You are on page 1of 136

‫مذكــــرةمكملةلنيل شهادة الماستر في العلوم السياسية والعالقات الدولية‬

‫تخصــص‪ :‬دراســــات إقليميـــــة‬


‫إشــراف األستاذ‪:‬‬ ‫إعداد الطالـــبة‪:‬‬
‫د‪/‬سفيان طبوش‬ ‫نعيمة موصر‬
‫لجنة المناقشة‪:‬‬

‫رئيسا‬ ‫د‪ .‬محمد عمرون‬


‫مشرفا ومقررا‬ ‫د‪ .‬سفيان طبوش‬
‫مناقشا‬ ‫أ‪ .‬جمال عليوة‬

‫السنة الجامعية ‪2019/2018‬‬


‫الشكر والعرفان‬

‫الشكر هلل والحمد هلل على توفيقه في إتمام هذا العمل‪ ،‬كما أود أن أتقدم بأسمى معاني‬
‫العرفان وعبارات الشكر إلى الدكتور سفيان طبوش لقبوله اإلشراف على هذا البحث وعلى‬
‫جهوده ونصائحه وتوجيهاته القيمة طيلة فترة إعداد هذا البحث‪ .‬أتقدم بشكر األستاذ قشي‬
‫عاشور على مساعدته‪.‬‬

‫كما أشكر لجنة المناقشة على قبولها مناقشة هذا العمل المتواضع‪.‬‬
‫اإلهداء‬

‫أهدي هذا العمل إلى الوالدين الكريمين لما منحاني إياه من رعاية واهتمام و إلى إخوتي‬

‫وأخواتي‪.‬‬

‫نعيمة‬
‫الملخص‪:‬‬
‫تهدف هذه الدراسة إلى معالجة موضوع بناء العقيدة األمنية الجزائرية في ظل‬
‫التهديدات األمنية التي تواجه الجزائر على الصعيد الوطني أو الخارجي‪ ،‬بحيث شهدت‬
‫الجزائر العديد من األزمات والمعوقات التي جعلت أمنها على المحك باإلضافة إلى التهديدات‬
‫الجديدة التي تعرفها كل من المنطقة المغاربية والساحلية واآلتية كذلك من الضفة المتوسطية‬
‫مما يؤثر على األمن القومي الجزائري‪ ،‬باإلضافة إلى تأثير العولمة عليه كل هذه المعطيات‬
‫تؤثر بشكل سلبي على صياغة العقيدة األمنية الجزائرية التي تسعى الجزائر من خاللها إلى‬
‫تحقيق االستقرار السياسي وبناء اقتصاد وطني يتماشى مع اإلمكانيات الطبيعية والموارد‬
‫البشرية التي تمتلكها‪ ،‬وكذلك إلى تفعيل دورها على المستوى اإلقليمي وليس ردود أفعال‬
‫فقط‪.‬‬
‫الكلمات المفتاحية‪ :‬األمن‪ ،‬الجزائر‪ ،‬التهديدات‪ ،‬العقيدة األمنية‪.‬‬
‫‪Cette étude a pour objectif, le traitement du défi de la‬‬
‫‪politique sécuritaire Algérienne sur les deux plans : national et‬‬
‫‪international.‬‬
‫‪L’Algérie a connu plusieurs crises et situations qui ont mis sa‬‬
‫‪sécurité à l’épreuve, ajoutant à cela les nouvelles menaces au‬‬
‫‪grand Maghreb et de la région du sahel et même de la région‬‬
‫‪méditerranéenne ce qui influence négativement sur l’élaboration‬‬
‫‪de la doctrine sécuritaire algérienne.‬‬
‫‪Les mots clés : La sécurité, l’Algérie, les menaces, la‬‬
‫‪doctrine sécuritaire.‬‬
‫الخطـــــة‬

‫خطة البحث‬
‫مقدمة‬
‫الفصل األول‪ :‬األمن الوطني الجزائري‪ :‬مقاربة مفاهيمية‬
‫المبحث األول‪ :‬مفهوم األمن‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف األمن‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مستويات األمن‬
‫المطلب الثالث‪ :‬المقاربات النظرية المفسرة لألمن‬

‫المبحث الثاني‪ :‬محددات األمن الوطني الجزائري‬


‫المطلب األول‪ :‬المحددات الداخلية لألمن الوطني الجزائري‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المحددات اإلقليمية لألمن الوطني الجزائري‬
‫المطلب الثالث‪ :‬المحددات الدولية لألمن الوطني الجزائري‬

‫المبحث الثالث‪ :‬مرتكزات العقيدة األمنية الجزائرية‬


‫المطلب األول‪ :‬المرتكزات التاريخية للعقيدة األمنية الجزائرية‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المرتكزات الجغرافية للعقيدة األمنية الجزائرية‬
‫المطلب الثالث‪ :‬المرتكزات اإليديولوجية للعقيدة األمنية الجزائرية‬

‫الفصل الثاني‪ :‬واقع األمن الوطني الجزائري في ظل المتغيرات الداخلية‬


‫والخارجية‬
‫المبحث األول‪ :‬التهديدات الداخلية لألمن الوطني الجزائري‬
‫المطلب األول‪ :‬تهديدات االستقرار السياسي‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تهديدات األمن االقتصادي‬
‫المطلب الثالث‪ :‬تهديدات األمن االجتماعي‬
‫الخطـــــة‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تهديدات األمن الوطني الجزائري في دوائره الجيوسياسية‬


‫المطلب األول‪ :‬تهديد األمن الوطني الجزائري في الدائرة المغاربية‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تهديد األمن الوطني الجزائري في الدائرة المتوسطية‬
‫المطلب الثالث‪ :‬تهديد األمن الوطني الجزائري في منطقة الساحل‬

‫المبحث الثالث‪ :‬انعكاسات التهديدات األمنية على األمن الوطني الجزائري‬


‫المطلب األول‪ :‬االنعكاسات السياسية‬
‫المطلب الثاني‪ :‬االنعكاسات االقتصادية‬
‫المطلب الثالث‪ :‬االنعكاسات االجتماعية‬

‫الفصل الثالث‪ :‬استراتيجية مواجهة تهديدات األمن الوطني الجزائري‬


‫المبحث األول‪ :‬آليات مواجهة التحديات الداخلية‬
‫المطلب األول‪ :‬تحقيق االستقرار السياسي‬
‫المطلب الثاني‪ :‬بناء منظومة اقتصادية‬
‫المطلب الثالث‪ :‬تحقيق االستقرار االجتماعي‬

‫المبحث الثاني‪ :‬آليات مواجهة التهديدات الخارجية‬


‫المطلب األول‪ :‬خلق مناطق التعاون مع المغرب العربي‬
‫المطلب الثاني‪ :‬دعم وتفعيل الهوية المتوسطية للجزائر‬
‫المطلب الثالث‪ :‬تفعيل وتقوية التعاون مع البلدان اإلفريقية‬

‫المبحث الثالث‪ :‬نحو بناء عقيدة أمنية جزائرية‬


‫الخطـــــة‬

‫المطلب األول‪ :‬العولمة والعقيدة األمنية الجزائرية‬


‫المطلب الثاني‪ :‬نحو مراجعة في مرتكزات العقيدة األمنية الجزائرية‬
‫المطلب الثالث‪ :‬األمن الموسع كمدخل لبلورة العقيدة األمنية الجزائرية‬

‫خاتمة‪.‬‬
‫مـقـدمـــة‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫تعيش الجزائر في بيئة إقليمية على درجة عالية من عدم االستقرار بسببانتشار المخاطر‬
‫والتهديدات غير الدوالتية‪ ،‬وهذا نتيجة لضعف وترهل الدولة في المنطقة وكذلك بسبب‬
‫التدخالت األجنبية المباشرة وغير المباشرة في هذا اإلقليم‪ ،‬إذ تعاني الجزائر العديد من‬
‫التهديدات كونها تقع في بؤرة ساخنة نسبيا‪،‬كما تواجه مجموعة من التحديات أو الرهانات‬
‫كتدهور وهشاشة القطاع االقتصادي والتخلف االجتماعي وانتشاراآلفات االجتماعية كالفقر‬
‫والبطالة‪،‬باإلضافةإلى ضعف مؤسسات الدولة وغياب الحكم الراشد في ظل ال فعالية‬
‫السياسات‪،‬هذا ما يهدد أمنها الداخلي بالموازاة مع التهديدات الخارجية‪ ،‬وظل مع التحوالت‬
‫التي تعرفها المنطقة التي أصبحت تؤثر على األمن القومي الجزائري مما يدفع بها إلى إيجاد‬
‫سبل وتعزيز قدراتها وإمكانياتها للتعامل مع التغيرات والتطورات السائدة سواء على الصعيد‬
‫الوطني أو اإلقليمي‪،‬مما يستوجب عليها بناء عقيدة أمنية تحدد فاعلية مواجهة التحديات‬
‫بأفعال بدل ردود أفعال على مستوى األمن المحوري الذي هوإمتداد إقليمي ليضمن أمن‬
‫الحدود في ظل بيئة إقليمية هشة يفرض على الجزائرالتهديدات والتحديات‪.‬‬
‫‪ .1‬مبررات اختيار الموضوع‬
‫ال شك أن البحث في أي موضوع تكون وراءه أسباب معينة تدفع الباحث للدراسة‬
‫والبحث في ذلك الموضوع‪ ،‬ومن األسباب التي جعلتنا نختار البحث في موضوع األمن‬
‫القومي الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪ :‬نحو مقاربة لبناء عقيدة أمنية نذكر‪:‬‬
‫المبررات العلمية‪:‬‬
‫إن الدوافع العلمية الختيار الموضوع ال تنفصل عن التحوالت والتطورات الراهنة التي‬
‫سارعت من وتيرة األحداث التي تؤثر على األمن القومي الجزائري سواء من التهديدات‬
‫الحاصلة أو المنبثقة على المستوى الوطني أو اإلقليمي‪،‬وهذا من خالل معرفة جل التغيرات‬
‫والتهديدات التي نتجت عن هذه التحوالت‪ .‬والتطرق إلى مفهوم األمن القومي الجزائري‬
‫ومعرفة االنتقادات أو النقائص بما يتعلق بالعقيدة األمنية الجزائرية‪ ،‬وهذا ما يقودنا إلى‬
‫محاولة معرفة سياسة الجزائر في مواجهة هذه التهديدات الداخلية والخارجية وأثرها في‬
‫تحقيق األمن القومي‪ ،‬والكشف عن طبيعة هذه التهديدات سواء كانت موضوعية أو ذاتية‬
‫وإمكانية االستفادة من التجربة الجزائرية في التصدي لهذه التهديدات‪ ،‬باإلضافة إلى دعم‬
‫التجرب ة عن طريق بناء عقيدة أمنية جزائرية ال تعتمد فقط على الجانب العسكري بل تشمل‬
‫كافة الجوانب من بناء الدولة وترسيخ مؤسساتها وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة وإلى‬
‫الجانب االجتماعي من خالل تحقيق الرفاهية واالستقرار االجتماعي‪.‬‬
‫المبررات الذاتية‪:‬‬
‫ومن األسباب الذاتية التي دعتنا الختيار الموضوع حكم التخصص العلمي‪،‬باإلضافة‬
‫إلى الرغبة الذاتية والميل الشخصي في دراسة كل ما يتعلق باألمن القومي الجزائري‬
‫ومعالجته سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي‪.‬‬
‫‪ .2‬إشكالية البحث‪:‬‬
‫يعتبر األمن القومي والعقيدة األمنية محل نظر العديد من الدارسين والباحثين باعتباره‬
‫من الركائز األساسية لبقاء الدولة واستمرارها وتحقيق التنمية االقتصادية والرفاهية‬

‫‪2‬‬
‫مـقـدمـــة‬

‫االجتماعية وهذا ما يقودنا إلى سرد اإلشكال الجوهري‪:‬إلى أي مدى تساهم بناء عقيدة أمنية‬
‫جزائرية في مواجهة التهديدات الداخلية والخارجية؟‬
‫ولمعالجة هذه الدراسة فقد عمدنا إلى تجزئة هذه اإلشكالية إلى مجموعة من األسئلة‬
‫الفرعية المتمثلة في‪:‬‬
‫ما هي محددات األمن الوطني الجزائري؟‬ ‫‪‬‬
‫ما هي التهديدات والتحديات التي تواجهها الجزائر؟‬ ‫‪‬‬
‫ما هي مرتكزات العقيدة األمنية الجزائرية؟‬ ‫‪‬‬
‫فيما تتمثل إستراتيجية الجزائر في مواجهة تهديدات أمنها الوطني؟‬ ‫‪‬‬
‫‪ .3‬الفرضيات‪:‬‬
‫لإلجابة على اإلشكالية والتعمق في دراستها ووضع منهج للبحث نقترح مجموعة من‬
‫الفرضيات التي تساهم في بلورة وتحديد معالم الموضوع والمتمثلة في‪:‬‬
‫كلما تعقدت البيئة األمنية لألمن القومي الجزائري في البيئة الداخلية واإلقليمية‬ ‫‪‬‬
‫كلما دعت الضرورة لبناء عقيدة أمنية جزائرية جديدة‪.‬‬

‫الفرضيات الفرعية‪:‬‬
‫‪.‬كلما تزايدت التهديدات األمنية للجزائر ضمن دوائره الجيوسياسية كلما كان‬ ‫‪‬‬
‫مؤثرا على مكانتها اإلقليمية والدولية‪.‬‬
‫إذا كانت البيئة الداخلية واإلقليمية هشة فإن بناء األمن بإستراتيجية واضحة‬ ‫‪‬‬
‫ضرورية‪.‬‬
‫ترتكز العقيدة األمنية الجزائرية على متغير تاريخي وسياسي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ترتكز الجزائر على مواجهة التهديدات بدعم التنمية في المنطقة‬ ‫‪‬‬
‫‪ .4‬أهداف البحث‪:‬‬
‫إن الغرض من تناول هذه الدراسة ال يخرج في حقيقة األمر من كونه محاولة لتحقيق‬
‫األهداف التالية‪:‬‬
‫أهداف علمية‪:‬‬
‫تحليل وكشف لطبيعة التهديدات وتسليط الضوء على ممارسة األداء السياسي للجزائر‬
‫إزاء هذه التهديدات وكيفية مواجهتها ومحاولة تقديم أسس ومبادئ لبناء عقيدة أمنية جزائرية‬
‫بغية تحقيق األمن الجزائري في التهديدات القديمة والجديدة‪.‬‬
‫أهداف نظرية‪:‬‬
‫السعي إلى رفع قدراتنا المنهجية في الميدان بناء العقيدة األمنية وهذا من خالل بناء‬
‫تصورات وأفكار للوصول إلى خطة جاهزة ومنظمة قادرة لالستجابة للتغيرات الطارئة‪،‬‬
‫وهذا يؤدي إلى تنمية قدراتنا ومعارفنا في هذا المجال‪ ،‬وذلك راجع إلى دراسة وتحليل الواقع‬
‫وحقيقة التهديدا ت مما يؤدي إلى إيجاد إمكانيات ووسائل تكون مالئمة وقادرة لبناء العقيدة‬
‫األمنية ومواجهة التهديدات الطارئة‪.‬‬
‫‪ .5‬حدود البحث‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫مـقـدمـــة‬

‫لمعالجة إشكالية قمنا بوضع إطار لدراسة وذلك باعتبار الموضوع على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ ‬المجال الزماني‬
‫إن التطورات التي شهدتها الجزائر في نهاية التسعينات وبداية األلفية الجديدة سنحاول‬
‫تسليط الضوء على هذه الحقبة الزمنية إلى يومنا هذا‪.‬‬

‫‪ ‬المجال المكاني‬
‫سنركز في دراستنا على األمن القومي الجزائري في البيئة الداخلية واإلقليمية‪.‬‬
‫‪ .6‬أهمية البحث‪:‬‬
‫إن الصعوبات التي تواجهها الجزائر في أمنها الداخلي والخارجي وسعيها لتحقيق‬
‫األمن وسالمة الدولة ضد التهديدات واألخطار‪،‬لذا تسعى جاهدة لتحقيق وترسيخ األمن داخليا‬
‫وإقليميا خاصة في ظل التهديدات والتحديات في المنطقة هذا ما يدعو إلى التوجه للقيام‬
‫بدراسات وأبحاث في مجال العقيدة األمنية واألمن القومي الجزائري من أجل تسهيل الدور‬
‫الذي تلعبه العقيدة األمنية في الوقت الحالي‪ ،‬لقد خلقت هذه التهديدات المتنامية في المنطقة‬
‫سياقا أمنيا في قطيعة مع المشهد األمني التقليدي‪،‬بما أن المسائل األمنية استعجالية بطبيعتها‬
‫فإن معضلة التدخل أصبحت الشغل الشاغل للجزائر التي ترفضه بحكم عقيدتها األمنية‬
‫والسياسية‪ ،‬لذلك تجد نفسها بين الضغوطات البيئة اإلقليمية والدولية ومطرقة مصالحها‬
‫اإلستراتيجية وعقيدتها األمنية‪،‬هذا ما يستوجب االهتمام بموضوع العقيدة األمنية الجزائرية‬
‫من طرف الباحثين واألكاديميين للوقوف على أهم المحددات والمتغيرات التي تحكمها من‬
‫أجل إعادة السلم واالستقرار الداخلي ولعب دور إقليمي فعال يتالءم مع موقعها الجغرافي‬
‫وإمكانياتها الجيوسياسية واالقتصادية‪ ،‬وهذا من خالل بناء عقيدة أمنية تفرض مكانتها‬
‫اإلقليمية وحتى الدولية من خالل انتهاج سياسة الفعل وليس رد الفعل‪.‬‬
‫‪ .7‬منهج البحث‪:‬‬
‫للوصول إلى نتائج موثوقة البد من منهج يسير عليه البحث‪،‬فالمنهج هو طريقة‬
‫موضوعية يتبعها الباحث لدراسة ظاهرة من الظواهر بقصد تشخيصها وتحديد أبعادها‬
‫ومعرفة أسبابها وطرق عالجها‪ ،‬وتتطلب دراستنا االستعانة ببعض المناهج المناسبة‬
‫والضرورية لمثل هذه المواضيع وفي هذه الدراسة اعتمدنا على‪:‬‬
‫‪ ‬الدراسة تاريخية‪:‬‬
‫يستخدم للحصول على أنواع من المعرفة عن طريق الماضي بقصد دراسة وتحليل‬
‫بعض المشكالت اإلنسانية والعمليات االجتماعية الحاضرة‪،‬وذلك ألنه يصعب علينا فهم‬
‫حاضر الشيء دون الرجوع إلى ماضيه‪،‬كما أنه يساعدنا على االستقصاء والتطور على قدم‬
‫وتطور مفهوم العقيدة األمنية الجزائرية ومحددات األمن القومي الجزائري في بعده التاريخي‬
‫ويوفر لنا المعلومات لعملية التحليل والتفسير‪.‬‬
‫‪ ‬المنهج االستقرائي‪:‬‬
‫من خالل هذا المنهج نقوم بالمالحظة لواقع األمن الذي تمر به الجزائر سواء كان عدم‬
‫االستقرار السياسي واألمن االقتصادي‪ ،‬إذ مازالت الجزائر تعاني لتبعية لدول الشمال خاصة‬
‫األوروبية منها‪ ،‬وكذلك األمن االجتماعي من بطالة وآفات اجتماعية كمخدرات والهجرة غير‬
‫‪4‬‬
‫مـقـدمـــة‬

‫الشرعية‪ ،‬والوقوف على حقيقة التهديدات والتحديات التي تواجه الجزائر‪ ،‬كما يشمل مختلف‬
‫االستنتاجات العلمية المستندة على المالحظة وهو ما يدل على حركة العقل للوصول إلى‬
‫تفاصيل وتحليل التهديدات وأثرها في بناء العقيدة األمنية وتحقيق األمن القومي الجزائري‪.‬‬
‫‪ ‬المنهج الوصفي‪:‬‬
‫إستعنا بالمنهج الوصفي الذي يتم من خالله تحديد خصائص وأبعاد الظاهرة المدروسة‬
‫ووصفها وصفا موضوعيا عبر جميع الحقائق والبيانات وباستخدام أدوات وتقنيات البحث‬
‫العلمي‪،‬كما يساعد في عرض المعلومات وفق التسلسل التاريخي التي تؤدي إلى بناء عقيدة‬
‫أمنية وبالتركيز على تفا صيلها وينقل الصورة من خالل األلفاظ والعبارات ويحدد الظروف‬
‫والعالقات التي توجد بين بناء عقيدة أمنية وتحقيق األمن القومي الجزائري‪.‬‬
‫‪ .8‬اإلطار النظري‪:‬‬
‫‪ ‬النظرية الواقعية‪:‬‬
‫تتخذ من الدولة وحدة التحليل للعالقات الدولية ولبناء المقاربات األمنية الهادفة إلظهار‬
‫كيفية محافظة الدولة على أمنها واستقرارها‪ ،‬فموضوع المقاربات التقليدية في الدولة في‬
‫كيفية تأمين بقائها من التهديدات على سيادتها وعلى وحدة ترابها‪ ،‬وتعتمد الجزائر على‬
‫الطرح الذي يقر بمركزية الدولة‪،‬في حماية أمنها الوطني من مختلف التهديدات التي يتعرض‬
‫لها‪،‬فهي ترى بأن األمن هو من االختصاصات السيادية للدولة‪،‬منتهجة بذلك إستراتيجية أمنية‬
‫قائمة على أساس عقالني لتحقيق األمن والمصلحة الوطنية‪.‬‬

‫‪ ‬النظرية البنائية‪:‬‬
‫تقوم النظرية على وحدات النظام والعالقات بينها‪ ،‬فتعتمد الجزائر في بناء وصياغة‬
‫سياساتها الخارجية منطلقة من سياساتها الداخلية وتفعيل وحداتها لبناء سياسة خارجية‬
‫تتماشى مع مصالحها وأمنها الوطني مستجيبة لمعطيات الداخلية وتتكيف معها للمحافظة على‬
‫مصالحها وركائزها على المستوى الخارجي مما يسمح لها ببناء عقيدة أمنية‪.‬‬
‫‪ ‬المقاربة الموسعة لألمن‪:‬‬
‫أحدثت هذه المقاربة ثورة علمية ومعرفية جديدة في حقل الدراسات األمنية‪ ،‬ولذلك‬
‫بفضل إسهامات الباحث "باري بوزان" الذي قدم تعريفا موسعا لألمن‪،‬الذي لم يعد يقتصر‬
‫على المعنى الضيق المتمثل في الجانب العسكري ليشمل التحرر من التهديدات البيئية‬
‫والعسكرية والسياسية واالجتماعية واالقتصادية‪.‬‬
‫تم االعتماد على هذه إليضاح كيف يتأثر كل بعد من أبعاد األمن الوطني جراء نشاط‬
‫الجريمة المنظمة و اإلرهاب في مختلف الدوائر الجيوسياسية للجزائر التي تمس بتأثيراتها‬
‫جميع الوحدات المرجعية لألمن الجزائري‪.‬‬
‫‪ ‬اقتراب الدور اإلقليمي‪:‬‬
‫يعرف الدور بأنه‪« :‬أحد مكونات السياسة الخارجية وهو يتحدد في الوظائف الرئيسية‬
‫التي تقوم بها الدولة في الخارج عبر فترة زمنية طويلة‪...‬وذلك في سعيها لتحقيق أهداف‬
‫سياستها الخارجية وااللتزامات واألفعال المناسبة لدولتهم‪ ،‬والوظائف التي يجب عليهم القيام‬

‫‪5‬‬
‫مـقـدمـــة‬

‫بها في عدد من األطر الجغرافية الموضوعية‪ ،‬ومن هذا المنطلق ال ينشأ الدور اإلقليمي إال‬
‫(‪.)1‬‬
‫عندما تسعى الدولة إلى القيام به‪"...‬‬
‫بذلك يعد دور الجزائر ضمن حدود فضائها المغاربي‪،‬العربي‪ ،‬المتوسطي‪ ،‬واإلفريقي‬
‫خصوصا مع تنامي التهديدات األمنية الجديدة تلعب دورا أساسيا كطرف محوري في المنطقة‬
‫الستتباب األمن مما يجعلنا بحاجة إلى استدراك هذا الدور‪.‬‬
‫‪ .9‬أدبيات الدراسة‪:‬‬
‫نحاول تقديم بعض الدراسات السابقة التي تناولت متغيرات الدراسة حيث نذكر‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ ‬كتاب "البعد المتوسطي لألمن الجزائري‪:‬الجزائر‪،‬أوروبا والحلف األطلسي"‪.‬‬
‫حاول الباحث في بداية هذا الكتاب تكوين تصورا واضحا عن األمن القومي الجزائري‬
‫في عالم متغير‪،‬من خالل تحديد معالمه‪،‬محدداته‪ ،‬مدركاته واالهتمامات األمنية في الوقت‬
‫الراهن‪،‬مع نظرة استشرافية بتحليل بعض القضايا‪،‬مركزا على البعد المتوسطي لألمن‬
‫الجزائري باعتباره محورا استراتيجيا للجزائر‪،‬نظرا لثقل انعكاساته السلبية في حالة عدم‬
‫االستقرار أو في حالة تهديد الجناح الشمالي ألمنها‪،‬أو إيجابية في حالة تطور التعاون‬
‫األمني مع بلدان الضفة الشمالية للمتوسط‪.‬‬
‫‪ ‬أطروحة دكتوراه بعنوان‪":‬إستراتيجية األمن الوطني في الجزائر‪-2006:‬‬
‫‪ ."2011‬حاولت هذه األطروحة اإلجابة عن اإلشكالية الرئيسية "في ظل التغيرات الدولية‬
‫واإلقليمية المتوالية منذ نهاية الحرب الباردة‪ ،‬وما صاحبها من تغير في المفاهيم األمن‬
‫ومحدداته وطبيعة مهدداته‪،‬كيف تقيم الجزائر سياستها األمنية بما تستطيع معه تحقيق أمنها‬
‫الوطني‪،‬في امتداداتها عبر وطنية واإلقليمية؟ وما هي حدود نجاعتها في تحقيق أمن‬
‫الجزائر‪:‬نظاما ومجتمعا ودولة؟ وتم التركيز فقط على الفترة الممتدة بين ‪ 2006‬إلى غاية‬
‫‪2011‬م‪ .‬ولم يركز على البعد المتوسطي لألمن الجزائري على عكس البعد المغاربي‬
‫والساحلي‪.‬‬
‫‪ ‬مذكرة الماجستير حاملة لعنوان‪" :‬الدوائر الجيوسياسية لألمن القومي‬
‫الجزائري‪3".‬حاول الباحث اإلجابة على السؤال الرئيسي التالي‪":‬كيف يتحدد تأثر أمن‬
‫الجزائر القومي‪-‬بشتى قطاعاته ومرجعياته‪-‬وسلوكها األمني واالستراتيجي بالتهديدات‬
‫(الجديدة والتقليدية) والتفاعالت األمنية (سيما ذات البعد التعاوني التي تحصل فيما يحيط‬
‫وتنتمي إليه من دوائر جيوسياسية منذ بداية عقد التسعينات من القرن العشرين؟ فقد حاول‬
‫أن يبين التقاطعات بين كل الدوائر الجيوسياسية (المغاربية‪ ،‬اإلفريقية‪ ،‬المتوسطية)لألمن‬
‫الجزائري‪.‬‬
‫إال أننا نركز على األمن القومي الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية وطبيعة‬
‫التهديدات وكيف يمكن أن تبني الجزائر أفعال من تجاربها بدل ردود أفعال كمقاربة لبناء‬
‫عقيدة أمنية جزائرية تحررها من سلبية التعامل مع التحديات والتهديدات‪.‬‬

‫‪-1‬بوحنية قوي‪" ،‬الجزائرواالنتقال إلى دور الالعب في إفريقيا‪ :‬بين الدبلوماسية األمنية واالنكفاء األمنيالداخلي «‪ ،‬مركز الجزيرة الدراسات‪،‬جانفي‬
‫‪ ،2014‬ص ‪3‬‬
‫‪-‬عبد النور بن عنتر‪،‬البعد المتوسطي لألمن الجزائري‪ :‬الجزائر‪ ،‬أوروبا والحلف األطلسي‪،‬الجزائر‪ :‬المكتبة العصرية للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪.2005،‬‬
‫‪2‬‬

‫‪-‬حسام حمزة‪،‬الدوائر الجيوسياسية لألمن القومي الجزائري‪،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في العلوم السياسية‪،‬تخصص عالقات‬
‫دولية‪،‬جامعة الحاج لخضر باتنة‪،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪،‬قسم العلوم السياسية‪2011-2010،‬م‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪6‬‬
‫مـقـدمـــة‬

‫‪ .10‬اإلطار المفاهيمي للدراسة‪:‬‬


‫األمن‪ :‬أن تكون أمنا يعني أن تكون سليما من األذى بالطبع‪ ،‬ال أحد أمن‬ ‫‪‬‬
‫بالكامل وال يمكن أن يكون كذلك‪ ،‬فالحوادث ممكنة والموارد قد تصبح شحيحة وقد يفقد‬
‫الناس عملهم وتبدأ الحروب‪ ،‬ولكن األكيد هو الحاجة إلى اإلحساس باألمن قيمة إنسانية‬
‫‪1‬‬
‫أساسية وشرطا مسبقا لتتمكن من العيش بشكل محترم‪.‬‬
‫‪ ‬األمن القومي‪ :‬قدرة الدولة على حماية قيمها الداخلية من أي تهديدات بغض‬
‫النظر عن شكل هذه التهديدات ومصدرها‪.‬‬
‫‪ ‬العقيدة األمنية‪ :‬العقيدة األمنية هي دليل يوجه ويقرر به القادة السياسة األمنية‬
‫للدولة ببعدها الداخلي والخارجي‪.‬‬
‫‪ .11‬هيكلة الدراسة‪:‬‬
‫ولدراسة موضوع "األمن القومي الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪:‬‬
‫مقاربة بناء عقيدة أمنية جزائرية"نحرص على اعتماد اإلطار المنهجي للدراسة المتكون‬
‫من مقدمة‪ ،‬وثالثة فصول وخاتمة كاستنتاجات وإجابة على اإلشكالية وإثبات أو نفي صحة‬
‫الفرضيات‪.‬‬
‫وبناءا على ذلك فقد تناولنا في الفصل األول مفهوم األمن ومحددات األمن الوطني‬
‫الجزائري ومرتكزات العقيدة األمنية الجزائرية‪.‬‬
‫أما الفصل الثاني فقد أشرنا إلى تهديدات األمن الوطني الجزائري على المستوى‬
‫الداخلي وكذلك على المستوى الخارجي وانعكاسات هذه التهديدات على األمن الوطني‬
‫الجزائري‪.‬‬
‫بينما الفصل الثالث النظر في استراتيجية مواجهة تهديدات األمن الوطني الجزائري من‬
‫خالل مواجهة التهديدات الداخلية والخ ارجية مما يؤدي إلى بناء مقاربة أمنية قادرة على‬
‫مواجهتها‪.‬‬

‫‪-‬مارتن غرغيش وتيري أوكالهان‪ ،‬المفاهيم األساسية في العالقات الدولية‪ ،‬تر‪ :‬مركز الخليج لألبحاث‪ ،‬اإلمارات العربية المتحدة‪ :‬مركز الخليج‬
‫لألبحاث‪ ،2008،‬ص ‪.78‬‬
‫‪1‬‬

‫‪7‬‬
‫األمن الوطني الجزائري‪ :‬مقاربة مفاهيمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫شهد موضوع األمن تحوالت عميقة مست صلب مهدداته بسبب التحوالت التي طالت‬
‫الساحة الدولية خالل العقد األخير من القرن ‪20‬م تغيرت أشكال وأنماط التحديات التي‬
‫يتعرض لها أعضاء المجتمع الدولي‪ ،‬واتخذت أبعاد جديدة فلم تعد مهددات األمن تقتصر‬
‫على تلك الفواعل التقليدية والمتغيرات العسكرية المتمثلة أساسا في الدول واالعتداءات‬
‫الخارجية وانتهاك سيادة الدول‪ .‬بل امتدت إلى فواعل غير الدول ولم يبق مجالها محددا‬
‫بحدود الدولة الوطنية بل تعداها‪ ،‬مما يدفع إلى ضرورة رصدها فيما وراء حدودها‪.‬‬
‫عملت الجزائر منذ االستقالل على إعادة بناء الدولة التي اعتمدت على إمكانياتها‬
‫الطبيعية في تحديد استراتيجياتها على مستوى الدولة القطرية وكذا في سياساتها الخارجية مع‬
‫دول المنطقة(المغاربية‪-‬اإلفريقية)‪ ،‬والتي تحدد بالمحددات الجغرافية وكذا موقعها ودورها‬
‫على المستوى اإلقليمي مما يعطي لها مكانة على الساحة الدولية‪ ،‬وهذا من خالل العقيدة‬
‫األمنية التي تبنتها الجزائر منذ االستقالل‪.‬‬

‫المبحث األول‪:‬مفهوم األمن‬


‫إن مفهوم األمن من أصعب المفاهيم التي يتناولها التحليل العلمي‪،‬ألنه نسبي ومتغير‬
‫ومركب وذو مستويات متنوعة‪،‬يتعرض لتحديات وتهديدات مباشرة وغير مباشرة من‬
‫مصادر تختلف درجاتها وأنواعها وأبعادها وتوقيتها‪،‬سواء تعلق األمر ذلك بأمن الفرد أو‬
‫الدولة أو النظام اإلقليمي أو النظام الدولي‪.‬‬
‫المطلب األول‪:‬تعريف األمن‬

‫‪12‬‬
‫األمن الوطني الجزائري‪ :‬مقاربة مفاهيمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ .1‬لغة‪:‬يعرف األمن في اللغة العربية على أنه االطمئنان من‬


‫الخوف‪1.‬ويوضح "الجحني"األمن في اللغة بأنه‪" :‬طمأنينة النفس وزوال الخوف"‪،‬وأن اإلنسان‬
‫‪2‬‬
‫يكون أمنا إذا استقر األمن في قلبه أما أمن البلد فهو اطمئنان أهله فيه"‪.‬‬
‫ولعل أدق مفهوم لألمن هو ما ورد في القرآن الكريم في قوله سبحانه وتعالى‪" :‬فليعبدوا ربهذا‬
‫البيت(‪ )3‬الذي أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف"‪ 3.‬وقوله"‪...‬وليبدلهم من بعد خوفهم‬
‫‪5‬‬
‫أمنا"‪4.‬وقوله تعالى‪...":‬وإذا جاءهم أمر من األمن والخوف أذاعوا به‪."...‬‬
‫فاألمن في اللغة العربية هو نقيض الخوف‪ ،‬فهو حالة يوجد بها اإلنسان ال تستثار فيها‬
‫دوافعه الغريزية للدفاع أو الهرب أو العدوان وهذه الحالة كما توجد في الفرد توجد في‬
‫‪6‬‬
‫الجماعات‪.‬‬
‫فاألمن هو ضد الخوف‪ ،‬والخوف بالمفهوم الحديث يعني التهديد الشامل‪،‬سواء منه‬
‫االقتصادي أو االجتماعي أو السياسي الداخلي منه والخارجي‪.‬‬
‫وفي اللغة األجنبية ترجع كلمة ‪Security‬إلى أصلها الالتيني‬
‫‪Securiatas/Securus‬المشتقة من الكلمة المركبة»‪ «SineCura‬بحيث تعني »‪Sine‬‬
‫‪7‬‬
‫»«بدون»‪ «cura‬تعني «االضطراب" ومنه المعنى "بدون اضطراب"‪.‬‬
‫‪The Oxford English‬‬ ‫كما ورد في القاموس اإلنجليزي‬
‫‪Dictionnary‬بمعنيين‪:‬المعنى األول‪:‬األمن هو شرط توفر بيئة آمنة لألفراد‪،‬وله شروط منها‪:‬‬
‫‪ -‬يجب أن يكون األفراد محميين ضد التهديدات‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن يتحرر األفراد من شك وقوع تهديد ما‪.‬‬
‫المعنى الثاني‪:‬األمن هو وسيلة لتوفير بيئة آمنة‪ ،‬وله عدة استعماالت منها‪:‬‬
‫هو وسيلة للدفاع وتحقيق الحماية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫هو وسيلة للحفاظ على القوة والمكانة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫هو ضمان وتأكيد على تحقيق الحماية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪8‬‬
‫هو وسيلة لتأمين األفراد أو السلع أو شيء آخر‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وعرفه المعجم السياسيبأنه‪" :‬اإلجراءات التي يتخذها المقر لحماية نفسه من التجسس‬
‫أو الرصد أو التخريب أو المباغثة‪،‬وكذلك هو الجزء الوقائي من نشاط مكافحة االستخبارات‬

‫‪ -‬أبو الفضل جمال الدين ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ط‪ ،7‬بيروت‪ :‬دار صادر‪،2011،‬ص‪.162‬‬
‫‪1‬‬

‫‪ -‬علي فايز الجحني‪ ،‬لمحات في التخطيط االستراتيجي‪ :‬رؤية أمنية‪ ،‬المجلة العربية لدراسات األمنية والتدريب‪ ،‬المجلد‪ ،11‬ع ‪ ،21‬ص‪.11‬‬
‫‪2‬‬

‫‪ -‬القران الكريم‪ ،‬سورة قريش‪ ،‬اآليتان رقم ‪3‬و‪.4‬‬


‫‪3‬‬

‫‪ -‬القران الكريم‪ ،‬سورة النور‪ ،‬اآلية ‪.55‬‬


‫‪4‬‬

‫‪ -‬القران الكريم‪ ،‬سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.83‬‬


‫‪5‬‬

‫‪ -‬أعمر أحمد قدور‪ ،‬شكل الدولة و أثره في تنظيم مرفق األمن‪ ،‬القاهرة‪ :‬مكتبة مدبولي‪،1994،‬ص‪.161‬‬
‫‪6‬‬
‫‪7‬‬
‫‪-Michael Dillo, Politics of Security. London: the taylor.2003.p125.‬‬
‫‪8‬‬
‫‪-Shahrbanou Tadjbakhsh, Anuradha chenoy, HumanSecurity Concepts and‬‬
‫‪Implications,Canada :Routlegdge,2000 ,p10‬‬

‫‪13‬‬
‫األمن الوطني الجزائري‪ :‬مقاربة مفاهيمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ويشمل أمن األشخاص والمعلومات والمنشات والمواد العائدة للدولة"‪9‬واألمن من وجهة نظر‬
‫‪10‬‬
‫دائرة المعارف البريطانيةيعني‪" :‬حماية األمة من خطر القهر على يد قوة أجنبية‪".‬‬
‫هذا التعريف يركز على كيفية حماية األمة‪،‬أو ما يصطلح عليه باألمن القومي‪،‬ضد أي‬
‫عدوان محتمل من قبل أي قوة أجنبية‪ ،‬ويكون ذلك بقدرة األمة على استعمال مصادر قوتها‬
‫لصد هذا العدوان‪.‬‬
‫‪ .2‬التعريف االصطالحي‬
‫األمن اصطالحا هو ما يتعلق بالحفاظ على السيادة الوطنية وعلى الوضع القانوني‬
‫الطبيعي القائم للدولة في حدود اإلطار اإلقليمي لها‪ ،‬وهو حماية األمة والمحافظة عليها من‬
‫‪11‬‬
‫أي عدوان خارجي‪.‬‬
‫و يعتبر األمن من أكثر المصطلحات السياسية إثارة للجدل الرتباطه ببقاء األفراد‪،‬‬
‫الشعوب والدول واستمرارها‪ ،‬وقد تعددت التعريفات األمن من حيث المضمون أو مستوى‬
‫التحليل أو الوسائل واألطراف المعنية به‪ ،‬وهذا حسب بعض التعريفات المقدمة من طرف‬
‫العديد من المفكرين ولذا نلجأ إلى تقديم بعض التعريفات‪.‬‬
‫وعرفه هنري كيسنجر‪":Henry Kissinger‬أي تصرف يسعى المجتمع عن طريقه‬
‫‪12‬‬
‫لتحقيق حقه في البقاء‪".‬‬
‫كما يرى باري بوزان ‪Barry buzan‬من جهته بأن األمن يعني‪":‬أن األمن على‬
‫مستوى الدولة الوطنية يسعى إلى التحرر من التهديد‪،‬أما في المستوى الدولي فإنه يتعلق‬
‫‪13‬‬
‫بقدرة الدولة والمجتمعات على صون هويتها المستقلة وتماسكها العملي"‬
‫ومن خالل هذا التعريف يبرز المفهوم الموسع لألمن ولم يحصر األمن في مستوى‬
‫الدولة فقط أو في بعد من األبعاد وإنما وسعه ليشمل خمسة أبعاد أساسية هي‪:‬‬
‫البعدالعسكري‪،‬السياسي‪،‬االقتصادي‪ ،‬االجتماعي والبعد البيئي وهذه األبعاد ال تعمل بمعزل‬
‫عن بعضها‪.‬‬
‫ما يالحظ من التعاريف السابقة‪ ،‬أنها لم تركز على عامل التنمية كعامل أساسي في‬
‫"روبرت‬ ‫تعريف‬ ‫في‬ ‫يتضح‬ ‫ما‬ ‫هذا‬ ‫وعكس‬ ‫األمن‪،‬‬ ‫التحقيق‬
‫ماكنمارا‪ "RobertMacnamara‬في كتابه "جوهر األمن"أين يعرفه من خالل التنمية‬
‫وفي هذا الصدد يقول‪":‬في أي مجتمع يمر بمرحلة التحول إلى مجتمع عصري فإن األمن‬
‫معناه التنمية‪ ،‬واألمن ليس المعدات العسكرية وإن كان قد يتضمن المعدات العسكرية‪،‬‬
‫واألمن ليس هو القوة العسكرية‪ ،‬وإن كان قد يتضمنها واألمن ليس النشاط العسكري‬
‫التقليدي وإن كان قد يشمله‪ ،‬إن األمن هو التنمية‪ ،‬وبدون تنمية ال يمكن أن يوجد أمن‪ ،‬والدول‬

‫‪ -‬وضاح زيتون عبد المنان‪ ،‬المعجم السياسي‪ ،‬عمان‪ :‬دار أسامة للنشر والتوزيع‪ ،2006،‬ص ‪.46‬‬
‫‪9‬‬

‫‪ -‬منذر سليمان‪ ،‬نحو إعادة صياغة مفهوم األمن القومي العربي ومرتكزاته "مجلة مقاربات"‪ ،‬ع‪،14،2008-15‬ص‪.6‬‬
‫‪10‬‬

‫‪ -‬مجموعة من المؤلفين‪،‬تعميق الوعي األمني لدى المواطن العربي‪،‬الرياض‪ :‬أكاديمية العربية للعلوم األمنية‪،1998،‬ص‪.112‬‬
‫‪11‬‬

‫‪- Henry Alfred Kissinger، «domestic structure and foreign policy»، In James Rosenau، International politics‬‬
‫‪12‬‬
‫‪nd‬‬
‫‪and Foreign Policy,3 Edition، New York: Free Press,1970، P 260.‬‬
‫‪13‬‬
‫‪-Barry Buzan, People, states and fear :The National Security ProblemInternational‬‬
‫‪Relation,Brighton :Harvester Wheat sheaf 1990,p 142‬‬

‫‪14‬‬
‫األمن الوطني الجزائري‪ :‬مقاربة مفاهيمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫النامية التي ال تنمو في الواقع ال يمكنها ببساطة أن تظل أمنة بسبب أن مواطنيها ال يمكنهم أن‬
‫‪14‬‬
‫يتخلوا عن طبيعتهم اإلنسانية"‪.‬‬
‫وتعرفه الموسوعة السياسية على أنه‪":‬األمن بمنظوره التقليدي على أساس أنه تأمين‬
‫سالمة الدولة من األخطار داخلية وخارجية قد تؤدي إلى الوقوع تحت سيطرة أجنبية نتيجة‬
‫‪15‬‬
‫ضغوط خارجية أو انهيار داخلي"‪.‬‬
‫يستخلص من خالل التعاريف السابقة‪ ،‬بأنها لم تتفق على تعريف موحد لمفهوم األمن‪،‬‬
‫إال أنها أجمعت بأنه يدل على خلو التهديد للقيم الرئيسية‪ ،‬ولكن هناك خالف رئيسي عرفه‬
‫التطور التاريخي لمفهوم األمن حول ما إذا كان التركيز يجب أن ينصب على أمن األفراد أو‬
‫الدول أو العالم ككل‪.‬‬
‫و كتعريف إجرائي لألمن هو حماية المصالح الدولة الوطنية من التهديدات الخارجية أو‬
‫التحديات الداخلية وتحقيق االستقرار السياسي والتنمية االقتصادية مما يؤدي إلى شعور‬
‫األفراد بالطمأنينة والراحة‪.‬‬
‫أما األمن القومي ظهر كمصطلح نتيجة لقيام الدولة القومية في القرن ‪16‬م وتلته‬
‫مصطلحات أخرى مثل المصلحة القومية واإلرادة الوطنية‪ .‬ويعد هذا المفهوم من أكثر‬
‫المفاهيم غموضا ومحورية في حقل الدراسات السياسية حيث تم استخدامه ألول مرة تزامنا‬
‫مع إنشاء مجلس األمن القومي األمريكي في ‪.1947‬‬
‫و يتفق العديد من الباحثين على الحداثة النسبية للدراسات المتعلقة بظاهرة"األمن‬
‫القومي" كظاهرة علمية وكمستوى للتحليل‪ 16.‬حيث قامت تلك الدراسات بالتزامن مع‬
‫الظروف السياسية العسكرية التي أعقبت الحرب العالمية الثانية والتوازنات التي أفرزتها بين‬
‫القوى الدولية من بروز قوى جديدة‪ ،‬ومن تغيير في هيكل النظام الدولي ومستوى القوة في‬
‫قيادته‪ ،‬بيد أن االهتمام الفكري بتلك الظاهرة قد ارتبط بظاهرة العنف على المستويين الدولي‬
‫‪17‬‬
‫والقومي‪.‬‬
‫إن مفهوم األمن القومي يشمل اإلجراءات المتخذة من الدولة في مواجهة التهديدات على‬
‫مستوى حدودها اإلقليمية و ذلك من خالل مجموعة من الترتيبات الوقائية بواسطة قواتها‬
‫‪18‬‬
‫المسلحة أو عقد األحالف العسكرية لغرض مواجهة كل األخطار المحدقة بها‪.‬‬
‫ويمكننا رصد مجموعة من التعريفات لمصطلح األمن القومي ونذكر منها‪:‬‬
‫عرفه فراكلين هديلأنه‪":‬معناه يفوق مجرد السالمة من غزو أجنبي أنه يتضمن‬
‫ضرورة المحافظة على نظام مستقر للحضارة"‪ 19.‬أما حامد ربيععرفه بأنه‪":‬هو مجموعة من‬

‫‪-‬روبرت ماكنمارا‪ ،‬جوهر األمن‪ ،‬تر‪ :‬يوسف شاهين‪ ،‬مصر‪ :‬الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر‪، 1970،‬ص‪.125‬‬
‫‪14‬‬

‫‪-‬عبد الوهاب الكيالي و آخرون‪ ،‬الموسوعة السياسية‪ ،‬لبنان‪ :‬المؤسسة العربية للدراسات والنشر‪، 1979،‬ص‪.131‬‬
‫‪15‬‬

‫‪-Richard N،Rosecrans،International Relations، peace or war ?،New York: Macmillan, 1996، p33.‬‬
‫‪16‬‬

‫‪ -‬تيد روبرت غير‪،‬لماذا يتمرد البشر‪ ،‬تر‪ :‬مركز الخليج لألبحاث‪ ،‬اإلمارات العربية المتحدة‪،2004:‬ص‪.143‬‬
‫‪17‬‬

‫‪ -‬معمر بوزنادة‪ ،‬المنظمات اإلقليمية و نظام األمن الجماعي‪ ،‬الجزائر‪ :‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،1992،‬ص‪.17‬‬
‫‪18‬‬

‫‪ -‬صالح الدين حافظ‪ ،‬صراع القوى حول القرن اإلفريقي‪ ،‬الكويت‪ :‬المجلس الوطني للثقافة والقانون واألدب‪ ،1990 ،‬ص‪.154‬‬
‫‪19‬‬

‫‪15‬‬
‫األمن الوطني الجزائري‪ :‬مقاربة مفاهيمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫القواعد الحركية التي يتعين على الدولة أن تحافظ على احترامها‪ ،‬وأن تضمن لنفسها نوعا‬
‫‪20‬‬
‫من الحماية الذاتية والوقائية اإلقليمية"‪.‬‬
‫وعرفه مدحت أيوب أنه‪":‬قدرة المجتمع وإطاره النظامي على مواجهة كافة التهديدات‬
‫الداخلية والخارجية‪ ،‬مما يؤدي إلى محافظة على كيانه‪ ،‬هويته‪ ،‬إقليمه‪ ،‬موارده وتماسكه‬
‫‪21‬‬
‫وتطوره وحرية إرادته"‪.‬‬
‫أما إسماعيل مقلد فيعرفه بأنه‪":‬العمل على حماية الكيان اإلقليمي أو الدولي وضمان‬
‫بقائها كوحدة سياسية وقومية فعالة في محيطها اإلقليمي أو الدولي وحماية القيم والمصالح‬
‫الحيوية ألمن الدولة أو لكيانها القومي ضد التهديدات الموجهة ضدها‪ ،‬والمحافظة على النظام‬
‫‪22‬‬
‫السياسي إذا كان يمثل معنى خاص للشعب"‪.‬‬
‫ويعرفه جون سباينز‪ John Spanies‬أنه‪":‬يتمثل في البقاء العضويوحماية إقليمالدولة‬
‫‪23‬‬
‫واالستقالل السياسي‪".‬‬
‫نجد جل هذه التعاريف تصب في اتجاه واحد وهي القدرة العسكرية وهذا ما ذهب إليه‬
‫"والتر ليبمان‪"Lippmann‬وهو من أوائل من وضعوا تعريفا لمصطلح "األمن القومي"‬
‫إذ يقول "أن األمة تبقى في وضع أمن إلى الحد الذي ال تكون فيه عرضة لخطر‬
‫التضحيةبالقيم األساسية إذا كانت ترغب في تفادي وقوع الحرب وتبقى قادرة لو تعرضت‬
‫‪24‬‬
‫للتحدي على صون هذه القيم عن طريق انتصارها في حرب كهذه‪".‬‬
‫غير أن األمر اختلف بتطور مفهوم األمن القومي الذي لم يعد يعتمد على القوة‬
‫العسكريةعلى أنها المصدر الرئيسي للتهديد‪ ،‬بل ظهرت قوى جديدة تمثلت في التهديدات‬
‫االقتصادية واالجتماعية وغيرها‪ ،‬وهذا ما نادىبه العديد من المفكرين والدارسين على غرار‬
‫باري بوزان الذي سعى إلى إيجاد رؤى حول األمن تتضمن جوانب سياسية‪ ،‬اقتصادية‬
‫واجتماعية وبيئية تعبر عن أبعاد أمنية أكثر اتساعا داخل النظام الدولي‪.‬‬
‫و ضمن إطار العمل الجاد للمفكرين إليجاد تعريف شامل لمفهوم األمن القومي ظهرت‬
‫مدارس فكرية وطرحت أراء تحليلية حول تلك الظاهرة‪،‬إال أنها لم تجمع على صيغة موحدة‬
‫لتعريف األمن القومي‪ ،‬ولقد تباينت تلك اآلراء إلى اتجاهات عدة منها من ركز على القيم‬
‫االستراتيجية ومنها من طرح أهمية الدولة القومية وآخرون انبروا للدفاع عن القضايا‬
‫االقتصادية واالجتماعية والبيئية‪ ،‬وللفصل بين المفهومين لألمن يقودنا إلى حصر معنى‬
‫األمن من خالل مدرستين أساسيتين وهما المدرسة القيمية االستراتيجية والمدرسة‬
‫االقتصادية االستراتيجية‪.‬‬

‫‪ -‬باسم الطاوسي‪ ،‬األمن القومي العربي‪ :‬اإلدراك السياسي لمصادر تهديد األمن القومي وجهة نظر المثقفين في األردن‪ ،‬عمان‪ :‬دار سنباد‬
‫‪20‬‬

‫للنشر‪ ،1997،‬ص ‪.12‬‬


‫‪ -‬مدحت أيوب‪ ،‬األمن العربي في عالم متغير بعد أحداث ‪ 11‬سبتمبر القومي ‪ ،2001‬القاهرة‪ :‬مكتبة مديولي‪ ،2003،‬ص ‪.17‬‬
‫‪21‬‬

‫‪ -‬إسماعيل صبري مقلد‪ ،‬العالقا ت السياسية الدولية‪ :‬دراسة في األصول والنظريات‪ ،‬الكويت‪ :‬دار السالسل‪ ،1984 ،‬ص‪.130‬‬
‫‪22‬‬
‫‪23‬‬
‫‪-John Spaniers, Games Nations Play, New York, College Publishing, 1984,p 57.‬‬
‫‪ -‬سليمان عبد هللا الحربي‪ ،‬مفهوم األمن‪ :‬مستوياته وصيغه وتهديداته‪ :‬دراسة نظرية في المفاهيم واألطر‪ ،‬مجلة العربية للعلوم السياسية‪،‬‬
‫‪24‬‬

‫بيروت‪ ،‬ع ‪ ،19‬ب س ن‪ ،‬ص ‪.14‬‬

‫‪16‬‬
‫األمن الوطني الجزائري‪ :‬مقاربة مفاهيمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المدرسة القيمية االستراتيجية‪ :‬من خالل هذه المدرسة فإننا نرصد‬ ‫أ‪.‬‬
‫تقاطع اتجاهات روادها في نقطة واحدة وهي القيم المكتسبة للدولة على حماية القيم الداخلية‪،‬‬
‫كما تركز على الجانب العسكري والتهديد الخارجي والدولة كوحدة تحليل في العالقات‬
‫الدولية‪ ،‬وعلى القوة باعتبارها المقدرة على التحكم في تصرف األطراف األخرى ويرمز لها‬
‫بمقدرة سيطرة عقل اإلنسان على عقل األخر وتشمل كل العالقات االجتماعية‪ ،‬وهي العنصر‬
‫‪25‬‬
‫األساسي في تفسير العالقات الدولية‪.‬‬
‫أما أرنولد وولفرز يرى أن األمن القومي"يعني من الزاوية الموضوعية حماية القيم‬
‫التي تم اكتسابها أما من الناحية غير الموضوعية فهي تعني غياب الخوف على تلك القيم من‬
‫‪26‬‬
‫أي هجوم‪.‬‬
‫المدرسة االقتصادية االستراتيجية‪ :‬هناك اختالف بين رؤى المدرسة‬ ‫ب‪.‬‬
‫القيمية االستراتيجية فاألولى تعلي من أن الجوانب العسكرية في تفسير ظاهرة األمن القومي‬
‫أما الثانية ترتكز على جانبين مهمين‪:‬‬
‫‪ ‬الحفاظ على الموارد الحيوية ذات الطبيعة االستراتيجية كموارد الطاقة للبالد‪.‬‬
‫‪ ‬يركز على التنمية االقتصادية والتي تعتبر ركيزة من ركائز األمن القومي بحيث أنها‬
‫تحدد مدى تقدم أو تخلف البالد حيث يقودنا إلى ظاهرة استقرار أو عدم االستقرار‬
‫النظام السياسي‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫‪ ‬يمكن إضافة قدرة الدولة على رسم سياساتها االقتصادية دون إمالءات خارجية‪.‬‬
‫و كتعريف إجرائي لألمن القومي‪:‬من أبرز توسع البحث في الدراسات األمنية رؤية‬
‫جديدة تفسر الواقع وهي‪:‬‬
‫‪ ‬الدولة مهما كان وضعها معرضة لمواجهة صعوبات لضمان األمن لديها اعتبارات‬
‫داخلية وخارجية‪.‬‬
‫‪ ‬إن التهديدات المسجلة متنوعة ومختلفة حسب المناطق وخصائصها‪.‬‬
‫‪ ‬إن إقرار األمن يحتاج إلى أبعاد اقتصاديةواجتماعية وبيئية وثقافية‪.‬‬
‫فاألمن هو عملية متكاملة تعني قدرة الدولة شعبا وحكومة وإقليما على حماية وتطوير‬
‫وتنمية قدراتها وإمكانياتها السياسية واالقتصادية واالجتماعية على كافة المستويات الخارجية‬
‫والداخلية من خالل كافة الوسائل واألساليب من أجل التغلب على نواحي الضعف وتطوير‬
‫نواحي القوة في إطار مفهوم أمني وطني شامل يضع في االعتبار ما يدور حول الدولة من‬
‫‪28‬‬
‫متغيرات داخلية‪ ،‬إقليمية ودولية التي تحفظ أمن الفرد والمجتمع‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مستويات األمن‬

‫‪25‬‬
‫‪-Hans Morgenthau,Politics among Nations the strangle for power and peace,6ed, New York: Macmillan grew‬‬
‫‪hill, 1993, p11.‬‬
‫‪ -‬بن صايم بونوار‪ ،‬مفهوم األمن‪ :‬دراسة في تاريخ التضمين السياسي للمفهوم‪ ،‬مجلة العلوم القانونية واإلدارية والسياسية‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫‪26‬‬

‫والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة تلمسان‪ ،‬الجزائر‪ ،2004 ،‬ص ‪.306‬‬


‫‪ -‬ميالد مفتاح الحراني ‪ ،‬تحديات األمن القومي في غرب المتوسط‪ :‬دراسة نقدية لألمن وتحديات البيئة األمنية وديناميكياتها في إقليم غرب‬
‫‪27‬‬

‫المتوسط‪ ،‬السليمانية‪ :‬مركز كردستان للدراسات اإلستراتجية‪ ،2013،‬ص ‪.24‬‬


‫‪ -‬سفيان طبوش‪ ،‬الشراكة األورو متوسطية في ظل التحديات األمنية الراهنة‪ ،‬عمان‪ :‬دار األيام للنشر والتوزيع‪ ،2019 ،‬ص‪.28‬‬
‫‪28‬‬

‫‪17‬‬
‫األمن الوطني الجزائري‪ :‬مقاربة مفاهيمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫لقد أحدثت مرحلة ما بعد الحرب الباردة تغيرات في بنية وفواعل النظام الدولي فرضت‬
‫إعادة النظر في بعض المفاهيم والتي أصبحت غير قادرة على تفسير الواقع الدولي في تلك‬
‫المرحلة‪ ،‬و يغير مفهوم األمن أخذ هذه المفاهيم فنظرا لتشكيكات العديدة بين الجوانب‬
‫االقتصادية‪ ،‬السياسية‪ ،‬االجتماعية والعسكرية جعل التعامل معها كمصادر تهديد محتملة وال‬
‫نفس األدوات و الطريقة‪ ،‬فالمخاطر التي تمس السيادة الوطنية يتم التعامل معها من طرف‬
‫الدولة المعنية‪ ،‬كما أن هناك مخاطر تستدعي تكافل المجتمع الدولي كامال‪.‬‬
‫من خالل هذا توجد عدة مستويات لألمن‪:‬األمن الوطني‪ ،‬اإلقليمي والدولي‪.‬‬
‫أوال‪ :‬األمن الوطني‬
‫ال تعتبر قضية األمن الوطني قضية جديدة في مضمونها وجوهرها‪ ،‬وقد استخدم هذا‬
‫المصطلح الذي ظهر مع ظهور الدولة القومية الحديثة‪.29‬ويتمحور المستوى الوطني لألمن‬
‫باألساس على مجموع األخطار الداخلية والخارجية والتي تمس الكيان الداخلي للدولة‪.‬‬
‫ويعرفه أمين هويدي‪ :‬األمن القومي ألي دولة هو عبارة عن اإلجراءات التي تتخذها‬
‫الدولة في حدود طاقتها‪ ،‬للحفاظ على كيانها ومصالحها في الحاضر والمستقبل‪ ،‬مع مراعاة‬
‫المتغيرات اإلقليمية والدولية‪30.‬ويتمحور المستوى الوطني لألمن باألساس على مجموعة‬
‫األخطار الداخلية والخارجية التي تمس كيان الداخلي للدولة‪.‬‬
‫فعلى المستوى الداخلي يقصد باألمن الحفاظ على البنية الداخلية للدولة من أجل مكافحة‬
‫أي نوع من أنواع التغيير العنيف والذي يمس باستقرار المجتمع عبر طرق غير شرعية‪،‬‬
‫وكذلك توفير وحشد كافة اإلمكانيات من أجل الحفاظ على الوضع القائم الذي يخدم المجتمع‬
‫‪31‬‬
‫واألفراد‪.‬‬
‫فاألمن في مستواه الوطني يتركز حول ركيزتين اثنتين األولى تتعلق بالسلطة والتي‬
‫بدورها تلعب دورين‪،‬الدور األول يتمثل في توفيرها لجميع متطلبات أفراد المجتمع ووضع‬
‫كافة الطاقات من أجل تحقيق األمن لهم‪ ،‬أما الدور الثاني فيركز حول مدى قدرة الدولة في‬
‫التحكم والسيطرة في جملة من التفاعالت التي تحدث في البيئة الداخلية للمجتمع‪.‬‬
‫والمقصود هنا أنه على الدولة أن تتمتع بالقدرة على التغلغل داخل المجتمع من خالل‬
‫تحديد جميع الظواهر التي قد تتسبب في حاالت من الالأمن مثال‪ :‬فرضها احترام جميع‬
‫القوانين و القواعد الوضعية من طرف كل الفاعلين السياسيين داخل المجتمع‪،‬وعدم التسامح‬
‫مع من ال يحترمها من خالل تسليط العقوبات المستحقة ألن أي تساهل أو تخاذل من طرف‬
‫السلطة اتجاه خروقات من طرف جهات سياسية معارضة أو غير معارضة قد يعرض األمن‬
‫الوطني للتهديد‪ ،‬وهذا ال يعني أن تقف السلطة والدولة عائقا في وجه حرية التعبير‪ ،‬بل يجب‬
‫هنا مراعاة رأي األغلبية من خالل وضع بدائل وقرارات يفترض أنها تكون في صالح أو‬

‫‪ -‬محمد سعد أبو عامود‪ ،‬العلوم السياسية في إطار الكونية‪ ،‬اإلسكندرية‪ :‬المكتب الجامعي الحديث‪ ،2005 ،‬ص ‪.101‬‬
‫‪29‬‬

‫‪-‬أمين هويدي‪ ،‬أزمة األمن القومي العربي‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الشروق‪ ،1991 ،‬ص ‪.28‬‬
‫‪30‬‬

‫‪ -‬قريب بالل‪ ،‬السياسة األمنية لالتحاد األوروبي من منظور أقطابه‪-‬التحديات والرهانات‪ ،-‬مذكرة ماجستير في العلومالسياسية‪ ،‬تخصص‬
‫‪31‬‬

‫دبلوماسية وعالقات دولية‪ ،‬جامعة الحاج لخضر‪ ،‬باتنة‪ ،2011،‬ص ‪.27‬‬

‫‪18‬‬
‫األمن الوطني الجزائري‪ :‬مقاربة مفاهيمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫متالئمة مع طلب األغلبية من أفراد المجتمع‪،‬فسياسة األمن الوطني عبارة عن إطار يستخدم‬
‫‪32‬‬
‫لبيان كيفية قيام بلد ما بتوفير األمن لكل الدولة والمواطنين‪.‬‬
‫وموضوع األمن الوطني كان وال يزال الشغل الشاغل لمختلف النظم السياسية سواء تم‬
‫تناوله باسم الدفاع أو السيادة أو المصلحة القومية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬األمن اإلقليمي‬
‫يرتبط هذا المستوى بعالقة الدولة بالدول المجاورة لها في نفس اإلقليم الجغرافي‪ ،‬وهو‬
‫ما يطلق عليه النظام األمني اإلقليمي‪ ،33‬ويؤثر هذا المستوى تأثيرا مباشرا على األمن‬
‫القومي للدولة‪ ،‬لذلك تولي الدولة أهمية خاصة من أجل إقامة عالقات جيدة مع جيرانها من‬
‫خالل اتفاقيات ثنائية أو متعددة األطراف قد تتطور إلى إنشاء منظمة إقليمية تهدف إلى تحقيق‬
‫األمن والمصالح المشتركة لهذه الدول‪.‬‬
‫واألمن اإلقليمي في أبسط معانيه هو "ما تعلق بأمن مجموعة من الدول المرتبطة‬
‫بعضها ببعض والذي يتعذر تحقيق أمن أي عنصر فيه خارج النظام اإلقليمي‪ 34.‬وقد ظهرت‬
‫أهمية هذا المستوى من األمن أثناء الحرب الباردة وارتبطارتباطا وثيقا بالمداخل االقتصادية‪،‬‬
‫وهناك من يرى أن األمن اإلقليمي عبارة عن سياسة لمجموعة من الدول تنتمي إلى إقليم‬
‫واحد تسعى للدخول في تنظيم وتعاون عسكري لمنع أي قوة أجنبية في هذا‬
‫اإلقليم‪35.‬ويفترض لقيام النظم اإلقليمية توفر مجموعة من الشروط نذكر منها‪:‬‬
‫الجوار الجغرافي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وجود دولة إقليمية مركزية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وجود إجماع قومي على األهداف العليا المشتركة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وجود هوية مشتركة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪36‬‬
‫وجود تفاعالت سياسية كثيفة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويرتبط مفهوم األمن اإلقليمي بصفة مباشرة بأمن الدولة وبمناطق أمن الدولة‪ ،‬هذه‬
‫األخيرة تعرف أنها تلك المناطق التي تؤثر بصفة مباشرة على مصالح الدولة واستقرارها‬
‫السياسي واألمني ويمكن تحديد ثالث معايير أساسية مرتبطة بمناطق أمن الدولة‪:‬‬
‫‪ ‬المعيار الجيوبولتيكي وما ينتج عنه من تفاعالت بينية نتيجة المصالح واألهداف‬
‫المتضاربة‪ ،‬قد ينتج عنها عالقات إيجابية أو سلبية بين األطراف اإلقليمية‪.‬‬
‫‪ ‬المعيار السياسي ويرتبط أساسا بالعقيدة السياسية التي تتبناها الدولة وما ينجر عنها‬
‫من عالقات ترابطية مع القيم واألفكار السائدة في إقليم معين‪.‬‬

‫‪ -‬قريب بالل‪ ،‬مرجع سابق‪.28،‬‬


‫‪32‬‬

‫‪ -‬ممدوح شوقي‪ ،‬مصطفى كامل‪ ،‬األمن القومي واألمن الجماعي الدولي‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار النهضة العربية للنشر والتوزيع‪ ،1985 ،‬ص ‪.44‬‬
‫‪33‬‬

‫‪ -‬جميل مطر‪ ،‬علي الدين هالل‪ ،‬النظام اإلقليمي العربي‪ :‬دراسة في العالقات السياسية العربية‪ ،‬ط‪ ،6‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪،‬‬
‫‪34‬‬

‫‪ ،1999،‬ص‪.269‬‬
‫‪ -‬محمد صالح سالم‪ ،‬العراق ماذا جرى‪ :‬واحتماالت المستقبل‪ ،‬مصر‪ :‬عين الدراسات والبحوث اإلنسانية واالجتماعية‪ ،2003 ،‬ص‪.140‬‬
‫‪35‬‬

‫‪ -‬خير الدين العايب‪ ،‬األمن في حدود البحر األبيض المتوسط في نقل التحوالت الدولية الجديدة‪ ،‬مذكرة الماجستير‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬قسم العلوم‬
‫‪36‬‬

‫السياسية‪ ،1995 ،‬ص ‪.27‬‬

‫‪19‬‬
‫األمن الوطني الجزائري‪ :‬مقاربة مفاهيمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ ‬معيار القوة ويقصد به قوة الدولة خصوصا من الناحية السياسية والدبلوماسية‪،‬‬


‫‪37‬‬
‫وقدرتها على حل النزاعات اإلقليمية بالطرق السلمية المرضية‪.‬‬
‫بذلك يمكن القول بأن األمن اإلقليمي عبارة عن سياسات دول ذات إقليم مشترك تتجه‬
‫إلى التعاون العسكري واألمني لتوفير األمن لهذا اإلقليم ضد القوى المتدخلة والقوى األجنبية‬
‫في إطار من التكامل والتنسيق على مستويات مختلفة‪.‬‬

‫ثالثا‪:‬األمن الدولي‬
‫يعتبر األمن الدولي أكبر و أوسع وحدة تحليل في الدراسات األمنية‪ ،‬كونه مرتبطا أمن‬
‫كل دولة عضو في النسق الدولي‪ ،‬الذي هو عبارة عن مجموعة من الوحدات المترابطة‬
‫نمطيا من خالل عملية التفاعل‪ ،‬فالنسق يتميز بالترابط بين وحداته كما أن التفاعل يتسم‬
‫بالنمطية على نحو يمكن مالحظته وتفسيره والتنبؤ به‪ 38.‬وتحقيق األمن الدولي يتطلب آليات‬
‫عمل جماعية من بينها نظام األمن الجماعي الذي ظهر مع االنفتاح الذي ميز النظام الدولي‬
‫منذ نهاية الحرب العالمية األولى كبديل عن نظام توازن القوى‪ ،‬وكان أول تطبيق له في ظل‬
‫عصبة األمم المتحدة ثم في إطار هيئة األمم المتحدة لمنع نشوب الحروب واحتوائها والتركيز‬
‫على الوسائل واألساليب السلمية لحل النزاعات بين الدول‪.‬‬
‫ف األمن الدولي هو الذي تتواله المنظمات الدولية منها الجمعية العامة لألمم المتحدة أو‬
‫‪39‬‬
‫مجلس األمن الدولي ودورها في الحفاظ على األمن والسلم الدوليين‪.‬‬
‫فنظام األمن الدولي ليس معناه أنه ال توجد تناقضات في مصالح وسياسات الدول‪،‬‬
‫ولكنه يستنكر استخدام القوة بمفهومها التقليدي لحل التناقضات بين وحدات النظام الدولي‪،‬‬
‫وبالتالي فمفهوم األمن الدولي يتلخص في فكرة العمل من أجل المحافظة على السلم واألمن‬
‫الدوليين من خالل الجهود المشتركة بين دول العالم وهي فكرة تتكون من شقين شق وقائي‬
‫يتمثل في إجراءات وقائية تحول دون وقوع العدوان‪ ،‬وشق عالجي يتمثل في إجراءات‬
‫‪40‬‬
‫الحقة في حالة وقوع العدوان مثل إيقافه وعقاب المعتدين‪.‬‬
‫وهناك اتجاهات تعتقد أنه لتحقيق األمن الدولي البد أن يكون هناك ترابط بين األمن‬
‫القومي‪ ،‬اإلقليمي والدولي‪.‬‬
‫فاألمن يضع في االعتبار ما يدور حول الدولة من متغيرات داخلية وإقليمية ودولية‬
‫التي تحفظ أمن الفرد والمجتمع‪ ،‬ولحماية قدرات الدولة وتأمينها يتعامل األمن مع أربعة أبعاد‬
‫أساسية‪:‬‬

‫‪ -‬رداف طارق‪ ،‬االتحاد األوروبي من استراتيجيات الدفاع في إطار الناتو إلى الهوية األمنية األوروبية المشتركة‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬جامعة‬
‫‪37‬‬

‫قسنطينة‪ ،‬قسم العلوم السياسية‪ ،2005 ،‬ص‪.24‬‬


‫‪ -‬محمد نبيل فؤاد‪ ،‬حلف الشمال األطلسي(الناتو)‪ :‬النظام العالمي األحادي ومشروع الشرق األوسط الكبير‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الجمهورية للصحافة‪،‬‬
‫‪38‬‬

‫‪ ،2007‬ص ‪.15‬‬
‫‪ -‬محمد حسين هيكل‪ ،‬الزمن األمريكي‪ :‬من نيويورك إلى كابول‪ ،‬ط‪ ،4‬القاهرة‪ :‬الشركة المصرية للنشر‪ ،2003 ،‬ص ‪.205‬‬
‫‪39‬‬

‫‪-‬زايد عبيد هللا مصباح‪ ،‬السياسة الدولية بين النظرية والممارسة‪ ،‬ليبيا‪ :‬دار الرواد‪ ،2002 ،‬ص ‪.204‬‬
‫‪40‬‬

