You are on page 1of 5

‫جماالت علم اللسانيات االجتماعية‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫إن املوضوع األول للدرس السوسيولساين هو دراسة الرتابطات بني استعمال اللغة والبنية‬

‫االجتماعية‪ .‬وخيتلف موضوعها اجلوهري عن ختصصات أخرى هتتم ابللغة‪ ،‬وعلى اخلصوص‪ ،‬عما‬

‫يسمى أحياان ابللسانيات " املستقلة " أو " اللسانيات النظرية "‪ ،‬وعن اللسانيات النفسية واللسانيات‬

‫العصبية اليت هتتم تباعا ابلعقل البشري‪ ،‬وابكتساب الفرد للغة واستعماله هلا‪ ،‬وابجلهاز البيولوجي‬

‫لتخزين اللغة ومعاجلتها‪.‬‬

‫و هتتم السوسيولسانيات بوصف االستعمال اللغوي ابعتباره ظاهرة اجتماعية ‪ ،‬وعندما‬

‫يكون ذلك ممكنا حتاول إقامة روابط سببية بني اللغة و اجملتمع‪ ،‬مواصلة بذلك األسئلة التكميلية حول‬

‫أي لغة تساهم يف جعل اجملموعة ممكنة‪ ،‬و كيف تشكل اجملموعات لغاهتا عرب استعماهلا هلا‪.‬‬

‫و ميكن تقسيم علم اإلجتماع اللغوي إىل ‪:‬‬

‫أ‪ -‬امليكروسوسيولسانيات (السوسيولسانيات ابملعىن الضيق)‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫قضااي يشتغل هبا اللغويون و علماء اللهجات ‪ ،‬و آخرون معنيون مبجاالت حمورها اللغة ‪.‬‬

‫‪ 1‬فلوراين كوملاس ‪ ،‬دليل السوسيولسانيات ‪ ،‬ترمجة خالد األشهب و ماجدولني النهييب‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬ط‪ ، 1‬بريوت ‪ ، 2009‬ص‬
‫‪. 14‬‬
‫و بوضعها يف إطار جد عام ‪ ،‬تنشغل امليكرو‪ -‬سوسيولسانيات بكيفية أتثري البنية االجتماعية‬

‫يف الطريقة اليت يتكلم هبا الناس‪ ،‬و كيف تتعالق تنوعات اللغة و مناذج االستعمال ابخلصائص‬

‫االجتماعية مثل الطبقة و اجلنس و السن‪.‬‬

‫أمثلة‪( :‬األبعاد االجتماعية للغة) األنواع اللغوية و التنوع ‪ ،‬العوامل االجتماعية يف التغري‬

‫اللغوي‪ ،‬السوسيو‪ -‬صواتة‪ ،‬اللهجة يف اجملتمع‪ ،‬السن كمتغري سوسيولساين‪ ،‬اللغة املنطوقة و املكتوبة‪،‬‬

‫اتصال اللغة و توليدها‪.‬‬

‫ب‪ -‬املاكروسوسيولسانيات (سوسيولوجيا اللغة) ‪:‬‬

‫وهي قضااي غالبا ما يشتغل هبا علماء اإلمجاع و علماء النفس االجتماعيون‪ ...‬تدرس‬

‫املاكرو‪ -‬سوسيولسانيات ما تفعله اجملتمعات بلغاهتا‪ ،‬أي‪ ،‬املواقف واالرتباطات اليت تعلل التوزيع‬

‫الوظيفي ألشكال اخلطاب يف اجملتمع‪ ،‬والتحول اللغوي‪ ،‬والصيانة(اللغوية) واالستبدال (اللغوي)‪،‬‬

‫وكذلك حتديد وتفاعل العشائر اللغوية‪.‬‬

‫أمثلة ‪( :‬األبعاد اللغوية للمجتمع)اتصال اللغات وإزاحتها‪ ،‬الصراع اللغوي‪ ،‬التعدد اللغوي‪ ،‬اللغة‬

