You are on page 1of 21

‫‪1‬‬

‫أهمية األسلوب التكاملي في تعليم مهارات اللغة العربية‬


‫إعداد‪:‬‬
‫علي عبد اهلل الشاعري‬
‫د‪ .‬راشد عبد الحميد كيريبوي ‪Presenter‬‬

‫)‪Paper presented at (LEC14‬‬

‫‪FPBU, USIM‬‬
‫‪20-21 OCT.2014‬‬
‫‪2‬‬

‫الملخص‬

‫تقدم هذه الورقة تفاصيل وصفية عن أمهية األسلوب التكاملي يف تعليم مهارات اللغة العربية‪ .‬إن األخذ‬
‫باألسلوب التفريعي يف العملية التعليمية حيدث انفصام وانشراخ بني النظرية والتطبيق‪ ،‬وبني املعرفة واملهارة‪،‬‬
‫ويسخر الطاقات بتنمية اجلانب املعريف وإمهال بقية اجلوانب األخرى‪ ،‬وحيدث جتزئة املعرفة وتقسيمها على‬
‫حنو يتعارض م ع تواجدها يف احلياة‪ ،‬فتصبح املادة يف ظله جمرد مادة ينبغي حفظها واستظهارها الجتياز‬
‫االمتحان فقط‪ ،‬مع عدم االهتمام مبيوالت واهتمامات وحاجات الطالب‪ .‬وهلذا وجب التأكيد على‬
‫تعليم اللغة وفق هذا األسلوب وتوظيفه يف تعليم اللغة العربية سيكون له أثر فعال كما أثبتت الدراسات‬
‫السابقة؛ ألن اللغة كل متكامل وال جيرى تقسيمها اىل فروع إال ألغراض تعليمية حبتة‪ .‬وال ينبغي االنسياق‬
‫وراء دعوات التجزئة يف تعليم اللغة ومهاراهتا؛ لكوهنا عملية تكاملية ال ميكن فصل مهارة منها عن األخرى‬
‫أو فرع عن آخر‪ .‬ومن هنا ظهر أمهية حاجة طالبنا املاسة اليوم إىل األسلوب التكاملي يف تعليم املهارات‬
‫العربية لتحقيق األهداف من تعلُّم وتعليم اللغة العربية وإتقان املهارات األربع (االستماع والتحدث والقراءة‬
‫والكتابة) والربط والتوثيق بني ألوان الدراسات اللغوية مما ينعكس أثره على أداء املتعلم وثقافته وتشكيل‬
‫وعيه ف ينمو املتعلم منوا متزنا متكامال متعادال ال تطغى فيه مهارة على أخرى‪ .‬وعند النظر والتقصي يف‬
‫حال املتعلمني يتجلى ضعف الطالب يف مهارات اللغة العربية‪ ،‬القراءة والكتابة واالستماع والتحدث‪،‬‬
‫ويكون هذا الضعف أكثر وضوحا يف مهارة الكتابة وذلك من خالل االطالع من قبل الباحث لنماذج‬
‫من كتابة الطالب ومن خالل تصحيح الواجبات أثناء تدريسه يف عدد من املعاهد املهتمة بتعليم اللغة‬
‫العربية وكذلك هي شكوى كثري من املدرسني يف املعاهد املختلفة واجلامعات‪ .‬ومن مث تقدم هذه الورقة‬
‫تفاصيل وصفية عن أمهية األسلوب التكاملي يف تعليم مهارات اللغة العربية ليكون ذلك اسهاما معرفيا‬
‫يف تعليم اللغة العربية للناطقني بلغات أخرى‪.‬‬

‫مقدمة‬
‫إن من أهم ما يعيق تعلم اللغة العربية ومهاراهتا وساعد بكثرة على عدم انتشارها‪ ،‬هو تبين الطريقة‬
‫التقليدية القدمية فقسموا اللغة العربية إىل فروع (األسلوب التفريعي) الذي يقوم على تفتيت اخلربة اللغوية‬
‫للمتعلمني واعتبار اللغة مواد متميزة بعضها عن بعض واملهارات متفرقة ومنفصلة‪ :‬من حنو يصون اللسان‬
‫من اللحن وحيفظ القلم من الزلل وصرف يعتين ببينة الكلمة وبالغة حتدد مالمح اجلمال واألسلوب‬
‫‪3‬‬

‫وإمالء وتعبري وقراءة ونصوص وحمفوظات وأن كل مادة تؤدي غرضا وحتقق أهدافا ال ميكن أن تتحقق‬
‫إال بدراسة كل فرع من فروع اللغة العربية على حدة‪ (.‬يونس‪ ،‬فتحي‪1981 .‬م) ‪ .‬إن األخذ هبذا االعتقاد‬
‫مهد الطريق إىل قطع الصلة بني مهارات اللغة العربية ومزق أوصاهلا مع ما تتميز به من اتصال يف طبيعتها‬
‫ابتداء‪.‬‬
‫استمر هذا املنهج فرتة من الزمن ومازال يف بعض املعاهد واملدارس حىت يومنا هذا‪ ،‬بالرغم أن اهلدف‬
‫الرئيسي من الربنامج الدراسي – لتعليم العربية للناطقني بغريها – بكل مكوناته هو تقدمي املتعلم إىل‬
‫أساسيات اللغة العربية ومساعدته والوقوف جبانبه لكي يصل يف فرتة زمنية حمددة إىل مستوى من اإلتقان‬
‫ملهاراهتا األربع – االستماع والتحدث والقراءة والكتابة – يستطيع معه أن يستقل يف تعليم نفسه اللغة‪،‬‬
‫وأن يتزود مبا يشاء من تراثها دون حاجة إىل االعتماد على درس أو مدرس‪.‬‬
‫إن هناك شبه إمجاع بني العاملني واملتخصصني بتعليم اللغة العربية للناطقني هبا وللناطقني بغريها أن‬
‫األسلوب األفضل لتعليم اللغة العربية إمنا يكون من خالل التكامل بني املهارات وهو ما كشفته وأكدته‬
‫البحوث ونتائج معظم الدراسات السابقة وأعمال الندوات واملؤمترات وكتابات املتخصصني‪.‬‬
‫(معاوية‪2009،‬م)؛ (خضر‪2008.‬م)؛ (جوهر‪2006 ،‬م)؛ (السبع‪2002 ،‬م)؛ ‪( ،‬سالم ‪1993‬م)‪.‬‬
‫حيث أن األسلوب التقليدي يف تعليم اللغة العربية للناطقني هبا والناطقني بغريها قد أثبتا فشال كبريا جعل‬
‫أغلب الدارسني يعزفون عن إكمال الدراسة‪ ،‬أو ال ينجحون يف حتقيق التقدم املرجو من مواصلتها‬
‫واالستمرار يف تعلمها‪( .‬مدكور‪ ،‬وهريدي‪2006 .‬م) ‪.‬‬

‫اللغة العربية وحدة متكاملة‪:‬‬


‫التكامل يرجع إىل كون اللغة جمموعة من النظم‪ ،‬اليت تتكامل فيما بينها‪ ،‬حبيث ال يؤدي كل نظام غرضه‬
‫كامال إال عندما تكون هناك تراكيب أخرى تضفي عليه دالالت‪ .‬كما يرجع إىل كون األداء الوظيفي‬
‫للغة يعكس هذا التكامل‪ ،‬حيث تستخدم اللغة جبملتها وبكل عناصرها‪ ،‬كما يؤدي كل نظام منها‬
‫وظيفته بالتعاون مع النظم األخرى‪ ،‬ويستمد التكامل اللغوي أسسه من كون اإلنسان ينتج اللغة متكاملة‪،‬‬
‫كما أنه أساس جوهري يف طبائع األشياء‪ ،‬وله أسسه الفلسفية واالجتماعية والنفسية‪ ،‬ويقصد به التعاون‬
‫والتآزر املوجود بني عناصر كل ظاهرة ومكوناهتا‪ ،‬حىت تستطيع أن تقوم بوظيفتها ودورها يف‬
‫احلياة‪(.‬موسى‪2012.‬م) ‪ .‬واللغة العربية وحدة متكاملة فليس هناك قواعد وحدها وال أدب وحده‪ ،‬وال‬
‫‪4‬‬

