You are on page 1of 4

‫المحاضرة السابعة‬

‫ثانيا‪ :‬ضرورة التفاعل وأهميته بالنسبة للنمو اللغوي‪:‬‬


‫يتحتم على األطف ال الص م ووال ديهم(أولي اء أم ورهم) أن يش تركوا مًع ا وعلى نح و فع ال نش ط في‬
‫تفاعالت وإ حتكاكات تواصلية‪ ،‬ولكي نوفر للطفال الصم أفضل ببيئة ممكنة لتلم اللغة وإ كتساب مهاراتها‬
‫فإن ه يتحتم عليهم االش تراك في عملي ات التواص ل واالنهم اك فيه ا على نح و إيج ابي فع ال‪ ،‬ال أن يكون وا‬
‫مجرد هدف لالستثارة اللغوية وجرحهم من قبل اآلخرين للتواصل معهم واالستجابة لهم‪ ،‬وأنه لما يؤسف‬
‫له أن المشاركة السلبية المفروضة على األطفال الصم غالًب ا ما تصبح نمًط ا متكرًر ا حين تقوم أمهاتهم‬
‫على نح و غ ير متعم د أو مقص ود ب اإلفراط في تعويض هم عن القص ور الس معين وإ مط ارهم بواب ل من‬
‫االس تثارة اللغوي ة‪ ،‬ك ذلك فإن ه ينبغي تش جيع األطف ال الص م على المش اركة اإليجابي ة الفعال ة في التفاع ل‬
‫التواصلي‪،‬‬
‫كم ا ينبغي تقب ل مح اوالتهم نح و التواص ل أًي ا ك انت‪ ،‬س واء أك انت إيم اءات أو إش ارات‬
‫أو لفت إنتب اه الغ ير إليهم‪ ،‬أو ك انت كالم ا لفظًي ا باإلض افة إلى ض رورة دمج ك ل ذل ك في محادث ات‬
‫وحوارات‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الجوانب التنغيمية للغة‪:‬‬
‫في بداي ة النم و اللغ وي من الكلم ات‪ ،‬فق د وص ف العلم اء تل ك الج وانب التنغيمي ة التعبيري ة بأنه ا‬
‫المالمح أو الخصائص اللغوية األولى التي يستجيب لها عادي والسمع من األطفال‪ ،‬كما وصفوها بأنها‬
‫المه ارات اللغوي ة ال تي يكتس بها أولئ ك األطف ال‪ ،‬كم ا تب دو واض حة في م ا يقوم ون ب ه من ثرث رة (كالم‬
‫يع وزه الوض وح والمع نى والتراب ط)‪ ،‬وس جع كه ديل الحم ام‪ ،‬رطان ة غ ير مفهوم ه أو م ا يش به ذل ك مم ا‬
‫ينظر إليه بإعتباره المراحل األولى من النمو اللغوي‪.‬‬
‫كذلك فقد ذكر العلماء أن األمهات حين يفسرن تلفظات أطفالهن السابقة إلكتساب اللغة (كإستخدام‬
‫الطف ل للمقط ع) " ه ا "‪ ،‬مص حوبا بالتأكي د الص وتي على ج وانب تنغيمي ة مختلف ة‪ ،‬إنم ا يس تجبن لك ل من‬
‫اإلطاعات (القرائن الدالة) الصوتية والمالمح والخصائص التنغيمية‪ ،‬كذلك وجد أن األمهات يبالغن في‬
‫نط ق المالمح التنغيمي ة ال تي تب دو في التأكي د على المق اطع الص وتية‪ ،‬وطبق ة الص وت‪ ،‬وتنغيم كالمهن‪،‬‬
‫ومدى ما تستغرقه الكلمة من وقت عند نطقها‪ ،‬وقد قدم بعض العلماء تفسيًر ا مقترًح ا لما تقوم به هؤالء‬
‫األمهات من مبالغات باعتبارها جهوًد ا مبذولة من ناحيتين لمساعدة أطفالهن على فهم حرفي لما تشتمل‬
‫عليه اللغة من معان ومضمونات‪.‬‬
