You are on page 1of 7

‫على ال رغم من اختالف المدرس ة الوظيفي ة‪ 

functionalism ‬عن المدرس ة‬
‫البنيوية‪ ‬في كثير من القضايا فإنها _ مثلها في ذل ك مث ل المدرس ة التوليدي ة‪ -‬تمث ل‬
‫اتجاها متفرعا عن البنيوية‪ .‬ولذا فإن بعض اللسانيين‪ ‬يرون أن البنيوية هي اإلط ار‬
‫الع ام ال ذي يش مل معظم‪– ‬إن لم يكن ك ل‪ -‬االتجاه ات ال تي ظه رت في الق رن‬
‫العشرين‪.‬‬
‫وتتم يز المدرس ة الوظيفي ة‪ ‬من غيره ا من الم دارس اللس انية"باعتقاده ا أن الب نى‬
‫الصياتية‪ ،‬والقواعدية‪ ،‬والداللي ة محكوم ة بالوظ ائف ال تي تؤديه ا في المجتمع ات‬
‫ال تي تعم ل فيه ا"‪ ،]1[،‬وفي ذل ك خ روج عن المب دأ الواض ح ال ذي أرس اه دو‬
‫سوسور‪ ،‬وتبع ه في ذل ك الب نيويون‪ ‬من أن الب نى اللغوي ة‪ ‬ينبغي أن ت درس في ح د‬
‫ذاتها بغض النظر عن العناصر الخارجة عن اللغة بوصفها نظاما‪ ‬مج ردا مس تقال‪،‬‬
‫وتتلخص وجهة النظر الوظيفي ة في ص عوبة الفص ل بين البني ة اللغوي ة‪ ،‬والس ياق‬
‫الذي تعمل فيه‪ ،‬والوظيفة التي تؤديها تلك البنية في السياق‪.‬‬
‫وتعد مدرسة براغ‪ Prague School ‬أفضل من يمثل االتجاه الوظيفي في دراسة‬
‫اللغ ة‪ ،‬وق د نش أت ه ذه المدرس ة في أحض ان حلق ة ب راغ‪ ‬اللس انية‪Prague ‬‬
‫‪ Linguistic Circle‬ال تي أسس ها اللس اني‪ ‬التش يكي ف اليم م اثيوس‪Vilem ‬‬
‫)‪ .Mathesius (1882-1945‬ولم تقتصر المدرسة الوظيفي ة‪ ‬في عض ويتها على‬
‫اللس انيين‪ ‬المقيمين في ب راغ فق ط ب ل ش ملت أيض ا غ يرهم ممن يقيم ون في بق اع‬
‫أخرى‪ ،‬وكانوا يشاركون المدرسة أصولها‪ ،‬وأفكارها األساسية‪ .‬وبعد وفاة م اثيوس‬
‫ق ام لس انيون‪ ‬آخ رون أب رزهم بي تر س غال‪ ،Petr Sgall ‬وإيف ا هاجيكوف ا‪Eva ‬‬
‫‪ Hajicova‬اللذان حافظا على مدرسة براغ في أحلك الظروف التي مرت بها إبان‬
‫الحكم الشيوعي‪ ،‬وقد نجحا في إحياء حلقة براغ اللسانية رس ميا في نوفم بر ‪1992‬‬
‫بعد سقوط الشيوعية‪ ‬بثالث سنوات‪ ]2[.‬اشتهر مؤسس المدرسة ماثيوس بما يعرف‬
‫بالنظرة الوظيفية للجملة‪ ،‬وهي التي سنناقشها في الفقرة التالية‪.‬‬

‫‪ -1‬النظرة الوظيفية للجملة‪:‬‬


‫تع د النظ رة الوظيفي ة للجمل ة‪ functional sentence perspective ‬امت دادا‬
‫للمناقشة التقليدية الحامية التي كانت تحدث في نهاية القرن التاسع عشر حول ثنائية‬
