Professional Documents
Culture Documents
إن تحدي د العوام ل النفس ية ال تي ت ؤثر وتغ ير في األداء اللغ وي ،أو ال تي تق ع خل ف
الكف اءة اللغوي ة باالص طالح التشومس كي ،ه و الموض وع ال رئيس له ذا العلم .فالعالق ة بين
اللغ ة والنفس البش رية ،أو بين اللغ ة والعق ل البش ري ،هي االهتم ام األس اس أو الع ام لعلم
اللغة النفسي.
فاهتم ام علم اللغ ة النفس ي واق ع على عملي ة الكالم كك ل ،بم ا فيه ا ني ة اإلبالغ ل دى
المتكلم ،وم ا يتبعه ا من عملي ة الترم يز المرس لة ال تي تتف ق وأه داف المتكلم وتتماش ى م ع
مقاص د ،لينتهي عن د عملي ة االلتق اط – الرم وز – ،ومحاول ة تحليله ا وفهمه ا من قب ل
المستمع.
وإ ذا ك ان علم اللغ ة يختص بدراس ة المس توى الص وتي وإ ص دار الكالم أو ب األحرى
الصوت ،وذلك بانطالق الهواء من الرئتين بضغط من الحجاب الحاجز ،ومرورا بالقصبة
الهوائية والحنجرة والحلق والفم انتهاء بالشفتين ،ومن ثمة انتقال هذا الصوت إلى المستمع
بهذه الموجات والعمليات السمعية التي تجعله قادرا على التقاط الصوت عبر الهواء .فعلم
اللغة النفس ي يبحث في العملي ات العقلية ال تي يقوم به ا المس تقبل للكالم بفك شفرة الرموز
الص وتية لغاي ة فهم المقص ود وإ دراك ه ،والبحث عن الق درة ال تي يمتلكه ا المتكلم والس امع
على إنت اج اللغ ة وفهمه ا .وذل ك عن طري ق امتالك ه لمجموع ة من االس تعدادات والقواع د
النحوي ة ،وال تي تمكن ه من إنت اج ع دد ال نه ائي من الجم ل ،وه و م ا يمث ل ج وهر النظري ة
التشومسكية التوليدية.
إن تحدي د اهتمام ات علم اللغ ة النفس ي ومج االت البحث في ه ،إنم ا يك ون ب النظر إلى
المش كالت ال تي يطرحه ا والحل ول ال تي يقترحه ا له ذه المش كالت ،أو من خالل اإلجاب ات
ال تي تش غل ب ال الب احثين .وق د تص ور ه ؤالء تس اؤالت كث يرة تص ب في ه ذا االهتم ام،
ويمكننا عرضها كما يلي:
1
-ما العمليات العقلية التي يتمكن بها الناس من قول ما يريدون قوله .أي كي ف يستطيع
الفرد استخدام معرفته اللغوية حين إنتاج الكالم وفهمه؟ وهذا يرتبط بالوظيفة التي تؤديها
اللغة حين نتكلم ونسمع ونقرأ ونكتب ،وربما حين نفكر .وما العمليات العقلية التي يتمكن
بها الناس من إدراك وفهم ما يسمعونه ،أي إدراك الكالم؟
-وكيف يمكن للفرد اكتساب المعرفة اللغوية والقدرة التي تمكنه من استخدامها؟ ويع ود
اهتم ام اللس انيات النفس ية بظ اهرة اكتس اب اللغ ة إلى تأثره ا بنظري ة القواع د التوليدي ة
لتشومسكي ،والذي يرى أن األطفال يولدون وهم مزودون بقدرة فطرية للمبادئ الصورية
التي تحدد التراكيب النحوية في جميع اللغات .هذه القدرة الفطرية أو (المعرفة النظرية)
هي عم اد اكتس اب اللغ ة وس رعتها ل ديهم .وفي ه ذا الس ياق يس عى علم اللغ ة النفس ي إلى
"دراسة المؤثرات النفسية التي تعصف بهذا االكتساب سلبا وإ يجابا ،وكذلك الوقوف على
المه ارات العقلي ة" ،وأيض ا يه دف إلى "دراس ة العالق ة بين اللغ ة والفك ر" .وأيض ا عملي ة
االكتس اب و"كيفي ة فهم الجم ل والكلم ات وس رعة الفهم وخط وات الفهم وعوام ل ص عوبة
الفهم".
-التع رف على ت ركيب ال ذاكرة من الناحي ة اللغوي ة ،وطبيع ة الت ذكر وعملي ة
اخ تزان األلف اظ والمف ردات في ال ذاكرة ،وه و م ا يطل ق علي ه اس م "المعجم ال ذهني".
وأيض ا التع رف على "أس لوب اس تدعاء المخ زون اللغ وي من ال ذاكرة" ،ومن ه كي ف تتم
عملية اختيار المتكلم للمفردات التي يحتاجه ا للتعبير عن أفك اره وتوص يلها إلى الطرف
اآلخ ر بطريق ة ت ؤدي إلى فهمه ا في س هولة ويس ر؟ وكي ف يمكن للمس تمع أن يحل ل
األص وات ال تي يلتقطه ا إلى وح دات ح تى يمكن ه التوص ل إلى المع نى أو المع اني ال تي
يريدها المتكلم؟ فمجال علم اللغة النفسي إذن دراس ة العملي ات العقلية عن د المتحدث قبل
صدور اللغة وعند صدور اللغة من قب ل المتكلم ،وي درس االكتس اب واإلدراك لديه وفق
المستويات الصوتي والصرفي والنحوي والداللي.