‫هذا ما يحدث بالنسبة لعادي السمع من األطفال وأمهاتهن‪ ،‬فإذا قارنا الصم بهم في هذا الجانب‬
‫من النمو اللغوي فإننا نجدهم عاجزين عن إدراك تلك الجوانب التنغيمية واإلفادة منها مما يعد فارًقا آخ ر‬
‫بينهم وبين أقارنهم العاديين من حيث البيئة اللغوية التي يكتسبون مهارات اللغة من خالل التفاعل معها‪،‬‬
‫وال يوجد لدينا من البحوث والدراسات ما يوضح أثر إنعدام االستثارة التنغيمية بجوانبها المختلفة على‬
‫إكتساب األطفال الصم للغة اللهم قدر ضئيل اليكاد يذكر من تلك الدراسات‪.‬‬
‫ومن بينه ا م ا ذك ره بعض العلم اء ممن تعرض وا لدراس ة لغ ة اإلش ارة األمريكي ة ‪ ،ASL‬مم ا‬
‫يوحي بأن هناك ميكانزمات معينة في تلك اللغة تستخدم كبديل لتلك الجوانب التنغيمية‪ ،‬وإ ذا كان األمر‬
‫كذلك فإن مستخدمي لغة اإلشارة األمريكية األصليين قد يقومون بنقل وإ يصال المعلومات (التي تنقل في‬
‫الح االت واألوض اع االعتيادي ة عن طري ق الخص ائص التنغيمي ة) إلى األطف ال الص م من خالل قن وات‬
‫أخرى مختلفة (مثل تعبيرات الوجه‪ ،‬ومضان العينين على نحو متكرر‪ ،‬أو تحركات اللسان‪ ،‬أو سرعة‬
‫وحجم الحركات اإلشارية)‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬يتأثر النمو المبكر‪:‬‬
‫بالنمط الذي يتبعه الكبار الراشدون في حديثهم إلى أطفالهم الصغار فلكي يحدث إكتساب اللغة‪،‬‬
‫يجب ان يكون هناك تفاعل تواصلي يطلق وسلسل بين األطفال الصم ومستخدمي اللغة من الكبار ممن‬
‫نض جت وإ كتملت مه اراتهم اللغوي ة‪ ،‬وق د ق امت بعض الدراس ات بوص ف الخص ائص والس مات المم يزة‬
‫لتفاعالت التي حدثت بين أزواج (مجموعة مكونة من إثنين كل على حدة) من أمهات عاديات وأطفالهن‬
‫العاديين كذلك‪ ،‬أي بين كل أم وطفلها‪ ،‬حيث قامت األمهات بتهيئة وتكييف حديثهم ليالئم أطفالهم الرضع‬
‫بإدخال تعديالت على أصوات كالمهن ومعاينته وتركيب جملة مما جعل كالمهن نافًع ا ومفيًد ا لعملية تعلم‬
‫اللغة‪.‬‬
‫كذلك فقد قامت األمها في تلك التفاعالت التواصلية بإستخدام لغة أكثر تقدًم ا ولو بقدر ضئيل من‬
‫لغة أطفالهن كما قمن بقياس ومعايرة تواصلهم التعبيرية في الغالب األعظم بما زودهن به أطفالهن من‬
‫تغذية مرتدية‪.‬‬
‫وق د توص لت دراس ات أخ رى إلى س مات مش ابهة في التف اعالت التواص لية ال تي تمت بين أزواج‬
‫(إث نين إث نين) من أمه ات الص م وأطف الهم الص م ك ذلك‪ ،‬ولس وء الح ظ لم تثبت الدراس ات وج ود ه ذه‬
‫السمات أو الخصائص بصفة عامة في التفاعالت التواصلية التي تمت في مجموعات زوجية مكونة من‬
‫أمه ات عادي ات وأطف الهن الص م‪ ،‬إذ ع انت تل ك التف اعالت من إنع دام العنص ر الرئيس ي ال ذي ي وفر له ا‬