‫‪20‬‬
‫األمن الوطني الجزائري‪ :‬مقاربة مفاهيمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ ‬االستباق ‪ :‬أي التعامل مع الحركيات المنتجة لألسباب التهديد فتحدث معالجة استباقية‬
‫تحول دون ظهور أسباب التهديد‪.‬‬
‫‪ ‬الوقاية‪ :‬التعامل مع أسباب التهديد التي من شأنها أن تحول دون ظهور التهديد‪.‬‬
‫‪ ‬الحماية‪ :‬وذلك من خالل التعامل مع التهديدات ومحاولة حصرها ولقضاء عليها‪.‬‬
‫‪ ‬التعزيز‪ :‬وذلك من خالل خلق آليات وسياسات وسلوكات التي من شأنها أن تمنع‬
‫التهديد من التأثير العميق على أمن الدولة‪ ،‬وهذا مرتبط بوجود عقيدة أمنية واضحة المعالم‬
‫حيث تؤدي إلى أفعال ال ردود أفعال‪ ،‬وذلك من خالل االستثمار في أدوات األمن سواء‬
‫داخليا(عسكري‪ ،‬اقتصادي‪ ،‬سياسي‪ ،‬اجتماعي‪ ،‬ثقافي‪ ،‬تكنولوجي‪ ،)..‬أو خارجيا (الدبلوماسي‬
‫و الجندي) حيث يجعل الدولة قادرة على مجابهة التهديدات الجديدة أو الطارئة والمفاجئة‪،‬‬
‫وهذا باالعتماد على ركيزتين األولى من خالل إدراك القادة لمختلف التهديدات والثانية تحقيق‬
‫‪41‬‬
‫تنمية شاملة باستراتيجية واضحة‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬المستوى الفردي‬
‫هناك العديد من التشريعات الدولية التي تختص باألفراد مثل ما ورد في ميثاق األمم‬
‫المتحدة من تأكيد على الحقوق األساسية لإلنسان‪ ،‬التي تعززت باإلعالن العالمي لحقوق‬
‫اإلنسان سنة ‪ ،1948‬وكذلك اتفاقيات جنيف األربعة لعام ‪ ،1949‬لحماية األفراد في‬
‫الصراعات المسلحة و إدانة العنصرية‪ ،‬كما أن القانون الجنائي الدولي يعد من أهم ضمانات‬
‫‪42‬‬
‫حقوق اإلنسان والجماعات‪.‬‬
‫و قد توالت المبادرات لطرح مفهوم األمن اإلنساني‪ ،‬إال أنه لم يكن لها صدى كبير في‬
‫طرح المفهوم على أجندة العالقات الدولية ففي عام ‪ 1966‬ظهرت نظرية سيكولوجية كندية‬
‫باسم "األمن الفردي"ومع بداية السبعينات بدأت تظهر مجموعة من التقارير لبعض اللجان‬
‫ومنها جماعة نادي روما‪ ،‬اللجنة المستقلة للتنمية الدولية‪ ،‬اللجنة المستقلة لنزع السالح‬
‫والقضايا األمنية‪ ،‬وقد أكدت تلك اللجان على أهمية تحقيق أمن الفرد وضرورة دفع االهتمام‬
‫‪43‬‬
‫نحو مشاكله‪.‬‬
‫وفي أعقاب انتهاء الحرب الباردة وما صاحبها من تحوالت في البيئة األمنية الدولية‪،‬‬
‫وظهور نوع جديد من التهديدات تستهدف الفرد بدرجة كبيرة (النزاعات العرقية‪ ،‬اإلرهاب‪،‬‬
‫الفقر‪ ،‬األوبئة واألمراض و المجاعة‪ ،)...‬أصبحت هناك ضرورة للتوظيف السياسي لمفهوم‬
‫األمن اإلنساني‪ ،‬الذي جوهره الفرد‪ ،‬ويعني بالتخلص من كافة التهديدات المختلفة حتى يشعر‬
‫ذلك الفرد بالطمأنينة واالستقرار‪ ،‬وكان أول استعمال رسمي لمفهوم األمن اإلنساني سنة‬
‫‪44‬‬
‫‪ 1994‬في تقرير التنمية البشرية الصادر عن برنامج األمم المتحدة اإلنمائي‪.‬‬

‫‪ -‬سفيان طبوش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.33‬‬


‫‪41‬‬

‫‪ -‬لخميسي شيبي‪ ،‬األمن الدولي والعالقة بين منظمة حلف الشمال األطلسي والدول العربية فترة ما بعد الحرب الباردة ‪،2008-1991‬‬
‫‪42‬‬

‫القاهرة‪ :‬المكتبة العصرية للنشر والتوزيع‪ ،2010 ،‬ص ‪.18‬‬


‫‪ -‬جمال منصر‪" ،‬تحوالت في مفهوم األمن ‪...‬من الوطني إلى اإلنساني"‪،‬الملتقى الدولي‪ :‬الجزائر واألمن في المتوسط‪ :‬واقع وأفاق‪ ،‬جامعة‬
‫‪43‬‬

‫منتوري قسنطينة‪ ،2008 ،‬ص ‪.299‬‬


‫‪-Jean François Rioux، Raoul-DandurandColl، «La sécurité humaine. Une nouvelle conception des relations‬‬
‫‪44‬‬

‫‪internationales », Montréal, Chaire Raoul Dandurand en études stratégiques et diplomatiques, 2001 :‬‬
‫‪Etudesinternationales, Québec : Institut québécois des hautes études internationales, Vol 34, N 2, juin 2003, p‬‬
‫‪21.‬‬

‫‪21‬‬
‫األمن الوطني الجزائري‪ :‬مقاربة مفاهيمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وأمن األفراد يقصد به صون كرامتهم وتلبية حاجياتهم المادية والمعنوية وتحسين‬
‫نوعية حياتهم حتى يحققون رفاهية العيش‪ ،‬فالتهديد العسكري لم يعد الخطر الوحيد المتربص‬
‫باإلنسان‪ ،‬فالحرمان االقتصادي وعدم وجود ضمانات كافية لحقوق اإلنسان األساسية‪،‬‬
‫والعيش الكريم أصبحت من أهم التهديدات التي يتعرض لها األفراد‪ ،‬ومن أجل تحقيق أمنهم‬
‫اإلنساني البد من تحقيق التنمية االقتصادية المستدامة وصون حقوق اإلنسان وحرياته والحكم‬
‫الرشيد والمساواة االجتماعية وسيادة القانون‪.‬‬
‫هذا ما حاول توضيحه األمين العام السابق لألمم المتحدة "كوفي عنان" من خالل‬
‫تعريفه الشامل لألمن اإلنساني‪ ،‬حيث يقول‪:‬‬
‫"أبعد من غياب العنف المسلح‪ ،‬فهو يشمل على حقوق اإلنسان والحكم الرشيد والحق‬
‫في الحصول على فرص التعليم والرعاية الصحية والتأكيد على أن الفرد لديه الفرصة‬
‫والقدرة لبلوغ احتياجاته الخاصة‪ ،‬وكل خطوة في هذا االتجاههي أيضا خطوة نحو تقليل‬
‫الفقر‪ ،‬وتحقيق النمو االقتصادي ومنع النزاعات فتحقيق التحرر من الخوف وحرية األجيال‬
‫القادمة في أن ترث بيئة طبيعية وصحية‪ ،‬هذه هي األركان المترابطة لتحقيق األمن اإلنساني‬
‫‪45‬‬
‫ومن ثمة األمن القومي‪".‬‬
‫إن االنتقال من المستوى الوطني إلى المستوى الفردي في تحليل مسألة األمن هو من‬
‫إسهامات المدرسة النقدية في الدراسات األمنية‪ ،‬حيث يتم االنتقال من األمن كمفهوم يقوم‬
‫على أساس بقاء الدول إلى مفهوم يقوم على أساس األفراد والشعوب‪ 46،‬فقد تكون الدولة أمنة‬
‫على صعيد التهديدات الخارجية لكن مواطنيها غير أمنين‪ ،‬بل قد تكون الدولة ذاتها مصدرا‬
‫للقلق والتهديد بالنسبة لمواطنيها جراء سياسة هذه األخيرة الداخلية والخارجية‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬المقاربات النظرية لألمن القومي‬
‫لقد شكل مفهوم األمن موضوعا مركزيا في الدراسات التقليدية وحتى المعاصرة‪ ،‬وذلك‬
‫يرجع إلى تعقيد المفهوم وشموليته‪ ،‬فاألمن من المسائل الشائكة التي كانت وال تزال مصدر‬
‫نقاش وجدل واسع على مستوى أفكار وآراء منظري السياسة الدولية‪ .‬فقد تشكلت حوارات‬
‫نظرية في إطار هذه النقاشات وكانت أولها بين المدرستين المثالية والواقعية خالل فترة ما‬
‫بين الحربين العالمتين‪ ،‬فالمثاليون انطلقوا في تفسيرهم لألمن على مقاربة أخالقية وقانونية‬
‫التي تنطلق من الطبيعة الخيرة والتي تهدف إلى األمن الجماعي‪ ،‬إال أن فشل نظام عصبة‬
‫األمم و قيام الحرب العالمية الثانية أثبت قصور الطرح المثالي‪ 47.‬أما الواقعيون فقد قدموا‬
‫طرحا مخالفا إال أنه أقرب لتفسير حالة الصراع حتى فترة الحرب الباردة‪ ،‬حيث أكد‬
‫الواقعيون على أن صفة الصراع والحرب هي صفة مالزمة للعالقة بين الوحدات األساسية‬
‫و هي الدول‪ ،‬فمحددات التفاعالت في النظام الدولي في فترة الحرب الباردة هي مصطلحات‬
‫واقعية صرفة‪ ،‬فقد سادت مفاهيم واعتبارات تمجد استخدام القوة(الردع‪ ،‬الحرب النووية‪،)..‬‬
‫وقد عرف االتجاه التقليدي أيضا إسهامات النظرية الليبرالية‪ ،‬ومع نهاية الحرب الباردة‪،‬‬

‫‪ -‬عبد النور بن عنتر‪" ،‬تطور مفهوم األمن في العالقات الدولية"‪ ،‬السياسة الدولية‪ ،‬القاهرة‪ :‬مركز األهرام للدراسات االستراتيجية‪ ،‬ع ‪،160‬‬
‫‪45‬‬

‫‪ ،2005‬ص‪.20‬‬
‫‪ -‬وليد عبد الحي‪ ،‬تحول المسلمات في النظرية العالقات الدولية‪ ،‬الجزائر‪ :‬مؤسسة الشروق لإلعالم والنشر‪ ،1994 ،‬ص ‪.118-117‬‬
‫‪46‬‬

‫‪ -‬مارتن غيفيش وتيري أوكالهان‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.78‬‬


‫‪47‬‬

‫‪22‬‬
‫األمن الوطني الجزائري‪ :‬مقاربة مفاهيمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ظهر الحوار الواقعي الليبرالي وبهذا شهد مفهوم األمن إشكاليات وقضايا جديدة كالتلوث‬
‫البيئي‪ ،‬الهجرة السرية‪ ،‬اإلرهاب والكوارث الطبيعية‪.‬‬
‫فمن أهم ما يميز الظاهرة األمنية المعاصرة هو أنها متعددة الحدود‪ ،‬ومصادر التهديد‬
‫األمني واسعة المجال‪ ،‬تغير في مضمون التهديدات األمنية التقليدية‪ ،‬وتغيير وزن أهميتها‪،‬‬
‫وظهور نوع جديد من التهديدات التي لم تكن موجودة سابقا أو كانت متخفية‪.‬‬
‫إن من تداعيات نهاية الحرب الباردة تميز الوالياتالمتحدة كقوة عالمية مهيمنة‪ ،‬وتفردها‬
‫في رسم السياسة العالمية‪ ،‬وظهر هذا األثر على المستوى التنظيري حيث بدى التغير‬
‫مستويين‪ ،‬فالمستوى التحول في وحدات العالقات الدولية حيث لم تعد الدولة الفاعل الوحيد‬
‫واألساسي نتيجة ظهور فواعل جديدة‪ ،‬والمستوى الثاني التحول في موضوعات العالقات‬
‫حيث نتج عنه غلبة المواضيع االقتصادية عن السياسية واالجتماعية‪ ،‬فمجمل هذه التحوالت‬
‫قادت إلى ظهور مقاربات ونظريات تتفادى القصور المنهجي والفكري للنظريات التقليدية‪.‬‬
‫فظهرت النظرية البنائية التي تعتمد على الهويات واألفكار والعوامل الثقافية في تفسير‬
‫الظاهرة األمنية‪ ،‬ويعتبر ألكسندر وانت أب البنائية‪ 48.‬والنظرية النقدية االجتماعية التي تركز‬
‫على رؤية تحررية إنسانية من أنصارها روبرت كوكس‪ .‬باإلضافة إلى االتجاه التوسعي‬
‫لمفهوم األمن الذي تمث له مدرسة كوبنهاجن‪ ،‬حيث أعطت أبعاد جديدة أبعاد جديدة غير األبعاد‬
‫العسكرية لألمن ليشمل وحدات من غير الدول‪.‬‬
‫وفيما يلي سنسلط الضوء على أهم النظريات المفسرة لألمن التقليدي والنظريات‬
‫المتضمنة األمن بمفهومه الجديد‪.‬‬
‫أوال‪ :‬المقاربة الواقعية‬
‫يركز الواقعيون في تحليلهم لمفهوم األمن على اعتبار أن الدولة هي الفاعل الوحيد في‬
‫العالقات الدولية وهذا ما يجعل مسالة توفير وضمان األمن هو من ضمن اختصاصات‬
‫وصالحيات الدول دون غيرها من الفواعل األخرى‪.‬‬

‫‪ ‬األسس النظرية للواقعية‬


‫اعتبار السياسة الدولية هي موضوع للصراع والحرب من أجل القوة‪،49‬أو الدول‬
‫تتصارع بسبب تناقض في المصالح‪ ،‬فالقوة حسب مورغانتو هي الهدف في تفاعل الدول فيما‬
‫بينها والتالي مهما كان شكل العالقات الدولية فالقوة هي المحدد لها‪.‬‬

‫‪-‬عبد الحي وليد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.449‬‬


‫‪48‬‬

‫‪ -‬جيمس دوروثي‪ ،‬روبرت بلتسغراف‪ ،‬النظريات المتضاربة في العالقات الدولية‪ ،‬تر‪ :‬وليد عبد الحي‪ ،‬بيروت‪ :‬المؤسسة الجامعية للدراسات‬
‫‪49‬‬

‫والنشر‪،1986 ،‬‬

‫‪23‬‬
‫األمن الوطني الجزائري‪ :‬مقاربة مفاهيمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫يرى مورغانتو أن المصلحة هي جوهر السياسة الدولية‪ ،‬حيث اتخذ المصلحة وحدة‬
‫التحليل لسلوك الدول‪ ،‬فالدول ال تتصرف في البيئة الدولية إال بالرجوع إلى مصلحتها‬
‫الوطنية‪ ،‬فهناك دول مصلحتها تتجسد في قضايا األمن والسيادة وتحقيق االستقرار‪ ،‬وهناك‬
‫‪50‬‬
‫دول تجاوزت هذا األمر وأصبحت مصلحتها تدور حول الهيمنة والنفوذ‪.‬‬
‫كما يرى ريمون أرون أن طبيعة العالقات الدولية هي التي تعطي للفاعلين الحق‬
‫الشرعي والعادل الستعمال القوة والعنف وهي الوحيدة ضمن العالقات االجتماعية السائدة‪.51‬‬
‫والدولة توجد في نظام دولي يتميز بالفوضى ويقصد بها عدم وجود انتظام أو تدرج في‬
‫السلطة على المستوى الدولي تهيكل القواعد قانونيةالتي تحمي الدول من اعتداءات‬
‫الخارجية‪ ،‬فإن الدول مضطرة لالعتماد على نفسها باستعمال كل الطرق بما فيها القوة‬
‫‪52‬‬
‫العسكرية من أجل الحفاظ على بقائها‪.‬‬
‫يدرك الواقعيون أن السياسة هي محصلة الصراع من أجل الهيمنة والقوة والمصلحة‬
‫القومية بين الدول ذات السيادة‪ ،‬وبالنسبة للواقعيين فالقوة هي مجموع القدرات العسكرية‬
‫‪53‬‬
‫والتكنولوجية واالقتصادية وذلك لتجميع قدراتها حتى تفسر سلوكها الخارجي‪.‬‬
‫و منه نستنتج أن الواقعية تنطلق في تحليلها لمفهوم األمن على القوة في بعدها‬
‫العسكري‪ ،‬حيث ال يمكن الحديث عن المسألة األمنية دون القوة العسكرية‪ ،‬لقد سيطرت‬
‫المقاربة الواقعية التقليدية على تحليالت المتخصصين األمنيين في حصرها األمن في المجال‬
‫األمني فقط وباعتبار األمن مشتق من القوة‪ ،‬إن حصر التصور الواقعي لألمن في بقاء الدولة‬
‫أساسا واالعتداء المسلح المحتمل ضدها واختزال األمن في دفاع وحماية األمن موضوعا‬
‫للدراسات االستراتيجية والدفاعية وهذا ما جعله موضوعا متعلقا بالخبرة الواقعية وليس‬
‫نظريا‪.‬‬
‫وبسبب تنامي ما أحدثته الثورة السلوكية في مجال العلوم االجتماعية وزيادة‬
‫االنتقاداتالفتراضات الواقعية التقليدية ليبرز تيار تجديدي له رؤيا في تفسير واقع السياسة‬
‫الدولية و تسمى الواقعية الجديدة أو البنيوية‪ ،‬حيث يركز أنصار هذا التيار على أساس بنية‬
‫النظام الدولي و هذا ما جسده "كينث والتز" في قوله‪ ":‬نظرا لكون بنية النظام الدولي‬
‫فوضوية في كل أبعاده التنظيمية سواء سياسيا أو اقتصاديا واجتماعيا فإن البؤرة الطبيعية‬
‫لقضايا األمن هي وحدات وبما أن الدولة هي الوحدة المسيطرة فإن األمن القومي هو القضية‬
‫المركزية‪ ،‬فإن النظام الدولي ذو سيادة مهيكل سياسيا كنظام فوضوي‪ 54".‬وتفرض هذه البنية‬
‫الفوضوية المنافسة وظروف مبدأ كل لنفسه لوجود الدول وبدأ الحراك التوسعي على الصعيد‬
‫النظري بنشر 'باري بوزان' لكتابه الذي يناقش فيه فكرة توسيع مفهوم األمن إلى ما بعد‬
‫القطاع العسكري ليشمل القطاعات السياسية واالقتصادية والبيئية‪ ،‬ولكن رغم دعوة بوزان‬

‫‪-‬عامر مصباح‪ ،‬االتجاهات النظرية في العالقات الدولية‪ ،‬الجزائر‪ :‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،2006 ،‬ص ‪.163-162‬‬
‫‪50‬‬
‫‪51‬‬
‫‪-Jean Jaques Roches, Théories des Relations Internationales, éd 4, Paris : Montchrestien, 2001, p 23.‬‬
‫‪52‬‬
‫‪-Dario Batistella, Théories des relations Internationales, Paris : Presse de sciences politiques, 2003, p 306.‬‬

‫‪-‬مبروك غضبان‪ ،‬المدخل للعالقات الدولية‪ ،‬الجزائر‪ :‬شركة باتنسيت‪ ،2005 ،‬ص ‪.327‬‬
‫‪53‬‬

‫ستيف سميث‪ ،‬جون بيليس‪ ،‬عولمة السياسة العالمية‪ ،‬تر‪ :‬مركز الخليج لألبحاث‪ ،‬اإلمارات العربية المتحدة‪ :‬مركز الخليج لألبحاث‪،2004،‬‬
‫ص‪419‬‬
‫‪54‬‬

‫‪24‬‬
‫األمن الوطني الجزائري‪ :‬مقاربة مفاهيمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫التي تعتبر األكثر تنظيما لتوسيع مفهوم األمن إلى أنه ظل وفيا لنموذج مركزية الدولة عندما‬
‫رأى أن سباق الفوضوية يفرض علينا اعتبار الدولة هي المرجع الرئيسي لألمن‪ ،‬وبذلك كما‬
‫أشار "ستيف سميث"يكون قد اكتفى بتقديم تفسير واقعي جديد متطور لألمن‪ 55.‬وعليه‬
‫فالواقعيون الجدد بتيارهما الدفاعي والهجومي أبقوا على الدولة كمرجعية أولى في تحليالتهم‬
‫للدراسات األمنية‪ ،‬إال أنهم اختلفوا في كيفية تحقيق األمن فارتبط األمن عند الدفاعيين بالدفاع‬
‫وعند الهجوميين بزيادة القوة وتعظيمها‪ ،‬حيث استجمعت كل هذه المفاهيم في إطار الواقعية‬
‫الكالسيكيةوالجديدة‪.‬‬
‫ثانيا‪:‬النظرية الليبرالية والليبرالية الجديدة‬
‫لقد مثل الفكر الواقعي لعقود من الزمن المنهج المناسب لدراسة العالقات الدولية‪ ،‬حيث‬
‫انحصر مفهوم األمن في العنصر الدوالتي وبنيت عليه عدة نقاشات سادت تلك الفترة‪ ،‬ولكن‬
‫مع بداية التسعينات من القرن الماضي مع اجتهاد مجموعة من المنظرين في حقل الدراسات‬
‫األمنية ارتأوا أنه البد من إخراج هذا المفهوم إلى أبعد من النظرة الدوالتية‪ ،‬وتعتبر‬
‫الدراسات الرائدة لباري بوزان نقطة تحول في حقل الدراسات األمنية وذلك بتوسع دائرة‬
‫التهديدات ليتجاوز البعد العسكري الذي يعتبر العامل األساسي من وجهة نظر الواقعيين‪.‬‬
‫ولقد جاءت النظرية الليبرالية على أثر االنتقادات التي وجهت للطرح الواقعي‪ ،‬فالدولة‬
‫لديهم ليست الفاعل الوحيد في العالقات الدولية‪ ،‬بحيث يحدد مفهوم األمن اعتمادا على‬
‫عوامل وأبعاد اقتصاديةومؤسساتية من شأنها تقليل المخاطر وتوفير الجو المالئم لنشاط‬
‫فواعل ومؤسسات ضمن وعبر الدول‪56.‬وقد وضع الفيلسوف األلماني إيمانويل كانط أسس‬
‫هذا التصور في القرن ‪18‬م عندما اقترح إنشاء فيدرالية تضم دول العالم حيث تتكتل غالبية‬
‫الدول األعضاء لمعاقبة أي دولة تعتدي على دولة أخرى‪ 57.‬هذا يعني أن الدول األعضاء في‬
‫منظومة األمن الجماعي تتعاون مع بعضها البعض ضد أي دولة تسعى لتحقيق مصالح‬
‫ضيقة‪ ،‬وهي نفس الفكرة التي استند إليها الرئيس األمريكي "ويلسون" في تصوره العالم‬
‫يسوده السالم‪ .‬وهو الذي قرر إنشاء عصبة األمم لحل النزاعات في العالم وتحقيق السلم‬
‫واألمن الدوليين‪.‬ويرى فوكوياما أن أفضل فرصة لوضع حد للحرب تقع على مدى انتشار‬
‫الليبرالية الديمقراطية ألن هذه الدول ال تميل إلى استخدام القوة في حل خالفاتها مع بعضها‬
‫البعض مما يؤهل الليبرالية الديمقراطية ألن تكون أفضل عملية في بناء السالم وأنها تمثل‬
‫‪58‬‬
‫نقطة النهاية في التطور اإليديولوجي لإلنسانية‪.‬‬
‫ويمكن تلخيص الفكر الليبرالي في النقاط اآلتية والتي من خاللها يمكن فهم ورصد‬
‫المقاربات األمنية وفق هذا المنظور ونذكر‪:‬‬

‫‪ -‬سيد أحمد قوجيلي‪ ،‬تطور الدراسات األمنية "معضلة التطبيق في العالم العربي"‪ ،‬اإلمارات العربية المتحدة‪ :‬مركز اإلمارات للدراسات‬
‫‪55‬‬

‫والبحوث االستراتيجية‪ ،2012،‬ص‪.22‬‬


‫‪ -‬عالق جميلة‪ ،‬ويفي خيرة‪ ،‬مفهوم األمن بين الطرح التقليدي واألطروحات النقدية الجديدة‪ ،‬مداخلة في ملتقى دولي‪ ،‬الجزائر واألمن في‬
‫‪56‬‬

‫المتوسط واقع وأفاق‪ ،‬جامعة قسنطينة‪ ،2008 ،‬ص ‪.08‬‬


‫‪ -‬تباني وهيبة‪ ،‬األمن المتوسطي في استراتيجية الحلف األطلسي دراسة حالة‪ :‬ظاهرة اإلرهاب‪ ،‬مذكرة ماجستير في العلوم السياسية‪ ،‬تخصص‬
‫‪57‬‬

‫دراسات متوسطية ومغاربية‪ ،‬األمن والتعاون‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم العلوم السياسية‪ ،‬مدرسة الدكتوراه في‬
‫القانون والعلوم السياسية‪ ،2014 ،‬ص‪.34‬‬
‫‪58‬‬
‫‪-Scott Burchill,Liberalism in Scott Burchill and others, Theories of international relations, 3ed, New‬‬
‫‪York,Palgrave Macmillan, 2005, p 56.‬‬

‫‪25‬‬
‫األمن الوطني الجزائري‪ :‬مقاربة مفاهيمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫يكون التعاون بين الدول يكون بإنشاء مؤسسات ومنظمات تعمل على تحقيق التعاون‬ ‫‪‬‬
‫واألمن وتقليص حدة التهديدات‪.‬‬
‫إتباع منطق التعاون والتقارب ومحاولة إيجاد قواسم وقيم مشتركة بين الدول‪ ،‬يمكن‬ ‫‪‬‬
‫‪59‬‬
‫تقليص حدة النزاعات بينها‪.‬‬
‫نشر القيم الديمقراطية وتقليص العامل العسكري‪ ،‬وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى‬ ‫‪‬‬
‫زيادة األمن الدولي‪.‬‬
‫نشر القيم الليبرالية وحرية التجارة وذلك بفتح الحدود والتبادل الحر وتطوير شبكة‬ ‫‪‬‬
‫رأس المال فوق القومي‪ ،‬هذا التداخل الذي سيؤدي إلى ارتباط المصالح االقتصادية‬
‫‪60‬‬
‫والذي يؤدي بدوره إلى تحقيق األمن والرفاهية لجميع الفاعلين في النظام الدولي‪.‬‬
‫يعتبر األمن الجماعي والسالم الديمقراطي من أهم التصورات الليبراليين لألمن‪ ،‬إذ‬
‫يستبدلون مفهوم األمن القومي بمفهوم أخر وهو األمن الجماعي‪ ،‬عبر إنشاء منظمات‬
‫ومؤسسات دولية وإقليمية تلعب دورا مساعدا في تحقيق األمن واالستقرار بطريقة تعاونية‬
‫وتبادلية بين الدول‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬مدرسة كوبنهاجن (القطاعات الجديدة لألمن)‪.‬‬
‫إن تجديد الدراسات األمنية الذي انفرد به باري بوزان ينطلق من عدم اقتناع‪ ،‬وكذا‬
‫الحاجة إلى تكييف النظرية مع حقيقة وواقع العالم المعاصر فتحول هذا اإلنفراد إلى عمل‬
‫إبداع واستحواذ‪ ،‬حيث مهدا الطريق للدراسات النقدية لألمن بداية من ثمانينات القرن‬
‫الماضي‪ ،‬كون االنطولوجيا الموسعة لألمن أصبحت ال مناص منها‪ ،‬حيث أن فكرة بقاء‬
‫الدولة لم تعد مبنية على تهديد الفواعل العسكرية‪ ،‬لكن أصبح لزاما إدماج اعتبارات أخرى‬
‫‪61‬‬
‫اقتصادية‪ ،‬سياسية‪ ،‬بيئية ومجتمعية‪.‬‬
‫كما ساهم باري بوزان في توسيع م فهوم األمن ضمن مدرسة كوبنهاجن وأبحاثها في‬
‫السالم والتي يعتبرها الكثير من المحللين نتاج "اندماج نظري نادر"بينما أطلقوا‬
‫عليه"المدرسةاإلنجليزية البنائية الواقعية والواقعية ما بعد البنيوية‪ ،‬المتأثرة إلى حد بعيد‬
‫‪62‬‬
‫بأعمال دريدا وكيسنجر‪.‬‬
‫فقد اشترك كل من "باري بوزان" و"أولي وايفر" في تأليف سلسلة من البحوث‬
‫النظرية طورا من خاللها برنامجا بحثيا في الدراسات األمنية فقد قدما مقاربتين نظريتين‬
‫إلعادة فهم األمن و الظواهر المتصلة‪ ،‬األولى كانت نتاجا جماعيا للمشروع المطور داخل‬
‫المعهد تحت إشراف بوزان وهو ما يعرف ب " األمن المجتمعي" فيما كانت الثانية متمثلة في‬

‫‪ -‬جهادة عودة‪ ،‬النظام الدولي‪ :‬نظريات وإشكاليات‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار الهدى للنشر والتوزيع‪ ،2005 ،‬ص ‪.191‬‬
‫‪59‬‬

‫‪ -‬رياض حمدوش‪ ،‬تطور مفهوم األمن والدراسات األمنية في منظورات العالقات الدولية‪،‬من أعمال الملتقى الدولي "الجزائر واألمن في‬
‫‪60‬‬

‫المتوسط "‪ ،‬جامعة قسنطينة‪ ،2008 ،‬ص ‪.276‬‬


‫‪-Salim Chena, « l’école de Copenhague en relation Internationales et la notion de sécurité sociétal », Une‬‬
‫‪61‬‬

‫‪théorie d’Huntington, N°4institutionalisation de la xénophobie en France, Mai 2008, Revue Alyson :‬‬
‫‪http//Reseau-terra.eu/article750.Hhl.‬‬
‫قسوم سليم‪،‬االتجاهات الجديدة في الدراسات األمنية في تطور مفهوم األمن عبر مناظرات العالقات الدولية‪ ،‬مذكرة ماجستير في العلوم‬
‫‪62‬‬

‫السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬تخصص ‪ :‬االستراتيجيات والمستقبليات‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2010 ،3‬ص ‪.106‬‬

‫‪26‬‬
‫األمن الوطني الجزائري‪ :‬مقاربة مفاهيمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفكرة التي قدمها أولي وايفر حول الفعل التواصلي لألمن أو ما أصبح يعرف بنظرية‬
‫األمننة‪.‬‬
‫فيعرف بوزان األمن المجتمعي‪":‬أنه االستمرارية ضمن الشروط المقبولة لتطور‬
‫األنماط التقليدية للغة والثقافة والهوية الدينية والقومية والعادات"‪،‬بمعنى قدرة المجتمع على‬
‫االستمرار في طابعه الجوهري في ظل الظروف المتغيرة والتهديدات المحتملة أو الفعلية‪،‬‬
‫فحسب بوزان إذن يصبح المجتمع أو الجماعات االجتماعية هي الطرف المعرض للتهديد‪.63‬‬
‫أ ما وايفر يرى أن األمننة هي إضفاء الطابع األمني‪ ،‬بحيث يرى أن تحديد المشكلة‬
‫األمنية هي الخطوة التأسيسية لحدوث األمننة من طرف الدولة وبشكل محدد من طرف‬
‫النخب أو أصحاب السلطة ولكن ورغم أن النخب دور محوري في تحديد المشكلة األمنية‪ ،‬إال‬
‫أن األمننة ال تتم إال بتدخل المجتمع الذي يعطيه وايفر أهمية من خالل اعتبارين هما‪:‬‬
‫‪ ‬تبنية األمن المجتمعي كإطار بديل لألمن القومي‪.‬‬
‫‪ ‬تبنية مفهوما لغويا لألمن يقوم على البناء الخطابي للفعل (حسب مقاربة بعد البنيوية)‪.‬‬
‫و من أهم ما جاءت به مدرسة كوبنهاجن في الدراسات األمنية هو تصورها الموسع‬
‫لألمن بحيث ال يقتصر فقط على الجانب العسكري أو السياسي‪ ،‬فهناك البعد االقتصادي‬
‫والبيئي واالجتماعي و الثقافي‪ ،‬حيث ال يمكن ألي من القطاعات أن تعبر عن المسألة األمنية‬
‫منفردة عن القطاعات ال تعمل في معزل عن بعضها البعض ويؤكد بوزان هذا بقوله" هذه‬
‫القطاعات ال تعمل في معزل عن بعضها البعض فكل واحدة منها تمثل نقطة مركزية في‬
‫‪64‬‬
‫اإلشكالية األمنية"‪.‬‬
‫‪ .1‬القطاع العسكري‬
‫يتميز هذا القطاع باستخدام اإلكراه والقوة المادية والوحدة المرجعية األساسية فيه هي‬
‫الدولة ذات السيادة ويدرس التهديدات التي تنشأ عن األفعال العسكرية التي تستهدف وجود‬
‫الدولة‪ .‬وكما يمكن أن تكون حماية بعض المبادئ والقيم موضوعات لسياسة أمنية تتطلب‬
‫‪65‬‬
‫استخدام أدوات العنف والقهر مثل محاربة اإلرهاب والتهريب‪...‬الخ‪.‬‬
‫و األمن العسكري يكمن في ميزتين هما قدرة الدولة العسكرية في الدفاع عن سياستها‬
‫والهجوم في نفس الوقت‪ ،‬وكذلك قدرة الدولة على التصور في إيجاد مدركات حول الوحدات‬
‫المحيطة بها‪ ،‬من حيث النوايا السياسية واألمنية فيما يخص نظام واستقرار الدول وكذا أنظمة‬
‫الحكم واإليديولوجيات واألفكار التي تستمد منها شرعيتها‪.66‬وفي هذا القطاع نجد أن ممثلي‬
‫الدولة من وزراء ومصالح أمن وقيادات عسكرية هم الفاعلون األساسيين الذين يعبرون عن‬
‫تصورات النظام السياسي لكيفية التعامل مع طبيعة التهديدات‪ ،‬والذين يتعاملون مع المسائل‬

‫سيد أحمد قوجيلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.27‬‬


‫‪63‬‬
‫‪64‬‬
‫‪-Barry Buzan, « New patterns of global security in the twenty first Century », International affairs, 1991, p‬‬
‫‪433.‬‬
‫‪ -‬ياسر األيوبي‪ ،‬النظرية العامة لألمن‪ :‬نحو علم االجتماع أمني‪ ،‬طرابلس‪ :‬المؤسسة الحديثة للكتاب‪ ،2008 ،‬ص ‪.149‬‬
‫‪65‬‬

‫‪ -‬محمد اليامين بن سعدون‪ ،‬الحوارات األمنية في المتوسط الغربي بعد نهاية الحرب الباردة‪ :‬دراسة حالة مجموعة‪،5+5‬مذكرة ماجستير في‬
‫‪66‬‬

‫العلوم السياسية والعالقات الدولية ‪ :‬تخصص دراسات متوسطية ومغاربية في التعاون واألمن‪ ،‬جامعة الحاج لخضر‪ ،‬باتنة‪ ،‬الجزائر‪،2012 ،‬‬
‫ص‪.285‬‬

‫‪27‬‬
‫األمن الوطني الجزائري‪ :‬مقاربة مفاهيمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫العسكرية والتنظيمات األمنية و يمكن لبعض الفواعل في القطاع العسكري‪ ،‬أن تؤثر على‬
‫ديناميكية هذا القطاع‪.‬‬
‫‪ .2‬القطاع السياسي‬
‫يمكن تقسيم هذا القطاع إلى بعدين البعد الداخلي للدولة وهذا من خالل حماية األفراد‬
‫والسهر على أمنهم و البعد الدولي من تفاعل الوحدات في الساحة الدولية فهذا األخير له تأثير‬
‫كبير على أمن الدولة وذلك بارتباطها بصورة وثيقة بالساحة الدولية التي تتميز‬
‫بالفوضى‪.‬فالتهديد السياسي قبل أن يكون واقعيا فهو إدراكي وحتى لو أصبحت فيما بعد‬
‫‪67‬‬
‫مهيكلة فهي يمكن أن تكون نتاج اختالف أيديولوجي أو ناتجةعن صراع‪.‬‬
‫وعليه فإن القطاع السياسي يدرس التهديدات التي تسبب أضرارا باالستقرار المؤسسات‬
‫التنظيمي للدول‪ ،‬أنظمة حكمها وشرعية اإليديولوجيات التي تتبناها‪.‬‬
‫‪ .3‬القطاع المجتمعي‬
‫يعتبر األمن المجتمعي أحد أهم القطاعات األمنية للنظام السياسي وفق ما جاءت به‬
‫مدرسة كوبنهاجن ويتمحور هذا القطاع أساسا حول استمرارية الحياة للدولة وللمجتمع‪ ،‬وذلك‬
‫في الحدود ا لذي تسود فيه عملية تطور اللغة والثقافة والمعتقدات الدينية والعادات والتقاليد‬
‫‪68‬‬
‫وكل مكتسبات الهوية القومية‪.‬‬
‫إن هذا التوسع في مفهوم األمن جعله يكتسي أهمية بالغة بعد نهاية الحرب الباردة في‬
‫ظل العالقة بين دول الشمال والجنوب الذي تسببه ظاهرة الهجرة والتصادم بين الثقافات‬
‫والهويات حيث اعتبرتها الدول المستقبلة من أهم المخاطر التي تهدد األمن المجتمعي لدولها‬
‫‪69‬‬
‫حيث أصبح مفهوم األمن المجتمعي مرادفا للبقاء الهويتي‪.‬‬
‫باإلضافة إلى التقارب الجغرافي فيرى بوزان‪":‬أنه إذا اجتمع خطر الهجرة وخطر‬
‫تصادم الثقافات أصبح من السهل وضع تصور لنوع من الحرب الباردة االجتماعية بين‬
‫المركز (الدول المستقبلة) وجزء من األطراف (دول المنبع)‪ ،70‬ويرى في نفس السياق‬
‫فرانسيس فوكوياما من خالل كتابه "نهاية التاريخ " إلى أن األوضاع غير المستقرة في العالم‬
‫الثالث ستتسبب في هجرات ضخمة من سكان العالم التاريخي إلى عالم ما بعد التاريخ‬
‫‪71‬‬
‫سيعاني –جراء ذلك‪-‬من متاعب جمة‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫‪-Mierry Balzac, Le Secteur Politiquo-Militaire dont la Sécurité : Définition secteurs et‬‬
‫‪niveauxd’analyses.popups.ulg.ac.be1374 vu : 12/04/2019.‬‬
‫‪-Barry Buzan،«Rethinking security after cold war «In cooperation and conflict»، Nordic journal‬‬
‫‪68‬‬

‫‪ofinternational studies، Vol 32، N1,1997، P17.‬‬


‫‪69‬‬
‫‪-Hélène Viau, «Le conceptualisation de la sécurité dans les théories réaliste et critique" : Quelque pistes de‬‬
‫‪réflexion sur la sécurité humaine et de sécurité globale’’, Aout 2018 sur : http//www.uqam.ca.‬‬
‫‪ -‬محمد عابد الجابري‪ ،‬قضايا في الفكر المعاصر‪ ،‬ط‪،3‬بيروت‪ :‬دراسات الوحدة العربية‪ ،2007 ،‬ص ‪.98‬‬
‫‪70‬‬

‫‪ -‬فرانسيس فوكوياما‪ ،‬نهاية التاريخ‪ ،‬تر‪ :‬حسين أحمد أمين‪ ،‬القاهرة‪ :‬مركز األهرام للترجمة والنشر‪ ،1993 ،‬ص ‪.243‬‬
‫‪71‬‬

‫‪28‬‬
‫األمن الوطني الجزائري‪ :‬مقاربة مفاهيمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬محددات األمن الوطني الجزائري‬


‫يقوم األمن الوطني الجزائري على مجموعة من المحددات الهيكلية والنسقية والتكيفية‪،‬‬
‫أما الهيكلية فهي مرتبطة بطبيعة الدولة ما بعد االستعمار بحدود شاسعة أكثر من ‪7000‬كلم‬
‫وغير متوافقة مع بعض دول الجوار‪ ،‬ورقعة جغرافية كبيرة وواسعة بتوزيع ديمغرافي‬
‫مضطرب وغير متوازن مما يصعب من بناء خارطة أمنية ثابتة المعالم أو قادرة عمليا على‬
‫حماية كل مكونات الدولة والمجتمع من كل أشكال التهديد الدولتي وغير الدولتي‪.‬‬
‫المطلب األول‪:‬المحددات الداخلية‬
‫تلعب العوامل الجغرافية لكل دولة من موقع ومساحة وتضاريس ومناخ دورا هاما في‬
‫التأثير على سياستها الداخلية والخارجية بشكل مباشر وغير مباشر‪ ،‬فالمباشر يكون من‬
‫خالل تحديد قدرة الدولة على تنفيذ سياساتها الخارجية‪ ،‬من ثم تحديد مركزها الدولي أما غير‬
‫المباشرة فيكون في تحديد نوعية الخيارات المتاحة للدولة عند صياغة سياستها الخارجية‪.‬‬
‫ولذلك نجد ما يميز الدولة التي تتمتع بموقع استراتيجي من خالل تحكمها في طريق‬
‫االتصال والمرور الدولي هي األكثر فعالية وتأثير في مجريات األحداث الدولية‪ ،‬أما الدولة‬
‫التي تقع في إقليم يتسم باألزمات السياسية والتوترات األمنية فتأثيرها يكون محدود‪ ،72‬فالدولة‬
‫التي تتمتع بمنافذ بحرية تتمتع بقوة تجارية وبقدرة حربية من الدفاع والهجوم‪ 73،‬ومن أهم‬
‫هذه المحددات الجغرافية نذكر ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬الموقع الجغرافي‬
‫الجزائر جمهورية ديمقراطية شعبية‪ ،‬تقع شمال غرب إفريقيا بين خطي طول‬
‫‪°12‬شرقا و‪ °9‬غربا‪ ،‬ودائرتي عرض ‪ °37‬شماال و‪ °19‬جنوبا‪ .‬تبلغ مساحتها ‪2381741‬‬
‫كلم‪ ،2‬للجزائر واجهة شمالية بحرية متوسطية تمتد‪1200‬كلم‪ ،‬وحدود برية تمتد ‪ 6343‬كلم‪،‬‬
‫تتجاور بها مع سبع دول حدودية‪ 74‬هي‪:‬‬
‫من ناحية الشرق‪ :‬تونس بشريط حدودي طوله ‪ 965‬كلم‪ ،‬يمثل ‪ 15.21‬في المئة من‬
‫مجموع حدودها البرية‪ ،‬ليبيا بشريط حدودي طوله ‪ 982‬كلم‪ ،‬يمثل ‪ 15.48‬في المئة من‬
‫مجموع حدودها البرية‪.‬‬
‫من ناحية الجنوب‪ :‬مالي بشريط حدودي طوله ‪1376‬كلم‪ ،‬يمثل ‪ 21.69‬في المئة من‬
‫مجموع حدودها البرية‪ ،‬النيجر بشريط حدودي طوله ‪ 956‬كلم يمثل‪ 15.07‬في المئة من‬
‫مجموع حدودها البرية‪ ،‬موريتانيا بشريط حدودي طوله ‪ 463‬كلم‪ ،‬يمثل ‪ 7.30‬في المئة من‬
‫مجموع حدودها البرية‪.‬‬

‫‪-‬محمد طه بدوي‪ ،‬مدخل إلى العالقات الدولية‪ ،‬بيروت‪ :‬دار النهضة‪ ،1990 ،‬ص ‪.110‬‬
‫‪72‬‬

‫‪-‬عدنان السيد حسين‪ ،‬نظرية العالقات الدولية‪ ،‬بيروت‪ :‬الجامعة اللبنانية‪ ،2003 ،‬ص ‪.58‬‬
‫‪73‬‬

‫‪ -‬عبد السالم قريفة‪ ،‬دور الجزائر في إطار المغرب‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في العلوم السياسية واإلعالم‪ ،‬تخصص العالقات الدولية‪،‬‬
‫‪74‬‬

‫جامعة الجزائر‪ ،‬كلية العلوم السياسية واإلعالم‪ ،2004-2003 ،‬ص‪.14‬‬

‫‪29‬‬
‫األمن الوطني الجزائري‪ :‬مقاربة مفاهيمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫من ناحية الغرب‪:‬الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية بشريط حدودي طوله ‪42‬‬
‫كلم‪ ،‬يمثل ‪ 0.66‬في المئة من مجموع حدودها البرية‪ ،‬المغرب بشريط حدودي طوله‬
‫‪1559‬كلم‪ ،‬يمثل ‪ 24.85‬في المئة من مجموع حدودها البرية‪.‬‬
‫تمتلك الجزائر موقع استراتيجي متميزا في المنطقة العربية واإلفريقية بحيث تتوسط‬
‫الق ارات األربع إفريقيا‪ ،‬أسيا‪ ،‬أوروبا وأمريكا وتربط بين الضفة الشمالية والجنوبية بحوض‬
‫المتوسط بامتدادها الجغرافي من البحر المتوسط إلى عمق القارة اإلفريقية‪ ،‬ويلعب الموقع‬
‫الجغرافي للدولة أهمية بالغة فهو يعتبر عامال جوهريا في قوة أو ضعف الدولة وقد ثبت‬
‫بالمالحظة أ ن دوال صغيرة ترتبت على دول أكبر منها من حيث المساحة والموارد‬
‫وبالعكس‪ ،‬فإن الدول التي ال تتمتع بمواقع ذات أهمية كان لها تأثير أقل من تلك التي تمتلك‬
‫تلك المواقع بحيث يؤثر على السياسة الخارجية للدولة من حيث التهديدات‪.‬‬
‫‪ ‬التضاريس‪ :‬إنشساعة مساحة دولة يكسب عمقا استراتيجيا للدفاع أمام الغزو‬
‫الخارجي‪ ،‬والجزائر تحتل المرتبة العاشرة عالميا والثانية إفريقيا وفي العالم العربي من حيث‬
‫المساحة‪ .‬كما أن التضاريس الجغرافية للدولة تؤثر في مركزها الدولي وفي نوعية التهديدات‬
‫الخارجية التي يمكن أن توجه إليها فمن الصعب على القوى الخارجية أن تبسط سيطرتها‬
‫على الدول ذات التضاريس الجبلية الوعرة‪ ،‬ولهذا نجد الجزائر تتمتع بسالسل جبلية تمتد من‬
‫الشرق إلى الغرب وتقع في الشمال وهي تحتوي على تضاريس صعبة جدا مما شكل منها‬
‫مالذا آمنا للثوار في الحرب التحرير الجزائرية‪ ،‬كما أن طبيعة المناخ السائد في الدولة هو‬
‫الذي يحدد مقدرتها الزراعية والنشاط السكاني بها‪ ،‬ومن تم تحدد مدى استقالليتها أو تبعيتها‬
‫‪75‬‬
‫لغيرها‪.‬‬
‫تلعب التضاريس دورا هاما في بعض األحيان فمن الصعب على القوة الخارجية أن‬
‫تبسط سيطرتها على الدول ذات التضاريس الوعرة والجزائر من بين الدول التي تمتلك‬
‫سال سل جبلية تمتد من الشرق إلى الغرب وتقع في الشمال وهي تحتوي على تضاريس‬
‫‪76‬‬
‫صعبة جدا‪.‬‬
‫‪ ‬السكان ‪ :‬تعتبر الموارد البشرية دعامة النظام ألي بلد ألنها من عوامل اإلنتاج‬
‫الرئيسية التي تساعد على رسم سياسة رشيدة للتنمية تتماشى مع األهداف االستراتيجية‬
‫الكبرى‪ ،77‬حيث تشمل الموارد البشرية للسكان التابعين للدولة وخصائصهم المختلفة من‬
‫حيث الحجم والتوزيع فتوافر السكان يوفر للدولة أساسا بشريا للنمو االقتصادي وبناء القوة‬
‫العسكرية‪ ،‬خاصة إذا كان حجم السكان مرتبطا بتوافر الموارد الطبيعية وبتوفر القدرة‬
‫التكنولوجية على االستفادة من حجم السكان زمن ثم حجم السكان في حد ذاته قد ال يعني‬
‫الكثير بالنسبة للسياسة الخارجية للدولة إال إذا كان مرتبطا بعوامل أخرى‪ ،‬ولذا يتحدث علماء‬

‫‪ -‬محمد السيد سليم‪ ،‬تحليل السياسة الخارجية‪ ،‬مركز البحوث والدراسات السياسية‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬كلية االقتصاد والعلوم السياسية‪،1989 ،‬‬
‫‪75‬‬

‫ص ‪.154‬‬
‫‪ -‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.145‬‬
‫‪76‬‬

‫‪ -‬سالطنية بلقاسم‪ ،‬قيرة إسماعيل‪ ،‬غربي علي‪ ،‬المجتمع العربي‪ :‬التحديات الراهنة وآفاق المستقبل‪ ،‬قسنطينة‪ :‬منشورات جامعة منتوري‪،‬‬
‫‪77‬‬

‫‪ ،1997‬ص ‪.110‬‬

‫‪30‬‬
‫األمن الوطني الجزائري‪ :‬مقاربة مفاهيمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫السكان عن الحجم األمثل‪ ،‬وهو ذلك الحجم الذي يتحقق فيه التوازن بين السكان وبين الموارد‬
‫‪78‬‬
‫االقتصادية المتاحة‪.‬‬
‫إضافة إلى حجم السكان فهناك مسألة توزيعهم في الدولة من األصول العرقية و الدينية‬
‫فقد يؤدي وجود أقليات عرقية أو إثنية في التأثير على السياسة الخارجية للدولة‪ ،‬فاألقلية عادة‬
‫تمتلك مصالح وارتباطات تختلف عن مصالح األغلبية‪ ،‬كما أن تلك األقلية قد تضغط على‬
‫األغلبية لتحقيق مصالحها‪ ،‬وقد تستعين بقوى خارجية للتدخل لحمايتها مما يهدد األمن‬
‫القومي للدول التي تضم تلك األقليات‪ ،79‬بالنسبة إلى تعداد السكان‪ ،‬كشفت الحصيلة‬
‫الديمغرافية المنبثقة عن نتائج إحصائيات الديوان الوطني لالقتصاد أن عدد سكان الجزائر‬
‫بلغ ‪ 43‬مليون نسمة في عام ‪ 2019‬بنسبة ارتفاع ‪ %1.9‬مقارنة بسنة ‪،2018‬غيرأن هذا ال‬
‫يبعد عن تصورنا مشكل االختالف في تركز السكان على الشريط الساحلي نظرا لتوافر‬
‫موارد الحياة االجتماعية‪ ،‬إذ أن أهم مرجع رئيسي للموارد البشرية في الجزائر عن غيرها‬
‫من البلدان هو التركيبة االجتماعية المتميزة بنسبة عالية من الشباب‪ ،‬حيث تمثل فئة أقل من‬
‫‪ 20‬سنة حوالي ‪ %55‬من السكان‪ ،‬كما تصل النسبة اإلجمالية للشباب أقل من ‪ 35‬سنة إلى‬
‫‪ %75‬ونجد ضمن هذه النسبة ‪ 08‬مليون متمدرس وحوالي نصف مليون جامعي‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المحددات اإلقليمية لألمن الوطني الجزائري‬
‫تتمتع الجزائر بموقع استراتيجي هام بحيث تتوسط بلدان المغرب العربي وكذلك بوابة‬
‫الساحل مما يجعلها ذات أهمية كبيرة في منطقة ويعطيها القوة التي تجعل منها قوة إقليمية‪،‬‬
‫إال أن الجزائر تحتفظ كذلك بعديد من المتغيرات التي تسمح لها باالنفراد في قيادة المنطقة‬
‫وهذا من خالل معطيات أخرى تتمثل في ركائز القوة الكامنة‪ ،‬وهي التي تسمح لنا باستقراء‬
‫مكانة الجزائر اإلقليمية التي منها فاعل رئيسي في المنطقة (قائد إقليمي)‪ ،‬فهذه العوامل‬
‫تساعد في تحديد مكانة الجزائر اإلقليمية استنادا إلى‪:‬‬
‫‪ ‬معطيات الجغرافيا السياسية والبشرية‪ :‬فالجزائر أكبر بلد إفريقي من حيث المساحة‬
‫بإطاللة (‪1200‬كلم)‪ ،‬عكس كل من مالي والنيجر الحبيستين محاطة بسبعة دول( تونس‪،‬‬
‫مالي‪ ،‬النيجر‪ ،‬ليبيا‪ ،‬المغرب‪ ،‬موريتانيا والصحراء الغربية)‪ ،‬تتميز بتنوع مناخي‬
‫وتضاريسي يسمح لها بازدهار الحياة البشرية رغم كون المساحة الغالبة للجزائر تقع في‬
‫الصحراء التي تتميز بصعوبة المناخ‪ ،‬إضافة إلى قوة بشرية تعتبر األولى في المنطقة‬
‫بحوالي ‪ 43‬مليون نسمة وأكثر من ذلك أن الفئة الغالبة ‪ ،%70‬إضافة إلى التجانس الديني‬
‫واإلثني واللغوي من وحدة الدين‪ ،‬اللغة واإلثنيات فأغلبية الجزائريين مسلمون يتبعون مذهب‬
‫واحد‪ ،‬إثنيا نالحظ فيه أمازيغ وعرب أما لغويا فنالحظ أن فيه لغتين وطنيتين العربية‬
‫واألمازيغية‪ ،‬فهذا التجانس المذهبي والطائفي واللغوي يمنح الجزائر استقرارا روحيا وعقديا‬

‫‪ -‬موريس دوفرجيه‪ ،‬مدخل إلى علم السياسة‪ ،‬تر‪ :‬األتاسي وسامي الدروبي‪ ،‬دمشق‪ :‬دار دمشق للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،1992 ،‬ص ‪.67‬‬
‫‪78‬‬
‫‪79‬‬
‫‪ -‬زايد عبيد هللا مصباح‪ ،‬اتحاد المغرب العربي‪ :‬الطموح والواقع‪ ،‬المستقبل العربي‪ ،‬ع ‪ ،236‬بيروت‪ ،1998 :‬ص ‪.282‬‬

‫‪31‬‬
‫األمن الوطني الجزائري‪ :‬مقاربة مفاهيمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أكبر من جهة و من جهة أخرى يربطها بدول العربية خاصة المغاربية منها ويربطها كذلك‬
‫‪80‬‬
‫بعمقها الساحلي‪.‬‬
‫‪ ‬البعد الجيوتاريخي لمكانة الجزائر اإلقليمية‪ :‬تتمثل في التعاون اإلقليمي وكذا تكريس‬
‫لمبدأ إفريقيا لألفارقة‪ ،‬وهذا ما يتجسد في االنتماء اإلفريقي للجزائر وبطبيعة الحال فإن‬
‫التاريخ وحجم العالقات والتوجه اإلفريقي الدائم للجزائر في سياستها الخارجية وأبرز مثال‬
‫على المكانة التاريخية للجزائر في القارة وفي منطقة الساحل على وجه الخصوص‪.‬‬
‫‪ ‬البعد الجيوثقافي لمكانة الجزائر اإلقليمية‪ :‬من دين‪ ،‬إيديولوجيا ولغة وكذا تواجد‬
‫الطوارق في الساحل كامتداد عرقي للجزائر إلى الساحل‪.‬‬
‫‪ ‬البعد الجيوإقتصادي لمكانة الجزائر اإلقليمية‪ :‬يتجسد هذا في عمل الجزائر لتنمية‬
‫المنطقة الساحلية وإفريقيا عامة‪ ،‬ولعل مبادرة النيباد أفضل مثال على هذا ويضاف إليه عمل‬
‫الجزائر في عديد من المناسبات على مسح ديون دول الساحل العاجزة بما فيها مالي‬
‫‪81‬‬
‫والنيجر‪.‬‬
‫‪ ‬البعد الجيوأمني لمكانة الجزائر اإلقليمية‪ :‬التعاون اإلقليمي لمواجهة التهديدات‬
‫األمنية القائمة خاصة وأن طبيعتها ومصدرها يستدعي تكثيف الجهود والتعاون اإلقليمي‪،‬‬
‫و لعل قيادة األركان العملياتية المشتركة أبرز مثال على إدراك الجزائر لضرورة تمتين‬
‫الجهود اإلقليمية وكذا تعزيز نمط االعتماد األمني المتبادل ضمن مركب األمن اإلقليمي نظرا‬
‫ألن الهواجس األمنية المدركة مشتركة حيث ال يمكن ألي دولة مواجهتها لوحدها‪.‬‬
‫‪ ‬البعد الجيوسياسي والجيواستراتيجي لمكانة الجزائر اإلقليمية‪ :‬إضافة إلى الموقع‬
‫المتميز المساحة‪ ،‬التنوع البيئي والجغرافي‪ ،...‬نجد االمتداد الجيوسياسي للجزائر في المنطقة‬
‫المغاربية والساحلية على اعتبار أن هذه المنطقة ذات عمق استراتيجي وامتداد حيوي‬
‫للجزائر‪ ،‬و هذا ما يمكن إدراكه من خالل مفهوم الجيوإستراتيجيا كونها معنية بدراسة البيئة‬
‫الطبيعية لتحليل أو فهم المسائل السياسية واالقتصادية ذات االعتبارات الدولية‪ .‬وأن هذه‬
‫الدراسة تتضمن موقع الدولة وصوال لتحديد مركزها االستراتيجي سواء في الحرب أو في‬
‫السلم أو دراسة الحدود السياسية‪ ،‬بما فيها من خصائص مؤثرة في وضع االستراتيجيات‬
‫العسكرية السياسية واالقتصادية‪ ،‬وبما تحمله هذه الحدود من معطيات ثقافية واجتماعية بين‬
‫‪82‬‬
‫الشعوب المتجاورة‪.‬‬
‫وهي المعايير التي تنطبق على دراسة دور ومكانة الجزائر في المنطقة على اعتبار أن‬
‫هذه المنطقة تمثل عمقا استراتيجيا للجزائر‪ ،‬بناءا على معطيات وعوامل االرتباط‪ ،‬االتصال‬
‫و المكانة التي تمثلها الجزائر في المنطقة من حيث إدراك البيئة األمنية الهشة وكذا في‬
‫امتالك مفاتيح حل األزمات والتهديدات التي تتخبط فيها أغلب دول المنطقة (مالي‪ ،‬النيجر‪،‬‬
‫ليبيا)‪ ،‬وهذا وفق مقاربات لينة وذكية‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬المحددات الدولية لألمن القومي الجزائري‬

‫‪-‬ناصر بوعالم‪ ،‬دور الجزائر اإلقليمي في ظل تنامي التهديدات في منطقة الساحل(‪،)2014-2006‬مذكرة ماجستير في دراسات متوسطية‬
‫‪80‬‬

‫ومغاربية‪ ،‬التعاون واألمن‪ ،‬جامعة مولود معمري‪-‬تيزي وزو‪-‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم العلوم السياسية والعالقات الدولية‪،2016 ،‬‬
‫ص‪.56‬‬
‫‪81‬‬
‫‪-‬ناصر بوعالم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.57‬‬
‫‪ -‬عدنان السيد حسين ‪ ،‬الجغرافيا السياسية واالقتصادية والسكانية للعالم المعاصر‪ ،‬ط‪ ،2‬بيروت‪ :‬المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر‬
‫‪82‬‬

‫والتوزيع‪ ،1996،‬ص ‪.77‬‬

‫‪32‬‬
‫األمن الوطني الجزائري‪ :‬مقاربة مفاهيمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الجزائر ينظر إليها على اعتبار أنها قوة إقليمية في منطقة شمال إفريقيا‪ ،‬بالنسبة‬
‫للواليات المتحدة و أوروبا فالجزائر ثالث أهم ممول لالتحاد األوروبي بما قيمته ‪26.8‬بليون‬
‫أورو‪ ،‬وكذلك هي أكبر اقتصاد إقليمي بناتج محلي يصل إلى ‪ 207‬بليون دوالر‪.‬‬
‫من جهة أخرى فإن حجم االستثمار في الجانب األمني والعسكري يجعل من الجزائر أكبر‬
‫قوة عسكرية في منطقة شمال إفريقيا‪ ،‬إضافة إلى خبرة كبيرة في العمليات الميدانية في مجال‬
‫مكافحة اإلرهاب خاصة بعد اعتماد هيئة قيادة األركان العملياتية المشتركة في ‪ 2010‬ما‬
‫‪83‬‬
‫يشير إلى كون الجزائر مستقلة في سياستها الخارجية أكثر من أي دولة في شمال إفريقيا‪.‬‬
‫‪ ‬مكانة الجزائر في اإلدراك الفرنسي‪ :‬الموقع االستراتيجي للجزائر وتعدد أبعاد‬
‫انتماءاته الجيوسياسية( مغاربيا‪ ،‬ساحليا ومتوسطيا)‪ ،‬تجعل من الجزائر حسب اإلدراك‬
‫الفرنسي قوة إقليمية كذلك وجود جملة من المبادئ المكرسة دستوريا مثل عدم التدخل في‬
‫الشؤون الداخلية للدول‪ ،‬إضافة إلى وزن عسكري معتبر يمكن إدراكه كميا‪ ،‬مع تبني الجزائر‬
‫لسياسة تحالفات وشراكة دولية وإقليمية متعددة حسب األهداف الخارجية للجزائر وأبعاد‬
‫انتماءاتها المتنوعة‪ ،‬كلها متغيرات يمكن من وراءها االعتراف بمكانة ريادية للجزائر في‬
‫منطقة الساحل و شمال إفريقيا‪ ،‬ففي ظل األزمات التي تشهدها المنطقة حاليا فإن الجزائر‬
‫تملك إدراكات ومقاربات لها من الشمولية والواقعية ما يمكنها من تجاوز الوضع‬
‫القائم‪،‬خاصة ما تعلق بمكافحة اإلرهاب‪ ،‬األزمة المالية وإقرار األمن والتنمية عامة في‬
‫‪84‬‬
‫المنطقة‪.‬‬
‫‪ ‬مكانة الجزائر حسب اإلدراك األمريكي‪ :‬رغم دخول الجزائر في صراع داخلي بداية‬
‫التسعينات إلى أن اهتمام أمريكا بالطاقة الجزائرية دفع بشركاتها المتعددة الجنسيات إلى‬
‫االشتغال بالتنقيب عن البترول‪ ،‬ففي ‪ 1994‬اعتبرت الجزائر الدولة التي عرفت أكبر وأهم‬
‫‪85‬‬
‫االكتشافات النفطية في العالم‪.‬‬
‫لكن هذا األمر لم يخفي مخاوف الواليات المتحدة من األوضاع األمنية في الجزائر‬
‫خالل نفس الفترة‪ ،‬من هنا قامت الواليات المتحدة بتبني استراتيجية شاملة تربط بها عالقاتها‬
‫مع الجزائر في ميادين عديدة منها‪ :‬الطاقة‪ ،‬االقتصاد‪ ،‬الجانب العسكري وكذا السياسي‪ ،‬وهو‬
‫ما أشارت إليه آنذاك استراتيجية الدول المحورية في السياسة الخارجية األمريكية‬
‫» ‪ « Pivotal States and U.S Strategy‬والتي تضمنت الجزائر كدولة محورية آنذاك‬
‫أين تم اإلشارة إلى مفهوم الدولة المحورية الذي يمكن إدراكه على أساس أنها‪ ":‬كل الدول‬
‫التي بإمكانها أن تؤثر تأثيرا عميقا في مستقبل ومآل جوارها اإلقليمي‪ ،‬ففكرة وجود دولة‬
‫محوريةفي منطقة غير مستقرة ال يمكن أن تحدد فقط مصير المنطقة وإنما يؤثر أيضا على‬
‫‪86‬‬
‫االستقرار الدوليين‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫‪-Daniela Huber, Algeria three years after Arab spring, the German marshall fund of the United States,‬‬
‫‪2014, p 01.‬‬
‫‪- Jean-Pierre Dufau،Assemblée nationale le projet de loi n°73، autorisant l’approbation de l’accord de‬‬
‫‪84‬‬

‫‪coopération dans le domaine de la défense entre le gouvernement de la république française et le‬‬


‫‪gouvernement de la république algérienne démocratique et populaire، rapport n° 343, 2012,p 06.‬‬
‫‪-Ravenel Bernard, L’Algérie s’intègre dans l’Empire, Confluences Méditerranée, n°45, 2003, p 115.‬‬
‫‪85‬‬
‫‪86‬‬
‫‪-Robert Chase, Emily Hill, Pivotal states and U.S. Strategy, Foreign Affairs, volume 75, n°1,1996, p37.‬‬

‫‪33‬‬
‫األمن الوطني الجزائري‪ :‬مقاربة مفاهيمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬مرتكزات العقيدة األمنية الجزائرية‬


‫قبل تعريف العقيدة األمنية ينبغي أوال تحديد المقصود بكلمة"عقيدة" أصل كلمة عقيدة‬
‫التيني وهو يعني عملية تعليم نظرية أو منهجا‪ .87‬وتعرف" العقيدة" على أنها مجموع األفكار‬
‫التي يعتقد أنها صحيحة والتي بواسطتها تفسر الوقائع‪ ،‬ترشد وتوجه أفعال اإلنسان في‬
‫مجاالت الدين‪ ،‬الفلسفة‪ ،‬العلم والسياسة‪.‬‬
‫كما تعرف" العقيدة" على أنها جملة من اآلراء‪ ،‬المبادئ‪ ،‬المعتقدات واألطروحات أو‬
‫المفاهيم النظرية المتبناة من قبل األفراد‪-‬أو تكون جزءا من عمليتهم التعليمية والتي تهدف‬
‫إلى توجيه السلوكات والمساعدة على تفسير الوقائع ذات الطبيعة السياسية‪ ،‬االقتصادية‪،‬‬
‫الفلسفية‪ ،‬الدينية والعلمية‪ 88.‬وكثيرا ما يستخدم مصطلح العقيدة للداللة على نظام فكري ما‬
‫ينسب إلى مفكر (مثل العقيدة الماركسية نسبة إلى كارل ماركس)‪ ،‬إلى سياسي (مثل عقيدة‬
‫مونرو)‪ ،‬أو حركة أفكار (مثل العقيدة الليبرالية)‪ ،‬وتأخذ العقيدة بعدا إيديولوجيا إذا شكلت‬
‫نظاما فريدا ومتناسقا من التصورات للعالم والتي تقبل على أنها صحيحة وصادقة دون نقد أو‬
‫‪89‬‬
‫مناقشة‪.‬‬
‫أما"العقيدة األمنية" فتعرف على أنها مجموعة القواعد والمبادئ والنظم العقائدية‬
‫ي) وقراراتها على‬ ‫ي‪/‬غير تعاون ّ‬
‫المنظمة والمترابطة التي توجه سلوك الدولة األمني (تعاون ّ‬
‫المستوى المحلي والدّولي والتي‪ :‬تحدد نظرة وقراءة قادتها لبيئتهم األمنية‪ ،‬كيفيات استخدام‬
‫القوة القومية بكافة أشكالها (اقتصادية‪ ،‬سياسية‪ ،‬عسكرية أو غيرها)‪ ،‬كيفية توظيف هذه القوة‬
‫لتحقيق األهداف االستراتيجية‪ ،‬وأخيرا‪ ،‬طبيعة الوسائل واألدوات المستخدمة (عسكرية‪،‬‬
‫دبلوماسية أو غيرها) لتطبق مبادئ العقيدة وأهدافها على أرض الواقع‪.‬وتسمح العقيدة األمنية‬
‫– بما تحتويه من مبادئ وقواعد‪-‬للقادة السياسيين للدولة بالتعامل مع الوقائع وتساعدهم على‬
‫شرح أفعال دولتهم للدول األخرى وتعريف اهتماماتها األمنية الخاصة أمام المجتمع‬
‫الدّولي‪.‬وفي المقابل تتخذ العقيدة األمنية كقاعدة لتفسير سلوكات الدول األخرى‪.‬‬

‫‪-Dictionnaire Toupie, ‘’Définition de Doctrine’ ’http : //www.toupie.org/dictionnaire/Doctrine.htm.‬‬


‫‪87‬‬

‫‪- Alain Rey (Sous la direction de)، «Définition de doctrine» ،Le Grand Robert de la langue française(Version‬‬
‫‪88‬‬

‫‪électronique) ,2010.‬‬
‫‪- Dictionnaire Toupie، op.cit.‬‬
‫‪89‬‬

‫‪34‬‬
‫األمن الوطني الجزائري‪ :‬مقاربة مفاهيمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وتكتسي العقيدة األمنية أهميتها من اعتبارها دليال يوجه ويقرر به القادة السياسة األمنية‬
‫للدولة ببعدها الداخلي والخارجي‪ ،‬ومن هنا نشأت العالقة بين العقيدة األمنية والسياسة‬
‫الخارجية‪ .‬ويالحظ تنامي تأثير العقيدة األمنية باعتبارها تمثل المبادئ المنظمة التي تساعد‬
‫‪90‬‬
‫رجال الدولة على تعريف المصالح الجيوسياسية لدولتهم وتحديد ما يحظى منها باألولوية‪.‬‬
‫كما تساعد الدولة على التفاعل مع التهديدات والتحديات البارزة والكامنة التي تواجه‬
‫أمنها على المدى القريبة‪ ،‬المتوسطة والبعيدة‪ .‬ويمكن القول أن العقيدة األمنية على العموم تمد‬
‫الفاعلين األمنيين في الدولة بإطار نظري متناسق من األفكار يساعد على تحقيق أهداف‬
‫الدولة في مجال أمنها القومي‪ ،91‬وذلك من خالل تحديد ما يلي‪:‬‬
‫كيف ترى وتعرف الدولة نفسها وكيف تريد أن تكون؟ (من نحن؟ ‪who we‬‬ ‫‪‬‬
‫? ‪are‬‬
‫ما هي مهمة مختلف الفاعلين األمنيين وأهداف السياسة (االستراتيجية)‬ ‫‪‬‬
‫األمنية؟ (ماذا نفعل؟ ? ‪.)what do we do‬‬
‫كيف تنفذ هذه السياسة وما هي وسائل تنفيذها؟ (كيف نفعل هذا؟ ‪how do‬‬ ‫‪‬‬
‫)? ‪we do that‬‬
‫كيف كانت السياسات األمنية تنفذ في السابق؟ (كيف كنا نفعل هذا في السابق؟‬ ‫‪‬‬
‫‪. )how did we do that in the past‬‬
‫‪92‬‬

‫وبالنسبة لتاريخ العقيدة األمنية فإنها كتصورات كانت موجودة منذ القديم (منذ الحروب‬
‫النابوليونية ‪ )1799‬وكانت مرادفة للعقيدة العسكرية‪ ،‬لكن استخدامها بهذا التعبير (عقيدة‬
‫األمن القومي) هو باألساس بالحرب الباردة‪ ،‬إذ رئيس الواليات المتحدة األمريكية هاري‬
‫ترومان في ‪1947‬م في تأكيد على أن بالده مستعدة لمواجهة التقدم الشيوعي وتدخله‬
‫العسكري في بؤر التوتر في العالم‪ ،‬ورأى أنه بموجب عقيدة الواليات المتحدة فإن أي اعتداء‬
‫على األنظمة الحليفة لها‪-‬أو حتى المتجاوبة والمتالئمة مع سياساتها الخارجية‪-‬‬
‫يعتبر اعتداء على أمنها القومي‪ .‬عالوة على هذا‪ ،‬باالعتماد على عقيدتها األمنية تلك‪،‬‬
‫حاولت الواليات المتحدة دفع الدول الالتينو‪-‬أمريكية‪ ،‬التي كانت حيادية آنذاك إلى االنضمام‬
‫إلى معسكر العالم الحر معتبرة‪-‬على لسان أحد وزرائها آنذاك''جون فوستردولز''‪-‬أن الحيادية‬
‫غير أخالقية‪.‬‬
‫وكثيرا ما تصنع العقائد األمنية من طرف قائد سياسي‪ ،‬خصوصا رئيس الدولة أو كبير‬
‫دبلوماسييها‪ ،‬وتأخذ اسمه بعد رحيله (مثل عقيدة برجنيف وعقيدة مونرو)‪ ،93‬لكن هذا ليس‬
‫دائما‪ ،‬ففي الدول أخرى تسمى العقائد باألرقام (مثل الصين)‪ .‬ونتجت العالقة بين القادة‬
‫السياسيين و العقائد األمنية عن أن هذه األخيرة هي''إدراكات قادة الدولة لمصالحها''‪94‬و''أن‬
‫‪- Francis Sempa، «US National security doctrines historically viewed» ،American‬‬
‫‪90‬‬

‫‪diplomacy,2003،www.americandiplomacy.org.p01.‬‬
‫‪ -‬قوي بوحنية‪ ،‬استراتيجية الجزائر تجاه التطورات األمنية في الساحل اإلفريقي‪:‬قراءات إفريقية‪ ،‬منشور بتاريخ ‪3‬جويلية ‪ ،2012‬تاريخ‬
‫‪91‬‬

‫االطالع ‪.2.12.2018‬‬
‫‪ -‬حسام حمزة‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.55‬‬
‫‪92‬‬

‫‪- Charles Zorgbibe،l’avenir de la sécurité internationales، Paris: presses des sciencespo,2003، pp12-13.‬‬
‫‪93‬‬
‫‪94‬‬
‫‪- Francis Sempa, op.cit. p01.‬‬

