You are on page 1of 76

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم والبحث العلمي‬


‫جامعة العربي بن مهيدي – أم البواقي –‬

‫كلية ‪ :‬اﻵداب واللغات‬


‫قسم ‪ :‬اللغة واﻷدب العربي‬
‫تخصص ‪ :‬لسانيات عربية‬

‫إشراف اﻷستاذ‪:‬‬ ‫إعداد الطالبتان ‪:‬‬

‫* الشافعي بديار ‪.‬‬ ‫‪ ‬رميسة مجرالي‬


‫‪ ‬دنيا باقة‬
‫يقول ﷲ عز و جل‪:‬‬

‫س‬ ‫)‪(4‬ال ﱠ‬
‫ش ْم ُ‬ ‫)‪َ (3‬علﱠ َمهُ ْالبَ َيانَ‬ ‫سانَ‬ ‫)‪َ (2‬خلَقَ ْ ِ‬
‫اﻹ ْن َ‬ ‫الر ْح َم ُن )‪َ (1‬علﱠ َم ْالقُ ْرآنَ‬
‫﴿ ﱠ‬

‫ض َع ْال ِميزَ انَ‬


‫س َما َء َرفَ َع َها َو َو َ‬
‫ان )‪َ (6‬وال ﱠ‬
‫ش َج ُر يَ ْس ُج َد ِ‬ ‫َو ْالقَ َم ُر بِ ُح ْسبَ ٍ‬
‫ان )‪َ (5‬والنﱠ ْج ُم َوال ﱠ‬

‫ان )‪َ (8‬وأَقِي ُموا ْال َو ْزنَ ِب ْال ِق ْس ِط َو َﻻ ت ُ ْخ ِس ُروا ْال ِميزَ انَ‬
‫طغ َْوا فِي ْال ِميزَ ِ‬
‫)‪(7‬أ َ ﱠﻻ ت َ ْ‬

‫)‪﴾ (9‬‬

‫صدق ﷲ العظيم‬

‫)اﻵيات من ‪ 1‬إلى ‪ ،9‬سورة الرحمان(‬


‫الفضل من قبل ومن ﺑﻌﺪ‪،‬‬ ‫قال رسول ﷲ ﷺ‪»:‬من لم يشكر الناس لم يشكر ﷲ «‬

‫الذي منﺤنا القﺪرة على إنجاز هذا الﻌﻤل وﺑﻌﺪ ‪:‬‬ ‫ﻓالﺤﻤﺪ‬

‫نتوجه ﺑجزيل الشكر وﻓائق التقﺪير واﻻحترام وأسﻤى مﻌانﻲ الﻌرﻓان إلى اﻷستاذ‬

‫الفاضل الشاﻓﻌﻲ ﺑﺪيار على مساعﺪته لنا ﻓﻲ إنجاز هذا الﻌﻤل وعلى جﻤيل صبره‬

‫وجهوده وتوجيهاته ونصائﺤه القيﻤة‪ ،‬ونسأل ﷲ أن يجزيه عنا خيرا و أن يجﻌله‬

‫ذخرا ﻷهل الﻌلم والﻤﻌرﻓة‪.‬‬

‫كﻤا نتقﺪم ﺑالشكر إلى أساتذة قسم اللغة واﻷدب الﻌرﺑﻲ وإلى كل من ساعﺪنا ﻓﻲ هذا‬

‫الﻌﻤل من قريب أو من ﺑﻌيﺪ‪.‬‬


‫ﻣﻘﺪﻣﺔ ‪:‬‬

‫مستحق الحمد الذي أطعم وأنعم ويسر ورحم ‪،‬والصﻼة والسﻼم على من‬ ‫الحمد‬
‫اصطفاه رحمة للعالمين وقائدا للﻐر الميامين وإماما للمتقين وشفيعا للمسلمين سيدنا رسول‬
‫ﷲ ﷴ )ﷴ ﺑن عﺒد ﷲ(عليه وعلى صحاﺑته اﻷﺑرار وآله اﻷخيار ‪.‬‬

‫ـ نحمد ﷲ الذي أنطق كل شيء ﺑالحق وجعل العالم عليه ﺑرهانا ساطعا أن ﺑلﻐنا للشروع‬
‫ﻹنجاز ما وعدنا في هذه الرسالة ‪،‬ونسأله جل وعﻼ أن يخرجنا من ظلمات الوهم ويفتح‬
‫علينا ﺑمعرفة العلم إنه سميع مجيب‬

‫أما ﺑعد‪....‬‬

‫لقد أﺑدع ﷲ تعالى هذا الكون في شكل وصورة ونظام يحار منه العقل الﺒصير ويدعو‬
‫إلى النظر فيه واﻻعتﺒار والوصول عﺒره إلى وجود الحق ‪،‬فكل شيء في هذا الكون آية‬
‫ﺑاهرة تركيﺒا وتأثيرا فأنى اتجهت نظرا وتفكيرا راعك ما ترى ‪،‬وأدهشك ما تعي!‬
‫فاﻹنسان مفطور على التفكير وﺑه يتميز عن غيره من الكائنات‪.‬عقله مختلف عن عقول‬
‫الحيوانات ﻷنه عقل منطقي‪،‬وهذا العقل هو الهﺒة اﻹلهية التي منحها سﺒحانه ﺑاﻹنسان‬
‫ليكون ﺑها خليفة ﷲ وسيد مخلوقاته على أرضه ‪.‬‬

‫إﻻ أنه من أجل تصحيح تفكيره من حيث اﻷسلوب والصورة وكذلك من حيث‬
‫المحتوى والمادة يحتاج إلى معرفة قواعد المنطق وقوانينه ‪ ،‬وإﻻ سوف ﻻ يتمكن من أن‬
‫يفكر تفكيرا صحيحا ‪،‬يميز ﺑه الحق من الﺒاطل فيتورط في الخطأ واﻻنحراف الفكري من‬
‫غير أن يعرف سﺒب ذلك ومن ثم فإن المنطق يقوم ﺑدراسة المناهج والمﺒادئ التي تمكننا‬
‫من التمييز ﺑين الﺒراهين الصحيحة والﺒراهين الﺒاطلة ‪ ،‬وﺑعﺒارة أخرى ‪ ،‬فإن المنطق هو‬
‫العلم الذي يﺒحث في صحيح الفكر الفاسد ووضع القوانين التي تعصم الذهن عن الوقوع‬
‫في الخطأ‪.‬فموضوعه الفكر اﻹنساني‪ ،‬ولكنه يﺒحث في الفكر من ناحية خاصة هي ناحية‬
‫صحته وفساده‪.‬‬

‫أ‬
‫ولكي يتجسد فكر اﻹنسان في الواقع ﻻبد من استعمال اللغة‪ .‬فاللغة هي القالب الذي‬
‫ينصب فيه الفكر‪ ،‬والفكر هو المضمون الذي يحتويه قالب اللغة ‪.‬‬

‫فالعﻼقة بين اللغة والفكر عﻼقة وثيقة والوشائج بينهما وشائج متينة ‪،‬وصدق العﻼقة‬
‫" ماكس مللر" حين قال ‪" :‬إن الفكر واللغة بمثابة وجهي قطعة العملة النقدية" ‪ ،‬واللغة‬
‫هي أداة اﻹنسان في التعبير ووسيلته إلى التفاهم ‪ ،‬وهي ظاهرة اجتماعية بالغة اﻷثر في‬
‫حياة المجتمعات ‪ .‬ولما كان المنطق هو العلم الذي يبحث في الفكر ليضبط قواعده تجنبا‬
‫له من الزلل وصونا له من الخطأ‪ .‬كان ﻻمحيص له عن أن يبحث في ذلك القالب الذي‬
‫ينصب فيه الفكر على اللغة ‪ ،‬وكان ﻻبد للعﻼقة بين المنطق من جهة واللغة من جهة‬
‫أخرى أن تكون موضوع تفسيرات مختلفة وتأويﻼت متعددة من المناطقة ومن النحاة‬
‫على حد سواء ‪.‬‬

‫فقد كان المنطق في نظر أرسطو مدخﻼ ضروريا للدراسة وهو بذلك مدخﻼ لكل‬
‫حكمة‪ ،‬أو كما يسمى باﻵلة أو الصناعة‪ ،‬ومازالت الدراسة الفلسفية تتناول المنطق لكن‬
‫ليس باعتباره مدخﻼ ﻻسيما بعد أن استقلت العلوم عن الفلسفة‪ .‬إذ أصبح موضوع دراسة‬
‫في الفلسفة المعاصرة ‪ .‬بل كادت تصبح اليوم الدراسات المنطقية وحدها في صورتها‬
‫الرياضية الجديدة‪.‬هي الفلسفة برمتها في بعض الدوائر الفلسفية التي تتراءى لها إمكان‬
‫قيام فلسفة علمية بحتة ‪.‬‬

‫وكذا لم يعد هذا النوع من الدراسات مقتصرا على الفﻼسفة بل أصبحت تقليدا حتى‬
‫في بعض الدوائر الرياضية إذا ما كان من الممكن لكثير من الرياضيين بناء نظريات‬
‫منطقية إﻻ بعودتهم لدراسة المنطق اﻷرسطي أمثال ‪:‬ليبتز دي مورغان ‪ ،‬بول بيرس ‪،‬‬
‫بيانو ‪ ،‬فريجة ‪ ،‬راسل ‪ ،‬هوايند وصﻼ إلى المنطق المتعدد القيم مع لوكاشفتش الذي ومع‬
‫وصوله إلى المنطق الثﻼثي القيمة‪.‬‬

‫وقد أجرينا دراسات ذات صلة بموضوع هذه الدراسة منها ‪:‬‬

‫ـ تاريخ المنطق من الصورية إلى الرمزية عند روبير بﻼنشي ‪.‬‬

‫ب‬
‫ـ مكانة المنطق في الفلسفة المنطقية ‪.‬‬

‫ـ المنطق الصوري‪.‬‬

‫ولقد كان البحث في لغة المنطق محاولة ﻻ تخفى محاسينها لكنها شاقة فواجهتنا‬
‫صعوبات أهمها‪ :‬ندرة المصادر والمراجع وقلة الدراسات التي تناولت هذا الموضوع‬

‫وقد اخترنا دراسة هذا الموضوع ﻷهميته ﻷن طبيعة الموضوع ذاته يعالج أهم ركائز‬
‫التفكير اﻹنساني وهو المنطق‪ ،‬كما أننا ﻻحظنا أن هذا الموضوع لم يحض باﻻهتمام‬
‫الكافي من قبل الباحثين‪.‬‬

‫وتتلخص إشكالية موضوعنا كالتالي ‪:‬‬


‫ـ ما هو المنطق ؟‬
‫ـ وماذا نعني بلغة المنطق ؟‬
‫ـ وما هي أهم الضوابط والقواعد واﻷسس التي ترتكز عليها لغة المنطق ؟‬

‫ولمعالجة هذه اﻹشكالية اعتمدنا المنهج الوصفي التحليلي من خﻼل وصف وتحليل‬
‫لغة المنطق وأهم الضوابط واﻷسس التي ترتكز عليها ‪ ،‬ولتحليل هذه اﻹشكالية واﻹجابة‬
‫عنها ارتأينا تقسيم هذا البحث إلى ثﻼثة فصول ومقدمة وخاتمة ‪ ،‬اشتمل كل فصل على‬
‫عناصر أساسية وأخرى فرعية ‪ ،‬حيث جاء الفصل اﻷول بعنوان ‪ :‬المنطق‪ ،‬تناولنا فيه‬
‫اللغة واﻹنسان ‪ ،‬ماهية المنطق لغة واصطﻼحا ‪ ،‬موضوعه ‪ ،‬غايته‪.‬‬

‫أما الفصل الثاني فهو بعنوان‪:‬التصورات ‪ ،‬وهذا يعتبر صلب البحث حيث تناولنا فيه‬
‫مفهوم التصور‪ ،‬الدﻻلة وأنواعها‪ ،‬المفرد والمركب والكلي والجزئي المفهوم و الماصدق‬
‫الكليات الخمس ‪ ،‬التعريف )شروطه وأنواعه ( ‪.‬‬

‫أما الفصل الثالث واﻷخير فقد جاء بعنوان ‪:‬التصديقات‪ ،‬وتناولنا فيه ‪:‬القضايا‬
‫والحدود ‪ ،‬اﻻستدﻻل المباشر واﻻستدﻻل غير المباشر ‪.‬‬

‫وأنهينا بحثنا بخاتمة هي خﻼصة ﻷهم النتائج التي توصلنا إليها ‪.‬‬

‫ج‬
‫الفصل اﻷول ‪ :‬المنطق‬

‫‪ ‬اللغة و اﻹنسان ‪.‬‬

‫‪ ‬ماهية المنطق )لغة واصطﻼحا (‪.‬‬

‫‪ ‬موضوعه‪.‬‬

‫‪ ‬قوانين الفكر اﻷساسية‪.‬‬

‫‪ ‬غايته ‪.‬‬
‫‪ -1‬اللغة و اﻹنسان‬
‫لعل في ذاكرة الكثيرين منا تعريف بعض الفﻼسفة لﻺنسان )أنه حيوان ناطق(‪ ،‬و‬
‫ربما ظل هذا التعريف يثير سخرية بعض الناس و ربما عدم رضا آخرين‪ .‬انطﻼقا من‬
‫أن وصف اﻹنسان بالحيوان إهانة له و حط من كرامته ‪ ،‬و هو المخلوق المميز الذي‬
‫كرمه ﷲ " ولقد كرمنا بني آدم" سورة اﻹسراء اﻵية ‪ 07‬مع أن وصفه بالحيوانية يعني أكثر‬
‫من أنه المخلوق الحي من الحياة ضد اﻷشياء و الجمادات‪.‬‬
‫و الحقيقة أن ميزة اﻹنسان و سبب تكريمه و رفعه فوق مستوى المخلوقات الحية‬
‫اﻷخرى ‪ ،‬عﻼوة على غير الحية أنه مفكر ناطق‪ ،‬و نظرا لعﻼقة اللغة بالتفكير فإنه في‬
‫النهاية حيوان ذو لغة عندما نريد باللغة‪ -‬اللغة اﻹنسانية المقطعة المنطوقة‪-‬‬
‫فاﻹنسان لم يكن إنسانا بالمعنى المفهوم للكلمة إﻻ عندما كان ناطقا مبينا وليس ناطقا فقط‪.‬‬

‫اﻹ ْن َسانَ ﴾ سورة الرحمان اﻵيتين ‪ 4، 3‬و إﻻ لو لم يكن‬


‫علﱠ َم ْالقُ ْرآنَ َخلَقَ ْ ِ‬ ‫قال تعالى‪ ﴿ :‬ﱠ‬
‫الرحْ َم ُن َ‬
‫اﻹنسان متميزا بفكره و لغته فما الفرق بينه و بين غيرهم من حيث المادة التي تكون منها‬
‫من لحم و دم وعضام‪...‬‬
‫و صدق الشاعر الذي قال‪:‬‬
‫فلم يبق إﻻ صورة اللحم و الدم‬ ‫لسان الفتى نصف و نصف فؤاده‬

‫‪ -2‬ماهية المنطق‬
‫لقد اختلف العلماء من أهل المنطق و غيرهم في تحديد مفهوم منطق موضوعه و‬
‫في مدى حاجة اﻹنسان إليه‪ ،‬غير أنهم متفقون على أن المراد منه هو استقامة الفكر و‬
‫التمييز بين التفكير الصحيح و الفاسد‪.‬‬
‫تعريف التهانوي ‪" :‬قال إنه علم بقوانين تفيد معرفة طرق اﻻنتقال من المعلومات إلى‬
‫‪1‬‬
‫المجهوﻻت و شرائطها‪ ،‬بحيث ﻻ يعرف الغلط في الفكر"‪.‬‬
‫تعريف ابن سينا‪" :‬المنطق هو الصناعة النظرية التي تعرفنا من أي الصور و المواد‬
‫‪2‬‬
‫يكون الحد الصحيح الذي يسمى بالحقيقة حدا‪ ،‬و القياس الصحيح الذي يسمى برهانا"‪.‬‬
‫و هذا التعريف أرسطو الطاليسي بحث يتضمن تفسيرات المعلم اﻷول للمنطق كما‬
‫يتضمن تقسيماته له‪ ،‬إنه يقرر أن المنطق آلة نظرية صورية تتوصل بها إلى الحد‬

‫‪-1‬اﻟﺘﻬﺎﻧﻮي‪ ،‬ﻛﺸﺎف اﺻﻄﻼﺣﺎت اﻟﻔﻨﻮن‪ ،‬ﺗﺢ ‪ ،‬ﻟﻄﻔﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﺒﺪﻳﻊ‪ ،‬ﺗﺮ ﻋﺒﺪ اﳌﻨﻌﻢ ﷴ‪ ،‬راﺟﻌﻪ أﻣﲔ اﳋﻠﻮي‪ ،‬اﳌﺆﺳﺴﺔ اﳌﺼﺮﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬اﻟﺘﺄﻟﻴﻒ و‬
‫اﻟﻄﺒﺎﻋﺔ‪ ،1963،‬ص‪.46‬‬
‫‪-2‬ﻋﻠﻲ ﺳﺎﻣﻲ اﻟﺸﺎر‪ ،‬اﳌﻨﻄﻖ اﻟﺼﻮري ﻣﻨﺬ أرﺳﻄﻮ ﺣﱴ ﻋﺼﻮر اﳊﺎضﺮة‪ ،‬دار اﳌﻌﺮفﺔ اﳉﺎﻣﻌﻴﺔ‪،‬اﻹﺳكﻨﺪرﻳﺔ‪،‬ط‪ ،2000 ،1‬ص‪20‬‬

‫‪1‬‬
‫الصحيح و القياس البرهاني ‪ ،‬أي أننا إذا وصلنا إلى التعريف التام بواسطة الجد وصلنا‬
‫إلى أولى درجات العلم‪ ،‬و إذا وصلنا إلى القياس البرهاني وصلنا إلى غاية العلم نفسه‪ ،‬و‬
‫لم يضف ابن سينا شيئا جديدا إلى تعريف أرسطو‪.‬‬
‫و المشهور من التعريفات أيضا تعريف الجرجاني في قوله‪ » :‬المنطق آلة قانونية تعصم‬
‫‪1‬‬
‫مراعاتها الذهن عن الخطأ في الفكر «‬
‫فانظر إلى كلمة "مراعاتها" و اعرف السر فيها كما قدمناه‪ ،‬فليس كل من تعلم المنطق‬
‫عصم عن المنطق في الفكر‪ ،‬كما أنه ليس كل من تعلم النحو عصم عن الخطأ في‬
‫اللسان‪ ،‬بل ﻻبد من مراعاة القواعد و مﻼحظتها عند الحاجة ليعصم ذهنه و لسانه‪.‬‬
‫المنطق آلة‪:‬‬
‫و انظر إلى كلمة " آلة " في التعريف و تأمل معناها فتعرف أن المنطق إنما هو من قسم‬
‫العلوم اﻵلية التي تستخدم لحصول غاية‪ ،‬هي غير معرفة نفس مسائل العلم‪ ،‬فهو يتكفل‬
‫ببيان الطرق العامة الصحيحة التي يتوصل بها الفكر إلى الحقيقة المجهولة‪ ،‬كما يبحث‬
‫علم "الجبر" عن طرق حل المعادﻻت التي بها يتوصل الرياضي إلى المجهوﻻت‬
‫الحسابية‪.‬‬
‫‪ -‬نطق‪ :‬نطق الناطق‪ ،‬ينطق‪ ،‬نطقا‪ :‬تكلم‪ ،‬و المنطق الكﻼم‪ ...‬و كﻼم كل شيء منطقه‪ ،‬و‬
‫‪2‬‬
‫منه قوله تعالى‪ُ ﴿ :‬ع ِلّ ْمنَا َم ِنطقَ الطﱠي ِْر ﴾‬
‫‪ -‬نطق‪ ،‬ينطق‪ ،‬و منطقا و نطوقا‪ :‬تكلم بصوت و حروف تعرف بها المعاني‪ ،‬و أنطقه ﷲ‬
‫تعالى ‪ :‬إستنطقه‪ ،‬و سماه ناطق وﻻ صامت ;أي‪ :‬حيوان و ﻻ غيره من المال‪.‬‬
‫والناطقة الخاضرة‪ ،‬و كمكنسة‪ :‬ما ينتطق به‪ ،‬و كمنبر و كتاب‪ :‬شقة تلبسها المرأة و تشد‬
‫وسطها‪ ،‬فترسل اﻷعلى على اﻷسفل إلى اﻷرض‪ ،‬و اﻷسفل ينجر على اﻷرض‪ ،‬ليس لها‬
‫حجزة وﻻ نيفة وﻻ ساقان‪.‬‬
‫و انتطقت‪ :‬لبستها‪ ،‬و الرجل شد وسطه بمنطقه‪ ،‬كتنطق‪ .‬و قول علي رضي ﷲ عنه‪" :‬من‬
‫يطل هن أبيه ينتطق به" أي من كثر بنو أبيه يتقوى بهم‪.‬‬
‫و ذات النطاقين‪ :‬أسماء بنت أبي بكر ﻷنها شقت نطاقها ليلة خروج رسول ﷲ صلى ﷲ‬
‫عليه و سلم إلى غار حراء‪ ،‬فجعلت واحدة لسفرة رسول ﷲ صلى ﷲ عليه و سلم‪ ،‬و‬
‫اﻷخرى عصاما لقربته‪.‬‬

‫‪-1‬اﻟﺸﺮﻳﻒ اﳉﺮﺟﺎﱐ‪،‬اﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎت‪،‬ج‪ ،1‬ط‪ ،1‬دار اﻟكﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺑﲑوت ‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎن‪ ،‬ص ‪257‬‬
‫‪ -2‬ﲨﺎل اﻟﺪﻳﻦ اﺑﻦ ﻣﻨﺼﻮر‪ ،‬ﻟﺴﺎن اﻟﻌﺮب‪ ،‬دار ﺻﺎدر ﺑﲑوت ‪1414‬ه‪ ،‬ط‪ ،3‬ص‪5023‬‬

‫‪2‬‬
‫و ذات النطاق‪ :‬أكمة م لبني كﻼب‪ ،‬منطقة ببياض‪.‬‬
‫و النطاقان‪ :‬أسكتا المرأة‪.‬‬
‫و المنطيق‪ :‬البليغ و المرأة المتآزرة بحشية تعظم بها عجيزتها‪.‬‬
‫و نطقه تنطيقا‪ :‬ألبسه المنطقة و الماء اﻷكمة و غيرها‪ :‬بلغ نصفها‪ .‬و النطق بضمتين في‬
‫قول العباس‪ » :‬أعراض و نواح من جبال بعضها فوق بعض « شبهت بالنطق التي‬
‫تشد بها اﻷوساط‪.‬‬
‫و المنتطق العزيز و كمعظمه من الغنم‪ :‬ما علم عليها بحمرة في موضع النطاق‪ ،‬و‬
‫قولهم‪ :‬جبل أشم منطق – كمعظم‪ :‬ﻷن السحاب يبلغ رأسه‪ ،‬و جاء منتطق فرسه‪ ،‬إذ جنبه‬
‫‪1‬‬
‫و لم يركبه‪.‬‬
‫‪-‬المنطق من نطق ينطق نطقا‪ ،‬و النطق يطلق على النطق الظاهري‪ ،‬و هو التكلم‪ ،‬كما‬
‫في علم اللغة‪ ،‬و على النطق الباطني و هو إدراك الكليات‪ ،‬كما هو في اصطﻼح‬
‫‪2‬‬
‫الفﻼسفة‪.‬‬
‫و سمي علم المنطق بالمنطق ﻷنه يقوي قوة التكلم‪ ،‬ﻷن التكلم عبارة عن بيان ما هو‬
‫‪3‬‬
‫مقرون في الذهن‪ .‬و كذلك يعصمه عن الخطأ في الفهم و إدراك الكليات‪.‬‬
‫و المنطق )‪ (logic‬من النطق‪،‬و هو مصدر ميمي و معناه الكﻼم‪،‬و واحد الكﻼم الكلمة‪ ،‬و‬
‫هي اللفظ المفرد الدال على المعنى‪ ،‬و هو مشتق من الكلمة اليونانية لوجوس)‪(logos‬‬
‫بمعنى لب الفكر و روحه و جوهره‪.‬‬
‫و يورد الدكتور ﷴ عزيز عدة معاني لكلمة اللوجوس اليونانية‪ ،‬فقال‪ " .‬كلمة اللوجوس‬
‫‪4‬‬
‫)‪ (logos‬في اليونانية تعني العقل أو الفكر أو البرهان أو القانون أو اللغو‪"...‬‬

‫و بعدها أخذت كلمة )‪ (logike‬تدخل في لفظ كل العلوم باعتبار المنطق علم كل العلوم‪،‬‬
‫باعتبار عناصره و مبادئه تنطبق على كل العلوم‪.‬‬

‫و لفظ المنطق مأخوذ من النطق‪ ،‬كما يطلق في اللغة العربية على التكلم‪ ،‬يطلق كذلك‬
‫على الفهم و التفكير‪.‬‬

‫‪-1‬اﻟﻔﲑوز آ دي‪ ،‬اﻟقﺎﻣﻮس اﶈﻴط‪ ،‬ﻣﺼﺪر ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص ‪.908‬‬


‫‪-2‬راﺷﺪ اﳊﻴﺪري‪ ،‬اﳌقﺮر ﰲ ﺗﻮضﻴﺢ ﻣﻨﻄﻖ اﳌﻈﻔﺮ‪ ،‬ﻣﻨﺸﻮرات ذوي اﻟقﺮﰉ‪ ،‬رﻗﻢ ‪ ،1422‬ج‪ ،1‬ط‪ ،1‬ص‪.13‬‬
‫‪ -3‬ﻋﻠﻲ ﺳﺎﻣﻲ اﻟﻨﺸﺎر‪ ،‬اﳌﻨﻄﻖ اﻟﺼﻮري ﻣﻨﺬ أرﺳﻄﻮ إﱃ ﻋﺼﻮر اﳊﺎضﺮة‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص‪.03‬‬
‫‪-4‬ﷴ ﻋزﻳز‪ ،‬رﻳخ اﳌﻨﻄﻖ ﻋﻨﺪ اﻟﻌﺮب‪ ،‬ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺷﺒﺎب اﳉﺎﻣﻌﺔ‪ ،‬اﻹﺳكﻨﺪرﻳﺔ‪ ،‬ط ‪ ،1983 :1‬ص ‪.61‬‬

‫‪3‬‬
‫فعبارة )علم المنطق( تعني ‪) :‬علم التفكير(‪ ،‬أو )فن التفكير(‪ ،‬لكن الدارس لعلم المنطق‬
‫يواجه عبارة مشكلة في الفهم‪ ،‬و ذلك ﻷن كتب المنطق كتبت بلغة معقدة و أسلوب ﻻ‬
‫يخلو من الصعوبة ﻻ تتناسب مع أسلوب الكتاب العلمي‪.‬‬
‫بالعربية‪ :‬منطق‬
‫بالفرنسية‪logique :‬‬

