You are on page 1of 5

‫جامعة الجزائر ‪02‬‬

‫كلية العلوم االجتماعية‬


‫قسم األرطوفونيا‬

‫وحدة‬
‫نظريات اللغة واالتصال‬

‫محاضرة في الماستر ‪ /‬تخصص أمراض اللغة والتواصل‬


‫السنة األولى ‪ /‬السداسي األول‬

‫‪0‬‬
‫المحاضرة األولى‬
‫مدخل إلى التواصل اللغوي‬
‫هن اك عالق ة وثيق ة بين للغ ة والتواص ل وه ذه العالق ة مه دت لوج ود مفه وم جدي د على‬
‫الس احة التربوي ة ه و مفه وم التواص ل اللغ وي ال ذي يقص د ب ه نق ل المع اني بين المرس ل‬
‫والمستقبل باستعمال اللغة‪ ،‬فعندما يتصل اإلنسان بغيره اتصاال لغويا بغية التعبير عن الذات‬
‫ونقل المشاعر واألحاسيس‪ ،‬فهو إما أن يكون متحدثا‪ ،‬وإ ما أن يكون مستمعا‪ ،‬وإ ما أن يكون‬
‫كاتبا‪ ،‬إم ا أن يكون قارئ ا‪ ،‬وفي كل الحاالت يمر اإلنسان بعملي ات عقلية مض مونها ومادتها‬
‫اللغة‪.‬‬
‫وعملي ة الواص ل اللغ وي تتم ع ادة عن طري ق التفاع ل المتب ادل بين ط رفين (مرس ل)‬
‫و(مستقبل) وبينهما رسالة لغوية (مكتوبة) أو منطوقة) تسير في قناة تواصل لتؤدي إلى إشباع‬
‫حاجات التواصل اللغوي‪ ،‬كالتعبير‪ ،‬أو اإلفهام‪ ،‬أو اإلقناع‪ ،‬أو التأثير‪ ،‬باستخدام قدر من الكفاءة‬
‫اللغوي ة ل دى ك ل من المتح دث أو المس تمع‪ ،‬أو الك اتب‪ ،‬أو الق ارئ عن طري ق اس تخدام مه ارة‬
‫لغوية أو أكثر‪ ،‬وفي إطار مجال من مجاالت التواصل اللغوي (المكتوب) أو (المنطوق)‪.‬‬
‫ونظرا لتعقد الحياة الحديثة وكثرة وسائل االتصال وتنوعها أصبح اإلنسان في أمس‬
‫الحاجة إلى امتالك مهارا التواصل اللغوي من فنون شفوية (كاالستماع والتحدث) وفنون‬
‫كتابية (كالقراءة والكتابة) حتى يكون قادرا على اإلقناع واالقتناع‪ ،‬األمر الذي ينبغي معه‬
‫العناية بمهارات التواصل اللغوي واإلكثار من التدريب عليها‪.‬‬
‫كل هذا وذاك يحتم على التربويين ضرورة احتيار المدخل التدريسي المناسب لتعليم‬
‫المه ارات اللغوي ة بم ا فيه ا مه ارات التواص ل اللغ وي‪ ،‬ول ذلك يع د كث ير من المتخصص ين‬
‫مدخل التواصل اللغوي مدخال تعليميا وظيفيا يقوم على تعليم اللغة من خالل مواقف حيوية‬
‫واقعي ة يس تطيع فيه ا الطالب ممارس ة اللغ ة من خالل فن ون أربع ة هي‪ :‬االس تماع‪،‬‬
‫والتحدث‪ ،‬والقراءة والكتابة سعيا للتفاعل والتواصل من خالل سياق لغوي سليم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ولع ل من أب رز أه داف م دخل التواص ل اللغ وي إكس اب المتعلمين الكف اءة التواص لية‬
‫حيث ال يقتصر تدريس الفنون والمهارات اللغوية على تحصيلها فقط‪ ،‬ولكن يجب اكتس ابها‬
‫كأح د أوج ه الكف اءة التواص لية وه ذه الكف اءة تش تمل على أربع ة أبع اد رئيس ة هي الكف اءة‬
‫النحوي ة وذل ك فيم ا يتعل ق بص حة األداء النح وي والص رفي‪ ،‬والكف اءة االجتماعي ة وال تي‬
‫تتضمن إدراك السياق اللغوي االجتماعي الذي يحدث فيه التواصل بما في ذلك من األدوار‬
‫االجتماعية والمعلومات التي يشارك بها‪ ،‬وكفاءة الخطاب وهي تشير إلى ترابط المعاني‬
‫بين المش اركين في التواص ل‪ ،‬والكف اءة االس تراتيجية ويقص د به ا إس تراتيجية التكي ف ال تي‬
‫يستخدمها المتصلون لبدء التواصل وإ نهائه والحفاظ عليه وإ صالحه وإ عادة توجيهه‪.‬‬
‫ويمكن تحدي د األه داف ال تي يجب إكس ابها المتعلم من خالل ت دريس اللغ ة باس تخدام‬
‫مدخل التواصل اللغوي باآلتي‪:‬‬
‫‪-‬حصول المتعلم على أعلى درجة ممكنة من الكفاءة اللغوية‪.‬‬
‫‪-‬تمييز المتعلم بين الصيغ التي أتقنها كجزء من كفاءته اللغوية والوظ ائف التواصلية‬
‫التي تؤديها‪.‬‬
‫‪-‬وعي المتعلم ب المعنى االجتم اعي للص يغ اللغوي ة‪ ،‬مم ا ي ؤدي إلى االل تزام باس تخدام‬
‫الصيغ المقبولة اجتماعيا وتجنب صيغ الهجوم‪.‬‬
