You are on page 1of 13

‫(فاوست) بني (غوته) وابكثري‬ ‫جملة كلية اآلداب ‪ -‬العددالثالث‬

‫___________________________________________________________‬
‫فاوست بني غوته وابكثري‬

‫د‪ .‬سليمان خمتار إمساعيل‬


‫كلية اآلداب ‪ -‬جامعة مصراته‬
‫تندرج ىذه الدراسة ضمن درس األدب ادلقارف‪ ،‬و ىو أدب إنساين عادلي دويل يوثق‬
‫الصالت ويقوي العالقات بُت اآلداب القومية ادلختلفة يف اللغة لغرض التأثَت والتأثر‪ ،‬واالستفادة‬
‫من اآلداب العادلية والعودة لألدب القومي لتلقيحو وتطعيمو ابدلذاىب واألجناس األدبية‬
‫والتيارات الفكرية‪ ،‬والقوالب الفنية؛ ليزدىر األدب القومي ويتطور ويلحق ابآلداب العادلية‬
‫واإلنسانية احلية ادلتطورة‪ ،‬وال ديكن دلوضوع ما أف ينمو ويتطور من دوف مقارنة دبا دياثلو من‬
‫موضوعات‪ ،‬ألف عملية ادلقارنة تتطلب قوة ادلالحظة والتدقيق احلصيف‪ ،‬وكالمها يؤدي إىل‬
‫استنتاجات واكتشافات جديدة‪.‬‬
‫وقد عرؼ األدب ادلقارف بعدة تعريفات منها أنو‪ (( :‬العلم الذي يدرس على ضلو‬
‫خاص آاثر اآلداب ادلختلفة يف عالقاهتا ادلتبادلة ))(‪.)1‬‬
‫وكاف (فاف تيجيم) أوؿ من قدـ تعريفا لألدب ادلقارف يف كتابو ادلوجز عنو‪ ،‬الذي‬
‫صدرت طبعتو األوىل يف ابريس سنة ‪1391‬ـ‪ ،‬يقوؿ يف تعريفو لو‪ (( :‬إنو العلم الذي يدرس‬
‫على ضلو خاص آاثر اآلداب ادلختلفة يف عالقاهتا ادلتبادلة ))(‪.)2‬‬
‫وعرفو (ىنري رماؾ) يف كتابو "األدب ادلقارف ادلادة وادلنهج (( أبنو دراسة األدب فيما‬
‫وراء حدود إقليم معُت‪ ،‬ودراسة العالقات بُت األدب ونواحي ادلعرفة األخرى‪ ،‬دبا فيها الفنوف‬
‫اجلميلة‪ ،‬والفلسفة‪ ،‬والتاريخ‪ ،‬والعلوـ االجتماعية‪ ،‬والعلوـ التجريبية‪ ،‬واألدايف وغَتىا ))(‪.)3‬‬

‫‪ -1‬األدب ادلقارف أصولو وتطوره ومناىجو‪ ،‬الطاىر أضبد مكي‪ ،‬دار ادلعارؼ‪ ،‬القاىرة‪ ،‬الطبعة األوىل‪،‬‬
‫‪7041‬ىػ‪7891-‬ـ‪ ،‬ص ‪.780‬‬
‫‪ -2‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪.780‬‬
‫‪ -3‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪.782‬‬

‫‪222‬‬
‫(فاوست) بني (غوته) وابكثري‬ ‫جملة كلية اآلداب ‪ -‬العددالثالث‬
‫___________________________________________________________‬
‫وادلراد ابدلقارنة‪ :‬ىي تقريب األحداث ادلقتبسة من صباعات سلتلفة‪ ،‬وبعيدة غالبا‪،‬‬
‫لتستخرج منها قواعد عامة(‪ ،)1‬فالدراسات ادلقارنة يف ‪-‬حقيقتها‪ -‬وسيلة من وسائل التأثَت‬
‫والتأثر ادلتبادلُت بُت األعماؿ األدبية‪ ،‬والتاريخ للحركة الفنية يف إطار أمشل وأوسع ىو إطار‬
‫العادلية(‪.)2‬‬
‫إف األدب ادلقارف فرع من األدب العاـ‪ ،‬وإف شبة اختالؼ بُت ادلدرستُت الفرنسية‬
‫واألمريكية يف ربديد موضوعو‪ ،‬يقوؿ أصحاب ادلدرسة الفرنسية‪ :‬إف األدب ادلقارف يدرس مواطن‬
‫التالقي بُت آداب اللغات ادلختلفة وصالهتا الكثَتة ادلعقدة يف حاضرىا وماضيها وما ذلذه‬
‫الصالت من أتثَت وأتثر أاي كانت مظاىر ىذا التأثَت والتأثر‪ ،‬سواء أتعلقت ابألصوؿ الفنية‬
‫العامة لألجناس األدبية‪ ،‬أو التيارات الفكرية‪ ،‬أو اتصلت بطبيعة ادلوضوع وادلواقف واألشخاص‬
‫اليت تعاجل أو رباكى يف األدب(‪ ،)3‬أما ادلدرسة األمريكية فإهنا ترى أف األدب ادلقارف جيب أف‬
‫يشمل ما سبق ويذىب إىل أبعد منو‪ ،‬فيدرس وجوه الشبو واالختالؼ بُت أدبُت أو أكثر‪.‬‬
‫إف دراسة األدب ادلقارف تعلمنا أف كل أدب يفرض على نفسو حدودا وطنية إمنا يشوه‬
‫ويفٌت‪ ،‬وأنو كلما فتحت احلدود العقلية كاف نتاج ثقافة ما أعذب وأكثر أصالة(‪)4‬؛ لذلك فإف‬
‫األدب ادلقارف يهدؼ إىل االنفتاح على اآلداب األخرى لتكوين أدب إنساين عاـ يستفيد منو‬
‫البشر صبيعا وتتكامل فيو اللغات والثقافات والتصورات واألفكار‪.‬‬

