You are on page 1of 8

‫النظريات المفسرة الكتساب اللغة‪:‬‬

‫لقد ظهر على مدار النصف قرن المنصرم العديد من النظريات التي قامت بتفسير كيفية تعلم الفرد‬
‫للغة وكيفية استخدامها والتفاعل بواسطتها مع اآلخرين‪ ،‬وذلك منذ نشأته في مراحل الطفولة؛ حيث ترتبط كل‬
‫من تل ك النظري ات بتوج ه فك ري مختل ف‪ ،‬ق د يظه ر تض اربه م ع التوجه ات األخ رى؛ لكن ه يتناس ق في إط ار‬
‫توضيحي لجوانب اللغة بشكل مختلف مع النظريات المتنوعة‪ .‬ومن أبرز تلك النظريات التي استهدفت تفسير‬
‫اللغ ة نظري ات اش تملت على النظري ة الس لوكية والمعرفي ة والفطري ة‪ .‬وفيم ا يلي توض يح ألب رز النظري ات ال تي‬
‫أسهمت في تفسير كيف يكتسب الطفل اللغة استنادا على منطلقات مختلفة‪.‬‬

‫‪ -1‬النظرية السلوكية‪:‬‬

‫تفسر النظرية السلوكية اكتساب اللغة من منطلق كونها أحد المثيرات التي تحث الطفل على تكوين‬
‫دور على قدر كبير من‬
‫استجابة يتم تحفيزها وتعزيزها في حالة صحتها‪ ،‬ما أكد أن النظرية السلوكية تلعب ًا‬
‫األهمي ة في فهم أهمي ة دور اكتس اب اللغ ة األولى‪ .‬وه ذه المدرس ة الفكري ة في علم النفس هي ال تي ك انت‬
‫مس يطرة من ذ ع ام ‪ 1920‬إلى ‪ ،1960‬كم ا أنه ا تعت بر في األس اس نظري ة س يكولوجية تتعل ق بتط ور اللغ ة‬
‫األولى عند الكائن البشري‪.‬‬

‫وتكمن أهمية النظرية السلوكية في كيفية تكوين السلوك الشفوي‪ ،‬وهو ما أهلها ألن تستقطب انتباه ًا‬
‫ير في الس احة التربوي ة خالل الع ام ‪ .1950‬ويمكن الق ول ب أن النظري ة الس لوكية ترج ع إلى ع ام ‪1924‬؛‬
‫كب ًا‬
‫حيث كان المؤسس األول لها هو جون واتسون ‪ John Watson‬الذي كتب عن افتراضات تشكيل العادات‪،‬‬
‫متن اوًال العالق ة بين االس تجابة المعين ة من مث ير معين‪ ،‬مم ا يس هم في تش كيل الع ادات؛ ومن ثم ف إن الع ادات‬
‫تتش كل من خالل اس تجابة مح ددة من مث ير مح دد‪ .‬وق د تب ع فري دريك بوره وس س كينر ‪Skinner‬تل ك‬
‫االفتراضات؛ حيث تحقق من كيفية تشكل تلك العادات‪ ،‬وهو ما انتهى بتكليل مجهوداته عبر تكوينه للنظرية‬
‫السلوكية في اكتساب اللغة‪ ،‬وهي التي تناولها في كتابه السلوك الشفوي ‪ Verbal Behavior‬عام ‪، 1957‬‬
‫وق د اس تهدف س كينر تفس ير تعلم اللغ ة من ناحي ة "االش راط االس تثابي"‪ ،‬أو االش راط اإلج رائي‪Operant‬‬
‫‪ Conditioning‬حيث اعتمد في أطروحته على تناول التعزيز أو العقوبة باعتبار األخير حثًا سلبيًا‪.‬‬
‫وق د أك د (أديب عب د اهلل‪ ،‬إو يم ان ط ه ‪ )40 ،2015‬أن النظري ة الس لوكية تف ترض بص فة عام ة أن ه‬
‫ينبغي أن يكون هناك اهتمام بالسلوكيات القابلة للمالحظة والقياس‪ ،‬وأال يقتصر التركيز على األبنية العقلية‬
‫أو العمليات الداخلية التي تسود األبنية اللغوية‪ ،‬وتكمن المشكلة األساسية من هذا المنظور في أن األنشطة‬
‫العقلي ة ال يمكن أن ُت رى‪ ،‬ل ذلك ال يمكن أن تع رف أو ُتق اس‪ ،‬فالس لوكيون ال ينك رون وج ود ه ذه العملي ات‬
‫العقلي ة‪ ،‬ولكنهم ي رون أن الس لوكيات القابل ة للمالحظ ة مرتبط ة بالعملي ات الداخلي ة أو الفس يولوجية‪ ،‬وأن ه ال‬
‫يمكن دراس ة م ا ال يمكن أن تالحظ ه‪ ،‬ومن ثم فالس لوكيون يبحث ون عن الس لوكيات الظ اهرة ال تي تح دث م ع‬
‫األداء اللغوي‪.‬‬