‫باﻹنجليزية‪logic :‬‬

‫باليونانية‪logos :‬‬

‫أما الكلمة العربية "منطق" فقد عرفت حين ترجم المنطق اليوناني إلى اللغة العربية‪ ،‬و لم‬
‫تكن الكلمة تتضمن أول اﻷمر معنى التفكير أو اﻻستدﻻل‪ ،‬بل كانت تدل على معنى‬
‫الكﻼم‪ ،‬ﻷن كلمة "المنطق" في أصلها اللغوي إنما اشتقت من النطق‪ ،‬و هي كلمة ﻻ تدل‬
‫‪1‬‬
‫إﻻ على الكﻼم و التلفظ‪.‬‬
‫فالمترجمون في القرن الثامن هجري حين أرادوا ترجمة "لوجوس" رجعوا إلى اﻷصل‬
‫اﻻشتقاقي و هو النطق أو الكﻼم‪ ،‬و مع عدم مراعاتهم للمعنى الحقيقي المستعمل حينئذ‬
‫لهذا اللفظ‪ .‬حيث أنه لم يدل على العقل أو الفكر كما هو الحال في اليونانية‪.‬‬
‫و من هنا اضطر أهل الفلسفة حينئذ تبرير هذا اﻻستعمال بأن فرقوا بين نوعين من‬
‫النطق‪ :‬النطق الظاهري و النطق الباطني‪ ،‬فاﻷول هو التكلم و أما الثاني فهو إدراك‬
‫‪2‬‬
‫المعقوﻻت‪ .‬و بهذه التفرقة أعطوا الكلمة مدلولها اﻷصلي و اﻻصطﻼحي معا‪.‬‬
‫و الجدير باﻹشارة هنا أن أرسطو هو الواضع الحقيقي لعلم المنطق لم يستخدم لفظ‬
‫المنطق في مؤلفاته‪ ،‬إنما كان يستخدم لفظة "التحليﻼت" )‪ (analytics‬ليدل على ما‬
‫نسميه اليوم بالمنطق‪.‬‬
‫أما من ناحية اﻻصطﻼح لم يستخدم أرسطو كلمة )المنطق( في مباحثه التي أخذت هذا‬
‫‪3‬‬
‫اﻻسم فيما بعد‪ ،‬فقد كانت مؤلفاته)اﻷرغانون( تحت مصطلح)العلم التحليلي(‬
‫أما استعمال كلمة المنطق على اﻷرجح من وضع و ابتكار شراح أرسطو‪ ،‬و ذلك من‬
‫أجل أن يقابلوا بين اﻷورغانون اﻷرسطي و الجدل )الديالكتيك( عند الرواقيين‪.‬‬

‫‪-1‬ﻋﺼﺎم زﻛﺮ ﲨﻴل‪ ،‬اﳌﻨﻄﻖ و اﻟﺘﻔكﲑ اﻟﻨﺎﻗﺪ‪،‬دار اﳌﺴﲑة‪،‬ﻋﻤﺎن‪ ،‬ط‪ ،2012 ،1‬ص ‪.15‬‬
‫‪-2‬اﳌﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ ص‪.04‬‬
‫‪ -3‬ﻋﻠﻲ ﺳﺎﻣﻲ اﻟﻨﺸﺎر‪ ،‬اﳌﻨﻄﻖ اﻟﺼﻮري ﻣﻨﺬ أرﺳﻄﻮ ﺣﱴ ﻋﺼﻮر اﳊﺎظﺮة‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪.04‬‬

‫‪4‬‬
‫و نجد اللفظ )أي المنطق( عند أندرونيكوس الرودسي‪ ،‬ثم عند شيشرون ثم عند ﻹسكندر‬
‫‪1‬‬
‫اﻷفروديسي و جالينوس و كتاب اليونان المتأخرين على العموم‪.‬‬
‫و يمكننا عرض بعض التعاريف الواردة عن المنطق و من ضمنها‪:‬‬
‫تعريف أرسطو بأنه‪ :‬آلة العلم و موضوعه الحقيقي هو العلم نفسه أو هو صورة العلم و‬
‫‪2‬‬
‫هذا التصور القديم للمنطق‪.‬‬
‫و المراد هنا باﻵلة أيضا التمييز بين اﻷحكام و اﻻستنتاجات الذهنية الصحيحة و الفاسدة‪،‬‬
‫لذلك جعله أرسطو و أتباعه آلة في بحث المبادئ العامة للتفكير الصحيح و لتحصيل‬
‫العلوم‪ ،‬و اعتبروه من هذه الجهة مقدمة ضرورية لكل علم‪.‬‬
‫و لقد تباينت تعريفات الفﻼسفة المسلمين "للمنطق" لكنهم اتفقوا على تسميته ب "علم‬
‫الميزان" ﻷن به تفصل الحجة عن الشبهة و تعرف الحقائق من المغالط و تصفى المعاني‬
‫و تنقى اﻷلفاظ‪.‬‬
‫و قد عرفه ابن سينا بأنه اﻵلة العاصمة للذهن عن الخطأ فيما يتصور و يصدق به و‬
‫الموصلة إلى اﻻعتقاد و الحق بإعطاء أسبابه و نهج سبله‪ ،‬كما يصفه بوصف )خادم‬
‫‪3‬‬
‫العلوم(‬
‫أي أن المنطق عند "ابن سينا"‪ :‬هو العلم الذي يضع لنا القواعد اﻷساسية للوصول إلى‬
‫الحقيقة باعتباره اﻷداة التي تحفظ العقل من الوقوع في الخطأ‪.‬‬
‫والمشهور من التعريفات أيضا ما قاله الجرجاني ‪»:‬المنطق آلة قانونية تعصم مراعاتها‬
‫‪4‬‬
‫الذهن عن الخطأ في الفكر ‪«.‬‬
‫ـ أما التهانوي فقد قال ‪»:‬انه علم بقوانين تقيد معرفة طرق اﻻنتقال من المعلومات إلى‬
‫‪5‬‬
‫المجهوﻻت وشرائطها بحيث ﻻ يعرف الغلط في الفكر ‪«.‬‬
‫ـ فالتهانوي حين يتحدث عن الغرض من المنطق ويعده مجرد مدخل للعلوم النظرية‬
‫والعملية فيقول ‪ :‬أعلم أن الغرض من المنطق تميز بين الصدق والكذب في اﻷقوال الخير‬

‫‪-1‬ا ﻋﻠﻲ ﺳﺎﻣﻲ اﻟﻨﺸﺎر‪ ،‬اﳌﻨﻄﻖ اﻟﺼﻮري ﻣﻨﺬ أرﺳﻄﻮ ﺣﱴ ﻋﺼﻮر اﳊﺎضﺮة ‪،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪،‬ص‪.04‬‬
‫‪ -2‬اﳌﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ ‪،‬ص‪.04‬‬
‫‪ -3‬ﷴ ﻣﻬﺮان‪ ،‬ﻋﻠﻢ اﳌﻨﻄﻖ‪ ،‬دار اﳌﻌﺎرف‪ ،‬اﻟقﺎﻫﺮة‪ ،1978 ،‬ص ‪19 ،17‬‬
‫‪ 4‬اﻟﺸﺮﻳﻒ اﳉﺮﺟﺎﱐ ـ اﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎت ـ دار اﻟكﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ‪ .‬ﺑﲑوت ﻟﺒﻨﺎن ط‪ 1‬ـ‪ 1403‬ه ج‪ 1‬ص ‪257‬‬
‫‪ 5‬اﻟﺘﻬﺎﻧﻮي ‪،‬ﻛﺸﺎف اﺻﻄﻼﺣﺎت اﻟﻔﻨﻮن ﺗﺢ ﻟﻄﻔﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﺒﺪﻳﻊ ـ ﺗﺮ اﻟﻨﺼﻮص ﻋﺒﺪ اﳌﻨﻌﻢ ﷴ ‪،‬راﺟﻌﻪ أﻣﲔ اﳋﻠﻮي اﳌﺆﺳﺴﺔ اﳌﺼﺮﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬اﻟﺘﺄﻟﻴﻒ‬
‫واﻟﻄﺒﺎﻋﺔ ـ ط‪ 1‬ـ ‪ 1963‬ص ‪46‬‬

‫‪5‬‬
‫والشر في‪ .‬اﻷفعال والحق والباطل في اﻻعتقاد ومنفعته القدرة على تحصيل العلوم‬
‫‪1‬‬
‫والنظرية والعلمية‪.‬‬
‫ـ ويذكر ابن خلدون أن المنطق هو‪»:‬قوانين يعرف بها الصحيح من الفاسد في حدود‬
‫‪2‬‬
‫المعرفة للماهيات والحجج المفيدة للتصديقات ‪.«.‬‬
‫‪5‬‬
‫ـ أما الفارابي فيقول‪»:‬إن المنطق آلة يقوى بها اﻹنسان على معرفة الموجودات‪«.‬‬

‫ـ وقد مضى العرب في حتمية المنطق _كما ذكرنا سابقا بأسماء عديدة فهو يتراوح بين‬
‫علم المنطق تارة وعلم الميزان تارة أخرى‪.‬فهو عند الفارابي رئيس العلوم لنفاذ حكمة‬
‫فيها ‪ .‬إذ أن قوانينه وقواعده ومبادئه من مهامها وشأنها أن تقوم العقل وتسدد اﻹنسان‬
‫نحو الصواب في كل ما يمكن أن يغلط فيه من المعقوﻻت وعند ابن سينا خادم العلوم فهو‬
‫وسيلة إلى العلوم‪،‬بمعنى ما كان مقصودا في نفسه في كل شيء أشرف وأعلى من‬
‫‪3‬‬
‫المقصود لغيره‪.‬‬

‫‪ -3‬موضوعه‪:‬‬
‫قبل الكﻼم عن الموضوع ينبغي أن نعلم أن كل فن ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية‬
‫فإذا قيل مثﻼ ما موضوع علم الطب‪.‬قلنا بدن اﻹنسان من حيث الصحة والمرض‪....‬‬
‫وإنما صح أن يكون بدن اﻹنسان من تلك الجهة موضوع علم الطب ﻷن علم الطب يبحث‬
‫عنه من تلك الجهة‪.‬وهذه الجهة عرض ذاتي للبدن وموضوع المنطق المعلومات‬
‫التصورية التصديقية من حيث إيصال اﻷولى إلى المجهول التصوري والثانية إلى‬
‫مجهول تصديقي ‪،‬وإنما كانت هذه المعلومات هي موضوع علم المنطق ‪،‬ﻷن المنطقي‬
‫يبحث عنها من تلك الجهة وﻻشك أن اﻹيصال إلى المجهول عرض ذاتي لتلك‬
‫‪4‬‬
‫المعلومات‪.‬‬

‫أي أن العلوم تختلف عن بعضها البعض بالموضوع الذي تبحث فيه وبالطريقة التي‬
‫تستخدمها في البحث والمنطق له موضوعه وطريقته في الدراسة وواجبنا هنا تحديد‬
‫الخطوط اﻷساسية للموضوع الذي يبحثه ‪ .‬وأبسط وأفضل سبيل لتعيين موضوع المنطق‬

‫‪1‬اﻟﺘﻬﺎﻧﻮي ‪ -‬ﻛﺸﺎف اﺻﻄﻼﺣﺎت اﻟﻔﻨﻮن ـ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ‪ ،‬ص ‪35‬‬


‫‪2‬اﺑﻦ ﺧﻠﺪون ـ اﳌقﺪﻣﺔ ـ ﻣﻄﺒﻌﺔ اﻟكﺸﺎف ـ ﺑﲑوت ﺑﻼ ‪ -‬ﺗﺢ‪ -‬ص ‪489‬‬
‫‪3‬اﻟﻔﺎراﰊ ـ اﻷﻟﻔﺎظ اﳌﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﰲ اﳌﻨﻄﻖ ـ ت ح ـ ﳏﺴﻦ ﻣﻬﺪي ـ دار اﳌﺸﺮق ﺑﲑوت ﻟﺒﻨﺎن ‪ 1986‬ص ‪107‬‬
‫‪4‬طﺎﻫﺮ ﻋﺒﺪ ا ﻴﺪ ﻋﻠﻲ ـ ﻳﻮﺳﻒ ﻋﻠﻲ ﻳﻮﺳﻒ ـ ﻣﻨﻄﻖ اﻟﻮاضﺢ‪ ،‬دار اﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ ﻟﻨﺸﺮ و اﻟﺘﻮزﻳﻊ اﻟكﻮﻳﺖ ـ ﻣﺪﻧﻴﺔ ﺳﻌﺪ اﻟﻌﺒﺪ ﷲ اﻟﺪاﺋﺮي اﻟﺴﺎدس ص‬
‫‪40‬‬

‫‪6‬‬
‫هو في عرض الجهاز الفكري له من خﻼل تحليل اللغة وبمعناها الواسع‪ .‬وفي تعين‬
‫عناصر اﻻستدﻻل واﻻستنتاج باعتباره الحقيقة الجوهرية لعلم المنطق‬

‫ـ إذ أن موضوع المنطق هو‪ :‬اﻻستدﻻل أو المعلومات التصورية والتصديقية ﻷن‬


‫المنطقي يبحث عنها من حيث أنها توصل إلى مجهول تصوري أو تصديقي ثم إن‬
‫اﻻستدﻻل استنتاج واستكشاف لﻸسباب عن طريق الربط في العلل والمعلومات أو بمعنى‬
‫‪1‬‬
‫أخر استكشاف للعﻼقات القائمة بين اﻷشياء‬

‫يبدأ المنطق البحث من الوحدات اﻷساسية التي تتكون منها اللغة سواء كانت لغة حياة‬
‫يومية أو لغة علمية وهذه الوحدات هي الحدود )‪ (terms‬والقضية )سقراط إنسان‬
‫(تتألف من حدين سقراط وإنسان ‪،‬فالحد بناء على ذلك اصغر وحدة في القضية أو‬
‫الصيغة أو ما تنحل إليه القضية أو الصيغة والحدود في لغة الحياة اليومية ألفاظ هي‬
‫أسماء وأفعال وأدوات ‪،‬وإن من واجب عالم المنطق أن يدرس أنواع الحدود سواء كانت‬
‫‪2‬‬
‫على هيئة أسماء أو رموز أو عﻼقات‪ ،‬وما تنطوي عليه من خصائص منطقية‪.‬‬
‫ويتخذ علم المنطق من )القضية ( أساسا للتحليل ولكشف ما تنطوي عليه من بناء منطقي‬
‫وعﻼقات تربط بينهما و بين قضايا أخرى ‪ ،‬ومن اﻷمثلة على القضايا‬
‫ما يأتي ‪:‬‬
‫‪ ‬بغداد عاصمة جمهورية العراق ‪.‬‬
‫‪ ‬الفارابي فيلسوف يوناني‪.‬‬
‫‪ ‬فالمثال اﻷول فيه القضية صادقة‪ .‬أما المثال الثاني فيه القضية كاذبة ﻷن الفارابي‬
‫فيلسوف عربي ‪.‬‬
‫والمنطق الصوري يهتم باﻷشكال المنطقية للقضايا واﻷقوال والعبارات‬
‫والعﻼقات بينها ‪،‬لذلك يفضل المناطقة استخدام لفظة )الصيغة( للدﻻلة العامة على‬
‫الترتيب الرموز أو الحدود من دون اﻹشارة إلى ما تدل عليه الرموز من دﻻﻻت مثال‬
‫ذلك إذا‪:‬‬

‫أ> ب و ب >ج فإن‪:‬أ>ج‪.‬‬

‫‪ 1‬ﻣﻬﺪي فﻀل ﷲ‪،‬ﻋﻠﻢ اﳌﻨﻄﻖ‪ )،‬اﳌﻨﻄﻖ اﻟﺘقﻠﻴﺪي (‪،‬دار اﻟﻄﺒﺎﻋﺔ واﻟﻨﺸﺮ ﺑﲑوت ط‪ 1977 : 1‬ص ‪22‬‬
‫‪2‬‬
‫ﺳﲔ ﺧﻠﻴل ـ ﻣقﺪﻣﺔ ﰲ ﻋﻠﻢ اﳌﻨﻄﻖ ـ ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ‪ ،‬ﺑﻐﺪاد ط ‪ 1979 :1‬ص ‪15‬‬

‫‪7‬‬
‫هذه الصيغة تتألف من (ا\ب و ب\ج ( ترتبط برابط العطف (و(ومن )ا\ج( المرتبطة‬
‫بهما برابط )إذا ‪ ...‬فإن‪ (...‬وهي‪ .‬نتيجة مرتبطة بما سبقها منطقيا ويقال في المنطق عن‬
‫القضايا أو الصيغ التي تقع أسبق من النتيجة وتكون وضرورية لها ! أنها مقدمات ‪ ،‬إذا‬
‫المقدمة صيغة أو قضية ستبقى النتيجة وتكون ﻷزمة لها منطقيا والنتيجة صيغة أو قضية‬
‫ﻻحقة تلزم عن المقدمات بالضرورة وإن اﻻنتقال من المقدمات إلي النتيجة وهو‬
‫اﻹستنتاج ‪:‬إذن اﻹستنتاج هو عملية فكرية تقوم على أساس صدق المقدمات من أجل‬
‫‪1‬‬
‫الحصول على نتيجة صادقة تلزم عن المقدمات بالضرورة‪.‬‬
‫ـ وللبرهان على صدق قضية ما من القضايا نلجأ إلي البرهان والبرهان متتابعة محدودة‬
‫من قضايا تترابط منطقيا ‪ .‬منها مقدمات هي أم بديهيات أو مبرهنات سبق البرهان عليها‬
‫ونتيجة ﻷزمة عن المقدمات بالضرورة والبديهيات مقدمات نفترض صدقها وﻻ تحتاج‬
‫إلى برهان وﻻ تفتقر إليه )‪(2=1+1‬ﻷنها واضحة الصدق ‪.‬‬
‫أما المبرهنات فهي قضايا تحتاج إلى البرهان وإن صدقها يعتمد على صدق المقدمات‪.‬‬
‫ـ وقد يتخذ البرهان أحد الطريقين‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ الطريق النازل الذي يبدأ من البديهيات أو المقدمات وصوﻻ إلى النتائج بحيث تكون‬
‫كل نتيجة قضية مشتقة من المقدمات ‪،‬والطريق الصاعد الذي يبدأ بقضايا تحتاج إلى‬
‫البرهان على صدقها‪ .‬فتنقل منها إلى المقدمات أو البديهيات‪ .‬يسمى الطريق اﻷول في‬
‫المنطق اﻻستدﻻل‪،‬ويسمى الطريق الثاني في المنطق بالرد لقد أدرك أرسطو موضوع‬
‫المنطق ‪،‬فناقش اﻷلفاظ والقضايا واﻻستنتاج والبرهان واﻷخطاء لتي يقع فيها المرء في‬
‫اﻻستنتاج وغير ذالك من الموضوعات ذات العﻼقة المباشرة بعلم المنطق‪.‬‬
‫ونحن نجد في كتب أرسطو المنطقية الصلة واضحة بين المنطق ولغة الحياة اليومية إذا‬
‫وصل إلينا منطق أرسطو مجموع ضمن ما يدعوا اﻻورجانون )‪(organon‬وهي التي‬
‫احتوت‪ :‬كتاب المقوﻻت )قاطيغوراس( وكتاب العبارة )باري ارمينياس( وكتاب‬
‫التحليﻼت اﻷولى أو القياس )انا لوطيقا اﻷولى ( وكتاب التحليﻼت الثانية أو البرهان‬
‫)أنالوطيقا الثانية ( وكتاب الجدل أو المواضيع الجدلية )طوبيقا (واﻷغاليط )سوفسيطيقا (‬
‫‪2‬‬
‫وكتاب في الخطابة )ريطوريقا(وكتاب في الشعر )فويطيقا (‪.‬‬

‫‪ 1‬ﺳﲔ ﺧﻠﻴل ‪ :‬ﻣقﺪﻣﺔ ﰲ ﻋﻠﻢ اﳌﻨﻄﻖ ـ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪27‬‬


‫‪ 2‬ﷴ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﲪﺎن ‪ :‬ﻣﺮﺣﺒﺎ ﻣﻦ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻟﻴﻮ ﻧﻴﺔ إﱃ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﲑوت ط‪ 1972 – 1‬ص ‪22‬‬

‫‪8‬‬
‫ـ ولو تتبعا كتب أرسطو المنطقية سنجد أن أرسطو قد اعتمد في‪ .‬ترتيبها حسب حقيقة‬
‫معينة وهي ‪):‬لما كان موضوع المنطق أفعال العقل كانت أفعال العقل ثﻼثة ‪ :‬أوﻻ‬
‫‪1‬‬
‫‪:‬التصور و ثانيا ‪:‬اﻷقوال المؤلفة أو اﻷحكام من أقوال‪.‬‬
‫وقد جاءت كتب أرسطو المنطقية موزعة كما في موضوعاته ‪،‬فمثﻼ إن كتاب المقوﻻت‬
‫يدور على اﻷمور المتصورة تصورا ساذجا وكتاب العبارة في اﻷمور واﻷقوال المؤلفة‬
‫وكتاب التحليﻼت اﻷولى في اﻻستدﻻل باﻹجمال أي من حيث صورته وان أرسطو قد‬
‫مر بين ثﻼثة أنواع من اﻻستدﻻل اﻻستدﻻل البرهاني واﻻستدﻻل الجدلي واﻻستدﻻل‬
‫السفسطائي ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-1‬كتاب المقوﻻت ‪:catégories‬‬
‫وموضوعه البحث في التصورات الذهنية أول الحدود واﻷوجه التي تقال على الوجود‬
‫والمقوﻻت يمكن أن تحمل على الموضوع في القضية المنطقية ‪،‬وبعبارة أخرى المقوﻻت‬
‫هي أنواع الصفات ‪-‬المحموﻻت ‪ -‬التي يمكن أن تحمل على كائن أو شيء معين فإذا‬
‫سالت عن ماهية موجود معين ‪ ،‬كماهية اﻹنسان مثﻼ ‪»:‬كانت اﻹجابة تتناول جوهره ‪«.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪:2‬كتاب العبارة ‪Detheralatione‬‬
‫ونجد التأكيد على القضايا ويقول الفارابي )إن معنى العبارة هو القول التام ( ‪2‬والكتاب‬
‫يبحث في‪ .‬القضية وتركيبها وأقسامها من بسيطة ومركبة وموجبة وسالبة وصادقة‬
‫وكاذبة ومتناقضة ومتن وعﻼقتها بعضها ببعض‬
‫‪4‬‬
‫‪: 3‬كتاب التحليﻼت اﻷولى ‪Analytic aposterioar‬‬
‫وهو‪ .‬يبحث في‪ .‬القياس وأجزائه وتركيبه و أشكاله وضروبه وأنواعه مثل قياس الدور‬
‫وقياس الخلف ‪ .‬واﻷقلية الفاسدة ‪ ،‬وفيه يعرف أرسطو القياس بما معناه ‪.‬أنه اﻻستدﻻل‬
‫الذي إذا سلمنا فيه بمقدمات معينة لزم عنها بالضرورة شيء آخر غير تلك المقدمات‬
‫‪5‬‬
‫‪ 4‬كتاب التحليﻼت الثانية ‪: Analytic aposterioar‬‬

‫ـ يتناول نظرية البرهان ‪ ،‬وأبرز ما في هذا الكتاب تحليله لماهية العلم والبرهان‬
‫والشروط الواجب توفرها في المفاهيم اﻷولية والمقدمات أو البديهيات والمشتقات أو‬

‫‪ 1‬ﻣﻬﺪي فﻀل ﷲ ﻣﺪﺧل إﱃ ﻋﻠﻢ اﳌﻨﻄﻖ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪. 28‬‬


‫‪ 2‬اﳌﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ ص ‪.30‬‬
‫‪ 3‬اﳌﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ص ‪30‬‬
‫‪ 4‬ﻣﻬﺪي فﻀل ﻣﻬﺪي فﻀل ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪45-34‬‬
‫‪ 5‬ﺳﲔ ﺧﻠﻴل ﻣقﺪﻣﺔ ﰲ ﻋﻠﻢ اﳌﻨﻄﻖ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪30‬‬

‫‪9‬‬
‫المبرهنات مع التأكيد على أن العلم يبدأ من أوائل أو مقدمات ضرورية ﻻحتاج إلى‬
‫برهان بينما يجب البرهان على جميع القضايا اﻷخرى باﻻستقﻼل المنطقي ‪. .‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ : 5‬كتاب الجدل‪:‬‬
‫وهو يتألف من ثماني مقاﻻت‪ ،‬وقد حدد فيه أرسطو معنى الجدل بقوله ‪:‬الجدل هو‬
‫اﻻستدﻻل إيجابا أو سلبا في مسألة واحدة على أن يتجنب الوقوع في التناقض ‪ ،‬وبه تكون‬
‫الحجة في الدفاع عن النتيجة ‪ ٢.‬وقد لحض ابن سينا المقاﻻت السبع اﻷولى من الجدل‬
‫في‪ .‬كتابه النجاة تحت فصل )في بيان وجود الغلط في اﻷقوال والشارحة ( أما المقالة‬
‫فتدور حول تركيب الجدل والقياس الجدلي ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪:6‬كتاب اﻷغاليط )سفسطة ( ‪:‬‬
‫وهو نقد للحجج السفسطائية ويقع في مقالتين‪:‬المقالة اﻷولى‪:‬وهي تعرف الغلط وتظهر‬
‫المغالطات في القياس سواء كان ذلك في مادته أو في صورته‪ .‬والمقابلة الثانية‪:‬وهي‬
‫تبحث في حل هذه اﻹشكاﻻت‪.‬‬

‫‪:7‬كتاب الخطابة‪:‬‬
‫الخطابة‪):‬صناعة قياسية‪ .‬عرضها اﻹقناع في جميع اﻷجناس العشرة ‪ .‬وما يحصل من‬
‫تلك اﻷشياء في نفس السامع من القناعة هي الغرض اﻷقصى بأفعال الخطابة‪.‬‬

‫‪8‬كتاب الشعر ‪:‬‬


‫وهو القوانين التي تسير بنا اﻷشعار وأصناف اﻷقاويل الشعرية المعمول والتي تعمل في‬
‫‪3‬‬
‫فن من اﻷمور ويحصي أيضا جميع اﻷمور التي تلتئم بها صناعة الشعر‬
‫ـ ونحن نتكلم عن موضوع المنطق –ﻻبد لنا من تناول موضوع قوانين الفكر وقد‬
‫حصرها أرسطو في‪ .‬ثﻼثة قوانين تسمى ‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-4‬قانون الفكر اﻷساسية‬
‫أ‪-‬قانون الذاتية اﻷساسية‬
‫ب‪ -‬قانون عدم التناقض‬
‫ج‪-‬قانون الثالث المرفوع‬
‫‪1‬قانون الذاتية الهوية ‪:‬‬

‫‪ 1‬ﻣﻬﺪي فﻀل ﷲ ‪ ،‬ﻣﺪﺧل اﱃ ﻋﻠﻢ اﳌﻨﻄﻖ ـ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪35‬‬


‫‪2‬اﳌﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ ص ‪ 35‬ـ‪36‬‬
‫‪ 3‬ﺟﻌﻔﺮ آل ﺳﲔ ‪ ،‬اﻟﻔﺎراﰊ ﰲ ﺣﺪوده ورﺳﻮﻣﻪ‪ -‬ﻋﺎﱂ اﻟكﺘﺐ ط‪ – 1985 : 1‬ص ‪303‬‬
‫‪ 4‬ﻣﻬﺪي فﻀل ﷲ‪،‬ﻣﺪﺧل إﱃ ﻋﺎﱂ اﳌﻨﻄﻖ – ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص ‪90 – 89‬‬