‫‪35‬‬
‫األمن الوطني الجزائري‪ :‬مقاربة مفاهيمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫دوافع الدول ليس ت منفصلة عن دوافع صناع القرار والذين يتحدثون نيابة عنها ويصيغون‬
‫قراراتها في إطار عقالني'‘‪ .‬لكن هذا ال يعني عدم تأثر الزعماء والقادة بعوامل أخرى عند‬
‫صياغتهم لعقائد دولهم سيما في األنظمة الديمقراطية وعموما تساهم المؤسسات‪ ،‬التاريخ‬
‫واإليديولوجية في صياغة العقيدة األمنية مع اختالف في درجة تأثير هذه العوامل بين‬
‫األنظمة الديمقراطية والتسلطية‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬المرتكزات التاريخية للعقيدة األمنية الجزائرية‬
‫وتركز الجزائر في عقيدتها على المبادئ اآلتية‪:‬‬
‫‪ ‬عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول‪:‬وينقسم عدم التدخل إلى نوعين‪ :‬عدم التدخل‬
‫بمعنى الواسع‪ ،‬و هو عدم تدخل في الشؤون التي تعد من صميم السلطات الداخلية للدول من‬
‫طرف الدول األخرى أو من طرف منظمة األمم المتحدة‪ .‬وعدم التدخل بالمعنى الضيق وهو‬
‫‪95‬‬
‫عدم التدخل المادي باستخدام القوة العسكرية‪.‬‬
‫و الجزائر بقيت ثابتة على مبدأ عدم التدخل الجيش الجزائري خارج حدوده رغم‬
‫دعوات الكثير من الدول لتدخل الجزائر وخاصة في إطار مكافحة اإلرهاب الدولي أو‬
‫التحالف العربي أو التحالف اإلسالمي ضد اإلرهاب‪ ،‬وبهذا رفضت الجزائر خالل اجتماع‬
‫وزراء الخارجية العرب ‪ 2015‬بشرم الشيخ مشروعا يتعلق بإنشاء قوة عربية لمكافحة‬
‫اإلرهاب‪ ،‬وأكدت أنها ال تسمح بقوات خارج الوطن‪ ،‬ولكن يمكن أن تكون لها مساهمات‬
‫لوجستية دون أن تشارك بوحدات قتالية خارج حدود بلدها وستكتفي بالمساهمة بالدعم‬
‫اللوجستيكي والدعم المادي و التدريب والتعاون االستخباراتي‪.‬‬
‫‪ ‬التعاون مع الدول المجاورة‪ :‬منحت الجزائر اهتماما كبيرا لمبدأ التعاون الدولي مع‬
‫الدول الجوار‪ ،‬بقصد تدعيم وتنمية العالقات المتبادلة وهو ما من شأنه إعطاء مضمون‬
‫إيجابي لعالقات حسن الجوار والمساهمة في التقليل من احتماالتاالعتداء وفض النزاعات‬
‫‪96‬‬
‫دبلوماسيا دون اللجوء للقوة‪.‬‬
‫‪ ‬حل النزاعات بطرق سلمية وعدم اللجوء للقوة‪ :‬استمدت الجزائر هذا المبدأ من ميثاق‬
‫األمم المتحدة الذي يحث على اللجوء للوسائل السلمية لحل النزاعات ضمن الفصل السادس‬
‫منه كما جاء في المادة ‪ 26‬من دستور ‪2008‬م "أن الجزائر عن اللجوء إلى الحرب من أجل‬
‫‪97‬‬
‫المساس بالسيادة المشروعة للشعوب األخرى وحريتها‪.‬‬
‫‪ ‬دعم حق الشعوب في تقرير مصيرها‪ :‬تقرر المادة ‪ 92‬من الباب األول في الفصل‬
‫السابع من الدستور الجزائري هذا الحق‪ ،‬ويستمد هذا المبدأ من نضال الجزائر الطويل ضد‬
‫‪98‬‬
‫االستعمار في سبيل الحصول على تقرير مصيرها‪.‬‬

‫‪ -‬ماجد عمران‪ ،‬فيصل كلثوم‪ ،‬السيادة في ظل الحماية الدولية لحقوق اإلنسان‪ ،‬مجلة جامعة دمشق للعلوم االقتصادية والقانونية‪ ،‬المجلد‪،27‬‬
‫‪95‬‬

‫ع‪ ،2011 ،1‬ص‪.476‬‬


‫‪-96‬‬
‫رؤوف بوسعدية‪ ،‬دور الدبلوماسية الجزائرية في حل النزاعات اإلقليمية‪ ،‬مجلة الباحث للدراسات األكاديمية‪ ،‬ع‪ ،2016 ،9‬ص ‪.160-159‬‬
‫‪ -‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬دستور ‪2008‬م‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬ع ‪ ،63‬المؤرخ في ‪ ،2008 ،11 ،16‬المادة ‪.26‬‬
‫‪97‬‬

‫‪ -‬محمد مسعود بونقطة‪ ،‬البعد األمني في السياسة الخارجية الجزائرية تجاه المغرب العربي‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬تخصص دبلوماسية وتعاون‬
‫‪98‬‬

‫دولي‪ ،‬كلية العلوم السياسية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬ص‪.15‬‬

‫‪36‬‬
‫األمن الوطني الجزائري‪ :‬مقاربة مفاهيمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫واستمدت الجزائر عقيدتها األمنية من مبادئها الدستورية‪ ،‬ففي حين لم ينص دستور‬
‫‪1963‬م على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول‪ ،‬نص دستور ‪1976‬م في الفصل‬
‫السابع والذي يتضمن مبادئ السياسة الخارجية في مادتيه ‪ 93،90‬على مبدأ عدم التدخل من‬
‫خالل أن الجزائر تناضل من أجل السلم والتعايش السلمي وذلك وفاء لمبادئ حركة عدم‬
‫االنحياز ودعم التعاون الدولي‪ ،‬أما دستور ‪1989‬م فقد نصت المادة ‪ 27‬من الفصل الثالث‬
‫تحت عنوان الدولة أن الجزائر تعمل من أجل دعم التعاون الدولي‪ ،‬وتنمية العالقات الودية‬
‫بين الدول والمساواة والمصلحة المتبادلة‪ ،‬باإلضافة إلى تبنيها مبادئ ميثاق األمم المتحدة‬
‫ولقد تم تكرير نفس المادة في نص المادة ‪ 28‬من الفصل الثالث في دستور ‪ ،1996‬ولم يشهد‬
‫تعديل ‪2016‬م تغييرا في العقيدة العسكرية وتماشيا مع موقف الدبلوماسية الجزائرية التي‬
‫تلتزم موقف الحياد اإليجابي‪.‬‬
‫وقد عرفت العقيدة األمنية الجزائرية ثالث مراحل وهي‪:‬‬
‫المرحلة األولى‪ 1990-1963:‬تهديد الجبهة الغربية‬ ‫‪‬‬
‫أبدت المملكة المغربية منذ استقاللها‪ ،‬على طموحات توسعية في مجالها الجيوسياسي‬
‫المغاربي واإلفريقي في إطار سعي التيارات السياسية لديها لبناء مملكة مغربية كبرى‪.‬خاصة‬
‫"حزب االستقالل"‪،‬فقد رفض صناع القرار المغاربة الحدود الجغرافية الموروثة عن‬
‫االستعمار‪ ،‬وقدموا مطالب حدودية تشمل كل موريتانيا‪ ،‬أجزاء من مالي والسنغال ومناطق‬
‫من الجنوب الغربي الجزائري‪ 99.‬وعليهأقدمت المملكة على خطوة مفاجئة وغير منتظرة‬
‫مستغلة ضعف الجيش الوطني الشعبي الجزائري المنهك بعد خوضه الحرب التحريرية‪،‬‬
‫فقامت بغزو "تندوف"وبعض المناطق المجاورة لها‪.‬فاندلعت على إثرها حرب بين البلدين‬
‫سنة ‪1963‬م عرفت"بحرب الرمال أو حرب الحدود" شكلت هذه الحادثة نقطة مفصلية‬
‫كبرى‪ ،‬حيث أصبح المغرب تهديدا مباشرا لألمن القومي الجزائري‪ ،‬وقد ساد هذا التصور‬
‫لدى صناع القرار الجزائريين الذين اعتبروا أنه بعد االستعمار الفرنسي أصبحت المملكة‬
‫المغربية هي التهديد األساسي ألمن الجزائر‪.‬‬
‫إن اعتبار المغرب كتهديد مباشر لألمن القومي الجزائري‪ ،‬أثر كذلك في العقيدة‬
‫العسكرية والدفاعية وسياسة التسلح الجزائرية‪ .‬فمع تفاقم الصراع مع المغرب حول قضية‬
‫الصحراء الغربية منذ السبعينات‪ ،‬والذي أثار من جديد الذكريات المريرة للصراع العسكري‬
‫بين البلدين في ‪ 1963‬و في الوقت ال يزال فيه الجيش الوطني الشعبي ضعيف‪ .‬تغير نمط‬
‫تشكيل القوات المسلحة الجزائرية‪ ،‬إذ تمركزت ستة مناطق عسكرية عند منطقة "تندوف"‬
‫قرب مع المغرب والتي تم اإلعالن عنها ألول مرة في جانفي ‪1976‬م‪ .‬وعليه زادت النفقات‬
‫العسكرية من ‪ 285‬مليون دوالر أمريكي عام ‪1975‬م إلى ‪ 856,8‬مليون دوالر عام ‪1982‬م‬
‫أي بزيادة ‪.%400‬مقارنة بزيادة ‪ %40‬بين عامين ‪1965‬م إلى ‪1973‬م‪ ،‬أما بالنسبة‬
‫لمشتريات السالح فإن معهد أبحاث السالم الدولي" بستوكلهوم" يكشف لنا أن هناك خمس‬

‫‪ -‬قط سمير‪ ،‬البعد اإلفريقي في سياسة األمن والدفاع الوطني الجزائري‪،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬تخصص عالقات دولية واستراتيجية‪ ،‬جامعة محمد‬
‫‪99‬‬

‫خيضر بسكرة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،2017 ،‬ص ‪.18‬‬

‫‪37‬‬
‫األمن الوطني الجزائري‪ :‬مقاربة مفاهيمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫عشر اتفاقية بين عامين ‪1989-1976‬م مقابل خمسة اتفاقيات فقط‪ ،‬تم توقيعها بهذا‬
‫‪100‬‬
‫الخصوص في الفترة ما بين عامي ‪1975-1970‬م‪.‬‬
‫النزاع الحدودي مع المغرب كذلك‪ ،‬أدى إلى بلورة تصور شبه مبسط للتهديد بمعنى أن‬
‫التهديد لن يكون إال بري المصدر وهذا ما يفسر تمركز وحدات الجيش الجزائري األكثر‬
‫تطورا على الحدود مع المغرب‪ ،‬وبالتالي أعطت األولوية في تطوير وتحديث القوات البرية‬
‫وسالح الجو على حساب البرامج المخصصة للقوات البحرية‪.‬لكن األمر ال يقتصر فقط على‬
‫الجزائر فحسب دون سواها ذلك أن هذه الظاهرة تطبع التوجهات الدفاعية للدول العربية‬
‫عموما‪ ،‬كما هو شأن المغرب حيث كان لقضية الحدود مع الجزائر وخاصة نزاع الصحراء‬
‫الغربية األثر العميق في توجيه خياراته الدفاعية بالعناية بالقوات البرية على حساب القوات‬
‫‪101‬‬
‫الجوية والبرية‪.‬‬
‫‪ ‬المرحلة الثانية‪ :‬التهديد النابع من الداخل (التطرف واإلرهاب ونظرية المؤامرة‬
‫الخارجية)‪.‬‬
‫فترة نهاية الثمانينات‪ ،‬شهدت تطورا ملحوظا في العالقات الجزائرية المغربية بعد‬
‫سعي قادة البلدين إلى ضرورة فتح صفحة جديدة بينهما مبنية على الحوار والتفاهم وأيضا‬
‫على التكامل في إطار االتحادالمغاربي‪ .‬في هذه الفترة بدا أنه انخفض حدة التهديد المغربي‬
‫خاصة بعد توقيع اتفاق تأسيس اتحاد المغرب العربي في مراكش سنة ‪1989‬م وذلك رغم‬
‫بقاء بعض القضايا عالقة بين البلدين خاصة قضية الصحراء الغربية‪ ،‬هذا "الوفاق"الجزائري‬
‫–المغربي تزامن مع بروز وتصلب عود ما يسمى "باإلسالم السياسي" واألصولية والتطرف‬
‫اإلسالماوي في العالم اإلسالمي عموما وفي مصر والجزائر خصوصا‪ ،‬فظهرت بعض‬
‫التيارات ذات توجهات دينية أصولية متطرفة في الجزائر انتظمت في أحزاب سياسية أهمها"‬
‫الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ" مستغلة أحداث أكتوبر ‪1988‬م والتي أسفرت على إصالحات‬
‫‪102‬‬
‫سياسية هامة بحيث تبنت البالد التعددية السياسية والحزبية وانطلقت العملية الديمقراطية‪.‬‬
‫لكن توقيف المسار االنتخابي بعد فوز الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ باألغلبية في االنتخابات‬
‫البلدية والوالئية أدخل الجزائر في دوامة عنف سياسية وأمنية خطيرة بعد حل "الشاذلي بن‬
‫جديد" البرلمان واستقال تحت ضغط من المؤسسة العسكرية وتم تقديم هذه االستقالة على‬
‫مجلس الدستوري الذي أعلن الشغور النهائي لمنصب رئيس الجمهورية ليزداد تعقيد األزمة‬
‫‪103‬‬
‫بحل الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ وإصدار مراسيم بحل جميع المجالس البلدية‪.‬‬
‫لتتعقد األمور فيما بعد عقب بروز تنظيمات إرهابية جد متطرفة غريبة عن المجتمع‬
‫الجزائري‪ ،‬صار المدنيون مستهدفين لديها إلى جانب عناصر النظام ولم يعد المشهد األمني‬
‫و السياسي واضحا في الجزائر حيث ظهرت في تلك الفترة تساؤالت على شاكلة من يقتل‬
‫من؟ بحيث أن البعض كان يوجه أصبع االتهام تجاه النظام والمؤسسة العسكرية تحديدا‪.‬‬
‫‪ -‬بهجت قرني وآخرون‪ ،‬السياسات الخارجية للدول العربية‪ ،‬تر‪ :‬جابر سعيد عوض‪ ،‬القاهرة‪ :‬مركز البحوث والدراسات السياسية‪،2002 ،‬‬
‫‪100‬‬

‫ص‪.219‬‬
‫‪101‬‬
‫‪ -‬عبد النور بن عنتر‪،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫‪ -‬قط سمير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪20‬‬
‫‪102‬‬

‫‪ -‬مبروك كاهي‪"،‬إدارة األزمة‪ :‬دراسة مقارنة بين المجلس األعلى للدولة في الجزائر والمجلس األعلى للقوات المسلحة في مصر"حالة شغور‬
‫‪103‬‬

‫مؤسسات الدولة"‪ ،‬المجلة اإلفريقية للعلوم السياسية‪ ،‬مارس ‪ ،2013‬ص ‪.01‬‬

‫‪38‬‬
‫األمن الوطني الجزائري‪ :‬مقاربة مفاهيمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫فأول تنظيم مسلح باسم اإلسالم في الجزائر كان "الحركة اإلسالمية المسلحة" التي‬
‫تأسست من بقايا تنظيم "مصطفى بوعلي" الذي أعلن حركته المسلحة عام ‪1982‬م‪ ،‬إال أنه‬
‫مع بداية التسعينات ومع انفجار األزمة السياسية كانت الجزائر مسرحا لعدة تنظيمات مسلحة‬
‫إسالمية تبادلت األدوار فيما بينها في فترات مختلفة ضد مصالح األمن والجيش أو حتى ضد‬
‫‪104‬‬
‫المدنيين أدرجوا ضمن قائمة األهداف المفضلة لديهم‪.‬‬
‫وعن راهن التنظيمات اإلسالمية المسلحة تقدر السلطات العسكرية أنه بقي حوالي ‪700‬‬
‫إسالمي مسلح فقط ناشط في الجبال و أدغال الجزائر‪ ،‬فحسب الجنرال "معيزة" الجماعة‬
‫اإلسالمية المسلحة بقيادة "أوكالي رشيد" الملقب"بأبي تراب" مشكل من ‪ 60‬عضوا فقط‬
‫منتشرين في مناطق عديدة‪ :‬البليدة‪ ،‬عين الدفلى‪ ،‬الشلف‪ ،‬المدية‪ ،‬معسكر‪ ،‬سيدي بلعباس‬
‫‪105‬‬
‫سكيكدة‪...‬ويتحركون بمجموعات صغيرة مكونة من أربعة إلى ستة عناصر‪.‬‬
‫اإلرهاب الداخلي في الجزائر كان له األثر على العقيدة العسكرية الجزائرية فقوات‬
‫األمن لم تكن مستعدة لحرب العصابات التي شنتها ضدها التنظيمات اإلرهابية‪ ،‬فكان الجيش‬
‫الجزائري مشكل من وحدات ثقيلة التجهيز من أجل الدفاع عن البالد ضد تهديد دوالتي‬
‫عسكري خارجي بري تحديدا( التهديد المغربي)‪ ،‬فانتظرت الجزائر حتى ‪ 1993‬لتشكل‬
‫القوات قوة خاصة بحرب العصابات ومكافحة اإلرهاب تحت قيادة "العماري" هذه القوة‬
‫مكونة من عناصر من مختلف وحدات األمن كان عدد أفرادها ‪ 20000‬عنصر في ‪،1993‬‬
‫ووصلت إلى ‪ 60000‬عنصر في سنة ‪ ،1996‬باإلضافة إلى أن صفقات التسلح الجزائرية‬
‫في هذه الفترة كانت متأثرة بطبيعة الحرب على اإلرهاب فقد عملت على استيراد أسلحة‬
‫‪106‬‬
‫جديدة لهذا الغرض مثل أجهزة الرؤية الليلية‪ ،‬مروحيات‪.‬‬
‫األزمة التي عرفتها الجزائر برهنت أن أمن الجزائر أصبح واسعا وشامال وأن التهديد‬
‫لم يعد يقتصر على التهديدات التقليدية فحسب بل تتعداها كذلك إلى المخاطر األمنية الجديدة‬
‫السيما اإلرهاب‪ ،‬و أن العدو ليس خارجيا فقط بل كذلك بنيويا داخليا ناتج عن فشل الدولة‬
‫على مستوى التنميةوالعجز الديمقراطي الذي ينتج مثل هذه الظواهر المرضية المدمرة‪.‬‬
‫‪ ‬المرحلة الثالثة‪ :‬ما بعد سبتمبر‪ 2001‬الشركات االستراتيجية والمبادرات األمنية‬
‫بداية العقد األول من القرن الجديد‪ ،‬عرفت تحوالت داخلية في الجزائر ودولية كذلك‬
‫سيما في أعقاب هجمات ‪ 11‬سبتمبر‪ ،2001‬التي ضربت أمريكا القوة العظمى فكان لزاما أن‬
‫يتجند العالم من وراءها لمكافحة اإلرهاب الدولي كما عرفت الجزائر أيضا تحوالت داخلية‬
‫ذات داللة أهمها االنتخابات الرئاسية الجديدة لسنة ‪ ،1999‬والتي اتسمت بالنزاهة بشكل كبير‬
‫و التي أسفرت على انتصار ساحق لعبد العزيز بوتفليقة الذي أعلن منذ وصوله سدة الحكم‪،‬‬
‫أنه يسعى لتحسين الوضع األمني وإطفاء نار الفتنة في الجزائر وكذلك تحسين صورتها في‬
‫الخارج‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫‪ -‬محمد مقدم‪ ،‬القاعدة في بالد اإلسالمي‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار القصبة للنشر‪ ،2002 ،‬ص ص ‪.136-135‬‬
‫‪-Luis Martinez, ‘’La sécurité en Algérie et en Libye après le 11 septembre’’, Centre d’études et de‬‬
‫‪105‬‬

‫‪recherches internationales(SERI), sciences po, Paris, p 11‬‬


‫‪-Luis Martinez، Ibid,10.‬‬
‫‪106‬‬

‫‪39‬‬
‫األمن الوطني الجزائري‪ :‬مقاربة مفاهيمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫تبنت الجزائر منذ االستقالل مقاربة استراتيجية مستقلة فهي لم تنضوي تحت أي مظلة‬
‫لقوة كبرى وحتى في عز الحرب الباردة ورغم تقاربها اإليديولوجي واالستراتيجي مع‬
‫االتحادالسوفييتي‪ ،‬إال أنها ظلت تتمسك باستقالليتها في خياراتها الحيوية لكن في زمن‬
‫العولمة و الحرب العالمية على اإلرهاب بات من الصعب على أي دولة مهما بلغت قوتها‪،‬‬
‫‪107‬‬
‫المضي قدما في شؤونها بعيدا عن أي تحالفات أو شراكات مع القوى الكبرى‪.‬‬
‫ولتعزيز أمنها اإلقليمي في المغرب العربي والساحل اإلفريقي‪ ،‬عملت الجزائر على‬
‫االنخراط في شبكة من الشراكات االستراتيجية واألمنية والحوارات مع الحلف األطلسي‬
‫وأمريكا‪ .‬فقد أكد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في نوفمبر ‪ 2007‬أنه حتمي على‬
‫الجزائراالنخراط في كل المساعي والجهود الدولية خدمة لمصالحها األمنية وسياساتها‬
‫‪108‬‬
‫الدفاعية‪.‬‬
‫و يمكن أن تستفيد الجزائر من تقاربها مع الحلف األطلسي في مجال الدفاع فقد قاد هذا‬
‫القرار إلى رفع الحضر الغربي األمريكي واألوروبي على بيع السالح للجزائر‪ ،‬وفي هذا‬
‫السياق أكد العميد"شريف زراد" رئيس لجنة متابعة الحوار مع المتوسطي‪ ":‬أن الجزائر‬
‫شار كت بشكل نشيط في المجال العسكري في مختلف البرامج السنوية للتعاون مع الناتو‬
‫و حجم مشاركتنا يشهد على الفائدة التي يكتسبها الجيش الوطني الشعبي في مختلف النشاطات‬
‫المقترحة‪ ،‬والتي تسمح باالستفادة منها على أساس المبادئ واألهداف والمجاالت ذات‬
‫األولوية فاختيار النشاط ات أملتها الحاجة في ميدان التكوين التي عبرت عنها مختلف‬
‫تشكيالت الجيش الوطني الشعبي‪ .‬باعتبار المشاركة في هذه النشاطات تشكل فرصة مواتية‬
‫لتطوير الكفاءات و تثمين األفراد في إطار سياسة التكوين المنتهجة من طرف وزارة الدفاع‬
‫الوطني"‪ 109.‬ففي تحليل الخطابات السياسية والعسكرية الجزائرية تؤكد أن الحوار مع‬
‫األطلسي ناتج عن خيار استراتيجي‪.‬‬
‫األمن الجزائري عرف توسعا منذ االستقالل فقد دخلت إلى دائرة تهديد األمن‬
‫الجزائري مخاطر جديدة بخصوص اإلرهاب سواء الداخلي أو اإلقليمي في المغرب العربي‬
‫والساحل اإلفريقي‪ ،‬دون أن نهمل استمرار تهديد الجبهة الغربية ما دامت الكثير من القضايا‬
‫العالقة بين الجزائر والمغرب لم تحل بعد خاصة قضية الصحراء الغربية‪.‬‬
‫و لهذا يتعين على صناع القرار الجزائريين إدراك كل هذه التحديات المركبة التقليدية‬
‫منها والجديدة والتعامل معها بعقالنية‪ ،‬فمن الضروري فتح صفحة جديدة مع المغرب يفضي‬
‫إلى التكامل في إطار اتحاد المغرب العربي‪.‬أما التهديدات الجديدة‪ ،‬فاإلرهاب الداخلي في‬
‫الجزائر وبفضل المصالحة الوطنية تراجع بنسبة كبيرة لكن البد من المزيد من اإلصالحات‬
‫التنموية والسياسية لمعالجة الظاهرة من جذورها‪.‬اإلرهاب في المغرب العربي والساحل‬
‫اإلفريقي يمكن احتواءه عبر ترتيبات أمنية إقليمية وتنسيق بين دول هذا المجال الجيوسياسي‬
‫وتكريس األطر الموجودة حاليا مثل مجلس السلم واألمن اإلفريقي واالتفاقية اإلفريقية‬
‫لمكافحة اإلرهاب‪.‬‬

‫‪ -‬قط سمير‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص‪.24‬‬


‫‪107‬‬

‫‪ -‬فريد بوراس‪"،‬التحديات األمنية في الساحل اإلفريقي وتأثيرها على األمن الوطني‪ ،‬مجلة المدرسة العليا الحربية‪ ،‬ع‪ ،2009 ،2‬ص ‪.71‬‬
‫‪108‬‬

‫‪ -‬شريفزراد‪،‬مجلةالجيش‪.2009 ،‬‬
‫‪109‬‬

‫‪40‬‬
‫األمن الوطني الجزائري‪ :‬مقاربة مفاهيمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ترتكز العقيدة األمنية عموما على عوامل عدة كالتاريخ والجغرافيا واإليديولوجيا‪ ،‬كما‬
‫كان ذا تأثير واضح على العقيدة األمنية الجزائرية منذ األيام األولى لالستقالل وبالرجوع إلى‬
‫مرتكزات العقيدة األمنية للجزائر فإنها تستمد توجهها العام من ركائز عدم التدخل في‬
‫الشؤون الداخلية للدول وهو من بين المبادئ الثابتة التي تقوم عليها سياستها الخارجية دون‬
‫إهمال العوامل السابق ذكرها‪.‬‬
‫تعد ثورة التحرير الوطني بأفكارها أحد أهم روافد العقيدة األمنية الجزائرية‪ ،‬حيث‬
‫ساهمت هذه الثورة بشكل عام في رسم المشهد السياسي واالجتماعي واالقتصادي الذي ميز‬
‫الجزائر عقب دحر المحتل الفرنسي‪ ،‬فتاريخ المقاومة الجزائرية في محاربة االستعمار‬
‫الفرنسي لمدة ‪ 132‬سنة جعل من هذا العامل عنصر مؤثر في عملية بناء العقيدة األمنية‬
‫الجزائرية ورسم التزاماتها على المستوى الداخلي أو الخارجي على حد سواء‪.‬ورغم‬
‫التحوال ت التي عرفتها الجزائر في ظل تنامي العولمة إال أن هاجس التاريخ يبقى حاضرا‬
‫أمام عقيدتها األمنية وخير دليل على ذلك رفض الجزائر المستمر في إقامة عالقات أو حتى‬
‫‪110‬‬
‫التطبيع مع الكيان اإلسرائيلي‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المرتكزات الجغرافية‬
‫تعتبر الجغرافيا ذات دور هاما محدد لألمن‪ ،‬فالجزائر وموقعها الجغرافي‬
‫واالستراتيجي متعدد األبعاد (المغاربي‪ ،‬المتوسطي واإلفريقي)‪ ،‬جعلت من األمن الجزائري‬
‫ينكشف على عدة جهات‪ ،‬وعليه فإن صياغة العقيدة األمنية الجزائرية ظلت تأخذ في عين‬
‫االعتبار هذا االنكشاف األمني و هذه األبعاد خلقت عقيدة أمنية متنوعة حيث لعبت الجزائر‬
‫على اعتبار موقعها دورا محوريا في دعم حركات التحرر أو مكافحة اإلرهاب في ظل‬
‫التحوالت التي أفرزتها نهاية الحرب الباردة وأحداث ‪ 11‬سبتمبر‪.2001‬‬
‫تعتبر الموارد الطبيعية نتاج المنظومة البيئية الطبيعية‪ ،‬وهي موجودة بأنواعها المتجددة‬
‫وغير المتجددة والدائمة‪ ،‬في كل مكان في جميع الدول المتقدمة والنامية‪ ،‬وإن اختلفت أنواعها‬
‫ونسب وجودها وكمياتها وخصائصها من بلد إلى آخر‪.‬‬
‫تعتبر الجزائر بلد واسع المساحة و متنوع جيولوجيا‪ ،‬حيث تزخر الجزائر بالمعادن‬
‫والثروات ما يعطيها كمونات اقتصادية ذات أهمية بالغة تمثل المصدر الرئيسي للعوائد‬
‫المالية من العملة الصعبة في البالد والتي تقدر بنحو ‪ 55‬مليار دوالر سنويا‪ ،‬وتحتل الموارد‬
‫الطاقوية من بترول وغاز مركزا متميزا في االقتصاد الجزائري عام ونموه المطرد بشكل‬
‫خاص باستغالل هذه الموارد الحيوية وعلى رأسها البترول والغاز الطبيعي‪ ،‬حيث جرى‬
‫تطوير هذا المجال الحيوي في الجزائر بشكل فعال عبر شبكة من المصانع وشركات‬
‫الضخمة والتي جرى السيطرة عليها فيما يخص اإلنتاج والتسويق الدولية لكي تعبر عن‬
‫سيادة الدولة على مو اردها االقتصادية والتي تعتبرها محددا هاما يعبر عن سيادة االقليم‪.‬‬
‫وتحتل الموارد الطاقوية من بترول وغاز‪.‬‬
‫‪ -‬النفط‪ :‬والذي اكتشف سنة ‪ 1956‬يتمركز في منطقتين رئيسيتين في الصحراءألولى‬
‫هي حوض حاسي مسعود باحتياطي قدره ‪ 700‬مليون طن‪ ،‬أهم حقوله حاسي مسعود‪،‬‬
‫وقاسي الطويل‪ ،‬أما المنطقة الثانية فهي عين أمناس باحتياطي قدره ‪ 11.3‬مليار برميل سنة‬
‫‪ 2004‬إلى ‪ 12.3‬مليار برميل سنة ‪.2005‬‬
‫‪-‬صالح زياني‪ "،‬تحوالت العقيدة األمنية الجزائرية في ظل تنامي تهديدات العولمة"‪ ،‬مجلة المفكر‪ ،‬ع‪ ،5‬دس ن‪ ،‬ص ‪.288‬‬
‫‪110‬‬

‫‪41‬‬
‫األمن الوطني الجزائري‪ :‬مقاربة مفاهيمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ -‬الغاز الطبيعي‪ :‬أما الغاز الطبيعي فتنتشر مناطق إنتاجه أو استخراجه في حاسي‬
‫الرمل والذي يعتبر من أكبر الحقول الغازية في العالم‪ ،‬حيث يقدر االحتياطي الصافي‬
‫للجزائر من الغاز الطبيعي بحوالي ‪ 4580‬مليار متر مكعب‪ ،‬بما يجعل الجزائر تحتل‬
‫المراتب األولى عالميا فيما يخص هذه الثروة االستراتيجية‪ ،‬بإنتاج قدره نحو‪ 80 :‬مليار متر‬
‫مكعب سنويا‪.111‬‬
‫‪ -‬المعادن‪ :‬فيما يخص المعادن فللجزائر تنوع كمي وكيفي فيما يخص المعادن‪ ،‬حيث‬
‫يزخر باطنه ا بموارد هامة ومتنوعة تساهم في تعزيز قدرة االقتصاد الوطني ويتصدر الحديد‬
‫قائمة المعادن الطبيعية من خالل أهميته ومكانته االقتصادية واعتباره عصب الصناعات‪،‬‬
‫حيث يتوفر الحديد في الجزائر بكميات معتبرة ويرتكز على وجه الخصوص عند الحدود‬
‫التونسية وبالضبط في الونزة والتي يقدر انتاجه في هذه المنطقة بحوالي ‪%80‬من جملة إنتاج‬
‫الحديد في الجزائر والتي تبلغ حوالي ‪ 3.4‬مليون طن سنويا‪.112‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬المرتكزات اإليديولوجية‬
‫ظل البعد اإليديولوجي من بين المرتكزات الرئيسية في العقيدة األمنية الجزائرية وذلك‬
‫منذ األيام األولى لالستقالل‪ ،‬فقد مثلت االشتراكية ومبادئها المضادة لالستعمارواالستقالل‬
‫مصدر ذا قيمة بالنسبة للعقيدة األمنية حيث أكدت عليه المواثيق الوطنية على غرار دستور‬
‫‪ ،1989-1976-1963‬كما كان خيار الحزب الواحد مقتدية بذلك بتجارب عدة دول‪ ،‬راسمة‬
‫بذلك مبادئ وأهداف العقيدة األمنية الجزائرية لفترة تقارب عقود‪ ،‬غير أنه ومع أحداث‬
‫‪ 1988‬و المتغيرات األمنية في البلد دفعت إلى إعادة صياغة بعض المبادئ التي تقوم عليها‬
‫‪113‬‬
‫العقيدة األمنية الجزائرية لتواكب الترتيبات الجديدة في ظل عصر ما بعد الحرب الباردة‪.‬‬
‫‪ ‬أبعاد األمن القومي الجزائري‬
‫إن العوامل الجغرافية و التاريخية هي التي تشكل عموما مالمح بينية لألمن القومي ألي‬
‫بلد‪ ،‬إن الجزائر بحكم موقعها المركزي في المنطقة المغاربية بين جناحيه الشرقي والغربي‬
‫وموقعها وسط منطقتين بحرية من الشمال يمثلها البحر المتوسط وبرية تمثلها الصحراء‬
‫الكبرى جنوبا‪ ،‬هذا الموقع هو نقطة تقاطع استراتيجية تجعل أمنها القومي منكشف على كل‬
‫الجبهات خاصة مع شساعة مساحتها وطول حدودها البرية والبحرية‪.‬‬
‫‪ ‬البعد المتوسطي ‪ :‬إن تاريخ الجزائر هو عبارة عن سلسلة من الغزوات المتتالية التي‬
‫تركت بصماتها في الذاكرة الجماعية للجزائريين وجعلت من المتوسط مرادف للغزو ونقطة‬
‫سوداء في تاريخ األمن الجزائري‪ ،‬رغم أنه شهد سيطرة وسيادة القوة البحرية الجزائرية‬
‫خالل الدائرة األمنية الجزائرية البحرية الشمالية بسبب مطامع الدول الكبرى خاصة أثناء‬
‫‪114‬‬
‫الحرب الباردة‪.‬‬
‫‪ ‬البعد االقتصادي‪ :‬إن مسألة تأمين المتوسط تمثل األهمية القصوى بالنسبة ألمن‬
‫الجزائر ليس فقط ألنه شكل على مر العصور جبهة تعرض استراتيجية‪ ،‬ولكن أيضا ألن‬

‫‪-‬عيسى مقليد‪ ،‬قطاع المحروقات الجزائرية في ظل التحوالت االقتصادية‪ ،‬مذكرة ماجستير في العلوم االقتصادية‪ ،‬فرع اقتصاد التنمية‪ ،‬جامعة‬
‫باتنة‪ ،2008 ،‬ص ‪.42‬‬
‫‪111‬‬

‫‪ -‬نبيل بن حمزة‪ ،‬البعد االقتصادي لألمن الوطني الجزائري‪ ،‬مذكرة ماجستير في العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬تخصص دراسات‬
‫استراتيجية وامنية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬كلية العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬قسم العالقات الدولية‪.70 ،2014-2013 ،‬‬
‫‪112‬‬

‫‪ -‬غراف عبد الرزاق‪ ،‬دور العقيدة األمنية الجزائرية في إدارة األزمات جنوب المتوسط‪ :‬األزمة الليبية نموذجا‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم‬
‫‪113‬‬

‫السياسية‪ ،‬جامعة العربي بن مهيدي‪-‬أم البواقي‪ ،-‬ص ‪.242‬‬


‫‪ -‬عبد النور بن عنتر‪ ،‬البعد المتوسطي لألمن الجزائري‪ :‬الجزائر وأوروبا والحلف األطلسي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪114‬‬

‫‪42‬‬
‫األمن الوطني الجزائري‪ :‬مقاربة مفاهيمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫األمن الجزائري عموما واقتصادها خصوصا مرهون باستقرار هذه المنطقة ببساطة ألن كل‬
‫المبادالت التجارية تتم عبر هذا الحوض‪ ،‬زيادة على أنابيب الغاز التي تربط الحقول الغازية‬
‫الجزائرية بأوروبا و هذا ما يسمى باألمن الطاقوي‪ ،‬لذلك فإن طرق اإلمدادات من الجزائر‬
‫باتجاه أوروبا الغربية ليست مهددة لكنها منكشفة لذلك فتأمين طرق تصدير الطاقة تساهم فيه‬
‫‪115‬‬
‫الدول المستوردة للنفط والغاز ومستعدة حتى للجوء إلى القوة‪.‬‬
‫‪ ‬العامل الديمغرافي‪ :‬على المستوى الديمغرافي يتمركز معظم سكان الجزائر في شمال‬
‫البالد وبالتحديد على الشريط الساحلي‪ ،‬مما يجعل أمن البالد منكشفا على الجبهة الشمالية‬
‫وأغلبية الرعايا الجزائريين مقيمون بأوروبا وبالتحديد في فرنسا ينتقلون بين الضفتين عن‬
‫طريق البحر‪.‬‬
‫‪ ‬البعد البيئي والمائي‪ :‬هناك أبعاد أخرى أساسية بالنسبة لألمن الجزائري هي األبعاد‬
‫المائية و البيئية‪ ،‬فالبعد المائي يعد مسألة بالغة الحساسية في الجزائر التي تعاني عجزا مزمنا‬
‫في هذا المجال ومرشح للتفاقم في ظل النمو السكاني الهائل وندرة الموارد المائية فالمسألة‬
‫المائية بالجزائر تعد أكثر إلحاحا منها في غيرها من الدول المغاربية بفعل عوامل النمو‬
‫السكاني‪ ،‬حاجيات التنمية والتصحر وهذا العامل األخير هو الذي قصدناه بالبعد البيئي‪.116‬‬
‫نستنتج أن األمن القومي الجزائري متعدد األبعاد وال ينحصر في الجوانب العسكرية‬
‫فقط بل يتحول إلى مفهوم األمن اللين لوال وجود ثالثة بؤر توتر في المنطقة الحيوية بالنسبة‬
‫ألمن الجزائر و هي نزاع الصحراء الغربية‪ ،‬المطالب الترابية للمغرب‪ ،‬النهج األورو‪-‬‬
‫أطلسي في المتوسط المثير للقلق والقاضي بنزع تسلح أحادي الطرف‪.‬‬

‫‪-‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.40‬‬


‫‪115‬‬
‫‪116‬‬
‫‪ -‬عبد الوهاب روايحة‪ ،‬السياسة العامة األمنية في الجزائر بين الخطاب والواقع من ‪ 1992‬إلى ‪ ،2010‬مذكرة ماجستير في العلوم السياسية‬
‫والعالقات الدولية‪ ،‬تخصص دراسات سياسة مقارنة‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ، 3‬كلية العلوم السياسية واإلعالم‪ ،‬قسم العلوم السياسية والعالقات الدولية‪،‬‬
‫‪ ،2012‬ص ‪.61‬‬

‫‪43‬‬
‫األمن الوطني الجزائري‪ :‬مقاربة مفاهيمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫خالصة الفصل‬
‫يعتبر األمن من المفاهيم الرئيسة في العالقات الدولية‪ ،‬حيث ركزت المقاربات التقليدية‬
‫على القوة العسكرية للدولة والتي تحافظ على أمنها واستقرارها وبقائها‪ ،‬ألن األمن هو ضد‬
‫الخوف‪ .‬فقد تطرقنا له من الناحية اإلسالمية واللغوية واصطالحيا عند المفكرين العرب‬
‫والغربيين‪ .‬لذا بصفة عامة يختصر على حماية الدولة من التهديدات الخارجية سواء كانت‬
‫مباشرة أو غير مباشرة‪.‬‬
‫أما مفهوم األمن من الناحية الحديثة فهو أوسع من ذلك ألنه يمس عدة المجاالت‬
‫االقتصادية‪ ،‬السياسية‪ ،‬االجتماعية واإليديولوجية فهو يحافظ على أمنها وهذا من خالل عدة‬
‫مستويات‪ ،‬فاألمن الداخلي يحافظ على استقرار البيئة الداخلية أما األمن الخارجي هو أوسع‬
‫من ال مفهوم الداخلي ألنه يوفر حماية لكيان الدولة من التأثيرات الخارجية ومن التهديدات‬
‫المختلفة‪ ،‬أما األمن الدولي فيحافظ على األمن الدول من خالل العدوان وهو أمر صعب في‬
‫ظل األطماع والتنافس الكبير فيما بين الدول‪.‬‬
‫كما تطرقنا إلى محددات األمن الوطني الجزائري سواء الداخلية التي تتمثل في الموقع‬
‫الجغرافي الذي يلعب دور مهم في صياغة سياساتها الوطنية مما يمنحها مكانة إقليمية في‬
‫المنطقة‪ ،‬فبناء األمن الوطني ال يعتمد فقط على المحددات الداخلية بل يتجاوزها إلى ما وراء‬
‫حدودها لما يقتضيه ذلك من ضرورة وضع الدولة في إطار امتداداتها الجيوسياسية‬
‫والجيواقتصادية وكذلك الجيواستراتجية‪.‬‬
‫بعد استقالل الجزائر تبنت عدة مبادئ في سياستها الداخلية أو في تعامالتها اتجاه الدول‬
‫الجوار وهذا ما يظهر في صياغتها لسياستها األمنية التي تمثل تصورا أمنيا يحدد المنهجية‬
‫التي تقارب بها الدولة أمنها‪ ،‬كما يحدد كذلك أفضل السبل لتحقيها وعليه عادة ما تكون‬
‫مرجعية هذه السياسات عبارة عن أطروحات نظرية تتبناها الدولة وصناع القرار فيها‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫تمهيد‬
‫تعتبر الجزائر من الدول المستقلة حديثا‪ ،‬هذا ما أثر على إعادة بناء المؤسسات‬
‫الموروثة من عهد االستعمار المدمرة سواء في الجانب االقتصادي‪ ،‬السياسي وحتى في‬
‫الجانب االجتماعي‪ ،‬مما صعب األمر خاصة وأن اقتصادها ضعيف وال تملك المؤهالت‬
‫الكافية لتتكلف بكافة الجوانب‪ ،‬مما انعكس سلبا على األمن الداخلي للجزائر على جميع‬
‫األصعدة (السياسية‪ ،‬االقتصادية واالجتماعية وحتى الثقافية)‪.‬‬
‫تتمتع الجزائر بموقع جغرافي هام يطل على العديد من الجبهات( المتوسطية‪ ،‬العربية‪،‬‬
‫اإلفريقية)‪ ،‬هذا ما يجعلها تكسب أهمية جيوسياسية وجيو‪-‬اقتصادية في المنطقة تتفاعل‬
‫ضمنها فتأثر وتتأثر بما يدور في فلك هذه الدوائر‪ ،‬فرغم هذا تتأثر الجزائر بشكل كبير بما‬
‫يحدث على حدودها الجغرافية وخاصة أن المنطقة العربية واإلفريقية تعرفان العديد من‬
‫األزما ت مما يجعل إقليمها معرض دائما للخطر هذا ما يؤدي إلى ال أمن سواء على‬
‫المستوى الخارجي وحتى على المستوى الداخلي فجل هذه األوضاع تنعكس سلبا على األمن‬
‫الجزائري وتؤثر في سلوك الدولة الجزائرية‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬التهديدات الداخلية لألمن القومي الجزائري‬


‫عرفت الجزائر بعد االستقالل حركة إعادة بناء واسعة وتجربة تنموية ناﺷئة‪ ،‬إال أنها‬
‫ﺷهدت العديد من األزمات في كل مرحلة من مراحل البناء‪ ،‬سواء ما تعلق منها بالتحديات‬
‫السياسية أو التحديات الثقافية واالجتماعية أو التحديات االقتصادية أو كل هذه المﺷكالت‬
‫مجتمعة فانعكست سلبا على تفعيل التنمية السياسية في الجزائر‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تهديدات االستقرار السياسي‬

‫‪58‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫تعد الجزائر من بين أكثر الدول العربية التي ﺷهدت تحوالت عنيفة منذ نشوء الدولة‬
‫الحديثة في العشرينيات القرن الماضي وحتى وقتنا الحاضر‪ ،‬وقد كان لهذه التحوالت‬
‫واألحداث بقدر ارتباطها باعتبارات المصالح والسياسات والتحالفات الدولية واإلقليمية من‬
‫جهة أخرى وتضارب أو تالقي أفكار وأهداف األطراف والقوى السياسية الجزائرية المختلفة‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬أثارا ﺷملت مجمل نواحي الحياة في الجزائر ومن بينها النواحي السياسية‬
‫التي يمكن أن تعبر عنها بداللة الفاعلية السياسية واالستقرار السياسي‪.2‬‬
‫قبل التطرق إلى طبيعة النظام السياسي الجزائري‪ ،‬البد من االعتراف بأن الوضع‬
‫الحالي يجد له امتداد كبيرا في الماضي‪ ،‬وبالتالي فإن فهم وتفسير ما يجري حاليا البد أن يمتد‬
‫إلى اإلحاطة بحقائق الماضي‪ ،‬وعلى هذا األساس فإنه يمكننا التمييز بين مرحلتين أساسيتين‬
‫مر بهما النظام السياسي الجزائري‪ ،‬األولى هي مرحلة األحادية الحزبية التي اتجه فيها‬
‫النظام لبناء مؤسسات تستجيب لطابع الوحدوي في تسيير الدولة والمجتمع ومرحلة ثانية‬
‫اتسمت بالتعددية‪.3‬‬
‫فمنذ االستقالل عام ‪ ،1962‬حرصت الجزائر على األخذ بنظام الحزب الواحد (جبهة‬
‫التحرير الوطني) الذي عاﺷت من خالله في هدوء نسبي باالستناد إلى الشرعية التاريخية‬
‫التي جاء بها الكفاح المسلح ضد المستعمر الفرنسي‪ ،‬وعلى الرغم من كل محاوالت التوثيق‬
‫الدستورية والحزبية الداعية إلى تكريس حقيقة األخذ بنظام الحزب الواحد كحزب طليعي‬
‫يقود البالد في مرحلة بناء الثورة االﺷتراكية إال أن دورها ظل محدودا في الواقع مما يقرره‬
‫الرئيس منذ مرحلة البناء األولى وحتى بداية التحول إلى التعددية الحزبية‪.4‬‬
‫فقد جاء في دستور ‪ 1963‬في مادته ‪ 23‬بأن جبهة التحرير الوطني هو الحزب الطليعة‬
‫الواحد في الجزائر األمر الذي أكده ميثاق الجزائر ‪ ،1964‬الذي اعتبر مبدأ الحزب الواحد‬
‫قرارا تاريخيا لكونه"‪ ...‬يستجيب لإلرادة العميقة للجماهير الكادحة في المحافظة على‬
‫مكاسب الحرب التحرير وضمان مواصلة الثورة‪...‬فالحزب هو التعبير الصادق عن الشعب‬
‫واالنخراط فيه مرهون باإليمان بالتوجه االﺷتراكي‪ ،‬وهو إطار الديمقراطية الحقيقية ووسيلة‬
‫تحقيقها‪ ،‬و بالتالي المطلوب منه أن يخلق تصورا جديدا للديمقراطية يمكن للجميع من التعبير‬
‫على أنفسهم‪.5"...‬وتكريسا لنظام الحزب الواحد في النظام الجزائري فقد جاء في‬
‫دستور‪ 1976‬في مادته ‪ 94‬بأن" يقوم النظام السياسي الجزائري على مبدأ الحزب الواحد"‬
‫الذي تضمنه ميثاق ‪ 1976‬و كذلك ميثاق ‪.1986‬‬
‫لقد عمل النظام السياسي الذي أقيم عشية االستقالل على تجاهل االختالفات الموجودة‬
‫في المجتمع الجزائري‪ ،‬ونفي الصراع السياسي مما أدى إلى ظهور أحزاب سياسية معارضة‬

‫فاروق أبو سراج‪" ،‬النظام السياسي الجزائري‪ :‬دراسة مقارنة للنظام الجمهوري‪ ،‬الرئاسي‪ ،‬البرلماني الفرص والبدائل‪ »،‬مجلة دراسات ‪،‬‬
‫استراتيجية"‪ ،‬العدد ‪ ،02‬الجزائر‪ ،‬جوان ‪ ،2006‬ص ‪.07‬‬
‫‪2‬‬

‫‪-‬علي بوعنقة وعبد العالي دبلة‪ "،‬الدولة وطبيعة الحكم في الجزائر"‪ "،‬المستقبل العربي"‪ ،‬العدد ‪ ،225‬بيروت‪ ،‬نوفمبر ‪ ،1997‬ص ‪.60‬‬
‫‪3‬‬

‫‪-‬سليمان الرياشي وآخرون‪ ،‬األزمة الجزائرية‪ :‬الخلفيات السياسية واالجتماعية واالقتصادية والثقافية‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪،‬‬
‫‪ ،1999‬ص ‪.41‬‬
‫‪4‬‬

‫‪-‬ناجي عبد النور‪ ،‬النظام السياسي الجزائري من األحادية إلى التعددية السياسية‪ ،‬الجزائر‪ :‬منشورات جامعة ‪ 08‬ماي ‪ ،2006 ،1945‬ص‬
‫‪.86‬‬
‫‪5‬‬

‫‪59‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫تمارس نشاطها في السرية تمثلت في جبهة القوى االﺷتراكية التي أسسها "أيت أحمد" الذي‬
‫عارض النظام األحادي وسعى إلى إقامة نظام برلماني يعتمد التعددية الحزبية‪.6‬‬
‫ورغم كل ذلك أوجد النظام السياسي الجزائري آلية خاصة التي استعملها أثناء تداوله‬
‫السلطة‪ ،‬والتي من بينها عدم قبول ألي منافسة أو تهديد يمكن أن يأتي من الداخل أو الخارج‬
‫وفي كثير من األحيان استطاع أن يتخلص من منافسيه بطريقة سلمية‪ ،‬وفي بعض األحيان‬
‫بطرق عنيفة وهذا ما جعله يتسم بالصفة العسكرية التي أعطت الدور الرائد للجيش وليس‬
‫ألية قوة سياسية أخرى‪.7‬‬
‫ويمكن القول أن نظام الحكم في الجزائر قد مر بمرحلة أولى عملت من خاللها على‬
‫بناء مؤسساتها‪ ،‬و ذلك عبر مشروعها التنموي الذي أثر في تكون البنية االجتماعية الجزائرية‬
‫الحديثة بحيث سمح للبرجوازية الصغيرة أن تحتل مكانا قياديا ورياديا في جهاز الحكم‪ ،‬وهو‬
‫ما أثر على تكوين تحالفات جديدة ﺷاركت في العملية السياسية وأعطت الشرعية للنظام في‬
‫إبعاد كل النفقات التي يمكن أن تسبب تهديدا للسلطة‪ ،‬وهكذا تكونت جماعة جديدة ذات توجه‬
‫براغماتي مرتبطة بالجيش وتعمل من أجل تحقيق مصلحة الطبقة التي تؤيد مصالحه‬
‫وتوجهاته‪ ،‬و هو ما المشاركة في العملية السياسية من قبل الفئات االجتماعية األخرى جد‬
‫محدودة وذلك بسبب غياب المؤسسات السياسية المؤطرة للجميع من جهة وعزوفها عن‬
‫المشاركة من جهة أخرى‪.8‬‬
‫ونظرا للتسلط السياسي الذي فرضه الحزب الواحد نشأت أزمة سياسية ﺷديدة أسفرت‬
‫عن أحداث أكتوبر ‪ ،1988‬فقد كانت هذه األحداث عبارة عن بداية مسلسل تطور األزمة‬
‫الجزائرية بسبب األوضاع العامة لحياة المواطن‪ ،‬وخاصة منها االقتصادية المتسمة‬
‫باالنكماش ونقص التموين‪ ،‬واالجتماعية كتزايد البطالة والمعامالت البيروقراطية السلبية‬
‫وتنامي ظاهرة الرﺷوة واالختالسات وتالﺷي القيم‪ ،‬وال ﺷك أن سوء التسيير السياسي‬
‫واالقتصادي واإلداري هو المسؤول عن هذه األزمة مما أظهر الدولة عاجزة عن اإلمساك‬
‫بزمام الحكم‪.9‬‬
‫مما ال ﺷك فيه أن أحداث ‪ 5‬أكتوبر ‪ 1988‬قد مهدت للتغيير في طبيعة النظام السياسي‬
‫الجزائري وما يقوم عليه من ﺷرعية إذ اعتبرنا خطاب الرئيس السابق الشاذلي بن جديد في‬
‫‪ 19‬سبتمبر ‪ 1988‬بداية االنتقادات الحادة للحزب والحكومة‪ ،‬بسبب تقصيرهما في معالجة‬
‫المشكالت التي يعيشها المجتمع والنظام الجزائري‪ ،10‬وبدأت اإلصالحات الدستورية بالتعديل‬
‫الجزئي لدستور ‪ 1976‬في ‪ 03‬نوفمبر ‪ 1988‬وتمثلت هذه التعديالت في ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬خلق منصب رئيس الحكومة بهدف إبعاد رئيس الجمهورية عن المواجهة‬
‫وجعله ال يتحمل مسؤولية أخطاء التسيير التي تقع فيها الحكومة‪.‬‬

‫‪-‬سعيد بوشعير‪ ،‬النظام السياسي الجزائري‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار الهدى‪ ،1990 ،‬ص ‪.48‬‬
‫‪6‬‬

‫'سليمان الرباشي وآخرون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.209‬‬


‫‪7‬‬

‫‪-‬الطاهر خاوة‪ ،‬المشاركة السياسية في بلدان المغرب اتحاد المغرب العربي‪ :‬دراسة مقارنة الجزائر والمغرب‪ ،‬مذكرة ماجستير في العلوم‬
‫السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬تخصص دراسات مغاربية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2010 ،‬ص ‪.44‬‬
‫‪8‬‬

‫‪-‬محمد بلقاسم حسن بهلول‪ ،‬الجزائر بين األزمة االقتصادية واألزمة السياسية‪ ،‬الجزائر‪ :‬مطبعة دحلب‪ ،1993 ،‬ص ‪.78‬‬
‫‪9‬‬

‫‪ -‬ناجي عبد النور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.142‬‬


‫‪10‬‬

‫‪60‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ ‬تعديل المادة الخامسة من الدستور ‪ 1976‬إلغاء الفقرتين الثانية والتاسعة من‬


‫المادة ‪ 111‬من دستور ‪.1976‬‬
‫‪ ‬منح االستقاللية للمنظمات الجماهيرية والتنظيمات المهنية عن وصاية وسيطرة‬
‫‪11‬‬
‫الحزب‪.‬‬
‫وتكملة هذه التعديالت‪ ،‬جاء دستور ‪ 23‬فيفري ‪ 1989‬ليكرس االنفتاح على التعددية‬
‫الحزبية وإرساء دعائم النظام الديمقراطي الذي يتجلى في فصل السلطات والتداول على‬
‫الحكم‪ ،‬إال أن هذا التغيير السياسي يمثل جانبا من تطلعات الشعب في المسار التطوري العام‬
‫للمجتمع‪ ،‬و لكن الجانب الرئيسي الذي كان موضوع التنديد بالنظام هي المشاكل االقتصادية‬
‫واالجتماعية المتفاقمة والناتجة عن عجز النظام في تسيير ﺷؤون البالد‪.‬‬
‫ويقضي دستور ‪ 1989‬بانتخاب رئيس الجمهورية عبر االقتراع السري العام المباﺷر‬
‫لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة‪ ،‬ورئيس الجمهورية يرأس القوات المسلحة وهو‬
‫المسؤول عن الدفاع الوطني‪ ،‬أن يكون من أصل جزائري ويكون مسلما باإلضافة إلى‬
‫وجوب تخطيه سن األربعين‪.‬‬
‫لقد فتح دستور ‪ 1989‬في مادته ‪ 40‬عهدا جديدا لنظام الحكم في البالد عندما نصت‬
‫ذات المادة على حق إنشاء الجمعيات ذات طابع سياسي‪ ،‬والتي تم تنظيمها عن طريق القانون‬
‫الصادر في ‪ 05‬جويلية ‪.1989‬‬
‫أما فيما يخص مسألة التداول على السلطة‪ ،‬نالحظ تطورا إيجابيا بالنسبة للجزائر حيث‬
‫أنه في الثالثين سنة التي أعقبت االستقالل‪ ،‬تداول ثالث رؤساء جزائريين على الحكم‪ ،‬فيما‬
‫ﺷهدت الفترة الممتدة بعد ذلك أي من ‪ 1999-1992‬تعاقب أربعة رؤساء على الحكم‪ ،‬لكن‬
‫من وجهة نظر أخرى يرى البعض أن هذا التداول أفرغ من محتواه الحقيقي‪ ،‬حيث أن أمر‬
‫هذا التداول محتكر من طرف الفئة الحاكمة لم تنتقل السلطة من النظام إلى المعارضة سنة‬
‫‪ 1991‬ولكن في هذه السنة تمت انتخابات تشريعية فازت بها الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ وتم‬
‫توقيف المسار االنتخابي على إثرها‪.12‬‬
‫أما بشأن العالقات بين السلطات الثالث‪ ،‬فإنها تعبر عن خلل واضح بين السلطتين‬
‫التنفيذية و التشريعية حيث نالحظ هيمنة األولى على الثانية من خالل الصالحيات الممنوحة‬
‫للرئيس‪ ،‬والمخولة له الحق في التشريع بأوامر في ظل ﺷعور المجلس الشعبي الوطني أو‬
‫بين دورتي انعقاده العاديتين أو في حالة االستثناء هذا في دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪ ،1996‬بينما‬
‫في دستور ‪ 23‬فيفري ‪ 1989‬لم يكن يثبت له هذه الرخصة إال في حالة االستثناء فقط‪،13‬‬
‫ولكن وبسبب القصور الذي أخذ بفكرة الجمود النسبي بمعنى أنه يسمح بالتعديل لكن بموجب‬
‫إجراءات أكثر تعقيدا من تلك المتبعة في وضع النصوص التشريعية تتمثل هذه اإلجراءات‬
‫فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬ناجي عبد النور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.143‬‬


‫‪11‬‬

‫‪-‬عمر فرحاتي‪ ،‬النظم السياسية بين سلبية الثبات وإيجابية التغيير "مجلة العلوم اإلنسانية"‪ ،‬العدد‪ ،02‬جوان ‪ ،2002‬ص ‪.78‬‬
‫‪12‬‬

‫‪-‬علي الدين هالل و نفين سعد‪ ،‬النظم السياسية العربية‪ :‬قضايا االستمرار و التغيير‪ ،‬ط‪ ،2‬بيروت‪ :‬مركز الدراسات الوحدة العربية‪،2002 ،‬‬
‫ص‪.131‬‬
‫‪13‬‬

‫‪61‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫مرحلة المبادرة‪ :‬بالرجوع إلى باب الرابع من كال الدستورين ‪ 1989‬و‪ 1996‬نجدهما‬
‫قد حددا الجهة المكلفة باقتراح التعديل الدستوري‪:‬‬
‫‪ ‬بالنسبة لدستور ‪ 1989‬قصر حق المبادرة على رئيس الجمهورية وحده‪ ،‬األمر‬
‫الذي يعني رجحان كفة السلطة التنفيذية على حساب السلطة التشريعية وهذا ما‬
‫نصت عليه المادة ‪ 163‬منه‪.‬‬
‫‪ ‬أما دستور ‪ 1996‬فقد تميز بديمقراطية أكثر إذ جعل السلطة التشريعية مخولة‬
‫لالقتراح تعديل دستوري إن توفر نصاب ¾ أعضاء الغرفتين معا‪ ،‬لكن هذه‬
‫المبادرة البد أن تمر على رئيس الجمهورية الذي له كامل السلطة التقديرية‬
‫لقبوله أو رفضه‪.‬‬
‫‪ ‬إن دستور ‪ 1989‬لم يحتوي على نص يبين الهيئة المكلفة برئاسة الدولة حينما‬
‫يقترن ﺷغور منصب رئاسة الجمهورية بسبب اإلسقالة مع ﺷغور المجلس‬
‫الشعبي الوطني بسبب الحل‪ ،‬ليعلن بذلك حالة الفراغ الدستوري‪ ،‬وحتى ال تظل‬
‫البالد دون مؤسسات قام المجلس األعلى لألمن بإنشاء هيئة أسند إليها مهمة‬
‫رئاسة الدولة هو المجلس األعلى للدولة‪ ،‬ليليها فيما بعد إعداد أرضية الوفاق‬
‫الوطني‪ ،‬إال أن األوضاع لم تبق على تلك الحال إذ سرعان ما تم الرجوع إلى‬
‫المسار االنتخابي من جديد‪ ،‬وكان أهم موعد انتخابي هو االستفتاء الشعبي يوم‬
‫‪ 28‬نوفمبر ‪ 1996‬من أجل التعديل الدستوري الذي تضمن تنظيما جديدا‬
‫للسلطات‪.‬‬
‫لقد تحتم إجراء تعديالت عليه في سنة ‪ 1996‬لتؤكد هيمنة المؤسسة التنفيذية وعلى‬
‫رأسها رئيس الجمهورية وتتجلى مظاهر تقوية المؤسسة التنفيذية من خالل‪:‬‬
‫‪ ‬توسيع صالحيات رئيس الجمهورية لتمتد إلى مجال عمل السلطة التشريعية‬
‫والقضائية والدبلوماسية والعسكرية‪.‬‬
‫‪ ‬إضعاف البرلمان بجعله في مجلسين وإخضاع كل القوانين التي يصادق عليها‬
‫المجلس الشعبي الوطني لمراقبة وموافقة مجلس األمة‪.‬‬
‫‪ ‬تقييد البرلمان بقيود تجعله حبيس المؤسسة التنفيذية بحيث تمنح حق التشريع‬
‫لرئيس الجمهورية بأوامر في حالة ﺷغور المجلس الشعبي الوطني أو بين‬
‫دورتي البرلمان أو في حالة االستعجال وفقا للمادة ‪ 120‬من دستور ‪.1996‬‬
‫‪ ‬أزمة الﺷرﻋية‬
‫ﺷكلت أزمة الﺷرعية األزمة األكثر خطورة منذ اإلستقالل‪ ،14‬وضمن هذا اإلطار يقول‬
‫الكاتبان " جون لوكا وكلود فاتان "أن كافة األزمات الجزائرية تتمحور حول قضية‬
‫الﺷرعية‪ ،15‬التي تمثل مفتاحا أساسيا لفهم مختلف األزمات والمﺷكالت التي عرفها النظام‬
‫السياسي الجزائري‪ ،‬ومصدرا لجميع النكسات التي تعرض لها النظام في بناء الدولة‬
‫واالقتصاد‪ ،‬وحتى في بناء مﺷروع المجتمع الذي حاولت النخبة أن تنجزه‪ ،‬ومع استمرار‬

‫‪14‬‬
‫‪-Mahmoud Manshipouri, Democratization, liberalization and Human Right in the third world, London:‬‬
‫‪Reinen publishers INC, 1995, p 578.‬‬
‫‪-‬صالح بلحاج‪ ،‬المؤسسات السياسية الجزائرية عند جون لوكا وجون كلود فاتان‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬معهد الترجمة‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،1988 ،‬ص‬
‫‪.22-20‬‬
‫‪15‬‬

‫‪62‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أزمة الﺷرعية أخفقت اإلصالحات وتفاقمت مﺷكالت عدم االستقرار‪ ،‬واتسعت الفوارق‬
‫والفجوات في المجتمع أي أن مأزق الدولة التسلطية أدى إلى التخلف والتبعية‪ ،‬ومن ثمة‬
‫يمكن قراءة اﻵثار السلبية المترتبة على أزمة الحكم وارتباطاتها المباﺷرة بمختلف األوضاع‬
‫االستثنائية التي عرفتها الجزائر‪ ،‬وإخفاق جل محاوالتها في اإلصالح والتنمية السياسية‪.16‬‬
‫وحتى أن نهﺞ التعددية واإلصالحات السياسية التي أقدم عليها النظام السياسي‬
‫الجزائري‪ ،‬لم تسعفه في تغيير طبيعته القائمة على إحتكار مصادر القوة والسلطة‪ ،‬ولهذا تفقد‬
‫التعددية مضمونها السليم المتمثل في تقوية الترابط والتفاعل بين النظام السياسي والشعب‪،‬‬
‫األمر الذي ينعكس على طبيعة النظام السياسي وقدرته على ضبط التغيرات الحاصلة في‬
‫الواقع السياسي الجزائري‪ ،‬وهو الحال سيجعل من النظام مستخدما للقوة والعنف واإلقصاء‬
‫ضد المعارضة الوطنية‪ ،‬ما يعني مناهضة أي اتجاه يحاول النيل من ﺷرعية النظام القائم أو‬
‫التغيير في طبيعته التي يدعمها الجيش و يحافظ عليها‪.17‬‬
‫ومن أه م أسباب ظهور أزمة الشرعية كذلك ما يرتبط بإخفاق الدولة في مجاالت تحقيق‬
‫االندماج السياسي واالجتماعي والتنمية االقتصادية والعدالة في توزيع الثروة والسلطة‪ ،‬وهو‬
‫ما أدى إلى تعثرها في أن تكون (وعاء لسياسة وطنية أو تعكس المصالح الوطنية العامة‪،‬‬
‫فهناك استراتيجيات فئوية وخاصة تعوق نضوج الدولة كوعاء للمواطنة‪ ،‬وتأكيد أهمية الدولة‬
‫القانونية والديمقراطية كوعاء لتنمية مفهوم المواطنة مقابل مفهوم الزبونية والمحسوبية‪،‬‬
‫ويتجاوز الوالءات الدينية والقبلية نحو الوالء للدولة والقانون)‪.18‬‬
‫‪ ‬أزمة المشاركة السياسية‬
‫تعتبر أزمة المشاركة السياسية في الجزائر من أهم المواضيع التي لها أثر في إرساء‬
‫البناء المؤسسي للدولة‪ ،‬وتشكل عائقا أمام عملية التنمية السياسية ومن مظاهر هذه األزمة هو‬
‫العزوف عن العمل السياسي والتغيب عن العملية االنتخابية‪ ،‬الناتﺞ عن إيمان الناخبين بعدم‬
‫إمكانية تحقيق تغيير حقيقي من خاللها طالما أن النتائﺞ لم تكن دائما تعبيرا عن إرادتهم‪.‬‬
‫تمثلت هذه األزمة في عجز المؤسسات والهياكل السياسية عن استيعاب كل القوى‬
‫الموجودة في المجتمع‪ ،‬ورفض النخب الحاكمة المتسلطة إﺷراك هذه القوى في صناعة‬
‫واتخاذ القرار الوطني‪ ،‬وبالتالي فالسلطة لم تحترم في عالقتها مع المجتمع مبدأ المشاركة‬
‫السياسية كأساس ألية عالقة صحية ما بين المجتمع المدني والمجتمع السياسي‪ ،‬حيث‬
‫سيطرت المؤسسة العسكرية على مقدرات الحياة السياسية وكان التصور السائد للمشاركة في‬
‫هذا اإلطار أقرب لمفهوم التعبئة ‪ Mobilization‬منه إلى المشاركة قائمة على مبدأ‬
‫"انضمام‪ -‬مشاركة"‪ ،‬أي مشاركة يسبقها انضمام لخيارات سياسية تقرر بعيدا عن أي‬
‫مساهمة في ظل غياب ألدنى مشاركة فعلية متبوعة بمعارضة‪.19‬‬

‫‪-‬محمد حليم لمام‪ ،‬ظاهرة الفساد السياسي في الجزائر‪ :‬األساليب واآلثار واإلصالح‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،2011 ،‬ص ‪.24‬‬
‫‪16‬‬

‫‪-‬خميس حزام والي‪ ،‬إشكالية الشرعية في األنظمة السياسية العربية‪ :‬مع اإلشارة إلى تجربة الجزائر‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪،‬‬
‫‪ ،2003‬ص ‪148‬‬
‫‪17‬‬

‫‪-‬حسين توفيق إبراهيم‪ ،‬النظم السياسية العربية‪ :‬االتجاهات الحديثة في دراستها‪ ،‬ط‪ ،2‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،2008 ،‬ص‬
‫‪.101‬‬
‫‪18‬‬

‫‪-Jocelyne Cesari, « L’Etat Algérien Protagoniste de la crise », In Peuple Méditerranéens, L’Algérie en Contre‬‬
‫‪19‬‬

‫‪champs, N° 70-71, 1995, p 189.‬‬

‫‪63‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫لذا تبرز أزمة المشاركة السياسية ال تختلف عن تلك التي سادت في عهد الحزب‬
‫الواحد‪ ،‬الذي تميز باالحتكار السياسي وسيطرة ذهنية التسيير المركزي للشؤون السياسية‬
‫الوطنية والمحلية‪ ،‬ما أدى إلى غياب فعلي للقنوات الوسيطة بين المواطن والدولة كذا فقدان‬
‫حق التصويت على مضمونه كصورة للمشاركة المباﺷرة‪ ،‬حيث كان التصويت في‬
‫االنتخابات مجرد إجراء ﺷكلي لتحديد الفائز في تلك العمليات االنتخابية‪ ،‬فهو أداة لتزكية‬
‫المرﺷح و ال أكثر‪ ،‬ما أفقد المواطن فرصة التعبير وممارسة الرقابة الشعبية خاصة فيما يتعلق‬
‫بمجال إصدار القرارات السياسية‪ ،‬حيث أن هذه القرارات كثيرا ما ارتبطت أساسا بمصالح‬
‫الشخصيات السياسية وأصحاب النفوذ وجماعات المصالح على حساب خدمة المصلحة‬
‫العامة وأدى تغييب دور األفراد والمؤسسات الدستورية إلى األحادية في صياغة واتخاذ‬
‫القرار‪.20‬‬
‫هذه التجربة السلبية تركت بصماتها على الممارسة السياسية في عهد االنفتاح‬
‫الديمقراطي‪ ،‬إذ بقيت المشاركة عديمة الفعالية حتى مع تعدد األحزاب والتنظيمات‬
‫السياسية‪ ،21‬حيث نجد انحصار المشاركة السياسية التي أصبحت موسمية وظرفية ترتبط فقط‬
‫بالمواعيد االنتخابية‪ ،‬و اتخذت ﺷكل التعبئة بغرض خلق مساندة دون أن تعبر عن مشاركة‬
‫حقيقية نابعة من اهتمام ﺷعبي بما يجري في المجتمع السياسي‪ ،‬بل واستفحل األمر إلى درجة‬
‫بروز ظاهرة المقاطعة وعدم االكتراث باالنتخابات‪ ،‬حيث لم تتجاوز نسبة المﺷاركة في‬
‫االنتخابات التﺷريعية التي جرى تنظيمها في ‪30‬ماي ‪ 2002‬مثال ‪ %46.09‬أي أن أكثر من‬
‫نصف المنتخبين المسجلين امتنعوا عن التصويت‪ ،‬كما لم تتجاوز نسبة المﺷاركة في‬
‫االنتخابات التﺷريعية لسنة ‪ ،%35.65 2007‬فمن مجموع ‪ 18‬مليون و‪ 760‬ألف ناخب لم‬
‫يصوت سوى ‪ 06‬مليون و ‪ 68‬ألف‪ ،‬وبلﻎ عدد األصوات المعبر عنها ‪ 05‬مليون و‪726‬‬
‫ألف أي حوالي ‪12‬مليون قاطعوا االنتخابات‪ ،‬هذا ما يبين أن فئة عريضة من المواطنين لم‬
‫تقتنع ال باالنتخابات وال بالمرﺷحين‪ ،‬وبالتالي فقدت عملية االنتخابات دورها في التعبير‬
‫والمحاسبة‪.22‬‬
‫‪ ‬غياب مؤسسات المجتمع المدني‬
‫لم يعد باإلمكان أن نتحدث عن جدوى إحداث تطور اجتماعي واقتصادي وسياسي أو‬
‫تنموي‪ ،‬دون العودة إلى تكوينات مؤسسات المجتمع المدني‪ ،‬حيث يوجد ارتباط وثيق بين نمو‬
‫وتطور المجتمع المدني وتحقيق التنمية السياسية‪ ،‬واعتماد كل منهما على األخر كسبب‬
‫ونتيجة‪.‬‬
‫لكن ما يالحظ على النﺷاط الجمعوي في الجزائر أنه يعاني من معوقات عديدة تحد من‬
‫فاعليته كأداة ووسيلة مطلبية لتحقيق التغييرات الالزمة في البيئة (السياسية واالجتماعية‬
‫والثقافية واالقتصادية)‪ ،‬نتيجة السياسة المنتهجة من طرف السلطة في التعاطي مع منظمات‬
‫المجتمع المدني‪ ،‬والتي تتسم باالرتجالية و المناسباتية فال توجد سياسة واضحة لدى الدولة‬
‫تقوم من خاللها على إﺷراك كل المؤسسات بما في ذلك الجمعيات في تسيير الﺷؤون المحلية‬
‫وبطريقة منهجية‪ ،‬باإلضافة إلى طبيعة المؤسسات القائمة واألفكار الجارية في التﺷكيلة‬

‫‪-‬ركاش جهيدة‪ ،‬قسايسية إلياس‪ ،‬التحديات الثقافية واالجتماعية للتنمية السياسية في الجزائر وآليات تفعيلها‪ ،‬جامعة حسيبة بن بوعلي‪-‬الشلف‪.-‬‬
‫‪20‬‬

‫‪-‬محمد حليم ليمام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.139‬‬


‫‪21‬‬

‫‪-‬ركاش جهيدة‪ ،‬قسايسية إلياس‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪22‬‬