‫قراءة منفصلة‪ ،‬وال كتابة وحدها‪ ،‬وإمنا تتكامل هذه الفروع لتكون اللغة‪ ،‬وتعلم كوحدة‪ ،‬حىت تتضح‬
‫وظائفها اتضاحا كامال‪ ،‬وكما يقول علماء نفس اجلشتالت‪ ،‬أن الكل أكرب من جمموع أجزائه‪ ،‬وأن اجلزء‬
‫ال يتضح معناه إال بالنسبة إىل الكل وأنه(اجلزء)يتضح أكثر حني يرد يف مواقف خمتلفة‪ ،‬ومواضع متعددة‬
‫من الكل‪ (.‬يونس‪ ،‬فتحي‪1981 .‬م)‪.‬‬
‫تقسيم اللغة إلى فروع‪:‬‬
‫مهد الطريق إىل قطع الصلة بني مهارات اللغة‪ ،‬مع مابينها من اتصال طبيعي ؛‬ ‫إن األخذ هبذا االعتقاد ّ‬
‫لدرجة أصبح املعلّم واملتعلّم ينظران إىل كل فرٍع لغو ٍي على أنه قائم بذاته‪ ،‬وليس بالضرورة أن تُرب َ‬
‫ط‬
‫مهارات كل فرع باآلخر‪ ،‬فاملعلّم يغذي فكر املتعلّم بأن مراعاة الصحة اللغوية ال تكون إالّ يف درس‬
‫قواعد اللغة‪ ،‬وسالمة اهلجاء ال جمال هلا إالّ يف درس اإلمالء‪ ،‬وتكوين الذائقة األدبية ليس مكانه خارج‬
‫رس يف فرع من فروع‬ ‫أسوار تعليم األدب‪ ،‬فضالً عن النظرة النفقية ( الضيقة ) إىل أن املهارات اليت تُ ْد ُ‬
‫تقمصت كتب تعليم اللغة العربية‬ ‫اللغة ال ختدم سوى الفرع نفسه‪ ،‬وال ختدم الفروع األخرى‪ ،‬حىت وإن َّ‬
‫– يف اآلونة األخرية – أدوار البطولة يف مل مشل األسرة اللغوية‪ ،‬غري أن هذا اللّم غالباً ما يكون حرباً على‬
‫ورق‪ ،‬ال يأخذ مكانه إىل أرض الواقع؛ ألن معلّم اللغة مل يهيأ هلذه األدوار‪ ،‬فهو ال يزال معتقداً بأمهية‬
‫ولعل يف ممارسات املعلمني التدريسية‪ ،‬وتقومي أداء تالميذهم‬ ‫الناتج املعريف‪ ،‬منصرفاً عن الناتج املهاري‪ّ ،‬‬
‫ما يؤّكد ذلك‪ .‬يقول عطية العمري‪( :‬وقد لوحظ أن املناهج الدراسية ‪ -‬للغة العربية ‪ -‬احلالية سواء‬
‫املناهج‪ -،‬يف الدول العربية أو الدول اإلسالمية واألجنبية ‪ -‬تعاين انفصاماً بني مقرراهتا املختلفة من‬
‫ناحية أخرى)‪(.‬العمري‪ ،‬عطية‪2010.‬م)‪.‬‬ ‫ناحية‪ ،‬وبني النظرية والتطبيق من ٍ‬
‫اتجاهات تربوية فعالة وناجحة في تعليم اللغة ‪:‬‬
‫إن إتقان املهارات اللغوية يعكس جناح براجمنا ومناهجنا ونطمئن لسري العملية التعليمية بشكل صحيح‬
‫وأهم ما يشيع يف ميدان الرتبية املعاصرة مما خيتص بتعليم املهارات اللغوية اجتاهان‪:‬‬
‫‪-1‬الدعوة إىل ارتفاع مستوى املهارات العقلية واألدائية اليت جيب تعليمها للدارسني على خمتلف املستويات‬
‫سواء ىف تعليم اللغة أو غريها وسواء ىف تعليمها للناطقني هبا أو لغري الناطقني هبا‪ .‬ذلك أن التقدم‬
‫التكنولوجي املعاصر مل يعد يناسبه متعلم اقتصر تعليمه وتدريبه على املستويات األدىن من اجملال املعريف‬
‫مثال‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫‪ -2‬النظرة التكاملية بني املهارات والشمولية ىف تناوهلا‪ .‬ولقد تعرضت األهداف اإلجرائية السلوكية لتيار‬
‫شديد من النقد مصدره اهتام هذه األهداف بالنظرة التجزيئية للسلوك اإلنساين‪(.‬طعيمة‪2011.‬م)‪.‬‬
‫إن تدريس اللغة العربية ميكن أن يكون أكثر فعالية إذا قام على أساس تناول فنون اللغة (مهارات اللغة)‬
‫االستماع‪ ،‬والكالم‪ ،‬والقراءة‪ ،‬والكتابة‪ ،‬على أهنا وحدات أساسية‪ ،‬ووسيلة لغاية هامة وهي (االتصال)‪.‬‬
‫ويف احلقيقة حتتاج اللغة العربية اليوم قبل الغد تناوال جديدا‪ ،‬ونظرة حديثة يف تعليمها وتعلمها‪ ،‬ونعتقد‬
‫أن اللغة باب مهم من األبواب اليت حتتاج إىل تطوير وإصالح مستمرين‪ ،‬حيث قد عانت اللغة العربية‬
‫‪-‬وما تزال‪ -‬من العشوائية ومن االرجتال يف تقدميها سواء إىل أبنائها‪ ،‬أم إىل غري أبنائها‪ ،‬حىت وفر يف‬
‫ذهن البعض أن اللغة العربية صعبة يف تعلمها ويف السيطرة عليها‪ (.‬يونس وفتحيي‪1981.‬م)‪.‬‬
‫األسلوب التكاملي‪ :‬هو من أساليب التعليم الفعالة اليت تساعد املتعلمني على التفاعل‪ ،‬من خالل‬
‫تكامل ما لديهم من خربات يف املواقف التعليمية والعملية‪ ،‬فيؤدي ذلك إىل تنمية مهاراهتم‪ ،‬وإثراء‬
‫عقوهلم‪ ،‬وحثهم على التفكري العلمي املؤدى إىل اإلبداع واخليال يف عصر املعلومات الذي يتطلب التواصل‬
‫وتنمية القدرة على اإلقناع وذلك من خالل ما يكتسبه املتعلم من حقائق ومفاهيم ومعلومات تساعده‬
‫على التذكر والفهم واالستنباط والتطبيق‪ ،‬مما يؤدي باملتعلم إىل التفكري الناقد الذي يعد هدفاً أساسيا‬
‫من أهداف الرتبية احلديثة‪ ،‬اليت تسعى إىل تنمية اجلانب املعريف عن طريق تدريب عقله‪ ،‬وتزويده مبتطلبات‬
‫احلياة من معارف وحقائق ومفاهيم وتعميمات‪ ،‬خاصة باملواد الدراسية‪.‬‬

‫ولكي تؤدي املعارف دورها البد أن تكون متكاملة تربط بني اجلانب النظري واجلانب العملي‪ ،‬ليشعر‬
‫املتعلم باإلفادة منها‪ ،‬ودورها يف مساعدته على مواجهة املواقف املختلفة‪ ،‬وحل املشكالت اليت تواجهه‬
‫بأسلوب علمي‪ ،‬ومن خالل التفاعل‪ ،‬يؤدي األسلوب التكاملي دوره يف منو املفاهيم اليت ميكنه من‬
‫خالهلا تفسري املواقف وتعديلها كلما تطلب األمر ذلك (مارتون وساجلو‪1976‬م)‪ .‬ويف هذه الورقة يقصد‬
‫الباحث باألسلوب التكاملي الرتابط املنتظم بني املهارات اللغوية األربعة عند تدريس مهارة من املهارات‬
‫اللغوية‪ ،‬ويقصد باملهارات األربع هنا‪( :‬االستماع و الكالم والقراءة والكتابة)‪.‬‬

‫مفهوم األسلوب التكاملي وأهميته‬

‫يقوم األسلوب التكاملي على أحدث متطلبات علم النفس والرتبية‪ ،‬ألنه يعتمد على نشاط املتعلم نفسه‬
‫وحيويته‪ ،‬فيشعر جبدوى وفائدة ما يتعلمه (حممد مجال الدين‪ ،‬نوف العمري‪ ،‬سهام ناصر القحطاين‬
‫‪6‬‬

‫‪2011‬م)‪ .‬فاإلنسان عندما يواجه مشكلة ما يف حياته التعليمية والعملية‪ ،‬جند أهنا تتسم بالتكامل‪،‬‬
‫ولذلك حيتاج أن يكون ملماً بأكثر من لون من ألوان املعرفة‪ ،‬فاملعرفة املتكاملة من السبل اليت تؤدى إىل‬
‫تقدم اإلنسان وتطوره‪ ،‬وقد أصبحت هدفاً أساسيا للرتبية املتقدمة (مارتون وساجلو‪1976.‬م)‪.‬‬
‫وتعد الطريقة التكاملية من الطرق الفعالة اليت تساعد املتعلمني على التفاعل‪ ،‬من خالل تكامل ما لديهم‬
‫من خربات يف املواقف التعليمية والعملية‪ ،‬فيؤدي ذلك إىل تنمية مهاراهتم‪ ،‬وإثراء عقوهلم‪ ،‬وحثهم على‬
‫التفكري العلمي املؤدى إىل اإلبداع واخليال يف عصر املعلومات الذي يتطلب التواصل وتنمية القدرة على‬
‫اإلقناع وذلك من خالل ما يكتسبه املتعلم من حقائق ومفاهيم ومعلومات تساعده على التذكر والفهم‬
‫واالستنباط والتطبيق‪ ،‬مما يؤدي باملتعلم إىل التفكري الناقد الذي يعد هدفاً أساسيا من أهداف الرتبية‬
‫احلديثة‪ ،‬اليت تسعى إىل تنمية اجلانب املعريف عن طريق تدريب عقله‪ ،‬وتزويده مبتطلبات احلياة من معارف‬
‫وحقائق ومفاهيم وتعميمات‪ ،‬خاصة باملواد الدراسية‪.‬‬
‫ولكي تؤدي املعارف دورها البد أن تكون متكاملة تربط بني اجلانب النظري واجلانب العملي‪ ،‬ليشعر‬
‫املتعلم باإلفادة منها‪ ،‬ودورها يف مساعدته على مواجهة املواقف املختلفة‪ ،‬وحل املشكالت اليت تواجهه‬
‫بأسلوب علمي‪ ،‬ومن خالل التفاعل‪ ،‬يؤدي األسلوب التكاملي دوره يف منو املفاهيم اليت ميكنه من‬
‫خالهلا تفسري املواقف وتعديلها كلما تطلب األمر ذلك‪.‬‬
‫إن فكرة األسلوب التكاملي ليست وليدة اليوم‪ ،‬ولكنها فكرة قدمية ازدهرت يف احلياة الثقافية اليونانية‪،‬‬
‫وأثري حوهلا جدل كبري بني علمائها‪ ،‬إال أن مفهوم التكامل كأسلوب منظم حملتوى الدرس يعد فكرة‬
‫حديثة‪ ،‬والوصول هلذا األسلوب يف بناء وتنظيم املناهج الدراسية‪ ،‬سار يف خطوات عدة للتغلب على ما‬
‫كان سائدا منذ القدم‪ ،‬وهو الرتكيز على املعرفة كهدف وغاية يف حد ذاته‪ ،‬وتقدميها للمتعلمني‪ ،‬ونظمت‬
‫املواد الدراسية منفصلة وأطلق عليها أسلوب املواد الدراسية‪ ،‬ويف ضوء التغريات ظهرت فكرة التكامل بني‬
‫املواد الدراسية كأحد التنظيمات اليت حتقق أهداف الرتبية‪ ،‬والتغلب على عيوب األسلوب التقليدي الذي‬
‫أمهل املتعلم وجوانب منوه املتكاملة‪ .‬ويقصد بالتكامل مابني املواد الدراسية‪ ،‬سواء بني مادة وأخرى‪ ،‬أو‬
‫بني املادة نفسها وما تشتمل عليه من فروع وعالقات‪.‬‬