‫‪ -2‬النظرية األمومية‪:‬‬

‫تع رف النظري ة األمومي ة في اكتس اب اللغ ة أيض ًا بالح ديث الموج ه للطف ل‪ ،‬أو كالم الطف ل‪ ،‬وأن ه ذه‬
‫النظري ة تش ير إلى الطريق ة العفوي ة ال تي تس تخدمها األمه ات أو يس تخدمها اآلب اء أو المعتن ون ب التكلم م ع‬
‫األطف ال الص غار بش كل ع ام‪ .‬ولق د تم تعري ف "كالم الطف ل"‪ ،‬بأن ه نظ ام لغ وى ف رعي يهتم بعناص ر الح ديث‬
‫قاطب ة‪ ،‬وال ذي يعت بر مناس بًا بش كل مب دئي للتكلم م ع األطف ال الص غار وهي طريق ة مخصص ة وش هيرة يتم‬
‫اتباعه ا في اكتس اب أغلب اللغ ات ح ول الع الم‪ ،‬كم ا أن ه ذه الطريق ة تتس م بثالث س مات رئيس ية‪ ،‬تتمث ل في‬
‫الظ اهرة اللغوي ة ذات الطبق ات الص وتية المخصص ة‪ ،‬والكلم ات وال تراكيب المش تقة من اللغ ة العادي ة‪ ،‬وك ذلك‬
‫مجموعة المفردات والكلمات اللغوية المخصصة للكالم مع األطفال‪.‬‬

‫كم ا أن ه ذا النهج ُيعتق د بتداخل ه في مختل ف الثقاف ات العالمي ة؛ حيث يق وم الكب ار والب الغون بقض اء‬
‫ال وقت بغي ة الحص ول على االس تجابة االجتماعي ة لألطف ال واآلث ار ال تي تم التأكي د عليه ا بش كل موث ق في‬
‫األدبيات المتناولة للكالم الموجه لألطفال ممن هم دون النطق وفي سن أقل من تسعة أشهر يمكن حصرها‬
‫في اآلتي‪:‬‬

‫‪ - 1‬انتباه متزايد من قبل األطفال وتفضيل لهذا النوع من الحديث‪.‬‬

‫‪ -2‬يتم الح ديث الموج ه لألطف ال بغ رض الحف اظ على انتب اه الطف ل وتولي ده من األس اس‪ ،‬وال ذي ه و من‬
‫المفترض أن يكون أسهل لألطفال كي يتم لفت انتباهه للمدخالت اللغوية‪.‬‬

‫بارز في إثارة الطفل ولفت انتباهه‪.‬‬


‫دور ًا‬
‫‪ -3‬يلعب الحديث الموجه لألطفال ًا‬
‫‪ -4‬تتمث ل تفس يرات الطف ل للحال ة االنفعالي ة والمزاجي ة للمتكلم‪ ،‬وفي عم ل تحص يل الم دخالت اللغوي ة بأنه ا‬
‫أكثر وضوحًا لهم‪.‬‬

‫‪ُ - 5‬ي فترض أن آثار الحديث الموجه ألطفال ممن هم دون النطق وأطفال المهد تتعلق باكتساب قدرات لغوية‬
‫أكثر تعقيدًا‪.‬‬

‫‪ -3‬النظرية التفاعلية‪:‬‬

‫أن م ذهب النظري ة التفاعلي ة يكمن في اكتس اب اللغ ة‪ ،‬فهي تؤك د أن اللغ ة يتم اكتس ابها من خالل‬
‫التفاعل بين األطفال من الجنسين مع مقدمي الرعاية لهم‪ ،‬كما أن النظرية التفاعلية تظهر أن غالبية الذكور‬
‫واإلن اث من األطف ال ل ديهم الق درة على تعلم أي ة لغ ة من أي ش خص يري د التفاع ل والتواص ل معهم‪ .‬وبم ا أن‬
‫اللغ ة توج د بغ رض التواص ل؛ فيمكن حينئ ذ تعلمه ا في س ياق التفاع ل م ع األف راد ال ذين يري دون التواص ل م ع‬
‫بعض هم البعض‪ .‬وق د ق ام ب يرنر ‪ Burner‬بص ياغة مص طلح نظ ام ت دعيم اكتس اب اللغ ة كحج ر األس اس في‬
‫نظري ة التفاع ل؛ ذل ك ألن ه يعتق د ب أن األطف ال من الجنس ين يحت اجون إلى وج ود نظ ام ي دعم ه ذه العملي ة‪،‬‬
‫ويساعدهم في عملية اكتساب اللغة‪.‬‬

