You are on page 1of 4

‫قصة موت معلن _ غابريال غارسيا ماركيز‬

‫ّ‬ ‫انوية‬
‫االنترناشونال كولدج _ المدرسة الثّ ّ‬

‫األول من صفحة ‪ 15‬وحتّى صفحة ‪35‬‬


‫أبرز أحداث الفصل ّ‬ ‫ولية _ ‪IB1‬‬
‫الد ّ‬
‫البكالوريا ّ‬

‫صباحا لينتظر وصول‬


‫ً‬ ‫النصف‬
‫الساعة الخامسة و ّ‬
‫نصار" في ّ‬‫في اليوم اّلذي كانوا سيقتلونه فيه‪ ،‬استيقظ "سنتياغو ّ‬ ‫•‬
‫المركب الذي سيأتي فيه المطران‪ .‬كان قد حلم بأنه يجتاز غابة من أشجار التّين‪ ،‬حيث كان يهطل رذاذ ٍ‬
‫مطر‬
‫بالسعادة للحظة‪.‬‬
‫ناعم‪ ،‬وأحس في أحالمه ّ‬
‫بأنه يمضي‬
‫السابق كان قد حلم ّ‬
‫أمه "بالثيدا لوثيرو"‪ .‬قالت‪ ":‬في األسبوع ّ‬
‫دائما"‪ ،‬هذا ما قالته ُّ‬
‫"كان يحلم باألشجار ً‬ ‫•‬

‫وحيدا في طائرة‪ ،‬و ّأنها كانت تطير به ما بين أشجار الّلوز دون أن يصطدم بها"‪ .‬لقد كانت لها سمعة ّ‬
‫طيبة أحرزتها‬ ‫ً‬
‫أي فأل شؤ ٍم في هذين الحلمين اللذين حلم بهما ابنها في‬
‫لكنها لم تنتبه إلى ّ‬
‫الصائب ألحالم اآلخرين‪ّ ،‬‬
‫بتفسيرها ّ‬
‫األيام اّلتي سبقت موته‪.‬‬
‫ّ‬
‫السادسة وخمس دقائق‪ ،‬إلى أن جرى تقطيعه‬
‫الساعة ّ‬
‫جميع األشخاص الذين التقى بهم منذ خروجه من البيت في ّ‬ ‫•‬
‫تحدث‬
‫جي ًدا‪ ،‬وقد ّ‬
‫باديا عليه‪ ،‬ولكن مزاجه كان ّ‬ ‫شيئا من ُّ‬
‫النعاس كان ً‬ ‫كخنزير بعد ساعة من ذلك‪ ،‬يتذ ّكرون بأن ً‬
‫أي منهم متأ ّك ًدا إذا ما كان يشير بذلك‬
‫جميعا بصورة عابرة‪ ،‬وقال لهم إن ذلك اليوم هو يوم بديع‪ .‬ولم يكن ّ‬
‫ً‬ ‫معهم‬