‫التكامل قديما وحديثا ‪:‬‬


‫‪7‬‬

‫التكامل قديما فكرة التكامل يف تعليم اللغة العربية فكرة قدمية جداً ضاربة يف أعماق ثقافتنا‬ ‫‪-1‬‬
‫العربية واإلسالمية‪ ،‬فقد أدرك علماء العربية قدمياً هذه الفكرة حني اختذوا من النص األديب‬
‫تتجمع حوله معاجلات لغوية عديدة ؛ من تفسري مفردات النص وشرح عباراته‪ ،‬وكشف‬
‫حموراً ّ‬
‫مشتمالته من الصور البالغية واملسائل النحوية‪ ،‬إىل ما هنالك من إشارات تارخيية ومواقع‬
‫جغرافية‪ ،‬ومايف النص من مؤشرات عن احلياة االجتماعية والثقافية لعصر الشاعر أواألديب‪،‬‬
‫وما لصاحب النص من مميزات أسلوبية‪ ،‬ومدى تأثره بغريه وتأثريه يف سواه‪ ،‬والوقوف على‬
‫الظروف اليت قيل فيها النص ومناسبته‪ ،‬ومواضع تقاطع النص مع نصوص أخرى مشاهبة‪،‬‬
‫والولوج إىل موسيقى النص‪ ،‬وإجراء العديد من القراءات‪.‬‬

‫وقد سلك هذا املنهج يف استنطاق النصوص‪ ،‬ومعاجلتها يف صورة متكاملة‪ ،‬اجلاحظ يف البيان والتبيني‪،‬‬
‫واملربد يف الكامل‪ ،‬وأبو علي القايل يف األمايل وغريهم‪ ،‬كما وأن علماء العربية يف العصر العباسي ‪ -‬على‬
‫يدرسون اللغة العربية أدباً وبالغة وحنواً وأسلوباً وقراءة وفهماً وحتليالً ونقداً من خالل‬
‫سبيل املثال ‪ -‬كانوا ّ‬
‫النصوص القرآنية والنصوص األدبية شعراً ونثراً‪ ،‬ومن خالل اخلطب والرسائل‪.‬‬
‫ففي الكامل للمربد جتد فيه هذا التكامل مما يوحي بأن هذا املنهج متأصل ويضرب جذوره يف أعماق‬
‫تأرخينا وثقافتنا اإلسالمية عند علماء العربية األفذاذ السابقني ففي الكامل يقول املربد يف مقدمته‪ :‬هذا‬
‫كتاب ألَّفناه جيمع ضروبا من اآلداب‪ ،‬مابني كالم منثور‪ ،‬وشعر مرصوف‪ ،‬ومثل سائر‪ ،‬وموعظة بالغة‪،‬‬
‫واختيار من خطبة شريفة‪ ،‬ورسالة بليغة‪ .‬والنية فيه أن نفسر كل ما وقع يف هذا الكتاب من كالم غريب‪،‬‬
‫أو معىن مستغلق‪ ،‬وأن نشرح ما يعرض فيه من اإلعراب شرحا شافيا‪ ،‬حىت يكون هذا الكتاب بنفسه‬
‫رجع إىل أحد يف تفسريه مستغنيا‪(.‬املربد‪ ،‬حممد يزيد‪1993.‬م)‬‫مكتفيا‪ ،‬وعن أن يُ َ‬
‫التكامل حديثا‪ :‬ظهر منهج التفتيت والتفريع للغة العربية مما أفقدها هنضتها‪ ،‬وأصبحت لغة‬ ‫‪-2‬‬
‫للحفظ فقط ‪ .‬لقد كان سائداً – وما زال – االعتقاد يف جمال تعليم اللغة بأن املتعلّم يتعلّم اللغة بصورة‬
‫ترسخ اعتقاد خاطئ بأن‬ ‫أفضل إن مل خيلط املعلمون يف تعليمهم اللغة بني مواد اللغة املختلفة‪ ،‬ومن مثّ ّ‬
‫األداء اللغوي لن يكون سليماً إالّ بدراسة قواعد النحو والصرف‪ ،‬واألدب والبالغة‪ ،‬والقراءة‪ ،‬والكتابة‪،‬‬
‫من خالل كتب ترّكز على املعرفة اللغوية وحصص مستقلة لكل مادة‪ ،‬ويف هذا االعتقاد تفتيت اخلربة‬
‫‪8‬‬

‫اللغوية اليت يفرتض أن يكتسبها املتعلّم متكاملة‪ ،‬وإغفال املهارات اللغوية اليت ينبغي أن يتمثّلها يف تواصله‬
‫مع اآلخرين يف مواقف احلياة االجتماعية ‪.‬‬

‫مهد الطريق إىل قطع الصلة بني مهارات اللغة‪ ،‬مع ما بينها من اتصال طبيعي ؛‬‫إن األخذ هبذا االعتقاد ّ‬
‫لدرجة أصبح املعلّم واملتعلّم ينظران إىل كل فرٍع لغو ٍي على أنه قائم بذاته‪ ،‬وليس بالضرورة أن تُرب َ‬
‫ط‬
‫مهارات كل فرع باآلخر‪ ،‬فاملعلّم يغذي فكر املتعلّم بأن مراعاة الصحة اللغوية ال تكون إالّ يف درس‬
‫قواعد اللغة‪ ،‬وسالمة اهلجاء ال جمال هلا إالّ يف درس اإلمالء‪ ،‬وتكوين الذائقة األدبية ليس مكانه خارج‬
‫رس يف فرع من فروع‬ ‫أسوار تعليم األدب‪ ،‬فضالً عن النظرة النفقية ( الضيقة ) إىل أن املهارات اليت تُ ْد ُ‬
‫تقمصت كتب تعليم اللغة العربية‬ ‫اللغة ال ختدم سوى الفرع نفسه‪ ،‬وال ختدم الفروع األخرى‪ ،‬حىت وإن َّ‬
‫– يف اآلونة األخرية – أدوار البطولة يف مل مشل األسرة اللغوية‪ ،‬غري أن هذا اللّم غالباً ما يكون حرباً على‬
‫ورق‪ ،‬ال يأخذ مكانه إىل أرض ؛ ألن معلّم اللغة مل يهيأ هلذه األدوار‪ ،‬فهو ال يزال معتقداً بأمهية الناتج‬
‫ولعل يف ممارسات املعلمني التدريسية‪ ،‬وتقومي أداء تالميذهم ما يؤّكد‬ ‫املعريف‪ ،‬منصرفاً عن الناتج املهاري‪ّ ،‬‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫يقول عطية العمري‪" :‬وقد لوحظ أن املناهج الدراسية ‪ -‬للغة العربية ‪ -‬احلالية سواء املناهج‪ -،‬يف الدول‬
‫العربية أو الدول اإلسالمية واألجنبية ‪ -‬تعاين انفصاماً بني مقرراهتا املختلفة من ناحية‪ ،‬وبني النظرية‬
‫ناحية أخرى"‪(.‬العمري‪ ،‬عطية‪2010.‬م)‪.‬‬‫والتطبيق من ٍ‬

‫وينظر الكثري من الرتبويني إىل التعليم التكاملي كمنقذ هلذه املعضلة‪ ،‬فقد برز االهتمام يف العصر احلاضر‬
‫بفكرة التكامل يف تعليم اللغة العربية منهجا وطريقا يف املعاهد واملدارس يف كثري من الدول العربية واإلسالمية‬
‫واألجنبية كـ‪ :‬السعودية‪ ،‬ومصر‪ ،‬ولبنان‪ ،‬واليمن‪ ،‬وعمان‪ ،‬واإلمارات وماليزيا‪ ،‬واندونيسيا وغريها‪.‬‬

