء منه‪ ،‬ولكن املوت كان أرسع إليه‪.‬‬
‫‪ -13‬سنن قرآنية‪:‬‬
‫ذكره يف مقدمة كتابه> هذا القرآن<‪ ،‬انظر كتاب >بصائر قرآنية<‪.‬‬
‫‪307‬‬

‫‪ -14‬السيرة النبوية‬
‫بعد أن أورد قصص األنبياء مجيعهم‪ ،‬من آدم إىل عيسى عليهم السالم‪ ،‬يف كتاب‬
‫>القصص القرآين عرض وقائع وحتليل أحداث<‪ ،‬قال‪> :‬أما حياة حبيبنا ورسولنا حممد ×‪،‬‬
‫من خالل آيات القرآن وصحيح السرية‪ ،‬فإهنا حتتاج إىل دراسة خاصة مستقلة‪ ،‬نسأل اهلل أن‬
‫يعيننا عىل القيام هبا يف أقرب وقت‪ ،‬إن شاء اهلل<‪.‬‬
‫‪ -15‬الطبري‪ :‬حياته ومنهجه وطريقته يف التفسير‪:‬‬
‫انظر‪> :‬تفسري الطربي من تفسري الطربي<‪.‬‬
‫‪ -16‬ظواهر قرآنية‪:‬‬
‫ذكره يف مقدمة كتابه >هذا القرآن<‪ .‬انظر كتاب >بصائر قرآنية<‪.‬‬
‫جوامع وقواعدُ مشتركات‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫أصول‬ ‫‪ -17‬القصص القرآين‬
‫ذكر هذا العنوان والعناوين األربعة التي تليه يف مقدمة كتاب >القصص القرآين‬
‫ماسة إلصدار عدة دراسات‬
‫عرض وقائع وحتليل أحداث<‪ ،‬فقال‪> :‬إنني أعتقد أن احلاجة َّ‬
‫حول القصص القرآين… ونرى أن هذه الدراسات ال بد من إعدادها وإصدارها‪ ،‬لتغطية هذه‬
‫اجلوانب يف القصص القرآين‪ ،‬وتقديم خدمة رضورية ملسلمي هذا الزمان‪ ،‬وبالذات العلامء‬
‫والدعاة وأهل اإلصالح منهم<‪.‬‬
‫‪ -18‬القصص القرآين توجيه مواقف وحل مشكالت‪.‬‬
‫‪ -19‬القصص القرآين دروس وعبر‪.‬‬
‫‪ -20‬القصص القرآين ظواهر عامة ِ‬
‫وسمات شخصيات‪.‬‬
‫‪ -21‬القصص القرآين عرض وقائع وتحليل أحداث‪.‬‬
‫‪ -22‬قواعد أساسية يف أصول تأويل القرآن‪:‬‬
‫ذكره يف مقدمة الطبعة الثانية من كتاب >مفاتيح للتعامل مع القرآن<‪ ،‬فقال‪>:‬وقد فكرت‬
‫يف إجراء بعض التعديالت عىل هذا الكتاب‪ ،‬والتوسع يف الرشح والبيان‪ ،‬لكنني عدَ ْلت عن‬
‫مفاتيح‬
‫َ‬ ‫ذلك‪ ،‬ورأيت أن ُأبقي الكتاب كام هو‪ ،‬عىل أن ُأ ِّ‬
‫خصص كتا ًبا آخر يف املستقبل‪ ،‬عن‬
‫تتضمن قواعدَ أساسية يف أصول تأويل القرآن<‪.‬‬
‫َّ‬ ‫أخرى لفهم القرآن‪،‬‬
‫‪308‬‬

‫‪ -23‬قيم قرآنية‪:‬‬
‫ذكره يف مقدمة كتابه >هذا القرآن<‪ .‬انظر كتاب >بصائر قرآنية<‪.‬‬
‫‪ -24‬لطائف قرآنية‪:‬‬
‫كان قد طبع كتا ًبا هبذا العنوان‪ ،‬مجع فيه الكثري من اللطائف القرآنية‪ ،‬وبقي يف ُجعبته‬
‫لطائف كثرية‪ ،‬وإن شاء اهلل سأبثُّها‬
‫ُ‬ ‫الكثري منها‪ ،‬قال عنها لتلميذه حممد بني عيسى‪> :‬أنا عندي‬
‫لكم يف مستقبل األيام‪ ،‬لكن إذا مل أستطع‪ ،‬وربام لن أستطيع؛ ألن عندي الكثري من اللطائف‬
‫َّ‬
‫وسأتسل هبا أنا واملالئكة يف قربي<!‪.‬‬ ‫والفوائد القرآنية‪،‬‬
‫‪ -25‬مفاهيم قرآنية‪:‬‬
‫ذكره يف مقدمة كتابه >هذا القرآن<‪ .‬انظر كتاب >بصائر قرآنية<‪.‬‬
‫‪309‬‬