‫‪10‬‬
‫وهو قانون بديهي يتضمن صدقه بالضرورة )ضرورة عقلية (ومعناه أن الشيء هو ذاته‬
‫‪ ،‬ولن يكون شيئا آخر غير ذاته ‪،‬وذلك مهما طرأ عليه من ضروب التغيير والتبدل ‪.‬‬
‫وذلك فهو يعبر عن ثبات الحقيقة أو ثبات جوهر اﻷشياء‪-‬وقد عرف المسلمون هذا‬
‫القانون تحت اسم قانون الهوية أو قانون الهوية وقد رأى أرسطو أن الشيء يحتفظ بذاتيته‬
‫رغم اﻻختﻼفات التي تطرأ عليه ‪.‬‬

‫‪2‬قانون عدم التناقض‪:‬‬


‫ومعناه أن الشيء ﻻ يمكن أن يكون هو ذاته ونقيضه معا ‪ ،‬أو أن يجمع السلب واﻹيجاب‬
‫معا ‪،‬وهت صورة أخرى من قانون الذاتية البديهية ﻷنه يعبر عن ثبات الحقيقة ووحدتها‬
‫وعدم تناقضها وان كان ذلك يتم بصورة السلب ‪ ،‬فالشيء ﻻ يمكن أن يكون موجودا‬
‫ومعه وما في أن واحد ‪ ،‬فنحن حينما قرر في قانون الذاتية )أ هو أ( أننا ننفي في نفس‬
‫الوقت أن ﻻ يكون )أ ﻻ أ(‪ ،‬وقد عبر أرسطو عن هذا القانون بقوله )من الممتع حمل‬
‫صفة وعدم حملها على موضوع واحد في نفس الوقت وبنفس المعنى ( كأن نقول الحديد‬
‫معدن وقد عرف المسلمون هذا القانون فقالوا )إن النقيضان ﻻ يجتمعان معا(‬
‫‪-3‬قانون الوسط الممتنﻊ )الثالث المرفوع (‪:‬‬
‫وهو صورة أخرى لقانون )عدم التناقض(على هيئة الشرط ومعناه ‪،‬أن الشيء ﻻبد أن‬
‫يتصف بصفة ما أو نقيضها وﻻ وسط بينهما ‪،‬فالشيء إما يكون كذا أوﻻ ويكون كذا ‪.....‬‬
‫مثال على ذلك الكتاب ‪ :‬إما مفيد أو غير مفيد ‪،‬ويمكن التعبير عن هذا القانون بالطبيعة‬
‫التالية ‪ :‬إما أن تكون أو ﻻ وسط بين ذلك ‪.‬‬
‫ـ وقد عبر أرسطو عن هذا‪ .‬القانون بقوله )بأن ﻻ وسط بين النقيضين (‪-‬‬

‫‪ -‬أما المسلمون فقد عبروا عن هذا القانون بقولهم )إن النقيضان ﻻ يجتمعان وﻻ يرتفعان‬
‫معا‪.‬‬

‫‪ - 5‬الغاية من‪ .‬المنطق‪:‬‬


‫خلق ﷲ اﻹنسان مفطورا على التفكير بما منحه من قوة عاقلة مفكرة ولكن مع ذلك‬
‫نجده كثير الخطأ في أفكاره ‪ .‬فيحسب ما ليس بعلة علة ‪ ،‬وما ليس بنتيجة ﻷفكاره نتيجة‬
‫وما ليس برهان برهانا وقد يعتقد بأمر فاسدا أو صحيح من مقدمات وهكذا فهو إذن‬
‫بحاجة إلى ما يصحح أفكاره ويرشده إلى طريق اﻻستنتاج الصحيح ويدربه على تنظيم‬
‫أفكاره وتعديلها وقد ذكروا أن علم المنطق هو اﻷداة التي يستعين بها اﻹنسان على‬
‫‪1‬‬
‫العصمة من الخطأ وترشده إلى تصحيح أفكاره‪.‬‬

‫‪1‬راﺋﺪ اﳊﻴﺪري ‪ .‬اﳌقﺮر ﰲ ﺗﻮضﻴﺢ ﻣﻨﻄﻖ اﳌﻈﻔﺮ ‪ ,‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪16‬‬

‫‪11‬‬
‫فإن علم المنطق ﻻ يعلم اﻹنسان التفكير بل يرشده إلى تصحيح التفكير وما أعظمها من‬
‫حاجة‪ .‬ولو قلتم ‪:‬إن الناس يدرسون المنطق و يخطئون في تفكيرهم فﻼ نفع فيه قلنا لكم ‪:‬‬
‫إن الناس يدرسون علمي النحو والصرف فيخطئون في نطقهم وليس ذلك إﻻ ﻷن الدارس‬
‫للعلم ﻻ يحصل عليه ملكة العلم أو ﻻ يراعي قواعده عند الحاجة أو يخطئ في تطبيقها‬
‫‪1‬‬
‫فيشد عن الصواب‪.‬‬
‫‪ -‬فغاية علم المنطق أن يفيد الذهن معرفة التصور والتصديق فحسب أما الوسيلة إليهما‬
‫فهي مقدمات منها يتوصل إلى معرفة الفرضين المطلوبين وتلك هي صناعة علم المنطق‬
‫حيث تكسب بطرائقه الخاصة ﻻ بالفطرة اﻹنسانية‪ ،‬ﻷن الفطرة اﻹنسانية غير كافية في‬
‫‪2‬‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫إذن فالغرض من صناعة المنطق هو تعريف جميع الجهات وجميع اﻷمور التي‬
‫تسوق الذهن إلى أن ينقاد لحكم ما على الشيء أنه كذا وليس كذا أي حكم كان ‪ ،‬والتي بها‬
‫‪3‬‬
‫تلتئم تلك الجهات واﻷمور ‪.‬‬
‫ومنفعة صناعة المنطق هي وحدها تكسبنا القدرة على التمييز ما تنقاد إليه أذهاننا‪ .‬وهل‬
‫هو حق أو باطل‪ ،‬وبالجملة فإنها تكسب القوة أو الكمال‪ ...‬وذلك أننا متى عرفنا أصناف‬
‫انقيادات الذهن أمكننا في كل حكم انقادت له أذهاننا أو ذهن غيرنا أن نعلم أي انقياد هو‬
‫ذلك اﻻنقياد وأي اﻷمور ساق الذهن إلى ذلك اﻻنقياد ‪،‬ونعلم طبيعة تلك اﻷمور التي‬
‫تسوق الذهن إلى انقياد لحق أو باطل وإلى أي مقدار من اﻻنقياد تسوق تلك اﻷمور ‪،‬هل‬
‫إلى انقياد هو يقين أو مقارب لليقين أو دون ذلك‪.4‬‬

‫‪ 1‬ﷴ رضﺎ اﳌﻈﻔﺮ ـ اﳌﻨﻄﻖ ـ ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﻨﺸﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﳉﺎﻣﻌﺔ اﳌﺪرﺳﲔ ـ ص ‪17‬‬
‫‪ 2‬اﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ‪ .‬ﻛﺘﺎب ﻣﺪﺧل )ضﻤﻦ ﻣقﺪﻣﺔ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻣﺬﻛﻮر ‪,‬ﺗﺢ اﻷب ﻗﻨﻮاﱐ ﳏﻤﻮد اﳊﻀﺮي فﻮاﺋﺪ اﻷﻫﻮاﱐ ﺗﺼﺪﻳﺮ طﻪ ﺣﺴﲔ ـ ﻣﺮاﺟﻊ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻣﺬﻛﻮر‬
‫‪ ,‬اﳌﻄﺒﻌﺔ اﻷﻣﲑﻳﺔ ‪ ،‬اﻟقﺎﻫﺮة ‪1952‬ص ‪52‬‬
‫أبو نصر الفارابي ‪ ،‬اﻷلفاظ المستعملة في المنطق‪ -‬تح‪ ،‬وقدم له وعلق عليه محسن مهدي‪،‬دار المشرق‪،‬المطبعة الكاثوليكية‪،‬بيروت ‪ ،‬لبنان –‬
‫‪3‬‬
‫ص ‪104‬‬
‫‪4‬‬
‫رائد الحيدري‪،‬المقرر في توضيح منطق المظفر مرجع سابق ‪ -‬ص ‪. 16‬‬

‫‪12‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬التصورات‬

‫مفهوم التصور ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الدﻻلة وأنواعها‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫المفرد والمركب والكلي والجزئي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫المفهوم والماصدق‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الكليات الخمس ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫التعريف )شروطه ـ أنواعه (‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫مفهوم التصور ‪:‬‬
‫يعني حصول ماهية الشيء في الذهن ‪،‬دون إثبات أو نفي ﻷن التصور يعرف‬
‫الشيء ما هو ويعبر عن الماهية بألفاظ أو أقوال ‪،‬والقول ينقسم إلي قسمين ‪،‬إما أن‬
‫يكون بسيطا أو مركبا ‪ ،‬فالبسيط هو الذي يدل على شيء ‪ ،‬ﻻ عن طريق اﻹيجاب أو‬
‫السلب وﻻ على أنه موجود أو غير موجود ‪،‬وهو غير قابل للتصديق أو التكذيب‬
‫‪،‬بخﻼف القول المركب الذي يقبل ماﻻ يقبله البسيط كقولنا ‪ :‬إنسان فهو قول أو لفظ‬
‫يدل على شيء ‪،‬مفهوم في الذهن وشامل بمعناه بالكامل ‪ ،‬ويستحسن أن يعبر عن‬
‫المعنى الواحد باللفظ الواحد ‪،‬وإنما إذا كان القول مؤلفا وجازما فﻼبد أن يتألف من‬
‫تصورين ويسمى التصور الواحد المنفرد حدا مثل قولنا ‪ :‬اﻹنسان موجود ‪ .‬فاﻹنسان‬
‫تصور أو حد وموجود تصور أو حد ‪،‬ﻻن إسناد الموجود إلى اﻹنسان يلزم عن هذا‬
‫التركيب قول جازم قابل للتصديق أو التكذيب‬
‫إذن يمكن تعريف التصور بأنه إدراك عقلي بسيط لشيء ما ‪.‬ﻻن العقل هو الذي‬
‫تتمثل لديه ماهية ذلك الشيء بإمامها ‪ ،‬ولما كان التعبير عنها بألفاظ لغوية ‪ ،‬اعتقد‬
‫أصحاب العلوم اﻷخرى إن التصورات فرع من موضوعات تلك العلوم ‪،‬لكن في‬
‫الحقيقة أن العﻼقة بين اللفظ والمعنى ليست عﻼقة تبعية وإنما هي عﻼقة متﻼزمة فقط‬
‫‪،‬فيسمى اللفظ وداﻻ وأعطى مدلوﻻ ‪ ،‬ويكون اهتمام اللغوي باﻷلفاظ كألفاظ‪،‬واهتمام‬
‫المنطقي بالمعاني ‪.‬‬
‫والتصور صفتان جوهرتان اﻹمكانية والكلية ‪،‬فيكون التصور ممكنا من حيث هو‬
‫يقبل التحقيق في الوجود ﻻن اﻷفكار المجردة المحضة غير قابلة للتحقيق في حيز‬
‫مكاني زماني ‪،‬مثل اﻷشكال الهندسية‪ ،‬وأما صفة الكلية فﻼبد منها في التصورات‬
‫‪،‬ﻷن العلم حسب أرسطو ما يكون بالكليات في مقابل المعرفة الحسية والجزئية ‪،‬التي‬
‫تدركها ذاتا واحدة ‪،‬ﻻ تشاركها في معرفتها الذوات اﻷخرى فالمعرفة العقلية هي التي‬
‫‪1‬‬
‫يمكن أن تسمى بالمعرفة العلمية ‪ ،‬باعتبارها نظرية مجردة ضرورية ودائمة‪.‬‬

‫‪1‬ﻳﻨﻈﺮ ﷴ ﺣﺴﻦ ﻣﻬﺪي ﲝﻴﺖ ـ ﻋﻠﻢ اﳌﻨﻄﻖ اﳌﻔﺎﻫﻴﻢ واﳌﺼﻄﻠﺤﺎت ‪،‬ﻋﺎﱂ اﻟﻜﺘﺐ اﳊﺪﻳﺚ اﻷردن ط ‪ 2013 1‬ج ‪) 1‬اﻟﺘﺼﻮرات ( ص ‪45‬ـ‪46‬‬

‫‪13‬‬
‫‪-1‬الدﻻلة وأقسامها‪:‬‬
‫‪-‬وللوصول إلى التصورات ﻻبد من التعرف على الدﻻلة ‪.‬‬

‫الدﻻلة هي »كون الشيء بحالة ‪ ،‬يلزم من العلم به العلم بشيء آخر ‪ 1‬أو هي العلم بوجود شيء‬
‫يفترض إتباع العلم بوجود شيء آخر في الذهن ومﻼزم له ‪ 2‬فهي إذن تقوم على نسبة بين‬
‫شيئين اﻷول المسمى )الدال ( والثاني اسمه )المدلول ( فهي تقوم على عﻼقة مزدوجة من جهة‬
‫بين الدال والمدلول ‪3‬ومن جهة أخرى بين هذين معا والمتلقي ﻷنه حتى تحصل هذه الحالة ﻻبد‬
‫أن يكون المتلقي قد أدرك العﻼقة التي تربط مابين الدال والمدلول ‪١‬مثال ذلك إذا كنت في بيتك‬
‫مثﻼ فسمعت طرقا على الباب فتذهب لتخرج إليه ‪ ،‬فهنا الطرقة أرشدتك إلى وجود شخص‬
‫‪،‬فالطرقة تسمى داﻻ ‪،‬ووجود شخص عند الباب يسمى مدلوﻻ واﻻرتباط الحاصل بين الدال‬
‫والمدلول هو الدﻻلة أي أن انتقال ذهنك من الطرقة إلى الشخص هو الدﻻلة‬
‫فليست الدﻻلة هي الدال أو المدلول بل هي النسبة واﻻنتقال الذهني من الدال الى المدلول ‪.‬‬
‫أقسام الدﻻلة ‪:‬‬
‫تنقسم الدﻻلة إلى قسمين‪:‬‬

‫الدﻻلة اللفظية‪:‬‬
‫هي التي يكون فيها لفظا أو صوتا‪ ،4‬مثل ‪ :‬دﻻلة لفظ الفاعل‬
‫على اﻻسم المرفوع أو دﻻلة اﻷنين على المرض ‪،‬أو الدﻻلة كلمة سيارة على ذلك الهيكل‬
‫المعين الذي ينتقل اﻹنسان من مكان إلى آخر عن طريق البر ‪ ........‬إلخ ‪.‬‬

‫الدﻻلة غير اللفظية‪:‬‬

‫هي ما كان الدال فيها غير لفظ مثل دﻻلة النور اﻷخضر على سﻼمة الطريق واﻷحمر‬
‫على خطرة وكدالة اصفرار التوجه على الوجل ‪ ،‬واحمراره على الخجل فهذه اﻷمور‬
‫ليست ألفاظا ‪ ،‬إﻻ أنها تفهم أمر آخر‪ 5‬وسواء كانت الدﻻلة لفضية أم غير لفضية فإن‬
‫سبب فهم الشيء من الشيء اﻵخر ‪،‬ﻻ يخرج عن ثﻼثة أمور‪:‬‬

‫‪1‬عادل فاخوري ‪ :‬منطق العرب من جهة نظر المنطق الحديث دار الطبيعة بيروت ط ‪ 1981 2‬ص ‪39‬‬
‫‪ 2‬مهدي فضل ﷲ مدخل إلى علم المنطق )المنطق التقليدي ( دار الطبيعة بيروت ط‪ 1977 1‬ص‬
‫‪ 3‬عادل فاخوري ‪ :‬منطق العرب من وجهة نظر الحديث ‘ مصدر سابق ص‬
‫‪4‬‬
‫نفس المصدر ص ‪40‬ـ‪41‬‬
‫‪ 5‬ﷴ حسين مهدي بخيت ‪،‬علم المنطق المفاهيم والمصطلحات مرجع سابق ص ‪137‬‬
‫‪14‬‬
‫الوضع‪:‬‬
‫وهو جعل شيء بإزاء شيء آخر ‪ ،‬بحيث إذا علم اﻷول علم الثاني مثل لفظ اﻷسد فإن أهل‬
‫اللغة قد أطلقوه على الحيوان المفترس ‪،‬فمن علم الوضع ‪،‬ثم أطلق أمامه لفظ أسد فإنه يدرك‬
‫‪1‬‬
‫فورا هذا الحيوان المفترس والمعروف ‪ ،‬وقس على ذلك باقي اﻷمثلة‬
‫الطبع‪:‬‬
‫وهو الجبلة التي خلق الشيء عليها مثل دﻻلة التأوه على اﻷلم ‪ ،‬والعبوس على الغضب ‪،‬‬
‫فمتى سمعت التأوه أدركت من فورك أن هناك إنسان يتألم ‪ ،‬وحتى رأيت العبوس على‬
‫‪2‬‬
‫وجه إنسان ‪ ،‬أدركت من فورك أن هذا اﻹنسان غضبان ‪ ،‬وقس على ذلك باقي اﻷمثلة‪.‬‬
‫العقل‪:‬‬
‫وهو قوة اﻹدراك مثل دﻻلة اللفظ على حياة ﻻفظة ‪ ،‬فإذا سمعت إنسان يتكلم من تحت‬
‫اﻷلفاظ ‪ ،‬ذلك عقلك على أن صاحب الصوت حيا‪ 3‬وبذلك يتضح لنا أن الدﻻلة تنقسم إلى‬
‫دﻻلة لفظية ودﻻلة غير لفظية وكلتاهما تنقسم باعتبار سبب الفهم إلى ‪:‬‬
‫أوﻻ‪ -‬دﻻلة وضعية‪:‬‬
‫وهي فيما كانت المﻼزمة بين الشيئين تنشأ من التواضع واﻻصطﻼح على أن وجود‬
‫أحدهما يكون دليﻼ على وجود الثاني ‪4‬وتنقسم إلى قسمين ‪:‬لفظية كدﻻلة لفظ أسد على‬
‫رجل شجاع ودﻻلة لفظ إنسان على الحيوان الناطق ودﻻلة لفظ مسجد على المكان‬
‫الخاص بالصﻼة والقسم الثاني من الوضعية الدﻻلة غير اللفظية ‪:‬كدﻻلة إشارة المرور‬
‫الحمراء على الخطر‪ ، .‬والخضراء على زوال الخطر ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬دﻻلة طبيعية‪:‬‬
‫وهي فيما إذا كانت لمﻼزمة بين شيئين مﻼزمة طبيعية‪ ،‬أي التي يقتضيها‪ .‬طبع اﻹنسان‪،‬‬
‫وقد يختلف باختﻼف طباع اﻹنسان‪ ،5‬وهي تنقسم‬
‫قسمين‪:‬لفظية مثل دﻻلة اﻷنين على المرض ودﻻلة لفظ )أخ(على الوجع ‪ .‬وغير لفظية‬
‫مثل دﻻلة حمرة الوجه على الخجل وصفرته على الوجل وعبوسه على الغضب‬

‫‪ 1‬ا ﷴ ﺣﺴﲔ ﻣﻬﺪي ﲞﻴﺖ ‪،‬ﻋﻠﻢ اﳌﻨﻄﻖ اﳌﻔﺎﻫﻴﻢ واﳌﺼﻄﻠﺤﺎت ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ‪ ،‬ص ‪41- 40‬‬
‫‪ 2‬اﳌﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ ‪ ،‬ص ‪138‬‬
‫‪ 3‬اﳌﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ ص ‪138‬‬
‫‪ 4‬ﻋﺎدل ﻓﺎﺧﻮري‪ ،‬ﻣﻨﻄﻖ اﻟﻌﺮب ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ اﳌﻨﻄﻖ اﳊﺪﻳﺚ‪ ،‬دار اﻟﻄﻠﻴﻌﺔ‪،‬ﺑﲑوت‪،‬ط‪ ، 1981 :1‬ص ‪43‬‬
‫‪ 5‬اﳌﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ص ‪42‬‬

‫‪15‬‬
‫ثالثا‪ -‬دﻻلة عقلية ‪:‬‬
‫وهي ما كان المرجع في فهم المدلول من الدال فيها إلى العقل ‪1‬وتنقسم هي اﻷخرى إلى‬
‫قسمين لفظية وغير لفظية‪ .‬مثال اللفظية كدﻻلة قلة الكﻼم على الرزانة ‪ .‬أو اذا سمعنا‬
‫صوت متكلم من وراء الباب وعملنا بوجود متكلم ما ‪ .‬ومثال غير اللفظية‪:‬كدﻻلة الدخان‬
‫على وجود النار ‪ ،‬أو كدﻻلة طول الثوب على الطول صاحبه أو كدﻻلة اثر القدم‪ .‬في‪.‬‬
‫الرمل على المشي‪.‬‬

‫‪ 1‬ﷴ ﺣﺴﻦ ﻣﻬﺪي ﲞﻴﺖ‪ :‬ﻋﻠﻢ اﳌﻨﻄﻖ اﳌﻔﺎﻫﻴﻢ واﳌﺼﻄﻠﺤﺎت‪،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪،‬ص ‪138‬‬

‫‪16‬‬
‫‪-2‬المفرد و المركب و الكلي و الجزئي‪:‬‬
‫الناظر في الكتب المنطقية العربية يدرك مدى اهتمام مناطقة العرب بمبحث‬
‫التصورات فقد راحوا يتدارسون اﻷلفاظ دراسة واسعة معللين بأنهم لن يبحثوا في اللفظ‬
‫ذاته بل في اللفظ من حيث صلته بالمعاني‪ ،‬و هذه الفكرة سادت عند جميع المناطقة‬
‫العرب من أمثال ابن سينا و الفارابي و غيرهما‪.....‬‬
‫و تقسيم اﻷلفاظ إلى مفردة ومركبة يشير إلى أن المناطقة قد أدركوا من القدم شدة‬
‫اﻻتصال بين الفكر و اللغة‪ ،‬إﻻ أننا ينبغي أن نوجه النظر إلى أن المنطقي إذا درس‬
‫اﻷلفاظ مثﻼ و أقسامها فهو إنما يدرسها من حيث أنها تشير إلى الفكر و ﻻ يدرسها من‬
‫النواحي اﻷخرى التي تتعرض لها علوم اللغة و النحو و الصرف و البﻼغة‪ ،‬فهم ﻻ‬
‫يطلبون الدقة و الوضوح في الفكر و حسب‪ ،‬و لكنهم يطلبون أيضا الدقة المتناهية في‬
‫استعمال اﻷلفاظ‪.‬‬
‫أما من حيث تقسيم اﻷلفاظ فيمكن تقسيمها كالتالي‪:‬‬

‫المفرد و المركب‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬


‫فاللفظ المفرد‪ :‬هو الذي ﻻ يراد بأجزائه أجزاء من المعنى‪ ،‬كاﻹنسان فإنه ﻻ يراد بان‬
‫و ﻻ بسان معنى من أجزاء معنى اﻹنسان‪) ،‬إن سان(‪ ،‬بخﻼف قولك زيد يمشي إذ يراد‬
‫بزيد معنى و إذا قلت عبد ﷲ‪ ،‬و كان اسم و لقب‪ ،‬كان مفردا‪ ،‬ﻷنك تقصد به إﻻ ما‬
‫‪1‬‬
‫تقصد بقولك زيد‪.‬‬
‫و ينقسم اللفظ المفرد إلى‪:‬‬
‫اسم‪ :‬وهو لفظ مفرد يدل على معنى يستقل بالفهم من غير أن يدل إطﻼقا على زمان ذلك‬
‫المعنى‪.‬‬
‫كلمة‪ :‬و هي لفظ مفرد يدل على معنى يستقل في زمن من اﻷزمنة منسوب لموضوع غير‬
‫معين‪.‬‬
‫اﻷداة‪ :‬و هي ﻻ تدل على معنى يستقل بالفهم‪ ،‬و لكنه يدل على نسبة بين معنيين‪ ،‬ﻻ يمكن‬
‫‪2‬‬
‫تعقلهما إﻻ بذكر النسبة بينهما‪.‬‬

‫‪ 1‬ﻋﺒﺪ اﳌﻨﻌﻢ اﳊﻨﻔﻲ‪ ،‬اﳌﻌﺠﻢ اﻟﺸﺎﻣﻞ ﳌﺼﻄﻠﺤﺎت اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ‪ ،‬ﻣﻜﺘﺒﺔ ﻣﺪﺑﻮﱄ ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫﺮة‪ ،‬ط‪ ،2003 ،1‬ص‪.709‬‬
‫‪2‬ﻋﻠﻲ ﺳﺎﻣﻲ اﳌﻨﺸﺎر‪ ،‬اﳌﻨﻄﻖ اﻟﺼﻮري ﻣﻨذ أرﺳﻄﻮ ﺣﱴ ﻋﺼﻮر اﳊﺎضﺮة‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪.117،118‬‬

‫‪17‬‬
‫يقول الفارابي"إن اﻷلفاظ المفردة هي ثﻼثة أجناس‪ :‬أسماء و علم و أدوات‪ ،‬والناطق‬
‫باﻻسم أو بالكلمة وحدها دون شيء أخر‪ ،‬ليس ينطق بها إﻻ وقد وقف بذهنه على معنى‬
‫محصل‪ ،‬فإذا سمعه من السامع و المخاطب و إن لم يسمع منه السامع لفظة أخرى‪ ،‬اكتفى‬
‫‪1‬‬
‫به و لم يحتاج إلى زيادة‪.‬‬
‫و أما المركب فهو اللفظ الذي له جزء يدل على جزء من معناه اﻷصلي و لكن ليس على‬
‫القراءة‪ ،‬مثال على ذلك‪ :‬فيلوسوفس )مؤثر الحكمة(‪ ، 2‬بمعنى أنه الذي قد يوجد له جزء‬
‫يدل على معنى هو جزء من المعنى المقصود بالجملة دﻻلة بالذات‪ ،‬مثل قولنا‪ :‬اﻹنسان و‬
‫كاتب من قولنا‪ :‬اﻹنسان كاتب فإن لفظة اﻹنسان منه تدل على معنى‪،‬ولفظة كاتب أيضا‬
‫تدل على معنى وكل واحد منهما جزء كقولنا اﻹنسان كاتبا ومعناه جزء المعنى المقصود‬
‫من قولنا اﻹنسان كاتبا دﻻلة مقصودة في اللفظ و ليس كما نقول‪ :‬حيوان‪ ،‬فيظن أن الحي‬
‫منه مثﻼ دال إما على جملة المعنى‪ ،‬و إما على بعض منه‪ ،‬لو كان من غير أن كان‬
‫‪3‬‬
‫يقصد في إطﻼق لفظة الحيوان أن يدل الحي منه تلك الدﻻلة‪.‬‬
‫و يقسم المركب إلى قسمين‪:‬‬
‫‪ -1‬ما يفيد فائدة يتم بها الكﻼم‪ ،‬ومن اﻷفضل السكوت عليها‪ ،‬و هذا هو المركب‬
‫التام‪.‬‬
‫‪ -2‬ما ﻻ يتم الكﻼم به‪ ،‬و هذا هو المركب الناقص و يقسم المناطقة المركب التام‬
‫إلى المركب الخبري و المركب اﻹنشائي‪.‬‬
‫و ﻻ يبحث المنطق في المركب اﻹنشائي‪ ،‬و إنما يبحث في المركب الخبري‪ ،‬ﻷنه يحتمل‬
‫‪4‬‬
‫الصدق و الكذب‪ ،‬و هو القضية أو الحكم بمعنى أدق‪.‬‬
‫من خﻼل هذه التعريفات اتضح لنا الفرق بين اللفظ المفرد و اللفظ المركب‪ ،‬فاللفظ المفرد‬
‫هو ما دل على معنى و ﻻ يدل جزء منه على جزء من هذا المعنى كان اسما أو كلمة أو‬
‫أداة مثﻼ كلمة )مدرسة( تحيل على معنى المدرسة كما نتصورها أنا و أنت لكن أي جزء‬
‫منها )مد‪ ،‬ر‪ ،‬سة( ﻻ يميل أي منهما على جزء من المدرسة كما يتصورها الذهن‪.‬‬
‫أما اللفظ المركب هو ما يدل على معنى و يدل جزء منه على جزء من ذلك المعنى مثل‬
‫عبارة‪ :‬النص واضح‪.‬‬