‫ذكرت الدكتورة أمل بنت عبد اهلل البوسعيدية أن ما يتعلق ببداية دخول مفهوم (املنهج التكاملي) يف‬
‫اخلطاب الرتبوي بالسلطنة ‪ -‬عمان ‪ -‬فإن ذلك يعود‪ ،‬إىل أواسط تسعينيات القرن املاضي‪ ،‬فقد نادت‬
‫به الدراسة االستشارية اليت أعدهتا وزارة الرتبية والتعليم بالتعاون مع مكتب اخلدمات االستشارية الرتبوية‬
‫الكندي عام (‪1995‬م)‪ ،‬وهي الدراسة اليت بُين عليها نظام التعليم األساسي املطور واملطبق يف السلطنة‬
‫اعتباراً من العام الدراسي (‪ ،)1999/1998‬حيث الحظت الدراسة أن اخلطة الدراسية للصفوف الدنيا‬
‫من التعليم املدرسي حينذاك مزدمحة باملواد الدراسية املنفصلة‪ ،‬األمر الذي يتعارض مع ترابط املعرفة‬
‫‪9‬‬

‫وطريقة تعلم الصغار‪ ،‬فأوصوا بتبين املدخل التكاملي‪ ،‬وقد جاءت توصيتهم حتت بند بعنوان (التكامل)‬
‫على النحو اآليت (نقالً عن اللغة اإلجنليزية)‪":‬يوصى بتحقيق قدر أكرب من التكامل يف تصميم برنامج‬
‫التعليم األساسي ويف هناية املطاف يعمل املنهج املتكامل على االستغناء عن الدراسة املستقلة لصاحل‬
‫الدراسات العامة‪...‬‬

‫العمانية ولكن يف نفس الوقت من غري املرغوب فيه‬


‫حنن ال نوصي بنموذج صارم للتكامل يف املدارس ُ‬
‫تدريس كل مادة مبعزل عن املواد األخرى خاصة يف املراحل املبكرة إذ أن طريقة التفكري لدى األطفال‬
‫الصغار ال تتجزأ ويعترب تدريس بعض املواد مبعزل عن املواد األخرى أمر غري طبيعي وغري ٍ‬
‫جمد ‪ .‬يف‬
‫السنوات الدراسية األوىل بشكل تكاملي وذلك انطالقاً من النظرة إىل الطفل على أنه كل متكامل يف‬
‫تعامله مع األشياء املادية والفكرية وتعليمه املعارف واملهارات ينبغي أن يتم بأسلوب تكاملي ينسجم مع‬
‫خصائص منوه يف هذه املرحلة العمرية ‪ .‬وعليه فإن العديد من دول العامل تضع تدريس القراءة والكتابة‬
‫واحلساب بطريقة تكاملية شاملة يف قائمة األهداف التعليمية األوىل اليت جيب أن حيققها النظام التعليمي‪.‬‬
‫فمثال أكد تقرير "أمة يف خطر" الصادر عن الفريق الوطين للتميز يف التعليم يف الواليات املتحدة األمريكية‬
‫عام ‪ 1983‬م على أمهية ذلك اهلدف‪ ،‬وأن حتقيقه يؤهل الواليات املتحدة األمريكية ملنافسة الدول‬
‫األخرى والتفوق عليها تربويا‪.‬‬

‫كما اهتمت العديد من دول شرق آسيا وخاصة املسماة بالنمور السبعة بتدريس طالهبا املهارات األساسية‬
‫يف سنوات تعليمهم األوىل من خالل املنهج التكاملي‪ .‬أما بالنسبة للدول العربية فتعترب جتربة الرتبية‬
‫الشمولية يف لبنان من التجارب الرائدة يف تركيز نظامها التعليمي على تدريس هذه املهارات حتت مظلة‬
‫املنهاج الشمويل‪ ،‬الذي يركز على كلية التلميذ ومنوه وذلك بدمج املواد الدراسية املتقاربة يف مادة واحدة‬
‫كاللغة العربية والدراسات االجتماعية والعلوم‪ .‬ويف سلطنة ُعمان سعت وزارة الرتبية والتعليم من خالل‬
‫مشروع تطوير التعليم إىل تدريس هذه املهارات يف صفوف احللقة األوىل من التعليم األساسي بطريقة‬
‫شبه تكاملية من خالل مناهج اجملال الدراسي‪.‬‬

‫وذلك عمالً بتوصيات الدراسة االستشارية لتطوير التعليم العام عام ‪ ،1995‬على أن تلك الدراسة تشري‬
‫إىل أن األسلوب الرتبوي السليم هو تدريس املواد الدراسية يف الصفوف الدنيا بطريقة تكاملية وليس شبه‬
‫تكاملية‪ .‬وعلى كل حال فإن مفهوم (املنهج التكاملي) يف األدبيات الرتبوية يعود إىل عقود عديدة قبل‬
‫‪10‬‬

‫تطبيق الرتبية الشمولية يف لبنان‪ ،‬فعلى سبيل املثال تشري بعض األدبيات إىل أن بريسنت هو من أوائل من‬
‫نادوا هبذا املفهوم يف كتابه (حول تصنيف وتأطري املعرفة الرتبوية) الصادر عام (‪1971‬م)‪ ،‬وبعد هذا‬
‫التاريخ بدأت دول عديدة على مستوى العامل تتبين مدخل املناهج التكاملية‪ (.‬البو سعيدية‪ ،‬أمل بنت‬
‫عبداهلل‪2011 .‬م)‬
‫ويقصد بالتكامل مابني املواد الدراسية‪ ،‬سواء بني مادة وأخرى‪ ،‬أو بني املادة وما تشتمل عليه من فروع‬
‫من عالقات‪ ،‬أو بني املهارات املرجوة من التعليم وقد ظهر للتكامل أشكال كثرية منها‪:‬‬
‫أشكال التكامل‬
‫‪ -‬التكامل العرضي‪ :‬وهذا النوع يقوم على أساس العشوائية‪ ،‬دون التنظيم املسبق له‪ ،‬أو التخطيط‪،‬‬
‫ولكنه يهدف إىل إ براز مابني املواد الدراسية من روابط وعالقات جتمع بني فروع املادة الواحدة أو بني‬
‫املادتني أو بني املواد الدراسية‪ ،‬ويشار إليها من خالل املعلمني القائمني بالتدريس‪ ،‬ومن أمثلة ذلك‬
‫التكامل بني فروع اللغة العربية من النحو والصرف وألدب والبالغة وحنوها‪.‬‬
‫‪ -‬التكامل المنظم‪ :‬وهو تكامل مقصود هادف‪ ،‬خمطط له من قبل القائمني بالتدريس طبقا خلطة معينة‬
‫يسريون مبقتضاها‪ ،‬ويتم إما عن طريق التكامل بني موضوعات معينة متفق عليها من املعلمني يشارك كل‬
‫منهم بطريقته‪ ،‬على أن تظل كل مادة دراسية قائمة بذاهتا‪ ،‬ومن أمثلة ذلك التكامل بني اللغة العربية‬
‫والدراسات االجتماعية‪ ،‬من خالل خطة خاصة يتم تنظيم املوضوعات حبيث تدرس كل مادة يف تناسق‬
‫واتصال‪ ،‬ويتعرف التالميذ على ما بينها من عالقات عند دراسة تلك املوضوعات‪ ،‬وقد يدور التكامل‬
‫حول موضوعات عامة أو مشكالت مرتبطة حبياة املتعلمني‪ ،‬مث يقومون بوضع اخلطط لدراستها‬
‫مستخدمني يف ذلك املواد الدراسية املختلفة يف صور مرتابطة‪ ،‬وقد وجه النقد هلذا النوع ألنه حيتاج إىل‬
‫مدرسني معدين إعداداً خاصا‪ ،‬كما أن التكامل مل يتم بالطريقة أو باألسلوب الذي يقضي على ما بني‬
‫املواد الدراسية من انفصال‪.‬‬
‫مث ظهر أسلوب الدمج للتغلب على النقد املوجه للتكامل املنظم‪ ،‬وإزالة الفواصل بني املواد الدراسية‬
‫وتكدسها‪ ،‬سواء كانت هذه املواد تنتمي إىل جمال واحد أو إىل أكثر من جمال‪ ،‬فظهرت مسميات‬
‫للمقررات الدراسية اليت تندمج حتت جمال واحد على سبيل املثال اللغة العربية جلميع فروعها‪ ،‬والدراسات‬
‫االجتماعية (التاريخ‪ ،‬واجلغرافيا‪ ،‬الرتبية الوطنية) وقد سار أسلوب الدمج بعدة خطوات‪ .‬الدمج بني‬
‫احملتويات املتقاربة واملتشاهبة اليت تنتمي إىل جمال واحد وإىل مادة دراسية واحدة‪ ،‬إال أن عملية الدمج مل‬
‫‪11‬‬