‫الـخاتــمــة‬

‫جرت عادة الشيخ صالح اخلالدي ’ يف كتبه أن يكتب هلا‪ ،‬أو ملعظمها‪ ،‬خامت ًة‪،‬‬
‫يلخِّ ص فيها جممل ما ورد يف الكتاب‪ .‬وجر ًيا عىل عادته التي ارتضاها لنفسه‪ ،‬فقد رأيت أن‬
‫أجعل هلذا الكتاب خامتة تلخِّ ص ما فيه‪ ،‬أو بعض ما فيه‪.‬‬
‫ٍ‬
‫خمترصة للشيخ‪ ،‬كتبها هو بخط يده‪ ،‬يف اليوم‬ ‫ٍ‬
‫ترمجة‬ ‫ومل أجد خ ًريا يف هذه اخلامتة من إيراد‬
‫األخري من سنة ‪ ،1994‬وهو اليوم الذي يوافق ذكرى مولده‪ ،‬ذكر يف هذه الرتمجة الذاتية شي ًئا‬
‫من حياته الشخصية والعلمية والعملية‪ ،‬ومؤلفاته التي كان قد أ َّلفها حني س َّطر هذه الرتمجة‪،‬‬
‫وبلغت حينها عرشين كتا ًبا‪.‬‬
‫وقد كتب الشيخ هذه الرتمجة بنا ًء عىل رغبة من صديقنا األخ الباحث أمحد العالونة‪،‬‬
‫الذي كتب جمموعة من الكتب يف الرتاجم‪ ،‬ومنها استدراكات عىل كتاب >األعالم< للزركيل‪.‬‬
‫رحم اهلل شيخنا وأستاذنا وأخانا وصديقنا الدكتور صالح اخلالدي‪ ،‬ورفع درجاته يف‬
‫عليني‪ ،‬وأنزله منازل الشهداء والصاحلني‪.‬‬

‫وآخر دعوانا أن الحمد ل� ل�ه رب العالمين‬


310
311
‫‪313‬‬

‫فهــرس الـمحتـو يات‬

‫‪5‬‬ ‫مقدمة الكتاب‬


‫‪11‬‬ ‫الفصل الأول‪ :‬حياته‬
‫‪13‬‬ ‫اسمه‬
‫‪13‬‬ ‫مولده‬
‫‪13‬‬ ‫نسبه‬
‫‪13‬‬ ‫موطنه األصيل‬
‫‪13‬‬ ‫طفولته‬
‫‪16‬‬ ‫أرسته‬
‫‪16‬‬ ‫والده‬
‫‪17‬‬ ‫والدته‬
‫‪17‬‬ ‫جده وأعاممه‬
‫‪17‬‬ ‫أخواله‬
‫‪17‬‬ ‫إخوته وأشقاؤه‬
‫‪17‬‬ ‫‪ -‬صالح‬ ‫ ‬
‫‪18‬‬ ‫‪ -‬آمنة‬ ‫ ‬
‫‪18‬‬ ‫زوجته‬
‫‪19‬‬ ‫األبناء‪:‬‬
‫‪19‬‬ ‫‪ -‬أسامة‬ ‫ ‬
‫‪21‬‬ ‫‪ -‬عبد الفتاح‬ ‫ ‬
‫‪22‬‬ ‫‪ -‬حذيفة (األول)‬ ‫ ‬
‫‪314‬‬