‫صباحا مشرًقا يتخّلله نسيم بحر ّي‪ّ .‬‬


‫ولكن الغالبية قالت إّنه‬ ‫ً‬ ‫بأنه كان‬
‫الجو‪ .‬ولقد ارتبط في ذاكرة الكثيرين ّ‬
‫إلى حالة ّ‬
‫جوا مأتميًّا‪ ،‬بسماء مع ّكرة ومنخفضة‪ ،‬و ّإنه كان يهطل في لحظة المصيبة رذاذ خفيف كاّلذي رآه "سنتياغو‬
‫كان ًّ‬
‫نصار" في الحلم‪.‬‬
‫ّ‬
‫السالح‬
‫للراوي‪" :‬لم يكن يترك ّ‬
‫أمه ّ‬
‫الرصاص‪ ،‬قالت ُّ‬
‫المسدس من ّ‬
‫ّ‬ ‫لكنه قبل أن يغادر البيت في ذلك اليوم‪ ،‬أفرغ‬
‫ّ‬ ‫•‬
‫خبئ ال ّذخائر في مكان آخر‬
‫نصار" يضع األسلحة في مكان‪ ،‬وي ّ‬ ‫الراوي كان يعرف ّ‬
‫بأن "سنتياغو ّ‬ ‫أبدا"‪ .‬و ّ‬
‫محشوا ً‬
‫ًّ‬
‫السالح داخل البيت‪ .‬لقد كانت‬
‫بالصدفة‪ ،‬من االستسالم لوساوس حشو ّ‬‫تماما‪ ،‬بحيث ال يتم ّكن أحد‪ ،‬ولو ُّ‬
‫منفصل ً‬
‫عادة حكيمة فرضها والده منذ صباح ذلك اليوم اّلذي حاولت فيه إحدى الخادمات‪ ،‬أن تنفض الوسادة‪ ،‬فانطلقت‬
‫الصالة‪ ،‬ولم ينس "سنتياغو‬
‫المسدس عند ارتطامه باألرض‪ ،‬وثقبت خزانة الغرفة‪ ،‬واخترقت جدار ّ‬
‫ّ‬ ‫رصاصة من‬
‫الدرس اّلذي تعلمه من تلك الحادثة الخطيرة‪.‬‬
‫صغيرا‪ّ ،‬‬
‫ً‬ ‫طفال‬
‫نصار" اّلذي كان ً‬
‫ّ‬
‫نحيال شاحًبا‪ ،‬له حاجبان عر ّبيان‪ ،‬وشعر أجعد ورثه عن أبيه‪.‬‬
‫أتم إحدى وعشرين سنة‪ً ،‬‬
‫نصار" قد ّ‬‫كان "سنتياغو ّ‬ ‫•‬
‫سعيدا مع أبيه‪ ،‬إلى أن توفي‬
‫أما هو فكان يبدو ً‬‫السعادة‪ّ ،‬‬
‫كان االبن الوحيد لزواج تعايش لم يعرف لحظة واحدة من ّ‬
‫األم المتو ّحدة حتّى يوم اإلثنين اّلذي مات‬
‫السعادة بادية عليه وهو مع ّ‬
‫فجأة قبل ثالث سنوات‪ ،‬وبقيت ّ‬
‫هذا األخير ً‬
‫وحب الخيول‪،‬‬
‫النارّية‪ّ ،‬‬
‫صغير‪ ،‬استخدام األسلحة ّ‬ ‫ًا‬ ‫طفال‬
‫فيه‪ .‬لقد ورث عنها الفطرة‪ .‬وتعّلم من أبيه‪ ،‬وهو ال يزال ً‬
‫أيضا فنون ّ‬
‫الشجاعة والفطنة‪ .‬كانا يتكّلمان في ما بينهما بالعر ّبية‪،‬‬ ‫الصيد الجارحة‪ ،‬وتعّلم منه ً‬
‫وترويض طيور ّ‬
‫أمه حتّى ال تشعر ّأنها مستبعدة‪ .‬لقد اضطره موت والده إلى ترك دراسته ليتوّلى‬
‫لكنهما ال يفعالن ذلك أثناء وجود ّ‬
‫ّ‬
‫نصار"‪ ،‬بتأهيله الخاص‪ ،‬مرًحا ومسال ًما وذا قلب بسيط‪.‬‬
‫مسؤولية مزرعة العائلة‪ .‬وكان "سنتياغو ّ‬
‫ّ‬