‫تساعد يف حتقيق التكامل بني املعرفة‪ ،‬ومت بطريقة شكلية‪ ،‬مث اجته الدمج حنو حمتويات جمموعة غري متقاربة‪،‬‬
‫فيتم الدمج بني حمتويات مادتني أو أكثر ويتم تدريسه من قبل مدرس واحد‪ ،‬إال أن احلواجز بني املواد‬
‫الدراسية مازالت كما هي‪ ،‬كما أن عملية الدمج ال تؤدي إىل التعمق يف حمتوى املادة الدراسية‪ ،‬وحيتاج‬
‫إىل مدرسني مؤهلني‪ ،‬إضافة إىل عدم توفري حرية االشرتاك يف اختيار املوضوعات أو املشكالت للتالميذ‪،‬‬
‫وذلك ال يراعى ميوهلم واجتاهاهتم‪ ،‬فظهر أسلوب التكامل‪( .‬مارتون وساجلو‪1976‬م)‪.‬‬
‫وأسلوب التكامل خيتلف عن األساليب السابقة‪ ،‬ألنه يهدف أساساً ألحداث النمو املتكامل للتلميذ‪،‬‬
‫مع احملافظة على تكامل شخصيته من خالل‪ ،‬ما يقدم له من أنشطة ومعارف تربوية متعددة‪ ،‬وجعل‬
‫التلميذ هو حمور العملية التعليمية‪ .‬ويعد التكامل أحد األساليب اليت تؤدي إىل إشباع حاجات الفرد‪،‬‬
‫وهو أسلوب يؤدي إىل التفاعل والتوافق بني اإلنسان وبيئته‪ .‬كما يعترب مرحلة متوسطة بني أسلوب الدمج‬
‫واملواد الدراسية املنفصلة‪ ،‬ويؤدي هذا األسلوب إىل تدريس املواد الدراسية بتجاهل احلدود والفواصل‬
‫بينها‪ ،‬أثناء عملية التدريس مما يؤدي إىل حصول املتعلم على املعارف واملعلومات واملفاهيم من خالل‬
‫قراءاهتم‪ ،‬واكتساهبم للقيم وتوجيه امليول ومراعاة االجتاهات‪ ،‬مما يؤدي إىل شخصية متكاملة من خالل‬
‫ما يقدم من املعارف املتكاملة‪ ،‬وما يكتسب من مهارات متنوعة‪ ،‬وهذا األسلوب ال يهمل املواد الدراسية‬
‫بل يقدمها بأسلوب وظيفي للمتعلمني أثناء عملية التدريس‪( .‬مارتون وساجلو‪1976‬م)‪.‬‬

‫نماذج من تكامل المنهج التربوي‬


‫ميكن حتديد مناذج األساليب التكاملية يف التكامل حسب اآليت‪ :‬التكامل ضمن جمال معريف واحد‪.‬‬
‫والتكامل عرب عدة جماالت معرفية‪ .‬والتكامل ضمن وعرب املتعلمني‪ .‬وسنتناوهلا بالتفصيل‪:‬‬
‫(‪ )1‬التكامل ضمن مجال معرفي واحد‬
‫والتكامل ضمن جمال معريف واحد حيدث يف موضوع دراسي بعينة داخل جمال معريف واحد‪ ،‬هبدف الرتكيز‬
‫على جوانب ذلك املوضوع يف إطار ذلك اجملال وينقسم إىل اآليت‪:‬‬
‫أ‪ -‬النموذج اجملزأ‪:‬‬
‫يف النموذج التعليمي التقليدي يقوم املعلم بتعليم كل موضوع كخربة منفصلة وجمزأة عن بقية املوضوعات‪،‬‬
‫ولكن يف النموذج اجملزأ كتنظيم تكاملي‪ ،‬يساعد املعلم املتعلمني عن إدراك التداخل يف بعض األفكار‪،‬‬
‫واملوضوعات أو العالقات بني الشخصيات أو األماكن أو األحداث‪.‬‬
‫‪12‬‬

‫ب‪ -‬منوذج التكامل‪:‬‬


‫يف هذا النموذج يتم إجياد قنوات اتصال بني موضوع بعينة مبوضوع آخر أو اكثر يف نفس اجملال املعريف‪،‬‬
‫فمثال‪-:‬‬
‫يتم التكامل بني مفهوم آخر‪ ،‬أو فكرة أو أخرى‪ ،‬يف نفس اجملال بشكل واضح‪ ،‬سواء كان ذلك على‬
‫مستوى املضمون العلمي‪ ،‬أم على مستوى التحقيق الزمين للمفاهيم واألفكار‪.‬‬
‫ج‪ -‬النموذج العشي‪:‬‬
‫يف هذا النموذج يتم تنمية جمموعة من املهارات املتعددة اليت يتضمنها موضوع بعينه يف جمال معريف واحد‪،‬‬
‫ومن خالل تنمية هذه املهارات يتم التكامل بني جوانب املوضوع‪ ،‬أيضاً ميكن حتقيق نفس العملية على‬
‫موضوعات أخرى يف جمال معريف واحد‪ ،‬مث التكامل بني تلك املوضوعات‪.‬‬
‫(‪ )2‬التكامل عبر عدة مجاالت معرفية (‪) Across Several Disciplines‬‬
‫ويتحقق عرب عدة جماالت معرفية‪ ،‬وميكن التمييز هنا بني النماذج خمتلفة منها‪:‬‬
‫د‪ -‬منوذج التتابع‪ )The Sequenced Model( .‬منوذج املشاركة‪The Shared ( .‬‬
‫‪ )Model‬ج‪ -‬النموذج العنكبويت‪ )The Webbed Model( .‬النموذج اخليطي‪The ( .‬‬
‫‪ )Threaded Model‬ه‪ -‬النموذج املتكامل‪ )The Integrated Model( .‬وسنتناول‬
‫كل فرع بالتفصيل على النحو التايل‪:‬‬
‫أ‪ -‬نموذج التتابع‬
‫يف هذا النموذج يتم حتديد املوضوعات املختلفة يف تتابع وتسلسل‪ ،‬حبيث تتزامن مع بعضها‬
‫البعض وذلك يتطلب التعاون والتخطيط املشرتك بني جمموعه من املعلمني يف ختصصات خمتلفة‪،‬‬
‫لتدريس جمموعه من األفكار املختلفة خالل فرتة زمنيه بعينها‪ ،‬وبذلك يتم التأكيد على بقاء‬
‫اجملاالت املعرفية منفصلة‪.‬‬
‫نموذج المشاركة‬ ‫ب‪-‬‬
‫يف هذا النموذج يراعي يف التخطيط والتدريس تداخل املفاهيم واألفكار الرئيسية بني جمالني أو‬
‫أكثر من جماالت املعرفة‪ ،‬ويتطلب ذلك تعاون املعلمني يف ختصصات معرفيه خمتلفة‪.‬‬
‫النموذج العنكبوتي‬ ‫ج‪-‬‬
‫‪13‬‬

‫يف هذا النموذج يتم حتديد موضوع بعينه ليستخدم يف تنظيم مفاهيم و أفكار من جماالت‬
‫متعددة‪ ،‬تستخدم لوصف وتفسري ظواهر حمددة‪ ،‬وحيث أن املفاهيم واألفكار اليت يتم ترتيبها يف‬
‫بناء متكامل غالباً ما تكون معقدة‪ ،‬فأنة يلزم لدراستها وضوح مفاهيم بعينها‪ ،‬مثل‪ :‬الثقافة‪،‬‬
‫واالنتماء‪ ،‬والوقت‪ ،‬و اجملتمع‪ ،‬وتسمى هذه املفاهيم خبيوط التكامل‪.‬‬

‫د‪ -‬النموذج الخيطي‬


‫يف هذا النموذج يكون أساس التكامل بني املهارات املتضمنة يف املنهج‪ ،‬واليت يتم تدرسيها من‬
‫خالل جماالت متعددة‪ ،‬مثل‪ :‬مهارات الكتابة‪ ،‬مهارات التعبري عن الذات‪ ،‬واملهارات االجتماعية‬
‫؛ لذلك يتضمن هذا النموذج جماالت معرفية واسعة‪ ،‬و يوىل عناية خاصة بعمل الطالب يف بناء‬
‫(األفكار الكبرية)‪ ،‬وابرز العالقات الصرحية والضمنية فيما بني تلك األفكار‪.‬‬
‫ه‪ -‬النموذج المتكامل‬
‫يف هذا النموذج بسبب التداخالت واالهتمامات العامة يتم‪ :‬التدريس بالفريق والتقومي التعاوين‬
‫ويؤكد هذا النموذج التحليل املنطقي للعالقات بني جماالت املعرفة املختلفة ويهتم بتحليل‬
‫العالقات الداخلية بني اجملاالت‪ ،‬وخاصة أن املادة العلمية اليت يقدمها النموذج للمتعلمني يف‬
‫صورة مفاهيم وعالقات‪ ،‬تتطلب ممارسة عمليات عقليه عليا‪.‬‬
‫(‪ )3‬التكامل ضمن و عبر المتعلمين (‪)Within And Across Learners‬‬
‫وميثل اهلدف األكثر طموحاً ؛ ألنة يركز على املتعلم نفسه وميكن التميز هنا بني النموذجني التاليني‪:‬‬
‫نموذج المنغمر‪)The immersed model( .‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫يف هذا النموذج ينظر إىل املتعلم كعدسة من اخلربة ميكنه عن طريقها ترشيح وتصفية حمتوى اجملاالت‬
‫املعرفية املختلفة اليت قد يتعامل معها ليأخذ منها املهم واملفيد بالنسبة له‪.‬ويكون هذا النموذج مفيدا يف‬
‫املستويات العليا من التعليم‪،‬حيث حيصل طالب املاجستري أو الدكتوراه على معلومات متعددة‪ ،‬وعليه‬
‫أن يصفي ما هو مفيد بالنسبة له يف جمال دراسته‪.‬‬
‫ب‪ -‬نموذج العمل الشبكي‪)the networked model( .‬‬
‫يف هذا النموذج تقع مسئولية العمل على عاتق اخلبري منفردا‪ .‬أو مبشاركة فريق عمل يتم اختياره‪ ،‬وفقا‬
‫لطبيعة املهمة‪ ،‬وعليه فان مواد التعلم يتم ترشيحها من خالل كفاءة وقدرة عني اخلبري‪ ،‬اليت تستطيع‬
‫‪14‬‬