‫الموضوع‪ ،subject ‬والمحمول‪ ،predicate ‬وكان ألستاذ الفلسفة في براغ أنتون‬
‫مارتي‪ Anton Marty ‬الذي كانت أفك اره م ؤثرة في نش أة مدرس ة ب راغ‪ ‬نش اط‬
‫بارز في هذه المناقش ة‪ .‬وق د ع بر م اثيوس عن أفك اره في ش كل ثنائي ات متم ايزة‬
‫تتعلق بالطرفين األساسيين للجملة‪ ،‬وتأثير كيفية ترتيبهما في الوظيف ة ال تي تؤديه ا‬
‫الجمل ة‪ .‬وه ذه الثنائي ات هي ثنائي ة الموض وع‪ ،topic ‬والتعلي ق‪ ،comment ‬أو‬
‫الب ؤرة‪ focus ‬وثنائي ة المتق دم‪ ،theme ‬والمت أخر‪ ،rheme ‬وثنائي ة‬
‫المسلّمة‪ ،given ‬واإلضافة‪ .new ‬فالمتقدم هو الشيء المتحدث عنه ال ذي يف ترض‬
‫المتكلم معرفة المخاطب‪ ‬له‪ ،‬والمتأخر‪ ‬ه و الج زء المتمم للجمل ة‪ ‬ال ذي يض يف إلى‬
‫معلومات المخاطب السابقة معلومات جديدة تتصل بالمتقدم‪ ،‬والمسلّمة هي ما يقدمه‬
‫المتكلم من معلوم ات ي دركها الس امع من مص در م ا في المحي ط (أي المق ام‪ ،‬أو‬
‫النص‪ ‬الس ابق)‪ ،‬واإلض افة م ا يقدم ه المتكلم من معلوم ات ال ي دركها الس امع من‬
‫مصادر أخرى‪ ]3[،‬ففي الجملتين‪:‬‬
‫(‪ )1‬مؤسس الدولة األموية هو معاوية بن أبي سفيان‬
‫(‪ )2‬معاوية بن أبي سفيان هو مؤسس الدولة األموية‬
‫نجد أن المعنى اإلس نادي‪( ‬أو النس بة الخارجي ة‪ ‬كم ا يق ول المناطق ة‪ ،‬والبالغيّ ون)‬
‫واحد فيهما‪ ،‬إذ كالهما يفيد أن تأسيس الدولة األموي ة ك ان على ي د معاوي ة بن أبي‬
‫سفيان‪ ،‬وبناء على ذلك فهما مترادفان تقريب ا‪ ،‬ولكن من الواض ح أنهم ا يس تعمالن‬
‫في سياقيين مختلفين‪ ،‬واختالف السياقين يفس ر بم ا يعتق ده المتكلم بش أن م ا يعرف ه‬
‫المخ اطب‪ ‬ح ول موض وع الجمل تين‪ ،‬فك ل جمل ة من الجمل تين تف ترض أن أح د‬
‫الطرفين يعرفه المخاطَب‪ ،‬وهوتأسيس الدولة األموية‪ ‬في الجمل ة‪ ‬األولى‪ ،‬ومعاوي ة‬
‫بن أبي سفيان‪ ‬في الثانية‪ ،‬وأن الطرف الثاني غير معروف‪ ،‬وه و من أس س الدول ة‬
‫األموي ة في الجمل ة األولى؟‪ ،‬ومن ه و معاوي ة بن أبي س فيان في الجمل ة الثاني ة؟‬
‫فالمعلوم ات ال تي يف ترض المتكلم أن المخ اطب يعرفه ا تس مى مس لّمة‪given ‬‬
‫‪ ،information‬والمعلومات التي يضيفها تسمى إضافة‪ ،‬أو معلوم ة جدي دة‪new ‬‬
‫‪ .information‬وكما هو واضح فإن بنية كل جملة من الجملتين السابقتين محك وم‬
‫بالوظيفة التي يريد المتكلم أن يؤديها خطابه‪ ،‬ففي (‪ )1‬كانت الوظيف ة (أي الغ رض‬