‫‪-‬تنمية المهارات واإلستراتيجيات الخاصة باستخدام اللغة إليصال المعنى بفاعلية قدر‬
‫اإلمكان في المواقف الواقعية‪ ،‬واستخدام التغذية الراجعة لتقدير النجاح‪.‬‬
‫إن هذا االهتمام في تدريس اللغة عبر مدخل التواصل اللغوي القى رواجا كبير في‬
‫كثير من النظم التربوية وحظي باهتمام ملموس من مراكز تطوير المناهج والمتخصصين‬
‫في تعليم اللغ ات في العالم وذلك ألهميت ه في تمكين المتعلمين من الكفاءة التواصلية والتي‬
‫تع د من أهم أه داف تعليم اللغ ة‪ ،‬كم ا ص احب ذل ك تط ور واض ح في إج راءات ت دريس‬
‫مه ارات اللغ ة من خالل الت داخل بين اللغ ة والتواص ل‪ ،‬ألن تعليم اللغ ة من خالل م دخل‬
‫التواصل اللغوي أدى إلى حدوث جودة في تعلم المهارات اللغوية وتنميتها‪ ،‬وألن التواصل‬
‫‪2‬‬
‫أدى إلى زي ادة وتأكي د الممارس ة والخ برة اللغوي ة‪ ،‬فبج انب الوص ول إلى المع نى والمف ردة‬
‫الص حيحة والقواع د الس ليم زادت الق درة على التخ اطب والتفاع ل بين المتعلمين داخ ل‬
‫الفصل وخارجه‪.‬‬
‫ولع ل من أب رز محاس ن م دخل التواص ل اللغ وي‪ ،‬وتأكي ده على تحقي ق عملي ات‬
‫التواص ل والتفاع ل بج انب إتق ان الص يغ اللغوي ة‪ ،‬وه ذا ي ؤدي إلى أدوار مختلف ة للمتعلمين‬
‫غ ير تل ك الموج ودة في الم داخل التقليدي ة‪ ،‬حيث يك ون دور المتعلم في ال درس التواص لي‬
‫يتس م باإليجابي ة والمش اركة الفاعل ة فه و يش ارك معلم ه في اختي ار ال دروس واألنش طة‬
‫التدريس ية ال تي س يقوم به ا إض افة إلى إب داء رأي ه في طرائ ق الت دريس المس تخدمة فه و‬
‫يتعاون دائما مع المعلم من أجل الوصول إلى أفضل النتائج‪.‬‬
‫وي أتي دور المتعلم من خالل التفاع ل بين نفس ه وعملي ة التعلم وموض وع التعلم‬
‫ويتفاع ل م ع المش اركين في نط اق اإلج راءات واألنش طة‪ ،‬والغاي ة بالنس بة ل ه ه و في‬
‫مساهمته في توظيف ما اكتسبه وما تعلمه بأسلوب تفاعلي‪.‬‬
‫ومن هذا المنطلق كان لزاما أن يؤخذ في االعتبار عند وضع برامج تعليم المهارات‬
‫اللغوي ة وعن د تدريس ها والت دريب عليه ا حاج ات المتعلمين وق دراتهم ال تي ت ؤهلهم إلرس ال‬
‫اللغة واستقبالها‪ ،‬ويلزم مراعاة تفاعل المتعلمين وإ يجابياتهم أثناء العملية التعليمية‪ ،‬فالمتعلم‬
‫ليس متلقيا سلبيا بل هو متفاعل نشط وإ يجابي يجب إشراكه في الموقف التعليمي إرساال‬
‫واس تقباال‪ ،‬كم ا يل زم مراع اة إم داده ب الحوافز وال دوافع ال تي تس تثيره الكتس اب المه ارات‬
‫اللغوية المختلفة والعمل على تدعيمها وتعزيزها لديه بشتى الطرائق واألساليب‪.‬‬
‫ويمكن القول أن كثيرا من المداخل التقليدية في تعليم اللغة ركزت على التكرار اآللي‬
‫للعبارات وعلى الجمل الجافة البعيدة كل البعد عن واقع المتعلم مما أدى إلى افتقاد المتعلم‬
‫الق درة على التواص ل بين ه وبين كتاب ه أو بين ه وبين معلم ه إض افة إلى ع دم قدرت ه على‬
‫التكي ف م ع الواق ع ال ذي يعيش ه‪ ،‬نظ را لع دم قدرت ه على توظي ف اللغ ة المتعلم ة إلحساس ه‬
‫بالتناقض بين الواقع وبين ما يتعلمه‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫وبم ا أن الم دخل التواص لي يجع ل المتعلمين يتمكن ون من الق درة على توظي ف اللغ ة‬
‫واستخدامها للتواصل الفعال تبدو الحاجة ماسة إلى أن تجعل المؤسسات التربوية المحتوى‬
‫التعليمي واألنش طة التعليمي ة م وجهين لتحقي ق ه ذا اله دف بحيث يك ون معي ار اختيارهم ا‬
‫وض ع الط الب في مواق ف حيوي ة واقعي ة تتطلب من ه توظي ف اللغ ة لعم ل مهم ة مح ددو‬
‫باس تخدام األنش طة التفاعلي ة االجتماعي ة مث ل المحادث ات والمن اظرات والح وارات وغيره ا‬
‫من المواقف الوظيفية التي يحتاجها المتعلم في حياته اليومية‪.‬‬

‫‪4‬‬

You might also like