You are on page 1of 9

‫مفهوم اللغة‪:‬‬

‫اللغة كنسق وكظاهرة تشير إلى األشياء خاصة المادية‪ ،‬وتجردها في أصوات أو خطوط‪ ،‬وهي‬
‫متنوعة من كالم‪ ،‬إيماءات‪ ،‬وموسيقي ‪...‬وللكشف عن أهمية اللغة وجب أن نتساءل‪ :‬إذا لم‬
‫تكن اللغة مجرد أصوات نحدثها وال مجرد رسوم نخطها‪ ،‬فما عساها أن تكون؟ أليست عبارة‬
‫عن إشارات ورموز نبدعها لتساعدنا على تنظيم حياتنا وتحقيق التواصل فضال عن تحديد‬
‫عالقاتنا مع عالم األشياء؟‬

‫‪ -‬يقول إدوارد سابير‪ " :‬اللغة أداة تواصل إنسانية بحته‪".‬‬

‫‪-1‬إذا لم تكن اللغة مجرد تعبير انفعالي‪ ،‬أو نشاط حيوي عام‪ ،‬ففيم تتمثل طبيعتها؟‬

‫أوال‪ :‬أشكال التعبير االنفعالي‪:‬‬


‫‪ -1‬اآلية الكريمة من سورة النمل اآلية ‪َ ،18‬ح ى َّٰت إ َذإ َأت َْوإ عَ َ ٰل َوإد إلنى ْمل قَال َ ْت ن َ ْم َ ةل ََي‬
‫ِ‬
‫ون ﴿‪﴾١٨٨‬‬ ‫َأُّيه َا إلنى ْمل إدْخلوإ َم َساكنَ ْك َل َ َْيط َمنى ْك سلَ ْي َمان َوجنوده َو ُْه َل ي َْشعر َ‬
‫‪ -2‬تأمل مجتمع الحشرات وكيفية التواصل‪.‬‬
‫‪ -3‬لننظر إلى عالم الطيور وطريقة التواصل‪.‬‬
‫‪ -4‬لنتأمل التواصل عند اإلنسان وبعض الفقريات‪.‬‬

‫*التعليق على الوضعيات السابقة ‪:‬‬


‫أن طبيعة االتصال عند الحشرات والحيوان ال تشبه ما في لغة اإلنسان‪ ،‬لهذا نشير إلى ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫ا‪ -‬اإلشارات واألصوات التي يستخدمها الحيوان محدودة‪ ،‬فهي فطرية تولد مع الكائن‪ ،‬كما‬
‫أنها نوعية‪.‬‬
‫ب‪ -‬هي غريزية أو مجرد رد فعل آلي خال من التفكير يعبر عن أغراض بيولوجية‪.‬‬
‫استنتاج‪ :‬إن فعل التواصل عند الحيوان خال من الذكاء والتفكير‪.‬‬

‫‪Mohamed BNH‬‬
‫القناة التعليمية األولى في الجزائر‬
‫ثانيا‪ :‬التعبير من التكيف إلي الوعي‪:‬‬
‫يعبر اإلنسان عن أفكاره وأحواله النفسية بطريقتين معا‪:‬‬
‫ا ‪ -‬باإلشارات الطبيعية‪ :‬وهي ال تحتاج إلى التعلم ألنها فطرية‪ ،‬وهي مجرد انعكاس شرطي‬
‫لمنبه داخلي أو خارجي مثال االبتسامة‪ ،‬العبوس‪ ،‬الفرح ‪ ...‬وهي عالمات غير قابلة للتحليل‬
‫والتفكيك‪.‬‬
‫ب ‪ -‬باإلشارات االصطالحية‪ :‬وهي نسق من الرموز المكتسبة بالتعلم‪ ،‬ويتفق عليها البشر‬
‫ويتفاهمون من خاللها‪ ،‬وهي خاصية إنسانية (الكالم) وهذه العالمات اللغوية مثال أن فرح‬
‫ومسرور‪ ،‬ال يوجد بين دالها ومدلولها أي ترابط طبيعي‪ ،‬وهي قابلة للتفكيك إلى وحدات‬
‫صوتية‪.‬‬