‫‪ -1‬األدب ادلقارف‪ ،‬ب‪ ،‬فاف تيجيم‪ ،‬تعريب سامل مفتاح احلسامي‪ ،‬منشورات ادلكتبة العصرية‪ ،‬صيدا ‪ -‬بَتوت‪،‬‬
‫ص‪.78‬‬
‫‪ -2‬يف األدب ادلقارف‪ ،‬إبراىيم عبد الرضبن‪ ،‬مصر اجلديدة‪7811 ،‬ـ‪ ،‬ص‪.74‬‬
‫‪ -3‬األدب ادلقارف‪ ،‬دمحم غنيمي ىالؿ‪ ،‬دار الثقافة بَتوت لبناف‪ ،‬ط‪7851 ،5‬ـ‪ ،‬ص‪ ،8‬ودراسات يف األدب‬
‫ادلقارف‪ ،‬بديع دمحم صبعة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بَتوت‪ ،‬ط‪7894 ،2‬ـ‪ ،‬ص‪.72‬‬
‫‪ -4‬هنضة األدب ادلقارف‪ ،‬مقالة للكاتب انيامبل‪ ،‬نشرىا يف رللة الكاتب ادلصري‪ ،‬اجمللد السابع عشر‪ ،‬العدد‪:‬‬
‫‪ ،29‬دار الكتاب ادلصري‪ ،‬القاىرة‪ ،‬العدد‪ ،29 :‬يناير‪7809 ،‬ـ‪ ،‬ونقلها عن الفرنسية مصطفى كامل فودة‪،‬‬
‫ص‪.201‬‬
‫‪221‬‬
‫(فاوست) بني (غوته) وابكثري‬ ‫جملة كلية اآلداب ‪ -‬العددالثالث‬
‫___________________________________________________________‬
‫ويف ىذه الدراسة أود أف أنظر إىل أسطورة (فاوست) من زاوية األدب ادلقارف لنتبُت‬
‫مدى التأثَت والتأثر بُت األدب الغريب (واألدلاين على وجو اخلصوص) الذي كتبت بو ىذه‬
‫األسطورة أوال‪ ،‬واألدب العريب الذي نقلت إليو وأتثر هبا‪ ،‬وكيف وظفها انقلها دبا يتالءـ واألدب‬
‫ادلنقولة إليو‪.‬‬
‫وقبل أف أعرض دلا بُت (فاوست) عند (غوتو)‪ ،‬و(فاوست) اجلديد عند (علي أضبد‬
‫ابكثَت) من عالقة جيدر يب أف أشَت إىل أسطورة (فاوست) وادلراحل اليت مرت هبا مث أقف عند‬
‫التعريف ب(غوتو) والتعريف بعلي أضبد ابكثَت‪ ،‬مث عند عمليهما يف (فاوست) وما بينهما من‬
‫تقارب واختالؼ‪.‬‬
‫(فاوست)‪:‬‬
‫شلا يتداولو الدارسوف والنقاد عند حديثهم عن (فاوست) قوذلم‪" :‬وإذا سأؿ سائل ما‬
‫ىي أعظم عشرة كتب يف عامل األدب منذ فجر اإلنسانية إىل اليوـ لكانت اإلجابة" (فاوست)"‬
‫للشاعر األدلاين العظيم (غوتو) بال جداؿ إحدى ىذه الروائع العشر(‪ ،)1‬فقد استغرؽ إصلاز ىذه‬
‫الدراما الرائعة ضلو ستُت عاما‪ ،‬حيث بدأ (غوتو) اجلزء األوؿ من (فاوست) سنة ‪1771‬ـ‪ ،‬وظل‬
‫يقبل على العمل بُت احلُت واحلُت كلما وااته اإلذلاـ فلم يفرغ من اجلزء األوؿ إال عاـ ‪1011‬ـ‪،‬‬
‫أما اجلزء الثاين الذي نشر سنة ‪1091‬ـ فقد كاف يشتمل على مشاىد نظمت يف أعواـ سلتلفة‬
‫أقدـ ما فيها يرجع إىل ‪1771‬ـ(‪.)2‬‬
‫صلد كثَتا من األعماؿ ادلسرحية ازبذت من أسطورة (فاوست) مادة ذلا‪ ،‬واألصل يف‬
‫ىذه األسطورة غامض بعض الشيء‪ ،‬وإف كانت اآلراء سبيل إىل أف أساسها أسطورة شعبية‬
‫أدلانية‪ ،‬موجزىا أف عادلا كيميائيا يسمى "يوىاف(‪ )3‬فاوست" أو "يوحنا فاوست"‪ ،‬وبعضهم قاؿ‬
‫إف امسو "جورج سابيكوس"‪ ،‬ولد ىذا العامل يف أواخر القرف اخلامس عشر‪ ،‬وكاف سكَتاً كسوال‬