‫(نانسي عاطف نصراهلل‪.)44-43 ،2022 ،‬‬

‫‪ -4‬النظرية المعرفية‪:‬‬

‫تنطلق هذه النظرية من الخصائص المعرفية للسلوك اللغوي‪ ،‬حيث أشارت دراسات كـل مـن" جان‬
‫بياجي" "وبل وم ودان" "س لوبين" أن النم وذج الكلي "ناتج عن تفاعل األطفال مع بيئتهم م‪##‬ع تفاع‪##‬ل مكم‪##‬ل بين‬
‫قـدراتهم اإلدراكية المعرفية النامية وخبرتهم اللغوي‪##‬ة‪ ،‬فم‪##‬ا يعرف‪#‬ه األطف‪##‬ال فعًال عن الع‪##‬الم ه‪#‬و ال‪#‬ذي يح‪##‬دد م‪##‬ا‬
‫يتعلمونه عن اللغة"‪.‬‬

‫كم ا أش ار" جلتم ان "و"وان ر" إلى أن األطف ال يب دو أنهم يتعلم ون اللغ ة وهم م زودون بقـدرات إدراكيـة‬
‫تفسـيرية تساعدهم على تصنيف العالم ومن جهة أخرى أشار أيضا بلوم ‪ Bloom 1976‬إلى أن تفسير النمو‬
‫اللغوي يعتمد علـى تفسير األسس المعرفية للغة‪ ،‬أي أن ما يعرفه األطفال سوف يحدد ما يتعلمونه عن شفرة‬
‫الكالم والفهم‪ .‬وبن اء على م ا س بق يتض ح لن ا أن النظري ة المعرفي ة تعم ل على الرب ط الوثي ق م ابين اللغ ة‬
‫والمعرفة المكتسبة لدى الفرد أو خب ارتـه المتنوعـة وتجاربه ودورها في تطوير الثروة اللغوية للطفل‪ .‬حيث تؤكد‬
‫أنه بقدر مايكتسب الفرد معلومات عن المحـيط الخـارجي بقدر ما تنمو و تتطور لغته‪ ،‬أي أن المتعلم تتحكم‬
‫في تعلم ه للغ ة ن وع المع ارف ال تي اكتس بها وخزنه ا في ذاكرتـه الطويلـة الم دىى‪ .‬و تعتم د ه ذه النظري ة في‬
‫تفسيرها الكتساب اللغة لدى الطفل على ثالث مبادئ أساسية وهي‪:‬‬

‫أ ‪ -‬أهمية نمو جهاز النطق لدى الفرد واكتس‪##‬اب المف‪##‬ردات واألص‪#‬وات‪ :‬يق ر الدارس ون لعملي ة اكتس اب اللغ ة‬
‫ل دى الطف ل على أن النط ق والتلف ظ يتم من خالل الس يطرة على أعض اء النط ق بع د نم و العض الت الدقيق ة‬
‫لمختلف األجه زة والتنسـيق بينهـا‪ .‬والشيء الذي يؤكد أهمية نضج أجه زة النطق والكالم هو عدم قدرة الطفل‬
‫تلف ظ األص وات والكلم ات بنفس الكيفي ة ال تي يتلف ظ به ا الكب ار ل ذلك تح دث ع دة مظ اهر‪ ،‬كتغي ير أو قلب‬
‫أصوات يصعب نطقها في سن مبكرة كنطقه الراء" الما " والسـين " ثاءا " والشين ينطق ه" _ كقوله سمس بدل‬
‫شمس وغيرها ‪.‬ومن األص وات العربية التي يتأخر الطفل في إتقانها نجد‪:‬أص وات التفخيم أو األطباق ‪:‬مثل‬
‫الصاد‪ ،‬الضاد‪ ،‬الطاء والظاء ‪.‬واألصوات الحنكية والحلقية‪ :‬مثل الغين والخاء والعين والحـاء ‪.‬‬