‫استنتاج‪ :‬أن الحيوان ال يملك (لغة) بالمعني الدقيق‪ ،‬ولدى اإلنسان ليست مجرد تعبيرات‬
‫انفعالية فطرية بل تتجاوز ذلك إلى اصطناع اإلشارات االصطالحية المتفق عليها بالتواضع‬
‫والترميز‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬اللغة خاصية إنسانية فريدة‪:‬‬


‫يعتبر جورج غسدورف‪ " :‬اللغة كلمة السر التي تدخل الطفل العالم اإلنساني‪ ،".‬وان‬
‫الشروط العضوية ال تنتج اللغة ألن وظيفة الكالم في جوهرها ليست وظيفة عضوية بل هي‬
‫وظيفة ذهنية وروحية‪.‬‬

‫خصائص اللغة عند اإلنسان‪:‬‬


‫‪ -1‬أنها مكتسبة‪ ،‬وليست موروثا بيولوجيا‪ ،‬بل ميراث اجتماعي ثقافي يتغير عبر‬
‫التاريخ‪.‬‬
‫‪ -2‬يرتبط وجودها بالعقل‪.‬‬
‫‪ -3‬تتصف بازدواجية خاصية الكالم‪ ،‬إذ لها بنية مركبة تنقسم إلى مستويين‪:‬‬
‫ا‪ -‬المستوى الصوتي‪.‬‬
‫‪Mohamed BNH‬‬
‫القناة التعليمية األولى في الجزائر‬
‫ب‪ -‬المستوى التركيبي‪.‬‬
‫‪ - 4‬لها قدرة التحول عبر الزمان والمكان‪ ،‬وتعبر عن الحاضر والماضي ن وتنفد‬
‫إلى المستقبل‪ ،‬وتعبر عن التصورات المادية والفكرية‪.‬‬
‫‪ - 5‬قابلة لالنتقال من جيل إلى أخر‪ ،‬ويمكن تعلم لغة أخرى بينما هذا غير‬
‫ممكن في عالم الحيوان‪.‬‬
‫‪ - 6‬اللغة عند اإلنسان ترتبط باإلبداعية كتنظيم كالمي مفتوح‪ ،‬كما أنها تعبر‬
‫عن خبراته وتجاربه ومعارفه‪ ،‬وأيضا عن تصوراته النفسية والعقلية‪ ،‬وعن قيمه‬
‫الجمالية‪....‬‬

‫استنتاج‪ :‬يجب اإلقرار بتفرد اإلنسان باللغة عن سائر الحيوان‪ ،‬ألنها ميزة إنسانية خالصة‬
‫لهذا يقال عن اإلنسان‪ " :‬إنه حيوان ناطق" بالماهية‪.‬‬

‫‪-2‬األسس التي تقوم عليها بوصفها بنية رمزية تطبع نشاط الفكر وتترجم إبداعاته؟‬

‫مثال‪ :‬صورة األسد أو الثعلب أو الجمجمة‪ ،‬تعتبر (رموزا)‪ .‬فالكلمات واأللفاظ هي (عالمات‬
‫لسانية)‪ ،‬ومع ذلك فالصورة أو الرمز أو الكلمة تدل على المعني‪ ،‬وتخبر عن الشيء الغائب‬
‫فمثال صورة الجمجمة على المواد الخطيرة تعني الموت‪.‬‬

