You are on page 1of 12

‫ماستر‬

‫مادة اللسانيات‬ ‫علم النص وتحليل الخطاب‬

?Challenges to the What, When, and Why

Berwick, Robert C. & Noam Chomsky. 2016.

Why Only Us: Language and Evolution.

REVIEWS

by Marc D. Hauser

: ‫إشراف‬ : ‫ترجمة و تقديم‬


‫ عبـد المجيـد الزھـیر‬: ‫األستاذ‬ ‫ محمد السالمي‬:‫الطالب‬
‫تقديم ‪ /‬سياق المقال ‪:‬‬

‫منذ أن كتب كتابه األول حول النحو التوليدي في عام ‪ ،1957‬طرح تشومسكي بأن‬
‫اللغة البشرية تختلف جوهريا ً عن أي نوع آخر من التواصل‪ ،‬وأن حتى عالم لغويات من‬
‫المريخ سيوافق على أن جميع اللغات البشرية هي تفرعات للغة واحدة‪ ،‬وأن قدرة األطفال‬
‫على التعلم السريع والناجح بشكل ال يصدق ‪-‬على الرغم من التدخالت األبوية العشوائية‬
‫وغير الواضحة‪ -‬تعود إلى موهبة تعلم اللغة الفطرية في الدماغ‪ ،‬و ُتعد اآلن هذه األفكار‬
‫مقبولة على نطاق واسع‪ .‬على مدى ستين سنة الماضية‪ ،‬قام تشومسكي بتفكيك نظريته‬
‫و تطويرها مرة بعد أخرى‪ ،‬إذ توجد بعض جوانب اللغة البشرية مشتركة مع الحيوانات‪،‬‬
‫وجه تركيزه بصورة أدق إلى‬ ‫أما بعضها اآلخر فهو جزء من الفكر البشري العام‪ .‬ثم ّ‬
‫مالمح اللغة التي يعتبرها مميزة للبشر بصورة خاصة‪ .‬كل هذا أنتج كتابا ً صغيراً مميزاً‪،‬‬
‫ُنشر في نهاية ‪ 2016‬بالتعاون مع عالم الكمبيوتر (روبرت بيرويك) بعنوان ”لماذا نحن‬
‫فقط؟“ يحاول فيه تفسير تطور اللغة عند البشر‪.‬‬

‫وقد قام عدد من علماء البيولوجيا وعلماء اللغويات واألخصائيين النفسيين‬


‫بدراسة نفس السؤال وتوصلوا إلى إجماع ضئيل‪ .‬لكن هناك إجماع أقل حول فكرة اللغوي‬
‫األكثر شهرة في العالم‪ :‬أن طفرة جينية واحدة خلقت قدرة سماها “الضم ‪ Merge‬في‬
‫إنسان واحد أطلق عليه تشومسكي اسم(بروميثيوس)‪ ،‬وذلك قبل وقت قليل من الهجرة‬
‫الجماعية من أفريقيا‪ .‬كانت هذه الطفرة مفيدة للغاية لدرجة أنها نجت وازدهرت‪ ،‬مما ادى‬
‫الى ‪ 7000‬لغة معاصرة من األلبانية إلى الزولو‪ .‬لكن االختالفات الشاسعة بين لغات‬
‫العالم كما يقول تشومسكي هي مجرد اختالفات في العوامل الخارجية وأن المفتاح هو‬
‫الضم !‬

‫ولكن ما هو الضم؟ يقول تشومسكي أنه ببساطة امكانية دمج جسمين عقليين في‬
‫جسم أكبر‪ ،‬وعندها يمكن إجراء العمليات العقلية على الجسم الجديد باعتباره مفرد‪“ .‬ال”‬
‫التعريفية يمكن دمجها مع كلمة “قطة” إلعطاء عبارة اسمية‪ ،‬وستتعامل القواعد النحوية‬
‫مع الكلمة الجديدة على أنها مفردة واحدة‪ .‬كما يمكن دمج ”ال“ التعريف مع “قبعة”‪ ،‬بعد‬
‫ذلك يمكننا إجراء المزيد من الدمج فتنتج لنا جملة “القطة في القبعة”‪ .‬يمكن ضم ”القطة‬
‫في القبعة“ إلى جملة فعلية إلنشاء جملة جديدة‪“ :‬عادت القطة في القبعة”‪ .‬ويمكن دمج‬
‫هذه الجملة في جمل أكبر‪“ :‬تعتقد أن القطة في القبعة قد عادت” إلى ما ال نهاية من‬
‫عمليات الضم ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫يعتبر تشومسكي القدرة على الضم هي التي ولدت اللغة لكن هذا التطور في‬
‫الضم لم يكن بغاية التواصل الخارجي أو الحديث على اإلطالق بل سمح لـ (بروميثيوس)‬
‫بأخذ مفاهيم بسيطة ودمجها بطرق تشبه الجمل في رأسه‪ .‬أعطته األفكار المعقدة الناتجة‬
‫عنه ميزة البقاء على قيد الحياة‪ .‬وبعدها قام بنقل جين الضم الطافر إلى العديد من األطفال‬
‫الباقين على قيد الحياة الذين ازدهروا واوصلوا جينات الدمج ألطفالهم‪ ،‬ثم هيمنوا على‬
‫البشر في أفريقيا‪ .‬وبعد فترة من الزمن استخدم الضم في الجهاز الصوتي والسمعي‬
‫وعندها ظهرت اللغة البشرية‪.‬‬