‫‪ -1‬ادلسرح العادلي (من اسخيلوس إىل آرثرميللر)‪ ،‬لويس عوض‪ ،‬دار ادلعارؼ مصر ‪7820‬ـ‪ ،‬ص‪.277‬‬
‫‪ -2‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص‪.277‬‬
‫‪ -3‬اآلداب ادلقارنة‪ ،‬دمحم التنوخي‪ ،‬دار اجليل‪ ،‬بَتوت‪ ،‬ط‪7885 ،7‬ـ‪ ،‬ص‪.778‬‬
‫‪229‬‬
‫(فاوست) بني (غوته) وابكثري‬ ‫جملة كلية اآلداب ‪ -‬العددالثالث‬
‫___________________________________________________________‬
‫حييا حياة غامضة عجيبة تتخللها قصص مغربة يف اخلياؿ‪ ،‬عدىا الكتاب مادة مغرية للكتابة‬
‫عنها ومعاجلتها‪ ،‬وعلى الرغم من وجود (فاوست) اترخييا فقد حاكت األساطَت الشعبية حولو‬
‫كثَتا من القصص فزعمت أنو كانت لو قرابة مع الشيطاف‪ ،‬وأنو كاف ساحرا ولو قدرة على‬
‫سلاطبة ادلوتى وقد وقع بدمو عقدا مع الشيطاف على أف يطيعو يف مقابل أف يرجع لو الشيطاف‬
‫شبابو ويوفر لو ما يطلبو‪ ،‬وربكي بعض األساطَت أنو مات طريدا من رضبة هللا عقااب لو‪ ،‬وىي‬
‫األساطَت اليت أخذىا الشاعر اإلصلليزي (مارلو) يف مأساتو اليت كتبها سنة ‪1111‬ـ‪ ،‬فقد سبق‬
‫األدابء يف تناوؿ أسطورة (فاوست)‪ ،‬ولكن النهاية عنده كانت مريرة وقاسية‪ ،‬حيث حلت اللعنة‬
‫على (فاوست) دلخالفاتو يف حُت تعكس أسطورة أخرى ىذا الرأي قائلة إمنا ابع روحو للشيطاف‬
‫لَتضي نفسو يف معرفة احلقائق وأنو عصى الشيطاف بعد ذلك فغفر لو‪ ،‬واىتدى إىل احلقيقة‪،‬‬
‫وىذه ىي فكرة (غوتو) يف مسرحيتو وبفضل (غوتو) صارت شخصية (فاوست) عادلية‪،‬‬
‫وأصبحت قالبا لتصوير األفكار الفلسفية وادلعاين اإلنسانية يف األدب‪ ،‬فممن استخدـ ىذه‬
‫الشخصية "بوؿ فالَتي" وتوماس ماف"(‪.)1‬‬
‫ومن مت فقد كانت شخصية (فاوست) قبل أف تتحوؿ إىل أسطورة شخصية حقيقية ذلا‬
‫وجود يف التاريخ وأف صاحبها قد خالف الكتاب ادلقدس ومارس السحر عالنية حىت كانت‬
‫هنايتو سنة ‪1419‬ـ يف فندؽ بقرية من قرى "دوقية فورسبربج"‪ ،‬فقد ورد أف صاحب الفندؽ سألو‬
‫دلاذا ىو حزين على غَت عادتو فأجابو‪" :‬ال تفزع ىذه الليلة"‪ ،‬ويف وسط الليل اىتز الفندؽ‪ ،‬ودلا‬
‫أتخر يف النهوض يف اليوـ التايل ودخلوا عليو غرفتو وجدوه راقدا ابلقرب من السرير ووجهو‬
‫ملتفت إىل ظهره‪ ،‬وعلى ىذا النحو قتلو الشطياف(‪.)2‬‬
‫وقد مرت شخصية (فاوست) قبل أف تتحوؿ إىل أسطورة بثالث مراحل‪:‬‬
‫‪ -1‬مرحلة اختلط فيها التاريخ ابألكاذيب‪ ،‬فرويت عنو أفعاؿ كثَتة تنقصها الدقة وال تعززىا‬
‫الرباىُت‪.‬‬

‫‪ -1‬األدب ادلقارف‪ ،‬دمحم غنيمي ىالؿ‪ ،‬دار الثقافة بَتوت لبناف‪ ،‬ط‪7851 ،5‬ـ‪ ،‬ص‪.179‬‬
‫‪( -2‬فاوست) (غوتو)‪ ،‬ترصبة عبد الرضبن بدوي‪ ،‬دار ادلدى للثقافة والنشر‪7889 ،‬ـ‪ ،‬ص‪.72‬‬
‫‪228‬‬
‫(فاوست) بني (غوته) وابكثري‬ ‫جملة كلية اآلداب ‪ -‬العددالثالث‬
‫___________________________________________________________‬
‫‪ -1‬بدأت أسطورة (فاوست) وىو ال يزاؿ حيا حيث تناقل الناس أخباره يف أمسارىم وأوقات‬
‫فراغهم‪ ،‬فألفوا عن أفعالو وسلوكو رواايت عجيبة‪ ،‬ونسج اخلياؿ حولو كثَتا من العجائب‬
‫كانوا يقدموهنا على أهنا مواد مسلية ال على أهنا معلومات صحيحة‪.‬‬
‫‪ -9‬ويف ادلرحلة الثالثة انتقلت األسطورة من الشفاه إىل سجالت الكتب(‪.)1‬‬
‫ويف األعماؿ اليت تناولت شخصية (فاوست) كاف ىو منوذج اإلنساف الساعي إىل مزيد‬
‫من القوة أو الكماؿ بوسائل خارجة عن الطبيعة ىي ما يعرؼ ابلسحر‪ ،‬فادلستقبل رلهوؿ‬
‫واإلنساف يريد معرفة ما سيجيئ‪ ،‬والقوى الطبيعية قاصرة‪ ،‬فعليو إذا أف يبحث عن أشياء خارجة‬
‫عن الطبيعة وعن قوى خارقة يسخرىا لتوفَت ما يصبو إليو(‪.)2‬‬
‫غَت أف (فاوست) (غوتو) سبثل قمة توازنو وخصوبتو وصفائو‪ ،‬فهي ملحمة كتبت‬
‫ابحلوار الذي يدعو إىل التأمل والتفكَت(‪.)3‬‬
‫غوته‪:‬‬
‫ولد الشاعر األدلاين (غوتو) (أو جيتتو كما ينطقو كثَتوف) يف صيف ‪1713‬ـ يف مدينة‬
‫فرنكفورت أبدلانيا‪ ،‬ونشأ نشأة راقية إذ كاف أبوه من أعياف البلدة ومثقفيها‪ ،‬فربز عند (غوتو) ميل‬
‫إىل النظم واحملاوالت ادلسرحية منذ كاف ايفعا‪ ،‬وزاد من ذلك تعرفو على (يوىاف ىَتدر) الذي‬
‫كاف لو الفضل يف تغَت دفة ريشتو ضلو البساطة‪ ،‬بعد أف كاف متهافتا على األدب ادلصنوع‬
‫والشعر ادلتكلف‪ ،‬كما وجهو ضلو عباقرة الفطرة األدبية الذين خلد امسهم‪ ،‬فحثو على دراستهم‬
‫من أمثاؿ (شكسبَت)‪ ،‬وقاده ضلو القدماء من األدابء العرب‪ ،‬فانكب على دراسة ما ترجم ذلم‬