‫اإلبالغي) هي اإلعالم بمن أس س الدول ة األموي ة‪ ،‬وفي (‪ )2‬ك انت الوظيف ة هي‬
‫التعري ف بمعاوي ة بن أبي س فيان‪ .‬إن الف رق األساس ي في معالج ة الب نيويين‪،‬‬
‫والوظيف يين له ذه الجمل ة يتمثّ ل في أن الب نيويين يص فونها كم ا هي في حين أن‬
‫الوظيفيين‪ ‬يتساءلون عن سبب كونها كذلك؛ أي أن الب نيويين يح اولون اإلجاب ة عن‬
‫كيف‪ ،‬أو ماذا‪ ،‬وأن الوظيفيين يحاولون اإلجابة عن لماذا‪.‬‬
‫وتختلف اللغات في مدى حرية المتكلم في ترتيب المسند إليه‪ ،‬والمسند‪ ،‬فبينما ت تيح‬
‫العربية‪ ‬مثال احتماالت مختلفة بسبب وج ود قرين ة اإلع راب‪ ‬ال تي به ا نس تطيع أن‬
‫نميز المعلومات المسلمة من المعلومات الجدي دة‪ ،‬تع د اإلنجليزي ة‪ ‬من اللغ ات ال تي‬
‫تكون فيها الرتب ة مقي دة إلى ح د كب ير؛ ول ذا فهي تلج أ إلى قرين ة التنغيم أك ثر من‬
‫غيرها في تحديد المعلوم ات المس لمة‪ ،‬والمعلوم ات الجدي دة‪ ،‬وق د تلج أ أيض ا إلى‬
‫استخدام صيغة المجهول الذي تتضمن األداة‪ by ‬كما في‬
‫‪The rat was eaten by the cat.‬‬
‫وهو األسلوب الذي يترجم خطًأ في العربية‪ ‬بـ الجرذ أك ل من قب ل الق ط‪ ،‬وترجمت ه‬
‫الص حيحة هي الج رذ أكل ه الق ط؛ ألن ه ذه الترجم ة ت ؤدي الوظيف ة (أو الغ رض‬
‫البالغي) التي يقصدها المتكلم‪ ،‬وهي إظهار العناية ب الجرذ‪ ،‬وليس بالق ط ألن ه ه و‬
‫موض وع الح ديث‪ ،‬وفي ال وقت ذات ه تحاف ظ على البني ة المألوف ة في العربي ة دون‬
‫اللجوء إلى بنية غريبة مستوردة (وهي "من قبل" في السياق‪ ‬المذكور)‪.‬‬
‫وإضافة إلى اإلعراب‪ ‬تؤدي قرينة المطابقة في اللغة العربية‪ ،‬وكذلك اللغة التشيكية‬
‫مهمة التمي يز بين الفاع ل‪ ،‬والمفع ول‪ ،‬وه و م ا ي تيح للمتكلم اختي ار من يق دم أوال‬
‫الفاعل‪ ،‬أو المفعول حتى عند غياب قرينة اإلعراب‪ ،‬وذلك كما في المثال اآلتي‪:‬‬
‫ضربت عيسى يسرى‪.‬‬
‫ومن العناص ر اللغوي ة األخ رى ال تي تح دد الق ديم من الجدي د من المعلوم ات أداة‬
‫التعريف (كـ ال في العربية‪ ،‬و‪ the ‬في اإلنجليزية)‪ ،‬حيث يش ير العنص ر المرتب ط‬
‫بها إلى ش يء يعرف ه المخ اطب‪ ،‬أم ا غيابه ا‪ ،‬أو وج ود أداة التنك ير (ك التنوين في‬
‫العربية‪ ،‬و‪ a‬في اإلنجليزية) فيفيد أن العنصر المرتبط بها ال يعرفه المخاطب‪ .‬ومن‬
‫األمثلة التي يمكن ذكرها هنا قوله تعالى‪:‬‬