‫‪64‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫اإليديولوجية السائدة‪ ،‬وكذا الثقافة السياسية المنتﺷرة وكلها جاذبيات مؤثرة بﺷكل حاسم هذا‬
‫من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى نالحظ أن المالمح العامة للحياة السياسية ونزعات األﺷخاص‬
‫الفاعلة بتحركاته الفعلية تساهم في عملية لجم المجتمع المدني وتعطيله‪.23‬‬
‫وبﺷكل عام فإن تنظيمات المجتمع المدني تعاني العديد من المﺷاكل والعثرات يمكن‬
‫تلخيصها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬إن الثقافة السياسية في المجتمع الجزائري في حد ذاتها تتنكر لدور المجتمع‬
‫مدني وتدفع بالسلطة دوما إلى التﺷكيك في بعض أنﺷطته‪ ،‬ويظهر ذلك من خالل وضع تنظيم‬
‫مﺷدد له إلمكان لجمه والسيطرة عليه وإبعاده من أن يكون مصدر تهديد لنظام الحكم‪.‬‬
‫‪ -‬عدم تفاعلها مع محيطها الداخلي ومثيالتها في العالم‪ ،‬باإلضافة إلى تقاعس‬
‫مؤسسات المجتمع المدني عن التنسيق فيما بينها‪ ،‬والسعي لتقوية المﺷاركة في الحياة العامة‬
‫والدفاع عن استقالل العمل األهلي‪ ،‬في مواجهة تسلط الدولة واحتكار النخبة الحاكمة لعملية‬
‫الممارسة السياسية ولصناعة القارارت والقوانين‪.‬‬
‫‪ -‬ضعف التنظيم وغياب االحترافية لدى النﺷطين في تنظيمات المجتمع المدني‪،‬‬
‫مما يجعلها غير قادرة على مواجهة المﺷكالت واالضطالع بالمهام الموكلة إليها‪.24‬‬
‫‪ -‬إن الموارد التي تمتلكها مؤسسات وجمعيات المجتمع المدني تعد من أهم‬
‫متطلبات قيامه بأدواره المختلفة‪ ،‬وبالتالي فإن قلة الموارد المالية لدى مؤسسات المجتمع‬
‫المدني في الجزائر تعد من أهم أسباب ضعفها‪.‬‬
‫‪ -‬عدم توفر أفراد المجتمع المدني على ثقافة تنظيمية راقية تساعدهم على النﺷاط‬
‫في إطار اجتماعي منظم يتماﺷى وحاجيات المجتمع والدولة‪ ،‬وليس التسلط واستغالل النفوذ‬
‫من أجل تلبية مصالحهم الضيقة‪.‬‬
‫وعليه كان هناك غياب فعلي للقنوات الوسيطة بين المواطن والدولة رغم وجودها‬
‫الﺷكلي‪ ،‬فاقتصرت مﺷاركة هؤالء فقط على ممارسة حقهم في عضوية تلك التنظيمات دون‬
‫المﺷاركة الفعلية في صنع القرار وتوجيهه‪ ،‬وبالتالي يتبين ضعف دور المجتمع المدني(‬
‫بنيويا ووظيفيا) في التنمية السياسية بالجزائر‪ ،‬بسبب نزوع السلطة نحو الهيمنة على‬
‫تنظيمات المجتمع المدني وتدخلها المستمر في ﺷؤونها‪ ،‬من خالل فرض الكثير من القيود‬
‫السياسية واإلدارية والمالية عليها مما يحد من فعاليتها واستقالليتها‪ ،‬كما أن منظمات المجتمع‬
‫المدني لم تتصف بالمرونة الالزمة لتتمكن من أداء دورها كفاعل في عملية التنمية والتغيير‬
‫السياسي‪ ،‬بل على العكس من ذلك يتميز ب " الجمود المؤسسي"‪ ،‬أي إنحالل األطر‬
‫التنظيمية القائمة وقلة تمايزها وتنوعها‪ ،‬وبالتالي فهي أقل مرونة في مواجهة مﺷاكل التحديث‬
‫وأزماته ولم يعد بإمكانها أداء أدوارها في التعبير‪-‬كما يجب‪ -‬عن المصالح واألغراض‬
‫المنوطة وصياغة سياسات تتفق مع هذه األغراض‪.25‬‬

‫‪-‬هشام عبد الكريم‪ ،‬المجتمع المدني ودوره في التنمية السياسية بالجزائر ‪ ،1999-1989‬مذكرة ماجستير‪ ،‬كلية العلوم السياسية واإلعالم‪ ،‬جامعة‬
‫الجزائر‪ ،2006 ،‬ص ‪.161‬‬
‫‪23‬‬

‫‪-‬بن يمينة شايب الذراع‪ ،‬وضعية المؤسسات الديمفراطية المقامة وأثرها على عملية التحول الديمقراطي في الجزائر‪ ،‬في مجموعة من الباحثين‪،‬‬
‫المجتمع المدني والتطور السياسي بالمنطقة العربية‪ ،‬أعمال الملتقى الوطني الثالث‪ ،‬مخبر البحوث والدراسات في العالقات الدولية‪ ،‬جامعة‬
‫الجزائر‪ ،2012 ،‬ص ‪.190‬‬
‫‪24‬‬

‫‪-‬هشام عبد الكريم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.161‬‬


‫‪25‬‬

‫‪65‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ ‬غياب االستقرار السياسي‬


‫إن المتتبع للمﺷهد السياسي الجزائري منذ االستقالل وحتى الوقت الراهن‪ ،‬يالحظ أن‬
‫النظام السياسي الجزائري تميز في العديد من المرات بعدم االستقرار‪ ،‬سواء في األبنية‬
‫الحكومية أو في العالقات السياسية واالجتماعية هذا ما يؤثر سلبا على مسار التنمية السياسية‬
‫وتجسيد حكم الراﺷد فيها‪.‬‬
‫ويظهر الالستقرار السياسي في عدة مسـتويات‪ ،‬كعدم االستقرار على مستوى‬
‫النخبة الحاكمة وفي التغييرات السريعة في ﺷغل المناصب واألدوار السياسية‪ ،‬وعـدم‬
‫االسـتقرار على مستوى المؤسسات السياسية‪ ،‬وعدم استقرار السلوك السياسي حيث انتﺷار‬
‫العنف بﺷتى أنواعه وأﺷكاله‪.26‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تهديدات األمن االقتصادي‬
‫يمكننا االنطالق في تﺷخيص األزمة التي تعانيها التنمية السياسية بتسليط الضوء على‬
‫البعد االقتصادي‪ ،‬باعتباره بعدا أساسيا لها‪ ،‬حيث تعتبر المعضلة االقتصادية عامل سلبي‬
‫وغير مﺷجع إليجاد تنمية سياسية فعالة في الجزائر‪ ،‬فتغيير مسار أسس التنمية منذ حوادث‬
‫‪ 05‬أكتوبر ‪ 1988‬إلى اليوم‪ ،‬من األحادية واالقتصاد المخطط وما يتضمنه من قواعد‬
‫وإجراءات‪ ،‬إلى التعددية الحزبية واقتصاد السوق وما يجب أن يصاحبهما من تغييرات في‬
‫القيم واألساليب والسلوك‪ ،‬كل هذا التغيير والتحول يتمحور حول االستراتيجية الجديدة للتنمية‬
‫وإعادة تأسيس لدور الدولة‪ ،‬وهذا جاء نتيجة ألوضاع سلبية أدت إلى حدوث أزمات‬
‫ومشكالت لم تستطع السياسة التنموية المعتمدة والموجهة من االستجابة لجملة المطالب‬
‫المطروحة‪.‬‬
‫كما يالحظ في بنية االقتصاد الجزائري خالل هذه الفترة هو هيمنة قطاع المحروقات‬
‫وتبعية االقتصاد لهذا القطاع اإلستراتيجي‪ ،‬حيث تمثل المحروقات ما يعادل ‪ % 96‬من‬
‫إجمالي الصادارت‪ ،‬مما يﺷكل خطرا في حالة حدوث أي انخفاض في أسعار البترول وهو ما‬
‫حدث بالفعل بعد الهبوط الكبير والحاد ألسعار النفط في اﻵونة األخيرة (نهاية سنة ‪ 2014‬إلى‬
‫اليوم)‪ ،‬حيث ﺷرعت الجزائر في تطبيق سياسة تقﺷفية في جل القطاعات خوفا من حدوث‬
‫أزمة اقتصادية باعتبار أن الجزائر لم تستغل فرصة الوفرة المالية الناتجة عن ارتفاع أسعار‬
‫النفط طيلة السنوات العﺷر األخيرة ببناء مﺷاريع تنموية تقلص من اعتمادها الكلي على‬
‫المداخيل النفطية‪ ،27‬فاإلﺷكالية األولى التي تواجهها التنمية في الجزائر هي التنسيق بين‬
‫القطاعات الرئيسية‪ ،‬الصناعة‪ ،‬الفالحة‪ ،‬وطرق توظيف التكنولوجيا الحديثة‪ ،‬وبالتالي فإن‬
‫غياب هذا التنسيق وتفضيل قطاع على آخر دون حساب لنتائﺞ عدم التوازن هذا‪ ،‬جعل‬
‫الجزائر وبعد سنوات من انطالق نموذجها التنموي من أكثر الدول تبعية للخارج وخاصة في‬
‫مجال المواد الغذائية‪.‬‬
‫إن مختلف السياسات والبرامﺞ التنموية التي رسمتها السلطات العمومية وبالرغم مما‬
‫حققته من إصالحات هيكلية ومالية‪ ،‬إال أن هذه الجهود لم ترقى إلى عمق اإلصالحات‬
‫الحقيقية بأبعادها االجتماعية والثقافية‪ ،‬خاصة ولم يتم بعد اإلقالع التنموي بالرغم من توافر‬
‫أرضية مالية مربحة‪ ،‬فال يزال الوضع على حاله حيث يرى المالحظون أن مخطط اإلنعاش‬

‫‪ -‬ركاش جهيدة‪ ،‬قسايسية إلياس‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪26‬‬

‫‪-‬عبد الحميد براهيمي‪ ،‬المغرب العربي في مفترق الطرق في ظل التحوالت العالمية‪ ،‬لبنان‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،1996 ،‬ص ‪.102‬‬
‫‪27‬‬

‫‪66‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫االقتصادي لم يحقق النتائﺞ المرجوة‪ ،‬ولم يفصل في اإلجراءات المتعلقة بخصخصة هذه‬
‫المؤسسات‪ ،‬ومازالت مؤسســات االقتصاد تعاني من مﺷاكل ال حصر لها نتيجة غياب‬
‫اإلستراتيجية الكبرى التي من ﺷأنها أن تولد النمو وتخلق القيمـة المضافة‪ ،‬فكان لهذا الوضع‬
‫الصعب انعكاسات سلبية على النظام السياسي الجزائري‪.‬‬
‫وبالتالي يتضح لنا أن التنمية السياسية فـي الجزائر تعاني مﺷكالت نوعية كثيرة‬
‫متداخلة ذات تأثيرات عديدة‪ ،‬وحلها يحتاج إلى جهود كبيـرة وخطوات جريئة ومﺷاركة فعالة‬
‫من جميع الفئات واألطراف المسؤولة عن اتخاذ القرارات وتنفيذها وعن واضعي األهداف‬
‫ومحققيها‪ ،‬مﺷاركة تبدأ بالتنسيق بين األهداف العامة واألهداف الخاصة بﺷكل عام‪ ،‬وبين‬
‫أهداف القوى العاملة الﺷخصية وأهداف النظام بﺷكل خاص‪ ،‬بحيث يكون تحقيق أي هدف‬
‫هو وسيلة أو خطوة هامة لتحقيق الهدف األخر‪ ،‬وتحقيق أهداف كل منها يخدم عملية التنمية‬
‫ويفعلها‪.28‬‬
‫يتفق معظم الباحثين في الميدان الجيو‪-‬اقتصادي والجيو‪-‬استراتيجي على أن الدولة‬
‫الجزائرية باتت حاليا و أكثر من أي وقت مضى في مواجهة جملة من التحديات المختلفة التي‬
‫تصل إلى درجة التهديدات ال ّمشكلة لخطر ليس فقط على توازناتها االقتصادية االجتماعية‬
‫والسياسية بل يصل هذا الخطر إلى درجة تهديد أمنها القومي في حد ذاته‪ .‬وتأسيسا على ما‬
‫سبق التقدم به نتساءل جدال ونقول فيما تتمثل هذه األخطار؟ في اﻵفاق المقبلة؟‬
‫يتفق الجميع على أن االقتصاد الوطني الجزائري اقتصاد ريعي بشكل ﺷبه مطلق‬
‫و االقتصاديات الريعية تعني فيما تعنيه االقتصاديات التي تعتمد في تحقيق غالبية إيراداتها‬
‫السنوية على العائدات المالية واالستثمارية الناتجة عن استغالل ثروات وموارد طبيعية‬
‫كالمحروقات والتي ليس لإلنسان وجهده العضلي والفكري أي دور في خلقها وعلى هذا‬
‫األساس تشكل نسبة المحروقات (النفط والغاز الطبيعي) في اإليرادات الجزائرية أغلبية‬
‫مداخيل الجزائر‪ .‬فبخصوص الميزانية نجد أن أكثر من ‪ 60‬بالمائة من حجم هذه األخيرة‬
‫تأتي من أموال وعائدات الجبانة النفطية والغازية (الضرائب المحصلة من القيمة المالية‬
‫لتصدير المحروقات)‪ ،‬إضافة إلى كون أن ما يناهز ‪ 98‬بالمائة من صادرات الجزائر‬
‫الخارجية عبارة عن محروقات ومواد أولية خامة وهي التبعية التي أخذت تتعاظم عبر‬
‫السنين المختلفة لتصل إلى حوالي ‪98‬بالمائة‪.‬‬
‫لذا فإن من الخطر في هذا الصدد يتمثل في أن استمرارية هذا الوضع لسنوات قادمة‬
‫وفي ظل أزمة انهيار أسعار النفط التي تشهدها األسواق الدولية في الوقت الراهن سيقود دون‬
‫ﺷك نحو أزمة اقتصادية وطنية ثم اجتماعية ثم سياسية فأمنية‪.‬‬
‫فإذا علمنا بأن االحتياطات النفطية والغازية المؤكدة للجزائر ال تتجاوز حاليا ‪ 12‬مليار‬
‫برميل وبالنسبة للنفط ‪ 4500‬مليار م‪ 3‬بالنسبة للغاز الطبيعي وفي ظل البحث المتواصل عن‬
‫أنجع الطرق المناسبة لالستغالل العقالني الحتياطات الجزائر المالية والتي جنتها في‬

‫‪-‬حميدة عدوم‪ ،‬التنمية السياسية في الجزائر ‪ ،2012-1989‬شهادة ماستر في العلوم السياسية‪ ،‬تخصص سياسات عامة مقارنة‪ ،‬جامعة العربي بن‬
‫مهيدي أم البواقي‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم العلوم السياسية‪ ،2015-2014 ،‬ص ‪.66‬‬
‫‪28‬‬

‫‪67‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫السنوات التي عرفت ارتفاع أسعار المحروقات‪ .29‬وذلك لبلورة مشروع وطني اقتصادي‬
‫متكامل يقوم على توازنات هادفة لبناء خطة إصالحية للتنمية المستدامة فإن الجزائر وحسب‬
‫رأي الخبراء االقتصاديين قد تدخل في السنوات المقبلة في ظل تواصل ارتفاع الطلب‬
‫الداخلي على النفط والغاز‪ ،‬وفي ظل تزايد عدد سكان الجزائر حيث سيصلون إلى حوالي ‪50‬‬
‫مليون في أفاق ‪ 2025‬مما يعني ضرورة زيادة معدالت االستيراد لمواجهة طلبات هؤالء‬
‫السكان والتي ستصل إلى حدود ‪ 70‬مليار أورو في أفاق ‪ 2020‬على األكثر‪.30‬‬
‫بينما تتراجع إيرادات البالد إلى أقل من ‪ 40‬مليار أورو سنويا بسبب من جهة تقلبات‬
‫أسعار النفط والغاز الطبيعي والتي بدأت معالمها األولى في الظهور منذ اﻵن والتراجع الذي‬
‫ستعرفه صادرات البالد من المحروقات مستقبال من جهة أخرى قد تدخل في مرحلة من‬
‫الضعف العام التي قد تصل إلى انفجار أزمة اقتصادية كبرى ﺷبيهة بأزمة ‪1988‬م التي‬
‫قادت الجزائر في تلك الفترة إلى وضعية االستدانة الخارجية ومن ثمة إعادة الهيكلة والوقوع‬
‫تحت وصاية النظام االقتصادي العالمي الذي تسيطر عليه القوى العظمى الغربية‪ ،‬ومن ثمة‬
‫سيصبح من الصعب بما كان على الجزائر المحافظة على سياسات الدعم االجتماعي والتي‬
‫تم إرساؤها بفضل ضخ أموال المحروقات في النظام االجتماعي على ﺷكل زيادات في‬
‫األجور دعم لألسعار ومنح قروض وغير ذلك فتزداد البطالة وتتوقف مشاريع النمو والسكن‬
‫الممولة جميعها من البرامﺞ الحكومية ذات المصادر الريعية وتزداد الحاجات‬
‫ّ‬ ‫والبنية التحتية‬
‫الصحية‪ ،‬السكن والتعليم بسبب عدد السكان الذي سيعرف زيادة حتمية مقابل تراجع موازي‬
‫في القدرات االقتصادية الجزائرية فتتحول األزمة من اقتصادية الجتماعية ومن اجتماعية‬
‫إلى سياسية فأمنية قد تستغلها أطراف خارجية معادية للجزائر لمحاولة ضرب االستقرار‬
‫واألمن‪.‬‬
‫وقد مر االقتصاد الجزائري بثالث مراحل‪:‬‬
‫‪ .1‬المرحلة األولى(‪ :)1969-1962‬عملت الدولة الجزائرية بعد االستقالل على إعادة‬
‫هيكلة اقتصادها الذي عرف نوعا من االستقرار واالحتالل االقتصادي والمالي‬
‫فبادرت الدولة إلى االهتمام بتمويل االستثمارات التي حملها المخطط االستعجالي من‬
‫خالل الخطة الثالثية األولى سنة ‪ 1967‬من أجل النهوض بمختلف قطاعات االقتصاد‬
‫والعمل على بناء اقتصاد قوي للخروج من دائرة التخلف والتبعية ويضمن االستقالل‬
‫للبالد وتوفير العدالة االجتماعية لمواطنيها‪.31‬‬
‫‪ .2‬المرحلة الثانية (مرحلة السبعينات)‪ :‬بعد تنفيذ تجربة الخطة الثالثية األولى ﺷرعت‬
‫الجزائر في تطبيق الخطة الرباعية األولى (‪ )1973-1970‬وكان الهدف منها إنشاء‬
‫صناعات قاعدية تسهل فيما بعد إنشاء صناعات خفيفة وكان بين أهداف المخطط‬
‫أيضا العمل على بناء القواعد الهيكلية للتنمية االقتصادية‪ .‬وهذا بترجيح االستثمار في‬
‫الصناعة الثقيلة ومواصلة تقويم المحروقات حيث تقرر خالل هذه الفترة (‪-1970‬‬
‫‪ )1973‬تخصيص أكثر من ‪ 15‬مليار دج وأكثر من ‪ 60‬مليار دج في الفترة ما بين‬

‫‪-‬كنوش عاشور‪ ،‬بلعزوز بن علي‪" ،‬الغاز الطبيعي الجزائري ورهانات السوق الغازية"‪ ،‬مجلة اقتصاديات شمال إفريقيا‪ ،‬العدد ‪ ،02‬ص ‪.156‬‬
‫‪29‬‬

‫‪-‬اسماعيل بن قانة‪ ،‬االقتصاد الكلي الجزائري‪ :‬رؤية قياسية مستقبلية‪ ،‬مجلة الباحث‪ ،‬ع ‪ ،2010 ،08‬ص ‪.43‬‬
‫‪30‬‬

‫‪-‬هني أحمد‪ ،‬اقتصاد الجزائر المستقلة‪ ،‬الجزائر‪ :‬ديوان المطبوعات الجزائرية‪ ،‬دس ن‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪31‬‬

‫‪68‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫(‪ )1977-1974‬كنفقات استثمارية لتنمية وتقويم المحروقات وعلى حساب باقي‬


‫القطاعات األخرى‪.32‬‬
‫‪ .3‬المرحلة الثالثة (مرحلة الثمانينات)‪ :‬ابتداء من سنة ‪ 1980‬تم الشروع في تطبيق‬
‫الخماسي(‪ )1984-1980‬والمخطط الخماسي الثاني(‪ )1989-1985‬اللذين يؤكدان‬
‫على ضرورة تحقيق االنسجام بين المبادرات وال سيما العالقة بين اإلنتاج والهياكل‬
‫القاعدية وكذا المحيط وتطوير الشغل‪ ،‬والتركيز على الجانب التنظيمي للمؤسسات من‬
‫أجل معالجة االختالالت االقتصادية والعقبات التي واجهتها الجزائر خالل الفترات‬
‫السابقة‪.33‬‬
‫‪ .4‬المرحلة الرابعة (مرحلة التسعينات)‪ :‬إن األزمة البترولية لسنة ‪ 1986‬أكدت‬
‫للمواطن الضعف في نظام التخطيط المركزي وبدأت مساوئ هذا النظام تظهر فقامت‬
‫السلطة باتخاذ العديد من اإلجراءات التي تهدف في مجملها إلى تحقيق استقرار‬
‫‪34‬‬
‫االقتصاد الكلي‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬تهديدات األمن االجتماﻋي‬
‫ال زالت التهديدات الداخلية التي تواجه األمن الوطني الثقافي واالجتماعي في الجزائر تترسخ‬
‫في أعماق ما يسمى ألزمة عناصر الهوية في المشروع السياسي الجزائري‪ ،‬حيث أن‬
‫العناصر األساسية للهوية في الجزائر وهي اللغة والدين‪ ،‬وعند ارتباطهما بالمشروع‬
‫المجتمعي تطرح معضلة حقيقية في البالد‪.‬‬
‫هناك الكثيـر من المعوقات المرتبطة بالبيئة االجتماعية والقيم الثقافية التي تﺷكل حاجزا‬
‫في تحقيق فاعلية التنمية السياسية‪ ،‬ناتجة عن اعتبارات بيئية واجتماعية وللتقاليد السائدة مما‬
‫يعرض قرارات التنمية السياسية لالبتعاد عن مسارها الصحيح‪ ،‬باإلضافة إلى ضعف وعي‬
‫المواطنين وضعف االتجاهات الثقافية للمجتمع‪ ،‬إلى جانب عدم االعتراف بالمشكالت وإخفاء‬
‫األخطاء أمام الرأي العام وهذا خوفا من السمعة السيئة‪ ،‬ويعتبر هذا الفﺷل بالطبع عامال سلبيا‬
‫في وجه خطط واستراتيجيات التنمية السياسية‪.35‬‬
‫ولعل أهم ما يميز هذا الجانب كذلك هو االختالل الحادث في سلم القيم والمعايير التي‬
‫تحكم وجود المجتمع وتنظيمه وسيره‪ ،‬بما هو مجموعة عالقات ذات طابع مؤسسي تخضع‬
‫لقواعد تحظى باإلتفاق النسبي لألفراد والجماعات‪ ،‬ويتجلى ذلك االختالل القيمي بحدة في‬
‫غياب إطار مرجعي يمثل قاعدة مقبولة لبلورة نماذج الفعل وأنماط السلوك والعالقات‪ ،‬ويبدو‬
‫ذلك بوضوح أكبر من خالل تدهور قيم العمل واألداء والفعالية والكفاءة‪ ،‬وهي عناصر قيمية‬
‫أساسية لقيام مجتمع مؤسس على االستغالل الرﺷيد لموارده البﺷرية والمادية خدمة للتنمية‬
‫الوطنية‪.36‬‬

‫‪-‬قدي عبد المجيد‪ ،‬المدخل إلى السياسات االقتصادية الكلية دراسة تحليلية تقييمية‪ ،‬الجزائر‪ :‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،2003 ،‬ص ‪.73‬‬
‫‪32‬‬

‫‪-‬هني أحمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬


‫‪33‬‬

‫‪-‬عمورة جمال‪ ،‬دراسة تحليلية وتقييمية التفاقيات الشراكة العربية‪-‬متوسطية‪ ،‬أطروحة دكتورة‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية والتسيير‪ ،‬جامعة الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،2006‬ص ‪.97‬‬
‫‪34‬‬

‫‪-‬رعد حسن الصرن‪ ،‬صناعة التنمية اإلدارية في القرن الحادي والعشرين‪ ،‬دمشق‪ :‬دار الرضا للنشر‪ ،2002 ،‬ص ‪.40‬‬
‫‪35‬‬

‫‪-‬عنصر العياﺷي‪ ،‬سوسيولوجيا األزمة الراهنة في الجزائر‪ ،‬في سليمان الرياﺷي وآخرون‪ ،‬األزمة الجزائرية‪ :‬الخلفيات السياسية واالجتماﻋية‬
‫‪36‬واالقتصادية والثقافية‪ ،‬ط‪ ،2‬بيروت‪ :‬مركز الوحدة العربية‪ ،1999 ،‬ص ‪.227‬‬

‫‪69‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وهذا ما يمكن التحقق منه من خالل استعراض بعض المتغيرات االجتماعية والثقافية‪:‬‬
‫أزمة الهوية‬ ‫‪‬‬
‫فقد كانت من أهم أسباب عدم االستقرار في الجزائر حيث أن أسبابها تاريخية ميزها‬
‫التنوع الثقافي‪ ،‬فإلى جانب الثقافة واللغة األمازيغية األصلية للجزائر والثقافة العربية الوافدة‬
‫مع الفتح اإلسالمي ترسخت الثقافة الفرنسية وأصبحت تستخدم في العديد من أوجه الحياة‪،‬‬
‫هذا التنوع أصبح يشكل أزمة للهوية عندما استخدمه التيارات المتصارعة على الحكم‬
‫إلقصاء بعضها‪.37‬‬
‫كل ذلك أدى لزيادة التهميش االجتماعي وعجز النظام السياسي وقنواته عن استقبال‬
‫وامتصاص التطورات االجتماعية والتعبير عنها‪ ،‬والنتيجة بروز ظاهرة االغتراب ونمو‬
‫حركات الرفض السياسي واالجتماعي سواء كانت سلفية دينية‪ ،‬أو اتخذت من الخصوصية‬
‫الثقافية األمازيغية ملجأ من هذا النظام السياسي وبين التطورات والتغيرات االجتماعية من‬
‫يلحق باألخر ويحتويه‪.38‬‬
‫إن أبرز ما يعبر عن هذه األزمة في الجزائر هي مشكلة الهوية االمازيغية والتي‬
‫عبرت عن نفسها من خالل تيارات سياسية تطالب بحقوق البربر الثقافية والسياسية‪ ،‬أدت بها‬
‫إلى االنخراط في أحداث عنف خاصة في منطقة القبائل من خالل حركة االحتجاجات‬
‫والمظاهرات التي قام بها سكان المنطقة مثل ما حدث في ‪ 2001‬وكذلك المواجهات الطائفية‬
‫التي ﺷهدتها منطقة غرداية‪.‬‬
‫وتبق المسألة اللغوية في الجزائر محصورة في ذلك الخلط بين اللغة الفرنسية والخلط‬
‫بين التعريب واللغة الجزائرية‪ ،‬وأخيرا الخلط بين التعريب واألسلمة‪ .‬وتبق مشكلة اللغة‬
‫مطروحة ما دام الخلط مستمرا وما دامت النخبة الحاكمة عاجزة عن بناء أمة تستند بشكل‬
‫متوازن على موروثها التاريخي العربي والبربري‪.39‬‬
‫مشكلة العدالة االجتماﻋية‪ :‬تعني العدالة االجتماعية التوزيع العادل للموارد‬ ‫‪‬‬
‫واألعباء من خالل نظم األجور والدعم والتحويالت ودعم الخدمات العامة‪ ،‬وبالذات الخدمات‬
‫الصحية والتعليمية‪ ،‬وإصالح هيكل األجور والدخول يتم من خالله تحديد المستوى المعيشي‬
‫للعاملين بأجر‪ ،‬ويعكس بصورة أو بأخرى توزيع القيمة المضافة المتحققة في العملية‬
‫االنتاجية بين أرباب العمل والعاملين لديهم‪ .‬وإصالح النظام الضريبي يتمثل فلسفته في توزيع‬
‫األعباء الضريبية على كافة ﺷرائح المجتمع دون تمييز‪ ،‬وثمة عنصر مهم للغاية في تحقيق‬
‫توزيع عادل للموارد أال هو الدعم السلعي لبعض المنتجات والخدمات وهو باألساس موجه‬
‫للفقراء باعتبار ذلك حقهم من موارد الدولة‪.40‬‬

‫‪-‬عبد السميع بوساحية‪ ،‬التحوالت الديمقراطية في الجزائر واألردن‪ 2005-1989:‬دراسة مقارنة‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬الجامعة‬
‫األردنية‪ ،2006 ،‬ص ‪.3‬‬
‫‪37‬‬

‫‪-‬عز الدين سكري‪ ،‬عملية التحول لتعدد األحزاب‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪ ،‬ع‪ ،9‬القاهرة‪ :‬مركز االهرام للدراسات السياسية واالستراتيجية‪،‬‬
‫‪ ،1989‬ص ‪.155‬‬
‫‪38‬‬

‫‪-‬صالح زياني‪ ،‬أمال حجيج‪ ،‬األمن الثقافي واالجتماعي الجزائري التهديدات‪ ،‬السياسات واالفاق‪ ،‬المجلة الجزائرية لالتصال‪ ،‬ع ‪ ،21‬قسم علوم‬
‫االعالم واالتصال وقسم العلوم السياسية واالعالم‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬ص ‪.78‬‬
‫‪39‬‬

‫‪-‬عبد الرحمن الحديدي‪ ،‬قراءة في مفهوم العدالة االجتماعية‪ ،‬تأصيل نظري‪ ،‬المركز الديمقراطي العربي على الموقع‪:‬‬
‫‪40‬‬

‫‪.. Comhttp://www.google‬‬

‫‪70‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ضرورة غياب التمييز بين المواطنين‪ :‬حيث ينبغي إزالة كل ما إليه من عوامل‬ ‫‪-‬‬
‫وغياب ما يترتب على التمييز من نتائﺞ سلبية كالتهميش واإلقصاء االجتماعي‬
‫والحرمان من بعض الحقوق‪.‬‬
‫إﺷكالية توفير فرص متساوية‪ :‬حيث ال معنى للحديث مثال عن التكافؤ في‬ ‫‪-‬‬
‫الفرص العمل إذا كانت البطالة ﺷائعة ومواطن الشغل غائبة‪ ،‬وهو ما يترتب‬
‫التزاما على الدولة بوضع السياسات واتخاذ الكفيلة بتوفير فرص العمل‪.‬‬
‫إﺷكالية التمكين‪ :‬فال معنى لوجود فرص إذا لم تقترن استراتيجيات التمكين‬ ‫‪-‬‬
‫لكافة عناصر المجتمع وبالذات المهشمة منها‪ ،‬فالبد من تمكين األفراد من‬
‫االستف ادة من الفرص ومن التنافس على قدم المساواة من أجل نيلها‪ ،‬فاغتنام‬
‫الفرص قد يربط بتوافر قدرات معينة مثل مستوى تعليمي معين‪ ،‬والمنافسة على‬
‫الفرص سوف تفتقر إلى التكافؤ عندما تتسع الفجوات بين الطبقات‪ ،‬وهنا تظهر‬
‫الحاجة إلى دور الدولة في إتاحة التعليم والتدريب وإعادة التدريب والرعاية‬
‫الصحية وغيرها من عوامل بناء القدرات وتنميتها‪.41‬‬
‫ارتفاع نسبة البطالة بين مختلف الفئات االجتماعية حيث ﺷملت أكثر من مليون‬ ‫‪-‬‬
‫نصف المليون مواطن أغلبيتهم من الشباب هذه الظاهرة لم تقتصر فقط على‬
‫األﺷخاص الغير المؤهلين بل تعدت تدريجيا أصحاب الشهادات‪.42‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تهديدات األمن الوطني في دوائره الجيوسياسية‬
‫إن أمون الجزائر‪ ،‬العربي واإلقليم الساحلي الصحراوي مرتبطة مع بعضها البعض‬
‫وتدل تحركات الجزائر على الصعيدين اإلقليمي والقاري مدى إدراكها لهذه العالقة وحجم‬
‫تأثيرها على أمنها‪ ،‬لذا نجدها قد كشفت من اهتمامها بالدائرتين منذ التسعينات عندما أصبح‬
‫االهتمام الجزائري بالمنطقة المغاربية واإلفريقية يستند إلى مجموعة من التهديدات اﻵتية‬
‫منها‪.‬‬
‫مع التأكيد على أن الفصل بين الدوائر الجيوسياسية العربية‪ ،‬اإلفريقية والمتوسطية‬
‫لألمن القومي الجزائري ممكن نظريا فقط‪ ،‬أما في الواقع فهو ﺷبه مستحيل وذلك لألبعاد‬
‫الجيوسياسية لإلقليم الجزائري والكشف المباﺷر الذي يربطه باإلقليم المغاربي‪ ،‬بالمتوسط‬
‫ﺷماال وإفريقيا جنوبا‪ ،‬وقد نتﺞ عن هذا الترابط تقاطع وتفاعل دائم بين دوائر األمن القومي‬
‫الجزائري ولو بدرجات متفاوتة زاد من جسامة التحدي األمني الذي يفرضه الموقع‬
‫الجغرافي للجزائر‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تهديد األمن الوطني الجزائري في الدائرة العربية‬
‫‪ ‬الدائرة العربية‬
‫إن الدول العربية لها عالقات اجتماعية ودينية وتاريخية وسياسية وعسكرية واقتصادية‬
‫مع الجزائر على مر الزمن‪ ،‬برغم البعد المكاني لبعض الدول وعدم تقاسمها لنفس اإلقليم‬
‫‪-‬عبد الرحمن الحديدي‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪41‬‬

‫‪-‬عمر بيلوم‪ ،‬التجربة الجزائرية في مكافحة اإلرهاب ‪ ،2015-1992‬شهادة الماستر في العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬تخصص دراسات‬
‫أمنية ودولية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬كلية العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬قسم الدراسات الدولية‪ ،2015-2014 ،‬ص ‪.34‬‬
‫‪42‬‬

‫‪71‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المتوسطي كدولة اليمن والعراق ودول الخليﺞ‪ ،‬هذا األمر يجعل من الروابط المادية‬
‫والمعنوية ورابط متينة جدا تضع الدائرة العربية تلقائيا في صلب اهتمام الدولة الجزائرية‪.‬‬
‫ﺷهد العالم العربي عموما و المغرب العربي خصوصا مطلع ‪ 2010‬موجة من‬
‫التغيرات السياسية‪ ،‬حيث عرفت دول هذه المنطقة سقوط العديد من األنظمة التي عمرت‬
‫طويال‪ ،‬غالبا ما وصفت بالديكتاتورية و االستبداد في حق ﺷعوبها‪ ،‬و بقدر ما كان سقوط تلك‬
‫األنظمة نعمة على ﺷعوبها فقد كان نقمة على دول المنطقة‪ ،‬كما اعتبرت العديد من الدول أن‬
‫ما يعرف الحراك العربي هو سبب انتشار الفوضى في المنطقة المغرب العربي و ظهور‬
‫العديد من األزمات في منطقة الساحل اإلفريقي‪ ،‬كاألزمة المالية التي تعتبر انعكاس مباﺷر‬
‫لألزمة الليبية و ما تبعها من تدخل أجنبي إلسقاط نظام القذافي‪.‬‬
‫‪ ‬الربيع العربي وفوﺿى إسقاط األنظمة‪:‬‬
‫انطلقت ﺷرارة اإلحتجاجات الﺷعبية في تونس في ديسمبر‪ 2012‬و لم يكن من المتوقع‬
‫أن تكون اإلحتجاجات بداية النهاية للعديد من األنظمة العربية اإلستبدادية‪ ،‬فبعدما تكللت‬
‫اإلحتجاجات الﺷعبية في تونس بإسقاط نظام زين العابدين بن علي‪ ،‬دخلت البالد في مرحلة‬
‫فوضى سياسية بعدما ظهرت خالفات في ظل إستقطاب سياسيين بين اإلسالميين وغير‬
‫اإلسالميين على هامش تمديد فترة المجلس التأسيسي المنتخب لمدة عام آخر‪ ،‬بعدما تعذر‬
‫وضع دستور جديد للبالد خالل المدة المحددة‪ ،‬بحيث لم تسلم تونس من حوادث العنف ما‬
‫عجل باإلطاحة بالحكومة القائمة وما ترتب عنه من خالفات حول تﺷكيل الحكومة الجديدة‪،43‬‬
‫كما ﺷهدت أعمال عنف و إغتياالت كاغتيال ﺷكري بلعيد و محمد البراهمي المعارضين‬
‫السياسيين في ‪. 2013‬هذه الفوضى أدخلت البالد في مرحلة فارغ مؤسساتي سمح بصعود‬
‫التيار السلفي و ظهور خاليا إرهابية أصبحت نشطة في ظل الفوضى المنتشرة‪.‬‬
‫كما ﺷهدت مصر سنة ‪ 2011‬موجة من االحتجاجات و العنف بعدما يعرف بثورة ‪25‬‬
‫جانفي‪ ،‬فبعد إسقاط النظام المصري ﺷهدت المرحلة االنتقالية تقلبات سياسية نتيجة سوء إدارة‬
‫هذه المرحلة الحساسة فقد تم حل الغرفة األولى للبرلمان بحكم قضائي‪ ،‬كما حدثت خالفات‬
‫حول الدستور الجديد و تم عزل الرئيس مرسي بعد عام من انتخابه‪ ،‬كل هذه الفوضى‬
‫السياسية و الفراغ المؤسساتي أدى إلى ظهور تيارات سلفية متشددة و ظهور العديد من‬
‫الجماعات اإلرهابية التي استغلت الفوضى السياسية في النظام المصري و الفوضى الشعبية‬
‫في الشارع و ربطها لعالقات مع باقي الجماعات اإلرهابية في المغرب العربي و منطقة‬
‫‪44‬‬
‫الساحل‪.‬‬
‫‪ ‬الدائرة المغاربية‬
‫يقع المغرب العربي في ﺷمال القارة اإلفريقية طبيعيا‪ ،‬يطل المغرب العربي على البحر‬
‫األبيض المتوسط الذي يحده ﺷماال بساحل طوله ‪ 4837‬كلم‪ ،‬وعلى المحيط األطلسي غربا‬
‫بساحل طوله ‪3146‬كلم‪ ،‬في حين تمتد حدوده على اليابسة ﺷرقا مع كل من مصر والسودان‪،‬‬
‫‪-‬أحمد يوسف أحمد‪ ،‬نيفين مسعد‪ " ،‬حال األمة ‪ :2013-2012‬مستقبل التغيير في الوطن العربي‪ :‬مخاطر داعمة"‪ ،‬المستقبل العربي‪ ،‬بيروت‪:‬‬
‫مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬عدد ‪ ،2013 ،414‬ص ‪.15‬‬
‫‪43‬‬

‫‪ -‬بودن زكريا‪ ،‬أثر التهديدات‪ ،‬ص ‪.89‬‬


‫‪44‬‬

‫‪72‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫غربا مع دول الساحل اإلفريقي‪ .‬وبذلك يتربع المغرب العربي على مساحة تقدر ب‬
‫‪ 5.782.141‬كلم‪ ،2‬ويتكون من خمس دول هي‪ :‬الجزائر‪ ،‬المغرب‪ ،‬تونس‪ ،‬ليبيا وموريتانيا‪.‬‬
‫ترسخ اهتمام الجزائر بالدائرة المغاربية ألمنها القومي بفعل االعتماد المتبادل بينها‬
‫وبين محيطها المغاربي وتأثرها بما يأتي منه من تهديدات‪ ،‬ويطغى التهديد المغربي كتهديد‬
‫وجودي صلب وكامن على بقية التهديدات اﻵتية من الدائرة المغاربية لألمن القومي‬
‫الجزائري‪.‬‬
‫‪ ‬النزاع الصحراوي ـ المغربي‬
‫يشكل االحتالل المغربي للصحراء الغربية المشكل األمني األساسي ضمن الدائرة‬
‫المغاربية لألمن الجزائري‪ ،‬وتعتبر الصحراء الغربية بؤرة التوتر الوحيدة في اإلقليم‬
‫المغاربي و لو بمستويات متفاوتة من العنف من فترة إلى أخرى كان أﺷدها بين سنتي ‪1976‬‬
‫و‪ ، 1978‬ولحسن أن هذا التهديد على الجناح الغربي للجزائر لم يتحول إلى مواجهة مباﺷرة‬
‫بينها وبين المغرب‪ ،‬كما لم يخرج عن النطاق الجغرافي الصحراوي‪ ،‬فلم ينتشر العنف إال في‬
‫المغرب بسبب عدم لجوء المقاومة الصحراوية إلى تنفيذ عمليات مسلحة داخل اإلقليم‬
‫المغربي عدا المتنازع عليه‪ ،‬وال في الجزائر الموجودة في جواره المباﺷر‪.45‬‬
‫نشب النزاع في الصحراء الغربية منذ ‪ 1975‬غداة االنسحاب االسباني منها وتقاسم‬
‫إقليميهما بين المغرب األقصى وموريتانيا مما أدى إلى توتر ﺷديد بين الدولتين بجارتيهما‬
‫الجزائر وليبيا نتيجة رفض األخيرتين لالحتالل ومساندتهما لبوليساريو* في مقاومتها ضد‬
‫المغرب ومطالبتها باستقالل الصحراء الغربية‪.‬‬
‫بعد تحييد ليبيا وموريتانيا عن النزاع سنة ‪ ،461979‬ومع لجوء المغرب إلى احتالل‬
‫المناطق التي خرجت منها القوات الموريتانية‪ ،‬حصر النزاع بين المغرب والبوليساريو‬
‫المدعومة من طرف الجزائر اقتصاديا ودبلوماسيا‪ ،‬لكن المشكل بالنسبة للمغرب ليست‬
‫المقاومة و ال في ﺷرعية القضية الصحراوية التي تأسست على اعتراف األمم المتحدة بحق‬
‫الشعب الصحراوي في تقرير مصيره منذ ‪ ،471963‬بل المشكل في الرفض الجزائري‬
‫إلدماج الصحراء الغربية في الخريطة المغربية‪ .‬طبعا االختالف بين المغرب والجزائر هو‬
‫وليد التناقض بين اقتراحيهما للتسوية ‪ ،‬فالمغرب يرى أن استعادة صحرائه هي قضية وطنية‬
‫ال تقبل المساومة وهو متمسك بها ومدافعا عن سيادته ووحدته الوطنية وسالمة إقليمه‪.48‬‬

‫‪45‬‬
‫‪- Karima Benabdallah-Gambier " les Etats-Unis et la question du Sahara Occidental"en : Abdennour‬‬
‫‪Benantar, les états unis et le Maghreb regain d'intérêts, Alger C.R.E.A.D 2007 p. 141‬‬

‫البوليساريو*‪ :-‬الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء وواد الذهب‪Front Populaire pour la libération de la Seguia el .‬‬
‫‪Hamra et du Polisario.‬‬
‫‪46‬‬
‫‪-Barry Buzan and Ole Weaver, « Region and Power : The Structure of international Security », Op-cit, p 193‬‬
‫‪47‬‬
‫‪-Yahia Zoubir and Karima Benabdallah Gambier, The United States and the North Africain Imbroglio:‬‬
‫‪Balancing Interests in Algeria, Morocco, and the Western Sahara, Mediterranean politics, Vol 10,N°02, 2005,‬‬
‫‪p185.‬‬
‫‪- Yazid Alilat, « Sahara Occidental : Délire Royal », Le quotidien d’Oran, N°4761, le 31-07-2010, p 03.‬‬
‫‪48‬‬

‫‪73‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫تنطلق المقاربة الجزائرية من اعتبار القضية الصحراوية قضية تصفية االستعمار وأن‬
‫الحل العادل و الدائم لهذا النزاع لن يحصل إال إذا مارس الصحراويون حقهم في تقرير‬
‫المصير كما تنص عليه اللوائح األممية وفق استفتاء حر ونزيه‪ ،‬وتعتبر الجزائر هذا التمسك‬
‫في الحل وفاء لمبادئ الثورة الجزائرية‪ ،‬لذا عملت األمم المتحدة بما يتوافق ومطالب‬
‫الصحراويين والموقف الجزائري‪ ،‬و بموجب مفاوضات السالم بين الطرفين سنة ‪ ،1988‬تم‬
‫وقف إطالق النار وبعدها أقر مجلس األمن الدولي الحل رقم ‪ 690‬بتاريخ ‪ 19‬أفريل ‪1991‬م‬
‫على إقامة استفتاء حر ونزيه والذي جدول في بداية ‪1992‬م‪ ،‬لكنه سرعان ما تعطل بسبب‬
‫عراقيل من طرف المغرب في كل مرة على الرغم من تشكيل مبعوث لألمم المتحدة‬
‫باإلضافة للقاءات بين المغربيين و الصحراويين طيلة سنوات التسعينات‪ ،‬في ماي ‪2000‬م‪،‬‬
‫اقترح الحل الثالث كحل وسط بين االندماج و االنفصال عن المغرب بمنح الصحراء الغربية‬
‫حكما ذاتيا بصالحيات واسعة تحت السيادة المغربية وهذا جاء بدعم من طرف الواليات‬
‫المتحدة األمريكية وفرنسا و بريطانيا‪.49‬‬
‫وفي تاريخ ‪ 31‬جويلية ‪2003‬م فرض مجلس األمن الدولي المخطط على الطرفين إذ‬
‫وافقت البوليساريو عليه مع وجود الجزائر أو المسمى بمخطط بيكر الثاني‪ ،50‬مع إضافة‬
‫ﺷرط إجراء استفتاء تقرير المصير بعد فترة انتقالية تدوم خمس سنوات على إثره رفض‬
‫المغرب هذا االقتراح مدعيا بأنه يتعارض مع مصالحه الوطنية الجوهرية ومع السلم واألمن‬
‫في اإلقليم المغربي‪.51‬‬
‫و تجلى دعم القوى الكبرى للوضع من منطلق المحافظة على مصالحها االقتصادية‬
‫وتحليل األهمية الجيوسياسية للصحراء الغربية والعسكرية في الضفة الجنوبية للمتوسط‪،‬‬
‫و دعم استقرار المغرب ألن استقرار المغرب العربي ناتﺞ عن استقرار العالقات بين الجزائر‬
‫والمغرب‪.‬‬
‫نزاع الصحراء الغربية هو من النزاعات التي تخضع للمصلحة‪ ،‬ويبدو أن منطقة‬
‫المغرب العربي لم تنضﺞ فيها التناقضات بشكل كاف كي تتحول إلى منطقة تنافس حقيقي‬
‫بين الواليات المتحدة واألوروبيين (فرنسا واسبانيا خاصة) الذين يبدون فهما أعمق للمنطقة‬
‫ولطبيعة النزاع‪ ،‬وتوضح بعض المؤﺷرات األولى للسياسة األمريكية الجديدة (بداية حكم‬
‫أوباما) أن ملف نزاع الصحراء س يكون محور النقاش المرتبط بالشرعية الدولية الصارمة‪.‬‬
‫مما ينبئ بمخاطر كبرى مرتبطة بهذا النزاع وإمكانية تداعياته على منطقة المغرب العربي‬
‫والجزائر خاصة‪ ،‬التي بدأت تعود إليها أجواء الحرب الباردة بعد قطع العالقات بين المغرب‬
‫وفنزويال بسبب قضية الصحراء‪ ،‬والتصريحات اإليرانية بعد األزمة الدبلوماسية المغربية‬
‫اإليرانية األخيرة والتي بدأت تلوح بإمكانية العودة إلى دعم البوليساريو‪.52‬‬

‫‪49‬‬
‫‪-Karima Benabdallah Gambier, « les états Unis et la question du Sahara Occidental », op-cit, p 139.‬‬
‫‪ -‬عبد الرحيم المنار سليمي‪"،‬الواليات المتحدة وقضية الصحراء‪ :‬جدلية الدعم والتخلي عن الحليف المغربي بحجة الشرعية الدولية"‪ ،‬مركز‬
‫كارينغي‪ ،‬العدد ‪ ،16‬جويلية ‪ ،16‬ص ‪.03‬‬
‫‪50‬‬

‫‪-Yahia Zoubir and Karima Benabdallah Gambier، Op-cit، p 195.‬‬


‫‪51‬‬

‫‪-‬عبد الرحيم سليمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.05‬‬


‫‪52‬‬

‫‪74‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫تعقدت قضية الصحراء الغربية أكثر بسبب تشبث الطرف المغربي بها وظهور جبهة‬
‫البوليساري و إذ كان هناك ثالث حلول متاحة أمام األمم المتحدة‪ ،‬خيار االستفتاء‪ ،‬خيار الحكم‬
‫الذاتي أو اتفاق‪ ،‬اإلطار الذي ظهر بشكل واضح في لقاء برلين سنة ‪2000‬م‪ .‬لكنه لقي‬
‫معارضة من طرف الجزائر وجبهة البوليساريو ‪ ،‬خيار التقسيم الذي يشير المغرب أن‬
‫الجزائر وراءه ‪ ،‬أما خيار انسحاب األمم المتحدة وهو خيار خطير على المنطقة المغاربية‬
‫ككل ألن بذلك سوف يقوم المغرب بضم الصحراء الغربية بالقوة‪ ،‬وهو ما سيثير الصراع‬
‫واحتمال تجدد النزاعات الحدودية بين دول ا لمنطقة‪.53‬‬
‫النزاع الصحراوي‪-‬المغربي بتعقيده واحتماالت تصاعد التوتر بين األطراف المعنية به‬
‫ودور القوى فوق اإلقليمية‪ ،‬يمكن القول بأنه هاجس أمني إقليمي بأبعاد دولية ضمن الدائرة‬
‫المغاربية لألمن القومي الجزائري‪ ،‬ومع استمراره وعدم وجود حل له أو تقريب في وجهات‬
‫النظر بين أطرافه‪ .‬فهذا يعد تهديدا لألمن القومي الجزائري بالنظر لكونه مصدرا أساسيا‬
‫للتوتر في المنطقة وبسبب حدة التنافر بين المغرب والجزائر يبقى مصدرا أساسيا ألمن‬
‫الجناح الغربي الجزائري‪.‬‬
‫‪ ‬التنافس الجزائري‪-‬المغربي‬
‫تتكون منطقة المغرب العربي من دول غير متساوية من ناحية المساحة وغير متكافئة‬
‫من ناحية الموارد الطبيعية سواء منفردة أو مجتمعة مع بعضها البعض‪ .54‬ونظرا لطموحات‬
‫قادة المغرب العربي في لعب أدوار جهوية ودولية لقيادة المنطقة‪ ،‬فإن مشكل الحدود بات هو‬
‫المؤثر الذي يمكن استغالله لضمان استقرار المنطقة أو عدم استقرارها بتغذية من أطراف‬
‫أخرى‪.55‬‬
‫يعتبر التنافس الجزائري المغربي محددا أساسيا للدائرة المغاربية في العقيدة األمنية‬
‫الجزائرية‪ ،‬ويعود هذا التنافس باإلضافة إلى الخالف حول قضية الصحراء الغربية‪ ،‬إلى‬
‫التعارض الحاصل بين إرادتهما في تزعم المغرب العربي‪ ،‬إذ ترى كل منهما في نفسها قوة‬
‫إقليمية في مقابل دول جوارهما وبالتالي هي األجدر بالزعامة‪ ،‬وتتميز الدائرة المغاربية‬
‫لألمن الجزائري ببنية نزاعية كامنة‪.56‬‬
‫وهو الخالف الذي تدافع فيه الجزائر عن حدودها كما تركها االستعمار الفرنسي في‬
‫مقابل المغرب الذي يطالب بحدوده كما كانت قبل مجيء هذا االستعمار والتي تمثل معاهدة‬
‫"الال مغنية"* (‪ 18‬مارس ‪ )1845‬إطارا مرجعيا لها‪ .‬تم طرح مشكلة الحدود بعد استقالل‬
‫المغرب عام ‪1956‬م‪ ،‬إذ تكونت لجنة مشتركة فرنسية ‪-‬مغربية من أجل تعيين الحدود بصفة‬
‫نهائية إال أن الجانب المغربي تنسحب منها سنة ‪1957‬م‪ ،‬وكانت حكومة الرباط قد اعترفت‬

‫‪-‬اسماعيل معرف‪ ،‬الصحراء الغربية في األمم المتحدة والحديث عن الشرعية الدولية‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار الهومة‪ ،2010 ،‬ص ‪.244‬‬
‫‪53‬‬

‫‪-Paul Balta، Le grand Maghreb dès l’indépendance à l’an 2000، Alger: laphomic, 1990، p 02.‬‬
‫‪54‬‬

‫‪-‬أحمد الطويلي‪« ،‬قضايا المغرب العربي الكبير"‪ ،‬الشؤون المغربية‪ ،‬العدد ‪ ،1985 ،30‬ص ‪.98‬‬
‫‪55‬‬
‫‪56‬‬
‫‪-Mustapha Schimia, Le Nord et sa Perception des menaces émanant du Sud : les retombées des crises‬‬
‫‪Maghrébines », Cultures, Conflit, N°02, 1991, p 07.‬‬
‫*‪-‬معاهدة اللة مغنية ‪ 18‬مارس ‪ 1845‬هي المعاهدة التي وقعها المغرب مع فرنسا بعد هزيمته بمعركة"إيسلي" في ‪14‬أوت ‪ 1844‬بسبب دعمه‬
‫لثورة األمير عبد القادر الجزائري تنص على استمرارية الحدود التي كانت بين المغرب وتركيا لتصبح هي الحدود بين المغرب والجزائر‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫بالحكومة المؤقتة للثورة التحريرية سلطة ﺷرعية وحيدة لها صالحية التباحث مع المغرب‬
‫بشأن قضية الحدود بين البلدين‪.57‬‬
‫بدأ الملك محمد الخامس إعالن مطالبته باستعادة صحراء البالد المغربية‪ ،‬وكان يقصد‬
‫بذلك ضم أجزاء من الجنوب الغربي لإلقليم الجزائري‪ ،‬وقدمت الحكومة المغربية احتجاجين‬
‫ﺷديدي اللهجة إلى الحكومة الفرنسية‪ ،‬أولهما بسبب موافقتها على منح امتيازات التنقيب في‬
‫منطقة تندوف لشركة تعدين فرنسية‪ ،‬وثانيهما بسبب التجارب النووية التي تقوم بها فرنسا في‬
‫واحة ريحان بالصحراء المغربية‪.58‬‬
‫هذا الخالف تزايدت وتيرته منذ عام ‪1963‬م‪ ،‬خصوصا بعد اكتشاف الحديد في منطقة‬
‫تندوف في الجزائر نجم عنه مواجهات عسكرية بين القوات المغربية والجزائرية عرفت‬
‫بحرب الرمال في أكتوبر ‪1963‬م بعد تصاعد األحداث الحدودية خالل ﺷهري جويلية‬
‫وسبتمبر من نفس السنة‪ ،59‬على الرغم من اللقاء المصغر في القمة العربية سنة ‪1964‬م الذي‬
‫عالﺞ بعض أسباب النزاع وتجدد مطالب المغرب بضرورة تسوية المشكلة ولكن لم يوقف‬
‫من الصدمات العسكرية التي نشأت بين الحين واﻵخر‪ ،‬ففي عام ‪1967‬م أدت إلى قيام‬
‫المغرب بطرح النزاع على األمم المتحدة إال أن مفاوضات أيفران في ‪ 15‬جانفي ‪1969‬م ثم‬
‫مفاوضات ‪ 27‬ماي ‪ 1970‬م وبعدها مفاوضات جويلية ‪1972‬م والتي انبثقت عنها معاهدة‬
‫حول الحدود المغربية الجزائرية تنص على اعتراف المغرب للجزائر بتندوف ودعم الجزائر‬
‫لمغربية الصحراء وتال ذلك تصريحات جزائرية مؤيدة للحق المغربي في الصحراء‪ .‬منها‬
‫تصريح الهواري بومدين في مؤتمر القمة العربية بالرباط في أكتوبر ‪1974‬م‪.60‬‬
‫لكن بوجود مشكلة الصحراء الغربية التي تدعم الجزائر استقاللها‪ ،‬وتحاول المغرب‬
‫ضمها‪ .‬حيث قدم األمين العام لجامعة الدول العربية سابقا "محمود رياض" في سبتمبر‬
‫‪1973‬م بأن حل المشكلة يعود إلى قضية جوهرية لتصفية االستعمار‪ ،‬هذا ما زاد من توتر‬
‫العالقات خصوصا من نظرة المغرب أنه ميول إلى الجزائر‪ ،61‬إن عدم التوافق بين الطرفين‬
‫في قضية مصير الصحراء الغربية ثم تركها كلية بيد األمم المتحدة دون أن تجرؤ جامعة‬
‫الدول العربية على معالجتها‪.62‬‬
‫عموما إن طبيعة التنافس والصراع بين المغرب والجزائر تعد من أطول الصراعات‬
‫والنزاعات العربية والتي تم تغذيتها من قبل أطراف تحاول بشتى السبل الستغالل الصراع‬
‫القائم من أجل تحقيق مصالح ومكاسب سياسية واقتصادية خاصة‪ ،‬هذا ما جعل المنطقة لعبة‬
‫ﺷطرنﺞ تحرك وفقا لفائدة الدول الكبرى كلما اقتضت الضرورة لذلك‪ ،‬إذ تم تسوية أغلبية‬
‫المطالب في مشكل الحدود إال النزاع المغربي الصحراوي‪.‬‬

‫بطرس بطرس غالي‪ ،‬العالقات الدولية في إطار منظمة الوحدة اإلفريقية‪ ،‬القاهرة‪ :‬المكتبة األنجلو المصرية‪ ،1974 ،‬ص ‪.247‬‬
‫‪57‬‬

‫‪ -‬بطرس بطرس غالي‪ ،‬الجامعة العربية وتسوية المنازعات المحلية‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الطباعة الحديثة‪ ،1977 ،‬ص ‪- .136‬‬
‫‪58‬‬

‫‪-‬حسام حمزة‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.84‬‬


‫‪59‬‬

‫‪-‬محمد ادريس‪ ،‬مجلس التعاون الخليجي والثورات العربية‪ ،‬القاهرة‪ :‬مركز األهرام للدراسات السياسية واالستراتيجية‪ ،2010 ،‬ص ‪.03‬‬
‫‪60‬‬

‫‪-‬عمر العبيدي‪ ،‬مشكلة الصحراء الغربية في السياسة اإلقليمية لجامعة الدول العربية‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الطبع‪ ،2012 ،‬ص ‪.05‬‬
‫‪61‬‬

‫‪-‬أحمد أحمد‪ ،‬نيفين مسعد‪ ،‬حالة األمة العربية‪ :‬رياح التغيير ‪ ،2011-2010‬بيروت‪ :‬مركز الدراسات العربية‪ ،2011 ،‬ص ‪.06‬‬
‫‪62‬‬

‫‪76‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫لقد اتسمت العالقات الجزائرية المغربية بطبيعة خاصة‪ ،‬نرى أنها أثرت بشكل كبير‬
‫على مكانة الجزائر في المنطقة إذ لم تعرف المنطقة استقرارا واضحا‪ ،‬وتميزت بالتوتر في‬
‫بعض األحيان واالنفراج في أحيان أخرى‪ ،‬باعتبار المكانة المميزة للجزائر والمغرب في‬
‫المنطقة المغاربية كما ورد في كتاب "النظام اإلقليمي العربي" وتصنيفهما من الدول العربية‬
‫الفاعلة فإن أي توتر في العالقات بينهما يؤثر مباﺷرة على التحالفات القائمة وعلى البناء‬
‫الوحدوي المغاربي بصفة عامة‪ ،‬حتى وإن كان التحليل المنطقي لواقع العالقات المغربية‬
‫الجزائرية يوحي بوجود تنافس حاد بين الدولتين حول الريادة ولعب دور المحور على‬
‫المستوى اإلقليمي‪.63‬‬
‫‪ ‬التهديدات ذات البعد اإلنساني‬
‫تتضمن المنطقة المغاربية مجموعة من التهديدات اللينة ( السياسية‪ ،‬االقتصادية‬
‫وغيرها) تؤثر سلبا على األمن القومي الجزائري والتي ال يصعب إثبات وجودها وفق ما‬
‫يرى "باري بوزان"‪ Barry Buzan‬و"أول ويفر"‪ ،64OLE Weaver‬إذ تتميز البيئة‬
‫السياسية لدول المغرب العربي عموما بضعف األداء السياسي الديمقراطي واستعمال القوة‬
‫والقمع في الحياة السياسية الداخلية بسبب ضعف التعددية‪ ،‬نقص الشفافية‪ ،‬غياب دولة الحق‬
‫والقانون مما أدى إلى حالة من االستقرار الظاهري أو االستقرار المقنع‪ ،‬كذلك ضعف األداء‬
‫االقتصادي للدول الذي خلق حاالت من الفقر‪ ،‬البطالة والتهميش مما أدى إلى تغذية العنف‬
‫المسلح والسياسي وتهديدات مختلفة ألمن األفراد من جريمة‪ ،‬مخدرات وإرهاب‪.‬‬
‫‪ .1‬اإلرهاب‬
‫لفظ إرهاب مصدره ثالثي "رهب" ويقال أرهب فالنا أي خوفه وأفزعه وهو نفس‬
‫المعنى الذي يدل عليه الفعل المضعف "ر ّهب" أما الفعل المجرد عن نفس المادة وهو رهب‬
‫ومشتقاته يرهب‪ ،‬رهبة فيعني خاف وفزع وكذلك يستعمل الفعل "ترهب" بمعنى "توعد" إذا‬
‫كان الفعل متعديا فيقال‪ :‬ترهب فالنا أي توعده‪.65‬‬
‫وتتفق المراجع األجنبية على أن مصدر كلمة »‪ Terrorism‬في اللغة اإلنجليزية هو‬
‫الفعل الالتيني»‪ «Ters‬الذي استمدت منه كلمة "‪" Terror‬أي الرعب الخوف أو الشديد‪.66‬‬
‫وفي تعريف لجنة الشؤون العربية والخارجية واألمن القومي لمجلس الشورى‬
‫المصري بأنه" ا ستعمال العنف‪ ،‬بأﺷكاله المادية وغير المادية للتأثير على األفراد أو‬
‫الجماعات أو الحكومات وخلق مناخ من االضطراب وعدم األمن‪ ،‬بغية تحقيق هدف معين‪،‬‬
‫يرتبط بتوجهات الجماعات اإلرهابية‪ ،‬لكنه بصفة عامة يتضمن تأثيرا على المعتقدات أو القيم‬

‫‪-‬جميل مطر وعلي الدين هالل‪ ،‬النظام اإلقليمي العربي‪ :‬دراسات في العالقات السياسية العربية‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز الدراسات الوحدة العربية‪،‬‬
‫‪ ،1980‬ص ‪.32‬‬
‫‪63‬‬

‫‪-OLE Weaver, Insécurité, Identité, une dialectique sans Fin, en Anne Marie, Entre Union et Nations L’Etat‬‬
‫‪64‬‬

‫‪en Europe, Paris : Presse des sciences, 1998, p 92.‬‬


‫‪-‬شاكر الحاج‪ ،‬اإلرهاب بين التوراة والقرآن‪ ،‬بيروت‪ :‬مؤسسة المعارف للطباعة والنشر‪ ،‬دس ن‪ ،‬ص ‪.52‬‬
‫‪65‬‬

‫‪-‬أحمد جالل عز الدين‪ ،‬اإلرهاب والعنف السياسي‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الحرية للصحافة والطباعة والنشر‪ ،1986 ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪66‬‬

‫‪77‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أو األوضاع االجتماعية واالقتصادية والثقافية والسياسية السائدة التي تم التوافق عليها في‬
‫الدولة والتي تمثل مصلحة قومية عليا للوطن"‪.67‬‬
‫أما قاموس "روبير" الفرنسي فيعرف اإلرهاب بأنه" االستعمال المنظم لوسائل العنف‬
‫‪68‬‬
‫من أجل تحقيق هدف سياسي مثل االستالء أو المحافظة على السلطة أو ممارسة السلطة"‪.‬‬
‫و قد ظهرت ﺷخصية اإلرهاب في الجزائر كنتيجة إللغاء الدور الثاني من االنتخابات‬
‫التشريعية التي كان من المزمع إجراءها في ‪ 16‬جانفي ‪ ،1992‬بعد أن كانت الحكومة قد‬
‫أقرت التعددية الحزبية وحرية إنشاء الجمعيات ذات الطابع السياسي مع دستور ‪ 1989‬الذي‬
‫تمخض عنه ظهور عدة أحزاب سياسية من مختلف المشارب" إيديولوجية ودينية" منها‬
‫الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ التي حلت فيما بعد‪ ،‬على إثر األحداث قام الجيش بمبادرة تجنيد‬
‫‪69‬‬
‫المجتمع المدني لمحاربة اإلرهاب‪.‬‬
‫ظهرت ﺷخصية اإلرهاب بسبعة وأربعون(‪ )47‬تكرارا من ‪ 1992‬إلى ‪ 1998‬بعدة‬
‫‪70‬‬
‫أسماء وصفات بلغت ‪ 24‬اسم كالجماعات اإلرهابية‪ ،‬المجرمين واأليدي اﻵثمة‪.‬‬
‫كما أورد المرسوم التشريعي الصادر في ‪ 30‬سبتمبر ‪ 1977‬تعريفا تشريعا لألعمال‬
‫اإلرهابية وعدل بينها وبين أعمال التخريب (جعلها موازية لها)‪ ،‬معتبرا األعمال اإلرهابية‬
‫بأنها‪ " :‬كل مخالفة تستهدف أمن الدولة والسالمة الترابية واستقرار المؤسسات وسيرها‬
‫العادي‪ ،...‬واعتمد المشرع الجزائري في التعريف على وسيلتين‪:‬‬
‫األولى‪ :‬اعتبار اإلرهاب ظرف مستند عام ألي جريمة‪.‬‬
‫‪71‬‬
‫الثانية‪ :‬استحداث مجموعة من جرائم اإلرهاب والتخريب‪.‬‬
‫و لتصدي لهذه الظاهرة ﺷاركت الجزائر في مبادرة مكافحة اإلرهاب عبر الصحراء‬
‫‪72‬‬
‫لسنة ‪ 2005‬إلى جانب المغرب‪ ،‬تونس‪ ،‬السنغال ونيجريا مع الواليات المتحدة األمريكية‪.‬‬
‫تهدف هذه الشراكة إلى زيادة قدرات مكافحة اإلرهاب في الجزائر وتكثيف التعاون والتنسيق‬
‫بين قوات األمن في المنطقة كذا دعم الديمقراطية وإضعاف اإليديولوجية اإلرهابية‪ ،‬من‬
‫خالل تحسين برامﺞ التعليم في المنطقة مع التركيز على تطوير العالقات العسكرية الثنائية‬
‫بين دول المنطقة والواليات المتحدة األمريكية وااللتقاء يبن القادة العسكريين لدول المنطقة‬
‫في إطار هذه الشراكة مثل الجزائر والمغرب‪ ،‬الجزائر وتونس وبالتالي رفع مستوى التعاون‬
‫عبر حدود المغرب العربي وزيادة فعالية المبادرات األمنية وتوسيعها لتفادي اإلﺷكاالت‬
‫‪73‬‬
‫المطروحة‪.‬‬

‫‪-‬فرغلى هارون‪ ،‬اإلرهاب العولمي وانهيار اإلمبراطورية األمريكية‪ ،‬تر‪ :‬سامي فريد‪ ،‬بيروت‪ :‬دار الوافي للنشر‪ ،2006 ،‬ص ‪.23‬‬
‫‪67‬‬

‫‪-‬إيريك موريس وآالن هو‪ ،‬اإلرهاب التهديد والرد عليه‪ ،‬تر‪ :‬أحمد حمدي محمود‪ ،‬القاهرة‪ :‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،2001 ،‬ص ‪.25‬‬
‫‪68‬‬

‫‪-‬رابح لونيسي‪ ،‬الجزائر في دوامة الصراع بين العسكريين والسياسيين‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار المعرفة‪ ،1999 ،‬ص ‪.205‬‬
‫‪69‬‬

‫‪-‬أبو الحسن السالم‪ ،‬اإلرهاب في وسائل اإلعالم‪ ،‬مصر‪ :‬دار الوفاء للطباعة والنشر‪ ،2005 ،‬ص ‪.30‬‬
‫‪70‬‬

‫‪-‬إمام حسنين خليل‪ ،‬نحو اتفاق دولي لتعريف اإلرهاب‪ :‬الجرائم اإلرهابية في التشريعات المقارنة‪ ،‬مصر‪ :‬مركز الخليج للدراسات االستراتيجية‪،‬‬
‫‪ ،2008‬ص ‪.25‬‬
‫‪71‬‬
‫‪72‬‬
‫‪-Jeremy Keenan, the Dark Sahara: Americas War on Terror in Africa, London: Pluto Press, 2009, p 16.‬‬
‫‪73‬‬
‫‪-Alex Schmidt, Garry Handle, After the War one Terror Regional and Multilateral Perspectives on Counter‬‬
‫‪Terrorism Strategy, London: Royal United Services institute, 2009, p 21.‬‬

‫‪78‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وما زاد من حدة هذا النوع من التهديد هو الحراك الثوري في العديد من دول المنطقة‬
‫العربية وما جرى في كل من تونس‪ ،‬مصر‪ ،‬ليبيا‪ ،‬اليمن‪ ،‬والبحرين وصوال إلى سوريا‬
‫والعراق‪ ،‬في ظل تعاظي ا لمجتمع الدولي مع حاالت الفوضى وعدم االستقرار تارة بالتدخل‬
‫وتارة أخرى باإلحجام عنه الختالف وتباين المواقف نتيجة تضارب األهداف والمصالح‬
‫تنامي ظهور تنظيم الدولة اإلسالمية في العراق والشام "داعش"‪ ،‬إذ الحديث عن نشأته تعود‬
‫‪74‬‬
‫إلى تيار السلفية الجهادية واضعا نفسه الوريث والممثل للدولة اإلسالمية‪.‬‬
‫وهي بنية عسكرية منظمة تنظيما جيدا تمتلك رؤية سياسية واضحة يصل إجمالي عدد‬
‫أعضائها األساسيين نحو ‪ 15‬ألف فرد من المقاتلين الجهاديين‪ ،‬مع العديد من األجانب ومنهم‬
‫نحو ألفي إلى ثالث أالف ﺷخص من أوروبا والعدد في تزايد‪ 75.‬وعن جذوره التاريخية‬
‫فتعود إلى جماعة التوحيد و الجهاد التي أسسها األردني" أبو مصعب الزرقاوي" في العراق‬
‫‪76‬‬
‫عام ‪ 2004‬بعد احتالله من قبل الواليات المتحدة األمريكية‪.‬‬
‫لكن التنظيم لم يظهر جليا إال في سنة ‪ 2006‬بعد إعالن" الزرقاوي" متابعته أسامة بن‬
‫الدن زعيم تنظيم القاعدة ليصبح تنظيم القاعدة في بالد الرافدين‪ ،‬وبمقتل" الزرقاوي" تشكل‬
‫ما سمي بدولة العراق اإلسالمية بزعامة" أبو عمر البغدادي" الذي قتل من طرف القوات‬
‫األمريكية العراقية في ‪ 19‬أفريل ‪ 2010‬مع "أبو حمزة المهاجر" زعيم تنظيم القاعدة في‬
‫بالد الرافدين ليختار مجلس ﺷورى الدولة "أبو بكر البغدادي" خليفة له‪ ،‬لكن مختصر‬
‫"داعش" لم يظهر إال في أفريل ‪ 2013‬بعد إعالن" أبو بكر البغدادي" أن جهة النصرة في‬
‫‪77‬‬
‫سوريا هي امتداد لدولة العراق اإلسالمية‪ ،‬وتوحيد العراق وسوريا باسم الدولة اإلسالمية‪.‬‬
‫تلي ذلك جدل كبير بين رموز هذه الحركات الجهادية والعديد من االنتقادات المتبادلة‬
‫فقد هاجم" أبو محمد العدناني"‪-‬المتحدث باسم الدولة‪-‬في ماي ‪ 2014‬نافيا أن يكون التنظيم‬
‫فرعا من القاعدة‪ ،‬أما "عصام البرقاوي" المدعو" أبو محمد المقدسي" الموصوف بأنه‬
‫المرجع الروحي للتيارات السلفية الجهادية فانتقد بدوره تنظيم الدولة‪ ،‬واستمر الوضع إلى‬
‫غاية أواخر ‪ 2014‬حيث أعلن التنظيم قيام ما وصفها" بالخالفة اإلسالمية" وتنصب أبو بكر‬
‫‪78‬‬
‫البغدادي إماما وخليفة للمسلمين ودعا الفصائل الجهادية في مختلف أنحاء العالم لمبايعته‪.‬‬
‫لقد امتدت التداعيات االستراتيجية لتشمل منطقة المغرب العربي في ظل االنكشاف في‬
‫النظام الليبي والتوتر و حالة عدم االستقرار المستمر في النظام التونسي حيث كشفت تقارير‬
‫أمنية تونسية أن جماعة" أنصار الشريعة" التونسية أﺷرفت على سلسلة اجتماعات مع‬
‫قيادات داعش التونسيين والليبيين العائدين من سوريا بحضور قيادات من جماعة أنصار‬
‫الشريعة الليبية لتأسيس ما يسمى ب "دامس" الدولة اإلسالمية في المغرب اإلسالمي خلفا‬
‫لتنظيم اإلرهابي‪ 79.‬وفي المقابل اجتمعت في منطقة درنة الليبية قيادات من داعش وأخرى‬

