Professional Documents
Culture Documents
شهوتك الجنسية
إعداد:
قال تعالي( :يابني آدم ال يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما
سوآتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث ال ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين ال يؤمنون)
األعراف ()27
1
إهداء
الي شباب األمة اإلسالمية ...
2
المقدمة
المقدمة
لقد كان لالنفتاح الثقافي واإلعالمي والغربي األثر الخطير على المجتمعات اإلسالمية – وخاصة
الشباب – من إثارة للغرائز ،وانتشارا للفاحشة ،وتيسيراً لطرق الرزيلة ،ورقص ومجون ،وعري
وسفور عبر الفضائيات المختلفة ،مما أدي الي ثورة من السعار الجنسي المجنون ،وما تبع ذلك
من إحصائيات مهولة ومتزايدة من نسبة األمراض المنقولة جنسيا – اإليدز – وما فرضه هذا
المناخ المتأزم من معاناة للشباب القابض على دينه من صراع نفسي ما بين نوازع الشهوة واللذة ،
وأشواق االرتفاع والتسامي .
ولقد كنت كغيري من الشباب أقبض على جمر اإليمان في ظل عواصف وقواصف الشهوة الجنسية
مما دعاني منذ وقت مبكر من عمري ومنذ أن ولجت سن الرشد أن أعكف على قراءات كل مما يقع
على يدي في مجال ضبط الشهوة الجنسية ثم أعمد الي تطبيق ما فرأت غير أني أجد نفسي وكأنني
لم أبرح مكاني ثم أعود من جديد لمواصلة رحلة البحث عن سبيل لضبط الشهوة الجنسية ،ولكن
كعادتي أعود من رحلتي من دون ثمار.
وعندما لم أجد ما يشفي نفسي ويعينني على ضبط شهوتي وليت وجهي الي هللا تعالي عساه أن
يصرف عني من السوء بدواء ناجع ينفعني به في ضبط شهوتي ،ولم أكف عن البحث الي أن
الحت لي بعض الخيوط التي كنت أتشبث بها تباعا وأعمد الي تطبيق كل خيط يبدو لي فيوفقني هللا
الي الذي بعده حتي تكاملت لي جميعها وأحسب أني وفقت الي جزء كبير من الدواء – إن لم يكن
جميعه – ثم بدت لي فكرة أن أكتب هذا الدواء مفصال عسي هللا أن ينفع به غيري فعرضت هذه
الفكرة على أخي عبد هللا الهادي فوافقني عليها ،ولقد صادفت موافقته هوي في نفسي الي ذلك
فعمدت الي االستخارة الي أن هداني هللا ووفقني الي الكتابة .
ولعلمي بأن الناس قد تأتي أموراً مع العلم بحرمتها مسبقا ً وأن دليل الحرمة أصبح ال يفيد وحده عند
الكثيرين فإنني نأيت في هذا البحث عن استخدام أسلوب الحرام أو الترهيب واتجهت الي الغاية
والقصد من التحريم (طرق الوقاية الداخلية) ثم بيّنت المقاصد اإللهية مما أمر هللا به فيما يتماشى
مع هذا البحث ( طرق الوقاية الخارجية ) حتي يعلم القارئ الكريم أن اإلسالم هدف من أوامره
ونواهيه مصلحة اإلنسان في دنياه أوال ثم آخرته .
وستجد أيها القارئ الكريم أن جميع خطوات العالج التي وصفتها في هذا البحث قد وضعتها في
قالب ميسر للتطبيق العملي وبينت خطوات التطبيق لكل ما وصفته من عالج حتى أيسر لك الطريق
لتكون شيئا مذكوراً .ولم أجعل من الكبت واستقذار الشهوة الجنسية سبيال لمدافعتها – ألن هذا ليس
3
المقدمة
من سبل اإلسالم في مدافعة الفطرة – ولكنني أهدف الي إيجاد سياج واقي للشهوة الجنسية – من
داخل النفس وخارجها – لحمايتها من سبل اإلثارة المختلفة والمتاحة حتي وإن كان الشيطان رسوال
للجنس واالنحراف.
إنني ال أكتب هذا البحث على أساس إنك سيئ ،أو غيرك سيئ – حتي وإن تراؤوا هم على مثل
ذلك ،ولكننا جميعا وإن كنا كذلك فمن إحاطة السوء بنا عبر إرادة الشيطان وجنوده في كيدنا ،
فاألصل فينا إرادة الخير ال الشر والسوء عارض وليس أصل فينا وذلك من أن آدم وحواء كادهما
الشيطان فأكال من الشجرة دون أساس إلرادة العصيان من آدم وحواء عليهما السالم ،ولذا كان من
قول سيدنا يوسف عليه السالم ( وإال تصرف عني كيدهن ) فالعارض ال بد من زوال فضع في
نفسك وأنت تبدأ هذا البحث إزالة عارض مقدورا عليه طالما أنه ليس أصل فيك .
وقد تتعثر من الوهلة االولي خطواتك في سبيل تطبيق ما ذكر في هذا البحث أو تنحرف خاصة
طرق الوقاية الداخلية فابدأ بما ألفته وأتقنه من طرق الوقاية الخارجية حتي تقوي جانب الحفظ
الخارجي فتاهلل ماعدا علينا العدو – سلطان الشهوة – إال بعد أن تولي عنا الحافظ – الصالة
واإلخالص – فال تظن أن الشيطان غلب ولكن الحافظ أعرض ،فليس هناك إتباع لشهوة إال
بتضييع للصالة ( فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصالة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا )
()1
وأخيرا أقدم على قراءة هذا البحث بإرادة التطبيق واستشعار روح التعفف على أن تجعل مريم
لكل فصل تقرأه أمدا للتطبيق ثم تنتقل الي الفصل الذي يليه وهكذا حتي نهاية البحث وبهذا أضمن
لك الثمار الحقيقية للعفة – إن شاء هللا .
فاهلل أسأله أن يجعل هذا البحث وقاية لكل مسلم من الوقوع في الفاحشة ،وتنقذ به كل من ساخت
قوائم فرسه في أرض الفاحشة وتلوث بها ،وأشهد هللا أن الخير واإلصالح هو ما أردت منه فإن
وفّقت إليه فمن هللا وحده توفيقي ،وإن انحرفت فمن نفسي والشيطان ،وال حول وال قوة إال باهلل .
خطة البحث:
مشكلة البحث:
تكمن في األخطار الناجمة عن ثورة الجنس والعري التي تعددت وسائله وتطورت مكايده وتيسرت
مساربه ففشت الفاحشة وأمراضها – اإليدز على سبيال المثال – واستهدفت بذلك من األمة شبابها
الذين ابتلع تيار الهوس الجنسي طائفة منهم ليست بالقليلة.
4
المقدمة
فروض البحث:
أوال :هل لتفجير الطاقات الكامنة في اإلنسان عالقة بضبط الشهوة الجنسية؟
ثانيا :هل يمكن مقاومة الشهوة الجنسية وضبطها في ظل المثيرات المختلفة والمتنوعة والمتطورة
يوما بعد يوم.
ثالثا :هل هناك وقاية ربانية لإلنسان من الوقوع في الفاحشة والبعد عن طرقها المختلفة.
أهداف البحث:
-1تفجير الطاقات التي أودعها هللا في اإلنسان حتى تعينه على ضبط شهوته الجنسية.
-2الوقاية من الفاحشة وطرقها والبعد عن مصايدها
-3محاربة األمراض المنقولة جنسيا عبر ضبط الشهوة الجنسية
-4تزكية روح الشباب للتصدي لكل ما يراد به من كيد حتى يسمو بنفسه وبأمته.
-5مجابهة ثورة الجني عبر بيان عوارها وكشف مخططاتها وكيدها باألمة اإلسالمية.
منهج البحث:
لغرض تحقيق الدراسة اعتمد لباحث على المنهج التحليلي واالستنباطي لآليات واألحاديث التي تم
تجميعها من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وإبراز المقاصد والغايات التي تهدف إليها.
أهمية البحث:
تكمن أهمية البحث في إنقاذ أهم شرائح المجتمع اإلسالمي – الشباب – من وحل الفاحشة ومحاربة
األمراض المنقولة جنسيا عبر بيان لوسائل ضبط الشهوة الجنسية
2006
5
الباب الخامس :الخاتمة
الشهوة :ما تدعوا النفس إليه والفعل منه اشتهي ويجمع باألف والتاء فيقال شهوات ( ،)2أي توقان
النفس الي الشيء ( )3وهي ما يغلب على النفس محبته وهواه (.)4
إن من أخطر الشهوات التي ركبت في اإلنسان هي الشهوة الجنسية لذا كان من قول هلل تعالي من
هذه الناحية (وخلق اإلنسان ضعيفا) ( ،)5قال مجاهد وطاووس ليس يكون اإلنسان أضعف منه في
أمر النساء ،وقال الزمخشري :ضعيفا – أي اإلنسان – ال يصبر على الشهوات ( ، )6وقال وكيع في
إن الشهوة الجنسية ليست عقبة في طريق اإلنسان بل هي فطرة أوجدها هللا في اإلنسان لغاي ٍة أسمي
وأجل يقول األستاذ محمد قطب في كتابه ( اإلنسان ما بين المادية واإلسالم ) ...وحين يحس الفتي
في طور المراهقة بالرغبة الغريزية فإنه ال يحتاج أن يستعيذ من هذا اإلحساس المجرد ،ألن
اإلسالم يقرر في صراحة أن هذا أمر طبيعي ال خالف عليه وال نكران له ...وعلى ذلك ال يحتاج
أن يكبت الشعور باإلثم بهذه الرغبة لكي يتطهر في نظر الناس ونظر نفسه ...وال يحتاج كذلك أن
يشعر باإلثم من مجرد هذا اإلحساس ،ومن ثم تنتفي كل االضطرابات النفسية والعصبية التي تنشأ
من الشعور باإلثم والتي تؤدي الي الجريمة في حاالت الشذوذ ،ولكننا نعلم أن اإلسالم لم يبح للفرد
أن يطيع الهاتف حسبما اتفق – وإنما وضع لذلك الحدود الشرعية التي يكون مباحا ً في داخلها
محرما ً فيما وراءها هذا صحيح ،ولكن هذا شيء والكبت شيء آخر ...فهذا تقييد ينظم النشاط
()8
ولكنه ال يبته من منبته وال يحرم اإلحساس به في أيه لحظة بين اإلنسان ونفسه )
ومن هنا فإن اإلسالم اعترف (بدوافع الفطرة وتنظيم االستجابة لها وتصريف طاقتها في المجال
الطيب المأمون المثمر ،وفي الجو الطاهر النظيف الرفيع ،دون أن يجعلهم كذلك ينحدرون في
ولهذا فإن للشهوة الجنسية دائرة تحفظ توازنها وسقف يضمن سالمتها فإذا تخطت الشهوة الجنسية
دائرتها وتعدت سقفها كان االختالل الذي يعني العبث والفساد واالنحراف فيكون نتاج ذلك سيطرة
األهواء وقيادة الشيطان.
فالشهوة الجنسية بمثابة الشرارة التي توشك أن تهب عليها رياح المثيرات فتأججها فما تلبث أن
تحرق وتهتك وحينها تصبح عقبة في مسار المسلم يجب التعامل معها.
لقد كان لإلنذار اإللهي القرآني محذراً المسلمين من استخدام أعدائهم لسالح الشهوات حتى ال يكون
الميل واالنحراف (ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميال عظيما) (.)10
لقد اتبع الغرب ذات السالح – سالح الشهوات – فوضع السم في الدسم والحلوى من حيث يدري –
أو ال يدري – المسلمون فلوّث عقول وقلوب الشباب المسلم بتياره الشهواني الفاسد.
لقد استخدموا في حربهم غير المعلنة على اإلسالم سالح المرأة وما أخطره من سالح حينما
تستجيب المرأة لذلك – ما أدع فتنة بعدي أضر على الرجال من النساء ( – )11استخدموها كأداة
تذكي شرارة الشهوة في قلوب الشباب بالتبرج والعري واالنحالل وإشاعة الرذيلة ( ،وفي دراسة
عن صورة المرأة في إعالنات التلفزيون المصري أوضحت التركيز على الجمال والرشاقة كما
أثبتت أن التعامل مع المرأة كسلعة من حيث إبرازها وهي تغني وهي ترقص لإلعالن عن سلعة
معينه وما يرتبط بذلك من عوامل تبرزها بصورة مغايره لواقعها الفعلي داخل المجتمع وذلك من
خالل ما يلي:
تهتم اإلعالنات التلفزيونية بتوظيف الفتيات ألغراض التسويق المنتج وإبراز االهتمامات -1
المتعلقة باألنوثة على حساب األدوار األخرى للفتاة الجادة المهتمة بدراستها وثقافتها والمتمتعة
بالخلق الحسن واإلبداع الفكري والفني.
تقديم صورة المرأة والفتاة كجنس وأنثي وليس ككائن اجتماعي يرتبط ويؤثر في واقع المجتمع -2
اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.
7
المقدمة
استخدام العديد من الوسائط لشويه صورة المرأة وإبرازها كأنها موضوع للجنس فهي تهتم فقط -3
بجمالها وجسدها حيث إن هذا مرغوب من الرجل (.)12
وهكذا أرادوا للمرأة العربية المسلمة أن تكون مروجة للجنس في بالد اإلسالم الهيةً عابثةً ليس لها
ه ّم إال جسمها.
واآلن وما أدراك ما اآلن لقد ازدادت المسارب التي تفتح باب االنحراف وتهيئ األذهان له ،ويزداد
بذلك األثر الذي تحدثه في مجتمعنا – األزياء – السينما – دور اللهو ،الفضائيات ،االختالط العابث،
إنها ثورة الهوس الجنسي الذي ال يدع سفينة الشباب المسلم ترسو على بر الفضيلة بل سيجعلها
تتأرجح وتضطرب أمام عصف رياح الشهوة الجنسية وهيجان موج القنوات الفضائية ومعاكسة
تيار العري والتحلل واالنحراف مما يعرضه ألخطار ال يعلم عواقبها إال هللا.
لقد ابتلع تيار الشهوة الجنسية طائفة كبيرة من الشباب المسلم – أهم شرائح المجتمع المسلم – فصار
ال هم له إال إشباع شهواتهم وتلبية رغباتهم فصالوا وجالوا في ميادين الشهوة الجنسية على اختالفها
من مشاهدة أفالم الجنس -التي أصبحت متداولة في وسطهم – وفي الغناء الماجن – فيديو كليب
كما يحلو تسميته – يقتلون أوقاتهم كما يزعمون وهم في الحقيقة يقتلون حياتهم.
8
الباب الخامس :الخاتمة
(إن اإلسالم يهدف الي إقامة مجتمع نظيف ،ال تهاج فيه الشهوات في كل لحظة وال تستار فيه
دفعات اللحم والدم في كل حين ،فعمليات االستثارة المستمرة تنتهي الي سعار شهواني ال ينطفئ وال
يرتوي ،والنظر الخائنة ،والحركة المثيرة ،والزينة المتبرجة ،والجسم العاري ... ،كلها ال تصنع
شيئا إال أن تهيج ذلك السعار الحيواني المجنون !! وإال أن يفلت زمام األعصاب واإلرادة ،فإما
اإلفضاء الفوضوي الذي ال يتقيّد بقيد ،وإما األمراض العصبية والعقد النفسية الناشئة من الكبح بعد
اإلثارة!! وهي تكاد تكون عملية تعذيب) (.)13
لقد كثرت المسارب التي تفتح على المسلمين السعار الشهواني الذي ال ينطفئ وال يرتوي ،وتعددت
المسالك التي تهيئ وتيسر مزالق الهوي والشيطان ،وكان من أهمها االختالل في موازين التربية
داخل األسرة ،والذي أدي الي حرية التصرف ألفرادها حتي وإن انحرف عن الحق فكانت الثمار
الحتمية ذلك تبرج النساء .
لقد نهي اإلسالم عن التبرج قال هللا تعالي (وال تبرجن تبرج الجاهلية األولي) ( )14ولقد كانت المرأة
في الجاهلية تتبرج ،ولكن جميع الصور لتبرج التي تروي عن تبرج الجاهلية االولي تبدو ساذجة أو
محتشمة حين تقاس الي تبرج أيامنا هذه في جاهليتنا الحاضرة !!
قال مجاهد :كانت المرأة تمشي بين الرجال ،فذلك تبرج الجاهلية !!
وقال قتادة :وكانت لهن مشية تكسّر وتغنج ،فنهي هللا تعالي عن ذلك !!
وقال مقاتل بن حيان :والتبرج أنها تلقي الخمار على رأسها وال تش ّده فيداري قالئدها وقرطها
()15
وعنقها ،ويبدو ذلك كله منها ،وذلك التبرج !!
هذه هي صور التبرج في الجاهلية الماضية فأين نحن من ذلك في جاهلية القرن العشرين –
الجاهلية الحاضرة؟؟
إن لدينا من وسائل اإلعالم التي تري فيها من المرأة كل شيء بال استثناء!! إننا نعيش اآلن في فترة
جاهلية عمياء غليظة الحس ،حيوانية التصور ،هابطة في درك البشرية الي حضيض مهين.
لقد شاع بيننا – ولألسف – أن مظاهر العري ،واألزياء الفاضحة التي تبدي جسم المرأة وإتِّباع
المودة من مظاهر الحضارة والرقي! حتي امتألت الشوارع بخفاف العقول يعثن في األرض فساداً
(صنفان من أهل النار لم أرهما :قوم معهم سياط يضربون بها الناس ،ونساء كاسيات عاريات
()16
مميالت رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ال يدخلن الجنة وال يجدن ريحها )
(إن العري فطرة حيوانية ،وال يميل اإلنسان إليه إال وهو يرتكس الي مرتبة أدني من مرتبة
اإلنسان ،وإن رؤية العري جماالً هو انتكاس في الذوق البشري قطعا ً ،والمتخلفون في أواسط
إفريقية عراة ،واإلسالم حين يدخل بحضارته الي هذه المناطق يكون أول مظاهر الحضارة اكتساء
العراة ،فأما الجاهلية الحديثة ( التقدمية ) فهم يرتكسون الي الوهدة التي ينتشل اإلسالم المتخلفين
منها وينقلهم الي مستوي ( الحضارة ) بمفهومها اإلسالمي الذي يستهدف استنقاذ خصائص اإلنسان
()17
وإبرازها وتقويتها
لقد كانت هذه الموجة من التبرج نتيجة لالنبهار بالحضارة الغربية الجوفاء من القيم األخالقية،
العمياء عن سبيل الرشد ،المنحرفة الي ِإتباع غريزة الجنس والتي تبث سمومها عبر أجهزة اإلعالم
المختلفة – القنوات الفضائية – والتي أصبحت تسعي إليك دون أن تسعي إليها أنت من حيث
توفرها وكثرتها وصدق رسول هللا صلي هللا عليه وسلم ( لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا
بذراع حتي لو دخلوا جحر ضب التبعتموهم ) (. )18
(إن بيوت األزياء ومصمميها ،وأساتذة التجميل ودكاكينها لهي األرباب التي تكمن وراء هذا الخبل
الذي ال تفيق منه نساء الجاهلية الحاضرة وال رجالها كذلك !! وإن هذه األرباب تصدر أوامرها
فتطيعها القطعان والبهائم العارية في أرجاء األرض طاعة مزرية!! وسواء كان الزي الجديد لهذا
العام يناسب قوام أية إمراه أو ال يناسبه ،وسواء كانت مراسم التجميل تصلح لها أو ال تصلح فهي
()19
تطيع صاغرة ...تطيع تلك األرباب ...وإال ( ُعيِّرت ) من بقية البهائم المغلوبة على أمرها !!
