You are on page 1of 8

‫التايل ‪http://www.philomartil.

tk:‬‬ ‫لالطالع على خمتلف دروس السنة الثانية من سلك الباكلوريا يرجى زيارة املوقع‬

‫درس اللغة‬
‫‪ :1‬من الدالالت إلى اإلشكالية‪:‬‬
‫الداللة االعتيادية‬
‫تتحدد التمثالت االجتماعية والتحديدات اللغوية ملفهوم اللغة يف معنيني أساسيني‪ ،‬أحدها مفاده أن‬
‫اللغة هي فعل كالمي ووسيلة للتعبري عن كوامن الفكر‪ ،‬وثانيها مفاده أن اللغة هي حمصول كالمي الغرض‬
‫منه التعبري والتبليغ وحتيقي التواصل‪.‬‬
‫غري أن تقليب النظر يف هذه التحديدات يظهر سذاجتها أحيانا وتلقائيتها يف كوهنا ترجع مقصد اللغة‬
‫يف مطليب التعبري والتواصل‪ ،‬لذا جيب االنتقال من الداللة اليومية إىل الداللة اللغوية والفلسفية لتحديد تعريف‬
‫دقيق للمفهوم‪.‬‬
‫الداللة اللغوية‬
‫حيدد ابن منظور يف معجمه لسان العرب مفهوم اللغة باعتباره " أصوات يعرب هبا قوم عن أغراضهم"‪،‬‬
‫ومعىن هذا اللغة خاصية إنسانية تقوم على أصوات بغية التعبري ‪ ،‬ويف املعجم الفرنسي لروبري ‪ Robert‬جند‬
‫مفهوم اللغة يتحدد باعتباره خاصية إنسانية ترمي إىل حتقيق التواصل بواسطة نسق من العالمات الصوتية‪،‬‬
‫وقدرة تستخدم تقنية جسدية معقدة تتمثل يف األعضاء البيولوجية‪،‬تتطلب مراكز عصبية متخصصة وراثيا‪.‬‬
‫الداللة الفلسفية‬
‫حتتمل اللغة حسب " الالند" مستويني‪:‬‬
‫مستوى خاص‪ :‬يعترب أن اللغة هي وظيفة التعبري الكالمي عن الفكر داخليا وخارجيا‪ ،‬وهي تتقابل‬
‫ضمنيا مع الكالم باعتباره نوعا من اللغة وليس كل اللغة‪.‬‬
‫مستوى عام‪ :‬حيدد اللغة باعتبارها كل نسق من العالمات شرط أن حيقق فعل التواصل‪ .‬وهي هنا‬
‫تقابل اللسان باعتباره نسقا من العالمات الصوتية اخلاصة مبجتمع بعينه‪.‬‬
‫إذن اللغة تتقابل مع الكالم باعتبار أن الكالم نوع من اللغة وليس كل اللغة‪ ،‬ألن الكالم فعل فردي‬
‫تتحقق بواسطته وعربه الوظيفة اللغوية‪ ،‬وتتقابل اللغة أيضا مع اللسان باعتبار أن اللغة وظيفة مشرتكة بني‬
‫سائر البشر ‪ ،‬واللسان نسق من العالمات الصوتية اخلاصة مبجتمع معني واملوجود خارج إرادة األفراد‪.‬‬
‫التأطير اإلشكالي ‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫التايل ‪http://www.philomartil.tk:‬‬ ‫لالطالع على خمتلف دروس السنة الثانية من سلك الباكلوريا يرجى زيارة املوقع‬
‫انطالقا مما سبق تربز اإلشكالية الفلسفية ملفهوم اللغة واليت حياول الدرس مقاربتها‪ ،‬واليت ميكن‬