‫‪ 1‬اﻟﻔﺎراﰊ‪ ،‬ﷴ ﺑﻦ ﷴ أﺑﻮ ﻧﺼﺮ‪ ،‬ﺷﺮح اﻟﻔﺎراﰊ ﻟﻜﺘﺎب أرﺳﻄﻮ ﻃﺎﻟﻴﺲ ﰲ اﻟﻌﺒﺎرة اﳌﻄﺒﻌﺔ اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ‪ ،‬ﺑﲑوت‪ ،‬ط‪ ،1960 ،2‬ص‪.43‬‬
‫‪ 2‬ﻣﻬﺪي ﻧﺼﺮ ﷲ‪ ،‬ﻣﺪﺧﻞ إﱃ ﻋﻠﻢ اﳌﻨﻄﻖ اﳌﻨﻄﻖ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي‪ ،‬دار اﻟﻄﻠﻴﻌﺔ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ و اﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﺑﲑوت‪ ،‬ط‪ ،1977 ،1‬ص‪.49‬‬
‫‪ 3‬اﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ‪ ،‬ﻛﺘﺎب اﳌﺪﺧﻞ اﻷب‪ ،‬ﻗﻴﻮاﰐ ﳏﻤﻮد اﳋﻀﺮي‪ ،‬ﻓﺆاد اﻷﻫﻮاﱐ‪ ،‬ﺗﺼﺪﻳﺮ ﻃﻪ ﺣﺴﲔ‪ ،‬ﻣﺮاﺟﻌﺔ‪ :‬إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻣذﻛﻮر‪ ،‬اﳌﻄﺒﻌﺔ اﻷﻣﲑﻳﺔ اﻟﻘﺎﻫﺮة‪،‬‬
‫ط‪ ،1952 ،1‬ص‪. 09‬‬
‫‪ 4‬ﻋﻠﻲ ﺳﺎﻣﻲ اﻟﻨﺸﺎر‪ ،‬اﳌﻨﻄﻖ اﻟﺼﻮري ﻣﻨذ أرﺳﻄﻮ ﺣﱴ ﻋﺼﻮر اﳊﺎضﺮة‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص‪.119 ،118‬‬

‫‪18‬‬
‫و هو قسمان‪ :‬مركب ناقص‪ ،‬و مركب تام‪.‬‬
‫فالمركب الناقص هو الذي ﻻ يتم به المعنى‪ ،‬مثل )على الشاشة(‬
‫أما المركب التام فهو الذي يتم به المعنى‪ ،‬مثل )شاهدت على الشاشة( )ﻻ شك أنك‬
‫ﻻحظت أن هذا المركب التام متكون من كلمة و أداة و اسم(‪.‬‬
‫و ينقسم المركب التام إلى مركب خبري و مركب إنشائي‪.‬‬
‫فالمركب اﻹنشائي كاﻷمر‪ ،‬اﻻستفهام‪ ...‬الخ‪ ،‬ﻻ يحتمل صدقا وﻻ كذبا لذلك ﻻ يبحث فيه‬
‫المناطقة‪.‬‬
‫أما المركب الخبري فهو الذي يحتمل الصدق أو الكذب فهو الذي يصطلح عليه المناطقة‬
‫بـ )القضية( أو )القول(‪ ،‬أو كما سماه أرسطو الحكم‪ ،‬و يدرسه المنطق عادة تحت مبحث‬
‫)القضايا( و التصورات في نظر المنطق الصوري التقليدي‪ ،‬هي ألفاظ مفردة لذلك أخذ‬
‫المناطقة ينظرون إلى اللفظ المفرد أو التصور المفرد في أقسامه المختلفة‪ ،‬و أول تقسيم‬
‫‪1‬‬
‫نلقاه لدى هؤﻻء المناطقة التقليديين هو تقسيم اللفظ المفرد إلى كلي و جزئي‪.‬‬
‫فاللفظ الجزئي يعرفه ابن سينا بقوله اللفظ المفرد الجزئي‪ :‬هو الذي ﻻ يمكن أن يكون‬
‫معناه الواحد ﻻ بالوجود و ﻻ بحس التوهم ﻷشياء فوق واحد‪ ،‬بل يمنع نصف مفهومه من‬
‫ذلك كقولنا زيد المشار إليه فإن معنى زيد إذا أخذ معنى واحد‪ ،‬هو ذات زيد الواحدة‪،‬‬
‫فهوﻻ في الوجود و ﻻ في التوهم يمكن أن يكون لغير ذات زيد الواحدة‪ ،2‬معنى أن اللفظ‬
‫الجزئي هو الذي يمنع تصور مفهومه من وقوع الشراكة فيه أو هو الذي يطلق على فرد‬
‫واحد أو ذات واحدة مثل زيد‪ ،‬إذا تصورت مفهومه و معناه في عقلك و هو إنسان معين‬
‫فيستحيل حينئذ أن يصدق أو ينطبق على أكثر من واحد ﻻن مفهومه يأبى الشراكة فيه‬
‫فهو ﻻ يدل إﻻ على واحد‪ ،‬فاﻷلفاظ الدالة على فرد واحد بالذات تسمى ألفاظا جزئية‬
‫كأسماء العلم مثل زيد‪،‬؟ أحمد‪ ،‬فاطمة‪...‬الخ‬
‫أما اللفظ الكلي فيعرفه‪ ،‬ابن سينا بقوله‪ :‬هو الذي يدل على كثيرين بمعنى واحد متفق‪ ،‬إما‬
‫كثيرين في الوجود كاﻹنسان‪ ...‬فالكلي إذا هو ما يندرج تحته من اﻷفراد عدد ﻻ يمكن‬
‫‪3‬‬
‫حصره‪.‬‬

‫‪1‬ﻋﻠﻲ ﺳﺎﻣﻲ اﻟﻨﺸﺎر‪ ،‬اﳌﻨﻄﻖ اﻟﺼﻮري ﻣﻨذ أرﺳﻄﻮ ﺣﱴ ﻋﺼﻮر اﳊﺎضﺮة‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص‪.120‬‬
‫‪ 2‬اﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ‪ ،‬اﻟﻨﺠﺎة ﰲ اﳌﻨﻄﻖ و اﻹﳍﻴﺎت‪ ،‬دار اﳉﻴﻞ‪ ،‬ﺑﲑوت‪ ،‬ط‪ ،1992 ،1‬ص‪.06‬‬
‫‪ 3‬اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ص‪.06‬‬

‫‪19‬‬
‫فاللفظ الكلي هو الذي ﻻ يمتنع فرض صدقه على كثيرين‪ ،‬أو هو الذي يمكن إطﻼقه على‬
‫أكثر من فرد ﻷنه يشترك في معناه أفراد كثيرون لوجود صفة مشتركة أو أكثر في‬
‫هؤﻻء اﻷفراد بحيث يصح عملها على كل فرد منهم كاﻷلفاظ الدالة على الجنس و النوع‬
‫كحيوان‪ ،‬إنسان‪ ،‬شجرة‪ ،‬نباته‪...‬الخ مثال ذلك إن لفظ مفرد يصح إطﻼقه على جميع‬
‫اﻷفراد مثل‪ :‬هادي‪ ،‬فادي‪ ،‬حنان‪ ،‬ابتسام‪...‬‬
‫و ينقسم الكلي إلى‪:‬‬
‫أ‪" -‬الكلي المتساوي اﻷفراد و يسمى )المتواطئ( مثل مفهوم اﻹنسانية فإنسانية‬
‫أحمد هي مساوية ﻹنسانية زيد و ليس أشد و ﻻ أكثر ﻻ مثل مفهوم البياض‬
‫‪1‬‬
‫فإن بياض الشمس أو القطن مثﻼ أشد من بياض القرطاس فرضا و هكذا‪"...‬‬
‫فإذا ﻻحظت لفظا كليا مثل إنسان‪ ،‬حيوان‪ ،‬ذهب ‪ ،‬فضة و طبقته على أفراده فإنك‬
‫ﻻ تجد تفاوتا بين اﻷفراد و في نفس صدق المفهوم عليه مثال‪ :‬زيد و خالد و عمر‬
‫من ناحية اﻹنسانية نﻼحظ أنهم متساوون سواء من دون أن تكون إنسانية أحدهم‬
‫أولى من إنسانية اﻷخر‪ ،‬و ﻻ أشد و ﻻ أكثر‪ ،‬و ﻻ أي تفاوت أخر في هذه الناحية‬
‫و إن كانوا متفاوتين في نواح أخرى غير اﻹنسانية‪ ،‬كالتفاوت بالطول و اللون و‬
‫القوة و الصحة و اﻷخﻼق‪...‬‬
‫و كذا أفراد الحيوان و الذهب و نحوهما و مثل هذا الكلي المتوافقة أفراده في‬
‫مفهومه يسمى )الكلي المتواطئ( أي المتوافقة أفراده فيه‪.‬‬
‫ب‪" -‬الكلي المتفاوت أفراده و يسمى المشكك مثل مفهوم العدد فالعدد ‪ 100‬ليس‬
‫مثل مفهوم العدد ‪ 10‬مثﻼ و مفهوم النور فنور الشمس ليس مثل نور الشمعة‬
‫ووجود الخالق ليس مثل وجود المخلوق"‪ 2،‬فإذا ﻻحظت مفهوم "طويل" هو‬
‫مفهوم كلي ينطبق على أفراد كثيرين‪ ،‬لكن الطول هنا قد يختلف‪ ،‬فطول‬
‫المسطرة ليس هو طول برج بيزا كما أن طول شخص ما قد ﻻ يكون نفس‬
‫طول شخص أخر هنا يظهر التفاوت و هذا الكلي المتفاوتة أفراده في صدق‬
‫مفهومه هو ما يسمى )الكلي المشكك(‪.‬‬

‫‪ 1‬اﻟﺴﻴﺪ ﺣﺴﲔ اﻟﺼﺪر‪ ،‬دروس ﰲ ﻋﻠﻢ اﳌﻨﻄﻖ‪ ،‬دار اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬ﺑﲑوت‪ ،‬ط‪ ،2005 ،1‬ص‪.61‬‬
‫‪2‬اﳌﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ص‪.61‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ -3‬المفهوم و الماصدق‪:‬‬
‫مبحث المفهوم و الماصدق من أهم أبحاث المنطق التي دارت مناقشات واسعة حولها‪:‬‬
‫و ﻻ زالت حتى يومنا هذا تجذب المناقشة مكانته المنطقية‬
‫فالمفهوم هو الخاصية أو مجموعة الخصائص التي تعين الموضوعات التي يمكن أن‬
‫ينطبق عليها اللفظة بشكل صحيح و التي تكفي وحدها تميز هذه الموضوعات عن غيرها‬
‫من الموضوعات اﻷخرى‪ ،‬أو هو باختصار مجموعة الصفات و الخصائص الذهنية التي‬
‫يثيرها اللفظ في ذهن السامع أو القارئ‪ ، 1‬مثال ذلك مفهوم لفظ )معدن(‪ ،‬صفاته اﻷساسية‬
‫هي التمدد تحت تأثير الحرارة‪ ،‬سهل التشكيل‪ ، ..‬و مثال مفهوم لفظ )مثلث( هو أنه ذو‬
‫شكل هندسي مؤلف من ثﻼثة خطوط و ثﻼثة أضﻼع و ثﻼث زوايا مجموعها قائمتان‪.‬‬
‫أما الماصدق فهو المسميات الخارجية الذي يصدق عليها اللفظ الذي استخدمه‪ ،‬أي أنه‬
‫يدل على اﻷلفاظ التي ينطبق عليها اللفظ‪ ،‬و هي اﻷشياء التي جاء هذا اللفظ ليسميها ‪،‬‬
‫فجميع الكتب مثﻼ هي ما صدقات لفظ كتاب‪ ،‬و الماصدق إذن هو المدلول الذي يشير‬
‫إليه اللفظ‪ 2‬مثل ذلك‪ :‬ماصدق لفظ )معدن( هو‪ :‬الفضة‪ ،‬الحديد‪ ،‬النحاس‪...‬الخ‪ .‬و ما‬
‫صدق مفهوم )مثلث( هو‪ :‬المثلث القائم الزوايا‪ ،‬المثلث الحاد الزوايا‪...‬الخ‪ .‬و بناء على ما‬
‫سبق نستنتج أن دﻻلة الكلي على أفراد كثيرين تسمى الماصدق و هي حقيقة الشيء‬
‫المنتزعة عنه و مجموع صفات الكلي تسمى المفهوم ‪ ،‬و هو الصورة المنتزعة من‬
‫حقائق اﻷشياء‪ ،‬فالماصدق هو ما ينطبق عليه شيء أما المفهوم فهي صفات ذلك اﻻسم‬
‫ماصدق )الكتاب( هي كل كتاب على حدة ‪ ،‬وجد أم لم يوجد و في أي مجال‪ ،‬و من أي‬
‫حجم و لون ونوع ورق و لغة و محتوى ‪ ...‬الخ‪.‬‬
‫و أما مفهوم الكتاب فهو معناه صفاته ‪ ،‬ذو غﻼف ‪،‬له أوراق‪ ،‬وله مؤلف‪ ...‬الخ‪.‬‬
‫العﻼقة بين المفهوم و الماصدق هي عﻼقة تناسب عكسي أي كلما زاد المفهوم قل‬
‫الماصدق‪ ،‬و ﻻ شك أن فهم هذه العﻼقة يدفعنا إلى فهم اﻻرتباط القائم بين المفهوم و‬
‫التعريف من جهة و بين الماصدق و التصنيف من جهة أخرى‪ ،‬فاﻷول يتم بذكر الصفات‬
‫اﻷساسية و ماهية الشيء المعرف أما الثاني يرتبط بالتقسيم و ذكر عدد ماصدقات كل‬
‫‪3‬‬
‫نوع‪.‬‬

‫‪ 1‬ﷴ ﻣﻬﺮان‪ ،‬ﻣﺪﺧﻞ اﱃ اﳌﻨﻄﻖ اﻟﺼﻮري‪ ،‬دار اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻨﺸﺮ و اﻟﺘﻮزﻳﻊ اﻟﻘﺎﻫﺮة‪ ،1994،‬ص‪.82،83‬‬
‫‪2‬اﳌﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ‪،‬ص‪.82‬‬
‫‪ 3‬ﷴ ﷴ ﻗﺎﺳﻢ‪ ،‬اﳌﺪﺧﻞ اﱃ اﳌﻨﻄﻖ اﻟﺼﻮري‪ ،‬دار اﳌﻌﺮﻓﺔ اﳉﺎﻣﻌﻴﺔ‪ ،‬اﻻﺳﻜﻨﺪرﻳﺔ‪ ،‬ط‪ ،2005 ،1‬ص‪. 71‬‬

‫‪21‬‬
‫حيث إن هناك عﻼقة وثيقة على اعتبار أن ماصدق اللفظ هم اﻷفراد الذي ينطبق عليهم‬
‫مفهومه و يمكن القول إن كل زيادة في صفات – الجوهرية الخاصة – المفهوم يتبعها‬
‫نقص في الماصدق كما أن كل نقص في صفات – الجوهرية الخاصة – المفهوم يتبعها‬
‫زيادة في الماصدق‪ ،‬و العكس صحيح‪ ،‬بمعنى أن كل زيادة في عدد الماصدق يتبعه نقص‬
‫في صفات المفهوم و كل نقص في عدد الماصدق يتبعه زيادة في صفات المفهوم‬
‫فإذا زادت صفات المفهوم نقص الماصدق مثال ذلك‪ :‬إذا قلنا إن الكائن هو كل جسم‪ ،‬حي‬
‫حساس‪ ،‬مفكر‪ ،‬نقول أنه مفهوم ينطبق على اﻹنسان فقط ‪.‬‬
‫و إذا نقصت صفات المفهوم زاد الماصدق‪ ،‬مثال على ذلك إذا قلنا إن الكائن هو‪ :‬كل‬
‫جسم حي‪ ،‬حساس‪ ،‬نقول إنه مفهوم نطبق على اﻹنسان و الحيوان و النبات‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫‪ -4‬الكليات الخمس‪:‬‬
‫التصورات هي القسم الرئيسي اﻷول من المنطق و هو المتعلق بضبط طريقة‬
‫الوصول إلى معرفة المجهول التصوري‪ ،‬بحيث يكون تصور اﻷشياء مطابق للواقع‪.‬‬
‫فحسب نظرية أرسطو في الحد فإن التصور ﻻ يكون معبرا عن الحقيقة حتى يبنى على‬
‫الصفات الذاتية‪ ،‬لذلك مهد المناطقة بذكر أصناف اﻷلفاظ الكلية المعبرة عن طبيعة عﻼقة‬
‫عدد الصفات بالموصوف المراد تعريفه‪ ،‬من حيث كونها ذاتية أساسية أو عرضية طارئة‬
‫و من حيث كونها عامة أو خاصة مميزة‪.‬‬
‫فالصفة اﻷساسية الذاتية إذا كانت عامة شاملة للمعرف و غيره فإنها تفيد في تصوير‬
‫حقيقته و ماهيته‪ ،‬و إن كانت ﻻ تفيد في تمييزه‪ ،‬و اصطلحوا على تسمية اللفظ الكلي‬
‫المعبر عن هذا القسم من الصفات‪" :‬الجنس"‬
‫و الصفة الخاصة بالموصوف المراد تعريفه‪ ،‬المميزة له من غيره‪ ،‬إذا كانت ذاتية‬
‫أساسية أفادت فائدتين‪ :‬تصوير حقيقته‪ ،‬و فصله عن غيره‪ ،‬لذلك اختاروا اللفظ المعبر‬
‫عنها مصطلح "الفصل"‪ ،‬أما إذا كانت الصفة الخاصة المميزة عرضية ﻻ ذاتية‪ ،‬فإنها‬
‫تقتصر على فائدة واحدة‪ ،‬و هي مجرد التمييز‪ ،‬وقد اختاروا اللفظ المعبر عنها مصطلح‬
‫"الخاصة"‪.‬‬
‫فإذا كانت الصفة ﻻ ذاتية و ﻻ مميزة عدمت فائدتها في التعريف فأهملت و قد خصوها‬
‫بمصطلح‪":‬العرض العام"‪.‬‬
‫و بقي الموصوف المطلوب دائما بالتعريف‪ ،‬الجامع الصفات المصورة لحقيقته‪ ،‬و‬
‫المميزة له عن غيره‪ ،‬فهو قسم مختلف عن اﻷربعة السابقة‪ ،‬فخصوا اللفظ المعبر عنه‬
‫بمصطلح النوع‪.‬‬
‫فتحصل أن الكليات الخمس عند المناطقة هي‪ :‬الجنس‪ ،‬النوع‪ ،‬الفصل‪ ،‬و الخاصة‪ ،‬و‬
‫العرض العام‪.‬‬

‫أ‪ -‬الجنس‪ :‬يعرفه أرسطو بقوله‪ ":‬هو المحمول على كثيرين مختلفين بالنوع من‬
‫طريق ما هو "‪ ،1‬بمعنى الجنس هو المقول على ذي الكثرة المختلفة الحقيقة في‬
‫جواب ما هو‪ ،‬بمعنى أخر هو الذي ينطبق على أنواع مختلفة تشترك ما بينها في‬
‫صفة واحدة أو عدة صفات‪ ،‬مثال ذلك ما هو اﻹنسان‪ ،‬ما هو القط‪ ...‬لكان الجواب‬
‫هو الحيوان فلفظ الحيوان يطلق على جميع أنواع اﻷحياء‪) .‬إنسان‪ ،‬طير‪،‬‬
‫زواحف‪ ،‬حشرات‪...‬الخ(‪.‬‬

‫‪ 1‬أرﺳﻄﻮ‪ ،‬ﻣﻨﻄﻖ أرﺳﻄﻮ ‪ ،‬ﻋﺒﺪ اﻟﺮﲪﻦ ﺑﺪوي‪ ،‬وﻛﺎﻟﺔ اﳌﻄﺒﻮﻋﺎت‪ ،‬اﻟﻜﻮﻳﺖ ‪،‬ﺑﲑوت‪ ،‬دط ‪ ،‬دت‪ ،‬ج‪ ، 2‬ص‪476‬‬

‫‪23‬‬
‫ب‪-‬النوع‪ :‬هو ما يصدق على أفراد حقيقة واحدة‪ ، 1 ،‬فنوع هو لفظ كلي ذاتي يندرج‬
‫تحت اسم كلي يعلوه )جنس( مثال ذلك‪ :‬لفظ )إنسان( الذي يطلق على زيد‪ ،‬ﷴ‪ ،‬ليلى‪،‬‬
‫منى‪ ...‬الخ ‪.‬‬
‫ج‪ -‬الفصل‪ :‬هو جزء ماهية الذي يميز أفرادها عن غيرها‪ 2‬كما يعرف بأنه صفة ذاتية‬
‫أو مجموعة صفات تميز النوع عن بقية اﻷنواع التي تندرج منه تحت جنس واحد‪ 3‬مثل‬
‫قولنا‪" :‬اﻹنسان ناطق أو مفكر"‪ ،‬فالناطق أو مفكر صفات جوهرية أو ذاتية و ليست‬
‫عرضية تعزل أو تفصل اﻹنسان عن بقية اﻷنواع التي تندرج تحت جنس الحيوان‪.‬‬
‫و المقصود بالصفات الذاتية )الجنس‪ ،‬النوع و الفصل( أننا ﻻ نسأل وﻻ ينبغي أن نسأل‬
‫عن سبب وجودها فﻼ يجوز أن نسأل مثﻼ لم كان اﻹنسان ناطقا أو مفكر‪ ،‬ﻷن من‬
‫طبيعته أن يكون كذلك‪ ،‬ولكننا ﻻبد أن نسأل عن سبب وجود الصفة العارضة و هي‬
‫‪4‬‬
‫اثنتان )الخاصة‪ ،‬و العرض العام(‪.‬‬
‫د‪ -‬الخاصة‪ :‬يعرفه أرسطو بقوله‪ ":‬هي ما لم يدل على ماهية الشيء"‪ ،5‬فهي لفظ كلي‬
‫عرضي يشير إلى صفة عرضية‪ ،‬أي إلى صفة غير ذاتية و غير جوهرية يشترك فيها‬
‫أفراد نوع واحد و تميزهم عن غيرهم من أفراد اﻷنواع اﻷخرى‪ ،‬مثال ذلك صفة‬
‫الضحك التي يتميز بها اﻹنسان عن سائر الحيوان‪ ،‬و قد تكون الخاصة وقفا على بعض‬
‫اتب( أو )مخترع( فليس‬
‫أفراد النوع دون سائر أفراد النوع اﻵخرين‪ ،‬مثال ذلك صفة )ك ٌ‬
‫كل البشر كتابا أو مخترعين‪.‬‬
‫هـ ‪ -‬العرض العام‪ :‬يعرفه أرسطو بأنه صفة الشيء قد تتعلق و قد ﻻ تتعلق به كبياض‬
‫الجلد ‪ 6‬فالعرض العام لفظ كلي يعبر عن صفة عرضية عامة كالماشي بالنسبة لﻺنسان و‬
‫الطائر بالنسبة للغراب‪ ،‬فالعرض العام خارج عن حقيقة أفراده فالمشي ليس حقيقة‬
‫لﻺنسان )حيوان ناطق( ﻷن حقيقة اﻹنسان )حيوان ناطق( ﻻن المشي يعرض لﻺنسان و‬
‫لغيره من الحيوانات أما النطق فﻼ يعرض إﻻ لﻺنسان‪.‬‬

‫‪ 1‬ﳏﻤﻮد ﺣﺴﻦ ﺣﺴﲔ‪،‬ﷴ أﲪﺪ ﻃﻪ اﳌﻮﱃ‪،‬ﻋﺒﺪ اﳊﻤﻴﺪ ﺧﻀﺮ‪،‬اﳌﻨﻄﻖ اﳌﺸﺠﺮ‪،‬دار اﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ‪،‬اﻟﻜﻮﻳﺖ‪ ،‬ط‪ ،2017 ،1‬ص‪.32‬‬
‫‪ 2‬اﳌﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ص‪.32‬‬
‫‪ 3‬اﳌﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ص‪. 32‬‬
‫‪ 4‬اﻟﺴﻴﺪ ﺣﺴﲔ اﻟﺼﺪر‪ ،‬دروس ﰲ ﻋﻠﻢ اﳌﻨﻄﻖ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪. 82‬‬
‫‪ 5‬ﻣﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ص‪.82‬‬
‫‪ 6‬ﻋﻠﻲ ﺳﺎﻣﻲ اﻟﻨﺸﺎر‪ ،‬اﳌﻨﻄﻖ اﻟﺼﻮري ﻋﻨﺪ أرﺳﻄﻮ ﺣﱴ ﻋﺼﻮر اﳊﺎضﺮة‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص ‪192‬‬

‫‪24‬‬
‫‪ -5‬التعريف‪:‬‬
‫التعريف ‪ -‬و يسمى‪ :‬المعرف و القول الشارح – هو المقصود بالذات من قسم‬
‫التصورات ‪ 1‬و يعد من أهم الموضوعات التي تناولها المناطقة بالدراسة و التحليل‪ ،‬بل‬
‫يعد أهم جزء من مبحث التصورات لذلك وصفوه بمقاصد التصورات‪ ،2‬فاﻷسماء الجزئية‬
‫و أسماء اﻷعﻼم ﻻ تعريف لها فمثﻼ قولنا "أرسطو" أو "أفﻼطون" فهي أسماء ﻻ تعريف‬
‫لها بينما على خﻼف ذلك الكلمات التالية‪ :‬إنسان‪ ،‬فيلسوف‪ ،‬عالم فهي ألفاظ تقبل‬
‫التعريف‪.‬‬
‫فالتعريف هو مجموعة الصفات التي تكون ماهية الشيء و مفهومه مميز عما عداه‪ ،‬و‬
‫بالتالي فإن التعريف و الشيء المعرف سواء‪ ،‬بحيث يمكننا القول أنهما تعبيران أحدهما‬
‫موجز و الثاني مفصل‪.‬‬
‫من خﻼل هذه التعريفات نستنتج أن التعريف يسمى معرفا كما يسمى أيضا بالقول‬
‫الشارح ﻷنه يشرح الماهية و يوضحها‪ ،‬و يميزها عما سواها‪ ،‬و التعريف و المعرف‬
‫سواء‪ ،‬و هو مجموع الصفات التي تكون ماهية الشيء و مفهومه بما يميزه عما سواه‪،‬‬
‫فإذا كان من نخاطبه يجهل مفهوم اللفظ الذي نخاطبه به فانه يطالبنا بتعريف هذا اللفظ‬
‫الذي نخاطبه به ‪ ،‬و بالتعريف يزول الخلط و الغموض و اللبس عن المعاني حيث إن‬
‫اﻻستخدام الدقيق لﻸلفاظ يكن بناء على التعريف الدقيق لها‪.‬‬