‫‪1‬‬
‫الشمس‬
‫طاهية "فيكتوريا غوثمان" متأ ّكدة من أن المطر لم يهطل في ذلك اليوم‪ ،‬قالت‪" :‬بالعكس‪ ،‬لقد نشرت ّ‬
‫ال ّ‬ ‫•‬
‫طع ثالثة أرانب من أجل الغداء‪ ،‬وهي محاطة بكالب الهثة‪ ،‬عندما دخل "سنتياغو‬
‫الدفء في وقت أبكر‪ .‬كانت تق ّ‬
‫ّ‬
‫صا‬
‫نصار" قر ً‬ ‫فقدمت له ابنتها "ديفينا فلور" اّلتي بدأت تتفتّح‪ ،‬فنجان القهوة‪ .‬مضغ "سنتياغو ّ‬
‫نصار" إلى المطبخ‪ّ .‬‬
‫ّ‬
‫بتمهل‪ ،‬من دون أن يرفع نظره عن المرأتين اللتين‬
‫آخر من األسبيرين‪ ،‬وجلس ليحتسي فنجان القهوة‪ ،‬وهو يف ّكر ُّ‬
‫بكل جمالها‪ .‬أمسك‬
‫الس ّن‪ ،‬ظّلت "فيكتوريا" تحتفظ ّ‬
‫تقدمها في ّ‬‫وبالرغم من ُّ‬
‫تنتزعان أحشاء األرانب قرب الموقد‪ّ .‬‬
‫الس ّن‬
‫نصار" بمعصم البنت عندما اقتربت لترفع الفنجان الفارغ من أمامه‪ ،‬وقال لها‪ ":‬ها قد أصبحت في ّ‬
‫"سنتياغو ّ‬
‫الدامي أمامه‪ ،‬وأمرته بج ّدّية‪ ":‬أفلتها ّأيها األبيض‪ .‬فلن تشرب من‬
‫الس ّكين ّ‬
‫المناسبة للتّرويض"‪ .‬فرفعت "فيكتوريا" ّ‬
‫هذا الماء ما دمت على قيد الحياة"‪.‬‬