‫إجيازها يف أربعة أساسية وهي‪:‬‬
‫اللغة خاصية لإلنسان ‪ :‬هل اللغة خاصية إنسانية أم هي قاسم مشرتك بني اإلنسان واحليوان؟‬
‫‪ :‬ما وجه العالقة بني الرمز والعالمة‪ ،‬هل هي عالقة متاثل أم تباين؟‬ ‫العالمة والرمز‬
‫‪ :‬هل عالقة اللغة بالفكر عالقة اتصال وتزامن أم أسبقية وتباعد؟‬ ‫اللغة والفكر‬
‫‪ :‬هل ميكن حصر وظيفة اللغة يف التواصل أم تتعداها إىل وظائف أخرى‬ ‫اللغة والتواصل‬
‫كالكشف واإلخفاء والسلطة؟‬
‫‪ :2‬اللغة خاصية إنسانية‪.‬‬
‫التأطير اإلشكالي للمحور‪ :‬ساد هناك اعتقاد يقر بأن اللغة فعل مقصور على النوع البشري دون‬
‫أن ينازعه يف ذلك طرف ثان‪ ،‬غري أن هناك أصوات أخرى سارعت إىل تفنيد صوابية تفرد اإلنسان هبذه‬
‫اخلاصية‪ ،‬وبالتايل شهدت على وجود أشكال من التواصل لدى بعض احليوانات مما يثري استفهامات عدة يف‬
‫شأن من ميتلك اللغة‪ ،‬فهل هي خاصية مقصورة على اإلنسان وحده‪ ،‬أم أنه يشرتك يف ذلك مع احليوانات؟‬
‫أطروحة ديكارت ‪ :‬اللغة خاصية إنسانية‬
‫اللغة حسب ديكارت فاعلية إنسانية خالصة‪ ،‬وقدرة موقوفة على اإلنسان ويتفرد هبا وحده دون‬
‫غريه‪ ،‬النفراد النوع البشري مبلكة العقل والتفكري‪ ،‬أما احليوانات وحىت إن امتلكت األعضاء الفيزيولوجية‬
‫للنطق فإهنا ال تبدع الكالم مثل اإلنسان‪ ،‬وإن قلنا أهنا تقتدر على إصدار أصوات والنطق هبا فإن ذلك‬
‫النطق يكون على سبيل التقليد واحملاكاة ال عن طريق اإلبداع‪ ،‬والسبب يف ذلك يعود حسب ديكارت إىل‬
‫افتقار احليوان للفكر والعقل والوعي‪ ،‬فاستجابة احليوان تكون آلية‪ ،‬انفعالية وغريزية‪ ،‬وبالتايل فأصوات‬
‫احليوان طبيعية تتوخى اإلشباع وتلبية احلاجات البيولوجية فحسب‪.‬‬
‫إن شرط الكالم عند ديكارت يكمن يف حيازة ملكة العقل وخاصية الوعي‪ ،‬وما دام الفكر خاصية‬
‫إنسانية حمضة‪ ،‬فاللغة أيضا تعترب خاصية إنسانية‪.‬‬
‫أطروحة إميل بنفنست‪ :‬هل للحيوانات لغة؟‬
‫عملت الدراسات واألحباث العلمية على إثبات أن اللغة موقوفة على اإلنسان وحده دون غريه‪ ،‬وهذا‬
‫يربز من خالل الدراسات اليت أجراها كارل فون فريش على خلية النحل ‪ ،‬إذ حاول بنفنست من خالهلا‬
‫املقارنة بني اإلنسان واحليوان فخلص إىل جمموعة اخلواص وهي متيز اللغة اإلنسانية من حيث الطبيعة‬
‫واملقاصد عن التواصل احليواين‪ ،‬فاللغة البشرية يتحكم فيها جهاز صويت وعلى العكس نعثر على أن الرسالة‬
‫عند النحل تعتمد كليا على احلركة من خالل الرقصة‪ .‬فهذا التواصل الذي حيدث بني النحل ليس صويت بل‬
