You are on page 1of 7

‫الواجب‬

‫مدخل إلى علم اللغة وتعليم اللغات‬

‫األستاذ‬

‫د‪ .‬محمد العنزي‬

‫مادة‬

‫علم اللغة ‪8‬‬

‫اإلعداد‬

‫فوزي أنيس نزهيب‬


‫مدخل إلى علم وتعليم اللغة‬
‫• التمهيد‬
‫تعليم اللغة العربية للناطقني بلغات أخرى ميدان معروف منذ ما يزيد على أربعة عشر قرنا من‬
‫الزمان‪ ،‬أي منذ بعث النيب حممد صلى اهلل عليه وسلم بدين اإلسالم‪ ،‬وأمر بتبليغه إىل الناس كافة عرهبم‬
‫وعجمهم‪ ،‬وأصبح تعلم اللغة العربية وتعليمها جزءا من هذا الدين احلنيف‪ ،‬وواجبا من واجباته؛ ال يقرأ‬
‫القرآن الكري‪.‬‬
‫كان تعلم اللغة العربية يف ذلك الزمن شاال على كثري من أولئك األعاجم على اختالف ألسنتهم‬
‫وأوهلم‪ ،‬وقد ذكر العلماء أمثلة هلذه الصعوبات اليت كان من أهم أسباهبا التداخل ‪ Interference‬بني‬
‫اللغة العربية ولغاهلم األصلية يف اجلوانب الصوتية والصرفية والنحوية والداللية باإلضافة إىل هذه الصعوبات‬
‫اللغوية‪ ،‬وكانت هناك صعوبات منهجية تربوية تواجه متعلمي اللغة العربية الناطقني بغريها‪ ،‬منها‪ :‬ندرة‬
‫املعلمني املتخصصني والكتب احلاصلة الوالء املتعلمني‪ ،‬فضال عن غياب املناهج واخلطط والدراسات‬
‫وتقنيات التعليم اليت تيسري مهمة التعلم وعلى الرغم من هذه الصعوبات‪ ،‬فإن تعليم اللغة العربية كان ناجحا‬
‫جبميع املقاس؛ ألن الدوافع واال اماهات وامليول لدى املتعلمني كانت عوامل أساسية وقوية‪ ،‬ساعدت يف‬
‫التغلب على كثري من هذه الصعوبات‪.‬‬
‫أما تعليم اللغة العربية للناطقني بلغات أخرى يف عصرنا احلاضر فيختلف عما كان عليه الوضع يف‬
‫عصور اإلسالم الزاهرة وما تالها من عصور‪ ،‬فهو اآلن فرع من ميدان تعليم اللغات األجنبية ‪Poreign‬‬
‫‪ ،Language Education‬أبرز الفروع التطبيقية لعلم اللغة احلديث ‪.Modern Linguistics‬‬
‫فتعليم اللغة العربية للناطقني بلغات أخرى اآلن إذن يعتمد اعتمادا أساسيا على معطيات تعليم‬
‫اللغات األجنبية املستمدة من نتائج الدراسات اللغوية النفسية ‪Psycholinguistic Studies‬‬
‫والتطبيقات الرتبوية‪ ،‬وهي علوم حديثة‪ ،‬نشأت يف الدول الغربية‪ ،‬وترعرعت فيها خدمة للغاهتم‪ ،‬وخباصة اللغة‬
‫اإلجنليزية‪ .‬وحنن املسلمني ال جند حرجا يف االستفادة من هذه العلوم؛ خدمة للغة العربية‪ ،‬ونشرها وتعليمها‬
‫للناطقني مبا‪ ،‬ولغريهم من الناطقني بلغات أخرى‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫• اللغة‬
‫اللغة مبعىن اللسان‪ ،‬واللغة من أعرق مظاهر احلضارة اإلنسانية‪ ،‬بل هي أصل احلضارة وصانعة الرقي‬
‫والتقدم‪ ،‬فهي اليت تؤلف احلد الفاصل بني شعب وشعب وبني أمة وأمة‪ ،‬بل بني حضارة وحضارة؛ ألن‬
‫األفراد الذين يتكلمون لغة واحدة‪ ،‬ال يتفامهون بيسر وسهولة فحسب‪ ،‬وإمنا هم قادرون على أن يؤلفوا‬
‫جمتمعا إنسانيا موحدا متجانسا؛ ألن اللغة هي قوام احلياة الروحية والفكرية واملادية‪ ،‬هبا يعمق اإلنسان صلته‬
‫وأصالته يف اجملتمع الذي يولد فيه‪ ،‬حيث ختلق اللغة من أفراده أمه متماسكة األصول موحدة الفروع‪.‬‬
‫• خصائص اللغة‬
‫لكل لغة خصائص تتميز ب عن سائر اللغات‪ ،‬وقد تشرتك معها لغات أخرى يف هذه اخلصائص أو‬
‫بعضها‪ ،‬وللغة اإلنسانية خصائص عامة وتنطبق على كل لغة من لغات العامل من هذه اخلصائص العامة أهنا‪:‬‬
‫‪ -1‬ظاهرة إنسانية منطوقة مسموعة يف الغالب‪ ،‬وظاهرة إنسانية خاصة باإلنسان‪.‬‬
