You are on page 1of 6

‫أوال‪ :‬المدرسة البنيوية ‪Structuralisme‬‬

‫نبذة تاريخية‬ ‫‪.1‬‬

‫ُيطل ق عليه ا المدرس ة البنيوي ة‪ ،‬أو مدرس ة ج نيف أو المدرس ة السوس يرية نس بة إلى‬
‫مؤسسها العالم اللغوي السويسري فرديناند ديسوسير(‪1913 -1857‬م) بشهادة كثير من‬
‫الباحثين اللغويين‪ ،‬ألنه اتجه بتفكيره إلى دراسة اللغة وجهة جديدة تختل ف عن ذي قب ل‪ ،‬أو‬
‫عن الطريقة التقليدية التاريخية‪ ،‬فكانت دراسته وصفية حديثة تدعو إلى دراسة اإلشارات‬
‫الصوتية من ضمن دراسة اللسانيات‪ ،‬واقترح تسمية هذا العلم باسم"السيميولوجيا"‪ .1‬ورافق ه‬
‫في المدرسة مجموعة من الباحثين الذين تتلمذوا على يده وتأثروا به ونشروا محاضراته‬
‫أمثال‪ :‬شارل بالي‪ ،‬ألبرت سيشيهي‪.2‬‬

‫ت أثر سوس ير بالبيئ ة العلمي ة ال تي نش أ فيه ا‪ ،‬فق د ك ان وال ده عالم ا في مج ال المع ادن‬
‫والحش رات والتص نيف‪ ،‬ك ان سوس ير يمت از بالفطن ة والمه ارات الذهني ة العالي ة في ش بابه‪،‬‬
‫درس في معهد جمنازيوم جنيف‪ ،‬وهناك تعلم اللغات الالتينية‪ ،‬اإلغريقية‪ ،‬والسنسكريتية‪،‬‬
‫ثم انتق ل إلى جامع ة الي بزيغ ع ام ‪1876‬م‪ ،‬وبع د ع امين من األبح اث نش ر كتاب ه"أطروح ة‬
‫على نظ ام الح رف المص ّو ت الب دائي في اللغ ات الهندوأوروبي ة"‪ ،‬وبع د مس يرة طويل ة من‬
‫البحث‪ ،‬ألقى محاض رات ح ول اللغ ة السنس كريتية والقوطي ة واأللماني ة القديم ة‪ ،‬ومواض يع‬
‫لغوي ة أخ رى في جامع ة ب اريس‪ .3‬اهتم تالمي ذه بنش ر محاض راته بع د وفات ه في الكت اب‬
‫المشهور"علم اللغة العام" أو " بحث في األلسنية العامة"‪.‬‬

‫مبادئ المدرسة اللسانية البنيوية‬ ‫‪.2‬‬

‫يقول ديسوسير أن اللغة‪ «:‬نظام من الرموز الصوتية االصطالحية في أذهان الجماعة‬

‫اللغوية‪ ،‬تحِّق ق التواصل بينهم‪ ،‬ويكتسبها الفرد سماعا من جماعته»‪ ،‬ومن خالل قوله يق ّر‬
‫بوج ود عالق ات ترتب ط به ا العالم ات‪ ،‬عالق ات يش ترك في فهمه ا جمي ع أف راد الجماع ة‬

‫‪1‬‬
‫اللغوي ة‪ ،‬وتش كل المخ زون ال ذهني بالنس بة لهم‪ .4‬فاللغ ة على ح د قول ه نظ ام ل ه قواع ده‬
‫الخاصة التي تدرس وُتعرف بها‪ ،‬وتحقق التواصل بين أفراد الجماعة اللغوية‪.‬‬

‫‪ 1.2‬ثنائيات ديسوسير اللغوية‪ :‬ضبط المفهوم‬

‫اعتم د سوس ير في طرح ه ودراس ته على مجموع ة من الثنائي ات؛ الفك رة وم ا يقابله ا‪،‬‬
‫يوضح من خاللها مبادئ نظريته‪ ،‬ويمكن إجمال هذه الثنائيات فيما يلي‪:‬‬