‫حركي مما حيتم ضرورة توفر الظروف املناسبة إلدراك حمتوى الرسالة واملتمثل يف توفر الرؤية اليت ال ميكن‬
‫‪2‬‬
‫التايل ‪http://www.philomartil.tk:‬‬ ‫لالطالع على خمتلف دروس السنة الثانية من سلك الباكلوريا يرجى زيارة املوقع‬
‫أن تتم يف الظالم‪ ،‬أما اللغة اإلنسانية فهي ال تعرف هذا التضييق‪ .‬وإذا ما انتبهنا إىل لغة اإلنسان فهي تتحدد‬
‫بوصفها لغة حوارية تعتمد على تبادل الرسائل اللغوية و اخلوض يف مواضيع متعددة‪ ،‬وعل العكس من هذا‬
‫فالتواصل عند النحل يتعلق باحملتوى الواحد وهو الغداء مع غياب احلوار بل هناك االستجابة الفورية جتاه‬
‫معطيات الرسالة اليت تبدو غري قابلة للتحليل والتفكيك وإعادة الرتكيب‪ ،‬غري أن اللغة اإلنسانية جنده تتفرد‬
‫مبعطى التمفصل والتقطيع وإعادة الرتكيب‪.‬‬
‫إذن هناك فوارق واضحة بني اللغة اإلنسانية والتواصل احليواين الذي ال يرقى إىل مستوى اللغة عند‬
‫اإلنسان وبالتايل فكل لغة تواصل وليس كل تواصل لغة‪.‬‬
‫أطروحة أندري مارتينيه ‪ :‬التمفصل املزدوج للغة‬
‫يتجه أندري مارتينيه هو اآلخر لتأكيد تفرد اإلنسان خباصية اللغة القابلة للتمفصل‪ ،‬غري أن هذا‬
‫التمفصل الذي تتميز به مجيع األلسن بدون استثناء ميكن حتديده من خالل ضربني‪:‬‬
‫التفصل األول ومؤداه أنه باملقدور حتليل اللغة وردها إىل وحدات داللية صغرى ال تقبل أن تقطع‬
‫وجتزأ إىل وحدات أصغر منها حاملة للداللة واملعىن وهي تسمى باملونيمات‪.‬‬
‫التمفصل الثاين مفاده أن اللغة اإلنسانية قابلة ألن حتل إىل وحدات صوتية صغرى ليست حاملة‬
‫للداللة واملعىن وال تقبل بدورها أن حتل إىل وحدات صوتية أصغر منها خالية من الداللة واملىن وتكىن‬
‫بالفونيمات‪.‬‬
‫وباالعتماد على هذه الوحدات الصوتية ميكن إنشاء عدد ال متناه من الرتاكيب واخلطابات عن طريق‬
‫جتديد الرتكيب والتأليف وهو ما حيدد قيمة التمفصلني يف ما هلما من اقتصاد لغوي للتعبري عن وقائع جتريبية‬
‫غري متناهية‪.‬‬
‫‪ :3‬العالمة والرمز‬
‫التأطير اإلشكالي للمحور‪ :‬يبدو أن اللغة اإلنسانية ال ترتبط باملعطى املوضوعي ارتباطا مباشرا‪،‬‬
‫وإمنا صارت هناك رموز وعالمات يتم توظيفها الستحضار األشياء املادية يف صور ذهنية‪ ،‬ومن مثة مل يعد‬
‫باملقدور االستغناء عنها أو االنفكاك عنها‪ ،‬من هنا البد من بسط االستفهامات التالية‪ ،‬ما معىن العالمة‬
‫والرمز وما هي العالمة اللسانية وما طبيعة العالقة بني العالمات والرموز هل هي عالقة تقوم على التباين‬