لقد أصبح الغرب بحضارته الفاسدة قبلة توجه إلها فئات كثيرة من شبابنا ،ومحراب عكف إليه
ضعفاء النفوس من شبابنا ،وما تكاد تشاهد موضة جديدة من ملبس أو حالقة أو زي في القنوات
الفضائية إال وتجده واقعا ً بين أوساط ضعاف النفوس من الشباب حتى أصبحت شوارعنا فرنسية
10
المقدمة
بأزيائها ،أمريكية بعاداتهم وتقاليدهم ،وغربية بما تحمله من أقيسه كاملة للغربيين في كل شيء
()20
تماشي مع قيمنا أو انحرف !! (من تشبه بقوم فهو منهم )
وقد كان هذا التبرج نتيجة حتمية لهذا الوضع المزرى من التقليد األعمى فامتألت الشوارع بالنساء
الكاسيات العاريات وارتكست النساء الي مرتبة أدني من مرتبة اإلنسان حينما أصبحت رؤية العري
الجسدي جماالً باسم الزينة والحضارة والموضة!!
وبتبرج النساء كانت ثورة الغرائز وإطالق سعار الشهوة الجنسية بين أوساط الشباب ثم أثمر هذا
الواقع ثماره الحتمية من إشاعة الفاحشة والتنفيس الفوضوي للشهوة الجنسية.
(لقد كانت فوضي العالقات الجنسية هو المعول األول الذي حطّم الحضارات القديمة اإلغريقية ،
وحطّم الحضارة الرومانية ،وحطّم الحضارة الفارسية وهذه الفوضى ذاتها هي التي أخذت تحطّم
()21
الحضارة الغربية الراهنة
وإن هذه األسباب التي أدت الي فوضي العالقات الجنسية انتشار ظاهرة امتالك االطباق الفضائية
حديثا – حتي بين أهل الريف – وأصبحت مشاهدة األفالم الخليعة واألغاني الماجنة والصور
العارية من األمور الطبيعية بالرغم من علم كثير من الناس باآلثار السالبة على الشباب من مشاهد
العري فأصبح ال وازع وال مانع للشباب من هذه المشاهد النصراف األسر الي جوانب المعيشة
وانشغالها بظواهر األمور فأغلقت هذا الجانب وغضّت الطرف عنه – عمد ودون عمد – فأصبح
الشباب بين مفترق الطرق بين نوازع الشهوة الجنسية – وهذا أمر طبيعي لنتيجة حرية المشاهدة
لمناظر العري – وخوف العار يتيهون دون مرشد ويسيرون من دون دليل ،فطغت عليهم نوازع
الشهوة الجنسية وتيارها القوي وابتلع كثير منهم .
إنني ما زلت أذكر جيداً اليوم الذي دخلت فيه على أحد األسر التي تمتلك هذه األسلحة الفتاكة بأبنائها
– الفضائيات – والذي أدهشني أني وجدت هذه األسر بكل أفرادها – اآلباء واألبناء – يشاهدون
يعف قلمي عن وصفها واألسرة جميعا حضوراً!! ّ
إن مثل هذا له ثمار ّ بعض مشاهد العري التي
حتمية جهلها اآلباء أو علموها وهي التمهيد لألبناء باالنحراف وللبنات بالتبرج ،وهذا ما قد كان
فعال!!
إن هذا يقودنا الي أمر في غاية األهمية وهو أن حظ األسرة في تربية األبناء جنسيا ً معدومة تماما ً
فال تكاد تجد له وجود ،للجهل الكبير من اآلباء واألمهات والذي يبدو واضحا ً في االهتمام والتركيز
- 20المرجع السابق – المجلد الثاني – ص 632
- 21في ظالل القرآن – سيد قطب – المجلد الثاني – ص 632
11
المقدمة
بتوفير سبل األكل والشرب الجسدي دون الروحي ،فكما أن األكل والشرب – الطعام – يظهر في
بنية الجسم فإن الصور العارية تظهر كسلوك منحرف على األبناء من حيث ال يشعر اآلباء .
أوقات الفراغ:
إن من أكبر العلل التي يعاني منها طائفة كبيرة من الناس – وأخص بذلك الشباب – هي داء الفراغ
الذي يسيطر عليهم من جراء عدم المقدرة والجهل بكيفية االستفادة من أوقاتهم واستثمارها فيما يعود
عليهم وعلى أمتهم بالخير.
فالشباب طاقات مختزنة تسعي أجهزة اإلعالم الفاسدة لتفجير أخطر طاقة منها وهي الطاقة الجنسية
التي لها من القوة ما يمكنها من السيطرة على بقية الطاقات والهيمنة عليها ثم إفسادها على غير
المنهج اإلسالمي الذي يرعي التوازن في تفجير الطاقات اإلنسانية حتي ال تطغي واحدة على أخري
وفق سلم األولويات لدي األمم واألفراد.
لقد بات لدي الكثير من الشباب من بعد التفجير العشوائي لطاقاتهم الجنسية والتي أفلحت وسائل
اإلعالم المنحرفة في ذلك ،بات ه َّم الكثيرين منهم ساعات ينفقها جلوسا أمام شاشات الكمبيوتر
يجول عبر شبكة المعلومات الدولية ليشاهد أفالم الجنس أو مشاهدة الفضائيات أو امتالك جهاز
موبايل يتم فيه تخزين بعض أفالم الجنس ،وهكذا أصبح مثلما يحلوا لهم القول بقتل الوقت والذي هو
قتل الحياة.
إن تيسير وسائل الفساد األخالقي – الذي أضحي في متناول الجميع – ساعد الكثير من ضعاف
النفوس على االنحراف عن منهج اإلسالم ،فزاد بذلك نسبة الفساد ثم تبعه زيادة نسبة األمراض
المنقولة جنسيا ً.
إن الشباب هم زخر األمة ومخزونها في مستقبل أيامها ،فإلن تفجر طاقاتهم فيما ينفعهم وينفع أمتهم
خير من أن نترك أمر تفجير طاقاتهم حكراً على أجهزة اإلعالم الفاسدة ،فتفجير الطاقات مسئولية
مشتركة بين األمة وبين الشباب أنفسهم
ما أتعس الحياة حينما تمتد يد الفقر الي قلوب الناس لتنزع عنهم لباس التقوي والعزة وتلبسهم ثوب
الضعف والوهن فيبيعوا أعراضهم بثمن بخس دراهم معدودة قلت أو كثرت !!.
12
المقدمة
وما أتعس اإلنسان حينما يكون عبداً لشهوة المال يطلبه ولو كانت األعراض ثمنا ً له!! وما أشقي
ذلك اإلنسان الذي يبتغي تلبية رغباته المادية مسايراً الحضارة والموضة ولو امتطي في ذلك صهوة
جواد الشرف والعرض!
إنها حياة بائسة تلك التي يكون فيها سوق البغي رائجا ً وفق حسابات المال فيرفرف للبغايا رايات،
والفائز فيها من زاد عطاؤه ،أال أين نحن من زمان الجاهلية التي تجوع الحرة فيها وال تأكل
بثدييها!!
إنني أطلق تأوهاتي هذه لما نعايشه من واقع مزري من التغيير الذي طرأ على سلوكنا األخالقي
سلبا في ظل التنافس البغيض والتكالب المزرى على المال.
إن تيار الفقر بات وشيكا أن يزل الكثيرين من ضعاف النفوس فيستعبدهم للمال بيعا ألعراضهم في
سبيل الحصول على المال الكافي فحصنوا النفوس بالزهد والقناعة يا علماء اإلسالم!! فإن أمة ترفع
فيها للبغايا رايات حرية بها أن تجثو على ركبتيها لطاغوت الشهوات.
أيها األب الكريم إن كنت تدري فتلك مصيبة وإن كنت ال تدري فالمصيبة أعظم.
13
الباب الخامس :الخاتمة
للحياء أهمية عظيمة في اإلسالم فهو إحدى الشعاب التي يقوم عليها اإليمان ( ...والحياء شعبة من
شعب اإليمان ) ( )22فهو مفتاح للخير كله ومغالق للشر كله ،وفقده بداية لنهاية الخير
واضمحالله ،وإنما ًء لبذور الشر وانتشاره .
فالحياء هو الفاصل بين الخير والصالح والطالح ،وهو الفاصل بين اإلنذار من خطر قادم وشر
()23
وإن أول سلسلة سيستفحل ،وبشارة بالصالح والهداية ( إذا لم تستح فاصنع ما شئت )
للمعاصي هي نزع الحياء ( فالمرء حسبما يفقد حياءه يتدرج من سيئ الي أسوأ ،ويهبط من رزيلة
الي أرزل ،وال يزال يهوي حتي ينحدر الي الدرك األسفل ،وقد روي رسول هللا صلي هللا عليه
وسلم حديث يكشف عن مراحل السقوط الذي يبتدئ بضياع الحياء وينتهي بشر العواقب ( إن هللا
عز وجل إذا أراد أن يهلك عبد نزع منه الحياء ،فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إال مقيتا ممقتا ً –
مبغضا ً – فإذا لم تلقه إال مقيتا ممقّتا نزعت منه األمانة ،فإذا نزعت منه األمانة لم تلقه إال خائنا ً
مخونا ً ،فإذا لم تلقه إال خائنا مخونا ً نزعت منه الرحمة ،فإذا نزعت منه الرحمة لم تلقه إال رجيما ً
()24
ملعنا ً ،فإذا لم تلقه إال رجيما ً ملعنا نزعت منه ربقة اإلسالم )
وألهمية الحياء في اإلسالم وعند الفرد المسلم كان االستهداف الغربي اإلعالمي الموجه لنزع
الحياء من المسلمين – الشباب خاصة – وفق ما يعرضون من مناظر فاضحة وصور عارية وأفالم
خليعة عبر القنوات الفضائية المختلفة.
إننا قد نتساءل لماذا ترتدي الفتاة مالبس تبرز مفاتنها؟ ولماذا ترقص النساء وهن كاسيات عاريات
أما مراي الرجال؟ ولماذا يرتدي هؤالء الفتيات ما يستحي الرجل أن يرتديه ؟ ولماذا هذا التبرج
والسفور الذي أصبح سمة غالبة على طوائف كثيرة من الفتيات ؟ ولماذا .....ولماذا ....
ولماذا ......؟ إن كل هذا مرده الي نزع الحياء.
إن اإلحساس بالمرض بشارة خير إذ أنه بمثابة النداء بأن هذا العضو به داء يحتاج الي دواء ،فهو
بمثابة اإلشعار والتنبيه ،واإلمراض الخطيرة تسري في أوصال اإلنسان دون أن يشعر بها الي
- 22رواه مسلم في االيمان 0مناهج المسلم – ص -129رياض الصالحين – حديث رقم 683
- 23رواه البخاري – بلوغ المرام من جمع ادلة األحكام – البن حجر العسقالني – حديث رقم 1554
- 24خلق المسلم – محمد الغزالي – ص164
المقدمة
تورده المهالك ،فالخطر من نزع الحياء يكمن في أن اإلنسان ال يشعر بأن الحياء نزع منه ألن نزع
الحياء ال يتم دفعة واحدة بل يتم تدريجيا ً .
فاإلنسان الذي يشاهد األفالم الخليعة والصور العارية يصبح بمرور الزمن هذا األمر عنده على
سبيل العادة ثم ال يستنكره في نفسه أو في أهله أو في الناس حتي يصبح سلوكا له في نفسه.
إنك قد تري فتاة عارية تستحي أن تعيد النظر إليها مرة أخري ،وهي في الحقيقة ال تري أنها أتت
منكراً من اللباس بل األمر عندها يسير سيراً طبيعيا ً ،وإن هذه شارة من شارات نزع الحياء عندها،
وال تحسب بأنها ستقف عند هذا الحد بل إن هذه هي الخطوة األولي في درك الشقاء والفاحشة ،وإن
هذا نذير بالخطر القادم والمنتظر ال محالة .
اال أيتها األسرة الي متي تتركين ابنتك تتقاذفها رياح الموضة واالنحراف لتقتلع من األسرة عفتها
وكرامتها؟ الي متي تتركين أيتها األسرة الحبل على القارب بدعوي أن الفتاة قد كبرت وهي على
معرفة بمصالحها؟ وهل اإلدراك بالمصلحة يعني التبرج ؟!! أم أن التبرج هو رسالة بالجهل
بالمصلح كلها بما في ذلك مصلحة األسرة؟!!
-1تغيير الفطرة
إن الفطرة في الرجل أن يستجيب ألدني المثيرات من جانب المرأة فتتحرك الغريزة
الجنسية فيه – كذلك المرأة – بغض النظر أن تكون نتيجة هذه اإلثارة عمالً أو ال ،فإن
اإلحساس الغريزي يدفع به الي تحقيق آية من آيات هللا تعالي – الزواج – وذلك للحفاظ
على النسل وفق التكاثر على هذا النمط تحت ظل محصن آمن وهو األسرة ،لذا كان ضبط
اإلسالم للمجتمع اإلسالمي من جانب المرأة في أن يسود فيه العفة فالمرأة تتزين بحيائها
وتتزيّا بحجابها والغريزة الجنسية فيه آمنة من اإلثارة ،فيكون بذلك تحصيل اإلشباع
الكامل والمتعة عند الزواج وهذه هي غاية اإلسالم من فطرة الجنس .أما حينما تسود الحياة
تروج
ثورة الجنس والعري المجنون وسعار من الشهوة في ظل الفضائيات الكثيرة التي ِّ
للعري والتفنن في إشعال نار الشهوة الجنسية عبر التفنن في إظهار المرأة لجسدها وتعريها
ورقصها تارة وغناء وتمثيالً تارة أخري ،فإن اإلدمان على مشاهدة مثل هذه المناظر
العارية يقود اإلنسان الي غير سبيل الفطرة فتصبح المرأة عند الرجل بصورتها العارية
باتت رتيبة غير مثيرة وحينها تكون الحاجة الي مثيرات أكبر – خاصة عند الزواج –
15
المقدمة
وهكذا تضعف عنده القوة على نجاح العملية الجنسية عند الزواج مما يؤدي غالبا ً الي وقوع
حاالت كثيرة من الطالق .
أما من تقوده صور العاريات التي تعود على مشاهدتها عبر الفضائيات الي االستمرارية
في ممارسة الفاحشة تقل عنده الرغبة في الزواج بذلك ألن نظرته القاصرة التي تزيّن له
من أن الزواج جنسا ّ فقط وهو يقضي وطره خارج إطار الزواج تجعله يلملم أطرافه طالما
أن اإلشباع متوفر له خارج إطار الزواج وبهذا يكثر فينا ولد الزنا – نعوذ باهلل من ذلك –
إنني بحسب مرحلتي العمرية التي لم أبرح فيها سن الشباب أقول هذا ليس وهما ً توهمته وال
ضربا ً من الخيال ولكنها الحقيقة التي طالما سمعتها تتردد على أفواه الكثيرين من الشباب
الذين ضلت أقدامهم وانحرفت عن منهج اإلسالم الحنيف .إن هذه هي السبيل الحتمي للذين
تعودوا مشاهدة مناظر العري فإما اإلفضاء الفوضوي خارج إطار الزواج – إن تعسرت
الخطوات نحو الزواج – وإما عند اإلكثار يكون البرود الجنسي الذي له آثاره السالبة بعد
الزواج .
-2تعطيل المصالح:
إن رأس مال النجاح هو الوقت الذي نسقي منه بماء واحد وفق ساعات معدودة ثم يتفاضل بعضنا
على بعض في األكل ما بين النجاح والفشل عن طريق االستثمار المفيد له في وسائل النجاح
والفشل .فأعظم الخسائر التي تسحق من الوقت بركته هي النظرة الي مشاهد العري من الراقصات
وغيرهن ،وضرر النظرة هذه ينبع من أن النظرة الي مشاهد العري يسبقها تفكير في المشاهد ،
وهذا التفكير الذي يأتي إ ّما من خالل دوافع النفس أو من خالل نزغ الشيطان ،فيثير هذا التفكير فينا
دوافع الشهوة الجنسية ويلهب نارها لتقوي في نفوسنا الرغبة الي إتيانها فيصدق الفرج – بضعفنا
واستجابتنا لشهوتنا – أو يكذبه ،وفي كذبه يكون ضرر الكبت النفسي علينا وفي التنفيس
واالستجابة يكون ضرر األمراض الجسدية – األمراض المنقولة جنسيا – وقد تكون االستجابة
بذرة للعادة فيكون االنصراف الي المفاسد والشهوات التي ال شك في أنها تعطل مصالح كان يمكن
تحقيقها في هذا الوقت نفسه ،وأقرؤا إن شئتم ما كتبه الدكتور ( ألكسيس كارليل ) في كتابه
( اإلنسان ذلك المجهول ) قوله ( عندما تتحرك الغريزة الجنسية لدي اإلنسان تفرز غدده نوعا ً من
المادة التي تتسرب بالدم الي دماغه وتخدره فال يعود قادراً على التفكير الصافي ) (. )25
- 25تربية األوالد في اإلسالم – عبد هللا ناصح علوان – ج األول – ص 299
16
المقدمة
(إن الجنس يبدأ في الدماغ ،وتتحول منبهات اإلثارة من الجسم والخيال والعالم الخارجي في
األعماق المظلمة من العقل الي ( جنس ) ويستجيب الجسم بموجة من التستوستيرون وال يزداد
()26
التستوستيرون بالجنس فقط وإنما بتوقع الجنس كذلك
إن كل تعد لحدود هللا تعالي وكل انزالق في وحل اإلثم والفاحشة إنذار بالبالء واألوجاع التي لم تكن
في سالف البشرية وماضيها.