‫أوال‪ :‬اللغة واللسان والكالم‪ :‬ما عالقة اللغة باللسان؟ وما طبيعتهما؟‬
‫‪ - 1‬عناصر مفهوم اللغة‪:‬‬
‫إن علم النفس اللغوي يربط بين اللغة واإلنسان فيعتبرها سلوكا قابال للدراسة التجريبية‪ ،‬ينبع‬
‫من إمكانيات وقدرات اإلنسان العقلية والفسيولوجية‪ .‬فاللغة هي أداة لتواصل والتفاهم‪ ،‬وهي ما‬
‫يعبر به القوم عن أغراضهم المختلفة‪.‬‬
‫‪ - 2‬عناصر مفهوم اللسان‪:‬‬
‫اللسان يطلق على لغة محددة ضمن قواعد وقوانين مضبوطة وهي أخص من اللغة مثال‬
‫اللسان العربي ‪ -‬اللسان الفرنسي‪...‬أما اللغة فتطلق على النشاط اللغوي اإلنساني سواء كان‬
‫‪Mohamed BNH‬‬
‫القناة التعليمية األولى في الجزائر‬
‫رم از صوتيا أو مكتوبا أو إشارة أو اصطالحا‪ ،‬وخصوصية اللسان تظهر في سياقها‬
‫االجتماعي والزماني والمكاني وفق القواعد الضابطة للغة‪ ،‬وهو يختلف عن اللغة الواحدة‬
‫نظ ار لتأثير عوامل (الجغرافيا‪ ،‬النظام االجتماعي‪ ،‬االختالط‪.)..‬‬
‫‪ - 3‬عناصر مفهوم الكالم‪:‬‬
‫الكالم هو الممارسة الفردية المنطوقة‪ ،‬لتفاهم بين الناس عن طريق عالمات صوتية تتيحها‬
‫لغة محددة‪.‬‬
‫فما هي شروط الكالم؟‬
‫ا‪ -‬وجود لغة محددة (كالعربية أو غيرها)‪.‬‬
‫ب‪ -‬القدرة على التعبير عن الشيء المادي أو المعنوي‪ ،‬بنية التبليغ والتواصل‪.‬‬
‫ج‪ -‬القدرة على الكالم من خالل شروط نفسية (الحسبة اللفظية)‪ ،‬وشروط عضوية مثل‬
‫سالمة أجهزة إصدار الكالم‪ ،‬باإلضافة إلي سالمة الدماغ‪.‬‬
‫د‪ -‬اإللمام بالمفردات والكلمات وقواعد التراكيب اللغوية عامة‪.‬‬
‫* ما هي نقاط االلتقاء بين اللغة واللسان والكالم؟‬
‫‪ - 1‬فاللغة هي اإلطار العام الذي يشمل الكالم واللسان معا‪.‬‬
‫‪ - 2‬الكالم كفعل فردي ال يتم إال باللغة واللسان‪.‬‬
‫* ما هي نقاط االختالف بين اللغة واللسان؟‬
‫‪ - 1‬اللغة تختلف عن الكالم في كونها واقعة اجتماعية ثابتة بينما الكالم عمل فردي متغير‪.‬‬
‫‪ - 2‬اللغة نتاج الفرد بينما الكالم عمل إرادي يقوم به الفرد يتطلب قدرات خاصة‪.‬‬
‫‪ - 3‬اللغة تمثل الجانب االجتماعي من الكالم لذا فهو غير قادر علي تعديلها وتغيرها الذي‬
‫يبرر دراستها مستقلة عنه‪.‬‬
‫‪ - 4‬اللغة اعم من اللسان ألنه مرتبط بظروف مكانية وزمانية لجماعة لغوية معينة دون‬
‫غيره‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬طبيعة الرمز والداللة‪:‬‬


‫أن اإلنسان يمتلك عدة أنماط من التعبير‪( ،‬اللغة‪ ،‬اللسان‪ ،‬الكالم)‪ ،‬لكن أخص هذه األنماط‬
‫الكالم (النمط التواصلي الصوتي) هذا ما جعل البعض يقصرون معني اللغة على الكالم‪.‬‬
‫‪Mohamed BNH‬‬
‫القناة التعليمية األولى في الجزائر‬
‫األمر الذي يدفعنا إلثارة هذه التساؤالت‪ :‬ما طبيعة اللغة؟ ومم تتكون؟ وما طبيعة الوحدات‬
‫التي تتألف منها‪ ،‬ما هو الرمز؟ وما هي العالمة اللسانية؟‬
‫وهل هناك تالزم بين الكلمات واألشياء؟ أن علم األصوات (‪ )Phonologie‬وعلم المعني‬
‫(‪ )Sémiologie‬هما اللذان يوكل إليهما البحث في النظم الصوتية للكالم والداللة المرتبطة‬
‫بهذه النظم‪.‬‬
‫‪ - 1‬بنية الكالم‪ :‬من هذا المنظور تتكون من‪:‬‬
‫ا ‪ -‬الفونيمات‪ )Phonème( :‬وهي األصوات األساسية أو الوحدات الصوتية غير الدالة‬
‫(ال تحمل معني)‬
‫ب ‪ -‬المورفيمات‪ )Morphème( :‬وهي ما ينتج عن ضم األصوات األساسية إلي‬
‫وحدات لها معني‪.‬‬

