Professional Documents
Culture Documents
1 الأسرة والاضطرابات النفسية ماستر
1 الأسرة والاضطرابات النفسية ماستر
1
من خالل مجموعة متنوعة من الطرق المختلفة ،ولو أغلق أحد الطرق ،أو فشل أحد المكونات
في أداء وظيفته فإن هناك طرقا بديلة ومكونات أخرى متاحة .و بمعنى آخر يمكن الوصول
إلى نفس الهدف بطرق مختلفة و هو ما يسمى بمبدإ المحصلة الواحدة (المساوية) ،حيث يمكن
أن تؤدي عمليات كثيرة مختلفة إلى نفس النتائج أو نفس المحصلة .
يعتبر النسق أحسن شرح لهذا المبدأ ،و لفهمه البد من تحليل التفاعالت التي تحدث
داخل النسق خالل مالحظتنا له و ليس في أصلها.
2
.2نظرية االتصال و مبادئها:
تم بناء هذه النظرية انطالقا من أعمال Batesonومجموعة باحثي مدرسة Palo Alto
التي ظهرت حوله في سنة 1957أين ت ّمت دراسة اآلثار البراغماتية لالتصال اإلنساني -
بمعنى آثاره على السلوك -مع التركيز خصوصا على اضطرابات هذا السلوك .فكانت إذن
هي أولى المدارس التي قامت بدراسة اضطرابات االتصال في األنساق األسرية.
و في عام 1967نشرت مجموعة باحثين من معهد األبحاث العقلية خالصة خبرتهم
في كتاب "برجماتيات االتصال اإلنساني" » « Pragmatics Of Human Communication
،و الذي يمثل توليفة من نظرية االتصال و نظرية األنساق و األمراض النفسية مع لمسات من
الفلسفة و األدب و الرياضيات .حيث قام كل من Watzlawick, Helmick Beavin, and
Jacksonباقتراح عدد من مبادئ االتصال اإلنساني أو كما تسمى بالمسلمات الخمسة لالتصال،
و هي:
-المسلمة األولى:
"استحالة عدم االتصال "L’impossibilité de ne pas communiquer
إذا اعتبرنا التواصل على أنه عبارة عن نقل معلومة و نهتم بالسياقات التي تعمل على
إرسال و على استقبال الرسالة ،فيمكن أن نؤكد أن كل السلوكات لها قيمة رسالة ،سوا ًء كانت
حاملة للمعلومة ،و هذا بصفة مستقلة عن نية المرسل أو المستقبل.
فالنمط اللّفظي ال ينقل إالّ جزء صغير من المعلومة بين األشخاص ،لكننا عادة ما نكون
أكثر انتباها ِلما نقول مما نحن انتباها ِلما نفعل ،و كل واحد منا يعلم أهمية االيماءات و النبرات
و صمت اآلخرين.
كما نعلم من جهة أخرى أن ليس هناك سلوك مضاد ،فكل ما نقوم به من سلوكات حتى
السلوك السلبي ) (passifمثل التفكير هي عبارة عن سلوكات و النتيجة المنطقية لما سبق أنه
ال يمكننا أن ال نتواصل.
-المسلمة الثانية:
"مستويات االتصال من جانبي المحتوى و العالقة
" Niveaux de la communication contenu et relation
لقد درس Batesonطويال ظاهرة التشفير ) (le codageفي عملية التواصل عند
اإلنسان ،و نقصد بالتشفير الترجمة الداخلية لألحداث الخارجية ،ففي النظام اإلدراكي ،يمكن
لحواسنا أن تستثار بعدّة مظاهر تحيط بنا .و هو ما يحفّز على ظهور سياقات معقدة من
التحوالت.
إذ نجد أن هناك نوعين من التشفير الذي يستعمل من طرف اإلنسان في تفاعالته مع
العالم الذي يحيط به :تشفير المحتوى ) (digitalأي معنى الكلمات و اإلشارات المفهومة و
3
تشفير العالقة ) (analogiqueبمعنى اإلشارات المظهرية كاألفعال و اللّغة المنطوقة و الحركات
و اإليماءات و الهيئات الجسدية و األداءات.
فكل اتصال له مضمون و له جانب عالئقي ،علما بأن الجانب العالئقي يؤثر في
المضمون ،وأحيانا ما يصنف المضمون طبقا للجانب العالئقي ،الذي يمثل كذلك نوعا من
االتصال البعدي . Metacommunication
-المسلمة الثالثة:
" تنقيط سلسلة األفعال "Ponctuation de la séquence des faits
من بين الخصائص األساسية لالتصال هي أنه عبارة عن تفاعل أو تبادل للرسائل بين
األشخاص ،حيث يكون هذا االتصال على شكل سلسلة مستمرة من التبادالت و هي ما يطلق
عليها Batesonو Jacksonبـ "تنقيط سلسلة األفعال" و يعتبران كل عنصر من السلسلة على
أنه مثير و استجابة و تعزيز في آن واحد .إذ يعتبر عنصر معين من سلوك (أ)"مثير" بما أنه
سيتبع بعنصر من (ب) و الذي سيتبع بدوره بعنصر آخر من (أ) ،ومن جهة أخرى فإنه بما أن
العنصر الخاص بـ (أ) هو موجود بين عنصرين من (ب) فهو يعتبر "إستجابة" ،و نفس الشيئ
للعنصر الخاص بـ (أ) الذي يعتبر على أنه "تعزيز" بما أنه يتبع عنصرا قد صدر عن (ب).