‫‪ -2‬نظام متكامل احللقات‪ ،‬ونظام عام يشرتك يف اتباعه أفراد جمتمع ما‪.‬‬
‫‪ -3‬ضرورية لكل فرد من أفراد اجملتع‪ ،‬ونظام للتواصل‪ ،‬وأداة للتفكري‪ ،‬ووعاء للثقافة‪.‬‬
‫‪ -4‬نظامية‪ ،‬ختضع لقواعد معينة ودقيقة يف األصوات والصرف والنحو واملفردات والداللة‪.‬‬
‫‪ -5‬نامية متطورة‪ ،‬تتأثر باللغات األخرى وتؤثر فيها‪ ،‬وال يستطيع فرد أو هيئة إيقاف منو لغة أو تطورها‪.‬‬
‫‪ -6‬حمدودة القواعد غري حمدودة احملتوى‪ ،‬وحتتوي على عناصر أساسية هي األفعال واألمساء والصفات‪.‬‬
‫والضمائر والظروف وأدوات العطف واجلر‪ ،‬وغري ذلك من خصائص اللغة‪.‬‬
‫• وظائف اللغة‬
‫من الوظائف األساسية للغة اإلنسانية؛‬
‫‪ -1‬حتقيق عملة االتصال والتعبري عن األفكار‪.‬‬
‫‪ -2‬التفاعل مع اجملتمع واحملافظة عليها وثقافتها وتراثها وعاهتها ونقلها إىل األجيال الالحقة‪.‬‬
‫‪ -3‬تبليغ الدين‪ ،‬وبيان أحكامه واحملافظة عليه واألمر باملعروف والنهي عن املنكر‪.‬‬
‫‪ -4‬التعليم والتعلم‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫• علم اللغة‬
‫علم اللغة هو العلم الذي يدرس اللغة اإلنسانية دراسة علمية من مجيع جوانبها‪ :‬الصوتية والصرفية‬
‫والنحوية‪ ،‬والداللية والثقافية‪ ،‬ويبحث يف أساليب اكتساهبا وطرائق تعلمها وتعليمها‪ .‬وموضوع هذا العلم هو‬
‫اللغة نفسها‪ ،‬دراسة وحتليال واكتسابا وتدريسا‪.‬‬
‫قد عرف كذلك هو العلم الذي يبحث يف اللغة‪ ،‬ويتخذها موضوعا له‪ ،‬فيدرسها من النواحي‬
‫الوصفية‪ ،‬والتارخيية‪ ،‬واملقارنة‪ ،‬كما يدرس العالقات الكائنة بني اللغات املختلفة‪ ،‬أو بني جمموعة من هذه‬
‫اللغات‪ ،‬ويدرس وظائف اللغة وأساليبها املتعددة‪ ،‬وعالقتها بالنظم االجتماعية املختلفة‪.‬‬
‫وهلذا العلم يف اللغة العربية أمساء أخرى غري علم اللغة‪ ،‬منها‪ :‬اللغويات‪ ،‬علم اللسان اللسانيات‪،‬‬
‫األلسنية علم اللغة العام ومل يكن مصطلح علم اللغة جديدا على الدراسات اللغوية العربية؛ فقد أطلقة بعض‬
‫اللغويني العرب يف وقت مبكر على دراسة املفردات لفظا وداللة‪.‬‬
‫• فروع علم اللغة‬
‫علم اللغة ينقسم قسمني أو فرعني أساسني مها؛‬
‫‪ -1‬علم اللغة العام‪ ،‬أو علم اللغة النظري‬
‫عرف هذا العلم بأنه‪ :‬دراسة اللغة ‪ -‬أي لغة ‪ -‬دراسة نظرية وصفية حتليلية قائمة على أسس علمية‬
‫ومناهج عامة‪ ،‬ويسعى إىل تطبيقها على دراسة اللغات مجيعا‪ ،‬بصرف النظر عن فصائلها وتصنيفاهتا العائلية؛‬
‫للخروج بنظرية لغوية عامة‪ ،‬ويشمل علم اللغة العام فروعا منها‪ :‬علم اللغة التارخيي ‪Historical‬‬
‫‪ Linguistics‬وعلم اللغة املقارن ‪ ،Comparative Linguistics‬وعلم اللغة الوصفي‬
‫‪ ،Descriptive Linguistics‬وعلم اللغة اجلغيايب ‪Geolinguistics/ Geographical‬‬
‫‪ ،Linguistics‬وفقه اللغة ‪ ،Philology‬وعلـم األصوات ‪( Phamedias‬النطقي والسمعي والفيزيائي)‪،‬‬
‫وعلم وظائف األموات ‪ ،Phonology‬وعلم الصرف ‪ ،Morphology‬وعلم النحو‪ ،‬وعلم الداللة‬
‫‪ ،Semantic‬وعلم املعاجم ‪ ،Lericology‬وعلم اللغة التداويل ‪.Pragmatic‬‬
‫‪ -2‬علم اللغة التطبيقي‪.‬‬
‫ميكن أن نعرفه بأنه‪ :‬فرع من فروع علم اللغة‪ ،‬يعىن باجلانب التطبيقي منها‪ ،‬ويستفيد من علوم شىت‬
‫ذات صلة بدراسة اللغة واكتساهبا وتعلمها وتعليمها‪ ،‬ومن تلك العلوم علم الرتبية وعلم النفس وعلم‬