لقد انتشرت الفاحشة وعم الزنا وتيسرت طرقه ،وتنوعت أساليبه ،وفتحت أبوابه ،واستتبع ذلك أن
ابتلينا باألمراض الخطيرة التي لم تكن في ماضينا وذلك بما كسبت أيدينا من فشو الفاحشة بيننا ،
ولقد بات في حكم المؤكد – طبياً -إن الزنا يتسبب في كثير من األمراض واألوبئة الفتاكة والتي
تتفاوت خطورتها ومضاعفاتها يقول الدكتور جون بيستون ( :أن القرائن التي جمعت من دراسات
تقول أن األمراض الجنسية معظمها تنتج من العالقات الجنسية خارج نطاق الزوجية ) ويقول
الدكتور كلود نيكول ( :إن المشكلة التي تواجهنا اليوم هي تبدل قيمنا األخالقية التي شجعت وتشجع
إقامة العالقات الجنسية المحرمة ،وهذه بدورها سببت ازديادا حاداً في إصابات األمراض الناتجة
عن اإلباحة الجنسية ) ( ، )27وإليكم استعراض لبعض األمراض :
تتم اإلصابة بهذا المرض عن طريق المجامعة المحرمة (الزنا) ومن أعراض هذا المرض حدوث
ألم وحرقة شديدة عند التبول ،تجمع مواد صفراء على الفرج داخل الحشفة يتولد عنها رائحة
كريهة باإلضافة الي التهابات أخري قد يتسبب بها هذا المرض (.)28
ومرض السيالن يؤدي الي العقم مما يحصل من ضيق في القناة الناقلة ،كما تنشأ حالة التهاب
البربخ وهي حالة مؤلمة وأحيانا ً خطرة ،وعند النساء تمتد العدوي من خالل الرحم وقناة المبيض
الي تجويفة البطن مسببة التهاب الصفاق ،وإذا لم تحدث اإلصابة بالتهاب الصفاق أو حدثت ولم
تسبب الوفاة او المرض الحاد ،فإن االلتهاب المزمن في قناة المبيضات قد يؤدي في النهاية الي
()29
سدها مما يمنع وصول البويضات الي الرحم ويؤدي بالتالي الي العقم
- 26طاقة الحياة – على بروان –ص 390
- 27اإلسالم والجنس – فتحي يكن – ص 43-42
- 28المرجع السابق – ص44
- 29المرشد الحديث في التوعية الصحية – ص609-608
17
المقدمة
()30
-2مرض السفلس (داء الزهري)
تنتقل اإلصابة بالسفلس عادة خالل الجماع (الزنا ) ويكون ثالث مراحل وتحصل المرحلة الثالثة
من السفلس بعد مرور ثالثة سنوات الي عشرون سنة من ظهور اآلفة األولي ،فتظهر كتل متورمة
قاسية تدعي بالورم الصمفي في أنحاء مختلفة من الجسم وقد تنشأ قروح صعبة على الجلد وتغطي
جزءاً كبيراً من الجسم .
وتنشأ أعراض المرض األكثر إيالما ً في طوره المتأخر ،فالمصاب حتي ولو كان في ربيع عمره قد
يشعر باأللم في البطن تزداد مدتها ،وتنتشر اآلالم المبرحة جداً في الساقين والجسم فيتبين للمصاب
أنه ال يستطيع السير جيداً في الظالم ،ويفقد السيطرة على ساقيه ،وال في وسعه التحكم في تبوله
وتبرزه ،ويصير مقعداً عاجزاً طيلة حياته !! ألن السفلس يحطم جهازه العصبي ،ولكنه قد يعيش
طوال سنوات في حالة يرثي لها إذ قلما يقتل السفلس ضحيته بسرعة.
وقد ينتج منه أيضا ً العته (اختالل العقل الشيخي ) وداء السكتة الدماغية والصرع والجنون والشلل
والعمي ،وتنجم كذلك حاالت مميتة عدة من أمراض القلب عن السفلس الذي عادة ما يهاجم أوال
ذلك الجزء من الشريان األورطي القريب من القلب فيلتف صمامه ويفقده تماسكه ويلقي تسرب الدم
المفرط الناتج حمالً ثقيال على القلب فيتضخم أوالً ثم يتوقف تماما ً عن العمل .
يسبب مرض متالزمة العوز المناعي المكتسب عدوي بفيروس العوز المناعي البشري Human
،Immunodeficiency Virusوال يوجد عالج شاف لمرض اإليدز حتي اآلن وال لقاح أيضا ً .
ومن أهم وأكثر الطرق الناقلة لمرض االتصال الجنسي غير المحمي مع شخص حامل لعدوي
الفيروس ،أما أعراضه فقد ال تظهر على المصابين بالعدوي لفترة طويلة ولكن الجدير بالذكر أنه ال
يوجد أعراض خاصة لمرض اإليدز ،ويمكن تلخيص مراحل اإليدز باآلتي :
المرحلة األولي :خالل فترة 4-3أسابيع من التقاط العدوي قد تظهر أعراض مثل الرشح والحرارة
وقد تختفي تلقائيا.
18
المقدمة
المرحلة الثانية :قد تمتد سنوات طويلة ،وتظهر خاللها أعراض مختلفة مثل انخفاض في الوزن ،
نزالت صدرية ،إسهامات حادة .....وقد ال تظهر أعراض مرضية أبداً ،خالل هذه الفترة يتدنى
مستوي المناعة عند المصاب تدريجيا ً .
المرحلة الثالثة :وهي مرحلة اإلصابة بمرض اإليدز ،ويعاني خاللها المصاب من أمراض انتهازية
وأمراض سرطانية قد تطول هذه سنة أو أكثر .
إن أول األمور التي تقوم بها الدول الغازية حينما تعزم على غزو دولة معينة هي التأكد من
اهتمامات شباب تلك الدول المراد غزوها وضمان أن اهتماماتهم ال ترتبط بأهداف أمتهم
ومصيرها ،وإذا لم يتسنى لهم ذلك عمدوا أوالً الي غزو عقول وقلوب الشباب بأمور يلهوا بها
ويسموا عن أهدافهم العليا حتي يتسنى لها النجاح وغيرها.
إن هذا هو الذي تم عمله حينما أرادت تلك الدول الغازية غزوا اإلسالم وأهله فبدوءا غزوهم
بالشباب عبر ثقافة الجنس والعري والرقص والغناء وعمدوا الي بث سمومهم هذه عبر أجهزة
اإلعالم المرئية – على االخص – وغيرها ،ثم قاموا بتيسير كل السبل إلتاحة الرؤية وسهولتها
عبر الوسائل المختلفة من الشبكة الدولية لالتصاالت والفضائيات وأجهزة الهاتف المحمول وقد
كانت غايتهم من هذه الحملة إطالق سعار الشهوة الجنسية وسط شباب األمة حتي يصبح الهدف
االسمى إشباع غريزة الجنس عبر المشاهدة ثم الرقص والمجون ثم االنحالل واالنحراف .
وبهذه الخطة كانت استجابة كثير من شباب االمة فأهمتهم أنفسهم فمالوا رقصا ً وطربا ومادوا عن
طريق الحق وتبرجوا عن قيم اإلسالم وفق تبرج جاهلية الغرب وأصبحوا يقولون هل لنا من األمر
شيء واألمر كله في أيديهم !!
19
الباب الخامس :الخاتمة
وصفة نبوية عظيمة لها من الدالالت البعيدة واآلثار العميقة في كبح جماح الشهوة الجنسية (اصرف
بصرك)( )32إن الختيار كلمة البصر معني أعمق وأد َّ
ق عن غيره من الكلمات ذات المعني المرادف
أو القريب ،ولهذا جاء الهدي النبوي بصرف البصر وليس النظر وذلك حينما سأل جرير رضي هللا
عنه الرسول صلي هللا عليه وسلم عن نظر الفجأة فقال (اصرف بصرك )
إن البصر يرتبط بالعقل تأمالً أما النظر فهو منقطع عن العقل – غالبا ً ويأتي عبر شرود الذهن
ويتضح ذلك من خالل قوله تعالي ( وتراهم ينظرون إليك وهم ال يبصرون ) ( ، )33فالقرآن الكريم
يثبت إبصارهم له ،لذا فمن ينظر دون أن يبصر يغشي على بصره وليس على نظره قال تعالي
( فأغشيناهم فهم ال يبصرون) ()34وقال تعالي ( ختم هللا على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم
غشاوة )( ، )35ولهذا كان األمر اإللهي للمؤمنين والمؤمنات بغض البصر ( قل للمؤمنين يغضوا من
ما الغاية من أمر اإلسالم للمؤمنين والمؤمنات بغض البصر طالما أن البصر ال يعني الزني؟
-1لقد ربط القرآن الكريم ضمان حفظ الفرج كما هو في قوله تعالي (قل للمؤمنين يغضوا من
أبصارهم ويحفظوا فروجهم) فمن هنا يترتب على ضمان حفظ الفرج غض البصر ألن
البصر بريد الزني( .والنظر أصل عامة الحوادث التي تصيب اإلنسان ،فالنظر تولّد خطرة
ثم تولّد الخطرة فكرة ،ثم تولّد الفكرة شهوة ،ثم تولّد الشهوة إرادة ،ثم تقوي فتصير عزيمة
جازمة ،فيقع الفعل والبد ،ما لم يمنع منه مانع وفي هذا قيل ( الصبر على غص البصر
أيسر من الصبر على ألم ما بعده )
قال الشاعر:
فعل السـهام بال قـوس وال وتـر كم نظرة فعلت في قلب صاحبها
()37
ال مرحبا بســـرور عاد بالضرر يسر مقلته مـا ضـر مهجـته
إن إرسال البصر الي الصور الخليعة واألفالم العارية يكون بمثابة إدخال سيئ يستقر في النفس
ليك ِّون بذرة خبيثة تنبت شجرة خبيثة تسمي الزنا ...إن هذه البذرة الخبيثة هي ذات الشررة التي
تهب عليها رياح الشيطان لتؤجّجها حتى تشعل وتحرق كل األعرض.
وحتى يتبين لك ما قلته آنفا ً أقول :أغمض عينيك ثم ارسم صورة للشيطان أما عينيك؟ هل تستطيع؟
من المؤكد أنك تعجز عن تخيل صورة للشيطان؟ ولكن لماذا؟ ألن الفرصة لم تسنح لك لرؤية
الشيطان من قبل.
من هنا دعنا نقول أننا لن نستطيع أن نستعيد صورة مشهد من المشاهد إال إذا توفرت لنا الفرصة في
رؤيته من قبل ،فحينئ ٍذ -فقط – نستطيع استعادة ذلك المشهد ،ولهذا فان الصور العارية واألفالم
الخليعة حينما تستقر في النفس وتجد طريقها الي الذاكرة يكون من السهل على الشيطان أن يخرج
هذه الصور ويزينها لإلنسان فيثير بذلك الغريزة وتضطرم الشهوة ويصدق الفرج ذلك أو يكذبه
على حسب القوة والضعف اإليماني ،من هنا جاء البيان النبوي بأن ( العين تزني وزناها النظر )
( )38بما تدخله على النفس من مناظر عارية .وإننا بهذه الصور العارية واألفالم الخليعة التي
استقرت في نفوسنا نكون قد جعلنا للشيطان أغالالً في أعناقنا وقيوداً على أرجلنا يقودنا حيث شاء ال
يحث شئنا إزالالً لنا بما كسبت نفوسنا – عن عمد ودن عمد – من صور عارية ( إنما استزلهم
الشيطان ببعض ما كسبوا )( ، )39وإن نزغ الشيطان ووسوسته ال تتم إال بما ندخله على النفس من
مناظر فاضحة وصور عارية لتمثل للشيطان بذرة خبيثة وشرارة يوشك أن يؤججها ،وإال فمن
العبث أن يختلق الشيطان صور من عنده ليعرضها على اإلنسان ،وإنه وإن فعل ذلك – بأن اختلق
صور من عنده – يكون قد عرض صور يحبها الشيطان ال اإلنسان الموسوس له ،وأنّي للشهوة أن
تستثار دون رغبة من اإلنسان نفسه ،ومن كان كيد الشيطان ضعيفا ً ( إن كيد الشيطان كان ضعيفا )
( )40ألن كيده ال يتم إال عبر تمهيد مسبق من اإلنسان بما يدخله على نفسه من أمر السوء .
21
المقدمة
-2والغاية األخرى لإلسالم من األمر بغض البصر ما يريده اإلسالم لإلنسان بأن يكون (شيئا
مذكوراً) .هل وقفت ذات مرة في سورة اإلنسان متأمالً فيما حوته هذه السورة من أهداف
عظيمة تريدها لإلنسان حتى يصبح شيئا ً مذكوراً ،فدعني أقف معك في هذه السورة وفق
هذا الشكل الذي تصورته لها.
22
المقدمة
23
المقدمة
من هذا الشكل المبسط نقول أن هللا سبحانه وتعالي جعل في اإلنسان بذرة أن يكون سميعا ً بصيراً ثم
ابتاله في تغذية هذه البذرة بأن ترك له الخيار في ( إما شاكراً وإما كفوراً ) ( ، )41فإن هو ّ
غذي هذه
البذرة بماء مشاهد الجنة التي حوتها السورة وما شاكلها تمت له نعمة السمع والبصر وأصبح فيمن
شاء هللا لهم رحمته ( يدخل من يشاء في رحمته ) ( )42ويكون بذلك شيئا مذكوراً ،وإن هو ارتكس
الي مشاهد العري والغناء الماجن ّ
فغذي بها السمع والبصر كان نتاج طمس سمعه وبصره وأصبح
من الظالمين الذين (أع ّد لهم عذابا ً أليما ً ) ويكون بذلك نسيا منسيا
فيا أيها اإلنسان إنه قد أتي عليك حين من الدهر لم تكن فيه شيئا مذكوراً وذلك قبل أن تبذر فيك بذرة
السمع والبصر فال تكن بهما كما كنت قبلهما – لم يكن شيئا مذكورا ،فكل منا – أنا وأنت – يود أن
يكون شيئا مذكوراً وهللا يريد لنا أن نكون كذلك فحدد لنا معالم الطريق وأعاننا عليه ،فإذا أردت ان
تكون شيئا مذكوراً فال تفرط في سمعك وبصرك فإن بهما فقط تكون شيئا مذكورا (إن هذه تذكرة
()43
فمن شاء اتخذ الي ربه سبيال)
إن هذه بعض عوائق الطريق قد بيّنتها لك فخذ حذرك من عواقب بصرك الي الحرام فإنه ينأى بك
على أن تكون شيئا مذكورا والتكن كاألنعام – بل أضل – تأكل وتشرب ثم تموت وال يذكرها أحد،
فبنجاحك في الدنيا وفوزك في اآلخرة معقود بأن تكون سميعا ً بصيراً.
إذن كيف يمكن أن أصرف بصري عن الحرام حتى أمنع نزغ الشيطان ووسوسته؟ وكيف يمكن أن
أمحو عن نفسي المناظر الفاضحة التي تراكمت عليها من قبل حتى ال تصبح بذرة للشيطان؟
-1إن أصل المشكلة يأتي من خالل النظر الذي يتبعه التفكير – البصر – فحينما يكون األمر
النبوي – بإصرف بصرك – فهذا يعني صرف التفكير أوالً ألن صرف التفكير يتبعه
صرف النظر .واآلن جرب معي هذه التجربة البسيطة حتى تتحقق من صدق ما قلته ،أنظر
الي أي شيء أمامك اآلن وفي نفس الوقت ف ِّكر في أي أمر آخر بخالف الشيء الذي تنظر
إليه ،سوف تجد أن نظرك اختفي عما تشاهده تماما ً وهذا ما نتعارف عليه بظاهرة الشرود
الذهني .فتذكر من هذا اليوم حينما يثير انتباهك منظر فاضح أو صورة عارية أن تشغل
تفكيرك بأي أمر آخر ،وال تشغل تفكيرك إالّ بأمر هو موضوع اهتمامك في ذات الوقت،
24
المقدمة
وهذا يأتي من مبدأ أن العقل ال يمكن أن يفكر في أمرين في وقت واحد انطالقا من قوله
()44
تعالي (ما جعل هللا لرجل من قلبين في جوفه)
-2ال تجعل حياتك تصير من العبث الي العبث ،بل أجعل تصرفاتك كلها وأعمالك جميعها تصب
في قالب المصلحة العامة لك في دينك ودنياك ،واسأل نفسك دائما أين المصلحة والمنفعة
لك من وراء نظرة الي صورة عارية؟ بل قد يكون من هذه النظرة الخطوة االولي الي درك
الشقاء!! فلماذا ال تعجل بالرجوع ...أتري أن من المصلحة أن نظرة الي الحرام تصبح
مشغوالً بها ليلك ونهارك!! لماذا تحكم على نفسك بالشقاء والتعاسة والفشل؟؟!! وهل تظن
أن النجاح والسعادة في الحياة حليف من يقضي ليله ونهاره متقلبا ً بين صورة فنانة عارية
وفلم فاضح؟؟ إن مثل هذا ال ينتظره إال البؤس والشقاء ،فاربأ بنفسك أن تكون من أمثاله،
وأخيراً دعني أهمس في ُأذنك وأقول إياك إياك أن تشعل ناراً أنت عاجزاً عن إخمادها!!
-3لو حاولنا أن نتبين من مدي طاعتنا الي هللا تعالي لرأينا أن طاعتنا الي هللا تعالي دائما ً ما
تكون فيما نُ ِحب أن نفعله أو فيما ال تكون فيه مشقّة ،أما فيما نكره فعله أو فيه مشقّة على
النفس فمعدالت الطاعة فيه تكون في أدني مستوي لها ،بمعني آخر متي تركت أمراً نهي
هللا عن فعله بالرغم من أن نفسك تحب أن تفعله .إن هللا أنعم علينا بنعمة النظر – وقد حرم
منها آخرين – وحرّم علينا أن ننظر بها الي الحرام فلماذا نبارز هللا بالمعصية وهو مطلع
علينا؟ إننا لو تذوقّنا حالوة الطاعة لشغلتنا عن مرارة المعصية ،فقل لنفسك -من اليوم – ال
أنظر الي الحرام لتتذوق الحالوة التي تجدها في قلبك ،يقول هللا تعالي في الحديث القدسي
()45
(النظرة سهم من سهام إبليس من تركها مخافتي أبدلته إيمان يجد حالوته في قلبه)
ثانيا :كيف يمكن أن أمحو عن نفسي المناظر الفاضحة التي تراكمت فيها من قبل؟
في الحقيقة أنا ال أعلم طريقة تمحو بها هذه المناظر من النفس وتقتلع جذورها الي األبد ،غير أنه
باإلمكان أن تظل موجودة بالنفس دون أن يكون لبقائها أثر سلبي على النفس ومن هنا ال يكون
خوف من بقائها ،وهذا يتأتى باآلتي:
-1أجعل من النسيان خطوة إيجابية لمحو ماران على النفس من مناظر فاضحة وصور عارية.