‫واهلوية‪ ،‬اللغة واإلثنية ‪...‬اخل‪.‬‬

‫على صعيد آخر ‪ ،‬هناك عدد من القضااي اليت ميكن حبثها بنفس التربير داخل امليكرو أو‬

‫املاكرو‪ -‬سوسيولسانيات ‪ ،‬فمثال‪ ،‬اهتمام أوريل فاينريش )‪ (Uriel Weinreich‬ابالتصال‬


‫اللغوي‪ ،‬ركز على اآلاثر اليت ميكن إجيادها يف األنسقة اللغوية التصال و تفاعل و جتاور العشائر‬
‫‪2‬‬
‫اللغوية عرب أفرادها الثنائيي اللغة‪.‬‬

‫رغم أن البحث السوسيولساين يتمحور حول عدد من القضااي األساسية املختلفة ‪ ،‬فإن أي‬

‫تقسيم صارم بني امليكرو و املاكرو (سوسيولسانيات) يبدو خمتلقا وغري ضروري يف الوضع املعريف‬

‫احلايل املرتبط ابلعالقات املتفاعلة بني البنيات االجتماعية و البنيات اللغوية‪ ،‬واملسامهات يف فهم‬
‫‪3‬‬
‫أفضل للغة ابعتبارها شرطا ضروراي ونتاجا للحياة االجتماعية ستستمر يف الصدور عن اجلهتني معا‪.‬‬

‫وبشكل عام هناك اتفاق عام أن كال من البعدين ضروري من أجل فهم كامل للغة ابعتبارها ظاهرة‬

‫اجتماعية‪.‬‬

‫أمهية علم اللسانيات االجتماعية‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫ال يرجع االهتمام هبذا العلم إىل األسباب العلمية الفاعلة فحسب‪ ،‬وإمنا تنبع أمهية هذا العلم‬

‫اليوم من اعتبارات عملية ذات نفع كبري على اللغات‪ ،‬وعلى اجلماعات‪ ،‬وعلى األمم‪ .‬ومن هذا‬

‫االعتبارات العملية نذكر سعي هذا العلم أن ميد التحليل اللغوي بعدا يتجاوز املدى الذي بلغه علم‬

‫اللسانيات احلديث‪ ،‬وذلك فيما يستدركه علم اللغة االجتماعي على علم اللسان احلديث من مسائل‬

‫كثرية‪ ،‬منها على سبيل املثال‪ ،‬إغفاله للسياق الذي تستعمل فيه اللغة‪ ،‬مث يتطلع هذا العلم من وراء‬

‫ذلك إىل منهج يف درس اللغة يستشرفها من خالل بعد أوسع‪ ،‬وحياول أن يبني كيف تتفاعل اللغة مع‬

‫املرجع السابق ص ‪. 15‬‬ ‫‪2‬‬

‫املرجع نفسه‪ ،‬ص ص ‪. 17-16‬‬ ‫‪3‬‬


‫حميطها‪ ،‬ويتمثل هذا البعد األوسع يف النظر إىل العوامل اخلارجية اليت تؤثر يف استعمالنا اللغة‪ ،‬وأبرزها‬

‫التشكيل االجتماعي‪ ،‬فإن املتغريات االجتماعية كطبقة املتكلم‪ ،‬ومركزه‪ ،‬وطبيعة املوقف الذي يتكلم‬

‫فيه أرمسي هو أم غري ذلك تؤثر يف استعمالنا اللغة أتثريا معينا‪.‬‬

‫ومن االعتبارات العملية نذكر أيضا‪ ،‬املشكالت اللغوية يف اجملتمعات النامية إذ تعيش أكثر‬

‫هذه اجملتمعات على الصعيد اخلارجي داخل تعقيدات العصر الزاخر ابألحداث‪ ،‬والتحدايت‬

‫االستعمارية‪ ،‬والصراعات الفكرية اليت حتاول أن تطمس شخصية الشعوب الناهضة‪ ،‬وإيقاف مسريهتا‬