‫‪3‬‬
‫االجتماع‪ ،‬وعلم دراسة األجناس البشرية وتنوع الثقافات ‪ ،Anthropology‬وعلم اللغة اإلثين (العرقي)‬
‫‪ ،Ethnolinguistics‬وعلم املعلومات ‪ ،Information Science‬وعلم احلاسب اآليل‬
‫‪ ،Computer Science‬وتقنيات التعليم ‪ ،Media Education‬ووسائل االتصال‬
‫‪ ،Communication Means‬وغريها‪ ،‬مث يعد من أهم هذه الفروع وأبرزها‪ :‬تعليم اللغات األجنبية‬
‫‪ ،Foreign Language Education‬أما الذي يندرج حتته فروع صغرية منها‪ :‬طرائق التدريس‬
‫‪ ،Language Teaching Methods‬وتصميم املناهج أو املقررات ‪Curriculum/Course‬‬
‫‪ ،Design‬وتأليف الكتب وإعداد املواد التعليمية ‪ ،Material Development‬واختبارات اللغة‬
‫‪ ،Language Testing‬وخمتربات اللغة ‪ ،Language Laboratories‬والتحليل التقابلي‬
‫‪ ،Contrative Analysis‬وحتليل األخطاء ‪.Error‬‬
‫• االجتاهات اللغوية النفسية وتعليم اللغات‬
‫ظهر يف العصر احلديث عدد من النظريات واالجتاهات اليت تفاوتت يف نظر ملا إىل طبيعة اللغة‪،‬‬
‫وأساليب حتليلها ودراستها وطرائق اكتساهبا وتعلمها وتعليمها‪ ،‬من أبرز هذه النظريات واالجتاهات نظريتان‬
‫يف علم اللغة مها‪ :‬النظرية البنيوية ‪ Structural Theory‬والنظرية التوليدية التحويلية‬
‫‪ ،Transformational Generative‬ونظريتان يف علم النفس مها‪ :‬النظرية السلوكية ‪Behavioral‬‬
‫‪ ،Theory‬والنظرية املعرفية العقالنية ‪.Cognitive/Rationalist Theory‬‬
‫‪ - 1‬االجتاه السلوكي البنيوي‪.‬‬
‫أ‪ -‬النظرية السلوكية‪.‬‬
‫النظرية السلوكية هي إحدى نظريات التعلم اليت ظهرت يف هناية القرن التاسع عشر وبداية القرن‬
‫العشرين على يد العامل الروسي بافلوف ‪1٩36( Pavlov‬م)‪ ،‬الذي أجرى عددا من التجارب على‬
‫احليوانات‪ ،‬هبدف حتديد استجاباهتا املثريات معينة‪ ،‬طمعا يف الوصول إىل نظرية عامة يف التعلم لدى احليوان‪.‬‬
‫ب النظرية البنيوية الوصفية‪.‬‬
‫يف هناية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ظهر يف أوربا اجتاه لغوي عرف باالجتاه الوصفي‬
‫البنيوي ‪ ،Structuralism‬واعترب البداية احلقيقية لعم اللغة احلديث ‪ Modern Linguistics‬أسس‬
‫هذا االمناء ووضع قواعده اللغوي السويسري فردينان دي سوسري ‪ ،Ferdinand de Saussure‬ونسب‬