ولكن ما هو النسيان؟ وكيف ومتي يكون النسيان؟ النسيان هو أال يجد االمر المعين سبيالً
الي الذاكرة ويكون في حالتين:
25
المقدمة
أ -قد يكون الشيطان سببا ً رئيسيا ً في النسيان من قوله تعالي (فأنساه الشيطان ذكر ربه،)46( )..
(وما أنسانيه إال الشيطان أن أذكره) ( ،)47وإنساء الشيطان لإلنسان يتم غالبا ً في فترات
الضعف اإليماني أو االستحواذ الشيطاني على النفس ( استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم
ذكر هللا ) (، )48ألن الشيطان ( ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون ،إنما
()49
سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون )
إن النسيان لألمر المعين بحسب زيادة أو انخفاض معدالت االهتمام منا لهذا األمر ،فكلما ب-
ازدادت أهمية األمر عندنا صعب علينا نسيانه.
أتري من السهل عليك أن تنسي موعداً ضربته بيني وبينك ألمنحك فيه رطالً من الذهب؟؟ إن
المؤكد – والحالة هذه – أن يكون حضورك قبلي بساعات من الزمن المضروب!!
من هنا فمن المؤكد أن تتفق معي في أن النسيان ال يعتري اإلنسان إال إذا كان األمر عنده دون
مستوي االهمية؟؟
ولكن كيف اجعل أمراً مهما ً يصير الي دون مستوي االهمية؟؟
-1هذا يكون وفق حسابات المنفعة والمفسدة والربح والخسارة وذلك بان تسائل نفسك – ومن
األفضل أن يكون التساؤل كتابة -
-ماهي المنافع التي أجنيها من مشاهدة الصور العارية والمناظر الفاضحة؟
-ما هي المفاسد التي تجنيها منها؟
وسيصير أمر استعادة ما تركم من صور عارية بعد ذلك في سلة المهمالت – إن شاء هللا.
وإليك بعض النماذج للفوائد والمفاسد التي يمكن أن تكسبها من استعادة ما تراكم من صور عارية –
أو مشاهدتها ...
26
المقدمة
-أما المنافع فال أعلم منفعة تعود عليك من استعادة صور عارية أو مشاهدة ما تموج به
الفضائيات من األفالم الخليعة واستعراض لألجساد العارية.
27
المقدمة
من هذه المقارنة ال تجد ثمة جدوى تقودك الي االنشغال بأمور ليس لها منفعة في حياتك – الدنيوية
()50
واالخروية – ويصبح النسيان هو السبيل الوحيد لكل صورة عارية علقت بذاكرتك
إن أستاذ فن الشهوة الجنسية – سيدنا يوسف عليه السالم – هو الذي علمنا هذا الطريق حينما قارن
بين أحوال السجن وبين حاله بين امرأة العزيز ورفيقاتها ثم فضَّل حياة السجن عن غيرها وهذا ما
()51
بينه لنا القرآن الكريم مجمالً في قوله تعالي (رب السجن أحب الي مما يدعونني إليه )...
-2إن الذنوب والمعاصي واآلثام التي نرتكبها غالبا ً ما تمر بمراحل حتي تصبح سلوكا ً وعمالً
يعمله اإلنسان ،أول هذه المراحل نظرة ثم خاطرة تخطر على البال ثم تتكون لتصبح فكرة
توشك أن تنفّذ ثم تصبح سلوكا ً وعمالً ثم تكون عادة ( ،)52وأفضل األساليب لمحاربة الذنوب
والمعاصي أن نحاربها وهي في طور التكوين واإلنشاء ،فالنظرة تكوين لصور عارية
والخاطرة منشأ لها بعد التكوين ،وقد تحدثنا عن كيفية عالج النظر الي الحرام أما ما نريده
هنا فهو محاربة الخواطر السيئة حتي ال يقوي أمرها ويشتد غرمها وتصبح ذنبا ً يقترف.
االنسان
عادة
سلوك
وعمل
فكرة
خاطر
نظرة
ة
فحينما تخطر ببالك خاطرة سيئة ما عليك إال أن تستبدلها بخاطرة حسنة بشرط أن تفوقها في
مستوي األهمية عندك ،وقد جعل هللا لنا القدرة على السيطرة على الخواطر واألوهام السيئة التي
تعيث في نفوسنا فساداً فقط كما قلنا استبدل بخواطر حسنة وال تتمادي في تفاصيل الخواطر السيئة.
28
المقدمة
إن هذه الخواطر الخبيثة بمثابة الحشائش الضارة التي إن لم تقتلع من جذورها عند بداية نم ِّوها
سوف تنمو وتتكاثر حتى تترك األرض بوراً للسباع وهوام األرض.
قل لنفسك لن أدع الخواطر السيئة تسيطر عليك بعد اليوم ،وقم بعمل ما قلناه آنفا ً وهي كما يلي:
29
الباب الخامس :الخاتمة
ال نريد أن نناقش قضية أخري في هذا الفصل ،بل نريد أن نناقش ذات القضية التي طرحناها في
الفصل األول – قضية غضّ البصر – والجديد في هذا الفصل أننا نريد أن نتناول تلك القضية من
وجهة أخري غير التي ذهبنا إلها في الفصل األول وهنا نريد أن ننطلق من افتراضين:
األول :افتراض أن كل الذي ذهبنا إليه في الفصل األول لم يؤت ثماره المطلوبة منه تماماً ،بل
مازال في إرسال البصر بقية.
الثاني :أن الصور العارية واألفالم الخليعة والمناظر الفاضحة صارت في متناول يد وعين كل
إنسان ،وال تكاد تخلو قناة فضائية أو مجلة منها ،حتي الشوارع أصبحت تع ّج بالنساء الكاسيات
العاريات فأصبح من العسير على اإلنسان غضّ بصره تماما ً فما المخرج والحالة هذه؟ وما الحل؟
إن ُج ّل األعمال التي نُقبل على عملها وفعلها باختيارنا يكون الدافع األساسي من ورائها هو رغبتنا
َّ
في أدائها ،ولذا فإن الرضا هو األساس الذي يترتب عليه جميع تصرفاتنا االختيارية وهو الدرجة
األولي في سلَّم األعمال واالفعال اإلنسانية.
إن نظرات الرضي التي تنطلق منّا الي اآلخرين تزيّن في أعيننا أعمال اآلخرين جميعاً ،بينما نظرة
ّ
السخط الي اآلخرين تسوّد كل ما هو أبيض من أعمال اآلخرين (أفمن زيّن له سوء عمله فرآه حسنا
()53
فإن هللا يضل من يشاء)
وخروجا ّ من هذه الدائرة فإن المقياس الحقيق ألعمال اآلخرين وأفعالهم هو مقياس الدين اإلسالمي
الحنيف .إن مع هذا السيل الجارف من المناظر الفاضحة التي تموج بها القنوات الفضائية المختلفة
َّ
الزينن لهم في األرض والمجالت المتنوعة يكون التحدي الشيطاني األكبر (قال ربي بما أغويتني
()54
وألغوينهم أجمعين)
لقد حرَّم اإلسالم الرضي القلبي للمنكر ومنع منه فقد قال رسول هللا صلي هللا عليه وسلم (من رأي
()55
منكم منكراً فاستطاع أن يغيره بيده فليغيره فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه )....
فاإلنكار بالقلب يعني عدم الرضي والقبول فماذا فعلنا تجاه ما نشاهده من مناظر فاضحة وأغاني
ماجنة؟
لماذا ننظر الي النساء الكاسيات العاريات الملعونات نظرة رضا وقبول ونجعل للشيطان أساسا ً
تربعن على قّمة الرقي والتح ّ
ضر والسعادة؟ إنّها ّ لتزيين المنكر؟ لماذا ننظر إليهن من زاوية ّ
أنهن
سعادة جوفاء وتم ّدن مش ّوه منحرف عن الهدي اإللهي (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة
()56
ضنكا)
ّ
إن أقل ما يمكن أن تفعله هو إنكار القلب وعدم الرضي ويعنى هذا نظرة السخط والمقت ألولئك
المنحرفين الضالّين ليس تكلّفا ً ولكن حقيقة لقوله صلي هللا عليه وسلم (صنفان من أهل النار لم
أرهما ...قوما ً معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ،ونساء كاسيات عاريات مائالت
مميالت رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ال يدخلن الجنة وال يجدن ريحها) (.)57
يجب أن نعلم أن ما نشاهده في القنوات الفضائية والمجالت المتنوعة لم يأتي عبثا ً أو عن طريق
الصدفة إنّما جاء نتيجة هجمة مرتبة ومنظمة من قبل أعداء اإلسالم هدفها إقصاء أهم شريحة من
المجتمع اإلسالمي عن اإلسالم ،وأن تسود الفاحشة والرزيلة في ديار اإلسالم ،وهذا ما أخبرنا هللا
به منذ أربعة عشرة قرنا ً من الزمان وجاء نصه في القرآن الكريم بمثابة رسالة تحذير للمسلمين من
كيد عدوهم (ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميالً عظيماً) (.)58
فلماذا نكون عجينة في يد أعدائنا يش ِّكلوننا كيف شاءوا؟ لماذا تستضعفنا شهواتنا ونقف أمامها
عاجزين على أن نقول هذا منكر – فقط بالقلب؟
إنني كثيراً ما أقف متعجبا ً من موقف الصحابة رضوان هللا عليهم من الثالثة الذين خلِّفوا عن غزوة
تبوك.
لقد قاطعوا هؤالء الثالثة الذين تخلفوا عن الغزوة بمجرد أن علموا عدم رضا هللا ورسوله عنهم،
( حتي إذا ضاقت عليهم األرض بما ولم يجد هؤالء الثالثة الرضا والقبول من أقرب الناس إليهم
رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن ال ملجأ من هللا إال إليه )( )59رضي هللا عنهم ورسوله ،
وتبدلت عين السخط من الصحابة رضوان هللا عليهم الي عين رضي وقبول .
31
المقدمة
ولهذا فإن عين الرضا يمكن أن تنقلب الي عين سخط بمجرد تقليب المساوي الي المحاسن ،من هنا
ال أحسب أن مما تبثه الفضائيات من مناظر فاضحة وتطالعنا به المجالت والصحف من صور
عارية به شيء من المحاسن ولو ذهبنا بقليل من الجهد لنحصي المساوي نكاد أن نعجز عن
إحصائها هذا من غير الذي أشرنا إليه في هذا المقام.
إننا نهدف في هذا الفصل إليجاد وقاية ذاتية وخلق إرادة قوية لمنع أي تأثير سلبي وفق هذه
الخطوات:
-1تعوّد أن تنكر شفاهةً كل منظر مثير للشهوة وذلك بأن تقول (اللهم هذا منكراً أنكرناه).
-2استعن بإحصاء جميع المساوي التي يمكن أن تجنيها من نظرك الي مشهد محرك للغريزة
الجنسية – وال بأس إن كان كتابة.
-3ارجع بذاكرتك الي كل المساوي التي دوّنتها سابقا ًكلما أثارك مشهد من المشاهد المثيرة.
-4تف ّوه بكلمات سب ولعن في كل مرة ترغم فيها على النظر وذلك الن اإلحساس والفعل
يسيران في خط واحد.
32
الباب الخامس :الخاتمة
هناك خط رفيع فاصل بين األماني والرجاء ،فاألماني هي الخطوة غير العملية السابقة للرجاء وهما
خطوتان مكملتان لبعضهما البعض فاألماني بذرة الرجاء.
(فلو ان رجالً كانت له أرضا فاهملها ولم يبذرها ولم يحرثها وتمني أن تعود عليه بالخير الوفير
واإلنتاج الكثير لعده الناس من أسفه السفهاء ،ولكنه حينما يكمل أمانيه بإصالح أرضه حقيقة وبذرها
وحرثها وتعهدها ورجي شيئا ً استلزم رجاؤه ثالثة أمور:
-1محبته ما يرجوه.
-2خوفه من فواته.
-3سعيه في تحصيله بحسب اإلمكان (.)60
قال تعالي (إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل هللا أولئك يرجون رحمت هللا وهللا
غفور رحيم) ( )61إننا بهذا نريد أن نحاول أن نقلل من األماني عن النفس – ال الرجاء – وذلك الن
األماني ال فائدة ينتظر أن تعود منها إال أن يصاحبها عمل ،وليس من أهدافنا – في هذا الفصل – أن
نمنع بذرة األماني من النمو ألننا أعجز ما نكون لتحقيق ذلك ،فضالً على أن األماني من الفطرة
التي فطر عليها اإلنسان وإنما غايتنا ان نستعذب كل ما يصب على بذرة األماني حتي تؤتي ثماراً
طيبة االكل.
إن التمني ليس شراً كله ولكن الشر منه حينما يكون خارج دائرة الحق وإتباعا ً لهوي النفس
والشيطان (والعاجز من اتبع هوي نفسه وتمني على هللا األماني) (.)62
إن الشعور بالنقص والحاجة هو األساس لمنشأ األماني ولهذا كانت أماني قوم فرعون حينما خرج
إليهم قارون في زينته فكان من قولهم (يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم) (.)63
وحتى الشعور بالنقص والحاجة ينحصر فيما يتعلق باإلدراك اإلنساني ولهذا كانت أماني قوم
فرعون حينما رأوا بأعينهم قارون في زينته.
ومن هنا كان من المستحيل على اإلنسان أن يتمني شيئا ً لم يره أو يتمني شيئا ً لم يسمعه أو يتمني
طعاما ً لم يتذوقه من قبل ،فما خرج عن دائرة اإلدراك اإلنساني خرج عن دائرة األماني واستحال
على النفس أن تتمناه .ولهذا فإن كل شيء نبصره ونسمعه من الخير والشر يظل حبيسا ً في الذاكرة
ليكون الخطوة االولي الي الخير أو الي الشر على حسب ما أبصرنا وما سمعنا ،ثم تتابع الخطوات
إما الي الخير أو ليكون العون فيها من هللا تعالي (وأن هللا يهدي من يريد) ( ، )64او تتابع الي الشر
ويكون الشيطان معينا ً عليها (وأضلنهم وألمنينهم وآلمرنهم فليبتكن آذان األنعام )( .)65وآمراً بها
الستحكام االماني في النفس.
وألن السرقة ما تكون إال عند استحكام األماني في النفس بمعني تمنِّي شيئا ً ال أملكه فيكون عندئذ
أخذ الشيء بغير وجه حق ،تكون االماني السيئة الخطوة االولي في طريق الزنا ليكون انتهاك
عرض بغير وجه حق.
إن سقيا بذرة األماني بماء طيب أو خبيث تتوقف علينا وفق إرادتنا الحرة في ذلك لتؤتي ثماراً طيبة
أو ثماراً خبيثة وفقا ً لما يتم سقايته بها من ماء طيب أو خبيث وهذا يعتمد على التعامل الصحيح
الناجح مع المعطيات الخارجية لإلنسان.
إن الذي تستهويه االماني واالحالم بعد رؤية الصور الفاضحة واألفالم الخليعة لينسج لنفسه من
الخيال بيتا ً وزوجة ثم يغرق في التفاصيل واألحالم الي أبعد من ذلك ال شك أن األماني تملك زمامه
ويكون بذلك قد أجج نار ال يملك لها ماء في الواقع إال عبر الطريق الحرام والممنوع.
وهكذا فإن االماني إذا عظم أمرها في النفس تؤ ّدي الي االغترار بها وتكون الفتنة للنفس (ولكنكم
فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم األماني) ( ،)66ثم تتحول من بعد ذلك الي حلم يراود اإلنسان
34
المقدمة
من هنا فإننا ال نريد أن نكبت النفس عن االماني ألن هذا االمر صعب إن لم يكن مستحيل – كما قلنا
آنفا ً – إننا نريد أن نتمنى ،ولكن وفق ضوابط وقيود وشروط يجب أن تراعي حتي ال تكون العاقبة
خزي وندامة ،وهذه الضوابط التي نري االلتزام بها هي:
-1إن االغترار بالشيء هو الخطوة االولي الي األماني ألن هذا ما جعل الطائفة من قوم فرعون
حينما رأوا قارون في زينته واغتروا بما رأوا كانت أمانيهم (يا ليت لنا مثل ما اوتي
قارون) ( ،)68وهذه الطائفة مع ذلك كانت إرادتهم للحياة وتمسكهم بها أقوي ( قال الذين
يريدون الحياة الدنيا ) ،وما أدل على ذلك من أن الطائفة األخرى من المؤمنين رأوا ما
رأوا ولم يغتروا بذلك بل كان من قولهم (ويلكم ثواب هللا خيراً لمن آمن وعمل صالحا ً )(.)69
إن الذي يغتر بمشاهد الراقصات العاريات عبر الفضائيات المختلفة ال شك أن األماني
تتملكه حتى تنسج له في الخيال أنه أصبح معهم راقصا ً وبينهم سامراً ثم ما نلبث أن تتأجج
نار الشهوة الجنسية ليهبط من أرض الخيال الي أرض الواقع ليجد نفسه عنهم بعيد ،ولقد
عدت منهم بشهوة متأججة ال تملك لها ما ًء إال بغير وجه حق!! ودفعا ً لهذا فإن أولي
خطوات األوبة تبدأ من دفع خواطر االغترار عن النفس فإن االغترار ذم ال مدح وال تجعل
مقياسك بالمظاهر بل يجب التركيز على جوهر األشياء ،وال تحقر نفسك فإنك أطيب وأكرم
وأع ّز من أولئك العابثين والعابثات والراقصين والراقصات (وهلل العزة ولرسوله وللمؤمنين
()70
ولكن المنافقين ال يعلمون)
-2إن أفضل األحوال التي يخرج منها الشيطان منتصراً – في الغالب – وتثمر بذرة الوسوسة
ثمارها السيئة ،حينما يكن اإلنسان مختليا ً بنفسه عابثا ً بخياله ،فالشيطان بوسوسته ٌأقرب
الي الواحد منه الي اإلثنين لذا كانت الجماعة وقاية وحصن من كيد الشيطان وغوايته ،وما
أكل آدم وحواء من الشجرة التي ُمنِعا منها إال حينما وسوس الشيطان لكل واحد منهما على
حده ( فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك ال يبلي ) ( )71ومن
هنا كان تحريم الرسول صلي هللا عليه وسلم للخلوة – بين الرجل والمرأة – والتي هي محل
خصب لوسوسة الشيطان وكيده .وضبطا ً لألماني السيئة وقطعها نقول أحرص على أال
تختلي بنفسك إال إذا دعت الحاجة لذلك مثل محاسبة النفس ،والتفكر في ملكوت هللا ...