‫كثير من العلماء و الباحثين يجدون هذا التفسير غير كافٍ‪ ،‬غير محتمل وغير‬
‫معقول‪ .‬استهزأ علماء األحياء بظهور طفرة واحدة تعطي هذه الميزة الكبيرة كنظرية‬
‫“وحش مفعم باألمل”‪ .‬فمعظم التطور تدريجي‪ ،‬يعمل على العديد من الجينات وليس واحداً‬
‫فقط‪ .‬قد توجد بعض القدرات مثل الضم ‪ ،‬ولكن هذا ال يفسر سبب ضم بعض الكلمات‬
‫وعدم دمج بعضها اآلخر‪ ،‬وأقل بكثير من األسباب التي تجعل لغات العالم تندمج بشكل‬
‫مختلف‪.‬‬

‫ومن الذين انتقدوا الكتاب نجد العالمة اللغوية ليليانا بروفكوفاك ‪Ljiljana‬‬
‫‪ PROGOVAC‬أستاذة اللسانيات بجامعة ميشيغان وقد أسهبت في الرد على أفكار‬
‫الكتاب مبينة مناطق النقض في طروحاته‪،‬في االتجاه نفسه و لكن من وجهة نظر بيولوجية‬
‫قام مارك هاوزر بمناقشة أفكار هذا الكتاب في هذه المقالة‪ ،‬التي نقدم ترجمة أولية لها ‪،‬‬
‫يناقش مارك هاوزر ‪ Marc D. Hauser‬ــ و هو واحد من الذين اشتغلوا إلى جانب‬
‫تشومسكي في وقت سابق ــ كتاب تشومسكي و بوريك مناقشة بيولوجية مبنية على‬
‫أبحاث سابقة و معطيات بيولوجية مرتبطة بتطور اللغة عند اإلنسان‪.‬‬

‫لألمانة العلمية نشير إلى أننا اعتمدنا في سك الكثير من المصطلحات و المفاهيم التي‬
‫وردت في المقال على أعمال محمد غاليم خصوصا في مقاله ‪ /‬أين شومسكي اليوم من‬
‫مسألة تطور اللغة؟ المنشور بمجلة اللسانيات العربية يناير ‪.2021‬‬

‫‪2‬‬
‫تحديات ماذا ‪ ،‬متى و و لماذا ؟‬
‫بيرويك روبيرت و ناعوم تشومسكي ‪2016‬‬
‫لماذا نحن فقط‪ :‬اللغة والتطور‬
‫بقلم ‪ /‬مارك ‪.‬د ‪ .‬هاوزر‬

‫ترجمة ‪ /‬محمد السالمي ‪ /‬طالب باحث‬

‫لماذا نحن فقط ؟ [ لـ ‪ .‬ن ‪ .‬ف ‪ ] WOU‬كتاب رائع ‪،‬خفيف ‪ ،‬جذاب و ملتزم ‪،‬‬
‫صاغه بوضوح كل من روبرت بيرويك ونعوم تشومسكي‪ ،‬و حسب تصريح المؤلفين ‪،‬‬
‫فهو كتاب عن اللغة و تطورها و هو كذلك ‪ ،‬لكن بالنسبة لي أرى أن الكتاب يتعلق بشيء‬
‫أكبر من ذلك بكثير‪ .‬إن الكتاب دليل على تطور الفكر نفسه ‪ ،‬مع كون اللغة ليست مجرد‬
‫شكل واحد من أشكال الفكر ‪ ،‬غير أنها المجال الذي يمكن أن يؤثر على الفكر نفسه ‪،‬‬
‫بطرق فريدة حقًا في مملكة الحيوان‪ .‬في هذا السياق ‪ ،‬يقدم كتاب[ لـ ‪ .‬ن ‪ .‬ف ‪] WOU‬‬
‫إطارا للتفكير في تطور الفكر متحديًا بذلك ادعاء داروين بأن العقل البشري ال يختلف عن‬
‫الحيوانات األخرى إال من الناحية الكمية‪ .‬و قد سبق لي أن دافعت عن هذه الفكرة (هاوزر‬
‫‪ ، )2009 ،‬و ما أنا إال جزء ضئيل‪ .‬لذلك اسمحوا لي أن أوضح كل هذا من خالل الحجج‬
‫التي ساقها بيرويك وتشومسكي في كتابهما ‪ ،‬خاصة تلك الحجج التي ال نتفق معها كليا‪.‬‬