‫نصار" قد أغوى بها وهي في أوج مراهقتها‪ّ ،‬‬


‫ثم نقلها لتخدم في البيت عندما خمدت عاطفته‪ .‬و"ديفينا‬ ‫كان "إبراهيم ّ‬ ‫•‬
‫السري‪.‬‬
‫نصار" ّ‬
‫فلور" اّلتي كانت ابنتها من زوج جديد‪ ،‬تعلم أنها مرصودة لسرير "سنتياغو ّ‬
‫نصار" عندما انتزعت بشدة أحشاء أحد األرانب‬ ‫تجنب ومضة فزع وهي تتذكر رعب "سنتياغو ّ‬ ‫لم تستطع "فيكتوريا" ُّ‬ ‫•‬
‫تصوري لو ّأنه كائن بشر ّي"‪ .‬لقد احتاجت "فيكتوريا"‬
‫همجية‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫الدافئة‪ .‬فقال لها‪ ":‬ال تكوني‬
‫وألقت إلى الكالب باألمعاء ّ‬
‫الرعب‪.‬‬
‫عاما لتفهم كيف يمكن لرجل اعتاد على قتل حيوانات عزالء أن يبدي فجأة مثل ذلك ّ‬ ‫إلى قرابة عشرين ً‬
‫كل ذلك كان وحًيا إ ًذا"‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فقد كان بها غضب شديد سابق لصباح يوم الجريمة‪ ،‬فواصلت‬
‫وهتفت‪" :‬رّباه! ُّ‬
‫نغص عليه فطوره‪.‬‬
‫علف الكالب بأحشاء األرنبين اآلخرين‪ ،‬ال لشيء‪ّ ،‬إال لت ّ‬
‫نصار" مع العرب اآلخرين بعد انتهاء الحروب‬
‫كان البيت عبارة عن مستودع قديم من طبقتين‪ .‬وعندما جاء "إبراهيم ّ‬ ‫•‬
‫مهجورا‪.‬‬
‫ً‬ ‫النهر‪ ،‬وكان المستودع‬
‫غيرات اّلتي طرأت على ّ‬ ‫األهلية‪ ،‬كانت البواخر قد توّقفت عن الوصول بسبب التّ ّ‬
‫ّ‬
‫حوله‬‫يتزوج‪ّ ،‬‬
‫نصار" بثمن بخس ليقيم فيه مخزًنا لالستيراد‪ .‬لكنه لم يفعل ذلك مطلًقا‪ ،‬وعندما أراد أن ّ‬
‫فاشتراه "إبراهيم ّ‬
‫االحتفالية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ئيسية اّلتي باستثناء بعض المناسبات‬
‫الر ّ‬‫بالبوابة ّ‬
‫األمامية للبيت ّ‬
‫ّ‬ ‫للسكن‪ ،‬واحتفظ في الواجهة‬
‫إلى بيت ّ‬
‫ألنها المدخل‬‫استخداما على الدوام‪ ،‬ليس ّ‬
‫ً‬ ‫الخلفية اّلتي كانت األكثر‬
‫ّ‬ ‫بالبوابة‬
‫كانت تبقى مقفلة‪ .‬واحتفظ كذلك ّ‬
‫تؤدي إلى شارع الميناء من دون المرور في ّ‬
‫الساحة‪.‬‬ ‫ألنها ّ‬
‫بيعي إلى المطبخ وحسب‪ ،‬و ّإنما ّ‬
‫ّ ّ‬
‫الط‬
‫نصار" ينتظرانه‪ ،‬ومنها‬
‫الرجالن اللذان سيقتالن "سنتياغو ّ‬
‫الخلفية‪ ،‬كان ّ‬
‫ّ‬ ‫البوابة‬
‫األمامية‪ ،‬وليس أمام ّ‬
‫ّ‬ ‫البوابة‬
‫أمام ّ‬ ‫•‬
‫الرغم من ّأنه اضطر لاللتفاف حول البيت في دورة كاملة ليصل إلى الميناء‪ .‬ال‬ ‫خرج هو الستقبال المطران‪ ،‬على ّ‬
‫أن قاضي التّحقيق اّلذي حضر‪ ،‬أحس بها من‬ ‫المأتمية الكثيرة‪ .‬وال ّبد ّ‬
‫ّ‬ ‫كل تلك المصادفات‬
‫يمكن ألحد أن يفهم ّ‬
‫البوابة‬
‫اضحا في المحضر‪ .‬وقد ورد ذكر ّ‬ ‫عقالني كان و ً‬
‫ّ‬ ‫دون أن يجرؤ على قبولها‪ّ ،‬‬
‫ألن اهتمامه بإعطاء تفسير‬
‫أن التّفسير الوحيد اّلذي يبدو مقبوًال هو ما قالته‬ ‫المؤدية إلى الساحة عدة ٍ‬
‫"بوابة القدر"‪ .‬والحقيقة ّ‬
‫مرات تحت اسم ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الخلفية‬
‫ّ‬ ‫البوابة‬
‫أبدا من ّ‬‫السؤال بعقل األم‪ ":‬لم يكن من عادة ابني أن يخرج ً‬
‫نصار" اّلتي أجابت عن ّ‬
‫والدة "سنتياغو ّ‬
‫بأنهم كانوا ينتظرونه‬
‫بأنها لم تكن تعلم ّ‬
‫جيدة"‪ .‬من جهتها‪ ،‬كانت "فيكتوريا" واضحة في إجابتها ّ‬
‫وهو يرتدي مالبس ّ‬
‫للراوي بأنها وابنتها كانتا تعرفان ذلك عندما دخل إلى المطبخ ليتناول‬
‫السنوات‪ ،‬اعترفت ّ‬
‫لقتله‪ .‬ولكنها‪ ،‬بعد مرور ّ‬
‫قليال من الحليب كصدقة‪ ،‬وكشفت لهما كذلك األسباب والمكان‬ ‫القهوة‪ .‬فقد أخبرتهما باألمر امرأة مرت بهما لتطلب ً‬
‫أن ابنتها "ديفينا" اعترفت له‬
‫مجرد تهديدات سكارى"‪ّ .‬إال ّ‬
‫بأنها ّ‬ ‫ألنني ظننت ّ‬
‫اّلذي ينتظرونه فيه‪ .‬تقول‪ ":‬لم أح ّذره ّ‬
‫ألنها في أعماق روحها‬‫نصار" ّ‬ ‫شيئا لـ "سنتياغو ّ‬
‫بأن "فيكتوريا" لم تقل ً‬
‫أمها قد ماتت‪ّ ،‬‬
‫في زيارة الحقة‪ ،‬بعد أن كانت ُّ‬