‫‪-‬يورام شفايتسر‪"،‬داعش الخطر الحقيقي"‪ ،‬تر‪ :‬المركز العربي للدراسات والتوثيق المعلوماتي‪ ،‬الخبر‪ ،‬ع ‪ 07 ،596‬أوت‪ ،2014‬ص ‪.11‬‬
‫‪74‬‬

‫‪-‬تلميد أحمد‪ ،‬تداعيات ظهور داعش على األمن اإلقليمي‪ ،‬أبو ظبي‪ :‬مركز اإلمارات للدراسات والبحوث االستراتيجية‪ ،2014 ،‬ص ‪.09‬‬
‫‪75‬‬
‫‪76‬‬
‫‪-Peter Herling, « Etat Islamique un monstre providentiel », Le monde Diplomatique, 2014, p 02.‬‬
‫‪-Ibid. p 05‬‬
‫‪77‬‬
‫‪78‬‬
‫‪-Mohamed Ali Adraoui, « Du golfe aux banlieues le Salafisme mondialise », France : édition PUF, 2013, p‬‬
‫‪23.‬‬
‫‪-‬إبتسام فوزي‪ " ،‬من المسؤول عن تمويل داعش"‪ ،‬القدس العربي‪ ،‬العدد ‪ ،27‬جوان ‪ ،2014‬ص ‪.11‬‬
‫‪79‬‬

‫‪79‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫من أنصار الشريعة بشقيه الليبي والتونسي بهدف تأسيس جماعة مغاربية تعمل تحت إمرة‬
‫داعش األم و تكون مهمتها األولى توحيد مختلف الجماعات الجهادية في بلدان المغرب‬
‫العربي على أن يكون مركز القيادة في ليبيا واتخاذ ليبيا كمحور تصدير األزمات إلى تونس‬
‫والجزائر‪ ،‬بعد الكشف عن وصول ‪ 5‬آالف مقاتل من داعش إلى ليبيا إلﺷعال صراعات في‬
‫المنطقة بغرض تشكيل قوس لألزمات في منطقتي غرب وﺷمال إفريقيا وإنتاج السيناريو‬
‫العراقي في المنطقة‪ ،‬أي فتح جبهة تمتد من مصر إلى نيجيريا‪ ،‬وحركة أنصار الشريعة في‬
‫ليبيا وتونس هي من تتولى ﺷن الهجمات داخل تونس وعلى الحدود الجزائرية التونسية‬
‫‪80‬‬
‫والليبية‪.‬‬
‫لقد قاد االنهيار األمني في ليبيا إلى إعطاء منطقة المغرب العربي أهمية خاصة‬
‫الرتباطها من الساحل وغرب إفريقيا واستغالل الجماعة اإلرهابية لذلك إلعادة ترتيب ﺷبكتها‬
‫في هذه المنطقة‪ ،‬لقد بينت التقارير خاصة بعد حادثة القنصلية األمريكية في بنغازي وحادثة‬
‫الغاز الجزائرية أن عدد من قادة القاعدة يتواجدون في ليبيا‪ 81،‬ويستغلون الفرص القائمة‬
‫للتبادل والعمل المنظم والدعم بين التنظيمات في ليبيا ونيجيريا والصومال ومالي مما يهدد‬
‫أمن الجزائر خاصة بعد تحديات عدم االستقرار والتوتر االجتماعي والعنف والعجز‬
‫االقتصادي‪.‬‬

‫‪ .2‬الهجرة غير الشرﻋية‬


‫إن موضوع الهجرة تنطوي عليه ﺷبكة من المحددات والنتائﺞ الديموغرافية‬
‫واالجتماعية والسياسية واالقتصادية حيث أصبحت من المسائل الرئيسية التي تدعو للقلق‬
‫نتيجة لتفاقم أثارها‪.‬‬
‫تعرف الهجرة على أنها" االنتقال من مكان إلى آخر وخاصة من دولة أو إقليم أو محل‬
‫سكن أو إقامة إلى مكان آخر بغرض اإلقامة"‪ ،82‬ومصطلح هجرة األدمغة أو العقول فقد‬
‫ابتدعها البريطانيون لوصف خسارتهم خالل السنوات األخيرة من العلماء والمهندسين‬
‫واألطباء بسبب الهجرة من بريطانيا إلى الخارج إال أن العبارة تطلق اليوم على جميع‬
‫المهاجرين المدربين تدريبا عاليا في بلدانهم األصلية إلى بلدان أخرى‪.83‬‬

‫‪-‬حسين بهاز‪ "،‬تنظيم الدولة اإلسالمية في العراق والشام داعش‪ :‬التحديات األمنية والتوازنات اإلقليمية في المنطقة العربية"‪ ،‬الملتقى الدولي حول"‬
‫سياسات الدفاع الوطني بين االلتزامات السيادية والتحديات اإلقليمية"‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم العلوم السياسية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح‪،‬‬
‫قالمة‪ 11-10 ،‬نوفمبر ‪ ،2014‬ص ‪.15-14‬‬
‫‪80‬‬

‫‪-‬مصطفى المرابط وآخرون‪ ،‬تكلفة عدم إنجاز مشروع االتحاد المغاربي‪ ،‬بيروت‪ :‬الدار العربية للعلوم‪ ،2011 ،‬ص ‪.54‬‬
‫‪81‬‬

‫‪-‬تلين سميث‪ ،‬أساسيات علم السكان‪ ،‬تر‪ :‬محمد السيد غالب وآخرون‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الفكر العربي‪ ،1971 ،‬ص ‪.499‬‬
‫‪82‬‬

‫‪-‬إلياس زين‪ ،‬هجرة األدمغة العربية‪ ،‬بيروت‪ :‬المؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ،1972 ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪83‬‬

‫‪80‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وتعرف الهجرة غير الشرعية في القانون الجزائري حسب األمر ‪ 2011-66‬المؤرخ‬


‫في ‪ 21‬جويلية ‪ 1966‬بأنها" دخول ﺷخص أجنبي إلى التراب الوطني بطريقة سرية أو‬
‫‪84‬‬
‫بوثائق مزورة بنية االستقرار أو العمل"‪.‬‬
‫تشكل الهجرة أهمية أمنية بالنسبة للجزائر‪ ،‬بنسبة كبيرة من الجزائريين مقيمين خارج‬
‫الجزائر حيث يتم ربطها باالستقرار‪ ،‬إذ عدم االستقرار السياسي في الجزائر نتيجة لظروف‬
‫عديدة اجتماعية و اقتصادية تؤدي بالهجرة إلى الدول األوروبية سواء كيد عاملة أو االستقرار‬
‫الدائم بهذه الدول‪ .‬فهذه الهجرة تؤمن طاقة عاملة ذات مستوى الثقافي والعلمي المرتفع بمقابل‬
‫ضئيل في أوروبا‪ ،‬وبالتالي تشكل ما يسمى بالخطر اإلسالمي الجنوبي خاصة في السنوات‬
‫األخيرة منذ أحداث ‪.2001‬‬
‫و نظرا للدور الحيوي الذي تلعبه الجزائر في خريطة الهجرة غير الشرعية سواء نحو‬
‫تونس أو المغرب أو باتجاه أوروبا فقد تزايد المهاجرين إلى أكثر من ‪ 90.000‬مهاجر من‬
‫بينهم ‪ 10.000‬غير ﺷرعي‪ 138 ،‬الجئا ‪ 192‬طالب لجوء وفي هذا السياق لم تقتصر الهجرة‬
‫غير الشرعية على رعايا الدول اإلفريقية المجاورة بل تعداها إلى الدول األسيوية التي‬
‫‪85‬‬
‫أصبحت كذلك مصدر للمهاجرين السريين إلى دول المغرب العربي ومنها الجزائر‪.‬‬
‫فالهجرة كظاهرة عابرة لألقاليم تشكل رهانا اجتماعيا فدول الشمال تنظر إلى العالقة‬
‫مع دول الجنوب على أنها عالقة تترجم بأزمة حول مسألة اندماج المهاجرين‪ ،‬والذي يولد‬
‫أزمة تعدد الثقافات أما دول الجنوب فترى العالقة بأنها تعبر عن توتر الناجم عن موجة‬
‫التحديث على الطراز الغربي‪ ،‬فالتحدي األساسي في هذه القضية يأخذ طابع الهوية والتقاء‬
‫الثقافات‪.86‬حيث قامت الجزائر باالتفاق مع االتحاد األوروبي في ما يعرف ب "مبدأ األمن‬
‫الجماعي" في محاولة تقليل من تزايد الهجرة التي تشكل عائق في الشراكة األورو‬
‫‪87‬‬
‫متوسطية‪.‬‬
‫ينص القانون الجزائري على أن اإلدارة يمكنها أن تصدر أمر ترحيل أو أمر باإلعادة‬
‫إلى الحدود و يجوز لوزير الداخلية أن يصدر أمرا بطرد أي أجنبي خارج التراب الجزائري‬
‫في حالة تهديد األمن العام أو أمن الدولة‪ ،‬أما فيما يخص المهاجرين إلى الجزائر أو الالجئين‬
‫ينبغي إدراج احترام الحقوق األساسية للمهاجرين والالجئين كهدف محدد في الجزء الخاص‬
‫باحترام حقوق اإلنسان‪ ،‬كذلك اعتماد تشريعات وطنية بشأن اللجوء كذلك يجب أن تعتمد‬
‫تشريعات وطنية محددة وﺷاملة ومترابطة بشأن حقوق العمال المهاجرين‪ ،‬وينبغي أن تكون‬
‫‪88‬‬
‫سلطة اإلدارة في ما يتعلق باألجانب محدد بوضوح في القانون‪.‬‬

‫‪-‬علي عبد الرزاق حلبي‪ ،‬علم اجتماع السكان‪ ،‬ط‪ ،4‬اإلسكندرية‪ :‬دار المعرفة الجامعية‪ ،2005 ،‬ص ‪.207‬‬
‫‪84‬‬

‫‪-‬عيساوي فاطمة‪ ،‬األمن القومي الجزائري في ظل التحوالت السياسية الراهنة في المنطقة المغاربية‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماستر‪ ،‬تخصص‬
‫دراسات مغاربية‪ ،‬جامعة الطاهر موالي‪-‬سعيدة‪ ،-‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم العلوم السياسية‪ ،2015-2014 ،‬ص ‪.100‬‬
‫‪85‬‬

‫‪-Bassma Darwich, « L’euro-méditerranéen comme un jeu de société », Politique étrangère, N°11, 1998, p 39.‬‬
‫‪86‬‬

‫‪ -‬التقرير اإلستراتيجي العربي‪"،‬االتحاد األوروبي والمتوسطية‪ :‬مبادرات جديدة"‪ ،‬القاهرة‪ :‬مؤسسة األهرام‪ ،2001 ،‬ص ‪.08‬‬
‫‪87‬‬

‫‪-‬نجالء سمكية‪ ،‬ساراكيي وآخرون‪" ،‬الهجرة واللجوء في بلدان المغرب العربي"‪ ،‬الشبكة األوروبية لحقوق اإلنسان‪ ،‬العدد ‪ ،2010 ،16‬ص‬
‫‪.37‬‬
‫‪88‬‬

‫‪81‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫حيث قامت الحكومة الجزائرية في ديسمبر ‪ 2014‬بترحيل حوالي ثالثة آالف مهاجر‬
‫أغلبهم من النيجر لوجودهم بصفة غير قانونية وذلك من أجل الوصول إلى ليبيا‪ 89.‬وتشكل‬
‫الخروقات على الحدود بين ليبيا‪ ،‬الجزائر وتونس كذلك في الجنوب قلقا كبيرا لهذه الدول‪،‬‬
‫وقد أظهرت االجتماعات المتكررة بين وزراء داخلية الدول الثالث والقمة التي جمعت‬
‫رؤساء الحكومة التي انعقدت في مدينة غدامس القريبة من الحدود الليبية التونسية الجزائرية‬
‫في جانفي ‪ 2013‬ﺷعورا بخطورة النشاطات الخارجة عن القانون والمتمثلة في تهريب‬
‫األسلحة والمخدرات والسلع الغذائية والوقود‪ ،‬بسبب الحركة المتزايدة للهجرة غير الشرعية‪،‬‬
‫‪90‬‬
‫مما ينعكس بتهديد كبير الستقرار البلدان وهدرا لمواردها‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تهديد األمن الوطني الجزائري في الدائرة المتوسطية‬
‫لقد كانت الجزائر بعد االستقالل منغمسة في مشاكلها الحدودية وهو ما أثر بصورة‬
‫كبيرة في عقيدتها األمنية ودوائر اهتمام سياستها الخارجية‪ ،‬لكن التحول في طبيعة التهديدات‬
‫مع نهاية الحرب الباردة قد جعل البعد المتوسطي لألمن الجزائري محوريا نتيجة التهديدات‬
‫والمخاطر المشتركة بين الضفتين‪.‬‬
‫يستمد الفضاء المتوسطي تسميته من البحر المتوسط الذي ﺷكل على مدار التاريخ‬
‫منطقة تماس وجذب جيوحضاري وتاريخي ارتبطت بمتغيرات السيطرة والنفوذ وصوال إلى‬
‫مظاهر التعاون والتنسيق‪ ،‬وتقدر مساحة المتوسط بحوالي ‪ 2,5‬مليون كلم‪ ،2‬تقسم إلى‬
‫حوضين كبيرين هما الحوض الشرقي بمساحة ‪ 1.65‬كلم‪ ،2‬والحوض الغربي بمساحة ‪0.85‬‬
‫مليون كلم‪ 2‬والعتبارات جيوستراتجية‪.‬‬
‫عادة ما يتم اعتبار جنوب المتوسط تهديد مباﺷر لشماله ما يصدره له من ال أمن‬
‫و عوامل مخلة باالستقرار‪ ،‬لكن في المقابل نادرا ما يشار إلى ما يمكن أن تشكله الضفة‬
‫الشمالية للمتوسط من تهديد للجنوبية‪ ،‬بالنسبة لجنوب المتوسط وبحكم مدركاته التي تحكمها‬
‫تجارب خضوعه لالستعمار يمكن أن تكون أوروبا كذلك مصدرا للتهديد بسبب اقتصادها‬
‫المهيمن على المنطقة‪ ،‬ثقافتها التي تهدد هويات المجتمعات في الجنوب والمشروع األوروبي‬
‫الذي يتعارض في كثير من األحيان مع مساعي التخلص من آثار االستعمار‪.91‬‬
‫فهذه العوامل وأخرى ترجح فرضية السعي األورو‪-‬أطلسي إلى الهيمنة على المنطقة‬
‫وهو ما تؤكد ه كذلك محاوالت الضفة الشمالية للمتوسط الرامية إلى تشكيل المنطقة‬
‫المتوسطية وفقا ألطروحات ومقارباتها وطبقا للقيم‪ ،‬المعايير‪ ،‬البنى والمؤسسات الغربية‬
‫بداعي جلب االستقرار والسلم لهذه المنطقة المضطربة‪.‬‬
‫تندرج تهديدات الدائرة المتوسطية لألمن القومي الجزائري‪ ،‬ألن الجزائر تنتمي إلى‬
‫جنوب المتوسط وما يصيب األخير حتما يصيبها وتزداد تهديدات الدائرة المتوسطية خطورة‬
‫إذا اعتمدنا على معيار آخر في االنتماء والعروبة‪ ،‬ألن الجزائر عربية فإن أمنها معرض‬

‫‪-‬عبد الواحد أكمير‪ " ،‬الربيع العربي والهجرة غير القانونية في البحر األبيض المتوسط"‪ ،‬المستقبل‪ ،‬العدد ‪ ،2015 ،433‬ص ‪.03‬‬
‫‪89‬‬

‫‪ -‬مركز الجزيرة للدراسات‪ "،‬ليبيا التحديات األمنية وانعكاساتها على العملية السياسية‪ ،‬ماي ‪ ،2013‬ص ‪.04‬‬
‫‪90‬‬

‫‪-Jeans-robert henry، «la méditerrané occidental enquête d’un destin commun»، l’année du Maghreb،‬‬
‫‪91‬‬

‫‪paris :2004، p14.‬‬

‫‪82‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫للتهديد واالختراق األوروبي واألطلسي من األعلى‪ .92‬وحجم التهديد هنا أكبر وأخطر من‬
‫حجم ال تهديد ضمن الدائرتين المغاربية واإلفريقية ألنه مرتبط بخطر ونزع التسلح الرقابة‬
‫الشديدة المفروضة عليه‪ ،‬احتكار التهديد من طرف القوى األورو‪-‬أطلسية وعدم القدرة على‬
‫مواجهته‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬تشير بعض التحليالت إلى أن الحوار األمني الذي ﺷرعت فيه أوروبا‬
‫مع الدول المتوسطية عبر البعد السياسي‪-‬األمني لمشروع الشراكة األورو‪-‬متوسطية أو عبر‬
‫مختلف األطر األمنية التعاونية األخرى يهدف إلى زيادة التوقع على المستوى العسكري‬
‫‪93‬‬
‫وكبح تطور الدول العربية العسكرية‪.‬‬
‫اإلرهاب‬ ‫‪.I‬‬
‫يعرف اإلرهاب بأنه‪" :‬استعمال منظم للعنف بشتى مظاهره المادية والمعنوية بشكل‬
‫يثير الرعب والخوف ويخلق خسائر مادية‪ ،‬بغية تحقيق أهداف سياسية أو ﺷخصية‪ ،‬بالشكل‬
‫‪94‬‬
‫الذي يتنافى مع قواعد القانون الدولي والداخلي"‪.‬‬
‫ويعرف اإلرهاب أيضا بأنه" العنف المستخدم ضد األﺷخاص بقصد إخافتهم وإجبار‬
‫السلطات والهيئات واألﺷخاص ذو الشأن على تأييد أو تنفيذ المطالب أو تحقيق األغراض‬
‫‪95‬‬
‫التي من أجلها كانت األعمال اإلرهابية‪.‬‬
‫تعتبر ظاهرة اإلرهاب من أهم التهديدات الجديدة لألمن خاصة ما يعرف باإلرهاب‬
‫الدولي‪ ،‬الذي انتشر بصفة خاصة بعد الهجمات التي تعرضت لها الواليات المتحدة األمريكية‬
‫في ‪ 11‬سبتمبر ‪ 2001‬و أدت هذه األحداث إلى تحول في نمط هذه الظاهرة حيث انتقل‬
‫اإلرهاب من إطاره الضيق أي داخل الدولة إلى نطاق أوسع وأكثر ﺷمولية أي إرهاب عابر‬
‫لألوطان‪.‬‬
‫فاإلرهاب ظاهرة اجتماعية أصبحت اليوم أخطر التهديدات األمنية الجديدة التي يعرفها‬
‫العالم بصفة عامة وحوض المتوسط بصفة خاصة‪ ،‬وتعتبر ظاهرة اإلرهاب األبرز في‬
‫األخير من القرن العشرين ومطلع القرن الواحد العشرين‪ ،‬وقد تفاقمت هذه الظاهرة بشكل‬
‫طالت الدول بأﺷكالها وأنظمتها الديمقراطية منها والديكتاتورية‪ ،‬المتقدمة منها والمتخلفة‪،‬‬
‫‪96‬‬
‫الشرقية منها والغربية اإلسالمية والغير اإلسالمية‪.‬‬
‫يسعى اإلرهاب إلى تحقيق أهداف سياسية من وراء الجرائم المرتكبة وقد عرفت دول‬
‫غرب إفريقيا و دول الساحل اإلفريقي سلسلة من العمليات اإلرهابية بقيادة جماعات إرهابية‬
‫على رأسها تنظيم القاعدة ببالد المغرب اإلسالمي وبوكوحرام –الخ وتمركزت العمليات‬
‫اإلرهابية خاصة في مالي‪ ،‬نيجر‪ ،‬تشاد باإلضافة إلى ذلك ليبيا التي أصبحت معقال للجماعات‬
‫‪-‬حسام حمزة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.129‬‬
‫‪92‬‬
‫‪93‬‬
‫‪-Rosemary Hollis, « Europe and the Middle East: Power by Stealth? », International Affairs, vol73, n°01, 1997,‬‬
‫‪p15.‬‬
‫‪-‬أمينة حالل‪ ،‬التهديدات األمنية في حوض األبيض المتوسط الغربي‪ ،‬أطروحة دكتوراه في العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬جامعة الجزائر‪،3‬‬
‫كلية العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،2014 ،‬ص ‪.178‬‬
‫‪94‬‬

‫‪-‬حسين المحمدي بوادي‪ ،‬تجربة مكافحة اإلرهاب‪ ،‬مصر‪ :‬دار الفكر الجامعية‪ ،2006 ،‬ص ‪.23‬‬
‫‪95‬‬

‫‪-‬علي يوسف الشكري‪ ،‬اإلرهاب الدولي في ظل النظام العالمي الجديد‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار السالم الحديث‪ ،2007 ،‬ص ‪.20‬‬
‫‪96‬‬

‫‪83‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المتشددة ال سيما أنصار الشريعة في ﺷرقها وفجر ليبيا في غربها‪ .‬ارتبطت ظاهرة اإلرهاب‬
‫الدولي في ﺷمال إفريقيا وجنوب الصحراء تحديدا في منطقة الساحل اإلفريقي بتنظيم القاعدة‬
‫في بالد المغرب اإلسالمي بتفرعاتها المختلفة في مختلف دول المنطقة باعتبارها تمثل أحد‬
‫أهم األخطار والتهديدات األمنية التي تهدد العالم بصفة عامة ومنطقة المتوسط وﺷمال إفريقيا‬
‫بصفة خاصة وقد عرف انتشار تنظيم داعش اإلرهابي خاصة منذ ‪2015‬م في ليبيا وتحديدا‬
‫في منطقة الهالل النفطية وصوال إلى منطقة سرت السحلية‪ ،‬ونفس الشيء بالنسبة لتونس‬
‫خاصة المناطق الحدودية الليبية‪ .‬يؤثر تواجد هذه الجماعات اإلرهابية في منطقة المتوسط‬
‫عامة وﺷمال إفريقيا ومنطقة الساحل اإلفريقي خاصة مع تعاظم التجارة المخدرات والهجرة‬
‫الغير الشرعية والجريمة المنظمة واالتجار باألسلحة على دول الجوار ومن بينهم الجزائر‬
‫وأمنها الوطني وما حدث عام ‪2013‬م في حادثة تقنتورين النفطية في الجنوب الجزائري من‬
‫عمل إرهابي الذي كان سبب في تسلل ارهابين من التراب الليبي إلى داخل الحدود الجزائرية‬
‫كخير دليل على ذلك‪.‬‬

‫‪ .II‬أسلحة الدمار الشامل‬


‫بالنظر إلى حجم الخسائر التي يمكن أن تسببها أسلحة الدمار الشامل على المستوى‬
‫البشري والمادي والبيئي وامتداد تأثيراتها الزمانية والمكانية‪ ،‬تعتبر خطرا يفوق في حدته‬
‫ومظاهره اإلرهاب الدولي‪ .‬وبذلك فقد وضعت على قمة األجندة العالمية المتعلقة بقضايا‬
‫التسلح وضبطه على المستوى الدولي واإلقليمي منذ النصف الثاني من القرن العشرين‪ ،‬وما‬
‫زاد من خطورة هذه األسلحة استفادتها من تطورات التكنولوجية العلمية وانعكاساتها خاصة‬
‫من جانب امتالك واستخدام ونشر السالح النووي‪.97‬‬
‫والسيناريو المخيف أكثر هو احتمال حصول التنظيمات اإلرهابية على هذه األسلحة‬
‫واستخدامها بصورة عشوائية‪ ،‬باإلضافة إلى خطر امتالك بعض الدول التي توصف بالمارقة‬
‫لهذه األسلحة وتهديده ألمن واستقرار المنطقة‪.98‬‬
‫‪ .III‬الجريمة المنظمة‬
‫تعتبر الجريمة المنظمة بكل صورها أكثر الجرائم خطورة وتحديات للدول‬
‫واقتصادياتها‪ ،‬ألنها تمس بصفة مباﺷرة االقتصاد والقدرات المادية للدولة‪ ،‬كما أن هذه‬
‫الظاهرة استفحلت في ظل العولمة حيث ظهرت الجماعات المنظمة في استخدام مختلف‬
‫الوسائل‪ ،‬كالتهديد واالختطاف واالبتزاز‪ .‬بالتعاون مع مجموعات مماثلة لتوفير وسائل النقل‬
‫والتسليح واالتصال‪.99‬‬
‫الهجرة غير الشرﻋية‬ ‫‪.IV‬‬
‫بالرغم من الحواجز التي وضعتها تشريعات الدول األوروبية لتوقيف وتنظيم الهجرة‬
‫من الجنوب باتجاهها‪ ،‬وكذا تنامي عمليات الرقابة التي وضعتها الدول المغاربية في حدودها‬

‫‪-‬محمود عبد السالم‪" ،‬األسلحة النووية وعالم القرن الحادي والعشرين"‪ ،‬السياسة الدولية‪ ،‬العدد‪ ،2005 ،161‬ص ‪.233-232‬‬
‫‪97‬‬

‫‪-‬علي محمد علي‪ ،‬أوروبا آمنة في عالم أفضل‪ :‬االستراتيجية األمنية األوروبية‪ ،‬لوكسمبورغ‪ :‬مكتب إصدارات االتحاد األوروبي‪ ،2010 ،‬ص‬
‫‪.31‬‬
‫‪98‬‬

‫‪-‬محسن عبد الحميد احمد‪ ،‬التعاون العربي والتحديات األمنية‪ ،‬الرياض‪ :‬مركز الدراسات والبحوث‪.1999،‬‬
‫‪99‬‬

‫‪84‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫إلى حد التجريم والعقوبة والسجن مثل الجزائر مؤخرا‪ ،‬إال أن هذا لم يوقف زحف المهاجرين‬
‫نحو الشمال بل بالعكس عرف توافد المهاجرين المغاربة على أوروبا تزايدا ملحوظا‪.‬‬
‫ﺷكلت الهجرة غير الشرعية أحد أخطر التهديدات األمنية التي تعاني منها دول‬
‫المتوسط ودول ﺷمال إفريقيا والساحل اإلفريقي ولما لها عالقة مع الجريمة المنظمة بكافة‬
‫أنواعها‪ ،‬وقد عانت دول ﺷمال إفريقيا ومن بينهم الجزائر باعتبارها مركز عبور بالنسبة‬
‫للمهاجرين غير الشرعيين القادمين من دول الساحل اإلفريقي خاصة مالي‪ ،‬النيجر وتشاد‬
‫والمتجهين إلى الضفة الشمالية نحو أوروبا‪.‬‬
‫لقد تزايد عدد المهاجرين الذين يحاولون عبور البحر األبيض المتوسط والمحيط‬
‫األطلسي إلى دول االتحاد بوسائل نقل غير مأمونة‪ ،‬ما عرض بعضهم إلى أخطار جمة وال‬
‫يمر أسبوع دون ورود أخبار عن غرق أحد القوارب غير الصالحة للمالحة بكل ركابها‪،‬‬
‫وأخبار عن جثث تلقيها المياه على الشاطئ وأخبار عن أﺷخاص دفعوا أموال طائلة للمتاجرة‬
‫بالبشر‪.100‬‬
‫‪ .V‬التعاون الجزائري‪-‬األطلسي‬
‫كانت معاهدة حلف ﺷمال األطلسي بمنزلة امتداد وتوسع إلطار معاهدة بروكسل التي‬
‫وقعتها في ‪ 17‬مارس ‪ ،1948‬كل من بلجيكا ولوكسمبوغ وهولندا وبريطانيا وفرنسا‪ ،‬هذه‬
‫المعاهدة التي جاءت نتيجة تصاعد حدة الحرب الباردة بين المعسكرين خاصة بعد زيادة‬
‫النفوذ السوفياتي في أوروبا الذي تحول إلى خطر يهدد الدول األوروبية الغربية‪ ،101‬وقد‬
‫قبلت معاهدة بروكسل بالتشجيع في واﺷنطن وانطلقت دعوات لتوسيع ودخول الواليات‬
‫المتحدة األمريكية عضوا فيها واستقر الرأي بعد اجتماع على مستوى وزراء خارجية دول‬
‫المعاهدة والواليات المتحدة على تطويرها إلى تحالف‪ ،‬ومن هنا بدأ وضع ميثاق تأسيسي‬
‫لحلف مال األطلسي الذي تم بعد عام من المداوالت إذ تم االحتفال بإنشائه في واﺷنطن في‬
‫‪ 04‬أفريل ‪ 1949‬وعرف بحلف ﺷمال األطلسي‪.102‬‬
‫إن مصادر التهديد تنطوي بوضوح تحت التهديدات الالتماثلية إال أن النظرة الغربية في‬
‫عمومها واألمريكية على وجه الخصوص ال تزال تحتفظ بالمقتربات التقليدية ألمنها وأمن‬
‫العالم‪ ،‬والقائلة بمركزية الدولة في هذا المجال حيث نجدها تحمل الدول كافة المسؤولية‬
‫بخصوص مخاطر اإلرهاب‪ ،‬انتشار أسلحة الدمار الشامل وما يرافقها من جرائم المافيا‬
‫والهجرات غير الشرعية وغيرها قاصدة في ذلك ما تعتبره دوال فاﺷلة‪ ،103‬إال أن هذه الرؤية‬
‫ال تشمل تفسيرات لما يعيشه العالم المتقدم من مظاهر عنف واحتجاجات عن الواقع الذي‬
‫تصنعه االنعكاسات السياسية للعولمة‪.‬‬
‫مع نهاية الحرب الباردة وزوال الخطر الشيوعي بدأ الحديث في األوساط الغربية عن‬
‫التهديد األمني االتي من دول الجنوب‪ ،‬وتتمثل هذه التهديدات في أسلحة الدمار الشامل‪،‬‬

‫‪-‬عثمان الحسين محمد نور‪ ،‬ياسر عوض الكريم المبارك‪ ،‬الهجرة غير الشرعية والجريمة‪ ،‬األردن‪ :‬دار الحامد للنشر والتوزيع‪ ،2014 ،‬ص‬
‫‪.41‬‬
‫‪100‬‬

‫‪-‬اسماعيل صبري مقلد‪ ،‬منظمة شمال األطلسي‪ ،‬الكويت‪ :‬مؤسسة الصباح‪ ،1990 ،‬ص ‪.45‬‬
‫‪101‬‬

‫‪-‬محمد حسون‪ ،‬االستراتيجية التوسعية لحلف الناتو وأثرها على األمن القومي العربي‪ ،‬مجلة جامعة دمشق للعلوم االقتصادية والقانونية‪ ،‬ع‪،02‬‬
‫‪ ،2010‬ص ‪.33‬‬
‫‪102‬‬

‫‪-‬أدمام شهرزاد‪ ،‬الطبيعة الالتماثلية للتهديدات األمنية الجديدة‪ ،‬مجلة الندوة للدراسات القانونية‪ ،‬العدد‪ ،2013 ،01‬ص ‪.07‬‬
‫‪103‬‬

‫‪85‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫اإلرهاب‪ ،‬الهجرة السرية وهكذا أصبحت منطقة جنوب المتوسط بما فيها الجزائر مصدر‬
‫تهديد لهذا وضعت الدول األوروبية المتوسط في مجالها األمني‪ ،‬وبالتالي تنظر الواليات‬
‫المتحدة لهذه التحديات تهديد ألمن حلف الناتو‪ ،104‬وجاء تأكيدا هذا األخير على أهمية المنطقة‬
‫في الفقرة الثانية عشر من المفهوم االستراتيجي الجديد حيث جاء فيها "إن الحلفاء يتمنون‬
‫إقامة عالقات سلمية مع دول جنوب المتوسط الشرق األوسط غير األعضاء في الحلف‬
‫األطلسي تقوم هذه العالقات على التعاون والتشاور األمني ألن هاتين المنطقتين مهمتان ألمن‬
‫حلف األطلسي‪.105‬‬
‫قام الحلف بحوار سياسي مع دول الجنوب المتوسط سنة ‪ ،1994‬في مقدمتها تونس‪،‬‬
‫المغرب والجزائر عام ‪ ،2000‬إلقامة عالقات جيدة وتعزيز الثقة ودعم األمن واالستقرار‬
‫وتشجيع عالقات حسن الجوار والتفاهم المتبادل في المنطقة‪.106‬‬
‫التعاون مع حلف ﺷمال األطلسي بدأ التعاون الجزائري األمريكي في ‪ 2000‬بعد‬
‫خروجها من أحداث التسعينات‪ ،‬بعدما أصبحت تقيم سياستها الخارجية على نهﺞ أكثر‬
‫براغماتي وواقعي باإلضافة إلى مراجعتها لمفهوم األمن و الدفاع الوطني الذي كيف مع‬
‫التهديدات الجديدة‪ ،‬فهذه األخيرة ال يمكن حلها قطريا ألنها ظواهر عابرة للحدود لذا كان‬
‫الرهان الجزائري على الجوار المتوسطي كوسيلة لتحقيق نجاعة أكبر في مواجهة التهديدات‬
‫الجديدة‪ ،‬إذ سبق هذا الحوار المتوسطي اتصاالت رسمية سرية أجريت بين مسؤولين سامين‬
‫وخبراء عسكريين من الطرفين عام ‪.1071999‬‬
‫كما ﺷاركت الجزائر في ندوة أطلسية‪-‬متوسطية بلشبونة في عام ‪ 1999‬خصصت‬
‫لمعالجة التحديات البحرية‪ ،‬واعتمد التعاون الجزائر مع الحلف األطلسي على ثالثة مبادئ‪:‬‬
‫وحدة وﺷمولية األمن في المتوسط‪ ،‬عدم قابليته للتجزئة واالرتكاز‪ ،‬التشاور والحوار كأدوات‬
‫لتقريب الشعوب‪.‬‬
‫‪ .VI‬مبادرة ‪5+5‬‬
‫تسمى لهذه المبادرة ب"مشروع المتوسط الغربي"‪ ،‬وهي مبادرة فرنسية ركزت على‬
‫خصوصية الحوض الغربي للمتوسط حيث ﺷملت دول االتحاد المغاربي‪ :‬الجزائر‪ ،‬المغرب‪،‬‬
‫تونس‪ ،‬ليبيا‪ ،‬موريتانيا وأربعة دول أوروبية هي‪ :‬فرنسا‪ ،‬اسبانيا‪ ،‬ايطاليا والبرتغال‪ .108‬يعتبر‬
‫هذا المشروع قضية األمن في المتوسط‪ ،‬قضية ﺷاملة غير قابلة للتجزئة مما يستدعي بناء‬
‫إطار أمني ﺷامل لمواجهة التحديات األمنية المطروحة على مستوى البيئة‪ ،‬الهجرة‪،‬‬
‫باعتبارها محددات هامة في التصور األوروبي لألمن في المتوسط‪ ،‬بالنظر إلى ما تنتجه من‬
‫عوامل التوتر والالاستقرار المجتمعي داخل المجتمعات األوروبية‪ .‬على هذا األساس ناقشت‬
‫هذه المبادرة التعاون في القضايا‪ :‬األمن واالستقرار في المتوسط‪ ،‬االندماج اإلقليمي والتعاون‬

‫‪-‬عبد النور بن عنتر‪ "،‬الحوار األمني األطلسي المتوسطي الشراكة األمريكية الجزائرية‪ ،‬مجلة شؤون األوسط‪ ،‬العدد ‪ ،1999 ،83‬ص ‪.51‬‬
‫‪104‬‬

‫‪-‬عبد النور بن عنتر‪" ،‬األطلسية الجديدة في المتوسط وانعكاساتها على األمن العربي"‪ ،‬مجلة شؤون االوسط‪ ،‬العدد ‪ ،1997 ،47‬ص ‪.96‬‬
‫‪105‬‬

‫‪-‬عبد النور بن عنتر‪ ،‬البعد المتوسطي لألمن الجزائري‪ ،‬أوروبا والحلف األطلسي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.167‬‬
‫‪106‬‬

‫‪-Aomar Baghzouz, « Place et rôle de l’Algérie dans l’architecture de sécurité en méditerranée », travaux‬‬
‫‪107‬‬

‫‪collège internation, organisé l’université Menthouri à Constantine, Alger : 2009, p 54.‬‬


‫‪108‬‬
‫‪-Mohamed Saïd Musette, Les maghrébines dans la migration internationales, Algérie : centre de recherche‬‬
‫‪en économie appliquée pour le développement, 2006, p 21.‬‬

‫‪86‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫االقتصادي‪ ،‬التعاون في الميدان االجتماعي واإلنساني‪ ،‬حوار الثقافات والحضارة وتكثيف‬


‫التشاور والحوار السياسي في القضايا المتوسطية‪.109‬‬
‫‪ .VII‬منتدى الحوار والتعاون في البحر األبيض المتوسط‬
‫الذي دعا إليه الرئيس المصري "حسني مبارك"‪ ،‬وكانت أولى خطواته عقد اجتماع‬
‫اإلسكندرية في جويلية ‪ ،1994‬ضم كل من اسبانيا‪ ،‬فرنسا‪ ،‬ايطاليا‪ ،‬اليونان‪ ،‬البرتغال‪،‬‬
‫مالطا‪ ،‬تركيا عن الجانب األوروبي أما من الجانب المغاربي فقد ضم هذا المنتدى كل من‬
‫الجزائر‪ ،‬مصر‪ ،‬تونس‪ ،‬المغرب وترتكز على مناقشة سبل مواجهة التحديات األمنية في‬
‫المتوسط‪.110‬‬
‫‪ .VIII‬اإلطار المتوسطي التحاد أوروبا الغربية ‪1992‬‬
‫الذي كان من بين أهم أولوياته تعزيز وتفعيل أطر التعاون مع الدول الواقعة جنوب‬
‫المتوسط بدءا ب‪ :‬الجزائر‪ ،‬تونس‪ ،‬المغرب كمرحلة أولى‪ ،‬وصوال إلى مصر‪ ،‬موريتانيا‬
‫وإسرائيل‪ ،‬في مراحل الحقة‪.111‬‬
‫‪ .IX‬الحوار المتوسطي لمنطقة الحلف األطلسي ‪1994‬‬
‫يعتبر هذا المشروع أحد اإلفرازات األساسية الناتجة عن إعطاء مهام جديدة للحلف‬
‫األطلسي بعد الحرب الباردة‪ ،‬وكان انطالق هذا الحوار بإيعاز من الواليات المتحدة‬
‫األمريكية من أجل مكافحة مشاكل اإلرهاب‪ ،‬الجريمة المنظمة‪ ،‬تهريب األسلحة والهجرة‬
‫غير الشرعية نحو أوروبا وأمريكا‪ ،‬باعتبارها مشاكل متأصلة في جنوب المتوسط‪ .‬وعلى‬
‫هذا األساس كانت الدول المعنية بهذا الحوار هي‪ :‬الجزائر‪ ،‬إسرائيل‪ ،‬األردن‪ ،‬المغرب‪،‬‬
‫مصر‪ ،‬موريتانيا وتونس‪ ،‬ويقوم هذا المشروع على "الحوار" و"الشراكة" كآليتين أساسيتين‬
‫لتعزيز التعاون األمني والعسكري في المتوسط‪.112‬‬
‫‪ .X‬مسار برﺷلونة ‪1995‬‬
‫جاء نتيجة فشل أو عدم السير الحسن للمشاريع والمبادرات األوروبية في حوض البحر‬
‫المتوسط‪ ،‬وبعد لقاء برﺷلونة ب‪ 27- 26‬نوفمبر ‪ 1995‬االنطالقة الرسمية لهذا المشروع‬
‫حيث اجتمع وزراء الخارجية ل‪ 15‬دولة من االتحاد األوروبي و‪ 12‬دولة منتمية إلى جنوب‬
‫وﺷرق المتوسط‪ ،‬وما ميز هذا المسار بتأكيده على ضرورة إقامة فضاء مشترك للسلم‬
‫واالستقرار على أساس المواجهة المشتركة للتحديات االقتصادية‪ ،‬الجيواستراتجية‪،‬‬
‫االجتماعية والثقافية‪.113‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬تهديد األمن الوطني الجزائري في منطقة الساحل اإلفريقي‬

‫‪-‬عاللي حكيمة‪ ،‬البعد األمني في السياسة الخارجية‪-‬نموذج الجزائر‪-‬مذكرة الماجستير في العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬تخصص‬
‫الديمقراطية والحكم الراشد‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬جامعة منتوري‪-‬قسنطينة‪ ،2011-2010 ،-‬ص‬
‫‪.223‬‬
‫‪109‬‬

‫‪-‬تقمونين ابراهيم‪ ،‬المغرب العربي في ظل التوازنات الدولية بعد الحرب الباردة‪ :‬التوافق والتنافس الفرنسي‪-‬األمريكي أنموذجا‪ ،‬مذكرة ماجستير‬
‫في العلوم السياسية‪ ،‬كلية العلوم السياسية واإلعالم‪ ،‬قسم العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2005 ،‬ص ‪.124‬‬
‫‪110‬‬

‫‪-‬عاللي حكيمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.224‬‬


‫‪111‬‬

‫‪-‬نزار إسماعيل‪ ،‬دور حلف شمال االطلسي بعد انتهاء الحرب الباردة‪ ،‬اإلمارات العربية المتحدة‪ :‬مركز اإلمارات للدراسات والبحوث‬
‫االستراتيجية‪ ،2003 ،‬ص ‪.34‬‬
‫‪112‬‬
‫‪113‬‬
‫‪-Mohammed Fouad Ammor, Quels Défis pour les échanges méditerranéens ?, Confluences, Printemps 1997,‬‬
‫‪p34.‬‬

‫‪87‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫تعريف منطقة الساحل من الناحية الجغرافية‬ ‫‪-1‬‬


‫يرمز الساحل اإلفريقي إلى المنطقة الوسيطة الواقعة بين ﺷمال إفريقيا وإفريقيا‬
‫االستوائية ‪ ،‬إذ تشكل الساحل منطقة إيكولوجية األمطار فيها ليست وفيرة وغير منتظمة‬
‫‪114‬‬
‫التساقط‪.‬‬
‫مصطلح الساحل اإلفريقي يعني تقليديا البدو والرحل في الصحراء‪ ،‬فالبنسبة لجغرافي‬
‫القرن العشرين فإن الساحل هي المنطقة التي تمتد من المحيط األطلسي إلى غاية البحر‬
‫األحمر وتشمل كل من إثيوبيا‪ ،‬مالي‪ ،‬موريتانيا‪ ،‬النيجر‪ ،‬السودان والتشاد وهي المنطقة التي‬
‫تمتد على طول يتراوح بين ‪ 500‬إلى ‪ 700‬كلم لتفصل بذلك بين إفريقيا الشمالية وسهول‬
‫‪115‬‬
‫السافانا جنوبا‪.‬‬
‫الساحل اإلفريقي حسب المنظور واإلدراك الجزائري‬ ‫‪-2‬‬
‫لكل دولة إدراك خاص بمحيطها اإلقليمي من انتماء وطبيعة العالقات التي تربطها‬
‫بدول الجوار فالجزائر كفاعل إقليمي ترى في الساحل اإلفريقي مجموعة من الدول تنقسم‬
‫وفق مقتضيات ما تمليه أجندة سياستها الخارجية‪ ،‬وطبيعة مصالحها والقضايا التي تربط‬
‫الجزائر بالدول المعنية والتي تشمل كل من مالي‪ ،‬النيجر وموريتانيا على األخص‪ .‬فالمالحظ‬
‫من خالل التجمعات اإلقليمية والتوجهات الدولية لحصر المجال الجغرافي لمنطقة الساحل أن‬
‫عملية ضبطه بقيت صعبة‪ ،‬هذا ما يظهر من خالل جميع األطروحات وجود دول أساسية‬
‫مركزية أو يمكن القول أنها دول قلب الساحل اإلفريقي وهي النيجر‪ ،‬مالي‪ ،‬تشاد و‬
‫بوركينافاسو و دول أخرى يمكن وصفها دول الطوق أو محيط المركز و هي الجزائر‪ ،‬ليبيا‬
‫و موريتانيا ﺷماال و إذا ما تم توسعها فإنها تشمل دول غرب إفريقيا جنوبا‪ ،‬فمن خالل هذه‬
‫المفاهيم تبرز حدود منطقة الساحل اإلفريقي كمجال جيوسياسي اكتسى أهمية جيوإستراتجية‬
‫‪116‬‬
‫بالغة‪.‬‬
‫كتعريف جيوأمني يبرز مدى تنامي التهديدات في الساحل‪ ،‬وخاصة كل من ظاهرتي‬
‫اإلرهاب و الجريمة المنظمة أين ركزت معظم الدراسات على تسمية مناطق تواجد هذه‬
‫التنظيمات بما يعرف بدول الميدان و التي تشمل كل من مالي‪ ،‬النيجر‪ ،‬موريتانيا‪ ،‬والجزائر‪.‬‬
‫حيث يمثل كل من مجلس رؤساء أركان دول الساحل‪ ،‬التي أنشئ في االجتماع المنعقد في‬
‫تمنراست في أوت ‪ ،2009‬و لجنة األركان العملياتية المشتركة خالل اجتماع تمنراست في‬
‫‪ 21‬أفريل‪ ،1172010‬اإلطار األمني الذي يجمع هذه الدول‪ ،‬األمر الذي يتوافق واإلدراك‬
‫الجزائري للبيئة الجيوأمنية للساحل اإلفريقي‪.‬‬
‫إن تحليل و دراسة الوضع األمني في الدول الساحل األفريقي يدفعنا إلى النظر في‬
‫العالقة بين الفضاء و التهديدات من حيث طبيعتها و مصدرها‪ ،‬و هذا الستظهار الوضع الذي‬

‫‪-‬خالد كريم بلقاسم مسعودي‪ ،‬سياسة فرنسا في دول الساحل‪ ،‬مذكرة ماجستير في العلوم السياسية‪ ،‬تخصص عالقات دولية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ :‬معهد‬
‫العلوم السياسية و العالقات الدولية‪،1993،‬ص‪.69‬‬
‫‪114‬‬
‫‪115‬‬
‫‪-Yves LACOSTE, DICTIONNAIRE DE GEOPOLITIQUE, Paris : Flammarion, 1995, p 1346.‬‬
‫‪-‬عمورة أعمر‪ ،‬التهديدات الالتماثلية في منطقة الساحل اإلفريقي (مقاربة جيوأمنية)‪ ،‬مذكرة ماجستير في العلوم السياسية والعالقات الدولية‪،‬‬
‫جامعة الجزائر‪ ،3‬كلية العلوم السياسية واإلعالم‪ ،‬قسم العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،2011-2010 ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪116‬‬

‫‪-‬رضوان جريبي‪"،‬ألجل تمتين التعاون اإلقليمي"‪ ،‬مجلة الجيش‪ ،‬العدد ‪ ،574‬الجزائر‪ :‬مؤسسة المنشورات العسكرية‪ ،‬ماي ‪ ،2011‬ص ‪.17‬‬
‫‪117‬‬

‫‪88‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫تعيشه منطقة الساحل على العموم من المحيط إلى المحيط و تأثيرها على الوضع في المنطقة‬
‫ككل و الجزائر بصفة خاصة‪ ،‬الوضع الذي يمس تقريبا كل المستويات و الميادين منها‬
‫االجتماعية‪ ،‬االقتصادية‪ ،‬السياسية و األمنية و نظرا للوضع الراهن الذي تتخبط فيه منطقة‬
‫الساحل اإلفريقي انطالقا من األزمات اإلثنية المستعصية‪ ،‬ضعف العدالة التوزيعية‪ ،‬فشل‬
‫الدول و ضعف سلطتها‪ ،‬تأثر الساحل باألزمات و الكوارث اإلنسانية‪ ،‬نفاذية و ميوعة‬
‫الحدود‪ ،‬االهتمام المتزايد للقوى االقتصادية و السياسية عالميا بهذه المنطقة‪ ،‬األمر الذي‬
‫أفضى إلى عسكرة المنطقة‪ ،‬ليزيد من تعقيد األوضاع الذي عادة ما يتم معالجة مثل هذه‬
‫‪118‬‬
‫األزمات بالوسائل الصلبة أي الخيار العسكري‪.‬‬
‫ما يميز المنطقة من غياب االستقرار و األمن يشكل تهديدا مباﺷرا ألمن الجزائر بدرجة‬
‫أولى و أمن المنطقة المغاربية ككل من خالل رواقين جيوسياسين في غاية من االنكشاف‬
‫يتوسطهما رواق أقل انكشافا‪ ،‬لكن هذا ال يمنع من تحوله إلى مصدر تهديد كبير للجزائر‬
‫الرواق الليبي منكشف بسبب تداعيات الحرب في ليبيا و العملية االنتقالية التي تبقى متعثرة‪،‬‬
‫األمر الذي يصاحبه انهيار مختلف المؤسسات السياسية السيادية و أولها مؤسسة الجيش‪ ،‬ما‬
‫يولد تحديات كبيرة من حيث تحول ليبيا إلى دولة فاﺷلة تتحمل الجزائر و دول المنطقة تكلفة‬
‫هذا الفشل‪ ،‬و أولى التحديات هي تأمين الحدود إضافة إلى الحد من انتشار األسلحة في‬
‫المنطقة‪ ،‬في حين يتمثل الرواق الثاني في الرواق الموريتاني الذي يوجد في اتصال مباﺷر‬
‫مع الحدود الجزائرية من جهة و المالية( األزواد) من جهة أخرى ما يوحي بحرية انتقال‬
‫السالح و اإلجرام المنظم و الجماعات اإلرهابية بين هذه الدول الثالث‪ .‬لتجد الجزائر نفسها‬
‫أمام رواق جيوسياسي ثالث تتوسط به هذين الرواقين األولين أين ال تقل درجة التهديد‬
‫واالنكشاف عن الرواقين السابقين وهو الرواق المالي الذي يمثل امتداد جغرافي واستراتيجي‬
‫للجزائر في المنطقة‪ ،‬وما أزمة تيقنتورين إال أفضل مثال لتوضيح حالة الهشاﺷة التي تهيشها‬
‫‪119‬‬
‫الجزائر في جنوبها وعمقها الصحراوي‪.‬‬
‫‪ ‬أزمة الطوارق‬
‫تعتبر أزمة الطوارق من أقدم و أعقد التحديات التي تواجه األمن القومي الجزائري و‬
‫التي يعتبر حضورها ضمن الشواغل األمنية الجزائرية قديما مقارنة بمشكالت و تهديدات‬
‫دوائر أخرى‪ ،‬و تعتبر أزمة الطوارق موروثا إستعماريا ملغما يرجع تاريخه إلى استقالل كل‬
‫من ليبيا ‪ ،1951‬النيجر ‪ ،1960‬مالي ‪ ،1960‬بوركينافاسو ‪ ،1960‬و الجزائر ‪ 1962‬عندما‬
‫وجدت القبائل الطوارقية المتمركزة في الصحراء الكبرى نفسها مشتتة بين هذه الدول ذات‬
‫السيادة و التي اتفقت على احترام مبدأ "عدم المساس بالحدود الموروثة عن االستعمار"‬
‫المنصوص عليه في ميثاق منظمة الوحدة اإلفريقية سنة ‪ 120.1963‬والمعلوم أن التقسيمات‬
‫الجغرافية للصحراء التي تمت باالتفاق بين فرنسا – التي كان أكبر جزء من الصحراء تابعا‬
‫لها‪-‬وإسبانيا (الصحراء الغربية) وإيطاليا (صحراء ليبيا) كانت اعتباطية ولم تراع الحدود‬

‫‪-‬خالد بشكيط‪ ،‬دور المقاربة األمنية اإلنسانية في تحقيق األمن اإلنساني في الساحل اإلفريقي‪ ،‬مذكرة ماجستير في العلوم السياسية والعالقات‬
‫الدولية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ :3‬كلية العلوم السياسية واإلعالم‪ ،‬قسم العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،2011-2010 ،‬ص ‪.07‬‬
‫‪118‬‬

‫‪-‬عبد النور بن عنتر‪ ،‬االستراتيجيات المغاربية حيال أزمة مالي‪ ،‬ورقة بحثية مقدمة في إطار ندوة «لمغرب العربي والتحوالت اإلقليمية الراهنة‪،‬‬
‫الدوحة‪ :‬مركز الجزيرة للدراسات‪ 18-17 ،‬فيفري ‪ ،2013‬ص ‪.2‬‬
‫‪119‬‬
‫‪120‬‬
‫‪-Georges Mutin, GEOPOLITIQUE DU MONDE ARABE, 02éd, Paris, Ellipses, 2005, p 90.‬‬

‫‪89‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫األنثروبولوجية (العرقية والدينية) للمجتمعات اإلفريقية والقبائل الصحراوية (الطوارق فيما‬


‫يخص حالة الجزائر)‪.‬‬
‫في ظل هذا الواقع انقسم الطوارق إلى موقفين موقف رافض لواقعهم ويطالب بتكوين‬
‫دولة طوارقية في الصحراء الكبرى‪ ،‬وموقف مؤيد للبقاء تحت سيادة الدول المستقلة ﺷريطة‬
‫التمتع بالحرية في التنقل والحكم واإلدارة الذاتية‪ ،‬وحتى وإن كان أغلب الطوارق في األصل‬
‫ال يعترفون بفكرة الحدود وال بتحديد مجال جغرافي لتنقالتهم التي تتساير مع التقلبات‬
‫المناخية‪ .‬ومنذ ذلك الوقت وإلى غاية اليوم وعالقات الطوارق مع األنظمة المتعاقبة على‬
‫الدول التي يوجدون فيها يسودها التوتر سيما دولتا مالي والنيجر اللتان مارستا تهميشا وقمعا‬
‫ضدّ سكان الشمال بدءا في عشرية الثمانينات أجبرهم على الهجرة إلى الجزائر وليبيا وعلى‬
‫حمل السالح للمطالبة بحقوقهم‪.‬‬
‫و يبدو أن الرغبة في انفصال الطوارق في مالي و النيجر‪ ،‬حاضرة منذ استقالل البلدين‬
‫فقد كان جزء كبير منهم يدعو لذلك و قام االنفصاليون بحركة تمرد في مالي بقيادة "كال‬
‫انتصار" سنة ‪ ،1959‬و التي تم القضاء عليها عسكريا في ‪ 1964‬بفضل توقيف قياداتها من‬
‫طرف مصالح األمن المغربية و الجزائرية‪ ،‬فالجزائر إذ كانت تعارض قيام دولة طارقية‬
‫على تخومها الجنوبية منذ االستقالل و منذ تلك اللحظة وضعت مالي و النيجر تحت المراقبة‬
‫و تمت عسكرة المنطقة إلجهاض أي محاولة تمرد أخرى‪ ،‬و ظل الحال على ما هو عليه إلى‬
‫‪121‬‬
‫غاية سنة ‪ 1990‬أين انفجر الصراع الذي كان خامدا‪.‬‬
‫فقد ﺷنت الحركات المتمردة في مالي والنيجر عمليات مسلحة ضد الحكومات المركزية‬
‫في كال البلدين بيد أن المسارعة الجزائرية للوساطة توجت مساعيها الحميدة بتوقيع اتفاق‬
‫تمنراست بين الحكومة المالية والمتمردين‪ ،‬غير أن هذا االتفاق لم يصمد طويال بعد االنقالب‬
‫على الحكم في مالي وعليه عاودت القوات المالية عملياتها العسكرية ضد الحركة الشعبية‬
‫لألزواد‪ 122.‬بسبب تنامي مشاعر التمرد خاصة بعد العودة الواسعة لالجئ الطوارق من‬
‫الجزائر تحديدا‪ ،‬ففي ‪ 1990‬قررت الجزائر إرجاع عدد كبير من الطوارق المقيمين على‬
‫أراضيها والذي كان يقدر عددهم بحوالي ‪ 20.000‬و ‪ 25.000‬الجئ تجمعوا في" عين‬
‫قزام" قرب الحدود بين الجزائر و النيجر لتجنب المشاكل التي صاحبت قدومهم و كان بينهم‬
‫جزء معتبر من الشباب البطال و الذي ذاق معاناة العيش في ظروف صعبة و تولدت لديه‬
‫الرغبة في استرجاع حقوقهم و تحقيق حد أدنى من الحياة الكريمة و يعرف هؤالء ب"تمشك‬
‫‪123‬‬
‫اﺷومار" و كان من رفع السالح في وجه سلطات باماكو و نيامي‪.‬‬
‫و كانت أول ﺷرارة للتصادم بين الطرفين بعد الهجوم على مقر للدرك الوطني في‬
‫"تشين تيبرادن" في ‪ 07‬ماي ‪ 1990‬و منذ ذلك الحين و مناطق الطوارق في صراع مسلح‬
‫ضد السلطات المركزية دامت تقريبا ‪ 10‬سنوات قادها عدد من الحركات مثل الحركة و‬

‫‪121‬‬
‫‪-Modibo Keita, « La Résolution du Conflit Touareg au Mali et Niger », Groupe de recherche sur les‬‬
‫‪interventions de paix sur les conflits inter-étatiques, GRIPCI, note de recherche N°10, Juillet, 2002, p 14.‬‬
‫‪-‬عبد النور بن عنتر‪ ،‬البعد المتوسطي لألمن الجزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.56‬‬
‫‪122‬‬
‫‪123‬‬
‫‪- Keita Madibo, op cit, p 10.‬‬

‫‪90‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الجبهة الموحدة لتحرير األزواد‪ ، 124‬و الجدير بالذكر من الصعب وضع تمييز بين بداية و‬
‫تطور التمرد في مالي و النيجر في األﺷهر األولى نظرا لتكتم و الحصار اإلعالمي الذي‬
‫فرضته نظامي مالي و النيجر‪ ،‬و سرعان ما تطور النزاع حتى تدخل بعض القوى اإلقليمية‬
‫مثل ليبيا و الجزائر و السنغال و اإلﺷراف على توقيع بعض معاهدات السالم بين طرفي‬
‫األزمة مثل اتفاق تمنراست بالجزائر في ‪ 125.1991‬وكان هذا النزاع في أحيان كثيرة سببا‬
‫لنشوب أزمات دبلوماسية بين عواصم المنطقة مثل األزمة بين الجزائر وليبيا على خلفية‬
‫اتهام السلطات الجزائرية لنظام القذافي وفرنسا أيضا على تشجيع الطوارق إلحياء مشروع‬
‫اإلمبراطورية الصحراوية وهذه األزمة انعكست في تغييب الجزائر في قمة‬
‫"طرابلس"‪ 1997‬والتي حضرتها دول مجاورة للجزائر ما عدا موريتانيا‪ 126.‬وبسبب ضعف‬
‫اإليرادات المالية والتأخر في تنظيم االنتخابات بالمنطقة المتوترة عزز مشاعر السخط لدى‬
‫المنتخبين المحليين وممثلي الطوارق‪ ،‬زادتها تبعات األزمة الغذائية التي ضربت المنطقة في‬
‫‪ 2005‬والتي خلفت وراءها عدد كبير من المتضررين في ظل ضعف اإلمكانيات لدى‬
‫‪127‬‬
‫سلطات البالد لمواجهة أثار هذه الكارثة الطبيعية‪.‬‬
‫وفي ‪ 2007‬أعلنت الحكومة النيجرية إعادة التفاوض حول سعر اليورانيوم المورد‬
‫الطبيعي األول لنيجر حيث ارتفع من ‪ 27.300‬دوالر إلى ‪ 40.000‬دوالر ل "كﻎ" ونظرا‬
‫للغموض الذي ساد إجراءات التفاوض حول سعر اليورانيوم ومناطق استغالله من طرف‬
‫الشركات الغربية وعلى رأسها الشركة الفرنسية "أريفا" حيث أقرت سلطات النيجر قانونا‬
‫تشرع فيه أن مناطق االستخراج والتي تقع في إقليم الطوارق ستستفيد من ‪ % 15‬وهذا ما‬
‫آثار حركة النيجر من أجل العدالة التي طالبت الحركة بنسبة ‪ %50‬من أرباح هذه‬
‫الموارد‪ 128.‬وفي ظل عدم إيجاد حل نهائي لمشكلة الطوارق فإنها تبقى تمثل تهديدا كامنا‬
‫لألمن القومي الجزائري بالرغم من أن الطوارق الجزائريين ال توجد لديهم أي مشكلة مع‬
‫الجزائر ولم يرفضوا أبدا انتماءهم لها‪ .‬ونقول تهديدا لألمن الجزائري ألسباب أربعة جوهرية‬
‫أولهما هو الخوف من بروز قوى متطرفة في أوساط الطوارق الجزائريين تتبنى مطالبا‬
‫انفصالية على غرار الطوارق الماليين والنجيريين‪ ،‬فنتيجة للرابط القبلي بين الطوارق في‬
‫البلدان الثالثة وبسبب توظيف قضية الطوارق في صراع النفوذ في منطقة الصحراء‬
‫الكبرى‪ 129.‬و مع عمل عدد من الجمعيات الفرنسية على دفع بعض الجماعات الطوارقية‬
‫لتبني مطالب متطرفة يبقى احتمال إحياء مشروع الدولة الصحراوية الكبرى و تبني فكرة‬
‫االستقالل من طرف المجتمع الطوارقي الجزائري قائما‪ ،‬و في حال تبني هذا المشروع فهذا‬
‫يعني تفجير نزاعات حدودية ضخمة في منطقة الصحراء الكبرى ستهدد بالتأكيد األمن‬

‫‪124‬‬
‫‪-Abdenour benantar, « La sécurité nationale algérienne dans les années 90 entre la méditerranée et le‬‬
‫‪Sahara, op.cit., p 158.‬‬
‫‪- Georg klute, « Hostilities et alliances, Archéologie de la dissidence des Touaregsau Mali », Cahiers d’Etudes‬‬
‫‪125‬‬

‫‪Africaines, vol 35, 1995, P 58.‬‬


‫‪-‬عبد النور بن عنتر‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪.57‬‬
‫‪126‬‬

‫‪- Robert Pringle، ‘’ Democratization in Mali Putting History to Work’’ United States Institute of Peace،‬‬
‫‪127‬‬

‫‪October 2006، p32.‬‬


‫‪-Frédéric Deycard, ‘’Le Niger Entre deux feux : La nouvelle rébellion Touarègue face à Niamey’ ’Politique‬‬
‫‪128‬‬

‫‪Africaine, N°108, 2007, p 131.‬‬


‫‪ -‬عبد الواحد أكمير‪''،‬الحضور المغاربي‪-‬األوروبي في إفريقيا الغربية''‪ ،‬في أحمد المبارك وآخرون‪ ،‬العرب والدائرة اإلفريقية‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز‬
‫دراسات الوحدة العربية‪ ،2005 ،‬ص ‪.135‬‬
‫‪129‬‬

‫‪91‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الجزائري خاصة أن الصحراء الجزائ رية ستكون مستهدفة بالنظر لغناها بالبترول‪ ،‬الغاز‪،‬‬
‫الذهب و موارد طبيعية آخري ‪ ،‬ثانيهما هو خطر التدخل األجنبي في المنطقة تحت غطاء‬
‫عسكري أو ديبلوماسي بذريعة التدخل اإلنساني إلغاثة الطوارق و منحهم المعونة الدولية أو‬
‫لمواجهتهم إذا صنفوا كجماعات إرهابية‪ ،‬و هو يعتبر خطا أحمرا في العقيدة األمنية للجزائر‬
‫كمسوغ من طرف القوى الكبرى للتأثير على سياسات و توجهات حكومات‬ ‫ّ‬ ‫نظرا الستغالله‬
‫المنطقة و وضع أيديها على ثرواتها‪ ،‬ثالثها هو خطر تحالف حركات األزواد المسلحة مع‬
‫الجماعات اإلرهابية في الصحراء و عصابات الجريمة المنظمة و هذا االحتمال وارد بالنسبة‬
‫للمتمردين المسلحين في مالي و النيجر الذين يعتبرون الموقف الجزائري مساندا لحكومتي‬
‫‪130‬‬
‫باماكو و نيامي‪.‬‬
‫و بعد أن تحولت منطقة الصحراء الكبرى إلى مالذ للجماعات اإلرهابية و يرتبط هذا‬
‫الخطر بالخطر الذي سبقه بعد أن استغاثت مالي في السابق بالواليات المتحدة األمريكية‬
‫لمساعدتها في حربها ضد الطوارق" اإلرهابيين"‪ ،‬و تؤكد العملية الموريتانية‪ -‬الفرنسية على‬
‫األراضي المالية على موقع للقاعدة في الساحل في جويلية ‪ 2010‬أن احتمال اللجوء إلى هكذا‬
‫سلوك ممكن في منطقة الصحراء و الساحل‪ ،‬رابعها و آخرها هو تحدي انفتاح منطقة‬
‫الصحراء على بؤر التوتر و األزمات في إفريقيا جنوب الصحراء‪ ،‬فانتقال التهديدات‬
‫الجديدة(تجارة المخدرات‪ ،‬تجارة األسلحة الخفيفة‪ ،‬الفقر) إلى الجزائر عبر صحراء الطوارق‬
‫أصبح أمرا هينا في ظل االنكشاف األمني الرهيب الذي تعانيه بحكم جغرافيتها الوعرة و ما‬
‫‪131‬‬
‫تشهده من صراعات تصعب من مهمة مراقبة التهديدات الصاعدة من الجنوب‪.‬‬
‫‪ ‬اإلرهاب‬
‫بعد أن نجحت الجزائر في تسيير أزمة الطوارق و لم تسمح باﺷتداد الخالف بينهم و‬
‫بين مالي و النيجر عبر المبادرات الثنائية و متعددة األطراف و حاالت الوساطة التي أﺷرفت‬
‫عليها و قادتها‪ ،‬و بالتالي كبحث تهديد هذه األزمة ألمنها القومي فإنها اليوم و منذ ‪2003‬‬
‫أصبحت تعاني من مشكل انتقال العمليات المسلحة للتنظيمات اإلرهابية المحلية(الجماعة‬
‫السلفية للدعوة و القتال) و المغاربية( الجماعة الليبية المقاتلة‪ ،‬الجماعة التونسية المقاتلة و‬
‫الجماعة المغربية المقاتلة) إلى الصحراء و الساحل عبر مد مجال نشاطها إلى صحراء‬
‫موريتانيا‪ ،‬مالي‪ ،‬ا لنيجر و التشاد‪ ،‬بعدما كانت هذه التنظيمات تتخذ من هذه المناطق في‬
‫السابق خلفية لدعم عملياتها لوجيستيا و للتدريب العسكري و استقطاب متطوعين جدد في‬
‫صفوفها‪ ،‬فأصبحت هذه التنظيمات تشكل فواعال جيوسياسية إقليمية عبر قومية و دون دولتية‬
‫ذات ارتباطات فكرية مادية و عضوية مع اإلرهاب العالمي تؤثر بشكل حاسم في‬
‫الديناميكيات األمنية للمنطقة‪.‬‬
‫و تعاظم حضور التهديد الصادر عن اإلرهاب الممارس من طرف هذه التنظيمات‬
‫اإلرهابية ضمن الشواغل األمنية الجزائرية بعد التأكد من تورطها في عمليات إجرامية‬
‫نفذتها بهدف تمويل عملياتها‪ ،‬و بعد التحالفات التي أنشأها مع عصابات الجريمة المنظمة و‬

‫‪ -‬نبيل بونيبة‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪.56‬‬


‫‪130‬‬

‫‪-Aymeric Chauprade, Géopolitique, constantes et changement dans l’histoire, Paris : Ellipses, 2000, p 44.‬‬
‫‪131‬‬

‫‪92‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫تهريب المخدرات و هذا ما أكده وزير الخارجية الجزائري "مراد مدلسي" لدى افتتاحه‬
‫ألعمال "مؤتمر التنسيق بين دول الساحل في مارس ‪ 2010‬بالجزائر‪ ،‬صرح أن" اإلرهاب‬
‫الذي يهد تطورات خطيرة و تحالفاته مع الجريمة المنظمة باتا يطرحان تهديدات حقيقية "و‬
‫ﺷدد مدلسي على الروابط بين اإلرهاب و الجريمة المنظمة التي عدد منها تهريب المخدرات‬
‫و األسلحة‪ .‬و تثير عمليات الجماعات اإلرهابية و عالقاتها األخطبوطية مع ﺷبكات اإلجرام‬
‫و التهريب في الصحراء و الساحل تخوفات الجزائر من أن يستغل هذا الوضع من طرف‬
‫الواليات المتحدة األمريكية و فرنسا كسبب النتهاك سيادتها و عسكرة منطقة الصحراء‪،‬‬
‫السيما أن الواليات المتحدة تبنت منذ أحداث ‪ 11‬سبتمبر ‪ 2001‬ما يعرف ب"مبادرة عموم‬
‫الساحل"‪ 132‬الموجهة إلى أربع دول هي موريتانيا‪ ،‬مالي‪ ،‬النيجر و التشاد‪ ،‬و التي تهدف إلى‬
‫إنشاء تعاو ن عملياتي معها لتعزيز قدراتها األمنية في الحرب على اإلرهاب و التي تعززت‬
‫‪133‬‬
‫سنة ‪ 2005‬بما يعرف ب"الشراكة لمكافحة اإلرهاب عبر الصحراء"‪.‬‬
‫وهي تبحث جاهدة إلقامة قاعدة "األفريكوم" في المنطقة في الصحراء الجزائرية‬
‫و التي تشكل أفضل نقطة لمراقبة المنطقة ككل‪ ،‬فإن الرفض الجزائري الحتضان هذه القاعدة‬
‫وتصاعد الظاهرة اإلرهابية في المنطقة يدفعانها إلى إقامة قواعد عسكرية لها في إفريقيا‬
‫عموما والساحل خصوصا‪.‬‬
‫و قد أخذت تهديدات الدائرة اإلفريقية لألمن الجزائري التي مصدرها اإلرهاب في‬
‫الصحراء والساحل منحنى أخطر بعدما أقامت التنظيمات اإلرهابية عالقات تعاون وتبادل‬
‫مع عصابات الجريمة المنظمة والمافيا‪ ،‬وبعدما صارت ال تتوانى عن ممارسة أي نشاط‬
‫التمون وتمويل نشاطاتها بسبب ﺷح مصادر التمويل والمؤونة التي كانت‬
‫َ‬ ‫إجرامي من أجل‬
‫تعتمد عليها في التسعينات‪.‬‬
‫ففي هذا الصدد‪ ،‬كشفت التحريات الجزائرية حول االعتداء اإلرهابي في نهاية جوان‬
‫‪ 2010‬بتين زاويتين بتمنراست والذي أسفر عن اغتيال ‪ 12‬عنصرا من حرس الحدود‬
‫الجزائري‪ ،‬عن تورط تنظيم القاعدة فيه وأن هذا االعتداء كان بغرض تسهيل عملية تهريب‬
‫‪ 07‬قناطير من الكيف المعالﺞ إلى داخل التراب الجزائري‪134.‬وتضاف هذه العملية إلى‬
‫اعتداءات أخرى ضد فرق الجمارك الجزائرية سبقتها أهمها مقتل ‪ 13‬جمركي بالمنيعة على‬
‫أيدي الجماعة السلفية في ‪ ،2006‬باإلضافة إلى االعتداءات المسلحة ضد حرس الحدود في‬
‫‪135‬‬
‫والية بشار المعروفة كممر للتهريب‪.‬‬
‫وتشكل الجريمة المنظمة‪ ،‬وباألخص المتعلقة باإلتجار بالمخدرات تهديدا جديدا لألمن‬
‫الجزائري في عصر العولمة يمس بتأثيراته السلبية جميع الوحدات المرجعية لألمن‬
‫الجزائري (الدولة‪ ،‬المجتمع واألفراد) والذي يتطلب أيضا استراتيجيات أمنية ﺷاملة أي قائمة‬
‫على إجراءات عسكرية وأخرى غير عسكرية (قضائية‪ ،‬اقتصادية‪ ،‬اجتماعية) للتصدي له‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫‪Ibid. P 45‬‬
‫‪- Lauren Ploch, « Africa command :U.S Strategies Interests and the Role of the US Military in Africa »,‬‬
‫‪133‬‬