‫استنتاج‪ :‬من الفونيمات والمورفيمات يكون اإلنسان تركيبات ال نهائية من الرموز‬


‫والكلمات‪ ،‬وهذا ما جعل أندري ماريتني يعتبر أن جوهر اللغة اإلنسانية هو قابليتها للتفكك‬
‫واعادة التركيب‪.‬‬
‫لهذا تتكون اللغة من وحدات صوتية خالية المعني‪ ،‬ومن وحدات صوتية أعلي ذات معني‬
‫تسمح بتأليف جمل متعددة‪ ،‬وفقا لقواعد النحو وكلها تؤكد أن اللغة ميزة إنسانية‪.‬‬

‫‪ - 2‬الرمز وأنواع الداللة‪:‬‬


‫عرف علماء الداللة الرمز بأنه‪" :‬مثير بديل يستدعي لنفسه نفس االستجابة التي قد‬
‫يستدعيها شيء آخر عند حضوره‪ ".‬وقسموه إلى قسمين‪:‬‬
‫*الرمز اللغوي‪ :‬الكلمات (المنطوقة أو المكتوبة) هي أخص أنواع الرموز اللغوية حيث أنها‬
‫ال تشير لنفسها بل لألشياء أخرى غيرها‪.‬‬
‫* الرمز غير اللغوي ‪ :‬مثال الجرس في تجربة بافلوف فالكلب يتوجه إلى مكان الطعام‪.‬‬
‫مالحظة‪ :‬أما العالمة اللغوية فهي‪ ":‬وحدة أساسية في عملية التواصل بين أفراد مجتمع معين‬
‫وتنقسم إلى دال ومدلول‪"...‬‬
‫* الدال‪ :‬هو الصورة السمعية التي تعني شيئا‪.‬‬
‫‪Mohamed BNH‬‬
‫القناة التعليمية األولى في الجزائر‬
‫* المدلول‪ :‬فهو التصور الذهني للشيء المعني‪.‬‬
‫* العالقة بين الدال والمدلول‪:‬‬
‫‪ -‬عالقة طبيعية بين الدال والمدلول‪ :‬فالميزان رمز العدالة وال يمكن تبديله بالدبابة مثال‪.‬‬

‫‪ - 3‬العالقة بين األلفاظ واألشياء‪:‬‬

‫ا ‪ -‬العالقة ضرورية‪ :‬فاللفظ يطابق ما يدل عليه في العالم الخارجي‪ ،‬وأساس هذا الرأي‬
‫نظرية محاكاة اإلنسان ألصوات الطبيعة‪ .»...‬أي أن العالقة بين الدال والمدلول ليست‬
‫اعتباطية بل هي ضرورية "‪.‬‬
‫حجج أنصار هذا الموقف‪:‬‬
‫‪ -1‬أن العالمة اللسانية بنية واحدة يتحد فيها الدال بالمدلول‪ ،‬وبدون هذا االتحاد تفقد‬
‫العالمة اللسانية هذه الخاصية‪.‬‬
‫‪ -2‬ذهن اإلنسان ال يستسيغ وال يقبل األصوات التي ال تحمل تمثال يمكن معرفته‪.‬‬

‫لكن هذه األطروحة تصطدم ببعض الحقائق التي أقرها علماء اللغة‪ ،‬فلو كانت الكلمات‬
‫تحاكي األشياء‪ ،‬فكيف يمكن تفسير تعدد األلفاظ والمسميات لشيء واحد؟‬

‫ب ‪ -‬العالقة اعتباطية‪ :‬فكلمة (أخت) هي تتابع لألصوات التالية (أ‪ ،‬خ‪ ،‬ت) وهذا هو الدال‬
‫أما المدلول فهو معني األخت لذلك ال توجد ضرورة عقلية أو تجريبية‪ ،‬وهدا ما يسمي‬
‫بالتواضعية‪.‬‬
‫إن الذي يبرر صحة هذا التحليل أن نفس المعني (معني األخت) يعبر عنه في لغات أخرى‬
‫بتتابع أصوات أخرى‪ ،‬فمثال في الفرنسية(‪ ،)Sœur‬وفي اإلنجليزية(‪ ،)Sister‬فلو كانت‬
‫العالقة ضرورية لما تباينت األصوات ولما تعددت اللغات‪.‬‬