‫اجتياز وعبور جماالت املعرفة املختلفة‪( .‬آمال الشدي و هيفاء العتييب ومرمي العمري ومرضية املالكي ونوف‬
‫العمري وسهام ناصر القحطاين وسهام سعيد القحطاين أستاذيت املقرر ‪:‬د‪ .‬هتاين الروؤساء و د‪ .‬نوال‬
‫الربيعان‪.‬د‪.‬ت)‬

‫التكامل على مستوى تخطيط وبناء المنهج التربوي‪:‬‬


‫وتتمثل أهم االجتاهات التكامل على مستوى ختطيط وبناء املنهج الرتبوي‪ ،‬يف اآليت‪:‬‬
‫التكامل باستخدام مدخل الموضوع‪)thematic approa( .‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫حيث يتم تأكيد املوضوعات والقضايا واألفكار الكبرية اليت يتضمنها احملتوى‪،‬وليحقق التكامل باستخدام‬
‫مدخل املوضوع فاعليته‪.‬جيب إن يكون املوضوع الذي يتم اختيار جذابا ومشوقا للمتعلمني‪ ،‬ويسمح‬
‫مبمارسة مهارات تقع يف نطاق اهتماماهتم‪.‬‬
‫التكامل القائم على مدخل المفاهيم‪)concepts approach( .‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫ويشرتط اختيار مفاهيم شامله وواسعة‪ ،‬حبيث يشتمل أي منها جمموعه من املفاهيم اجلزئية أو الفرعية‪،‬‬
‫إذا ال يسهم تعلم هذه املفاهيم يف صورهتا الشاملة ويف تفرعاهتا اجلزئية احلصول على معلومات متكاملة‬
‫حوهلا فقط‪ ،‬بل يكون تعلمها أيضا مهما ومفيدا للمتعلم يف حتقيق عملية التكامل بنفسه‪ ،‬وتتجلى أمهية‬
‫مدخل املفاهيم يف اآليت‪:‬‬
‫‪-‬احملافظة على بنية املعرفة وهيكلها‪ ،‬إذا يتطلب توضيح وتثبيت املفاهيم يف ذهن املتعلم جتميع احلقائق‬
‫حوهلا‪ ،‬وتكون اخلطوة التالية بناء املفاهيم يف ترابط وتسلسل‪ ،‬بطريقة حتقق معيار التتابع واالستمرار‪.‬‬
‫‪ -‬إدراك ما بني املفاهيم من تشابه واختالف يساعد املتعلم على فهم ماهية وكينونة تلك املفاهيم وذلك‬
‫يسهم يف توجيه النشاط العلمي الذي يقوم به املتعلم توجيها صحيحا‪.‬‬
‫‪ -‬يتسم املفهوم بالثبات واالستقرار النسبيني‪ ،‬إذا انه اقل عرضة للتغري مقارنة باملعلومات واحلقائق‪.‬‬
‫ج‪ -‬التكامل باستخدام مدخل المهام‪)Tasks Approach( .‬‬
‫حيث يتم اختيار نشاط مييل املتعلم إىل تعلمه‪ ،‬عن طريق املمارسة الفعلية يف ظروف واقعية وحقيقية‪.‬‬
‫وعن طريق املهام اليت قد تكون يف صورة أنشطة أو مشروعات‪ ،‬يتم إزالة احلدود بني الرتبية واحلياة إذ‬
‫تكون كل منهما امتداد لألخرى ويتميز مدخل املهام بااليت‪:‬‬
‫‪15‬‬

‫‪ -‬زيادة تفاعل املتعلم مع نفسه‪ ،‬وتأكيد أمهية تعاونه مع اآلخرين‪ ،‬إذ يقوم العمل من خالل هذا املدخل‬
‫على أساس فردي أو مجعي على حد سواء‪.‬‬
‫‪-‬تعكس املهمة أهدافا حقيقية‪ ،‬تتطلب معاجلة حياتية أو عملية واقعية‪ ،‬بدال من الرتكيز على أهداف‬
‫ومهية قد ال تتحقق أبدا‪ ،‬أو االهتمام بأهداف تقوم على أساس حتقيق مهارات بسيطة ومنفصلة‪.‬‬
‫‪-‬استخدام أدوات متعددة للتعلم‪ ،‬مثل‪ :‬الكتب واملراجع‪ ،‬واحلاسبات اآللية‪ ،‬والتقنيات الرتبوية‪.‬‬
‫‪-‬يقوم العمل على أساس‪ ،‬التعاون حيث يشرتك جمموعه من املتعلمني يف تنفيذ املهمة‪.‬‬
‫د‪ -‬التكامل باستخدام المدخل الوظيفي‪.‬‬
‫حيث يتحقق التكامل يف احملتوى على أساس عرض املادة العلمية يف صورة وظيفية‪ ،‬هلا صلة وثيقة بالواقع‬
‫احليايت للمتعلم‪ ،‬مما يشجعه على ممارسة أساليب حل املشكالت يف التعلم‪ .‬أيضا يؤكد هذا املدخل أمهية‬
‫وضرورة التعلم القائم على التعاون‪ ،‬وبذلك تكون البيئة احمللية واجملتمع بالنسبة للمتعلم كمخترب للتعلم‪،‬‬
‫وذلك يتيح الفرص املناسبة للتخطيط املشرتك بني املعلم واملتعلم‪.‬‬
‫ه‪ -‬المهارات كمدخل لمنهج تربوي متكامل‪.‬‬
‫حيث يتم اختيار املهارات األكثر عمومية ليصاغ حوهلا احملتوى‪ ،‬وتكمن أمهية استخدام املهارات كمدخل‬
‫لتخطيط وبناء منهج تربوي متكامل يف إكساب املتعلم خربات مباشرة نتيجة االحتكاك والتفاعل املباشرين‬
‫باآلخرين وباألشياء والظواهر اليت ميوج هبا اجملتمع من حوله‪ .‬وكذلك تكمن أمهية استخدام املهارات يف‬
‫إعطاء التعلم معىن‪ ،‬إذ يكمل املتعلم بني ما يدرسه داخل الفصل وما يواجهه من ظواهر وأحداث خارجية‬
‫يف اجملتمع‪ ،‬وذلك يكسب املتعلم خربات تتسم بالوضوح والواقعية‪ .‬ومن املهارات اليت ميكن استخدامها‬
‫كمدخل لتخطيط وبناء منهج تربوي متكامل‪ ،‬فتتمثل يف مهارات الدراسة ومهارات اختاذ القرار واملهارات‬
‫االجتماعية واملهارات العقلية واملهارات احلياتية‪.‬‬
‫التكامل على مستوى التعليم‬
‫حيث يكون للمعلم دورا كبريا يف حتقيق عملية التكامل‪ ،‬عن طريق استخدام طرائق وأساليب التدريس‬
‫اليت تساعد على حتقيق ذلك اهلدف‪ ،‬وتتمثل أهم االسرتاتيجيات والتقنيات اليت ميكن استخدامها يف‬
‫تعليم املنهج يف اآليت‪:‬‬