‫وحذف بعض األصوات لصعوبة نطقها في مواقع معينة ‪:‬مثل نطق‬

‫"حم ار "م‪##‬ال "م ربى" ل‪##‬بى" تفض ل " ف‪##‬دل" ‪ .‬وح ذف بعض المق اطع اللغوي ة‪ :‬مث ل ق ول البعض تات‪##‬ا‬
‫ب دل"بطاطـا" إلى ج انب ظ اهرة القلب المك اني مث ل ق ول بعض أطف ال في بين س ن س نة ونص ف وأرب ع‬
‫سنوات"اعلب" بدل العب اكبـي بدل "ابكي" أسحن بدل "أحسن"‪ .‬فهذه المظ اهر النطقية لدى الطفل تؤكد لنا‬
‫أن ه يس تعمل لغ ة خاص ة ب ه تتماش ى م ع نم و جهـازه النطقي حيث كلم ا نض ج كلم ا اكتس ب النط ق الص حيح‬
‫للصوت والكلمة‪.‬‬

‫ب‪ -‬أهمية النمو اإلدراكي والمعرفي في اكتساب المفردات والقواعد‪:‬‬

‫يعت بر النم و االدراكي للطف ل وقدرت ه على المالحظ ة والتمي يز الع امالن المتحكم ان في ن وع المف ردات‬
‫والتراكيب التي يكتسبها في كل مرحلة‪.‬‬

‫حيث أنه يسمع في سن العامين والعامين والنصف الكثير من المفردات والكلمات مئات الم رات دون‬
‫أن يتعلمها مثل" أل التعريف وواو العطف وأدوات االستفهام والنفي" كما أنه يسمع الكثير من التراكيب اللغوية‬
‫المختلفة دون أن يتعلمها أو يكتسبها نتيجة عدم نمو ونضج إدراكه‪.‬‬
‫فعن د اكتس اب المف ردات مثًال ك األلوان واألش كال‪ :‬لوح ظ أن األطف ال قب ل الثالث ة ال يس تطيعون تمي يز‬
‫األل وان واألش كال المختلف ة ل ذلك ال يكتس بونها مث ل‪ :‬أبيض وأص‪#‬فر وأحم‪#‬ر أو مثلث أو مرب‪#‬ع أو دائ‪#‬رة وغ ير‬
‫ذلك‪ .‬والسـبب لـيس لصـعوبة الكلمات لكن لعدم النضج اإلدراكي الذي يسمح للطفل بتجريد اللون والشكل‪.‬‬
‫فهو يكتسب المف ردات الدالـة علـى أشـياء محسوس ة متحركة قبل األشياء المحسوسة الثابت ة مثل‪ :‬الضوء أو‬
‫النور قبل الكرسي‪ .‬ويكتسب ألفاظ مثل "كلـب وكـرة وسيارة" قبل "حائط و عمارة وشجرة‪..‬الخ‪ ".‬كما أن الطفل‬
‫يكتسب مفردات في سياق معين في مرحلة ويكتسبها في سياق آخر في مرحلة الحقة مثل" كلمة ساعة " كآلة‬
‫في العامين ثم يكتسبها(ساعة) كوقت بعد الثالثة من العمر‪ .‬وحتى األلـوان يكتسبها حسب درجة بروزها ولفتها‬
‫النتباهه فيبدأ في اكتساب‬

‫الل ون‪ :‬األبيض‪ ،‬واألس ود واألص فر ثم األخض ر واألزرق قب ل الرم ادي والفض ي والبنفس جي وغ يره‪.‬‬
‫ونفس الشـيء ينطبق على األشكال‪.‬‬

‫و يكتسب المفردات ذات العالقة بالمكان قبل الزمان حيث يتلفظ‪ :‬أين قبل متى ويكتسب أمام ووراء‬
‫وتحت وفوق قبل " قبل و بعد‪" ..‬وهكذا‪.‬‬

‫كما أن اكتساب القواعد اللغوية تخضع هي األخرى لمبدأ النضج اإلدراكي إلى جانب مدى البساطة‬
‫والتعقيـد فـي التركيب ة اللغوي ة والنحوي ة الم راد اكتس ابها‪ .‬يع ني أن الطف ل ينطلق في اكتسابه لُّلغة من البسيط‬
‫إلى المعقد ومن السهل إلى الصعب‪ .‬مثًال يكتسب مفهوم المفرد مثل " كتاب أو قلم " قب ل مفه وم الجم ع مث ل‬
‫"كتب وأقالم" ألن الجمع أكثر تعقيدًا من المفرد‪ .‬و مفهوم المثنى أكثر تعقيدًا من مفهوم الجمع مثًال "قلمان أو‬
‫سيارتان" أعقد من "أقالم وسيارت"‪.‬‬