‫أود أن أنبه منذ البداية ‪ :‬مثلما كتبت من قبل ‪ ،‬بما في ذلك في ‪ Berwick‬و‬
‫‪ Chomsky‬و ‪ Hauser‬وآخرون ‪ ، )2014 ،‬لست مقتن ًعا بأن األفكار المطروحة هنا أو‬
‫في [ لـ ‪ .‬ن ‪ .‬ف ‪ ] WOU‬قابلة لالختبار‪:‬‬
‫القدرات الحيوانية فقيرة للغاية بحيث ال يمكن أن تسعف في إلقاء مزيد من الضوء على‬
‫تطور اللغة عند اإلنسان‪ ،‬كما أن السجل األحفوري ألسالف اإلنسان إما صامت أو حديث‬
‫‪3‬‬
‫ج ًدا بحيث ال يثير االهتمام‪ .‬لذلك فإن هدفي ‪ ،‬هو التركيز على األفكار المبهرة التي أثيرت‬
‫في [ لـ ‪ .‬ن ‪ .‬ف ‪ ، ] WOU‬دون االهتمام بالكيفية التي يمكن أن تواجه هذه األفكار‬
‫اختبارات تجريبية مهمة‪.‬‬

‫أحد التوجهات األساسية في [ لـ ‪ .‬ن ‪ .‬ف ‪ ] WOU‬هو التأكيد بأن عملية الضم‬
‫‪- MERGE‬وهي أبسط عملية تكرارية ‪ -‬هي األساس قدرتنا على التعبير الالنهائي‬
‫بوسائل محدودة ‪ ،‬الشيء الذي يولد البنية الهرمية‪ .‬و بسبب عدم وجود حيوان آخر يملك‬
‫الضم ‪ ، MERGE‬وألن الضم بسيط وجوهر اللغة قد تكون العملية التطورية قد حدثت‬
‫بسرعة تمن خالل طفرة في نوع واحد فقط هو ‪ :‬اإلنسان الحديث أو ‪Homo sapiens‬‬
‫‪.)sapiens (Hss‬‬

‫لقبول هذه الحجة ‪ ،‬عليك أن تقبل في خمس مقدمات على األقل‪:‬‬


‫● ‪ .1‬عملية الضم هي جوهر اللغة‬
‫● ‪ .2‬ال يملك أي نوع من الحيوانات األخرى عملية ضم‬
‫● ‪ .3‬ال يملك أي نوع من األناسي ــ ‪) hominids‬عملية ضم‬
‫● ‪ .4‬بسبب بساطة الضم ‪ ،‬فقد أمكن أن تتطور سريعا‪ ،‬ربما عن طريق الطفرة‬
‫● ‪ .5‬بما أننا نملك عملية ضم أو ال نملكها ــ إذ ال وجود لنصف ضم ــ ‪ ،‬فليس هناك‬
‫إمكان للغة ُأ َولى أو أصلية‬

‫أنا أقبل المقدمة ‪ 2‬ألن كل المقارنات ال تظهر لنا فيما بعد أي شيء مثل" الضم "‬
‫‪ .MERGE‬و سواء ما أ نظرنا إلى المعطيات من التواصل الطبيعي ‪ ،‬أو تجارب تعلم‬
‫اللغة االصطناعية ‪ ،‬أو دراسات تدريب الحيوانات على لغة اإلنسان أو رموز تشبه اللغة ‪،‬‬
‫فإننا ال نجد دليال على أي سمة تكراري ‪ . recursive‬و مثلما الحظ بيرويك و‬
‫تشومسكي ‪ ،‬فإن التقارب الوحيد الذي تمكن مالحظته هو التوافق في أصوات العصافير ‪،‬و‬
‫رغم ذلك فلسنا أمام سمة تكرارية ‪ recursive‬أو بنية الهرمية التي يمكن تشكل أو تولد‬
‫مجموعة متنوعة من التعبيرات ذات المعنى الموجودة في جميع اللغات البشرية‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫ضا المقدمة ‪ ، 3‬في كل األحوال ليس لنا دليل بطريقة أو بأخرى على‬
‫أنا أقبل أي ً‬
‫أن إنسان نياندرتال قد امتلك القدرة على الضم و حتى و إن قلناه فلن يشكل فرقا كبيرا‬
‫في الحجة‪ .‬وعلى الرغم من أن سجل الحفريات إلنسان نياندرتال أكثر ثرا ًء مما كنا نظن‬
‫من قبل‪ ،‬فإنه ال يسعفنا في الكشف عن العمليات التكرارية ‪recursive operations‬‬
‫و األمر نفسه بالنسبة لسجل الحفريات الخاص بـ اإلنسان الحديث أو اإلنسان العاقل‬
‫‪.Homo sapiens sapiens . Hss‬‬