وغيرها فإن الشيطان في مثل هذه األحوال يكون أبعد وأضعف من أن يكيد بك ،فإذا خلوت
35
المقدمة
بنفسك ووجد الشيطان إليك سبيالً فما عليك إال أن تسرع الي مخالطة الجماعة – أي كانت
الجماعة ،أسرة ،أصدقاء وغيرها ،،،،
-3الخيال واحد من سبيل الخواطر السيئة واالماني الباطلة أن جنح به اإلنسان الي غير المفيد
من األمور كأن يتخيل ما استقرت في نفسه من مناظر فاضحة وصور عارية ،وهو بهذا
مفتاح لنار الشهوة الجنسية .ولما كانت غايتنا من هذا البحث استقرار الشهوة الجنسية
وهدوئها كان ال بد من إغالق لهذا الباب الذي يؤ ِذن باشتعال شرارة الشهوة الجنسية.
وألن الخيال هو استعادة ما تراكم في النفس من صور عارية – على سبيل المثال – دون
تمنيها وهي عملية طبيعية للذاكرة في استعادة المدخرات فإن مدافعة مثل هذا الخيال السيئ
بإحصاء النتائج السالبة من هذا الخيال بمعني أنني حينما أتخيل في الوقت نفسه عاقبة أ-
هذا العري في الدنيا – بتأخير بعض المصالح – واآلخرة بالخسران المبين وُأعظِّم هذا
اإلحساس وهذه العاقبة في نفسي.
وهناك سبيل آخر لمدافعة خيال الصور العارية وذلك بأن تتخيل بجانب ما سبق أختك ب-
أو أمك أو ابنتك أو ...بهذا المنظر.
إن الرسول صلي هللا عليه وسلم حينما استأذنه ذلك الغالم في الزنا ما كان من الرسول
صلي هللا عليه وسلم إال أن يدفع عنه أماني الزني بخيال أن يزني بأمه أو أخته أو ابنته
بالرغم من أن الواقع على غير ذلك بمعني أن أمه أو أخته ال يزني بها في هذا الوقت،
فما كان من ذلك الغالم إال أن ينفر من ذلك الخيال الذي يصوّر له الزني بأمة وأخته
وابنته بقوله ( كال جعلني هللا فداك ) ثم انصرفت عنه أمانيه الي الزني تبعا ً لذلك .إنك
إن استغنيت بهذا العالج وحدة لخيال الصور العارية لكفاك عن غيره فال تبطئ في أن
تجرب.
36
الباب الخامس :الخاتمة
أن تستثمر مكاسبك فهذا أمر يسع الجميع فعله ،أما أن تحيل خسائرك الي مكاسب فهذا ما يعجز عن
فعله الكثيرون.
إن أوقات الفراغ بمثابة األرض الخصبة التي تؤتي ثمارها – خيراً وشراً – وفقا ً لما تمت زراعته
بها ،وثمارها تكون سلوكا ً طيبا ً أو وباالً على صاحبها.
إن الوقت هو الحياة ،فإذا لم نستثمره فيما يحقق لنا السعادة والفوز والنجاح ،كان هو نفسه السبيل
الي النكد والشقاوة والتعاسة ،فالوقت الذي يضيع من بين أيدينا على حين غرة منا هو ذاته الدرجات
التي يسمو بها آخرين الي ذري المجد والفالح.
فالساعة التي أنفقها في مشاهدة فيلم أو أغنية ماجنة هي ذات الساعة التي يحوّلها الناجحون الي
مكاسب – عاجلة أو آجلة – فما بين الناجحين والفاشلين هو استثمار الوقت فيما يعود على اإلنسان
بالخير – عاجالً أو آجالً – لذا فإن غبن األلوف من الناس يأتي حينما يروا أن الناجحين قد تربعوا
على قمم المجد وفقا ً لالستثمار المفيد والناجح ألوقاتهم (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس –
()72
الصحة والفراغ)
إن األرض إذا لم تزرع وتركت بوراً طالتها هوام األرض وما ض ّر وفسد من الحشائش كالنفس
تماما ً إذا لم تزرع بالخير فالشر ثمار حتمية لها ومن هنا كان قول اإلمام الشافعي (إذا لم تشغل
نفسك بالحق شغلتك بالباطل) فالنفس ال تهدأ أبداً.
ولقد حضَّ اإلسالم المسلم على المبادرة والمسارعة الي كسب نعمة الصحة والفراغ حتي ال تنقلب
على صاحبها وباالً ونغمة (بادروا باألعمال سبعاً :هل تنظرون إال فقراً منسياً ،أو غني مطغيا ً ،أو
مرضا ً مفسداً ،أو هرما مفنداً ،أو موتا ً مجهزاً ،أو الدجال فشر غائب ينتظر غائب ينتظر أو
( )73
والساعة والساعة أدهي وأمر )
والناس في أوقات فراغهم ليسوا على نسق واحد ،ولكن التباين هو السمة الغالبة بينهم وأفضل الناس
في استثمار وقت فراغهم هم الذين يستخدموا طاقتهم الفكرية والروحية والبدنية فيما يعود عليهم
بالمنفعة في دينهم ودنياهم ،وأفضل األعمال هي التي يتوفر فيها بجانب المنفعة الرغبة في أدائها.
لذا فإننا نقول إن من أساسيات العمل الناجح أن تتكامل فيه ثالث طاقات أساسية:
-1الطاقة الروحية :وتعمل على ضمان استمرارية العمل وبث الرغبة والنشاط فيه والشوق
إليه.
-2الطاقة الفكرية :وتعمل على ضمان التطور والتقدم والتميز في العمل إذ بدونها يصبح العمل
روتينيا ً وما يلبث اإلنسان أن يجمد إليه وتنقطع رغبته فيه وينحسر اندفاعه إليه.
-3الطاقة الجسدية :هي األساس للطاقة الروحية والعقلية وما ذلك إالّ ألن الطاقة الجسدية تبرز
األثر المادي الظاهر للعمل ،وتنبع أهمية الطاقة الجسدية من أن الجسد اإلنساني حينما
يصاب بأي أذى وألم ما تلبث أن تتفاعل كل الطاقات اإلنسانية مع هذا األلم واألذى ومن
هنا كانت العبارة القائلة (الجسم السليم في العقل السليم).
قد يقول كل منا أريد أن أعمل ،ولكن !!...الشهوات ...الظروف ...العقبات ..الواقع ...من أين
البداية ...وهكذا
قلبوا معي صفحات عظماء ومشاهير جميع األمم – السابقة والحديثة – فسوف تجدوا أن هؤالء
العظماء لم يتبوؤوا هذا الشرف ويسموا الي هذا المقام إال عبر ما قدموه ألممهم من أعمال
وتضحيات وبطوالت في مختلف المجاالت حازوا بها على شرف العظمة والشهرة وسطروا أنفسهم
في صفحات مشرقة فعاشوا وهم أموات.
وفي تاريخنا اإلسالمي نجد أن أكثر الصحابة رضوان هللا عليهم عظمةً وشهرةً هم الذين تعاظم
عطائهم وعظمت أعمالهم وكثرت تضحياتهم لإلسالم عن غيرهم من بقية الصحابة ،وخذ على
سبيل المثال الخلفاء األربعة .إنني أريد لك أن تكون شيئا ً مذكوراً فدعني أقبل عليك لتفصح لي عما
ستقدمه بعزم صادق وهمة عالية ألمتك حتى تكون مذكورا وتحفر السمك بين عظماء ومشاهير
األمة ،لذا:
فحتي تكن شيئا ً مذكورا دعني أبيّن لك معالم الطريق والتي تتمثل في:
- 74سورة محمد – اآلية ()21
38
المقدمة
39
المقدمة
عبادة هللا
عمارة االرض
سنن التسخير
وسخر لكم
40
المقدمة
إن الهدف وحده ال يكفي فهو يحتاج الي المناصرة الدائمة طيلة السعي الي تحقيقه وتأتي هذه
المناصرة من قبل ربط أشواقك بهدفك والذي يعني الطموح ،وما نصبوا إليه هو أن يكون هدفك
أمام عينيك دائما ً وال يكن كذلك إال باستدامة الطموح ،فالهدف ال يكون هدفا ً حقيقيا ً إذا كان على
سبيال الخاطرة التي تخطر على البال ثم ما تلبث أن تغيب عنه الن الهدف الحقيقي هو الذي
يكون عالقا ً بك وهذا تأتي ب.
وال يكون هدفك عالقا ً بك إال إذا كنت تتصوره في خيالك ،فاألعمال – على اختالفها – بالنيات
على صغرها (إنما األعمال بالنيات) ( )76والنية هي تصور اإلقبال على عمل ما ،فاألعمال
العظيمة تبدأ بالنية ،والنية ليست عمالً بل خياالً لصورة العمل ،فتصور النهاية لهدفك يجعل
من البداية أمراً ميسوراً .
-4الثقة في الوصول:
اشحذ نفسك ثقة في الوصول الي هدفك طالما أنك لم تطرق للمستحيل باباً ،وطالما أن باإلمكانية
تحقيق ما تريد ،فإذا تم لك العزم بالبداية فثق في النهاية التي لن تكون فيها وحدك (فإذا عزمت
فتوكل على هللا إن هللا يحب المتوكلين) ( ،)77فالخطوة االولي عليك وحدك وفي البقية هللا سندك
()78
(والذين اهتدوا زادهم هدي آتاهم تقواهم )
-5الزاد...عقلك وتفكيرك:
إن كل رحلة تحتاج فيها الي زاد ،وال زاد في هذه الرحلة الي تحقيق هدفك إال عقلك وتفكيرك ،فإن
حاجة العقل والتفكير هنا تكون بتذليل كل العوائق والعالئق ( )79في طريق الوصول.
إننا تعودنا بحكم التربية أال نستخدم طاقتنا العقلية إال في جزء يسير جداً من حياتنا بالرغم من أن
طاقة الفكر والعقل هي مصنع المعجزات إن سخرناها في أهدافنا ،فال تجعل عقلك وتفكيرك يتخلف
عنك في هذه الرحلة ،لذا فأدخل أهدافك مصنع المعجزات وأجعل نفسك مديراً ومشرفا ً عليه،
ووظّف جسمك ومن حولك عماالً فيه ،واستجلب من ( وسخ ّر لكم ) مواداً خاما ً له ،وأجعل من
- 76مختصر صحيح البخاري – حديث رقم ()1
- 77سورة آل عمران – اآلية ()159
- 78سورة محمد – اآلية ()17
- 79العالئق :ما تعلق بالقلب من شهوات الدنيا – راجع الفوائد – ابن قيم الجوزية – ص 168
41
المقدمة
روحك مديراً للترويج واإلعالن إليه ،ثم أجعل من عظماء ومشاهير االمم معياراً للجودة له يكن
بذلك المنتج أكمل وأجمل وأفضل ما يصل إليه خيالك .
ال تحسب أن إمكانياتك القليلة – في نظرك – المتاحة لك ال تستطيع بها فعل شيء ،ألن هذا
اإلحساس سلوك بك الي طريق اليأس ويكون من عوائق من عوائق الرحلة ،فإن ما كسبته من
إمكانياتك القليلة والمتاحة مرهون لهدفك ( كل نفس بما كسبت رهينة )( ،)80فما عليك إال النظرة
بإيجابية لما حولك ثم تسخيره كله في تحقيق هدفك حتي ال يكون ما رُهن لك من مكاسب سببا ً في
شقائك وتعاشتك .
إن النظرة لألمور بسلبية هو اليأس ،وما نريده منك هو تغيير هذه النظرة الي اإليجابية ،ابحث دائما ً
عن اإليجابيات وغض طرفك عن السلبيات فإن فيها دائك وأعلم أن معية هللا سترافقك وتكون سببا ً
ما يولّده الفشل من إبداع ال يولده النجاح ،ألن الفشل يقودك الي التفكير اما النجاح فيقعدك عنه ،
والفشل ليس هو نهاية الرحلة بل هو محطة يتزود فيها اإلنسان بأفكار جديدة أي أنه هو محطة
تجديد وترتيب األفكار ،فألن أوقف عند محطة الفشل ألتزود بتجديد وترتيب األفكار خير من أن
أواصل الرحلة ألفكار توشك ان تصيبها الرتابة ،لذا فإن ما نتعلمه من الفشل أضعاف ما نتعلمه من
النجاح ...
إن هذا ال يعني أن يكون الفشل غاية تضرب إليها أعناق اإلبل ،ولكن يعني االستبشار للفشل إن ح ّل
بنا ،وأعلم أن أفضل شيء لكسر الفشل فأس علو الهمة فاحتفظ به دائماً.
وهذا مقتبس من تعامل اإلسالم مع المصيبة والبالء التي (ال ينبغي ألحد أن يتمني البالء ويطلبه من
هللا عزوجل بل يطلب العفو والعافية في الدنيا واآلخرة أما بعد حلول البالء فساحة الصبر أوسع
الساحات لقوله صلي هللا عليه وسلم (من يرد هللا به خيراً يصب منه) ،أي يصيبه ببالء (. )82
42
المقدمة
ال تأبه بالنداءات المتكررة بالنقد من المثبطين والساخرين فإنما نداءاتهم شهادات بكمالك وعلو
همتك فألن أسير خلف ركاب العظماء بعلو همة خير من أن أكفكف أدمعي حسرة وضعفا ً
فكم لرب الوري في ذاك من فرج فإن لحـقت بهم من بعدما سبقوا
فما على عرج في ذاك من حرج وإن بقيت بظهر األرض منقطعا ً
(فتذكر أن النقد الظالم إنما هو اعتراف ضمني بقدراتك وأنه بقدر النقد أهميتك وقيمتك يكون النقد
الموجة إليك ،ثم ركز جهودك في العمل الذي تشعر من أعماقك أنه صواب وصم أذنيك بعد ذلك
عن كل ما يصيبك من لوم الالئمين) (. )83
-1أجعل لنفسك هدفا ً ساميا ً يرتبط بك وبأمتك (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا ً وأنكم إلينا ال ترجعون)
()84
()85
-2أمأل روحك شوقا ً الي بلوغ هدفك (فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به)
()86
-3أبدأ والنهاية في خيالك (وما يلقاها إال الذين صبروا وما يلقاها إال ذو حظ عظيم)
-4أمأل قلبك يقينا ً وثقة في الوصول الي غايتك (فإذا عزمت فتوكل على هللا أن هللا يحب
()87
المتوكلين)
-5أجعل عقلك وفكرك زاداً في مسيرتك نحو هدفك (وتلك األمثال نضربها للناس لعلهم
()88
يتفكرون)
()89
-6استثمر ما أتيح لك من مكاسب (كل نفس بما كسبت رهينة)
43
المقدمة
-7احذر اليأس فإنه أولي خطوات الفشل (وال تيأسوا من روح هللا إنه ال ييأس من روح هللا إال
()90
القوم الكافرون)
()91
-8أجعل من الفشل خطوة الي طريق النجاح (إن هذا لهو الفوز العظيم)
-9صم أذنيك عن النقد والسخرية الموجة إليك وركز جهودك في عملك ( وكلما مر عليه مأل
()92
من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون )
44
المقدمة
قد ال تحتاج الي أي بديل عالجي ووقائي آخر لمغالبة تيار الشهوة الجنسية المنبعث من النفس إذا ما
خطونا خطوات جادة ووضعنا لبنات قوية في سبيل بناء إرادة قوية وهذا ينبع من أهمية اإلرادة في
مدافعة السلوك المنحرف والفعل النشاز الذي يطرأ على اإلنسان.
قد يقف اإلنسان حائراً أمام الحركات الروتينية ألعضاء جسمه المختلفة من حيث المصدر داخل
جسم اإلنسان الذي تصدر عنه أوامر الحركات المختلفة؟
حينما أرفع يدي أو أخفضها وحينما أحرك قدمي لألمام أو الي الخلف ..من الذي أصدر لها االمر
بهذه الحركة؟ هل اليد أو الرجل هي مصدر هذه الحركة؟ بمعني أنها هي التي أمرت بالحركة وهي
التي ّ
نفذتها؟ وإذا كان هذا حقا ً فقم من فورك وأضرب وجه أخيك أو أختك !! أتراك فاعل هذا
ولماذا؟
إن اليد والرجل ال تدرك عواقب األفعال لذا فإنها تنفذ وال تصدر أمراً ،إذن هناك قوة داخلية في
اإلنسان هي التي تتولي أمر إصدار األوامر المختلفة وعلى جميع أعضاء جسم اإلنسان االستجابة
والتنفيذ لهذه القوة ،إنها اإلرادة التي نحن بصدد الحديث عنها ،إننا ال نريد أن نصطحب معنا في
بناء اإلرادة طائفة من أشباه المالئكة والرسل ،وال نريد أن نفترض شروطا ً من المستحيل أن تتوفر
في دنيا الواقع لبناء اإلرادة ،بل نريد أن نقول إن كل إنسان يسعه أن يبني إرادته بإمكانياته المتاحة
له فقط الن كل إنسان يسعه أن يصرف يده عن النار الملتهبة الحارقة !!
هل جربت الصوم عن الطعام والشراب ليوم واحد؟ إذا جربت سوف تكن من الناجحين في بناء
إرادتهم – إن شاء هللا – فالصوم هو تدريب عملي لبناء اإلرادة في اإلنسان.
إن كل الذي نريد أن نصل إليه لبناء اإلرادة هو تقوية جانب اإلقبال أو المنع على الفعل المعين ،فإذا
نجحنا في ذلك نكن قد نجحنا في بناء اإلرادة في نفسك.