‫‪2‬‬
‫ألنها لم تكن حينذاك سوى طفلة‪ ،‬عاجزة عن اتّخاذ قرار بنفسها‪ ،‬وقد‬
‫أما هي‪ ،‬فلم تح ّذره ّ‬
‫كانت ترغب في أن يقتل‪ّ .‬‬
‫ومتحجرة كيد ميت‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أحست ّأنها باردة‬
‫كثير عندما أمسكها من معصمها بيد ّ‬‫خافت ًا‬
‫عندما سبقته "ديفينا" لتفتح له الباب‪ ،‬قالت‪ ":‬أمسك بي‪ ،‬وهذا ما كان يفعله كلما وجدني وحيدة في أحد أركان البيت‪،‬‬ ‫•‬
‫طريق للخروج‪،‬‬
‫ولكنني لم أشعر في ذلك اليوم بالخوف المعتاد‪ ،‬و ّإنما برغبة جامحة في البكاء"‪ .‬ابتعدت لتفسح له ال ّ‬
‫ّ‬
‫الرجل اّلذي لن يكون‬
‫الشيء الوحيد اّلذي استطاعت فعله من أجل ّ‬ ‫أي شيء آخر‪ .‬و ّ‬ ‫لكنها لم تمتلك الجرأة لرؤية ّ‬
‫ّ‬
‫مرًة أخرى إلى‬
‫الدخول ّ‬
‫سيدة البيت‪ ،‬وذلك كي يتم ّكن من ّ‬
‫البوابة متجاوزة بذلك أوامر ّ‬
‫أبدا‪ ،‬هو ّأنها لم تغلق ّ‬
‫لها ً‬
‫ستعجال‪ .‬وكان شخص لم تعرف هويته قط قد دفع من تحت الباب بورقة ضمن مغلف‪،‬‬ ‫ً‬ ‫البيت في حال مجيئه م‬
‫أن هناك من ينتظره لقتله‪ ،‬ويكشف له كذلك عن المكان واألسباب‪ ،‬وعن تفاصيل‬
‫نصار" إلى ّ‬‫ي ّنبه فيها "سنتياغو ّ‬
‫لكنه لم‬
‫نصار" من البيت‪ّ ،‬‬
‫الرسالة على األرض عندما خرج "سنتياغو ّ‬ ‫أخرى دقيقة ًّ‬
‫جدا حول المكيدة‪ .‬وقد كانت ّ‬
‫أي شخص آخر ّإال بعد مضي وقت طويل على اقتراف الجريمة‪.‬‬ ‫يرها‪ ،‬ولم ترها "ديفينا" وال ّ‬
‫ّ‬
‫نصار"‬
‫الرجالن ينتظران "سنتياغو ّ‬ ‫الساحة هو د ّكان لبيع الحليب‪ ،‬حيث كان ّ‬
‫مفتوحا في ّ‬
‫ً‬ ‫المحل الوحيد اّلذي كان‬
‫ُّ‬ ‫•‬
‫الصحف‪ّ .‬إنهما‪ :‬توأمان "بيدرو"‬
‫وهما يش ّدان إلى حضنيهما السكاكين الملفوفة بأوراق ّ‬
‫لقتله‪ .‬فقد ناما على المقاعد ّ‬
‫و"بابلو فيكاريو"‪ .‬لهما من العمر أربع وعشرون سنة‪ .‬وهما متشابهان ً‬
‫تماما إلى حد يصعب معه التّمييز بينهما‪.‬‬
‫الصباح‪ ،‬ال يزاالن‬‫طيبة"‪ .‬وكانا في ذلك ّ‬
‫ومما جاء في محضر التحقيق‪ ":‬لهما مظهر غليظ ولكنهما من طبيعة ّ‬‫ّ‬
‫نصار"‪ّ .‬إال أن صاحبة‬
‫السوداء اّلتي ارتدياها لحفلة العرس‪ .‬أيقظتهما الغريزة عندما خرج "سنتياغو ّ‬