‫"ولق د أرس لنا إلى فرع ون رس وال‪ ،‬فعص ى فرع ون الرس ول"‪( .‬الق رآن الك ريم‪،‬‬
‫المزمل ‪.)73 :16‬‬
‫فقد أشارت كلمة "رسوال" الخالية من أداة التعري ف إلى مرج ع غ ير مع روف في‬
‫حين كان دخول ال على كلمة رسول الثانية سببا في تحديد المقصود بالرسول‪.‬‬
‫المخاطب هو ال ذي يق رر أي من المعلوم ات ينبغي‬‫ِ‬ ‫ويرى اللسانيون‪ ‬الوظيفيون أن‬
‫أن يعد من المسلمات‪ ،‬وأيها ينبغي أن يعد جديدا‪ ،‬وقد أك د هالي دي‪ Halliday ‬ه ذه‬
‫الحقيق ة عن دما ذهب إلى الق ول ب أن "ال ذي يح دد وض ع‪ ‬المعلوم ة ليس بني ة‬
‫الخط اب‪ ‬ب ل المتكلم"‪ ]4[.‬ومن الوس ائل المعين ة لمعرف ة المعلوم ة المس لمة من‬
‫المعلومة الجديدة في قول ٍة ما هو أن نجعل القولة‪ ‬جوابا لسؤال نسأله بع د النظ ر في‬
‫محتواها ال داللي‪ ،‬انظ ر كي ف يمكن أن نع رف المعلوم ة الجدي دة من خالل ط رح‬
‫األسئلة في القوالت‪ ‬اآلتية‪]5[:‬‬
‫س‪ -1‬ماذا فعل القط؟‬
‫ج‪ -1‬لقد أكل الجرذ‪.‬‬
‫س‪ -2‬ماذا حدث للجرذ؟‬
‫ج‪ -2‬لقد أكله القط‪.‬‬
‫س‪ -3‬هل الكلب أكل الجرذ؟‬
‫ج‪ -3‬ال‪ ،‬بل القط هو الذي أكل الجرذ‪.‬‬
‫س‪ -4‬هل القط أكل الجرذ؟‬
‫ج‪ -4‬ال‪ ،‬بل الجرذ هو الذي أكله القط‪.‬‬
‫الحظ أن المعلوم ة المس لمة يش ار إليه ا بالض مير كم ا في الج واب رقم (‪ )1‬حيث‬
‫أشير إلى القط بالضمير المستتر في "أكل"‪.‬‬
‫ويقس م الوظيفي ون م ا تع ورف علي ه بالمتق دم ثالث ة أقس ام‪:‬‬
‫المتق دم‪ ‬الموض وعي‪ ،topical theme ‬والمتق دم الشخص ي‪interpersonal ‬‬
‫‪ ،theme‬والمتقدم النصي‪ textual theme.[6] ‬فمثال المتق دم الموض وعي‪ ‬الق ط‬
‫في نحو "القط أكل الجرذ"‪ ،‬ومثال المتقدم الشخصي بصراحة في نحو "بص راحة‪،‬‬
‫أداؤك ال يعجبني"‪ ،‬ومثال المتقدم النصي‪ ‬على أي ة ح ال في نح و "على أي ة ح ال‪،‬‬
‫حاول أن تعيد النظر في أدائك‪ ،‬وسترى"‪.‬‬

‫‪ -2‬الدراسات الصياتية‪ ‬والصرفية‪:‬‬
‫ك ان للوظيف يين اهتم ام كب ير بدراس ة األص وات‪ ‬ف اق أي اهتم ام آخ ر‪ ،‬وك ان لهم‬
‫الفضل في التمييز بين علم األصوات‪ ،‬وعلم الصياتة‪ ،‬وهذا التركيز على الدراسات‬
‫الصياتية‪ ‬لم يقتصر على أتباع مدرسة براغ‪ ‬بل ينطب ق أيض ا على مدرس ة ف يرث‪،‬‬
‫والس يما في مراحله ا المبك رة‪ ]7[. ‬ولع ل من الج دير بال ذكر هن ا أن ه باس تثناء‬