‫كال السجلين يظهران إشارات مثيرة لالهتمام على الفكر اإلبداعي ‪ -‬موضوع سأعود‬
‫له الحقا ‪ -‬ولكن ال شيء من شأنه أن يشير السمة التكرارية في الفكر أو التعبير‪ ،‬و إذا‬
‫كان الدليل يظهر أن إنسان نياندرتال قد امتلك القدرة على الضم فإن ذلك سيؤدي ببساطة‬
‫إلى تأجيل تاريخ األصل لصالح بيرويك وتشومسكي التطوري ‪ ،‬دون أي تغيير في‬
‫التفاصيل الرئيسية‪.‬‬

‫دعونا ننتقل إلى المقدمات ‪ 1‬و ‪ 4‬و ‪ .5‬ما يبدو مثيرا لالهتمام في أطروحة كتاب‬
‫[ لـ ‪ .‬ن ‪ .‬ف ‪ ] WOU‬هو أن كال من بيرويك وتشومسكي يوليان اهتماما كبير لعملية‬
‫الضم ‪ ،‬و مع ذلك فهما يعترفان بشكل كامل أن ال بد للعملية التكرارية أن تتفاعل مع‬
‫النسق التصوري‪-‬القصدي‪ Conceptual -Intensional،‬من جهة والنظام الحسي‬
‫الحركي ‪ Sensory Motor system‬من جهة أخرى‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬فهما يقران و لو‬
‫لمرة واحدة باألدوار غير التافهة لـ ‪ CI‬و ‪ SM‬و والوجاهات ‪ ، interfaces‬مما‬
‫يسمح بالتعرف على الخصائص الفريدة لكل واحد من هذين النظامين‪،‬‬
‫و كنتيجة حتمية فإنه لم يعد من الممكن قبول المقدمة ‪ 4‬كما أن الفرضية ‪ 5‬نواجه‬
‫صعوبات كثيرة‪،‬كما أن هذا التحليل يفتح األبواب أمام بعض االحتماالت الرائعة ‪ ،‬يمكن‬
‫استكشاف العديد منها تجريبيًا‪ .‬سنقدم بعضا منها في ما يأتي ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫في المواد األولى من كتاب [ لـ ‪ .‬ن ‪ .‬ف ‪ ] WOU‬حاول بيرويك وتشومسكي‬
‫التقليد الصوتي عند الطيور المغردة ‪ ،‬بما في ذلك‬ ‫مراجعة الدراسات المنجزة حول‬
‫المعطيات الوراثية والبيولوجية العصبية المقارنة‪ .‬يمكننا القول ‪ ،‬إن نسق الطيور المغردة‬
‫مثال رائع ألن العمل مفصل بشكل رائع ويظهر بعض أوجه التوازي اللطيفة مع نظامنا ‪.‬‬
‫خصوصا ‪ ،‬من ناحية أن الطيور المغردة تتعلم أغنيتها بنفس الطرق التي يتعلم بها األطفال‬
‫الصغار اللغة ‪،‬و في في ذلك دليل على وجود نظام فطري يقيد كل من الوقت والمواد‬
‫المكتسبة‪ .‬ورغم كل ذلك ‪ ،‬هناك عناصر من نظام الطيور المغردة تختلف بشكل الفت‬
‫للنظر عن نظامنا ‪ ،‬ولم يتم ذكرها في [ لـ ‪ .‬ن ‪ .‬ف ‪ ، ] WOU‬ولكن عند االعتراف بها ‪،‬‬
‫أخبر قصة أكثر إثارة لالهتمام حول تطور ‪ - Hss‬نظام يدعم في نفس الوقت ادعاءات‬
‫التفرد في كتاب [ لـ ‪ .‬ن ‪ .‬ف ‪ ] WOU‬أثناء طرح أسئلة حول طبيعة ادعاء التفرد‪.‬‬