‫‪( -1‬فاوست) (غوتو)‪ ،‬ص‪.27‬‬


‫‪ -2‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص‪.1‬‬
‫‪ -3‬ادلسرح العادلي من أسخيلوس إىل آرثر ميللر‪ ،‬لويس عوض‪ ،‬دار ادلعارؼ‪ ،‬مصر‪7820 ،‬ـ‪ ،‬ص‪.272‬‬
‫‪214‬‬
‫(فاوست) بني (غوته) وابكثري‬ ‫جملة كلية اآلداب ‪ -‬العددالثالث‬
‫___________________________________________________________‬
‫إىل األسبانية والالتينية واإلصلليزية(‪ ،)1‬وقد تويف (غوتو) يف ‪ 11‬مارس ‪1091‬ـ‪ ،‬عن ثالث‬
‫وشبانُت سنة(‪.)2‬‬
‫وتعد قصة (فاوست) وصفا منطبقا سباـ االنطباؽ على حياة (غوتو) الشخصية‪ ،‬فهو‬
‫الرجل الذي كاف طواؿ عمره ابحثا عن معرفة احلقيقة واجلماؿ واخلَت‪ ،‬كما ىو ابلضبط يف‬
‫(فاوست)(‪.)3‬‬
‫قصة (فاوست) ملحمة سبثل صراع اإلنساف مع قوى اخلَت والشر يف ىذا الوجود سواء‬
‫أكانت خارج النفس أـ داخلها‪.‬‬
‫إهنا قصة اإلنساف الذي تضيق نفسو الرحيبة بكل ما يف األرض من علم زلدود وقوى‬
‫زلدودة ومتعة زلدودة‪ ،‬وتطلب نفسو االنطالؽ من ىذا العامل احملدود واقتحاـ ذلك العامل ادلغلق‬
‫الرىيب الذي حرمتو السماء على البشر سعيا وراء ادلعرفة اليت تتجاوز العقل‪ ،‬واحلرية اليت تتجاوز‬
‫القيود‪ ،‬وادلتعة اليت ال يقف يف سبيلها شيء‪ ،‬القوة ادلطلقة اليت ذبعل اإلنساف إذلا يف الكوف‪،‬‬
‫ولكي حيقق اإلنساف كل ذلك تراه حيالف الشيطاف فيدين لو كل شيء يف الطبيعة إىل أف أييت‬
‫اليوـ ادلوعود فيلقى اإلنساف مصرعو وتتدىور روحو إىل قاع اجلحيم حيث لن ينجيو شيء إال‬
‫اللطف اإلذلي(‪.)4‬‬
‫إف ىذه القصة ليست من نسج خياؿ (غوتو) وحده‪ ،‬فهي بعض تراث العصور‬
‫الوسطى‪ ،‬وقد تناوذلا بعده كثَتوف فلم يصل أحد منهم ما وصل إليو ىذا الشاعر الفيلسوؼ‬
‫الذي صور زلنة اإلنساف أعظم تصوير(‪.)5‬‬

‫‪ -1‬األدب ادلقارف‪ ،‬دمحم التنوخي‪ ،‬ص‪.84‬‬


‫‪ -2‬ادلسرح العادلي‪ ،‬لويس عوض‪ ،‬ص‪.277‬‬
‫‪ -3‬مأساة (فاوست) ‪ ،‬ترصبها من الشعر األدلاين إىل الشعر العريب دمحم عبد احلليم كرارة‪ ،‬منشأة ادلعارؼ‬
‫ابإلسكندرية‪7892 ،‬ـ‪ ،‬ص‪.77‬‬
‫‪ -4‬ادلسرح العادلي‪ ،‬لويس عوض‪ ،‬ص ‪.271-272‬‬
‫‪ -5‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص‪.271‬‬
‫‪217‬‬
‫(فاوست) بني (غوته) وابكثري‬ ‫جملة كلية اآلداب ‪ -‬العددالثالث‬
‫___________________________________________________________‬
‫علي أمحد ابكثري‪:‬‬
‫شاعر وكاتب ومسرحي ديٍت‪ ،‬ولد يف مدينة "سوراباي" أبندونيسيا سنة ‪1311‬ـ‪ ،‬من‬
‫أب ديٍت وأـ أندونيسية‪ ،‬مث قدـ مع والده إىل حضرموت سنة ‪1311‬ـ فتلقى فيها تعليمو األوؿ‪،‬‬
‫عاد بعدىا إىل أندونيسيا وىناؾ قاـ بنشاط واسع للتوفيق بُت أبناء حضرموت‪ ،‬ويف سنة‬
‫‪1391‬ـ شارؾ يف إصدار رللة التهذيب دبدينة سيئوف ابليمن اليت عاجل فيها بعض أمراض‬
‫اجملتمع أبشعاره وكتاابتو‪ ،‬ودعا إىل إنصاؼ ادلرأة وإىل العمل‪ ،‬ويف سنة ‪1391‬ـ غادر سيئوف إىل‬
‫عدف فالصوماؿ فأثيوبيا‪ ،‬مث وصل إىل احلجاز‪ ،‬ويف مدينة الطائف كتب مسرحيتو األوىل "مهاـ‬
‫وعاصمة األحقاؼ"‪ ،‬ويف سنة ‪1391‬ـ رحل إىل مصر حيث التحق بقسم اللغة اإلصلليزية‬
‫بكلية اآلداب الذي زبرج فيو سنة ‪1393‬ـ‪.‬‬
‫انؿ (علي أضبد ابكثَت) جائزة الدولة التشجيعية يف األدب عاـ ‪1319‬ـ‪ ،‬وكاف عضو‬
‫جلنة الشعر يف اجمللس األعلى لرعاية الفنوف واآلداب‪ ،‬لو أعماؿ أدبية متنوعة كثَتة منها‪:‬‬
‫‪ -1‬مهاـ‪ ،‬أو عاصمة األحقاؼ‪ ،‬مسرحية‪1391 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪ -1‬سالمة القس‪ ،‬رواية‪1311 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪ -9‬الفرعوف ادلوعود‪ ،‬مسرحية‪1314 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪ -1‬عودة الفردوس‪ ،‬مسرحية‪1311 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪ -4‬سر احلاكم أبمر هللا‪ ،‬مسرحية‪1311 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪ -1‬مأساة أوديب‪ ،‬مسرحية‪1313 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪ -7‬الثائر األضبر‪ ،‬رواية‪1313 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪ -0‬شهرزاد‪ ،‬مسرحية‪1349 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪ -3‬ىاروت وماروت‪ ،‬مسرحية‪1343 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪ -11‬سَتة شجاع‪ ،‬رواية‪1341 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪ -11‬شيلوؾ اجلديد‪ ،‬مسرحية‪.‬‬