‫اإلس هامات ال تي ق امت به ا مدرس ة ب راغ في مج الي النظ رة الوظيفي ة للجمل ة‪،‬‬
‫ونظرية الموضوع‪ ،‬والتعليق‪ ‬المشار إليهما سابقا ف إن أفك ارهم النحوي ة‪ ،‬والداللي ة‬
‫تجاوزتها التطورات التي قام بها اللسانيون‪ ‬األمريكيون‪ ،‬أما إسهاماتهم في الص ياتة‬
‫فال ت زال م ؤثرة في اللس انيات‪ ‬األمريكي ة المعاص رة‪ .‬ويع ود تط وير النظري ة‬
‫الص ياتية إلى روم ان ياكبس ون‪ Roman Jakobson) (1896-1982) ‬ال ذي‬
‫صاغ فكرة العموميات‪ ،universals ‬تلك الفك رة ال تي اس تفاد من ه التولي ديون‪ ‬في‬
‫علم الصياتة‪ ‬التوليدي‪ .generative phonology ‬وفي صوغه لفكرة العموميات‬
‫يعارض ياكبسون دوسوسو‪ ،‬وب واس في زعمهم ا بوج ود نس بية بين اللغ ات‪ ،‬وأن‬
‫كل لغة لها نظامها‪ ‬الخاص‪ ،‬فقد ذهب إلى القول بوج ود اثن تي عش رة س مة مم يزة‬
‫موجودة في جمي ع اللغ ات‪ .‬وس نرى في الح ديث عن المدرس ة التوليدي ة‪ ‬أن إنك ار‬
‫النسبية‪ ،‬والقول بالعموميات يوافق األسس التي تقول بها المدرسة التوليدية‪.‬‬
‫وتحدث ياكبسون أيضا عن ض وابط عام ة منتظم ة تتص ل بكيفي ة اكتس اب الطف ل‬
‫بعض األصوات‪ ،‬وكيفية فقدها عند اإلصابة بمرض الحبسة‪ aphasia ‬الذي ي ؤدي‬
‫إلى العجز عن نطق األص وات‪ ،‬ومن بين م ا ي ذكره ياكبس ون في ه ذا المج ال أن‬
‫التمي يز بين الص وامت‪ ‬االنفجاري ة‪ ،‬واللِّثوي ة (‪ ،/b/‬و‪ /t/‬مثال) يس بق التمي يز بين‬
‫الصوامت اللهوية‪ ،‬واللثوية (‪ ،/k/‬و‪ /t/‬مثال)‪ ،‬وهو م ا يفس ر المش كلة ال تي يع اني‬
‫منها الطفل في نطق الكاف ‪ /k/‬حين يحرف ه إلى ت اء ‪ ./t/‬ويتعلم األطف ال الص فات‬
‫االنفجارية قبل االحتكاكية أما آخر الصوامت التي يميز بينها الطفل فهما الراء ‪،/r/‬‬
‫والالم ‪ ./l/‬وعن دما يفق د اإلنس ان الق درة على النط ق على نح و ت دريجي تك ون‬
‫التمييزات األخيرة في تدرج النمو اللغ وي عن د الطف ل أول م ا يفق ده‪ ،‬ف إذا اس تعاد‬
‫قدرته على النطق مرة أخرى كان ترتيب استعادة النطق معاكس ا ل ترتيب الفق دان‪،‬‬
‫وموافقا للطريقة التي يكتسب بها الطفل القدرة على التمييز بين األص وات ابت داء‪[.‬‬
‫‪]8‬‬
‫وربما كان من أهم إنجازات مدرسة براغ‪ ‬في مجال الدراسات الص ياتية‪ ‬م ا يس ميه‬
‫اللساني‪ ‬الروسي نيكوالي تروبتسكوي‪Nikolai Trubetzkoy (1890-1938) ‬‬
‫بالس مات المم يزة‪ .distinctive features ‬وعلى ال رغم من أن تروبتس كوي‪،‬‬