‫‪ -5‬النظرية التحويلية التوليدية لتشومسكي أو النظرية الفطرية‪:‬‬

‫ي رى تشومس كي أن‪ :‬اللغ ة ليس ت س لوكًا يكتسـب ب التعلم والت درب والممارس ة فحس ب‪ ،‬كم ا ي رى‬
‫الس لوكيون‪ ،‬ب ل هن اك حق ائق عقلي ة وراء ك ل فع ل س لوكي‪ ،‬أي أن اللغ ة تعـد تنظيم ًا عقلي ًا معق دًا ألنه ا أداة‬
‫تعب ير وتفك ير في آٍن واح د كم ا يعت بر تشومس كي أن األداء اللغ وي ه و ممارس ة اللغ ة الفعليـة‪ ،‬وأن ه دف‬
‫الدراسة اللغوية هو معرفة الكفاية اللغوية من خالل الواقع العملي للغة‪ .‬وال يمكننا الوصول إلى هذه القواعـد‬
‫أو األسس إال عن طريق الكالم الخارجي المحسوس‪ .‬كما أنه لكل بنية لغوية أو قالب لغوي بنيتين إحداهما‬
‫تحتي ة‪ ،‬واألخـرى فوقي ة‪ ،‬وال يمكن الوص ول إلى البني ة التحتي ة إال بواس طة البني ة الفوقي ة أي أن فهم الكفاي ة‬
‫اللغوي ة للمتعلم يتم من خالل دراسة منتوجاته الكتابية أو الش فوية في المواقف الحياتية الفعلية وفي السياقات‬
‫المتنوعة‪.‬‬

‫و يؤك د دوجالس ب راون ‪Brown Douglas‬قناع ة الفط ريين في تفس ير عملي ة اكتس اب اللغ ة ل دى‬
‫األطفال بقوله ‪:‬‬

‫إن األطفال يولدون ولديهم الفطرة لتعلم اللغة‪ ،‬وهذه القدرات الفطرية موجودة لدى جميع أف راد النوع البشري‪ .‬و‬
‫حجت ه في ذل ك الفترة الزمني ة التي يكتس ب فيها الطفل لغت ه األولى بش كل الفت للنظ ر‪ .‬حيث في فترة وجيزة‬
‫يتقن الطف ل لغت ه األولى من دون أن يب ذل جه دًا متعم دًا ي ذكر خالل تعرض ه له ا‪ ،‬ورغم الطبيع ة التجريدي ة‬
‫لقواع د اللغ ة‪ .‬فـأي طفـل يسـتوعب الُب نى األساس ية للغت ه‪ ،‬ي درك العالق ات الوظيفي ة األساس ية القائم ة بين‬
‫الكلمات في الجمل‪ ،‬و في نفس الوقت يكتسب القـدرة علـى الكالم وهو في سن قبل ست سنوات ‪.‬‬

‫أي أن تشومسكي يرى أن المبادئ األساسية الفطرية الموجودة في الدماغ تحكم جميع اللغات البش رية‬
‫وتقـرر مـا يمكن أن ُيؤخذ منها عند الحاجة‪ .‬فهو ي رفض رفض ًا قاطع ًا منطلقات النظرية السلوكية في تفسيرها‬
‫لعملية اكتسـاب اللغـة القائمة على مبدأ التقليد والمحاكاة‪ ،‬ألن هذه النظرية من وجهة نظ ره تساوي بين السلوك‬
‫الحيواني والسلوك اإلنساني الـذي يتميز عن سائر الكائنات بامتالكه اللغة‪ .‬و عليه فإن هذه النظرية تسلم أن‬
‫اإلنسان هو المخلوق الوحيد القادر على تعلم اللغة‪ .‬ألن العقل البشري مزود بقدرات لتعلم اللغة‪ ،‬يطلق عليها‬
‫جهاز اكتساب اللغة‪.‬‬

‫)سامية عرعار‪.)6-5 ،2016،‬‬

‫‪ -6‬نظرية (المقارنة اللغوية)‪:‬‬

‫ولقد نشأت المقارنة اللغوية بعد أن تمكن المؤرخون من اكتشاف لغات الحضارات القديمة كالمص رية‬
‫واألشورية والبابلية والحديثة وغيرها ولقد ظن الباحثون أن بمقارنتهم هذه اللغات التي ماتت في زمن سحيق قد‬
‫تضاء لهم أسرار القضية‪.‬‬