‫يرتديان البدالت ّ‬
‫ردد باستمرار‪":‬كانت‬
‫للسّيد المطران"‪ .‬وكانت ت ّ‬
‫اما ّ‬
‫بالرب‪ .‬اتركاه إلى ما بعد‪ ،‬وليكن ذلك احتر ً‬
‫المحل قالت لهما‪ ":‬حبًّا ّ‬
‫ّ‬
‫لكنه لم يمنعها‪.‬‬
‫توسلها أخر الجريمة‪ّ ،‬‬
‫الروح القدس"‪ُّ .‬‬
‫تلك نفحة إلهام من ّ‬
‫نصار" يحسبان تكاليف حفلة الزفاف الباهظة‪ .‬فقال لها‪ ":‬هكذا سيكون‬
‫الراوي‪ ،‬كانت مع "سنتياغو ّ‬
‫"مارغوت" أخت ّ‬ ‫•‬
‫قرًار زواجه في عيد الميالد من "فلو ار ميغيل"‪ .‬وعندما‬
‫حفل عرسي‪ .‬لن يمتد بكم العمر لحساب تكاليفه"‪ .‬فقد كان م ّ‬
‫دعته لتناول الفطور في بيت عائلتها‪ ،‬أصر على ال ّذهاب إلى البيت لي ّبدل ثيابه‪ ،‬على أن يلحق بها خالل ربع‬
‫خبئه‪.‬‬
‫بأنهم سيقتلونه‪ ،‬وأرادت أن ت ّ‬
‫إلحاحا غر ًيبا‪ ،‬وكأنها كانت على علم ّ‬
‫ً‬ ‫الرغم من أنها ألحت عليه‬ ‫ساعة على ّ‬
‫المرة األخيرة اّلتي تراه فيها‪.‬‬
‫وكانت تلك هي ّ‬
‫أي منهم إذا ما كان‬
‫نصار" سيقتل‪ .‬لم يتساءل ّ‬ ‫كثيرون من أولئك اّلذين كانوا في الميناء كانوا يعرفون ّ‬
‫أن "سنتياغو ّ‬ ‫•‬
‫بأنه من المستحيل ّأال يكون قد علم‪.‬‬
‫جميعا ّ‬
‫ً‬ ‫نصار" على علم باألمر‪ ،‬فقد بدا لهم‬ ‫"سنتياغو ّ‬
‫أن أخته "مارغوت" كانت من األشخاص القالئل اّلذين كانوا يجهلون ّأنه سيقتل‪ .‬وقد كان غر ًيبا ّأال‬
‫الراوي ّ‬
‫يقول ّ‬ ‫•‬
‫الراوي‬
‫تعلم بذلك‪ .‬قالت للمحّقق‪ ":‬لو ّأنني كنت أعلم‪ ،‬الصطحبته إلى بيتنا حتّى لو اضطررت إلى تقييده"‪ .‬يتابع ّ‬
‫بكل األمور قبل جميع من في البيت‪،‬‬
‫قائال بأن األكثر غرابة هو أن أمه كذلك لم تكن تعلم‪ ،‬مع ّأنها كانت تعرف ّ‬
‫ً‬
‫سرّية مع أهل القرية‪،‬‬
‫الصالة‪ .‬كانت تبدو وكأن لها خيوط اتّصال ّ‬
‫بالرغم من ّأنها لم تخرج منذ سنوات‪ ،‬وال حتى إلى ّ‬
‫ّ‬
‫أحيانا بأخبار سابقة لوقوعها ما كان لها أن تعرفها ّإال بفنون‬
‫ً‬ ‫وخصوصا اّلذين هم في مثل سّنها‪ ،‬وكانت تفاجئنا‬
‫ً‬
‫فجرا‪.‬‬
‫الصباح بنبض المأساة اّلتي كانت تتكامل منذ الثّالثة ً‬
‫فإنها لم تشعر في ذلك ّ‬
‫الكهانة‪ .‬ومع ذلك‪ّ ،‬‬