2
نظرية شانون في االتصال:
كل ود ش انون ووارن ويف ر وض عا إط ارا خاص ا أو نموذج ا ال ذي يص ور مف اهيم
االتص ال وعناص ره المختلف ة ،وه ذا النم وذج يعت بر من أك ثر نم اذج االتص ال الموج ودة
ت أثيرا في معظم الج وانب والمج االت ،وعلى جمي ع المش تركين في العملي ة االتص الية ال تي
تعتمد عليه.
ويقوم هذا النموذج على وجود فكرة رئيسية أساسية ،التي تكون موجودة أو تبدأ عند
مصدر المعلومات الذي تخرج منه الرسالة المرغوبة من بين مجموعة كبيرة من الرسائل
الممكنة ،وتحمل إلى المرسل خالل قناة اتصال مثل الصوت اإلشارات المختلفة والصور،
حيث توض ع في رم وز encodingعلى ش كل إش ارة وبع دها تنتق ل ه ذه اإلش ارة بمس اعدة
أداة اتص ال معين ة إلى المس تقبل ،ال ذي يتلقاه ا أو يق وم بعملية ف ك ه ذه الرم وز عن طري ق
عملية تسمى decodingوبعد عملية فك الرموز هذه ،تمر إلى الهدف ،destinationأي أن
أساس النشاط الذي يقوم به طرفي العملية .يكون على المرسل أن يضع أو يصوغ الفكرة
الرئيس ة في رم وز معين ة ،وعلى المس تقبل أن يق وم بعملي ة ف ك له ذه الرم وز وإ عادته ا إلى
الفكرة األساسية.
وفي مثل هذا الوضع الذي يوجد في عملية االتصال أي الترميز والنقل والفك ،يجب
على مصدر المعلومات أن يضع في اعتباره وجود تشويش أو ضوضاء .أو تداخل الذي
من الممكن أن يحدث نتيجة لعوامل معنوية أو نفسية أو آلية ،وعندما يحدث مث ل التشويش
أو الضوضاء والرسالة في طريقها من المرسل إلى المستقبل يؤثر تأثيرا سلبيا في عملية
االتص ال ،إلى ح د أنه ا تك ون عرض ة للفش ل في تحقي ق أه دافها أو أنه ا تك ون عرض ة
للتحريفات واألخطار المحددة ،مما يؤكد على وجود اضطراب وعدم الق درة على الوص ول
إلى الغاية المنشودة من عملية االتصال .من هنا نرى مدى وأهمية االبتعاد عن المؤثرات
السلبية وأهمية وصول الرسالة بصورة واضحة ومحددة.
3
واألمثل ة على ذل ك كث يرة ن ذكر منه ا ،ح دوث أش ياء أو ت داخل ال ذي من ش أنه أن
يص رف المس تقبل عن تلقي اإلش ارات والرموز ال تي تص ل إليه مع الرس الة ،المرسلة ،أو
حدوث ضجة مفاجئة التي تؤثر على عملية االستماع والتركيز واالنتباه ،أو عدم الدقة في
الكتابة ،التي تؤدي إلى الفهم الخطأ ومنه الوقوع في أخطاء أخرى عند رد الفعل.
ولكي نعالج مشكل التشويش وتأثيره في العملية االتصالية يجب إتباع طريقة اإلعادة
أو التك رار للمعلوم ات المرس لة ،وذل ك بقص د إعط اء الفرص ة الكافي ة للمس تقبل للقي ام في
التق اط اإلش ارة بش كل ص حيح ،ولكن يجب أن ال ننس ى أن عملي ة التك رار ق د تس بب المل ل
لدى المستقبل ،والملل بدوره يؤدي إلى عدم االنتباه والشرود الذهني ،واالتج اه إلى مش اغل
أخرى وفي نهاية األمر إلى تعطيل فهم الرسالة وعملية االتصال ،أيضا وجود الرجع أو
التغذية Feed backيعتبر من المفاهيم والجوانب التي لها أهمية في عملية االتصال؛ ألنها
تش ير إلى ح دوث االتص ال بص ورة ص حيحة وس ليم وخالي ة من المعوق ات ،باإلض افة إلى
كونه ا تعطي للمرس ل فك رة عن م دى اس تجابة وت أثر المس تقبل بالرس الة وقبول ه له ا أو
رفض ها ،والقب ول يع ني الفهم واالس تفادة وال رفض ،يع ني فش ل الرس الة في الوص ول إلى
المستقبل ،وتأثيره فيه وعدم تحقيق األهداف منها.
وعلى ه ذا النم وذج أدخ ل تع ديال بحيث أخ ذ في االعتب ار الحقيق ة ال تي تق ول إن
االتصال عندما يكون في أشكال كبيرة ينظر إليه وكأنه عملية تدفق للمعلومات أو الرسائل
من خالل مجموعة من القنوات ،لذا فإن االهتمام األول والكبير ال يعطي للكفاءة في عملي ة
الترميز أو تسهيالت النقل والتغلب على التشويش ،بل تعطي األهمية األولى والكب يرة لع دم
االس تمرارية وانقط اع تواص ل المعلوم ات ،ولعملي ة االختب ار ال تي تح دث ه ذه النق اط
المختلف ة ،مث ل االختي ار ال ذي يحث عن د المص در أو في مرحل ة النق ل واإلرس ال أو في
المراح ل المختلف ة ال تي ترس ل فيه ا الرس الة ،وتض م الرس ائل ونقط ة وص ول الرس الة
للمستقبل واستقباله لها ،كيف يكون وفي أي وضع.
4
5