و عليه فالتبادالت التي نفحصها اآلن تشكل سلسلة تتداخل الروابط فيها لتشكل ثالثيات تشبه
كل رابطة منها بتسلسل من "مثير-إستجابة -تعزيز".
فطبيعة العالقة تتوقف على عالمات الترقيم و الوقف ) (Punctuationلفهم التتابع
االتصالي بين المتواصلين .كما يرى ) (Watzlawick & al, 1972أن تنقيط سلسلة األعمال
تهيكل السلوكات وهي بذلك أساسية لمواصلة التفاعل.
-المسلمة الرابعة:
"االتصال اللّفظي و غير اللّفظي "Communication digitale et analogique
تتصل الكائنات اإلنسانية على هيئة رقمية ) (Digitalثنائية منفصلة (إما ...و إما) و
على هيئة تناظرية ) .(Analogicallyيشبه االتصال الرقمي االتصال الرمزي في أنه يعتمد
على رموز محددة بشكل تعسفي ألنها ربما ال ترتبط بالشيء الذي ترمز له ،فليس هناك صلة
خاصة أو رابطة معينة بين حروف كلمة (قطة) و القطة .واالتصال الرقمي يصف
الموضوعات أو يتكلم عنها ،و لكنه غير مناسب للتعامل مع العالقات .أ ّما االتصال التناظري
فهو مثل اتصال "العالمات" يعتقد أنه أقدم و يرتبط مباشرة بالشيء .و الكلمات في معظم
الحاالت هي (رموز )Symbolic -رقمية ،أما االتصال غر اللفظي (العالمات) فهو تناظري.
وا إلنسان وحده دون سائر المخلوقات هو الذي يستطيع أن يقوم باالتصال الرقمي و االتصال
التناظري .
يتميّز االتصال اإلنساني إذن بوجود نمطين ،فاإلنسان يتواصل بطريقة لفظية ذات أهمية
كبيرة في تبادل المعلومات و نقل المعارف عبر الزمن ،كما أنه يتواصل بطريقة غير لفظية
4
أي حركات الجسم ،اإليماءات ،التغيّرات في نبرة الصوت ،إيقاع و تواتر الكلمات وكل
التظاهرات غير اللّفظية التي تسمح بها العضوية.
-المسلمة الخامسة:
"التفاعالت التناظرية والتكاملية "Interaction symétrique et complémentaire
هي عالقات قائمة إ ّما على المساواة أو على االختالف ،في الحالة األولى يميل
الرفقاء إلى تبني سلوك متطابق ،يمكن إذن أن يطلق على تفاعالتهما على أنها تناظرية ،في
الحالة الثانية يك ّمل الواحد سلوك اآلخر لكي يكونان جشتالت من نوع مختلف ،يطلق عليها
تكاملية .تتميّز إذن التفاعالت التناظرية بالمساواة و تقليل اإلختالف ،في حين تقوم التفاعالت
التكاملية على زيادة اإلختالف.
نجد في العالقة التكاملية مرتبتين مختلفتين ،حيث يحتل أحد الرفقاء وضعية
مرتفعة و يحتل اآلخر الوضعية المرافقة أي السفلى ،ال يرمي ذلك إلى معنى "جيد" أو "سيئ"،
"قوي" أو "ضعيف" .يحدّد السياق االجتماعي و الثقافي في بعض الحاالت عالقة تكاملية
كعالقة أم-طفل ،طبيب-مريض ،مدرس-طالب ،أين يطغى على العالقة طابع التضامن
والتكامل.
5
المحاضرة رقم 1
تعتبر األسرة في أية ثقافة نسقا أو نظاما يتكون من مجموعة من العناصر (األفراد)
تربطها عالقات وظيفية تفاعلية ،يدخلها الفرد عن طريق الزواج أو الوالدة لتحقيق أهداف
مشتركة و أخرى فردية.
و يرى ) (Broderick, 1993من وجهة المقاربة النسقية أن األسرة هي عبارة عن "نسق
مفتوح ،تحكمه قوانين ،كما أنه منظم و موجه نحو بلوغ هدف معين" ،و لتحقيق هدفه فإن
النسق يتميّز حسب )1971( G. Batesonبأنه وحدة مع وجود بنية للتغذية الرجعية قابلة على
8
معالجة المعلومة داخل النسق األسري و بين األسرة و الخارج أي أنساق المحيط من خالل
سياقات انتقائية ،فاألسرة هي إذن نسق ديناميكي في محاولة مستمرة للبقاء و التوازن أمام
التغيّرات و الضغوط الداخلية والخارجية.
9