‫لكن االعتباطية ال تعني الحري المطلقة في العالمات واستعمالها‪ ،‬بل يتقيد ذلك باالستعمال‬
‫االجتماعي‪.‬‬
‫‪Mohamed BNH‬‬
‫القناة التعليمية األولى في الجزائر‬
‫ثالثا‪ :‬تبادلية اللغة والفكر‪:‬‬
‫هنا نتساءل ما حقيقة العالقة بين اللغة والفكر؟ وما الفكر؟ وهل هو مستقل عن اللغة؟ أم ال‬
‫يمكنه أن يوجد خارجا عنها ألنهما شيء واحد؟‬

‫يؤكد الناس على أنهم يترددون في الكالم‪ ،‬كما يسارع البعض إلى اتهام اللغة بالقصور‬
‫ويفصلون بينها وبين الفكر‪ .‬لكن المتأمل لهذه التجربة وغيرها قد يتبين أن لخلل ال يعود‬
‫لقصور اللغة بقدر ما يتعلق بالشخص الذي ال يملك ثروة لغوية كافية‪ ،‬كما ذهب بعض‬
‫المحللين إلى القول بعدم القدرة على التعبير ترجع لعدم وجود فكرة أصال‪.‬‬
‫‪ -1‬الفكر منفصل عن اللغة‪:‬‬
‫يميل البعض إلى القول بأسبقية الفكر عن اللغة ألنه أكثر أهمية منها فهي مجرد أداة في يده‬
‫وتأثيره عليها إيجابي‪.‬‬
‫* ما هي مبررات أنصار هذا الموقف‪( :‬الثنائي)‬
‫ا ‪ -‬أن اللغة محدودة وتتجلي محدوديتها في مستويين هما‪:‬‬
‫‪ -1‬التعبير عن األشياء الخارجية‪ :‬فاللغة وسيط بين اإلنسان واألشياء الموجودة في العالم‬
‫الخارجي‪.‬‬
‫‪ -2‬التعبير عن الذات‪ :‬ال يوجد في اللغة ما يمكن من أن ننقل المشاعر الذاتية ليحس بها‬
‫اآلخرون كما نحس بها‪ ،‬كما أن اللغة تعتبر عائقا أمام وعي اإلنسان لذاته‪.‬‬
‫ب‪ -‬قد تؤدي األلفاظ إلى قتل المعاني‪ ،‬وتجميد حيويتها‪ ،‬بينما المعاني مبسوطة وممتدة‬
‫وغير نهائية‪ ،‬فالفكرة أغني من اللفظ إذ يمكن التعبير عنها بألفاظ مختلفة‬
‫مالحظة‪ :‬لكن هذا الموقف بالغ في تمجيد الفكرة والتقليل من شأن اللغة‪ ،‬األمر الذي جعل‬
‫الفكر نشاطا أخرسا‪ ،‬وهذه النتيجة ال تؤكدها معطيات علم النفس الذي أثبت أن الطفل يتعلم‬
‫الفكر واللغة في آن واحد‪ ،‬لذلك قال هيغل‪ .." :‬نحن نفكر داخل الكلمات‪ ".‬وقال غوسدروف‪:‬‬
‫"التفكير ضاج بالكلمات‪".‬‬
‫‪ -2‬الفكر واللغة متصالن‪:‬‬
‫يميل البعض إلى ربط اللغة بالفكر‪ ،‬وهذا هو االتجاه الثنائي‪.‬‬
‫* ما هي مبررات أنصار الموقف الثنائي‪:‬‬
‫‪Mohamed BNH‬‬
‫القناة التعليمية األولى في الجزائر‬
‫‪ -1‬أن األلفاظ تحفظ المعاني وتبقي عليها لهذا اعتبرت األلفاظ حصون المعاني‪.‬‬
‫‪ -2‬اللغة تثري الفكر‪ ،‬فقد أثبت علم النفس أنه كلما اتسعت ثروة الفرد اللغوية‪ ،‬زادت قدرته‬
‫على التفكير والتعبير‪.‬‬
‫‪ -3‬إن اللغة تصبغ الفكر بصبغة اجتماعية موضوعية تنقله من طابعه االنفعالي الذاتي‪،‬‬
‫ليصير خبرة إنسانية قابلة للتحليل والفهم واالنتقال بين الناس‪.‬‬
‫‪ -4‬إن االعتقاد بوجود نشاط فكري بدون لغة هو مجرد توهم‪ ،‬حيث تؤكد الدراسات واألبحاث‬
‫العلمية اللسانية أن العالقة بينهم تشبه وجه الورقة النقدية وظهرها‪ .." ،‬حيث إن الفكر وجه‬
‫الصفحة‪ ،‬بينما الصوت هو ظهر الصفحة ‪ ....‬وبالتالي ال يمكن في مضمار اللغة فصل‬
‫الصوت عن الفكر‪ ،‬أو فصل الفكر عن الصوت‪".‬‬
‫ثم كيف يتيسر للغة أن تحقق التبليغ والتواصل بالرغم من تنوعها وتعدد نشاطاتها؟ ‪III‬‬