‫أ‪ -‬شروط التعريف‪:‬‬


‫يشترط في التعريف ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون التعريف مساويا للشيء المعرف في اﻻنطباق على مصادقيه‪ ، 3‬مثﻼ‬
‫حينما نعرف اﻹنسان بأنه حيوان ناطق يشترط في تعريفه هذا أن يصح انطباقه‬
‫على كل مصاديق اﻹنسان‪ ،‬و عدم انطباقه على غيرها‪ ،‬أو على بعضها فقط و‬
‫على ضوءه ﻻ يجوز التعريف بما يأتي‪:‬‬
‫أ‪ " -‬التعريف بما هو أعم من الشيء المعرف‪ ،‬مثل‪ :‬اﻹنسان حيوان يمشي على‬
‫رجليه‪ ، ...‬ﻷن هذا التعريف ينطق على اﻹنسان و على غيره من الحيوانات‬
‫التي تمشي على رجلين‬
‫ب‪ -‬التعريف بما هو أخص من الشيء المعرف‪ ،‬مثل‪ ) :‬اﻹنسان حيوان متعلم(‪...‬‬
‫ﻷن هذا التعريف ﻻ ينطبق على جميع مصاديق اﻹنسان و إنما على بعضها‬
‫فقط و هم الناس المتعلمون‪.‬‬

‫‪ 1‬ﳏﻤﻮد ﺣﺴﻦ ﺣﺴﲔ‪ ،‬ﷴ أﲪﺪ ﻋﻤﺎد ﻣﻮﱃ ﺑﻚ‪ ،‬ﻋﺒﺪ اﳊﻤﻴﺪ ﺣﻀﺮ‪ ،‬اﳌﻨﻄﻖ اﳌﺸﺠﺮ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.37‬‬
‫‪ 2‬ﻧﻴﻘﻮﻻ رﻳﺸﺮ‪ ،‬ﺗﻄﻮر اﳌﻨﻄﻖ اﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬ﷴ ﻣﻬﺮان‪ ،‬دار اﳌﻌﺎرف‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫﺮة‪ ،‬ط‪ ،1985 ،1‬ص ص ‪.61،62‬‬
‫‪ 3‬إﻋﺪاد ﻛﻠﻴﺔ أﺻﻮل اﻟﺪﻳﻦ و اﳌﻨﻄﻖ و ﻣﻨﺎﻫﺞ اﻟﺒﺤﺚ‪ ،‬ﻣﻨﺸﻮرات ﻛﻠﻴﺔ أﺻﻮل اﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ط‪ ،1428 ،1‬إﻳﺮان‪ ،‬ص‪.41‬‬

‫‪25‬‬
‫ج‪ -‬التعريف بما هو مباين للشيء المعرف‪ ،‬مثل )اﻹنسان جماد(‪ ...‬ﻷن المتباين ﻻ‬
‫‪1‬‬
‫ينطبق كل واحد منهما على شيء من مصاديق اﻷخر‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون معرف )بالكسرة( أجلى مفهوما و أعرف عند المخاطب من المعرف‬
‫)بالفتح(و إﻻ فﻼ يتم الغرض مفهومه‪ ،‬فﻼ يجوز على هذا التعريف باﻷمرين اﻵتيين‪:‬‬
‫أ‪-‬بالمساوي في الظهور و الخفاء كتعريف الفرد بأنه عدد ينقص عند الزوج بواحد‪ ،‬فإن‬
‫الزوج ليس أوضح من الفرد وﻻ أخفى‪ ،‬بل هما متساويان في المعرفة كتعريف أحد‬
‫المتضايفين باﻵخر‪ ،‬و أنت إنما فتعقلهما معا‪ ،‬كتعريف اﻷب بأنه والد اﻻبن و كتعريف‬
‫الفوق بأنه ليس بتحت‪...‬‬
‫‪2‬‬
‫ب‪ -‬باﻷخفى معرفة‪ ،‬كتعريف النور بأنه قوة تشبه الوجود‬
‫‪ -3‬أن يكون خاليا من الدور فﻼ يجوز التعريف بالدور المصرح‪ -‬و هو الذي يقع بمرتبة‬
‫واحدة –‬
‫مثل قول الشاعر‪:‬‬
‫بيني و بين من أحب‬ ‫مسألة الدور جرت‬
‫لوﻻ جفاه لم أشب‬ ‫لوﻻ مشيبي ما جفا‬
‫يقول الشاعر أن حبيبه جفاه لشيبه ثم يعود و يقول لوﻻ أنه حبيبه جفاه لما شاب‪ ،‬فيكون‬
‫سبب مشيبه جفاء حبيبه‪ ،‬و يكون جفاء حبيبه سببا لمشيبه‪ ،‬فيكون كل من الجفاء و الشيب‬
‫متقدما أو متأخرا في آن واحد‪.‬‬
‫و كذا لو قلت ﻻ يوجد الصباح إﻻ بعد المساء و ﻻ يوجد المساء إﻻ بعد الصباح‪ ،‬فأنت‬
‫كمن فسر الماء بعد الجهد بالماء‪.‬‬
‫و الدور المضمر‪ -‬و يقع بمرتين أو أكثر مثل تعريف اﻻثنين بأنها زوج و الزوج المنقسم‬
‫بمتساويين و المتساويان يعرفان بأنهما شيئان‪ ،‬و الشيئان يعرفان بأنهما اثنان‪ ،‬فنرجع‬
‫اﻷمر باﻷخير إلى تعريف اﻻثنين باﻻثنين كما في المخطط التالي‪:‬‬

‫و ﻣﻨﺎﻫﺞ اﻟﺒﺤﺚ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.41‬‬


‫‪ 1‬إﻋﺪاد ﻛﻠﻴﺔ أﺻﻮل اﻟﺪﻳﻦ و اﳌﻨﻄﻖ‬
‫‪ -2‬ﷴ رضﺎ اﳌﻀﻔﺮ‪ ،‬اﳌﻨﻄﻖ‪ ،‬دار اﻟﺘﻌﺎرف ﻟﻠﻤﻄﺒﻮﻋﺎت‪ ،‬ﺑﲑوت‪ ،‬ط‪ ،2006 ،1‬ص ‪.123‬‬

‫‪26‬‬
‫اﻹثنين‬

‫الزوج‬ ‫الشيئان‬

‫المتساويان‬

‫‪ 1‬مخطط الدور المضمر‬


‫‪ -4‬أن تكون اﻷلفاظ المستعملة في التعريف ناصعة واضحة ﻻ إبهام فيها‪ ،‬فﻼ يصلح‬
‫استعمال اﻷلفاظ الوحشية و الغريبة‪ ،‬وﻻ الغامضة وﻻ المشتركة‪،‬و المجازات بدون‬
‫‪2‬‬
‫القرينة‪.‬‬

‫ب‪ -‬أنواعه‪:‬‬
‫إن التعريف ينصب على اﻷسماء العامة و الصفات‪ ،‬و لما كان تعريف لفظ ما هو ذكر‬
‫مفهومه أو معناه‪ ،‬فقد وضعت الكليات الخمس‪ ،‬و التعريف بصفة عامة يتحدد في نوعين‬
‫هما‪ :‬التعريف بالحد و التعريف بالرسم‪ ،‬و لعل أهم فرق بين اﻻثنين هو أن التعريف‬
‫‪3‬‬
‫بالرسم يرسم الموضوعات الجزئية‪ ،‬بينما تعريف بالحد يحدد التصورات‪.‬‬

‫‪-1‬التعريف بالحد‪ :‬و هو التعريف الذي يتم بذكر صفة جوهرية للشيء المعرف‪.‬تميزه‬
‫بشكل قاطع عن غيره من اﻷشياء‪ 4.‬و ينقسم هذا النوع بدوره إلى قسمين‪:‬‬
‫أ‪-‬التعريف بالحد التام‪ :‬و يكون بذكر الجنس القريب و الفصل‪ ،‬كقولنا‪ :‬اﻹنسان حيوان‬
‫ناطق‪.‬‬
‫ب‪-‬التعريف بالحد الناقص‪ :‬و يكون بذكر الجنس البعيد و الفصل‪،‬أو الفصل وحده‪،‬‬
‫‪5‬‬
‫كقولنا‪ :‬اﻹنسان كائن حي ناطق‪ ،‬أو اﻹنسان هو الناطق‪.‬‬
‫‪-2‬التعريف بالرسم‪ :‬و هو التعريف الذي يتم بذكر خاصة من خواص الشيء المعرف‬
‫تمييزه عن بقية اﻷشياء اﻷخرى‪ ،‬لكنه ﻻ يوضح طبيعة هذا الشيء‪ ،‬أو خواصه الذاتية‪.‬‬

‫‪-1‬اﻟﺴﻴﺪ ﺣﺴﲏ‪ ،‬اﻟﺼﺪر‪ ،‬دروس ﰲ ﻋﻠﻢ اﳌﻨﻄﻖ‪ ،‬دار اﻟﺘﻌﺎرف ﻟﻠﻤﻄﺒﻮﻋﺎت‪ ،‬ﺑﲑوت‪،‬ط‪،2006 ،1‬ص ‪.123‬‬
‫‪-2‬ﷴ رضﺎ اﳌﻈﻔﺮ‪ ،‬اﳌﻨﻄﻖ ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص ‪.125،126‬‬
‫‪-3‬ﷴ ﷴ ﻗﺎﺳﻢ‪ ،‬اﳌﺪﺧﻞ إﱃ اﳌﻨﻄﻖ اﻟﺼﻮري‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪.130‬‬
‫‪-4‬ﷴ ﻣﻬﺮان‪ ،‬ﻣﺪﺧﻞ إﱃ اﳌﻨﻄﻖ اﻟﺼﻮري‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪.130‬‬
‫‪-5‬اﳌﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ ص ‪103‬‬

‫‪27‬‬
‫بل كل ما يهدف إليه هو أن يميز الشيء عن غيره من اﻷشياء‪ 1.‬و التعريف بالرسم ينقسم‬
‫بدوره إلى قسمين‪:‬‬
‫أ‪ -‬التعريف بالرسم التام‪ :‬هو التعريف المشتمل على الجنس القريب و الخاصة مثل‬
‫‪2‬‬
‫تعريف اﻹنسان بأنه حيوان ضاحك‪.‬‬
‫يتضح من هذا مثﻼ أنه ﻻ يمكن تعريف اﻹنسان على أنه ماشي‪ ،‬فالمشي ﻻ يخص‬
‫اﻹنسان فقط‪ ،‬بل هو عام له و لغيره من الحيوان‪.‬‬
‫ب‪ -‬التعريف بالرسم الناقص‪ :‬و هو ما يكون بالخاصة وحدها كتعريف اﻹنسان بأنه‬
‫ضاحك‪ ،‬أو بالخاصة و الجنس البعيد كقولنا اﻹنسان جسم ضاحك أو الجامع بناء )جنس‬
‫‪3‬‬
‫بعيد( له مئذنة )خاصة( أو التعريف الجامع بالخاصة فنقول‪ :‬الجامع ما له مئذنة‪.‬‬

‫‪ -1‬ﷴ ﻣﻬﺮان‪ ،‬ﻣﺪﺧﻞ إﱃ اﳌﻨﻄﻖ اﻟﺼﻮري‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪103‬‬


‫‪ -2‬اﻟﺴﻴﺪ ﺣﺴﲔ اﻟﺼﺪر‪ ،‬دروس ﰲ ﻋﻠﻢ اﳌﻨﻄﻖ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪.101‬‬
‫‪ -3‬اﳌﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ ص ‪.101‬‬

‫‪28‬‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬التصديقات‬

‫القضايا والحدود‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫اﻻستدﻻل المباشر‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫اﻻستدﻻل غير المباشر‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫‪ 1‬الحدود و القضايا ‪:‬‬
‫إن من أهم مباحث المنطق هو اﻻستدﻻل‪.‬‬
‫فاﻻستدﻻل هو اﻻنتقال من المعلوم إلى المجهول‪ ،‬و اﻹنسان يعبر على المجهول يصل‬
‫إليه في شكل ألفاظ و جمل)اﻷلفاظ نسميها حدود و الجمل نسميها قضايا(‪.‬‬
‫و قبل أن نتعرض لتفصيل القول في معنى القضية و أنواعها‪ ،‬ينبغي علينا أن نتعرف‬
‫أوﻻ على ما أسميناه اﻵن الحد‪ .‬فالحد في القضية هو أحد طرفيها‪.‬‬

‫أ‪-‬الحدود المنطقية‪:‬‬
‫الحد)‪ (term‬مشتق من لفظة ﻻتينية ‪ terminus‬و تعني الحد يقف عنده شيء ما‪،‬‬
‫فالحد المنطقي إذا هو الذي يحد القضية من أحد طرفيها‪ ،‬فالذي يحدها من بدايتها نسميه‬
‫موضوع القضية‪ ،‬و الذي يحدها من نهايتها نسميه محموﻻ‪.‬‬
‫و الحد يمكن أن نعبر عنه بلفظ واحد مثل الشمس مشرقة‪ ،‬أو ثﻼثة ألفاظ أو أكثر مثلما‬
‫نقول رئيس دولة اﻹمارات العربية المتحدة‪ ،‬فهذه المجموعة من اﻷلفاظ تعبر عن حد‬
‫‪1‬‬
‫واحد‪.‬‬
‫فالحد المنطقي هو لفظ أو جملة من اﻷلفاظ التي تصلح أن تكون طرفا في القضية‬
‫"الجملة الخبرية" نخبر عنه و نخبر به‪ ،‬وﻻ يحدد المعنى كله بل يفيد جزء من المعنى‬
‫ليس بالضرورة أن يكون الحد المنطقي لفظا واحدا‪.‬‬
‫الحد اﻷول‪ :‬سقراط )حد الموضوع(‬
‫مثال‪ :‬سقراط فيلسوف‪ .‬فهذه الجملة فيها حدان‪:‬‬
‫الحد الثاني‪ :‬فيلسوف )حد المحمول(‬
‫الحد اﻷول‪ .‬نهر النيل )حد الموضوع( الحد مركب من لفظين‬
‫‪ -‬نهر النيل عذب الماء‪ .‬حداه‬
‫الحد الثاني‪ :‬عذب الماء )حد المحمول( الحد مركب من لفظين‬

‫‪-1‬عصام زكريا جميل‪ ،‬المنطق و التفكير الناقد‪ ،‬مرجع سابق ص ‪49‬‬

‫‪29‬‬
‫‪ -‬القاهرة عاصمة جمهورية مصر العربية‬
‫الحد اﻷول‪ :‬القاهرة )حد الموضوع(‬
‫الحد الثاني‪ :‬عاصمة جمهورية مصر العربية)حد المحمول( الحد أكثر من لفظ‬

‫ب‪ -‬أنواع الحدود المنطقية‪:‬‬

‫يقسم المناطقة الحدود المنطقية أقساما كثيرة بحسب معانيها المختلفة و عﻼقة هذه‬
‫المعاني ببعضها البعض‪ ،‬حيث تنقسم الحدود المنطقية من حيث الكم ‪ ،Quantity‬أي‬
‫مدلوﻻت اللفظ‪ ،‬و هي كل شيء و يمكن قياس هو عده إلى ‪:‬‬
‫حدود جزئية‪ :‬يقال عن الحد أنه جزئي إذا كان من المستحيل أن ينطبق على أكثر من‬
‫فرد واحد بعينه‪ ،‬مثل "زيد" و "نهر النيل" و "القاهرة" فكل واحد من هذه الحدود ﻻ يدل‬
‫إﻻ على موضوع واحد‪ .‬فقد تقوم الجملة الوصفية أحيانا مقام اسم العلم‪ ،‬فمثﻼ نقول مؤلف‬
‫العبقريات أو العاصمة المثلثة‪ .‬فهذه العبارات تشير إلى أسماء اﻷعﻼم الجزئية "العقاد" و‬
‫‪1‬‬
‫"الخرطوم"‬
‫و هذا يعني أن الحدود الجزئية هي التي تطلق على فرد أو شيء واحد فقط‪ ،‬و ﻻ يمكن‬
‫أن يطلق على غيره أو يدل على صفة من صفاته كاﻷسماء و اﻷعﻼم مثل مصطفى‪،‬‬
‫دمشق‪ ،‬نهر الفرات‪.‬‬
‫الحد الكلي‪ :‬فهو ما يطلق عادة على أكثر من فرد أو أكثر من شيء ﻻشتراكهم في صفة‬
‫أو صفات واحدة مثل‪ :‬نهر‪ ،‬مثلث‪،‬مدينة‪،‬إنسان‪،‬الخ‪ ...‬فهذه الحدود كلية ﻷنها تشير إلى‬
‫‪2‬‬
‫أفراد كثيرين تجمعهم صفات مشتركة‪.‬‬
‫و نﻼحظ هنا أننا قلنا فقط نهر بوصفه تمثيﻼ لحد كلي‪ ،‬و لكننا في المثال اﻷول التمثيل‬
‫للحد الجزئي قلنا نهر الفرات‪ ،‬و منه نوضح الفرق بينهم بأن الحد الكلي "نهر" قابل‬
‫لﻼنقسام‪ ،‬و يمكن أن يطلق على أكثر من فرد‪.‬‬
‫بينما الحد الجزئي "نهر الفرات" غير قابل لﻼنقسام‪ ،‬بل محدد بدﻻلته و يمكن أن يطلق‬
‫على فرد واحد فقط‪.‬‬
‫نﻼحظ ما نسميه حدودا قد تسمى في المنطق التقليدي كما في المنطق الحديث باسم‬
‫الفئات‪ ،‬فالحد الجزئي هو الفئة ذات الماصدق الواحد أو الشيء الذي يصدق عليه الرمز‪،‬‬

‫‪-1‬ﷴ ﻣﻬﺮان‪ ،‬ﻣﺪﺧﻞ إﱃ اﳌﻨﻄﻖ اﻟﺼﻮري‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪65‬‬


‫‪-2‬عﺼﺎم زكﺮ ﲨيﻞ ‪ ،‬اﳌﻨﻄﻖ و اﻟتفكﲑ اﻟﻨﺎقﺪ‪،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص‪49‬‬

‫‪30‬‬
‫و الحد الكلي هو الفئة الشاملة التي تحتوي على جميع الماصادقات أو اﻷشياء التي‬
‫‪1‬‬
‫يصدق عليها الرمز‪.‬‬
‫أما من حيث الكيف تنقسم إلى حدود موجبة و حدود سالبة‬
‫الحد الموجب‪ :‬هو الذي يدل على صفة متحققة في فرد أو أكثر مثل‪" :‬إنسان" "معدن"‬
‫"ذكي" "صبور" ‪...‬‬
‫‪2‬‬
‫أما الحد السالب ‪ :‬فهو الذي يكون نفيا للحد الموجب مثل‪ :‬غير ذكي‪ ،‬غير صبور‪،‬الخ‬

‫ج‪ -‬معنى القضية‪ :‬القضية بوجه عام هي الجملة أو العبارة الخبرية التي تحتمل‬
‫الصدق و الكذب‪ ،‬فهذا النوع من التركيب الذي يطلق عليه الفﻼسفة المسلمون اسم "‬
‫‪3‬‬
‫التصديق و القول الجازم"‬
‫و ﻻ يختلف ابن سينا في مؤلفاته المنطقية في تعريف القضية بأنها التركيب الخبري " ما‬
‫يمكن أن يقال لقائلها أنه صادق أو كاذب فيما قال‪.‬‬
‫أما التركيبات التي مثل اﻻستفهام و اﻻلتماس و الترجي و نحو ذلك فﻼ يقال لقائله أنه‬
‫‪4‬‬
‫صادق أو كاذب إﻻ بالعراض‪.‬‬
‫يتضح لنا من خﻼل هذه التعريفات أن القضية هي قول تام مركب يحتمل الصدق و‬
‫الكذب‪ ،‬بمعنى أن هذا القول يتركب من طرفين‪ :‬محكوم عليه و محكوم به‪.‬‬
‫وأنها تحتمل الصدق و الكذب بمعنى أنهم يقصدون الجملة الخبرية‪ ،‬فهي التي يمكن‬
‫الحكم عليها بأنها صادقة أو كاذبة‪ .‬فالجملة الخبرية هي تسمى هنا قضية‪ ،‬أما الجمل‬
‫اﻹنشائية التي تأتي في صيغة اﻷمر و النهي أو التعجب أو النفي‪ ...‬فإن المناطقة ﻻ‬
‫يبحثون فيها ﻷنها ﻻ تحتمل الصدق أو الكذب ﻷنها ﻻ تحتاج إلى أدلة و حجج تثبت‬
‫صدقها أو كذبها مثل‪ :‬ما أجمل الجو اليوم‪ ،‬أﻻ ليت الشباب يعود يوما‪ ،‬أغلق الباب‪...‬‬

‫د‪ -‬تصنيف القضايا‪:‬‬


‫يمكن تصنيف القضايا على أكثر من نحو حسب وجهة النظر التي يتم وفقها تناول‬
‫القضايا‪ ،‬و سنقتصر هنا على أساسين هما‪ :‬طبيعة القضية و تركيبها‪.‬‬

‫‪ -1‬عﺒﺪ اﳌﻨﻌﻢ اﳊفﲏ‪ ،‬اﳌﻌﺠﻢ اﻟﺸﺎﻣﻞ ﳌﺼﻄﻠﺤﺎت اﻟفﻠﺴفﺔ‪ ،‬ﻣكتﺒﺔ ﻣﺪﺑﻮﱄ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫﺮة‪ ،‬ط‪،2000 ،3‬ص ‪.282‬‬
‫‪-2‬عﺼﺎم زكﺮ ﲨيﻞ‪ ،‬اﳌﻨﻄﻖ و اﻟتفكﲑ اﻟﻨﺎقﺪ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪.51‬‬
‫‪-3‬ﷴ ﻣﻬﺮان ‪ ،‬ﻣﺪﺧﻞ إﱃ اﳌﻨﻄﻖ اﻟﺼﻮري‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪.118 ،117‬‬
‫‪ -4‬إﺑﻦ ﺳيﻨﺎ‪ ،‬اﻹﺷﺎرات و اﻟتﻨﺒيﻬﺎت‪ ،‬ﺗﺢ ‪ ،‬ﺳﻠيﻤﺎن دﻧيﺎ‪ ،‬دار اﳌﻌﺎرف‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫﺮة‪،‬ط‪.1983 ،3‬‬

‫‪31‬‬
‫أما من حيث طبيعتها تنقسم القضايا إلى تحليلية و قضايا تأليفية‪ ،‬وأما من حيث تركيبها‬
‫فتنقسم إلى قضايا جملة بسيطة وقضايا مركبة)شرطية(‪.‬‬
‫و فيما يلي سنتناول هذا التصنيف للقضايا بشيء من التفصيل‪:‬‬
‫‪ -1‬القضايا التحليلية‪ :‬و هي تلك القضايا التي ﻻ يضيف محمولها جديدا إلى موضوعها‬
‫‪1‬‬
‫و إنما يكون مجرد تحليل له‪.‬‬
‫مثل قولنا "اﻷرملة امرأة مات زوجها" و هذه القضية لم يضف فيها المحمول جديدا‬
‫للموضوع بل جاء تحليﻼ و توضيحا له‪.‬‬
‫و يتحدد معيار الحكم على القضايا التحليلية بصدقها أو كذبها بمجرد النظر إلى حديها‪،‬‬
‫فإذا كان هناك اتساق بين حديها أي بين موضوعها و محمولها كانت صادقة ‪،‬و الصدق‬
‫في مثل هذه القضايا هو صدق اتساق بين حديها أي بين موضوعها و محمولها‪ ،‬فالكذب‬
‫هو عدم اتساقهما ‪ ،‬فإذا كان المحمول يحلل بدقة الموضوع بحيث يكون هذا التحليل‬
‫‪2‬‬
‫متسقا مع ما يحلله كانت القضية صادقة‪ ،‬وإذا لم يكن كذلك كانت كاذبة‪.‬‬
‫و إذا قلنا القضية التالية‪ (4=2+2) :‬فإن القضية صادقة ﻷن جمع )‪ (2+2‬يساوي تماما‬
‫اﻷربعة‪ ،‬بينما لو قلنا أن )‪(4=3+2‬فإن اﻻتساق بين الحدين مفقود و بالتالي التناقض‬
‫يجعلنا نحكم على القضية ككل بأنها كاذبة‪.‬‬
‫و لما كان معيار الحكم هنا هو اﻻتساق بين حدي القضية‪ ،‬فقد قيل أن هذه القضايا‬
‫التحليلية ضرورية الصدق ﻷن محمولها ﻻ يضيف جديدا أو خبرا يمكن أن يعرضها‬
‫للخطأ‪ ،‬و كذلك فقد قيل أنها قضايا أولية الصدق بمعنى أننا نحكم عليها بمجرد النظر إلى‬
‫حديها‪ ،‬و ﻻ نحتاج إلى الرجوع إلى الواقع أو إلى العالم الخارجي‪ 3.‬ﻷن القضايا التحليلية‬
‫نجدها دائما في المنطق و الرياضيات ﻷن هاتين العمليتين لهما قضايا أولية و ضرورية‬
‫و نحطم عليها بالنظر ﻻستخدام الرموز و اﻷلفاظ استخداما صحيحا و متسقا‪.‬‬
‫‪ -2‬القضايا التأليفية‪ :‬هي القضايا التي يضيف المحمول فيها جديدا إلى موضوعها‪ ،‬إذ‬
‫يحمل هذا المحمول دائما خبرا جديدا يحتمل الصدق أو الكذب ‪،‬فمثﻼ قولنا إن المعادن‬
‫تتمدد بالحرارة أو قولنا إن سرعة الضوء تسير بسرعة )‪ 16000‬ميل( في الثانية ‪ ،‬و‬
‫هذه القضايا التي محمولها يضيف خبرا جديدا لموضوعها و لنحكم على صحة ارتباط‬
‫المحمول بالموضوع العودة إلى العالم‬

‫‪-1‬عﺼﺎم زكﺮ ﲨيﻞ‪ ،‬اﳌﻨﻄﻖ و اﻟتفكﲑ اﻟﻨﺎقﺪ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪52‬‬


‫‪ -2‬ﷴ ﻣﻬﺮان‪ ،‬ﻣﺪﺧﻞ إﱃ اﳌﻨﻄﻖ اﻟﺼﻮري‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪.123‬‬
‫‪-3‬عﺼﺎم زكﺮ ﲨيﻞ‪ ،‬اﳌﻨﻄﻖ و اﻟتفكﲑ اﻟﻨﺎقﺪ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪55‬‬

‫‪32‬‬
‫‪1‬‬
‫الخارجي و إجراء التجارب العلمية‪.‬‬
‫فمثﻼ قولنا‪ :‬إن المعادن تتمدد بالحرارة نقوم بتجربة‪ ،‬فإذا كان أي جزء من أحد المعادن‬
‫يتمدد إذا قربناه إلى الحرارة فالقضية صادقة‪ ،‬أما إذا كان العكس أي نثبت بالتجربة أن‬
‫المعادن ﻻ تتمدد بالحرارة فالقضية إذن كاذبة و بذلك فإن معيار الحكم على القضية‬
‫التأليفية هو الواقع الخارجي‪.‬‬
‫‪3-‬القضية الحملية ‪:‬‬
‫تشكل القضية الحملية الركن اﻷساسي في المنطق اﻷرسطي و هي من أبسط أنواع‬
‫القضايا حسب المنطق التقليدي ﻷنها تتكون من الموضوع و المحمول و الرابطة‪.‬‬
‫و القضية الحملية هي من أبسط القضايا عند أرسطو و من جرى على منوالها من‬
‫المناطقة‪ ،‬و في هذه القضية نحمل صفة معينة على موضوع معين‪ ،‬أو ننفي عنه هذا‬
‫الحمل كقولنا "الورد جميل الشكل" أو "التدخين ليس مفيدا"‬
‫و قد سبق أن قلنا أن القضية الحملية تتألف من أجزاء ثﻼثة‪ :‬موضوع‪ ،‬محمول‪ ،‬رابطة ‪،‬‬
‫و قد ﻻ تظهر هذه الرابطة في اللغة العربية و يقتصر اﻷمر على الموضوع و المحمول‬
‫‪2‬‬
‫تعويﻼ على فهم الذهن لتلك العﻼقة‪.‬‬
‫كما يمكن أن نعبر عن القضية الحملية بالصيغة الرمزية التالية‪" :‬أ" هي "ب" و بالتالي‬
‫فالقضية الحملية تقرر عﻼقة بين حدين سواء كان هذا باﻹيجاب أو بالسلب‪.‬‬
‫تسمى حملية ﻷنها تحمل صفة معينة على موضوع معين و هي الصورة الرئيسية‬
‫للقضية في المنطق التقليدي و يسميها البعض القضية ذات صورة الموضوع و المحمول‪،‬‬
‫و تتضح هذه المكونات في المثال التالي‪:‬‬
‫فان‬ ‫إنسان‬ ‫كل‬