‫‪212‬‬
‫(فاوست) بني (غوته) وابكثري‬ ‫جملة كلية اآلداب ‪ -‬العددالثالث‬
‫___________________________________________________________‬
‫‪ -11‬قصر اذلودج‪ ،‬مسرحية(‪.)1‬‬
‫ومن الكتب األخرى‪ :‬فن ادلسرحية من خالؿ ذباريب الشخصية‪ ،‬وأبطاؿ الَتموؾ‪ ،‬ومن‬
‫فوؽ سبع مساوات‪ ،‬كما أف لو ديواف شعر بعنواف "أزىار يف شعر الصبا"‪.‬‬
‫تويف علي أضبد ابكثَت سنة ‪1313‬ـ(‪.)2‬‬
‫لقد أطل (علي أضبد ابكثَت) على اآلداب األوربية وعرفها وأتثر هبا‪ ،‬لكن شخصيتو‬
‫العربية اإلسالمية مل تذب وسط ىذا التأثر فاستطاع أف حيافظ عليها وأف يهضم ما اطلع عليو مث‬
‫يصوغو يف قالب جديد وروح جديدة زبدـ أىداؼ أمتو فكانت مسرحياتو اليت كتبها ىادفة ضلو‬
‫تثقيف الذات العربية‪ ،‬ودفعها للتطور واإلمناء‪ ،‬وزلاربة أعدائها‪ ،‬فمثال كانت مسرحيتو "مسمار‬
‫جحا" موجهة توجيها مباشرا ضد االستعمار واحتاللو للبالد العربية‪ ،‬ومسرحيتو "فينوس اجلديد"‬
‫موجهة ضد الذين يريدوف أف جيعلوا األمة العربية رىنا ذلم ويسيلوا الدماء‪ ،‬ودييتوا اجلسد العريب‬
‫وقد أخذ ىذه الفكرة من فكرة شيلوؾ يف مسرحية اتجر البندقية لػ(شكسبَت) وطورىا لتعٍت‬
‫االحتالؿ االستيطاين الصهيوين الذي ال ديكن استقراره إال ابلقضاء على مقومات األمة العربية‬
‫وإسالة دمائها(‪.)3‬‬
‫ويف مسرحية (فاوست) اجلديد كاف أتثره بػ(غوتو) واضحا‪ ،‬ولكنو مل يكن تكرارا‬
‫لشخصية (غوتو) يف ىذا العمل فقد استوعبو وسبثلو وأعاد تشكيلو وأفضى بو إىل نتيجة يرضاىا‪،‬‬
‫إذ وصل يف هناية ادلسرحية إىل انتصاره على الشيطاف وكسبو للرىاف الذي كاف بينهما‪ ،‬وفيها‬
‫حارب الفكر اخلرايف ادلتعاوف مع الشر‪ ،‬وادلثبط للهمم‪ ،‬واحلائل دوف تقدـ األمة‪ ،‬الذي يسعى‬
‫إىل إغراقها يف ادللذات والشهوات‪ ،‬ويصرفها عن التطور واالبتكار والبحث العلمي اذلادؼ(‪.)4‬‬