إن الطعام والشراب يكون ميسوراً وفي متناول يد الصائم – إن أراد ذلك – ولكن تغليب إرادة المنع
يجعله يمتنع أشد االمتناع عن تناول أحدهما أو كالهما ،لذا فإننا نريد أن نقوي إرادة االمتناع عن
السلوك المنحرف حتى وإن كان الطريق إليهما ممهداً وميسر اًو ليس هذا باألمر العسير فعله على
صاحب اإلرادة القوية وال اخالني أطرق للمستحيل بابا ً إن طلبت هذا األمر منك!!
45
المقدمة
إن الطريق للهداية والصالح ال تقطعه وحدك بل معية هللا سترافقك بعد أولي الخطوات والتي تكون
ثمرة لإلرادة القوية الصادقة ،لذا فإن الخطوة األولي هي التي ستخطوها وحدك ،ولن تستطيع ذلك
( وأن هللا يهدي من يريد )( ، )93وألن ثواب الدنيا لمن يريد إن كنت صاحب إرادة ضعيفة واهنة
( ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها )( )94وثواب اآلخرة لمن يريد ( ومن يرد ثواب اآلخرة نؤته منها )
وإن العفَّة تعتمد على من يريد ( ...من يستعفف يعفه هللا )(. )95
إن كل أفعالنا التي نأتيها على سبيل العادة كان منشؤها التكلف – أي حمل النفس على الفعل المعين
– ثم يتدرج الفعل حتي يصير عادة ،وحمل النفس على العفة – التعفف – يؤدي في نهايته الي
العفة ،وألن أتشبه تكلفا ً بأهل الصالح والتقي خير من أن أتشبه بأهل الفسق والضاللة .
فكم لرب الوري في ذاك من فرج فإن لحـقت بهم من بعدما سبقوا
فما على عرج في ذاك من حرج وإن بقيت بظهر األرض منقطعا ً
إن غايتنا من الحديث عن بناء اإلرادة كما أسلفنا تنتهي بنا للكيفية التي يمكن بها مغالبة كل سلوك
منحرف ،فإذا قلت لك قم اآلن وضع أصبعك الوسطي على النار حتي تتساوي مع بقية أصابع اليد؟؟
أتراك فاعل هذا؟ من المحقق أال تستجيب لهذا األمر حتي وإن صدر من إرادتك ،وليس ألنك تحس
باأللم من حرق إصبعك اآلن !! ولكن من التوقع باإلحساس باأللم إن أحرقت إصبعك ،وكذلك إن
قلت لك قم اآلن وخذ حجراً وحطم به جهاز التلفاز الذي في منزلك!! إنك لن تفعل هذا أيضا ً ولو
صدر من إرادتك لتوقع العاقبة من هذا الفعل والذي قد يثير غضب أهل البيت عليك وقد يؤدي الي
وصفك بالجنون و....و....و ....إلخ
من هنا دعنا نقول إن إرادتنا ال تستجيب ألي فعل إال إذا اتسم هذا الفعل باإليجابية والقبول والرضا
في أعين اآلخرين بمعني أال يعود هذا الفعل عليك باألذى – الفعلي أو القولي – من جراء فعله.
إذن دعنا نستشعر ما تعود به علينا االستجابة الي نوازع الشهوة الجنسية من مخاطر.
إن كل منا يحب المكانة والصيت في قومه ،كل منا يحب أن يكون عند اآلخرين حسنا ً مقبوالً ،
فعل لك يفتضح أمرك ّ ،
إن هذا فكيف بك لو افتضح أمرك بين قومك ،ومن يدري فلع ّل عند أول ٍ
46
المقدمة
يعني أن تسوّد سمعتك أمام قومك فال تجد أحداً يأتمنك على عرضه وأهله وتصير بين الناس خائنا ً ،
وهب أن أمرك لم يفتضح من أول فعل جنسي تقوم به ،فكيف تضمن نفسك أنك لن تصاب
باألمراض الجنسية المستشرية حاليا ً – اإليدز مثالً – وهل هناك عدد محدد من المرات تضمن
بفعله سالمة الممارسة من هذه األمراض أم أن الوقعة األولي قد تكون هي اإلصابة المحققة لك ؟!
فربّ لذة ذائلة تفقدك سمعة وصحة دائمة ،فكم من مشاهير – تعرفهم أنت وأنا – طوتهم صفحات
األيام ونسيهم الناس من جراء شهوة وقفوا أمامها عاجزين وأصبحوا أحقر في أعين الناس من الذر.
إننا حينما نضع هذه المخاطر أمام أعيننا ونستشعرها حقا ً ما تلبث إرادتنا أن توهن وتضعف وتصبح
درجة اإلقبال على الفعل أقل بكثير من درجة االمتناع عنه ،وما هي لحظات حتي تنقلب إرادتنا الي
االمتناع عن هذا الفعل للمخاطر التي تعود من جراء اقترافه ،لذا فإن إرادتنا ال تندفع الي فعل شيء
نوقن مسبقا ً بما يعود على فعله من أضرار ،وما علينا فعله هو تعظيم المخاطر والمضا ّر التي تعود
من اقتراف الفعل المعين .
واآلن دعنا نعود بك مرة أخري الي المثال الذي ضربته لك سابقا ً بحرق إصبعك لنقودك الي نتائج
هذه المقارنة البسيطة:
أكبر خطراً (اإليدز واألمراض الجنسية أقل خطراً (ساعات ويزول األلم)
األخرى)
من هذه المقارنة البسيطة لماذا تري أن الكثير منا يمتنع عن أحراق أصبعه مع األثار السالبة القليلة
لهذا الفعل ويقبل على إحراق صحته وسمعته مع اآلثار السالبة التي ال حصر لها ،ليس لهذا إال
تعليل واحد وهو أننا نستهين بالمخاطر الناجمة عن إحراق الصحة والسمعة مقابل تعظيمنا للمخاطر
47
المقدمة
الناجمة من إحراق إصبعنا!! من هنا فليس أمامنا إال أن نُ ِعظِّم اآلثار حتى تنحسر إرادتنا عن فعل ما
ساء من أفعال جنسية.
وإن مع المقابل المادي الذي نجده من جراء امتناعنا عن تلبية رغباتنا الجنسية ّ
فإن هناك مقابل ّ
...إن هناك لذة أقوي وأج َّل من اللذة الجنسية العابرة ،إنّها ّ
لذة روحية ال أجد لها وصفا ً ّ أسمي ّ
وألذ
وال مثيالً ،إنها لذة روحية إيمانية يقذفها هللا في قلب من يسمو بنفسه فوق كل شهوة جنسية
عارضة ،فإذا كان صرف النظر عن الحرام يورث حالوة إيمانية يجدها اإلنسان في قلبه ( النظر
سهم من سهام إبليس من تركه مخافتي أبدلته إيمان يجد حالوته في قبه )(. )96
فإن االبتعاد عن مقارفة الزني وما قرب إليه يورث حالوة روحية إيمانية أل َّذ وأجمل ،وإن لم تصدق
ما اقول فما عليك إال أن تجرب بنفسك لتتذوق الحالوة الروحية اإليمانية التي يعجز كل إنسان عن
وصفها .
48
الباب الخامس :الخاتمة
لقد سعينا في الفصول السابقة في التركيز على إيجاد وقاية ذاتية وتحصين نفسي لمجابهة التحديات
الشهوانية التي من الممكن أن تقرب اإلنسان الي طريق الفاحشة.
ورغم ذلك قد تتعثر الخطي في الطريق الي تطبيق تلك المبادئ التي تعرضنا لها في الفصول
السابقة ويكون نتيجة ذلك ثماراً أقل نضوجا ً مما يجب أن تكون عليه وهذا يعني قابلية الشهوة
لالشتعال ،لهذا كان ال بد من وجود حماية خارجية حينما تضعف الوقاية الداخلية الذاتية عن مدافعة
الشهوة الجنسية أو تضطرم نارها لتصبح الوقاية الذاتية النفسية – مع قوتها – عاجزة عن إخماد
نارها .
()97
إن سيدنا يوسف عليه السالم حينما ه ّمت به امرأة العزيز وه ّم بها ( ولقد ه ّمت به وه ّم بها )
وتعالت نار الشهوة لتخرج عن دائرة القيد النفسي والحماية الذاتية كان التدخل اإللهي والحماية
الخارجية اإللهية من البرهان الرباني الذي رآه سيدنا يوسف عليه السالم ( لوال أن رأى برهان ربه
كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنّه من عبادنا المخلصين )( ،)98وإن سورة يوسف لم تتحدث
عن يوسف النبي أو الرسول ولكنها تحدثت عن يوسف اإلنسان الورع – فقط ، -إنه تميّز في
عبادته هلل تعالي حتي أصبح من المخلصين ( إنه من عبادنا المخلصين )( ،)99وهذا يعني أن الحماية
اإللهية الخارجية والبرهان الرباني ليس من خصوصية فيه ليوسف عليه السالم أو ألحد من الناس
ولكن متاح لمن يريد ( وإن هللا يهدي من يريد ) (.)100
ولقد جُعلت الحماية اإللهية الخارجية والبرهان الرباني في الصالة فهي عاصم من الفاحشة والمنكر
(إن الصالة تنهي عن الفحشاء والمنكر)( ، )101وإن بلغت الشهوة الجنسية أعلى مستوياتها ّ
فإن ّ
الخطوات نحوها ستتعسر ،والفرص أمامها تقفل ،وقد يكون مع ذلك غبن في النفس على تضييع
ما فات من فرصة ،ألن النفس قد تهوي ذلك وتميل إليه إال أنه ( فعسي أن تكرهوا شيئا ً ويجعل هللا
فيه خيراً كثيراً )(.)102
قد يعترض الكثير من الناس على هذا القول بزعمهم أنهم يؤدون الصالة ورغم ذلك تتسارع
خطواتهم الي الفحشاء والمنكر!!
إن اإلنسان الذي عنده إثنين هي ناتج ضرب العدد ( )1×1ال يغيّر من القانون الحسابي شيئا ً لفساد
عقله وليس لفساد القانون ،وإذا كان االمر اإللهي بأن الصالة تنهي عن الفحشاء والمنكر فهذه حقيقة
ال يصل إليها من يتغافل عن صالته ويتالعب بها وال يتم ركوعها وخشوعها ومثل هذا ال ضير إن
بدر منه اعتراض ألنه قد يكون عنده إثنين هي ناتج ضرب العدد واحد في واحد.
أما المقيمين الصالة في خشوع وسكينة ووقار فهم في كنف إلهي وحفظ رباني وهم أبعد الناس عن
الفاحشة حتى وإن اشتهت أنفسهم وتمنت إتيانها فإن العقبات اإللهية تكون بمثابة الحماية اإللهية
الخارجية لهم (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر هللا )(. )103
إن طريقنا الذي نريد أن نصل إليه ،وقولنا الذي نريد أن نبرهن عليه هو أن الفاحشة عن الخاشع في
صالته أبعد ،وما نريده منك أن تبدأ معنا هذا الطريق – طريق الخشوع في الصالة – بإرادة صادقة
وخطوات جادة وذلك ألهمية الخشوع الوقائية من الوقوع في الفاحشة .
()104
-1الصوت( :وخشعت األصوات للرحمن فال تسمع إال همساً)
()105
-2البصر( :خاشعة أبصارهم)
()106
-3القلب( :ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر هللا)
فتخشع األصوات في الصالة ثم تهمس لتسمع – والسمع هنا روحي – فيهمس المصلي (الحمد هلل
رب العالمين ) فيسمع النداء اإللهي ( حمدني عبدي ) ثم يناجى المصلي ( الرحمن الرحيم ) فيجيبه
هللا تعالي ( مجدني عبدي ) فيتذلل المصلي ويهمس ( إياك نعبد وإياك نستعين ) ليسمع هللا تعالي
مجيبا ً ( هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل )( )107وهكذا يناجى العبد في صالته ربه حقيقة (إذا
قام أحدكم الي الصالة فإنه يناجى ربه )( )108فيستريح قلبه وتسكن جوارحه .
50
المقدمة
أما البصر فهو تابع لقلب ومرتبط به (قلوب يومئذ واجفة ،أبصارها خاشعة)( ، )109وقد يبعد البصر
المصلي عن الخشوع في صالته عبر ما يتراءي له في الصالة فينشغل قلبه لذا قيّد البصر بموقع
السجود في الصالة ( ما بال أقوام يرفعون أبصارهم الي السماء في صالتهم ،لينتهين عن ذلك أو
لتخطفن أبصارهم )(. )110
أما القلب فهو أصل الخشوع وغيره تابع ،فهو يخشع بالرغبة والرهبة (ويدعوننا رغبا ً ورهبا ً وكانوا
لنا خاشعين)( ، )111ورغبته في ( اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم ) ورهبته في
( غير المغضوب عليهم وال الضّالين ) .
وقد يصرف الشيطان القلب عن الخشوع بأن يبدي له أموراً فينشغل القلب في الصالة ،لذا فمحاربة
الشيطان أمراً ضروري حتي ال يتسنى له صرفنا عن الخشوع في الصالة ومحاربته تكون من
خالل المعرفة التامة باألمور التي يصرفنا بها الشيطان عن الخشوع في الصالة فمداخل وسوسة
الشيطان هي :
-1قد تالحظ معي أن العبادات يمهد لها دائما ً بسابق قبلها ثم يكون الدخول في العبادة ،وقد يكون
هذا السابق الممهد به من السنة غالبا ً فالزكاة يمهد لها بالصدقة والصوم يمهد له بصوم
بعض أيام من رجب وشعبان ،والحج يمهد له بالتلبية ،والصالة يمهد لها بالطهارة
والوضوء واألذان واإلقامة ،هذا التمهيد هدفه تعظيم أمر العبادة في نفسك حتي تصب
51
المقدمة
درجات االهتمام به في أعلى مستوياتها ،وما يريده اإلسالم هو ربط جميع هذه األعمال
التي به تمهد للصالة بروحك وعقلك فتتطهر وتتوضأ وأنت تسائل نفسك لماذا أتتطهر ؟
لماذا أتوضأ؟ لتجيب عن نفسك ألنني مقبل على مناجاة ربي ،أو تربط هذا االمر بأمر
دنيوي مثل أن تقول :ألني أريد أن أستعين باهلل في قضاء أمر كذا وكذا فقد كان الرسول
صلي هللا عليه وسلم كلما يهمه أمر فزع الي الصالة .
-2أعمد الي محاربة الخواطر الشيطانية التي تصرفك عن الخشوع من الوهلة االولي حتي ال
تقوي ،واستبدلها باآلتي :
التفكير فيما تقرأ فيه في الصالة. أ-
()112
التفكير في فقرك وحاجتك الي هللا (يا أيها الناس أنتم الفقراء الي هللا) ب-
-4أقطع عن نفسك كل أمر يمكن أن يشغلك في الصالة مثل الطعام والشراب واالخبثان حتي ال
()113
يكون للشيطان بذرة يوسوس لك بها (ال صالة بحضرة طعام وال هو يدافعه االخبثان)
.
52
المقدمة
اإلخالص من المعاني الشاملة التي تشمل أعمال العباد جميعها وتكون أساسا ً لقبول األعمال وسبيل
الفالح في الدنيا واآلخرة.
(إن اإلخالص هو التجرد الكامل (هلل) ،وبكل خالجة في القلب وبكل حركة في الحياة الواقعية ،
وبالممات وما وراءه ،إنها تسبيحة ( التوحيد ) المطلق والعبودية الكاملة التي تجمع الصالة
واالعتكاف والمحيا والممات ،وتخلّصها (هلل ) وحده هلل ( ربّ العالمين ) وفي ( إسالم ) كامل ال
يستبقي في النفس وال في الحياة بقية ال يعبّدها هلل وال يحتجز دونه شيئا ً في الضمير وال في الواقع )
()114
ونحن هنا ال نريد أن نتناول اإلخالص بمعناه الواسع الشامل ،ولكن نتناول من ثمرات اإلخالص ما
يتناغم مع موضوع بحثنا نظراً لألهمية الواقعية والوقائية لإلخالص في حياة المسلم والتي انحصر
فيها اإلخالص في إطار ضيق وأصبح الهوي والشيطان سيفا ً مسلطا ً على جميع األعمال األخرى
وكان نتاج ذلك العبث والفجور االجتماعي.
إن أولي الثمرات التي نريد قطفها والتي تأتي في مقام الوقاية للمسلم من الوقوع في الفاحشة هي
االستثناء الشيطاني للمخلصين من الغواية والتزيين (قال ربّ بما أغويتني ألزينن لهم في االرض
وألغوينهم أجمعين ،إال عبادك منهم المخلصين ) ( ( ، )115قال فبعزتك ألغوينهم أجمعين إال عبادك
إنّهم – أي المخلصين – عن الشيطان لمحجوبين والي ربهم مقبلين ،فأنى للشيطان أن يجد مالذاً الي
ب امتأل باهلل حبا ً وإخالصا ً وصار ليس للهوي وللشيطان فيه نصيب .
قل ٍ
( ّ
إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ) لقد كان النداء اإللهي ( إن عبادي ) المخلصين لي ليس لك
عليهم سلطان ،وال لك فيهم تأثير ،وال تملك أن تزين لهم ألنك عنهم محصور ،وألنهم منك في
ّ
والن مداخلك الي نفوسهم مغلقة ،وهم يعلقون أبصارهم باهلل ،ويدركون ناموسه ،بفطرتهم حمى ،
الواصلة الي هللا ،إنما سلطانك على من اتبعك من الغاوين الضالين ،فهو استثناء مقطوع ألن
الغاوين ليسوا جزءاً من عباد هللا المخلصين ،إن الشيطان ال يلتقف إال الشاردين كما يتلقف الذئب
- 114في ظالل القرآن –سيد قطب – المجلد الثاني – 1241 -1240
- 115سورة الحجر اآليات ()40-39
116سورة ص – اآليات () 83-82
53
المقدمة
الشارد من القطيع ،فأما من يخلصون أنفسهم هلل ،فاهلل ال يتركهم للضياع ،ورحمة هللا أوسع ولو
تخلفوا فإنهم يتوبون من قريب ! (. )117
وقريب من هذا يحكي القرآن من نماذج األنقياء األتقياء ما كان من أمر سيدنا يوسف عليه السالم
مع امرأة العزيز ،إن الشيطان إذا عجز عن المخلصين لم يعجز عن غيرهم ،لقد لعب الشيطان
دوره وأكمله ،وأت ّم ما عليه وأنجزه مع صاحبة يوسف عليه السالم – امرأة العزيز – فكانت هي
التي راودته ،وهي التي غلّقت االبواب ،وهي التي دعته الي نفسها وكل هذا تم في بيتها ( وراودته
التي هو بيتها عن نفسه وغلقت األبواب وقالت هيت لك ) ( ، )118ورغم كل تلك اإلغراءات كانت
إرادة اإلخالص هي الغالبة والمنتصرة فكان ما كان من صرف السوء والفحشاء عن سيدنا يوسف
عليه السالم وليس ذلك إال ألنه من عباد هللا المخلصين ( كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه
من عبادنا المخلصين )(. )119
إن اإلخالص هو وقاية خارجية لك حينما تكتمل كل فصول الفاحشة ويحيك الشيطان كل خيوطها
بدقة من خارج اإلطار النفسي حينها تكون المعية اإللهية حاضرة والنصر اإللهي فائزاً في مسرح
الفاحشة وتكون أنت المنتصر – فقط – بإخالصك لربك.