‫‪4‬‬
‫إليــه علــى الرغم من وجود هذه املفاهيم واآلراء لدى بعض معاصريه‪ ،‬لكن مل يكتب هلم الشهرة الكافية‪ ،‬ومل‬
‫يتوصلوا إىل نظرية عامة كما هو احلال بالنسبة إىل دي سوسري‪.‬‬
‫ج‪ -‬االجتاه السلوكي البنيوي واكتساب اللغات األجنبية‪.‬‬
‫وقد ت ذلك على يد أبرز علمائها وهــو ليونارد بلومفيلد‪ ،‬الذي تأثر بآراء السلوكيني يف النظرة إىل‬
‫طبيعة اللغة وأساليب اكتساهبا وساعد على ذلك حماولة عامل النفس السلوكي سكري تفسري السلوك اللغوي‬
‫على أساس من النظرية السلوكية يف علم النفس‪ ،‬و وقد ركزت برامج تعليم اللغات األجنبية يف تلك احلقبة‬
‫على لغة احلديث الشفهي‪ ،‬فقدمت مهاريت االستماع والكالم على مهاريت القراءة والكتابة‪ ،‬واهتمت‬
‫بتدريبات األمناط ‪ ،Pattern Drills‬وخصصت جزءا كبريا من الدروس هلذا اجلانب‪.‬‬
‫‪ -2‬االجتاه املعريف الفطري‪.‬‬
‫أ‪ -‬النظرية املعرفية‪.‬‬
‫وقد شهد النصف األول من القرن العشرين ظهور عدد من النظريات املعرفية اليت كانت سائدة قبل‬
‫ظهور النظريات السلوكية‪ ،‬فهناك النظرية الكلية والنظرية البنائية‪.‬‬
‫ب النظرية التوليدية التحويلية‪.‬‬
‫النظرية التحويلية التوليدية أبرز نظرية لغوية معاصرة متثل النمط املعريف الفطري‪ ،‬وتعاجل قضايا اللغة‬
‫واكتساهبا وعالقتها بالعقل واملعرفة اإلنسانية‪ .‬وقد أقام تشومسكي نظريته هذه على أساس أن اللغة مكون‬
‫من مكونات اإلنسان‪ ،‬يتميز البيا عن غريه من املخلوقات‪ ،‬كما يتميز بالذكاء والقدرة على التفكري‪ ،‬وأن‬
‫اكتساهبا فطرة أو ملكة مغروسة فيه منذ الوالدة‪ .‬هذا رفض النظرة الظاهرية الشكلية للغة كما هي عند‬
‫البنيويني الوصفيني‪ ،‬واعتربها ناقصة ال تعاجل إال جزءا يسريا من هذه الظاهرة العقلية املعقدة‪.‬‬
‫ج‪ -‬االجتاه املعريف الفطري واكتساب اللغة الثانية‪.‬‬
‫كان االجتاه املعريب الفطري يف بدايته موجها إىل اكتساب اللغة األم‪ ،‬أما اكتساب اللغة الثانية أو‬
‫األجنبية فلم يكن مقصودا لدى الكثري من أصحاب هذا االجتاه‪ ،‬وخباصة لدى تشومسكي يف بداية كتاباته‬
‫يف هذا االجتاه فقد كان تشومسكي يرى أن اكتساب اللغة الثانية أو األجنبية خيتلف عن اكتساب اللغة األم‬
‫إذ يعتقد أن اكتساب اللغة الثانية عملية معقدة‪ ،‬تتداخل فيها القضايا اللغوية مع القضايا التعليمية‪ ،‬وأن‬
‫متعلم اللغة الثانية يستعني بقدرات عقلية معرفية ختتلف عن تلك القدرات املستخدمة يف اكتساب اللغة‬
‫األم‪ ،‬حبيث يصعب على الباحث اللغوي دراسة الظاهرة دراسة لغوية يف وضعها الطيب‬

‫‪5‬‬
‫• املصادر واملراجع‬
‫‪ -1‬أساسيات تعليم اللغة العربية للناطقني بغري لغات أخرى – د‪ .‬عبد العزيز بن إبراهيم العصيلي‪.‬‬

‫‪ -2‬علم اللغة مقدمة للقارئ العريب ‪ -‬حممود السعران‪.‬‬

‫‪ -3‬املدخل إىل علم اللغة ومناهج البحث اللغوي ‪ -‬رمضان عبد التواب‪.‬‬

You might also like