‫‪3‬‬
‫محمول‬ ‫موضوع‬ ‫سور‬
‫عرف أرسطو الموضوع بأنه ما نحكم عليه إيجابا أو سلبا‪ ،‬أما المحمول فهو ما نحكم به‬
‫باﻹيجاب أو السلب‪ ،‬فإذا وقع الحكم على كل أفراد الموضوع تكون القضية كلية‪ ،‬أما إذا‬

‫‪ -1‬عﺼﺎم زكﺮ ﲨيﻞ‪ ،‬اﳌﻨﻄﻖ و اﻟتفكﲑ اﻟﻨﺎقﺪ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪55‬‬


‫‪-2‬ﷴ ﻣﻬﺮان‪ ،‬ﻣﺪﺧﻞ إﱃ اﳌﻨﻄﻖ اﻟﺼﻮري‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪.127‬‬
‫‪-3‬ﳏﻤﻮد ﻳﻌﻘﻮﰊ‪ ،‬دروس اﳌﻨﻄﻖ اﻟﺼﻮري‪ ،‬دﻳﻮان اﳌﻄﺒﻮعﺎت اﳉﺎﻣﻌيﺔ‪ ،‬اﻹﺳكﻨﺪرﻳﺔ‪ ،‬ط‪ ،1986 ،1‬ص ‪.40‬‬

‫‪33‬‬
‫وقع الحكم على بعض أفراد الموضوع تكون القضية جزئية‪ ،‬و تنقسم القضايا الحملية من‬
‫‪1‬‬
‫حيث الكم إلى كلية و جزئية‪ ،‬و من حيث الكيف إلى موجبة و سالبة‪.‬‬
‫القضية الكلية الموجبة‪ :‬مثل‪ :‬كل الطلبة حاضرون‪ ،‬أي "أ" هي "ب" و يرمز لها ك م‬
‫القضية الجزئية الموجبة‪ :‬مثل‪ :‬بعض الطلبة حاضرون‪ ،‬أي بعض "أ" هي "ب" يرمز‬
‫لها ج م‬
‫القضية الكلية السالبة‪ :‬مثل‪ :‬كل الطلبة ليسوا حاضرين‪ ،‬أي ﻻ "أ" هي "ب" يرمز لها ك‬
‫س‬
‫القضية الجزئية السالبة‪:‬مثل‪:‬بعض الطلبة ليسوا حاضرين‪،‬أي بعض "أ" ﻻ هي "ب"‬
‫يرمز لها ج س‬
‫و نﻼحظ أن كل نوع من هذه القضايا لها سور يدل عليها‬
‫سور الكلية الموجبة‪ :‬كل‪ ،‬جميع‪ ،‬كافة‪ ،‬عامة‬
‫سور الكلية السالبة‪ :‬كل‪...‬ليس‪ ،‬ﻻ‪ ،‬ﻻ واحد‬
‫سور الجزئية الموجبة‪ :‬بعض‪ ،‬طائفة من‪ ،‬قليل من‪ ،‬كثير من‪ ،‬معظم‬
‫سور الجزئية السالبة‪ :‬بعض‪...‬ليس‪ ،‬ليس بعض‪ ،‬ما بعض‪ ،‬ليس كل‪ ،‬ما كل‪ ،‬ما بعض‪.‬‬

‫اﻻستغراق في القضية الحملية‪:‬‬


‫إذا تناول الحكم جمع اﻷفراد التي يصدق عليها اﻻسم‪ ،‬أفاد اﻻستغراق‪ ،‬و إذا تناول‬
‫بعضها لم يفده‪ 2.‬بمعنى أن الحد المستغرق في القضية هو الحد الذي يقع عليه الحكم على‬
‫كل اﻷفراد سواء كان موضوعا أو محموﻻ‪،‬فإذا وقع الحكم على كل أفراد حد الموضوع‬
‫نقول أن الموضوع مستغرق و كذلك الحال بالنسبة للمحمول إذا وقع الحكم على كل‬
‫أفراد حد المحمول نقول أن محمول القضية مستغرق و هكذا‪.‬‬
‫و إذا طبقنا هذا المعنى على القضايا الحملية اﻷربعة لوجدنا الحدود المستغرقة فيها على‬
‫النحو التالي‪:‬‬

‫‪ ‬الموجبة الكلية‪ :‬تدل على استغراق موضوعها دون محمولها‪ ،‬مثل‪ :‬كل راع‬
‫مسؤول عن رعيته‪.‬‬

‫‪ -1‬ﻣﺎﻫﺮ عﺒﺪ اﻟﻘﺎدر ﷴ‪ ،‬ﳏﺎﺿﺮات ﰲ اﳌﻨﻄﻖ‪ ،‬دار اﳌﻌﺮﻓﺔ اﳉﺎﻣﻌيﺔ‪ ،‬اﻹﺳكﻨﺪرﻳﺔ‪ ،‬ط‪ ،1986 ،1‬ص ‪.40‬‬
‫‪-2‬ﳏﻤﻮد ﺣﺴﻦ ﺣﺴﻨﲔ‪ ،‬عﺒﺪ اﳊﻤيﺪ ﺧﻀﺮ‪،‬اﳌﻨﻄﻖ اﳌﺸﺠﺮ‪ ،‬دار اﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ ﻟﻠﻨﺸﺮ و اﻟتﻮزﻳﻊ‪ ،‬اﻟكﻮﻳﺖ‪ ،‬ط‪ ،2017 ،1‬ص‪.57‬‬

‫‪34‬‬
‫‪ ‬السالبة الكلية‪ :‬تدل على استغراق الموضوع و المحمول‪ ،‬مثل‪ :‬ﻻشيء من الهواء‬
‫بصلب‪.‬‬
‫‪ ‬الموجبة الجزئية‪ :‬ﻻ تفيد استغراق الموضوع و ﻻ المحمول مثل بعض المجدين‬
‫ناجحون‪.‬‬
‫‪ ‬السالبة الجزئية‪ :‬تفيد استغراق المحمول دون الموضوع‪ ،‬مثل‪ :‬ما كل ما يتمنى‬
‫المرء يدركه‪.1‬‬
‫‪-4‬القضية الشرطية‪:‬‬
‫القضية الشرطية هي التي حكم فيها باﻻتصال بين نسبتين أو بعدمه‪ ،‬أو الحكم فيها‬
‫بالعناد و الثنائي أو بعده‪ ،‬كقولنا إن كانت الشمس مشرقة فالنهار موجود‪ ،‬فإن حكم فيها‬
‫بثبوت نسبة هي وجود النهار على تقدير نسبة أخرى و هي شروق الشمس‪.‬‬
‫فالقضية الشرطية هي قضية من قضيتين في اﻷصل‪ ،‬ربط بينهما بأداة اﻻتصال و التي‬
‫‪2‬‬
‫هي إذا‪ ،‬إذن‪ ،‬إن‪ ،‬لو‪ ،‬أو ربط بينهما بأداة اﻻنفصال مثل‪ :‬إما‪ ،‬أو‪.‬‬

‫أ‪ -‬أقسام القضية الشرطية‪:‬‬


‫تنقسم القضية الشرطية إلى قسمين‪ :‬متصلة و منفصلة بحسب اﻹيجاب و السلب‪،‬‬
‫فيقول ابن سينا‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫يصير قوﻻ واحدا لما ربط‬ ‫أو الذي ﻷجل شرط يشترط‬
‫يقصد فيها في هذا المثال القضية الشرطية المتصلة التي تتكون من متقدم و تال‪ ،‬فإنها إما‬
‫أن تكون نسبة الحكم فيها نسبة المتابعة و اللزوم و اﻻتصال مثل قولنا إن شمس طالعة‬
‫فالنهار موجود‪ ،‬فإن قولك )الشمس طالعة (قضية في نفسه‪ ،‬و قولك فالنهار موجود قضية‬
‫‪4‬‬
‫أيضا‪ ،‬و قد وصلت إحداهما باﻷخرى‪.‬‬
‫و اﻹيجاب في الشرطية كما في المثال‪:‬‬
‫‪5‬‬
‫طالعة فقرص الشمس غاب‪.‬‬ ‫كقولنا إن كانت الكواكب‬

‫اﳌﺸﺠﺮ ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪،‬ص‪51‬‬ ‫‪1‬ﳏﻤﻮد ﺣﺴﻦ ﺣﺴﻨﲔ‪ ،‬عﺒﺪ اﳊﻤيﺪ ﺧﻀﺮ‪،‬اﳌﻨﻄﻖ‬


‫‪ 2‬ﻳﻮﺳﻒ ﳏﻤﻖ‪ ،‬اﳌﻨﻄﻖ اﻟﺼﻮري اﻟتﺼﻮرات و اﻟتﺼﺪﻳﻘﺎت‪ ،‬دار اﳊكﻤﺔ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫﺮة‪ ،1994 ،‬ص‪.106‬‬
‫‪ -3‬اﻟﺸيﺦ اﻟﺮﺋيﺲ أﺑﻮ عﻠﻲ اﺑﻦ ﺳيﻨﺎ‪ ،‬اﻷرﺟﻮزة اﳌﺰدوﺟﺔ‪ ،‬ﻣﻨﻄﻖ اﳌﺸﺮقﲔ‪ ،‬و ﻳﻠيﻪ اﻷرﺟﻮزة اﳌﺰدوﺟﺔ ﰲ اﳌﻨﻄﻖ‪ ،‬دار اﻟكتﺎب اﻟﻌﺎﳌيﺔ ‪ ،‬ﺑﲑوت‪،‬ﻟﺒﻨﺎن‪،‬‬
‫ط‪ ،2011 ،1‬ص ‪107‬‬
‫‪ -4‬اﳌﺼﺪر ﻧفﺴﻪ‪ ،‬ص ‪.107‬‬
‫‪ -5‬اﺑﻦ ﺳيﻨﺎ‪ :‬اﻷرﺟﻮزة اﳌﺰدوﺟﺔ‪ ،‬ﻣﻨﻄﻖ اﻟﺸﺮقيﲔ‪،‬و ﻳﻠيﻪ اﻷرﺟﻮزة اﳌﺰدوﺟﺔ ﰲ اﳌﻨﻄﻖ‪ ،‬أﲪﺪ ﻓﺮﻳﺪ اﳌﺰ ﻳﺪي‪ ،‬دار اﻟكتﺎب اﻟﻌﺎﳌيﺔ‪ ،‬ﺑﲑوت‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪ ،2011‬ص ‪66‬‬

‫‪35‬‬
‫يقصد هنا أن القضية الشرطية المتصلة التي تعد قوﻻ واحدا و التي تتكون من متقدم و‬
‫تال أيضا‪ ،‬فتكون بينهم نسبة المتابعة و اللزوم و اﻻتصال‪ ،‬فإذا فرض اﻷول منها مقرن‬
‫به حرف الشرط نسميه المقدم لزم عنه التالي‬
‫و إن القسم اﻵخر من الشرطية هو المنفصلة و يقصد بها ابن سينا "أن تحكم بانفصال تال‬
‫‪1‬‬
‫عن مقدم"‬
‫و مثال ذلك‪" :‬إما أن يكون هذا العدد زوجا و إما أن يكون هذا العدد مفردا" فإن قولك‪" :‬‬
‫هذا العدد زوج" و قولك "هذا العدد فرد" كل في نفسه قضية‪ ،‬و قد قرن بينهما مباينة و‬
‫معاندة و محاجزة‪.‬‬
‫و يرى الطوسي أن اﻹيجاب في المنفصلة هو الحكم بوجود العناد بين أجزائها‪ ،‬أما‬
‫السلب فهو الحكم بﻼ وجوده سواء إن كانت أجزاءها موجبة أو سالبة أو مختلطة منها‪،‬‬
‫كما أن أجزاء اﻻنفصال ﻻ تستحق أن تسمى مقدما أو تاليا‪ ،‬و إن سميت كان سبيل‬
‫المجاز و ليس المجاز و ليس بالحقيقة‪ ،‬و ذلك ﻷنها متميزة بالطبع إذ ﻻ تفاوت في تقديم‬
‫أيها اتفق‪ ،‬و ﻷنه يجوز أن تكون فوقه اثنان‪ ،‬و لذلك ذكر الشيخ ابن سينا التسمية لهما في‬
‫‪2‬‬
‫المتصلة من دون المنفصلة‪.‬‬
‫فالمتصلة أيضا تنقسم على لزومية و اتفاقية‪ ،‬و يقصد باللزومية‪:‬هي التي يكون فيها‬
‫‪3‬‬
‫صدق التالي على تقدير صدق المقدم‪ ،‬العﻼقة بينهما توجب ذلك كالعلية و التضايف‪.‬‬
‫وأما اﻻتفاقية‪:‬هي ما حكم فيها بمجرد اﻻتصال أو نفيه من غير أن يكون ذلك مستندا‬
‫على العﻼقة نحو‪) :‬كلما كان اﻹنسان ناطقا فالحمار ناهق( لعدم ارتباط العﻼقة بين‬
‫ناطقيه اﻹنسان و ناهقية الحمار بشكل يستحيل انفكاكها عقﻼ ك )طلوع الشمس و وجود‬
‫النهار( حكم وقع خارجا طوال تاريخ الخلق أنه كلما كان البشر على وجه اﻷرض و كان‬
‫ناطقا كان بجنبه الحمار و كان ناهقا من دون أن يكون بينهما ارتباط بسببية و مسببية‪.‬‬
‫أما المنفصلة‪ :‬فهي إما حقيقة و إما مانعة الجمع‪،‬و إما مانعة الخلو‪،‬فيقصد ابن سينا من‬
‫الحقيقة و هي التي يحكم فيها بالتنافي بين جزأيها في الصدق فقط‪ ،‬مثﻼ )إما أن يكون هذا‬
‫العدد زوجا أو فردا (‬
‫و نعني بمانع الجمع ‪ :‬هي التي يحكم فيها بالتنافي بين الجزأين في الصدق فقط ‪ ،‬مثﻼ ‪:‬‬
‫)إما أن يكون هذا الشيء حجرا أو شجرا (‬

‫‪ -1‬اﺑﻦ ﺳيﻨﺎ‪ :‬اﻷرﺟﻮزة اﳌﺰدوﺟﺔ‪ ،‬ﻣﻨﻄﻖ اﻟﺸﺮقيﲔ‪،‬و ﻳﻠيﻪ اﻷرﺟﻮزة اﳌﺰدوﺟﺔ ﰲ اﳌﻨﻄﻖ‪،‬ﻣﺼﺪر ﺳﺎﺑﻖ‪،‬ص ‪70‬‬
‫‪-2‬اﺑﻦ ﺳيﻨﺎ‪ :‬اﻹﺷﺎرات و ﻟتﻨﺒيﻬﺎت‪ ،‬ﻣﺼﺪر ﺳﺎﺑﻖ ص ‪.74‬‬
‫‪-3‬اﺑﻦ ﺳيﻨﺎ‪ :‬كتﺎب اﳌﻨﻄﻖ‪ ،‬ﺗﺢ ﷴ عﺜﻤﺎن‪ ،‬ﻣكتﺒﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺪﻳﻨيﺔ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫﺮة‪ ،‬ط‪ ،2008 ،1‬ﳎﻠﺪ‪1‬‬

‫‪36‬‬
‫أما مانعة الخلو‪ :‬هي التي يحكم فيها بالتنافي بين الجزأين في الكذب فقط‪ ،‬وكل واحدة من‬
‫هذه الثﻼثة إما عنادية‪ :‬و هي التي يكون فيها لذات الجزأين‪ ،‬و إما اتفاقية‪:‬و هي التي‬
‫يكون فيها التنافي بمجرد اﻻتفاق‪ ،‬مثﻼ‪ :‬اﻷسود الﻼكاتب ‪ ،‬إما أن يكون هذا أسودا أو‬
‫كاتبا مانعة الجمع‪ ،‬أو أسود أو ﻻ كاتبا مانعة الخلو‪ ،‬و سالبة كل واحدة من هذه القضايا‬
‫الثمان هي التي يرفع فيها ما حكم به في موجباتها‪ ،‬فسالبة اللزوم تسمى سالبة لزومية و‬
‫سالبة العناد تسمى سالبة عنادية‪ ،‬و سالبة اﻻتفاق تسمى سالبة اتفاقية‪.‬‬
‫و تنقسم القضية من حيث الموضوع إلى‪:‬‬
‫‪ -5‬القضية الشخصية‪ :‬إذا كان الموضوع جزئيا مثل‪ :‬ﷴ رسول ﷲ‪ ،‬الشيخ المفيد مجدد‬
‫القرن الرابع‪ ،‬بغداد عاصمة العراق‪ ،‬أنت عالم‪ ،‬هو ليس بشاعر‪ ،‬هذا العصر ﻻ يبشر‬
‫بخير‪.‬‬
‫إذا كان الموضوع كليا ففيه ثﻼثة حاﻻت‪:‬‬
‫‪ -6‬القضية الطبيعية‪ :‬إذا كان الحكم في القضية على نفس الموضوع الكلي بما هو كلي‬
‫مع غض النظر عن أفراده‪ ،‬أي على نفس الطبيعة من حيث الطبيعة من حيث هي كلية‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫على وجه ﻻ يصلح تقدير رجوع الحكم إلى اﻷفراد‪.‬‬
‫‪ -7‬القضية المهملة‪ :‬هي ما كان موضوعها كليا أو ما يشتمل على ما بين على أن الحكم‬
‫واقع على جميع اﻷفراد أو على بعضها‪،‬و نوجه الحكم على ما صدقه "المحمول" مع‬
‫إهمال بيان كمية المصاديق المحكوم عليها‪ ،‬أي أننا نهمل حصر موضوعها مثل قولنا‪:‬‬
‫"اﻹنسان فان‪ ،‬النفس أمارة بالسوء‪ "،‬و غير ذلك‪ 2‬أي أنها ﻻ تحتوي على سور يحدد‬
‫نسبة الحكم فيها‪.‬‬
‫‪ -8‬القضية المحصورة‪ :‬هي ما يكون موضوعها كليا و نوجه الحكم فيها على مصاديق‬
‫الموضوع مع حصر كمية المصاديق المحكوم عليها‪،‬كقولنا‪" :‬كل نبي مبعوث من قبل‬
‫‪3‬‬
‫ﷲ‪ ،‬بعض الطﻼب فقراء" و هي بدورها تنقسم إلى قسمين‪ :‬كلية و جزئية‪.‬‬
‫و التي يكون الحكم فيها على كل أفراد الموضوع و هي كلية مثل‪ :‬كل مثلث مجموع‬
‫زواياه يساوي قائمتين‪ ،‬أو تكون جزئية و يكون الحكم فيها على بعض أفراد الموضوع‬
‫مثل‪ :‬بعض اﻹفريقيين جزائريون‪.‬‬

‫‪-1‬ﻣﺮكﺰ ﻧﻮن ﻟﻠتﺄﻟيﻒ و اﻟﱰﲨﺔ‪ :‬عﻠﻢ اﳌﻨﻄﻖ ج‪ ،2‬ﺳﻠﺴﻠﺔ اﳌﻌﺎرف اﻹﺳﻼﻣيﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓيﺔ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫﺮة‪ ،‬دط‪،2014 ،‬ص ‪.25‬‬
‫‪ -2‬ﳏﻤﻮد ﻳﻌﻘﻮﰊ‪ :‬دروس اﳌﻨﻄﻖ اﻟﺼﻮري‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪73‬‬
‫‪ -3‬عﺒﺪ اﳍﺎدي ﻓﻀﻠﻲ‪ :‬ﻣﺬكﺮة اﳌﻨﻄﻖ‪ ،‬دار اﻟكتﺎب اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬إﻳﺮان‪ ،‬ط‪1409 ،1‬ه‪ ،‬ص ‪.97‬‬

‫‪37‬‬
‫‪ -2‬اﻻستدﻻل‬
‫مما ﻻ شك فيه أن موضوع اﻻستدﻻل بشكل عام يمثل صلب و جوهر أي نسق منطقي‬
‫في القديم و الحديث‪ ،‬ففي كثير من اﻷحيان يتم تعريف المنطق عن طريق اﻻستدﻻل‬
‫فيقال أن المنطق هو علم اﻻستدﻻل‪.‬‬
‫و يعرف اﻻستدﻻل على أنه اﻻنتقال انتقاﻻ عقليا من المعلوم إلى المجهول‪ ،‬فاﻻنتقال من‬
‫اﻷمور الجزئية إلى ما هو عام ذلك هو اﻻستقراء و اﻻنتقال من العام الكلي إلى الخاص‬
‫‪1‬‬
‫الجزئي هو اﻻستنباط‪.‬‬
‫و اﻻستدﻻل نوعان‪ :‬اﻻستدﻻل المباشر و اﻻستدﻻل غير مباشر‬

‫أ‪-‬اﻻستدﻻل المباشر‪:‬‬
‫هو نوع من أنواع اﻻستدﻻل اﻻستنباطي ينتقل فيه الذهن من قضية واحدة مسلم بها‬
‫إلى قضية أخرى تلزم عن اﻷولى‪ .‬و يحكم على هذه القضية الجديدة بالصدق أو بالكذب‬
‫‪2‬‬
‫تبعا لصدق القضية اﻷولى أو كذبها‪ .‬و تتم هذه العملية مباشرة و بدون واسطة‪.‬‬
‫و ما يمكن استنتاجه أنه سمي باﻻستدﻻل المباشر ﻷنه يبدأ بمقدمة واحدة للوصول إلى‬
‫نتيجة دون الحاجة إلى مقدمات كثيرة‪،‬‬
‫مثال‪ :‬كل فاكهة لذيذة الطعم)مقدمة( =< التفاح لذيذ الطعم )نتيجة(‬

‫أقسام اﻻستدﻻل المباشر‪:‬‬


‫ينقسم اﻻستدﻻل المباشر إلى قسمين رئيسين هما‪:‬التقابل بين القضايا و العكس‪.‬‬
‫التقابل بين القضايا‪ :‬التقابل المنطقي هو أحد طرق اﻻستدﻻل المباشر الذي ينتج من‬
‫صدق قضية أو كذبها‪ ،‬صدق أو كذب القضية المقابلة لها‪ 3.‬و ينشأ التقابل بين القضيتين‬
‫إذا اشتركتا في الموضوع و المحمول و اختلفتا في الوقت نفسه من ناحية الكم أو من‬
‫ناحية الكيف معا‪ 4.‬و معنى هذا أن اﻻستدﻻل بالتقابل يكون على أشكال الحكم من القضية‬
‫"أ" إلى القضية "ب" بحيث يكون لهما نفس‬
‫الموضوع نفس المحمول و لكن تختلفان في الكم أم الكيف أو كﻼهما‪ ،‬و تتقابل بينهما‬
‫بالتناقض أو التضاد أو الدخول تحت التضاد‪.‬‬

‫‪-1‬ﻳﻮﺳﻒ ﳏﻤﻖ‪ ،‬اﳌﻨﻄﻖ اﻟﺼﻮري ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪.110‬‬


‫‪-2‬ﷴ ﻣﻬﺮان‪ ،‬ﻣﺪﺧﻞ إﱃ اﳌﻨﻄﻖ اﻟﺼﻮري‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪.171‬‬
‫‪-3‬ﺗﺮﻳكﻮ ﺟﻮا‪ :‬اﳌﻨﻄﻖ اﻟﺼﻮري‪ ،‬ﺗﺮ ﳏﻤﻮد ﻳﻌﻘﻮﰊ‪ ،‬دﻳﻮان اﳌﻄﺒﻮعﺎت اﳉﺎﻣﻌيﺔ‪ ،‬اﳉﺰاﺋﺮ‪ ،‬دط‪ ،‬دس‪ ،‬ص ‪192‬‬
‫‪-4‬ﷴ ﷴ اﻟﻘﺎﺳﻢ‪ :‬اﳌﺪﺧﻞ إﱃ اﳌﻨﻄﻖ اﻟﺼﻮري‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪.100‬‬

‫‪38‬‬
‫‪ -1‬التقابل بالتناقض‪ :‬يكون بين قضيتين مختلفتين كما و كيفا أ بين ك م و بين ج س ‪ ،‬و‬
‫قاعدة التقابل بالتناقض تنص حسب أرسطو على أن " القضيتان المتناقضتان إحداهما‬
‫‪1‬‬
‫صادقة بالضرورة و اﻷخرى كاذبة بالضرورة"‬
‫بمعنى أن القضيتان المتناقضتان ﻻ تصدقان معا و ﻻ تكذبان معا‪ ،‬و هذا ﻷن إحدى‬
‫القضيتين تنفي ما تثبته اﻷخرى‪ ،‬فمثﻼ كأن نقول " كل طﻼب الفلسفة أذكياء" و في‬
‫القضية الجزئية السالبة " بعض طﻼب الفلسفة غير أذكياء" و بين الكلية السالبة "ﻻ واحد‬
‫من طﻼب الفلسفة ذكي" و الجزئية الموجبة " بعض طﻼب الفلسفة أذكياء"‬
‫‪ -2‬التقابل بالتداخل‪ :‬يكون بين قضيتين مختلفتين كما‪ ،‬متفقتين كيفا‪ ،‬أي بين ج م‪ ،‬ك س‬
‫أو بين ج س و ك س‪ ،‬و ينص قانون التقابل بالتداخل أي صدق الكلية يؤدي إلى صدق‬
‫الجزئية‪ ،‬حيث " يصح اللزوم من الكلي إلى الجزئي" ‪ 2‬أما إذا كذبت الكلية فﻼ استدﻻل‬
‫إذ قد تصدق الجزئية و قد تكذب‪ .‬لكن إذا كذبت الجزئية كذبت الكلية أيضا‪ ،‬أما صدقها‬
‫فﻼ يمكن وفقها استنتاج صدق أو كذب الكلية‪.‬‬
‫‪ -3‬التقابل بالتضاد‪ :‬ينشأ بين قضيتين مختلفتين في الكيف فقط و متفقتين من حيث الكم‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫و يشترط أن تكون هاتين القضيتين قضايا كلية‪.‬‬
‫و يسمى بالتضاد إذا كانت القضيتان ﻻ تصدقان معا و لكن يمكن أن تكذبان معا‪ 4.‬فمثﻼ‬
‫نقول" كل الكتب مفيدة " صادقة تلزم عنها كذب الكلية السالبة "ﻻ واحد من الكتب مفيدة"‬
‫‪ -4‬التقابل بالدخول تحت التضاد ‪ :‬ينشأ بين القضايا الجزئية أي بين الجزئية الموجبة ج‬
‫م والجزئية السالبة ج س وبين قضيتين مختلفتين من حيث الكيف شرط أن تكون القضايا‬
‫جزئية فالقضيتان الداخلتان تحت التضاد ﻻ تكذبان معا ولكن قد تصدقان معا ‪5‬فمثﻼ إذا‬
‫قلنا إن الطلبة حاضرون لكان القول بأن بعض الطلبة حاضرون صادقة بالضرورة‬
‫والعكس‪.‬‬