‫وأتباع ه في مدرس ة ب راغ طبقوه ا على التحلي ل الص ياتي‪phonological ‬‬
‫‪ analysis‬فقد طبقها جاكبسون على علم الصرف‪ ،‬وأف اد منه ا النح اة التولي ديون‪،‬‬
‫والتحويليون إلى حد كبير‪ ،‬كما أفاد منها علماء الداللة‪ ،‬والسيما في نظرية الحق ول‬
‫الداللية‪.semantic fields ‬‬
‫ك ان تروبتس كوي عض وا في حلق ة ب راغ‪ ‬اللس انية‪ ،‬وع د كتاب ه مب ادئ‬
‫الص ياتة‪ Principles of Phonology ‬ال ذي أكمل ه قب ل وفات ه بقلي ل المص در‬
‫األساسي إليضاح منهجه الوظيفي في دراسة األصوات‪.‬‬
‫أولى تروبتسكوي اهتماما كبيرا بالعالقات االستبدالية بين الص يتات‪ ،‬ف وازن بينه ا‬
‫معتمدا في تمييز بعض ها من بعض على الس مات ال تي تم يز إح داها من األخ رى‪.‬‬
‫وأشار إلى أنواع من التقابالت التي تقع بين الصيتات نذكر منها‪:‬‬
‫(‪ )1‬التقابل الخاص‪ ،private opposition ‬وذلك حين يكون المميز بين الصيتتين سمة‬
‫واحدة كما في التقابل بين التاء‪ ،‬والدال اللذين نقول في التمي يز بينهم ا أن ال دال ‪/‬د‪/‬‬
‫مجهورة‪ ،‬والتاء ‪/‬ت‪ /‬مهموسة‪.‬‬
‫(‪ )2‬التقابل التدرجي‪ ،gradual opposition ‬وذلك حين يكون االختالف بين الصيتات‬
‫ناش ئا عن س مة الت درج كم ا في الف رق بين الص يتة‪ ‬القص يرة الكس رة العربي ة‪،‬‬
‫ومقابلتها األطول ياء المد‪.‬‬
‫(‪ )3‬التقابل المتكافئ‪ ،equivalent opposition ‬وذلك حين يكون للصيتة س مة مم يزة‬
‫ليست في الصيتات األخرى‪ ،‬كما في التاء ‪/‬ت‪ ،/‬والكاف ‪/‬ك‪./‬‬
‫لم تكن الوظيفة التمييزية‪ distinctive function ‬الوظيفة الوحيدة ال تي اكتش فها‬
‫تروبتس كوي‪ ،‬وأتباع ه‪ ،‬ب ل ثم ة أيض ا الوظيف ة المح دِّدة‪demarcative ‬‬
‫‪ function‬التي تبين الحدود بين مبنى لغوي‪ ،‬وآخر في السلسلة الكالمي ة‪ ،‬وتع زز‬
‫التماسك في المبنى اللغوي الواحد كي يب دو موح دا‪ .‬وإذا ك انت الوظيف ة التمييزي ة‬
‫تنشأ عن مقابلة الصيتات بعضها ببعض‪ ،‬فإن الوظيف ة المح ددة تنش أ عن اس تخدام‬
‫السمات فوق المقطعية‪ suprasegmental features ‬التي تتعلق بسلسلة صياتية‬
‫مكونة من صيتتين فأكثر‪ ،‬وذلك كالنبر‪ ،stress ‬والنغمة‪ ،tone ‬والط ول‪length. ‬‬
‫]‪ [9‬فالنبر مثال يميز بين صيغة االس م‪ ‬في الكلم ة اإلنجليزي ة‪ ،import ‬وص يغتها‬
‫الفعلية‪( import ‬حيث يكون النبر في االس م على المقط ع األول‪ ،‬وفي الفع ل على‬