‫واالختالف أم على التوافق والتماثل؟‬
‫أطروحة كاسرير ‪ :‬اإلنسان حيوان رامز‬
‫ينخرط اإلنسان ضمن النظام البيولوجي ميتثل هو اآلخر للقوانني الطبيعية والقواعد الفطرية الغريزية‪،‬‬
‫لكنه رغم هذا جنده ينفرد جبملة من اخلصائص ميكن حتصيلها يف الوظيفة الرمزية‪ ،‬فبفضل هذا النظام الرمزي‬
‫استطاع اإلنسان جتاوز النظام البيولوجي وتأسيس نظام رمزي ثقايف‪ ،‬وبالتايل تكون استجابته بطيئة بسبب‬
‫‪3‬‬
‫التايل ‪http://www.philomartil.tk:‬‬ ‫لالطالع على خمتلف دروس السنة الثانية من سلك الباكلوريا يرجى زيارة املوقع‬
‫سريورة الفكر مما جيعله ال يرتبط بالواقع ارتباطا مباشرا الذي مت االستغناء عنه عرب وساطة رمزية‪ ،‬وهذا ما‬
‫ال نلقاه عند احليوان الذي تكون استجابته فورية وتلقائية تتم عن االنفعال والغريزة وكذا االرتباط املباشر‬
‫باحمليط اخلارجي‪.‬‬
‫لقد صار من الصعب االستغناء عن هذه الوساطة الرمزية لدى اإلنسان إذ ال ميكن له ان يعيش ويفهم‬
‫ويدرك الواقع بدون رموز‪ ،‬مما يفسر أن اإلنسان حيىي يف عامل رمزي‪.‬‬
‫أطروحة هيجل ‪ :‬العالمة والرمز‬
‫تبىن هيجل موقفا وسطيا بني العالمة والرمز معتربا أن العالقة بينهما هي عالقة متاثل وتباين‪ ،‬ومكمن‬
‫التماثل يربز يف كون العالمة والرمز آليتان متثيليتان يتم هبما متثيل واستحضار شيء غائب‪ ،‬أما وجه التباين‬
‫بينهما يكمن يف كون أن العالقة بني الدال واملدلول بني الشيء املَم َّثل و الشيء املمِّثل داخل العالمة تكون‬
‫اعتباطية‪ ،‬أي عدم توفر خصائص طبيعية ومشرتكة بني الدال واملدلول‪ ،‬والعالقة بينهما هي ناجتة باألساس‬
‫على االتفاق واملواضعة فقط‪،‬وعلى العكس جند أن العالقة بينهما داخل الرمز تكون طبيعية وضرورية حيث‬
‫أن الرمز يرتبط ارتباطا طبيعيا مبدلوله‪ ،‬ومعناه متضمن يف طبيعته وحمايث ملاهيته‪ .‬فاألسد رمز دال على‬
‫القوة‪ ،‬ووجه الداللة أن فكرة القوة توجد يف األسد وليست غريبة عنه‪.‬‬
‫إن الرمز حسب هيجل خيتص بكثافة داللية يصعب ردها إىل معىن واحد فاألسد ال يوصف بالقوة‬
‫فقط‪ .‬كما ا الفكرة يصعب تصويرها مبوضوع واحد‪ ،‬بل حتمل عدة موضوعات ليس الرمز إال أبرزها‪.‬‬
‫أطروحة دوسوسري ‪ :‬الدليل اللساين‬
‫العالمة اللسانية كيان سيكولوجي مؤلف بني وجهني؛ وجه صويت يسمى الدال أو الصورة واملعىن‪،‬‬
‫بينما يتجسد الوجه الثاين يف املدلول وهو الصورة الذهنية أو التصور أو املفهوم‪ ،‬فوجود الدليل اللساين‬