‫‪ -1‬معجم الروائيُت العرب‪ ،‬مسَت روحي الفيصل‪ ،‬ط‪7885 ،7‬ـ‪7075-‬ىػ‪ ،‬جروس بَتس‪ ،‬لبناف‪ ،‬ص‪.280‬‬
‫‪ -2‬أعالـ األدب العريب‪ :‬سَت وسَت ذاتية‪ ،‬ربرت ‪-‬ب‪ -‬كامبل‪ ،‬ص‪.282-298‬‬
‫‪ -3‬واثئق مهرجاف ابكثَت‪ ،‬دار احلداثة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،7‬ص‪.1-5‬‬
‫‪ -4‬أعالـ األدب العريب سَت وسَت ذاتية‪ ،‬ربرت ‪-‬ب‪ -‬كامبل‪ ،‬ص ‪.282-298‬‬
‫‪211‬‬
‫(فاوست) بني (غوته) وابكثري‬ ‫جملة كلية اآلداب ‪ -‬العددالثالث‬
‫___________________________________________________________‬
‫ما بني العملني من تقارب واختالف‪:‬‬
‫ابدلقارنة بُت عمل (ابكثَت) وعمل (غوتو) نلحظ أف (ابكثَت) قد اتكأ على عمل‬
‫(غوتو) اتكاء كامال‪ ،‬حىت أصبح إبمكاننا أف نقوؿ إنو لوال عمل (غوتو) ما وجد عمل‬
‫(ابكثَت)‪ ،‬وأف السابق سبب يف الالحق وعلة لو‪ ،‬وأتثر (ابكثَت) ب(غوتو) كاف عن وعي اتـ‬
‫وإدراؾ واعًتاؼ منو هبذا التأثر حىت إنو يسمي مسرحيتو "(فاوست) اجلديد"(‪ )1‬إشارة إىل‬
‫(فاوست) األوؿ الذي كاف مصدرا لو يف ىذا العمل‪ ،‬غَت أف مسرحية (ابكثَت) جاءت متشربة‬
‫ابلروح اإلسالمية مع مراعاة الزماف وادلكاف يف شخصيات ادلسرحية األصلية‪ ،‬ففي مسرحية‬
‫(ابكثَت) زلاولة لتصوير ادلوقف العريب واإلسالمي من قضااي الوجود والكوف واحلياة وذبسيدىا يف‬
‫عمل أديب جيعل من أسطورة معروفة موضوعو‪ ،‬حبيث ال تصعب على أبناء األمم األخرى شلن‬
‫يعرفوف ىذه األسطورة‪ ،‬فهم وإدراؾ ادلغزى اجلديد الذي حيملو العمل‪ ،‬فيتأثروف بو وابدلعاين‬
‫اجلديدة اليت حيملها‪.‬‬
‫وينفرد (ابكثَت) برؤية مهمة تدؿ على سعة أفقو حُت يعطي لألدب العريب بعدا عادليا‪،‬‬
‫وأف إبمكانو استلهاـ األساطَت األجنبية واتريخ احلضارات اإلنسانية وصياغتها وإعادة إخراجها‬
‫يف قوالب فنية تتالءـ مع األدب العريب‪ ،‬وفكره وفلسفتو يف احلياة‪ ،‬فهو يتخذ من ادلشًتؾ‬
‫اإلنساين جسرا إليصاؿ ما يريد إيصالو بسهولة وبيسر‪.‬‬
‫يبدأ (ابكثَت) مسرحيتو من حيث بدأ (غوتو)‪ ،‬فهما متفقاف يف صورة ادلكاف واحلالة‬
‫النفسية اليت يبدأ هبا عمل كل منهما‪ ،‬فحالة االكتئاب والقلق تسيطر عليهما‪ ،‬وإمنا اخلالؼ‬
‫بينهما يف سبب ىذا االكتئاب والقلق ومبعثو‪ ،‬فهو عند (غوتو) انتج عن عدـ اقتناعو ابلعلوـ‬
‫اليت مأل هبا رأسو‪ ،‬فنجده يعرضها واحدا واحدا مؤكدا رفضو ذلا ألهنا مل تفض بو إىل النتيجة اليت‬
‫يريد أف يصل إليها‪ ،‬شلا دفعو إىل أف يتخذ السحر وسيلة للوصوؿ إىل ما يريد‪.‬‬
‫أما قلق (فاوست) ابكثَت فسببو زبلي (مرجريت) عنو بعدما وافق عمها على زواجها‬
‫منو‪ ،‬وذلك أف (فاوست) أخربىا أبنو اكتشف طريقة ديكنو هبا ربويل ادلعادف إىل ذىب‪ ،‬وأنو‬

‫‪( -1‬فاوست) اجلديد‪ ،‬علي أضبد ابكثَت‪ ،‬مسرحية يف أربعة فصوؿ‪" ،‬د‪.‬ط"‪.‬‬
‫‪210‬‬
‫(فاوست) بني (غوته) وابكثري‬ ‫جملة كلية اآلداب ‪ -‬العددالثالث‬
‫___________________________________________________________‬
‫زيف النقود‪ ،‬فلحقت (مرجريت) ابلدير وتركتو‪ ،‬فعد (فاوست) ىذا العمل خيانة لو‪ ،‬وقرر أف‬
‫ينتحر‪ ،‬ولكن ظهور الروح "ابرسيل" أقنعو ابلتخلي عن ىذا القرار‪ ،‬وأنو ال توجد امرأة تستحق‬
‫أف ينتحر ادلرء من أجلها‪ ،‬أخذ يغريو أبشياء حىت عرض عليو أف حيضرىا لو وأحضر لو امرأة يف‬
‫صورهتا‪ ،‬وبذلك زبلى عن قراره‪.‬‬
‫إف القضية العامة دلسرحية (فاوست) عند (غوتو) ىي الًتدد بُت العقل والقلب‪ ،‬ومن‬
‫أوؿ ادلسرحية نرى (فاوست) شقيا بعقلو ومل يستطع بو أف يدرؾ طعم السعادة‪ ،‬وال أف يذوؽ‬
‫لذة ادلعرفة‪ ،‬فييأس ويهم ابالنتحار مث يتولد فيو األمل وأيخذ يف البحث عن السعادة عن طريق‬
‫إغناء مشاعره واالنغماس يف ذبارب حيوية سلتلفة األنواع يصاحبو فيها روح الشر‬
‫"مافيستوفيليس"‪ ،‬وأييت (فاوست) آباثـ يعًتيو فيها الندـ‪ ،‬ويكوف ىذا الندـ تكفَتا عن سيئاتو‪،‬‬
‫وعالمة على روح اخلَت فيو‪ ،‬ويظل يف ىذه اآلاثـ طواؿ اجلزء األوؿ من ادلسرحية‪ ،‬وىو اجلزء‬
‫الذي ينتهي بنجاة (مرجريت) منو ومن روح الشر‪.‬‬
‫ويف اجلزء الثاين يظل (فاوست) منغمسا يف ذبارب احلياة‪ ،‬ويهتدي هبا إىل أف احلقيقة‬
‫اجملردة فوؽ قدرة العقل اجملرد‪ ،‬ويتعرؼ على "ىيلُت" رمز اجلماؿ اخلالص‪ ،‬فيهتدي عن طريقها‬
‫إىل اخلَت‪ ،‬وىو غاية ما يستطيع ادلرء الوصوؿ إليو بعواطفو اإلنسانية وروحو الصافية‪ ،‬فقضية‬
‫(فاوست) ىي إفالس العقل اخلالص ووجوب إغناء ادلعاين اإلنسانية عن طريق غٌت ادلشاعر‪،‬‬
‫والغوص يف ذبارب احلياة لتظهر روح اإلنساف سامية يف طبيعتها اخلالصة بفعل اخلَت ال عن طريق‬
‫البقاء يف نطاؽ التفكَت اجملرد(‪.)1‬‬
‫والقضية تكاد تكوف نفسها عند ابكثَت‪ ،‬فهو يبدو مكتئبا حزينا قد مل احلياة والبقاء‬
‫يفكر كيف خيرج من ىذه احلياة‪ ،‬ما الوسيلة اليت خيتارىا لالنتحار‪ ،‬حينها خيرج لو "ابرسيلز" كما‬
‫سبق‪ ،‬وبعد حوار معو يقنعو ابلتخلي عما فكر فيو‪ ،‬ويعرض عليو فكرة العقد الذي كاف يقتضي‬
‫أف يوافق كل منهما على شروط اآلخر‪ ،‬فاشًتط "ابرسيلز" ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬أف يقبل الروح كل ما يطلبو منو (فاوست)‪.‬‬