‫ومن ذلك على وجه التحديد‪ ،‬أن نسق الطائر المغرد يعتبر مثاال بارزا للنمطية‬
‫)‪) modularity‬الشديدة‪ .‬فقدرة الطائر المغرد على تقليد‪ ،‬أو تعلم‪ ،‬التغريد الخاص بالنوع‬
‫الذي ينتمي إليه‪ ،‬قدرة ال تشمل النداءات الصوتية األخرى في مخزونه الصوتي‪ ،‬وال أي‬
‫استعراض بصري‪ .‬وهذا يعني أن الطائر المغرد يمكنه أن يقلد مادة التغريد الذي يسمعه‪،‬‬
‫ولكن ال شيء غير ذلك‪ .‬وليس األمر عىل هذا النحو عند الجنس البشري ‪ ،‬حيث القدرة‬
‫عىل التقليد تتسع لكيفيات حسية مختلفة ‪ ،‬أو لطريقتين حسيتين على األقل‪ ،‬فتمكن من‬
‫تقليد األصوات واألعمال الحركية بيسر منذ الوالدة‪.‬‬

‫وهذا االنفصال عن الكيفيات الحسية عالمة مميزة للفكر البشري‪ ،‬وهي‪ ،‬بطبيعة‬
‫الحال‪ ،‬سمة جوهرية لقدرتنا اللغوية‪ :‬فال توجد عمليا في أي مستوى من المستويات‪ ،‬بما‬
‫في ذلك الداللة والتركيب والصيانة والتداوليات واالكتساب‪ ،‬أي فروق بين اللغات ‪ ،‬سواء‬
‫الحظنا الطيور المغردة أو الدالفين أو الرئيسيات غير البشرية ‪ ،‬فإن الفرد المولود أص ًما ال‬
‫يظهر بنظام اتصال بصري تعبيري مماثل‪ .‬ترتبط أنظمة التعبير التواصلي ارتباطًا وثيقًا‬
‫بالطريقة ‪،‬وإذا نعرض أحد األنظمة لتلف ‪ ،‬تكون األنظمة األخرى غير قادرة على التقاط‬
‫عالمة‪ .‬الحقيقة هي أن لغتنا ‪ ،‬وحتى أفكارنا على نطاق أوسع ‪ ،‬منفصلة عن الطريقة ‪،‬‬
‫‪6‬‬
‫تشير إلى إعادة تنظيم أساسية في تمثيالتنا وحساباتنا‪ .‬يأخذنا هذا إلى ‪ CI‬و ‪ SM‬و الضم‬
‫والوجاهات‪ .‬بالنظر إلى نمطية نظام الطيور المغردة ‪ ،‬ونقص القدرات المقلدة لدى‬
‫ضا إلى حساب كيف تطور النسق الحسي الحركي ليصبح‬
‫الرئيسات غير البشرية ‪ ،‬نحتاج أي ً‬
‫ضا حول كيف‬
‫قادرا على تقليد األصوات واألفعال‪ .‬هذا وصف لكيفية تطور ‪ ، SM‬ولكن أي ً‬
‫ومتى تفاعلت أنساق النسق التصوري‪-‬القصدي و الحسي الحركي و الضم و الوجاهات ‪.‬‬