من هنا دعونا نقول كيف يسني لي أن أصل الي اإلخالص؟ أو ما هو الشيء الذي أفتقده حتي أصبح
من المخلصين؟
إن لفظ اإلخالص يدور في اللغة العربية على (التنقية) و(التهذيب ) فما هو الشيء الذي نريد تنقيته
وتهذيبه في اإلنسان ؟ ومن أي شيء ينقّي؟ بمعني آخر ما هو محل اإلخالص في القلب الذي نريد
تنقيته وتهذيبه من الشوائب ؟
إن القلب هو محل اإلخالص ومحط نظر هللا تعالي كما في الحديث (إن هللا ال ينظر الي صوركم
وال أموالكم ولكن ينظر الي قلوبكم وأعمالكم)( ، )120وتنقيته تكون من كل شائبة ال تتصل باهلل
اتصاال ال يكون ألح ٍد فيه نصيب .
فمن دواعي اإلخالص اإلحساس بالخوف عند إحاطة أقدار هللا باإلنسان وتسوّر المصائب به والتي
ليس عنده المقدرة على دفعها حينها يكون االلتجاء الخالص إليه وحده سبحانه وتعالي لكشف ما
54
المقدمة
أحاط به (حتي إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة فرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجائهم
الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا هللا مخلصين له الدين إلن أنجيتنا من هذه لنكونن
من الشاكرين )( ( ، )121وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا هللا مخلصين له الدين ) (. )122
فإذا كانت المصائب دعوة لاللتجاء الخالص هلل تعالي فهل يدري أحد سالمة ما نستقبله من أيام من
المصائب والفتن؟ ولماذا ال يكون االلتجاء الخالص المستمر الي هللا تعالى طالما أنه هو وحده –
سبحانه وتعالي – المستعان على كشف كل مصيبة وفتنة؟
إن الخيار الذي أمامنا لنجعل من اإلخالص هلل تعالي سلوكا ً لنا ،أن نعظّم جانب الفقر الي هللا تعالى
والحاجة إليه (يا أيها الناس أنتم الفقراء الي هللا وهللا هو الغني الحميد) ( ، )123وسبيلنا الي تعظيم أمر
معين في نفوسنا هو الخيال الدائم والتفكير المستمر فيما افتقرنا وانتقصنا إليه من حاجتنا الي هللا
تعالي وربطها به – سبحانه وتعالي – مما يجعل تعلق القلب به وانشغاله به عن غيره .
أما قولنا بأن اإلخالص هو التنقية والتزكية لقلوبنا من الشوائب فهذا يعني بصورة حتمية ضرورة
إزالة ما شاب إخالصنا من شوائب ،وإذا كان اإلخالص هو إرادة هللا تعالي وحده بأعمالنا وأفعالنا
جميعها وإن إزالة ما شاب يعني التحقير والتقليل من نظر الغير إلينا والى األمور التي تصرفنا عن
غاية أعمالنا المقصود بها هللا تعالي وحده .
كثير منا يجهل دوره تجاه مجتمعه ،ويظل يحصر نفسه في إطار ضيق ال يتعدى نفسه وقليل من
ذلك أسرته .
ولما كان اإلخالص موسوعة أخالقية ،فإن الصدق والبر واألمانة والعفّة تنبع كلها من اإلخالص ،
بل إن سائر مكارم األخالق تتصل باإلخالص اتصاال وثيقا ً ،وترتبط به ارتباطا عميقا ً ( ، )124وتع ُّد
االخالق جميعها من أدوات البناء االجتماعي السليم .
(إننا عندما نعيش لذواتنا فحسب ،تبدو لنا الحياة قصيرة ضئيلة ،تبدأ من حيث بدأنا نعي ،تنتهي
بانتهاء عمرنا المحدود ! أما عندما نعيش لغيرنا :أي عندما نعيش لفكرة ،فإن الحياة تبدو طويلة
عميقة ،تبدأ من حيث بدأت اإلنسانية ،وتمتد بعد مفارقتنا لوجه هذه األرض !! إننا نربح إضعاف
55
المقدمة
عمرنا الفردي في هذه الحالة ،نربحها حقيقة ال وهماً ،فتصور الحياة على هذا النحو يضاعف
شعورنا بأيامنا وساعاتنا ولحظاتنا ،فليست الحياة بعد السنين ،ولكنها بعداد المشاعر ...إننا نعيش
ألنفسنا حياة مضاعفة حينما نعيش لآلخرين ،وبقدر ما نضاعف إحساسنا باآلخرين ،ونضاعف
()125
إحساسنا بحياتنا ،نضاعف هذه الحياة ذاتها في النهاية )
لقد حرص اإلسالم على أن تسود أجواء العفة المجتمع اإلسالمي فيصبح الفرد فيه مؤتمنا ً على
أعراض اآلخرين ،غيور على عرضه وعرض اآلخرين ،وينظر الي اآلخرين بمنظار األم
واالخت فال يرضي بانتهاك أعراض اآلخرين مثلما ال يرضي انتهاك عرض أمه وأخته وزوجته ،
ولهذا كانت تربية الرسول صلي هللا عليه وسلم للغالم الذي جاء يستأذنه في الزنا ما رواه الطبراني
عن أبي أمامة قال جاء شاب الي النبي صلي هللا عليه وسلم فقال له :يا رسول هللا :إئذن لي في الزنا
،فتصايح الناس وأنكروا قوله ،ولكن رسول هللا صلي هللا عليه وسلم أدناه منه ودار بينهما هذا
الحوار :
وهكذا وضع الرسول صلي هللا عليه وسلم يد الفتي على الحقيقة ،ولفت نظره الي حكمة المنع
والخطر ،و أيقظ في نفسه الشعور االجتماعي وكف عنه حدة االنانية التي تتبع الهوي ،وتغفل عن
عالقة الضرر بالمجتمع ،وعن العقد االجتماعي الذي ارتقت به الحياة (. )126
56
المقدمة
إن الذي يبغي العفاف عليه أن ينظر الي النساء بمنظار االم واالخت واالبنة ويستشعر ذلك جيداً
ويرسم صورةً ألخته أو البنته أو لزوجته وهي يفعل بها ذلك ،فإنه وإن فعل هذا فال شك من أنه
سيئوب الي رشده وتنطفي شهوته وتستبطئ خطوته .
وإال فاعلم أن الدين ال بد أن ينتهي أجله فيسترد ،ومحكمة العدل اإللهية ستنصب ،والديان ال
يموت ،وحينها يصبح الظلم ظلمين والعقوبة عقوبتين والجرم جرمين ،ظلم لهتك عرض اآلخرين ،
وظلم لهتك عرض أهلك الذي تسببت فيه أنت بنفسك ،فأربأ بنفسك من هذا !!!
57
الباب الخامس :الخاتمة
إننا ال نصاب بمصيبة إال ومسئولية تركت وأدوار أهملت ومهام أجلت (فمن تبع هداي فال خوف
عليهم وال هم يحزنون) ( ( ، )127فمن اتبع هداي فال يضل وال يشقي )( ، )128فالشقاء والضالل
والخوف والحزن ال يصيب إال المنحرفين عن المنهج اإللهي وهذا يعني التخلي والعجز عن القيام
ببعض المسئوليات والواجبات
فاألمراض – جميعها – ال تصيبنا إال حينما يتخلى جهاز المناعة الداخلية في اإلنسان عن واجبه
ومسئوليات في الدفاع عن هذا المرض.
فأمام كل مسئولية تضيع مصيبة تحل ،وعندها تكون المصيبة بما كسبت أيدينا من التقصير والعجز
عن القيام بالمهام والمسئوليات الواجبة علينا (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم) ( . )129إن
ما حل بنا من هوس جنسي وانحراف ثقافي وانقالب في موازين الحضارة والرقي مرده الي عجزنا
وتقصيرنا في التصدي لتيار الفساد االخالقي ومجابهة الثقافات المستوردة والمنحرفة عن المنهج
اإلسالمي ،وقد يدعي م ّد ٍ
ع أنه قام بمسئولياته وأكملها؟!
فإننا نقول:
أوالً :إنه ليس هناك سقف محدد تنتهي عنده المسئوليات إال الموت ،فالبالغ والبيان مسئولية ال تنفك
إال بالموت (وإن ما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإنما عليك البالغ) (.)130
ثانياً :ال شك أن من يغرس ينتظر ثمار غرسه ،فأين ثمار ما غرست إذا كنا نري الهوس الجنسي
واالنفالت األخالقي الذي يقبع فيه فئة كبيرة من شباب االمة اإلسالمية ويتزايد خطره يوما ً بعد
يوم!!
ثالثا ً :إن المسئوليات ال تؤ َّدي على سبيل التبرئة للنفس فقط ولكن تكون الغاية دفع ما قامت من أجله
المسئولية حتي يستأصل عن آخره.
رابعاً :إننا إذا قمنا بمسئولياتنا على سبيل التبرئة للنفس فقط ،قد يفقد هذا األمر ويقلل من أدوات
حسن العرض ويكون بمثابة من يبغي بيع ما عنده من بضاعة دون أن يقدم لها اإلعالن والترويج
الكافي .
خامسا ً :إن األحجار مع صغرها التي تقف أما التيار مع قوته وشدته ال يلبث أن يبتلعها التيار
ويغطي عليها ،فتغيير مجري التيار أمر مطلوب ،وتكثير األحجار والصخور أمر مرغوب حتي
تتوازن القوي ويكون حينها زهوق الباطل بقذف قوة الحق ( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه
فإذا هو زاهق )(. )131
بهذه القواعد تكون المسئولية قد استوفت حقها ويكون الضمان من ثمارها الطيبة ،وإال فالمسئولية
الربانية ال تستثني أحد حتي الصادقين ( ليسأل الصادقين عن صدقهم وأعد للكافرين عذابا أليما )
(. )132
إن المسئوليات والمهام تتوزع في جسم اإلنسان فكل عضو له مسئولية ومهمة يقوم بها ،فاليدين لهما
مسئوليتهما وكذلك األرجل ،والعينين لهما مسئوليتهما وكذلك االذنين ،وهكذا في بقية األعضاء ،
وجميع هذه المسئوليات والمهام تصب في قالب واحد لتحفظ التوازن في حركة السير السليم لإلنسان
.
من هنا فإن المسئولية عن الهوس الجنسي واالنفالت االخالقي في الوسط الشبابي لم تنحصر على
طائفة دون أخري ،أو شريحة من المجتمع دون غيرها ،ولكن للجميع دور ومسئولية ومهمة تجاه
تيار الفساد االخالقي الذي أوشك أن يعم أثره – سوي استطعنا أن نحصر هذه المسئوليات جميعها
او لم نحصرها – ونحن هنا نشير الي أهم مسئوليات المجتمع التي تقع على عاتق هل التصدي لهذا
التيار الفاسد ولنبدأ من :
األسـرة: 1.10.1
إن هللا خلق اإلنسان وفطره على الخير ال الشر ،وعلى الصالح ال الطالح ،وعلى االنتماء لحزب
هللا ال لحزب الشيطان ،وجعل هذه بذرة للخير – كله – في اإلنسان ،إما أن تن ّمي فيكون ثمار ذلك
خيراً كله وإما أن تطمس وتنسي ويكون الشر ثماراً حتمية لذلك ( فطرت هللا التي فطر الناس
عليها )( ،)133وهذه هي الفطرة التي يولد عليها اإلنسان كما في قوله صلي هللا عليه وسلم ( ما من
- 131سورة األنبياء – اآلية ()18
- 132سورة األحزاب – اآلية ()8
- 133سورة الروم – اآلية ()30
59
المقدمة
مولود إال يواد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه )( ، )134ولهذا كان هديه صلي هللا
عليه وسلم أن من قبض يده الي طفل مناديا ً له وزعم له كذبا ً أن بها شيئا ً ،يعد ذلك من الكذب الذي
سيحاسب عليه ...لماذا؟
الن هذا السلوك هو طمسا ً للصدق الذي فطر عليه ،وما أد ّل على ذلك من أن الطفل ال يتشكك في
صدقك إليه ،ألنه ال يعرف الكذب وهذه الفعلة تعريف له بالكذب وتعويد عليه .
إن األسرة هي المحضن اآلمن والمنبت الواقي لبذرة الخير التي فطر هللا عليها اإلنسان بشرط أن
يكون ماء هذه البذرة عذبا ً فراتا ً ال تشوب عذوبته شائبة.
إن هللا تعالي حينما جعل الزواج آية من آيات عظمته ،جعل له غاية وهدف تنتهي إليه األسرة
وتتجه صوبه في خطوات ثابتة ال خبطات طائشة ،فكانت الغاية من وراء الزواج وتكوين األسرة
في اإلسالم هي التنشئة والتربية ال المكاثرة التي تكون نهايتها الغثاء الذي يذهب جفاء ،ونلحظ هذا
من خالل قوله صلي هللا عليه وسلم ( تناكحوا تكاثروا فإني أباهي بكم األمم يوم القيامة )(، )135
فالرسول صلي هللا عليه وسلم ال يكاثر بناء األمم وال يباهي بنا األمم إذا كنا غثاء كغثاء السيل زبداً
رابيا ً ال فائدة منه ،إنه صلي هللا عليه وسلم والحالة هذه يقال له يوم القيامة ( إنهم ارتدوا بعدك على
أدبارهم القهقري )(. )136
فالكثرة ليست غاية في ذاتها إذا كانت من غير تربية رشيدة أساسها اإليمان الحق باهلل تعالي ،فإن
الغثاء مهما عال والزبد مهما ربا ال يلبث أن يذهب جفاء ويصبح ال فائدة ترجي منه.
ماذا تنتظر من أسرة تقلب القنوات الفضائية على عريّها وفسادها أمام أبنائها ًّ
كأن شيئا ً لم يحدث!!
بل ماذا تنتظر من أسرة أن يباهي بها الرسول صلي هللا عليه وسلم األمم يوم القيامة حتى وإن بلغ
عدد أفرادها األلف؟! ّ
إن مثال هؤالء األسر ال شك في القول الي الرسول صلي هللا صلي هللا عليه
وسلم ب (إنهم ارتدوا بعدك على أدباهم القهقري) (.)137
ّ
إن الذي يتناغم وينسجم مع موضوع بحثنا ونسعى الي التركيز عليه من خالل مناقشة عوائق
التربية نظراً لإلهمال المقصود – حيا ًء – والغير مقصود جهالً هو مسئولية التربية الجنسية مع
60
المقدمة
األبناء حتى يصبح هذا المجال خاليا ً تعبث فيه القنوات الفضائية ووسائل اإلعالم المختلفة لتربي لنا
أبنائنا تربية جنسية منحرفة.
إن مسئولية التربية الجنسية مسئولية مشتركة بين اآلباء واألمهات لهذا يجب أن تعرف األسرة
المسلمة دورها ومسئوليتها جيداً تجاه أفرادها ،فالتركيز على المظهر ال الجوهر ليس هو دورها،
واالهتمام باألكل والشرب وتسمين البدن دون الروح ليس هو واجبها – فقط – ولكن االهتمام
بالجوهر هو األساس الذي ينبغي التركيز عليه دون غيره من المظاهر التي عكفنا عليها عصوراً
من الزمان حتي صرنا عبّاداً لبيوت األزياء والموضة!!!
إن ثمار التربية والتنشئة حينما تكون طيبة يكون مر ّد النفع أوالً الي األسرة صالحا ً في الدنيا وقربةً
يوم القيامة ،فاألبناء بصالحهم هم الصدقة الجارية التي تبقي للمؤمن بعد موته (إذا مات اإلنسان
انقطع عمله إال من ثالث ........وولد صالح يدعو له) ( ،)138فلماذا ال نستعذب الماء لنسقي بذرة
الخير والفطرة التي فطر هللا عليها اإلنسان؟ لماذا نضيّع فرصة السقي والرعاية ليشاركنا فيها
اآلخرون وتشاركنا فيها الفضائيات التي نعلم مسبقا ً نتائج مشاركتها؟
إن الدور المفقود في األسرة يكمن في المقدرة على تحريك بواعث الفطرة الكامنة في النفس ،فإننا
متي أفلحنا في ذلك كانت االستجابة اإلنسانية لهذا التغيير والصحوة المنبعثة من النفس (إن هللا ال
()139
يغيّر ما بقوم حتي يغيّروا ما بأنفسهم )
إن الطفل ينشأ وهو صفحة بيضاء نقية طاهرة ولآلباء حرية التوقيع عليها بما شاءوا ،فمهال أيها
اآلباء ...انتقوا من الكلمات أحسنها ومن العبارات أرقّها ّ
فإن ما يكتب على هذه الصفحة البيضاء
من الصعب أن يمحي وإن ما يكتب ستكونون أول من يجني ثماره إن خيراً فخير ،وإن شراً فشر !!
()140
بـعد الذي أبصرت من يبسه حتى تراه مؤنقا ناضـراً
إن مسئولية المؤسسات التعليمية المختلفة تتكامل وتتناغم مع المشوار التربوي الذي كانت بدايته من
داخل محيط األسرة ال تختلف عنه وال تحيد الن الغاية من هذه المؤسسات التربية والتنشئة قبل
61
المقدمة
إن التعليم من غير تربية قد يكو سببا ً في الفتن وفي الجريمة وتطورها كما قال الرئيس األمريكي
األسبق ( إن الرجل الذي ال ينال حظه من التعليم قد يسرق عربة قطار أما الذي استوفي حظة من
التعليم فقد يسرق القطار كله ) فالتربية أساس للتعليم حتي نضمن الثمار المرجّوة من التعليم وإال
فإننا نقول كما قال الرئيس األمريكي األسبق الذي ال ينال حظه من التعليم يكتفي بالقليل في إشباع
شهوته وقضاء لذته أما الذي يستوفي حظه من التعليم فقد يتطور ويتوسع في الجريمة وهتك
أعراض النساء ودليالً على ذلك فإن تطور وسائل الجريمة وتفشيها نجده في أكثر البلدان تحضّراً
وتم ّدنا ً وبين أوساط أكثر شرائح المجتمع تعليما ً .