‫‪ -1‬األدب ادلقارف‪ ،‬دمحم غنيمي ىالؿ‪ ،‬ص‪.282‬‬


‫‪215‬‬
‫(فاوست) بني (غوته) وابكثري‬ ‫جملة كلية اآلداب ‪ -‬العددالثالث‬
‫___________________________________________________________‬
‫‪ -1‬أف يكوف مطيعا لو خيدمو وينفذ كل ما يكلفو بو‪.‬‬
‫‪ -9‬أف حْحيضر لو كلما دعاه ويضع نفسو ربت تصرفو‪.‬‬
‫فوافق واشًتط على (فاوست) ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬يعد (فاوست) ويقسم أنو صار ِملكا للروح‪.‬‬
‫‪ -1‬وتوكيدا ذلذا العهد على (فاوست) أف يصادؽ على ذلك بدمو‪.‬‬
‫‪ -9‬أف يكوف (فاوست) عدوا لألدايف‪ ،‬وأف يكفر هبا وال يعود إليها(‪.)1‬‬
‫فادلسرحيتاف تتفقاف يف‪:‬‬
‫‪ -1‬مناجاة (فاوست) ووصف حالتو‪.‬‬
‫‪ -1‬ظهور الروح‪.‬‬
‫‪ -9‬تبادؿ ادلشاىد وتلبية ادلطالب وتوفَت ادلغرايت‪.‬‬
‫‪ -1‬اإلعالف عن هناية (فاوست)‪.‬‬
‫وتتفق ادلسرحيتاف كذلك يف العهد ادلربـ‪ ،‬ويف كتابتو‪ ،‬والتصديق عليو بدـ (فاوست)‪،‬‬
‫ويف ربديد مدتو أبربع وعشرين سنة‪ ،‬ولعل نقطة االختالؼ ىنا أف (ابكثَت) قد جعل يف ىذه‬
‫ادلعاىدة شاىدا على ما وقع بُت (فاوست) و(ابرسيلز)‪ ،‬وىو هللا سبحانو وتعاىل‪ ،‬بينما ادلعاىدة‬
‫يف (فاوست غوتو) خالية من الشهود‪.‬‬
‫وشلا يلحظ يف العملُت اختالؼ الشكل الذي كانت عليو هناية (فاوست)‪ ،‬فنهايتو يف‬
‫(فاوست غوتو) كانت دبوتو موات طبيعيا‪ ،‬عندما طلب أف تتوقف اللحظة اليت أحس فيها بغاية‬
‫اجلماؿ ومنتهى السعادة‪ ،‬فهو يقوؿ‪... (( :‬ال يستحق احلرية والسعادة إال من يسعى كل يوـ‬
‫للظفر هبما‪ ،‬ىكذا ديضي الطفل والرجل والشيخ العجوز ىنا أعمارىم يف بالد حسنة زلاطُت‬
‫ابألخبار‪ ،‬وبودي أف أشاىد مثل ىذا الزحاـ يف أرض حرة هبا قوـ أحرار‪ ،‬يف ىذه اللحظة‬
‫سيكوف من حقي أف أقوؿ‪" :‬توقفي إذا فأنت يف غاية اجلماؿ ))(‪ ،)2‬وىنا ديوت (فاوست)‪.‬‬