‫المقط ع الث اني)‪ .‬وهن اك س ببان العتب ار ه ذه الس مة ف وق مقطعي ة‪ ،‬أو‬
‫عروضية‪( prosodic ‬كما يحلو للبعض أن يسميها)‪ :‬أوال‪ :‬أن الن بر مس ألة تتعل ق‬
‫بطغيان (أو إبراز لـ) مقط ع على المق اطع األخ رى ال تي تش ترك مع ه في المب نى‬
‫نفسه‪ ،‬أو في المباني المص احبة ل ه‪ .‬وثاني ا‪ :‬أن التحق ق الص وتي‪ ‬للن بر ال يمكن أن‬
‫يوصف بأنه سابق‪ ،‬أو الحق من الناحية الزمانية للتحق ق الص وتي لم ا يحاذي ه من‬
‫عناصر صياتية أخرى‪ ،‬وفي هذا يختلف عن السمات المقطعية التي يمكن أن نق ول‬
‫فيها ذلك‪ ]10[.‬ومن القواعد فوق المقطعية‪ ‬في العربية‪ ‬التي يمكن أن ت ذكر هن ا أن‬
‫المقطع ال يبدأ إال بص امت‪ ،‬وأن ه ال يب دأ بص امتين متوال يين‪ ،‬وأن الن بر يق ع على‬
‫نهاية المقطع في الكلمات المكونة من مقطع واحد‪ ،‬وعلى نهاي ة المقط ع الث اني في‬
‫الكلمات المكونة من مقطعين‪]11[.‬‬
‫وإذا كان التقابل بين الصيتات يع بر عن اختالفه ا‪ ،‬واختالف مع اني الكلم ات بن اء‬
‫على ذلك‪ ،‬فإن التقابل بين بعض التن ّوعات الصوتية‪ allophones ‬للص ية الواح دة‬
‫ق د يك ون ل ه وظيف ة تعبيري ة‪ .expressive function ‬فكلم ا ض اقت فتح ة‬
‫الص ائتين ‪ /au/‬في لهج ة لن دن ع بر ذل ك عن ت دني مكان ة المتكلم االجتماعي ة‪[.‬‬
‫‪ ]12‬وكذا فإن نطق الضاد داال عند النساء في مصر (كما‪ ‬في كلمة "تفضّل") يعبر‬
‫عن جنس المتكلم‪.‬‬

‫‪[1] Lyons, 1981: 224.‬‬


‫‪[2]Seuren, 1998: 158.‬‬
‫‪[3] M. A. K. Halliday & R. Hasan, Cohesion In‬‬
‫‪English (London: Longman, 1976) p. 326.‬‬
‫[‪]4‬براون‪ ،‬ج ب‪ ،‬و ج يول‪ ،‬تَحليل ْالخطاب‪ ،‬ترجمة محمد الزليطني‪ ،‬و منير‬
‫التريكي (الرياض‪ :‬جامعة الملك سعود‪ )1997 ،‬ص‪.225‬‬
‫‪[5] D. Nunan, Introducing Discourse Analysis (London:‬‬
‫‪Penguin English, 1993) p. 45.‬‬
‫‪[6] Nunan, 1993: 46-7.‬‬
‫‪[7] Robins, 1997:238.‬‬
‫[‪ ]8‬سامسون‪.7-126 :1996 ،‬‬
‫‪[9] See Lyons, 1981:224-5.‬‬
‫‪[10] See Lyons, 1981:94.‬‬
‫[‪]11‬انظر قدور‪ ،‬أحمد محمد‪ ،‬مبادئ اللسانيات‪( ‬دمشق‪ :‬دار الفِكر‪ )1996 ،‬ص‬
‫‪.118-117‬‬
‫[‪]12‬سامسون‪.113 :1996 ،‬‬

‫لمعرفة المزيد‪http://takhatub.blogspot.com/2009/06/3.html#ixzz7z35R6Vf0  ‬‬

You might also like