لقد ُوجد من يستخدم آخر مستحدثات المدنية – كاميرا - digitalويس ّخرها في هتك أعراض الفتيات
،وقد كنت أقلب في سجالت الهاتف المحمول – الموبايل – ألحد الذين وصلوا المرحلة الجامعية
في التعليم ولقد وجدت أن ذاكرة الهاتف تعج بأفالم الجنس !! ويكفي هذه ثمرة من ثمرات التعليم
من غير تربية.
إن مناهجنا الدراسية التي تدرس حاليا ً بالمدارس متخلفة عن التطور الثقافي المنجرف الي الفاحشة،
فهي ال تعالج هذه القضايا – الثقافية واالجتماعية – التي يعايشها مجتمعنا اإلسالمي اليوم وال
تواكب سيل التيار الجنسي الذي أوشك أن يعم فساده األسر المسلمة.
لقد اطلعت على المناهج – وغيرها من ذات االختصاص – في المرحلة الثانوية ومرحلة األساس ،
فلم أجد منهجا ً يعالج قضية ضبط الشهوة الجنسية تق ّر به العين وينشرح له الصدر ويهدأ به
الخاطر ،لم أجد ما يشفي العليل ويريح الصدور ويزيل الغيوم التي تراكمت – وستتراكم – في
قلوب طالب هذه المرحلة .
إن أول الخطوات التي يبدأ بها الطبيب في عالج مريضه هو تشخيص المرض ثم بعد ذلك يصف له
الدواء الذي به يزال المرض ،ثم ال يكتفي بذلك بل يبيّن للمريض كيفية استعمال الدواء.
فمشكلتنا تكمن في أن وسيلتنا في عالج قضايانا االجتماعية – وغيرها – غالبا ً ما تتوقف عند
التشخيص للمشكلة ونظل ندور حول خطرها وتأثيرها السلبي وأضرارها وغيرها ،أما أن نعطي
الدواء والعالج لها فهذا نادراً وأما أن نصف كيفية استعمال الدواء فهذا ما ال وجود له في األصل .
62
المقدمة
إن الطالب في هذه المراحل الدراسية يكون مفترق الطرق التي يحتاج الي من يبين له بصدق
الطريق الواقي واآلمن ،ويأخذ بيده إليه في حكمة واقتدار وما ذلك إال للواقع المختلف الذي يعايشه
عما يجده مسطوراً عنده في الكتب .
ومع ذلك فإن إيجاد المنهج الواقي الكافي يمثل نصف المشوار أما النصف اآلخر فيمثله من يقوم
بعرض وتقديم المنهج ومحتواه وقد يكون المنهج سليما ً وواقيا ً ووافيا ً وتكون الرتابة والملل وسوء
العرض للطالب هو السمة الغالبة ،فحينئذ تكون الخسارة الكاملة وذلك للفشل في الغرس الجيد
للبذور.
لذا فإن فشل النصف الثاني أمر حتمي لفشل النصف األول ،ويمثل ضمان نجاح النصف الثاني –
سالمة عرض وتقديم المنهج – باإليمان بمحتوي المنهج ،وذلك ألننا حينما يقل إيماننا بقضية معينة
– أو ينعدم – يصبح عرضنا إليها باهتا ً ورتيبا ً ال يمس شغاف قلوب من نتحدث إليهم .
من هنا فإننا نقول :أن يواكب المنهج الدراسي قضايا ومشكالت الواقع أمر واجب ،وأوجب منه أن
نوجد من يحسن فن العرض والتقديم لهذا المنهج للطالب وإال فقدنا الواجب وما أوجبه.
المسجد: 1.10.3
ال شك أن للمسجد رسالة عظمي ودور كبير في البناء العقدي واالجتماعي السليم في حياة المسلم
عبر ما يقوم به من تربية وتزكية ألفراد المجتمع المسلم من خالل الخطب والدروس المواعظ
المستمرة التي تعمل على إزكاء روح اإلسالم في قلب المسلم ،وخلق التواصل الرسالي بما يقوم به
من رب ٍط ألفراد المجتمع المسلم بعضهم بعضا ً وهذا يحتم علينا جعل المسجد أكثر جاذبية لهم من
خالل ما يتبناه من قضايا المجتمع المسلم واإلسهام الفاعل في إيجاد الحلول لها حتي يتحقق البناء
االجتماعي السليم على أساس من تقوي هللا تعالي ورضوانه .
وقد كان مسجد الرسول صلي هللا عليه وسلم بؤرة تشع منها قضايا الدعوة واالجتماع والسياسة،
ويتم فيه تجييش الجيوش ومناقشة أمور السلم والحرب ،وينصّب فيه الخليفة وأخذ البيعة له ويأوي
إليه من ال مأوي لهم من أهل الصفة .
إن مساجدنا اليوم قد تقاصرت دون هذا الدور المنوط بها فباتت تعني فقط بأمور العقيدة في إطارها
الضيق وحسب ولم تبرح معظم القضايا التي يتم تناولها على المنابر فروع اإلسالم التي تنصب
حولها المعارك وتركت القضايا األهم واألخطر ذات التأثير السلبي العميق على المجتمع للهوي
63
المقدمة
والشيطان ولدعاة الحرية والفوضى ليقولوا قولهم ويح ّكموا فينا رأيهم مع العلم بحكمهم (ويريد الذين
يتبعون الشهوات أن تميلوا ميال عظيما )(. )141
وها أنا ذا في العقد الثالث من عمري لم تتاح لي الفرصة يوما ً أن استمع الي خطيب أو داعية تحدث
عن تهذيب اإلسالم للشهوة الجنسية عبر المنابر أو ضبطها ،وال أدري هل لعدم أهمية هذا االمر
عند اإلخوة الدعاة واألئمة ؟ لتجاهلهم – دون قصد – لهذه القضية؟ أم بدعوي عدم خطورتها على
المجتمع ؟ أم لعدم اإلحساس الحقيقي بها ؟؟ أم ...... /أم .......أم ........
اإلعالم: 1.10.4
لقد أصبح دور اإلعالم أهم وأعظم من أي وقت مضى لما نعايشه من ثورة اإلعالم – وعلى رأسها
الفضائيات – التي اقتحمت علينا دارنا ،وتنبع هذه األهمية من خالل أن اإلعالم أشد األسلحة فتكا ً
باألمة وأمضاه إن استخدم للترويج لألفكار السيئة واألخالق المنحرفة خاصة عبر أجهزة اإلعالم
المرئية وذلك للتأثير السلبي المباشر والسريع من خالل مشاهد العرى التي تعمد على بثّها هذه
الفضائيات خاصة وإن العالم يشهد صراع للحضارات التي باتت كل حضارة ترى لنفسها العلو عن
غيرها فتبث سمومها عبر الفضائيات وغيرها والتي أصبح من السهولة مشاهدتها ثم إن لإلعالم
الدور الكبير في تشكيل وصياغة األمم واألفراد عبر ما يبثه من قيم ومعانى وأخالق لألمم .
إن الدور المنوط بأجهزة اإلعالم في هذه االمة على اختالفها – المرئية والمسموعة والمقروءة –
هو التفنن في عرض اإلسالم على اآلخرين ممن ساءت صورة اإلسالم في أنظارهم – عن عمد أو
دون عمد – وإبرازه في ثوبه األصيل وصورته الجميلة التي تدعو اآلخرين على اإلقبال عليه فإن
ينشر في بعض البلدان إال بعرض خاّل ب جاذب من التجار المسلمين.
(ولو أحسن عرض اإلسالم على الناس ألمكن به حل كافة المشكالت وألمكن تلبية الحاجات
االجتماعية والروحية والسياسية للذين يعيشون في ظل الرأسمالية والشيوعية على السواء ،فقد فشل
هذان النظامان في حل مشكالت اإلنسان ،أما اإلسالم فسوف يقدم السالم لألشقياء واألمل والهدي
للحياري والضالين ،وهكذا فاإلسالم لديه أعظم اإلمكانات لتحدي هذا العالم وتعبئة طاقات اإلنسان
( )142
لتحقيق أعلى مستوي من اإلنتاج والكفاية )
64
المقدمة
إن اإلسالم يهدف الي إقامة مجتمع نظيف ،ال تهاج فيه الشهوات وال مجال فيه لتلبية ما ساء من
الرغبات ،مجتمع يعلو فيه صوت الحق وتسود فيه أجواء الفضيلة ،وتفيض فيه ينابيع الصالح ،
وتنمو فيه بذور الخير .
إن وسيلة اإلسالم لبلوغ هذا المناخ االجتماعي هو النفس البشرية عبر التربية والزكية التي تع ّمق
فيها المراقبة اإللهية والخوف الرباني قبل مراقبة القانون وخوف السلطات ،وتسمو بالضمير
اإلنساني عن لوثات المعاصي ومزالق األماني الباطلة ومسالك الشيطان الطائشة.
لقد تطورت الجرائم المتعلقة بالشهوة الجنسية وفقا ً للتطور الملحوظ في وسائلها ودليالً على ذلك
فمن شواهد الواقع نحكي حقيقةً ال وهماً ،أن أحدهم كان يخبّئ الكاميرا الرقمية في مكان يعلمه هو
وال تعلمه فريسته ،ثم يستدرج فريسته الي موقع الكاميرا وبعدما يفعل فعلته النكراء يصبح ما تم
تسجيله عبر الكاميرا استغالال وإزالالً لها لضمان مواصلة ارتكاب فعلته واستخدامها في تجارة
بعض األعمال الممنوعة وذلك مقابل الدليل والبرهان الذى يملكه عليها والذى يزعم لها بأنه سيقدمه
ألهلها إن هي رفضت معه تكملة المشوار !!!
إن الذي نو ُّد أن نشير إليه ونتمنى أن يراعي عند وضع التشريعات التي تح ُّد من الجريمة هو أن
الل ِّذة حينما تصبح أكبر من العقوبة ال يبالي المعاقب بعقوبته ويصبح عنده هوان العقوبة وحقارتها
تشجيعا ً القتراف ما عظم من اللذة ،ألن العقوبة شرطا ً فيها المثلية أي تكون بمثل ما تم اقترافه من
65
المقدمة
تع ٍّد على حقوق اآلخرين (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به )( )143وإال كان االستخفاف بالعقوبة
سببا ً قي االعتداء على اآلخرين .
66
الباب الخامس :الخاتمة
العلماء: 1.11.1
-1التحديث والتجديد في أساليب الخطاب الدعوي وعرض اإلسالم على اآلخرين في صورة
جذابة حتى يواكب حاجات العصر.
-2توحيد الجهود لالهتمام بأمر الدعوة من خالل التركيز على القضايا الجوهرية التي يعاني
منها المجتمع المسلم.
-3السعي إلعطاء الحلول العلمية من يعد تشخيص العلل وعدم االكتفاء بالوعظ فقط.
-4التأكد من توصيل رسالة اإلسالم وفق عرضها الصحيح لجميع أفراد المجتمع المسلم وتيسير
وسائط التوصيل.
الدولة:
-1تطوير المناهج الدراسية حتي تواكب القضايا االجتماعية وخاصة قضايا ثورة الجنس.
-2تطوير األحكام التشريعية حتى تتماشي مع الجريمة وتطورها ،وإيجاد وسائل الرقابة الكافية
مع تطبيقها.
-3االهتمام بالشباب من خالل تفجير طاقاتهم فيما يعود عليهم وعلى أمتهم بالحير والنماء.
-4العمل على فرض مناخ العفّة من خالل ضبط الشارع العام.
-5إيجاد الوسائل العلمية العاجلة لمحاربة انتشار أفالم الجنس
الباب الخامس :الخاتمة
أما أن تستثار من قبل إحدى المثيرات او يقودنا احد لتلبية رغبتنا الجنسية بطريقة منحرفة أو يعمل
على إثارتها فكل ذلك إرادة للشر لنا ال الخير.
فإذا كانت الغاية من اإلثارة بطرقها المختلفة الشر ال الخير توجّب علينا أن نع ّمق في نفوسنا هذا
الشر الذي يراد بنا حتي تتبدل نظرتنا إليه وتعاملنا معه على سبيل الكره والبغض له ال الحب
واالغترار به ،وحينها من المحقق أن تنحو أقدامنا عن سبيله ويصرف تفكيرنا عن طريقه ويغدو في
نظرنا أسفه ما يكون شكالً وأغتم ما يكون منظراً وبذلك ال ينجح أحد في إثارة شهوتنا ألن الكره
والبغض محطة تنحسر عندها األعمال وتنعدم .
وآخر االمر – وأوله – يجب أن تجعل هللا لك عونا ً في صرف السوء عن وذلك بااللتجاء إليه
تضرعا ً وشكوى (وإاّل تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين) ( ،)144فإنه سبحانه
وتعالي وحده المستعان وإليه الملتجئ ( فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم )
( ، )145فإنه إن فاتك تأييد هللا لك فاتك كل شيء فبه المبتدأ وإليه المنتهي وال حول وال قوة إال به .
المراجع:
القرآن وعلومه:
-1األساس في التفسير – سعيد حوي – دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع – الطبعة األولي
– 1985 -1405القاهرة.
-2البحر المحيط في التفسير – لمحمد بن يوسف الشهير بأبي حبان األندلسي القرناطي – دار
الفكر للطباعة والنشر والتوزيع – بيروت – لبنان – 1412هـ 1992 -م.
-3في ظالل القرآن – سيد قطب – الطبعة الشرعية الرابعة والعشرون – 1995 – 1415م –
دار الشروق – بيروت.
كتب الحديث:
-1مختصر صحيح البخاري – المسمى التجريد الصريح ألحكام الجامع الصحيح – تأليف اإلمام
زين الدين أحمد بن عبد اللطيف الزبيدي – دار الكتب العلمية – بيروت – لبنان – الطبعة
األولي 1415هـ 1994 -م.
-2مختصر صحيح مسلم – للحافظ زكي الدين عبد العظيم المنذري – تحيق محمد ناصر الدين
األلباني – مكتبة المعارف للنصر والتوزيع – الطبعة الثالثة للطبعة الجديدة 1416هـ -
1996م.
-3سنن ابن ماجه – طبع في شركة الطباعة العربية السعودية (المحدودة ) – الطبعة الثانية –
1404هـ 1984 -م .
-4سنن النسائي – لإلمام أبي عبد الرحمن ابن شعيب النسائي – تخريج وترقيم وضبط صدقي
جميل العطار – دار الفكر – بيروت لبنان – الطبعة الثانية – 1421هـ 2001 -م.
-5بلوغ المرام من جمع أدلة األحكام – للحافظ ابن حجر العسقالني – مكتبة الصفا – الطبعة
األولي – 1425هـ 2005 -م.
-6الداء والدواء – البن قيم الجوزية – مكتبة الصفا – الطبعة األولي – 1422هـ 2002 -م.
-7الفوائد – لشمس الدين أبي عبد هللا محمد ابن قيم الجوزية – تحقيق خالد بن محمد بن عثمان
– مكتبة الصفا – الطبعة األولي 1423هـ 2002 -م
-8رياض الصالحين من كالم سيد المرسلين – تأليف اإلمام أبي زكريا يحي ابن شرف النووي
الدمشقي – تحقيق محي الدين مستو – دار ابن كثير – دمشق بيروت – الطبعة الرابعة –
1412هـ 1991 -م.
69
المقدمة
-9منهاج المسلم – فضيلة السيخ أبوبكر جابر الجزائري – الناشر – مكتبة العلوم والحكم،
توزيع مكتبة الصفا – الطبعة األولي 1423هـ 2002 -م .
-10إحياء علوم الدين – تصنيف اإلمام أبي حامد بن محمد بن محمد الغزالي – تحقيق سيد
إبراهيم بن صادق بن عمران – دار الحديث – القاهرة 1414هـ 1994 -م.
كتب متفرقة:
-1اإلنسان بين المادية واإلسالم – محمد قطب – دار الشروق – القاهرة 1415ه – 1995م.
-2اإلسالم والمشكلة الجنسية – دكتور مصطفي عبد الواحد – دار االعتصام
-3سلوك اإلنسان بين الجريمة /العدوان /اإلرهاب – أ .د .عبد المجيد سيد أحمد منصور –
أ.د .زكريا أحمد الشربيني _دار الفكر العربي – الطبعة األولي 1423هـ2003 -م.
-4أخالقيات العولمة – دراسة في آليات التشيؤ وسلعنة اإلنسان – د /محمد أنور – مركز
المحروسة للنشر والخدمات الصحفية والمعلومات – الطبعة األولي 2004م.
-5الوقت عمار أو دمار –إعداد جاسم محمد بدر المطوع – تقديم جاسم بن محمد مهلهل – دار
الدعوة للنشر والتوزيع – الكويت –الطبعة السابعة – 1991م.
-6تربية األوالد في اإلسالم – عبد هللا ناصح علوان – دار السالم للطباعة والنشر والترجمة –
الطبعة الحادية عشر 1412هـ 1992م – الجزء األول.
-7اإليضاح في علوم البالغة – للخطيب القرويني – دار الكتاب العربي – بيروت لبنان –
الطبعة األولي 2004م.
-8منهج التريبة اإلسالمية – الجزء الثاني – محمد قطب – دار الشروق – 1415هـ 1995-م.
-9خلق المسلم – محمد الغزالي – الطبعة األولي – 1987م – جميع الحقوق محفوظة لدار
الريان للتراث – القاهرة.
-10اإلسالم والجنس – فتحي يكن – مؤسسة الرسالة – الشركة المتحدة للتوزيع – بيروت.
-11المرشد الحديث في التوعية الصحية – الدكتور ماهر بشاي ،والدكتور :هارولد شرايوك
باالشتراك مع لجنة األطباء االختصاصيين – دار الشروق األوسط للطبع والنشر –
بيروت لبنان – الطبعة األولي 1986م .
-12طاقة الحياة – عالي براون – تعريب /أحمد العمري – مكتبة العبيكان – 1424هـ 2003 -م
– الطبعة العربية األولي.
-13قالوا عن اإلسالم – إعداد الدكتور – عماد الدين خليل – الندوة العالمية للشباب اإلسالمي –
المملكة العربية السعدية – الطبعة األولي – 1410هـ 1990 -م.
70
المقدمة
البحر الرائق في الزهد والرقائق الجزء الثاني – جمع وترتيب أحمد فريد – لجنة مسلمي أفريقيا –
الكويت – من دون طبعة
71