‫النجاح والفائدة‪ ،‬أال وهو النظام التواصلي المشترك‪.‬‬
‫وق د أدى غي اب ه ذا النظ ام المش ترك إلى إعاق ة التف اعالت التواص لية من أن تتم بين أف ارد ه ذه‬
‫المجموع ات بسالس ة وطالق ة وراح ة وس هولة مم ا جع ل الق وى المحرك ة له ذه المجموع ات الزوجي ة‬
‫األخيرة تختلف بشكل واضح عن المجموعتين السابقتين من األمهات واألطفال‪.‬‬
‫وليس من المعروف حتى اآلن مدى تأثير تلك البيئة اللغوية المختلفة (أي التي ينعدم فيها النظام‬
‫التواصلي المشترك) على الصغار الصم وإ كتسابهم للغة‪ ،‬وعلى كل حال فإن تلك البيئة في الغ الب لن‬
‫ت وفر له ؤالء الص غار الص م ف رص تعلم أمث ل وأفض ل نظ ًر ا إلختالفه ا الواس ع‪ ،‬عن البيئ ات اللغوي ة‬
‫الطبيعية‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬للتغذية المتردة أثر كبير‪:‬‬
‫في ترقية النمو اللغوي وبخاصة فيما يتعلق بالمعاني التي يقصدها األطفال الصغار الصم‪ ،‬يحتاج‬
‫الصغار من األطفال الصم شأنهم في ذلك شأن األطفال العاديين‪ ،‬إلى تعزيز إيجابي وتدعيم قوي لكي‬
‫يضاعفوا ما إكتسوبه من سلوك أو على األقل يتعهدوه بالرعاية واالحتفاظ به‪ ،‬فالطفل األصم قد يحتاج‬
‫إلى ش يء من الحليب‪ ،‬ولكي ينق ل ش عوره بتل ك الحاج ة إلى أم ه فإن ه ق د يبض رب بقبض ته على ب اب‬
‫الثالجة‪ ،‬وحين تستجيب له األم بفتح بابها فإنه سيشير إلى علبة الحليب‪ ،‬وعندئذ يمكن القول بأن عملية‬
‫التواصل بين الطفل األصم وأمه قد حدثت‪ ،‬فإذا أمسكت األم بعلبة الحليب وأعطت لطفلها قدًر ا منه‪ ،‬ثم‬
‫أش ارت بي دها أو تح دثت عن اللبن‪ ،‬أو إذا أمس كت بعلب ة الحليب وه زت راس ها قائل ة (ال ال حليب اآلن‪،‬‬
‫ليس اآلن)‪ ،‬فإنه ا في كلت ا الح التين تك ون ق د أملت طفله ا ألص م بتغذي ة مرت دة مش يرة أنه ا ق د فهمت‬
‫مض مون التواص ل في ه ذا الموق ف‪ ،‬من ناحي ة أخ رى ف إن الطف ل عندئ ذ ق د ت وفرت لدي ه طريق ة أو‬
‫إس تراتيجية تواص لية‪ ،‬كم ا ت وفر ل ه ق در مناس ب من الثق ة ب ان تل ك االس تراتيجية س وف ت ؤدي إلى نفس‬
‫النتائج مرة ثانية‪ ،‬أضف إلى ذلك أن والدته سوف تسنح لها فرصة مستمرة لمساعدة طفلها على تنمية‬
‫لغت ه‪ ،‬وعلى العكس من ذل ك إذا تج اهلت األم ق رع طفله ا لب اب الثالج ة فإن ه س رعان م ا تض عف همت ه‬
‫وتخور عزيمته ويصيبه اإلحباط ثم ينتهي به األمر إلى اإلستسالم والتخلي عن محاولة التواصل مرة‬
‫أخ رى‪ ،‬من جه ة أخ رى ف إن والدت ه س وف تض يع فرص ة ثمين ة ك ان يمكن أن تس تغلها في تحس ين تعلم‬
‫طفلها للغة وإ رتقاء مهاراته فيها‪.‬‬

You might also like