‫رهني بوجود الدال واملدلول يف شكل مرتابط على حنو تعسفي؛ فالعالقة بينهما اعتباطية لكوهنا تلقائية ال‬
‫تتأسس على أي سبب منطقي أو علة واقعية‪ ،‬أي أن العالقة بني الدال واملدلول ال تكون مربرة وإما تأيت‬
‫عن طريق املواضعة واالتفاق‪ ،‬ويضرب لنا دوسوسري مثال يبني فيه ثبات املضمون الواحد يف املدلول "أخت"‬
‫واختالف الدال باختالف األلسن ‪ sœur – sister‬فالدال هنا غري معلل وأن العالقة بينه وبني املدلول‬
‫ال تقوم على أي رابطة طبيعية أو سببية منطقية بل عرفية اصطالحية‪.‬‬
‫‪ 4‬اللغة والفكر‬
‫التأطير اإلشكالي للمحور‪ :‬ورد مع ديكارت أن اللغة خاصية إنسانية وذلك نتيجة انفراد النوع‬
‫البشري مبلكة العقل‪ ،‬بل نسب إىل اللغة القدرة على التعبري عن مكونات الذات الفكرية لدى اإلنسان مما‬
‫يستدعي طرح جمموعة من األسئلة لفحص طبيعة العالقة بينهما‪ ،‬هل اللغة جمرد أداة للتعبري عن فكر سابق‬

‫‪4‬‬
‫التايل ‪http://www.philomartil.tk:‬‬ ‫لالطالع على خمتلف دروس السنة الثانية من سلك الباكلوريا يرجى زيارة املوقع‬
‫متقدم عليه أم أهنا شرط حتقق الفكر وإنتاجه؟ وهل عالقة اللغة بالفكر تقوم على األسبقية واالستقالل أم‬
‫التالزم واالتصال؟‬

‫املوقف األدايت‪ :‬أسبقية الفكر عن اللغة (االنفصال)‬


‫أطروحة‪ :‬برجسون‪ ،‬ديكارت‪ ،‬أفالطون‬
‫يقوم التصور األدايت باعتبار اللغة ما هي إال أداة ووسيلة للتعبري عن فكر صامت سابق عليها‪ ،‬وبالتايل‬
‫تبلغه وتوصله للمتلقي‪ .‬وهبذا فالعالقة احلاصلة بني اللغة والفكر هي عالقة استقالل وتباعد ومتايز‪ ،‬فالفكر‬
‫هو الذي حيصل أوال وحيتاج إىل اللغة كي تكشف عنه وخترجه من وجوده بالقوة إىل وجوده بالفعل‪،‬‬
‫وباإلضافة إىل ميزة األسبقية هاته جند أن الفكر أوسع وأمشل من اللغة‪ ،‬ألن هذه األخرية تكون أحيانا فقرية‬
‫وعاجزة عن التبليغ عما يروج يف الفكر وكدا اإلحاطة به واستيعابه‪ ،‬وهذا دليل على فشل اللغة حسب‬
‫برجسون يف ترمجة ونقل ما حتمله التجربة الوجدانية الصوفية مثال من دالالت ومعاين‪ ،‬يقول احلالج‬
‫مثال‪":‬ما يف اجلبة إال اهلل" ويقول البسطامي"سبحاين ما اعظمين"‪.‬‬
‫يعترب ديكارت أن اللغة يف مظهرها املادي (الصوت‪ ،‬الكالم مثال) ليست إال أداة للتعبري عن الفكر‪،‬‬
‫فاللغة مادية والفكر جوهر روحي ‪ ،‬وهو نفس ما جاء به أفالطون الذي يرى أن الفكر جوهر روحي‬
‫مستقل عن اللغة ومتعال عليها‪ ،‬اللغة مادية وعالقتها بالفكر هي عالقة انفصال‪.‬‬
‫املوقف التالزمي ‪:‬‬