‫لحد اآلن ال وجود لدليل عملي على هذا الطرح ‪ ،‬ومن الصعب تخيل نوع األدلة‬
‫التي يمكن أن تظهر‪ ،‬على سبيل المثال ‪ ،‬فرضية امتالك إنسان نياندرتال لعظم الالمي مثل‬
‫‪ Hss‬مثيرة لالهتمام ‪ ،‬لكن هذه الفرضية ال تخبرنا عن وظيفته ‪ ،‬و ما إذا كان قاد ًرا يتم‬
‫نشره في التقليد الصوتي ‪ ،‬وبالتالي ‪ ،‬لبناء المعجم‪ .‬وبالطبع نحن ال نعرف ما إذا كان‬
‫متصالً أو كيف كان إلى ‪ CI‬أو ‪ .MERGE‬لكن مهما اكتشفنا حول هذا الحساب ‪ ،‬فإنه‬
‫يبرز أهمية لفهم تطور واحد على األقل خاصية فريدة من نوعها من النظام الحسي‬
‫النسق التصوري‪-‬القصدي‪Conceptual،‬‬ ‫‪ . SM‬عندما ننتقل إلى‬ ‫الحركي‬
‫‪ ،-Intensional‬وعلى وجه الخصوص ‪ ،‬المعجمية أو الذرات أو التصورية ‪ ،‬فإن‬
‫معرفتنا محدودة جدا ‪ ،‬حتى في علم اللغة البشري‪ .‬واألكيد أن هذا يجعل المقارنة وتطوير‬
‫العمل أمرا صعبا ‪ ،‬لكن هناك مالحظة ال تقبل الجدال إلى حد ما و هي ‪ :‬أن الكثير من‬
‫مفاهيمنا و تصوراتنا منفصل تما ًما عن الخبرات الحسية ‪ ،‬وبالتالي ال يمكن أن تحددها‬
‫هذه األخيرة ‪.‬‬
‫إذا أخذنا هذا كنقطة انطالق ‪ ،‬فإننا يمكننا أن نسأل‪ :‬هل تملك الحيوانات أي‬
‫شيء مثل هذا ؟ في قراءة واحدة لعمل لراندي جاليستل ‪ Randy Gallistel‬األنيق ‪،‬‬
‫الجواب "نعم"‪ .‬في الحقيقة تشير كل التجارب اإلمبريقية التي أجريت على الحيوانات‬
‫بخصوص العدد والزمان والمكان تشير إلى أن هذه المفاهيم‪ ،‬إما غير مرتبطة أو محدد‬
‫بواسطة طريقة ‪ ،‬أو على األقل ‪ ،‬يمكن التعبير عنها بطرق متعددة‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫وبالمثل ‪ ،‬هناك أدلة أن الحيوانات قادرة على تمثيل بعض الشعور بالهوية أو التشابه غير‬
‫صحيحا ‪ ،‬وحتى لو كان هؤالء يقترحون أن المفاهيم‬
‫ً‬ ‫المقيد إلى طريقة‪ .‬و إذا كان هذا‬
‫ليست مجردة مثل مفاهيمنا نهج مقارن محتمل في هذا النقطة ‪ ،‬تبدو مغلقة لقدرتنا‬
‫التكرارية ‪recursive capacity‬‬

‫إن وجود مثل هذه اإلمكانات التطورية المقارنة ال يساعد في تطوير تحليالتنا و‬
‫ضا في إثارة الشك أمام المقدمتين ‪ 4‬و وفيما يتعلق بادعاء‬
‫حسب ‪ ،‬بل يساعد أي ً‬
‫ريتشارد ليونتين (الذي دعمه ‪ Berwick‬و ‪ )Chomsky‬كوننا ال يمكننا دراسة أو‬
‫فهم تطور اإلدراك ‪ ،‬اسمحوا لي أن أتخذ منعطفًا صغي ًرا لوصف سلسلة رائعة من‬
‫الدراسات حول تطور اإلدراك إلظهار ما الذي يمكن فعله وما تم فعله ‪ ،‬ثم العودة إليه في‬
‫المقدمتين ‪ 4‬و ‪.5‬‬

‫َالمالحظ لدى معظم األنواع األحادية الزوجة ‪ monogamous‬أن الذكر‬ ‫ُ‬


‫واألنثى يتشاركان العيش في نطاق نفس المنزل أو المجال التراتبي ‪ .‬وبخالف ذلك‪ ،‬نجد‬
‫لدى األنواع المتعددة الزوجات أن مجال سكن الذكر يشمل كل المساكن الصغيرة التي‬
‫تقطنها زوجاته‪ .‬و تأسيسا على هذه المالحظة ‪ ،‬توقع ستيف جولين وفريقه (‪Gaulin‬‬
‫‪ & Wartell ، 1990‬؛ ‪ ، Jacobs‬غولين ‪ ،‬شيري ‪ ،‬وهوفمان ‪Gaulin ، ، 1990 ،‬‬
‫‪ )& Breedlove ، 2007‬أن القدرات المكانية األحادية الزوجة‪ ،‬لدى فئران الحقول‬
‫‪ voles‬لن تختلف باختالف الجنسين الذكر واألنثى‪ُ ،‬توقع أن تكون قدرات الذكور أكبر من‬
‫قدرات اإلناث لدى متعددي الزوجات ‪ . polygynous‬وبعد إجراء تجارب تعتمد الجري‬
‫في المتاهات الختبار القدرات المكانية ‪ ،‬أسفرت النتائج عن دعم قوي لما تم توقعه‪.‬‬

‫وعالوة على ذلك‪ ،‬تبني أن حجم الحصين ‪ -hippocampus‬وهو باحة تشريحية في‬
‫الدماغ معروفة بالدور المهم الذي تلعبه في االهتداء المكاني‪ -‬أكبر بشكل ملحوظ لدى‬
‫الذكور من األنواع المتعددة الزوجات مقارنة باإلناث‪ ،‬بينما ال توجد مثل هذه الفروق بين‬