‫الدال والمدلول ‪ :Signifiè Signifiant/‬حيث يقصد بالدال (الصورة الصوتية)‪،‬‬ ‫‪‬‬


‫أم ا الم دلول( الص ورة الذهني ة لل دال)‪ ،‬وتتحق ق الدالل ة الكامل ة للعالم ة اللغوي ة من‬
‫خالل اق تران ال دال بالم دلول‪ ،‬وبه ذا يتم الفهم‪ ،‬فال يمكن فص ل الص وت عن الفك رة‬
‫فكلم ة (كت اب) دال مؤل ف من أص وات الح روف‪ ،‬والم دلول ه و الفك رة ال تي ترتس م‬
‫في الذهن عند النطق بالكلمة عنه‪ ،‬وهو المعنى الذي يضم صفات الكتاب وشكله‪،‬‬
‫كما يوضحه المخطط (مفهوم الدال والمدلول عند ديسوسير)‪:‬‬

‫مفهوم الدال والمدلول عند ديسوسير‬

‫المنهج التاريخي والتزامني‪ :‬يف رق سوس ير بين منهجين لدراس ة اللغ ة؛ حيث أطل ق‬ ‫‪‬‬
‫على المنهج الت اريخي المنهج ال دياكروني (‪ ،)Diachronique‬وه و تع اقبي ي درس‬

‫‪2‬‬
‫اللغة في تاريخها وتطورها‪ ،‬والمنهج السانكروني(‪ ،)Synchronique‬وه و وص في‬
‫تزام ني ي درس اللغ ة في لحظته ا اآلني ة بمع زل عن تاريخه ا ومحيطه ا‪ .‬وي رفض‬
‫ديسوسير المنظور التتابعي التعاقبي ألنه يرى أن معرفة تاريخ الكلمة لن يفيد في‬
‫تحدي د معناه ا الح الي‪ .‬فم ا يهم حس به ه و دراس ة اللغ ة في ذاته ا ومن أج ل ذاته ا‬
‫لإللمام بقواعدها وخصائصها وقوانينها بغية التحكم فيها واكتسابها‪ ،‬كما يوضحه‬
‫مخطط(المنهج الوصفي والمنهج التاريخي)‪:‬‬

‫المنهج الوصفي والمنهج التاريخي‬

‫االستبدال والتركيب ‪ :Paradigmatique/ Syuntagmatique‬يفرق سوسير‬ ‫‪‬‬


‫أيضا بين المجموعات اللغوية المحفوظة في الذاكرة‪ ،‬وهي تشكل محورا استبداليا‬
‫شاقوليا‪ ،‬وبين المجموعة اللغوية الموجودة في كل جملة‪ ،‬والتي تشكل المحور‬
‫األفقي التوزيعي الترابطي‪ ،‬فالكلمات تكون مصنفة في حقول لغوية مختلفة‬
‫محفوظة في الذاكرة‪ ،‬يختار منها المتكلم ما يناسبة لتكوين جملة فيما يسمى‬
‫بالمحور التركيبي‪ ،‬حيث ترتبط الكلمات فيما بينها بعالقات منطقية تعطي لها قيمة‬

‫‪3‬‬
‫في المكان الذي ترد فيه‪ ،‬ويمكنكم متابعة توضيح حول هذه الثنائية على الرابط‬
‫‪https://youtu.be/R3C09pa8MM8‬‬ ‫التالي‪:‬‬
‫اللغة والكالم ‪ :Langue et Parole‬حس ب ه ذه الثنائي ة ينظ ر سوس ير إلى اللغ ة‬ ‫‪‬‬
‫على أساس أنها ظاهرة إنسانية متعددة األشكال ولها قواعدها ونظامها‪ ،‬وأن اللسان‬
‫ج زء من اللغ ة بمعناه ا اإلنس اني‪ ،‬أم ا الكالم فه و مفه وم ف ردي ينتمي إلى اللس ان‪،‬‬
‫ويتعلق بآداء كل فرد‪ ،‬هو التحقق العيني لقواعد اللغة وهو آداء يختلف من فرد إلى‬
‫آخر‪.‬‬
‫العالقات الثنائية‬ ‫‪.2.2‬‬