‫ويس تدل (أب و عرق وب‪ )21 ،1992،‬ب آراء العلم اء ح ول تتب ع تط ور الطف ل اللغ وي من ذ والدت ه وع بر‬
‫مراحل طفولته والتي خرجوا من خاللها بالمالحظات اآلتية ‪:‬‬
‫‪ -1‬الطف ل ح تى يتعلم لغ ة من اللغ ات ال ب د ل ه أن ينتمي للمجتم ع‪ ،‬وب ذلك أك دوا الص لة بين المجتم ع وبين‬
‫اللغة وضرورة كل منهما لآلخر‪.‬‬

‫‪ -2‬يلد الطفل وال لغة له‪ ،‬ويبدأ إحساسه اللغوي منذ اللحظة التي يكتشف خاصيته الصوتية وتشجيع المجتمع‬
‫لتلك الخاصية‪.‬‬

‫‪ - 3‬تبدأ االستجابات اللغوية عشوائية ثم تنتهي بالترميز والترميز ميراث اجتماعي وليس مجهود طارئ بالنسبة‬
‫لمستخدم اللغة‪.‬‬

‫‪ -4‬أصل اللغة التعبير عن الحاالت االنفعالية‪ ،‬وال يستطيع اإلنسان أن يعيش بدون انفعال‪ ،‬وبذلك ال بد من‬
‫اللغة للتعبير عن هذا االنفعال‪.‬‬

‫‪ -5‬أصل اللغة رغبة لدى اإلنسان أن يسيطر على الواقع‪ ،‬والواقع قوي ومتعدد‪ .‬وتصعب اإلحاطة به بغير‬
‫تعريفه إو دراكه‪ .‬وال بد من ترميز هذا الواقع وبذلك اتجه اإلنسان إلى ربط الواقع بالرموز ليتم إدراكه‪.‬‬

‫(شيماء صبحي أبو شعبان‪.)29 ،2010 ،‬‬

‫‪ -7‬النظرية العضوية‪:‬‬

‫تركز هذه النظرية على وظيفة الجهاز العصبي المركزي بالنسبة لعملية الكالم حيث استنتج الباحثون‬
‫أن نصف المخ األيسر أكثر تحكما في الكالم من النصف األيمن حيث أن الطفل يولد وخالياه العصبية في‬
‫مكانه ا الط بيعي وتنم و الوص الت العص بية بين الخالي ا الالزم ة ألداء الوظ ائف المختلف ة بس رعة بع د ميالد‬
‫الطفل ويحدث تكاثر في الخاليا والوصالت في مناطق المخ المسئولة عن عملي ة الكالم من خالل اكتساب‬
‫الطفل المبكر لمهارات التواصل والكالم وان هذه التغيرات العصبية في الدماغ متطلبات سابقة ومصاحبة في‬
‫الوقت نفسه الكتساب مهارات الكالم‪.‬‬

‫(سعيد كمال عبدالحميد‪.)277 ،2011 ،‬‬

‫‪ -‬سعيد كمال عبدالحميد(‪ .)2011‬إضطرابات النطق والكالم‪ .‬عمان‪ :‬دار الميسرة للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫‪ -‬نانسي عاطف نصراهلل(‪ .)2022‬فاعلية برنامج هيلب ‪ HELP‬في تنمية اللغة التعبيرية لدي األطفال‬
‫ذوي اإلصابة الدماغية‪ .‬جامعة القاهرة‪ .‬كلية التربية للطفولة البكرة‪ ،‬رسالة ماجستير(نسخة إلكترونية النشر)‪.‬‬

‫‪ -‬سامية عرعار(‪ .)2016‬إضطرابات اللغة والتواصل‪ :‬التشخيص والعالج‪ .‬جامعة قاصدي مرباح – ورقلة‪.‬‬
‫مجلة العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪.14-1 :)24( .‬‬

‫‪ -‬شيماء صبحي أبو شعبان (‪ .)2010‬فاعلية العالج باللعب في تنمية اللغة لدى األطفال المضطربين‬
‫لغويًا‪ .‬الجامعة االسالمية‪ .‬كلية التربية‪ ،‬رسالة ماجستير(نسخة إلكترونية النشر)‪ ،‬غزة‪.‬‬

You might also like