‫أطروحة مريلوبونيت ‪ :‬عالقة التماهي‬
‫يتبىن مريلوبونيت املوقف االتصايل بني اللغة والفكر‪ ،‬منتقدا القول بأن اللغة ما هي إال أداة ووسيلة‬
‫للكشف عن الفكر مما يوحي بانفصاهلما معا‪ ،‬وعلى العكس من هذا فكال املوضوعني الفكر والكالم‬
‫يشكالن وجودا عالئقيا‪ ،‬حيتوي أحدها اآلخر‪ ،‬وبالتايل فالتفكري يف صمت ليس بالضرورة انفصاال أو‬
‫أسبقية للفكر عن الكالم وإمنا هو عبارة عن ضجيج من الكلمات‪ ،‬فالفكر الصامت لغة داخلية حمتواها‬
‫الفكر ويتلقى شكله من اللغة ويف اللغة وال ميكنه أن ينفصل عنها‪.‬‬
‫أطروحة دي سوسري‪ :‬ال فكر بدون لغة‬
‫قدم دي سوسري تصورا جديدا مفاده أن العالقة بني اللغة والفكر هي عالقة تالزمية‪ ،‬فالفكر دون‬
‫صوت هو جمرد كثلة عدمية الشكل وضبايبة املعن‪ ،‬وهبذا يكون اللسان هو الوسيط الذي يوحد بني الفكر‬
‫والصوت لنقل الفكر من عمائه إىل الوضوح واالنكشاف‪ ،‬وقد ضرب مثاال إلبراز طبيعة العالقة املمكنة بني‬
‫اللغة والفكر إذ يقول ‪ ":‬إن الفكر هو وجه الصفحة بينما الصوت هو ظهر الصفحة‪ ،‬وال ميكن قطع الوجه‬
‫‪5‬‬
‫التايل ‪http://www.philomartil.tk:‬‬ ‫لالطالع على خمتلف دروس السنة الثانية من سلك الباكلوريا يرجى زيارة املوقع‬
‫دون أن يتم يف الوقت نفسه قطع الظهر‪ ،‬وباملثل ال ميكن فصل الصوت عن الفكر أو فصل الفكر عن‬
‫الصوت"‪ ،‬وهذا ما يدل على احتاد واتصال وتالزم الصوت بالفكر والعكس‪.‬‬
‫أطروحة إميل بنفنست‪ :‬ال فكر بدون لغة‬
‫يعترب أن اللغة بوصفها كالما منطوقا‪ ،‬فهي مستعملة للتعبري عما يروج يف الفكر الذي يتلقى شكله‬
‫حني يتلفظ به ومن اللغة ويف اللغة‪ ،‬اليت ال ميكنه أن ينفك عنها وال أن يتعاىل عليها‪ ،‬ومن اللغة يستعري‬
‫الفكر أطره‪ ،‬وبدوهنا يصري ال شيء متاما‪ ،‬إنه يصري مبهما وغري واضح ال يكون مبقدور أحد إدراكه‬
‫بوصفه "حمتوى" متمايزا عن الشكل الذي متنحه اللغة إياه‪.‬وهكذا جند إميل بنفنست يعترب أن الشكل‬
‫اللساين ليس شرط إمكان التبليغ فحسب‪ ،‬بل هو كذلك شرط حتقق الفكر‪ ،‬والقول أنه بإمكان الفكر أن‬
‫يستغين عن اللغة أو يتفاداها باعتبارها عقبة‪ ،‬ستبدو فكرة غري ذات معىن‪.‬‬
‫جوليا كريستيفا‪ :‬اللغة جسم الفكر‬
‫تعترب أن اللغة هي اليت متنح للفكر وجوده‪ ،‬وبالتايل فهي شرط ال غىن عنه يف وضع الفكر وإنتاجه‪،‬‬
‫وعالقتهما بالتايل عالقة عضوية‪ ،‬فهي ترى أن اللغة منظور إليها من خارج تكتسي طابعا ماديا متنوعا‪،‬‬