‫‪22‬‬ ‫‪ -‬حذيفة (الثاين)‬ ‫ ‬


‫‪23‬‬ ‫‪ -‬جماهد‬ ‫ ‬
‫‪24‬‬ ‫البنات‪:‬‬
‫‪24‬‬ ‫‪ -‬روال‬ ‫ ‬
‫‪24‬‬ ‫‪ -‬بتول‬ ‫ ‬
‫‪24‬‬ ‫‪ -‬هاجر‬ ‫ ‬
‫‪24‬‬ ‫‪ -‬رابعة‬ ‫ ‬
‫‪24‬‬ ‫‪ -‬عروب‬ ‫ ‬
‫‪25‬‬ ‫النشأة الدينية‬
‫‪27‬‬ ‫احلياة العلمية‬
‫‪30‬‬ ‫شيوخه‬
‫‪33‬‬ ‫تالميذه‬
‫‪59‬‬ ‫احلياة العملية‬
‫‪59‬‬ ‫‪ -‬وزارة األوقاف األردنية‬ ‫ ‬
‫‪59‬‬ ‫‪ -‬كلية العلوم اإلسالمية‬ ‫ ‬
‫‪60‬‬ ‫‪ -‬مسجد عبد الرمحن بن عوف‬ ‫ ‬
‫‪61‬‬ ‫‪ -‬اجلامعة األردنية‬ ‫ ‬
‫‪62‬‬ ‫‪ -‬كلية الدعوة وأصول الدين‬ ‫ ‬
‫‪62‬‬ ‫‪ -‬جامعة البلقاء التطبيقية‬ ‫ ‬
‫‪62‬‬ ‫‪ -‬جامعة العلوم اإلسالمية العاملية‬ ‫ ‬
‫‪63‬‬ ‫‪ -‬يف خمتلف جامعات األردن‬ ‫ ‬
‫‪64‬‬ ‫الرسائل اجلامعية‬
‫‪315‬‬

‫‪70‬‬ ‫احلياة الدعوية‬


‫‪71‬‬ ‫‪ -‬منهجه يف الدعوة‬ ‫ ‬
‫‪71‬‬ ‫‪ -‬الدعوة من خالل القنوات الفضائية‬ ‫ ‬
‫‪73‬‬ ‫‪ -‬رد مطاعن األفكار املنحرفة‬ ‫ ‬
‫‪75‬‬ ‫‪ -‬مجعية املحافظة عىل القرآن الكريم‬ ‫ ‬
‫‪84‬‬ ‫العمل السيايس‬
‫‪87‬‬ ‫قضية فلسطني‬
‫‪93‬‬ ‫اخلالدي واإلخوان املسلمون‬
‫‪98‬‬ ‫اخلالدي وسيد قطب‬
‫‪99‬‬ ‫‪ -‬إعدام سيد قطب وأثره عىل الشيخ‬ ‫ ‬
‫‪100‬‬ ‫‪ -‬اجتهاد الشيخ يف كتابة الامجستري والدكتوراه عن سيد قطب‬ ‫ ‬
‫‪101‬‬ ‫‪ -‬كتابات الشيخ عن سيد قطب بعد الدكتوراه‬ ‫ ‬
‫‪102‬‬ ‫‪َ -‬غرية الشيخ عىل تراث سيد قطب وفكره‬ ‫ ‬
‫‪104‬‬ ‫خاص‬
‫ٍّ‬ ‫‪ -‬إعجاب الشيخ بكتاب >يف ظالل القرآن< بشكل‬ ‫ ‬
‫‪105‬‬ ‫‪ -‬املوازنة بني تفسري سيد قطب والشعراوي‬ ‫ ‬
‫‪106‬‬ ‫برناجمه اليومي‬
‫‪108‬‬ ‫وفاته‬
‫‪108‬‬ ‫جنازته‬
‫‪111‬‬ ‫وصاياه‬
‫‪117‬‬ ‫ثناء الناس عليه ورثاؤهم له‬
‫‪118‬‬ ‫‪ -‬ثناء العامل الكبري د‪ .‬إبراهيم زيد الكيالين ’‬ ‫ ‬
‫‪118‬‬ ‫‪ -‬ثناء الشيخ املحدث شعيب األرنؤوط‬
‫‪316‬‬