‫التعلم التكاملي‬ ‫أ‪-‬‬


‫‪16‬‬

‫حيث يكون الفرد عضوا يف جمموعة‪ ،‬تكون مسئولة عن اجناز مهمة أو حتقيق هدف‪ ،‬أو دراسة موضوع‬
‫معني مشرتك بينهم‪ ،‬وخيتلف أسلوب التقدمي من موقف تعليمي إىل أخر‪ .‬أيضا يتعلم عن طريق األداءات‬
‫واملمارسات والتكليفات اليت يقوم بتحقيقها وعن طريق احلوارات واملناقشات اليت تتم بينه وبني أفراد‬
‫اجملموعة اليت ينتمي إليها‪ ،‬لذلك يكون التعلم مبثابة جهد فردي ومجاعي آنيا‪.‬‬
‫ويشجع التعلم التكاملي املتعلم على االتصال واملشاركة واختبار الفروض وتبىن معرفة مشرتكة لذلك يسهم‬
‫هذا النمط من التعلم يف‪:‬‬
‫‪-‬اجناز األهداف اجلماعية اليت يصعب حتقيقها على املستوى الفردي فقط‪.‬‬
‫‪-‬براعة اختيار موضوع التعلم‪ ،‬مبا يتوافق وقدرات املتعلم الذهنية‪ ،‬يف ضوء منظومة أسلوب العمل الذي‬
‫تنتهجه اجملموعة اليت ينتمي إليها‪.‬‬
‫‪ -‬الكفاءة يف القيام جبمع املعلومات اليت تتصل مبوضوع التعلم‪.‬‬
‫ب‪ -‬توظيف التقنيات المتقدمة‬
‫حيث ميكن تفعيل العملية التعليمية والتعلمية عن طريق دمج األنواع املتعددة للوسائط مع الكمبيوتر‪،‬‬
‫وبذلك ميكن إخراج برامج متكاملة لتعلم املواد الدراسية يف املراحل التعليمية املختلفة‪ ،‬حيث يستطيع‬
‫إدارة هذه الربامج‪ ،‬وأحيانا االشرتاك يف تصميمها‪.‬‬
‫أيضا ميكن توظيف الوسائط الفائقة (‪ ) Hypermedia‬اليت تسهم يف تصميم برنامج خللق أو ابتكار‬
‫بيئة تربوية متكاملة لالتصال التعليمي‪.‬‬
‫وبعامة ميكن أن تزود الوسائط الفائقة املتعلم بقاعدة بيانات ومعلومات غنية‪ ،‬تساعد على عملية صنع‬
‫املعىن‪ ،‬وجتعله يتحكم يف تعلمه اخلاص‪ ،‬ويستكشف وينظم ما يريد أن يتعلمه‪ ،‬وبذلك يتم إثراء التعلم‬
‫وجعله أكثر فعالية‪.‬‬
‫خالصة القول‪ :‬تسهم التقنيات املتقدمة الفائقة يف زيادة الفهم واكتساب املفاهيم‪ ،‬وتنمية مهارات التفكري‬
‫التباعدي‪ ،‬وتؤكد االجتاهات االجيابية حنو استخدام هذه الوسائط‪.‬‬
‫ه‪ -‬التعلم التبادلي‪)Reciprocal Teaching( .‬‬
‫ويقوم على حوار بني املعلم واملتعلم بشان بعض املواقف التعليمية‪ ،‬وخالل هذا احلوار يتم تناوب تبادل‬
‫األدوار‪ ،‬حيث يقوم املعلم أحيانا بقيادة احلوار‪ ،‬ويف أحيان أخرى يقوم املتعلم بتمثيل دور املعلم يف قيادة‬
‫‪17‬‬

‫احلوار‪ ،‬وبذلك يتحقق النشاط والتفاعل بالنسبة ملهمة استحضار املعىن املقصود من احلوار‪ .‬ويؤثر التعليم‬
‫التباديل اجيابيا يف حتسني الفهم وتنمية مهارات القراءة‪ ،‬شأنه يف ذلك شأن اسرتاجتيات ما وراء املعرفة‪.‬‬
‫وينظم احلوار باستخدام األساليب األربعة اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬التلخيص حيث يعيد املتعلم صياغة ما قرأه بأسلوبه اخلاص‪ ،‬ويربز النقاط ذات األمهية اخلاصة‬
‫يف النص يف شكل مجل أو عبارات‪.‬‬
‫‪ -‬التساؤل (توليد األسئلة)‪ :‬وهو يؤكد عملية التلخيص السابقة‪ ،‬كما ينقل املتعلم خطوة لألمام‬
‫يف النشاط املعريف‪ ،‬عن طريق حتقيق اخلطوات التالية‪:‬‬
‫متييز املعلومات املهمة يف النص‪.‬‬
‫أ‪ -‬توجيه أسئلة ذات عالقة مباشرة هبذه املعلومات‪.‬‬
‫ب‪ -‬حماولة املتعلم اإلجابة عن هذه األسئلة بأسلوبه اخلاص‪ ،‬عن طريق اسرتجاعه املعلومات‪.‬‬
‫‪ -‬التوضيح واالستيضاح حيث يبيح املتعلم عن أسباب صعوبة فهم النص (مفردات غري مألوفة‪،‬‬
‫كلمات غري واضحة املعىن أو الصياغة‪ ،‬مفاهيم غريبة أو أعجمية)‪ .‬وبانتفاء األسباب السابقة‪،‬‬
‫يستطيع املتعلم فهم النص فهما جيدا‪.‬‬
‫‪ -‬التوقع (التنبؤ)‪ :‬حيث يتوقع املتعلم ما سيناقش يف اجلزء التايل من النص‪.‬‬
‫و‪ -‬التعلم البنائي االجتماعي‪)Social Constructivist Learning( .‬‬
‫وهو أحد تطبيقات النظرية البنائية‪ :‬لذلك يؤكد الدور النشط للمتعلم أثناء التعلم وأمهية أن تكون مهام‬
‫التعلم أو مشكالته هلا وجود حقيقي ومساعدة املتعلم على استخدام املعرفة يف حل املشكالت احلياتية‬
‫الفعلية والتعلم له وظيفة اجتماعية‪ ،‬لذا من املهم تكامل املواقف التعليمية والتعلمية باجملتمع وحبياة املتعلم‪،‬‬
‫من خالل ادوار اجيابية ونشطة‪ .‬ويقوم منوذج التعلم البنائي االجتماعي‪ ،‬على أساس حتقيق اإلجراءات‬
‫خمتلفة منها التمهيد أو املبادأة االستكشاف واألنشطة التعاونية وإتاحة الفرص اليت تربط املدرسة باجملتمع‬
‫والتقومي الذايت‪.‬‬
‫مبررات التكامل بين المناهج المختلفة‬
‫يشهد العامل اآلن تطوراً هائالً‪ ،‬يف مجيع امليادين واجملاالت املختلفة ؛ ونتيجة بذلك تداخلت وتشابكت‬
‫عناصر الثقافات املختلفة‪ ،‬حبيث أصبح اآلن من الصعب عزل أي فرع من فروع العلم عن باقي الفروع‬
‫األخرى‪ ،‬كذلك أصبح العامل اآلن يشمل شقني متالزمني ال ميكن فصل أحدامها عن اآلخر‪ ،‬ومها‪ :‬املعرفة‬
‫‪18‬‬

‫وطرق التفكري‪ ،‬وهذا بالطبع ينعكس آثاره على املسئولني عن بناء املناهج‪ ،‬فيحملهم مسئولية تطوير‬
‫املناهج‪ ،‬لتساير التطور السريع الذي حيدث يف مجيع مظاهر احلياة‪ ،‬ولتكون وسيلة لربط املدرسة بالبيئة‬
‫املوجودة فيها‪ ،‬ولتصبح طريقة فعالة تساعد على تنمية االجتاهات العلمية واملهارات لدى الطالب‪ ،‬كل‬
‫ذلك يستوجب األخذ باالجتاه التكاملي يف بناء املناهج‪.‬‬
‫وتستند الدعوة إىل ذلك على دعائم قوية‪ ،‬ميكن تلخيصها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬وضع احلواجز بني املواد الدراسية املختلفة أصبح غري مرغوب فيه‪ ،‬يف عصر تداخلت فيه آفاق الثقافة‬
‫العامة‬
‫إذا يبدو من املستحيل يف ظل التسلسل اهلرمي للعلوم – وخاصة اليوم – عزل أي فرع من فروع العلم‬
‫عن النظام الكلي للمعرفة العلمية‪ ،‬فاستقالل أي علم هو استقالل نسيب‪ ،‬وتبدو الصلة بني العلوم مطلقة‪،‬‬
‫ولو أن طبيعة وتركيب هذه الصلة تتغري من حال ألخر‪ ،‬وقد شرح ف‪ .‬جاكوب جوهر هذا النوع الصلة‬
‫يف العلوم الطبيعية ‪ -‬وخاصة بني البيولوجيا والفيزياء – شرحاً جيداً مبا أفاد أنه ال ميكن اختزال البيولوجيا‬
‫إىل الفيزياء‪ ،‬كما أهنا ال ميكن االستغناء عنها‪.‬‬
‫ويف واقع األمر إن انفصال العلوم بعضها عن بعض انفصال مصطنع‪ ،‬أوجدته ضرورة التخصص واحلاجة‬
‫إىل التعمق‪ ،‬بينما هو ال يستند إىل سند طبيعي‪.‬‬
‫‪ -2‬اخلربة كل متكامل تندمج يف تيار اخلربة اإلنسانية للفرد اإلنساين‪ ،‬لتصبح جزءً منه‪ ،‬وهي تعتمد على‬
‫ذكاء الفرد وتفكريه للتكامل بني أجزائها املختلفة‪.‬‬
‫‪ -3‬تكامل املناهج يتيح الفرصة ألن ترتبط املناهج بالبيئة‪ ،‬فيتعرف الطالب على مشكالت جمتمعهم‪،‬‬
‫مثل‪ -:‬الطعام‪ ،‬الكساء‪ ،‬السكن‪ ،‬املواصالت‪...‬إخل‪ ،‬فيسهمون يف حلها‪ ،‬وهذا جيعل املدرسة مؤسسة‬
‫مهمة من مؤسسات اجملتمع‪ ،‬ومن ناحية آخرى ارتباط املناهج بالبيئة حيفز الطالب ويزيد ميله إىل دراستها‪،‬‬
‫مما ينمي ميوله العلمية‪ ،‬وهذا ما تسعى إىل حتقيقه املدرسة‪.‬‬
‫‪ -4‬يدرس الطالب املناهج املتكاملة بفاعلية ويتقبلها بإجيابية‪ ،‬ويؤيد ذلك الفيلسوف هوايتد فيقول‪ :‬إن‬
‫نتيجة تدريس أجزاء صغرية من عدد كبري من املواد الدراسية‪ ،‬هي تقبلنا السليب ألفكار غري متصل بعضها‬
‫بالبعض اآلخر‪ ،‬فلنجعل األفكار الرئيسية اليت ندخلها يف تربية الطفل قليلة ومهمة‪ ،‬ولنربطها سوياً بقدر‬
‫اإلمكان‪.‬‬
‫‪19‬‬