‫ب‪ -‬اﻻستدﻻل غير مباشر‪:‬‬


‫‪6‬‬
‫هو الذي ينتقل فيه العقل من مقدمة واحدة حتى يصل إلى النتيجة التي يهدف إليها‪.‬‬

‫‪-1‬ﻳﻨﻈﺮ‪ ،‬ﺗﺮﻳكﻮ ﺟﻮل‪ :‬اﳌﻨﻄﻖ اﻟﺼﻮري‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪.192‬‬


‫‪-2‬ﺗﺮﻳكﻮ ﺟﻮل‪ :‬اﳌﻨﻄﻖ اﻟﺼﻮري‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪.192‬‬
‫‪ -3‬ﷴ ﷴ قﺎﺳﻢ‪ :‬اﳌﺪﺧﻞ إﱃ اﳌﻨﻄﻖ اﻟﺼﻮري‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪.102‬‬
‫‪-4‬ﻳﻮﺳﻒ ﳏﻤﻖ‪ :‬اﳌﻨﻄﻖ اﻟﺼﻮري اﻟتﺼﻮرات و اﻟتﺼﺪﻳﻘﺎت‪ ،‬دار اﳊكﻤﺔ‪ ،‬اﳉﺰاﺋﺮ‪ ،‬ط‪ ،1994 ،1‬ص ‪.114‬‬
‫‪5‬ﷴ ﷴ قﺎﺳﻢ‪ :‬اﳌﺪﺧﻞ إﱃ اﳌﻨﻄﻖ اﻟﺼﻮري‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪.103‬‬
‫‪6‬ﻳﻮﺳﻒ ﳏﻤﻖ‪ :‬اﳌﻨﻄﻖ اﻟﺼﻮري اﻟتﺼﻮرات و اﻟتﺼﺪﻳﻘﺎت‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪.139‬‬

‫‪39‬‬
‫كما يعرف أيضا بأنه استدﻻل قضية من قضيتين أو أكثر‪ ،‬فإذا كان اﻻستدﻻل قضية من‬
‫قضيتين سمي اﻻستدﻻل قياسا‪ ،‬و إذا كان اﻻستدﻻل أكثر من قضيتين سمي اﻻستدﻻل‬
‫استقراء‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫و نسمي القضايا المستدل منها مقدمات‪ ،‬و القضية المستدلة نتيجة‪.‬‬

‫أنواعه‪:‬‬
‫و ينقسم اﻻستدﻻل غير المباشر بدوره إلى ثﻼثة أقسام و هي‪:‬‬
‫‪ -1‬اﻻستقراء‪" :‬يعرفه أرسطو بأنه إقامة قضية عامة ليس عن طريق اﻻستنباط و إنما‬
‫باﻻلتجاء إلى اﻷمثلة الجزئية التي يكمن فيها صدق تلك القضية العامة‪ ،‬أو هو البرهنة‬
‫على أن قضية ما صادقة كليا بإثبات أنها صادقة في كل حالة جزئية إثباتا تجريديا"‪.2‬‬
‫فينقسم إلى اﻻستقراء إلى نوعين ‪:‬‬
‫أ‪ -‬اﻻستقراء التام‪ :‬يسمى اﻻستقراء تاما حين نحصي كل اﻷمثلة الجزئية في مقدمات‬
‫تنتهي بنا إلى نتيجة عامة تندرج تحتها كل تلك اﻷمثلة‪ ،‬و هناك المثل الذي ضربه‬
‫أرسطو نفسه" اﻹنسان و الحصان و البغل طويلة العمر" "لكن اﻹنسان و الحصان و‬
‫البغل هي كل الحيوانات التي ﻻ مرارة لها" إذن كل الحيوانات التي ﻻ مرارة لها طويلة‬
‫‪3‬‬
‫العمر‪.‬‬
‫ب‪ -‬اﻻستقراء الناقص‪ :‬هو الذي نصدر فيه كما كليا بعد أن نتبع بعض الجزئيات و ليس‬
‫كلها كمثال سواد النيجيريين‪ ،‬فنحن لم نطلع على كل أفراد نيجيريا‪ ،‬و إنما حكمنا بأن‬
‫الجميع أسود بناءا على رؤية بعض أفراد نيجيريا‪.4‬‬
‫اﻻستقراء الناقص غير المعلل‪ :‬الذي ﻻ يفيد إﻻ الظن ﻷنه حكم على كلي لوجوده في‬
‫بعض جزئياته‪.‬‬
‫اﻻستقراء الناقص المعلل‪ :‬الذي يفيد اليقين على غرار اﻻستقراء التام إلى حد بعيد‪...‬‬
‫‪5‬‬
‫ﻷنه حكم معلل على كلي لوجوده في بعض جزئياته‪.‬‬

‫‪ -3‬التمثيل‬

‫‪1‬ﳏﻤﻮد ﻓﻬﻤﻲ زﻳﺪان‪ :‬اﻻﺳتﻘﺮاء و اﳌﻨﻬﺞ اﻟﻌﻠﻤﻲ‪ ،‬دار اﳉﺎﻣﻌﺎت اﳌﺼﺮﻳﺔ‪ ،‬اﻹﺳكﻨﺪرﻳﺔ‪ ،‬ط‪ ،1977 ،1‬ص ‪.20‬‬
‫‪2‬ﳏﻤﻮد ﻓﻬﻤﻲ زﻳﺪان‪ :‬اﻻﺳتﻘﺮاء و اﳌﻨﻬﺞ اﻟﻌﻠﻤﻲ‪،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪27‬‬
‫‪ 3‬ﳏﻤﻮد ﻓﻬﻤﻲ زﻳﺪان‪ :‬اﻻﺳتﻘﺮاء و اﳌﻨﻬﺞ اﻟﻌﻠﻤﻲ‪،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪28‬‬
‫‪ 4‬ﻳﻒ ﺑﻦ ﺎر‪ :‬ﻣﻘﺪﻣﺔ ﰲ عﻠﻢ اﳌﻨﻄﻖ‪ ،‬ﻣﺆﺳﺴﺔ وعﻲ ﻟﻠﺪارﺳﺎت و اﻷﲝﺎث‪ ،‬اﻟﺪوﺣﺔ‪ ،‬قﻄﺮ‪ ،‬ط‪،2016 ،2‬ص ‪.120‬‬
‫‪5‬ﻣﻬﺪي ﻓﻀﻞ ﷲ‪ :‬اﻟﺸﻤﺴيﺔ ﰲ اﻟﻘﻮاعﺪ اﳌﻨﻄﻘيﺔ‪ ،‬اﳌﺮكﺰ اﻟﺜﻘﺎﰲ اﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬اﻟﺪار اﻟﺒيﻀﺎء‪ ،‬ط‪ ،1998 ،1‬ص ‪187‬‬

‫‪40‬‬
‫يعرفه الفارابي بقوله" التمثيل إنما يكون بأن يؤخذ أو يعلم أوﻻ أن شيئا موجودا ﻷمر ما‬
‫جزئي‪ ،‬فينتقل اﻹنسان ذلك الشيء من ذلك اﻷمر في أمر جزئي شبيه باﻷقل فيحكم عليه‬
‫إذا كان اﻷمران الجزئيان يعمهما المعنى الكلي الذي من جهته وجد الحكم في ذلك‬
‫‪1‬‬
‫الجزئي اﻷول‪.‬‬
‫و للتمثيل أربعة أركان ‪:‬‬

‫الركن اﻷول‪) :‬اﻷصل(‬ ‫‪‬‬


‫الركن الثاني‪) :‬الفرع(‬ ‫‪‬‬
‫الركن الثالث‪) :‬الجامع(‬ ‫‪‬‬
‫الركن الرابع‪) :‬الحكم(‬ ‫‪‬‬
‫مثل )النبيذ حرام‪ ،‬ﻷن الخمر حرام‪ ،‬و علة حرمة الخمر هي اﻹسكار وهو موجود في‬
‫النبيذ( ‪) ،‬فالخمر( هو اﻷصل‪،‬و)النبيذ( هو الفرع‪،‬و )اﻹسكار( هو الجامع‪،‬و )الحرمة(‬
‫‪2‬‬
‫هي الحكم ‪.‬‬

‫‪ -4‬القياس ‪:‬‬
‫هو عبارة عن عدة قضايا متى ثبتت لذاتها يلزم عنها نتيجة معينة‪ ،‬فهو سلسلة من‬
‫المقدمات إن ثبتت صحتها و استوفت شروط القياس فإنها تستلزم نتيجة عن تلك‬
‫‪3‬‬
‫المقدمات‬
‫كما يعرف بأنه قول إذا وضعت فيه أشياء أكثر من واحد لزم شيء آخر من اﻹضطرار‬
‫لوجود تلك اﻷشياء الموضوعة بذاتها‪ 4.‬مثال‪ :‬جاسم قطري‪ ،‬و كل قطري غني‪ ،‬إذن‬
‫جاسم غني‪.‬‬
‫في هذا القياس لدينا ثﻼثة أشياء‪:‬‬
‫أ‪ -‬مقدمة أولى‪) :‬جاسم قطري(‬
‫ب‪ -‬مقدمة ثانية‪) :‬كل قطري غني(‬
‫ج‪ -‬نتيجة‪) :‬جاسم غني(‬
‫أ‪ -‬أشكال و ضروب القياس‪:‬‬
‫‪ 1‬ﻳﻮﺳﻒ ﳏﻤﻖ‪ :‬اﳌﻨﻄﻖ اﻟﺼﻮري‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪227‬‬
‫‪-2‬ﲰﺎﺣﺔ آﻳﺔ ﷲ‪ ،‬اﻟﻌﻀﻤﻰ اﻟﺴيﺪ ﺻﺎدق اﳊﺴﻨيﲏ اﻟﺸﲑازي‪ ،‬اﳌﻨﻄﻖ ) ﺑﺜﻮﺑﻪ اﳉﺪﻳﺪ(‪ ،‬ﺗﺢ ‪،‬ﻣﺎزن ﺷﺎكﺮ اﻟتﻤيﻤﻲ‪ ،‬كﻤﺒيﻮﺗﺮ اﻟﻨﻮر‪ ،‬ط‪،2012 ،1‬‬
‫ص ‪.148‬‬
‫‪ -3‬ﻳﻒ ﺑﻦ ﺎر‪ :‬ﻣﻘﺪﻣﺔ ﰲ عﻠﻢ اﳌﻨﻄﻖ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص ‪.122‬‬
‫‪ -4‬ﺳﲔ ﺧﻠيﻞ‪ ،‬ﻧﻈﺮﻳﺔ أرﺳﻄﻮ اﳌﻨﻄﻘيﺔ‪ ،‬دار اﻟﻮﻓﺎء ﻟﺪﻧيﺎ اﻟﻄﺒﻌﺔ و اﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬اﻹﺳكﻨﺪرﻳﺔ‪ ،‬ط‪ ،2006 ،1‬ص ‪.81‬‬

‫‪41‬‬
‫يعطي أرسطو ﻷشكال القياس الصورة المنطقية معتمدا على وضع الحد اﻷوسط في‬
‫المقدمتين‪،‬‬
‫فالقياس يتكون من مقدمتين فيها ثﻼثة حدود‪ ،‬و ﻷن اختﻼف اﻷشكال القياسية ما هو إﻻ‬
‫نتيجة ﻻختﻼف وضع الحد اﻷوسط في المقدمتين‪ ،‬و تتألف هذه اﻷشكال القياسية من‬
‫ثﻼث حدود مختلفة‪ ،‬هي ‪ :‬أ‪ ،‬ب‪ ،‬ج‪.‬‬
‫أما اختﻼف هذه اﻷشكال فظاهر في اختﻼف وضع الحد اﻷوسط‪ ،‬ففي الشكل اﻷول يكون‬
‫الحد اﻷوسط في المقدمة الكبرى موضوعا و محموﻻ في المقدمة الصغرى‪ ,‬أما الشكل‬
‫الثاني فيظهر فيه الحد اﻷوسط محموﻻ في المقدمتين‪ ،‬في حين يكون الحد اﻷوسط في‬
‫الشكل الثالث موضوعا في المقدمة الكبرى و الصغرى معا‪ 1.‬و إن كان موضوعا في‬
‫‪2‬‬
‫الصغرى محموﻻ في الكبرى فهو الشكل الرابع‬
‫و ما يمكننا اﻵن اﻻستعانة بهذا التحليل لوضع اﻷشكال المنطقية على الهيئة اﻵتية‪:‬‬
‫جأ‬ ‫إذا كان أ مقولة على ج‬ ‫الشكل اﻷول‪:‬‬
‫بج‬ ‫و ج مقولة على ب‬
‫أج‬ ‫إذا كان ج مقولة على أ‬ ‫الشكل الثاني‪:‬‬
‫بج‬ ‫و ج مقولة على ب‬
‫الشكل الثالث‪ :‬إذا كان أ مقولة ج ج‪/‬أ‬
‫ج ‪/‬ب‬ ‫و ب مقولة على ج‬
‫أ‪/‬ج‬ ‫الشكل الرابع‪ :‬إذا كان ج مقولة على أ‬
‫‪3‬‬
‫و ب مقولة على ج ج‪/‬ب‬
‫تلك هي أشكال القياس تنقسم واﻷشكال تنقسم إلى ضروب و الضرب هو صورة القياس‬
‫التي يوضع عليها من حيث كم وكيف المقدمات والنتائج وعلى هذا اﻷساس تنتج كل‬
‫قضية أربع ضروب في كل شكل ذلك انه إذا كانت المقدمة الكبرى كلية موجبة فيمكن أن‬
‫تكون الصغرى إما كلية موجبة وإما كلية سالبة وإما جزئية موجبة وإما جزئية سالبة‬
‫وكذلك كل القضايا الكلية السالبة والجزئية الموجبة والجزئية السالبة وإنما تكون كلها مع‬
‫أنواع القضايا اﻷخرى ضروبا متعددة وعلى ذلك سيكون لدينا ستة عشر ضربا وهذه‬

‫‪ -1‬ﺳﲔ ﺧﻠيﻞ‪ ،‬ﻧﻈﺮﻳﺔ أرﺳﻄﻮ اﳌﻨﻄﻘيﺔ‪ ،‬دار اﻟﻮﻓﺎء ﻟﺪﻧيﺎ اﻟﻄﺒﻌﺔ و اﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬اﻹﺳكﻨﺪرﻳﺔ‪ ،‬ط‪ ،2006 ،1‬ص ‪.113‬‬
‫‪-2‬ﻣﻬﺪي ﻓﻀﻞ ﷲ‪:‬اﻟﺸﻤﺴيﺔ ﰲ اﻟﻘﻮاعﺪ اﳌﻨﻄﻘيﺔ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص ‪.224‬‬
‫‪ 3‬ﺳﲔ ﺧﻠيﻞ ‪ :‬ﻧﻈﺮﻳﺔ أرﺳﻄﻮ اﳌﻨﻄﻘيﺔ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪113‬‬

‫‪42‬‬
‫الضروب ستنتج في مختلف اﻹشكال ‪ 19‬ضربا منتجا خمسة ضروب كلية و أربعة عشر‬
‫ضربا جزئيا وسبعة موجبة واثني عشر سالبة‪، 1‬واﻵن نتناول اﻷشكال القياس اﻷربعة‬
‫بشيء من التفصيل‪:‬‬
‫‪ /1‬الشكل اﻷول‪:‬‬
‫و هو ما يكون فيه الحد اﻷوسط موضوعا في المقدمة الكبرى و محموﻻ في المقدمة‬
‫الصغرى يكون وتكون صورته على النحو التالي ‪:‬‬
‫و ك‬
‫ص و‬
‫ص ك‬
‫وللشكل اﻷول أربعة ضروب كما أن هذا الشكل يستلزم إيجاب الصغرى و كلية الكبرى‬
‫الضرب اﻷول‪barbara :‬‬

‫‪ A‬كل إنسان فان كل أ هي ب‬

‫‪ A‬كل إغريقي إنسان كل ح هي أ‬


‫‪2‬‬
‫‪ A‬كل إغريقي فان كل ح هي ب‬

‫الضرب الثاني‪calerent :‬‬

‫ﻻ واحد من أ هي ب‬ ‫‪E‬ﻻ واحد من الحيوان مفترس‬

‫كل ح هي أ‬ ‫‪ A‬كل ثعلب حيوان‬

‫ﻻ واحد من ح هي ب‬ ‫‪ E‬ﻻ واحد من الثعلب مفترس‬

‫الضرب الثالث‪darii :‬‬

‫كل أ هي ب‬ ‫‪ A‬كل إنسان حيوان‬

‫بعض ح هي أ‬ ‫‪ I‬بعض الفنان إنسان‬

‫‪ I‬ﻻ واحد من الثعلب مفترس بعض ح هي ب‬

‫‪ 1‬عﺼﺎم زكﺮ ﲨيﻞ ‪ :‬اﳌﻨﻄﻖ و اﻟتفكﲑ اﻟﻨﺎقﺪ ‪ .‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪158 – 157‬‬
‫‪ 2‬ﻣﺮﺟﻊ ﻧفﺴﻪ ‪ ،‬ص ‪159 – 158‬‬

‫‪43‬‬
‫الضرب الرابع‪ferio :‬‬

‫ﻻ واحد من أ هي ب‬ ‫‪ E‬ﻻ واحد من المفكرين جبان‬

‫بعض ح هي ب‬ ‫‪ I‬بعض الشباب مفكرون‬

‫بعض ح ليس ب‬ ‫‪ O‬بعض الشباب ليسوا جبناء‬

‫‪ /2‬الشكل الثاني‬
‫هو ما يكون فيه الحد اﻷوسط محموﻻ في المقدمة الكبرى والمقدمة الصغرى معا‬
‫وترى صورته على النحو التالي ‪:‬‬
‫ك و‬
‫و ص‬
‫‪1‬‬
‫ص ك‬
‫والشكل الثاني بدوره له أربعة ضروب ‪:‬‬
‫الضرب اﻷول ‪casare :‬‬

‫‪ E‬ﻻ واحد من الفﻼسفة إنجليزي‬ ‫ﻻ واحد من أ هو ب‬

‫كل عالم إنجليزي‬ ‫‪A‬‬ ‫كل ح هي ب‬

‫ﻻ عالم فيلسوف‬ ‫‪E‬‬ ‫ﻻ واحد من ح هي أ‬

‫الضرب الثاني ‪camestres :‬‬

‫كل مصري إفريقي‬ ‫‪A‬‬ ‫كل أ هي ب‬

‫ﻻ واحد من العراقيين إفريقيون‬ ‫‪E‬‬ ‫ﻻ واحد من ح هي ب‬

‫ﻻ واحد من العراقيين مصري‬ ‫‪E‬‬ ‫ﻻ واحد من ح هي أ‬

‫الضرب الثالث ‪Festiro :‬‬

‫ﻻ واحد من المصريين أسياوي‬ ‫‪E‬‬ ‫ﻻ واحد أ هي ب‬

‫بعض من يتحدث اﻷلمانية أسياوي‬ ‫‪I‬‬ ‫بعض ح هي ب‬

‫‪1‬عﺼﺎم زكﺮ ء ﲨيﻞ ‪ :‬اﳌﻨﻄﻖ و اﻟتفكﲑ اﻟﻨﺎقﺪ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪160،161‬‬

‫‪44‬‬
‫بعض من يتحدثون اﻷلمانية ليسوا مصريين‬ ‫‪O‬‬ ‫ﻻ واحد من ح هي ب‬

‫الضرب الرابع‪baroco :‬‬

‫كل مصريين عرب‬ ‫‪A‬‬ ‫كل أ هي ب‬

‫بعض من يتحدث اﻷلمانية ليس بعربي‬ ‫‪O‬‬ ‫بعض ح ليس ب‬

‫بعض من يتحدث اﻷلمانية ليسو مصريين‬ ‫‪O‬‬ ‫ﻻ واحد من ح هي أ‬

‫‪ -3‬الشكل الثالث‪:‬‬

‫هو ما يكون فيه العدد اﻷوسط موضوعا في المقدمة الكبرى والمقدمة الصغرى معا‬
‫وتكون صورته على النحو التالي ‪:‬‬
‫و ك‬
‫و ص‬
‫‪1‬‬
‫ص ك‬
‫ويتلخص هذا الشكل بإيجاب المقدمة الصغرى وجزئية النتيجة‬
‫الضرب اﻷول‪Darapti :‬‬

‫كل عالم مجتهد‬ ‫كل أ هي ب‬ ‫‪A‬‬

‫كل عالم مفكر‬ ‫كل أ هي ج‬ ‫‪A‬‬

‫بعض المفكرين مجتهدون‬ ‫بعض ح هي ب‬ ‫‪I‬‬

‫الضرب الثاني ‪Disamis :‬‬

‫بعض الرجال مناضلون‬ ‫‪ I‬بعض أ هي ب‬

‫كل الرجال أحرار‬ ‫‪ A‬كل أ هي ح‬

‫بعض المفكرين مجتهدون‬ ‫‪ E‬بعض ح هي ب‬

‫الضرب الثالث ‪Datisi :‬‬

‫‪1‬عﺼﺎم زكﺮ ﲨيﻞ‪ :‬اﳌﻨﻄﻖ واﻟتفكﲑ اﻟﻨﺎقﺪ‪،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪،‬ص‪160،163‬‬

‫‪45‬‬
‫كل اﻷدباء مفكرون‬ ‫‪ A‬كل أ هي ب‬

‫بعض اﻷدباء مشهورون‬ ‫‪ I‬كل أ هي ح‬

‫بعض المشهورين مفكرون‬ ‫‪ I‬بعض ح هي ب‬

‫الضرب الرابع ‪Felapton :‬‬

‫ﻻ واحد من المصريين جبان‬ ‫‪ E‬ﻻ واحد من أ هي ب‬

‫كل المصريين أحرار‬ ‫‪ A‬كل ا هي ح‬

‫بعض اﻷحرار ليسو جبناء‬ ‫‪ O‬بعض ح ليس ب‬

‫الضرب الخامس ‪Bacardo :‬‬

‫بعض الشباب ليس طموحا‬ ‫‪ O‬بعض أ هي ب‬

‫كل الشباب مثقفون‬ ‫‪ A‬كل ا هي ح‬

‫بعض المثقفين ليسو طموحين‬ ‫‪ O‬بعض ح ليس ب‬

‫الضرب السادس ‪Ferison :‬‬

‫ﻻ واحد من الشباب ملحد‬ ‫‪ E‬ﻻ واحد من أ هي ب‬

‫بعض أ هي ب‬ ‫‪ I‬بعض ا هي ح‬

‫بعض المفكرين ليسوا ملحدين‬ ‫‪ O‬بعض ح ليس ب‬

‫‪ -4‬الشكل الرابع‪:‬‬

‫من أشكال القياس هو ما يكون فيه الحد اﻷوسط على عكس الشكل اﻷول محموﻻ في‬
‫المقدمة الكبرى ومحموﻻ في المقدمة الصغرى وتكون صورته على النحو التالي‬
‫و‬ ‫ك‬
‫ص‬ ‫و‬
‫ص ك‬
‫وهذا الشكل كغيره من اﻷشكال له ضروب ‪:‬‬
‫الضرب اﻷول ‪Bramantip :‬‬

‫‪46‬‬
‫كل إنسان حيوان‬ ‫‪ A‬كل أ هي ب‬

‫كل حيوان فان‬ ‫‪ A‬كل ب هي ح‬


‫‪1‬‬
‫بعض الفاني حيوان‬ ‫‪ I‬بعض ح هي أ‬

‫الضرب الثاني ‪camenes :‬‬

‫كل الشباب مناضل‬ ‫‪ A‬كل أ هي ب‬

‫ﻻ واحد من المناضلين جبان‬ ‫‪ E‬ﻻ واحد من ب هي ح‬

‫ﻻ واحد من الجبناء شاب‬ ‫‪ E‬ﻻ واحد من ح هي أ‬

‫الضرب الثالث ‪dimaris :‬‬

‫بعض الفيزيائيين علماء‬ ‫‪ I‬بعض أ هي ب‬

‫كل العلماء رياضيون‬ ‫‪ A‬كل ب هي ج‬

‫بعض الرياضيين فيزيائيون‬ ‫‪ I‬بعض ح هي أ‬

‫الضرب الرابع ‪fesapo :‬‬

‫ﻻ واحد من الطﻼب فاشل‬ ‫‪E‬ﻻ واحد ا هي ب‬

‫كل فاشل مريض‬ ‫‪ A‬كل ب هي ح‬

‫بعض المرضى فاشلون‬ ‫‪ O‬بعض ح ليس أ‬

‫الضرب الخامس ‪fresison :‬‬

‫ﻻ واحد من الطيور يلد‬ ‫‪E‬ﻻ واحد من أ هي ب‬

‫بعض ما يلد حيوان‬ ‫‪ I‬بعض ب هي ح‬


‫‪2‬‬
‫بعض الحيوان ليس من الطيور‬ ‫‪ O‬بعض ح ليس أ‬

‫‪1‬عﺼﺎم زكﺮ ء ﲨيﻞ ‪ :‬اﳌﻨﻄﻖ و اﻟتفكﲑ اﻟﻨﺎقﺪ ‪،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ‪ ،‬ص ‪165،166،167‬‬
‫‪،2‬ﻣﺮﺟﻊ ﻧفﺴﻪ ‪ ،‬ص ‪168‬‬