‫‪8‬‬
‫الجنسين من األنواع أحادية الزوج‪ .‬باإلضافة إلى عدة أمثلة أخرى ‪ ،‬تكشف كيف يمكن‬
‫للمرء أن يدرس في الواقع تطور اإلدراك‪ .‬والظاهر أن أن ليونتين قد أخطأ خطأ فادحا‪.‬‬

‫بالعودة إلى المقدمتين ‪ 4‬و ‪ .5‬إذا كانت الحيوانات غير البشرية لديهم مفاهيم مجردة ‪،‬‬
‫نموذجية ‪ -‬مثل بعض المؤلفين نقترح ‪ -‬ثم لدينا مجموعة كبيرة من التحقيق التجريبي في‬
‫تطور هذا النظام‪ .‬إذا كانت مفاهيمنا فريدة ‪ -‬كمؤلفين مثل بيرويك وتشومسكي يؤمنان ‪ -‬ثم‬
‫ربما هناك أال يكون ذلك العديد من الخيارات التجريبية‪.‬‬

‫ربما لدى إنسان نياندرتال مثل هذه المفاهيم ‪ ،‬و ربما ال‪ ،‬و في كلتا الحالتين ‪ ،‬فإن النطاق‬
‫الزمني التطوري قصير ‪ ،‬واألدلة حتى اآلن ضعيفة نسبيًا‪ .‬تشغيل كال الحسابين ‪ ،‬ومع ذلك‬
‫‪ ،‬هناك ملحة بحاجة إلى فهم طبيعة هذه المفاهيم ألنها تؤثر على ما أعتقد أنه أكثر شيء‬
‫أثر جانبي مثير لالهتمام لهذه المناقشة ‪ ،‬و القضايا المثارة في ‪ .WOU‬باختصار ‪ ،‬إذا‬
‫و‬ ‫اعترف أحد هذا ما يميز اللغة ‪ ،‬وبالتالي ‪ ،‬تاريخها التطوري ‪ ،‬هو ‪ MERGE‬و ‪CI‬‬
‫‪ SM‬و الواجهات ‪ ،‬ثم تظهر مشكلة مختلفة‪ :‬هي هذه المكونات األربعة التي تنفرد بها‬
‫اللغة أو جزء من كل جوانب الفكر البشري؟ قال بشكل مختلف ‪ ،‬ربما يكون ‪ WOU‬حقًا‬
‫حسابًا عن كيفية نظام تفكيرنا البشري الفريد تطورت ‪ ،‬مع كون اللغة مجااًل واح ًدا فقط من‬
‫حيث أنظمتها الداخلية والخارجية التعبير‪.‬‬

‫غالبًا ما يشير بيرويك وتشومسكي إلى لغتنا في الفكر ‪ ،‬باعتبارها جوهر اللغة ‪،‬‬
‫وما هو أكثر استخداماتنا انتشا ًرا للغة‪ :‬الفكر الداخلي‪ .‬في هذا الرأي ‪ ،‬التخارج من هذا‬
‫النظام في اللغة المعبر عنها ليس في جوهر الحساب التطوري‪ .‬من جهة‪ ،‬يمكنني أن أوافق‬
‫و لكن من جهة أخرى ‪ ،‬أعتقد أن استخدام مصطلح لغة الفكر قد أربك المشكلة بسبب‬
‫مضاعفات استخدامات كلمة "لغة"‪ .‬إذا كان جوهر الحجة في هذا الكتاب تدور حول‬
‫الحسابات وتمثيالت الفكر اللغوي أعتقد أنه نكهة واحدة ‪ ،‬ثم أود أن أقترح نسمي هذا‬
‫النظام منطق الفكر‪ .‬أقترح هذا االستبدال للكلمات لسببين‪ .‬لغة‬

‫‪9‬‬
‫الفكر تعني أن النظام لغوي بشكل واضح ‪ ،‬وأنا ال أعتقد ذلك‪ .‬عالوة على ذلك ‪ ،‬أعتقد أن‬
‫مفهوم منطق الفكر يجسد بشكل أفضل الطبيعة المجردة للمكونات ‪ ،‬بما في ذلك كل من‬
‫‪ ،‬المفاهيم ‪ ،‬النسق الحسي الحركي‬ ‫القدرات التكرارية ‪recursive capacity‬‬
‫والوجاهات‪.‬‬