‫‪Congressional Research Service Report for Congress, 2009, p 21.‬‬


‫‪ -‬الخبر (جريدة جزائرية)‪ ،‬العدد ‪ 06 ،6109‬سبتمبر ‪ ،2010‬ص ‪.02‬‬
‫‪134‬‬

‫‪ -‬المكان نفسه‪.‬‬
‫‪135‬‬

‫‪93‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وقد ساهمت عوامل القرب الجغرافي من مناطق إنتاج وعبور المخدرات في إفريقيا جنوب‬
‫الصحراء (خليﺞ غينيا بالدرجة األولى)‪ ،136‬ضعف األنظمة الجنائية في إفريقيا جنوب‬
‫الصحراء وفسادها جراء الحروب والنزاعات فيها وانكشاف الجزائر من الجنوب بسبب‬
‫ضعف التغطية األمنية لحدودها الجنوبية في تفاقم التأثير السلبي للمخدرات على أمن المجتمع‬
‫واألفراد الجزائريين‪.‬‬
‫وزيادة على اإلتجار بالمخدرات أصبحت منطقة الصحراء وجنوبها فضاء خصبا‬
‫لالتجار بالبشر من نساء وأطفال الستغاللهم في االسترقاق الجنسي والعمل الرخيص مثلما‬
‫يدل عليه استغالل األطفال في الحروب والتهريب في مالي والنيجر‪ .‬وتشير الكثير من‬
‫الدراسات أن تهريب البشر من دول جنوب الصحراء يكون غالبا نحو دول الخليﺞ العربي‬
‫ويمرون في الرحلة بالجزائر عبر موريتانيا‪ ،‬نحو أوروبا عن طريق مالي‪-‬الجزائر ثم تونس‬
‫‪137‬‬
‫لتكون الوجهة إيطاليا‪ ،‬أو عبر محور المغرب‪-‬إسبانيا‪.‬‬
‫وما يوفر الضمانة والغطاء النتشار هذه التهديدات وتصاعدها بشكل مخيف من الدائرة‬
‫اإلفريقية للجزائر هو استعمال السالح والقوة المادية من طرف التنظيمات اإلرهابية وﺷبكات‬
‫الجريمة المنظمة في نشاطاتها‪ .‬وفي هذا الصدد تبرز تجارة األسلحة ورواجها الكبير في‬
‫القارة اإلفريقية عموما ومناطق االقتتال خصوصا كمصدر تهديد آخر لألمن الجزائري‪ ،‬إذ‬
‫تشير تقديرات تقرير" مسح األسلحة الخفيفة"(وهو برنامﺞ بحث مستقل بالمعهد األعلى‬
‫للدراسات الدولية بجنيف) لسنة ‪ 2003‬أن هناك حوالي ‪ 100‬مليون سالح خفيف في القارة‬
‫‪138‬‬
‫اإلفريقية‪.‬‬
‫إن كافة العمليات الممارسة من تنظيمات اإلرهاب المسلح والجريمة المنظمة تؤكد أنها‬
‫أحسنت الخيار بلجوئها للصحراء وأنها درست جيدا االنكشاف األمني الرهيب للجبهة‬
‫الجنوبية للجزائر قبل االستقرار فيها‪ .‬فقد وجدت هذه التنظيمات في الصحراء مالذا‬
‫لنشاطاتها حقق لها الصدى لعملياتها واستطاعت أن تلحق الضرر باألمن الجزائري من‬
‫خالله وهو ما عوضها عن الحصار الذي فرض عليها في الشمال وكاد أن يؤدي إلى‬
‫اختناقها‪ .‬وإن كانت أغلبية العمليات اإلرهابية واإلجرامية في الصحراء تمر بسهولة عبر‬
‫الحدود فهذا دليل على غياب ما يعوقها وأن التغطية األمنية واإلجراءات المتخذة قطريا أو‬
‫إقليميا مازالت غير كافية للقضاء على الظاهرتين في المنطقة‪ ،‬كما تؤكد كثافة تلك العمليات‬
‫صعوبة إحكام الحراسة على الحدود الجزائرية وتأمينها بسبب االمتداد المترامي األطراف‬
‫للصحراء من جهة وقساوة مناخها وتضاريسها من جهة أخرى‪.‬‬
‫‪ ‬الهجرة غير الشرﻋية‬
‫لقد أصبحت الجزائر منطقة عبور للمهاجرين السريين األفارقة نحو أوروبا مع كل ما‬
‫تخلفه هذه الظاهرة من تحديات على المستوى اإلدارة األمنية‪ ،‬وتداعيات سلبية على المستوى‬
‫اإلنسا ني خاصة مع ارتباط الهجرة السرية في أغلب الحاالت مع التهديدات األمنية األخرى‪،‬‬

‫‪136‬‬
‫‪-Aymeric Chauprade, op.cit., p 725.‬‬
‫‪-‬شاكر ظريف‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪.87‬‬
‫‪137‬‬

‫‪-Jakkie Cilliers, « L’Afrique et terrorisme », Afrique contemporaine, N°210, 2004, p 95.‬‬


‫‪138‬‬

‫‪94‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ما دفع الجزائر من الناحية اإلجرائية والعملية إلى تدعيم تواجدها األمني في الجنوب أما من‬
‫الناحية المعيارية والقانونية فقد قامت بتبني قانون ‪ 11-08‬لتجريم والحد من ظاهرة الهجرة‬
‫‪139‬‬
‫غير الشرعية‪.‬‬
‫إن ظاهرة الهجرة غير الشرعية في منطقة الساحل اإلفريقي أصبحت تعبيرا عن مأساة‬
‫القارة اإلفريقية‪ ،‬فأصبحت هذه المنطقة تختصر كامل مكونات القارة فإن كانت الهجرة‬
‫السرية قد أحيت طرق التجارة الصحراوية القديمة‪ ،‬إال أنه ال يمكن تجاهل مخاطرها فإضافة‬
‫إلى نقل األمراض و األ وبئة الخطيرة‪ ،‬فإن هذه الهجرة تؤثر على النسيﺞ االجتماعي لسكان‬
‫المنطقة مما يخلق مناوﺷات قد تؤدي إلى كوارث ال يحمد عقباها عندما يدخل السكان‬
‫األصليون في صراع مع مجموعات المهاجرين األفارقة مثلما حدث في دولة ليبيا حيث تم‬
‫تسجيل عشرات القتلى و مئات الجرحى في صراع بين المحليين و المهاجرين األفارقة‪.‬‬
‫ال يمكن الفصل بين ظاهرة الهجرة غير الشرعية و الجريمة المنظمة فمن غير‬
‫المنطقي الحديث عن اﻵالف من المهاجرين الذين يعبرون المتوسط دون وجود تنظيم هرمي‬
‫و معقد لشبكات تهريب البشر مرتبطة ببعضها البعض‪ ،‬و هذا ما أكدته دراسات حول وجود‬
‫عالقة بين المهربين و منظمات الجريمة العابرة للحدود و التي تنوع بين تهريب األفراد و‬
‫المخدرات و حتى السالح‪ ،‬فعبور الصحراء أصبح سهال مقابل بعض الدوالرات‪ ،‬و التهريب‬
‫من المغرب إلى الجزر اإلسبانية يبلﻎ ‪ 200‬دوالر لألطفال و بين ‪ 800‬إلى ‪ 1200‬دوالر‬
‫‪140‬‬
‫لألفارقة الرجال في حين يدفع المغاربة ‪ 500‬إلى ‪ 800‬دوالر‪.‬‬
‫إن هجرة الموت وهجرة اليأس الناتجة عن عدم توفر األمن واالستقرار في الدولة يلجأ‬
‫األفراد إليها‪ ،‬غير مبالين بمصيرهم المستقبلي وما ينتظرهم وقد عرفت منطقة الساحل‬
‫اإلفريقي ظاهرة الهجرة غير الشرعية عبر الصحراء الكبرى نحو ﺷمال إفريقيا باألخص‬
‫الجزائر وليبيا لالستقرار فيها أو كمناطق عبور للضفة الغربية‪ 141.‬والهجرة السرية من‬
‫الظواهر االجتماعية البالغة التعقيد والخطورة لما تشكله من تهديد للتماسك المجتمعي‪ ،‬حيث‬
‫يتم تنظيم عملية الهجرة غير الشرعية بموجب اتفاقات تعقد بين المنظمين والمهاجرين غير‬
‫‪142‬‬
‫الشرعيين مع تحديد المبالﻎ المالية‪.‬‬
‫وتعتبر الجزائر من الدول التي تعاني من ظاهرة الهجرة غير الشرعية" الحرقة" وذلك‬
‫بحكم موقعها القريب من دول الساحل اإلفريقي‪ ،‬ما جعلها معنية بطريقة مباﺷرة بشبكات‬
‫الجريمة المنظمة المختصة بتهريب البشر‪ ،‬هذا ما نجده مجسدا في تقرير السفارة األمريكية‬
‫في الجزائر لسنة ‪ ،2009‬الذي رصد واقع اإلتجار بالبشر‪ ":‬الجزائر بلد عبور رجال ونساء‬
‫تتم المتاجرة بهم من إفريقيا السوداء إلى أوروبا الستغاللهم جنسيا ألغراض تجارية وللعمل‬
‫القسري‪ .‬ويدخل هؤالء الرجال والنساء الجزائر طوعا ولكن بشكل غير قانوني وعادة ما يتم‬
‫‪139‬‬
‫‪- Yassin Temlali, Les migrations subsahariennes dans la presse quotidienne algérienne, Confluences‬‬
‫‪Méditerranée, N°87, 2013, p 150.‬‬
‫‪-‬أسماء رسولي‪ ،‬التهديدات األمنية في الساحل اإلفريقي بين أدوار الدول اإلقليمية والقوى الكبرى بعد أحداث ‪11‬سبتمبر‪ ،2001‬أطروحة‬
‫دكتوراه في العلوم السياسية‪ ،‬تخصص عالقات دولية‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم العلوم السياسية‪،2018-2017،‬‬
‫ص‪.171‬‬
‫‪140‬‬

‫‪-‬أمحند برقوق‪" ،‬منطق األمننة في ساحل األزمات"‪ ،‬محاضرة غير منشورة لطلبة العلوم السياسية‪ ،‬جامعة الجزائر‪.2012 ،‬‬
‫‪141‬‬

‫‪-‬حسن حسن اإلمام سيد األهل‪ ،‬مكافحة الهجرة غير الشرعية على ضوء المسؤولية الدولية وأحكام القانون الدولي للبحار‪ ،‬اإلسكندرية‪ :‬دار‬
‫الفكر الجامعي‪ ،2014 ،‬ص ‪.56‬‬
‫‪142‬‬

‫‪95‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ذلك بمساعدة مهربين ‪ ...‬وتسهيل الشبكات اإلجرامية التي تتألف من رعايا من إفريقيا‬
‫‪143‬‬
‫السوداء جنوب الجزائر‪ ،‬العبور بالتكفل بالتنقل وتزوير الوثائق‪."...‬‬
‫تشكل ظاهرة "الهجرة غير الشرعية" نوع من أنواع االتجار بالبشر‪ ،‬باعتبارها‬
‫التنقالت لألفراد والجماعات بطريقة غير قانونية وهي ظاهرة خطيرة من أهم اإلﺷكاالت‬
‫التي تواجه األمن الوطني‪ ،‬وتعد الحدود الجزائرية المالية والنيجيرية من المناطق األكثر‬
‫عبورا من قبل المهاجرين المتجهين إلى تمنراست في ظل اتساع الحدود ودعم القدرة في‬
‫السيطرة عليها‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬انعكاسات التهديدات األمنية ﻋلى األمن الوطني الجزائري‬
‫منذ أوائل التسعينات من القرن العشرين‪ ،‬تبلور نظام دولي جديد كانت أبرز مؤﺷراته‬
‫انتهاء الكتلة السوفيتية وانتهاء الشيوعية كقوة سياسية نتيجة ضعف أنظمة الحكم في ﺷرق‬
‫أوروبا ووسطها‪ ،‬وتبدل طبيعة عالقات القوى العظمى وتوازناتها‪ ،‬إذ انتهى الصراع‬
‫اإليديولوجي وتحول إلى التكتالت االقتصادية الكبرى وتغير الخريطة السياسية لبعض‬
‫الدول‪ ،‬ومن ثم أثرت هذه التغيرات في األنظمة السياسية لدول العالم‪ ،144‬وقد نال العرب بما‬
‫فيهم دول المغرب العربي النصيب األكبر من هذا االستعمار الجديد بما يحمله من قيم‬
‫ومبادئ كالديمقراطية‪ ،‬حقوق اإلنسان وفتح األسواق‪.145‬‬
‫المطلب األول‪ :‬ﻋلى المستوى السياسي‬
‫إثر أحداث أكتوبر ‪ ،1988‬تعد الجزائر واحدة من الدول التي اتجهت نحو الديمقراطية‬
‫منذ إقرار دستور ‪ 23‬فيفري‪ ،1461989‬إحساس النظام السياسي بالخطر على أمنه واستقراره‬
‫وترجع مصادر ﺷرعيته خاصة بعد أحداث أكتوبر‪ ،1989‬في هذا اإلطار يرى األستاذ"‬
‫الهادي ﺷلبي" "أن االنتقال إلى التعددية السياسية في الجزائر يرجع إلى أزمة داخلية مست‬
‫النظام‪ ،‬فنظام الحزب الواحد وم ا ارتبط به من استراتيجيات وإجراءات سياسية حالت دون‬
‫نشوء أي قوة سياسية جديدة‪...‬وقد ارتبطت حياة النظام بمدى توفر الريع النفطي الذي يسمح‬
‫بتسيير االقتصاد وسد الثغرات النظام المختلفة‪ ،‬لكن مع انخفاض أسعار النفط وتوقف البرامﺞ‬
‫اإلنمائية للدولة انكشفت العيوب لدى تصور النخبة الحاكمة لعملية االنتقال‪.147‬‬
‫وبعد تطور األحداث ودخول مرحلة الفوضى السياسية والالاستقرار تبنى النظام‬
‫السياسي سياسة الحل األمني الذي زاد ضغط الواليات المتحدة األمريكية خصوصا في قضايا‬
‫حقوق اإلنسان سواء بشكل مباﺷر عن طريق تمثيل الدبلوماسي أو غير مباﺷر من خالل‬
‫منظمات غير حكومية متخصصة في هذا القطاع‪ ،‬الواليات المتحدة األمريكية دعمت التحول‬

‫‪-‬منصور لخضاري‪ ،‬استراتيجية األمن الوطني في الجزائر ‪ ،2011-2006‬أطروحة دكتورة غير منشورة‪ ،‬الجزائر‪ :‬كلية العلوم السياسية‬
‫واإلعالم‪ ،2013-2012 ،‬ص ‪.436‬‬
‫‪143‬‬

‫‪-‬عماد جاد‪ ،‬حلف األطلنطي‪ :‬مهام جديدة في بيئة أمنية مغايرة‪ ،‬القاهرة‪ :‬مركز الدراسات السياسية واالستراتيجية‪ ،1998 ،‬ص ‪.145‬‬
‫‪144‬‬

‫‪-‬سليم الحص‪" ،‬العروبة والعولمة"‪ ،‬المستقبل العربي‪ ،‬العدد ‪ ،326‬أفريل ‪ ،2006‬ص ‪.16‬‬
‫‪145‬‬

‫‪-‬ثناء فؤاد عبد هللا‪ ،‬الدولة والقوة االجتماعية في الوطن العربي‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،2001 ،‬ص‪.335‬‬
‫‪146‬‬

‫‪-‬قاسم محمد‪" ،‬الجزائر والديمقراطية"‪ ،‬الصباح‪ ،‬ع ‪ ،1‬مارس ‪ ،1998‬ص ‪.14‬‬


‫‪147‬‬

‫‪96‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الديمقراطي بطريقة غير مباﺷرة عن طريق تدعيم المالي لمنظمات المجتمع المدني الذي‬
‫رفضته الجزائر واعتبرته تدخل في األوضاع الداخلية‪.148‬‬
‫جاءت انعكاسات التحوالت السياسية بجملة من االنفتاح على النظام السياسي الجزائري‬
‫ونتيجة ترابط وتفاعل عوامل داخلية وأخرى خارجية‪ ،‬فتمثل العامل الداخلي في تصاعد‬
‫المطالب المنادية بالديمقراطية والحرية بعد تنامي جملة من المشاكل واألزمات وعدم تحقيق‬
‫التنمية السياسية واالقتصادية واالجتماعية والعامل الخارجي الدولي المتمثل في الموجة‬
‫الثالثة من موجات التحول الديمقراطي التي ﺷهدتها دول العالم‪ ،‬وبروز المؤسسات الدولية‬
‫ومحاولة الضغط بالمساعدات المالية وكذا الحراك العربي‪ ،‬كلها جعلت الجزائر تتبنى جملة‬
‫من االنفتاحات واإلصالحات في مختلف الميادين منذ التسعينات إلى يومنا هذا من أجل‬
‫الحفاظ على االستقرار واألمن الداخلي‪.‬‬
‫إن الجزائر على الصعيد االستراتيجي تبقى منطقة محتفظة بثقلها الخاص في منظور‬
‫المصالح الدولية‪ ،‬مما يجعلها معرضة لالهتزاز والتوتر على الرغم من امتالك الطاقات‬
‫البشرية والموارد االقتصادية ومع بداية األلفية الجديدة منذ ‪ 2011‬تزايدت ثقة النظام‬
‫السياسي الجزائري في قدرته على تهميش الضغوطات‪ ،‬حيث صرح الجنرال" محمد تواتي"‬
‫قائال‪" :‬أضحت الجزائر بعيدة كل البعد عن خطر الطلبنة"‪.149‬‬
‫رغم انتهاك لحقوق اإلنسان في دول العالم الثالث مما فيها الجزائر إال أن الواليات‬
‫المتحدة األمريكية تغاضت عن ذلك خاصة في عهد الرئيس كارتر لكن مع إدارة الرئيس‬
‫بوش أكدت الواليات المتحدة األمريكية نظرتها تجاه قضايا الديمقراطية وحقوق اإلنسان‬
‫وأصبحت سياستها تجاه هذه القضايا أكثر صرامة باعتبار أن االنقسام الحقيقي في العالم لم‬
‫يعد بين الشرق والغرب وإنما بين الدول التي تلتزم بالديمقراطية والحرية السياسية من ناحية‬
‫وتلك التي ال تلتزم من ناحية أخرى‪.150‬‬
‫منذ ‪ 2001‬رفعت الواليات المتحدة األمريكية لصالح دمقرطة نظام الحكم وترﺷيده في‬
‫الجزائر وأعلنت استعدادها لدعم هيئات المجتمع المدني وإرساء ثقافة الديمقراطية والحوار‬
‫التعايش السلم ي بين مختلف الفعاليات الحزبية وكذلك أكدت على مساعي مكافحة اإلرهاب‬
‫في ممارسة ضغط أمريكي على المجتمعات العربية وفي مقدمتها الجزائر من أجل سد سبل‬
‫نشأة النشاطات اإلرهابية من خالل فتح قنوات الحوار السياسي واحترام حقوق اإلنسان‪،‬‬
‫قدمت مساعدات مالية للقوى الديمقراطية في كثير من دول العالم وبعد أحداث ‪11‬سبتمبر‬
‫‪ 2011‬ﺷكلت الحرب على اإلرهاب أهم ﺷروط المساعدات واإلصالح السياسي‪ ،‬المبادرة‬
‫األمريكية في الشرق األوسط ﺷملت األفكار اإلصالحية السياسية واالقتصادية والثقافية رغم‬
‫النتائﺞ االقتصادية المحققة من دعم القوى الكبرى والمؤسسات المالية إال النتائﺞ العامة لم‬
‫ترق إلى مستوى اﻵمال المعلقة واألهداف المرجوة في ظل الضريبة االجتماعية وعدم قدرة‬

‫‪-‬حسنين توفيق براهيم‪ ،‬التحول الديمقراطي والمجتمع المدني في مصر‪ ،‬القاهرة‪ :‬مركز البحوث والدراسات السياسية‪ ،2006 ،‬ص ‪.222‬‬
‫‪148‬‬

‫‪-‬أنور بوخرص‪ ،‬العنف السياسي في شمال إفريقيا‪ ،‬الدوحة‪ :‬مركز بروكنجر‪ ،2011 ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪149‬‬

‫‪-‬أحمد طه محمد‪ ،‬األبعاد السياسية للشراكة بين أوروبا وإفريقيا‪ ،‬السياسة الدولية‪ ،‬ع ‪ ،141‬جويلية ‪ ،2002‬ص‪.660‬‬
‫‪150‬‬

‫‪97‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫القطاع الخاص الستعاب العمال مما زاد من حجم البطالة ما انعكس سلبا على القدرة الشرائية‬
‫للمواطن وزيادة مستوى الفقر‪.151‬‬
‫تأثير االتحاد األوروبي ﻋلى الجزائر‪ :‬يعتبر القوة المنافسة للواليات المتحدة األمريكية‬
‫إذا تعلق األمر بالمنطقة العربية‪ ،‬وذلك بجملة من السياسات ذات طابع سياسي واقتصادي‬
‫وأمني ويبدو االهتمام قديما لكنه أخذ منحى جديد بالتوجه األمريكي نحو المنطقة وهو‬
‫المنطقة وهو أخذ طابع تنافس المصالح والهيمنة االقتصادية فالجزائر في عالقتها معه يلعب‬
‫العامل الجغرافي دورا كبيرا ومؤثر فيها فأي تغيرات سياسية أو اقتصادية في الجزائر تصل‬
‫تأثيراتها إلى أوروبا بشكل سهل وذلك لحجم التعامل االقتصادي الكبيربين الجزائر وبلدان‬
‫االتحاد األوروبي‪ ،‬إذ تعتبر الجزائر أحد أهم البلدان الممولة للدول األوروبية بالمواد األولية‬
‫‪152‬‬
‫الغاز والبترول كذلك حركة التنقل وحجم الجالية الجزائرية في أوروبا‪.‬‬
‫أما االتحاد األوروبي تربطه عالقة قوية مع الجزائر منذ التسعينات باعتباره ﺷريكا‬
‫تجاريا لها‪ ،‬كذلك محاولة إرساء منظومة أمنية تدعم فكرة األمن الجماعي لمنطقة الشرق‬
‫األوسط وإدماج حكومات المنطقة في ما يسمى بالحرب الدولية على اإلرهاب في ظل يحاول‬
‫االتحاد األوروبي مع الجزائر من خالل التنسيق لفرض المصادقة على الالئحة رقم ‪1904‬‬
‫لمجلس األمن الدولي لمكافحة اإلرهاب تمثلت في بيع األسلحة والعتاد العسكري‪ ،153‬خصص‬
‫أكثر من ‪ 08‬ماليين أورو لفائدة الشراكة مع الدول المغرب العربي بما فيها الجزائر منذ‬
‫‪154‬‬
‫‪.2013‬‬
‫إذ جاءت العالقة األور ومغاربية وفق عالقات مبنية على أهداف غير مشتركة في‬
‫مجاالت التعاون المتشابهة تسعى لتحقيق تنمية لكال الطرفين ففي المجال االقتصادي أن‬
‫الهدف من الشراكة كغاية هو إنشاء منطقة تبادل حر مع الجزائر منذ ‪ 2002‬حيث تكون‬
‫هناك في عام ‪ 2020‬مع هذه األخيرة سوق حرة مشتركة‪.‬‬
‫أهم أثر التحول على الجزائر بالتركيز على المسائل الجوهرية‪:‬‬
‫احترام حقوق اإلنسان مثل إلغاء العمل بأحكام اإلعدام‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫إرساء إطار قانوني عادل يضمن مساواة السيما قضايا المرأة مع مراعاة‬ ‫‪‬‬
‫مراجعة قانون األسرة‪.‬‬
‫تحسين القوانين والتشريعات الخاصة بوضع السجون وضمان حقيقة للعدالة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المطالبة برفع حالة الطوارئ وذلك للمساهمة في إرساء دولة القانون‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬المطالبة بااللتزام األكبر لحقوق األساسية مثل حرية الصحافة‪ ،‬الحرية النقابية‪.‬‬

‫‪-‬عبد هللا بن دعيدة‪ ،‬التجربة الجزائرية في اإلصالحات االقتصادية‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز الدراسات الوحدة العربية‪ ،1999 ،‬ص ‪.359‬‬
‫‪151‬‬
‫‪152‬‬
‫‪-Lucille Provost, paris et Alger brouille et complicité, le monde diplomatique, septembre1996, p 01.‬‬
‫‪-‬حميد ياس‪ ،‬المعلومات االستخباراتية الجزائرية مطلوبة ألن األمن الغربي في خطر‪ ،‬جريدة الخبر‪ ،‬العدد ‪ ،5872‬جانفي‪ ،2010‬ص ‪.05‬‬
‫‪153‬‬

‫‪-‬مليكة أيت عميرات‪ ،‬قمة برشلونة‪ :‬إفريقيا تسمع صوتها‪ ،‬مجلة الجيش‪ ،‬العدد ‪ ،536‬مارس ‪ ،2000‬ص ‪.45‬‬
‫‪154‬‬

‫‪98‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ ‬ضرورة انسحاب الجيش من مسار اتخاذ القرار مع توسيع دائرة هذه األخيرة‬
‫‪155‬‬
‫عن طريق دعم المشاركة السياسية وتطبيق نظام الالمركزية‪.‬‬
‫أما احتجاجات ‪ 2011‬وصفه باألعنف من أحداث ‪ ،1988‬لذا أنعقد اجتماع وزاري‬
‫مشترك في ‪ 08‬جانفي توج بجملة من التدابير منها خفض أسعار السكر والزيت وتدعيم‬
‫أسعارها ب ‪ 53‬مليار دينار‪ ،‬وتخفيضات جبائية وجمروكية على المواد األولية المستوردة‪،‬‬
‫لكنها تكرر في سلسلة ليوم ‪ 22‬جانفي بالعاصمة‪ 29 ،‬جانفي ببجاية و ‪ 26-19-12‬فيفري‪،‬‬
‫ثم في‪05‬و‪ 26‬مارس على إثرها بادر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بمجموعة من اإلصالحات‬
‫السياسية الهادفة إلى احتواء األحداث بإحداث التغيير المرجو بصفة سلمية وبإرادة وطنية‬
‫لتجنب الفوضى التي تقود إلى التدخل الخارجي‪ ،‬مثل قرار حالة الطوارئ بتاريخ ‪23‬فيفري‬
‫‪ ،156 2011‬وبتاريخ ‪ 15‬أفريل ‪ 2011‬توجه رئيس الجمهورية بخطاب جاء فيه‪ :‬فبعد‬
‫استعادة السلم واألمن وإطالق برامﺞ تنموية طموحة وبعد رفع حالة الطوارئ قررت‬
‫استكمال مسعى اإلصالحات الغاية منها تعميق المسار الديمقراطي وتمكين المواطنين من‬
‫مساهمة أوسع في اتخاذ القرارات التي يتوقف عليها مستقبلهم‪ ،‬وما ساعد النظام على ﺷراء‬
‫السلم االجتماعي هو الوضعية المالية المريحة‪،157‬باإلضافة إلى إصالح النظام االنتخابي‪،‬‬
‫تعديل قانون االنتخابات وإصالح النظام الحزبي وهكذا تفادت الجزائر تأثير الحراك‬
‫والدخول ف ي الفوضى على الرغم من االضطرابات على حدودها الشرقية والغربية‬
‫والجنوبية‪.‬‬
‫جاءت انعكاسات التحوالت السياسية من االنفتاح على النظام السياسي الجزائري‬
‫ونتيجة ترابط وتفاعل عوامل داخلية وأخرى خارجية‪ ،‬فتمثل العامل الداخلي في تصاعد‬
‫المطالب المنادية بالديمقراطية والحرية بعد تنامي جملة من المشاكل واألزمات‪ ،‬وعدم تحقيق‬

‫التنمية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا‪ ،‬والعامل الخارجي الدولي المتمثل في الموجة الثالثة من‬
‫موجات التحول الديمقراطي التي ﺷهدتها دول العالم وبروز المؤسسات الدولية ومحاولة‬
‫الضغط بالمساعدات المالية‪ ،‬وكذا الحراك العربي كلها جعلت الجزائر تتبنى جملة من‬
‫االنفتاحات واإلصالحات في مختلف المجاالت منذ التسعينات إلى يومنا هذا من أجل الحفاظ‬
‫على االستقرار واألمن الداخلي‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬ﻋلى مستوى االقتصادي‬
‫يمكن فهم انعكاسات التهديدات األمنية في المتوسط على األمن الجزائري في بعده‬
‫االقتصادي انطالقا من توظيف أفكار مقاربة التبعية وأفكار مقاربة الهيمنة اإلمبريالية اللتان‬

‫‪-‬عبد الحفيظ محمد‪ ،‬اتفاقية الشراكة بين أوروبا والجزائر‪ ،‬جريدة الخبر‪ ،‬العدد ‪ ،2002 ،3627‬ص‪.06‬‬
‫‪155‬‬

‫‪-‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬أمر رقم ‪ 01-11‬مؤرخ في ‪ 23‬فيفري‪ 2011‬يتضمن رفع حالة الطوارئ‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،12‬الصادر بتاريخ ‪ 23‬فيفري ‪ ،2011‬ص ‪.04‬‬
‫‪156‬‬

‫‪-Cherif Ouzani, Printemps Arabe : l’Algérie, Jeune Afrique, N°2618, 13mars 2011, p 23.‬‬
‫‪157‬‬

‫‪99‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫اهتمتا بتحليل تفاعل العالقات الغير المتكافئة بين الدول وبتفسير السلوك اإلمبريالي للقوى‬
‫الكبرى وكيفية تأثيره على دول المحيط بالتركيز على البعد االقتصادي‪.‬‬
‫تركز المق اربتين على الهيمنة االقتصادية كأداة امبريالية تستخدمها دول المركز ضمن‬
‫ﺷبكة من اﻵليات االقتصادية والمالية للحفاظ على مكانة محورية في االقتصاديات الوطنية‬
‫لدول المحيط مثل التبعية التجارية‪ ،‬الديون‪ ،‬التبعية التكنولوجية وسيطرتها بفضل ﺷركاتها‬
‫على القطاعات اإلنتاجية االستراتيجية ومن بين اﻵليات نذكر‪:158‬‬
‫‪ -1‬االستثمار الخارجي كأداة للهيمنة‪ :‬يؤكد سريمانسكي أن مستوى نشاط الشركات‬
‫العالمية في دول المحيط يؤكد درجة تغلغلها االقتصادي وتأثيرها السياسي‪،‬‬
‫فالجزائر تعرف زيادة ملحوظة في حجم االستثمارات األجنبية في القطاعات‬
‫االستراتيجية واألكثر حساسية‪ ،‬وهذا ما يؤدي إلى ارتفاع قدراتها القرارية مما‬
‫يزيد احتماالت توجيهها للخيارات االقتصادية وحتى السياسية للجزائر‪.‬‬
‫‪ -2‬التجارة كأداة الهيمنة اإلمبريالية‪ :‬إن ما يضعف المناعة االقتصادية للجزائر في‬
‫تعامالتها التجارية مع القوى الفاعلة في الفضاء المتوسطي هو تمحور‬

‫اقتصادها حول عدد قليل من المواد الطاقوية‪ ،‬المعدنية والزراعية وبنائها‬


‫لعالقاتها التجارية حول الدولة المستعمرة السابقة‪ ،‬وهذا ما يؤدي إلى زيادة‬
‫مستوى التمركز المادي والمعامالتي مما يزيد من احتماالت التبعية الهيكلية‬
‫لفرنسا‪.‬‬
‫‪ -3‬التدخل األجنبي كآلية للهيمنة اإلمبريالية‪ :‬يرى سريمانسكي أن أحسن أداة‬
‫تقليدية للحفاظ على مجال سياسي‪-‬اجتماعي مساعد ومشجع لالستثمارات التابعة‬
‫للمركز في المحيط هو استخدام القوة العسكرية‪ ،‬وهذا ما تحاول الواليات‬
‫المتحدة األمريكية تحقيقه في الجزائر عن طريق إقامة قاعدة أفريكوم في‬
‫الصحراء الجزائرية‪.‬‬
‫‪ -4‬المساعدات العسكرية‪ :‬إن من بين األساليب الفعالة المستخدمة من قبل دول‬
‫المركز لتغذية هذه الهيمنة‪-‬التبعية هو التموين العسكري والتأطير التقني‪ ،‬كما أن‬
‫المشاركة في تدريب اإلطارات السامية في الجيوش باألكاديميات العسكرية‬
‫لدول المركز سوف يساعد على تكوين نخب عسكرية خادمة في النهاية لمصالح‬
‫دول المركز‪ ،‬وهذا ما تسعى الواليات المتحدة والغرب من جهة وروسيا من‬
‫جهة أخرى لتحقيقه في عالقاتها العسكرية مع الجزائر‪.‬‬
‫‪ -5‬اﻵليات اإليديولوجية‪ :‬تعد هذه اﻵليات من أكثر األدوات نجاعة وفعالية للتحكم‬
‫اإلمبريالي في دول المحيط‪ ،‬فدول المركز لضمان استمرار تحكمها في الدول‬
‫التابعة تقدم المساعدة في تكوين النخب محليا أو باستقبالهم في الدولة المركز‬
‫ذاتها‪ ،‬كما أنها تسعى إلى توجيه طريقة التفكير والتخطيط بغرس فلسفة االنتماء‬

‫‪-‬سالم برقوق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.40‬‬


‫‪158‬‬

‫‪100‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الثقافي بجعل لغة المستعمر لغة فعلية وهذا هو حال السياسة التي تنتهجها فرنسا‬
‫في الجزائر‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬ﻋلى مستوى االجتماﻋي‬


‫يمكن إبراز انعكاسات استراتيجيات القوى الفاعلة في الفضاء المتوسطي على األمن‬
‫الجزائري في ﺷقه االجتماعي والثقافي في النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ ‬الهوية الوطنية أمام هاجس تحقيق الهوية المتوسطية‪ :‬تكمن انعكاسات طرح‬
‫مسألة الهوية المتوسطية على األمن االجتماعي – الثقافي الجزائري في‬
‫الضغوطات التي ظل يتعرض إليها هذا البلد مثله مثل باقي دول جنوب‬
‫المتوسط لاللتزام بالمبادئ والقواعد واإلجراءات األوروبية خاصة تلك المتعلقة‬
‫بعملية نقل المعايير في مجال العدالة والشؤون الداخلية‪ ،‬هذه العملية التي ال‬
‫زالت تنحصر في نقل األفكار في البنى القانونية والشؤون الداخلية بعيدا عن‬
‫نقل األفكار العلمية أو الفنية أو ما يسمى بمأسسة التعاون السياسي والقانوني مع‬
‫ﺷركاء أوروبا المتوسطيين والتي منهم الجزائر‪.159‬‬
‫‪ ‬الضغوطات األمريكية بعد أحداث ‪ 11‬سبتمبر ‪ :2001‬لقد تم استغالل أحداث‬
‫‪ 11‬سبتمبر لممارسة مزيد من الضغط على الدول اإلسالمية بما فيها الجزائر‬
‫إلحداث تغيرات عميقة في منظومتها التربوية ابتداءا بتغيير برامﺞ التعليم‪ ،‬ففي‬
‫الجزائر تم إلغاء بكالوريا العلوم اإلسالمية في ديسمبر ‪ ،2004‬مما أثار استياء‬
‫في الرأي العام الجزائري سيما جمهور اإلسالميين وكذا الكثير من البرلمانيين‬
‫والكثير من األكاديميين أيضا‪.160‬‬
‫‪ ‬انعكاسات السياسة االجتماعية والثقافية الفرنسية‪ :‬تعد القيم والمعايير الثقافية‬
‫الفرنسية من الثوابت البنيوية والعضوية المعرفة لفلسفة السياسة الخارجية و‬

‫العالمية الفرنسي ة‪ ،‬خاصة مع إيمان الحكومات الفرنسية المتتابعة بضرورة حفاظها على‬
‫مكانة وموقع ثقافي ولغوي متميز عالميا وبالخصوص على مستوى مجال نفوذها التاريخي‬
‫في المغرب العربي (الجزائر‪ ،‬تونس‪ ،‬المغرب)‪ ،‬مما سوف يعزز رسالتها الكونية والمرتبطة‬

‫‪-‬صالح زياني‪ ،‬أمين حجيج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.87 ،86‬‬


‫‪159‬‬

‫‪-‬نفس المرجع‪ ،‬ص ص ‪.89 ،88‬‬


‫‪160‬‬

‫‪101‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫بضرورة نشر نمط الحياة والتنظيم الذي أرسته فرنسا لنفسها‪ ،‬والقائم على الالئكية‪ ،‬الدولة‬
‫الحقوقية وحقوق المواطنة‪.161‬‬
‫إن إصرار فرنسا للحفاظ على اﻵليات التربوية كحق من الحقوق اإلمتيازية التي‬
‫تحصلت عليها فرنسا تعاقديا بعد استقالل الدول التي كانت تحت استعمارها‪ ،‬يشكل أحد‬
‫األبعاد األساسية المكونة الستراتيجية واعية لتقزيم وإضعاف دور هذه األخيرة‪ ،‬هذه األطر‬
‫التربوية والثقافية تمنح لفرنسا ليس فقط أدوات نقل معرفية أو ثقافية‪ ،‬بل إنها تؤسس أوال‬
‫وقبل كل ﺷيء لهيمنة هيكلية بعيدة المدى على هذه الدول‪.‬‬
‫كما صاحب رغبة فرنسا في الحفاظ على تحكمها في األنساق التربوية المغاربية‪،‬‬
‫إلحاحها أيضا على اإلبقاء على اللغة الفرنسية كلغة علم‪ ،‬إدارة وسياسة وفي أسوء الحاالت‬
‫تطوير ازدواجية لغوية مع صدارة وظيفية وفعلية للفرنسية‪ ،‬وهذا حتى تتمكن فرنسا من إبقاء‬
‫دول المغرب العربي وعلى رأسها الجزائر تسير في فلكها‪ ،‬ومن بين االنعكاسات التي يمكن‬
‫أن تفرزها هذه السياسة على األمن االجتماعي‪-‬الثقافي الجزائري يمكن ذكر‪:162‬‬
‫‪ -1‬اغتراب ثقافي للنخب في ظل غياب المشروع المجتمعي الجزائري قد يخلق‬
‫ﺷروخات ثقافية‪ ،‬اجتماعية وإيديولوجية خطيرة قد تؤدي إلنفصامات مرضية‬
‫مزمنة في الهوية‪ ،‬وهذه االنعكاسات األكثر خطورة التي يمكن أن تمس التركيبة‬
‫االجتماعية للمجتمع الجزائري‪.‬‬
‫‪ -2‬القابلية للتبعية سوف تخلق ميوالت استهالكية للمنتوجات والقيم واألطر‬
‫التنظيمية الفرنسية مما سيعمق من التبعية البنيوية للجزائر اتجاه فرنسا‪.‬‬
‫‪ -3‬الفشل في بناء األمة‪ ،‬أي التبعية لآلخر تحد من بناء ﺷخصية وطنية تجمع بين‬
‫األصالة والمعاصرة‪.163‬‬
‫يمكن القول أن غياب مشروع مجتمعي جزائري يجعل من األمن الجزائري في بعده‬
‫االجتماعي والثقافي محل انكشاف خاصة في زمن العولمة‪ ،‬هذا ال يعني أن الجزائر يجب أن‬
‫تغلق على نفسها للحد من هذا االنكشاف بل يجب أن تعمق إدراكها لهويتها الثقافية وتزيد من‬
‫سعة انتماءها الحضاري‪.‬‬
‫تزامنت االعتداءات اإلرهابية على الجزائر بتدهور األوضاع في كل من ليبيا ومالي‬
‫لتأخذ منحى تصاعدي حسب التتبع الكرونولوجي لهذه األحداث‪ ،‬بدأت أول هذه اإلرهاصات‬
‫باختطاف والي اليزي في جانفي ‪ 2012‬ثم في ‪ 04‬مارس ‪ 2012‬تم الهجوم على مركز‬
‫الدرك الوطني بمدينة تمنراست يليها اختطاف الدبلوماسيين الجزائريين في "قاو" بمالي يوم‬
‫‪ 6‬أفريل ‪ ،2012‬وفي ‪ 30‬جوان ‪ 2012‬تفجير سيارة مفخخة بمقر القيادة الجهوية للدرك‬
‫الوطني بورقلة‪.‬‬
‫لتصل هذه االعتداءات إلى ذروتها بالهجوم اإلرهابي على قاعدة "تقنتورين" بعين‬
‫أميناس يوم ‪ 17‬جانفي ‪ 2013‬مباﺷرة بعد التدخل الفرنسي في ﺷمال مالي ‪ 11‬جانفي ‪،2013‬‬

‫‪-‬سالم برقوق‪ ،‬االستراتيجية الفرنسية في المغرب العربي‪ ،‬الجزائر‪ :‬طاكسيج كوم للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،2009 ،‬ص ‪.114‬‬
‫‪161‬‬

‫‪-‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.120‬‬


‫‪162‬‬

‫‪ -‬المكان نفسه‪.‬‬
‫‪163‬‬

‫‪102‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ويعتبر هذا االعتداء بالﻎ الخطورة لكونه استهدف عصب االقتصاد الجزائري الذي يمثل‬
‫حوالي ‪ %98‬من مداخيل الجزائر لتركيع وإضعاف الدولة الجزائرية وكذلك لخلق حالة من‬
‫الالأمن لدى المستثمرين األجانب لمغادرة الجزائر‪ ،‬كما أنه بمثابة إعالن أن األراضي‬
‫الجزائرية أصبحت جزء من مسرح عمليات الجماعات اإلرهابية‪.‬‬
‫فكل هذه االعتداءات تهدف إلى ضرب استقرار الجزائر و استفزازها و إدخالها في هذا‬
‫المستنقع من األزمات الذي تتعدد فيه الفواعل و تتضارب المصالح‪ ،‬كما هي بمثابة إﺷارات‬
‫و رسائل للضغط على الجزائر لتتراجع على بعض المواقف و القرارات لكن ما يجب االنتباه‬
‫و االلتفات إليه أن هذه أن هذه االعتداءات أثبتت و كشفت على ثغرات و فجوات في‬
‫اإلجراءات األمنية اإلحتزازية التي أخذتها الجزائر في تعاطيها مع جوارها اإلقليمي بحيث‬
‫يجب إعادة التقدير و إدراك القصور في سياستها األمنية بتكيفها وفق للتغيرات و التطورات‬
‫اﻵنية كلما استدعى األمر ذلك‪.‬‬
‫إن ﺷساعة حدود الجزائر يعرض أمنها لالختراق من عدة منافذ ومنه أصبحت مسألة‬
‫تأمين الحدود الجزائرية معضلة أمنية فرضتها االضطرابات المتنامية في الجوار‪ ،‬حيث أدى‬
‫سقوط القذافي إلى انكشاف الحدود الجزائرية مع ليبيا في ظل غياب التغطية األمنية‬
‫و العسكرية من الجانب الليبي بل على عكس أصبحت ليبيا مصدر تهديد لهذه الحدود عوض‬
‫المساهمة في تأمينها وهو ما فرض على الجزائر تسخير إمكانيات ضخمة مادية وبشرية‬
‫لضمان تأمين الحدود مع ليبيا‪.164‬‬
‫فغياب الدولة في ليبيا وتفكك المجتمع وتعدد الميلشيات المسلحة وظهور نموذج الحرب‬
‫بالنيابة كلها معطيات تبرز مدى ضرورة تأمين الحدود وهو ما يبرز االنتشار الواسع‬
‫لعناصر الجيش الجزائري على طول الحدود الشرقية ومع ارتفاع الهواجس األمنية المتعلقة‬
‫بأمن الحدود الجزائرية الليبية‪ ،‬قررت الحكومة الجزائرية في ماي ‪ 2013‬غلق الحدود البرية‬
‫مع ليبيا بشكل كامل تخوف من تسلل المجموعات اإلرهابية باإلضافة إلى الحد من عمليات‬
‫تهريب السالح‪.165‬‬

‫‪-‬سليم بوسكين‪ ،‬تحوالت البيئة اإلقليمية وانعكاساتها على األمن الوطني الجزائري ‪ ،2014-2010‬مذكرة ماجستير‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪-‬بسكرة‪-‬الجزائر‪ ،2015 ،2014 ،‬ص ‪.168‬‬
‫‪164‬‬

‫‪-‬مسؤول ليبي‪ ،‬ترتيبات أمنية تؤجل فتح الحدود مع الجزائر‪ 25/12/2018،‬موقع صحيفة ال يوم ‪Http ://www.Rai alyom‬‬

‫‪103‬‬
‫واقع األمن الوطني الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫خالصة‪:‬‬
‫تناولنا في هذا الفصل مختلف التهديدات األمنية التي تهدد األمن الوطني الجزائري‬
‫على المستوى الدولة الوطنية التي تتمثل في التحديات السياسية‪ ،‬فغياب التنمية السياسية‬
‫يؤدي إلى هشاﺷة النظام السياسي الجزائري الذي يتميز بالسيطرة على مقاليد الحكم منذ‬
‫االستقالل ‪ ،1962‬ويسيطر على جميع المؤسسات السياسية والعسكرية التي تتدخل في النظام‬
‫السياسي وبسط نفوذها على كل القرارات السياسية‪ ،‬أما فيما يخص التحديات االقتصادية‬
‫فنجد أن االقتصاد الجزائري اقتصاد ريعي وضعيف في مختلف المجاالت(الصناعية‪،‬‬
‫الزراعية‪ ،)..‬بدرجة كبيرة بحيث يعتمد على تصدير المحروقات بنسبة ‪ ،%98‬مما يجعلها‬
‫تابعة للدول األوروبية والغربية‪ ،‬أما التحديات االجتماعية فهي ال تقل أهمية عن سابقتها‬
‫فالتهديدات المتعلقة بالبيئة االجتماعية تشكل حاجزا في تحقيق فاعلية التنمية السياسية على‬
‫الرغم من استغالل النخبة الحاكمة في أكثر من ظرف جعل هذه التحديات لصالحها لتمرير‬
‫قرارات لصالحها‪.‬‬
‫بالنظر إلى موقع الجزائر في مركز ﺷمال إفريقيا إلى تعدد أبعاد وانتماءات الجزائر‬
‫الجيوسياسية التي تتمايز وتختلف فيما بينها‪ ،‬فقضايا الدائرة العربية تختلف عن الدائرة‬
‫المغاربية والمتوسطية تختلف عن تلك الساحلية‪ ،‬األمر الذي يدل على تنوع التهديدات التي‬
‫تعرض إليها الجزائر في مختلف دوائرها الجيوسياسية من‪ :‬اإلرهاب‪ ،‬الجريمة المنظمة‪،‬‬
‫الهجرة غير الشرعية‪ .‬باإلضافة إلى تواجد األوروبي في المنطقة التي تعتبر جنوب المتوسط‬
‫تهديدا ألمنها وهذا من خالل تواجد حلف ﺷمال األطلسي في المتوسط (األسطول السادس)‪.‬‬
‫فكل هذه التهديدات سواء على المستوى الداخلي والخارجي تنعكس سلبا على األمن الوطني‬
‫الجزائري على الصعيد السياسي‪ ،‬االقتصادي واالجتماعي وحتى الثقافي‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫استراتيجية مواجهة تهديدات األمن الوطني الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫تمهيد‬
‫في ظل الصعوبات التي تواجهها الجزائر سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي‬
‫ومحاولة منها تأمين سالمة الدولة ضد األخطار‪ ،‬ونظرا ألنه من حقها تحقيق أمنها‬
‫المرتبط بمدى الكفاءة لخلق تفوق متنام وسريع يؤدي الى معالجة الضعف ومواجهة‬
‫التهديدات والتحديات‪ ،‬كل ذلك يدعو إلى بناء استراتيجية لمواجهة تهديدات وتحديات‬
‫واألمن القومي الجزائري‪ ،‬بعقيدة أمنية تؤدي دور الفعل بدل رد الفعل وهذا ما يجب أن‬
‫تلعبه العقيدة األمنية في المرحلة الراهنة نتيجة الضغوطات التي تواجهها الجزائر سواء‬
‫من البيئة الخارجية أو الداخلية لتحقيق األمن القومي الجزائري‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬آليات مواجهة التحديات الداخلية‬


‫نتطرق في هذا المبحث إلى سبل معالجة التهديدات التي تواجه الجزائر على‬
‫المستوى الداخلي سواء كانت سياسية‪ ،‬اقتصادية واجتماعية‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تحقيق االستقرار السياسي‬

‫‪123‬‬
‫استراتيجية مواجهة تهديدات األمن الوطني الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫شهدت الجزائر منذ استقاللها عدة دساتير متمثلة في دستور ‪ 1963،1976‬المشبع‬


‫بالفكر االشتراكي وتم تعديله في كل من ‪ 1980‬و‪ 1988‬والذي بقي ساري المفعول إلى أن‬
‫تم استبداله بصفة ضمنية بدستور ‪ 1989‬بعد أحداث أكتوبر ‪ 1988‬الدامية‪.1‬‬
‫وبالرغم من هذه اإلصالحات التي جاء بها دستور ‪ 1988‬إال أن الوضعية السياسية‬
‫الديمقراطية في الجزائر واجهت صعوبات عديدة وقصور بعد استقالة الرئيس "شاذلي بن‬
‫جديد" ودخول الجزائر في دوامة العنف بعد أول االنتخابات تعددية والتي فازت بها‬
‫الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ في عام ‪ ،1991‬وتوقيف المسار االنتخابي في ‪ 11‬جانفي‬
‫‪.21992‬‬
‫وحكم المجلس األعلى للدولة وكنتيجة لهذا جاء دستور ‪ 1996‬لتغطية الفراغ‬
‫الدستوري والنقص الوارد في دستور‪ 1989‬وتوسيع الصالحيات الرئاسية وضمان بقاء‬
‫واستمرارية النظام فقد حضر دستور ‪ 1996‬النشاط الحزبي القائم على أساس دينية أو‬
‫طائفية وكذا ضيق قانون االنتخابات‪ ،‬كما أقر إنشاء الغرفة الثانية(مجلس األمة)‪ ،‬لتضييق‬
‫سيطرة وتأثير الغرفة األولى على استقرار السياسي وبعده شهدت الجزائر تعديل في‬
‫سبتمبر ‪ 2008‬الذي سار في نفس خط دستور ‪ 1996‬من حيث توسيع صالحيات‬
‫وسلطات الرئيس وتمديد عهدة الحكم وكذا استبدال منصب رئيس الحكومة بالوزير‬
‫األول(الوزارة األولى)‪.3‬‬
‫وظل االحتجاجات التي عمت بعض الدول العربية والمغاربية وأدت إلى سقوط‬
‫أنظمة عديدة كمصر وليبيا‪ ،‬فقد سارعت معظم الدول العربية إلى مسايرة التيار التغييري‬
‫والتوجه نحو االنفتاح والمزيد من الديمقراطية من أجل امتصاص حماس الشارع‪ ،‬فلم تكن‬
‫الدول ة الجزائرية بعيدة عن تلك االحتجاجات والتغيرات بحيث تبنى قادة البالد بعض‬
‫المشاريع المستقبلية التي تصب في قالب التغيرات في السياسة الداخلية‪ ،‬وأهم هذه‬
‫التغيرات جاءت من خالل تصريح الرئيس الجزائري "عبد العزيز بوتفليقة" يوم ‪15‬‬
‫أفريل ‪ ،2011‬ضرورة إدخال إصالحات تشريعية ودستورية من أجل تقوية الديمقراطية‬
‫التمثيلية‪ ،‬كذا رفع حالة الطوارئ التي دخلتها البلد منذ ‪ 09‬فيفري‪ ،1992‬حيث تم ذلك‬
‫بأمر رئاسي في يوم ‪ 24‬فيفري ‪ ،2011‬يشير بعض المحللين إلى هذه اإلصالحات‬
‫السياسية راجعة لموجة التغيير في الشرق والوسط‪ ،‬فقد عرفت الجزائر سلسلة من‬
‫االحتجاجات في بداية جانفي ‪ 2011‬تعود الرتفاع األسعار المواد الغذائية مثل السكر‬
‫والزيت‪ ،‬حيث توفي خمسة أشخاص وجرح ‪ 800‬آخرون في العاصمة وبعض المدن‬
‫الجزائرية على غرار قسنطينة ووهران ومنطقة القبائل جراء انفجار الشارع‪ ،‬كما أنه‬

‫‪ -‬بوخاتم عمر‪ ،‬الدستور الجزائري بين مقتضيات الثبات ودواعي التغيير‪ ،‬ورقة مقدمة للملتقى الدولي‪ :‬التعديالت الدستورية في الوطن‬
‫‪1‬‬

‫العربي بين المطالب الداخلية والضغوط الخارجية‪ ،‬جامعة األغواط‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ماي ‪ ،2008‬ص ‪.04‬‬

‫‪ -‬غاني بودبوز‪ ،‬إشكالية الديمقراطية في الجزائر وموقف النخب السياسية منها‪ :‬دراسة حالة بالمجلس الشعبي الوطني‪ ،‬مذكرة ماجستير في‬
‫‪2‬‬

‫علم االجتماع السياسي‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2005 ،‬ص ‪.175‬‬
‫‪ -‬سيد أحمد كبير‪ ،‬التحوالت السياسية في بلدان المغرب العربي بين المطالب الداخلية والتأثيرات الخارجية(‪ ،)2009-1989‬مذكرة‬
‫‪3‬‬

‫الماجستير في العلوم السياسية‪ ،‬تخصص الدراسات السياسية المقارنة‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2009 ،‬ص ‪.94‬‬

‫‪124‬‬
‫استراتيجية مواجهة تهديدات األمن الوطني الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫ومع حادثة انتحار التونسي "محمد بوعزيزي" رصدت حوادث انتحار متفرقة‪ ،‬لكن‬
‫السلطات الجزائرية لم تلجأ إلى العنف وقامت بخفض األسعار‪.4‬‬
‫وفي ظل تأزم الوضع السياسي واالقتصادي في المنطقة وتزايد وتيرة التهديدات‬
‫األمنية فقد أقدمت السلطة السياسية في البالد من إجراء تعديل دستوري هو الثاني في عهد‬
‫الرئيس عبد العزيز بوتفليقة‪ ،‬ومن أهم ما جاء به ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬ترسيم اللغة "األمازيغية" كلغة ثانية في البالد إلى جانب العربية‪ ،‬والسماح بترشيح‬
‫الرئيس لواليتين رئاستين فقط‪ ،‬تمتد كل منها ‪ 05‬أعوام بعد أن كانت مفتوحة‪ ،‬إلضافة إلى‬
‫تأسيس هيئة مستقلة لمراقبة العملية االنتخابية‪.‬‬
‫‪ .2‬كما نص التعديل‪ ،‬على أن رئيس الجمهورية يعين رئيس الوزراء بعد استشارة‬
‫األغلبية البرلمانية‪ ،‬بعد أن كان يعينه دون الرجوع إليها كما جاء فيه ألول مرة حق‬
‫البرلمان في األغلبية مناقشة االتفاقيات الدولية قبل المصادقة عليها من قبل الرئيس‪،‬‬
‫وتخصيص جلسة شهرية بالبرلمان لمناقشة جدول أعمال تقترحه كتل المعارضة‪.‬‬
‫‪ .3‬وفي جانب الحريات‪ ،‬جاء في المشروع تجريم المعامالت الالإنسانية ضد المواطن‬
‫وحرية التظاهر السلمي للمواطن‪ ،‬ومنع سجن الصحفيين بسبب كتاباتهم‪.5‬‬
‫شهدت الجزائر بعد صدور دستور ‪23‬فيفري‪ 1989‬تحوال سياسيا في نظامها‬
‫السياسي‪ ،‬وكانت الصورة الغالبة والبارزة لهذا التحول تتمثل في االنتقال من نظام الحزب‬
‫الواحد المؤسس على األحادية السياسية وعدم السماح بالتعدد وال بالتداول على السلطة بين‬
‫قوى مختلفة إلى التعددية السياسية التي تعد إحدى السمات البارزة للديمقراطية‪.6‬‬
‫وبما أن دستور ‪ 1989‬يعد المكرس والمحدد للتعددية السياسية في الجزائر فقد‬
‫اشتمل على العديد من المبادئ واألسس التي تدعم عملية االنتقال إلى التعددية السياسية من‬
‫أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬فتح المجال أمام التعددية الحزبية وذلك بالسماح بإنشاء جمعيات ذات طابع‬
‫سياسي كما ورد في المادة ‪ 40‬من دستور ‪ 1989‬السابقة الذكر‪ ،‬بعدما كانت المادة ‪ 49‬من‬
‫دستور ‪ 1976‬تنص على نظام الحزب الواحد بقولها" يقوم النظام التأسيسي الجزائري‬
‫على نظام الحزب الواحد"‪ ،‬إال أنه بنص المادة ‪ 40‬التي تعد نواة الدستور وضع حد لهذا‬
‫النظام وفتح الباب أمام التعدد وحق جميع التشكيالت السياسية المعتمدة الدخول في‬
‫المنافسة السياسية‪.‬‬
‫‪ -‬وضع الشروط الضرورية للدخول الفعلي في التعددية والممارسة‬
‫الديمقراطية وإعادة النظر في قوانين االنتخابات واإلعالم والجمعيات وقوانين أخرى‬
‫لتتالءم مع األوضاع الجديدة والدخول في المنافسة السياسية‪ ،‬حيث عرفت هذه الفترة ما‬
‫يمكن أن نسميه بثورة قوانين‪.7‬‬

‫‪ -‬مريم براهيمي‪ ،‬التعاون األمني األمريكي الجزائري في الحرب على اإلرهاب وتأثيره على األنظمة المغاربية‪ ،‬مذكرة الماجستير في‬
‫‪4‬‬

‫العلوم السياسية‪ ،‬تخصص دراسات مغاربية‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪-‬بسكرة‪ ،2002 ،‬ص ‪.30‬‬
‫‪ -‬نافع الشتيوي‪ ،‬الجزائر المتقلبة تحوالت متسارعة في النظام السياسي تمهيدا لما بعد بوتفليقة‪ TRT ،‬العربية‪ ،2016 ،‬شوهد يوم ‪-25‬‬
‫‪5‬‬

‫‪ ،2018-03‬من الموقع‪. http://www.trtrabic.tv/:‬‬


‫‪-‬خولة كلفالي‪ ،‬متتضيات وخصائص في ظل دستور ‪ ،1989-02-23‬كراسات الملتقى الوطني األول‪ :‬التحول الديمقراطي في الجزائر‬
‫‪6‬‬

‫‪ 11-10‬ديسمبر ‪ ،2005‬جامعة محمد خيضر‪-‬بسكرة‪ ،2005 ،‬ص ‪.174‬‬


‫‪-‬خولة كفالي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.183‬‬
‫‪7‬‬

‫‪125‬‬
‫استراتيجية مواجهة تهديدات األمن الوطني الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫إن اختيار التعددية الحزبية كوسيلة للتنشيط وتفعيل الحياة السياسية‪ ،‬كان نتيجة لتبني‬
‫نظام الديمقراطية الليبرالية الذي تم تدشينه من قبل الجزائر من خالل دستور ‪،1989‬‬
‫ونظام التعددية هذا عدا عن كونه مجموعة مبادئ وقواعد ومجموعات وآليات ومؤسسات‪،‬‬
‫فإنه وبعد تيارا فكريا تدعمه فلسفة معينة تتمحور حول فكرة ترفيه الفرد في كنف الجماعة‬
‫وتقويم وجوده من خالل الدفاع والمحافظة على حقوقه وحرياته‪ ،‬كما أنه يعد من أهم‬
‫أركان ودعائم فكرة دولة القانون‪ .8‬وقد فتحت وطأة األحداث التي استجدت على الساحة‬
‫السيا سية واألمنية مطلع التسعينات غداة إعالن نتائج الدور األول من االنتخابات‬
‫التشريعية في ديسمبر ‪ ،1991‬الباب على التحول الديمقراطي وتبين بسرعة أن المسار‬
‫الديمقراطي خلق نتائج لم تتمكن اإلدارة آنذاك من التنبؤ بها إذ اصطدمت الديمقراطية‬
‫الفتية بعوامل ثقافية وإيديولوجية مالزمة لتاريخ المجتمع الجزائري‪ ،‬وأمام هذه الوضعية‬
‫تمت إعادة النظر في النظام الحزبي من جديد بعد المصادقة على تعديل دستور ‪28‬‬
‫نوفمبر‪ 1996‬الذي اعتمد هذه المرة مصطلح" األحزاب السياسية" بدل الصياغة المقدمة‬
‫المستعملة في دستور ‪ 1989‬المتمثلة في مصطلح الجمعيات ذات الطابع السياسي‪ ،‬فقد‬
‫نصت المادة ‪ 42‬من تعديل سنة ‪ 1996‬على أن حق إنشاء األحزاب السياسية معترف به‬
‫ومضمون‪ ،‬وال يمكن التذرع بهذا الحق لضرب الحريات األساسية والقيم والمكونات‬
‫األساسية للهوية والوحدة الوطنية وأمن التراب الوطني وسالمته واستقالل البالد وسيادة‬
‫الشعب‪ ،‬وكذا الطابع الديمقراطي و الجمهوري للدولة‪.‬‬
‫وال يجوز لألحزاب السياسية اللجوء إلى الرعاية الحزبية التي تقوم على العناصر‬
‫المبنية في الفترة السابقة‪ ،‬ويحظر على األحزاب السياسية أي شكل من أشكال التبعية‬
‫للمصالح أو الجهات األجنبية‪ ،‬ال يجوز أن يلجأ أي حزب سياسي إلى استعمال العنف أو‬
‫اإلكراه مهما كانت طبيعتها أو شكلهما‪.9‬‬
‫كما عرفت نهاية التسعينات وبداية األلفية الجديدة‪ ،‬عدة مواعيد انتخابية لها عالقة‬
‫بالتعددية السياسية نذكر منها‪:‬‬
‫‪ -‬االنتخابات البرلمانية للغرفتين واالنتخابات البلدية عام ‪.2002‬‬
‫‪ -‬انتخابات رئاسية لعام‪ 2004‬التي تجسد لقاعدة احترام المواعيد االنتخابية المحددة‬
‫دستوريا‪ ،‬وانتخابات ‪ 2009‬الرئاسية‪.10‬‬
‫‪ -‬باإلضافة إلى هذه المواعيد االنتخابية فال بد من التطرق إلى االستفتاء الشعبي على‬
‫قانون الوئام المدني الذي صدر في ‪ 13‬جويلية ‪ 1999‬وهو قانون يحل محل قانون الرحمة‬
‫لعام ‪ 1995‬الذي أقره الرئيس األسبق "اليمين زروال" الهادف إلى إرجاع الخارجين على‬
‫السلطة‪ ،‬باإلضافة إلى هذا هناك استفتاء شعبي آخر حول السلم والمصالحة الوطنية الذي‬

‫‪http://‬‬ ‫الموقع‬ ‫من‬ ‫‪،1989‬‬ ‫سنة‬ ‫دستور‬ ‫ظل‬ ‫في‬ ‫العمل‬ ‫حرية‬ ‫السياسية‪،‬‬ ‫التعددية‬ ‫أثار‬ ‫‪-8‬‬
‫‪.Linaforumouf.com /18/11 /2018‬‬
‫‪ -‬أثار التعددية السياسية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪9‬‬

‫‪ -‬كربوسة عمراني‪" ،‬مظاهر التحول الديمقراطي خالل حكم الرئيس بوتفليقة" في كراسات الملتقى األول‪ :‬التحول الديمقراطي في‬
‫‪10‬‬

‫الجزائر‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪-‬بسكرة‪ ،2005 ،‬ص ‪.139‬‬

‫‪126‬‬
‫استراتيجية مواجهة تهديدات األمن الوطني الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫صادق عليه الشعب في ‪ 29‬سبتمبر ‪ ،2005‬والذي جاءت نسبة القبول ب "نعم"‬


‫‪ %97.36‬من األصوات‪.11‬‬
‫وفي إطار البرنامج اإلصالحي الذي أقره الرئيس "بوتفليقة" في ‪ 15‬أفريل ‪،2011‬‬
‫درس مجلس الوزراء يوم ‪ 2011-08-28‬مشاريع قوانين تتعلق بنظام االنتخابات الذي‬
‫جاء تجاوبا مع المطالب العريضة التي صدرت عن المشاركين في المشاورات السياسية‬
‫المنادية بوضع االنتخابات التي ستنظمها اإلدارة تحت إشراف السلطة القضائية‬
‫وإخضاعها لمراقبة األحزاب وممثلي قوائم المرشحين األحرار التي تشارك في هذه‬
‫االنتخابات‪ ،‬كما درس مجلس الوزراء ووافق كذلك على مشروع قانون عضوي يحدد‬
‫إجراءات توسيع تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة المنبثق من المادة ‪ 31‬مكرر من‬
‫الدستور التي تلزم بترقية المرأة في المجالس المنتخبة‪ ،‬باإلضافة إلى مشروع قانون‬
‫عضوي يحدد حاالت التنافي مع العهدة البرلمانية المنبثقة من أحكام المادة ‪ 103‬من‬
‫الدستور التي تنص خاصة على أن نظام حاالت بطالن الحق في الترشح وحاالت التنافي‬
‫مع التمثيل النيابي سيتم تحديده بموجب قانون عضوي‪.12‬‬
‫هناك مجموعة من اآلليات السياسية التي من شأنها تصحيح األوضاع المتردية في‬
‫‪13‬‬
‫النظام السياسي الجزائري نذكر منها‪:‬‬
‫‪ ‬بما أن الدستور أسمى وثيقة في الدولة إذا البد من أن يكون هذا الدستور مبني على‬
‫معايير ثابتة وراسخة ال تقبل التغيير الذي تفرضه تغيرات بعض التحديات فقط‪ ،‬وإشراك‬
‫فواعل حقيقيين في بناء الدستور (خبراء قانون‪ ،‬نشطاء المجتمع المدني‪ ،‬المعارضة‬
‫الحقيقية‪ ،‬أكاديميين ومتخصصين في مختلف المجاالت)‪.‬‬
‫‪ ‬اعتماد مبدأ التعددية السياسية الحقيقية‪ ،‬وتقسيم السلطة بين مختلف‬
‫المؤسسات السياسية وتجسيد مبدأ المساواة الذي تجسده دولة القانون‪.‬‬
‫‪ ‬جعل العملية السياسية تعبير عن مناقشة اجتماعية سلمية من ناحية‪،‬‬
‫وتكريس مبادئ التراضي والتوافق كقاعدة للمنافسة بين الفاعلين السياسيين‬
‫من ناحية أخرى‪.‬‬
‫‪ ‬تعيين حدود مجال الدولة وتدخلها‪ ،‬بحيث تتمتع مؤسسات المجتمع المدني‬
‫بهامش ولو بسيط من حرية الحركة بعيدا عن التدخل المباشر للدولة‪،‬‬
‫وكذلك بالنسبة للصحافة الخاصة‪.‬‬
‫‪ ‬إدارة أموال الدولة بطريقة شفافة وسليمة تخضع لمفهوم الرقابة العامة‬
‫للمجتمع ولمفهوم المسائلة‪.‬‬
‫‪ ‬التشجيع على دعم مؤسسات المجتمع القائمة‪ ،‬والتشجيع على تسهيل‬
‫إجراءات تكوينها وتفعيل دورها في الحياة العامة‪.‬‬

‫‪ -‬البار أمين‪ ،‬دور األحزاب السياسية في دعم التحول الديمقراطي في الدول المغاربية‪ :‬دراسة حالة الجزائر ‪ ،2007-1997‬مذكرة‬
‫‪11‬‬

‫ماجستير في العلوم السياسية‪ ،‬تخصص دراسات مغاربية‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪-‬بسكرة‪ ،2010 ،-‬ص ‪.151‬‬
‫‪ -‬هشام صاغور‪ ،‬أثر التهديدات األمنية الجديدة على استقرار األنظمة السياسية المغاربية دراسة في ضوء مقاربتي األمن التقليدي واألمن‬
‫‪12‬‬

‫اإلنساني طروحة دكتوراه في العلوم السياسية‪ ،‬تخصص دراسات مغاربية‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪-‬بسكرة‪ ،2018-2017 ،-‬ص ‪.150‬‬
‫‪ -‬بوحنية قوي‪" ،‬التحوالت السياسية إشكالية التنمية في الجزائر"‪ ،‬على الموقع ‪.Bouhania.com /new.php.action=view‬‬
‫‪13‬‬

‫‪127‬‬
‫استراتيجية مواجهة تهديدات األمن الوطني الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫‪ ‬ضرورة تكريس مبدأ الفصل بين السلطات‪ ،‬وجعل المنظومة الدستورية‬


‫للبالد مرآة عاكسة للقيم والمبادئ الوطنية الثابتة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬بناء المنظومة االقتصادية‬
‫عرف االقتصاد الجزائري منذ االستقالل تغيرات عدة ساهمت بشكل كبير في تغير‬
‫المفاهيم اإليديولوجية وكذا االستراتيجية وبالتالي تغيير القرارات واألنظمة‪ ،‬فالواقع‬
‫الحالي للتسيير في االقتصاد الجزائري يحتم علينا الرجوع إلى الماضي لتفسير الوضعية‬
‫المتواجد عليها حاليا‪ ،‬حيث مر االقتصاد الوطني بمرحلتين هما‪:‬‬
‫أوال‪ :‬مرحلة التسيير الموجه لالقتصاد‪ :‬يمكن تلخيص مميزات وسمات االقتصاد‬
‫الجزائري في ظل هذه المرحلة في اآلتي‪:‬‬
‫الدولة هي المالكة والمحتكرة للقرار االقتصادي إنتاجا وتبادال‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫غياب المناخ االستثماري في البيئة الخارجية والداخلية للمؤسسة االقتصادية‬ ‫‪‬‬
‫والتي يفترض فيها اتخاذ القرارات‪.‬‬
‫حجم المؤسسة االقتصادية كبير بحيث تمثل في أغلب األحيان قطاعا بعينه‬ ‫‪‬‬
‫مما جعل أكبر المؤسسات تشارك في تخصيص الموارد حسب رغباتهم دون‬
‫القدرة على استغاللها مما يعطل الموارد‪.‬‬
‫عجز في تنظيم هذه المؤسسات وتسييرها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫غياب المنافسة الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫غياب ثقافة الجودة ناهيك عن الجودة الشاملة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تضخم المشاريع وارتفاع تكاليف االستثمار واالستغالل‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫النظرة الساكنة لالقتصاد‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫جمود الجهاز اإلنتاجي وعدم مرونة العرض‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الصعوبة في التمويل‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫االعتماد على األسواق الخارجية بشكل كبير ‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫‪‬‬
‫في هذه المرحلة كانت أهداف االقتصاد الوطني غير محددة حسب قانون العرض‬
‫والطلب‪ ،‬وإنما حسب منطق الخطة االقتصادية الموضوعة وهذا ما جعل التحكم في عملية‬
‫التخطيط االقتصادي خارج الشركات الوطنية‪ ،‬وإنما من قبل طرف الجهاز المركزي هذا‬
‫ما دفع إلى نمط أخر للتسيير‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬االقتصاد الجزائري في حالة التوجه إلى اقتصاد السوق‬
‫بعد أن مست األزمة االقتصادية بصورة عامة والمالية (‪ )2008‬بصورة خاصة‬
‫للجزائر ظهرت الحاجة إلى إعادة تصور البناء االقتصادي وهيكلته مما يجعله متكيفا مع‬
‫ظروف األزمة أوال ومعالج لها ثانيا ومن ثمة دفعا لعملية التنمية في اتجاهها الصحيح‪،‬‬

‫‪ -‬علي كساب‪" ،‬دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في التنمية وتأهيلها"‪ ،‬ملتقى كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‪ 28-25،‬ماي‬
‫‪14‬‬

‫‪ ،2003‬المعهد االسالمي للبحوث والتدريب‪ ،‬ص‪.07‬‬

‫‪128‬‬
‫استراتيجية مواجهة تهديدات األمن الوطني الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫وقد بدأت الدولة التخلي عن إداراتها الشمولية لالقتصاد وتغيير دورها في ما يتناسب مع‬
‫التوجه إلى االقتصاد الليبرالي ومن ثم تفعيل قوى السوق وذلك عن طريق جملة من‬
‫المبادئ والقواعد لنظام اقتصاد السوق منها‪:‬‬
‫‪ ‬المصلحة الذاتية‪ :‬هي أهم مبدأ ترتكز عليه الرأسمالية وهي حق الملكية‬
‫الفردية لوسائل اإلنتاج‪.‬‬
‫‪ ‬الحرية االقتصادية‪ :‬ويقصد بها أن يتعامل الفرد مع من يشاء ومع من يريد‬
‫في أي وقت‪.‬‬
‫‪ ‬المنافسة والمبادرة الحرة‪ :‬إن المنافسة تسمح بالديناميكية وهي تمارس‬
‫على المستويين الدولي والوطني‪ ،‬حيث تعرض رجال األعمال‬
‫والمؤسسات إلى منافسة دولية متكافئة أما المبادرة فتسمح بالتفتح واالرتقاء‬
‫وتنمي قدرات اإلبداع‪.15‬‬
‫حيث كانت الدولة الجزائرية تبحث عن الكفاءة والفعالية كأحد الثوابت وذلك بإدخال‬
‫االقتصاد الوطني في السوق الدولية‪ ،‬ولتحفيز ذلك يجب المرور أوال عبر محاربة التضخم‬
‫والتحكم في الكتلة النقدية وامتصاص عدم التوازن السلبي في ميزانية الدولة وتحديد‬
‫دورها في الظروف الجيدة والقيام بإصالحات في القطاع العمومي‪.‬‬
‫أما مسار إعادة بناء االقتصاد بتشعباته المتعددة القائمة على إعادة هيكلة المؤسسات‬
‫وخصخصتها ومحاولة إيجاد بدائل للتسيير العمومي للمؤسسات وتدعيم المفلسة منها‬
‫لخوض تجربة جديدة وفق طرائق بديلة في التسيير أكثر عقالنية وأقرب إلى الرشادة‬
‫واالحترافية كما تغنى الخطاب الرسمي به‪.‬‬
‫تبنت الجزائر اقتصادها بصفة أساسية على المحروقات كقطاع استراتيجي ولم يكن‬
‫ليكمل لو لم تؤمم محروقاتها في ‪ 24‬فيفري‪ 1972‬لوضع حد لالمتيازات الفرنسية التي‬
‫أخذت بفعل بعض بنود اتفاقيات ايفيان التي من بين ما تضمنه منح الشركات الفرنسية‬
‫امتياز احتكار استغالل النفط‪ ،‬و اعتبر هذا انتفاضا للسيادة الوطنية حيث اعتبر النفط ثروة‬
‫وطنية البد من ان تنبسط عليها يد السيادة الجزائرية‪ ،‬وفي ذلك أشار وزير الطاقة‬
‫الجزائري في ‪ 1971‬بقوله "إن االستغالل المباشر والرقابة الشاملة للثروات الباطنية‬
‫تشكل هدفنا الرئيسي‪.16‬‬
‫شهدت العودة إلى مبادئ الوطنية االقتصادية أو ما أطلقت عليه السلطات العمومية‬
‫"إصالح نظام السوق" من خالل‪:‬‬
‫‪ .1‬إعادة النظر في إصالح تحرير القطاع المحروقات حيث يمنح الحق‬
‫لسوناطراك أن تمارس احتكارها الطبيعي احتكارها الطبيعي في صالح‬