‫‪47‬‬
‫الخاتمة ‪:‬‬
‫من خﻼل هذه الدراسة يتضح لنا أن للمنطق أهمية ودور كبير على التفكير‬
‫اﻹنساني‪،‬فالمنطق هو قانون التفكير الصحيح‪،‬فإذا أراد اﻹنسان أن يفكر تفكيرا صحيحا‬
‫ﻻبد أن يراعي هذا القانون وإﻻ سوف يزل وينحرف في تفكير فيحسب ما ليس بنتيجة‬
‫نتيجة أو ما ليس بحجة حجة‪،‬لهذا يعرف المنطق بأنه " علم يبحث عن القواعد العامة‬
‫للتفكير الصحيح " فهو يبحث عن القواعد المتعلقة بجميع حقول التفكير اﻹنساني في‬
‫مختلف مجاﻻت الحياة‪،‬فهو إذا وسيلة للتفكير الصحيح في كافة مجاﻻت العلوم على‬
‫اختﻼفها‪،‬ولهذا سمي باﻵلة وعرف بأنه" آلة قانونية تعصم مراعاتها الذهن عن الخطأ في‬
‫الفكر "‬
‫فهو معدود من العلوم اﻵلية ﻻ العلوم الذاتية ﻷنه ليس علما مستقﻼ بل هو خادم جميع‬
‫العلوم‪،‬فﻼ يتمكن اﻹنسان أن يفكر في أي علم إﻻ مع مراعاة قوانين المنطق ومﻼحظة‬
‫قواعده بدقة‪،‬فحينئذ سوف يعتصم ذهنه عن الخطأ في التفكير في تلك العلوم‪،‬بل حتى في‬
‫المجاﻻت العرفية والمحادثات يحتاج اﻹنسان إلى معرفة المنطق وتطبيق قواعده ‪.‬‬
‫ومن هذا المنطلق يسمى هذا العلم بعلم القسطاس والميزان فهو ميزان دقيق مختص‬
‫بأمور عقلية ومفاهيم علمية يقيم به وزن المعلومات التي يكتسبها اﻹنسان ويميز صحة‬
‫المعلومات وسقمها‪،‬فهو المعيار الذي يمكن بواسطته ضمان النتائج السليمة للتفكير‪،‬لذلك‬
‫يعتبر علم القوانين الضرورية الضابطة للتفكير لتجنبه الوقوع في الخطأ والتناقص وهي‬
‫ثﻼث ‪:‬‬
‫قانون الهوية ‪ :‬فكل شيء ذاتية خاصة يحتفظ بها من دون تغيير‪،‬فالشيء دائما هو‬
‫هو والهوية تفترض ثبات الشيء على الرغم من التغيرات التي تطرأ عليه‬
‫قانون عدم التناقص ‪ :‬ينكر هذا القانون إمكان الجمع بين شيء ونقيضه‪،‬فﻼ يصبح‬
‫أن يصدق النقيضان في الوقت نفسه في ظل الظروف نفسها فﻼ يقال إن هذا الشيء‬
‫في الوقت ذاته أزرق وليس أزرق ‪.‬‬
‫قانون الثالث المرفوع ‪ :‬ويعني أن أحد المتناقصين ﻻبد أن يكون صادقا‪،‬واحتمال‬
‫ثالث بجانب المتناقضين يمكن أن يكذبهما معا وﻻ يوجد وسط بينها‪،‬فإما إثبات الشيء‬
‫أو نفيه‬
‫والمنطق من حيث هو علم اتسعت مجاﻻته ‪،‬ومر في تطوره بالعديد من التفسيرات‬
‫والتأويﻼت‪،‬وقد كان للفيلسوف اليوناني "أرسطو" الفضل في وضع قواعده وإرساء‬
‫أسسه واعتباره خير أداة لتحصيل المعرفة السليمة‪،‬ووصف هذا المنطق بـ "‬
‫الصوري " نسبة إلى الصورة في مقابل المادة ﻷنه ﻻ يعني بصور وأشكال وقوالب‬
‫نظم التفكير اﻹنساني فيما اشتهر منه وهو مبحث التصورات ومبحث التصديقات ‪.‬‬
‫فالتصور في علم المنطق هو إدراك الشيء بالعبارات المفردة‪ ،‬كإدراك المعنى‬
‫المراد بلفظ الجسم‪ ،‬والحجر والشجر‪،‬والروح‪،‬والكرم‪،‬وإنسان ذي عيون‬
‫ثﻼث‪،‬وأمثاله‪.‬‬
‫وهذا اﻹدراك ﻻ يصاحبه إثبات وﻻ نفي‪،‬وﻻ يصاحبه إذعان وﻻ يقين‪،‬أي أن‬
‫التصور هو إدراك ﻻ يلزمه التصديق‪،‬ويمكن القول‪ ":‬أن التصور هو اﻹدراك الساذج‬
‫غير مقترن بالتصديق واﻹذعان "‬
‫وسواء كنا مثاليين أو تجريبيين فإننا في المنطق نستخدم التصورات بصرف النظر‬
‫عن كونها سابقة على التجربة أو ﻻحقة لها‪،‬ووسيلتنا في التعبير عن تصورتنا‬
‫اللغة‪،‬ومن هذا ﻻ بد للمنطقي من أن ينظر في تراكيب اﻷلفاظ‪،‬ودﻻلتها وهذا بحث‬
‫يختص به النحوي‪ ،‬ولكن المنطقي في حاجة إليه أيضا‪،‬ولذلك كان البحث في هذه‬
‫اﻷمور بحثا اقرب إلى اللغة منه إلى المنطق حتى تمهد لﻸبحاث المنطقية‬
‫الخالصة‪،‬وهذا يعني أن التصورات تعني بالمفرد والمفرد يحتاج إلى تعريف‪،‬وهو‬
‫المعروف بالقول الشارح عند المناطقة وهو المجهول التصوري‬
‫وأما التصديق فهو‪ :‬اﻹدراك المقترن باﻹذعان بالنسبة والحكم بمطابقتها للواقع أو‬
‫عدم مطابقتها "‬
‫ذلك كما لو قلنا الغيبة حرام أو أذعنا بالحكم‪،‬فإذا شككنا فهو من التصور غير‬
‫المستتبع للحكم كذلك لو قلنا‪ :‬الحلم حسن‪،‬الزهد حسن‪،‬الجو حار ‪،‬فكل هذه القضايا‬
‫تصديقية ‪،‬وتعني بالتصديق ‪ :‬التصور المستتبع للحكم واﻹذعان ‪.‬‬
‫كما قد بين أرسطو أن اﻻستدﻻل نوعان‪ :‬استدﻻل مباشر‪ :‬نستخلص فيه نتيجة من‬
‫قضية واحدة واستدﻻل غير مباشر نستخلص فيه النتيجة من قضيتين على اﻷقل‪.‬‬
‫إن للمنطق مكانة مهمة في الدراسات الفلسفية والعلمية‪،‬فقد اهتم الباحثون في‬
‫الفلسفة والرياضيات بوضع أنظمة منطقية مختلفة القواعد واﻷسس واﻷفكار‪،‬واﻵن لم‬
‫يعد هناك منطق وحيد هو منطق أرسطو فقط‪،‬بل ظهرت أنواع كثيرة في العصر‪،‬وقد‬
‫اتضح من دراسات الباحثتين في شتى العلوم أن المنطق هو القاعدة اﻷساسية لجميع‬
‫العلوم وطريقة التحليل المنطقي بشكلها اﻷول هي منهج رياضي وفلسفي قبل أي شيء‬
‫آخر إذ يعتمد المنطق على تحديد معاني الرموز أو اللغة التي يستخدمها العلم‬
‫والمنطقيون الذين يسعون إلى المعرفة واليقين‪،‬وتبعا لذلك فإن التحليل المنطقي هو‬
‫طريقة توضيح اﻷنظمة المؤلفة من كلمات ورموز بينها عﻼقات منطقية معنية‬
‫كما يعد اﻹرث اﻷرسطي مرجعية لعلم المنطق للحضارات التي تلته مثل الحضارة‬
‫اﻹسﻼمية التي طور فيها المنطق على أيدي علمائها الذين ساهموا في إضافات جديدة‬
‫في نظرية المعنى وابتدع بعضهم طرائق ارتباطيه في المنطق‪،‬وقد قام كثير من‬
‫الرياضيين ببناء نظريات منطقية إﻻ بعودتهم لدراسة المنطق اﻷرسطي وصوﻻ إلى‬
‫المنطق المتعدد القيم مع لوكاشفيتش الذي ومع وصوله إلى المنطق الثﻼثي القيمة‬
‫‪ -‬الملخص ‪:‬‬
‫رغم أن الحضارة ثمرت الفكر اﻹنساني في تجدده وإبداعه فإن اﻹنسان غير‬
‫معصوم عن الخطأ فقد تمضي به الواضحة في طريق الحق وقد يعنيه الهوى فيتردى‬
‫في الباطل وليس من‪ .‬شك أن اﻻضطراب في تفكير واختﻼل موازين الفهم تنعكس‬
‫أثاره الضارة على حياة اﻹنسان فتحجب عنه الرؤية وتعوقه عن اﻹسهام بفعالية‬
‫وإبداع في تنمية الحضارة ‪ .‬ومن هنا صدق القول بأن اﻹنسان في حاجة دائما إلى‬
‫اﻻستنارة بقواعد تنظم نشاطه وتضبط سلوكه وتحسن توجيه طاقاته واستثمار مواهب‬
‫بحيث يسعى إلى الحق ويغني الخير ويروم الجمال ‪.‬‬
‫ولما كان اﻹنسان قد استطاع على مر القرون إن يرسي دعائم العلم ‪،‬وما لبث إن‬
‫تحقق في العلم تقدم فقد ‪،‬فتعددت العلوم وتنوعت التخصصات واتسعت ميادين‬
‫التطبيقات‪.‬‬
‫وﻻ ريب أن هذا التقدم قد تحقق بفضل حسن استثمار اﻹنسان لملكه التفكير التي‬
‫اختصه بها ﷲ جل شأنه وميزه بفضلها بنشاط إبداعي متجدد الحركة بينما حصر‬
‫نشاط الحيوان في حدود اﻻستعدادات الطبيعية وقيده بقيود الدوافع الغريزية‬
‫التفكير قواعد وضوابط نهتدي إليها بفضل علم المنطق فهو العلم الذي ينظر في‬
‫التفكير مطبقا على الواقع المادي ومندمجا فيه‬
‫والمنطق من حيث هو علم اتسعت مجاﻻته وتعاقبت صوﻻته وجوﻻته ‪،‬فمر في‪.‬‬
‫تطوره بالعديد من التفسيرات والتأويﻼت ‪ .‬وقد كان للفيلسوف اليوناني اﻷشهر أرسطو‬
‫الفصل في وضع قواعده وإرشاد أسسه واعتباره خير أداة لتحصيل المعرفة السليمة‬
‫وفصح اﻷباطيل والمضللة‪.‬‬
‫وكان أرسطو أول من بين ضرورة التمييز بين الكليات الخمس ‪:‬الجنس النوع‬
‫الفصل الخاصة والعرض العام ‪.‬فإذا اعتبرنا الحيوان جنسا‪ ،‬فاﻹنسان نوع من أنواعه‬
‫والميزة التي تميزه عنه تمييزا قاطعا هي النطق وهي ما يدعوه أرسطو الفصل ‪،‬‬
‫والخاصية التي تميزه أيضا ولكن تمييزها له ليس فصﻼ كالنطق هي على سبيل المثال‬
‫الضحك وهي ما يدعوه أرسطو الخاصة وأما العرض العام فهو ﻻ يميز اﻹنسان عن‬
‫سائر أنواع الحيوان كقولنا يمشي على قدمين وخرج أرسطو من هذا إلى أن التعريف‬
‫بالجنس القريب والفصل هو التعريف الجامع المانع كتعريف اﻹنسان بأنه حيوان‬
‫ناطق‪ .‬فهو ينطق على الناس جميعا من حيث أنه يعبر عن ماهيتهم ‪ ،‬ويمنح سائر‬
‫الكائنات الحية من أن تدخل في دائرته فهو يجمع الناس ويمنع ما عداهم وبين أرسطو‬
‫أيضا أن اﻻستدﻻل نوعان ‪:‬استدﻻل مباشر تستخلص فيه نتيجة من قضية واحدة ‪،‬‬
‫واستدﻻل غير مباشر تستخلص فيه النتيجة من قضيتين على اﻷقل ‪.‬‬
‫ويمكن القول إن عصر أرسطو لم يكن عصر علم بالمعنى المادي ولذالك كان‬
‫اﻻهتمام اﻷكبر منصبا على مجال القياس أي استكشاف الروابط والعﻼقات بين‬
‫القضايا من حيث الشكل ﻻ من حيث المضمون وقد غالى الدارسون في العصور‬
‫الوسطى في‪ .‬الغرب في الجانب القياسي في المنطق واستحالت الدراسات المنطقية‬
‫على أيديهم إلى مناقشات معرفة اللفظية وكان تعصبهم لصورية المنطق ﻷمريكي‬
‫تعطبا بلغ أقصى مداه ‪.‬‬

‫الكلمات المفتاحية ‪:‬‬


‫المنطق – التصورات – التصديقات – القضية المنطقية – اﻻستدﻻل – اﻻستقراء – القياس ‪.‬‬
- Summary
Although civilization is the fruit of human thought in its
renewal and creativity, the human being is not infallible in error,
it may go through the path of truth and may be blinded by the
desire to fall in falsehood and there is no doubt that the disorder
in thinking and imbalance of understanding reflects its harmful
effects on human life, preventing it from seeing and hindering it
from contributing effectively and creatively to the development
of civilization. Hence the sincerity of saying that man always
needs to be informed by rules that regulate his activity and
control his behavior and improve the orientation of his energies
and invest his talents so that he seeks the right, seeks good and
wants beauty.

Since man has been able over the centuries to lay the
foundations of science, and as soon as progress has been made
in science, science has multiplied, specialties have diversified and
application fields have expanded.

There is no doubt that this progress has been achieved thanks


to the good investment of man to his king of thinking, which god
has specialized in and characterized by with a renewed creative
activity while limiting animal activity to the limits of natural
preparations and restricting it to the constraints of instinctive
motives.

And to think about rules and rules that we guide thanks to the
science of logic it is science that looks at thinking applied to the
physical reality and integrated into it

And logic in terms of science has expanded its fields and


successively its prayers and tours, and passed in. Its development
with many interpretations and interpretations. The famous
Greek philosopher Aristotle was credited with laying down his
rules, laying down his foundations and considering him the best
tool for collecting sound knowledge and the revelation of
misguided falsehoods.

Aristotle was the first to distinguish between the five colleges:


gender, special class and public display. If we consider the animal
a race, the human being is a kind of species and the advantage
that distinguishes him categorically is the pronunciation, which is
what Aristotle calls the chapter, and the characteristic that
distinguishes it as well, but its distinction is not a chapter like
pronunciation, for example laughter, which is what Aristotle calls
private, and the public display does not distinguish man from
other animal species, such as our saying walks on two feet and
aristotle came out of this to the definition of near sex and
separation is the universal definition of a man as a talking
animal. It goes on at all people in that it expresses what they are,
and gives other living beings to enter into his circle, he brings
people together.

It is also forbidden to infer two types of inference: direct


inference in which the result of one case is derived, and indirect
inference in which the result is derived from at least two cases.

It can be said that the era of Aristotle was not an age of


science in the physical sense and therefore the greatest concern
was the focus on the field of standardied i.e. the exploration of
the links and relations between issues in terms of form rather
than in terms of substance.
Keywords:

Logic- perceptions - ratifications - logical issue - inference -


extrapolation - measurement .
‫قائمة المصادر والمراجع ‪:‬‬

‫القرآن الكريم ﺑرواية ورش‬

‫أ‪ -‬المصادر‬
‫‪ -1‬أرسطو‪ ،‬منطق أرسطو‪،‬دار القلم‪،‬بيروت‪،‬د‪،‬م‪،‬د‪،‬س‬
‫‪ -2‬التهانوي‪ :‬كشافة اصطﻼحات الفنون‪،‬تر‪،‬عبد المنعم ﷴ‪،‬المؤسسة المصرية‬
‫العامة‪،‬القاهرة‪،‬ط‪1963 1‬‬
‫‪ -3‬ابن جني ‪:‬الخصائص‪،‬تح‪،‬ﷴ علي النجار‪،‬دار الكتاب العربي‪،‬بيروت‪،‬ط‪1‬‬
‫‪،1952‬ج‪1‬‬
‫‪ -4‬ابن خلدون‪ :‬المقدمة‪،‬دار الكتب العلمية‪،‬بيروت‪،‬ط‪،1993 1‬ج‪2‬‬
‫‪ -5‬عبد السﻼم المسدي‪ :‬اللسانيات من خﻼل النصوص‪،‬دار التونسية‬
‫للنشر‪،‬ط‪1،1984‬‬
‫‪ -6‬ابن سينا ‪ :‬اﻷرجوزة المزدوجة‪ :‬منطق الشرقيين وبالية اﻷرجوزة‬
‫المزدوجة‪،‬تح‪،‬أحمد فريد الزيدي دار الكتاب العالمية‪،‬بيروت‪،‬ط‪2011 : 1‬‬
‫‪ -7‬ابن سينا‪ :‬اﻹشارات والتنبيهات‪،‬تح‪،‬سليمان دنيا‪،‬دار المعارف‪،‬القاهرة‪،‬ط‪: 3‬‬
‫‪1983‬‬
‫‪ -8‬ابن سينا‪ :‬المدخل‪،‬تح‪،‬اﻷب قنواتي محمود الخضر‪،‬فؤاد اﻷهواني‪،‬تص‪،‬طه حسين‬
‫المطبعة اﻷميرية‪،‬القاهرة‪،‬ط‪1952 1‬‬
‫‪ - 10‬ابن سينا ‪ :‬المنطق‪،‬تح‪،‬ﷴ عثمان‪،‬مكتبة الثقافة الدينية‪،‬القاهرة‪،‬ط‪ 2008: 1‬مجلد‬
‫‪1‬‬
‫‪ – 11‬ابن سينا‪ :‬النجاة من المنطق واﻹلهيات‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪،‬ط‪1992 :1‬‬
‫‪ – 12‬الشريف الجرجاني‪ :‬التعريفات‪،‬دار الكتب العلمية‪،‬بيروت‪،‬ط‪ : 1‬د‪.‬س‬
‫‪ – 13‬الفارابي‪،‬ﷴ بن ﷴ أبو نصر‪،‬شرح الفارابي لكتاب أرسطو طاليس في‬
‫العبارة‪،‬المكتبة الكاثولوكية ‪،‬بيروت‪،‬ط‪1960 : 1‬‬
‫‪ –14‬الفارابي‪ :‬اﻷلفاظ المستعملة في المنطق‪ ،‬ت‪.‬ح‪ ،‬محسن المهدي‪ ،‬دار المشرق‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط‪1986: 1‬‬

‫‪ -15‬فيرديناد دي سوسير‪:‬محاضرات في علم اللسان‪،‬تر‪،‬عبد القادر قنيني‪،‬دط‪،‬دس‪،‬‬

‫المراجع‪:‬‬

‫‪ -1‬تريكوجول‪:‬المنطق الصوري‪،‬تر‪،‬محمود يعقوبي‪،‬ديوان المطبوعات‬


‫الجامعية‪،‬الجزائر‪،‬دط‪،‬دس‪.‬‬
‫‪ -2‬جعفر آل ياسين‪ :‬الفارابي‪،‬في حدوده ورسومه‪،‬علم الكتب‪،‬ط‪1،1985‬‬
‫‪ -3‬رائد الحيدري ‪ :‬المقرر في توضيح منطق المظفر‪،‬منشورات ذوي‬
‫القربى‪،‬قم‪،‬ط‪،1‬دس‪،‬ج‪1‬‬
‫‪ -4‬سماحة آية ﷲ العظمى‪ :‬السيد صادق الحسيني الشيرازي ‪ :‬الموجز في المنطق‬
‫بثوبه الجديد‪،‬تح‪،‬مازن شاكر التميمي‪،‬كمبيوتر النور‪،‬ط‪2012 : 1‬‬
‫‪ -5‬السيد حسين الصدر‪ :‬دروس في علم المنطق‪،‬دار الكاتب العربي‪،‬بيروت‬
‫ط‪1،2005‬‬
‫‪ -6‬طاهر عبد المجبد علب ‪ :‬يوسف علي يوسف‪،‬المنطق الواضح‪،‬دار‬
‫الظاهرية‪،‬للنشر والتوزيع‪،‬الكويت‪،‬دط‪،‬دس‪.‬‬
‫‪ -7‬عادل فاخوري‪ :‬منطق العرض من وجهة نظر المنطق الحديث‪،‬دار‬
‫الطليعة‪،‬بيروت‪،‬ط‪1981 : 2‬‬
‫‪ -8‬عصام زكرياء جميل ‪ :‬المنطق والتفكير الناقد‪،‬دار المسيرة‪،‬عمان‪،‬ط‪1،2012‬‬
‫‪ -9‬علي سامي النشار‪ :‬المنطق الصوري منذ أرسطو حتى عصورنا الحاضرة‪،‬دار‬
‫المعرفة الجامعية اﻹسكندرية ‪،‬ط‪1،2000‬‬
‫‪-11‬ماهر عبد القادر ﷴ‪ :‬محاضرات في المنطق‪،‬دار المعرفة الجامعية اﻹسكندرية‬
‫‪،‬ط‪1،1986‬‬
‫‪ -10‬ﷴ حسن مهدي بخيت‪:‬علم المنطق المفاهيم والمصطلحات عالم الكتب‬
‫الحديث‪،‬اﻷردن‪،‬ط‪1،2013‬‬
‫‪-12‬كلية أصول الدين ‪ :‬المنطق ومناهج البحث‪،‬منشورات كلية أصول الدين‪،‬إيران‬
‫ط‪ 1428، 1‬هـ‬

‫‪ -13‬ﷴ رضا المضفر ‪ :‬المنطق‪،‬دار التعارف للمطبوعات بيروت ط ‪2006، 1‬‬

‫‪-14‬ﷴ عبد الرحمان‪ :‬مرحبا من الفلسفة اليونانية إلى الفلسفة اﻹسﻼمية‪،‬بيروت ط‪1‬‬
‫‪1977:‬‬

‫‪-15‬ﷴ ﷴ قاسم‪ :‬مدخل إلى المنطق الصوري‪،‬دار المعرفة الجامعية اﻻسكندرية ط‪1‬‬
‫‪2005،‬‬

‫‪-16‬ﷴ مهران‪ :‬علم المنطق‪ :‬دار المعارف القاهرة‪،‬ط‪1978 :1‬‬

‫‪-17‬ﷴ مهران ‪:‬مدخل إلى المنطق الصوري‪،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪،‬القاهرة ط‪1‬‬
‫‪1994،‬‬

‫‪ -18‬محمود حسن حسنين‪ :‬ﷴ أحمد جاد المولى بك‪،‬عبد الحميد خضر المنطق‬
‫المشجر‪،‬دار الظاهرية‪،‬الكويت ط‪2017: 1‬‬

‫‪-19‬محمود فهمي زيدان‪ :‬اﻹستقراء والمنهج العلمي‪،‬دار الجامعات‬


‫المصرية‪،‬اﻹسكندرية‪،‬ط‪1977 :1‬‬

‫‪-20‬محمود يعقوبي‪ :‬دروس في المنطق الصوري‪،‬ديوان المطبوعات‬


‫الجامعية‪،‬الجزائر‪،‬ط‪2004: 3‬‬

‫‪ -21‬مركز نور للتأليف والترجمة ‪ :‬علم المنطق‪،‬سلسلة المعارف‪،‬اﻹسﻼمية‬


‫الثقافية‪،‬القاهرة‪،‬ط‪2014 1‬‬
‫‪ -22‬مهدي فضل ﷲ ‪ :‬الشمسية في القواعد المنطقية‪،‬المركز الثقافي العربي الدار‬
‫البيضاء‪،‬ط‪1998 1‬‬

‫‪-23‬مهدي فضل ﷲ ‪ :‬مدخل إلى علم المنطق التقليدي‪،‬دار الطليعة للطباعة‬


‫والنشر‪،‬بيروت ط ‪1977 : 1‬‬

‫‪-24‬نايف بن نهار ‪ :‬مقدمة في علم المنطق‪،‬مؤسسة وعي للدراسات واﻷبحاث‪،‬الدوحة‬


‫قطر‪،‬ط‪2016 : 2‬‬

‫‪-25‬نيقوﻻ ريشر‪ :‬تطور المنطق العربي‪:‬تر‪،‬ﷴ نهران‪،‬دار المعارف‪،‬القاهرة‪،‬ط‪: 1‬‬


‫‪1985‬‬

‫‪-26‬عبد الهادي فضلي ‪:‬مذكرة المنطق‪،‬دار الكتاب اﻹسﻼمي إيران ‪،‬ط‪ 1،1408‬هـ‬

‫‪-27‬ياسين خليل ‪ :‬مقدمة في علم المنطق‪،‬مطبعة جامعة بغداد‪،‬ط‪1979 : 1‬‬

‫‪-28‬ياسين خليل ‪ :‬نظرية أرسطو المنطقية‪،‬دار الوفاء لدنيا‪،‬للطباعة والنشر‬


‫اﻹسكندرية‪،‬ط‪1،2006‬‬

‫‪-29‬يوسف محمق‪ :‬المنطق الصوري‪،‬التصورات والتصديقات‪،‬دار‬


‫الحكمة‪،‬القاهرة‪،‬ط‪1994: 2‬‬

‫المعاجم‪:‬‬

‫‪ /1‬الفيروز أبادي‪:‬القاموس المحيط‪،‬دار العلم للجميع‪،‬بيروت‪،‬دط‪،‬دس‪،‬ج‪4‬‬

‫‪ /2‬مجمع اللغة العربية بالقاهرة المعجم الوسيط‪،‬دار احياء التراث العربي‬

‫‪ /3‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪،‬دار صادر بيروت‪،‬ط‪ 1414 3‬هـ‬

‫‪ /4‬عبد المنعم الحفني‪ :‬المعجم الشامل لمصطلحات الفلسفة‪،‬مكتبة مدبولى‪،‬القاهرة ط‪3‬‬


‫‪2000‬‬
‫الفصل اﻷول ‪ :‬المنطق‬

‫‪ ‬اللغة واﻹنسان ‪01......................................................................‬‬


‫‪ ‬ماهية المنطق لغة وإصطﻼحا ‪01.....................................................‬‬
‫‪ ‬موضوع المنطق ‪06...................................................................‬‬
‫‪ ‬قوانين الفكر اﻷساسية ‪10.............................................................‬‬
‫‪ ‬الغاية من المنطق‪11...................................................................‬‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬التصورات‬

‫‪ ‬مفهوم التصور ‪13.....................................................................‬‬


‫‪ ‬الدﻻلة وأقسامها ‪14....................................................................‬‬
‫‪ ‬المفرد و المركب و الكلي والجزئي‪17................................................‬‬
‫‪ ‬المفهوم و الماصدق‪21.................................................................‬‬
‫‪ ‬الكليات الخمس ‪23.....................................................................‬‬
‫‪ ‬التعريف ) شروطه وأنواعه ( ‪25.....................................................‬‬

‫الفصل الثالث التصديقات‬

‫‪ ‬الحدود والقضايا ‪29...................................................................‬‬


‫‪ ‬معنى القضية ‪31.......................................................................‬‬
‫‪ ‬تصنيف القضايا ‪31....................................................................‬‬
‫‪ ‬القضايا التحليلية ‪32................................................................‬‬
‫‪ ‬القضايا التأليفية ‪32.................................................................‬‬
‫‪ ‬القضايا الحملية ‪33.................................................................‬‬
‫‪ ‬القضية الشرطية ‪35...............................................................‬‬
‫‪ ‬القضية الشخصية ‪37.............................................................‬‬

‫أ‬
‫‪ ‬القضية الطبيعية ‪37..............................................................‬‬
‫‪ ‬القضية المهملة ‪37...............................................................‬‬
‫‪ ‬القضية المحصورة ‪37...........................................................‬‬
‫‪ ‬اﻻستدﻻل ‪38........................................................................‬‬
‫‪ ‬اﻻستدﻻل المباشر ‪38...............................................................‬‬
‫‪ ‬أنواع اﻻستدﻻل المباشر ‪38........................................................‬‬
‫‪ ‬التقابل بين القضايا ‪38..............................................................‬‬
‫‪ ‬التقابل بالتناقض ‪39..............................................................‬‬
‫‪ ‬التقابل بالتداخل ‪39...............................................................‬‬
‫‪ ‬التقابل بالتضاد ‪39...............................................................‬‬
‫‪ ‬التقابل تحت التضاد ‪39..........................................................‬‬
‫‪ ‬اﻻستدﻻل غير المباشر ‪39.........................................................‬‬
‫‪ ‬أنواع اﻻستدﻻل غير المباشر‪39...................................................‬‬
‫‪ ‬اﻻستقراء ‪40.....................................................................‬‬
‫‪ ‬التمثيل ‪40........................................................................‬‬
‫‪ ‬القياس وأشكاله ‪41..............................................................‬‬
‫‪ ‬الخاتمة‪48.........................................................................‬‬
‫‪ ‬الملخص‪51.......................................................................‬‬
‫‪ ‬قائمة المصادر والمراجع‪55.....................................................‬‬

‫الفهرس‪....................‬‬

‫ب‬

You might also like