‫‪ -5‬يواجه الطالب املشكالت يف حياته داخل املدرسة وخارجها‪ ،‬وحيتاج حلل هذه املشكالت إىل تضافر‬
‫جهود أكثر من مادة علمية‪ ،‬وهنا تربز أمهية املناهج املتكاملة‪ ،‬إذ تكون أكثر واقعية وارتباطا باحلياة‪.‬‬
‫‪ -6‬متتاز املناهج املتكاملة بعدم التكرار الذي يكون غالباً مسة املناهج املنفصلة‪ ،‬وعلى ذلك فإن تدريس‬
‫املناهج املتكاملة لن يضيع وقت الطالب‪ ،‬وال يثري مللهم‪ ،‬كما إنه يكون أكثر اقتصادا يف اجلهد واملال‬
‫؛بسبب توفري عدد املدرسني الالزمني واملعامل والكتب ووسائل التقومي‪.‬‬
‫‪ -7‬املناهج املتكاملة تعمل على رفع املستوى العلمي للمدرسني‪ ،‬إذ جيد املدرس نفسه مضطراً الن يطور‬
‫نفسه ليكون على مستوى طيب يف كافة التخصصات اليت يشملها املنهج املتكامل‪( .‬آمال الشدي‬
‫وآخرون‪.‬د‪.‬ت)‪.‬‬
‫مزايا األسلوب التكاملي‬
‫مالئم لطبيعة املتعلمني يف املراحل التعليمية املختلفة‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫يشبع حاجات املتعلمني‪ ،‬ويراعى مطالب منوهم وميوهلم‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫يؤدي إىل وحدة املعرفة‪ ،‬فيكسب املتعلم النظرة املوحدة للحياة والعامل من حوله فيحقق تعلماً‬ ‫‪-3‬‬
‫أفضل‪.‬‬
‫‪ -4‬تكامل اخلربة وشعور املتعلم بأمهيتها يف حياته فيوفر الكثري من جهد املعلمني‪.‬‬
‫‪ -5‬حيقق العديد من األهداف املعرفية والوجدانية فينمي التكامل يف شخصية التلميذ والقدرة على‬
‫اختاذ القرار‪.‬‬
‫يؤدي إىل تعلم التالميذ الكثري من احلقائق واملعارف املتكاملة مع اكساهبم القيم واالجتاهات واملفاهيم‬
‫اليت تفيدهم يف حياهتم نظراً لتكامل املعرفة واخلربات‪.‬‬

‫المقترحات الخاتمة‬
‫احلرص على توضيح العالقات بني أجزاء املعرفة من خالل املوضوعات اليت يدرسها الطالب‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫توضيح العالقة بني احملتوى التعليمي واملتعلم‪ ،‬أي تكامل املادة حبياة املتعلمني‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫توضيح العالقة بني احملتوى التعليمي واملدرسة واجملتمع‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫البدء بوضع املعايري واألهداف بالتعاون مع املعلمني اآلخرين إلجياد أسلوب متماسك قوي‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫مناقشة الطالب بدءا من التخطيط للتعلم مرورا بالتدريس وصوال إىل التقومي داخل غرفة الصف‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫‪20‬‬

‫‪ -6‬البدء مع املعلمني اآلخرين بتطوير مفاهيم احملتويات وتكاملها للصول إىل املوضوعات املتكاملة‬
‫كبدائل للموضوعات املنفصلة‪.‬‬
‫‪ -7‬طلب مشاركة أشخاص من اجملتمع احمللي يف العمل‪.‬‬
‫‪ -8‬مناقشة اسرتاتيجيات التقييم اجلديدة‪ ،‬اليت تعكس إجنازات الطالب‪ ،‬باستخدام االختبارات‬
‫معيارية املرجع‪،‬وحبيث يصبح للتقييم معىن يف حياة الطالب‪ ،‬ويتحقق النجاح لألسلوب‪.‬‬
‫إن الرتابطات بني مهارات الكتابة تتعزز بصورة متكررة‪ .‬وحالياً أوجدت األحباث يف العالقات بني مهارات‬
‫الكتابة دوراً للفهم املسبق يف بعضها‪ .‬اآلن ميكن وصف كل مهارات الكتابة على أهنما التفاعل بني‬
‫اخلربات السابقة واخلربة احلالية واملعلومات املستقاة من خالل املطبوعات واملصادر األخرى يف سياق‬
‫اجتماعي حمدد والذي يركز على تكوين معىن‪.‬‬

‫والمراجع‪:‬‬
‫‪ .1‬أبو سكينة‪ ،‬نادية‪1986(.‬م) أثر استخدام املنهج التكاملي يف تدريس اللغة العربية على‬
‫حتصيل طالب الصف األول الثانوي‪(.‬رسالة ماجستري) ‪.‬مصر جامعة طنطا‪.‬‬
‫‪ .2‬البو سعيدية‪ ،‬أمل بنت عبداهلل‪2011‬م‪ .‬مقالة بعنوان‪ :‬مفهوم املنهج التكاملي متجذر يف‬
‫األدبيات وبداية تطبيقه يف السلطنة‪ُ .‬عمان‪.‬‬
‫‪ .3‬جوهر‪ ،‬نصر الدين إدريس‪.)2006(.‬تعليم اللغة العربية على املستوى احلامعي يف إندونيسيا يف‬
‫ضوء مناهج تعليم اللغة العربية للناطقني بغريها دراسة حتليلية تقوميية‪(.‬رسالة دكتوراه)‪ .‬السودان‪،‬‬
‫جامعة النيلني‪.‬‬
‫‪ .4‬خضر نصرة صاحل‪ 2009 .‬م‪ .‬أثر استخدام وحدة لغوية قائمة على املدخل التكاملي يف تنمية‬
‫مهارات األداء اللغوي لطالب الصف األول الثانوي‪( .‬رسالة دكتوراه)‪ .‬جامعة أم القرى‪.‬‬
‫‪ .5‬السبع‪ ،‬سعاد سامل‪2002(.‬م) منهج لتعليم النحو باستخدام املدخل التكاملي يف تعليم اللغة‬
‫العربية‪ ،‬لتالميذ احللقة األخرية من املرحلة األساسية‪(.‬رسالة دكتوراه)‪ .‬مصر جامعة عني مشس‪.‬‬
‫‪ .6‬سيت معاوية‪2009(.‬م)‪.‬إعداد وحدة تعليمية من الكتب الرتاثية لتنمية مهارة القراءة‪(.‬رسالة‬
‫ماجستري)‪ .‬ماالنج‪ -‬إندونيسيا اجلامعة اإلسالمية اإلندونيسية‪.‬‬
‫‪21‬‬

‫‪ .7‬سالم‪ ،‬علي عبد العظيم‪1993(.‬م)‪ .‬أثر تكامل منهج اللغة العربية على األداء اللغوي لتالميذ‬
‫الصف األول إعدادي‪(.‬رسالة دكتوراه)‬
‫‪ .8‬العمري‪ ،‬عطية‪2010 .‬م‪ .‬ورقة بعنوان‪ :‬التعليم التكاملي بني النظرية والتطبيق‪ .‬غزة‪ :‬فلسطني‪:‬‬
‫مركز القطان‪.‬‬
‫‪ .9‬املربد‪ ،‬حممد يزيد‪1993 .‬م‪ .‬الكامل‪ .‬بريوت‪ ،‬لبنان مؤسسة الرسالة‪.‬‬
‫حممد مجال الدين‪ ،‬نوف العمري‪ ،‬سهام ناصر القحطاين‪2011،‬م سهام سعيد‬ ‫‪.10‬‬
‫القحطاين مسار معلمة الصفوف األولية مقرر اسرتاتيجيات تدريس العلوم وتقييمها‪.‬‬
‫مدكور‪ ،‬علي أمحد‪2006 .‬م‪ .‬تدريس فنون اللغة العربية‪ .‬مصر‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الفكر‬ ‫‪.11‬‬
‫العريب‪.‬‬
‫مدكور‪ ،‬علي أمحد‪ ،‬وهريدي‪ ،‬إميان أمحد‪2006 .‬م‪ .‬تعليم اللغة العربية لغري الناطقني‬ ‫‪.12‬‬
‫هبا‪ -‬النظرية والتطبيق‪ .‬مصر‪،‬القاهرة‪ :‬دار الفكر العريب‪.‬‬
‫موسى‪ ،‬حممد حممود‪2012 .‬م‪ .‬الوايف يف طرق تدريس اللغة العربية‪ .‬مصر‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار‬ ‫‪.13‬‬
‫ابن اجلوزي‪.‬‬
‫يونس‪ ،‬فتحيي علي‪ .1981 .‬أساسيات تعليم اللغة العربية والرتبية الدينية‪ .‬القاهرة دار‬ ‫‪.14‬‬
‫الثقافة للطباعة والنشر‪.‬‬
‫حممد مجال الدين‪ ،‬نوف العمري‪ ،‬سهام ناصر القحطاين‪2011،‬م سهام سعيد‬ ‫‪.15‬‬
‫القحطاين مسار معلمة الصفوف األولية مقرر اسرتاتيجيات تدريس العلوم وتقييمها‪.‬‬
‫‪16. Marton. F.. & Saljo. R. 1976. On Qualitative Differences in Learning – I-‬‬
‫‪Outcome and Process. British Journal of Educational Psychology. 46. 4-11.‬‬

You might also like