‫‪ -‬علي كساب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.08‬‬


‫‪15‬‬
‫‪16‬‬
‫‪- Luis Martinez, Violence de la rente pétrolière : Algérie-Irak-Libye, nouveaux débats, Paris : les presses‬‬
‫‪de sciences, 2010, p33.‬‬

‫‪129‬‬
‫استراتيجية مواجهة تهديدات األمن الوطني الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫الدولة على كل المشاريع التي يستثمر فيها األجانب‪ ،‬باكتسابها ‪)%(51‬‬


‫بالمائة منها‪.‬‬
‫‪ .2‬قانون المالية التكميلي ‪ 2009‬الذي يكرس مبدأ األفضلية الوطنية حيث يمنح‬
‫‪ 70‬بالمائة للمتعاملين الوطنيين و‪ 30‬بالمائة لألجانب في المشاريع‬
‫االستثمارية للقطاعات األخرى ويتم توسيع القاعدة إلى البنوك بداية من‬
‫‪.2010‬‬
‫‪ .3‬المرسوم الرئاسي ‪11‬جويلية ‪ 2010‬حول تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬الذي‬
‫راجع جذريا التنظيم الساري منذ ‪ 10‬سنوات حيث انتقل هامش األفضلية‬
‫الوطنية من ‪ )%(15‬إلى ‪ )%( 25‬في عروض إنجاز المشاريع العمومية‪،‬‬
‫كما يجبر النص أيضا اللجوء حصريا إلى المناقصات الوطنية في حال أن‬
‫الخدمة المطلوبة يمكن انجازها بمنتوج أو مؤسسة جزائرية‪.17‬‬
‫كما انتهجت السلطات العمومية استراتيجية تصنيعية جديدة ترتكز على قواعد‬
‫السوق‪ ،‬وذلك انطالقا من مبدأين أساسيين‪:‬‬
‫األول‪ :‬يعتمد على فكرة أن حجم المؤسسة الصناعية العمومية يجب أن يتوسع إلى‬
‫مستوى األقطاب الصناعية الكبرى‪ ،‬في ميادين تم اختيارها مسبقا بحيث يصل إلى قدرة‬
‫تغطية أحسن للطلب الداخلي عن طريق اإلنتاج الوطني‪ ،‬بما يعني العمل بمستوى إنتاجي‬
‫وتكنولوجي أعلى هذه األقطاب بإمكانها أن تدفع إلى تكوين شبكة من المؤسسات الصغيرة‬
‫والمتوسطة‪ ،‬التي تعمل في اندماج معها‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬يرتبط بتوسيع الشراكة مع الخارج وذلك لجلب التكنولوجيا من جهة‬
‫واالستفادة من أسواق منتجات الشركات األجنبية من أجل الرفع من قدرات التصدير نحو‬
‫الخارج من جهة أخرى‪.‬‬
‫عمدت السلطات العمومية على استرجاع بعض الوحدات الصناعية المخصصة على‬
‫غرار مصنع الحجار للحديد والصلب في إطار تطبيق قاعدة ‪ 49/51‬في صالح الطرف‬
‫الجزائري‪ ،‬وهو ما يعني تأميم الشركات الهامة التي بإمكانها المساهمة في تخفيض‬
‫االستيراد المفرط لمدخالت قطاعات استراتيجية‪.18‬‬
‫هناك مجموعة من اآلليات االقتصادية من شأنها المساهمة في تحقيق النمو والتطور‬
‫في الجزائر منها‪:‬‬
‫‪ ‬هناك العديد من الدراسات التي تؤكد على أن الجزائر دولة تمتلك إمكانات‬
‫بشرية ومادية هائلة تمكنها من تجاوز أي ضعف أو تخلف اقتصادي‪ ،‬وهذا‬
‫إذا عرفت كيف تستغل تلك اإلمكانات استغالال عقالنيا في إطار استراتيجية‬
‫واضحة المعالم ومحددة األهداف‪ ،‬فاالستغالل العقالني والرشيد للموارد‬
‫الطبيعية من شأنه أن يرفع من المستوى االقتصادي للدولة وبالتالي سوف‬
‫ينعكس هذا باإليجاب على الدولة والمجتمع‪.‬‬

‫‪-A.Mebtoul, in le développement économique de l’Algérie, Ouvrage collectif s/d Pr Taieb Hafsi, Alger :‬‬
‫‪17‬‬

‫‪Casbah éditions, 2011, p 53.‬‬


‫‪ -‬عبد القادر مشدال‪ ،‬الجزائر في االنتقال إلى اقتصاد السوق وإشكالية تطور الصناعة‪ ،‬ص ‪ .22‬على الموقع‪:‬‬
‫‪18‬‬

‫‪130‬‬
‫استراتيجية مواجهة تهديدات األمن الوطني الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫توسيع حجم االستثمارات عن طريق فتح مشاريع ضخمة في جميع‬ ‫‪‬‬


‫القطاعات مثل قطاعات التعليم العالي‪ ،‬التربية والتكوين المهني‪...‬الخ‪ ،‬وهذا‬
‫من شأنه زيادة خبرة الدولة في المجال االقتصادي وكسب المزيد من المعرفة‬
‫االقتصادية‪.‬‬
‫التخفيف النسبي من ظاهرة البطالة عن طريق فتح مناصب شغل جديدة زفي‬ ‫‪‬‬
‫شتى المجاالت‪ ،‬وتشجيع منح القروض الصغيرة لفئة الشباب خصوصا‪،‬‬
‫والتأكيد على إجراء الرقابة على هذه المشاريع في كل المراحل‪ ،‬وهذا من‬
‫شأنه مص الغضب والتذمر من طرف الشباب العاطل‪ ،‬وبالتالي القضاء على‬
‫بؤرة من بؤر عدم االستقرار السياسي‪.‬‬
‫البحث عن مجاالت لتمويل الخزينة الوطنية‪ ،‬بعيدا عن عائدات البترول‬ ‫‪‬‬
‫والغاز‪ ،‬كتشجيع قطاع السياحة مثال‪ ،‬أو محاولة استغالل األراضي الشاسعة‬
‫في الوطن وخاصة منطقة الجنوب‪.‬‬
‫بناء منظومة قانونية قادرة على حماية االقتصاد الوطني من مختلف أنواع‬ ‫‪‬‬
‫االختالسات والسرقات والنهب والعمل على فضح وكشف الممارسات‬
‫الخاطئة في مؤسسات الدولة بما فيها الفساد اإلداري والمالي‪ ،‬وبالتالي التقليل‬
‫من مظاهر الفساد المالي في الدولة وهذا ما سوف يؤدي إلى تحقيق تنمية‬
‫سياسية حقيقية قائمة على الشفافية في التسيير‪.19‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬تحقيق االستقرار االجتماعي‬
‫بعد التعرف على حجم التحدي وأثر المخاطر المحدقة باألمن االجتماعي والثقافي‬
‫الجزائري‪ ،‬يمكن أن نتقرح مجموعة من البدائل واآلليات التي يمكن أن تساهم في صيانة‬
‫هذا األمن في عالم متغير كعالم اليوم‪.‬‬
‫‪ .1‬البديل المؤسساتي مقابل التغيير السياسي‪ :‬إن المقصود بالبديل المؤسساتي مقابل‬
‫التغيير السياسي هو إحداث مشروع مجتمعي حقيقي دون االكتفاء باإلصالح والتغيير‬
‫السياسيين‪ ،‬وضمن هذا السياق يمكن لمؤسسات المجتمع المدني أن تساهم في صياغة هذا‬
‫المشروع‪ .‬ومع ذلك فتفعيل مؤسسات المجتمع المدني لتضطلع بأدوارها يتوقف على عدة‬
‫شروط يمكن تحديد أهمها في شكل سؤالين رئيسيين وهما‪:‬‬
‫أ‪ -‬إلى أي مدى يمكن للعمل الجمعوي المشاركاتي في الجزائر أن يحتفظ‬
‫بمفعول وظائف المجتمع المدني على المدى البعيد؟‬
‫ب‪ -‬كيف يمكن للعمل الجمعوي أن يتحول من عنصر رئيس لصيانة‬
‫‪20‬‬
‫المؤسسات إلى محرك حقيقي للتغيير السياسي؟‬
‫‪ .2‬حماية والءات المواطنين‪ :‬وتكمن نقطة ارتكاز هذه الحماية في ضرورة احترام‬
‫الرسالة الحقيقية للعمل الجمعوي‪ ،‬فالجمعيات ال تعمل فقط من أجل بقاء الدولة‪ ،‬بل تعمل‬
‫أيضا من أجل بقاء مواطني هذه الدولة وتدعيم حقوق أفرادها‪.21‬‬

‫‪ -19‬اسماعيل قيرة وآخرون‪ ،‬مستقبل الديمقراطية في الجزائر‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز الوحدة العربية‪ ،2001 ،‬ص‪.313‬‬
‫‪-Andrea Liverani، Civil society in Algeria: the political functions of associational life، New‬‬
‫‪20‬‬

‫‪York: Routledge, 2008، p164.‬‬

‫‪131‬‬
‫استراتيجية مواجهة تهديدات األمن الوطني الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫إن التركيز على أهمية العمل الجمعوي يعود في واقع األمر إلى التعددية الحزبية في‬
‫الجزائر لم تنتج بعد نوع النظام الديمقراطي الذي يتوق إليه الشعب الجزائري‪ ،‬إنه لن‬
‫يكون ممكنا تحقيق الترسيخ الديمقراطي الفعلي في الجزائر دون إشراك الجمعيات المدنية‬
‫المختلفة في حملة التغيير‪.‬‬
‫فالمخزون القيمي لهذه الجمعيات وكذا نشاطها سيسهمان في تثبيت قيم ومعايير‬
‫الحرية في اختيار الممثلين والعمل على إبراز دور وأهمية المواطن في المجتمع‪ ،‬ونبذ‬
‫الفتن الدورية وترسيخ حب الوطن في قلوب المواطنين‪.‬‬
‫إن حماية المواطنين المؤيدين لحزب أو حركة سياسية معينة من طرف الجمعيات‬
‫ومؤسسات المجتمع المدني‪ ،‬يعد أمرا ذات أهمية قصوى في التخفيف من عزوف المواطن‬
‫عن المشاركة في الحياة السياسية واإلدالء بصوته من أجل تدعيم الديمقراطية وبناء على‬
‫ذلك تصبح العملية االنتخابية مسألة مركزية بالنسبة لتدعيم شرعية النظام‪ ،‬هذه الشرعية‬
‫التي تنعكس إيجابا على صيانة األمن االجتماعي والثقافي لألمة‪.22‬‬
‫‪ .3‬التحول المرن‪ :‬ويقصد به الدفع نحو نزع الطابع التسلطي عن الممارسة السياسية‬
‫عبر بناء قدرات مؤسسات المجتمع المدني‪ ،‬إن وجود نسيج من المؤسسات الجمعوية‬
‫النشيطة يمثل أداة بإمكانها أن يساهم حتى في تعزيز شرعية السلطة الحاكمة خارج‬
‫الحدود الوطنية‪ ،‬كما تسمح باإلعالن عن واجهة ديمقراطية هامة في حماية الصورة‬
‫الدولية للنظام الجزائري‪ ،‬خاصة وإن هذا األخير يتسم بالسرعة في التنديد بكل ما من‬
‫شأنه أن يؤدي إلى تدخل خارجي في الشؤون الداخلية للبالد‪.23‬‬
‫يعد تفعيل مؤسسات المجتمع المدني والعمل على إشراكها في صناعة القرارات‬
‫وإعطاء الحلول والبدائل أمرا بالغ األهمية لتحقيق استقرار الدولة والمجتمع معا‪ ،‬فتفعيل‬
‫المجتمع المدني يعد أمرا ضروريا في ظل الظروف الوطنية والدولية التي تعيشها الجزائر‬
‫حاليا‪ .‬إن االهتمام بترقية مؤسسات المجتمع المدني سيساهم في التخفيف من الصبغة‬
‫التسلطية لنظام الحكم في الجزائر‪ ،‬كما أن تفعيلها يساهم كذلك في المحافظة على عدم‬
‫تفكك الدولة ويساعدها لتتصدى للعديد من التحديات التي ستواجهها خالل العقود القادمة‬
‫خاصة في ظل تنامي ظاهرة العولمة بإفرازاتها المختلفة‪ ،‬أين ستصبح الدولة عرضة‬
‫لضغوط متنوعة يمكن لمؤسسات المجتمع المدني أن تخفف من وطأتها عن طريق رفضها‬
‫ومحاربتها لمساوئ العولمة‪.24‬‬
‫في المسألة الثقافية يعد االهتمام بالجانب الثقافي ذو أهمية قصوى لبناء استراتيجية‬
‫األمن االجتماعي والثقافي في الجزائر‪ ،‬إال إن منح موقعا محوريا للمسألة الثقافية في‬
‫حركة البناء الحضاري وقيام الثقافة بوظيفتها الحضارية يستدعي تخليصها من الحشو أو‬

‫‪- Ibid. p 167.‬‬


‫‪21‬‬

‫‪-Louisa Dris Ait Hamadouche, « L’abstention en Algérie : Un autre mode de contestation‬‬


‫‪22‬‬

‫‪politique », L’année du Maghreb, Paris : CNRS éditions, 2009, p 272.‬‬


‫‪ -‬صالح زياني‪ ،‬أمال حجيج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.94‬‬
‫‪23‬‬

‫‪ -‬صالح زياني‪ ،‬تشكل المجتمع الجزائري وآفاق الحركة الجمعوية في الجزائر‪ ،‬مجلة العلوم االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬العدد ‪،2007 ،172‬‬
‫‪24‬‬

‫ص ‪.102‬‬

‫‪132‬‬
‫استراتيجية مواجهة تهديدات األمن الوطني الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫االنحراف على حد تعبير المفكر الجزائري مالك بن نبي والمقصود الحشو هو تصفية‬
‫عادات وحياة األفراد بصفة عامة مما يشوبها من عوامل االنحطاط‪.25‬‬
‫تعد التربية والتعليم من أهم سبل إعداد جيل المستقبل وعليه ينبغي تغذية مناهجنا‬
‫التربوية بالروح النقدية التي تحث على االجتهاد وليس االستكانة‪.26‬وهي أنجع وسيلة‬
‫نتصدى بها للقيم الغربية والوقوف أمام اآلخر بكل ثقة بالذات وبمعتقداتها وبشخصيتها‬
‫وهويتها وقيمها وتاريخها‪ ،‬هي مخاطبة النفس وتغييرها أي نبدأ هذه المواجهة من‬
‫ذواتنا‪ ،27‬فالمواجهة مع النفس هذه تكون بغية المصالحة معها بكل أبعادها الجمعية‬
‫والفردية والتاريخية والحضارية المجتمعية والسياسية‪.‬‬
‫باإلضافة إلى اآلليات االقتصادية والسياسية‪ ،‬هناك آليات اجتماعية وثقافية من شأنها‬
‫هي أيضا القضاء على االختالالت التي يعاني منها المجتمع الجزائري ومنها‪:‬‬
‫نشر ثقافة الوحدة الوطنية وتوحيد الوالءات القبلية والعشائرية تحت راية‬ ‫‪‬‬
‫الوالء الوطني‪.‬‬
‫ترقية دور المجتمع المدني ألنه يعتبر الوجه السياسي للمجتمع‪ ،‬حيث أنه‬ ‫‪‬‬
‫يحمي حقوق المواطنين ويسهل اتصال األفراد بالحياة العامة‪.‬‬
‫توفير الفرص والخدمات للمواطنين وتنمية قدراتهم وتحسين مستويات‬ ‫‪‬‬
‫معيشتهم‪ ،‬وهذا ما سيزيد من فرص انخراط المواطن في الحياة السياسية‬
‫والمشاركة فيها وإبداء رأيه في تسيير شؤون البالد‪.‬‬
‫توفير بيئة مساعدة تتضمن اإلطار التنظيمي والتشريعي الذي يضمن حقوق‬ ‫‪‬‬
‫الجمعيات والحوافز لتدعيم وتسهيل الطرق التي تؤدي إلى زيادة المشاركة‬
‫في صنع السياسات العامة وتنفيذها وتقييمها‪.‬‬
‫تشبيك العالقة بين القطاع العام والخاص والمجتمع المدني لخفض األمية‬ ‫‪‬‬
‫والقضاء األمراض الفتاكة وتوعية األفراد بحقوقهم وواجباتهم‪.‬‬
‫توحيد الجهود وتكاملها من أجل إحداث تغيير جذري في المجتمع‪ ،‬وهو‬ ‫‪‬‬
‫المدخل المالئم لمواجهة التحديات وإفشال مخططات التفتيت واالنقسام‪ ،‬وهذا‬
‫التوحيد يستند بطبيعة الحال إلى تعزيز الوعي وإقرار التنوع واالعتراف‬
‫باآلخر وتطوير ثقافة وطنية تقبل التعامل مع الثقافات األخرى‪ ،‬وتحيز تعزيز‬
‫الصالت مع اآلخر وبالتالي بناء ثقافة سياسية تقوم على المشاركة وتقبل‬
‫اآلخر‪.28‬‬

‫‪ -‬موسى لحرش‪" ،‬التوجه الثقافي كبعد أساسي في عملية البناء الحضاري للمجتمع اإلسالمي من منظور مالك بن نبي"‪ ،‬مجلة العلوم‬
‫‪25‬‬

‫االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬العدد ‪ ،2006 ،14‬ص ‪.105‬‬


‫‪ -‬زكي الميالد‪" ،‬المسألة الحضرية"‪ ،‬بيروت‪ :‬منشورات المركز الثقافي العربي‪ ،1999 ،‬ص ‪.255‬‬
‫‪26‬‬

‫‪ -‬محمد جابر الناصري‪" ،‬نحن في عالقة مشوهة مع النفس"‪ ،‬العربي‪ ،‬العدد ‪ ،2002 ،518‬ص ‪.146‬‬
‫‪27‬‬

‫‪ -‬اسماعيل قيرة وآخرون‪ ،‬مستقبل الديمقراطية في الجزائر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.315‬‬
‫‪28‬‬

‫‪133‬‬
‫استراتيجية مواجهة تهديدات األمن الوطني الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬آليات مواجهة التهديدات اإلقليمية‬


‫نحاول في هذا المبحث معرفة السبل المتبعة من الدولة الجزائرية لمواجهة شتى‬
‫التهديدات األمنية في نطاقها اإلقليمي‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬خلق مناطق التعاون مع المغرب العربي‬
‫لقد ظل بناء المغرب العربي حلما متجددا ومطلبا شعبيا يراود كافة أقطار المنطقة‪،‬‬
‫لكن المتأمل لتفاعل الدول المغاربية مع بعضها البعض سرعان ما يقف على المفارقة‪،‬‬
‫فمن جهة يتم التأكيد على االرتباط العميق واعتبار الوحدة أمر حتمي يطبع كل الخطابات‬
‫الرسمية لقادة دول المغرب العربي‪ ،‬ومن جهة أخرى يظهر شعور قوي لدى القيادات‬
‫الوطنية بأنها لم تكن محظوظة في جوارها وتعاني من عدم تفهم جيرانها لمصالحها‪.29‬‬
‫بقدر ما كان هناك إيمان قوي بحتمية البناء المغاربي‪ ،‬فإن الممارسة الجزائرية‬
‫اتسمت بنزعة حذرة تبحث عن السبل المالئمة لمنع سيادة المنطق التوسعي وسياسة‬
‫األحالف والكتل داخل النظام اإلقليمي المغربي أكثر منه لبناء اتحاد مغاربي‪.‬‬
‫مع هذا كانت الجزائر تؤكد على وحدة المغرب العربي وتعمل على تشييد الصرخ‬
‫المغاربي بنا يتوافق مع تصوراتها ويتماشى مع رؤاها فبناء االتحاد المغاربي بالنسبة‬
‫للجزائر هو خيار حضاري وأولوية وطنية ذات بعد استراتيجي فهو يشكل عامل استقرار‬
‫وأمن في المنطقة‪.‬‬
‫تقوم الجزائر بدور نشيط لضمان المصلحة الوطنية الجزائرية بكل أبعادها‪ ،‬حيث‬
‫تفرض المصلحة الوطنية تحديد األهداف من خالل استغالل الفرص مهما كانت‬
‫االعتبارات المرتبطة بها‪ ،‬ومواجهة لألهداف بأسرع وقت وأقل تكلفة‪.30‬‬
‫سعت الجزائر في ظل هذا المناخ إلى البروز تدريجيا كقوة إقليمية في مكافحة‬
‫اإلرهاب لما تمتلكه من قوة اقتصادية وعسكرية وبشرية وجغرافية‪ ،‬إذ تحاول ومنذ‬
‫االستقالل تكريس دورها القيادي على مستوى الدائرة المغاربية وذلك بمنافستها كل من‬
‫المغرب وليبيا‪ ،‬وبفضل هذه المساعي تبرز الجزائر كشريك رسمي فعال بالمنطقة ال تنفك‬
‫الدول الكبرى عن التعاون معه‪.31‬‬

‫‪ -29‬الحسان بوقنطار‪ ،‬السياسة العربية للمملكة المغربية‪ ،‬مالطا‪ :‬مركز الدراسات العربي األوروبي‪ ،1997 ،‬ص ‪.103‬‬
‫‪ -‬امحند برقوق‪ ،‬األبعاد االستراتيجية للسياسة الخارجية الجزائرية‪ ،‬ملتقى السياسة الخارجية بين تطلعات وضغوطات الخارج‪ ،‬من تنظيم‬
‫‪30‬‬

‫قسم العلوم السياسة لجامعة جيجل‪.2007 ،‬‬


‫‪ -‬مهدي تاج‪ ،‬المستقبل الجيوسياسي للمغرب العربي والساحل اإلفريقي‪ ،‬مركز الجزيرة للدراسات‪ ،2011 ،‬ص ‪.3‬‬
‫‪31‬‬

‫‪134‬‬
‫استراتيجية مواجهة تهديدات األمن الوطني الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫ولالستدالل عن تكلفة عدم تفعيل اتحاد المغرب العربي وانعكاساتها على الدول‬
‫المغاربية‪ ،‬يمكن تبيانه في بعض األمثلة الواقعية العديد من الدراسات التي حاولت تقييم‬
‫تكلفة الالمغرب‪ ،‬بينت خسارة اقتصاد كل بلد مغربي بسبب غياب تكامل اقتصادي جهوي‬
‫في المغرب حسب دراسة قام بها البنك العالمي سنة ‪ 2006‬أثبتت أن في حالة تعميق هذا‬
‫االتحاد باألخذ في الحسبان تحرير الخدمات وإصالح مناخ االستثمار‪ ،‬ستزيد نسبة الناتج‬
‫الداخلي الخام الحقيقي في الفترة الممتدة من ‪ 2005‬إلى ‪ 2015‬ب ‪ %34‬بالنسبة لتونس‪.‬‬
‫كما توقع البنك بأن الصادرات المغاربية خارج قطاع المحروقات ستزيد قيمتها في نفس‬
‫الفترة ب ‪ %138.1‬بالنسبة للجزائر ‪ %85.8‬بالنسبة للمغرب و‪ %85.7‬بالنسبة لتونس‪.‬‬
‫هناك دراسة أخرى قامت بها مديرية الدراسات والتوقعات المالية المغربية سنة ‪،2008‬‬
‫بينت أن ما تخسره الدول المغاربية جراء عدم التبادل فيما بينها يقدر ب ‪ 980‬مليون‬
‫دوالر سنويا دون حساب قطاع المحروقات‪ .32‬وفي نفس السياق قد صرح وزير الخارجية‬
‫التونسي خالل المنتدى األورو‪-‬مغاربي الذي نضم بالعاصمة التونسية في بداية ‪ 2009‬بأن‬
‫االنسداد القائم على مستوى مسار االندماج االقتصادي المغاربي يمثل خسارة تتراوح بين‬
‫‪1‬و‪ %2‬من نسب النمو لكل دولة من دول المنطقة‪.33‬‬
‫دعت الجزائر إلى عقد اجتماع لوزراء خارجية دول االتحاد المغرب الغربي‪ ،‬حسب‬
‫بيان أصدر في ‪ 2018‬وقد كان أخر اجتماع لمجلس وزراء المغاربية في سنة ‪.2016‬‬
‫وهي المرة األولى التي ترد فيها الجزائر ولو بطريقة غير مباشرة على مبادرة محمد‬
‫السادس إلى استحداث ألية سياسية مشتركة للحوار والتشاور بين البلدين‪.34‬‬
‫تقوم المقاربة الجزائرية في إطار المغرب العربي على أساس شامل فقد صرح‬
‫الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية واإلفريقية عبد القادر مساهل في اجتماع لجنة‬
‫متابعة اتحاد المغرب العربي‪ ،‬أن المقاربة الجزائرية تقوم على ثالثة أجنحة كبرى‬
‫سياسية‪ ،‬اقتصادية‪ ،‬وأمنية‪ .35‬الجناح االقتصادي أكد الوزير أن الجزائر اقترحت ورقة‬
‫طريق لدى مجلس وزراء الشؤون الخارجية في ‪ 2002‬لتشكل مجموعة اقتصادية‬
‫مغاربية‪ ،‬أما أمنيا فقد دعا إلى مواقف موحدة واستراتيجية مشتركة على المستوى الثنائي‬
‫وتعدد األطراف في مواجهة التحديات والمخاطر التي تواجهها دول المغرب العربي سيما‬
‫اإلرهاب‪ ،‬الجريمة المنظمة‪ ،‬التجارة غير الشرعية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬دعم وتفعيل الهوية المتوسطية‬
‫أصبحت الجزائر تولي أهمية معتبرة للجناح المتوسطي ألمنها‪ ،‬وقد انعكس ذلك في‬
‫دستور الجزائر حيث ورد في ديباجته أن الجزائر أرض اإلسالم وجزء ال يتجزأ من‬
‫المغرب العربي الكبير وأرض عربية‪ ،‬وبالد متوسطية وإفريقية‪ .‬وبذلك تفوقت الدائرة‬

‫‪ -‬حدادي جالل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.197‬‬


‫‪32‬‬

‫‪-‬حسين بوقارة‪ ،‬إشكاليات مسار التكامل المغرب الغربي‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار الهومة للنشر والتوزيع‪ ،2010 ،‬ص ‪.112‬‬
‫‪33‬‬

‫‪ -‬بعد دعوة المغرب للحوار الجزائر تطلب عقد اجتماع مغاربي من الموقع االلكتروني‪:‬‬
‫‪34‬‬
‫‪http://‬‬
‫‪.ww.google.com/amp/s/amp/dw.‬‬
‫‪ -‬قط سمير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.235‬‬
‫‪35‬‬

‫‪135‬‬
‫استراتيجية مواجهة تهديدات األمن الوطني الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫المتوسطية على اإلفريقية وذلك منذ أن بدأت أوروبا تلتفت إلى ضفتها الجنوبية المتوسطية‬
‫في إطار عالقات جديدة قائمة على الحوار والشراكات‪.‬‬
‫تعتبر الجزائر مسار برشلونة‪ ،‬اإلطار االستراتيجي األشمل للشراكة األورو‪-‬‬
‫متوسطية واألكثر وضوحا‪ ،‬سيما بعد تعديله في مؤتمر إيطاليا ‪ ،1998‬فيما يسمى‬
‫ب"منتصف الطريق أين صحح مساره وصار أكثر توازنا بين أجنحته الثالث‪ ،‬لهذا السبب‬
‫كانت الجزائر ترفض المشاريع األوروبية الموازية لمسار برشلونة التي ترى فيها صورا‬
‫مكررة له ال طائل منها‪ ،‬وهذا ما جعلها تنتظر طويال لالنضمام إلى السياسة األوروبية‬
‫للجوار‪.36‬‬
‫تؤكد الجزائر أنها ال ترفض المشاركة في أي مبادرة قائمة على الحوار ودعم‬
‫التدخل في الشؤون الداخلية للدول‪ ،‬التشاور والمنفعة المتبادلة من شأنها تحقيق األمن في‬
‫الفضاء المتوسطي بشرط أن ال تتعارض مع نهجها السيادي وأن ال تكون أداة للتدخل في‬
‫الشؤون الداخلية للدول وال تخترق سيادتها‪ ،‬وليست المقاربة التي تدافع عنها الجزائر‬
‫ضمن الدائرة المتوسطية إال امتدادا لعقيدتها‪.‬‬
‫فوفقا للمقاربة الجزائرية من حق كل دول المتوسط أن تتمتع بأمن غير منقوص وأن‬
‫تختار نظامها لألمن القومي الذي ترى أنه األنسب لضمان أمنها ويؤدي بها إلى التخلص‬
‫من مختلف مهدداته دون تدخل أو إكراه خارجيين والتعاون للحد من مختلف التهديدات‬
‫واألخطار التي تهدد األمن في الفضاء المتوسطي على غرار الجريمة المنظمة‬
‫واإلرهاب‪.37‬‬
‫تعتبر الجزائر أن األمن واالستقرار في المتوسط شرط مسبق للتنمية االقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ .‬وهذا لن يتأتى إال في ظل بناء ثقة متبادلة بين ضفتي المتوسط وأيضا عبر‬
‫حلول عادلة ومنصفة للنزاعات الموجودة بين الدول المتوسطية عبر احترام مبادئ‬
‫وأهداف منظمة األمم المتحدة والتسويات السلمية للخالفات‪.‬‬
‫إن مشاركة الجزائر في مختلف المبادرات األمنية األورو‪-‬متوسطية تمكنها من‬
‫إعطاء ب عد دولي لمكافحتها واستثمار تجربتها الداخلية في استعادة مكانتها السياسية‬
‫اإلقليمية والدولية وفك عزلتها التي عانت منها خالل التسعينات‪ ،‬كما تمكنها من التعبير‬
‫عن انشغاالتها والدفاع عن عقيدتها األمنية‪.‬‬
‫إن الجزائر تركز في عالقتها األمنية في اإلطار المتوسطي على ملف اإلرهاب فهي‬
‫تستفيد من هذا الملف‪ ،‬كورقة إلصباغ الشرعية على النظام وهي نفس المقاربة التي تتبعها‬
‫مع حلف األطلسي في إطار حواره المتوسطي‪.38‬‬
‫أكدت الجزائر استعدادها االلتزام التام بالخيار األطلسي بعد زيارة الرئيس‬
‫"بوتفليقة" لمقر الناتو في ‪ 2001‬ثم في ‪ 2002‬كما كانت هناك زيارات عالية المستوى من‬
‫‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.165‬‬
‫‪36‬‬
‫‪37‬‬
‫‪ -‬عبد النور بن عنتر‪ ،‬البعد المتوسطي لألمن الجزائري‪ ،‬الجزائر‪ ،‬أوروبا والحلف األطلسي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.207‬‬
‫‪-38‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪209‬‬
‫‪136‬‬
‫استراتيجية مواجهة تهديدات األمن الوطني الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫حلف الناتو للجزائر‪ ،‬وتعتبر الجزائر من أكثر الدول جنوب المتوسط التزاما في الحوار‬
‫مع الناتو فقد كانت حاضرة في االجتماع الوزاري في بروكسل ‪ 2004‬وفي اجتماع قيادة‬
‫األركان ‪ 2005-2004‬وفي الجلسات البرلمانية للحلف‪ ،‬وفضال عن ذلك كانت الجزائر‬
‫عضوا نشيطا في المجال العملياتي للحوار مع األطلسي إذ كانت هناك رسو بحري للحلف‬
‫في ميناء الجزائر في ‪ 2002‬و‪ 2003‬و‪ 2004‬كذلك من خالل مشاركة الجزائر في‬
‫العملية البحرية المسماة المسعى النشيط‪ ،‬كما تعد الجزائر أكثر البلدان الذين يرسلون‬
‫ضباطا للتكوين في كلية حلف الناتو بروما‪.39‬‬
‫شهدت األلفية الجديدة تقاربا بين العالقات الجزائرية والناتو بواسطة أمريكية أين‬
‫أصبحت الجزائر أحد أهم شركاء الناتو األمنيين خاصة في الحرب على اإلرهاب بيد هذه‬
‫الشراكة ورغم ما ستجنيه الجزائر من مزايا منها فمن جهة أخرى ستفرض عليها هذه‬
‫الشراكة قيودا وتحد من انعتاقها االستراتيجي‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬تفعيل وتقوية التعاون مع البلدان اإلفريقية‬
‫إذا كانت االستراتيجية الجزائرية في مكافحة التهديدات داخليا مباشرة قائمة على‬
‫مجموعة من اآلليات األمنية والعسكرية‪ ،‬فلضمان تغطية أمنية اكبر للحدود البرية‬
‫الجزائرية التي تعتبر المنافذ الرئيسية لمختلف التهديدات (اإلرهاب‪ ،‬الجريمة المنظمة‪،‬‬
‫الهجرة غير الشرعية)‪ ،‬قام النظام الجزائري بالتركيز على الصحراء الكبرى إذ أدخلت‬
‫إصالحات جذرية على قوات األمن الجزائرية بمختلف تشكيالتها تمثلت في تدريب‬
‫الوحد ات على أنواع متعددة من العتاد للقتال وطريقة الدفاع وعلى األجهزة التي لم تكن‬
‫موجودة سابقا كتلك الخاصة بتقنيات محاربة تهريب األسلحة والمخدرات على المستوى‬
‫الحدود الجنوبية أثبتت التحقيقات األمنية صلتها بالجماعات اإلرهابية إلى جانب القيام‬
‫بدورات تكوينية‪ .40‬وإنشا ء مراكز عمليات وطني وآخر إقليمي في الجنوب للتعامل مع‬
‫المستجدات األمنية في الصحراء الكبرى‪ ،‬هذه اإلجراءات الجزائرية على المستوى‬
‫الداخلي تأتي في إطار السياسة األمنية كانت بالموازاة مع مجموعة من التحركات المكثفة‬
‫على مستوى الدائرة اإلفريقية ألمنها‬
‫القومي‪.‬‬
‫لكن الجزائر دائما تحافظ في تحركاتها على البعد اإلفريقي على مقاربة متعددة‬
‫األطراف قائمة على التنسيق اإلقليمي في التعامل مع تهديدات اإلرهاب‪ ،‬الجريمة المنظمة‬
‫والهجرة غير الشرعية لتغطية ومراقبة الحدود المشتركة بينها وبين مالي‪ ،‬النيجر‪،‬‬
‫موريتانيا و ليبيا وهذا ما أكده قائد أركان الجيش الجزائري" القايد صالح" بأن تزايد‬
‫التهديدات اإلرهابية في منطقة الساحل والصحراء وتصاعد عمليات التهريب بكافة‬
‫أشكالها سببها غياب نظرة موحدة بين دول المنطقة خاصة وأن أثرها على األمن‬
‫واالستقرار السياسي واالقتصادي واالجتماعي في المنطقة فإن المقاربة الجزائرية قائمة‬
‫على إجراءات دعم االستقرار األمني‪ ،‬السياسي واالقتصادي بتنمية القارة اإلفريقية‬
‫‪ -‬قط سمير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.183‬‬
‫‪39‬‬

‫‪ -‬نبيل بونيبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.118-117‬‬


‫‪40‬‬

‫‪137‬‬
‫استراتيجية مواجهة تهديدات األمن الوطني الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫وتمكينها من االنتقال من حالة التبعية واالستدانة إلى حالة القدرة على التنمية تفعيال‬
‫للمبادئ التضامن الدولي‪.‬‬
‫شكلت المبادرة الجديدة من اجل تنمية إفريقيا (النيباد)‪ ،‬التي قادتها الجزائر منذ‬
‫انطالقها في أكتوبر ‪ 2001‬بلوزاكا(زامبيا) أحد أهم الرهانات في سياساتها الخارجية‬
‫والتي سمحت لها بإثراء سجلها على المستوى القارة السمراء جاءت هذه الشراكة التي‬
‫بادر بها كل من الرئيس"بوتفليقة" و"تايوأمبيكي "و"أولوسغون أوباسانجو " لتضع‬
‫"خارطة طريق "لبناء إفريقيا وتكون بديال لتسوية تعقيدات القارة اإلفريقية المتراكمة عبر‬
‫قرار سياسي مستقل يسقط إلى األبد االتكالية المفرطة على الخارج كما أكد األمين‬
‫التنفيذي لمبادرة النيباد "إبراهيم مايكي" بأن التعاون المشترك بين الدول غير الصورة‬
‫المرسخة عن إفريقيا كقارة البؤس واالنقالبات العسكرية والتهديدات الجديدة‪ ،41‬وفي هذا‬
‫السياق عملت الجزائر في تجسيد المشاريع االقتصادية الكبرى دون إهمال السياسية منها‬
‫في إطار هذا البرنامج اإلفريقي وذلك من أجل بلوغ أهداف األلفية للتنمية على المستوى‬
‫الوطني والقاري والدولي‪ ،‬وقد جعل موقع الجيوستراتيجي الذي تحتله الجزائر للعب دور‬
‫محوري في منطقة إفريقيا وسعيا منها لخلق فرص للتنمية على مستوى القارة‪ ،‬جعلت‬
‫الدبلوماسية الجزائرية من مشروع النيباد انشغالها الشاغل من أجل التوصل إلى إشراك‬
‫إفريقيا في المشاريع الدولية‪ ،‬وقطعت الجزائر تقدم معتبرا في مسار المشاريع الكبرى‬
‫المراهن عليها في إحداث التكامل اإلقليمي‪ ،‬السيما المنشآت القاعدية كمشروع الطريق‬
‫العابر للصحراء الجزائر الغوس النيجر‪ ،‬مرفوقا بمشروع أنبوب الغاز من نيجريا إلى‬
‫أوروبا مرورا بالجزائر والنيجر جعلت الجزائر القارة من خالل النيباد شريكا مهما وقطبا‬
‫جديدا للتنمية‪ ،‬وصارت إفريقيا تشارك باستمرار في قمم المجموعة الصناعية الكبرى‪.‬‬
‫برز دور الجزائر في النيباد من خالل المداخالت الرئيس "بوتفليقة" في قمة‬
‫"فرنسا" في ماي ‪ 2011‬إلى شراكة متوازنة تأخذ بعين االعتبار مصالح إفريقيا من خالل‬
‫تبادل شروط التنمية‪ ،‬وأوضح الرئيس في سيرت بليبيا خالل القمة العربية اإلفريقية التي‬
‫عقدت في أكتوبر ‪ 2010‬مقاربة تقوم على التكامل بين الدول اإلفريقية والدول العربية‬
‫بالنظر لعالقات الجوار‪ ،‬أما قمة أوروبا إفريقيا في نوفمبر ‪ 2009‬طرح الجزائر شراكة‬
‫بين إفريقيا وأوروبا للتعاون في المسائل الجوهرية المتعلقة بالتنمية والسلم واألمن‪،‬‬
‫وتعزيز دولة القانون والديمقراطية وفي هذا المجال حققت الجزائر نتائج إيجابية في مجال‬
‫الوقاية من النزاعات أو تسويتها‪ ،‬وتمضي الدبلوماسية الجزائرية عبر مشوارها اإلفريقي‬
‫في استحداث استراتيجيات وآليات كفيلة بمواجهة تحديات العولمة المتسارعة التي‬
‫تواجهها القارة‪ ،‬وشملت العناصر التالية‪:‬‬
‫‪ ‬السالم واألمن‪ :‬حيث يتمثل في ترقية الشروط طويلة المدى التي تساعد على‬
‫تحقيق التنمية واألمن‪ ،‬وترسيخ قدرات اإلنذار السريع للمؤسسات اإلفريقية وتحسين‬
‫قدراتها على اإلدارة والقضاء على الصراعات والوقاية منها‪ ،‬ومأسسة الجهود المرتبطة‬
‫بالقيم األساسية التي تقوم عليها مبادرة النيباد‪ ،‬هذه العناصر تهدف إلى توفير الوسائل‬

‫‪41‬‬
‫‪ -‬زهرة بودية‪ ،‬النيباد مخرج إفريقيا من االضطرابات‪ ،‬جريدة الشعب‪ ،‬العدد ‪05 ،15309‬اكتوبر‪ ،2010‬ص‪.05‬‬

‫‪138‬‬
‫استراتيجية مواجهة تهديدات األمن الوطني الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫الضرورية لدعم المؤسسات الجهوية والقارية المتخصصة في إدارة الصراعات والوقاية‬


‫في المجاالت األربعة التالية‪:‬‬
‫‪ -‬إدارة وحل الصراعات والوقاية منها‪.‬‬
‫‪ -‬دعم البحوث المتخصصة في تثبيت وفرض السالم‪.‬‬
‫‪ -‬المصالحة وإعادة البناء بعد الصراع‪.‬‬
‫‪ -‬مكافحة انتشار األسلحة الخفيفة‪.‬‬
‫‪ ‬الديمقراطية والحكم الراشد‪ :‬عن طريق تدعيم اإلطار السياسي واإلداري للدول‬
‫بواسطة دعم تطبيق مبادئ الديمقراطية‪ ،‬الشفافية‪ ،‬احترام حقوق اإلنسان ودولة القانون‪،‬‬
‫وذلك من خالل اعتماد سلسلة من اإلجراءات لتأسيس وترسيخ الممارسات والعمليات‬
‫األساسية للحكم الراشد‪ ،‬ترقية الديمقراطية المباشرة والتشاركية والمكافحة الفعالة ضد‬
‫الفساد‪.‬‬
‫‪ ‬الحكم االقتصادي وحكم المؤسسات‪ :‬تدعيم قدرات الدولة بصفتها عامل أساسي‬
‫لتحقيق التنمية وذلك من خالل إعداد برامج لتحسين نوعية التسيير االقتصادي‪.‬‬
‫إن ثقل الجزائر الجيوسياسي الناتج عن عوامل جغرافية‪ ،‬اقتصادية‪ ،‬سكانية له دور‬
‫بالغ في صياغة العقيدة األمنية الجزائرية خاصة دورها الريادي في المغرب العربي‪،‬‬
‫وهذا الموقع جعلها أمام تحديات أمنية مباشرة‪.‬‬
‫عملت الجزائر منذ استقاللها على بناء السلم واألمن في القارة اإلفريقية من خالل‬
‫تبنـيها لكل المواقف اإلفريقية التي تراعي كل مصالح الدول اإلفريقية‪ ،‬ومن شأنها تحقيق‬
‫األمن والسلم الدوليين ومع رفضها التام للتدخل األجنبي في القارة اإلفريقية والعمل على‬
‫أفرقة الحلول بشكل تام مع عدم االنغالق والتقوقع على الذات‪ ،‬بحيث ترافع من أجل‬
‫إفريقيا في كل محافل الدولية حفاظا على مكانة القارة في العالم‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬نحو بناء عقيدة أمنية جزائرية‬
‫تأثرت الجزائر كغيرها من الدول من التحوالت التي عرفتها المنظومة الدولية منذ‬
‫نهاي الحرب الباردة فقد توسعت مضامين األمن الوطني الجزائري في زمن العولمة هذا‬
‫ما نحاول التطرق إليه في هذا المبحث‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬العولمة والعقيدة األمنية الجزائرية‬
‫ال يوجد تعريف محدد يمكن األخذ به لظاهرة العولمة‪ ،‬وال يمكن حصرها في‬
‫تعريف واحد حتى ولو تميز بالدقة المتناهية‪ ،‬فتعاريفها متعددة أبعادها ومستوياتها نظرا‬
‫لتغيراتها الدائمة والمستمرة وعدم وصولها إلى االكتمال‪.‬‬
‫من أهم مظاهر العقد األخير من القرن الماضي هو تزايد مظاهر العولمة خاصة بعد‬
‫انهيار الكتلة الشيوعية بزعامة االتحاد السوفياتي سابقا وانتهاء حقبة الحرب الباردة بين‬
‫الواليات المتحدة واالتحاد السوفياتي وظهور فلسفة السوق كبديل للتخطيط المركزي‬
‫ولدور الدولة‪.‬‬

‫‪139‬‬
‫استراتيجية مواجهة تهديدات األمن الوطني الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫والعولمة ترجمة لكلمة ‪ Globalization‬الذي ظهر في الكتابات األجنبية لوصف‬


‫ظاهرة تشابك االقتصاديات الدولية‪ ،‬وتعني كلمة ‪ Globe‬العالم أو الكرة األرضية وقد‬
‫ظهرت عدة ترجمات واستخدامات خالل العشرية األخيرة من القرن الماضي أهمها‪:‬‬
‫الكونية‪ ،‬الكوكبية والعولمة‪ ،‬هذه األخيرة استخدمت في معظم نواحي الحياة للداللة على‬
‫تعميم الشيء وتوسيع دائرته ليشمل الكل أو العالم‪.42‬‬
‫وتعني العولمة‪" :‬تزايد اندماج االقتصاد والمجتمعات في مختلف أنحاء العالم‪ ،‬وهي‬
‫عملية معقدة تؤثر في جوانب عديدة من حياتنا‪ ،‬إلى تطور التكنولوجي من خالل تطور‬
‫االنترنت وتزايد سهولة االتصاالت والمواصالت حول العالم‪.43‬‬
‫وتعرف العولمة على أنها مجموعة من الحر كيات المتشابكة والمعقدة التي تخلق‬
‫توافقات نفعية أو غير نفعية بين الدول والبشر ويعتبر الكثير من الدارسين بأن العولمة قد‬
‫وفرت المناخ والوسائل المناسبة التي جعلت منها آلية فاعلة في نشر هذه التهديدات‬
‫بمختلف أشكالها‪ ،‬فحركيات عبر الوطنية والعابرة للحدود في أحيان كثيرة تتعدى إرادة‬
‫وحسابات الدول لتكون فواعلها غير دوالتية مثل المنظمات‪ ،‬الشركات‪ ،‬التي تستهدف‬
‫بشكل كبير من التقنيات المتطورة وتكنولوجيات االتصال في عصر العولمة‪.44‬‬
‫إن ظاهرة العولمة لم تعد كما كان يعتقد البعض تهتم بالجانب االقتصادي فقط وتعميم‬
‫النمط االستهالكي للواليات المتحدة األمريكية فحسب بل هي عولمة اقتصادية وسياسية‬
‫وثقافية وعسكرية‪ ،‬فهي تريد إعادة تشكيل حياتنا المعاصرة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا‬
‫وثقافيا‪ ،‬ومست حتى الشعوب التي مازالت تعرف تخلفا شديدا‪.‬‬
‫فالدولة القومية هي نقيض العولمة كما أن السياسة ونتيجة لطبيعتها ستكون من أكثر‬
‫األبعاد الحياتية مقاومة للعولمة التي تتضمن انكماش العالم وإلغاء الحدود الجغرافية وربط‬
‫االقتصاديات والثقافات والمجتمعات واألفراد بروابط تتخلى الدول وتتجاوز سيطرتها‬
‫التقليدية على مجالها الوطني والمحلي‪.‬‬
‫إن ظاهرة العولمة ال تهتم فقط بالجانب االقتصادي بل ال تشمل المنط االستهالكي‬
‫للواليات المتحدة فحسب ب ل هي عولمة اقتصادية وسياسية وثقافية وعسكرية‪ ،‬فهي تريد‬
‫إعادة تشكيل حياتنا المعاصرة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا‪.‬‬
‫فالعقيدة األمنية الجزائرية تأثرت بشكل وبأخر بظاهرة العولمة التي لم تعد تهتم ال‬
‫بحدود الجغرافية‪ ،‬وال بسيادة الوطنية والدولة القومية‪ ،‬فالتغيرات التي أفرزتها العولمة‬
‫التي مست العديد من المجاالت انعكس سلبا على األمن القومي للدول ومن بينها الدولة‬
‫الجزائرية‪ ،‬وعليه لم تعد التهديدات األمن مقتصرة فقط على الجانب العسكري بل أصبحت‬
‫التهديدات السياسية واالقتصادية والتكنولوجية والمجتمعية والثقافية أكثر حضورا‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫‪ -‬هناء عبيد‪ ،‬العولمة‪ ،‬القاهرة‪ :‬مركز الدراسات السياسية واالستراتيجية‪ ،2001 ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪43‬‬
‫‪ -‬بول كولبير وديفيد دوالزتر‪ ،‬تر‪ :‬هشام عبد هللا‪ ،‬تقرير البنك الدولي‪ :‬العولمة والنمو والفقر بناء اقتصادي عالمي شامل‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪ ،2003‬ص ‪.05‬‬
‫‪ -44‬أمنحد برقوق‪" ،‬العولمة وإشكالية األمن اإلنساني" عبر الموقع‪.Http://www.politics ar.com .‬‬
‫‪140‬‬
‫استراتيجية مواجهة تهديدات األمن الوطني الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫إن توسع التهديدات األمنية وكذا التنوع والتشابك في أبعادها المختلفة في الوقت‬
‫الحاضر هو ما أثر في األمن الوطني الجزائري على كافة المستويات السياسية‪،‬‬
‫االقتصادية واألمنية خاصة ما أفرزته التهديدات األمنية الالتماثلية والتقدم التكنولوجي مما‬
‫يفرض على قيادة الدولة من انتهاج سياسة جديدة لتصدي لهذه التهديدات الجديدة وطريقة‬
‫التعامل معها‪.‬‬
‫لعل من أبرز تداعيات التطور التكنولوجي بروز مشكالت تهدد األمن القومي‬
‫الجزائري‪ ،‬وعلى رأسها الجرائم المعلوماتية‪ ،‬وتعد الجرائم المعلوماتية وااللكترونية صنفا‬
‫جديدا من الجرائم‪ .‬وتتخذ هذه الجرائم أشكاال متعددة لعل من أبرزها جرائم االختراقات‪،‬‬
‫أي اختراق المواقع االلكترونية الرسمية والشخصية بغرض االستيالء على اشتراكات‬
‫اآلخرين وأرقامهم السرية وإرسال الفيروسات‪ .‬وهناك كذلك الجرائم المتعلقة بالمواقع‬
‫المعادية سيما المواقع السياسية والتي وإن كانت من جهة تعبر عن تنامي القيم الحضارية‬
‫الديمقراطية‪ ،‬لكنها كثيرا ما تكون مصدرا لألخبار الفاسدة التي تخلق شرخا بين النظام‬
‫السياسي ومواطنيه‪ ،‬إضافة إلى كل ذلك هناك جرائم القرصنة والنسخ غير المشروع‪ ،‬أين‬
‫تعد الجزائر من التي أهلكتها هذه المعضلة‪ .‬كذلك جرائم التجسس االلكتروني بفعل وجود‬
‫تقنيات عالية التقدم يتم استثمارها للتجسس على الدولة‪ ،‬وأخيرا ما يعرف باإلرهاب‬
‫االلكتروني والذي يتم من خالله االستيالء على المعلومات والقيام بتدميرها أو تعطيلها في‬
‫عصر االزدهار االلكتروني‪.45‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬نحو مراجعة مرتكزات العقيدة األمنية الجزائرية‬
‫ظلت عقيدة الجزائر األمنية حبيسة تصورات تقليدية لصراعات وحروب بين جيوش‬
‫نظامية‪ ،‬ألنها صممت في البداية لمواجهة تهديدات دولتية المصدر قائمة باألساس من‬
‫الحدود الغربية بسبب التوتر البنيوي مع المغرب‪ .‬ولم تستوعب كما ينبغي القطيعة‬
‫االستراتيجية في مجال التهديد مستبعدة أو على األقل مقللة من شأن التهديدات غير‬
‫الدولتية‪ ،‬لكنها بدأت تستوعب تدريجيا التحول في طبيعة التهديدات وتراجع الصراعات‬
‫بين الدول فيما تستفحل الصراعات الداخلية فمع انتشار االضطرابات األمنية في جوارها‬
‫و توسع رقعتها وجدت نفسها في مواجهة تهديدات هجينة لم يسبق لها أن وضعت‬
‫تصورات للتعامل معها‪ ،‬ومن ثم فاالحتكاك الميداني معها هو الذي قاد إلى مراجعة‬
‫تصوراتها‪ .46‬و إن كانت خبرة لمكافحة اإلرهاب المحلي في تسعينات القرن الماضي‬
‫سمحت لقواتها بالتأقلم بسرعة مع التدفقات األمنية القادمة من الجوار‪.‬‬
‫يتوافق سلوك الجزائر حيال األزمات في جوارها المبادئ المؤسسة لعقيدتها‪ ،‬بيد أن‬
‫تحليال معمقا لسلوكها يبين أن تعديالت طفيفة تطرأ على عقيدتها وفق مقتضيات الواقع‬
‫األمنية ولكنها تبقى تعديالت هامشية‪ .‬ويمكن أن نستشف هذه التعديالت من خالل طبيعة‬
‫حزمة اإلجراءات األمنية التي اتخذها الجيش الجزائري وهيكلة بعض بناء العملياتية‬
‫لحماية حدود البالد في سياق األزمتين الليبية والمالية‪ ،‬كما يمكن أن نستشفيها أيضا من‬
‫‪ -‬صالح زياني‪ ،‬تحوالت العقيدة األمنية الجزائرية في تنامي تهديدات العولمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.296-295‬‬
‫‪45‬‬

‫‪ -‬عبد النور بن عنتر‪ ،‬عقيدة الجزائر األمنية‪ ،‬ضغوطات البيئة اإلقليمية ومقتضيات المصالح األمنية‪ ،‬مركز الجزيرة للدراسات‪02 ،‬‬
‫‪46‬‬

‫ماي‪ ،2018‬ص ‪.04‬‬

‫‪141‬‬
‫استراتيجية مواجهة تهديدات األمن الوطني الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫خالل تغير في سلوك الجزائر حيال األزمة المالية‪ .‬فإبان هذه األزمة اتخذت الجزائر‬
‫قرارات تسير في االتجاه المعاكس لمبادئها‪ ،‬حيث فتحت مجالها الجوي للمقاتالت الفرنسية‬
‫للتدخل في شمالي مالي في ديسمبر ‪ ،2012‬ويعد هذا القرار قطيعة نوعية في عقيدتها‬
‫األمنية‪ ،‬كما دعمت القوات الفرنسية المتدخلة في مالي لوجستيا بتزويدها بالوقود في‬
‫أقصى الجنوب البالد؛ وشاركت الجزائر في االجتماعات اإلقليمية لتحضير التدخل‬
‫الفرنسي في مالي‪ ،‬بإشراف فرنسي (ربما يقصد من مشاركتها في هذه االجتماعات تجنب‬
‫سياسة المقعد الشاغر ومحاولة التأثير على كيفيات التدخل وأهدافه)‪ .‬كل هذا في الوقت‬
‫الذي كان فيه الخطاب الرسمي يؤكد على رفض التدخل العسكري وعلى ضرورة التسوية‬
‫السلمية‪.‬‬
‫يوضح هذا التناقض بين الخطاب الرسمي والسلوك أن تعديال طفيفا وظرفيا طرأ‬
‫على عقيدتها األمنية مفاده أن الجزائر لم تعد ترفض وبشكل مطلق فكرة التدخل وأنها تقبل‬
‫بتدخل محدود‪ ،‬يعني هذا التناقض بين خطاب وطني‪-‬سيادي من جهة والمبادئ من جهة‬
‫ثانية‪ ،‬تكيفا مع الواقع وفقا لمقتضيات مصالح الساعة‪ .‬بمعنى التوافق بين المصالح األمنية‬
‫لكل من الجزائر وفرنسا خالل هذه األزمة تفيد كل هذه التحوالت بوجود تعديالت طفيفة‬
‫ظرفية لكن دون مراجعة جوهرية لعقيدتها األمنية‪ ،‬وتعتبر هذه التعديالت أيضا عن توتر‬
‫بين المبادئ ومقتضيات الواقع‪.47‬‬
‫تسببت طبيعة التهديدات غير الدولتية وانتشار األزمات في تخومها وتعقدها في‬
‫بعض التناقض في مواقف الجزائر وذلك جراء التوتر الناشئ بين المبادئ (المؤسسة‬
‫لعقيدتها األمنية) و المصالح (األمنية)‪ ،‬ما حتم تعامال مرنا مع بعض المبادئ وفق الحاالت‬
‫اإلستعجالية‪ ،‬كما يدل على ذلك تطور موقفها من األزمة المالية فإذا كان فتح المجال‬
‫الجوي والذي يعد سابقة في عقيدتها األمنية‪ ،‬يتناقض ومبادئها وخطابها الرافض للتدخل‪،‬‬
‫فإنه يتوافق ومصلحتها األمنية ألن التدخل الفرنسي يخلصها أيضا من تهديد إرهابي على‬
‫حدودها‪ .‬ومن ثم تعد أزمة مالي نموذجا للتوتر الحاد الناشئ بين المستلزمين األخالقي‬
‫والمصلحي ولكيفية إدارة الدولة لتناقضات موقفها‪.‬‬
‫إنه وضع جديد بالنسبة للجزائر بذلك التوتر بين المستلزمين توتر ناشئ‪ :‬فألول مرة‬
‫تجد نفسها معينة مباشرة بتهديدات غير دولتية مرتفعة الحدة على حدودها‪ ،‬إنها محنة أمنية‬
‫بالنسبة لعقيدتها خاصة أن التمسك بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول‪ ،‬بشكل‬
‫مطلق في وقت غابت فيه الدولة في ليبيا وكادت تغيب في مالي‪ ،‬يحول دون قراءة متجددة‬
‫للتهديدات فيما تستمر تدفقات المخاطر والتهديدات على ترابها والتي تجبر قواتها على‬
‫خوض حرب استنزاف‪ .‬من هذا المنظور يمكن القول‪ :‬إن هذا المبدأ أصبح خطر على‬
‫أمنها القومي‪ .‬خلق هذا التوتر أيضا تناقضا في سلوك الجزائر قاريا كما يتضح من موقفها‬
‫من القوة اإلفريقية الجاهزة‪ ،‬فهي تقول بمبدأ عدم نشر قواتها خارج الحدود وفي الوقت‬
‫نفسه تدعو الدول اإلفريقية إلى التكفل باألمن اإلقليمي‪.‬‬

‫‪ -47‬عبد النور بن عنتر‪ ،‬عقيدة الجزائر األمنية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.04‬‬


‫‪142‬‬
‫استراتيجية مواجهة تهديدات األمن الوطني الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫إن موقف الجزائر القاضي بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وبعدم التدخل‬
‫األجنبي ال يمكن الثبات عليه في حال األزمات مرتفعة الحدة في دول الجوار (حالة مالي)‪.‬‬
‫حتى و إن كان التدخل يتسبب في مشاكل أمنية أكثر مما يقترح حلوال فإنه جنب‪ ،‬في الحالة‬
‫المالية‪ ،‬المنطقة قيام إمارة إرهابية‪ .‬بطبع تقدير مدى خطورة أي وضع أمنى مرهون‬
‫بمدركات التهديد والشواغل األمنية والمصالح البنيوية والظرفية‪ ،‬لذا تختلف مواقف الدول‬
‫باختالف األزمات وجغرافيتها وهذا ما يفسر تطور موقف الجزائر من التدخل في مالي‬
‫رفضته قبل أن تسايره وتدعمه لوجستيا‪.48‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬األمن الموسع كمدخل لبلورة العقيدة األمنية الجزائرية‬
‫اكتسى مفهوم األمن خالل العقدين األخريين العديد من الدالالت اإلضافية ويعد‬
‫باري بوزان أحد المنظرين البارزين ضمن هذا السياق فقد عرف األمن على أنه العمل‬
‫على التحرر من التهديد‪ .‬على المستوى الدولي يعني ذلك قدرة الدول والمجتمعات على‬
‫كيانها المستقبلي وتمسكها الوظيفي ضد قوى التغيير التي تعتبرها معادية‪ .‬أما على‬
‫المستوى الوطني فإنه يعني قدرة الدول على الحفاظ هويتها المستقلة ووحدتها الوظيفية‪.‬‬
‫كما يركز بوزان على خاصية التعقيد لهذا المفهوم وكذا خاصيته التركيبية‪ ،‬فهو مفهوم‬
‫واسع وضيق في آن واحد‪ ،‬ضيق عندما نحصره في الجوانب العسكرية فقط‪ ،‬وواسع‬
‫عندما نعني به قضايا تتعلق باالستقرار السياسي واالقتصادي واالجتماعي للدولة ببعديها‬
‫الداخلي والخارجي‪.49‬‬
‫فقد وسع رواد مدرسة كوبنهاجن أبعاد األمن بعدما كان يركز فقط على الجانب‬
‫العسكري للدولة ليشمل جوانب أخرى منها الجانب السياسي‪ ،‬االقتصادي‪ ،‬االجتماعي‬
‫والبيئي‪.‬‬
‫لقد واكب إعادة صياغة مفهوم األمن ظهور لمجموعة من التهديدات الجديدة التي‬
‫اتسع استخدامها في العشرية األخيرة من القرن العشرين والتي انبثقت عن تغيرات أخرى‬
‫كاالعتمادات المتبادلة الجديدة‪ ،‬التهديدات العابرة وتهديدات غير عسكرية من طبيعة‬
‫استراتيجية والتي تشترك كلها في أنها تصف وتعرف ظواهرا تختلف في طبيعتها عن‬
‫التهديدات العسكرية التقليدية وتلتقي التهديدات الجديدة مع التقليدية في مفهوم التهديد الذي‬
‫"يشير إلى أفعال تحمل خطرا ضد القيم تحتم اللجوء إلى العقاب"‪.50‬‬
‫إن شكل وطبيعة التهديدات األمنية‪ ،‬هي التي تحدد شكل العقيدة األمنية للدولة‪ ،‬فإذا‬
‫كانت تهديدات ذات طبيعة تقليدية فإنه يحتم على الدولة أن تبني عقيدتها األمنية للتعامل مع‬
‫هذه التهديدات من خالل التركيز على تطوير وزيادة حجم قوتها‪ ،‬أما إذا كانت التهديدات‬
‫ال تماثلية فعلى الدولة بناء عقيدة أمنية تتماشى مع متطلبات مواجهة هذه التهديدات‪.‬‬
‫فالعقيدة األمنية تعتبر المبدأ التوجيهي واإلطار النظري لصياغة االستراتيجية األمنية‬

‫‪ -‬عبد النور بن عنتر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.05‬‬


‫‪48‬‬

‫‪ -‬صالح زياني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.295‬‬


‫‪49‬‬

‫‪ -‬حسام حمزة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.50‬‬


‫‪50‬‬

‫‪143‬‬
‫استراتيجية مواجهة تهديدات األمن الوطني الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫للدولة‪ ،‬التي تتحدد عن طريق عدة عوامل تشمل التهديدات المحلية واإلقليمية والدولية‬
‫والجغرافيا والثقافة السياسية والقدرات العسكرية واإلمكانيات االقتصادية‪.‬‬
‫إال أنه و مع نهاية الثمانينات وما صاحبها من تحوالت عالمية وداخلية تمظهرت في‬
‫أحداث ‪ 05‬أكتوبر ‪1988‬دفعت الجزائر إلى إعادة صياغة بعض المبادئ التي تقوم عليها‬
‫عقيدتها األمنية لتواكب الترتيبات الجديدة في ظل عالم ما بعد الحرب الباردة‪ ،‬وتزامنت‬
‫فترة هذه التحوالت في الجزائر مع بروز ظاهرة العنف بعد توقيف المسار االنتخابي في‬
‫‪ ، 1992‬أمام هذه الظاهرة المعقدة تشابكت التحديات وتوسعت لترتبط بظاهرة اإلرهاب‬
‫والجريمة المنظمة ما استدعى إعادة صياغة العقيدة األمنية الجزائرية وفق مدركات‬
‫التهديدات الجديدة معتمدة على ميكانيزمات التعاون والتنمية والتشاور لمحاصرة هذه‬
‫التهديدات الجديدة بعد أن تعذر مواجهتها منفردة كونها ظاهرة عابرة للحدود يصعب‬
‫محاصرتها والقضاء عليها داخل الدولة‪.51‬‬
‫أما في ظل التحوالت التي أعقبت نهاية الحرب الباردة وازدياد عملية االعتماد‬
‫المتبادل اتجهت العقيدة األمنية الجزائرية لالرتكاز على عناصر جديدة وعلى رأسها‬
‫قضايا تتعلق بمحاربة اإلرهاب وتجارة المخدرات‪ ،‬وذلك باالنتقال من البعد الخارجي‬
‫كمحدد للعقيدة إلى البعد الداخلي الذي أثر بشكل واضح في صياغتها وأمام هذا المناخ‬
‫الذي يسوده التنافس والتوتر سعت الجزائر بحكم موقعها االستراتيجي إلى البروز كقوة‬
‫إقليمية ال غنى عنها في مكافحة اإلرهاب لما تمتلكه من قوة اقتصادية وعسكرية وبشرية‪،‬‬
‫وبفضل هذه المساعي تبرز بصفتها الشريك االستراتيجي القوي الذي يمكن االعتماد عليه‬
‫في رسم السياسات االمنية في المنطقة‪.52‬‬
‫إن التطورات التي يشهدها العالم في مختلف الميادين تساهم في بروز تهديدات‬
‫لألمن القومي الجزائري‪ ،‬وهي تهديدات تمس كال من مؤسسات الدولة وكذلك أفراد‬
‫المجتمع إذ أن تدني المستوى المعرفي وضعف المناهج الدراسية واستفحال حالة التسيب‬
‫وانعدام الجدية في المنظومة التربوية الجزائرية‪ ،‬والذي يقابله تطورا تكنولوجيا متناميا في‬
‫الدول المتقدمة يطرح بجد مشكلة مواكبة هذا التطور بفعل الهوة المعرفية الحاصلة‪.‬‬

‫‪ -‬عمر سعداوي‪ ،‬عقيدة األمن القومي الجزائري من منظور جيواستراتيجي‪ :‬قراءة في عملية تيقنتورين‪ ،‬مجلة الزائد المغاربي‪ ،‬ص ‪.52‬‬
‫‪51‬‬

‫‪ -‬أمين عباس‪ ،‬آسيا منى‪ ،‬تضامن مطلق مع الجزائر في التصدي لإلرهاب‪ ،‬جريدة الشعب‪ ،‬العدد ‪ ،16010‬جانفي ‪ ،2013‬ص ‪.02‬‬
‫‪52‬‬

‫‪144‬‬
‫الخاتمــــــــة‬

‫الخاتمة‪:‬‬
‫لقد شكل األمن على مر التاريخ الهاجس األكبر للدول التي اعتبرت ضمتن بقائها‬
‫واستمرارها من بين أولويات سياستها‪ ،‬فاألمن هدف تسعى إلية كل الدول كونه أحد وأهم‬
‫مقومات الحياة اإلنسانية أمام هذا االحتياج الملح يبرز دور األفراد والدولة والمؤسسات‬
‫والمنظمات اإلقليمية والعالمية في العملية األمنية إذا كان مفهوم األمن في السابق مرتبط‬
‫بمدى محافظة الدولة على كيانها العسكري‪ ،‬فمع نهاية الحرب الباردة تغير مضمونه من‬
‫الطابع العسكري التقليدي إلى الطابع الموسع والشامل والمتعدد المضامين‪ ،‬هذا التغير ارتبط‬
‫أساسا بفعل تحول طبيعة التهديدات األمنية حيث جمع باحثي الدراسات األمنية على أنها‬
‫التهديدات الالتماثلية التي تضاف إلى جانب التهديدات التقليدية‪ ،‬ومن هذا المنطلق فإن مسألة‬
‫األمن تقتضي هندسة وترتيبات أمنية إقليمية ودولية كفيلة بإيجاد حلول لإلشكاليات األمنية‬
‫الجديدة‪.‬‬
‫فالمالحظ أن تعدد مستويات األمن تبعا لتعدد مستويات حياة اإلنسان االجتماعية‬
‫والسياسية أمن الفرد‪ ،‬أمن األسرة‪ ،‬أمن القومي‪ ،‬أمن اإلقليمي‪ ،‬أمن الدولي وتعقد طبيعة‬
‫تهديدات األمن تبعا لطبيعة المعقدة والمركبة لمقتضيات تحقيق األمني نتيجة تداخل مناخي‬
‫الحياة وصعوبة الفصل بين ما هو اجتماعي عن ما هو سياسي واقتصادي‪ ،‬وما هو داخلي‬
‫عن ما هو خارجي‪ ،‬ما أمكن من تصنيف التهديدات إلى دولتية والدولتية‪.‬‬
‫ف األمن القومي ال يتحدد في إطار حدود إقليم الدولة بل يتجاوز إلى ما ورائها لما‬
‫يقتضيه ذلك من ضرورة وضع الدولة في إطار امتدادها الجيوسياسية للجزائر في الفضاء‬
‫المغربي واإلفريقي‪ ،‬ما انعكس عليها من أخطار وتهديدات أمنية جعلها تنوع من صنع‬
‫استراتيجيتها األمنية بالتعاون مع الدول الكبرى ودول الجوار‪ ،‬ومن هذا المنطلق نجد الحراك‬
‫الذي شهدته البلدان العربية بما فيها الدول المغاربية تونس‪ ،‬ليبيا أنتج أثار خطيرة مباشرة‬
‫وغير مباشرة على األمن القومي الجزائري إذ استوجب على هذه األخيرة الوقوف عندها‬
‫وتفعيل البناء الديمقراطي السليم والخروج من دائرة الشعارات هذا البناء يبقى أنجع السبل‬
‫وأقرب الطرق للوصول إلى بناء أمن قومي تقوم صالبته على شرعية السلطة ومشروعية‬
‫الحكم‪ .‬كما أن إفرازات األزمة الليبية ذات التهديدات األمنية من طبيعة الصلبة تمثلت في‬
‫الترويج الكبير وغير المتحكم في األسلحة ووصولها إلى الجماعات اإلرهابية وعصابات‬
‫المتاجرة بالسالح وجعل الساحل اإلفريقي سوق مفتوحة له وتزويد المتمردين في شمال مالي‬
‫به وما ينجم عنه من خطر مباشر وهو بروز إقامة دولة جديدة تقوم على أساس عرقي‬
‫(الطوارق)‪ .‬واستمرار خطر اإلرهاب في الساحل ومحاوالت التدخل األجنبي في منطقة‬
‫الجوار يؤدي إلى استنزاف الجزائر ماليا وعسكريا إذا تفجرت أزمة على مشارف حدودها‬
‫بتخصيص مبالغ إضافية واستثنائية لتأمين الحدود الوطنية سواء من الجهة الشرقية أو‬
‫الجنوبية المتداد الحدود وصعوبة المسالك مع التوتر المغربي الجزائري وانعكاس النزاع‬
‫الصحراوي هذا في مقاربة األمن الشامل لتهديدات التماثلية‪ ،‬أما مقاربة األمن اإلنساني‬
‫انطالقا من األمن الفردي لما يعيشه الفرد الجزائري من أجواء توتر نظرا لعدة ظروف منها‬