‫‪3‬‬
‫تزوجت في اليوم‬
‫الرائعة "أنخيال فيكاريو" التي ّ‬
‫كامال‪ ،‬فالصبية ّ‬
‫ً‬ ‫بعد أن مر المطران‪ ،‬علمت "مارغوت" بالخبر‬ ‫•‬
‫ثم‬
‫بأنني أنا اّلتي ستموت"‪ّ .‬‬
‫السابق‪ ،‬أعيدت إلى بيت والديها‪ ،‬ألن زوجها وجدها غير عذراء‪ .‬قالت‪ ":‬أحسست ّ‬‫ّ‬
‫نصار"‬
‫تم توريط "سنتياغو ّ‬
‫فسر لي كيف ّ‬
‫أحدا لم يستطع أن ي ّ‬
‫فإن ً‬
‫تابعت‪ ":‬ولكن بقدر ما قّلبوا األمر على وجوهه‪ّ ،‬‬
‫المسكين في خديعة كتلك"‪.‬‬
‫عرابة‬
‫الداخل عن البكاء‪ .‬أخبرت أمها بما سمعت‪ .‬واألم كانت ّ‬ ‫عادت "مارغوت" إلى البيت‪ ،‬وهي تمسك نفسها من ّ‬ ‫•‬
‫نصار" في العماد‪ ،‬كما كانت على صلة قرابة د ٍم مع والدة العروس اّلتي أعيدت إلى منزل أهلها‪ .‬وما‬
‫"سنتياغو ّ‬
‫نصار" لتح ّذر أمه‪ ،‬إذ وبحسب‬
‫كادت تنتهي من سماع الخبر‪ ،‬حتّى انتعلت حذاءها لتذهب إلى بيت "سنتياغو ّ‬
‫بأن أواصر‬
‫عدال أن يعرف الجميع أن ابنها سيقتل وتبقى هي الوحيدة اّلتي ال تعلم‪ .‬وعندما ذ ّكرها زوجها ّ‬
‫رأيها‪ ،‬ليس ً‬

‫كثيرة تربطهم بالعائلتين‪ ،‬أجابته قائل ًة‪ ":‬يجب أن نكون ً‬


‫دائما إلى جانب الميت"‪.‬‬
‫الزفاف‬
‫الراوي‪ ،‬كما أخبرته في ما بعد‪ّ ،‬أنها كانت تسمع صخب أناس كثيرين‪ ،‬وكأن حفلة ّ‬
‫في طريقها‪ ،‬كانت والدة ّ‬ ‫•‬

‫عادت لتبدأ من جديد‪ ،‬وكان الجميع يركضون باتّجاه ّ‬


‫الساحة‪ .‬أسرعت بخطواتها لتؤّكد ّأنها تمتلك اإلرادة عندما‬
‫يمر بجانبها‪:‬‬
‫يتعلق األمر بحياة إنسان‪ ،‬إلى أن أشفق عليها شخص كان يركض باالتّجاه المعاكس‪ ،‬فصرخ بها وهو ُّ‬
‫"ال تزعجي نفسك يا "لويسا سنتياغا"‪ .‬لقد قتاله"‪.‬‬

‫‪4‬‬

You might also like