‫أعتقد أن منطق الفكر هو فريد من نوعه ‪ ،‬ويدعم ليس فقط اللغة ‪ ،‬ولكن العديد من‬
‫ضا‪ .‬هو ‪ -‬هي يشرح ‪ ،‬على ما أعتقد ‪ ،‬سبب ظهور األفعال متشابهة‬
‫المجاالت األخرى أي ً‬
‫في الحيوانات األخرى ليست متشابهة في الواقع على اإلطالق‪ .‬كما أنه يوفر التحدي‬
‫النهائي إلى حجة داروين بأن هناك استمرارية في الفكر العقلي بين البشر و حيوانات‬
‫أخرى ‪ ،‬مع وجود اختالفات تعزى إلى الكمية مقابل الجودة‪ .‬في المقابل ‪ ،‬إذا نوقشت‬
‫األفكار هنا و أثيرت في النهاية بقلم بيرويك وتشومسكي على حق ‪ ،‬إذن فهو منطق الفكر‬
‫الذي ينفرد به البشر‪ .‬ال يشمل منطق الفكر جميع المكونات األربعة‪ :‬ضم ونسق إدراكي و‬
‫نسق حسي حركي والوجاهات‪.‬‬

‫لقد كان توضيح المكونات المجاالت المختلفة بشكل رائع ‪ ،‬لكن ذلك يثير العديد من األلغاز‬
‫‪ ،‬على سبيل المثال ‪ ،‬إذا كان الضم ‪ MERGE‬هو أبسط عملية تكرارية ‪ ،‬هل هي آلية‬
‫واحدة عصبية تتفاعل مع مختلف ‪ ،‬المفاهيم واإلجراءات الخاصة بالمجال ‪ ،‬أم أن الضم‬
‫مثل الدوائر المستنسخة بشكل فعال بشكل متكرر ‪ ،‬هل الكل خاضع لمجال مختلف؟ األول‬
‫يشير االحتمال إلى أن الضرر لهذا المفرد سوف تكشف دارة الضم عن عجز في متعدد‬
‫المجاالت‪ .‬الخيار الثاني يقترح ذلك الضرر الذي لحق بدائرة الضم ‪ MERGE‬في مجال‬
‫واحد سيكشف فقط عن أوجه القصور في هذا المجال‪ .‬على حد علمي ‪ ،‬ال يوجد دليل على‬
‫عجز عصبي نفسي أو دراسات التصوير التي تشير إلى طبيعة أو توزيع مثل القدرة‬
‫التكريرية ‪. recursive capacity‬‬

‫‪10‬‬
‫ إنه استفزاز للفكر بأسلوب‬.‫ ] هو كتاب رائع حقًا‬WOU ‫ ف‬. ‫ ن‬. ‫ [ لـ‬، ‫باختصار‬
‫ ما الذي تريده أكثر ؟ التحدي المركزي بالنسبة لي هو أنه يرسم مسارا تطوريا ال‬.‫واضح‬
MERGE ‫ يقتصر على الضم‬، ‫يمكن أن يكون صحيحا إال إذا كان جوهر اللغة بسيطا‬
‫ سيكون من المحتم أن نرى سيرورة من‬، ‫ على هذا النحو‬.‫لكن اللغة أعقد من ذلك بكثير‬
‫ استماع بيرويك وتشومسكي أن يرفعا التحدي‬، ‫ و من خالل إثارة هذه القضايا‬.‫التطورات‬
‫ ولكن يركز على‬، ‫ خيار يحافظ على خصوصيته‬، ‫أمامنا من أجل أن نفكر فيه خيار آخر‬
‫ لماذا نحن فقط؟‬.‫منطق الفكر‬
.‫الكثير لنفكر فيه‬
‫مارك هاوزر‬

https://www.biolinguistics.eu/index.php/biolinguistics/article/view/405 / ‫مصدر المقال‬

References

● Gaulin, S. J., & Wartell, M. S. (1990). Effects of experience and


motivation on symmetricalmaze performance in the prairie vole
(Microtus ochrogaster). Journal of Comparative Psychology, 104(2),
183–189.
● Hauser, M. D. (2009). The possibility of impossible cultures. Nature, 460,
190–196.
● Hauser, M. D., Yang, C., Berwick, R. C., Tattersall, I., Ryan, M. J.,
Watumull, J., et al. (2014). The mystery of language evolution. Frontiers
in Psychology, 5(401), 1–12.
● Jacobs, L. F., Gaulin, S. J., Sherry, D. F., & Hoffman, G. E. (1990).
Evolution of spatial cognition: sex-specific patterns of spatial behavior
predict hippocampal size. Proceedings of the National Academy of
Sciences, 87(16), 6349– 6352.
● Puts, D. A., Gaulin, S. J., & Breedlove, S. M. (2007). Sex differences in
spatial ability: evolution, hormones and the brain. Evolutionary
Cognitive Neuroscience. MIT Press, pp 329- 379.
http://www.biolinguistics.eu/index.php/ biolinguistics/article/view/405

11

You might also like