‫فيمكنها أن تتمظهر يف صورة سلسلة من األصوات املنطوقة أو يف صورة شبكة من العالمات املكتوبة‪ ،‬أو‬
‫على شكل لعبة من اإلمياءات‪ ،‬وهذه احلقيقة املادية جتسم ما نسميه فكرا‪ ،‬أي أن اللغة هي الطريقة الوحيدة‬
‫اليت ميكن أن يوجد هبا الفكر‪ ،‬بل هي حقيقة وجوده وخروجه إىل الوجود أو كما تقول ‪":‬إن اللغة هي‬
‫جسم الفكر"‪.‬‬
‫‪ 5‬وظائف اللغة‬
‫التأطير اإلشكالي للمحور‪ :‬من اإلشكاالت اليت تطرحها الظاهرة اللغوية‪ ،‬مسألة الوظائف اليت‬
‫تنهض هبا؛ ومن مت حيق لنا التساؤل‪ :‬ما هي أهم الوظائف املنوطة باللغة؟ وهل تقتصر وظيفة اللغة يف‬
‫الكشف والوضوح أم تتعداه إىل اإلضمار واإلخفاء؟ مث ما عالقة اللغة بالسلطة؟‬
‫أطروحة جاكوبسون‪ :‬الوظيفة التواصلية‬
‫تلعب اللغة وظيفة تواصلية تروم حتقيق التبليغ والتواصل‪ ،‬وذلك عرب ستة مكونات‪ ،‬فالتواصل يبدأ‬
‫بإرسال رسالة من طرف املرِس ل إىل املرسل إليه وذلك يف سياق خمصوص‪ ،‬هذه الرسالة يتم صياغتها‬
‫اعتمادا على سنن وقواعد مشرتكة بني املرسل واملرسل إليه‪،‬وترسل عرب قناة اتصالية فيزيائية ونفسي‪ ،‬مث‬
‫يعمد املرسل إليه إىل تفكيك الرسالة وبيان حمتواها‪ ،‬ويشرتط يف كل فعل تواصلي أن يكون موصوفا‬
‫بالوضوح حىت تؤدي الرسالة وظيفتها‪.‬‬
‫كما أن فعل التواصل هذا يشتمل على عدة وظائف أخرى تنتج عنه وهي الوظيفة التعبريية أو‬
‫االنفعالية والوظيفة املرجعية والوظيفة التأثريية والوظيفة الشعرية والوظيفة االتصالية مث الوظيفة الواصفة‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫التايل ‪http://www.philomartil.tk:‬‬ ‫لالطالع على خمتلف دروس السنة الثانية من سلك الباكلوريا يرجى زيارة املوقع‬
‫أطروحة دوكرو‪ :‬اللغة بني الكشف واإلخفاء‬
‫يعترب دوكرو ان اللغة تقوم بوظيفة تواصلية موسعة‪ ،‬غري أنن يعرتض على التصور الكالسيكي‬
‫للتواصل و الذي جيعل الفعل التواصلي مقصورا على وظيفة اإلخبار واإلبالغ فقط‪ ،‬ألن العالقات اإلنسانية‬
‫تنهض بعدة مقامات ميكن خالهلا اللغة أن تؤدي عدة مقاصد حسب الصور اخلطابية والصيغ الكالمية‬
‫كالنصح والنداء والسؤال‪ ...‬كما جند دوكرو يعلق على القول بأن اللغة تقوم بوظيفة الكشف واإلخبار‪،‬‬
‫فهي ليست دائما مكشوفة وواضحة بل قد تكون مغلفة ومضمرة وغري صرحية نظرا لوجود جمموعة من‬
‫احملرمات تدعوا املرء إىل احلجب يف كالمه لوجود إكراهات سياسية واجتماعية وأخالقية‪ ،‬وبالتايل يكون‬
‫لزاما على املتكلم أن يسوس كلماته ألهنا لعبة حمكمة القواعد‪.‬‬