‫ونقص د بالعالق ة هن ا أن ك ل عنص ر من عناص ر الثاني ات يتح دد معن اه ب النظر إلى‬


‫العنصر الذين يقابله‪ ،‬وكمثال عن هذا نتحدث عن الثنائية الضدية ( الكلمة وضدها)‪ ،‬فضد‬
‫الكلمة هو الذين يحدد هويتها ومعناها تحديدا دقيقا‪ ،‬وكما يقال "باألضداد تتضح المعاني"‪،‬‬
‫على أنه ليست كل ثنائيات سوسير هي أضداد بل ترتبط فيما بينها بعالقات مختلف ة‪ ،‬عالق ة‬
‫الكل والجزء‪ ،‬عالقة الزمان‪ ،‬الشكل‪..‬وغيرها‪ ،‬هذا من جهة‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى يمكن أن نشير أيضا إلى مفهوم البنية؛ فالمدرسة السوسيرية مدرسة‬
‫بنيوية‪ ،‬البناء بمعنى الكيفية التي ُش ِّيد بها‪ ،‬ومنه الكيفية التي تنتظم بها عناصر مجموعة‬
‫ما‪ ،‬وفي اللغة تعني مجموعة من العناصر المتماسكة فيما بينها‪ ،‬ويتوقف وجود كل عنصر‬
‫فيها على باقي العناصر األخرى‪ ،‬ويتحدد بعالقته بتلك العناصر األخرى‪ ،‬عالقات داخلية‬
‫ثابتة تميز مجموعة ما‪.‬‬

‫‪ .3‬منهج المدرسة البنيوية‬

‫يعد العالم اللغوي السويسري سوسير مؤسس المنهج البنيوي الذي انطلق منه علم اللغة‬
‫المعاص ر بداي ة ق ‪20‬م‪ ،‬والمنهج الب نيوي ه و ال ذي يتعام ل م ع الظ اهرة موض وع البحث‬

‫‪4‬‬
‫كإط ار عام وش امل‪ ،‬تتحرك في داخل ه مجموع ة من العناص ر وف ق قواعد ونظ ام ت رابطي‬
‫داخلي خاص‪ ،‬ومميز بشكل بنية مستقلة قائمة بذاتها‪.‬‬

‫والبنيوية بصفة عامة تعني طريقة جديدة للنظر إلى األنشطة الفكرية والسلوكية للمجتمع‬
‫والف رد ورب ط بعض ها ببعض ق ديمها وح ديثها‪ ،‬وأن يك ون ك ل نش اط في ح د ذات ه نظام ا‬
‫متك امال‪ ،‬فمن خالل ه ذه النظ رة نهت دي إلى النظ ام الك وني األص يل والبن اء الكلي للعق ل‬
‫البش ري‪ .‬فالبنيوي ة تبحث في المس توى العمي ق ال ذي ترتك ز علي ه الحض ارة اإلنس انية من‬
‫خالل الولوج من الظاهر إلى الباطن‪ .‬ومن هذا المنطلق يدرس اللغة دراسة آنية وصفية‬
‫راهنية في ذاتها ومن أجل ذاتها‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫ينظر‪ :‬فرديناند ديسوسير‪ ،‬ويكي بيديا‪ ،‬اطلع عليه بتاريخ ‪ 5‬جويلية ‪.2022‬‬ ‫‪1‬‬

‫ينظر‪ :‬ميشال زكريا‪ ،‬األلسنية(علم اللغة الحديثة) المبادئ واألعالم‪ ،‬المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬ ‫‪22‬‬

‫‪ ،1983‬ص ص ‪.224 -223‬‬


‫ينظر‪ :‬فرديناند ديسوسير‪ ،‬ويكي بيديا‪ ،‬اطلع عليه بتاريخ ‪ 5‬جويلية ‪.2022‬‬ ‫‪33‬‬

‫ينظر‪ :‬اللغة واللسان والكالم عند فردناند دي سوسير ‪ ،‬األلوكة ‪ ،‬اطلع عليه بتاريخ ‪ 5‬جويلية ‪ ،2022‬على الرابط‪:‬‬ ‫‪44‬‬

‫‪https://www.alukah.net‬‬

You might also like