‫‪119‬‬ ‫‪ -‬ثناء األستاذ عاطف اجلوالين رئيس حترير صحيفة السبيل‬ ‫ ‬


‫األردنية‬
‫‪119‬‬ ‫‪ -‬ثناء أ‪.‬د‪ .‬عيل َّ‬
‫الص َّوا‪ ،‬أستاذ الفقه يف اجلامعة األردنية‬ ‫ ‬
‫‪119‬‬ ‫‪ -‬ثناء تلميذه الدكتور عامد الزقييل‬ ‫ ‬
‫‪121‬‬ ‫ومما قيل يف رثائه بعد وفاته‪:‬‬
‫‪121‬‬ ‫‪ -‬رثاء الدكتور أمحد حسن فرحات‬ ‫ ‬
‫‪126‬‬ ‫‪ -‬رثاء الدكتور أمحد شكري‬
‫‪127‬‬ ‫‪ -‬رثاء الدكتور أمحد نوفل‬ ‫ ‬
‫‪127‬‬ ‫‪ -‬رثاء الدكتور إياد ُقنيبي‬ ‫ ‬
‫‪128‬‬ ‫‪ -‬رثاء الدكتور بسام العموش‬ ‫ ‬
‫‪130‬‬ ‫‪ -‬رثاء الدكتور جرب حممود فضيالت‬ ‫ ‬
‫‪132‬‬ ‫‪ -‬رثاء الدكتور مجال أبو حسان‬
‫‪133‬‬ ‫‪ -‬رثاء الدكتور زيد عمر ِ‬
‫العيص‬ ‫ ‬
‫‪134‬‬ ‫‪ -‬رثاء د‪ .‬عبد اهلل اخل َّباص‬ ‫ ‬
‫‪136‬‬ ‫‪ -‬رثاء الدكتور عبد اهلل املشْ َوخي‬
‫‪138‬‬ ‫‪ -‬رثاء ابنته َع ُروب‬ ‫ ‬
‫‪139‬‬ ‫‪ -‬رثاء الدكتور عامد الزقييل‬ ‫ ‬
‫‪142‬‬ ‫‪ -‬رثاء الشيخ ُعمري اجلُنباز‬ ‫ ‬
‫‪143‬‬ ‫‪ -‬رثاء تلميذه الشاعر عواد املهداوي‬ ‫ ‬
‫‪144‬‬ ‫‪ -‬رثاء الشاعر ليفون الرنتاوي‬
‫‪145‬‬ ‫‪ -‬رثاء الشيخ د‪ .‬مأمون اخلليل‪ ،‬إمام املسجد الذي كان يصيل‬ ‫ ‬
‫فيه الشيخ صالح‬
‫‪317‬‬

‫‪146‬‬ ‫‪ -‬رثاء الشيخني ماهر علوان ومنترص احلروب‬ ‫ ‬


‫‪146‬‬ ‫‪ -‬رثاء الشيخ جمد مكي‬ ‫ ‬
‫‪147‬‬ ‫‪ -‬رثاء الدكتور حممد اجلوراين‬ ‫ ‬
‫‪148‬‬ ‫‪ -‬رثاء الدكتور حممد احلاج‬ ‫ ‬
‫‪150‬‬ ‫‪ -‬رثاء العالمة حممد حسن ولد الدَّ ُدو املوريتاين‬ ‫ ‬
‫‪151‬‬ ‫‪ -‬رثاء الشاعر حممد غسان اخللييل‬ ‫ ‬
‫‪152‬‬ ‫‪ -‬رثاء الدكتور حممد املجايل‬
‫‪153‬‬ ‫‪ -‬رثاء الدكتور مهام سعيد‪ ،‬أستاذ علم احلديث‬ ‫ ‬
‫‪153‬‬ ‫‪ -‬رثاء صهره الدكتور حييى اخلاليلة‬ ‫ ‬
‫‪157‬‬ ‫الرؤى واملنامات التي رؤيت له‬
‫ُّ‬
‫‪158‬‬ ‫‪ -‬رؤيا أمل شناعة‪ ،‬وهي إحدى طالباته‬ ‫ ‬
‫‪158‬‬ ‫‪ -‬رؤيا إنعام ك ُّلوب‪ ،‬إحدى طالباته‬ ‫ ‬
‫‪158‬‬ ‫‪ -‬رؤيا رندة وليد‪ ،‬إحدى طالباته‬ ‫ ‬
‫‪159‬‬ ‫‪ -‬رؤيا سحر محدة‪ ،‬إحدى طالباته‬ ‫ ‬
‫‪159‬‬ ‫‪ -‬رؤيا الشيخ صهيب الدوايمة‬ ‫ ‬
‫‪159‬‬ ‫‪ -‬رؤيا ُعبادة احلياري‪ ،‬أحد تالميذه‬ ‫ ‬
‫‪159‬‬ ‫‪ -‬رؤيا الشيخ د‪ .‬مأمون اخلليل‪ ،‬إمام املسجد الذي كان يصيل‬ ‫ ‬
‫فيه الشيخ ويعطي دروسه يف التفسري‬
‫‪160‬‬ ‫‪ -‬رؤيا د‪ .‬منترص احلروب‪ ،‬من املالزمني للشيخ‬ ‫ ‬
‫‪160‬‬ ‫‪ -‬رؤيا أحد طالب املرحوم منذر الزمييل‬
‫‪160‬‬ ‫‪ -‬رؤيا الشيخ وليد غنيم‪ ،‬أحد تالميذه‬ ‫ ‬
‫‪160‬‬ ‫‪ -‬رؤيا ياسني العتمة‬ ‫ ‬
‫‪318‬‬