‫أطروحة روالن بارت ‪ :‬اللغة والسلطة‬
‫يذهب روالن بارت إىل اعتبار أن اللغة تتعدى وظيفة التواصل والتعبري عن العقل‪ ،‬وإمنا اللسان من‬
‫حيث هو إجناز كل لغة‪ ،‬ميارس فاشيته‪ ،‬ال يف احليلولة دون الكالم‪ ،‬وإمنا اإلرغام عليه‪.‬‬
‫إن اللغة‪ ،‬ما إن يتم النطق هبا‪ ،‬حىت وإن ظلت جمرد مههمة‪ ،‬فهي تصبح يف خدمة سلطة بعينها‪،‬‬
‫ومتارس على الذات املتكلمة ضروبا من القهر واإلرغام‪ ،‬وجتردها من حريتها وتلزمها بالدالئل والعالمات‬
‫اليت تتكون منها اللغة‪ ،‬يقول بارت يف هذا الشأن‪ ":‬ليس باستطاعيت الكالم دون أن جير كالمي يف ذيوله ما‬
‫يعلق باللسان‪ .‬وما أن أصغ عبارة ما حىت تلتقي عندي اخلانتان املذكورتان‪ ،‬وأكون يف ذات الوقت سيدا‬
‫ومسودا‪ :‬إذ أنين ال أكتفي بأن ألوك ما قيل وأردده‪ ،‬مرتكنا بارتياح إىل عبودية الدالئل‪ ،‬بل إنين أؤكد‬
‫وأثبت وأفند ما أردده" ‪.‬‬

‫فرض تطبيقي في درس اللغة‬

‫"من األكيد أن اللغة بوصفها كالما منطوقا مستعملة لنقل "ما نريد قوله"‪ .‬غري أن ما نسميه هنا "ما‬
‫نريد قوله" أو "ما يف ذهننا" أو فكرنا" أو مهما يكن االسم الذي نطلقه عليه‪ ،‬هو حمتوى للفكر(‪ )...‬وهذا‬
‫احملتوى يتلقى شكله حني يتلفظ به وفقط حني يتلفظ به‪ .‬إنه يتلقى شكله من اللغة ويف اللغة‪ ،‬اليت هي قالب‬
‫كل تعبري ممكن؛ ال ميكنه أن ينفك عنها وال أن يتعاىل عليها‪.‬‬
‫‪ ...‬البد هلذا احملتوى أن مير عرب اللغة ويستعري منها األطر‪ .‬و إال فالفكر‪ ،‬إن مل يصر ال شيء متاما‪،‬‬
‫فإنه يصري على أي حال من اإلهبام والال متايز إىل حد ال يكون مبقدورنا إدراكه بوصفه "حمتوى" متمايزا‬
‫عن الشكل الذي متنحه اللغة إياه‪ .‬فليس الشكل اللساين إذن شرط إمكان التبليغ فحسب‪ ،‬بل هو كذلك‬
‫‪7‬‬
‫التايل ‪http://www.philomartil.tk:‬‬ ‫لالطالع على خمتلف دروس السنة الثانية من سلك الباكلوريا يرجى زيارة املوقع‬
‫شرط حتقق الفكر‪ .‬إننا ال ندرك الفكر إال متالئما مقدما مع أطر اللغة‪ .‬خارج هذا ليس مثة سوى فعل‬
‫إرادي مبهم‪ ،‬واندفاعة تتفرغ يف حركات وإمياءات‪ .‬هذا يعين القول إن مسألة معرفة إن كان بإمكان‬
‫الفكر أن يستغين عن اللغة أو يتفاداها باعتبارها عقبة‪ ،‬ستبدو‪ ،‬إذا ما حللنا بصرامة املعطيات احلاضرة أدىن‬
‫حتليل‪ ،‬غري ذات معىن‪".‬‬
‫المطلوب‪:‬‬
‫حلل النص حتليال فلسفيا منظما مربزا قيمة تصوره إلشكالية اللغة والفكر؟‬

‫‪8‬‬

You might also like