‫‪( -1‬فاوست) (غوتو)‪ ،‬ص‪.22-25‬‬


‫‪ -2‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص‪.525‬‬
‫‪212‬‬
‫(فاوست) بني (غوته) وابكثري‬ ‫جملة كلية اآلداب ‪ -‬العددالثالث‬
‫___________________________________________________________‬
‫أما يف مسرحية (ابكثَت) فقد كانت هناية (فاوست) على يد "ابرسيلز"(‪ ،)1‬حيث طعنو‬
‫خبنجر مسموـ كاف خيفيو‪ ،‬حرصا منو على أف حيصل على نتائج األحباث والدراسات اليت كاف‬
‫(فاوست) جيريها طواؿ حياتو‪ ،‬ومل يكن ابرسيلز يعلم أف (فاوست) قد أحرقها‪ ،‬ألنو يعلم أبهنا لو‬
‫وقعت يف يد أعداء اإلنسانية فسوؼ تستخدـ الستعباد الناس والتحكم فيهم‪ ،‬ومن أثر ىذه‬
‫الطعنة مات (فاوست) ابكثَت‪.‬‬
‫نتيجة الرهان‪:‬‬
‫اختلفت آراء الدرسُت والباحثُت يف تعيُت من الذي كسب الرىاف‪ ،‬ففي مسرحية‬
‫(ابكثَت) صلد أف الذي كسب الرىاف ىو (فاوست) دوف شك إذ سبكن من أف خيلص نفسو‬
‫ويسًتد روحو من الشيطاف وجيعلها ملكا هلل وحده‪ ،‬بعدما نقض "ابرسيلز" العقد الذي أبرمو معو‬
‫بتقصَته يف اإليفاء دبا طلبو منو‪ ،‬وكاف ىذا من ضمن شروط العقد‪.‬‬
‫وأما يف مسرحية (غوتو) فنجد معرفة الذي كسب الرىاف مشكلة شائكة شغلت‬
‫الباحثُت‪ ،‬وقد ذكر عبد الرضبن بدوي يف تقدديو للمسرحية أف "أداـ كلت" عرضت آراء أربعة‬
‫وأربعُت ابحثا يف ىذا ادلوضوع‪ ،‬وانتهت إىل أف واحدا وعشرين ابحثا قالوا إف (فاوست) كسب‬
‫الرىاف‪ ،‬وأف عشرة أكدوا من حيث ادلعٌت احلريف أنو خسر الرىاف‪ ،‬لكنو على مستوى أقل كسبو‪،‬‬
‫وأف ثالثة عشر ابحثا رأوا أف (فاوست) قد خسر الرىاف(‪.)2‬‬

‫‪( -1‬فاوست) اجلديد‪ ،‬علي أضبد ابكثَت‪ ،‬ص‪.18‬‬


‫‪( -2‬فاوست) (غوتو)‪ ،‬ترصبة عبد الرضبن بدوي‪ ،‬ص ‪.201-202‬‬
‫‪211‬‬
‫(فاوست) بني (غوته) وابكثري‬ ‫جملة كلية اآلداب ‪ -‬العددالثالث‬
‫___________________________________________________________‬
‫املصادر واملراجع‬
‫‪ -1‬اآلداب ادلقارنة‪ ،‬دمحم التنوخي‪ ،‬دار اجليل بَتوت‪ ،‬ط‪1334 ،1 :‬ـ‪.‬‬
‫‪ -1‬األدب ادلقارف‪ ،‬ب‪ ،‬فاف تيجيم‪ ،‬تعريب سامل مفتاح احلسامي‪ ،‬منشورات ادلكتبة العصرية‪،‬‬
‫صيدا‪-‬بَتوت‪.‬‬
‫‪ -9‬األدب ادلقارف أصولو وتطوره ومناىجو‪ ،‬الطاىر أضبد مكي‪ ،‬دار ادلعارؼ‪ ،‬القاىرة‪ ،‬ط‪،1 :‬‬
‫‪1117‬ىػ‪1307 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪ -1‬األدب ادلقارف‪ ،‬دمحم غنيمي ىالؿ‪ ،‬دار الثقافة بَتوت لبناف‪ ،‬ط‪1349 ،4 :‬ـ‪.‬‬
‫‪ -4‬أعالـ األدب العريب سَت وسَت ذاتية‪ ،‬روبرت ‪-‬ب‪ -‬كامبل الياسوعي‪ ،‬الشركة ادلتحدة‬
‫للتوزيع‪ ،‬ط‪7882 ،7 :‬ـ‪.‬‬
‫‪ -1‬دراسات يف األدب ادلقارف‪ ،‬بديع دمحم صبعة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بَتوت‪ ،‬ط‪،1 :‬‬
‫‪1301‬ـ‪.‬‬
‫‪( -7‬فاوست) اجلديد‪ ،‬علي أضبد ابكثَت‪ ،‬مسرحية يف أربعة فصوؿ‪ ،‬الناشر مكتبة مصر‪.‬‬
‫‪( -0‬فاوست) (غوتو)‪ ،‬ترصبة عبد الرضبن بدوي دار ادلدى للثقافة والنشر‪1330 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪ -3‬يف األدب ادلقارف‪ ،‬إبراىيم عبد الرضبن‪ ،‬مصر اجلديدة‪1377 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪ -11‬مأساة (فاوست)‪ ،‬ترصبة دمحم عبد احلليم كرارة‪ ،‬منشأة ادلعارؼ‪ ،‬اإلسكندرية‪1301 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪ -11‬معجم الروائيُت العرب‪ ،‬مسر روحي الفيصل‪ ،‬ط‪1334 ،1 :‬ـ‪1114-‬ىػ‪ ،‬جروس بَتس‪،‬‬
‫لبناف‪.‬‬
‫‪ -11‬ادلسرح العادلي (من أسخيلوس إىل آرثرميللر)‪ ،‬لويس عوض‪ ،‬دار ادلعارؼ مصر‪،‬‬
‫‪1311‬ـ‪.‬‬
‫‪ -19‬هنضة األدب ادلقارف‪ ،‬مقالة للكاتب انيامبل‪ ،‬نشرىا يف رللة الكاتب ادلصري‪ ،‬اجمللد‬
‫السابع عشر‪ ،‬العدد‪ ،10 :‬دار الكتاب ادلصري‪ ،‬القاىرة‪ ،‬العدد‪ ،10 :‬يناير‪1310 ،‬ـ‪ ،‬ونقلها‬
‫عن الفرنسية مصطفى كامل فودة‪.‬‬
‫‪ -11‬واثئق مهرجاف ابكثَت‪ ،‬دار احلداثة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪1310 ،1 :‬ـ‪.‬‬

‫‪219‬‬

You might also like