‫حنو الرقي واالستقالل الفكري و السياسي‪ ،‬وذلك بوأد لغاهتا وصوال إىل مسخ تراثها وتقاليدها‪،‬‬

‫ابعتبار أن اللغة حمور حياة أصحاهبا اجتماعيا‪ ،‬و فكراي‪ ،‬ووجدانيا‪ .‬أما على الصعيد الداخلي فإن‬
‫‪4‬‬
‫هذه اجملتمعات تعيش أحد مظهرين لغويني مها إما ازدواجية لغوية و إما ثنائية لغوية‪.‬‬

‫وتنبع أمهية علم اللغة االجتماعي من دوره يف حل كثري من مشكالت التعليم‪ ،‬و العالقات‬

‫االجتماعية يف اجملتمعات املتقدمة‪ ،‬ملا للغة من دور فاعل يف اإلفصاح عن العالقات االجتماعية‬

‫والثقافية للمجتمع‪ ،‬بل لعلها الوسيلة الوحيدة لإلفصاح عن هذه القيم وتلك العالقات زايدة على‬

‫كوهنا القناة اليت يتعلم هبا األفراد معارفهم و يبنون بواسطتها شخصياهتم‪ ،‬وحيققون جناحاهتم العلمية و‬

‫العملية‪.‬‬

‫وتربز أمهية علم االجتماع فيما تربز يف دوره الفاعل يف دراسة وسائل االتصال املختلفة‪ ،‬على‬

‫أساس أن االتصال هو الوسيلة اهلامة اليت تنقل هبا احلضارة من جيل إىل جيل‪ ،‬وإن أي حضارة ال‬

‫‪ 4‬هادي هنر ‪ ،‬علم اللغة االجتماعي عند العرب‪ ،‬اجلامعة املستنصرية‪ ،‬ط ‪ ، 1988 ،1‬ص ‪.50‬‬
‫تفصح عن نفسها إال بطرق االتصال فيها ‪ ،‬ومن مث فإن دراسة هذه الطرق يف جمتمع ما توقفنا على‬
‫‪5‬‬
‫أبعاد كيانه احلضاري‪.‬‬

‫إن أنصار هذه املدرسة اليت ميكن أن نطلق عليها اسم املدرسة اللغوية االجتماعية (واليت‬

‫يشارك يف أحباثها عامل اللغة كما يشارك فيها عامل االجتماع وعلماء األجناس واملتخصصون بعلم‬

‫النفس االجتماعي) ال ينتقصون من قدر ما قامت به املدارس اللغوية السابقة من حماولة استنباط‬

‫القواعد اليت حتكم تكوين اجلمل‪ ،‬وال يهملون هذه الناحية اللغوية الصرفة‪ ،‬بل هم يستفيدون منها‬

‫فعال‪ ،‬إال أهنم يعتقدون يف نفس الوقت أنه ال جيب إمهال االستعمال الفعلي للغة يف إطار اجملتمع‪،‬‬

‫وما ميكن أن يفرضه ذلك اجملتمع من الضوابط والقيود على مستعملي تلك اللغة‪.‬‬

‫ومبا أن املعىن أببعاده املختلفة هو ما يهدف املتكلم إىل إيصاله إىل أفراد اجملتمع اآلخرين‪ ،‬فقد‬

‫ركز بعض أنصار هذه املدرسة أيضا على املعىن‪ ،‬وبدءوا بتحليل املفاهيم العامة واخلاصة اليت يرغب‬
‫‪6‬‬
‫كل إنسان أينما كان يف هذا العامل يف التعبري عنها عن طريق اللغة‪.‬‬

‫املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.53‬‬ ‫‪5‬‬

‫انيف خرما‪ ،‬أضواء على الدراسات اللغوية املعاصرة‪ ،‬سلسلة عامل املعرفة‪ ،‬اجمللس الوطين للثقافة والفنون واآلداب‪،1978 ،‬ص ‪.98‬‬ ‫‪6‬‬

You might also like