‫‪163‬‬ ‫‪ -‬الفصل الثاني‪ :‬التعر يف بالمؤلفات‬


‫‪165‬‬ ‫‪ -‬منهجه العلمي يف التأليف والتفسري‬ ‫ ‬
‫‪169‬‬ ‫‪ -‬أمانته العلمية وعرفانه َ‬
‫فضل من تقدَّ مه من العلامء‬ ‫ ‬
‫‪174‬‬ ‫‪ -‬دوافع التأليف عند الشيخ اخلالدي‬ ‫ ‬
‫‪177‬‬ ‫‪ -‬أقسام كتبه املطبوعة وغري املطبوعة‬ ‫ ‬
‫‪181‬‬ ‫‪ -‬القسم األول‪ :‬الكتب املطبوعة‬
‫‪285‬‬ ‫يكمل‬ ‫‪ -‬القسم الثاين‪ :‬الكتب غري املطبوعة‪ ،‬ما ُ‬
‫كمل منها وما مل ُ‬
‫‪297‬‬ ‫‪ -‬القسم الثالث‪ :‬كتب وضع خطة العمل فيها ومل يبدأ بتنفيذها‬
‫‪299‬‬ ‫‪ -‬القسم الرابع‪ :‬الكتب التي كان ينوي التأليف فيها‬
‫‪309‬‬ ‫‪ -‬اخلامتة‬
‫‪313‬‬ ‫‪ -‬فهرس املحتويات‬
‫‪319‬‬

‫صدر للمؤلف‬
‫* التحقيق‬
‫‪ .1‬جامع العلوم واحلكم‪ ،‬البن رجب احلنبيل (جملدان)‪.‬‬
‫‪ .2‬األمر بالعزلة يف آخر الزمان‪ ،‬البن الوزير‪.‬‬
‫‪ .3‬السموط الذهبية احلاوية للدرر البهية‪ ،‬للشوكاين‪.‬‬
‫‪ .4‬جزيل املواهب يف اختالف املذاهب‪ ،‬للسيوطي‪.‬‬
‫‪ .5‬املنجم يف املعجم (معجم شيوخ السيوطي)‪.‬‬
‫‪ .6‬أحكام النظر إىل املحرمات‪ ،‬البن حبيب العامري‪.‬‬
‫‪ .7‬النصيحة الولدية (وصية أيب الوليد الباجي لولديه)‪.‬‬
‫‪ .8‬سنن الصاحلني وسنن العابدين‪ ،‬أليب الوليد الباجي (جملدان)‪.‬‬
‫‪ .9‬اجلواهر والدرر يف ترمجة شيخ اإلسالم ابن حجر‪ ،‬للسخاوي (ثالثة جملدات)‪.‬‬
‫‪ .10‬إثبات الشفاعة‪ ،‬للذهبي‪.‬‬
‫‪ .11‬بحر الدموع‪ ،‬البن اجلوزي‪.‬‬
‫‪ .12‬عطف العلامء عىل األمراء واألمراء عىل العلامء‪ ،‬البن اجلوزي‪.‬‬
‫‪ .13‬حقوق الزوجني يف اإلسالم‪ ،‬ملحمود بن أمحد ياسني‪.‬‬
‫‪ .14‬الكرم واجلود وسخاء النفوس‪ ،‬ملحمد بن احلسني الربجالين‪.‬‬
‫‪ .15‬املعجم املختص‪ ،‬للزبيدي (باالشرتاك)‪.‬‬
‫‪ .16‬إجازات القايض إسامعيل بن عيل األكوع (باالشرتاك)‪.‬‬
‫‪ .17‬أنشاب الكثب يف أسامء الكتب (معجم مرويات السيوطي)‪.‬‬
‫‪ .18‬الدراية يف معرفة الرواية البن العاقويل (باالشرتاك)‪.‬‬

‫* التأليف‬
‫‪ .19‬إسامعيل بن عيل األكوع عالمة اليمن ومؤرخها‪.‬‬
‫‪ .20‬حممد صالح العثيمني العامل القدوة املريب والشيخ الزاهد الورع (باالشرتاك)‪.‬‬
‫‪320‬‬

‫‪ .21‬وقف األرسى يف التاريخ اإلسالمي‪.‬‬


‫‪ .22‬قال الصاحلون‪.‬‬
‫‪ .23‬يوميات فلسطني‪.‬‬
‫‪ .24‬من أدعية النبي ﷺ‪.‬‬

You might also like