‫* المحطة األولى‪ :‬تأمل حياة مولود جديد وهو يتصل مع اآلخرين‪ ،‬ويعبر عن أحواله باللغة‬
‫الطبيعية الفطرية‪.....‬‬
‫المحطة الثانية‪ :‬يسألك شخص عن مكان ما لكنه‪ ،‬يتحدث بلغة أجنبية عنك وال تفهمها‬
‫فتعتمد على بعض الحركات واإليماءات لكنه ال يفهمك‪ ،‬وال يتم التواصل بينكما‪.‬‬

‫من خالل الوضعيتين نتساءل‪ :‬ما المقصود بالتواصل؟ وما هي شروطه؟ وهل وظيفة اللغة‬
‫تتوقف عنده؟‬

‫تحليل الوضعية المشكلة‪:‬‬


‫* في المحطة األولى‪ :‬غياب اللغة بمعناه االصطالحي يعزل اإلنسان في دائرة ضيقة لهذا‬
‫يسمي علماء النفس خاصة جان بياجي بمرحلة الالتمايز ومع نموه التدريجي تنمو قدراته‬
‫العقلية‪ ،‬ويكتسب اللغة ويتواصل مع غيره‪.‬‬
‫* وفي المحطة الثانية‪ :‬فإن التباين واالختالف اللغات يعيق عملية التواصل األمر الذي‬
‫يجعلنا نشير إلى شروط ومقومات هذا التواصل‪.‬‬

‫‪Mohamed BNH‬‬
‫القناة التعليمية األولى في الجزائر‬
‫‪ -‬فما هي شروط التواصل؟‬
‫ا ‪ -‬مفهوم التواصل‪:‬‬
‫* لغة‪ :‬مأخوذة من الصلة‬
‫*واصطالحا‪ :‬هو تبادل الحقائق واألفكار والمشاعر بين شخصين أو أكثر بمختلف وسائل‬
‫االتصال وأخصها الكالم‪ .‬فالتواصل ال يتحقق إال باالنفتاح ومشاركة الغير وهنا تبرز اللغة‬
‫كضامن لهذا التواصل باعتبارها خاصية إنسانية اجتماعية‪.‬‬
‫ب‪ -‬شروط التواصل؟‬
‫(المرسل‪ ،‬المتلقي‪ ،‬الرسالة‪ ،‬المرجع‪ ،‬روابط االتصال‪ ،‬الشفيرة)‪.‬‬
‫ما هي وظائف اللغة؟‬
‫ا ‪ -‬الوظيفة النفعية‪ :‬تسمح له بإشباع حاجاته البيولوجية والنفسية واالنفعالية ‪...‬‬
‫ب‪ -‬الوظيفة الشخصية‪ :‬يعبر بها عن ذاته وعن اهتماماته وطلعاته وهذا ما نجده عند‬
‫األدباء‬
‫وهناك وظائف عدة اإلخبارية‪ ،‬التفاعلية‪ ،‬االستكشافية‪ .‬وغيرها‪.‬‬

‫الخاتمة‪( :‬حل المشكلة)‬


‫وبهذا نستخلص أن اللغة خاصية إنسانية معقدة ال ترتبط فقط باإلرهاصات الغريزية‬
‫والبيولوجية بل هي تحمل طابعا فكري‪ ،‬لهذا يصعب فصله عنها وذلك الشتراكهما في‬
‫تركيب والداللة والرمز ويبقي التواصل بأوسع معانيه فضال عن الوظائف النفسية‬
‫والمنطقية أبرز ما تحققه اللغة كغاية كبرى حفظت وال تزال تحفظ لإلنسان تراثه الثقافي‬
‫والحضاري على مر العصور‪.‬‬

‫‪Mohamed BNH‬‬
‫القناة التعليمية األولى في الجزائر‬

You might also like