‫‪155‬‬
‫الخاتمــــــــة‬
‫أزمة السكن‪ ،‬أزمة الشغل و البيروقراطية‪ ،‬واألمن السياسي يتمثل في ضعف أداء الطبقة‬
‫السياسية ما يستوجب على اإلصالحات السياسية إلى تفعيل ممارساتي أكثر من مجرد‬
‫مجموعة من النصوص القانونية والتنظيمية ما يجعل المؤسسات السياسية قوية ال تقل‬
‫مشروعيتها عن مدى شرعيتها باعتبار ذلك أضمن ألمن لقومي‪ ،‬واألمن االجتماعي أصبح‬
‫المجتمع الجزائري يعاني الالأمن نتيجة تفشي الجرائم وانتشار الجريمة المنظمة ونقص‬
‫الوازع الديني أما األمن االقتصادي ضعيف نتيجة عدم بناء قاعدة اقتصادية ويتم شراء‬
‫االجتماعي نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات لكن مع تدهور أسعار النفط في األسواق العالمية‬
‫وما نالحظه اليوم إتباع سياسة التقشف وفرض الضرائب‪.‬‬
‫فقد عرفت العقيدة األمنية الجزائرية تطورات منذ االستقالل أين كان التهديد خارجيا‬
‫(المغرب)‪ ،‬ثم محليا (اإلرهاب الداخلي)‪ ،‬ثم إقليميا(اإلرهاب في المغرب العربي والساحل‬
‫اإلفريقي)‪ ،‬فالجزائر في مأزق صعب وهو تمزقها بين انضمامها للمبادرات األمنية‬
‫واستراتيجيات القوى الكبرى في المنطقة وبين قدرتها على الحفاظ على مقاربة استراتيجية‬
‫أمنية مستقلة كما كانت منذ االستقالل وهذا أمر صعب في ظل عولمة المخاطر والتهديدات‬
‫عقيدة الدفاع الوطني عرفت تطورا في السنوات األخيرة متأثرة بالوضع اإلقليمي المضطرب‬
‫خاصة بعد اعتداء تيقنتورين في الصحراء الجزائرية‪ ،‬أين أدركت قيادات الجيش الوطني‬
‫ضرورة تكييف قدرات القوات المسلحة بما يتناسب وتطور المخاطر المحدقة خاصة‬
‫باإلرهاب الذي ال يمكن مجابهته بترسانة ثقيلة من األسلحة أو بالفرق العسكرية الضخمة‬
‫وإنما بوحدات قليلة العدد وخفيفة الحركة وبأسلحة متطورة لكنها غير ثقيلة كالمروحيات‬
‫وأجهزة الرؤية الليلية‪...‬الخ‪.‬‬
‫التحدي الذي يواجه الدفاع الوطني في السنوات األخيرة كذلك كان تأمين الحدود‪،‬‬
‫فاألخيرة تعد رهان وتحديا أمام قوات الجيش الوطني الشعبي‪ ،‬ورغم كل اإلجراءات الجادة‬
‫التي اتخذتها الجزائر في هذا الصدد غير أنها لم تكن كافية بالنظر لحجم المخاطر العابرة‬
‫لحدودنا الشرقية والجنوبية والغربية والسبب الرئيسي في ذلك هو تهالك األجهزة األمنية‬
‫لدول المحيطة بالجزائر‪.‬‬
‫وتناولنا دور ومكانة الجزائر في الترتيبات األمنية المصاغة في منطقة المغرب العربي‬
‫والساحل اإلفريقي ومنطقة المتوسط وهذا من خالل بناء مبادرات أمنية في إطار مجال‬
‫التعاون فيما بين دول المنطقة تهدف من وراءها من تحقيق السلم واألمن رغم صعوبة‬
‫الوضع األمني في المنطقة (الساحل اإلفريقي‪ ،‬المغرب العربي)‪.‬‬
‫إن التحرك الجزائري يبدو محكوما باحترام سيادة الدول ووحدتها الترابية‪ ،‬وقد‬
‫حرصت الجزائر منذ سنوات على أن تكون وساطتها الدبلوماسية محكومة بمبدأ احترام‬
‫الوحدة الترابية لدول الجوار وال يزال هذا المبدأ مقدسا في نظر الجزائر‪.‬‬
‫باإلضافة إلى التنويه تحقيق األمن يكون بمواجهة التحديات والتهديدات الداخلية المتمثلة‬
‫في تحقيق االستقرار السياسي وتحقيق التنمية المتوازنة والعادلة باإلضافة إلى مواجهة‬
‫التهديدات ب دول الجوار من خالل العمل الجماعي في ظل تفعيل اتحاد اإلفريقي مع إعادة‬

‫‪156‬‬
‫الخاتمــــــــة‬
‫بعث جامعة الدول العربية‪ ،‬أما على المستوى الدولي كسب حلفاء استراتيجيين لمواجهة‬
‫التهديدات الدولية‪.‬‬

‫‪157‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫قائمة المراجع‬
‫القرآن الكريم‬
‫‪ .1‬سورة قريش‪ ،‬اآليتان رقم ‪ 3‬و‪.4‬‬
‫‪ .2‬سورة النور‪ ،‬اآلية ‪.55‬‬
‫‪ .3‬سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.83‬‬
‫أ‪ .‬اللغة العربية‬
‫‪ .I‬المصادر‬
‫‪ ‬الموسوعات والمعاجم‬
‫‪ .1‬وضاحزيتونعبدالمنان‪،‬المعجمالسياسي‪،‬عمان‪ :‬دارأسامةللنشروالتوزيع‪.2006،‬‬
‫‪ .2‬عبدالوهابالكياليوآخرون‪،‬الموسوعةالسياسية‪،‬لبنان‪ :‬المؤسسةالعربيةللدراساتوالنشر‪.1979،‬‬
‫‪ ‬الوثائق الرسمية‬
‫‪ .1‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬أمر رقم ‪ 01-11‬مؤرخ في ‪ 23‬فيفري‪ 2011‬يتضمن‬
‫رفع حالة الطوارئ‪ ،‬الجريدة الرسمية‪،‬العدد ‪،12‬الصادر بتاريخ ‪ 23‬فيفري ‪.2011‬‬
‫‪ .2‬الجمهوريةالجزائريةالديمقراطيةالشعبية‪،‬دستور ‪2008‬م‪،‬الجريدةالرسمية‪،‬ع ‪،63‬المؤرخفي ‪،16‬‬
‫‪،2008 ،11‬المادة ‪.26‬‬
‫الكتب‬ ‫‪.II‬‬
‫أبو الفضل جمال الدين ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ط‪ ،7‬بيروت‪ :‬دار صادر‪.2011 ،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫أعمر أحمد قدور‪ ،‬شكل الدولة وأثره في تنظيم مرفق األمن‪ ،‬القاهرة‪ :‬مكتبة مدبولي‪.1994 ،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫مجموعة من المؤلفين‪ ،‬تعميق الوعي األمني لدى المواطن العربي‪ ،‬الرياض‪ :‬أكاديمية العربية‬ ‫‪.3‬‬
‫للعلوم األمنية‪.1998 ،‬‬
‫روبرت ماكنمارا‪ ،‬جوهر األمن‪ ،‬تر‪ :‬يوسف شاهين‪ ،‬مصر‪ :‬الهيئة المصرية العامة للتأليف‬ ‫‪.4‬‬
‫والنشر‪.1970 ،‬‬
‫تيد روبرت غير‪ ،‬لماذا يتمرد البشر‪ ،‬تر‪ :‬مركز الخليج لألبحاث‪ ،‬اإلمارات العربية المتحدة‪،‬‬ ‫‪.5‬‬
‫‪.2004‬‬
‫معمر بوزنادة‪ ،‬المنظمات اإلقليمية ونظام األمن الجماعي‪ ،‬الجزائر‪ :‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬ ‫‪.6‬‬
‫‪.1992‬‬
‫صالح الدين حافظ‪ ،‬صراع القوى حول القرن اإلفريقي‪ ،‬الكويت‪ :‬المجلس الوطني للثقافة‬ ‫‪.7‬‬
‫والقانون واألدب‪.1990 ،‬‬
‫باسم الطاوسي‪ ،‬األمن القومي العربي‪ :‬اإلدراك السياسي لمصادر تهديد األمن وجهة نظر‬ ‫‪.8‬‬
‫المثقفين في األردن‪ ،‬عمان‪ :‬دار سنباد للنشر‪.1997 ،‬‬
‫مدحت أيوب‪ ،‬األمن القومي العربي في عالم متغير بعد أحداث ‪11‬سبتمبر ‪ ،2001‬القاهرة‪ :‬مكتبة‬ ‫‪.9‬‬
‫مديولي‪.2003 ،‬‬
‫إسماعيل صبري مقلد‪ ،‬العالقات السياسية الدولية‪ :‬دراسة في األصول والنظريات‪ ،‬الكويت‪ :‬دار‬ ‫‪.10‬‬
‫السالسل‪.1984 ،‬‬
‫الحراني ميالد مفتاح‪ ،‬تحديات األمن القومي في غرب المتوسط‪ :‬دراسة نقدية لألمن وتحديات‬ ‫‪.11‬‬
‫البيئة األمنية وديناميكياتها في إقليم غرب المتوسط‪ ،‬السليمانية‪ :‬مركز كردستان للدراسات‬
‫االستراتيجية‪.2013 ،‬‬
‫‪160‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫طبوش سفيان‪ ،‬الشراكة األورو متوسطية في ظل التحديات األمنية الراهنة‪ ،‬عمان‪ :‬دار األيام‬ ‫‪.12‬‬
‫للنشر والتوزيع‪.2019 ،‬‬
‫محمد سعد أبو عامود‪ ،‬العلوم السياسية في إطار الكونية‪ ،‬اإلسكندرية‪ :‬المكتب الجامعي الحديث‪،‬‬ ‫‪.13‬‬
‫‪.2005‬‬
‫أمين هويدي‪ ،‬أزمة األمن القومي العربي‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الشروق‪.1991 ،‬‬ ‫‪.14‬‬
‫ممدوح شوقي‪ ،‬مصطفى كامل‪ ،‬األمن القومي واألمن الجماعي الدولي‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار النهضة‬ ‫‪.15‬‬
‫العربية للنشر والتوزيع‪.1985 ،‬‬
‫جميل مطر‪ ،‬علي الدين هالل‪ ،‬النظام اإلقليمي العربي‪ :‬دراسة في العالقات السياسية العربية‪ ،‬ط‬ ‫‪.16‬‬
‫‪ ،6‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪.1999 ،‬‬
‫محمد صالح سالم‪ ،‬العراق ماذا جرى‪ :‬احتماالت المستقبل‪ ،‬مصر‪ :‬عين الدراسات والبحوث‬ ‫‪.17‬‬
‫اإلنسانية واالجتماعية‪.2003 ،‬‬
‫محمد نبيل فؤاد‪ ،‬حلف الشمال األطلسي(الناتو)‪ :‬النظام العالمي األحادي ومشروع الشرق‬ ‫‪.18‬‬
‫األوسط الكبير‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الجمهورية للصحافة‪.2007 ،‬‬
‫محمد حسين هيكل‪ ،‬الزمن األمريكي‪ :‬من نيويورك إلى كابول‪ ،‬ط‪ ،4‬القاهرة‪ :‬الشركة المصرية‬ ‫‪.19‬‬
‫للنشر‪.2003 ،‬‬
‫زايد عبيد هللا مصباح‪ ،‬السياسة الدولية بين النظرية والممارسة‪ ،‬ليبيا‪ :‬دار الرواد‪.2002 ،‬‬ ‫‪.20‬‬
‫شيبي لخميسي‪ ،‬األمن الدولي والعالقة بين منظمة حلف الشمال األطلسي والدول العربية فترة ما‬ ‫‪.21‬‬
‫بعد الحرب الباردة ‪ ،2008-1991‬القاهرة‪ :‬المكتبة العصرية للنشر والتوزيع‪.2010 ،‬‬
‫وليد عبد الحي‪ ،‬تحول المسلمات في النظرية العالقات الدولية‪ ،‬الجزائر‪ :‬مؤسسة الشروق لإلعالم‬ ‫‪.22‬‬
‫والنشر‪.1994 ،‬‬
‫مارتن غيفيش وآخرون‪ ،‬المفاهيم األساسية في العالقات الدولية‪ ،‬تر‪ :‬مركز الخليج لألبحاث‪،‬‬ ‫‪.23‬‬
‫دبي‪ :‬مركز الخليج لألبحاث‪.2008 ،‬‬
‫جيمس دوروثي‪ ،‬روبرت بلتسغراف‪ ،‬النظريات المتضاربة في العالقات الدولية‪ ،‬تر‪ :‬وليد عبد‬ ‫‪.24‬‬
‫الحي‪ ،‬بيروت‪ :‬المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر‪.1985 ،‬‬
‫عامر مصباح‪ ،‬االتجاهات النظرية في العالقات الدولية‪ ،‬الجزائر‪ :‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬ ‫‪.25‬‬
‫‪.2006‬‬
‫مبروك غضبان‪ ،‬المدخل للعالقات الدولية‪ ،‬الجزائر‪ :‬شركة باتنسيت‪.2005 ،‬‬ ‫‪.26‬‬
‫ستيف سميث‪ ،‬جون بيليس‪ ،‬عولمة السياسة العالمية‪ ،‬تر‪ :‬مركز الخليج لألبحاث‪ ،‬اإلمارات‬ ‫‪.27‬‬
‫العربية المتحدة‪ :‬مركز الخليج لألبحاث‪.2004 ،‬‬
‫قوجيلي سيد أحمد‪ ،‬تطور الدراسات األمنية "معضلة التطبيق في العالم العربي"‪ ،‬اإلمارات‬ ‫‪.28‬‬
‫العربية المتحدة‪ :‬مركز اإلمارات للدراسات والبحوث االستراتيجية‪.2012 ،‬‬
‫جهادة عودة‪ ،‬النظام الدولي‪ :‬نظريات واشكاليات‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار الهدى للنشر والتوزيع‪.2005 ،‬‬ ‫‪.29‬‬
‫ياسر األيوبي‪ ،‬النظرية العامة لألمن‪ :‬نحو علم االجتماع األمني‪ ،‬طرابلس‪ :‬المؤسسة الحديثة‬ ‫‪.30‬‬
‫للكتاب‪.2008 ،‬‬
‫محمد عابد الجابري‪ ،‬قضايا في الفكر المعاصر‪ ،‬ط‪ ،3‬بيروت‪ :‬دراسات الوحدة العربية‪.2007 ،‬‬ ‫‪.31‬‬
‫فرانسيس فوكوياما‪ ،‬نهاية التاريخ‪ ،‬تر‪ :‬حسين أحمد أمين‪ ،‬القاهرة‪ :‬مركز األهرام للترجمة‬ ‫‪.32‬‬
‫والنشر‪.1993 ،‬‬
‫محمد طه بدوي‪ ،‬مدخل إلى العالقات الدولية‪ ،‬بيروت‪ :‬دار النهضة‪.1990 ،‬‬ ‫‪.33‬‬
‫عدنان حسين‪ ،‬نظرية العالقات الدولية‪ ،‬بيروت‪ :‬الجامعة اللبنانية‪.2003 ،‬‬ ‫‪.34‬‬

‫‪161‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫‪ .35‬محمد السيد سليم‪ ،‬تحليل السياسة الخارجية‪ ،‬مركز البحوث والدراسات السياسية‪ ،‬جامعة القاهرة‪،‬‬
‫كلية االقتصاد والعلوم السياسية‪.1989 ،‬‬
‫‪ .36‬موريس دوفرجيه‪ ،‬مدخل إلى علم السياسة‪ ،‬تر‪ :‬األتاسي وسامي الدروبي‪ ،‬دمشق‪ :‬دار دمشق‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع‪.1992 ،‬‬
‫‪ .37‬عدنان السيد حسين‪ ،‬الجغرافيا السياسية واالقتصادية والسكانية للعالم المعاصر‪ ،‬ط‪ ،2‬بيروت‪:‬‬
‫المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪.1996 ،‬‬
‫‪ .38‬بهجت قرني وآخرون‪ ،‬السياسات الخارجية للدول العربية‪ ،‬تر‪ :‬جابر سعيد عوض‪ ،‬القاهرة‪:‬‬
‫مركز البحوث والدراسات السياسية‪.2002 ،‬‬
‫‪ .39‬مقدم محمد‪ ،‬القاعدة في بالد اإلسالمي‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار القصبة للنشر‪.2002 ،‬‬
‫‪ .40‬سليمان الرياشي وآخرون‪ ،‬األزمة الجزائرية‪ :‬الخلفيات السياسية واالجتماعية واالقتصادية‬
‫والثقافية‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪.1993 ،‬‬
‫‪ .41‬ناجي عبد النور‪ ،‬النظام السياسي الجزائري من األحادية إلى التعددية السياسية‪ ،‬الجزائر‪:‬‬
‫منشورات جامعة ‪ 8‬ماي ‪.2006 ،1945‬‬
‫‪ .42‬سعيد بوشعير‪ ،‬النظام السياسي الجزائري‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار الهدى‪.1990 ،‬‬
‫‪ .43‬محمد بلقاسم حسن بهلول‪ ،‬الجزائر بين األزمة االقتصادية واألزمة السياسية‪ ،‬الجزائر‪ :‬مطبعة‬
‫دحلب‪.1993 ،‬‬
‫‪ .44‬علي الدين هالل ونيفين سعد‪ ،‬النظم السياسية العربية‪ :‬قضايا االستمرار والتغيير‪ ،‬ط‪ ،2‬بيروت‪:‬‬
‫مركز الدراسات الوحدة العربية‪.2002 ،‬‬
‫‪ .45‬محمد حليم لمام‪ ،‬ظاهرة الفساد السياسي في الجزائر‪ :‬األسباب واآلثار واإلصالح‪ ،‬بيروت‪:‬‬
‫مركز دراسات الوحدة العربية‪.2011 ،‬‬
‫‪ .46‬خميس حزام والي‪ ،‬إشكالية الشرعية في األنظمة العربية‪ :‬مع اإلشارة إلى تجربة الجزائر‪،‬‬
‫بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪.2003 ،‬‬
‫‪ .47‬حسين توفيق إبراهيم‪ ،‬النظم السياسية العربية‪ :‬االتجاهات الحديثة في دراستها‪ ،‬ط‪ ،2‬بيروت‪:‬‬
‫مركز دراسات الوحدة العربية‪.2008 ،‬‬
‫‪ .48‬الحميد براهيمي‪ ،‬المغرب العربي في مفترق الطرق في ظل التحوالت العالمية‪ ،‬لبنان‪ :‬مركز‬
‫دراسات الوحدة العربية‪.1996 ،‬‬
‫‪ .49‬هني أحمد‪ ،‬اقتصاد الجزائر‪ ،‬الجزائر‪ :‬ديوان المطبوعات الجزائرية‪ ،‬د س ن‪.‬‬
‫‪ .50‬قدي عبد المجيد‪ ،‬المدخل إلى السياسات االقتصادية الكلية دراسة تحليلية تقييمية‪ ،‬الجزائر‪:‬‬
‫ديوان المطبوعات الجامعية‪.2003 ،‬‬
‫‪ .51‬رعد حسن الصرن‪ ،‬صناعة التنمية اإلدارية في القرن الحادي والعشرين‪ ،‬دمشق‪ :‬دار الرضا‬
‫للنشر‪.2002 ،‬‬
‫‪ .52‬العياشي عنصر‪ ،‬سوسيولوجيا األزمة الراهنة في الجزائر‪ ،‬في سليمان الرياشي وآخرون‪ ،‬األزمة‬
‫واالجتماعيةواالقتصاديةوالثقافية‪،‬ط‪،2‬بيروت‪:‬‬ ‫السياسية‬ ‫الخلفيات‬ ‫الجزائرية‪:‬‬
‫مركزالوحدةالعربية‪1999 ،‬‬
‫‪ .53‬إسماعيل معرف‪ ،‬الصحراء الغربية في األمم المتحدة والحديث عن الشرعية الدولية‪ ،‬الجزائر‪:‬‬
‫دار الهومة‪.2010 ،‬‬
‫‪ .54‬بطرس بطرس غالي‪ ،‬العالقات الدولية في إطار منظمة الوحدة اإلفريقية‪ ،‬القاهرة‪ :‬المكتبة األنجلو‬
‫المصرية‪.1974 ،‬‬
‫‪ .55‬بطرس بطرس غالي‪ ،‬الجامعة العربية وتسوية المنازعات المحلية‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الطباعة الحديثة‪،‬‬
‫‪.1997‬‬
‫‪162‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫‪ .56‬محمد ادريس‪ ،‬مجلس التعاون الخليجي والثورات العربية‪ ،‬القاهرة‪ :‬مركز األهرام للدراسات‬
‫السياسية واالستراتيجية‪.2010 ،‬‬
‫‪ .57‬عمر لعبيدي‪ ،‬مشكلة الصحراء الغربية في السياسية اإلقليمية لجامعة الدول العربية‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار‬
‫الطبع‪.2012 ،‬‬
‫‪ .58‬أحمد أحمد‪ ،‬نيفين مسعد‪ ،‬حالة األمة‪ :‬رياح التغيير ‪ ،2011-2010‬بيروت‪ :‬مركز الدراسات‬
‫العربية‪.2011 ،‬‬
‫‪ .59‬جميل مطر وعلي الدين هالل‪ ،‬النظام اإلقليمي العربي‪ :‬دراسات في العالقات السياسية العربية‪،‬‬
‫بيروت‪ :‬مركز الدراسات الوحدة العربية‪.1980 ،‬‬
‫‪ .60‬شاكر الحاج‪ ،‬اإلرهاب بين التوراة والقرآن‪ ،‬بيروت‪ :‬مؤسسة المعارف للطباعة والنشر‪ ،‬د س ن‪.‬‬
‫‪ .61‬أحمد جالل عز الدين‪ ،‬اإلرهاب والعنف السياسي‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الحرية للصحافة والطباعة والنشر‪،‬‬
‫‪.1986‬‬
‫‪ .62‬فرغلي هارون‪ ،‬اإلرهاب العولمي وانهيار اإلمبراطورية األمريكية‪ ،‬تر‪ :‬سامي فريد‪ ،‬دار الوافي‬
‫للنشر‪.2006 ،‬‬
‫‪ .63‬إيريك موريس وآالن هو‪ ،‬اإلرهاب التهديد والرد عليه‪ ،‬تر‪ :‬أحمد حمدي محمود‪ ،‬القاهرة‪ :‬الهيئة‬
‫المصرية العامة للكتاب‪.2001 ،‬ن‬
‫‪ .64‬لونيسي رابح‪ ،‬الجزائر في دوامة الصراع بين العسكريين والسياسيين‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار المعرفة‪،‬‬
‫‪.1999‬‬
‫‪ .65‬أبو الحسن السالم‪ ،‬اإلرهاب في وسائل اإلعالم‪ ،‬مصر‪ :‬دار الوفاء للطباعة والنشر‪.2005 ،‬‬
‫‪ .66‬إمام حسين خليل‪،‬نحو اتفاق دولي لتعريف اإلرهاب‪ :‬الجرائم اإلرهابية في التشريعات المقارنة‪،‬‬
‫مصر‪ :‬مركز الخليج للدراسات االستراتيجية‪.2008 ،‬‬
‫‪ .67‬تلميد أحمد‪ ،‬تداعيات ظهور داعش على األمن اإلقليمي‪ ،‬أبو ظبي‪ :‬مركز اإلمارات للدراسات‬
‫والبحوث االستراتيجية‪.2014 ،‬‬
‫‪ .68‬مصطفى المرابط وآخرون‪ ،‬تكلفة عدم إنجاز مشروع االتحاد المغاربي‪ ،‬بيروت‪ :‬الدار العربية‬
‫للعلوم‪.2011 ،‬‬
‫‪ .69‬تلين سميث‪ ،‬أساسيات علم السكان‪ ،‬تر‪ :‬محمد السيد غالب وآخرون‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الفكر العربي‪،‬‬
‫‪.1971‬‬
‫‪ .70‬إلياس عبد الرزاق‪ ،‬هجرة األدمغة العربية‪ ،‬بيروت‪ :‬المؤسسة العربية للدراسات والنشر‪.1972 ،‬‬
‫‪ .71‬علي عبد الرزاق حلبي‪ ،‬علم اجتماع السكان‪ ،‬ط‪ ،4‬اإلسكندرية‪ :‬دار المعرفة الجامعية‪.2005 ،‬‬
‫‪ .72‬حسين المحمدي بوادي‪ ،‬تجربة مكافحة اإلرهاب‪ ،‬مصر‪ :‬دار الفكر الجامعية‪.2006 ،‬‬
‫‪ .73‬علي يوسف شكري‪ ،‬اإلرهاب الدولي في ظل النظام العالمي الجديد‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار السالم الحديث‪،‬‬
‫‪.2007‬‬
‫‪ .74‬محسن عبد الحميد أحمد‪ ،‬التعاون العربي والتحديات األمنية‪ ،‬الرياض‪ :‬مركز الدراسات والبحوث‪،‬‬
‫‪.1999‬‬
‫‪ .75‬علي محمد علي‪ ،‬أوروبا آمنة في عالم أفضل‪ :‬االستراتيجية األمنية األوروبية‪ ،‬لوكسمبورغ‪:‬‬
‫مكتب إصدارات االتحاد األوروبي‪.2010 ،‬‬
‫‪ .76‬عثمان الحسين محمد نور‪ ،‬ياسر عوض الكريم المبارك‪ ،‬الهجرة غير الشرعية والجريمة‪ ،‬األردن‪:‬‬
‫دار الحامد للنشر والتوزيع‪.2014 ،‬‬
‫‪ .77‬إسماعيل صبري مقلد‪ ،‬منظمة شمال األطلسي‪ ،‬الكويت‪ :‬مؤسسة الصباح‪.1990 ،‬‬
‫‪ .78‬نزار إسماعيل‪ ،‬دور حلف شمال األطلسي بعد انتهاء الحرب الباردة‪ ،‬اإلمارات العربية المتحدة‪:‬‬
‫مركز اإلمارات للدراسات والبحوث االستراتيجية‪.2003 ،‬‬
‫‪163‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫‪ .79‬عبد الواحد أكمير‪ ،‬الحضور المغاربي‪-‬األوروبي في إفريقيا الغربية‪ ،‬في أحمد المبارك وآخرون‪،‬‬
‫العرب والدائرة اإلفريقية‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪.2005 ،‬‬
‫‪ .80‬حسن اإلمام سيد األهل‪ ،‬مكافحة الهجرة غير الشرعية على ضوء المسؤولية الدولية وأحكام‬
‫القانون الدولي للبحار‪ ،‬اإلسكندرية‪ :‬دار الفكر الجامعي‪.2014 ،‬‬
‫‪ .81‬عماد جاد‪ ،‬حلف األطلنطي‪ :‬مهام جديدة في بيئة أمنية مغايرة‪ ،‬القاهرة‪ :‬مركز الدراسات السياسية‬
‫واالستراتيجية‪.1998 ،‬‬
‫‪ .82‬ثناء فؤاد عبد هللا‪ ،‬الدولة والقوة االجتماعية في الوطن العربي‪ ،‬بيروت‪ :‬دراسات الوحدة العربية‪،‬‬
‫‪.2001‬‬
‫‪ .83‬حسين توفيق براهيم‪ ،‬التحول الديمقراطي والمجتمع المدني في مصر‪ ،‬القاهرة‪ :‬مركز البحوث‬
‫والدراسات السياسية‪.2006 ،‬‬
‫‪ .84‬أنور بوخرص‪ ،‬العنف السياسي في شمال إفريقيا‪ ،‬الدوحة‪ :‬مركز بروكنجر‪.2011،‬‬
‫‪ .85‬عبد هللا بن دعيدة‪ ،‬التجربة الجزائرية في اإلصالحات االقتصادية‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز الدراسات الوحدة‬
‫العربية‪.1999 ،‬‬
‫‪ .86‬برقوق سالم‪ ،‬االستراتيجية الفرنسية في المغرب العربي‪ ،‬الجزائر‪ :‬طاكسيج كوم للدراسات والنشر‬
‫والتوزريع‪.2009 ،‬‬
‫‪ .87‬إسماعيل قيرة وآخرون‪ ،‬مستقبل الديمقراطية في الجزائر‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز الوحدة العربية‪.2001 ،‬‬
‫‪ .88‬زكي الميالد‪ ،‬المسألة الحضرية‪ ،‬بيروت‪ :‬المركز الثقافي العربي‪.1999 ،‬‬
‫‪ .89‬بوقنطار الحسان‪ ،‬السياسة العربية للمملكة المغربية‪ ،‬مالطا‪ :‬مركز الدراسات العربي األوروبي‪،‬‬
‫‪.1997‬‬
‫‪ .90‬تاج مهدي‪ ،‬المستقبل الجيوسياسي للمغرب والساحل اإلفريقي‪ ،‬مركز الجزيرة للدراسات‪.2011 ،‬‬
‫‪ .91‬بوقارة حسين‪ ،‬إشكاليات مسار التكامل المغرب العربي‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار الهومة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫‪.2010‬‬
‫‪ .92‬عبيد هناء‪ ،‬العولمة‪ ،‬القاهرة‪ :‬مركز الدراسات السياسية واالستراتيجية‪.2001 ،‬‬
‫المجاالت العلمية‪.‬‬ ‫‪.III‬‬
‫علي فايز الجحني‪ ،‬لمحات في التخطيط االستراتيجي‪ :‬رؤية أمنية‪ ،‬المجلة العربية لدراسات‬ ‫‪.1‬‬
‫األمنية والتدريب‪ ،‬المجلد ‪ ،11‬العدد ‪.21‬‬
‫منذر سليمان‪ ،‬نحو إعادة صياغة مفهوم األمن القومي العربي ومرتكزاته‪ ،‬مجلة مقاربات‪ ،‬العدد‬ ‫‪.2‬‬
‫‪.2008 ،15-14‬‬
‫سليمان عبد هللا الحربي‪ ،‬مفهوم األمن‪ :‬مستوياته وصيغه وتهديداته‪ :‬دراسة نظرية في المفاهيم‬ ‫‪.3‬‬
‫واألطر‪ ،‬مجلة العربية للعلوم السياسية‪ ،‬بيروت‪ ،‬العدد ‪.19‬‬
‫بن صايم بونوار‪ ،‬مفهوم األمن‪ :‬دراسة في تاريخ التضمين السياسي للمفهوم‪ ،‬مجلة العلوم‬ ‫‪.4‬‬
‫القانونية واإلدارية والسياسية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة تلمسان‪ ،‬الجزائر‪.2004 ،‬‬
‫بن عنتر عبد النور‪ ،‬تطور مفهوم األمن في العالقات الدولية‪ ،‬السياسة الدولية‪ ،‬القاهرة‪ :‬مركز‬ ‫‪.5‬‬
‫األهرام للدراسات االستراتيجية‪ ،‬العدد ‪.2005 ،160‬‬
‫سالطنية بلقاسم‪ ،‬قيرة إسماعيل‪ ،‬غربي علي‪ ،‬المجتمع العربي‪ :‬التحديات الراهنة وآفاق المستقبل‪،‬‬ ‫‪.6‬‬
‫قسنطينة‪ :‬منشورات جامعة منتوري‪.1997 ،‬‬
‫زايد عبيد هللا مصباح‪ ،‬اتحاد المغرب العربي‪ :‬الطموح والواقع‪ ،‬المستقبل العربي‪ ،‬العدد ‪،236‬‬ ‫‪.7‬‬
‫بيروت‪.1998 :‬‬

‫‪164‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫‪ .8‬ماجد عمران‪ ،‬فيصل كلثوم‪ ،‬السيادة في ظل الحماية الدولية لحقوق االنسان‪ ،‬مجلة جامعة دمشق‬
‫للعلوم االقتصادية والقانونية‪ ،‬المجلد ‪ ،27‬العدد ‪.2011 ،1‬‬
‫‪ .9‬رؤوف بوسعدية‪ ،‬دور الدبلوماسية الجزائرية في حل النزاعات اإلقليمية‪ ،‬مجلة الباحث للدراسات‬
‫األكاديمية‪ ،‬العدد ‪.2016 ،9‬‬
‫‪ .10‬مبروك كاهي‪ ،‬إدارة األزمة‪ :‬دراسة مقارنة بين المجلس األعلى للدولة في الجزائر والمجلس‬
‫األعلى للقوات المسلحة في مصر "حالة شغور مؤسسات الدولة"‪ ،‬المجلة اإلفريقية للعلوم‬
‫السياسية‪.2013 ،‬‬
‫‪ .11‬فريد بوراس‪ ،‬التحديات األمنية في الساحل اإلفريقي وتأثيرها على األمن الوطني‪ ،‬مجلة المدرسة‬
‫العليا الحربية‪ ،‬العدد ‪.2009 ،2‬‬
‫‪ .12‬شريف زراد‪ ،‬مجلة الجيش‪.2009 ،‬‬
‫‪ .13‬زياني صالح‪ ،‬تحوالت العقيدة األمنية الجزائرية ظل تنامي تهديدات العولمة‪ ،‬مجلة المفكر‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،5‬د س ن‪.‬‬
‫‪ .14‬فاروق أبو سراج‪ ،‬النظام السياسي الجزائري‪ :‬دراسة مقارنة للنظام الجمهوري‪ ،‬الرئاسي‪ ،‬البرلماني‬
‫الفرص والبدائل‪ ،‬مجلة دراسات استراتيجية‪ ،‬العدد ‪ ،02‬الجزائر‪.2006 ،‬‬
‫‪ .15‬بوعنقة علي وعبد العالي دبلة‪ ،‬الدولة وطبيعة الحكم في الجزائر‪ ،‬المستقبل العربي‪ ،‬العدد ‪،225‬‬
‫بيروت‪.1997 ،‬‬
‫‪ .16‬فرحاتي عمر‪ ،‬النظم السياسية بين الثبات وإيجابية التغيير‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬العدد ‪.2002 ،2‬‬
‫‪ .17‬ركاش جهيدة‪ ،‬قسايسية الياس‪ ،‬التحديات الثقافية واالجتماعية للتنمية السياسية في الجزائر وآليات‬
‫تفعيلها‪ ،‬جامعة حسيبة بن بوعلي الشلف‪.‬‬
‫‪ .18‬كنوش عاشور‪ ،‬بلعزوز بن علي‪ ،‬الغاز الطبيعي الجزائري ورهانات السوق الغازية‪ ،‬مجلة‬
‫اقتصاديات شمال إفريقيا‪ ،‬العدد ‪.02‬‬
‫‪ .19‬بن قانة إسماعيل‪ ،‬االقتصاد الكلي الجزائري‪ :‬رؤية قياسية مستقبلية‪ ،‬مجلة الباحث‪ ،‬العدد ‪،8‬‬
‫‪.2010‬‬
‫‪ .20‬سكري عز الدين‪ ،‬عملية التحول لتعدد األحزاب‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪ ،‬العدد ‪ ،98‬القاهرة‪ :‬مركز‬
‫األهرام للدراسات السياسية واالستراتيجية‪.1989 ،‬‬
‫‪ .21‬زياني صالح‪ ،‬أمال حجيج‪ ،‬األمن الثقافي واالجتماعي الجزائري‪ ،‬السياسات واآلفاق‪ ،‬المجلة‬
‫الجزائرية لالتصال‪ ،‬العدد‪ ، 21‬قسم علوم اإلعالم واالتصال وقسم العلوم السياسية واإلعالم‪ ،‬جامعة‬
‫الجزائر‪.‬‬
‫‪ .22‬أحمد يوسف أحمد‪ ،‬نيفين مسعد‪ ،‬حال األمة ‪ :2013-2012‬مستقبل التغيير في الوطن العربي‪:‬‬
‫مخاطر داعمة‪ ،‬المستقبل العربي‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬العدد ‪.2013 ،414‬‬
‫‪ .23‬عبد الرحيم المنار سليمي‪ ،‬الواليات المتحدة وقضية الصحراء‪ :‬جدلية الدعم والتخلي عن الحليف‬
‫المغربي بحجة الشرعية الدولية‪ ،‬مركز كارينغي‪ :‬العدد ‪.2009 ،16‬‬
‫‪ .24‬إبتسام فوزي‪ ،‬من المسؤول عن تمويل داعش‪ ،‬القدس العربي‪ ،‬العدد ‪.2014 ،27‬‬
‫‪ .25‬عبد الواحد أكمير‪ ،‬الربيع العربي والهجرة غير القانونية في البحر األبيض المتوسط‪ ،‬المستقبل‪،‬‬
‫العدد ‪.2015 ،433‬‬
‫‪ .26‬نجالء سمكية‪ ،‬سارايكي وآخرون‪ ،‬الهجرة واللجوء في بلدان المغرب العربي‪ ،‬الشبكة األوروبية‬
‫لحقوق اإلنسان‪ ،‬العدد ‪.2010 ،16‬‬
‫‪ .27‬محمود عبد السالم‪ ،‬األسلحة النووية وعالم القرن الحادي والعشرين‪ ،‬السياسة الدولية‪ ،‬العدد‬
‫‪.2005 ،161‬‬

‫‪165‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫‪ .28‬محمد حسون‪ ،‬االستراتيجية التوسعية لحلف الناتو وأثرها على األمن القومي العربي‪ ،‬مجلة‬
‫جامعة دمشق للعلوم االقتصادية والقانونية‪ ،‬العدد ‪.2010 ،2‬‬
‫‪ .29‬أدمام شهرزاد‪ ،‬الطبيعة الالتماثلية للتهديدات األمنية الجديدة‪ ،‬مجلة الندوة للدراسات القانونية‪،‬‬
‫العدد ‪.2013 ،1‬‬
‫‪ .30‬بن عنتر عبد النور‪ ،‬الحوار األمني األطلسي الشراكة األمريكية الجزائرية‪ ،‬مجلة شؤون األوسط‪،‬‬
‫العدد ‪.1999 ،83‬‬
‫‪ .31‬بن عنتر عبد النور‪ ،‬األطلسية الجديدة في المتوسط وانعكاساتها على األمن العربي‪ ،‬مجلة شؤون‬
‫األوسط‪ ،‬العدد ‪.1997 ،47‬‬
‫‪ .32‬مركزالجزيرةللدراسات‪،‬ليبياالتحدياتاألمنيةوانعكاساتهاعلىالعمليةالسياسية‪.2013 ،‬‬
‫‪ .33‬جريبي رضوان‪ ،‬ألجل تمتين التعاون اإلقليمي‪ ،‬مجلة الجيش‪ ،‬العدد ‪ ،574‬الجزائر‪ :‬مؤسسة‬
‫المنشورات العسكرية‪2011 ،‬‬
‫‪ .34‬سليم الحص‪ ،‬العروبة والعولمة‪ ،‬المستقبل العربي‪ ،‬العدد ‪.2006 ،326‬‬
‫‪ .35‬قاسم محمد‪ ،‬الجزائر والديمقراطية‪ ،‬الصباح‪ ،‬العدد ‪.1998 ،01‬‬
‫‪ .36‬أحمد طه محمد‪ ،‬األبعاد السياسية بين أوروبا وإفريقيا‪ ،‬السياسة الدولية‪ ،‬العدد ‪.2002 ،141‬‬
‫‪ .37‬مليكة أيت عميرات‪ ،‬قمة برشلونة‪ :‬إفريقيا تسمع صوتها‪ ،‬مجلة الجيش‪ ،‬العدد ‪.2000 ،536‬‬
‫‪ .38‬زياني صالح‪ ،‬تشكل المجتمع الجزائري وآفاق الحركة الجمعوية في الجزائر‪ ،‬مجلة العلوم‬
‫االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬العدد ‪.2007 ،172‬‬
‫‪ .39‬لحرش موسى‪ ،‬التوجه الثقافي كبعد أساسي في عملية البناء الحضاري للمجتمع اإلسالمي من‬
‫منظور مالك بن نبي‪ ،‬مجلة العلوم االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬العدد ‪.2006 ،14‬‬
‫‪ .40‬محمد جابر الناصري‪ ،‬نحن في عالقة مشوهة مع النفس‪ ،‬العربي‪ ،‬العدد ‪.2002 ،518‬‬
‫‪ .41‬بن عنتر عبد النور‪ ،‬عقيدة الجزائر األمنية‪ ،‬ضغوطات البيئة اإلقليمية ومقتضيات المصالح‬
‫األمنية‪ ،‬مركز الجزيرة للدراسات‪.2018 ،‬‬
‫‪ .IV‬الرسائل الجامعية‬
‫أ‪ .‬أطروحات الدكتوراه‬
‫بونقطة محمد مسعود‪ ،‬البعد األمني في السياسة الخارجية الجزائرية تجاه المغرب العربي‪،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫أطروحة دكتوراه‪ ،‬تخصص دبلوماسية وتعاون دولي‪ ،‬كلية العلوم السياسية‪ ،‬جامعة الجزائر‪،‬‬
‫‪.2014‬‬
‫قط سمير‪ ،‬البعد االفريقي في سياسة األمن والدفاع الوطني الجزائري‪ ،‬أطروحة دكتورة‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫تخصص عالقات دولية واستراتيجية‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،‬قسم العلوم السياسية‬
‫والعالقات الدولية‪.2017 ،‬‬
‫منصوري لخضاري‪ ،‬استراتيجية األمن الوطني في الجزائر ‪ ،2011-2006‬أطروحة دكتوراه‬ ‫‪.3‬‬
‫غير منشورة‪ ،‬الجزائر‪ :‬كلية العلوم السياسية واإلعالم‪.2013-2012 ،‬‬
‫عمورة جمال‪ ،‬دراسة تحليلية وتقييمية التفاقيات الشراكة العربية‪-‬المتوسطية‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪،‬‬ ‫‪.4‬‬
‫كلية العلوم االقتصادية والتسيير‪ ،‬جامعة الجزائر‪.2006 ،‬‬
‫‪11‬‬ ‫أسماءالرسولي‪،‬التهديداتاألمنيةفيالساحالإلفريقيبينأدوارالدوالإلقليميةوالقوىالكبرىبعد‬ ‫‪.5‬‬
‫سبتمبر‪ ،2001‬أطروحة دكتوراه في العلوم السياسية‪ ،‬تخصص عالقات دولية‪ ،‬جامعة باتنة‪،‬‬
‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم العلوم السياسية‪.2018-2017 ،‬‬
‫أمينة حالل‪ ،‬التهديدات األمنية في حوض األبيض المتوسط الغربي‪ ،‬أطروحة دكتوراه في العلوم‬ ‫‪.6‬‬
‫السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬كلية العلوم السياسية والعالقات الدولية‪.2014 ،‬‬

‫‪166‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫‪ .7‬صاغو هشام‪ ،‬أثر التهديدات األمنية الجديدة على استقرار األنظمة المغاربية دراسة في ضوء‬
‫األمن التقليدي واألمن اإلنساني‪ ،‬أطروحة دكتوراه في العلوم السياسية‪ ،‬تخصص دراسات‬
‫مغاربية‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪.2018-2017 ،‬‬
‫ب‪ .‬مذكرات الماجستير‬
‫‪ .1‬قريب بالل‪ ،‬السياسة األمنية لالتحاد األوروبي من منظور أقطابه التحديات والرهانات‪ ،‬مذكرة‬
‫ماجستير في العلوم السياسية‪ ،‬تخصص دبلوماسية وعالقات دولية‪ ،‬قسم العلوم السياسية‪ ،‬جامعة‬
‫الحاج لخضر‪ ،‬باتنة‪.2011 ،‬‬
‫‪ .2‬حسام حمزة‪ ،‬الدوائر الجيوسياسية لألمن القومي الجزائري‪،‬مذكرة ماجستير في العلوم السياسية‪،‬‬
‫تخصص دبلوماسية وعالقات دولية‪.2011 ،‬‬
‫‪ .3‬العايب خير الدين‪ ،‬األمن في حدود البحر األبيض المتوسط في نقل التحوالت الدولية الجديدة‪،‬‬
‫مذكرة ماجيستر في العلوم السياسية‪ ،‬قسم العلوم السياسية‪ ،‬جامعة الجزائر‪.1995 ،‬‬
‫‪ .4‬رداف طارق‪ ،‬االتحاد األوروبي من استراتيجيات الدفاع في إطار الناتو إلى نهاية الهوية األمنية‬
‫األوروبية المشتركة‪ ،‬مذكرة ماجيستر في العلوم السياسية‪ ،‬قسم العلوم السياسية‪ ،‬جامعة‬
‫منتوري‪ ،‬قسنطينة‪.2005 ،‬‬
‫‪ .5‬تباني وهيبة‪ ،‬األمن المتوسطي في استراتيجية الحلف األطلسي دراسة ظاهرة اإلرهاب‪ ،‬مذكرة‬
‫ماجستير في العلوم السياسية‪ ،‬تخصص دراسات متوسطية ومغاربية‪ ،‬األمن والتعاون‪ ،‬جامعة‬
‫مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،‬قسم العلوم السياسية‪.2014 ،‬‬
‫‪ .6‬قسوم سليم‪ ،‬االتجاهات الجديدة في الدراسات األمنية في تطور مفهوم األمن عبر مناظرات‬
‫العالقات الدولية‪ ،‬مذكرة ماجيستير في العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬تخصص‬
‫االستراتيجيات والمستقبليات‪ ،‬جامعة الجزائر‪.2010 ،‬‬
‫‪ .7‬بن سعدون محمد اليامين‪ ،‬الحوارات األمنية في المتوسط الغربي بعد نهاية الحرب الباردة‪ :‬دراسة‬
‫حالة مجموعة ‪ ،5+5‬مذكرة الماجستير في العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬تخصص‬
‫دراسات متوسطية ومغاربية في التعاون واألمن‪ ،‬جامعة الحاج لخضر‪ ،‬باتنة‪.2012 ،‬‬
‫‪ .8‬قريفة عبد السالم‪ ،‬دور الجزائر في إطار المغرب‪ ،‬مذكرة ماجيستير في العلوم السياسية‬
‫واإلعالم‪ ،‬تخصص العالقات الدولية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬كلية العلوم السياسية واإلعالم‪-2003 ،‬‬
‫‪.2004‬‬
‫‪ .9‬ناصر بوعالم‪ ،‬دور الجزائر اإلقليمي في ظل تنامي التهديدات في منطقة الساحل(‪-2006‬‬
‫‪ ،)2014‬مذكرة ماجيستير في دراسات متوسطية ومغاربية‪ ،‬التعاون واألمن‪ ،‬جامعة مولود‬
‫معمري‪ ،‬قسم العلوم السياسية والعالقات الدولية‪.2016 ،‬‬
‫‪ .10‬مقلد عيسى‪ ،‬قطاع المحروقات الجزائرية في ظل التحوالت االقتصادية‪ ،‬مذكرة ماجستير في‬
‫العلوم االقتصادية‪ ،‬فرع اقتصاد التنمية‪ ،‬جامعة باتنة‪.2008 ،‬‬
‫‪ .11‬بن حمزة نبيل‪ ،‬البعد االقتصادي لألمن الوطني الجزائري‪ ،‬مذكرة ماجستير في العلوم السياسية‬
‫والعالقات الدولية‪ ،‬تخصص دراسات استراتيجية وأمنية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬قسم العلوم السياسية‪،‬‬
‫‪.2014-2013‬‬
‫‪ .12‬غراف عبد الرزاق‪ ،‬دور العقيدة األمنية الجزائرية في إدارة األزمات جنوب المتوسط‪ :‬األزمة‬
‫الليبية نموذجا‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة العربي بن مهيدي‪ ،‬أم البواقي‪ ،‬دس ن‪.‬‬
‫‪ .13‬روايح ية عبد الوهاب‪ ،‬السياسة العامة األمنية في الجزائر بين الخطاب والواقع من ‪ 1992‬إلى‬
‫‪ ،2010‬مذكرة ماجستير في العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬تخصص دراسات سياسة‬
‫مقارنة‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬قسم العلوم السياسية والعالقات الدولية‪.2012 ،‬‬

‫‪167‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫خاوة الطاهر‪ ،‬المشاركة السياسية في بلدان المغرب اتحاد المغرب العربي‪ :‬دراسة مقارنة بين‬ ‫‪.14‬‬
‫الجزائر والمغرب‪ ،‬مذكرة ماجستير في العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬تخصص دراسات‬
‫مغاربية‪ ،‬جامعة الجزائر‪.2010 ،‬‬
‫بلحاج صالح‪ ،‬المؤسسات السياسية الجزائرية عند جون لوكا وجون كلود فاتان‪ ،‬مذكرة ماجستير‪،‬‬ ‫‪.15‬‬
‫معهد الترجمة‪ ،‬جامعة الجزائر‪.1988 ،‬‬
‫هشام عبد الكريم‪ ،‬المجتمع المدني ودوره في التنمية السياسية بالجزائر ‪ ،1999-1989‬مذكرة‬ ‫‪.16‬‬
‫ماجستير‪ ،‬كلية العلوم السياسية واالعالم‪ ،‬جامعة الجزائر‪.2006،‬‬
‫بوساحية عبدالسميع‪،‬التحوالت الديمقراطية في الجزائر واألردن‪،2005-1989 :‬مذكرة‬ ‫‪.17‬‬
‫ماجستير‪،‬كلية الدراسات العليا‪،‬الجامعة األردنية‪.2006 ،‬‬
‫بيلوم عمر‪ ،‬التجربة الجزائرية في مكافحة اإلرهاب ‪ ،2015-1992‬شهادة ماستر في العلوم‬ ‫‪.18‬‬
‫السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬تخصص دراسات أمنية ودولية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬كلية العلوم‬
‫السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬قسم الدراسات الدولية‪.2015-2014 ،‬‬
‫عدوم حميدة‪ ،‬التنمية السياسية في الجزائر ‪ ،2012-1989‬شهادة الماستر في العلوم السياسية‪،‬‬ ‫‪.19‬‬
‫تخصص سياسات عامة مقارنة‪ ،‬جامعة العربي بن مهيدي‪ ،‬أم البواقي‪.2015-2014 ،‬‬
‫عيساوي فاطمة‪ ،‬األمن القومي الجزائري في ظل التحوالت السياسية الراهنة في المنطقة‬ ‫‪.20‬‬
‫المغاربية‪ ،‬شهادة الماستر‪ ،‬تخصص دراسات مغاربية‪ ،‬جامعة الطاهر موالي‪ ،‬سعيدة‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم العلوم السياسية‪.2015-2014 ،‬‬
‫عاللي حكيمة‪ ،‬البعد األمني في السياسة الخارجية‪-‬نموذج الجزائر‪ ،-‬مذكرة الماجستير في العلوم‬ ‫‪.21‬‬
‫السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬تخصص الديمقراطية والحكم الراشد‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬قسم العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬جامعة منتوري‪ ،‬قسنطينة‪.2011-2010 ،‬‬
‫تقمونين إبراهيم‪ ،‬المغرب العربي في ظل التوازنات الدولية بعد الحرب الباردة‪ :‬التوافق والتنافس‬ ‫‪.22‬‬
‫الفرنسي‪-‬األمريكي أنموذجا‪ ،‬مذكرة ماجستير في العلوم السياسية‪ ،‬كلية العلوم السياسية‬
‫واإلعالم‪ ،‬قسم العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬جامعة الجزائر‪.2005 ،‬‬
‫خالد كريم مسعودي‪ ،‬سياسة فرنسا في دول الساحل‪ ،‬مذكرة ماجستير في العلوم السياسية‪،‬‬ ‫‪.23‬‬
‫تخصص عالقات دولية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ :‬معهد العلوم السياسية والعالقات الدولية‪.1993 ،‬‬
‫ظريف شاكر‪ ،‬البعد األمني الجزائري في منطقة الساحل والصحراء اإلفريقية‪ :‬التحديات‬ ‫‪.24‬‬
‫والرهانات‪ ،‬مذكرة ماجستير في العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬جامعة الحاج لخضر‪ ،‬باتنة‪،‬‬
‫كلية الحقوق‪ ،‬قسم العلوم السياسية والعالقات الدولية‪.2010-2008 ،‬‬
‫عمورة أعمر‪ ،‬التهديدات الالتماثلية في منطقة الساحل اإلفريقي (مقاربة جيوأمنية)‪ ،‬مذكرة‬ ‫‪.25‬‬
‫ماجستير في العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬كلية العلوم السياسية واإلعالم‪،‬‬
‫قسم العلوم السياسية والعالقات الدولية‪.2011-2010 ،‬‬
‫بشكيط خالد‪ ،‬دور المقاربة األمنية اإلنسانية في تحقيق األمن اإلنساني في الساحل اإلفريقي‪،‬‬ ‫‪.26‬‬
‫مذكرة ماجستير في العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬كلية العلوم السياسية‬
‫والعالقات الدولية‪.2011-2010 ،‬‬
‫أمنحد برقوق‪ ،‬منطق األمننة في الساحل األزمات‪ ،‬محاضرة غير منشورة لطلبة العلوم السياسية‪،‬‬ ‫‪.27‬‬
‫جامعة الجزائر‪.2012 ،‬‬
‫بوسكين سليم‪ ،‬تحوالت البيئة اإلقليمية وانعكاساتها على األمن الوطني الجزائري ‪،2014-2010‬‬ ‫‪.28‬‬
‫مذكرة ماجستير‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪.2015-2014 ،‬‬

‫‪168‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫بودبوز غاني‪ ،‬إشكالية الديمقراطية في الجزائر وموقف النخب السياسية منها‪ :‬دراسة حالة‬ ‫‪.29‬‬
‫بالمجلس الشعبي الوطني‪ ،‬مذكرة ماجستير في العلم االجتماع السياسي‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬جامعة الجزائر‪.2005 ،‬‬
‫سيد أحمد كبير‪ ،‬التحوالت السياسية في بلدان المغرب العربي بين المطالب الداخلية والتأثيرات‬ ‫‪.30‬‬
‫الخارجية ‪ ،2009-1989‬مذكرة ماجستير في العلوم السياسية‪ ،‬تخصص الدراسات السياسية‬
‫المقارنة‪ ،‬جامعة الجزائر‪.2009 ،‬‬
‫براهيمي مريم‪ ،‬التعاون األمني األمريكي الجزائري على اإلرهاب وتأثيره على األنظمة‬ ‫‪.31‬‬
‫المغاربية‪ ،‬مذكرة ماجستير في العلوم السياسية‪ ،‬تخصص دراسات مغاربية‪ ،‬جامعة محمد‬
‫خيضر‪ ،‬بسكرة‪.2002 ،‬‬
‫البار أمين‪ ،‬دور األحزاب السياسية في دعم التحول الديمقراطي في الدول المغاربية‪ :‬دراسة حالة‬ ‫‪.32‬‬
‫الجزائر ‪ ،2007-1997‬مذكرة ماجستير في العلوم السياسية‪ ،‬تخصص دراسات مغاربية‪،‬‬
‫جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪.2010 ،‬‬
‫الملتقيات والتقارير‬ ‫‪.V‬‬
‫‪ .1‬خولة كلفالي‪ ،‬متتضيات وخصائص في ظل دستور ‪،1989-02-23‬كراسات الملتقى الوطني‬
‫األول‪:‬التحول الديمقراطي في الجزائر ‪ 11-10‬ديسمبر ‪،2005‬جامعة محمد خيضر‪-‬بسكرة‪،‬‬
‫‪.2005‬‬
‫‪ .2‬كربوسة عمراني‪" ،‬مظاهر التحول الديمقراطي خالل حكم الرئيس بوتفليقة" في كراسات الملتقى‬
‫األول‪:‬التحوالل ديمقراطي في الجزائر‪،‬جامعة محمد خيضر‪-‬بسكرة‪.2005 ،‬‬
‫‪ .3‬امحندبرقوق‪،‬األبعاداالستراتيجيةللسياسةالخارجيةالجزائرية‪،‬ملتقىالسياسةالخارجيةبينتطلعاتوضغ‬
‫وطاتالخارج‪،‬منتنظيمقسمالعلومالسياسةلجامعةجيجل‪.2007 ،‬‬
‫‪ .4‬بولكو لبير وديفيد دوالزتر‪،‬تر‪ :‬هشا عبدهللا‪ ،‬تقرير البنك الدولي‪ :‬العولمة والنمو والفقر بناء‬
‫اقتصادي عالم شامل‪ ،‬بيروت‪.2003 ،‬‬
‫‪ .5‬عليكساب‪،‬‬
‫"دورالمؤسساتالصغيرةوالمتوسطةفيالتنميةوتأهيلها"‪،‬ملتقىكليةالعلوماالقتصاديةوعلومالتسيير‪25،‬‬
‫‪ 28-‬ماي ‪،2003‬المعهداالسالميللبحوثوالتدريب‪.‬‬
‫‪ .6‬بنيمينةشايبالذراع‪،‬وضعيةالمؤسساتالديمفراطيةالمقامةوأثرهاعلىعمليةالتحواللديمقراطيفيالجزائر‪،‬في‬
‫مجموعةمنالباحثين‪،‬المجتمعالمدنيوالتطورالسياسيبالمنطقةالعربية‪،‬أعمااللملتقىالوطنيالثالث‪،‬مخبرال‬
‫بحوثوالدراساتفيالعالقاتالدولية‪،‬جامعةالجزائر‪.2012 ،‬‬
‫تنظيمالدولةاإلسالميةفيالعراقوالشامداعش‪:‬‬ ‫‪ .7‬حسينبهاز‪"،‬‬
‫التحدياتاألمنيةوالتوازناتاإلقليميةفيالمنطقةالعربية"‪،‬الملتقىالدوليحول"‬
‫سياساتالدفاعالوطنيبينااللتزاماتالسياديةوالتحدياتاإلقليمية"‪،‬كليةالحقوقوالعلومالسياسية‪،‬قسمالعلومال‬
‫سياسية‪،‬جامعةقاصديمرباح‪،‬قالمة‪ 11-10 ،‬نوفمبر ‪.2014‬‬
‫‪ .8‬عبدالنوربنعنتر‪،‬االستراتيجياتالمغاربيةحياألزمةمالي‪،‬ورقةبحثيةمقدمةفيإطارندوة‬
‫«لمغربالعربيوالتحوالتاإلقليميةالراهنة‪،‬الدوحة‪ :‬مركزالجزيرةللدراسات‪ 18-17 ،‬فيفري ‪.2013‬‬
‫‪ .9‬جمال منصر‪" ،‬تحوالت في مفهوم األمن ‪...‬من الوطني إلى اإلنساني"‪،‬الملتقى الدولي‪ :‬الجزائر‬
‫واألمن في المتوسط‪ :‬واقع وأفاق‪،‬جامعة منتوري قسنطينة‪.2008 ،‬‬
‫‪ .10‬عالق جميلة‪،‬ويفي خيرة‪،‬مفهوم األمن بين الطرح التقليدي واألطروحات النقدية الجديدة‪،‬مداخلة‬
‫في ملتقى دولي‪،‬الجزائر واألمن في المتوسط واقع وأفاق‪،‬جامعة قسنطينة‪.2008 ،‬‬

‫‪169‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫‪ .11‬رياضحمدوش‪،‬تطورمفهوماألمنوالدراساتاألمنيةفيمنظوراتالعالقاتالدولية‪،‬منأعمااللملتقىالدولي‬
‫"الجزائرواألمنفيالمتوسط "‪،‬جامعةقسنطينة‪.2008 ،‬‬
‫الجرائد‬ ‫‪.VI‬‬
‫‪،16010‬جانفي‬ ‫أمينعباس‪،‬آسيامنى‪،‬تضامنمطلقمعالجزائرفيالتصديلإلرهاب‪،‬جريدةالشعب‪،‬العدد‬ ‫‪.1‬‬
‫‪.2013‬‬
‫زهرةبودية‪،‬النيبادمخرجإفريقيامناالضطرابات‪،‬جريدةالشعب‪،‬العدد ‪05 ،15309‬اكتوبر‪.2010‬‬ ‫‪.2‬‬
‫المركزالعربيللدراساتوالتوثيقالمعلوماتي‪،‬الخبر‪،‬ع‬ ‫‪-‬يورامشفايتسر‪"،‬داعشالخطرالحقيقي"‪،‬تر‪:‬‬ ‫‪.3‬‬
‫‪ 07 ،596‬أوت‪.2014‬‬
‫الخبر (جريدةجزائرية)‪،‬العدد ‪ 06 ،6109‬سبتمبر ‪.2010‬‬ ‫‪.4‬‬
‫حميدياس‪،‬المعلوماتاالستخباراتيةالجزائريةمطلوبةألناألمنالغربيفيخطر‪،‬جريدةالخبر‪،‬العدد‬ ‫‪.5‬‬
‫‪،5872‬جانفي‪.2010‬‬
‫عبدالحفيظمحمد‪،‬اتفاقيةالشراكةبينأوروباوالجزائر‪،‬جريدةالخبر‪،‬العدد ‪.2002 ،3627‬‬ ‫‪.6‬‬
‫المواقع االلكترونية‬ ‫‪.VII‬‬
‫‪ .1‬نافعالشتيوي‪،‬الجزائرالمتقلبةتحوالتمتسارعةفيالنظامالسياسيتمهيدالمابعدبوتفليقة‪TRT،‬العربية‪،‬‬
‫‪،2016‬شوهديوم ‪،2018-03-25‬منالموقع‪http://www.trtrabic.tv :‬‬
‫‪http://www.‬‬ ‫‪،1989‬منالموقع‬ ‫‪ .2‬أثارالتعدديةالسياسية‪،‬حريةالعملفيظلدستورسنة‬
‫‪.Linaforumouf.com /18/11 /2018‬‬
‫‪http://‬‬ ‫‪ .3‬بعددعوةالمغربللحوارالجزائرتطلبعقداجتماعمغاربيمنالموقعااللكتروني‪:‬‬
‫‪.ww.google.com/amp/s/amp/dw‬‬
‫‪ .4‬بوحنية قوي‪" ،‬التحوالتالسياسيةإشكاليةالتنميةفيالجزائر"‪،‬علىالموقع ‪Bouhania.com:‬‬
‫‪/new.php.action=view‬‬
‫‪ .5‬أمنحدبرقوق‪" ،‬العولمةوإشكاليةاألمناإلنساني" عبرالموقع‪Http://www.politics ar.com.‬‬
‫‪.22‬‬ ‫‪ .6‬عبدالقادرمشدال‪،‬الجزائرفياالنتقاإللىاقتصادالسوقوإشكاليةتطورالصناعة‪،‬ص‬
‫علىالموقع ‪www.enssa.net.enssea‬‬
‫‪ .7‬عبدالرحمنالحديدي‪،‬قراءةفيمفهومالعدالةاالجتماعية‪،‬تأصيلنظري‪،‬المركزالديمقراطيالعربيعلىالموق‬
‫ع‪http://www.google. Com :‬‬
‫‪ .8‬سؤولليبي‪،‬ترتيباتأمنيةتؤجلفتحالحدودمعالجزائر‪ 2018/12/25 ،‬موقعصحيفةاليوم ‪Http‬‬
‫‪://www.Rai alyom‬‬
‫ب‪ .‬اللغة األجنبية‬
‫‪ ‬الفرنسية‪:‬‬
‫‪ )1‬الكتب‬
‫‪1. Jean Jaques Roches, Théories des Relations Internationales, éd 4, Paris‬‬
‫‪: Montchrestien, 2001.‬‬
‫‪2. Dario Batistella, Théories des relations Internationales, Paris : Presse‬‬
‫‪de sciences politiques, 2003.‬‬
‫‪3. Charles Zorgbibe ،l’avenir de la sécurité internationales ،Paris : presses‬‬
‫‪des sciences po, 2003.‬‬

‫‪170‬‬
‫قائمة المراجع‬
4. Luis Martinez, ‘’La sécurité en Algérie et en Libye après le 11
septembre’’, Centre d’études et de recherches internationales(SERI),
sciences po, Paris.
5. Karima Benabdallah-Gambier " les Etats-Unis et la question du Sahara
Occidental"en : AbdennourBenantar, les états unis et le Maghreb regain
d'intérêts, Alger C.R.E.A.D 2007.
6. Paul Balta ،Le grand Maghreb dès l’indépendance à l’an 2000 ،
Alger :laphomic, 1990.
7. OLE Weaver, Insécurité, Identité, une dialectique sans Fin, en Anne
Marie, Entre Union et Nations L’Etat en Europe, Paris : Presse des
sciences, 1998.
8. Yves LACOSTE،DICTIONNAIRE DE GEOPOLITIQUE،Paris :
Flammarion, 1995.
9. Georges Mutin, GEOPOLITIQUE DU MONDE ARABE, 02éd, Paris,
Ellipses, 2005.
10.Aymeric Chauprade, Géopolitique, constantes et changement dans
l’histoire, Paris : Ellipses, 2000.
11.Mohamed Ali Adraoui, « Du golfe aux banlieues le Salafisme
mondialise », France : édition PUF, 2013
12..Mohamed Saïd Musette, Les maghrébines dans la migration
internationales, Algérie : centre de recherche en économie appliquée
pour le développement, 2006.
‫) المقاالت‬2
1. Jean François Rioux ،Raoul-DandurandColl ،«La sécurité humaine. Une
nouvelle conception des relations internationales », Montréal, Chaire
Raoul Dandurand en études stratégiques et diplomatiques, 2001 : Etudes
internationales, Québec : Institut québécois des hautes études
internationales, Vol 34, N 2, juin 2003.
2. Ravenel Bernard, L’Algérie s’intègre dans l’Empire, Confluences
Méditerranée, n°45, 2003.
3. Jocelyne Cesari, « L’Etat Algérien Protagoniste de la crise », In Peuple
Méditerranéens, L’Algérie en Contre champs, N° 70-71, 1995.
4. Mustapha Schimia, Le Nord et sa Perception des menaces émanant du
Sud : les retombées des crises Maghrébines », Cultures, Conflit, N°02,
1991.
5. Peter Herling, « Etat Islamique un monstre providentiel », Le monde
Diplomatique, 2014.
6. BassmaDarwich, « L’euro-méditerranéen comme un jeu de société »,
Politique étrangère, N°11, 1998.

171
‫قائمة المراجع‬
7. Jeans-robert henry ،«la méditerrané occidental enquête d’un destin
commun» ،l’année du Maghreb ،paris : 2004.
8. Rosemary Hollis, « Europe and the Middle East: Power by Stealth? »,
International Affairs, vol73, n°01, 1997.
9. Modibo Keita, « La Résolution du Conflit Touareg au Mali et Niger »,
Groupe de recherche sur les interventions de paix sur les conflits inter-
étatiques, GRIPCI, note de recherche N°10, Juillet, 2002.
10.Georg klute, « Hostilities et alliances, Archéologie de la dissidence des
Touaregsau Mali », Cahiers d’Etudes Africaines, vol 35, 1995.
11.Frédéric Deycard, ‘’Le Niger Entre deux feux : La nouvelle rébellion
Touarègue face à Niamey, Politique Africaine, N°108, 2007.
12.JakkieCilliers, « L’Afrique et terrorisme », Afrique contemporaine,
N°210, 2004.
13.Yassin Temlali, Les migrations subsahariennes dans la presse quotidienne
algérienne, Confluences Méditerranée, N°87, 2013.
14.Lucille Provost, paris et Alger brouille et complicité, le monde
diplomatique, septembre1996.
15.Cherif Ouzani, Printemps Arabe : l’Algérie, Jeune Afrique, N°2618,
13mars 2011.
16.Frédéric Deycard, ‘’Le Niger Entre deux feux : La nouvelle rébellion
Touarègue face à Niamey, Politique Africaine, N°108, 2007.
‫) التقارير‬3
1. Jean-Pierre Dufau ،Assemblée nationale le projet de loi n°73 ،autorisant
l’approbation de l’accord de coopération dans le domaine de la défense
entre le gouvernement de la république française et le gouvernement de la
république algérienne démocratique et populaire ،rapport n° 343, 2012.
2. Lauren Ploch, « Africa command: U.S Strategies Interests and the Role of
the US Military in Africa », Congressional Research Service Report for
Congress, 2009.
3. AomarBaghzouz, « Place et rôle de l’Algérie dans l’architecture de
sécurité en méditerranée », travaux collège inter nation, organisé
l’université Menthouri à Constantine, Alger : 2009.
‫) الجرائد‬4
1. Yazid Alilat, « Sahara Occidental : Délire Royal », Le quotidien d’Oran,
N°4761, le 31-07-2010.
‫) المواقعااللكترونية‬5
1. Dictionnaire Toupie, ‘’Définition de Doctrine’ ’http :
//www.toupie.org/dictionnaire/Doctrine.htm.

172
‫قائمة المراجع‬
2. Alain Rey (Sous la direction de) ،«Définition de doctrine» ،Le Grand
Robert de la langue française (Version électronique) ,2010.

3. Salim Chena, « l’école de Copenhague en relation Internationales et la


notion de sécurité sociétal », Une théorie d’Huntington,
N°4institutionalisation de la xénophobie en France, Mai 2008, Revue
Alyson : http//Reseau-terra.eu/article750.Hh.
4. Mierry Balzac, Le Secteur Politiquo-Militaire dont la Sécurité : Définition
secteurs et niveaux d’analyses.popups.ulg.ac.be1374 vu : 12/04/2019.
5. Hélène Viau, «Le conceptualisation de la sécurité dans les théories
réaliste et critique" : Quelque pistes de réflexion sur la sécurité humaine et
de sécurité globale’’, Aout 2018 sur : http//www.uqam.ca.
‫ اللغةاإلنجليزية‬
‫) الكتب‬1
1. Michael Dillo, Politics of Security, London: the taylor.2003.
2. Robert Pringle ،« Democratization in Mali Putting History to Work »,
United States Institute of Peace ،October 2006
3. Shahrbanow TADJBARHSH, Anuradha chenoy, Human Security
Concepts and Implications, Canada : Routlegdge, 2000.
4. Henry Alfred Kissinger ،«domestic structure and foreign policy» ،In
James Rosenau ،International politics and Foreign Policy, 3ndEdition ،
New York : Free Press, 1970.
5. Barry Buzan, People, states and fear: The National Security Problem
International Relation, Brighton: Harvester Wheat sheaf 1990.
6. Richard N ،Rosecrans ،International Relations ،peace or war?,New
York: Macmillan, 1996.
7. John Spaniers, Games Nations Play, New York, College Publishing,
1984.
8. Hans Morgenthau, Politics among Nations the strangle for power and
peace, 6ed, New York: Macmillan grew hill, 1993.
9. Scott Burchill, Liberalism in Scott Burchill and others, Theories of
international relations, 3ed, New York, Palgrave Macmillan, 2005.
10.Barry Buzan, « New patterns of global security in the twenty first
Century », International affairs, 1991.
11.Jeremy Keenan, the Dark Sahara: Americas War on Terror in Africa,
London: Pluto Press, 2009.
12.Alex Schmidt, Garry Handle, After the War one Terror Regional and
Multilateral Perspectives on Counter Terrorism Strategy, London:
Royal United Services institute, 2009.
13.Mahmoud Manshipouri, Democratization, liberalization and Human
Right in the third world, London: Rein publishers INC, 1995.
173
‫قائمة المراجع‬
14.
‫) المقاالت‬2
1. Barry Buzan ،«Rethinkingsecurityafter cold war «In cooperation and
conflict» ،Nordic journal of international studies،Vol 32 ،N1, 1997.
2. Daniela Huber, Algeria three years after Arab spring, the German
marshall fund of the United States, 2014.
3. Robert Chase, Emily Hill, Pivotal states and U.S. Strategy, Foreign
Affairs, volume 75, n°1,1996.
4. YahiaZoubir and KarimaBenabdallah Gambier, The United States and the
North Africain Imbroglio: Balancing Interests in Algeria, Morocco, and
the Western Sahara, Mediterranean politics, Vol 10, N°02, 2005

‫) المواقع االلكترونية‬3
1. Francis Sempa ،«US National security doctrines historicallyviewed» ،
American diplomacy, 2003 ،www.americandiplomacy.org.

174
‫الفهرس‬

‫فهرس المحتويات‪............................................................................:‬‬

‫مقدمة‪.02...........................................................................................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬األمن الوطني الجزائري‪ :‬مقاربة مفاهيمية‪10.............................‬‬
‫المبحث األول‪:‬مفهوم األمن‪13.................................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف األمن‪13...............................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪:‬مستويات األمن‪20.............................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬المقاربات النظرية المفسرة لألمن‪26......................................‬‬
‫المبحث الثاني‪:‬محددات األمن الوطني الجزائري‪35......................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬المحددات الداخلية لألمن الوطني الجزائري‪35...........................‬‬
‫المطلب الثاني‪:‬المحددات اإلقليمية لألمن الوطني الجزائري‪38..........................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬المحددات الدولية لألمن الوطني الجزائري‪40............................‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬مرتكزات العقيدة األمنية الجزائرية‪42.....................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬المرتكزات التاريخية للعقيدة األمنية الجزائرية‪44.........................‬‬
‫المطلب الثاني‪:‬المرتكزات الجغرافية للعقيدة األمنية الجزائرية‪51........................‬‬
‫المطلب الثالث‪:‬المرتكزات اإليديولوجية للعقيدة األمنية الجزائرية‪53....................‬‬
‫خالصة الفصل األول‪56...........................................................................‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬األمن الوطني الجزائري في ظل المتغيرات الداخلية والخارجية‪58....‬‬
‫المبحث األول‪:‬التهديدات الداخلية لألمن الوطني الجزائري‪59............................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تهديدات االستقرار السياسي‪59................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تهديدات األمن االقتصادي‪69 ................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬تهديدات اآلمن االجتماعي‪73.................................................‬‬
‫الفهرس‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تهديدات األمن الوطني الجزائري في دوائره الجيوسياسية‪76............‬‬


‫المطلب األول‪ :‬تهديد األمن الوطني الجزائري في الدائرة المغاربية‪77.......................‬‬
‫المطلب الثاني‪:‬تهديد األمن الوطني الجزائري في الدائرة المتوسطية‪91....................‬‬
‫المطلب الثالث‪:‬تهديد األمن الوطني الجزائري في منطقة الساحل اإلفريقي‪99............‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬انعكاسات التهديدات األمنية على األمن الوطني الجزائري‪110...........‬‬
‫المطلب األول‪:‬االنعكاسات السياسية‪110.........................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪:‬االنعكاسات االقتصادية‪115.....................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪:‬االنعكاسات االجتماعية‪117.....................................................‬‬
‫خالصة الفصل الثاني‪121.........................................................................‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬استراتيجية مواجهة تهديدات األمن الوطني الجزائري‪122...............‬‬
‫المبحث األول‪ :‬آليات مواجهة التحديات الداخلية‪123.........................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تحقيق االستقرار السياسي‪123.................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬بناء منظومة اقتصادية‪129.....................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬تحقيق االستقرار االجتماعي‪134..............................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬آليات مواجهة التهديدات اإلقليمية‪137.....................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬خلق مناطق التعاون مع المغرب العربي‪137...............................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬بناء ودعم الهوية المتوسطية للجزائر‪139..................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬تفعيل وتقوية التعاون مع البلدان اإلفريقية‪142..............................‬‬
‫المبحث الثالث‪:‬نحو بناء عقيدة أمنية جزائرية‪145..........................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬العولمة والعقيدة األمنية الجزائرية‪145........................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬نحو مواجهة مرتكزات العقيدة األمنية الجزائرية‪148......................‬‬
‫الفهرس‬

‫المطلب الثالث‪ :‬األمن الموسع كمدخل لبلورة العقيدة األمنية الجزائرية‪150................‬‬


‫خالصة الفصل الثالث‪153...........................................................................‬‬
‫خاتمة‪155..............................................................................................‬‬
‫قائمة المراجع‪164....................................................................................‬‬

You might also like